الأسـتاذ كمـال الـجزولـي ورزنامة الأسبـوع : نـضـمـي ... نـضـمـي ... نـضـمـي!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 03:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-31-2008, 09:47 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأسـتاذ كمـال الـجزولـي ورزنامة الأسبـوع : نـضـمـي ... نـضـمـي ... نـضـمـي!

    رزنامة الأسبوع:
    -----------------

    نَضَمِيْ .. نَضَمِيْ .. نَضَمِيْ!

    [email protected]

    كمال الجزولي
    [email protected]
    -------------------------------

    الإثنين:
    ------

    لم تستوقفني، في الخبر الذي روَّجت له (إس إم سي) وتناقلته كلُّ صحف الخرطوم تقريباً، "توقعات" الفريق (م) عبد الرحمن سعيد، وزير الحكم الاتحادي ونائب رئيس (التجمُّع الوطني)، بأن تخرج اجتماعات (التجمُّع) المزمع عقدها "الأسبوع المقبل"، حسب الخبر، بحزمة قرارت من شأنها أن "تعجِّل" بعقد اجتماع (هيئة القيادة) في "الداخل" بعد أن "تأجَّل" في أوقات سابقة "عُدَّة مرَّات" (الرأي العام، 18/5/08). فالخبر، بهذه الصيغة، سمعه الناس، من قبل، آلاف المرات، مثلما سمعوا الاستغاثة من (هجوم النمر!) في الأمثولة المعروفة، حتى صار كالبرق الخلب لا غيث يعقبه! بل الأخطر من ذلك أن أحداً لم يعُد يهتم، كما في الأيام الخوالي، بهذه (الاجتماعات) .. إنعقدت أم لم تنعقد، وكفى بذلك خذلاناً!

    أهمُّ ما أهمَّني في الخبر تصريح عبد الرحمن سعيد بأنَّ الاجتماع سيقيِّم "عمل عضويَّة التجمُّع في الجهازين التنفيذي والتشريعي!" (المصدر نفسه).

    المشاركة في الجهاز (التشريعي) .. وعرفناها! لكن، ولأن التصريح يوعز بأن (التجمُّع) مشارك، أيضاً، في الجهاز (التنفيذي!)، فإن السؤال الذي ما يلبث أن يثور هنا هو: من ذا يستطيع، في أيِّ مستوى (تنفيذيٍّ)، بمن في ذلك عبد الرحمن سعيد نفسه، أن يزعم أنه موجود هناك باسم (التجمُّع)؟!

    هذه ليست المرَّة الأولى التي يصدر فيها هذا (الزعم الغليظ) من رموز بعينها في (التجمٌّع)، لنجد أنفسنا مضطرين للتصدي له، فرادى، بالتفنيد، كوننا نحسب ذلك من (واجبنا)، بل من (حقنا)، طالما أن (أحزابنا!) تلزم، من عجب، صمت القبور إزاء هذه (الفرية)، فليست وحدها التي انضوت، ككيانات، تحت لواء (التجمُّع)، بل ظللنا، كأعضاء فيها، نسدِّد، أيضاً، وعن قناعة تامَّة، فواتير هذا الانتماء، ونتحمَّل، فرادى، كامل المسئوليَّة، السياسيَّة والأخلاقيَّة، عن أداء هذه المؤسَّسة الوطنيَّة التي أبلت، في الزمان الغابر، بقدر ما استطاعت، حسبما توفر لديها من قدرات ذاتيَّة!

    لكن، وعلى حين تواصل هذه الرموز، بدأب، (تجاهُل) تفنيدنا لـ (لغوها!) المُغرض هذا، والذي لا تخفى (دوافعه!)، فإنهم تواصل ترديده بعناد، وبمناسبة أو بغيرها، إستناداً إلى أن كثرة التكرار تجعل من (الكذبة) حقيقة تنغرس عميقاً في الذهن (الرعوي!) بحيث يصعب تلافي آثارها مستقبلاً!

    والآن، فإنه لمِمَّا يؤسفني أن أضطر لمطالبة السادة عبد الرحمن سعيد وعلي السيِّد وفتحي شيلا، وكلِّ من يقول بقولهم، أن يحاولوا، مجرَّد محاولة، نفي الحقيقة الساطعة، والتي يستحيل إخفاؤها بأصابع اليد، والقائمة في كون الجدل قد ثار داخل (التجمُّع)، عقب إبرام (اتفاقيَّة القاهرة) في يونيو 2005م، حول المشاركة في السلطة، وأنه قد تمَّ حسمه بالاتفاق على تمثيل (التجمُّع)، كمعارضة، في البرلمان الاتحادي والبرلمانات الولائيَّة، برغم ضآلة النسب التي خصِّصت له! أما في ما عدا ذلك، ولأن قرارات (التجمُّع) تتخذ بـ (الاجماع)، وحيث أنه لم ينعقد أيُّ (إجماع) حول المشاركة في الحكومة بالوزارتين الاتحاديَّتين اللتين عُرضتا على (التجمٌّع) مع بعض المواقع الولائيَّة، فقد اتفق على ترك الأمر لكلِّ طرف، كي يقرِّر خياره (منفرداً!)، وليس باسم (التجمُّع)!

    رغم ذلك عرض السيِّد محمد عثمان الميرغني على السيِّدين عبد الرحمن سعيد وفاروق أبو عيسى ملء ذينك المقعدين، فسارع الأوَّل إلى القبول، بينما رفض الآخر منبِّهاً إلى قرار (التجمُّع) الذي لا يصحُّ تجاوزه!

    ما حدث بعد ذلك هو أن السيِّد الميرغني اختار الفريق (م) سعيد وزيراً لـ (العلوم والتكنولوجيا)، كما اختار د. حامد محمد ابراهيم، بدلاً من الأستاذ أبو عيسى، وزيراً لـ (التربية والتعليم)! أما باسم من فعل الميرغني ذلك فعلمه عند علام الغيوب! فحتى اجتماع (هيئة رئاسة الحزب الاتحادي الديموقراطي) الذي انعقد بالقاهرة، بعد أسابيع قلائل من إبرام (الاتفاقيَّة)، برئاسة السيِّد محمد عثمان نفسه، وعضويَّة كلٍّ من السيِّدين أحمد الميرغني وعلى محمود حسنين، أمَّن على التزام (الحزب) بقرار (التجمُّع) بالمشاركة في (الجهاز التشريعي) فقط، وعدم المشاركة في (الجهاز التنفيذي)، ولو بقرار (منفرد)!

    والآن، من يمثل السيِّدان عبد الرحمن سعيد وحامد محمد ابراهيم والسادة الولائيون في الجهاز التنفيذي، إن لم يكونوا يمثلون أنفسهم؟! أم المسألة مجرَّد (نضمي)؟!

    الثلاثاء:
    -----------

    لطالما أبدى السيِّد الصادق المهدي من التسامح ورحابة الصَّدر ما ذهب به إلى حدِّ التقديم المُرحِّب بألبوم الكاريكاتيرست اللمَّاح كاروري، والذي ضم مجموعة أعمال كان أوسعه بها، على أيام الديموقراطيَّة الثالثة، نقداً لامس، أحياناً، حواف التجني! مع ذلك لم يحتمل السيِّد الصادق كاريكاتيراً خفيفاً ينتقد، في عدد يوم 19/5/08 من هذه الصحيفة، محاولته غير الموفقة لشرح ما يراه فارقاً بين غزوة خليل ابراهيم في العاشر من مايو الجاري، وغزوة محمد نور سعد التي كان هو أحد مدبِّريها في الثاني من يوليو 1976م، مِمَّا (كسر) خاطر الصحيفة واضطرَّها للاعتذار!

    إن أكثر ما يشدُّ الانتباه في شخصيَّة السيِّد الصادق طاقته على استقبال النقد بأكثر ما يكون هذا الاستقبال سلاسة. ويفسِّر خلصاؤه هذه الخصيصة بما لا يصعب على العين المجرَّدة التقاطه من الاعتداد بالرأي، وثراء المعارف الموسوعيَّة، والثقة التي لا حدَّ لها في القدرة على الحوار، والصبر على إحسان الحُجج وتجويد البراهين، منافحة عمَّا يرى حقاً، إتفق الناس معه أم اختلفوا!

    لذا فإن الانطباع الذي يخلفه لديك، للوهلة الأولى، بَرَمُه بذلك الكاريكاتير البسيط، هو الدهشة المشوبة بالحيرة من تناقض تلك الواقعة، طرداً، مع هذه الخصيصة المائزة! لكنك مهما أعملت التفكير في ما يمكن أن تفتض به مغاليق هذا التناقض، فإنك لن تجد سوى أمرين: أوَّلهما أن الأهمَّ من الخصائص الشخصيَّة، على أهميَّتها، هو أن المنافحة عن (القضيَّة العادلة) هو الذي يكسب المنافح بهاء الحُجَّة وقوَّة المنطق، فما من أحد مستطيع، بالغاً ما بلغ من العبقريَّة، أن يدافع عن الباطل! وثانيهما أن تلك الواقعة وردت ضمن ملابسات تناقض آخر أكبر أثراً وخطراً، هو التناقض بين (القفزة) الهائلة التي أقدم عليها الرجل وحزبه في (الظلام) باتفاقه (المجَّاني) مع (المؤتمر الوطني) الحاكم، من جهة، وبين إحساسه، من الجهة الأخرى، بالافتقار، فجأة، إلى القدرة على طرح تفسير منطقي واحد لهذه (القفزة) مِمَّا يمكن أن يكون مقنعاً، أو مقبولاً، أو معقولاً، أو سائغاً، ولو بالحدِّ الأدنى! وكم هو وخيم، حقاً، مثل هذا الاحساس على فقيه مفكر فذ، وزعيم سياسي كبير في قامة السيِّد الصادق! فلماذا، إذن، أقدم على ما أقدم عليه؟!

    محاولة الإجابة على هذا السؤال تبدو، في بعض وجوهها، وفي غياب المعلومات الوثيقة، نوعاً من (ضرب الرمل) السياسي! وهي ممارسة لا أميل إليها، لا في العام ولا في الخاص! لذا فالأوفق أن نتفاداها، لنخرج، مباشرة، إلى مكاشفة مع الرجل في الهواء الطلق، بحقِّ أشياء كثيرة عزيزة، ليس أقلها ما بيننا وبينه من مودة واحترام.

    هكذا، وقبل أن يفكر هو في "الهجوم" بهذا الاتفاق على القوى السياسيَّة الأخرى، حسب تعبيره الفريد، فإنه مطالب بالإجابة، أوَّلاً، على جمهرة من الأسئلة البسيطة الملحَّة التي ما تنفكُّ (تهجم)، بدورها، على حزبه العريق، وتتزاحم أمام بوَّابته العالية، وتدور، أجمعها، حول (القيمة) و(الدلالة) الحقيقيَّتين لهذا الاتفاق، ونكتفي منها، في الوقت الراهن، بالأسئلة العشرين الآتية:

    (1) ما الجديد في هذا الاتفاق؟!

    (2) ألم يسبق لـ (المؤتمر الوطني) أن أبرم، من قبل، مع قوى مختلفة، ستة اتفاقات ورد التشديد فيها، أيضاً، على قضايا الحريات، والديموقراطيَّة، وحقوق الانسان، والمصالحة الوطنيَّة، والوفاق الوطني، وسيادة حكم القانون، والاصلاح القانوني، والسلام من الداخل، ومعالجة أزمة دارفور سلمياً، وعقد الحوار الدارفوري الدارفوري، ودرء مخاطر التدخل الأجنبي، واحترام التعدُّديَّة الدينيَّة والثقافيَّة والإثنيَّة والإقليميَّة .. الخ؟!

    (3) بل، وبصرف النظر عن اصطياد (الأرانب) أو (الأفيال)، ألم يبرم (المؤتمر الوطني) مع (حزب الأمَّة) نفسه اتفاقاً مماثلاً في (جيبوتي) عام 1999م؟!

    (4) هل نفذ (المؤتمر الوطني) بنداً واحداً مِن تلك المواثيق، أم أنه اعتبرها مجرَّد (نضمي ساكت!)، فظلَّ يجرجر أقدامه، ويتلكأ، ويسوِّف، ويماطل، كي لا يتحمَّل خردلة من استحقاقات ما تواثق عليه؟!

