سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 10:11 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-13-2008, 11:37 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! (Re: adil amin)

    الحلقة(3)

    بكين تتحدى
    قبل أن أبدأ رحلتى إلى الصين أعدت قراءة كتاب》 موعد مع الشمس 《 للأستاذ محمد حسنين هيكل، وهو كتاب من مطبوعات دارالمعارف صدر عام 1973 عن رحلته الشهيرة إلى الصين واليابان والهند وباكستان بدأها بزيارة استغرقت 12 يوما للصين.
    وبالصدفة وجدت نفسى – تقريبا – أتبع خطى الأستاذ هيكل مع فارق الزمان بين الرحلتين، فقد مرت بينهما 28 عاما، تغيرت فيها الصين كثيرا جدا، ولكن بقيت 》 روح الصين 《 كما تحدث عنها الأستاذ هيكل.
    وبالصدفة أيضا وجدت نفسى فى ذات الفندق الذى نزل فيه الأستاذ هيكل منذ 28 عاما، فندق الشعوب فى شارع السلام المساوى، وقيل لى إن هذا الفندق يحمل عبق التاريخ وأمجاد صعود وانتصار ثورة ماوتسى تونج، وكان أكبر وأفخم فندق فى بكين ينزل فيه رؤساء الدول وكبار ضيوف الدولة وقادة الحزب الشيوعى، وقد أصبح فى بكين الآن عشرات الفنادق تتفوق عليه فى السعة والفخامة. ولكن بقيت له ميزة موقعه فى وسط العاصمة ويطل على شارع واسع جدا يصل عرضه لأكثر من 60 مترا، ولاحظت فارقا آخر فقد استمع الأستاذ هيكل قبل أن يبدأ رحلته إلى سياسى عربى قال له: أنت ذاهب إلى الصين؟.. إنك سوف ترى مجتمع النمل!، إنك فى الغالب سوف تنزل فى فندق 》 الشعوب 《 ، وإذا حدث ذلك، فإنى أرجوك أن تستيقظ مبكرا ذات يوم، وأن تنظر من نافذة غرفتك إلى الشارع تحتك، وسوف تجد على الناحيتين فى الشارع الواسع منظرا لن يبرح ذاكرتك.. طابورا لا ينقطع من راكبى الدارجات الذاهبين إلى عملهم فى صباح على هذه الناحية من الشارع، وطايورا آخر لا ينقطع على الناحية الأخرى فى موعد العودة فى المساء، سوف تجدهم كالنمل فى الحركة، وفى الشارع العام، لن تجد فى بكين إلا هذه الطوابير من راكبى الدراجات.. ليس فى الشارع سيارات، لأن السيارات لا تخصص إلا لنواب الوزراء ومن فوقهم، وللأعمال الرسمية فقط، وفى بكين مترو تحت الأرض، وهو فخم وأنيق، ولكنه للمستقبل.
    ***
    وفعلت كما فعل الأستاذ هيكل.. استيقظت مبكرا، ونظرت من نافذة حجرتى على الشارع الواسع فوجدت طابورا هائلا من السيارات من مختلف الأنواع.. سيارات مرسيدس وبى.ام.دبليو، وفولفو.. سيارات يابانية وأمريكية، وسيارات من صناعة الصين بعد الانفتاح.. ووجدت أن طوابير راكبى الدراجات أقل مما رأيته فى زيارتى الأولى سنة 1995 وأقل بكثير جدا مما رآه الأستاذ هيكل.. ولم أجد المجتمع الصينى مجتمع النمل.. وإن كان قد بقيت فيه بعض خصائص النمل مثل النظام.. والعمل الجماعى.. والنشاط الذى لا تراه فى أى بلد آخر.. والإصرار على الوجوه الذى يحمل معنى التحدى..
