مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 12:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-15-2008, 09:01 PM

عاطف مكاوى
<aعاطف مكاوى
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 18633

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر (Re: عاطف مكاوى)


    تابع... المساهمة الثالثة:

    21- وحدة ليبرالية بين قوى اليسار وقوى الإحتكار مع إنقسام طبقي وإنفصال وطني!

    يقول نص مشروع التقرير: (( ورغم ان الحزب لا يعترض من ناحية المبدأ على شعار وحدة قوى اليسار، إلا انه يرى ان المهام والقضايا التي تواجه الشعب والوطن حالياً، تجعل الاسبقية والصدارة في جدول العمل، ليس لوحدة قوى اليسار، وانما لوحدة كل القوى الراغبة في التحول الديمقراطي وحل الازمة السودانية في تجلياتها المختلفة حلاً ديمقراطياً عادلاً، والوصول الى وحدة السودان عبر الاستفتاء على تقرير المصير في نهاية الفترة الانتقالية.)) وكان أجمل للفقرة أن تكون بسياق مختلف حيث إن القضايا هي التي تحدد المهام، وأهم القضايا هي الإستغلال والتهميش، وهي قضية طبقية تتعلق بطبيعة الإقتصاد والنظام السياسي ومدى إجتماعيته أو عنصريته، مما يجعل الأسبقية للتنسيق مع القوى الراغبة في التحول الثوري عن النظام الإنفرادي لملكية وسائل العمل والإنتاج الذي يركز السلطة والثروة والإنتقال منه إلى نظام يسمح بإشتراك الناس في ملكية هذه الوسائل وتنظيم جهودهم وحيازة قسط عادل من خيرات عملهم (يكفي قوتهم وتحضرهم وشيء من كمالات الحياة) بصورة إشتراكية متقدمة من الضروري إلى الثانوي فالكمالي، وهو النظام الذي يتصل بإجراء تغييرات وتحويلات ديمقراطية شعبية عميقة ومتنوعة ذات طابع ثوري على أسس السلطة والإنتاج التي سادت في السودان القديم وأدت إلى مظالمه وتفككه.

    إن سياسية التهرب من مواجهة الإلتزامات الطبقية بدعوى توكيد الليبرالية ينسى إن الثورات الليبرالية الألمانية والهولاندية والإنجليزية والأمريكية والفرنسية ومواشجاتها قد قامت على مصادرة وتأميم حقوق الملكية والتملك الإقطاعي لحساب "حقوق الإنسان" (= حرية رأس المال) وقد إتبعت لإجراء هذا التغيير كل ما إستدعته الظروف الواقعية، فلم تطرح مثلاً إن الظروف لم تنضج بعد للتحول أو أن الظروف نضجت للتحول ولكنها بإنتظار الإنتخابات، أو بإنتظار قرار الحكومة حول كذا أو كذا، أو بإنتظار إستنفاد الوساطة الفلانية لمفعولها، أو بإنتظار المؤتمر الفرتكاني، أو بإنتظار فراغ اللجنة الفلانية من أعمالها، أو بإنتظار الإستفتاء المزمع أونتيجته أو بإنتظار الدراسات الباطنية، أو بإنتظار المؤتمر الجامع، وغير ذلك من إنتظارات إطالات ومطاولات بعيدة من الحكمة السياسية والتوازن الموضوعي بين التأني والسرعة في إتخاذ القرار السياسي لا يوجد لها سبب منطقي في حزب شيوعي تعاني مجتمعات بلاده من الإستغلال والتهميش بفعل التضخم والتركز الرأسمالي وإنتاجه لفقر بنيوي رهيب له مجاعاته وحروبه وموبقاته وهجراته وله حروب أقليمية يغذيها وتغذيه.

    إن الضعف العام لليسار في السودان الذي يعير به حزبنا الشيوعي أحزاب الريف الافريقي وأحزاب القومية العربية له سبب هام في ضعف أداء حزبنا السياسي والإعلامي الجماهيري من حصر قيادته لنشاط الحزب وعضويته في مسآئل إنتظارية ومناقشات لاهوتية وقضايا ومنظمات إستنزافية، كان الأفضل منها جمع حزبنا بشكل متزامن ومتناسق بين التنوع في العمل المدني والجماهيري والوحدة في ضفر نضالات الريف والمدينة، مما يقوم ويقوي الأداء السياسي الليبرالي والأداء الثوري اليساري بدلا من المواقف الملتبسة التي يصعب تفسيرها نظرياً بالمنطق الماركسي- اللينيني أو بالمنطق الليبرالي مثلما يصعب فهم تفارقها مع الوحدة الموضوعية للقضايا العامة في الريف والمدينة، وبين أقسام الجماهير الأساسية: فمع التفكك الزماني والعملي لمواقف الحزب وتصريحاته السياسية بإمكان تحليل كثير منها بإعتبارها ذات سمة تأجيل تبادلية و(تسويف) أكثر مما هي ضرورة عملية قائمة في كل موضوع إذ إنه يقدم بشكل عازل ومعيق في جهة المطالب السياسية العامة مواقف إقتصادوية وإشكالات فنية تتعلق بالإنتاج والسوق، بينما يقدم مواقف سياسية وإدارية في جهة القضايا الإقتصادية الإجتماعية، كما يقدم من هذين الرأيين الإثنين نظراً وعملاً تساويف مدنية وتأجيلات عددا جهة المواقف الثقافية والإعلامية للحزب أو لعموم الحركة التقدمية بداية من تأجيل النظرية وإنتظار الدراسات الباطنية وليس نهاية بمحاولة إلغاء دور الحزب كحزب شيوعي للتغيير الثوري الإجتماعي وطرح التأجيل العام لحل القضايا بإعتبار عدم نضوج التحولات أو بحجة الظروف الدولية المضادة والقاهرة!!

    كان بالإمكان إعتبار هذا التفكك تجسداً عفوياً لمحاولات ردفعلية لسد النقص الموضوعي في كل مجموعة من المطالب والقضايا، ولكن السياق العام لتسلسل هذه الطروح نهاية بإتجاه حل الحزب وتبني السكرتير السياسي بقوة لكثير من دعاويه، يقوي إمكانية تفسيرها بأنها سياسة سالبة ضد التغيير الثوري للطريقة الرأسمالية التابعة في تنظيم الإنتاج الإجتماعي وتوزيع جهوده وثمراته بين الناس ، وهي ضدية تقوم بدعاوى لزجة شعارها : ((عدم نضوج التحولات))!! وهي ذات التحولات التي يفترض في أي حزب شيوعي فتح الطريق العام لها بضرب وتكسير وتفتيت النقاط الضعيفة في العوائق التي تقف أمام هذه وصول هذه التحولات إلى مرحلة ونقطة الإنقلاب الثوري، أما تقوية هذه النقاط الضعيفة بصيغ التأجيل العام ثم التفرد والإنفراد عن قوى اليسار بل والتحالف مع قوى اليمين، وصولاً إلى صيغ المؤتمرات الجامعة الموقوتة القائمة على مفهوم وتاريخ إعتباطي متدهور لمسألة "الحد الأدنى" يعيق بتدهوره المستمر عمليات التحول والتغيير الشامل في المجتمع ويبدد تراكماتها بعملية مراوحة ومحلك سر بل ورجوع إلى الخلف من طلب الدولة الإشتراكية إلى طلب الدولة الليبرالية مما يقوي إمكان الإستنتاج بأن تسلسلات هذه الإعاقة والتبديدات تمثل في جملتها سياسة موضوعية نقيضة لمصالح الجماهير في التقدم الثوري والوطني والقومي بقوى وبرامج وسياسات تقدمية إشتراكية تخرج بها - بقيادة ودعم طلائعها في الأعمال الثقافية والنقابية والجماهيرية والمدنية والحزبية- من حالة الإستغلال والتهميش المتفاقم إلى حالة إشتراكية فعلية في تولي أمور ومقاليد السلطة والثروة بالمعايير الطبقية والمعايير الإقليمية والمعايير النوعجنسانية (رجال ونساء).

    22- تفكيك علاقة الخط التنظيمي والخط السياسي للحزب بإختلاف عن طبيعة تغيير العلاقات الطبقية والقومية:
    يقول مشروع التقرير في هذا الصدد: (( ومن ناحية اخرى، واستناداً الى الدراسة الباطنية للمجتمع السوداني على ضوء المنهج الماركسي، افسح الحزب حيزاً مناسباً في برامجه لحقيقة ان التغيير الاجتماعي في الواقع السوداني يستوجب ان يكون الاصلاح الزراعي الديمقراطي والحل الديمقراطي للمسألة القومية والجهوية ركنين اساسيين في ذلك التغيير. كما وضع اعتباراً لحقيقة التطور غير المتساوي في السودان اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ومن ثم تفاوت درجات الوعي الاجتماعي والسياسي. واستناداً الى ذلك تصدى لمعالجة التحديات التي تواجه العمل الثوري في مناطق القطاع التقليدي، وصاغ افكار وتوجهات الخط التنظيمي المتنوع من منطقة لاخرى وفق ما يمليه واقع التطور غير المتساوي.))

    يثير هذا السياق بضعة ملاحظات هي:
    1- تصريحه بتوفر ما يسميه المشروع "الدراسة الباطنية" ( الباطنية صفة مبهمة خطأ لوصف الدراسة الشمولية المتكاملة الأجزاء)
    2- إقراره الضمني بحضور "الهندسة الإجتماعية" في عمليات "الإصلاح الزراعي" و"الحل الديمقراطي للمسألة القومية الجهوية"
    3- تفاجأه إو إدراكه المتأخر لتفاوت مناطق السودان في المستويات القاعدية للإقتصاد والمجتمع وفي المستويات الفوقية
    4- الصياغة المجهولة لما وصف بتعديل الخط التنظيمي وفق حالة كل منطقة! فلا ندري إن كانت الفقرة تعني مناطق أو فروع ويُغَيَب عن أعضاء الحزب أثر طبيعة تركيبها العددي والنوعي في هيكلة الحزب في حين ان هناك مناطق ريفية زراعية (مثل الحلاوين) أو ريفية زراعيية وتجارية (كوستي) بها عدد من العناصر الشيوعية الملتزمة والنشطة يفوق في عدده ونشاطه بعض فروع الحزب في العاصمة فكيف وضعت أقل داخل الحزب؟ الوضع الإنجع هو عقد تركيبة الحزب وتوزيع قواه وعناصره بمهام محددة في عملية تغيير العلاقات الطبقية والقومية في كل منطقة بدلاً من ربط هيكلة هذه القوى ووضعها تحتاً في حزب عاصمي بالتقسيمات العامة التقليدية لمناطق السودان، تفتقد مهام محددة في عملية تغيير العلاقات الطبقية والقومية مما تكشفه بعض العبارات الإنعزالية في بيانات الحزب إذ تقول: أعضاء الحزب من أبناء: الجنوب، أو أبناء دارفور،أو أهل الشرق! كأنما ليس لأعضاء الحزب الآخرين أو للحزب ككل بالأحرى صلة بعمليات تغيير الأوضاع في هذه المناطق، وكأنما ليس لأعضاء الحزب في الأقاليم تطوير نضالها لتغيير الوضع في الخرطوم.

    23 - مع فصل المراحل والمهام إتجاه آخر للفصل بين اللامركزية الإدارية- السياسية واللامركزية طبقية:
    مشروع التقرير السياسي الذي أعدته لجنة تسيير "المناقشة العامة" في إطار محاولة مركز الحزب لضبطها وهندسة رؤاها المتناقضة ليقدم لهيئات الحزب المختصة لتنقيحه قبل تقديمه إلى المؤتمر العام الخامس الذي سيحيله بدوره إلى لجان أخرى أوإلى لجان صياغة، ومؤتمرات مراجعة وضبط و"قضايا ما بعد المؤتمر الخامس"، ومؤتمرات إستثنائية أفقية ورأسية كل هذه المسائل تشير إلى جوانب الحرية والنظامية في الطبيعة المركزية للديمقراطية داخل الحزب الشيوعي وإلى التراتب الموضوعي لعناصره وهيئاته الصغرى في هيئات أوسع رأياً وأشد قراراً كما تشير إلى الإنتظام الإداري والبيروقراطية الحميدة في تنظيم مداخلاته وتصريف أموره، إن ظل على كينونته، وإلى الإمكان الموضوعي لإصلاح أخطاءه الذاتية أو حتى للثورة على طبيعة الفهوم والأساليب الإدارية التي ظلت تقعد بالوطن وبالحزب نفسه عن مباشرة مهام دوره الطليعي في مقدمة حركة الجماهير والتاريخ مزيلاً من أمام حركتها العوائق النظامية والسياسية في مجال التقدم من حالة الإستغلال والتهميش إلى حالة إشتراكية في تولي أمور ومقاليد وسائل الإنتاج وتوزيع جهوده وثمراته، واولى هذه الفهوم والحالات المعيقة للتطور الحزبي والوطني العام هي مسألة الفصل بين السياسي والطبقي، وتصور إن بالإمكان حل المسآئل السياسية وإختلافاتها دون حل أساسها الماثل في التناقض والتناحر الطبقي. فمن المفهوم إن تركيز السلطة والثروة مسألة طبقية، وإن التفاقم العام في المراكز والأقاليم لحالة الإستغلال والتهميش متصل بمصالح طبقية في مؤسسات التمويل المحلية والدولية تفرضها على الدولة بشروطها التي تعيد فرضها على الناس بسياساتها التابعة والخاضعة لهذه الشروط التي تحيا بها مصالح الطبقة القائمة في قمة جهاز الدولة، وتتصل أرباح هذه المصالح الطبقية من حيث طبيعة تكوينها بخسارات عظمى لسواد الناس تتراوح بين إستغلال مواردهم وجهودهم لمصلحة غيرهم يجنى ثمرات كدحهم وشقاءهم تاركاً لهم بعض فتات وبين تهميش مهول ناتج من أسباب إقتصادية-سياسية ذات سمات تاريخية عنصرية متفاوتة تركز المشاريع الخدمية والإقتصادية في بعض المدن الكبرى وتترك قطاعات واسعة من الناس في السودان دون إستثمارات بشرية أو مادية تناسب حاجات وجودهم وتطورهم كحيوانات ناطقة ناهيك أن تناسب وجودهم كمواطنين لهم كافة حقوق الإنسان في العالم وفي دولتهم السودان. وبدلاً من أن تتعامل سياسات الحزب مع هذه الأزمة الطبقية بتوازن بين وقائعها المباشرة ومثولها الفعلي وحركاتها الثورية التحتية في الأقاليم ووقائعها الفوقية في الندوات والمؤتمرات، نجدها تميل إلى التعامل معها من فوق عبر التصريحات العاصمية والتداخل والتشارك الكثيف مع جهود المؤسسات الدولية والسودانية التي تسعى لحل أزماتها العسكرية الظاهرة بشكل فوقي من الحكم الشعبي دون أن تكون لها مصلحة في القضاء على الأسس والجذور الطبقية لهذه الأزمات في سياسات التخطيط والتمويل والإستثمار (مثلث حمدي) وهي الجذور التي تولد هذه المواجهات العسكرية المتنوعة بين قوى المستضعفين والمظلومين والقوى التي تقوم سياساتها العاملة الدولية والمحلية على زيادة إستضعافهم وظلمهم.