    (5) ألم يرَ السيِّد الصادق كيف بلغت الرُّوح الحلقوم لدى (الحركة الشعبيَّة) بإزاء لفِّ (المؤتمر الوطني) ودورانه حول تنفيذ (اتفاقيَّة السلام الشامل) المحروسة دولياً وإقليمياً، مِمَّا ألجأ (الحركة) لاتخاذ خطوة غير مسبوقة بإعلان (إضراب) عن المشاركة في الحكومة لم تتراجع عنه إلا بعد أن أصدرت رئاسة الجمهورية (مصفوفة جداول) لتنفيذ الاتفاقيَّة بقرار جمهوري خاص في ديسمبر 2007م؟!

    (6) ومع ذلك، ما نصيب تلك (المصفوفة) من التنفيذ، وقد انقضى على صدورها قرابة نصف العام، كي يأتي (حزب الأمَّة) ليتفق مع (المؤتمر الوطني) على عقد لقاء جديد بتاريخ 27/5/08 (يناقشان) فيه أمر (الاتفاق) على (مصفوفة) أخرى؟! وقد يجدر أن نذكر السيَّد الصادق، مثلاً، بما أعلنته قمَّة المرجعيَّة السياسيَّة لشركائه الجُدُد، صراحة، وقبل سويعات من توقيع اتفاقه معها، من رفضها الالتزام بتنفيذ نصِّ المادة/151 من الدستور الانتقالي الخاصة بحصر مهام جهاز الأمن في جمع المعلومات وتحليلها (الرأي العام، 21/5/08)، مِمَّا حدا بالنائب الأوَّل لرئيس الجمهوريَّة لأن يجاهر بنقده لهذا التصريح (السوداني، 23/5/08)، علماً بأن النصَّ مستمدٌّ من (اتفاقيَّة السلام الشامل)، وأنه قد اتفق على تنفيذه في ميقات معلوم ضمن (مصفوفة) رئاسة الجمهوريَّة المار ذكرها.

    (7) ثمَّ أليس غريباً ألا يكون السيِّد الصادق مدركاً، بعد كلِّ ما يُفترض أنه قد تراكم لديه من حساسيَّة وحنكة ودربة في ما يتصل بمناهج وأساليب إدارة الصراع السِّياسي، أن إنهاك الخصم هو من أهمِّ الاستراتيجيَّات على هذا الصعيد، وأن كثرة تجريب المُجرَّب لا يثمر غير حنظل الندامة، وأن تواصل اللقاءات بلا طائل، والاجتماعات بلا جدوى، والمناقشات بلا نهاية، والاتفاقات التي لا تنفذ، والمصفوفات التي لا يُلتزم بها، من شأنه أن يورث كوادر الحزب الوهن، والسأم، والملل، وضيق الصدر، إن لم يكن اليأس المفضي، في أفضل احتمالاته، إلى الانشقاقات، وتبادل الاتهامات، والتناحر الداخلي .. وقي الله أحبابنا مجاهدي (حزب الأمَّة) منها أجمعين؟!

    (8) وهل يُعقل أن يكون خافياً على من هو في حصافة السيِّد الصادق أن كلَّ ما أهمَّ (المؤتمر الوطني) من اتفاق (أبوجا) هو شقٌّ صفوف الحركات الدارفوريَّة، و(اختطاف) مني أركوي وفصيله من بينها، ثمَّ (تحنيطه) هو و(اتفاقيَّته) على جدران (القصر)، ووسط أبهائه المكيَّفة، حتى انقلب الرجل (ينزف) دم القلب من على منصَّة الجلسة الافتتاحيَّة للمؤتمر الثاني لـ (الحركة الشعبيَّة) في جوبا، أواسط مايو الجاري، وهو يشكو لطوب الأرض من إحساسه العميق بالخذلان والإهمال .. حدَّ (المهانة)؟!

    (9) ولئن لم يكن ذلك خافياً على السيِّد الصادق، وهو، بالقطع، ليس خافياً، أفلا يخشى على حزبه من هذا المآل الفاجع؟!

    (10) ما الذي يضمن له ألا ينتهي به الأمر إلى ذات مصير (الخذلان) و(الإهمال) و(المهانة)؟!

    (11) وما الذي يجعله شديد الثقة في أن اتفاقه مع (المؤتمر الوطني) ليس محض (نضمي) كغيره، وأن حظه من (التنفيذ) أوفر من حظوظ كلِّ الاتفاقات السابقة؟!

    (12) بل وما يكون (حزب الأمَّة) نفسه، بالنسبة لـ (المؤتمر الوطني)، أكثر من (فيل) مزعج في (دغل) المعارضة، يريد اصطياده لسلخ جلده ودبغه في شمس مايو المُحرقة؟!

    (13) ما تراه يميِّز (حزب الأمَّة)، في منظور (المؤتمر الوطني)، عن (الحركة الشعبيَّة) أو (فصيل مني أركوي)؟!

    (14) وهل يريدنا السيِّد الصادق أن نصدِّق، حقاً، أنه إنما كان يختزن، طوال العقدين الماضيين، (إعجاباً) مُضمراً بحكاية (القطار) الذي ظلت الإنقاذ تحذر الآخرين من أن يفوتهم (ركوبه)، فيأتي هو ليطلق ذات التحذير، من خلال ليلته السياسيَّة ببورتسودان مساء الجمعة 23/5/08؟!

    (15) ولنأت إلى (مجانيَّة) الاتفاق: فمثلاً، وبعد أن تواثق (حزب الأمَّة)، بتوقيع المرحومة سارة الفاضل، مع بقيَّة قوى المعارضة على أن تكون نسب التمثيل الجغرافي والنسبي 50% ـ 50%، ها هو يخرط يديه (فدْ مرَّة) عمَّا سبق أن تواثق عليه، ليرتدَّ، في الاتفاق الحالي، إلى رؤية (المؤتمر الوطني) بأن تكون النسبة 60% ـ 40%؛ فما، تراها، (المكافأة) التي حصل عليها (نظير) هذا الارتداد الجهير؟! نضمي؟!

    (16) وهَبْ أن المقابل تحالف انتخابي (ذكي!)، على حدِّ تعبير السيِّد الصادق، أو ما يُفهم منه تحالف الحزبين في الانتخابات المزمع عقدها بعد أشهر قلائل؛ فما، تراه، النصيب من الدوائر الذي يُتوقع، عقلاً، أن يقبل (المؤتمر الوطني) بتخصيصه لـ (حزب الأمَّة)؟! نصيب (الزرافة!)، أو حتى (دجاجة الوادي!)، طالما ليس من السائغ، عقلاً أيضاً، توقع نصيب (الأسد!) أو حتى (القط الجبلي)؟!

    (17) هل يُتصوَّر، بعد أن ينجح (المؤتمر الوطني) في دقِّ إسفين بين (حزب الأمَّة) وبقيَّة قوى المعارضة، أن (يتفضل!) عليه بأيِّ نصيب من السلطة يجعل منه (شوكة حوت) في حلقه؟!

    (18) أفلا يلمح السيِّد الصادق، وهو، بعدُ، أمير (اللماحيَّة) المتوَّج في إمارة السياسة السودانيَّة، أيَّ وجه للشبه هنا بين هذا المآل المتوقع، من كلِّ بُدٍّ، وبين حكاية (الذبيح والفطيس) التي سبق له، هو نفسه، أن استخدمها في نتف ريش السيِّد مبارك الفاضل لمَّا انشق الأخير عنه والتحق بـ (قطار) الإنقاذ؟!

    (19) وإذا لم يكن ذلك كذلك، فما هو، إذن، بالضبط، وجه (الذكاء) هنا من زاوية نظر (حزب الأمَّة)؟!

    (20) أخيراً، وليس آخراً، وصف السيِّد الصادق، في حديث بورتسودان، المتخلفين عن اللحاق باتفاقه مع (المؤتمر الوطني) بأنهم كالمتخلفين عن اللحاق بـ (سفينة نوح)! لكنه لم يقل من هو (نوح) في هذا الاتفاق!

    الأربعاء:
    -----------------

    أفلتنا، هذا المساء، أنا وإبنتي أروى وصديقي الياس فتح الرحمن، من بين دوَّامات الهموم التي لا حدَّ لها، وانطلقنا إلى (قاعة الصداقة)، نمني أنفسنا بجرعات من الفرح توفرها مشاهدة عرض جديد لمسرحيَّة الماغوط الرائعة (المهرِّج)، بالسودنة البديعة التي أجراها عليها مصطفى أحمد الخليفة، والإخراج المُبهر لمحمد نعيم سعد، والأداء المدهش لفرقة الأصدقاء.

    لكن .. من يتركك تسعد؟! (سوق أم دفسو) الزائط المنصوب للباعة الجائلين على طول المدخل؟! أكياس التسالي والمدمَّس ولفافات الساندوتشات وزجاجات البارد المتداولة، داخل الصالة، بين الصفوف ومن فوق الرءوس؟! أصوات (القرقشة) و(القزقزة) و(المزمزة) المختلطة بفرقعات الزجاجات الفارغة تحت الأقدام، وصرخات الرُّضع تكاد تسحق الأعصاب من كلِّ ركن؟! رنين الموبايلات وفحيح نضميها الذي يكاد لا ينقطع وسط نداءات الأمَّهات لأطفالهن التائهين عنهنَّ في الظلمة؟! من يتركك تسعد، أو حتى تلتقط شيئاً مِمَّا يقول الممثلون على الخشبة؟! و .. رحمة الله عليك أيَّها الفكي عبد الرحمن!

    بدو السودان المستعربون المسلمون يستكثرون على أنفسهم، في ما يبدو، حتى لحظات الفرح القصار التي قد تقع لهم بين الحين والحين، وسط تفاصيل حياتهم اليوميَّة الرتيبة الجافة، فتجد الجماعة منهم، ما أن تستغرقها، فجأة، موجة ضحك مجلجل، حتى يسارع أفرادها لانتشال أنفسهم منها بترديد عبارة "اللهم اجعله خيراً"! وهي ضرب من (الفولكلور اللفظي) الشائع في التحسَّب من (مغبَّة) السعادة الزائدة! على أن (بدو الحواضر) ابتدعوا، في ما يبدو أيضاً، خلال السنوات الماضية، ضرباً آخر من (الفولكلور العملي) في مثل هذه المواقف! فما تكاد تسطع للفرح ساطعة بينهم إلا وسارعوا لتكديرها بإهالة قدر هائل من تراب الغمِّ على وجهها كي تنطفئ، توهُّماً من عند عقلهم الجمعي الباطن، ربَّما، أن الله سيحيل (شرَّها) بذلك (خيراً)! .. وها هي (سلوكيَّات المشاهدة) الفظة تندرج، أيضاً، في عداد هذا (الفولكلور العملي) الذي ما ينفكُّ يشيع، الآن، بفضلنا نحن .. (بدو العاصمة)!

    الخميس:
    ----------------

    عكفت، نهار اليوم، على مراجعة الصحف التي صدرت أثناء غيابي بالقاهرة خلال الأسبوع الثاني من مايو الجاري، فلفتت انتباهي كلمة جيِّدة للأستاذ على أحمد حاج الأمين تحت عنوان (قوميَّة التلفزيون اللا قومي)، ضمن ملف (تعارف) الثقافي الأسبوعي بعدد الثلاثاء 13/5/08 من هذه الصحيفة.

