البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 12:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-16-2008, 11:11 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات

    لعل ما يدهشنى اليوم هو انه على الرغم من تخصصى فى الفلسفة ، والنقد المسرحى ، أجدنى لا أستطيع الفصل بين علم الاجتماع أو السيسيولوجيا و نظريات التحليل الثقافى ودراسات السلم. فمن جهة تعمل السيسيولوجيا رافدا أساسيا لنظريات النقد ألفنى والأدبى ومن جهة أخرى هى مرتكز فكرى لدراسات السلم. أما نظريات التحليل الثقافى والنقد الأدبى و الفنى فهى أدوات تمكننا من الوقوف على الاثار الفنية والأدبية واكتشاف مستوياتها الثقافية والجمالية. نظريات التحليل الثقافى والنقد الأدبى وعلم الاجتماع تمكننا من قراءة الموقف الانسانى . هذا الموقف الانسانى يعنى رؤية الانسان للاشياء مرتبطة بطبعه ، وسجيته من جمال واشراق أو قبح وعنف . و فى هذا المضمار أذكر فى عام 2003 قدمت محاضرة لطلاب السنة الخامسة لدراسات السلم بجامعة نورث ويست بجنوب أفريقيا لفت نظرى أن شعبة دراسات السلم توجد بكلية علم الاجتماع، ذلك بالطبع أمر يحتاج الى تركيز كبير اذ فى الغالب الأعم ما يتم تدريس السلم فى العديد من الجامعات بمداخل الاقتصاد والعلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية على الرغم من نشوء نظريات السلم فى الفلسفة خاصة الفلسفة الغربية ، وتعتبر مدرسة الوضعية ومن قبلها النزعة الانسانية الاصل فى ظهور أولى نظرية ألسلم فى أوربا ...اقول قد تبين لى ابان اعدادى لتلك المحاضرة انه من الضرورى وضع ذلك فى الاعتبار خاصة ان المحاضرة عن مفهوم ثقافة السلم فى افريقيا ، ثم أتخذت من ثقافة (المونجانق والبقارة) نماذج لمحاضرتى.لأن (ثقافة السلام توجد فى قيم وعادات وتقاليد الشعوب زتلك القيم والعادات الرافضة للعنف). بالطبع تمر العادات الغربية بمرحلة التشيؤ أما مفهوم ( تقاليد) يصعب تحسسه فى الحياة الغربية. فالتعريف هو تعريف اليونسكو التى لا زالت تبحث له عن آليات تطبيقية ولربما انتهى هذا القرن الحادى والعشرين لتظل حال اليونسكو هكذا تبحث تلك النزعة القيمية فى أصولها ومرتكزاتها السيسيولوجية والثقافية ان لم تفلت من الابستمولوجيا الغربية . يمكننى القول تلك محاضرة كانت مدهشة لى قبل الدارسين أنفسهم لسببين السبب الأول تأكد لى بما لا يدع مجالا للشك ان طلاب علم الاجتماع الذين يبحثون فى (نظم التفكير المحلى ) والفلسفة ، وكافة العلوم الانسانية هم الأقرب الى مفهوم ثقافة السلام عامة وفى افريقيا على وجه الخصوص . أما السبب الثانى : هو ان نظريات السلم فى افريقيا توجد فى الأنماط الثقافية والتقاليد ونظم التفكير المحلى ، وقد يتساءل القارئ فما الجديد فى ذلك ؟، اقول إن كانت الوضعية الغربية فى الفلسفة الأوربية هى الاصل فى ظهور أول نظريات السلم الأوربى ، فما أسميه بالمنهجية التقليدية للتفكير المحلى بافريقيا هو الاصل الفلسفى الاجتماعى لنظرية السلم الأفريقية. بمعنى آخر هذه دعوة الى بحث المرتكزات والأصول الفلسفية لنظرية السلم الافريقية . وكما يعلم العاملون فى حقل التدريس ( المدرسين) ان دهشة الاستاذ تعنى لزوم وضرورة بحثه لهذا الأمر المدهش. فى تقديرى هذا ما وصفه الفيلسوف اليونانى أرسطوطاليس باللذة فى التعليم والتعلم .لأن الانسان هو الكائن الوحيد الذى يتعلم كى يعلم الآخرين وهو يدرى ذلك ثم يجد لذة فى ذلك، هذا بالطبع ما يفرق بين الانسان ككائن وحيوان وبين بقية الكائنات الحيونات التى تفتقر خاصية الربط تلك....