    ووجدت نفسى اتفق مع ما قاله أحد رفقاء الأستاذ هيكل من أن أحدا لا يستطيع أن يتخذ موقفا وسطاً إزاء الصين.. الصين شىء يفرض نفسه، إما أن تتعصب له.. وِإما أن تتعصب ضده.. وأتفق أيضاً مع رؤية السير 》 اليك دوجلاس هيوم 《 حين كان وزيرا للخارجية وعبر عنها فى تقرير قدمه إلى مجلس الوزراء البريطانى بعد رحلة إلى الصين فقال: 》 سوف يكون مهما بالنسبة للعالم كله أن يتابع عن كثب تجربة الصين، لأنها فريدة فى التاريخ هناك شعب يريد أن يعتمد على نفسه كلية فى بناء تطوره وتقديمه، وهو حتى لا يريد أن يقترض من الخارج لتمويل مشروعاته 《.
    ولمست بنفسى صدق ما قاله الأستاذ هيكل بعد خروجه من الصين حين سئل 》 كيف وجدت الصين؟《 فقال: إن أبرز ما لفت نظرى هو 》 قوة الاندفاع《.. هناك قوة دافعة تحرك الصين بغير حدود.. وهذه القوة مزيج من عناصر مختلفة، يمكن أن يطول النقاش حول أصولها وجذورها، ولكن أحدا لا يمكن أن يختلف حول الطاقة التى تولدها. هناك فى الصين شعب من ثمانمائة مليون ( أصبح الآن 1200 مليوناً ) وهذا الشعب يتحرك إلى هدف، ولا أعتقد مما رأيت أن هناك أحداً يستطيع أن يحول دونه ودون بلوغ هدفه.
    هذه 》 لقوة الدافعة التى رأى الأستاذ هيكل أنها الشىء اللافت للنظر فى الصين، هى التى لمستها فى كل مكان ذهبت إليه من بكين، إلى شنجن إلى سيان إلى قواندونج وشنغهاى وغيرها.. ورأيت ما رآه الأستاذ هيكل.. الكل يأكل بما فيه الكفاية.. ويلبس بما فيه الدفء والكرامة، والكل يعمل بغير انقطاع.
    وساءلت نفسى، تماما كما فعل الأستاذ هيكل: ما هو سر ما حدث فى الصين وهو شىء أقرب إلى المعجزة؟، وتوقف الأستاذ هيكل ليقول إنه لم يستعمل كلمة 》 معجزة《 جزافا لأنه حريص على الكلمة وضنين بها، ولكن انتقال الصين من عصر المجاعات، إلى عصر التحدى.. التحدى لظروف الفقر والجوع والتخلف والحجم الهائل للسكان، والتحدى للاتحاد السوفيتى الذى رفض إعطاء الصين أسرار القنبلة الذرية وقالوا لهم:》 إن القنبلة الذرية ليست لعبة 《، إلى عصر أصبح فى الصين ما يكفى 1200 مليون إنسان من الطعام والملبس والتعليم والعلاج والمواصلات والمساكن، ون،أصبحت لديها قنابل ذرية، وقنابل هيدروجينية، وصواريخ عابرة للقارات، وِإنتاج صناعى يغزو كل الأسواق العالمية بدون استثناء بما فيها أسواق الولايات المتحدة.
    ***
    ووجدت نفسى استعيد ما توصل إليه الأستاذ هيكل عند تحليل الأسباب الى تكمن وراء المعجزة، فوجدتها مازات كما لمسها لم تتفير.
    السبب الأول: أن إنسان يعمل، ويؤمن بأن بلاده فى معركة للحاق بالدول التى سبقت إلى التقدم وشعوبها ليست أفضل من الشعب الصينى، وليست هناك وسيلة للحاق بها إلا بالعمل.
    السبب الثانى: أنه ليس هناك فاقد أو عادم أو ضائع.. وتكرر معى ما حدث للأستاذ هيكل حين دعى إلى عشاء فى مطعم 》 بط بكين 《 الشهير، فكان العشاء سبعة أطباق من بطة واحدة!، فى أول طبق خمس قطع مختارة باردة من البطة.. وفى الطبق الثانى كبد البطة مقليا.. وفى الطبق الثالث أضلاع البطة بالصلصة.. وفى الطبق الرابع قلب البطة فى قطع صغيرة محمرة. وفى الطبق الخامس لسان البطة وأمعاؤها والبنكرياس، وفى الطبق السادس الرئيسى جسم البطة نفسه مشويا.. وفى النهاية طبق حساء من عظام البطة مسلوقة.. وحين قال: لمضيفه: 》 لم يبق من البطة غير ريشها، وأرجو ألا نأكله 《..