    لقد كان توزيع الثروة القومية في السودان منذ (إستقلاله) محكوماً بإرادة المؤسسات المالية الدولية التي دأب حزبنا بقوة على مواجهة سياساتها وكشف الطبيعة التبخيسية والتفاوتية التي تحدثها في تشكيلات المجتمع، والطبيعة الإستغلالية والتهميشية التي تضع جملة السودان في وضع عالمي لا يحسد عليه. كما كانت النظم الليبرالية في أشكالها المدنية والعسكرية المتنوعة تقوم على ذات نهج التعامل المنتظر لنجاح إجتماعات الجودية والمصالحات المحلية والإقليمية والدولية الذي يتبعه حزبنا في الحاضر إزاء هذه الأزمة الوطنية بدعوى إنه قدم المبادئي الملائمة لحل الأزمة وما عليه سوى الإنتظار! ففي هذا الصدد يقول مشروع التقرير: (( وقدّم الحزب على ضوء ذلك المنهج مبدأ اللامركزية والحكم الذاتي الاقليمي والتنمية وتقرير المصير لجنوب الوطن، على سبيل الحل الديمقراطي للمسألة القومية وانهاء التهميش في السودان)) دون أن يوكد بأشكال نظرية وعملية إن الحل الوطني الديمقراطي موصول بعملية التغيير الثوري للأوضاع الطبقية في السودان، فالتقسيم الأفقي للسلطات والثروات على مستوى الأقاليم لا يتسق مع التركيز الرأسي أو بالأصح التركز الرأسمالي الإقتصادي السياسي للأمور الطبقية والإدارية!

    إمكانية التناسق بين الأعمال الفوقية والقاعدية للحزب في المسألة القومية بدلاً لتنافرها الحاضر:
    1- نشاط الحزب الشيوعي في تأسيس إتحاد جمهوريات السودان:

    التناقض الموضوعي للمصالح الطبقية-الإقليمية في السودان وضرورة حله جذريا يطرح على الحزب الشيوعي السوداني مهمة موضوعية في صوغ الدعوة إلى تأسيس إتحاد جديد لجمهوريات السودان يقوم على إستقلاليتها الكاملة في تقدير مصالحها وتساويها العام في الحقوق والواجبات وفي تنظيم مواردها وتسيير أمورها وتبادلها الإشتراكي المنظوم للمنافع والجهود وفق قواعد التنمية المتوازنة رأسياً وأفقياً. حيث تمثل هذه الدعوة -من ناحية فوقية- طرحاً عملياً ملائماً لصياغة إتفاق ينظم وضع أقاليم السودان وينقلها بآلية مستدامة جماعية لتقرير شؤونها من الحالة المركزية للتكالب على الموارد إلى الحالة الإشتراكية اللامركزية للتنمية المتوازنة.

    2- ضرورة إرتباط الحزب الشيوعي بجبهة لقوى التحرير والمقاومة الشعبية لتركزات السلطة والثروة تقليلاً لتناقضاتها:
    من ناحية قاعدية حاضرة في الأمور اليومية لنضالات حركات التحرير ظهرت إنجازات في تقدم الوعي القومي والوطني كما ظهرت إخفاقات متفاوتة في بلورة قضاياها القومية كتلة واحدة فى المستوى العام المركزي للسياسة والإعلام مع ضعف بنية وفقر تماسك هذه الحركات ضد السياسات الليبرالية المجزئة رأسياً وافقياً لقضايا السودان في أقاليمه بفصمها عن أساسها الطبقي وبعزلها قضية كل إقليم عن الآخر. حيث تفككت كثير من قواها ودعاويها فاقدة اللحام الفكري والموضوعي لها خاصة بسبب سياسة الحزب الإحتراسية من دعاوى ونضالات "الحركة الشعبية لتحرير السودان" إلى تأسيس سودان إشتراكي موحد كما تجلى في اللقاء الأول بين الحزب والحركة فنتيجة هذه السياسة التي بدأها الحزب وواصلها نشأت حركات التحرير في جنوب وغرب وشرق السودان وشماله معزولة عن الحلقة الثورية الوسطى التي كان موقعها الطبقي والجغرافي والسياسي يفرض عليها ضرورة تنسيق هذه الحركات في عملية سياسية كبرى لتغيير نظام التراتب الطبقي-الإقليمي بطبيعته الرأسمالية التابعة والخروج بالإرادة الشعبية من أسر الإستعلاء المحلي والدولي إلى رحاب التقدم الإشتراكي لتوزيع وسائل إنتاج ضرورات العيش والحياة وتقسيم ثمرات هذا الإنتاج وفق معادلة حقوق الناس وجهودهم في كل مؤسسة إنتاجية وإقليم، ولكن رغم الخسائر الكبرى التي سببتها هذه السياسة التأجيلية والإحتراسية فمازالت الإمكانات المحلية والدولية مفتوحة لقيام هذه الجبهة الشعبية ونشاطها ضد كافة القوى الإحتكارية التي فقدت رصيدها الآيديولوجي ورصيدها البشري ومصالحها المباشرة في مناطق النزاع الطبقي- الإقليمي وهي 80% من مناطق السودان القديم توطئة لبناء سودان جديد إشتراكي متحد يمارس دوراً فعالاً تغيير المنطقة العربية والأفريقية.

    وفي مصادفة حسنة مع هذين الإقتراحيين، ترد فقرة من مشروع التقرير السياسي بنص حيوي يقول: (( تتسع كل يوم الدوائر الاجتماعية والسياسية المؤمنة حقاً بأن وجود هذا التحالف ضرورة موضوعية لا غنى عنها للتحول الديمقراطي والتغيير الاجتماعي المستشرف آفاق العدالة الاجتماعية والاشتراكية))

    24- في تحديد الجهة السياسية للتجديد: التحذير من ضعف الحزب مستقبلاً يغطي الضعف الحاضر ويفاقمه:
    في تغطية لضعف السياسات النظرية والعملية الحاضر في الحزب مما يفتت قواه وتنظيماته واعماله ويباعد بين أحوال ووتائر نشاطها في المستويات الزمانية والعددية والنوعية والجغرافية وفي الإتجاهات السياسية والإقتصادية الإجتماعية والثقافية يحذر مشروع التقرير من ضعف قادم إذا لم يجدد الحزب ويكرر هذه السياسات التي أضعفته وذلك في نص سياسي على طريقة لا يوجد خيار سوى المقترحات الليبرالية التي قدمها تيار معين في الحزب يستحق أن يوصف في خضم هذه العولمة بالتيار الأميركي لوقوفه المتواصل ضد التاريخ الأممي للحزب والشيوعية، وضد شيوعية الحزب، وضد ماركسيته اللينينة، وضد ماديته التاريخية، وضد طبقيته العمالية، وضد ثورية التغيير الإجتماعي، يقول مشروع التقرير السياسي: ((ان الخيار المصيري الذي لا مهرب منه ولا محيد ينتصب امام الحزب الشيوعي السوداني، اما ان يقوم بتجديد ملموس في فكره وبنيانه وممارساته ليواكب العصر، واما ان يتعرض لاحتمالات الضعف والانكماش)) ثم يخلط مشروع التقرير بين إصطلاحات وفهوم وممارسات "التنمية المتوازنة للحزب" ذات الطبيعة المألوفة في معظم الأحزاب الشيوعية الروسي والأمريكي والياباني والأحزاب الشيوعية الأوربية والأمريكية الجنوبية التركية والإيرانية والأحزاب العربية والأفريقية وإصطلاح وفهم وممارسة التجديد الليبرالي الذي يأخذ بتلابيب الحزب الشيوعي السوداني في زاوية مظلمة من التاريخ يجرده بموافقة كثير من الزملاء الأفاضل من عناصر حياته كحزب شيوعي تاركاً له وبموافقة نفس الزملاء الأفاضل نتف ممزقة من المعاني والمقولات تدينه وتقتله أكثر من أن يتقوى بها مستقبلاً. يقول: ((إن الإرادة الغلاّبة لكادر وأعضاء الحزب والديمقراطيين تقف بوضوح كما تؤشر وتؤكد كتيبات الحوار الداخلي في الحزب، الى جانب تجديد الحزب وبقائه حزباً ذا فائدة لحركة شعبنا النضالية في مسيرتها نحو النهضة الوطنية الديمقراطية وافقها الاشتراكي. وهذه على وجه التحديد، هي المهمة التاريخية المطروحة أمام المؤتمر الخامس)) مع العلم بأن ذات مشروع التقرير يذكر في مقدمته ان المناقشة العامة كانت مشوبة بالنقص في تناول المواضيع الأساسية الأتية (
    أ/ التجارب الأشتراكية القائمة.
    ب/ التصور حول " الدول الاشتراكية ".
    ج/ الاشتراكية والدين .
    د/ الجانب الفكري والفلسفي في مواضيع محاور المناقشة العامة .
    هـ/ مسألة هامة وهي اسم الحزب : فهو نقطة ضعف المناقشة العامة ))

    فبعد هذا الإقرار الصريح بنقص نقاش كذا... وكذا... كيف لمشروع التقرير الإعتماد على كتيبات تحوي كل هذا النقص في عملية تنمية الحزب وفي أن تقرر مصير الحزب؟ وعلى أي أساس تنظيمي أو سياسي أو لائحي يقرر هذا المصير مادام السكرتير السياسي نفسه قد أقر بكل وضوح وشجاعة بإنفرادية قيامه بوضع "موجهات التجديد" خارج الاطر الحزبية!؟

    أن مسيارة التقرير لإتجاه تصفية الحزب من عناصر شيوعيته يشابه العملية القديمة لتجريد مؤتمر الخريجين من ديمقراطيته، وهو خلاصة إتجاه إنقلاب داخلي على الشيوعية ذي أثر زوج إذ إنه يفسد العملية الليبرالية في السودان والعالم بإطلاقها من نواظمها وضوابطها الطبقية كما يفسد العملية الثورية في السودلان والعالم بعزلها عن أسس الصراع الطبقي وضروراته في المجال الحزبي.

    الأفضل هو تغيير جذري لجملة السياسات الإنتظارية والتأجيلية والتسويفية للحزب في المجال السياسي والسياسات التجزئيية والتفتيتية لقواه وعناصره النظرية والسياسية التي تسمم تنظيم الحزب وتضعفه حاضراً وتزيد شلله مستقبلاً .

    25- طبيعة العشم في إمكان الإتفاق مع قوى الإستغلال والتهميش على حل جذري شامل!

    في جهة تفاقم الازمة الوطنية يصرح مشروع التقرير بشكل دقيق مفصل بأن القوى التقليدية غرست بذرة الأزمة السودانية منذ الإستقلال وسببت تفاقمها لتراجعاتها عن ما تلتزم به من مواثيق وتسبيبها بذلك عودة الأنظمة العسكرية إضافة إلى فشلها في تحقيق تنمية متوازنة وتغبيشها بضلال شعاراتها لوعي الناس بطبيعة أزماتهم وحلولها وعدم علاجها لتركة الإستعمار بل وتحفيزها الإستثمار الأجنبي على حساب القطاع العام والخاص السوداني، وسياسات الإصلاح اليميني جهة البنوك ومؤسسات التأمين والتجارة الخارجية والمشاريع الزراعية ونشاطها في الصرف البذخي والفساد وتعنتها ضد علمانية الدولة وتساوي الحقوق بين المواطنين غض النظر عن دينهم!!