خاصية العقل . ثم بدأت – من واقع تلك اللذة- فى توسيع وتطوير تلك المحاضرة حتى رأيت اليوم ضرورة تبسيطها ، ونشرها فى خمس حلقات تامات على باب (بدايات قرن) بجريدة السودان ثم على هذا البوست فى سودانيز أون لاين فان وجد فيها القارئ شيئا مفيدا اكتملت سعادتى ( لذتى ) وكتبت لى حسنة فى ميزان حسناتى ، أما اذا وجدنى قلت ما كان يعرفه القارئ ، أو أشكل على منهجا فى توصيل هذه الرؤية المعرفية ذات الاصول الثقافية والاجتماعية أسأله المغفرة .
    أقول ان فتح فضاء جديد لمعرفة أسباب التنافر أو التعايش بين مجموعتين اثنيتين مثل ( الدينكا) و(المسيرية) تمتاح من نظريات التحليل الثقافى وعلم الاجتماع ونظم التفكير المحلى أمر مثير لدواعى الحوار بين النخب من الطرفين خاصة الذين حظوا بالافلات من ذنب الاستقطاب الاثنى والايديولجى وبراثنها .فدراسة الأنماط الثقافية و السيسيولوجية وتفتيت البنية الثقافية لهاتين المجموعتين، هو المدخل الذى سيكشف لنا المزيد من أسباب النزاع بينهما ، والنهاية التاريخية للتعايش بين المجموعتين المذكورتين وقراءة مآلات هاتين المجموعتين برؤى تتجاوز الآنى لتكتشف المستقبل.عندما أقول (النهاية التاريخية للتعايش) هذا يعنى اننى أعنى نهاية كل المفاهيم السطحية التى تدعى ترك تلك العلاقة للتسيب التاريخى ومنطق الطبيعة وشروطها ....ثم التفسير الماضوى لهذه العلاقة ، بلاشك هذه مقاربة لا تفصل بين نمط كسب العيش والبيئة والثقافة . هنا يجد القارئ التعبيرين (بقار ي) و (مونجانق) كنسقين ثقافيين وهو أمر أشكل على بعض الدارسين لهذا الأمر. أقول ان التعبيرين (مونجانق) و (بقارى) هما نسقين ثقافيين قيد الدراسة فى هذا المبحث لمجموعتين اثنيتين هما (الدينكا) و (المسيرية) . اذا هناك ضرورة التوفر على معرفة الثقافة كنسق أو بنية يمكن تفتيتها الى عناصرها واكتشاف علاقات تلكم العناصر ببعضها من ناحية وبالبيئة من ناحية أخرى وضروة معرفة الأبعاد الانثروبولوجية لهذه الانساق.قد يكون الشخص (مسيرى) لكنه ليس بقارى. فالمستقرون من عرب المسيرية ، هم بالطبع ليسوا رعاة أبقار ، لذلك هم ليسوا من البقارة وان اتصفوا بها . فى نفس الوقت هناك رعاة الابقار من قبيلة الدينكا ، فهم بقارة ، لكنهم من غير بقارة المسيرية .
    الكلمة مو نجانق تنقسم الى قسمين ، أى هى مفردتين ( مونج ) وتعنى الشخص و( جانق) وتعنى السيد ، فالمونجانق تعنى (الشخص العالى المقام أو خاتم البشر) . هكذا بتفكيك هذه المفردة نكتشف ان الكلمة (دينكاوى) كلمة عربية ، أى تعريب لكلمة ( جينق) وجينق هو جد الدينكا فالتوصيف الصحيح ، هو (جينق) أو المونجانق. وجدت المفردة (جينق ) فى (الوثائق الكاملة لمنشورات الامام محمد أحمد المهدى) ورسالته إلى الامير محمد الرقيق فى الوثيقة 130 وبها إشارة إلى الدينكا باسم (جانقى) فى المجلد الأول وتحقيق الدكتور محمد إبراهيم أبو سليم ومن جملة ما ورد فى تلك الوثيقة الآتى " أما بعد فإن الفقيه محمد الرقيق أحد منكم ومن أنصار الدين وأمرناه بإقامة السنن وإحياء الملة المحمدية وأجزناه فى قتال المشركين والجهاد فى سبيل الله وفى دلالة الخلفاء إلى الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر. حكم الإمضاء عليكم وجعلته خليفة فى قومه لتعليم شرائع الإسلام، واتبعناه من جانقى من بعض فرقة ماريق الشيخ الـ (روب) ولد بيوب وأتباعه وقبيلة روينق أيضا، الجميع
    نواصل
                  