    قال له المضيف: 》 لا.. إن يبيع ريش البط لأغراض صناعية 《..
    وهذا بالضبط هو السمة الغالبة فى سلوك الصينيين فى حياتهم الخاصة، وفى إدارة المصانع، وأيضا فى إدارة الدولة.. الاستفادة من كل شىء.. وليس هناك فاقد أبدا.
    السبب الثالث: هو التنظيم الدقيق، وهو شىء محسوس فى كل بقعة على أرض الصين.
    وهكذا رأيت بكين، وفى كل لحظة أتذكر ما رآه الأستاذ هيكل وما قاله، لأقارن بين ما كان منذ 28 عاما، وما هو حادث الآن، وقد وجدت أن الفارق هائل، ولو ذهب الأستاذ هيكل إلى الصين اليوم فسوف يفاجأ بصين جديدة مختلفة تماما عن الصين التى رآها عام 1973.. مختلفة فى كل شىء.
    ***
    والصين الآن تكتفى بالمعجزة التى حققتها، ولكنها تعمل بقوة أكبر استعدادا لدورة الألعاب الأولومبية التى ستعقد فيها عام 2008، وسوف تتوافد فيها فرق رياضية، ومشجعون، وإداريون، وسياح، يُقَدَّرُ عددهم بما يقرب من المليون، وسوف تأتى مئات الوفود الصحفية، وبعثات من شبكات التليفزيون العالمية، وينطلقون بالكاميرات إلى كل مكان، وينقلون إلى العالم السلبيات والإيجابيات.. وهم يعملون لتكون صورة الصين كما سيراها العالم فيها من الإبهار ما يكفى ليكون إيذانا بدخول الصين إلى نادى الدول العظمى.
    ولذلك يدهشك ما يحدث فى بكين.. تسير اليوم فى طريق دائرى فيه ثمانى حارات فى كل اتجاه من الاتجاهات، ولا تكاد تبدى إعجابك به حتى تعرف أنه تم إنشاء أربعة طرق مثله والخامس على وشك الانتهاء.. ومما تكاد تفتح عينيك دهشة من منظر حى من الأحياء مثله.. وما تكاد تقف إعجابا بعظمة وفخامة فندق هائل حتى يقال لك إن بكين أصبح فيها خمسون فندقا مثله.
    ومن القصص الطريفة التى سمعتها من بعثة التليفزيون المصرى التى كانت تزور بكين فى هذا الوقت أنهم سألوا عن السوق التى نمكنهم شراء بعض الهدايا منها بأسعار رخيصة فقال لهم أحد المصريين المقيمين فى بكين: اذهبوا إلى سوق الحرير القريب من مبنى السفارة المصرية، وكنا فيه منذ أيام واشترينا منه أشياء جميلة ورخيصة، وفى الصباح ذهب أعضاء بعثة التلفوزيون إلى السوق الحرير فلم يجدوها، ووجدوا مكانها حديقة هائلة فيها أشجار وزهور ومقاعد وخمائل.. قيل لهم: إن السوق كانت هنا منذ أيام.. ولكنها أزيلت ضمن خطة تطوير بكين استعدادا للدورة الأولمبية.. وأقيمت سوق جديدة انتقلت إليها المحلات والباعة.. لأن عمدة بكين قرر أن تكون المساحة الخضراء فى بكين 60% من مساحتها.
    وظل أعضاء بعثة التليفزيون يكرورون القصة لكل من يقابلهم.
    بكين التى رأيتها عام 2001 لا تقل عن أية عاصمة أوروبية.. أما بكين عام 2008 فسوف تتفوق على بعض العواصم الأوربية.. وما شاهدته يؤكد أن ذلك سوف يحدث يقينا.