    ولكن نفس مشروع التقرير يعشم في نفس القوى المنتجة للأزمة إذ يقول في وصف طبيعة الأزمة هذه الأزمة التي أنتجتها وفي طبيعة الحلول التي يقترحها جهتها: (( ارتدت الازمة السودانية التي غرست بذرتها القوى التقليدية منذ فجر الاستقلال ابعاداً نوعية جديدة، ولم يعد بالامكان تبسيطها او تجزئتها، فقد اصبحت ازمة وطنية عامة، مركّبة وشاملة ومتفاقمة. وتحتاج بهذه المواصفات لحل شامل لها تتوافق عليه كل القوى والفعاليات السياسية السودانية، ذلك ان الحلول الجزئية والثنائية بمختلف الوانها واشكالها قد تقود لهدنة يطول او يقصر مداها، ولكنها لن تقود لسلام مستدام يحمل فوق ظهره التحول الديمقراطي والتنمية المتوازنة ووحدة الوطن)) ولكن مع هذا التنافر البنيوي والمبدئي في علاج الأزمة بالتعاون مع نفس القوى التي تنتجها يتجاوز مشروع التقرير تحديد وتسمية العوامل الطبقية ولولا إندلاع حركات التحرير المسلحة لظلت النغمة المنخفضة الصوت لإنتقاد التطور المتفاوت بين المركز والهامش هي السائدة في موسيقى الحزب التي تصخب فيها نغمات الديمقراطية وقوانين الإنتخاب بدلاً عن أن يكون إيقاع التطور المتفاوت طبقياً وإقليمياً هو الأساس في توزيع موسيقى الحزب ونشاطه السياسي.

    وفي توصيف للأزمة الوطنية بكل ما فيها من إستغلال وتهميش يبعد مشروع التقرير عن تحديد الجوهر الطبقي-الإقليمي والعنصري لها متناولاً الدور الهام التخريبي الذي تلعبه هندسة الدولة للتنظيم الإقتصادي الرأسمالي رافعة إياه من الحالة التجارية الصناعية التي كان عليها إلى حالة رأسمالية كبرى تتواصل فيها قوى الحزب الإسلامي والدولة والبنوك والمؤسسات العامة الخاصة المدنية والعسكرية في سياق سوق حرة لا تعترف فيها الشرائح الحاكمة من الطبقة الرأسمالية بأي حقوق للإنسان سوى ما يسمح لها بمزيد من الأرباح على حساب 95% من الشعب في جميع انحاء السودان دون أن يكشف المشروع طبيعة التركز الطبقي- الجغرافي لـ5% أو أقل الذين ينتجون هذا التنظيم البشع ويهندسونه وفق مصالحهم الربحية ...يقول: (( وتحت مظلة نظام الانقاذ قاد الخضوع لروشتة التثبيت والتكييف الهيكلي لصندوق النقد والبنك الدولي الى برنامج التحرير الاقتصادي الذي اطلق آليات السوق الحرة كما قاد لتفكيك اوصال القطاع العام وتحويل مؤسساته لرأٍس المال الخاص المحلي والاجنبي، ولتقليص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي الى ادنى حد)) ((وفي الواقع انتهج نظام الانقاذ مجمل سياسات اقتصادية/مالية للدفع الرأسمالي في البلاد. على رأس هذه السياسات توفير مزايا تفضيلية للرأسمالية الطفيلية على غرار أسلمة النظام المصرفي وتعديل قانونه وتشويه وظيفة النظام الضريبي وتصفية ركائز القطاع العام عن طريق الخصخصة، وتمليك مؤسسات استثمارية خاصة للقوات النظامية والدفاع الشعبي، وتمويل المنظمات السلطوية من الميزانيات العامة للدولة ....الخ.)) ((البترول والمعادن مصادر دعم اضافية للتراكم الرأسمالي.)) ((وبأثر الدكتاتورية والقهر والاستبداد، وتحويل جهاز الدولة الى جهاز حزبي لذوي الولاء والمحاسيب، وتصفية الدور الرقابي للعاملين بآليات الفصل للصالح العام وقانون نقابة المنشأة وسلطات المسجل المطلقة، استشرى الفساد والاختلاسات بأرقام فلكية.)) ((ان الرأسمالية الطفيلية الاسلامية قد احتكرت السلطة والنظام المصرفي والسوق، وأسفرت سياساتها عن تكريس الفشل التنموي في المدينة والريف، وقادت لترييف المدن، ولتفاوت اجتماعي حاد اذ غدا اكثر من 95% من شعب السودان تحت خط الفقر، واصبح السودان في مقدمة قائمة الدول الاكثر فقراً وفساداً في العالم، وانتشرت الامراض والاوبئة والمجاعات.)) ويقدم المشروع نسباً مئوية تكشف التدهور الإقتصادي من حيث إنخفاض الإنتاج الحيواني والزراعي والصناعي ونصيب الفرد من الناتج الوطني العام، وتناول سياسات الإغراء والتهميش ضد القوى الإجتماعية مما يؤكد التبعية الدولية ويمزق المجتمع.

    يلاحظ ان هذه السياسات انقذت الرأسمالية العليا من تطور التناغم بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحركة النقابية للإتجاه بمشكلات السودان إلى "المؤتمر القومي الدستوري" مما كان يهدد وجودها بحكم ديمقراطية تركيب المؤتمر العددية والنوعية والتنظيمية حيث تم تجاوز هذا التناغم بنجاح القوى الإسلامية في الإستيلاء على السلطة الليبرالية لحرية التملك وتخديمها بقوة في رفع صاروخي لأرباح الأنشطة الرأسمالية الكبرى ذات الدولة على حساب الأنشطة الرأسمالية القديمة التي كانت تستند إلى العلاقات الطائفية وعمليات الإستغلال والتهميش الصغير المتواصل للمنتجين والمستهلكين في تحقيق مصالحها، مما حقق تطوراً رأسمالياً كبيراً في السودان قام على توحيد الرساميل الكبرى في إطار البنوك الإسلامية وتحويل الدولة إلى مؤسسة رأسمالية صريحة بعدما كانت تدعي الحياد الطبقي، وتفجير الكامن الإقتصادي للثروات النفطية والمعدنية، مما فتح المجال لتضاعف الأنشطة التجارية والخدمية الصغيرة وخلق اسواقاً رأسمالية ناعمة (مغلقة) وأسواقاً رأسمالية طاحنة (مفتوحة) لها جمهور ونشاط كبير مقابل سوق سياسي فقير لا يستنير برأي سديد كالمقدم في هذه الورقة ولا يقدم فكرة مفيدة في تغيير الأوضاع المزرية لملايين المواطنين، يلوك شعارات الليبرالية دون أن يأخذ بيده مفاتيحها الأولى المتمثلة في مصادرة النظام الطبقي السابق لها. المهم بعد كل هذا التطور الرأسمالي الذي حققته الشراكة الذكية بين القوى الرأسمالية التقليدية والحديثة هل يمكن للحزب بكل تاريخه ووعيه أن يعشم في إتفاق مع كل القوى السياسية وفي نجاح تنفيذ هذا الإتفاق في المستويات الطبقية للوضع الإقتصادي الإجتماعي علماً أن إسهامات ومشاركات القوى الإسلامية التقليدية في البنوك الإسلامية وما يسميه "الرأسمالية الطفيلية الاسلامية" لا تقل بأي حال عن مشاركة القوى الإسلامية الأخرى؟

    إن نظام التملك الإنفرادي الخاص لوسائل الإنتاج في المجتمع وهو السبب الرئيس لكل أزمات العالم والسودان يحتاج في سبيل تغييره إلى فرز القوى السياسية وتصنيفها على أساس طبقي وجبهوي أما فرز القوى الحزبية فهو قائم من ناحية موضوعية وشكلية لا يحتاج إلى إعادة مآسي التاريخ وتكرار ذات النوع من التوافقات والإتفاقات التقليدية بين القوى الحديثة و "القوى التقليدية" تمهيداً لتكرار نفس الإنسحابات والتراجعات التقليدية التي تبديها القوى الرأسمالية بعد إستلامها السلطة الليبرالية التقليدية مما يزيد إنحسار جماهير الأحزاب ويفاقم عزوفهم عن العملية السياسية لصالح كرة القدم ولصالح العملية المعيشية والسوق ولصالح الإستغراق في التدين أو في الملذات، حيث يحس الإنسان بإلتزام وصدق أكثر في الموضوع الذي يقوم به، مما يحسه في تذبذب الأحزاب وتمايلها لسبب ما، بين الحلول الجذرية والإصلاحات التقليدية.

    ومن قبيل التذبذب بل وعودة اليتيم إلى مائدة اللئام والتناقض إجمال ما قاله نص مشروع التقرير في الفقرة الأسبق عن توافق كل القوى والفعاليات السياسية لحل الأزمة ومعارضته محاولات التوافق الحزبي بين العناصر الرأسمالية ((وتسعى الرأسمالية الطفيلية الاسلامية على سبيل فك العزلة من حولها وتوسيع القاعدة الاجتماعية والسياسية لنظامها، للالتفاف حول نيفاشا وعرقلة تنفيذها، وبالسعي للتحالف مع فئات الرأسمالية التقليدية تارة بإطلاق شعارات الوفاق والتصالح والتوالي، وتارة اخرى بإعتماد مخصصات مالية ضخمة وامتيازات لشاغلي المناصب الدستورية وأسرهم منذ الاستقلال، وفي كل الاحيان بقسم واضعاف كل التكوينات السياسية المناوئة لها.)) أملاً في إتفاق حزبنا أو توافقه مع تلك القوى الرأسمالية وهو الحزب الذي يفترض أن يكون مُحركاً لجموع القوى المُسَتَغَلَة والمُهَمَشَة ومُقَدَماً لحركتها السياسية!! ولكن مع ظهور هذا التصور مباشرة مالت دوائر حزب الأمة ورئاسته الى الحكم وناغمه في ذلك الجزء القليل الباقي من الحزب الإتحادي كما إنضمت أعداد كبيرة من عناصر وقادة ما يسميهم المشروع "الرأسمالية التقليدية" إلى صفوف (المؤتمر الوطني) إضافة إلى من إلتحقوا وإنضموا سابقاً إلى ذلك الحزب الوإتجاه وهو أمر يمثل فقط زيادة في الترابط الرأسمالي من الناحية الحزبية الضيقة حيث إن الترابط الرأسمالي قائم من الناحية السياسية في توافقهم على حرية التملك الإنفرادي الخاص المحلي والدولي لوسائل إنتاج الناس لضرورات عيشهم وحياتهم، مع ما ينتجه هذا الإنفراد من زيادة في المدى النوعي والجغرافي لعمليات الإستغلال والتهميش وتركيز قابض للسلطات والموارد في طبقة واحدة تتركز في مدن العاصمة تركيزاً يزيد أرباحها أرقاماً فلكية ويسقي رغدها كوثراً ونعيماً مفاقماً الدمار وملهباً الحرب في أمصار وأقاليم السودان البائسة المهمشة .

    26- التناقض بين التماهل والتوافق مع النظام الرأسمالي محلياً ومناهضته عالميا!!

    يتحدث مشروع التقرير عن قيام الحالة الرأسمالية بتمزيق وحدة البلاد وقدرتها على مواجهة فرض التبعية عليها قائلاً (إن هذا الوضع يهدد وحدة السودان، ويضعف من قدرات شعب السودان على مواجهة التحديات الماثلة من قبل حركة العولمة والنظام العالمي الجديد في سعيهما لفرض نهج التبعية وتكريسه وتمزيق وحدة البلاد. وهذا واقع يتطلب المشاركة النشطة في المنبر العالمي المناهض لسياسات العولمة وتوجهاتها.)) بينما جهة نفس هذه الحالة الرأسمالية في داخل السودان يقل مشروع التقرير في ذكر أي حلول جذرية لها مكتفياً بدعوة قوية لتغييرات ليبرالية بما فيها من (إصلاحات) إقتصادية يوجد مثلها في عشرات الأحزاب وهي نفس الليبرالية التي مكنت القوى الرأسمالية التقليدية من رعاية الأزمة الطبقية-الإقليمية في السودان وتنميتها بعد (الإستقلال)،حاصراً قضية الصراع الطبقي في أسبقية الوجه السياسي لها يؤجله بدعوته إلى حل تتفق عليه كل القوى السياسية ! بينما في جهة أخرى يتطلب المشاركة النشطة في المنبر العالمي لمواجهة العولمة وهو أيضاً منبر ليبرالي فضفاض يضم "شباب أوربا" الصالح والطالح منهم مع بعض الشباب في الهند وقوى ثورية أفريقية وكاريبية مع شباب الدول الثورية في أمريكا الجنوبية وهو يعقد كرنفالاً كبيراً موسمياً في أحد بلاد العالم ويتواصل بعض أفراده ومنظماته بدوائر شبكة الإتصالات مع بعضهم ولكنه أبعد ما يكون عن إمكان موضوعي نقابي أو حزبي منظوم يمكن من مواجهة أخطار العولمة، أفإن كان الحزب الشيوعي يسعى لمناهضة العولمة الرأسمالية بإجراءات شعبية منظومة في أنحاء العالم فعليه تقوية إلتزامه بتأسيس مركز عالمي موحد للأحزاب الشيوعية بدلاً لتوكيداته ضد إقامة هذا المركز و(أخطار تدخله في الشؤون الوطنية) بينما المعركة حتى في تقدير الحزب هي معركة أممية تخوضها شعوب العالم المستضعفة ضد نظام التبعية وآلياته المنظومة، فالغرابة أن يتحدث بلسان عن مقاومة نظام التبعية ثم يتحدث بلسان آخر في الداخل مبدياً رخاوة طبقية وسياسية في مسألة تغيير علاقات الإنتاج وفي مسألة التخطيط المركزي وفي مسألة التأميم وفي مسألة المصادرة وفي مسألة التوجيه الإقتصادي للأنشطة الخاصة، وفي مسألة الإنتظام الدولي للأحزاب الشيوعية!!!!!!!