05-16-2008, 11:20 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Abuelgassim Gor)

    الخلقة الثانية
    ترجع المفردة بقارى فى أصلها الاصطلاحى الى البقرة، مثل قولك جمالى من جمل . والعرب البقارة لا يفرقون بين الشخص ونمط عيشه فهم يقولون جمالى لرعاة الابل، وغنامى لرعاة الغنم، وعسالى لجناة العسل، و(درماتى) للصيادين، وجلابى لكل من جلب بضاعة يبيعها حلالا أو حراما من الخرطوم (دار صباح) أو كافة بقية بلاد الله الواسعة.فالمفردة جلابى، ليست ذات صلة بالعرق، أو القبيلة، بل هى دالة على سبل ونمط كسب العيش. وهى صفة للتجار الذين يقطنون المدن التى لا تشبه عيشة البقارة. ويسكنون ( القطية ) أو (الكوزى) ولقد هجت الحكامة البقارية القطية قائلها
    قلبى أبى الكوزى أبوقطية
    قلبى أبى الكوزى أبولديه
    ،والغريب فى الامر كلمة كوزى تشبه الكلمة الانجليزية Cozy والتى تعنى حميم، والجلابة محل للمسخرة والحذر لدى البقارة فيقولون ( الجلابى كن لقيتو فى الدكان بقول ليك يعنى وذكان، وكن لقيتو عند القاضى انتر منه قادى، وكن لقيتو وحيده بديك وليده ). لكن المصطلح جلابى صار غير ماهو عليه اذ تحول الى مصطلح واصفا للانتهازية الحضرية وأعنى بها انتهازية قاطنى المدن والاستحرام من حرامى والاستهبال من هبل وهبّل، وكذلك لا يخلو من تقاطعات السياسى الحاد بما هو ثقافى حيث يقول البقارة فى وصف الحكومات الظالمة التى تظلم الناس وتأكل (تهضم) حقوقهم ( حكومة الجلابه)، وعندما يقنع البقارة من الحكومة والسلطة أيا كانت يصفونها بحكومة الجلابة. وقد لا يتوانى البقارة فى اطلاق اسم طويل جدا على شيئ ما أو حيوان أو جماد، فمثلا يقولون ( الضب ابورقبا حمراء ) ليفرقوا بينه وبقية أنواع واصناف الضببه مثل الضب (كريلو) . كما يشتهر البقارة بالفراسة، والفصاحة، ويبلغ الرجل عندهم شأوا عظيما اذا ما اشتهر بين القبيلة بالفصاحة والكلام، ولكأن السلطة والفصاحة صنوان لديهم كما هو فى دولة الاغريق، ومجتمعهم السحيق باساطيره البديعة. وللبقارة اساطير تسمى ( الحجى الطوال) تستمر الحجوة ساعات طوال وهى ملاحم أشبه بالاساطير الاغريقية، مثل اسطورة ( الديدبان) التى يقول فيها الجواد مخاطبا سيده
    سيدى سيدى
    كان كرب لى غردتى
    ورخيت لى لجامى
    شكاكات المخالى ما بلحقنى
    الا كان الزريقه أمى
    .يقولون (فلان متكلم) اذا أجاد الحديث وضرب الامثال والحكم. والبقاره قوم فكهون، وكرماء، وشجعان لكن ابتلوا بالحرب المفروضة عليهم فى ديارهم. الأنثربولوجى الانجليزى ايان كنسون كتب عن فئة البقارة المستهدفين فى هذه المقالة كتاباً بعنوان ( Bagara Arabs) ) أبلى فيه بلاءً حسنا. يشتهر البقارة بوصفهم الدقيق للحياة من حولهم لدرجة انهم اذا ما سمعوا طيرا يصدر صوتا يقول كوك...كوك أطلقوا عليه اسم ابو كوك...وحياة البقارة حياة حافلة، مفعمة وغنية بالاصوات، والكائنات من طير وزواحف وحيوان وجماد ولهم فى تلك الاشياء شؤون. لذلك يمكننا اليوم أن نقف على اللغة الدافقة لدى البقارة على سبيل المثال لهم لكل شئ اسم فالطير عندهم ( أبونجُلق ) وهذا ينقسم الى ( عجيمى ) و( أبو درة ) وكذلك أنواع أخرى من الطيور ( ام حميدو، أم دلبه، أبومنقور، وجقا ابو صليعه، وأم مرخيل، وجقا كلينق،، ,أبو خريطة، وأمقريدون، وأم كروان، وابو ريهو، والكلجلى وهلمجرا). أما الفئة المستهدفة فى هذه المقالة هى فئة العجايرة وهى بدنة من خمس عموديات صيرتها الانقاذ نظارات دون معرفة منها، يعيش معظم افراد هذه القبيلة فى شكل رعاة ابقار، او مجموعات ريفية بتركيز فى مناطق (الميرم)، (المجلد) و (بابنوسة)، ( الدبب)، لكن الغالبية العظمى هم عرب رحل (بقارة). ويتكون المسيرية الحُمر من بدنتين هما (الفلايتة) و (العجايرة) وتنقسم كل مجموعة من هاتين الى خمس عموديات سابقاً لكنها صارت نظارات وأمارات بفعل حكومة الانقاذ، فالعجايرة على سبيل المثال ينقسمون الى خمس قبائل هى (الفيارين) و (أولاد كامل)، (المزاغنة)، (الفضلية)، (أولاد عمران). هذا الشكل الادارى القبلى هو ما يطلق عليه (الإدارة الأهلية). بذنبه تمكن المستعمر الانجليزى من اغتصاب