    الكلمة المكتوبة بحرارة قلب مرغوب فيها تتحرَّك من تناول نقدي لقول الأستاذ رمضان محمد عبد الله، الناطق باسم قطاع الشمال في الحركة الشعبيَّة، ضمن استطلاع كان أجراه الملف حول مدى (قوميَّة التلفزيون)، بأن "إنسان السودان يريد من المؤسَّسات الاعلاميَّة أن تكون محايدة"! والرأي عند الأستاذ علي أن هذا القول إنما يعبِّر عن أشواق كادر (الحركة) بأكثر مِمَّا يعبِّر عن "إنسان السودان"، إذ لو كان جميع السودانيين متفقين في هذا فأين المشكلة إذن؟! لكن الكاتب ما يلبث أن يستدرك بأن مسئول (الحركة) لا بُدَّ يعني بـ "إنسان السودان" أولئك "الذين تنفيهم .. الثقافة الرسميَّة"، خصوصاً "الذين لا ينتمون للمؤتمر الوطني"! ومن ثمَّ يمضي مسلطاً، من ناحية، حزمة ضوء على إشكاليَّة الهويَّات السودانيَّة من زاوية ممارسات المركز الاسلاموعربي، صاحب رأس المال الرمزي الداعم لوضعيَّته الاقتصاديَّة السياسيَّة الاجتماعيَّة، على حساب الآخر، أي الثقافات غير العربيَّة وغير الاسلاميَّة، قهراً ونفياً؛ وليضع (الحركة)، من الناحية الأخرى، أمام مسئوليَّتها، كشريك أساسي في السلطة، عن التنفيذ العملي لما نصَّت عليه (نيفاشا) من وجوب جعل المؤسَّسات الإعلاميَّة (قوميَّة) بحق، أي معبِّرة عن منظومة التنوُّع السوداني، لا مجرَّد حكر لثقافة المستعربين المسلمين في البلاد، وإلا أصبح المشروع الثقافي الديموقراطي مرتهناً بأكمله لخطاب (المؤتمر الوطني) .. الحاحاوي، أو ما تطلقه كثير من الجماعات السياسيَّة من جُمَل ووعود وهميَّة لا غير .. نضمي .. نضمي .. نضمي، على حدِّ تعبير الكاتب!

    المقالة، عموماً، ترفد التفكير والتناول الجديدين المطلوبين. وقد ذكرتني بواقعتين ذواتي دلالة خاصَّة في هذا السياق:

    الأولى: ذلك النقاش الساخن الذي ثار عقب تقديمي لمحاضرة بعنوان (الإعلام وحساسيَّة التنوع الثقافي في السودان)، بتكليف من (مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان)، ضمن الدورة التدريبيَّة التي نظمها المركز للعاملين بجهازي الإذاعة والتلفزيون بأم درمان، خلال الفترة من 5 إلى 9 فبراير 2006م، حول (الإعلام وبناء ثقافة التعدُّديَّة والديموقراطيَّة في السودان). وكان أكثر ما أدهشني النقد المرير الذي وجهه أغلب المتدرِّبين لمجمل الأوضاع التي تغلُّ أيديهم، في الجهازين، عن الانطلاق في التعبير عن ثراء التنوُّع الثقافي في البلاد، وتمارس ضغوطها المعنويَّة عليهم باتجاه حصر غالب البرمجة في ما هو عربي وإسلامي فحسب!

    والثانية: ما ورد ضمن برنامج (برلمان الأطفال) الذي بثه التلفزيون (القومي!) في الثانية والنصف من بعد ظهر البارحة القريبة (الأربعاء 21/5/08)، حيث قال (التربوي!) مسئول البرنامج، بالحرف الواحد، لا فض فوه: "عندما يولد الطفل فإن والديه يسلمانه، أي يختاران له الدين الإسلامي، أو يختاران له الديانة .. غير الصحيحة"، فتأمَّل!

    الجمعة:
    -------------

    في منتصف ستينات القرن المنصرم، وفي عقابيل ثورة أكتوبر، بل وبتأثيرها المباشر، بدأت ذائقة جيلنا من الشعراء تزهر. وخلال ثلثها الأخير اتخذت نقوشنا البكرة في إنشاء القصائد شكلاً أكثر جديَّة بفضل ما أتيح لنا من ملامسة النشر الصحفي. وفي كلِّ ذلك كان مصطفى سند ناهضاً فينا، كأحد أندر الأصوات الأكثر إبهاراً، والإيقاعات الأسلس انسجاماً، والموسيقات الأعذب اندياحاً، في إطار فخيم من الإعلاء اللغوي وافر البذخ، والصورة الشعريَّة شديدة الفرادة، والمضامين التي تشفُّ عن نضج المُدرَك الوجودي، وخصوصيَّة التجربة الجماليَّة.

    كان شاباً حيياً متواضعاً لما يتعدَّ السابعة والعشرين، يعمل في مصلحة البريد والبرق، ويسكن في الحيِّ الكائن بين العمدة وودنوباوي بأم درمان، حين تعرَّفنا به وصادقناه. كان يجسِّد في عيوننا تجسيداً حيَّاً كلمة إليوت البليغة "الشاعر حارس لغة القبيلة"! ولعلَّ ذلك هو ما لفت، بوجه خاص، نظر صديقنا الآخر صلاح احمد ابراهيم، فخط له، يوم أصدر مجموعته الأولى بعد ذلك بسنوات، تذييلاً على غلافها الخلفي شدَّد فيه على كون اللغة قد بلغت عند مصطفى شأواً بعيداً، أو كما قال.

    كان مصطفى وردة مميَّزة اللون والأريج في بستان كان يشعشع، أيامها، بألق الشعر العظيم وبهاء الشعراء الضخام. كان غزير الإنتاج من الخرائد الجياد. ولم يكن قد أصدر ديواناً، بعد، حين كنا نتصيَّد مطوَّلاته الجديدة، نتلصَّص على الواحدة منهنَّ، بشغف ولذة متناهيتين، في باطن الأضابير أو داخل أكياس الوسائد، وهي لمَّا تزل في طور الإنشاء، حتى إذا اكتملت خلقاً سوياً، واستقامت على سوقها، دفع بها، مجلوَّة كعروس، إلى صحيفة (الرأي العام)، لنتبارى في اقتنائها، نتخاطفها، أو ينسخها بعضنا من بعض، بخط اليد، بأناة واستمتاع. تلك كانت فترة فتوَّته الشعريَّة التي شهدت مولد (أكوبو) و(الكمنجات الضائعة) و(مقاطع استوائيَّة)، وغيرهنَّ، وبالطبع زينتهن أجمعين .. (البحر القديم) التي أسمى عليها مجموعته الأولى تيمُّناً. وأشهد أن تلك الخرائد، ضمن أعمال سودانيَّة وأجنبيَّة أخرى، هي التي جسَّرت معابر أغلبنا إلى تذوُّق الشعر الجديد في نماذجه الرفيعة، وأعانتهم كثيراً على تحسُّس قياساته، وتلمُّس عياراته المائزة.

    ولمصطفى كثير فضل عليَّ شخصياً. ولئن كان النقاد والكتاب والباحثون قد أطنبوا في الثناء على فنه، فها قد جاء يوم شكره الخاص حقاً مستحقاً له علىَّ لكلِّ ما أبدى من اهتمام بي، وحدب على تشجيعي في بداياتي، وذكري بالخير، غير ما مرَّة، في حواراته الصحفيَّة داخل وخارج الوطن. وقد حدَّثني صديقي الشاعر الكبير سيد احمد الحردلو وقت كان مديراً لدار الأشقاء للنشر، واعتزم نشر مجموعتي (عزيف الريح خلف بوَّابة صدئة)، أنه دفع بها إليه لإجازتها بحكم مهامِّه، أوان ذاك، بإدارة المصنفات، إلا أنه وضع توقيعه على مستند إجازتها دون أن يقرأها، قائلاً لسيد احمد: "بعد هذا سأقرأها. عيب أن أراجع شغل كمال"!

    شقَّ عليَّ أن نعاه الناعي إليَّ، ظهر اليوم، بعيداً عن وطنه وأهله وأحبابه، فتذكرت مرآه، يوم مشينا خلف جنازة المرحوم عبد الله حامد الأمين عام 1976م، وهو يجهش بالبكاء، ويشرق بالدمع، ويكثر من الاستغفار والدعاء وترديد "إنا لله وإنا إليه راجعون"!

    اللهمَّ لقد وسعت رحمتك السماوات والأرض، فارحم مصطفى، واغفر له، واحسن إليه، واشمله برضوانك، يا أرحم الراحمين، واجعل الجنة مثواه، وبارك في ذريَّته، والهمهم والهم ذويه والهمنا جميل الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

    لسبت:
    ----------

    كشفت مصادر مطلعة بالحزب الوطني الكبير الآخر (الاتحادي الديموقراطي) عن بداية (لقاءات!) اللجنة المشتركة مع (المؤتمر الوطني) خلال اليومين القادمين، إيذاناً ببداية الحوار (الثنائي!) بينهما (الرأي العام، 24/5/08).

    تاني! جولة جديدة، تاني، من النضمي، وقفزة أخرى في الظلام! و .. بالله عليكم مَن قال إننا لسنا مثل (آل بوربون) الذين ما نسوا شيئاً وما تعلموا شيئاً؟!

    الأحد:
    ------------

    زارتنا بمنزلنا، مساء أوَّل البارحة، صديقتنا الأستاذة الأمريكيَّة ساندرا هيل برفقة أختنا د. أسماء السني. قضينا وقتاً ممتعاً في أنس لطيف. وفي بعض منعرجات سمرنا الذي تشقق في مناح شتى، تطرقت ساندرا إلى موضوع أثير لديها، شغلها كثيراً في الآونة الأخيرة، وأنجزت فيه عدداً من المقالات والمحاضرات، وهو (سياسات الذاكرةpolitics of memory).

    وفي هذا الصباح طاف بي شئ من أصداء ذلك الأنس حين تذكرت، فجأة، أن اليوم يصادف الذكرى التاسعة والثلاثين لانقلاب (البكباشي) جعفر نميري. فكرت أن الديكتاتور العجوز لا بُدَّ سيحتفل مع رهطه، مساء اليوم، بهذه المناسبة، فيوزعون الحلوى والمشروبات، وتبرُّهم (الإنقاذ) بفرقة موسيقى الشرطة أو المطافئ، بينما ينكفئ هو على وريقات يتلو منهن خطبة رثة كتبت له بخط كبير، ومع ذلك سيلاقي عنتاً في تبيُّنها بسبب ضعف النظر، وقد يقوم فيهم مغن يذكرهم بـ (أمجاد) أيامهم الخوالي، ثمَّ ينفضون في انتظار عام جديد .. و(الرئيس القائد) بخير!

    غير أنني، بعد أن طالعت الصحف، علمت أنه قرَّر تعليق الاحتفال "مراعاة لظروف البلاد"! فقلت لنفسي: "نضمي ساكت! فطوال سنوات حكمه الدموي المظلم لم يعلق، ولا مرَّة واحدة، احتفاله بهذه الذكرى"! ثمَّ فكرت وقدَّرت، ساعة نزق شخصي، أن أحتفل بها، نيابة عنه، مع أصدقاء (الرزنامة)، ولِمَ لا .. فالذكرى، على أيَّة حال، تنفع المؤمنين! لذا هاكم الحكاية التالية التي أعتبرها، بالحقِّ، من سنخ (الذكرى النافعة):

    يروى ندامى المرحوم الرائد زين العابدين محمد احمد عبد القادر، أحد متظرِّفي إنقلاب 25 مايو 1969م، أنه ظل يتندر، فى مجالس أنسه الخاصة، على حالة الرهبة التى اعترتهم في (مجلس الثورة)، غداة استيلائهم على السلطة، من العمل مع تلك الألقاب العلمية الضخمة التى اختيرت لـ (مجلس الوزراء)! سوى أنهم لم يحتاجوا للانتظار طويلاً كي يمدوا أرجلهم، ويضحكوا على غرارتهم، حين اكتشفوا أن الأمر برمته أبسط وأسهل بكثير مِمَّا كانوا يتصوَّرون! فقد رأوا، بأمهات أعينهم، كيف يقعي الأستاذ الفلاني والعالِم الفلتكاني تحت أقدام (البكباشي) يستعطفونه ويستجدونه صائحين: "علمنا يا .. ريِّس"!
                  

05-31-2008, 09:53 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأسـتاذ كمـال الـجزولـي ورزنامة الأسبـوع : نـضـمـي ... نـضـمـي ... نـضـمـي! (Re: بكري الصايغ)

    كـمال الـجـزولـي يـعطـي الصـادق الـمـهـدي درسـآ فـي السـياسـة,

    .......ويـؤدبـه أدب الـمـدائـح!
                  