    ***
    وبكين لم تعد مدينة مغلقة.. لم يعد صعبا أن تحصل تأشيرة دخول للسياحة وتنتقل بحرية فى أنحاء الصين دون أن يسألك أحد لماذا جئت هنا؟.. والمطار الصغير الذى شاهدته عام 1995 فى زيارتى الأولى.. أصبح مكانه الآن مطار يتفوق فى الضخامة والفخامة على مطارات بعض العواصم الأوروبية.
    الصين فتحت أبوابها للسياحة.. هم سعداء لأن بكين الآن مدينة سياحية من الدرجة الأولى.
    وعند طلوع الفجر يتجمع السياح كل يوم مشدوهين فى الميدان السماوى》 تيانا نمين 《 ليشاهدوا طابور حرس الشرف الكبير بملابسه الجديدة الزاهية وهو يرفع علم الصين، ويؤدى التحية العسكرية، مع طقوس وتشكيلات مبهرة، ثم تتجمع طوابير الجنود أمام بوابة السلام المقدس التى تعلوها صورة ضخمة للزعيم الراحل ماوتسى تونج، وتواجهها المجينة المحرمة.. وهى عبارة عن مدينة محاطة بالأسوار هى فى حقيقتها قصر إمبراطور الصين، (منذ 600 سنة) واستغرق العمل فى الجزء الرئيسى منه 18 عاما، واستقر فيه الامبراطور من أسرة 》 تشينج 《 وعاش فيه 24 امبراطورا، ويضم تسعة آلاف غرفة تضم فى البداية الجزء الأمامى الذى يضم قاعة العرش ومكتب الامبراطور ومساعديه ويليه الجزء الثانى حيث كان الامبراطور يستقبل سفراء الدول الأجنبية وفيه قاعة واسعة وغرف يبدل فيها الإمبراطور ملابسه، ثم الجزء الثالث وهو مخصص للامبراطورة وضيوفها، وأخيرا الجزء الخاص لسكنى الامبراطور وفيه صالونات وغرفة النوم، وغرف الوصيفات والخدم الخصوصيين.. وعلى جانبى القصر مئات الغرف لمكنى المحظيات والخدم والموظفين، ويحيط بالمدينة التى كان محرما على الشعب الصينى الاقتراب منها أسوار عالية كانت أعلى من كل المبانى فى بكين القديمة، وفى أركانها أبراج الحراسة.. وداخل المدنية حديقة للزهور النادرة خلفها غابة هائلة.. ومساحة هذه 》 المدينة المحرمة 《 حوالى 750 ألف متر مربع.
    من هذه المدينة المحرمة كانت تحكم الصين لفترة تزيد على 500 سنة، ويسمونها أحياناً》 المدينة الأرجوانية 《 نسبة إلى الحوائط القرمزية الضخمة التى تحيط بها، وتحيط بها الخنادق والمائية لحمايتها، وأبوابها الضخمة كانت تغلق فتصبح المدينة قلعة حصينة، واللون الذهبى الامبراطورى هو الغالب مع الزخارف الصينية شديدة الدقة، والأسقف مغطاة بالفيروز، والعرش الامبراطورى مكسو بالحرير ومطعم بالذهب والأحجار الكريمة النادرة، والأرض كلها من الرخام الزجاجى الأملس.. ومن المعجزات أن هذا القصر نجا من النار والحروب والفوضى التى صاحبت انهيار الامبراطورية فى الصين.. ومن الغريب أن أعرف أن الزعيم الراحل ماوتسى تونج كان يقيم فى 》 هذه المدينة المحرمة 《 ولكنه لم يكن يشغل منها سوى ثلاث حجرات فقط وظلت مئات الحجرات خالية، والآن لم يعد أحدا يسكن هذه المدينة وبقيت من أهم المعالم السياحية العالمية.
    ومسجل فى تاريخ هذا القصر العجيب أن عدد العمال والمهندسين الذين شاركوا فى بنائه يزيد على 200 ألف عامل ومهندس، واستغرق البناء 14 عاما فقط، وانتهى العمل فيه عام 1420.