حقوق وثقافة البقارة، وقتل فرسانهم، والسطو على ثروتهم، فالمستعمر الانجليزى مدان حتى يثبت براءته بالاعتذار لمجموعة البقارة كبقية المجموعات والفئات الافريقية. ولازال مجتمع المسيرية الحمر يدار من قبل الإدارة الاهلية لكن تحولات جديدة طرأت على هذا المجتمع فصارت الادارة الاهلية كما وصفها الناظر بابو نمر اشبه بـ ( شجرة المرفعين ) وشجرة المرفعين هذه تكثر بديار البقارة لكن لا يوجد حتى يومنا هذا من يزعم أنه قد رأى المرفعين راقدا تحتها فى يوم من الايام وهى شجرة سامة لها صفق أحمر وتلك حكمة من حكم الناظر بابو نمر رحمة الله عليه فهو وصف الادارة بذلك الوصف عندما هجمت سلطة مايو على الادارة الاهلية فحلتها فصارت ادارة بلا سلطة، يكن له الناس الاحترام لكنه بلاسلطة، وبموت الناظر بابو نمر، ورحيل الجيل الأول من رجالات الادارة الاهلية فقدت مجتمعات البقارة الكثير من الحكمة. ولقد اختلفت المصادر فى تاريخ وصول المسيرية الحمر إلى هذه المنطقة، لكن من الراجح انهم قد جاءوا الى هذه المنطقة فى نهاية القرن السادس عشر الميلادى ثم توغلوا جنوبا حتى جهات بحر العرب، حيث التقوا قبيلة الدينكا نقوك ودينكا بحر الغزال لأول مرة، يرجع انفصال المسيرية الحمر عن المسيرية الزرق فى كردفان عام 1745 الى السلطان خريف تيمان(1)".بل تفيد المراجع ان اسم المسيرية كان محصورا على المسيرية الزرق، أما الحمر فكانوا يسمون هكذا.الدليل على ذلك تشير كل مراجع ودائرة المعارف وكذلك تقارير المفتشين فى عهد الاستعمار الى الحمر باسم الحمر (بضم الحاء)وليس المسيرية الحمر.لكن الشاهد ان كل من المسيرية الحمر والمسيرية الزرق تجمعهما هجرة واحدة، وهو ما يمكن أن نطلق عليه ( ِArab Diaspora ) الذى بدأ منذ خروج العرب من مصر وسقوط القسطنطينية فى القرن الرابع عشر الميلادى.فعرب المسيرية عامة او ما يعرفون اليوم بعرب البقارة (Bagara Arabs) هم فى الواقع سلالة تنتمى فى جذورها وتاريخها إلى مجموعة القبائل العربية القاطعة (Arabs Diaspora) التى تمتد فى شكل حزام فى وسط القارة الافريقية، من الغرب الى الشرق مارا بدول المغرب العربى وتشاد والسودان ثم جهات غرب نيجيريا. وهذه القبائل ترجع فى اصول هجرتها الى تاريخ خروج العرب من مصر إن تدرج اصول سلالة العرب يدل على انتمائهم الى قبيلة جهينة أحد فروع قبيلة بن حمير بجنوب الجزيرة العربية ذلك قبل مولد النبى محمد (ص). نحن لاندرى كيف وصل البقارة الى موقعهم الحالى هذا والذى يمتد فى شكل حزام.يقول البعض: عندما دخل العرب مصر واصل جزء آخر رحلته عبر اطراف وسواحل شمال إفريقيا الى تونس الحالية، ثم ضرب بعد ذلك فى اتجاه الجنوب عبر الصحراء. ويقول البعض الآخر ان جزءاً من العرب الذين دخلوا مصر كونوا مجموعة من الغزاة حتى نهر النيل فى نهاية القرن الرابع عشر والذى من المعروف يتكون من اعداد كبيرة من القبائل ذات الاصول الجهينية. على كل حال يبدو انهم قد استقروا منذ قرون بعيدة فى اقاليم الباقيرمى Bagirmi ووادى "Wadai(1).
    يشبه عرب البقارة الدينكا نقوك فى سبل كسب العيش، والحياة الشاقة، لكنهم اكثر صرامة ويمثل الرعى نمطاً وأحد سبل كسب العيش، ويطلقون على هذه الحياة اسم حياة (المسار) والمفردة من سار، ويسير، سيراً لأنهم يسيرون ويرحلون بأبقارهم من مكان إلى آخر، وكل مكان يحلون فيه اسمه (الدار) توجد لكل قبيلة وعمودية خط مسار يتراوح بين الجنوب والشمال، تسير فيه على مواشيها طلباً للماء والعشب، فى رحلة شاقة طول العام، صيفا وخريفا. وكل (مسار) يطلقون عليه اسم (المرحال)، و تجمع على مراحيل من (رحل، ويرحل رحيلا) ولكل قبيلة من مجموعة الحمر مرحالها: فمرحال قبيلة الفيارين يبدأ شمالا عند منطقة (التبون وينتهى بمناطق (بحر العرب ) و(كونقا) و(شقادى) مارا بمناطق (المقدمة) و (الميرم). ومرحال أولاد كامل الذى يبدأ شمال (المجلد) ثم ينتهى فى الجنوب عند (أبيي) مارا بمناطق (الخشيم) و (الستيب)، وقرية ( أبيى) ومرحال أولاد عمران الذى يبدأ شمالا (ببانوسة وينتهى جنوبا (بالدمبلوية) مارا بمنطقة (جاما) و ( الدبب) ثم مرحال الفضيلة والمزاغنة.
                  