05-31-2008, 10:07 AM

NGABY AJOOZ
<aNGABY AJOOZ
تاريخ التسجيل: 10-14-2003
مجموع المشاركات: 1997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأسـتاذ كمـال الـجزولـي ورزنامة الأسبـوع : نـضـمـي ... نـضـمـي ... نـضـمـي! (Re: بكري الصايغ)

    استاذنا الكبير بكري الصايغ
    ده عهدنا بالاستاذ كمال الجزولي بينضم نضمي صاح وبيخرس السنة الهتافة

    وبرفع الضغط لحسين ملاسي
                  

05-31-2008, 02:59 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأسـتاذ كمـال الـجزولـي ورزنامة الأسبـوع : نـضـمـي ... نـضـمـي ... نـضـمـي! (Re: NGABY AJOOZ)

    الاخ الـحـبيب الـحـبوب،
    NGABY AJOOZ

    تـحـية الود والأعـزاز،
    وسـررت لـمرورك الكـريـم...وتعـليقك الـمقـدر.

    الأسـتاذ كـمال الـجـزولـي لـما يكتب بعتـرفوا بـه حـتـي (الـخـشامة )
    وناس ( النـضـمـي ) الفارغييـن.

    وبعـجـبـنـي جـدآ سـلخـه وضـربه للسـياسـييـن بطريـقة مايعرفـها السيـاسـي ( الـمـجـنـدل ) ان كانت الضـربات قانونية ولاتـحـت الـحـزام !!!!

    وبعـجـبنـي جـدآ اسـلوبه فـي (التـطنيـش!!) من الرد علي اخـونا مـلاسـي وأخـرين وماشـغال بيـهـم شـغلة... بيـنما هـم أخـر اهـتمام ونرفزة وكواريك و.....نـضـمـي...نضـمـي...نـضـمـي فـي الفارغـة!!!!

    تـحـياتـي ومـودتي لك وللاخ كـمال.
                  

06-01-2008, 12:28 PM

Asaad Alabbasi
<aAsaad Alabbasi
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1969

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأسـتاذ كمـال الـجزولـي ورزنامة الأسبـوع : نـضـمـي ... نـضـمـي ... نـضـمـي! (Re: بكري الصايغ)

    أخي بكري الصايغ تحياتي وأقول لك حسناً فعلت
    وبعد

    إن كانت قائمة واحدة من قوائم الشرف في القانون أو في الفقه أو في السياسة أو في التاريخ والعلوم الإنسانية أو في الأدب أو في اللغات
    أو في الشعر أو في الصحافة تجعل من ينضم إليها نجماًفما بالك بأستاذنا كمال الجزولي الذي كتب إسمه بمدادٍ من نور في كافة هذه القوائم0

    أسعد الطيب العباسي
                  

06-02-2008, 03:33 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأسـتاذ كمـال الـجزولـي ورزنامة الأسبـوع : نـضـمـي ... نـضـمـي ... نـضـمـي! (Re: Asaad Alabbasi)

    الأخ الـحـبيب الـحـبوب،
    Asaad Alabbasi

    تـحـية الود والأعـزاز،
    والشـكر علي مروك الـجـميل... وتعـليقك الـمقـدر ونيابة عـن الأسـتاذ كـمال الـجـزولـي اشـكرك علـي الثناء ةالاطـراء.

    تعـرف ياأخ العبـاسـي، كـمال ده ( ثروة قـوميـة )... بـس خـسارة فـي بلـد طـيـره عـجـم... وحـكامه بـجـم... ونـظامـه سـجـم!!!

    قام احـد الأخـوة بكتابة مـقال يرد فيـه علي رزنامـة الاسـتاذ كـمال الـجـزولـي الأخـيـرة، ورأيت ان انزل مـقالته فـي نفـس هـذا ( البوسـت )
    تعـميـمآ للفائـدة.


    كمال الجزولي .. و المعزوفة المشروخة.
    -----------------------------------

    [email protected]

    Last Update 01 يونيو, 2008

    محمّد خير عوض الله
    [email protected]