    وفى كل فناء فى المدينة تماثيل مذهلة.. للأسد الذى يمثل رمز قوة الصين والتنين الذى يعتبر فى الأساطير هو الصين، وللامبراطور طريق خاص من الرخام يتحرك فيه محمولا على محفة على أكتاف العبيد، أما الوزراء والأمراء والقادة والحاشية فلهم طريق آخر، ولا يجرؤ واحد منهم على وضع قدميه على طريق الامبراطور.
    وداخل 》 المدينة المحرمة 《 ترى مئات السياح يلتقطون الصور، وترى أيضاً مئات الأسر الصينية من مقاطعات ومدن بعيدة جاءوا مع أبنائهم لمشاهدة معالم بكين الحديثة والقديمة بعد ازدياد السياحة الداخلية فى الصين.
    وسور الصين العظيم القريب من بكين أحد معجزات الدنيا السبع يرجع تاريخه إلى منتصف القرن السادس عشر، وهو سور هائل يحيط بالمدينة ويصعد على الجبال ويهبط فى الوديان، ويزوره ملايين السياح، يركبون عبارة الماوتسي تونج تقول: ليس عظيما من لم يصعد إلى قمة سور الصين العظيم.. وحين صعدت كادت أنفاسى تنقطع، ولم أجد أمامى إلا أن أفعل كما يفعل طابور السياح الطويل، بأن أقف بجانب هذه اللوحة، ليلتقط لى مصور واحد مسموح له بالتصوير مقابل عشرين إيواناً (حوالى دولارين ونصف دولار) ويعطيك إيصالا بالمبلغ مع الصورة الفورية.
    وإلى جانب القصور والمعابد الأثرية الضخمة، تجد فى بكين المبانى التى أنشئت بعد
    الثورة الشيوعية (عام 1949 ) فى عهد ماوتسى تونج وهى متأثرة بالطراز السوفيتى، وعندما قامت الثورة الثقافية التى خربت الحياة فى الصين واستمرت عشر سنوات من سنة 1966 إلى سنة 1976 هدموا سور المدينة، واختفت بعض أجزاء من السور العظيم، وقام الفلاحون باسم الثورة الثقافية بسرقة الحجارة واستخدموها فى بناء مساكن فى القرى.
    ***
    سكان بكين يزيدون قليلا على 12 مليوناً، ويعمل فيها مليونا عامل من المهاجرين من الريف بحثا عن فرصة أفضل للحياة والعمل، إلى جانب بقايا الأحياء القديمة التى ترى فيها شوارع واسعة مضيئة وعلى جانبيها مراكز تجارية لا تقل عن مثيلاتها فى نيويورك أو باريس، كما تلاحظ أن الحدائق والمتنزهات كثيرة جدا وواسعة جداً..
    وفى بكين أكثر من دار للأوبرا أشهرها دار 》 أوبرا بكين 《 وقد اختفى فى الشوارع الزى الصينى الأزرق التقليدى الذى اشتهرت به الصين منذ ثورتها حتى نهاية حكم ماوتسى تونج. وأصبح الصينيون يرتدون البدل وأربطة العنق الفاخرة والأحذية اللامعة الرخيصة التى ينتجونها، وعدد غير قليل منهم أصبح يملك سيارة خاصة، حتى أصبحت العاصمة تشكو من زحام المرور رغم اتساع الطرق.
    فى بكين يجتمع القديم والجديد.. المهاجرون من الريف يستغلون كعمال بناء أو فى خدمات النظافة وقيادة سيارات الأجرة، أو جمع القمامة، أو بيع الفاكهة والبطاطا على نواصى الطرق الكبرى، أو نائمين فى محطات السكة الحديد، والأثرياء الجدد من نتاج الانفتاح الاقتصادى من رجال الأعمال والمستثمرين ورؤساء ومديرى الشركات والمصانع التى أقيمت باستثمارات أجنبية يعيشون فى الأحياء الراقية ويركبون السيارات الفارهة.