05-16-2008, 11:26 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Abuelgassim Gor)

    الحلقة الثالثة
    كما أسلفت فى حلقات مضت ان غاية هذه الحلقات الوصول الى تأسيس مدخل اجتماعى ثقافى للحوار بعيدا عن الاستقطاب السياسى أو الاثنى. لذلك فهو خطاب المقاربة الثقافية والسيسيولجية، يسعى الى تفتيت بنية الصراع بمدخل سيسيو ثقافى.بالطبع انه من البديهيات التى تعلمها طلاب البحث العلمى انه ليس بالضرورة أن تكون النهايات والخلاصات مطابقة للفرضيات. لذلك ان المناهج تسعى أن تكون نظريات فى مجالات الدراسات الاجتماعية والعلوم والانسانية. لقد كانت الفرضية الاساسية والتى ابحث عن متداخلين فى امرها، أو نقاد لها هى (اننى أزعم بنهاية التعايش الطبيعى، وبداية التعايش الدستوري والمؤسسي بين المجموعتين عجايرة المسيرية ونقوك الدينكا). أعلم تماما بمدى الصدمة التى تصيب العامة من الذين يدلفون هذا البحث تسرعا كما اننى لا أعيب عليهم استعجابهم أو استهجانهم لهذه المزعمة. لكن فى تصورى ذلك أمر منطقى فهذا مقال يحتاج لتلك المساءلة من باب الاثراء والحوار الديمقراطى. وأعنى بنهاية التعايش الطبيعى الآتى (لقد ظلت العلاقة بين الفئتين مسيرية عجايره ودينكا نقوك متروكة لشروط الطبيعة فى كافة تطوراتها من الدولة. فمن الطبيعى أن تتعرض تلك الشروط الطبيعية لعوامل الطبيعة ذاتها لان تلك الشروط غير ثابته. فالمجتمعات مثل الكائن العضوى تولد، ثم تشب عن الطوق، وتزهر، ثم يصيبها الزمن فتكبر وتشيخ وتموت). لقد مرت العلاقة بين المسيرة العجايرة والدينكا نقوك بكل ذلك النمو والتطور الطبيعى بفترة التخلق والنشوء فى مطلع القرن السادس عشر، ثم شهدت مرحلة الازدهار فى منتصف القرن العشرين ثم آلت الى الشيخوخة بنهاية القرن العشرين). ليس ذلك أمراً مستغرباً الا فى حالة الجهل بذلك الارث الكبير الذى تركه لنا علماء الاجتماع والانثربلوجيا.ثم تكون الطامة كبرى عندما يتفشى داء عدم تشغيل مباضع البحث العلمى سيسيولجيا وانثربولجيا فى هذه المسألة. لقد سعى جانب الدينكا نقوك الى صيغة أخرى لهذا التعايش، بديل آخر، وهو البديل المؤسسى. بديل دستورى هذه هى النقطة التى يجب أن يلتقطها المسيرية العجايرة بوضوح. لقد ظل أبناء النقوك يؤسسون هذا الفعل بهدوء مرسلين العديد من الاشارات للمسيرية العجايرة، ثم منذ مطلع الربع الأخير للقرن العشرين وحتى مطلع هذا القرن الحادى والعشرين قد أسس النقوك مشروعهم البديل من طرف واحد عشمهم أن يلتقط المسيرية الاشارة وهو مشروع (مفاصلة الهوية وتحضير الحياة)، أى انه قد قطع النقوك القول، وأعلنوا للعالم بانهم ليسوا من العرب فى شئ، ودماؤهم هى دماء من أصل دينكا بحر الغزال، كان ذلك فى مؤتمر (أقوك الاول 2004) قبيل الاتفاقية، ثم دفعوا بعجلة التنمية والاستقرار وتخلوا عن حياة الترحال والرعى البدائى. كانت هناك شفرات واضحة من النقوك الى العجايره متمثلة فى الآتى تقول (مثلما نحن أفارقة أنتم ذوو أصول عربية وهويتكم عربية أبحثوا عن الاستقرار والتنمية) كى تكون حياتنا مؤسسية فى بناء مشروع ومجتمع حداثوى. لم يلتقط المسيرية هذه الاشارة، وتركوا قارب حسن النوايا،بشروط الطبيعة مرتهنين للماضوية، مثل القول بالعلاقات التاريخية، والعلاقات الأزلية. وهى كلها علاقات قد أتت عليها شروط الطبيعة، لقد أكلت الاكسيما