    هل سيحل البترول وحده مشكلات السودان ؟ الإجابة بالتأكيد لا .. وهل ستحل الفدراليّة وحدها مشكلات السودان ؟ الإجابة بالتأكيد لا .. وهل ستحل الزراعة وحدها مشكلات السودان ؟ الإجابة بالتأكيد لا .. وهل سيحل السلام وحده مشكلات السودان ؟ الإجابة بالتأكيد لا .. وهكذا ، سنجد أنّ الحلول التي توفّرت أو ستتوفر عبر هذه المجالات لن تحل وحدها أو مجتمعة ـ مشكلات السودان ، لأنّ مشكلة أخرى لا بد من حلّها ، وهي مشكلة متصلة بمنهج التعاطي السياسي ، وهو منهج تمّ بناؤه على خطأ منذ فجر الحركة الوطنيّة ، يقوم على التغاضي عن الإيجابيات وتعظيم وتضخيم السلبيات ، ويقوم على مبدئيّة العداء ، فالعداء لازمة من متلازمات العلاقة السياسيّة في بلادنا ، ولا نقول الاختلاف ، فالاختلاف شيء آخر غير العداء ، والاختلاف شيء طبيعي داخل الأسرة الواحدة وداخل الحزب الواحد وداخل الفريق الواحد ، وهو ضروري لإثراء النقاش والخلوص للأفضل من خلال معرفة الوجوه الدالة عليه ، كلّها ، ولكن العداء شيء آخر تماماً ، وهو الذي ـ للأسف الشديد ـ يستحكم في منهج التعاطي السياسي ، فمثلاً ، إذا قام الحزب الحاكم بالتخطيط لثورة ضروريّة في التعليم العالي ، لتوفير فرص الدراسة الجامعيّة لعشرات الآلاف من الطلاب الذين يبتلعهم الحرمان ، في واحدة من أسوأ الخيبات المتوارثة في هذا البلد ، وبدأ هذا الحزب في التنفيذ ، لتستكمل العمليّة نواقصها ، مثلها مثل أي عمليّة بناء ، لا تقابله بقيّة الأحزاب بالدراسة والتقويم (اختلافات الرأي) إنّما تقابله بالشتم والسب والرفض المطلق (العداء) .. لقد قامت في بلادنا ثلاثين جامعة ، لا يزال بعضها بحاجة لبعض المستلزمات ، وهذا طبيعي ، ولكن شاهدنا هنا هو العداء المطلق الذي واجهته ثورة التعاليم العالي في بداية إعلانها ، وهكذا يهدر العداء المطلق وقتنا وجهدنا السياسي ، وآخر ذلك تجده في اتفاق التراضي بين حزب الأمّة وحزب المؤتمر الوطني ، قام الكادر الذي تربى في بيئتنا السياسيّة الملوّثة والمعطوبة ، يشتم هذا الاتفاق ويقبّحه ويستهجنه ويسخر منه ، وذهب آخرون إلى الحديث السالب الجارح والساخر عن السيّد الصادق في شخصه ، دون أن تجد قراءة موضوعيّة واحدة تحدّثك عن سلبيّة اتفاق التراضي الوطني من خلال نصوصه وبنوده ، أو من خلال بناء نقدي علمي موضوعي متماسك .. ولو أردت أن أحصي انتقائيّة التعاطي السياسي المبني على العداء المسبق لما استطعت ، من كثرتها ، فمثلاً قضيّة أبيي ، كانت عقبة كأداء أثناء التفاوض ، ولأنها ستعطّل مشروع الاتفاق بأكمله ، قبلت الأطراف بصيغة محددة ، تقوم على تفويض خبراء لتحديد حدود المنطقة حتى تاريخ محدد ، على أن يكون تقريرهم ملزماً ، غير أنّ الخبراء فشلوا في تحديد حدود المنطقة حتى التاريخ المطلوب ، وفق التفويض المكتوب ، ثمّ تجاوزوا التفويض ، ليحددوا حدود المنطقة حتى تاريخ آخر ، خدمةً لطرف ضد طرف ، وبدل أن تتم مخاطبة الرأي العام بنزاهة وحياد ، تجد الأحزاب السياسيّة ، ورموزها ، وكتّابها ، من منطلق (العداء المسبق) يكيلون بمكيالين ، فهم إمّا صامتون وشامتون في الذي حدث ويحدث في أبيي ، أو أنّهم يوالون الحركة الشعبيّة ضد المؤتمر الوطني من منطلق عداء مسبق ، دون أن يحسبوا الخسارة الكبيرة التي تترتّب على مثل هذا التصرف غير الحكيم وغير الرشيد ، وهكذا تجد بعضهم يحدد موقفه المطلق ضد المؤتمر من منطلق هذا العداء ومن منطلق تغذية لا إراديّة سالبة ، بما يتنافى تماماً مع الموضوعيّة ومع الرشد السياسي والحكمة الوطنيّة ، وهذا منهج خاطئ ابتليت به بلادنا في التربية الوطنيّة والممارسة السياسيّة ، منذ الاستقلال وحتى اليوم ، وأعطيك الآن نموذجاً لكتابة سقيمة من كاتب معافى ، غير أنّه تربى على منهج العداء المطلق ، وإن كان هو برأيي من أفضل الكوادر المعارضة المنشغلة بالكتابة ، لمحاولته الاستظهار بالموضوعيّة ، يسنده في ذلك وعيه وعمله القانوني ، هو الأستاذ كمال الجزولي ، الذي أكنّ له احتراماً وتقديراً ، فقد كتب يعيب على السيد الصادق اتفاقه مع حزب المؤتمر ، مستمسكاً بمماحكات لفظيّة ومشاغبات سياسيّة ولجاجات تكتيكيّة تهدم ولا تبني ، فقد كتب يقول : (التناقض بين (القفزة) الهائلة التي أقدم عليها الرجل وحزبه في (الظلام) باتفاقه (المجَّاني) مع (المؤتمر الوطني) الحاكم، من جهة، وبين إحساسه، من الجهة الأخرى، بالافتقار، فجأة، إلى القدرة على طرح تفسير منطقي واحد لهذه (القفزة) مِمَّا يمكن أن يكون مقنعاً، أو مقبولاً، أو معقولاً، أو سائغاً، ولو بالحدِّ الأدنى! وكم هو وخيم، حقاً، مثل هذا الإحساس على فقيه مفكر فذ، وزعيم سياسي كبير في قامة السيِّد الصادق! ) وأنت هنا تلاحظ كمال جعل من نفسه الخصم والحكم ، يسميها قفزة هائلة في الظلام ، ولا يترك أي مجال لتفسير آخر يبرهن على أنّها خطوة صحيحة كانت مطلوبة منذ سنوات طويلة ، وأنّ البلاد في حاجة أكيدة للتقارب الحزبي والالتقاء على توافق وتراضي على القضايا الساخنة الراهنة ، لا يقول الجزولي بمثل هذا القول ، ولا يترك أي مجال للتفسير الإيجابي ، بل يقرر عن السيد الصادق (إنابة عنه) بأنّه يحس بالافتقار فجأة، إلى القدرة على طرح تفسير منطقي واحد لهذه (القفزة) مِمَّا يمكن أن يكون مقنعاً، أو مقبولاً، أو معقولاً، أو سائغاً، ولو بالحدِّ الأدنى!" طبعاً هذا بكل تأكيد تجني على السيّد الصادق وتجنِّي على العمل السياسي الكبير الذي تم !! هذا عمل كبير كيف يشعر السيد الصادق ـ ولجانه تكتب وتفاوض منذ ستة أشهر ـ بالافتقار لما يبرره ليكون سائغاً ولو بالحد الأدنى ؟! والجزولي الشاعر ، بعد أن هداه خياله للتحدث عن السيد الصادق نيابة عنه ، معترفاً بعدم القدرة على تبرير ما تم ، يأتي بعده الجزولي المحامي ليسأل : ( فلماذا، إذن، أقدم على ما أقدم عليه؟! وبصرف النظر عن اصطياد (الأرانب) أو (الأفيال)، ألم يبرم (المؤتمر الوطني) مع (حزب الأمَّة) نفسه اتفاقاً مماثلاً في (جيبوتي) عام 1999م؟! هل نفذ (المؤتمر الوطني) بنداً واحداً مِن تلك المواثيق، أم أنه اعتبرها مجرَّد (نضمي ساكت!)، فظلَّ يجرجر أقدامه، ويتلكأ، ويسوِّف، ويماطل، كي لا يتحمَّل خردلة من استحقاقات ما تواثق عليه؟!) لكنّ الجزولي المحامي ، أحد أركان العدالة ، كان ينبغي أن يكون أميناً فينقل للرأي العام ـ الواعي ـ ما كان من اتفاق جيبوتي ، ولماذا تعطّل ؟ ومن عطّله ؟ فالرأي العام متابع ويعرف أنّ قواعد حزب الأمّة أحاطت باجتماعات الحزب وحاصرته في أمدرمان ، وضيّقت على السيّد الصادق ليغسل يديه من جيبوتي ، فاستجاب وغسلهما ، ورفض مبارك الفاضل أن يغسل ، هذا هو الذي حدث ، ونقول للجزولي لماذا يأخذك التزامك الحزبي لتزييف الحقائق ؟ ثمّ يأتي الجزولي الكادر الحزبي ليخوّف السيّد الصادق من مصيره مع حزب المؤتمر ، فيقول : ( ألم يرَ السيِّد الصادق كيف بلغت الرُّوح الحلقوم لدى (الحركة الشعبيَّة) بإزاء لفِّ (المؤتمر الوطني) ودورانه حول تنفيذ (اتفاقيَّة السلام الشامل) المحروسة دولياً وإقليمياً، مِمَّا ألجأ (الحركة) لاتخاذ خطوة غير مسبوقة بإعلان (إضراب) عن المشاركة في الحكومة لم تتراجع عنه إلا بعد أن أصدرت رئاسة الجمهورية (مصفوفة جداول) لتنفيذ الاتفاقيَّة بقرار جمهوري خاص في ديسمبر 2007م؟! ) والرأي العام أيضاً واعي ومتابع ، ويعرف من المتلكِّيء في تنفيذ اتفاق نيفاشا ؟ والرأي العام استهجن واستنكر تصرّف الحركة حين علّقت التعداد السكاني فجأة ، وقبله حين حردت أو (أضربت) ، بل سكرتير الحزب الشيوعي الذي ينتمي له كمال الجزولي ، أدان هذا المسلك ووصفه بأوصاف شديدة في التقبيح ، الرأي العام يعرف أنّ اللف والدوران هو نهج الحركة الشعبيّة التي تقتل وتعتقل العنصر العربي المسلم في الجنوب ثمّ تتباكى على تأخر المصالحة الوطنيّة !! تعتقل وتختطف ثمّ تتحدّث عن سيادة القانون !! والجزولي وأصحابه يغذون الرأي العام بتقبيح المؤتمر الوطني عن عمد وقصد ورصد وانتقائيّة واضحة لاتخطئها عين !! الجزولي يعرف أنّ رئاسة الجمهوريّة لم تصدر مصفوفة على النحو الذي صوّره لإرضاء الحركة ولتثنيتها عن قرارها ، الحركة هي التي أتت للخرطوم وكلّفت فريقاً منها ليقابل فريقاً في المؤتمر ، واللجنة المشتركة هي التي وضعت المصفوفة ، وما رئاسة الجمهوريّة إلا حلقة في الإخراج وإعطاء الصبغة الدستوريّة ، ليس غير ، فلماذا تصوير الأمر على غير حقيقته ؟! الحركة هي المخطئ في مثالك هذا وفي كل الأمثلة وفي كل التصرفات ، فماهي المصلحة في مناصرتها بالباطل ؟! كان ينبغي من رجل تحمّل عبء تنوير الرأي العام ، أن يكف عن معزوفة كاذبة تحمّل المؤتمر الوطني فشل الآخرين ، الرأي العام عرف فشل هذه المكوّنات منذ المبادرة المصريّة الليبيّة ، وعرف أنّ حزب المؤتمر الوطني كوّن وفده الذي جهّز حقائبه في انتظار "تسمية" وفد التجمّع دون جدوى !! بل الرأي العام يعرف أنّ التجمّع الذي عاد للخرطوم منذ ثلاثة أعوام لم يستطع أن يجتمع حتى اليوم !! وطبعاً التبرير الساهل على لسانهم هو المؤتمر الوطني !! قيادات الأحزاب تهمس ثمّ تجهر بالنقد وترفض تكلّس أحزابها ، فتنشئ أحزاباً جديدة ، فيقولون السبب هو المؤتمر الوطني !! والرأي العام يعرف أنّ هذه الأحزاب فاشلة ، تعاني بالفعل من مشكلات حقيقيّة ، وأنّ الخارجين والمنشقين هؤلاء ، قيادات ذات تاريخ طويل (الهندي، الزهاوي، الدقير، مبارك الفاضل ..الخ) ولكن هؤلاء حين يفشلون في مواجهة مشكلاتهم يسارعون إلى التبرير الجاهز ، فالسبب هو المؤتمر الوطني !! والآن كمال الجزولي يريد أن يعزف للسيّد الصادق هذه المعزوفة الكاذبة ، التي عزفها السيّد الصادق قبله ، وما أفادته في شيء ، وهؤلاء لا يدرون أنّهم يسيئون لأنفسهم ولأحزابهم حين يصورون الأمر وكأنّ المؤتمر الوطني في سوق المويلح يبيع ويشري في قيادات الأحزاب !! هذا ازدراء بالأحزاب نفسها ، وإساءة بالغة لهذه القيادات لا معنى ومبرر لها !! ثمّ يخرج إلينا الجزولي من عمق المنهج الخاطئ الذي تأسست عليه حياتنا السياسيّة ، فهاهو يضرب بالمصالح العليا عرض الحائط ، لأنّ الأهم هو المماحكة التي تسمى المصلحة الحزبيّة ، يقول : ( ثمَّ أليس غريباً ألا يكون السيِّد الصادق مدركاً، بعد كلِّ ما يُفترض أنه قد تراكم لديه من حساسيَّة وحنكة ودربة في ما يتصل بمناهج وأساليب إدارة الصراع السِّياسي، أن إنهاك الخصم هو من أهمِّ الاستراتيجيَّات على هذا الصعيد .) بالله عن أي حنكة وعن أي أستراتيجيّة تتحدّث ؟ عيب والله أن يتوصّل الطرفان لاتفاق مفصّل حول قضايا الوطن الراهنة الساخنة ، فتأتي لتقول لنا مثل هذا الحديث !! ثمّ يتساءل ضمن أسئلته العشرين الموجّهة للسيّد الصادق فيقول : (وهل يُعقل أن يكون خافياً على من هو في حصافة السيِّد الصادق أن كلَّ ما أهمَّ (المؤتمر الوطني) من اتفاق (أبوجا) هو شقٌّ صفوف الحركات الدارفوريَّة، و(اختطاف) مني أركوي وفصيله من بينها، ثمَّ (تحنيطه) هو و(اتفاقيَّته) على جدران (القصر)، ووسط أبهائه المكيَّفة، حتى انقلب الرجل (ينزف) دم القلب من على منصَّة الجلسة الافتتاحيَّة للمؤتمر الثاني لـ (الحركة الشعبيَّة) في جوبا، أواسط مايو الجاري، وهو يشكو لطوب الأرض من إحساسه العميق بالخذلان والإهمال .. حدَّ (المهانة)؟! هذا أيضاً حديث المشروخة السقيمة ، كيف يقول مثقّف قانوني بمثل هذا الحديث (الجزافي) المتّصل أيضاً بنظريّة البيع والشراء ، فالمؤتمر بحسب هذه النظريّة السقيمة ، ليس له من هدف سوى شراء مني أركو بالقصر ، ثمّ تحنيطه ، والجزولي نفسه سبق له أن استعرض أداء مني أركو ، ونثر أرقاماً مزعجة يتم صرفها بإسراف فيما لافائدة منه ، وأشار بقرف شديد للفساد المستشري في أداء مناوي ، ثمّ يأتي اليوم ليستشهد بحديثه الشريف هذه المرّة !! لأنّ السياق مطلوب منه فقط تجريم المؤتمر الوطني !! ثمّ ذهب يخوّف السيّد الصادق من المؤتمر الوطني الذي يشقق الأحزاب ويبيع ويشري في القيادات الحزبيّة الشماليّة والجنوبيّة والدارفوريّة ولاينفّذ الاتفاقات والمواثيق ، وغيرها من الاتهامات الباطلة الجزافيّة التي بثتها مقالات الرأي المغرضة ولا تؤكدها حقائق الواقع المثبّتة فيقول : ( ولئن لم يكن ذلك خافياً على السيِّد الصادق، وهو، بالقطع، ليس خافياً، أفلا يخشى على حزبه من هذا المآل الفاجع؟! ما الذي يضمن له ألا ينتهي به الأمر إلى ذات مصير (الخذلان) و(الإهمال) و(المهانة)؟! وما الذي يجعله شديد الثقة في أن اتفاقه مع (المؤتمر الوطني) ليس محض (نضمي) كغيره، وأن حظه من (التنفيذ) أوفر من حظوظ كلِّ الاتفاقات السابقة؟! بل وما يكون (حزب الأمَّة) نفسه، بالنسبة لـ (المؤتمر الوطني)، أكثر من (فيل) مزعج في (دغل) المعارضة، يريد اصطياده لسلخ جلده ودبغه في شمس مايو المُحرقة؟! ما تراه يميِّز (حزب الأمَّة)، في منظور (المؤتمر الوطني)، عن (الحركة الشعبيَّة) أو (فصيل مني أركوي)؟! ولنا أن نسأل ببساطة : هل المؤتمر بهذه المقدرة التي يخوض فيها الحروب ويخوض فيها المفاوضات المنتشرة والمرعيّة من المجتمع الدولي وبذكاء يستطيع أن يلعب على الجميع وهم لا يشعرون ؟! هذا غير منطقي أصلاً ، ثمّ تساؤل آخر : لماذا لم يذكر الجزولي آخرين لم تصبهم الإهانة مثل الاتحادي جناح الهندي والأمّة جناح الزهاوي والأمّة جناح مسار وغيرها ؟ هل هم ساكتون على مهانة أم أنّها غير موجودة أصلاً؟! هذا وهم ، الصحيح أن نشكر المؤتمر كونه أفسح المجال لهؤلاء ، المؤتمر ترجّل فيه الأستاذ مهدي إبراهيم عن كرسي وزارة الإعلام ليجلس مكانه الزهاوي ، فهل هذه إهانة ؟ ترجّل الأستاذ علي عثمان واختار أن يجلس قرنق ليرأسه وليكون نائباً للرئيس ، هل هذه إهانة ؟! والمؤتمر أفسح لمني أركو وأعطاه منصباً ماكان يحلم به ، وأعطاه السلطة التنفيذيّة لدارفور ، فهل هذه إهانة ؟! ومن يسأل عن تطبيق الاتفاقيّة ؟! إننا بحاجة حقيقيّة للاعتذار للرأي العام عن شحنه بشحنات كثيفة مضللة لا معنى لها ، لا يبررها شيء سوى التكتيك الحزبي السقيم ، ليأتي الجزولي ويحدثنا في سياق التراضي الوطني عن (استراتيجة إنهاك الخصم) يقصد المؤتمر الوطني !! المؤتمر الوطني كان يمسك بالمقاعد مائة في المائة ، ثمّ تنازل ليمسك بخمسين في المائة ، ثمّ جاء بأهل الشرق واقتطع لهم من نصيبه ، وإذا أتى بفصائل دارفور سيقتطع لهم من نصيبه ، والانتخابات العامة بعد أشهر معدودة ، برغم ذلك نكيل له السباب بوعي وبغير وعي ، لماذا ؟! وهكذا يذهب الأستاذ كمال في مقالته عن اتفاق التراضي الوطني فيقول : (وهَبْ أن المقابل تحالف انتخابي (ذكي!)، على حدِّ تعبير السيِّد الصادق، أو ما يُفهم منه تحالف الحزبين في الانتخابات المزمع عقدها بعد أشهر قلائل؛ فما، تراه، النصيب من الدوائر الذي يُتوقع، عقلاً، أن يقبل (المؤتمر الوطني) بتخصيصه لـ (حزب الأمَّة)؟! نصيب (الزرافة!)، أو حتى (دجاجة الوادي!)، طالما ليس من السائغ، عقلاً أيضاً، توقع نصيب (الأسد!) أو حتى (القط الجبلي)؟! هل يُتصوَّر، بعد أن ينجح (المؤتمر الوطني) في دقِّ إسفين بين (حزب الأمَّة) وبقيَّة قوى المعارضة، أن (يتفضل!) عليه بأيِّ نصيب من السلطة يجعل منه (شوكة حوت) في حلقه؟!) كل هم الجزولي كما تلاحظ هو ألا يدق إسفين بين المعارضة وحزب الأمّة ، لأنّ الحزب الشيوعي تستهويه جداً المعارضة ، ويعشقها عشقاً سرمدياً ، كيف لا وهي التي تتيح له التحدّث عن الغلابة والتغني لهم ، وهذا هو البرنامج القديم المتجدد ، أقوال بلا أفعال ، أي ـ بمنطق الجزولي ـ (نضمي ساكت!!) كما أنّه يعشق العمل وسط الآخرين (التجمّع مثلاً) لأنّه يخشى أن يظهر بحجمه الحقيقي الهزيل !! هذه هي الزاوية الضيّقة التي نظر من خلالها الجزولي لهذا الاتفاق !! وإلا فما المعنى من تخويف السيّد الصادق من القسمة مع المؤتمر حتى عبر الانتخابات !! وما المعنى من البكاء لدرجة النحيب من تواصل الحوار بين الحزب الاتحادي والمؤتمر الوطني ؟ أسمعه في ذات المقالة (الرزنامة) ينتحب فيقول : (كشفت مصادر مطلعة بالحزب الوطني الكبير الآخر (الاتحادي الديموقراطي) عن بداية (لقاءات!) اللجنة المشتركة مع (المؤتمر الوطني) خلال اليومين القادمين، إيذاناً ببداية الحوار (الثنائي!) بينهما (الرأي العام، 24/5/08). تاني! جولة جديدة، تاني، من النضمي، وقفزة أخرى في الظلام! و .. بالله عليكم مَن قال إننا لسنا مثل (آل بوربون) الذين ما نسوا شيئاً وما تعلموا شيئاً؟!) ما المشكلة من التلاقي بين الأحزاب على ثوابت وقواسم مشتركة ؟ لماذا يصوّر الحوار وكأنّه خطيئة لا تغتفر ، بحجّة أنّ الأحزاب سبق وأن ابتدرت حوارات مع المؤتمر أو هو ابتدر معها ، وما المشكلة في أن يتواصل الحوار ؟ بصراحة .. المشكلة هي مشكلة الحزب الشيوعي التي قلتها لكم قبل قليل..!! في الختام نقول للأستاذ كمال الجزولي ، دع عنك هذه النظرات الضيّقة ، إننا ندعوا لتأسيس الفضاء السياسي الرحيب ، ندعو لاندماجات حقيقيّة بين أحزاب الأمّة وأحزاب الاتحادي كلّها مع المؤتمر الوطني ، وحزب المؤتمر الشعبي ، كلّها بمسمى جديد (حزب الوحدة مثلاً ) حزب للتنمية والبناء ، لا علاقة له بحسن البنا ولا محمّد أحمد المهدي ولا علي الميرغني ولا الست مريم ، هدفه الوحدة والبناء والتنمية ، كل أوراقه مليئة بالأرقام فقط ، كم بئر تحتاجها الأرياف ؟ كم فدان يمكن استثماره ؟ كم شارع ينبغي رصفه ؟ ما هي نواقص الجامعات ؟ هكذا ينبغي أن نكون ، وهذا هو منهج المؤتمر الوطني كما يحدثنا الواقع كل يوم .'