    27 – رؤية ضعيفة للخروج من الأزمة:
    في ما سماه مشروع التقرير ((رؤية الحزب الشيوعي للخروج من الازمة)) تجد العبارات الجارحة لأبسط المفاهيم الشيوعية مثل:
    ((هويته الحضارية والثقافية)) = الخوف على هوية الوطن من العولمة !!
    ((تجزئة الثروات الحالية إقليمياً قصير النظر ويقود الى المساس بوحدة الوطن))
    ((ردم الفجوات التنموية القائمة بين الاقاليم، في قطاعات الاقتصاد المختلفة: صناعية وزراعية وثقافية وخدمية، عن طريق المعاملة التفضيلية للاقاليم والمناطق المهمشة عبر آلية الميزانية السنوية العامة وميزانية التنمية)) ((كما ان وحدة الوطن تتطلب آنياً دعم التنمية القومية في الاقليم الجنوبي واعادة البناء في دارفور وشرق السودان وجنوب النيل الازرق وجبال النوبة.))
    ففي هذه العبارات تجد نزعة ليبرالية ومركزية واضحة تتطلب حل أزمة السودان في اقاليمه عن طريق دعم مركزي من وزارة المالية للأقاليم!! غامضاً عن أن الوحدة الفعالة تتحقق الإستقلال الكامل لكل إقليم كجمهورية قائمة بذاتها بما لها وما عليها ثم تقديرها الخاص لإجتماع مصالحها وقواها على الدخول في إتحاد متكافيئ لهذه المصالح والقوى مع الجمهوريات الأخرى حيث إن مسألة (بند الدعم) أو الميزانيات الخاصة التي يتحكم فيها وكيل وزارة المالية لشؤون الميزانية تجاوزتها قدرات وحاجات الأقاليم ومستوى الوعي فيها.

    28- التخلي عن إنجاز برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية بحجة مراكمة مقوماته الضرورية!!!!!!!

    في يحموم دائرة توليد الإستغلال والتهميش للحرب وتعطيل الحرب للإنتخابات يقول مشروع التقرير السياسي ((ويستهدف الحزب الشيوعي عبر خطه السياسي وتكتيكاته وتحالفاته السياسية، مراكمة المقومات الضرورية وصولاً لتنفيذ البرنامج الوطني الديمقراطي، ويقف على رأس هذه المقومات : بناء التحالف الوطني الديمقراطي وقيام سلطته السياسية وجهاز دولته الديمقراطي القريب من الشعب والذي يفتح الباب واسعاً، بدستوره وتشريعاته وهياكله القومية، للديمقراطية السياسية والاجتماعية والاقتصادية وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة لتجديد بنية المجتمع السوداني.)) فعلي الجميع - بعد نبذ كل تاريخهم الثوري ونبذ فهوم الهندسة الإجتماعية وتأجيل كذا وكذا، وإنتظار كذا وإنجاز الإتفاق مع كذا- الإستعداد لإنتظار مراكمة المقومات الضرورة وصولا إلى تنفيذ البرنامج الوطني الديمقراطي بدون أي ثورة أو حل جذري للأزمة الطبقية-القومية وإستغلالها وتهميشاتها وحروبها، أي فقط بفوز الحزب الجديد المسمى "التحالف الوطني الديمقراطي" بالإنتخابات التي لن تعقد أو تأتي حرةً أبداً في ظل الحرب، التي بدورها ستظل مشتعلة مع تدفق نفط الإستغلال والتهميش على نارها وبذلك يكون مشروع التقرير السياسي للجنة تسيير المناقشة العامة المعد ليكون التقرير السياسي المقدم إلى المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني قد وصل إلى آخر إتجاهه وهدفه الليبرالي وهو إتجاه وهدف بإمكان أي شخص ملم محايد بتاريخ الصراع الطبقي والحزب في السودان أن يتصوره من خلال قرآءة بسيطة لبعض الإنتقادات التي وجهت إلى مشروع التقرير أو حتى بنظره مباشرة في مشروع التقرير السياسي حيث يجد المراقب المحايد هذه الليبرالية ماثلة في عملية إعطاب الحزب أو حله إن امكن!!


    29- الحركة السياسية على المستوى الطبقي والإقليمي أفيد لدعم علاقة الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة:

    قدم مشروع التقرير خارطة طريق بديعة على مستوى الهندسة الإجتماعية لدعم علاقة الحزب الشيوعي! بالطبقة العاملة تبدو مختلفة وحسنة في لغتها وفي سياقها عن جملة مشروع التقرير: تحتوي على نقاط نظرية وعملية متكاملة وآفاق وطنية ودولية مفيدة سوى نقطة واحدة يمكن تسويتها تتعلق بأسبقية تشغيل العمالة الوطنية على العمال الأجانب مما يضر العمال غير السودانيين ويحرمهم من إفساح مجلس لهم داخل براح المجتمعات السودانية والحركة النقابية السودانية. إضافة إلى هذه النقطة هناك نقطة أخرى تتصل بالدعوة إلى تمييز العمال المهرة والإختصاصيين في العمل النقابي وهم أرستقراطية العمال.

    من الأفضل للحزب الشيوعي دعم علاقته بالطبقة العاملة بتقديم تحليلات وحلول جذرية مدعمة بالأرقام للأزمة الطبقية الإقليمية بأبعادها الأساسية المتصلة بتكامل "عملية الإستغلال" التي تأكل جهود ووجود العمال و"عملية التهميش" التي تأتي بالمزيد منهم إلى سوق العمل، والفرق المتزايد بين إتجاه الرساميل الزائد إلى الأنشطة الأكثر ربحاً القليلة التشغيل والعمل وإتجاه عملية التهميش التابعة لها إلى ضديتين تزيدان بؤس الحالة الإقتصادية:1- إكثارها عدد المحتاجين إلى العمل المأجور مما يقلل فرص العمل ويضعف الأجور و2- إفقارها السوق الذي تمارس فيه الرساميل نشاطها للربح مما يحرم الناس بهذا الفقر من الإنتاج ومن حق العمل

    30- في النساء والشباب :

    راجع النقاط المتعلقة بالموضوع في "نقاط في دستور ولائحة وبرنامج الحزب"

    31 - صراع الإتجاه السياسي والإتجاه الإجتماعي داخل الحزب لتقويم طبيعة التحول التقدمي الذي حدث بإنقلاب 25 مايو 1969:

    تاريخاً نشأ النظام الديمقراطي في حضارة أثينا بإنقلاب دموي ومذابح ضد النظام التكنوقراطي العلماني، كذلك نجد إن كل النظم الديمقراطية الليبرالية القائمة الآن في أوربا وأمريكا الشمالية نشأت بإنقلابات وثورات عسكرية دموية يبلغ عدد ضحاياها المباشرين وغير المباشرين (بالموت) في حروب أوربا ثم حروب نابليون ثم حروب الإستيطان والإستعباد والإستعمار والحروب العالمية الأولى والثانية وحتى الحرب العالمية (الثالثة) الدائرة الآن إلى حوالى بليون نسمة، وكل النظم الشيوعية والإشتراكية إتصلت بثورات وحروب دفاع وهجوم لها ملايين الضحايا، حيث إن التحكم في وسائل العيش والحياة والمصالح الطبقية والسياسية المرتبطة بها تعد مسألة حياة أو موت ولها بعد عسكري هو ان السُلطة الحاكمة عن طريق القوة والإمكان القانوني لتخديم العنف تقوم بعملية قهرية وقمعية متنوعة لضمان سلامة وجود مبنى السلطة وحركة إنتقال موظفيه ومتعامليه، مثلما تضمن نفوذ وتطبيق قرارته داخل أو خارج القوانين المألوفة.

    ومنذ إنقلابات القصور في الإمبراطوريات القديمة المحترمة وما تلاها من إنقلابات العصور الوسطى وعصر النهضة ثم إنقلابات وغزوات إفتتاح العصر الحديثة حتى الحرب العالمية الأولى كانت مسألة العنف العسكري في العمل السياسي مسألة مألوفة تواصلت بتطور نوعي حين قامت القوى الليبرالية الأمريكية بعد ذلك بإفتتاح حركة النظم الإنقلابية العسكرية الحديثة في القرن العشرين بداية من حروب أمريكا الجنوبية القديمة والحديثة ثم نقلتها إلى أوربا الجنوبية وآسيا وأفريقيا مع نهاية الحرب العالمية الثانية. والإنقلابات الثورية الوحيدة التي حدثت كانت في المنطقة العربية الأفريقية متأثرة بظرف القهر الطبقي والقومي وهوان المعيشة والقمع في جهة الشعب والفساد والخيانة الوطنية والبذخ في جهة السلطة. وكانت المنارة الهادية لتلك الإنقلابات هي ثورة 23 يوليو 1952 التي قادها تنظيم "الضباط الأحرار" وهو تكتل تكون داخل الجيش المصري (المغدور به في فلسطين) وكان التنظيم شيوعي- ديمقراطي (حدتو) التأسيس يحتوي تنويعات حزبية أخرى كانت بالغة الشراسة في التمسك بالسلطة ومحاولة إخضاعها لبرنامجها الخاص وعلاقاتها المحلية والدولية (اللواء محمد نجيب مع أحزاب البشاوات القدامى وبعض الإخوان والإنجليز) و(الإخوان مع بريطانيا) وقبل نجاح الثورة المصرية كانت في العراق وسوريا محاولات إنقلابية ضعيفة فكرياً وتنظيمياً. وقد تجهجهت هذه الإنقلابات والثورات من مصر إلى الجزائر والعراق واليمن مع تولي "المنشفيك الجدد" زمام الأمور في حزب وإتحاد جمهوريات السوفييت الإشتراكية في إنقلاب مدني متدرج ضد أصول وسياسات الحزب مثل الذي يتم حالياً في داخل الحزب الشيوعي السوداني، ولعل لإنقلاب المنشفيك أثر في إصدار وثيقة "إصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير" وإنتعاش أفكار "الحزب الإشتراكي" و"الإتحاد الإشتراكي" في الوقت الذي فقدت فيه جميع القوى الثورية وحدة الموقف الآيديولوجي الذي كانت تستند له. وقد كانت هناك إنقلابات شهيرة في التاريخ الشيوعي منها إنقلاب ماركس على رابطة العدل (الماسونية) ونبذه تأويلاتها وصراعاتها وآفاقها الدينية والإلحادية وتخلفها عن حركة حاجات ومصالح وتطور قوى الطبقة العاملة، وكذلك إنقلاب ماركس أيضاً على الإتحاد الإشتراكي الدولي "الدولية الإشتراكية" بنقده "برنامج غوتا"،ثم إنقلاب لينين وإستالين على المناشفة فإنقلابهم عليهما وإنقلاب ماو زي دونغ بكل مدرسة الفلاحين التابعة للحزب الشيوعي الصيني على الحزب والدولة منطلقاً بالمدرسة في دروب الثورة، كذلك إنقلاب الحركة السودانية للتحرر الوطني على الأساليب والقيادات القديمة. والإنقلابات الداخلية في الأحزاب الشيوعية الأوربية والعربية. وبالطبع الإنقلابات الكبر حسب المصالح التجارية في الأحزاب الليبرالية
    الفرق الرئيس بين الإنقلاب الليبرالي العسكري أو المدني والإنقلاب الثوري العسكري أو المدني ان الأول يثبت حرية السوق والتملك الفردي الخاص لوسائل الإنتاج والثاني يقف ضدها متبنياً (بعض) مبادئي الديمقراطية الشعبية وفق ظروفه المحلية والدولية.

    في السودان تتكامل الإنقلابات المدنية والعسكرية في دائرة الأزمة الليبرالية لتنظيم الإقتصاد (تدهور مستوى المعيشة يؤدي إلى إنقلاب يفشل في تحسين الإقتصاد مع سماحه بالتملك الفردي لوسائل الإنتاج والخدمات فتحدث ضده إنتفاضة شيوعية التنظيم يستلم بعدها الليبراليين الحكم فتتفاقم الأزمة المعيشية فيحدث إنقلاب وهكذا) بعد إنسحاب ثورة أكتوبر أو فشلها أو إستسلامها تحكمت الثورة المضادة والديكتاتورية الليبرالية في السودان 1965-1969 منتهية إلى سحق كل التقاليد اللليبرالية وإنتهاك كل الأصول الدستورية والقانونية العامة وإلى شروعها في تكريس ديكتاتورية ليبرالية صريحة بشعارات دينية إسلامية تحول السودان إلى مشيخة يمينية قديمة. فكان تكوين الجبهة الإشتراكية ضد جبهة الميثاق الإسلامي، وتوقد الضباط الأحرار (قوميين وشيوعيين وديمقراطيين) وقاموا بإنقلابهم الشهير في 25 مايو 1969.

    مع تضاربات فلسفية كثيرة حول طبيعة التنظيم الديمقراطي والحزب، والثورة والإنقلاب، والدولة والثورة، والحكومة والدولة، والجماهير والقوة الطليعية، والقوى الإشتراكية والإتحاد الإشتراكي، والميثاق والدستور، والفرق بين التقدمية والإشتراكية والشيوعية، وبين شبه الإقطاع والبرجوازية الصغيرة، وطبيعة المرحلة الثورية والمرحلة الإنتقالية، والتاريخ والعصر والزمن، كان ذلك الإنقلاب محلاً للإختلاف في تقييمه داخل الحزب الشيوعي السوداني بين تيار يرى أهمية الدولة واجهزتها في عملية التغيير الإجتماعي وهو التيار الذي أم الإنقلاب، وتيار كان يرى أهمية حرية الحزب والتنظيمات الجماهيرية والتطور الديمقراطي (الليبرالي) في نجاح أي إمكانية للتغيير الإجتماعي.