تلكم العلاقات. لقد آن الاوان للمسيرية كى يؤسسوا مشروعهم البديل داخل منظومة (مفاصلة الهوية وتحضير الحياة) حتى يتخلوا من حياة الرعى البدائى وينعموا بخيرات مجتمعهم. هنا أود أن اشير لحقيقة جوهرية وهى (السلام لا يعنى فقط غياب الحرب) Peace is not Absence of war. فالسلام الايجابى هو الذى يمكن المجتمعات التقليدية مثل مجتمعات النقوك والعجايره على الاستقرار، وتحقيق الهوية، وممارسة الديمقراطية الثقافية والبحث عن الاجابات على الاسئلة السياسية بعيدا عن العنف. ان السلام الايجابى يكمن فى ديناميكية المجتمع. فان اشتهرت قبائل الدينكا والمسيرية بانواع الثقافات والتقاليد التى تعمل بعيدا عن العنف، نتساءل اليوم عن ديناميكية تلك العادات وفاعليتها فى ظل التوتر والنزاع بين الدينكا والمسيرية. اليوم يتضح تماما لكل مطلع على الامور، ان المجتمعات فى حياتها اليومية لا تعرف الفواصل السياسية، وخطوط الجغرافية الطولية والعرضية، لكنها دائما لا تملك اطار اكتشاف الحداثة بالصدفة، فالمسيرية مطالبون بتأسي الهوية والبحث عن التنمية فى اطار منظومة عالمية تكفل لكل فرد وكل مجتمع حرية الحياة بكرامة. تقول الحقائق لا يوجد مجتمع قاسى أهوال وويلات الحرب، والتخلف، والمظلمة السياسية أكثر من مجتمعات المسيرية الظاعنة (البقارة). ان ارتفاع معدل وفيات المرأة المسيرية بالولادة، وموت أطفال المسيرية بالانيميا الهلالية ظلت فى ارتفاع مذهل. لقد تعرضت ثقافة المسيرية الى الموت البطئ. تلك العادات والثقافات التى تعمل على الكرم والتسامح وتحمل الآخر، واحترام الضيف تعرضت للتعرية الطبيعية، تعرضت الى ما يمكن أن نطلق عليه تعبير (موت الثقافة)، وتموت الثقافة عندما تعمل على ثقافة الحرب وعدم التسامح. أنظر قول الشاعر المسيرى وهو يصف فم محبوبته بالذخيرة المضيئة
    الخشيم دحيل النونى،
    ذخيرة القمبال ماكى س.ص.
    الحسينى صاروخ صدام،
    مضاد لكل الطيران.
    الخشيم تصغير خشم وهو الفم و (ودحيل) تصغير لدحل، والدحل هو المكان العميق فى البحر تنمو فيه زهرة (النونى)، نوع من الورد الابيض الفاقع. فالشاعر هنا يشبه فم محبوبته وكأنه زهر أبيض فاقع اللون على ماء لجى.ثم يشببها مرة اخرى بـ (ذخيرة القمبال) وهى نوع من انواع الذخيرة المضيئة ليلا، ويقول (ماكى) اى لست اما قوله (س ص) يعنى به نوع من انواع الذخيرة لا يحدث اضاءة ليلا، فالشاعر يشبه محبوبته بالذخيرة المضيئة (القمبال) والتى ارفع شأنا من نوع الذخيرة (س ص) الذى لايحدث ضوءا وهذا يدل على معرفته بانواع الذخائر مما شكل لديه ثقافة من ثقافة الحرب.
    وقال شاعر مسيرى
    الفرسان شالو السلاح
    دخلو البحر
    الفارس مضروب الجبين
    ما مضروب الضهر
    الفرسان شالوا السلاح دخلوا البحر. أى أن عددا من الشباب حملوا سلاحهم وذهبوا إلى (بحر العرب) حيث اللقاء مع العدو. الفارس مضروب الجبين، والجبين هو مقدمة الرأس اى الجبهة والضهر هو الظهر والمعنى واضح انهم لايفرون ولا يولون الادبار عند ملاقاة العدو فمن قتل منهم يموت مقبلا وليست مدبراً. هكذا كما تعرضت الحياة العامة الى عوامل الطبيعة كذلك تعرضت ثقافة المسيرية الى الموت الطبيعى فتسلقتها جزيئيات العنف، فتحولت الى ثقافة حرب. وهنا تجيئ ضرورة البحث عن مشروع بديل لانقاذ حياة المسيرية. نواصل...
                  