    ومازالت بكين هى العاصمة المركزية التى تحكم البلاد.. وتعمل على قمة الهرم.. هرم الحزب الشيوعى الحاكم الذى تنتشر قاعدته فى المصانع والقرى والمدن والمقاطعات وتتدرج مستوياته إلى أن يصل إلى اللجنة القيادية فى بكين.. وهرم البيروقراطية الذى يبدأ من المحليات التى تتمنع بالحرية وخصاصا المناطق الصناعية ومناطق الاستثمار والتصدير، ولكن التخطيط المركزى مازال قائما جنبا إلى جنب مع اقتصاد السوق والحرية الاقتصادية.
    ***
    يقولون لك فى الفندق إنك لن تستمتع إلا إذا سرت على قدميك أو استأجرت دراجة، وتجولت فى انحاء بكين على حريتك، ويمكنك تأجير دراجة من الفندق. وفى الطرق الرئيسية فى بكين ممرات مخصصة لراكبى الدراجات، وقيادتهم للدراجات هادئة بدون سرعة أو تزاحم، وفى الميادين أماكن مخصصة لوقوف الدراجات وفيها حراس وهى أشبه بالجراجات ولها رسوم بسيطة.
    وتدهشك كثرة المطاعم فى بكين، فقد اختفت المطاعم القديمة التى كانت الدولة تملكها وتديرها، وحلت محلها مطاعم مملوكة لشركات وأفراد وهى مزدحمة دائماً بالطبقة المتوسطة الجديدة، ويمكن أن تجد عشاء يكلفك أقل من خمسة دولارات ويتدرج حتى يصل إلى أكثر من مائة دولار فى مطاعم ملكية.. الهامبورجر الأمريكى والسوشى اليابانى وغيرها من الأطعمة المميزة لدول العالم تجدها فى مطاعم متخصصة ولن تجد عمال المطعم يقفون أمامك طلبا 》 للبقشيش 《 كما يحدث فى بعض الدول الأوروبية.. فالصينيون لا يعرفون 》 للبقشيش 《حتى الآن.
    ولا تزال وجبة البط البكينى المشهورة هى الوصفة التقليدية لكل من يزور بكين.. ومعها أنواع من الحساء وأطباق الخصراوات والأعشاب الصينية اللذيذة والمفيدة أيضاً.. وفى بكين مطاعم تقدم الموسقى والرقص مع العشاء.. وفى بعضها راقصات صينيات يتفوقن فى الرقص الشرقى على راقصات العالم العربى.. وفى الفنادق الاستثمارية الفخمة التى تشبه القصور تجد الطعام الصينى الفاخر أو الأوربى والأمريكى، وتجد الخدمة الممتازة التى تشعرك أنك ملك، وتجد الملاهى الليلية والأندية الصحية.
    وفى بكين كما فى كل مدينة صينية تجد موسيقى البوب الصاخبة، ولا تكاد تسمع الموسقى الصينية التقليدية الهادئة، وأوبرا بكين مزدحمة دائماً وكاملة العدد تقدم موضوعات تاريخية، وفتجد الأباطرة والقادة هم الأبطال، وتلاحظ الإسراف فى استخدام الألوان فى الملابس، والأصباغ على وجوه الممثلين، ربما لسشعروك بأن هذا تمثيللاً.
    المسارح فى بكين تزيد على 12 مسرحا والمحلات التى تعزف فيها فرق الجاز والروك من الصينيين لا يمكن معرفة عددها، وفى المناطق الخلوية تقام مهرجانات موسيقية فى الصيف، والحانات مفتوحة طوال الليل وتقدم الملاهى الليلية عروض الليزر مع الرقصات الصينية والأمريكية والمسيقى الخاصة بأمريكا اللاتينية وكلها فرق من الصينيين.