    مع إختلاف الحزب خرج كل نصف للجنة المركزية مع فريق وخرجت أغلب قيادات النقابات وإتحاد المزارعين وقيادات إتحاد الشباب والإتحاد النسائي إلى جانب إنقلاب مايو وبعيداً عن لغط الملكية والمدنيين وكل هذه (الضجة) البرجوازية الصغيرة خرج الضباط الأحرار الشيوعيين والديمقراطيين بثبات إلى إنقلاب 19 يوليو 1971 نافذين من فشله إلى رحاب الخلود وقد كانوا بفدائيتهم وطليعيتهم في إنقلاب مايو وبفدائيتهم وطليعيتهم وإستشهادهم في الحركة التصحيحية لمساره، فاتحين لأفق جديد في وجدان الشعب ووعيه يتصل بتحويل قضية الطبقة العاملة من رفوف المكتبات وصخب بعض مكبرات الصوت إلى قلب السُلطة والنظام السياسي للدولة.


    النجاحات التي حققتها سلطة 25 مايو في التأميم وتنظيم الإقتصاد ومكافحة العطش والثورة التعيلمية والمراكز الصحية ومراكز الشباب والمشاريع الزراعية والصناعية، و(توازن) العلاقات الخارجية، وتوطيد السلام في الجنوب، ومحاربة الرجعية والقوى التقليدية والحكم الشعبي المحلي كانت نتيجة تضافرات نقابية وثقافية وعسكرية تحت شعارات التقدم والإشتراكية وقد إستمرت سنوات قليلة ثم بدأت في الفشل نتيجة إستمرار العلاقات الليبرالية التجارية كأساس للنشاط الإقتصادي، وزيادة تكلفة الخدمات عن قُدرة الإنتاج الداخلي وعائدات التصدير الخارجي معاً ففي وقت كان فيه النفط أهم بنود الصرف الخارجي كان معظم إستخداماته لسيارات الدولة والأجهزة العسكرية، وفي وقت زادت فيه إمكانية بعض الشرائح في الإستهلاك كانت مكيفات أحياء الدرجة الأولى تلتهم معظم الكهرباء المنتجة، سافهة القطاع الصناعي وسواد جماهير المدن، وبينما كانت أسعار المنتجات المدينية تأكل دخل الريف كان الريف يلجأ إلى التسويق الزائد لموارده وإلى الهجرة إلى المدن، فلم تمضي سنوات قليلة بهذه السياسة الليبرالية التمركزية التهميشية في حقيقتها إلا وإستحكم الضيق والإفلاس وبدأت الحاجة مآسة إلى الديون العربية والدولية مما تحولت بها سلطة 25 مايو من التقدمية والإشتراكية إلى المصالحة والإنفتاح بسبب الضغوط الدولية المعززة داخليا والضغوط الداخلية المعززة خارجياً وزادت على ذلك بالتحول من القبول بالآخر إلى الإنمساخ فيه فبدأت في الدولة في التحول من جمهورية إلى إمامة بل بدأت كثير من شخصياتها وآلياتها في التحول حتى من الإمامة إلى مشيخة يمنية قديمة.


    من هنا يمكن القول إن السياسة الليبرالية الماثلة في حرية التملك الفردي لوسائل الإنتاج الإجتماعية وما تنتجه من إنفراد الطبقة المالكة بالتحكم في توزيع جهود الإنتاج وثمراته وإستئثارها بإستفاضاته وخيراته دون ملايين الناس الكادحين عليه، تنتج سواء في صورها المدنية وصورها العسكرية إستغلالاً وتهميشاً واسعاً يؤدي لإضطراب إستقرارها السياسي الظاهري وتحولها دورة بين هذين النمطين، وإن كان تقدم قوى الإنتاج يتم في شقي هذه الدورة بمعدل معين، فإن تدهور علاقات الإنتاج وشروطه الإجتماعية يتدهور بمعدل أكثر و أكبر، وعلامة ذلك من قرآءة تأهيل ونوع وساعات العمل وأجرته بالنسبة إلى العامل القديم ومدى نجاحها في سد متطلبات عيشه، ومقارنتها بتأهيل ونوع وساعات وأجرة العمل بالنسبة إلى العامل المعاصر (2008) ومدى نجاحها في سد متطلبات عيشه.

    إن تقييم ما يتصل بكل حدث سياسي يتصل موضوعياً بحساب الوضع الطبقي ووضع صراع المصالح الطبقية كمنظار لقرآءة التحولات المعيشية والإجتماعية والثقافية ووصول تراكماتها العامة إلى درجة توجب فتح الطريق لها، حتى لا تنفجر عشواءاً وهي الدرجة التي يمكن معرفتها من وجود مجموعة من البؤساء والشحاذين في ناصية ووجود قصور وسيارات فارهة في ذات الوقت مما لا يحتاج إلى كثير من الدراسات الظاهرية أو الباطنية. يتجه مشروع التقرير الذي أعدته لجنة تسيير المناقشة العامة حول إنقلاب 25 مايو وطبيعته إلى تحليل الموقف كعملية بوليسية أو حتى جاسوسية يقول ((وشاركت السلطة بقسط وافر في صراعات الحزب الداخلية وبمختلف إشكال الدعم المادي والسياسي للعناصر اليمينية التصفوية ))، بينما تتجه بعض فقرات كتاب محمد محجوب عثمان "الجيش والسياسة" وهو المسؤول العسكري في الحزب آنذاك إلى توضيح إن الحزب نفسه كان له دور مشابه داخل السلطة في مجلس قيادة الثورة، مع إيماء إلى إستمرار اللقاءات بين محمد إبراهيم نقد ونميري حول موضوع الميثاق أو بحجته في وقت كان الحزب قد اخذ قراراً بمقاطعة السلطة!! بدل الإعتماد على تحليلات بوليسية الأنجع ذكربعض نقاط ضعف أفشلت إنقلاب 25 مايو 1969 وبعده 1971 مثل:

    1- إختلافات التركيبة الطبقية والفئوية للجهاز المدني والجهاز العسكري في الحزب وصلتها بالصراعات الشخصية في كل منهما،

    2- التعامل المستسهل للإختلافات الآيديولوجية في كل المعسكر الإشتراكي دولاً وأحزاب وتنظيمات،

    3- إنعدام الخطط العامة لمواقف أساسية بل والتعامل مع كثير من المواقف الحساسة بسياسة رد الفعل،

    4- التفاوت المطلوب والتفاوت المرفوض في مسآئل الحزم والمرونة داخل التحالفات وداخل التنظيم الحزبي،

    5- الطبيعة الإرتجالية لإصدار البيانات سواء من السكرتارية أو من اللجنة المركزية،

    6- ضعف الصلة بين الحزب والتنظيمات المناصرة له وحتى بين الحزب وبعض مكاتبه وإعتمادها على نشاط بعض الأفراد

    في جملة توكد هذه المعاني تأتي بعض فقرات مشروع التقرير السياسي: ((وعندها إذا توفر للجماهير التنظيم والوحدة واختارت الوسائل المناسبة وكانت على رأسها قيادة مدركة ، فأن الثورة ستنفجر. غني عن القول أنه ما كل ثورة تتفجر لابد أن تنتصر حتما. لكن خوض الثورات بنجاح إلى الانتصار له قواعد وفنون لابد من حذقها ، ليس من بينها الهواية أو التردد أو عدم الاستعداد . فما أكثر الثورات والانتفاضات التي فشلت رغم عدالة قضيتها وشجاعة جماهيرها وقياداتها. ومن الممكن دراسة كل حالة والتوصل إلى أسباب النجاح والفشل )). (( غير أنه من المهم التوكيد على ان القوة التي يتمتع بها نظام ما مهما بلغت لا تمنع مقاومته ومنازلته ومعارضته ، مرة ومرتين وأكثر وأخيرا هزيمته)) ولكن في فقرة أخرى يقول المشروع بشيء ضد كل هذه السطور هو: ((أن صغار الضباط يسود بينهم مفهوم أن الدعم الوحيد الذي بالإمكان أن يقدموه للشعب هو القيام بانقلاب عسكري بينما هناك خيارات أخرى ))؟؟!! والعبارة السياسة هي الإنتظار فصغار الضباط عليهم الإنتظار، والعمال عليهم الإنتظار، وعموم المستغلين والمهمشين عليهم الإنتظار، والشباب عليهم الإنتظار، والنساء عليهن الإنتظار، و المنظمات والحزب كلهم عليهم الإنتظار أو على الأقل محلك سر. واليمين يعيث فساداً

    32- الأسباب الجذرية لفشل الإنتفاضة وإنتصار "مايـو 2":

    1- وهم تطور القوى المنتجة بإستقلال تغيير علاقات الإنتاج قاد لبرنامج متواضع في طبيعة حشده وأهدافه،

    2- الطبيعة الإرتجالية لحشد كل الأحزاب والتنظيمات دون معيار طبقي،

    3- إضعاف التجمع النقابي بالتجمع الحزبي،

    4- ضعف القيادات العسكرية الوسيطة والصغيرة في عدم تصديها لقيادة الإنقلاب الإحترازي لوزير الدفاع،

    5- التشتت الزماني والموضوعي لحركة الإضرابات بعد الإنتفاضة،

    6- الإحتراس في التعامل مع الحركة الشعبية ومع جماهير الهامش في العاصمة، ومحاولة إشراكها في نظام ليبرالي الإقتصاد،

    7- عزل الحركة السياسية للحزب عن التعامل مع مؤسسات النظام الليبرالي في السوق،

    8- الإستغراق في قضية العدالة الجنائية على حساب قضية الديمقراطية الإقتصادية والإجتماعية،

    9- الإستغراق في أنشطة جماهيرية وكرنفالية على حساب الديمقراطية داخل الحزب،

    9- ضعف الخطاب الأول للحزب في المهرجان اليتيم لعيد العمال وإستهلاك جزء كبير من إعلام الحزب الرسمي والشعبي في خلافات القوى التقليدية ثم في خطاب الميزانية الجيد الشهير دون طرح طبقي واضح (التفاصيل في رسالة ك إلى الميدان أبريل 1986)

    10 - عدم الإستعداد السياسي والنضالي لإحتمالات الإنقلاب العسكري والإتجاه مع القوى التقليدية إلى لوم الحركة الشعبية لتحرير السودان والإستغراق في محاولة جرها من ساحة القتال إلى مقاعد مفاوضات لم يمكن تحديدها حتى (إنقلاب) مذكرة الجيش.

    33- أخطاء حزبنا في مواجهة الحكم الإسلامي :

    1- عدم التصدي للإنقلاب بالوسائل المتاحة (خشية على الشباب من الأذى وعلى البلاد من الحرب الأهلية)!!

    2- عدم التصدي لموجة عمليات القمع والإضطهاد الأولى 1989-1992 والثانية لغاية الآن (خشية على البلاد من الحرب الأهلية)!

    3- شكل التضامن مع القوى التجارية والمالية (في وجه إجراءات أسلمة السوق) بصورة تفوق التضامن مع العمال والمهمشين.

    4- عدم التنظيم المسبق لكثير من عمليات التأمين الحزبي مما أدى لتشتت كثير من الجهود ولخسائر في بعض الأحيان.

    5- عدم وجود تنظيم كفء آمن لكوادر الحزب في الحياة المدنية وفي الجيش والأمن وفي داخل حركات التحرير.

    6- الإستغراق في التحالف السياسي مع القوى الليبرالية الأخرى لحرية السوق ومع مطاولاتها ومناوراتها المحلية والإقليمية

    7- ضعف التعامل مع قوى الهامش على غض تكوينها ومع قوى اليسار على ما فيها من إنقسامات

    8- الحذر والإحتراس من التعامل اليومي والطويل المدى مع الحركة الشعبية، (لقاءات علاقات عامة متباعدة)

    9- التباين الزمني في مزج أنواع الضغط المدني والعسكري والمحلي والإقليمي والدولي (كل زول شغال بطريقته)

    10- الإشتراك في البرلمان الإنتقالي المكون بمقتضى إتفاق نيفاشا رغم إنه كإشتراك أو كبرلمان لا يحل ولايربط

    إن تجنب مايمكن تجنبه الآن من هذه الأخطاء يساعد كثيراً في تحقيق الهندسة الإجتماعية التي ينادي بها مشروع التقرير بقوله(لتعميد طريق التراكم النضالي وتنمية حركة الاحتجاج ضد سياسات الإنقاذ ولاستجلاب التضامن ألأممي عالمياً وإقليمياً ، مع هذه الحركة)) حتى لا تبدد تراكمات كبرى من التي يشير لها مشروع التقرير بقوله( فقد وقع أربعون إضراب للعاملين خلال أقل من 6 شهور في الفترة من ديسمبر 2006 وحتى منتصف يونيو 2007. وبعض هذه الإضرابات عم ولايات بأسرها)) أما كان بالإمكان جمع 10 عشرة منها فقط في زمن واحد محاط بتظاهرات كبرى وحركة قوية للتضامن مناطق الهامش التي أضربت عنها الدولة 60 سنة مع الإقرار بـ: ((إن المدى الزمني للوصول لمرحلة الأزمة الثورية الناضجة تحدده عوامل موضوعية وذاتية متنوعة ، [وإنه] قد يطول أو يقصر هذا المدى الزمني ولكنه في النهاية آت لا محالة)) ولكن هل يمكن أن يكون رفع 500 كاتب لمذكرة شكوى ومطالبة لرئيس الجمهورية بوضع حد لجماعات الهوس مفيداً في إنضاج الأزمة الثورية؟ وهي أزمة تكاملت عواملها ونضجت قبل زمان طويل لدرجة إقترابها من الفساد إن لم نحسن التعامل معها) لقد كان الأفضل للخمسمآئة كاتب تخصيص جوائز رمزية لأقوى مقالة إنتقادية أو قصة قصيرة أو طويلة أو قصيدة أو مسرحية يكتبها طالبات وطلاب المدارس فرادى أو زرافات وتنشر في الصحف مثلاً في شكل مسابقة دورية بسيطة أو حتى برسوم بدلاً لهذا الإجراء القانوني الذي يقع إختصاصه على غير الكتاب والأدباء، في هندسة إجتماعية ذات شكل تربوي أدبي وفني وصحافي، تقلل إمكاناته الموضوعية والجمالية من إمكانات عقلية الهوس.