    --------------------------------------------------------------------

    نـضـمـي... نـضـمـي ... نـضـمـي!!!
                  

06-18-2008, 00:02 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأسـتاذ كمـال الـجزولـي ورزنامة الأسبـوع : نـضـمـي ... نـضـمـي ... نـضـمـي! (Re: بكري الصايغ)

    بيننا
    مداخلات للرزنامة:
    لماذا لا يغضب النقد الإمام؟.. (1-4).
    ----------------------------------------

    [email protected]
    Last Update 17 June, 2008 10:56:56 م

    رباح الصادق
    [email protected]
    ----------------------------------------------

    بسم الله الرحمن الرحيم

    في رزمانته (الاثنينية) -ذات الشعبية الواسعة خاصة وسط نوعية مميزة من القراء- بصحيفة أجراس الحرية، وجه الأستاذ كمال الجزولي تساؤلات للسيد الصادق المهدي، وتعد الزنامة تلك–مع مقالة البروفسور الطيب زين العابدين بصحيفة الصحافة في 26/5 الماضي- من أميز ما كتب حول الاتفاق الذي وقع بين حزب الأمة والمؤتمر الوطني واشتهر باتفاق التراضي الوطني- وقد غلب على ما كتب بأقلام عديدة الغث وملأه الهوى أو عواطف أخرى تبعد عن الموضوعية وتلج في نقيضها. فكتابة الرجلين كانت من سمين ما كتب، ومع اختلاف كل منهما في تقييمه لجوهر المسألة التي تناولوها-حيث حكم الأول على الاتفاق بأنه منبت عن ماضي صاحبه في حين رأى الأخير أن الحادثة متسقة مع مذهبه ومبادئه ونهجه- فقد نجح كلا الرجلين في التعبير بأبلغ صورة عن رأيهما. ونحن نزمع أن نداول فيما بيننا بعض المعلومات والأفكار التي أثارتها مقالة الأستاذ الجزولي المذكورة. نتناول اليوم مقدمة مقاله وفي المقال القادم بإذن الله نتناول التساؤلات التي أثارها.

    رزنامة الجزولي كانت كعهده مكتوبة بلغة أدبية آسرة حتى وهي تتناول أمرا سياسيا محضا وجمال الكتابة الموضوعية يجعلك تستمع أحيانا "وجدانيا" بما لا يوافق عقلك "منطقيا"، كما كانت ملتزمة الأدب السوداني الأصيل في الكتابة عن السيد الصادق، وقد كان التزامه ذاك من قبل سبب هواء حار لفحه في منابر سايبرية. وتساؤلاته العشرين التي رصدها تستحق أن تجد إجابات مفصلة من الإمام الصادق الذي وجهت له الأسئلة بحق العلائق الفكرية والاجتماعية والسياسية التي تجمع الرجلين، وكذلك لأن التساؤلات صاغت كثيرا مما تتداوله بعض الدوائر حول الموضوع ويحتاج انتباهة من الإمام ومن إعلام حزب الأمة، فالتنوير اللازم للأسس التي قام عليها التراضي، وفرز الحقائق من الأوهام هي أول المعركة المطلوب خوضها لدى (الهجوم) على القوى السياسية وعلى الرأي العام لإقناعه بضرورة التراضي بين كافة أبناء الوطن، لأن المفهوم أنه (هجوم) بالمحبة والمحجة والتقارب واللقاء واستمرار الحوار لا بالسلاح أو الفرض القهري أو فكرة رفعت الأقلام وجفت الصحف على نحو ما فعلت الاتفاقات الأخرى- لا سمح الله.

    وقد سمحنا لأنفسنا التعليق على الرزنامة، ونحن مع صاحبها ننتظر الرد الرسمي سواء من السيد الصادق أو من إعلام الحزب، وذلك لأن الرزمانة تعرضت لأشياء لنا فيها قولان، ولأن الأمر عام.

    بدأ الجزولي مقاله بمدخل حول واحدة من أجلى (الصادقيات) وهي التسامح إزاء النقد، وأنها انتفت حينما برم من رسم كاركاتوري جاء بالأجراس بتاريخ 19/5 الماضي مما كسر خاطر الصحيفة وأجبرها على الاعتذار!. ونحب التركيز اليوم على مسألة غضب الإمام منطلقين من أسس معروفة في المنطق، تقول إن النتائج الصحيحة ينبغي أن تقوم على معطيات صحيحة.

    لقد بنى الجزولي منطقه الذي ولج به في علم النفس ثم خرج بنتائجه اليقينة تلك على فكرة أن الإمام انزعج من الكاركتير فاضطر الصحيفة للاعتذار، وكشخصية قريبة من الإمام، وكاتبة في الصحيفة فإنني (أقطع دراعي) بتعبير أهلنا المصريين لو كان الإمام وجه لكائن من كان جملة أو إشارة أو علامة يستفاد منها أنه غضب أو برم أو انزعج من ذلك الكاركتير ولو فعلها فكان حري بي أن أكون أول السامعات. صحيح هناك من انزعج من الناس حوله وأقول تحديدا إن هذا الانزعاج حركه الأستاذ محمد زكي سكرتير الإعلام والعلاقات العامة بمكتب الإمام، وهو بحركته الدؤوبة وسط الإعلاميين مدا بمادته الإعلامية، واستنكارا إذا ورد ما يظنه إساءة للإمام تسبب في فتوحات عديدة لمكتب الإمام الخاص في مجال الإعلام والعلاقات العامة أشاد بها الأقارب والأباعد، وليست هي المرة الأولى التي ينزعج فيها من مقال أو كاركتير أو خبر، بل لقد قاد زكي حملته هذه المرة حتى علينا –الكتاب حزب الأمة داخل صحيفة الأجراس- وأوعز لنا أن مثل هذا التعامل مع الإمام غير مقبول وإذا قبلناه فنحن نشترك فيما يهدم حزبنا، أما حملاته الماضية فمعروفة، وتصرفاته تلك تقع ضمن دائرة اختصاص: العلاقات العامة وماذا تعني تلك العلاقات لو لم تكن تستعمل في الترويج لأعمال الإمام وصد الهجوم عليه؟ وأظن أن دوافعه في هذه الحادثة بالذات كانت تنطلق من معطيين مترابطين: أولها أن صحيفة يرأس تحريرها الدكتور مرتضى الغالي، ويشارك بنفوذ فيها الأستاذ الحاج وراق، وللرجلين علاقة جيدة بالإمام تعرف النقد ولا تعرف الاساءة، لم ير من المقبول منها تجريح الإمام، وثانيها اعتقاده بأن الكاركتير كان مسيئا ليس في مضمون الكتابة أو المنطق ولكن في رسمه بشكل مسيء. ويمكن لمن أراد أن يرفض هذا الموقف، وأن يدعو لحرية التعبير سواء في الكتابة أو في الرسم، فنحن لسنا في معرض الدفاع عن غضبة زكي، ولكن من الظلم البليغ أن تحسب غضبة زكي على الإمام، الذي لم ينبس ببنت شفة حول الأمر.

    قلنا إن ما بني على باطل، فهو باطل.. ومنطق الأستاذ الجزولي استند أولا على فكرة أن الإمام غضب وهو ما لم يحدث يقينا، واستند ثانيا على تحليل ساقه لأسباب حلم الإمام. وذهب إلى أن خلصاء السيد الصادق يفسرون تلك الخصيصة بـ(الاعتداد بالرأي، وثراء المعارف الموسوعيَّة، والثقة التي لا حدَّ لها في القدرة على الحوار، والصبر على إحسان الحُجج وتجويد البراهين، منافحة عمَّا يرى حقاً، إتفق الناس معه أم اختلفوا!) ولكنه يفسرها على نحو مغاير حين قال (إن الأهمَّ من الخصائص الشخصيَّة، على أهميَّتها، هو أن المنافحة عن (القضيَّة العادلة) هو الذي يكسب المنافح بهاء الحُجَّة وقوَّة المنطق، فما من أحد مستطيع، بالغاً ما بلغ من العبقريَّة، أن يدافع عن الباطل!).