    عشرات من محلات البقالة الغربية، والسوبر ماركات.. والشارع التجارى الرئيسى فى بكين هو شارع 》 وانج فوجنج 《 ملىء بالمراكز والمحلات التجارية الكبرى متعددة الطوابق فيها كل شىء ابتداء من الملابس الحريرية الصينية إلى السجاد الصينى المشهور، إلى الأدوية والمعدات الطبية إلى الملابس الرياضية إلى المشغولات اليدوية والتحف المصنوعة يدويا من الخشب والأحجار إلى الكتب، والخرائط وشرائط الفيديو، والأقراص الممغنطة للكمبيوتر، والبطاقات البريدية ذات الرسوم الجميلة إلى احتياجات الديكور.
    والأسواق فى بكين من الأماكن التى يقضى فيها السياح معظم اوقاتهم، ففيها العديد من الأسواق المركزية الحديثة وتشمل مطاعم ومحلات لتقديم المشروبات المحلية والمستوردة.. وفيها أسواق للسلع القديمة تجد فيها أشياء لا قيمة لها، وتحفاً ذات قيمة كبيرة من البورسلين والجواهر والأثاث، وفيها أيضاً تحف مقلدة ببراعة يصعب اكتشافها.. وفيها 》 سوق الأحد 《 لبيع السلع الرخيصة والمستعملة مثل 》 سوق الثلاث 《 و》 سوق وكالة البلح 《 فى القاهرة، ويأتى إلى هذه السوق الكثيرون من الريف لبيع سلع مختلفة من التماثيل الخشبية، والقبعات والأوانى الخزفية، والملابس المزركشة، والسجاجيد العتيقة، والأثاث القديم..
    وتخرج من جولتك فى الأسواق لتسأل نفسك: كيف استطعوا تقديم هذه المنتجات الجميلة ذات الذوق الرفيع والصناعة الجيدة المتقنة، بهذه الأسعار الرخيصة؟.
    ومع كل الضخامة والفخامة والجمال فى معظم أحياء بكين مازالت الأحياء القديمة موجودة، بالحوارى الضيقة، والبيوت من الخشب والطين، والأطفال والدواجن وجبال الكرنب والفحم تكاد تسد الأزقة فلا تسمح بمرور اثنين معا.. وهذه الأحياء فى طريقها إلى الإزالة قبل عام 2008.
    ومن المشاهد التى لا أنساها فى أحد الشوارع الكبرى فى الليل حيث رأيت مئات من العربات الصغيرة عليها أنواع من اللحوم والعصافير والخضراوات تقلى فى الزيت ويقف أمامها مئات يلتهمون كعامهم ويبدو أن هذه أرخص وجبة عشاء فى بكين.
    ***
    وفى بكين الحى الإسلامى.. وفيه جامعة كبيرة مشهورة، وسكان هذا الحى مسلمون وقريبا من هذا الحى المعبد البوذى الكبير 》 فايونسى 《 وهو مفتوح للزوار حيث يمكنهم رؤية الرهبان أثناء صلواتهم وراحتهم، وهم يرتلون الترانيم فى قاعات الصلاة، أو وهم مجتمعون لتناول طعامهم على موائد خشبية بسيطة عليها الأوانى الصينية التقليدية، وهذا المعبد يرجع تاريخ إنشائه إلى القرن السابع، وأعيد بناؤه عام 1442 وفيه مجموعات رائعة من التماثيل منها تمثال ضخم لبوذا من النحاس.
    وفى وسط الحى الإسلامى جامع تاريخى فى شارع 》 أوكس 《 أقيم عام 996 وهو أقدم وأكبر جامع فى بكين يتميز بالطراز الصينى للمبانى، ويزين البوابة الأمامية سطح مكسو بالآجر يعكس الطابع الصينى، وفى صحن الجامع نقشت الآيات القرآنية باللغة العربية، ويعلوه برج يصعد إليه أئمة الجامع لرؤية هلال رمضان، ومحظور دخول الجامع إلا بعد الوضوء، وفيه قاعة خلفية مخصصة للسيدات، ولا تدخل إلا السيدة التى ترتدى ملابس طويلة.