    34– وهم إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية دون ديمقراطية شعبية وتخطيط إقتصادي وتأميم لفروع البنوك الأجنبية والمصارف الإسلامية والتجارة الخارجية والمؤسسات المشتغلة بنهب ثروات السودان؟

    في نص يتعمد إغفال ذكر إصطلاح (الثورة) يذكر مشروع التقرير الذي اعدته لجنة تسيير المناقشة العامة إجراءات لتحقيق ما سمته "المشروع" تارة و"البرنامج" الوطني الديمقراطي" (دون أي ثورة في الحالين رغم إن السياق الحركي السياسي الذي يحقق هذا البرنامج في حياة الناس كبرنامج هندسة طبقية إقتصادية إجتماعية شاملة من الضرورة أن يكون ثورياً، لأن المصالح والآليات التقليدية كما يوضح نص المشروع تقف بطبيعة تكوينها وتاريخها على الضد منه، ولكن الأهم في هذا الإنتقاد هو توضيح خلو التقديم الجديد لهذا البرنامج الثوري من عناصر فعاليته وهي: تأميم فروع البنوك الأجنبية والمصارف الإسلامية والتجارة الخارجية والمؤسسات المشتغلة بنهب ثروات السودان والديمقراطية شعبية والتخطيط الإقتصادي-الإجتماعي الشامل. فدون ضبط شعبي ثوري للإقتصاد والسياسة سيكون الأمر مجرد إعادة مجددة للقوى الليبرالية التقليدية والإنقاذية بذات أسلوبها الإقتصادي المؤدي للتبعية والإستغلال والتهميش أي بذات العقلية الفذة لمقولة اللواء محمد نجيب (أهه خلاص بأأأه شلنا الملك نرجع بأأأه للأحزاب) !!! أمن الممكن تحقيق تطور مستقل وتنمية متوازنة بهذه الإجراءات المعالم في البرنامج الوطني الديمقراطي الخالي من عناصر الضبط المالي والتجاري ومن التخطيط: (( ا1- الدستور الديمقراطي والحريات السياسية والنقابية وقيام دولة المواطنة المدنية والجمهورية البرلمانية وقومية أجهزة الدولة جميعها . 2- السيادة الوطنية . 3- دعم وتطوير القطاع العام والتنمية المتوازنة والتصنيع . 4- انجاز الإصلاح الزراعي بشقية الزراعي والحيواني وانتهاج علاقات أنتاج الشراكة والحساب الفردي . فالثورة الوطنية الديمقراطية هي في نهاية الأمر ثورة التقدم والإصلاح الزراعي . !!!! 5- تجميع صغار المنتجين والحرفيين وتمويلهم . 6- الثورة الثقافية 7-- الحل الديمقراطي للمسالة القومية والجهوية .8- وضع حد لكافة أشكال التمييز ضد المرأة..))

    والسؤال الإنتقادي التقويمي المناسب موضوعيا لتقليل التنافر في هذه البرنامج هو كيف يتم وضع حد للخصخصة العشوائية ؟ وما هي الجهة الزمنية لهذا العبارة الزلقة وضح حد للخصخصة العشوائية؟ و ماذا عن الخصخصة المنظومة؟ أتسري بطريقة عفا الله عما سلف لكن من هنا ولقادم؟ أم ستسري على الخصخصة التي تمت في الماضي بداية من سنة 1978؟ (تاريخ البنوك في السودان)

    35- تغليب الهم بالرأسمالية الوطنية على الهم بالطبقة العاملة الصناعية في صيغة القوى المنوط بها تنفيذ ما يسمى "المشروع الوطني الديمقراطي" وهو غير مشروع وبرنامج الثورة الوطنية الديمقراطية.

    ((انها قوى الجماهير العاملة في المصانع والمعامل والحقول والمراعي، وقوى المثقفين ، وكل الطبقات والفئات الاجتماعية التي لها مصلحة في إنجاز البرنامج الوطني الديمقراطي بما في ذلك فئة الرأسمالية الوطنية المنتجة وغير المرتبطة بالاستعمار في الصناعة والزراعة والخدمات . )) ((غير أن تحالف هذه القوى في جبهة وطنية ديمقراطية لا يتم بشكل هندسي عمودي، وإنما يتشكل هذا التحالف عبر حركة نضال يومي تتشابك فيها التحالفات السياسية الرأسية مع التحالفات القاعدية وعبر انتشار حركة التنظيم وتقديم البديل في مختلف آفاق الحياة .)) ((الرأسمالية الوطنية المنتجة لم تختف من مسرح الأحداث كقوى اجتماعية لها دعاماتها القاعدية بين أثرياء ومتوسطي المزارعين وفي الصناعة والتجارة والخدمات)) ((الإصلاح الاقتصادي وترميم وعلاج التدهور في الاقتصاد سيساعد في استعادة مواقعها وتحفيزها لاستثمار أموالها في التنمية.))

    ومع هذا الجهد المضاف لتطمين الرأسماليين بأن (الثورة) أو(التحولات) الديمقراطية ستساعدهم بقوة في الإستغلال والتهميش يبدو إنه لو صرف التقرير بعض جهد تقديماته وهجوماته ودفاعاته وتبريراته وتسويفاته وشروحه لوضع الرأسمالية في قضية الثورة إلى جهة القضايا العامة للطبقة العاملة في المدن والمهمشين في الريف وجانب للمشكلات الأخرى الإجتماعية والثقافية للخرج ببرنامج أكثر منطقية من هذا البرنامج الذي يحتاج فيه مرة إلى فرز الرأسمالية التقليدية عن الغير تقليدية ومرة لفرز التقليدية عن الطفيلية ومرة لفرز الطفيلية لإسلامية ولغير إسلامية مرة يحتاج إلى نكتها وإخراجها من ضهابيب بعض الحواشات الخاسرة او الرابحة ومرة يستعيدهارغم كل ظروف القهر والمنع والدمار إستعادة شاعر عربي لمحبوبته الممنوع عنها أو الممنوعة عنه يقول: ((ترميم وعلاج التدهور في الاقتصاد سيساعد في استعادة مواقعها وتحفيزها لاستثمار أموالها))!!!!! بمعني صرف كل هذه المشاق والنضالات والتضحيات ليأتي مشروع التقرير قائلاً إن ترميم وعلاج التدهور في الإقتصاد يساعد على إستعادة مواقعها وتحفيزها لإستثمار أموالها ؟؟؟ دون أن ينظر إلى إي من السطور والحالات الكثيرة في العالم التي تتحدث عن العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والتدهور الإقتصادي خاصة إذا ماكانت بلا إستعمار قديم أو حديث!!!! ولكن لو سلمنا بهذا الأمر من الإقتناع بضرورة كفالة مصالح الرأسمالية الوطنية المنتجة في البرنامج الوطني الديمقراطي وإفساح المجال لها في خطة التنمية مع تحفيزات لها في قوانين الاستثمار، وضمانات بعدم المصادرة إلا بإحكام قضائية . فالمشروع مطالب بإجابات منطقية على أسئلة من نوع:

    1- من الذي يضع خطة (للتنمية) في نظام ليبرالي الإقتصاد والسياسة؟

    2- كيف ستوضع خطة للتنمية مع سيبان أو\حرية التعاملات المالية والتجارية المحلية والدولية؟

    3- كيف ستزدهر الرأسمالية الوطنية في ظل التنافس الرأسمالي الذي يعيق تطورها بمنافسته وبتضخماته وإنكماشاته؟

    4- ماهي سياسة الدولة من حالة تعارض المصالح بين الطبقة العمالية والطبقة الرأسمالية بالنظر إلى إن الحقوق العمالية تمنع التطور الرأسمالي كما إن التطور الرأسمالي نفسه يحد الحقوق العمالية والإنسانية؟

    الأزمة الأساسية لمشروع التقرير السياسي هو تغييبه أو نسيانه الضرورة الموضوعية لإرتباط تقدم القوى المنتجة في السودان بتغيير علاقات الإنتاج وما يتطلبه ذلك من تغييرات متنوعة متزامنة لأعمال الحزب ونضالاته الجماهيرية حتى لا تبدد في ظروف إقتصاد ودولة التبعية.

    36 – ضرورة توكيد "الماركسية اللينينية" في الحزب الشيوعي السوداني بدلاً من إزاحتها:

    السائد في عالم التنظير الإشتراكي إن ما يسمى "الماركسية" هي السمة الغربية للعملية العملية أو العلمية أو الإعلامية لتناول فكر ماركس كإنتاج شخص أو عالم أو حكيم تأثر في إستنباطه بالعوامل المؤثرة على شخصه كأي إنسان، فيقسمون فكر ماركس حسب عمر ذهنية صاحبه أو حسب ذهنية عمره إلى مراحل شباب (رعونة) ومرحلة حكمة في كهولته، كذلك يقسمونه جغرافية إلى مرحلة ألمانية ومرحلة بلجيكية –باريسية ومرحلة إنجليزية، وحسب ظروف نشاطه إلى مرحلة الدراسة، ومرحلة رئاسة تحرير الجريدة الجديدة، ومرحلة البحث إلخ مما يعزل فكر ماركس عن كينونته الثورية الضوئية التي تجمع بشكل جدلي متقدم وراق ومتفتح كل من الفلسفة والتاريخ وعلم الطبيعة والإقتصاد السياسي والسياسة والحقوق وعلم الأخلاق وعلم الجمال في كتلة حركية واحدة جديدة. وقد وقف ماركس ضد تشخيص الفكرة وتحديدها بظروف منتجها لا بكينونة إنتاجها كما وقف ضد تزييف وضد أيقنة وتصنيم أعماله بدلاً عن ربطها بإضطراد مع متطلبات التغيير الثوري للمجتمع حيث رفض التشخيصات اللاموضوعية ورفض في برنامج غوتا تحويل أعماله إلى مستوى الإشتراكية الديمقراطية بقوله إذا كانت هذه هي الماركسية فلست ماركسياً، ولكن بعض (الماركسيين) لم يعبأو بقوله فبهذه التقاسيم والتقسيمات يتم تفريد فكر ماركس عن فكر موجهه ومجادله ورفيقه إنجلز، بل وتتم تصفية فكره نفسه من تفكيره، وبعد ذلك تتم عملية الإختطاط من مؤلفاته وسلسلة موضوعاته وفقراتها بإخارجها عن سياقاتها الموضوعية الثورية الإجتماعية الصغرى والكبرى لصالح سياقات البحوث والدراسات ونيل الشهادات وحيازة الوظائف ونشر الكتب والمقالات في النصف الثاني من القرن العشرين حسب أغراض الباحث، أو غير ذلك أغراض المتعامل مع بعض نصوص ماركس أما في السياسة فيُخدم إصطلاح "الماركسية" من قبل كل الناقمين على "اللينينية" أو لينين (وحتى للماركسية) رامين إلى عزل الحركة الثورية من تنظيرها العملي في عصر الإستعمار والإمبريالية:فبينما تتميز "اللينينية" بتنظيراتها للمرحلة الثورية والحزب الجديد اللاعنصري-قومي واللاطائفي وإقطاعي واللابرجوازي ، الطبقي العمالي، وبالكينونة الثورية للنظرية واعضاء الحزب ونضاليته الإجتماعية المتقدمة الجامعة بين الدراسة والتطبيق والتقويم، وبتكتيكات جمع أصلب القوى الثورية وضرب أضعف النقاط في التشكيلات الرأسمالية، ومزجه التحرر الطبقي بالتحرر القومي والوطني وبقضايا الريف وقضايا المدينة وبأفقه العالمي في النظر إلى الكينونة الإمبريالية للنشاط الرأسمالي في طوره الأعلى وللإستعمار العالمي (كشكل) أو نشاط لهذه الإمبريالية، وفي نظر لينين والحزب للإنتظام الطبقي والوطني والأممي ضد الإمبريالية وأشكال تواجدها في كل بلد كوسيلة فعالة لحق الشعوب في تقريرمصيرها..إلخ وكمقدمة مادية تاريخية منطقية لحرية الطبقة العاملة في كل بلد.

    بعد تسمم وضعف وقتل كثير من النضالات الشيوعية في أورباالجنوبية والشرقية ظهرت في الإعلام الإمبريالي وفي وحدات الدراسات السياسية بعد أحداث1965 و 1985 ضد االنظم لليبرالية، وأحداث 1989-1992 ضد النظم الإشتراكية للاحزاب الشيوعية وحلفاءها حالة ترويج لما سمته (تخلص الأحزاب الشيوعية من "الماركسية-اللينينية") وهي أحزاب إنشقاق في بعضها تواريخ معارك الحرب العالمية الاولى والثانية بما فيها من تعصب قومي ضد الروس، وفي بعضها تواريخ تعصب ليبرالي ضد الشيوعية تغذيه القوى الإمبريالية وقد قفزت تلك الإنشقاقات فرحاً وطمعاً من داخل بيوت الأحزاب الشيوعية بالذات حين إحتضار ووفاة شيخ القبيلة نشطة لحرق آثاره وإتلاف حسناته وهي تختلف موضوعيةً وإسماً وشكلاً وعلماً عن الشق الماركسي-اللينيني الذي وسموه بالجمود وبعد سنوات قلة لم يبق واحد من تلك الأحزاب الإنشقاقية على قيد الحياة بعد خروجه على المبادئي الماركسية اللينينية، وأضحت المصارف والقوات الأمريكية هي المهيمنة على الموقف في تلك البلدان. المهم إن الدعاية المضادة واصلت تنفيرها الناس من اللينينية ومن الشيوعية ككل.

