وعن السفهاء اكتب بحب واحترام

Quote: دوت مجاك، أصابنى الذهول و أنا أقرأ كلامك الغريب عن الجنوبين و كأنّه كلام أُملئ عليك و لم يخطه قلم جنوبي! و لم أستوعب لماذا تربط الوحدة بعدم كفاءة الجنوبين و مقدرتهم على إقامة دولة ناجحة، و من أين لك هذا الاستنتاج. هل هناك حكومة شمالية امتلكت من الأهلية و المقدرة، على حكم و تعمير الجنوب، ما تتفوق به على حكومة الجنوب الحالية ؟! ما هي انجازات الحكومات الشمالية في الجنوب - جهاد الإنقاذين أم تسليح حزب الامة لقبائل البقارة و تحريضهم على إبادة قبائل الدينكا في شمال بحر الغزال؟ من هو السبب و المتسبب في تخلف الجنوب و إنسانه؟ لماذا يفتقر الجنوب إلى أبسط مقومات البنية التحتية بعد أكثر من خمسين عاماً من استقلال السودان؟ و كيف لحكومة جديدة "يافعة" مثل حكومة الجنوب أن ترمرم ما خلفه الحرب من دمار و أن تبني و تعمر الجنوب من الصفر بين ليلة و ضحاحها، خاصة لو وضعنا في الاعتبار العراقيل التي تضعها المؤتمرالوطني أينما وضعت حكومة الجنوب قدميها. إنه لأمر مؤسف يا دوت أن تبني رفضك لإنفصال الجنوب على افتراضات مستمدة من الجبهة الإسلامية و الأحزاب الشمالية– نفس التحليل و نفس المنطق. الجنوبيون، أيها الجاهل بمشكلة الجنوب، حاربوا الحكومات السودانية بكل شراسة منذ الاستقلال حتى يومنا هذا و لم تخلو متطلباتهم قط من إنفصال الجنوب -الإنفصال هو القضية و الإنفصال هو الحل! لكن الحركة الشعبية هي القوة الجنوبية الوحيدة التي أستطاعت أن تجعل إنفصال الجنوب من أهم بنود إتفاقيتها مع الحكومة الشمالية فنجحت بجدارة في تحقيق ما أراده الجنوبيون طيلة هذه السنين. و عندما انتهجت الحركة هذا النهج لم يكن ذلك عبثاً. هل سألت نفسك لماذا تمسك القائد الراحل المقيم بحق الإنفصال و هو نفس الرجل الذي يؤمن بوحدة السودان و مخترع السودان الجديد؟! كانت هذه حنكة سياسية منه - طالب بالكل ليعطوك الجزء. مطالبة دكتور جون بالسودان أو تحرير السودان زرع الرعب في قلوب الأحزاب السودانية خاصة الجبهة الإسلامية بشقيها لدرجة إن بعضا منهم بادر بالموافقة (تحت تحت) على إنفصال الجنوب ليواصل الشمال مشروعه الحضاري وليركز على تكملة بناء دولة العروبة و الإسلام. و لو كان وجود دكتور جون يضمن وحدة السودان لكان هذا العملاق يتنفس أنفاسه بيننا اليوم! و يا بجاحتك يأخي – قلبك على السودان؟! تتنازل بكل بساطة عن الحقوق التي انتزعتها الحركة انتزاعاً و أعطتك إياها اتفاقية السلام الشامل في طبق من ذهب ليبقى السودان دولة واحدة و ليبقى الجنوب تحت حذاء الإسلام و العروبة إلى الابد – تبدل الحرية بالعبودية من أجل الشمال و عيون الشمال؟!! أمثالك يا دوت هم من صعبوا على الجنوبين النضال و الحرب من أجل مبدأ و من أجل قضية لأنك سيكولوجياً تخاف من الحرية. فكرك مبرمج و لا تستطع العيش بعيداً عن قيود العبودية تحت أقدام من يعتقتقدون إنهم خير أمة أخرجت للناس و عقلك المخدر يوحي لك أن الإنفصال يعني قطع الحبل السري الذي يمدك بكل مقومات الحياة – يا لك من أناني مخدوع – لدرجة إنك تصف الجنوبين باوصاف لا تمد للحقيقة بشيئ غير أنها تعكس نفسية دوت مجاك المريضة تجاه اهله. دوت مجاك المصاب بداء النقصان و لن يكتمل إلا بإرضاء إخوته في الشمال! وليتحققق ذلك: لينال حبهم و احترامهم و كل ما لا ينعمون به على بني جلدته- كان لابد له أن يغرس خنجراً ساماً في قلب الجنوب. و بدون ذرة إحساس بالذم أو حتي قل بالخجل، تنحني بكل سرور لمن يصفق لك و ينعتك بالمثقف الفاهم و أرض الجنوب لم ترى لك مثيل. مسكين أنت يا دوت! أكلت الطعمة ( طعمة فهمك ده أصلو ما فهم جنوبين ـ انت اكيد ما جنوبي لانك ارقى و افهم من الجنوبين) مسلسلة قديمة بايخة حفظها الجنوبيون عن ظهر قلب إلا دوت مجاك. لأنك بعيد عن المجتمع الجنوبي - بعيد تاريخيا و ايدولوجيا - بلعت الطعمة بسرعة فائقة و وقعت فريسة سهلة و مع كل أسف تماديت في تطاولك على أهل الجنوب هؤلاء الاشاوس الذين لا يشرفهم إنتماء ذوي النفوس الضعيفة من المتشرذمين إليهم. يا لك من خائن