    من اليقين أن للصادق أفعالا كثيرة من قبل لم تعجب الأستاذ كمال برغم إعجابه بفكره لذلك قال إن الصادق السياسي ليس فنجاني المفضل للشرب، فهو ليس دائما في رأي الجزولي ذاك صاحب (قضية عادلة)! ونحن لا نود مغالطة الأستاذ الجزولي حول اعتباره لهذه المرة بالذات من دون المرات السابقة التي اختلف ويختلف فيها مع السيد الصادق أنها مناسبة تناقض داخلي للإمام، فهو فيما يبدو في حيرة بإزاء هذه المسألة دفعته لتدبيج أسئلته التي برغم حرارتها لم تخرج عن إطار المشروع ولا هي ولجت في باب العنف بل لم تغادر باحة المودة التي تجمعه بالإمام وبصحبه حتى أنه وصف نفسه مرة بأنه رمز المصالحة بين الحزب الشيوعي وبين الأنصار. ولكننا نود أن نشير إلى أسباب مغايرة لما ساقه الجزولي نيابة عن الخلصاء أو تفسيره الذي ساقه أصالة عن نفسه.

    فالإمام تحدث في مرات كثيرة حول هذه المسألة مباشرة، وأحيانا يمكن استقراء الأسباب من الطريقة التي يتعامل بها أو يرد بها في مناسبات عديدة، أو من مسلكه بشكل غير مباشر.

    النقد فيما رأى الإمام في مخاطبات وكتابات عديدة نوعان: نقد موضوعي وآخر سباب وتجريح. أما الأول فهو يرحب به ترحيبا مطلقا وكما جاء في كتابات كثيرة بعضها منشور في موقع اتحاد الكتاب السودانيين، قال: (قديما قال أمير المؤمنين عمر: "رحم الله أمرءا أهدى لي عيوبي". وعلى نفس النمط قال أهم فلاسفة الغرب عمانويل كانط بعد ذلك بألف عام ونيف: النقد هو أفضل وسيلة للبناء اكتشفها الإنسان). أما التجريح فيرحب به لأسباب أخرى، قال في مخاطبات وكتابات عديدة إن أي كلام ظالم وغير صحيح فإن الله يحاسب قائله ويكافئ المظلوم لأن (اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) وأنه قد جرحه كثيرون وجعلوا همهم الإساءة إليه منهم من اعتذر ومنهم من استمر، وأنه على طول حياته ظل يرى ما يحدث لهؤلاء، ومن ناحية أخرى فإن معظم الناس يستقبلون ذلك التجريح بشكل يصب لصالحه: (كل نملة تعضيني بجي جردل لبن عشان يمحوها) لذلك فإن حساب الربح والخسارة حسب إعلانه في صالحه! وقال إن الإساءات تحفز البعض لإظهار الحقيقة (فإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود)، وقال في معرض آخر إنه يظن أنه زكاة للمحبة تنميها مثلما الزكاة تنمي الأموال. وأنه يجد جراء التجريح محبة أكثر مما يتوقع بل أكثر مما يريد!

    وتحدث في كتابه (الديمقراطية في السودان راجحة وعائدة) والذي كتبه بعد تعرضه للتصفية الصورية في 1 أكتوبر 1989م وظنه أنها يمكن أن تتحول لتصفية جسدية حقيقة وخاف أن تضيع شهادته حول تجربة الديمقراطية الثالثة في السودان فكتب كالذي يدلي بشهادته أمام القضاء وقال: (كنت أول مسئول يصل إلى مكتبه وآخر مسئول يغادر المكاتب أعمل بحماس وتفان وحياء كالمعتذر عن نعم حباني الله بها في بلد جل أهله من المحرومين.) ومعلوم أن سلوك المعتذر فيه ما فيه من تقبل الآخرين مهما اشتطوا لأن المعتذر ليس (كالمتقدّر).

    وفي اليوم السابق لنشر الكاركتير (أي يوم 18/5) كان يتحدث في ختام دورة الرباط الإستراتيجي-2 التي أجراها حزب الأمة بولاية سنار، وتعرض بعض المتحدثين لما ناله من تجريح جراء موقفه في حادثة الهجوم على أم درمان، فقال إنه اطلع على الإساءات والمنشورات التي صدرت ولا يظن أنها من حركة العدل والمساواة بل من آخرين (نحن نعرفهم ولكنا لسنا مهتمون بالرد عليهم، وكما قال متحدث قبلي أني استطيع لو شئت أنتف الواحد منهم ريشة ريشة لكن لي في هذا الموضوع فلسفة) ثم ذكر حديثه عن رجحان ميزان الربح والخسارة وأنه يجد من ذلك ربحين واحد عند الله وواحد عند الناس، وأضاف: أما بالنسبة لهذه الحادثة بالذات فقد كان من المفترض أن يسموني إبراهيم، لأنه لما جاء خبر ولادتي لجدي الإمام عبد الرحمن استفتح بالقرآن وفتح سورة إبراهيم ولكن لملابسات أخرى تحوّل عن رأيه وسماني الصادق، وحينما حصلت الأحداث الأخيرة استفتحت بالقرآن فوقعت على الآية (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) إشارة لإبراهيم عليه السلام. فهو بذلك مطمئن بشكل أكبر –وليس أقل- بإزاء الإساءات التي وجهت إليه وتوجه من أقلام جعلت غضبها من الإمام أكبر بدرجات لا تحصى من غضبها من المؤتمر الوطني الذي تقول إنها تغضب من الإمام لالتقائه به!

    ومجمل قولنا في هذه المرحلة من نقاش الأستاذ كمال الجزولي وهو مدقق محقق معروف، إنه هذه المرة لم يدقق كثيرا حول ملابسات ما اعتبره غضبا للإمام، ولكن بنى عليه مدخله جيد السبك لأسئلته العشرين. كما إنه حاول معرفة فلسفة الحلم لدى الإمام عبر ما نسبه لخلصاء للإمام يبدو أنهم لم يسمعوا ما قاله الإمام وما يظل يكرره في هذا الأمر. أما تفسير الأستاذ الجزولي نفسه لحادثة الغضب ففيها إسقاط كبير من أفكار الجزولي على نفسية الإمام، ونشهد نحن ممن حوله أننا لم نر من آثار هذا الإسقاط شيئا، فلا الإمام متناقض مع أقواله السابقة، ولا هو برم بالنقد أو ضائق به أو غاضب منه.. إنه كثيرا ما ينقد نفسه مما يعني اعترافه بأنه يخطئ أحيانا بكل سماحة نفس، كما أنه ما انفك يتلقى النقد البناء بترحيب الباني الذي يمده الناس باللبنات، ويقابل الإساءات بارتياح صاحب الربحين.. ولهذا لا يغضب من النقد الإمام!.

    نواصل حول الأسئلة بإذن الله

    وليبق ما بيننا

    (نشرت بصحيفة أجراس الحرية في الاثنين 9 يونيو 2008م).
    ------------------------------------------------------
                  

06-18-2008, 00:09 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأسـتاذ كمـال الـجزولـي ورزنامة الأسبـوع : نـضـمـي ... نـضـمـي ... نـضـمـي! (Re: بكري الصايغ)

    بيننا
    مداخلات للرزنامة:
    ليس في شرعتنا..! (2-4).
    -------------------------------

    [email protected]
    Last Update 17 June, 2008 10:56:56 م

    رباح الصادق
    [email protected]

    في الحلقة الأولى أثبتنا أن ما بنى عليه الأستاذ كمال الجزولي مدخله حول التراضي الوطني من غضب للإمام الصادق المهدي من كاركاتير أجراس الحرية على غير العادة ليس صحيحا، واليوم نداول أفكارا حول تساؤلاته وقد قادتنا هذه الأفكار والبحث الذي رافقها للاهتمام بمواقف القوى السياسية المختلفة، وكذلك قادنا البحث والتفكير للاهتمام بما قاله الإمام نفسه في محاضرة (التراضي الوطني الشبهات والحتميات) التي ألقاها بالقاهرة في 11/6 الجاري، ونزمع بالتالي أن تتمدد مداخلاتنا للرزنامة لتركز عليها اليوم، ثم ننتقل للمواضيع ذات الصلة المذكورة. ننطلق في نقاشنا للتساؤلات من جملة ظلت تتردد في رأسنا ونحن نلحظ سوء الفهم العريض الذي انطلق منه الأستاذ كمال لتحليل (القيمة) و(الدلالة) في التراضي الوطني والجملة هي: ليس في شرعتنا.. ما ظنه الجزولي!.

    تساؤلات الجزولي العشرين متناسلة (بعد نزع الدسم الأدبي منها) من ست أسئلة رئيسية تدور حول: الجديد في الاتفاق وضمان تنفيذه- مآلات الاتفاق ومخاطره على الصعيد الحزبي- أثره على العلاقة بين الحزب وحلفائه في القوى السياسية- مجانيته وتنازلات حزب الأمة- المكافأة أو العائد المنتظر للحزب- حكاية سفينة نوح ومن يمثله في الاتفاق؟

    الجديد في الاتفاق.
    --------------------
    لم تغادر الاتفاقيات متردمات القضايا المذكورة ولكن جديد التراضي هو:
    كل المتفقين السابقين انطلقوا من فرضية أن الطاولة التي تضمهم مع المؤتمر الوطني نهائية وحضور الآخرين فيها مراسمي وحسب، وإن وجد فيها رجعة لتحكيم أو ضمان فهو للأطراف الدولية، ولكن هنا أشرك حزب الأمة القوى السياسية في مشاوراته أثناء التداول (حتى ولو انقلب البعض ونقض سابق قوله)، والأهم من ذلك أن النص على آلية للخروج برؤية قومية موزع علاوة على الديباجة في النصوص:9 من الفصل الثاني (تهيئة المناخ)، و18 من الفصل الثالث (مسألة دارفور)، و12 و13 من الفصل الرابع (الانتخابات)، و10 من الفصل الخامس (المطلوب عمله). وهذا فرق جوهري، وجديد (لنج) وليس في الاتفاقيات الأخرى سوى التزام بالشمول لا يتجاوز الديباجات، بينما هنا هو روح الاتفاق الذي يعترف بأنه بين طرفين ويجزم بأنه لا يتم (التراضي) إلا بحضور البقية.

    الاتفاقات السابقة كلها تقوم على فكرة المقايضة التالية: الاعتراف بشرعية تمكين المؤتمر الوطني بأغلبية تشريعية وتنفيذية، في مقابل حصول المعترف بهذا التمكين على قسمة ما، وبهذا تنضم القوى المعارضة إلى حكمه وتعطيه شرعية بمشاركتها الاسمية ثم لا تنال إلا الحامض من رغو الغمام! والجديد هنا أن حزب الأمة وقف لدى (دُت!) ولم يضع المشاركة تلك في جند النقاش فابتعد عنها ولم يغن لها، بل اعتبر أنها من أكبر الخطايا الوطنية في نيفاشا وأبوجا والقاهرة وأسمرا وهي هي سبب فشل هذه الاتفاقيات لأن تنفيذها ينطوي على قسمة للمؤتمر تعطيه اليد العليا تنفيذيا وتشريعيا بلا نزاع. هذا الفرق الجوهري غاب عن الأستاذ الجزولي، فهمُّ التراضي ليس من يقتسم ماذا بل كيف نجلس جميعا لدرك البلاد!

    المآلات على الصعيد الحزبي.
    --------------------------
    وهنا يستخدم الأستاذ كمال المقايسة بدون اكتمال أركانها، والمقايسات من الأشياء المحبوبة في الفكر السوداني وهي إحدى فجائعه. وكيف يحق لنا أن نسحب خذلانا وإهمالا ومهانة لصاحب منصب في القصر على من لم يدخل قصرا أصلا ولن يدخله؟ فالأمة لن يشترك في السلطة لتبلغ روحه الحلقوم فعل الحركة، أو يشتكي تهميشا فعل السيد مبارك أو إهمالا فعل السيد مني، لقد كان يحدو نشيدا متكررا: الإجماع السوداني والمؤتمر الجامع وما إليه، فقال له المؤتمر الوطني: سمعا! فإن صدق كفى الله المؤمنين القتال وإن كذب وعاد عدنا، ما لوثنا اسمنا بدخول برلمان باصم أو استلام وزارة ولا جيبنا بقسمة نفط أو عمارة! والأهم من ذلك أننا لم نعترف بشرعية القسمة الضيزى في الحكم المعين الحالي.