    في السودان وعموم الشرق الأوسط ترادفت إعلاماً هذه السمة بصورة حديثة من مصادرها الأوربية والأمريكية ومن أخبار إنشقاقات أوربا الشرقية بعد 1992 رغم إن نظرية حركة التاريخ والعوامل المادية الإقتصادية لعيار وقياس حركته في المجتمعات والعوامل الموضوعية في السودان هي التي تجعل الأكثر موضوعية هو إسترشاد دستور ولائحة وبرنامج الحزب بصورة عامة متناسقة بكينونة النظرية الماركسية-اللينينية في قرءاة عناصر وتناقضات المجال السياسي وتحديده الإمكانات الطبقية والقومية والوطنية والأممية للتغلب على هذه التناقضات في المستويات الإقتصادية الإجتماعية والثقافية للفعل السياسي، فدون نظرية ثورية متناسقة تقف ضد ردود الفعل العفوية وضد التجريب الإعتباطي تتحول عملية التغيير الإجتماعي إلى عبث تارة بإسم التراث والإختلافات الفقهية وتارة بإسم الماركسية والتوهان بين ماركس الشاب وماركس العجوز، وتارة أخرى بإسم الوطنية التي لها في السودان أباء وقادة من اليمين ومن اليسار ومن المركز ومن الهامش، لذا من الضروري إصلاح الفقرة الآتية من المشروع عن التحول الاشتراكي لتصير: متطلبات التغيير الإشتراكي وليصير الحزب الشيوعي السوداني حزباً ماركسياً-لينينياً. بتعديل فقرة ((بقاء الحزب الشيوعي السوداني حزباً ماركسياً يستعين بالنظرية الماركسية كمرشد في استقرائه للواقع السوداني للوصول لاستنتاجات سليمة مستنده إلى ما هو إيجابي في تراث شعبنا النضالي وتجاربه الحية. فمن الماركسية يستمد الحزب بقاءه وتطوره وتميزه عن بقية الأحزاب وبدون هذا الانتماء الأيدلوجي العلمي يفقد الحزب الشرط الأساسي لوجوده معبراً عن الاشتراكية .)) لتصير: ( الحزب الشيوعي السوداني حزب ماركسي لينيني يلتزم بدستوره ولائحته وبرنامجه في ......)

    37- بناء الإشتراكية يخلق المجتمع الزراعي الصناعي المتقدم ضد كل ظروف التخلف بالتبعية:

    1- في ظروف الرأسمالية التابعة وزوجية القطاعات الإقتصادية (قطاع تقليدي متخلف رعوي-زراعي في الريف، وقطاع حديث صناعي تجاري مالي ينشط في المدينة) يزداد التفاوت الإقتصادي ولا يقل وتزيد معه معدلات التخلف والفقر والأمية والجهل والأمراض وتزيد مع التفاوت التوترات الطبقية والإقليمية مع المراكز الرأسمالية التي يزيد ميلها للخارج بداية من التعامل والإجازات ونهاية بالإستقرار في الخارجن في هذه الظروف تستهلك القوى المسيطرة على السوق الشعارات والآليات السياسية الليبرالية وحتى التقدمية وتتلفها بآليات الإستغلال والتهميش لذا فإن التصور بإمكان يسر الدخول إلى المرحلة الإشتراكية إذا ما تحقق تقدم بنيوي شامل يتضمن خطأ بسيط شنيع: (( ورفع قدرات القوى المنتجة والتطور المتسارع لعلاقات الإنتاج نحو الأفضل بما يجعلها تصل إلى البناء الشامل للمجتمع الزراعي الصناعي المتقدم ويجعل الدخول في مرحلة الرخاء والتوزيع العادل للدخل القومي أمراً ميسوراً)) فالنظام التقدمي بعد إسقاطه النظام البرجوازي يبدأ بهذا الإسقاط مهمة البناء الإشتراكي، بمفهوم التتابع الحتمي (الجمعة من عصر الخميس) فليس على النظام التقدمي مهمات تيسير وبناء النظام البرجوازي والرأسمالية للدخول إلى الإشتراكية، ففقط بتوافر:

    1- المناخ السياسي القائم على المصلحة المادية،

    2- سيادة التعامل النقودي في مراكز الإقتصاد

    3 - قيام المجتمع وثقافته على تحديد وفرز المصالح وتجميع المنافع.

    بهذه العلامات الكبرى تكون المهمة التاريخية والأساسية للنظام البرجوازي قد أُنجزت وذلك نقله المجتمع البشري من غياهب الإقطاع وإنشرار الأعمال والمفاهيم والإعتماد على القوة الفردية والعصبية في كسب الحياة إلى حال من العقلانية والضبط والقياس والتحدد والتقدم المتناسق لكسب أسهل جهدا وأقوم نفعاً وأثرى سداً لحاجات الفرد المادية والثقافية.

    إن وعي القوى البرجوازية بأن مدخل المجتمع الديمقراطي هو نفسه مدخل المجتمع الإشتراكي لا يمكن التلاعب عليه بالألفاظ فالمعركة الشاملة لوجود حزبنا ونشاطه التقدمي لا ترتبط بمواضعة سهولة أو صعوبة نسبية، فمن الموكد تاريخاً إن القوى السوقية وعموم القوى الرأسمالية تقف بالمرصاد لأي تقدم إجتماعي سياسي خاصة ذلك النوع الساذج المسالم، لذا كان تنظيم وتسليح الجماهير مهمة أساسية متقدمة في الدراسات والنضالات الحزبية الشيوعية والإشتراكية المتقدمة، وقد أثبت التاريخ في جنوب وشرق أفريقيا وبعض غرب أفريقيا وفي كل أمريكا الجنوبية وفي كل أوربا وأمريكا الشمالية وفي عموم آسيا أن تقدم الجماهير إلى أهدافها السياسية التي تنطوي على تغيير إقتصادي إجتماعي واسع يتضمن معارك لا يمكن تلافيها بعبارات أو صياغات، ونحن لا ندعو إلى القوة ولا إلى الحرب فنحن قوة سلم وطيد وحزب للفن والجمال والأدب والإنسانية لكن الطبيعة الموضوعية للتحول الطبقي تفرض علينا التيقظ لحماية نفسنا وحماية الطبيعة التقدمية للمشاريع والبرامج الثورية الوطنية الديمقراطية، وفي هذه اليقظة نقوي إرتباطنا بالقوى الحقيقية المستنزفة في العمل الزراعي والصناعي وفي المناجم وبالجماهير المهمشة في الريف الكالح، وبالمهاجرين والنازحين والمشردين وعموم الفئات المستضعفة والمهملة، نوعدها بالعمل وضرورات العيش والحياة قبل أن نوعدها أملاً بالرخاء وبالتوزيع العادل للدخل الوطني. فمن المعلوم إن الإشتراكية ليست بناء نظرياً وأفقاً إنسانياً وما إلى ذلك بل هي بناء مادي وثقافي يبتدئي بإسقاط ثوري لصنم نظام التملك الخاص الإنفرادي بوسائل إنتاج المجتمع لضرورات عيشه وحياته وفرض سيطرة هذا المجتمع على جهود إنتاجه وعلى عملية إقتسامه ثمرات هذا الإنتاج. أما فكرة الوصول إلى الإشتراكية بجعلها أفقاً سماوياً أو بعملية تراضي بين الطبقات الظالمة والمظلومة، أو بأسلوب تجاوز حفرة عميقة بخطوتين أو ثلاث خطوات في الهواء فهو محض تضليل، لذا من الضرورة توكيد( تلاحم أوسع جبهة جماهيرية تؤمن بالبرنامج الوطني الديمقراطي)) بتنسيق متزامن لجهود الحزب الشيوعي السوداني النظرية والعملية في الريف والمدينة بأسس طبقية-إقليمية واضحة أكثر إشتراكية وديمقراطية.

    فمن النقاط الجيدة التي طرحها مشروع التقرير الذي يتبادل فيه خطان إلغاء بعضهما البعض قوله: ((كذلك نرفض الفصل الميكانيكي بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية كما في المنهج الليبرالي الذي يقر بالحقوق المتساوية من جهة ، ثم يتراجع عنها من جهة أخرى بسبب فصله المتعسف بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية أنه تعبير عن موقف طبقي يصم الديمقراطية الليبرالية الغربية بالانحياز التام للرأسمالية .)) إن ((سيادة الحقوق المتساوية)) جهة تملك وسائل إنتاج المجتمع لضرورات عيشه وحياته هو الكينونة الحيوية ((للتعايش المشترك بين مكونات شعب السودان))

    38- بناء الحزب الثوري يلزمه العمل الإستراتيجي والعمل اليومي:

    يقول مشروع التقرير ((استعادة مفهوم الحزب الثوري كحزب يسعى في إطار برنامج عمل يومي)) والأنجع لثورية الحزب هو نظرية ثورية وتركيبة ثورية وخطة إستراتيجية وتكتيكات عامة وبرامج يومية تكرس التمازج بين الكينونة الطبقية والكينونة الإقليمية لتوزيع الموارد في السودان في كل تجمع بدوي وقرية ومدينة ومجال عمل ومجال سكن، وفي المستويات الوطنية والإقليمية المواشجة للسودان وعلى المستوى الأممي. ومركزية ديمقراطية تحفظ للعمال والمهمشين والشباب والنساء مكانة عليا في الحزب،

    39 - سياسة ثقافية إعلامية متوازنة وشاملة:

    ((الفرق بين إطلاق الشعارات السياسية الثورية الكبيرة وبين القدرة على تغيير الواقع المادي لجماهير الشعب)) ولمعالجة هذا الفرق لا بد للحزب من تخطيط شامل لأعماله وأجهزته بما فيها فصل نسبي لجانب كبير من العمل الإعلامي عن العمل السياسي، بحيث يتاح لكوادر الحزب رفع أو خفض الشعارات السياسية والجماهيرية وفق دراسات وافية وموجهات فنية دقيقة، وفق موجهات تنظيمية عامة.

    40- ضرورة التعامل الموضوعي مع مسألة تقويم نضالات الأحزاب الشيوعية ودور زعماءها:

    يتطلب ذلك قيام وحدة تاريخ شيوعية جزء من مهام أعضاءها كتابة تواريخ كل قرية وحي ومدينة ووحدة عمل في السودان وتحديد ما يمكن من ملامح النشاط الشيوعي فيها أو ملامح الإستغلال والتهميش والقمع الذي صادفته ويمكن مد عمل هذه الوحدة إلى داخل الحزب، وفروعه ومناطقه لتعالج كثيراً من الازمات في رصد وتقويم ووجود ومسار الحزب ففي ظل غياب كثير من عوامل الموضوعية الإقتصادية-السياسية والإجتماعية الثقافية في هذا الصدد لسبب من تقاليد الثقافة السائدة في بلادنا ونزوعها البنيوي إلى الشفاهية، وإلى الشخصية، وإلى التعميمات، يمكن لسبب من تقاليد هذه الثقافة أن يتم رفع بعض المناطق والشخصيات او المواقف وفق معايير إعلامية مضللة أو إستلطافات مزاجية في حينها، أو وفق تسلسل حالة الإنقلابات الداخلية المدنية بالطبع داخل الفروع الأحزاب الشيوعية أو حتى في المؤتمرات العامة للأحزاب الشيوعية ، ومن ذلك ما في التاريخ والعالم من التهجم الإشتراكي القديم على شخصيات ماركس وإنجلز ثم من بعد ذلك تصويرات الخلاف بين لينين وكاوتسكي ثم تروتسكي ثم إستالين وجميع القيادات السوفييتية والاوربية الشرقية وكل الأراء العامة في زعماء العالم وجريانها بأسلوب ((خلف كل قيصر يموت قيصر جديد))