    وبعيداً عن الجامع معبد اسمه 》 معبد الإلهة 《 》 تيانتان 《 وبناؤه معاصر لبناء المدينة المحرمة، وكان الامبراطور يقدم فيه القرابين للإلهة مع فصول السنة، وله أربع بوابات، وملحقة به حديقة كبيرة، ويقف على الباب المرشدون السياحيون لشرح مكونات المعبد للسياح بلغات متعددة، ويقولون لك إن هذا المعبد أقيم عام 1420 ولكنه دمر فى عام ( 1889 ) نتيجة حريق هائل، وأعيد بناؤه بعد ذلك مباشرة، وفى الداخل أربعة أعمدة تمثل فصول السنة، و12 عمودا تمثل الشهور، وفى الخارج عشرة أعمدة تمثل أجزاء اليوم الواحد، والمعجزة فى هذا البناء أن الأعمدة تقيم السقف بدون مسامير أو مواد لاصقة، ومن السقف يتدلى تنين يرمز إلى الامبراطور 》 ابن الإله 《 وللمعبد برج فيه جرس يستطيع الزائر أن يصعد ويضرب الجرس تبركا وطلبا للحظ الحسن، ولكن هذا الجرس لم يكن مخصصا لذلك، ولكنه كان مخصصا للإعلان عن قدوم الامبراطور وموكبه حين يأتى لأداء الطقوس الدينية فيه، وحين يغادر عائدا إلى قصره.
    وفى بكين تجد 》 قرية فرانك 《 وهى ضاحية فيها العديد من المطاعم تقدم الأطعمة والمشروبات الأمريكية بعد أن أصبح الها مبورجر والدجاج المقلى على طريقة 》 كنتاكى 《 منتشراً.
    ***
    بكين.. المدينة ذات الطابع الخاص.. التى تعكس سحر الشرق.. روح الصين.. وتعكس فى نفس الوقت الحداثة وروح العصر.. هى مزيج من الصين وأوروبا وأمريكا.. يجتمع فيها الماضى والحاضر.. والمستقبل.
    الشىء الذى يلفت النظر، أنها تتغير بسرعة عجيبة.. أحياء بأكملها تتم إزالتها فى أيام، وأحياء بأكملها يتم إنشاؤها فى شهور، وطرق واسعة ليس لها مثيل فى دول أروبا فيما عدا طريق جوركى الشهير سفى موسكو، وناطحات سحاب وميادين هائلة منظمة بصورة رائعة تذينها حدائق، ونافورات، وتماثيل، ومقاعد جميلة.
    تشعر بعد أيام فى بكين أنها تستعد للتحدى.. لتقول لأمريكا وأوروبا: لقد أصبحنا دولة عظمى.
                  

العنوان الكاتب Date
سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-02-08, 01:03 PM
  Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! تيسير عووضة04-02-08, 01:06 PM
    Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-03-08, 11:14 AM
      Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-05-08, 12:52 PM
  Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-09-08, 12:40 PM
    Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-10-08, 08:16 AM
  Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-10-08, 09:41 AM
  Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-13-08, 11:37 AM
    Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-14-08, 11:17 AM
      Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-15-08, 01:25 PM
        Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-15-08, 01:53 PM
          Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! malamih04-16-08, 07:01 AM
            Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-16-08, 02:05 PM
  Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-16-08, 01:30 PM
    Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-17-08, 08:21 AM
  Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-19-08, 01:26 PM
    Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-20-08, 12:35 PM
      Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-21-08, 10:55 AM
        Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-22-08, 02:04 PM
          Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-23-08, 10:55 AM
            Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-24-08, 09:41 AM
              Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-27-08, 12:02 PM
                Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-28-08, 11:42 AM
                  Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin04-29-08, 03:00 PM
                    Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin05-01-08, 08:20 AM
                      Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin05-02-08, 02:35 PM
  Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin05-02-08, 02:44 PM
    Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin05-03-08, 02:02 PM
  Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin05-06-08, 12:32 PM
    Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin05-30-08, 07:43 PM
      Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin06-10-08, 08:11 AM
        Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin06-11-08, 09:21 AM
          Re: سباق المسافات الطويلة(4): ما الذى يجب ان يتغير فعلا في السودان؟؟!!! adil amin06-12-08, 09:02 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de