في ذمة الله : الشاعر المرهف ... محي الدين فارس

Quote: الشاعر السوداني محيي الدين فارس احد الذين وضعوا اقدامهم راكزة في ساحة الشعر العربي منذ ان كان طالبا في دار العلوم بالقاهرة وزامل كثيراً من الاسماء هناك . ومحي الدين فارس صوت شعري اعلن عن نفسه منذ ان كان طالبا في الثانوي بالاسكندرية عندما هاجرت اسرته الى هناك من موطنها في اقصى شمال السودان . الجائزة وضعت الأدب السوداني في مكانه الصحيح! عندما بدأت الاتجاهات الجديدة في القصيدة العربية من حيث الشكل والمضمون وعندما انطلقت دعوات الواقعية الاشتراكية في الادب العربي كان محي الدين فارس احد فرسان الحلبة وفي لحظة انتقال القصيدة العربية من العمود الى شعر التفعيلة كان محي الدين فارس من اول المجددين وفي ظل هذا التجديد كان فارس حارسا للعربية في جزالة المفردات وصحيح اللغة . وعاد فارس الى السودان ليعمل معلما في المدارس الثانوية ويواصل مسيرته ينتج شعرا ينسجم مع قضايا امته وظلت قصائده تتلقفها كبريات المجلات العربية ورغم هذا الحضور الدائم لمحي الدين فارس الا ان الشعر السوداني كان حضوره على استحياء في المحافل العربية والبعض يعزي هذا الى زهد سوداني او الى عدم اعتناء عربي ويزحف المرض على جسد الشاعر وتبتر اعضاؤه ولكن حرارة القصيدة هي ذاتها وفارس من داره المتواضعة يعالج آلام الجسد واوجاع القصيد . والآن عاد اسم فارس يدوي في الآفاق تتناقله وكالات الانباء ومحطات الاذاعات والتلفزة : شاعر سوداني اختارته جائزة البابطين للابداع الشعري لجائزته التي تقدمها لاحد الشعراء العرب من واقع دراسة لاعماله بواسطة لجنة تضم مختصين من كل بلاد العالم العربي ومؤسسة البابطين تقدم الجائزة كل عامين عبر مهرجان تعقده في واحدة من العواصم والعاصمة التي وافت فارس هذه المرة هي ارض الاندلس فالجائزة ستقدم لشاعرنا هناك في ارض يشهد له ديوان الشعر العربي اضافة وبصمة . والجائزة بغض النظر عن قيمتها المادية التي ستعين الشاعر على نوائب الدهر الا انها تأتي اعترافا لنا نحن السمر الذين يكتب شعراؤنا بالعربية بأن هنا صوت يختلف عن الاصوات الاخرى ويضيف لفسيفساء اللوحة العربية لون ونمنمة مختلفة . كما انها تهزم المرض الذي يحاول جاهدا ان يحبس فارس في داره وما درى ان الصوت يسافر في عوالم تتخطى كل الحواجز . كما ان الجائزة من مؤسسة اوقفها صاحبها لخدمة الشعر العربي منذ العام 1996م أوان صدور اولى اعمالها معجم الشعراء العرب المعاصرين ثم اتبعته بجائزتها التي تقدم للديوان الشعري والقصيدة الشعرية والابداع الشعري في اجماله ورغم هذه السنوات القصيرة الا ان المؤسسة اصبحت رمزا من رموز المؤسسات التي تهتم بالشعر لان اعمالها لا تقوم على الاحتفاء فقط والذي تخصصه كل عامين لرمز شعري عربي تقيم ملتقى فكرياً ونقدياً حول آثاره كما ان الشعراء العرب يتنادون لهذه الملتقيات لقراءة اشعارهم ، وفي وسط هذا المهرجان يتم تكريم الذين تخيرتهم المؤسسة بجوائزها للابداع الشعري وفي هذا الجو يكون الاهتمام النقدي والاعلامي باعمال الذين جاء اختيارهم لجوائز المؤسسة وهذه فرصة ليست لفارس ولكنها للشعر السوداني ليلتفت له من قبل مؤسسات النشر ومراكز الدراسات فمحي الدين فارس مثلما ظل طوال سنوات يصر على النشر في الدوريات العربية حتى يذكرها بالصوت السوداني هاهو يضعنا على قمة اهتمام العالم العربي ولم يتوقف الامر عند هذا الحد ففارس وضعنا على سلم الاهتمام العالمي لان الجائزة ستقدم في اوربا في بلاد الشعر اسبانيا وهي البلد الذي يحتفي بالشعر فكيف لا ومنها لوركا العظيم وفيها بقية من ابن زيدون وابن رشد ومن هنا تعبر لاوربا مركز الاشعاع الثقافي للعالم . كما ان الانباء قد حملت ان اشعار محي الدين فارس سيتم ترجمتها للاسبانية وهنا ينفتح الباب واسعا امام الادب السوداني ليدخل الى عوالم كل الذين يتحدثون الاسبانية وهذه امريكا الجنوبية . ولننظر ونتأمل هذا الشاعر كم هي واسعة الآفاق التي فتحها لنا لنلجها دون ضوضاء الا من الجوقة الموسيقية التي تعمل في اشعاره .. وفوق هذا بلا لجان عاطلة الا من اضاعة الوقت فيا هؤلاء هذا الشاعر امة ، لقد ظللنا نحن طوال هذه السنوات لا نتذكره الا لماما اما هو فكان يبني لنا مجدا من دوحه وعقله وفكره عبر قصائد تترى الواحدة بعد الاخرى . والى كل الذين يكثرون الصياح حول الخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005م هاهو محيي الدين فارس من بين جدران بيته يعطيكم البوصلة بأن اخرجوا الابداع السوداني وانشروه وترجموه الى لغات العالم وتأملوا النتيجة وفي الخاطر نموذج واضح هو الطيب صالح والذي ما ان يعرف اى شخص في بلاد الدنيا انك من السودان حتى يصيح من بلاد الطيب صالح فموسم الهجرة الى الشمال وحدها ترجمت الى خمسة وعشرين لغة اما عرس الزين فقد ترجمت إلى خمس عشرة لغة . الآن يفرح تلاميذ محيي الدين فارس الذين علمهم العربية في المدارس السودانية وتفرح ديار اهله في اقصى الشمال والحارة السادسة في الثورة حيث بيت الشاعر ويسعد توأم روحه الفيتوري والذي ما ان يرد اسم محي الدين فارس حتى يقول هذا شاعر عظيم ورفيقه الآخر مصطفى سند والذي قطعا ستخرج منه دموع الفرح وهو يغالب غربته وتنداح دائرة الفرح لكل شعراء السودان الاموات والاحياء من لدن شعراء ممالك السودان القديمة في كرمة ونبتة وحتى آخر من يحاول ان يعالج القصيد في بلادنا . وعندما يحين وقت سفر الشاعر لاستلام الجائزة بالله عليكم تخيروا الذين يمكن ان يديروا الحوارات حول الشعر السوداني في الردهات ليعرفوا به ولا تلتفتوا لهواة الاسفار ومحبي ركوب الطائرة فالشاعر قد منحكم فرصة يندر ان يجود الزمان بها ولك الشكر محيي الدين فارس