    فمن السهل القول بان الزعيم فلان سيئ وشيطان والزعيم فلان طيب وملاك جهة هذه النظرية او تلك المجموعة من الأعمال بيد إن المعايير المادية والثقافية لنجاح القادة في معارك البناء أو الدفاع والنصر أو إعادة البناء تبقي هي الفيصل. والأصعب هو قبول المعايير المادية خاصة مع مقارنة توضيحية بينها وبين غيرها أو مع ذاتها خلال فترة زمانية مختلفة بمراعاة لطبيعة الأعمال ومواقيتها مع وحدة نسبية لظروف المقارنة. دون ذلك فكلام مشروع التقرير سنة2008 عن إستالين الذي بنى تنظيم الإمكانات المادية والثقافية لرجل أوربا المريض آنذاك (روسيا ومناطق المسلمين المهمشة) فبكل شسوعها وتبايناتها الدينية والقومية والثقافية والفئوية وما فيها من بؤس الحرب الداخلية والخارجية والفقر والمأسي المقيمة في تلك الطبيعة الضارية قاد إستالين تحولها دون إستعمار قديم أو حديث أو بنك دولي وصندوق نقد دولي أو إحتكار أو حصار متحولة بجهد الحزب ونضاله وقيادته من ذلك الوضع البشع والمقزز والأليم والمأساوي إلى الإتحاد السوفييتي لـ16 جمهورية إشتراكية متعاضدة متكافئة مما صار بفضل قيادته دولة عظمى في الإنتاج والبناء والتعليم والصحة والمواصلات والرعاية الإجتماعية والثقافية ومحررة العالم من النازية، والدولة المدمرة التي عمرت نفسها أثناء وبعد الحرب وإستوت من بعد رائدة للفضاء مثلما عدت عالميا الصديق المخلص للشعوب المستعمرة في نضالها لأجل التحرر الوطني، إنه حزب وقائد ودولة يبدو من قبيل الخلط بين الأيديولوجيا الشيوعية والأفكار الليبرالية في مشروع التقرير إستسهال التهجم عليهم خصوصاً مع مرور أكثر من خمسين سنة على وفاته وأكثر من عقد على نهاية تلك الدولة لم تحقق فيها الليبرالية سوى التراجعات والكوارث مع إختلاف الزمان والقدرات العلمية والتقنية والإمكانات السياسية الدولية. إن الجمود الحقيقي يتمثل في إتباع جانب من مشروع التقرير السياسي الذي أعدته لجنة تسيير المناقشة العامة لسياسات نتجت بعد المؤتمر العشرين الذي قام بعد إنقلاب داخلي -كان ستالين قد توفي قبله بسنوات- تلك السياسات التي تفصل بكل برود بين التطور والرقي الطبقي والتطور والرقي الوطني، وتفصل بين التقدم في قوى الإنتاج والتقدم في علاقات الإنتاج، وتفصل البناء الوطني عن البناء الإقتصادي، وتفصل الحزب عن الطبقة العاملة، والشيوعية عن الماركسية اللينينية، فإتباع هذه السياسات هو الجمود بعينه إن لم نقل الإنهزامية والتراجع أمام سيول الإعلام المعادي للشيوعية والسوفييت. وعلى الأقل من باب إحترام المعلم نسأل كيف كان لنا في أفريقيا المستعمرة قديماً التعرف على الشيوعية والأحزاب الشيوعية بكل لوائحها المتجددة لولا بناء ووجود هذا الإتحاد السوفييتي والنضالات الشيوعية لتأسيسه بقيادة الحزب الشيوعي وزعمائه كيفما كانوا؟

    41- في حزبنا مرونة كافية للقيام بأي إنقلاب والمطلوب هو زيادة التنسيق الزماني والموضوعي لأعماله:
    إن التهجم على نصوص أثرية قديمة مستهلكة في اللائحة الحزبية لأول الخمسينيات تجاوزتها لائحة الستينيات توطئة لتقديم لائحة جديدة تحل الحزب الشيوعي تماماً أو تحتفظ بإسمه مع تبديل كينونته اللينينية إلى حزب ليبرالي لا تفيد قضية تطور الصراع الإجتماعي ولا تلعب دوراً موجباً في عملية التغيير الإجتماعي خاصة في حزب به سمة كبيرة من المرونة لدرجة تأخير مؤتمره عشرات الأعوام، ولدرجة إتخاذ قرارات إنقلابية فيه وتنفيذها دون علم الهيئات، بل وبعد علمها لا شيئ أكثر من مداخلات بسيطة أو تقييم ليبرالي ضعيف يفصل تطور القوى المنتجة عن تغيير علاقات الإنتاج.

    إن في حزبنا من المرونة التنظيمية والنظرية والعملية ما يكفي ويزيد وإن كانت هذه حسنة في جانب معين فهي خطأ في جوانب أخرى خاصة الجوانب النظرية التي تمايز وتفصم ما بين تطور القوى المنتجة وتغيير علاقات الإنتاج، وهو فصل ثبت فشله في (الواقع) الملموس منذ ما قبل إستقلال السودان وإلى الآن حيث تطورت القوى المنتجة الآف المرات في عددها وفي نوعيتها وفي كبيعة اداءها وتنظيمها وفي الثمرات التي تنتجها بينما ظلت علاقة الإنتاج بالأجرة كما هي رغم الزيادة الظاهرية فيها حيث لا تسمح للمنتج بإمكانات مالية أو مادية تتيح له حرية أو كرامة إختيار طعامه أو سكنه أو تنقله أو تعليمه أو علاجه أو نوعية حياة معقولة لأولاده.

    42- الفصل بين تطور القوى المنتجة وتغيير علاقات الإنتاج هو سبب الضمور في مواقف الحزب وجماهيريته:
    يقول مشروع التقرير(المركزية الديمقراطية الستالينية التي قادت لضمور الديمقراطية في الحزب في علاقاته بحركة الجماهير)) بينما للحزب سياسة عامة إنتظارية ليس من بأب التأني ولكن بعضها من باب الحيرة الآيديولوجية والتفكك والتباعد الزماني والموضوعي والنوعي بين وتائر أعمال هيئاته وهو تفكك ينتج من الضعف في التكوين والتركيب الذي ينتج معه ضعف تطبيق اللائحة والبرنامج وضعف التحالفات وضعف المواقف، والتباين بين المركز والأطراف على مستوى القرارات التنظيمية والسياسية وعلى مستوى التقدير النظري العام لطبيعة الأزمات العامة والحلول الموضوعية الثورية لتناقضاتها.

    النتيجة العامة للضعف والتفكك هي عجز الحزب عن تحديد المجال الرئيس لأعماله في الوقت الرئيس وبالكيفية الرئيسة والعامة فتكون النتيجة تفكك مواقف الحزب،وهيئاته مثال لذلك تأخر الحزب عن تنظيم أو دعم بعض الإضرابات العمالية أو الطلابية بدعوى إن الظرف العام غير ملائم بينما يكون الظرف (العام) في المجال الخاص للإضراب العمالي أو الطلابي ملائماً تماما.

    مثال آخر دعم الحزب لأعمال جماهيرية متنوعة في مجالات مختلفة واحد في الشرق والثاني في الغرب والفرق الزماني بينها 9 آيام أو ساعتين (في فروع أوربا) ويستنتج من ذلك تفكك الإرادة السياسية وحتى الصلات التنظيمية.

    مع بوادر ظهور إنقسام ما في فرع (...) ظهرت مشكلة في الصلة بينما كان حسم الموقف يتطلب سرعتها. إذن إن كانت الصلة منتمية لأي من الفريقين فإن إمكانات تأثيرها كبيرة على موقف الحزب ورأيه السياسي في فرع أو في مجال معين، حتى ولوكان الجسم العام مترابطا.

    الحديث عن التنظيم الحديدي الصلب قد يكون في زمن الحرب والديكتاتوريات حيث يتشدد الجميع ضد الخطأ، لكن في زمن السلم والديمقراطية تبدو مقولات مشروع التقرير عن خطر ما تسميه المركزية الديمقراطية الإستالينية وتسبيبها ضمور علاقة الحزب بالجماهير مجرد نوع من الهوس بحشر إسم ستالين في كل خطأ حزبي، فالحزب حينما يفقد النظرية العامة الواحدة المركزية، ويفقد الإرادة السياسية الواحدة (مثال إفتراضي السكرتير السياسي في جانب واللجنة المركزية في جانب وفلان وعلان في جانب ثالث) ،يفقد التماسك التنظيمي والعملي تتشتت وتضمر وحداته وتتشتت وتضمر أعماله ومواقفه (راجع باب تحليلات سياسية في الميدان ولاحظ تفاوتاته) من هذا الضمور في كفاءة الحزب ولعشرات السنين تضمر علاقاته بالحركة السريعة للجماهير المستغرقة بقوة الظروف في هموم المعيشة وفي نفحات كرة القدم وفي ممارسة التدين، وفي ممارسة السعادة.

    الأساس الآيديولوجي لتفكك نظرية وتنظيم وإرادة ونشاط الحزب الشيوعي (ظاهر) في التباين الجدلي بين من يتصورون إمكان تطور القوى المنتجة البشرية دون تقدم في علاقات الإنتاج وفقاً لتطور ظروف وتفنيات العمل، والذين يتصورون ألا مجال لتطور القوى المنتجة البشرية من عمال ومزارعين ومهنيين وماشابه دون تغيير جذري في علاقات الإنتاج التي بزيادة قرارهم ونصيبهم في الموارد العامة (في الحالة الديمقراطية الشعبية) تزيد إمكانات حريتهم وكرامتهم في التعامل مع ثمرات الإنتاج وخيراتها العامة من خلال قيامهم بالإنتاج وتجويدهم له طالما يعود عليهم بالخير والمكسب المادي والمعنوي. أما مسألة الدولة والثورة فبحاجة إلى حزب لينيني وعضوية وقيادة ثورية (عمال ومهمشين شباب نساء) للحزب الماركسي اللينيني، وجبهة شعبية | وطنية ديمقراطية فعالة متزامنة، تتسم بقدر من الإستالينية يحقق لها وحدة النظرية والتنظيم والهدف والإرادة حتى لا تتحول إلى منتدى.

    3- خلاصة بعض المؤشرات العامة المتصلة بالموضوع:

    الحزب الشيوعي السوداني يعاني التفكك في كل وجوه وجوده ونشاطه، وذلك لسبب نظري أساس يتمثل في الرؤية التي تفصل بين تطور وتقدم القوى المنتجة وبين تغيير علاقات الإنتاج اللازمة لتحقيق هذا التقدم بشكل مناهض لظروف وآثار وجود السودان كتابع في السوق العالمي للمنظومة الرأسمالية، وهو نفس التفكك الذي الذي حاق بكثير من وجوه النضال الشيوعي في العالم بإعلاء هذه الرؤية الإشتراكية الديمقراطية الليبرالية المضمون بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي لسبب من ترابط نسبي بين الرؤى والاحزاب الشيوعية.

    ومع إعلاء هذه الرؤية تحول موقع الحزب بصورة عملية من حالة المبادرة والطليعية لعملية التقدم الإجتماعي التاريخي في السودان وإنتقال الناس من مرحلة توسع الإستغلال والتهميش إلى مرحلة إكثر إشتراكية وديمقراطية حيث تغير موقف الحزب إلى إنتظار نضوج التراكمات وإستغرق في سياسة ردود أفعال واعمال إصلاحية وتجمعات مثبطة تعيد إنتاج الزمة الرئيسة في السودان مراوحاً ممارسة هذه السياسة إثناء هذا الإنتظار والجمود العملي.

    نتج بشكل نسبي من غلبة هذا الموقف الجامد الممتنع عن المبادرة إلى تغييرات جذرية في الوضع العام زيادة التفكك والضعف في قطاعات الإنتاج والمعيشة، وتوتر العلاقات السياسة والإجتماعية والقومية والدولية المتصلة بأوضاع السودان، ومن هذا الضعف والإستضعاف المدعوم بالشروط المالية والتجارية الدولية على السودان بكل مافيها من تطفيف وتبخيس لأعماله وامواله وحقوق الإنسان فيه زاد التفكك الزماني والموضوعي في أعمال الحزب والجمود في سياساته وإقتراحاته لحل الازمات العامة ونوعية مبادراته لتغيير اوضاع القوى المنتجة وكان ذلك التفكك والجمود نتيجة لأوضاع التفكك والجمود العام في المجتمع وكنتيجة للإختلاف العميق منذ بداية تأسيس الحزب ونشاطه وتجذر هذا الإختلاف في صفوف قيادات الحزب وأعضاءه حول الربط بين تقدم القوى المنتجة وتغيير علاقات الإنتاج. بل وتفاقم هذا الإختلاف في دائرة إنهيار مغلقة لا يمكن تجنبها دون أخذ موقف حاسم جهة هذه الرؤية بصورة قاطعة فإما أن يكون هناك حزب شيوعي سوداني يعمل وينشط لتغيير علاقات الإنتاج أو يكون هناك حزب آخر لأغراض اخرى لا تتعلق بموضوعات التغيير الإجتماعي والتاريخ والإقتصاد السياسي أو تتعلق بها من ناحية ليبرالية تزيد الأزمة الطبقية والقومية والوطنية والإقليمية والعالمية بما يكرسه إحترامها لحرية التملك الخاص الإنفرادي بوسائل إنتاج المجتمع لضرورات عيشه وحياته وسيطرة الطبقة المالكة لهذه الوسائل على طبيعة توزيع جهود المجتمع وتحكمها بالتالي في خيرات وثمرات غنتاجه تضاعف بها ارباحه بينما ينحدر 95% من السودان في مهاوى الإستغلال والتهميش وإستضعافاتهم مجردين من حرية إختيار اوضاع معيشتهم ومن كرامة وجودهم كبشر.

    إنتهى نص الإنتقاد في تاريخ 12 مارس 2008
                  

العنوان الكاتب Date
مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-14-08, 10:24 PM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر امبدويات04-14-08, 10:28 PM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-14-08, 10:35 PM
    Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر Hussein Mallasi04-14-08, 10:38 PM
    Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-14-08, 11:20 PM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-15-08, 06:22 AM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-15-08, 03:23 PM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-15-08, 08:54 PM
    Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-15-08, 09:01 PM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-16-08, 00:52 AM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-16-08, 06:04 AM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عبد الوهاب المحسى04-16-08, 07:17 AM
    Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر يحي ابن عوف04-16-08, 09:14 AM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-16-08, 06:37 PM
    Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر Abureesh04-16-08, 07:18 PM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-17-08, 04:12 AM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-25-08, 06:28 PM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-26-08, 03:56 AM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-27-08, 04:46 AM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-27-08, 05:24 PM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عاطف مكاوى04-28-08, 02:27 PM
  Re: مشروعات للحزب الشيوعي..........بقلم / المنصور جعفر عبد الوهاب المحسى04-28-08, 03:45 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de