05-17-2008, 00:44 AM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 26868

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Abuelgassim Gor)


    د. أبوالقاسم قور
    ألف شكر على المقالات الثرة .. لفت نظرى بعض الأشياء:
    اولاً إنك تحدثت عن المسيرية وحضورهم إلى المنطقة ونمط معاشهم وغيرها .. لكنك لم تستعرض نفس الشيئ لدى دينكا أنقوق، حتى تكتمل الصورة فى أذهانها فى أنهم يمتلكان نفس ثقافة السلام فى الفكر المحلى ..

    الثانى: قولك بنهاية فترة التعايش الطبيعى وبداية التعايش الدستورى .. هذه أهم نقطة قرأتها فى أدبيات الحوار الدائر فى الأونة الأخيرة ولكن فى وجهة نظرى هذا التشخيص يأخذ طابع تجريدى ولا يرتكز إلى موروثات وقيم ثقافة السلام السائدة فى المنطقة وبالتالى أنت تشير إلى وسائل أخرى لأنتزاع الحقوق بصورة غير التى كانت سائدة فى الماضى .. وقد أشرت لذلك بالتعايش الدستورى .. يعنى الناس تعيش أولاد رجال على أقل تقدير بالقانون (حقى وحقك ..)

    المقال الثالث .. قطع علىّ حبل تفكيرى بصورة غير متوقعة، فقد كنت أتوقع المقال الثالث يبنى على رؤية المقالين السابقين له من خلال طرحك لفكرة ثقافة السلام فى الفكر المحلى ولكن أخرجتنا جملة فى المقال الثالث إلى وجهة أخرى وهى التعايش الدستورى والذى يخلو من أى أثر لثقافة السلام ..

    سوف نعود ..

    كل الود وشكراً على الأجتهاد القيم

    بريمة
                  

05-17-2008, 03:41 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Biraima M Adam)

    UP
                  

05-17-2008, 03:51 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Biraima M Adam)

    الاستاذ بريمه
    كيف حالك هناك والغربة والبطالة
    رد الله غربتك غانما سعيدا مستبشرا وضاح الثنايا
    شكرا لك ولمررك على البوست
    أيدك هذه مقالات خمس سبق أن نشترها فى عمود ( بدايات قرن) الذى أكتبه بصورة راتبة أسبوعية بجريدة السودانى.هو باب أتشبه يه بالرجال ....والتشبه بالرجال فلاحة . كذلك يخرجنى ولوبشق الانفس من عزلة وغربة الى الكتابة بوصها فعل انسانى ابداعى. لكن لم أجد الحلقة الثالثة ...لذلك ملاحظتك فى محلها وعليها تشكر . كما أراك وضعت يدك على سنام المقال فغل الناقد الحصيف فى القراءة بقولك
    Quote: يعنى الناس تعيش أولاد رجال على أقل تقدير بالقانون (حقى وحقك ..)

    نعم بالضبط هذا ما كنت أعنيه واليه هدفت بقولى ( التعايش الدستورى) وهو الامر الذى لم يلتفت له طرف المسيرية فى علاقتهم مع النقوك
    لك كل تقديرى واحترامى
    مخلصك أبو القاسم قور
                  

05-16-2008, 11:49 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Abuelgassim Gor)