جبان! أي تسامح تتحدث عنه بين الشمال و الجنوب و ماذا فعل "الإخوة" في الشمال ليستحقوا منا السماح أو لنثق في الشعارات الفضفاضة التي يرفعونها من الحين للآخر: سودان واحد و كلنا أخوان و هلمجرا إلي نهاية النفاق. ها أنا أرأهم يخرجون بالآلاف لنصرة فلسطين و لم أسمع لذبابهم ضنينا عندما كانت طائرات الانتوف تضرب القرى و تقتل الأبرياء في جنوبنا الحبيب. لم أسمع لهم صوت حق وحكومة الإنقاذ تجندهم واحد تلو الاخر في صفوف الدفاع الشعبي ليجاهدوا في الجنوب أو ليجاهدوا من أجل الفوز بالحورا لعين (أيهما أصح). أم نسيت في ساحات الفداء و يلا يا سيف العبور– و قاتلوهم و أقتلوهم. أين كان الشمال عندما تحول أصوات مؤذني المساجد من حيّ على الصلاة إلى حيّ على الجهاد. جهاد ضد من – جهاد على من؟ شعب أعزل. شعب متسامح كل ما ارتكبه من ذنب اللون الأسود و الدين الغيرإسلامي. تريد من الجنوبين إطواء هذه الصفحة السوداء من تاريخهم المؤلم و حاضرهم الأكثر إئلاما دون إعتذار رسمي من الشمال (حكومةً و شعباً) و أن يضعوا أياديهم في أيادي من قتلوا ذويهم و إنتهكوا أعراضهم و شردوهم من ديارهم و نادوهم بل و عاملوهم معاملة العبيد. تريدهم أن يدفعوا الثمن مرة اخرى ليكونوا السلم الذي يستغله الشمال ليحافظ السودان العربي المسلم على ترابه – الإسلام الذي بُني على حطام الجنوب و العروبة التي لن تتحقق إلا بالتطهير العرقي لقبائل الجنوب ذات الأصول الافريقية. نعم يا دوت مجاك، هذه هي القضية و هذا هو لب الصراع و ما دون ذلك هراء – الصراع من أجل البقاء و البقاء مرهون بتفادي سيف الإسلام والإبتعاد عن بغضاء العروبة. وكل جنوبي يتناول مشكلة الجنوب والشمال بهذه السطحية و السذاجة – كما تفعل- خائن معتوه. ما هو الضمان الذي يقدمه دوت مجاك إنه لن يقوم جهاد على السود الكفار بعد ان يضمن الشمال الوحدة (الغدر و الخيانة من شيم حكوماتهم و الابله فقط هوالذي لا يتعلم من التاريخ – و يا له من تاريخ). أين العلمانية و الديمقراطية - أين الدستور المدني؟ أين حقوق المواطنة و المساواة في الحقوق و الواجبات؟ أين و أين..... هنالك حقيقة تجلها يا دوت، يبدوا أن القوقعة المعتمة التي تغلق نفسك فيها قد أفقدتك الرؤية، ما تجهله، إيها الجنوبي المخدوع، هو ان شمالي السودان من طينة واحدة: يتمسكون بالإسلام و العروبة تجري في عروقهم ، و إذا وضعوا أمام الاختيارالصعب سوف تكون إجابتهم: ليذهب دوت مجاك و الجنوب إلى الجحيم و لتحي العروبة و الدين عند الله الإسلام! و هذا يشرح صمتهم الرهيب و اللامبالاة إزاء قضايا الجنوب و تفاعلهم بكل سهولة مع قضايا فلسطين. لذلك يأون لاجئي فلسطين في أرقى المدن و الاحياء السودانية بينما النازحين من ويلات الحرب في الجنوب يسكنون العراء و تهدم منازلهم "الكرتونية" في عز الشتاء تحت شعار برنامج تجميل العاصمة القومية! و كان رد فعل إخوتك في الشمال من النزوح الجنوبي يشوبه الاستياء فكانت تعليقاتهم القاتلة مثل جابوهم من وين ديل – ملوا و وسخوا البلد. هذا هو الشمال الذي من أجله تطعن الجنوب من الخلف و لم تجد غير حجج جوفاء تبرر بها الخيانة. كل جنوبي يتوجه إلى صناديق الإقتراع في 2011 يا دوت سيحمل معه الماضي، الحاضر، و المستقبل- سيحمل معه كل ما صنعه الشمال و الشارع الشمالي. و السؤال الذي سوف يطرح نفسه في تلك اللحظة هوسؤال ماذا يكسب الجنوب إذا صوت للإنفصال (الكثيرو الكثير) و ماذا يخسر إذا صوت للوحدة (الكثير و الكثير). هذه هي المعادلة التي سوف تحدد نتيجة لإستفتاء و إذا تمعننا في التاريخ فقط يمكننا التنبؤ بهذه النتيجة - لن نجد جنوبي في كامل قواه العقلية يختار التهلكه و يرفض الحرية و حياة العزة و الكرامة! أوه، هل قلت ان قبائل الحنوب قبائل بربرية ؟!! العيش و الرجوع إلى العصور ما قبل التاريخ و الجنوب المتخلف أفضل و أهون و أرحم من الاستعباد و القهر تحت الدولة الإسلاموعربية. كم أكره أن أرأك تقبع بين الشمالين عندما نتبادل كلمات الوداع الاخير قبل أن ينطلق قطار الحرية. مخدوع أنت يا دوت! Lily Akol[/QUOTE]