    ولكن الخوف من انشقاق أو تصدع حزبي ليس نابعا مما قابلته الحركات والأحزاب التي ذكرها الأستاذ كمال، بل هو نابع من السبات! فقد كان الأجدى للحزب أن يستعد لهذه الخطوة المدروسة في المؤسسات بتعبئة وتنوير شاملين في القواعد، وما من أحد كائنا من كان ومهما بلغ موقفه من حق وجلاء بقادر على جعل السبات أو التجاهل آلية لمجابهة أسئلة الجمهور واستفساراته إلا وطاله الدمار، واختلط لدى قواعده الوهم بالحقيقة، خاصة وهناك أفواه كثيرة أدخلت شفاهها بعضها داخلي وبعضها خارجي، وبعضها عن جهل وبعضها عن غرض وتستغل تأخر أو محدودية حركة الجهات المسئولة داخل الحزب لتنوير الأعضاء، وهذا هو باب كبير للبلبلة ندعو الله أن يتداركه الأحباب.

    الاستفراد بحزب الأمة.
    ---------------------
    حينما اتصل المؤتمر الوطني بحزب الأمة بعد (المصفوفة) الشهيرة، استجاب الحزب مع التأمين على ضرورة شمول الحوار للكافة، وكون لجانه الخمس الشهيرة للحوار مع المؤتمر الوطني- الحركة الشعبية- القوى السياسية الأخرى- الحركات الدارفورية والمجتمع الدولي. الحلقة الأضعف في هذه الملفات كان ملف الحركة الشعبية بالرغم من أننا قدمنا السيدة سارة شهيدة ردم هذه الهوة بقوة كما قال الأستاذ الحاج وراق، وعلّق السيد الصادق على الصورة الكاملة للحوارات قائلا: نحن نركض خلف الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني يركض خلفنا!.

    الشاهد أن الحوار مع المؤتمر الوطني كان حلقة من بين حلقات أخرى تحركت بسرعات متفاوتة، وكان الحوار مكشوفا أمام الآخرين بكل تفاصيله، ولذلك ربما دهش حزب الأمة من ردة الفعل العنيفة التي لاقاها من بعض حلفاء (الأمس واليوم والغد)، فموقف حزب الأمة (ليس في شرعته) اشتراك في الحكم الحالي، ولا في شرعته تحالف ثنائي مع المؤتمر الوطني، ولا في شرعته تخل عن مواثيقه السابقة، وقد أغلظ في الشرح والتفسير لقوى أصلا (ما طالباه حليفة) على قولنا السائر فهي مشتركة في الحكم هذا إما حتى رأسها وإما حتى السوق لحد الركب، فما بالها تلومه الذي لن يلج الحكم ولا للعرقوب؟.. ولأن مسألة موقف القوى السياسية من التراضي هامة فسنفرد لها الحلقة القادمة بالتركيز على بيان الحزب الشيوعي كما قلنا بإذن الله، ولكننا في هذا المقام نقول إذا عابت القوى السياسية التي إما اشتركت في جريمة (الإنقاذ) أو شاركت في الحكم الحالي مسلمة بتغليب المؤتمر الوطني المطلق، على الأمة اتفاقه لإنهاء هذه المسرحية الفجة عبر آلية تجمع السودانيين كلهم ليقولوا لا لتمكين المؤتمر الوطني فوق رؤوسنا ونعم لكلمة سواء تضمنا معه، وإذا دق هذا الاتفاق إسفينا بين حزب الأمة وبينهم فلن يكون هو المخطئ بحال! وسيكونون هم كالمثل القائل: (الفيك بدربو والعليك اقدلبو) فعلام يقدلون بمشاركاتهم ويرمون حزب الأمة بها وهو منها براء؟

    ومن جديد لا ننكر أن لحزب الأمة دورا هاما ليس اعتذاريا أو تبريريا فلا يملك أحد لومه، ولكن عليه أن يدق الأبواب بالإعلام والتوضيح ببساطة لأن الاتفاق إذا لم يطوّر إلى شكله القومي فسيتلاشى حتى ولو صدق المؤتمر الوطني وعده. ولو دق الاتفاق إسفينا بين حزب الأمة والقوى السياسية فهذا الإسفين سيكون مسمارا في نعش الاتفاق في ذات الوقت!.

    مجانية الاتفاق.
    -------------------
    اتخذ الأستاذ كمال الجزولي أحد بنود الاتفاق حول الانتخابات كدليل على تنازل مجاني من حزب الأمة. وسنناقش هذه المسألة تفصيلا في الحلقة القادمة بإذن الله ونكتفي هنا بالقول إن النصوص في فقرة الانتخابات كان فيها خلاف أثبت فيها أحيانا موقف المؤتمر الوطني وأحيانا موقف الأمة (حسب اتفاقه مع القوى السياسية في 9/10/2007م) ثم قالت المادة (12) إن هذه النصوص (مازال هنالك تباين حولها يسعي الطرفان لحسمها علي ضوء المناقشات مع القوي السياسية الأخرى.) ومن بينها مسألة النسبة بين التمثيل الجغرافي والنسبي.

    وهذا يعني أن حزب الأمة لم يقدم أية تنازلات، إذ اثبت الخلاف وقال إن الحكم فيها هو القوى السياسية الأخرى (وحكمها معروف بالنسبة له سلفا)، وبذلك لم يجد الأمة حرجا في التوقيع على بيان مشترك مع القوى السياسية صدر أول أمس (14/6) بدار الحركة الشعبية يؤكد على مواقف القوى السياسة بمن فيهم حزب الأمة من هذه القضايا والحركة الشعبية هي التي وقعت اتفاقا نهائيا مع المؤتمر الوطني غيرت فيه النسبة المتفق عليها بين الأحزاب بدون نص على الرجوع لها ومناقشتها كما فعل حزب الأمة فلماذا لم تتهم هذه التهم؟..وهنا من جديد، لم يكن في شرعتنا تنازل، ولو قيس ما تم بمقياس موضوعي لقيل إن حزب الأمة وضع اللبنة الأولى لآراء الأحزاب السياسية أن تجد مكانها في حسم الخلاف حول مسائل الانتخابات عبر الفقرة (12) في باب الانتخابات.

    المكافأة المنتظرة.
    -----------------
    طفق الجزولي بعد أن بنى منطقه على مقدمة جانبت الصواب كما ذكرنا، واتخذ مقايسات ناقصة الأركان، يسحب تفاصيل أسئلته حول تفاصيل الأمثلة المقاس عليها، وتساءل عن ثمن التنازلات المجانية التي رآها (بينما الأمة هو الكاسب الأهم لأن جوهر الاتفاق يتطابق مع جوهر ما ظل ينادي به كما ذكرنا)، ثم قدّر أن الثمن ربما كان نصيب مقدّر في السلطة يطمع فيه الأمة! أو تحالف ذكي (كما قال السيد الصادق) مع المؤتمر الوطني في الانتخابات! ولكن: ما نبغي.. هذه تجارتكم ردت إليكم أستاذ الجزولي! وفي الحقيقة فهذه الفقرات في مقال الأستاذ الجزولي كانت محيرة لنا بدرجات فاقت بكثير الحيرة الماثلة في كتابته! ترى هل قرأ الأستاذ الجزولي هذه الأدبيات التي رجع لها في الاستشهادات؟ أما مسألة السلطة هذه فقد قال الحزب إن المؤتمر الوطني من قبل قد عرض عليه مرتين اقتسام السلطة (مناصفة) وأنه أبى ويأبى أن يأتي إلا عبر صناديق الاقتراع، فما تراه يجعله يقتسم كعكة داستها كل السنابك وولجت فيها كل (القداديم) ونصفها ويزيد في الحفظ والصون الأبدي لدى المؤتمر الوطني بلا جدال؟ ليس في شرعتنا قسمة سلطة.. ليس في شرعتنا ولو جاؤا بها إلينا كاملة وهذا موقف مبدئي فلا تذهبن بالأستاذ كمال الظنون! أما مسألة التحالف الذكي هذه فلولا تتبعنا للجزولي ومعرفتنا بأنه ليس من المدلسين لرميناه بها بدون طرفة عين.

    التحالفات الذكية وردت لدى الإمام مؤخرا في مناسبتين (ونشرتا في صحيفة أجراس الحرية) وهما: ندوة الأربعاء بتاريخ 30/4، وكلمته أمام ورشة الانتخابات في 27 أبريل. وقال ما نصه (قبل الكلام عن التحالفات التقليدية والتي قد تأتي في مراحل لاحقة لا بد من الكلام عن التحالفات الذكية مع المهنيين وغيرهم للأداء المشترك دون شرط الانضمام للحزب. نهتم بقضاياهم ونتحالف حول أهداف مشتركة).. وهل يعقل أن يكون هناك تحالف انتخابي (ذكي) مع المؤتمر الوطني؟ إنما ميزة حزب الأمة على غيره من الأحزاب أنه الأنقى من المشاركة في حكمه وهذا كرته الرابح انتخابيا، وقد يفكر بعض الناس داخل حزب الأمة أو في الحركة الشعبية أو الاتحادي الديمقراطي أو غيرهم بإمكانية التحالف مع المؤتمر الوطني، لكن الحزب أعلن أن مسألة التحالفات في الانتخابات ستحسم ديمقراطيا داخل مؤتمر الحزب العام القادم، ولا أظن لو طرح البعض هذا الموقف سيجدون تأييدا يذكر، و(قطع شك) لن يعتبر أحد هذا (ذكاء)! والسؤال: نحن لا نعتقد أن الجزولي قرأ هذا الكلام من مصادره، فمن باعه هذا الكلام (الخارم.. بارم) على أنه من كلام الإمام؟.

    سفينة نوح.
    ------------------
    من جديد افتقد الأستاذ كمال تدقيقه الشهير، ومرد هذا في رأيي الحيرة التي تسبب فيها إما غياب المعلومة أو حضور التشويش من جهات عديدة ولغت في إناء التراضي و(جهجهت) بعض أصحاب الرؤى والأفكار. فالسيد الصادق ما انفك يتحدث عن التراضي الوطني باعتباره وصفة عالمنا العربي والإسلامي والإفريقي السحرية، وتحدث في كتابات عديدة في صحيفة الشرق الأوسط وفي أوراق منشورة –والأستاذ كمال متابع لفكر الصادق مهتم به يرشف فناجينه ويداخله حتى وقت قريب- قال في كلمته أمام ملتقى القدس الدولي بتركيا في نوفمبر الماضي (هنالك مناطق ملتهبة في العالم الإسلامي مثلا فلسطين، العراق، لبنان، السودان، الصومال، أفغانستان، وغيرها. ينبغي العمل على سد الثغرات فيها عن طريق الوحدة الوطنية لا الاستقطاب). وتحدث مرارا عن فكرة (التراضي الوطني) باعتبارها الوصفة التي وصلوا لها- ضمن وفد نادي مدريد- في بحثهم عن أوضاع المنطقة في كل من الأردن والمغرب والبحرين... فالتراضي الوطني كفكرة مجردة (وليس الاتفاق بين الأمة والوطني) هو عصا موسى التي تلقف ما يأفكه الاستقطاب، وهو سفينة نوح التي تنقذ بلداننا من طوفان المواجهة والتمزق والدمار.. والتراضي الوطني هذا، سوى أتى عبر اتفاق التراضي بين الأمة والوطني، أو أتى عبر مبادرة السيد محمد عثمان الفردية، أو غيرها من المصادر، هو الفكرة التي نظنها سفينة نوح.. و(نوح) هنا في رأيي هو الروح الوطنية المخلصة التي تنتظم جميع الأحزاب فتدع اللجج والخصام، وتشمّر من أجل انتشال بلد يغرق! وليس في شرعتنا في هذا الحديث محاكاة قطار (الإنقاذ)، أو الحديث حول ناجين ومغرقين لأنه وببساطة لو لم يركب الجميع فسنغرق كلنا والوطن!

    نواصل بإذن الله
    وليبق ما بيننا
    (نشرت بصحيفة أجراس الحرية في الاثنين 16 يونيو 2008م).
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de