    الحلقة الرابعة

    أتخذت هذه الدراسة من الرؤية الاجتماعية، والمفاكرة الاستراتيجية مدخلا لها. وهى بها كثير فروض ومجادلة راكزة على وعى بطبيعة التطور التاريخى والاجتماعى لتلك المنطقة، ولانسانها المسيرى وثقافته البقارية، والدينكاوى وثقافته المونجانقية. أقول فيها أن أكثر الرؤى وأدخلها الى سنام مقالتى هى اننى أدعو الى نبذ العنف، والاستماع الى الآخر، والتعاضد، والتحمل، واحترام كافة أنواع الحياة، والديمقراطية الثقافية بين الاقوام هناك بعد أن اشتجرت بينهم شعب الحياة، وتنابذوا، وتخاصموا. ثم بحثت فى أسباب تفشى الكراهية، والاحقاد، والعهن بين المجموعتين من الدينكا نقوك والمسيرية العجايره فوجدتها ليست من أصل ثقافة المونجانق ولا من ثقافة البقارة، لكننى لمست نار الحرب تأكل الثقافتين وتقضمها قضما سريع، حتى خشيت أن يأتى يوم يصير الناس فيه عسكراً وعسساً شداداً غلاظاً، مخلفين وراءهم تاريخاً، وارثاً وعادات تحتشد بمفردات السلم. انه من بين ما لمست فى صراع (المونجانق والبقاره) موضوع الهوية ورأيت فيها حجر الزاوية لتاسيس أى بنائية أو منظومة تهدف الى الخروج من هذا النفق المظلم المخيف المرعب...انه مثلث اختفاء السلم فى السودان. ستظل مشكلة أبيى مهدداً أساسيا لمشروع الأمن الشامل فى السودان..السودان الذى يقترب من تلكم النقطة الفاصلة، فى تخلقه الجغرافى – الاستراتيجى.. أى ان الجغرافية، ومساحة السودان الشاسعة، مليون ميل مربع هى اساس أى استراتيجية لدولة حديثة فى السودان.ما يهمنى اليوم هو لفت نظر المونجانق والبقاره الى حقيقة انه لا يوجد اليوم على ظهر الأرض من هو أدرى بطبيعة خلافهم أكثر منهم...هم أنفسهم، المونجانق والبقارة ثقافتان مختلفتان، موجودتان على بقعة جغرافية واحده، هذا هو اختبار التاريخ، والجغرافية، وقبل كل ذلك هو ابتلاء، وامتحان الخالق لعباده، ليس هناك مخرج غير الامل، والايمان بحب الخالق وحب الوطن... أبيى هى اختبار السياسة فى السودان وفى قارة أفريقيا ان لم تجد الحل الناجع، والسلام الدائم الذى يقوم على احترام الهوية و وديمقراطية الثقافة التى تقول : ان يكون الناس ما يشاؤون من دينكا ومسيرية. ثم يأتى من بعد ذلك الخطاب السياسى الذى يقود لحكم راشد...وهذا يحتاج الى رجال حكماء، ليس دينهم البغضاء، ولا سجيتهم (تكميل الحدود) والتعبير (تميل الحدودى من حكم ثقافة البقارة) ويعنى اتاحة الفرصة للآخر، وتحمل تمظهراته الثقافية، ومزاجه السياسى...لقد تعلمنا من تاريخ الشعوب، وثقافاتها هناك عامل اساسى للتنمية، وهو (المزاج السياسى والثقافى) هذا المزاج لا يمكن صناعته، ولا يمكن اغتصابه، ولا يمكن قتله فهو تركيبة جينية.اليوم يتضح البعد الاستراتيجى لمنطقة أبيى وهى تعمل على فرملة آليات المقاربة بين الشريكين (لم تعد أبيي قرية صغيرة تقع عند الجزء الجنوبى الغربى لولاية غرب كردفان سابقاً، بل أضحت بؤرة توتر استرتيجى، واجتماعى تشمل كل ما يمكن أن نطلق عليه اليوم محافظة أبيي سابقا بأبعادها الجغرافية و الديموقرافية.تعتبر منطقة أبيى أكثر مناطق النزاعات وأشدها توترا فى السودان من الناحيتين الاستراتيجية والاجتماعية.لقد كان لهذه المنطقة الصغيرة أثر كبير فى انهيار اتفاقية أديس ابابا ثم كادت أن تعصف بمفاوضات السلام بنيفاشا فى عام 2004م بعد أن تسببت فى تأسيس نقاط الاختلاف على سياقات الهوية السودانية والتاريخ والجغرافيا بين طرفى الاتفاقية حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان) من كتاب: "ابيى مستقبل السلم والنزاع"
    فى هذه الحلقة أدعو الى النظر فى مشروع (مفاصلة الهوية وتحضير الحياة) الذى ظل مشروعا للتنمية البشرية بين الدينكا نقوك، ربما بمبادرات من قادة المسيرية، كل ذلك يقود الى التوازن. ان الحقيقة القاطعة تنص على أن منطقة أبيى تعيش ما يمكن تسميته (عدم التوازن السياسى) بين الشريكين (الحركة الشعبية) و(المؤتمر الوطنى). هنا أعيد صياغة هذا الحديث، ببعد نظر، وتحليل دقيق، بعيدا عن اليومى. طوب الارض يعلم أن اتفاقية السلام الشامل تصير اتفاقية حقيقية فى حالة عمل وتوافق هذان الحزبان، الشريكان هما طرف المعادلة (اتفاقية السلام الشامل). لا يمكننا اليوم أن نتخيل كيف تنمو المبادرات الاجتماعية، التى تهدف الى سلام مستدام بمنطقة أبيى بعيدا عن (التعاون) البناء بين هذين الشريكين. تدل كل الوقائع، ان الشريكين لم يركنا الى التنافس والتعاون البناء، لتأسيس خطاب سياسى ديمقراطى، يكسب فيه صاحب الطرح القوى والحجة الدامغه، والمشروع الذى يفيد الناس فى شأن حياتهم. لأن كل الناس، وكل عباد الله تعيش من أجل كرامتها وقيمها... غير انهما - الشريكان - اتخذا من التمظهرات السياسية ديدناً للتنافس، حتى اذا ما أكملا قولهما اتجها الى العنف فكان أمرهما فُرطا.
    انتهى
                  

05-17-2008, 04:16 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Abuelgassim Gor)

    قدمت لى على صعيد شخصى محاضرة من القيمة مالا يوصف
    شكرا لك
    شكرا جميلا لانك تعرف اين تضع مبضعك النقدى
    واصل وستجدنى اكثر متعة بالمعرفة التى تصيبنى بها
    ايها البقارى العارف
    لك محبتى
                  

05-17-2008, 05:26 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Abuelgassim Gor)

    ياسلمى (فرجينيا ول فالسودان)
    شكرا على المرور والكلمات الطيبات
    لكن بالله عليك انت وين؟
    لندن ؟ أميركا
    وهسى عشان ما قلتى لى يا قور يا كوز يا معفن
    أنا حاسى زى ى حاجة ناقصة ....يعنى ما تقولها يا سلمى
    بعدين ياسلمى عاوزك فى كلمتين
    يخصوص مركز السودان وعلاقته بجامعة ابريستويث بويلز
    لوممكن ترسلى لى تلفونك عبر الماسنجر
    مخلصك قور
                  

05-18-2008, 05:26 AM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Abuelgassim Gor)

    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de