ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه..

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 10:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-05-2008, 12:17 PM

Motawakil Ali
<aMotawakil Ali
تاريخ التسجيل: 03-26-2008
مجموع المشاركات: 2864

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. (Re: Motawakil Ali)


    الإمامة في الحديث النبوي
    حديث الدار
    حديث المنزلة

    في بدر بطولة مطلقه:

    في أحد: لا فتى إلا علي:

    في الخندق: كفاهم الله القتال بعلي:

    في خيبر:«رجلٌ يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»:

    ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم:

    «تبوك».... الاستخلاف العملي: ـ

    دلالات الحديث

    حديث الغدير

    إعلان الولاية قبل الغدير:

    يوم الغدير

    حديث الدار
    استهل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) دعوته المباركة داعياً إلى توحيد الله، معلناً عن نُبوَّته، مبشراً بخليفته آمراً قومه بطاعته، وذلك عندما نزل عليه قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} (الشعراء/214). فقام بجمعهم في داره ثم عرفهم برسالته وعرض على من يؤازره منهم أن يكون له أخاً ووصيَّا وخليفةً من بعده فأبى القوم إلاَّ عليٌّ، هنالك توجه النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إليهم بقوله: «إنه أخي ووزيري ووصيِّي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا»([1]).

    عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب، قال: «لمَّا نزلت هذه الآية على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} دعاني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا علي، إنَّ الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين، فضقت بذلك ذرعاً، وعرفت أنَّي متى أبدؤهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره فصمتُّ عليه حتى جاء جبرائيل فقال يا محمد إنك إلاَّ تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك. فاصنع لنا صاعاً من طعام.. إلى أن يقول:ثم تكلم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يابني عبد المطلب إنِّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به. إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيِّي وخليفتي فيكم؟.

    قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت وإني لأحدثهم سناً وأرمضهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبي الله أكون وزيرك، فأخذ برقبتي ثم قال: إنَّ هذا أخي ووصيِّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع».

    أورد ابن كثير هذا الخبر في تفسيره وزاد بعد قوله "إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة: وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي وكذا وكذا"؟ قال فأحجم القوم عنها جميعاً وقلت – وإني لأحدثهم سناً وأرمضهم عيناً وأعظمهم بطناً وأخمشهم ساقاً – أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثم قال "إن هذا أخي وكذا وكذا فاسمعوا له وأطيعوا" ثم قام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.

    يكشف هذا الحديث عن حقيقةٍ هامةٍ جداً، هي أن اهتمام النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بمستقبل الرسالة اقترن منذ الوهلة الأولى بالإعلان عن نبوته(صلى الله عليه وآله وسلم) ثم استمر في مختلف مراحل الدعوة إلى أن خفقت أجنحة الموت فوق رأسه، إنه(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن ينظر إلى عمره من عمر الرسالة الخاتمة إلا باعتباره نقطة الانطلاق الأولى لمسيرة تقطعها الرسالة فيما تبقَّى من عمر الدنيا ولابد له(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون شاهداً على تلك المسيرة بطولها، ولا تتحقق الشهادة إلا بالوصاية، ولا تتحقق الوصاية إلا بالأوصياء، فلابد إذاً من الوصية منذ البداية فإذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعةً ولا يستأخرون، وهذا ما فهمه النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) من آية الإنذار، وبعد أن دعاهم إلى الله وأعلن لهم عن نبوته أشار لهم إلى خليفته و أمرهم بطاعته، فالنبي إذن كان يرسم خارطةً متكاملةً لجميع مراحل الرسالة.

    وإذا أردنا أن نستقصي جميع ما قاله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في علي(u) وخلافته منذ بدء الدعوة إلى آخر لحظة في حياته(صلى الله عليه وآله وسلم)، فلن نبلغ، وحسبنا أن صحاح السنة ومسانيدهم قد استفاضت في ذكر ذلك، وهناك من الكتب الحديثية التي جمعت قدراً كبيراً من تلك الأحاديث. أما هنا فسوف نذكر بعض تلك النصوص، ولقد اخترناها دون غيرها لما كان لها من تأثير علينا يوماً ما فقد أخذت برقابنا وأفحمتنا على ما كنا عليه من تعصب ولجاجة، ومن لم تكفه هذه الأحاديث وتأخذ بزمامه إلى نور الولاية لأهل البيت(ع)، فإنه لن يكفيه شيء ويكون ممن قال عنهم المولى عزوجل: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} (النمل/14).

    حديث المنزلة
    واقعة تبوك من المنعطفات الهامة في مسيرة الرسالة على عهد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك أنها كانت المواجهة الأولى خارج إقليم الجزيرة العربية، وأول احتكاك بين الإسلام كحضارة وقوة جديدة من جهة، والإمبراطورية الرومانية العريقة من جهة أخرى. ومع أن الموجهة بين الجانبين انتهت آنئذ من دون اقتتال، إلا أن الواقعة قد احتلت مكاناً هاماً في التاريخ الإسلامي نسبة لما حدث خلالها من مواقف استراتيجية لا زالت تؤثر في مسار الرسالة. على أن أبرز تلك المواقف على الإطلاق، هو ما كان من أمر استخلاف الإمام علي على المدينة وعدم خروجه مع النبي في تلك الغزوة الاستثنائية، وما قاله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في توضيح المغزى من هذا الاستخلاف فكان ذلك من الأحاديث القليلة التي تواتر نقلها عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).

    وقبل أن نقوم بعرض الحديث المعروف بحديث المنزلة وتحليله، لابد من استعراض سريع للسيرة العلوية في مختلف المواجهات التي خاضها النبي من أجل تثبيت أركان الدين فما من معركةٍ قادها النبي إلا وكان هو حامل لوائه فيها ورجلها الأول، فتعال معي لنمرَّ سريعاً على تلك المواطن التي مُهِرت بطولاتها بتوقيع عليّ، إلى أن نأتي إلى تبوك حيث الاستخلاف العملي، وحيث عليُّ من النبي بمنزلة هارون من موسى([2]).

    في بدر بطولة مطلقه:
    في «بدر» ــ معركة الإسلام الأولى ــ وباكورة انتصاراته، كانت صولات علي وجولاته هي الأقوى، وبين السيوف كان سيفه الأمضى، قدح عتبة بن شيبة أولى شرارات المعركة ودعا المسلمين إلى المبارزة وترفع عن مقاتلة من برز إليه من فتيان الأنصار وطلب من النبي أن يرسل له الأكفاء من قريش! فرمى النبي في لهواتهم بابني عمه، عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وعلي بن أبى طالب وعمه حمزة بن عبدالمطلب، فما انجلت أول غبرة في أرض المعركة إلا وكانت صوارم بني هاشم قد حصدت رؤوس الكفر، ثم غاص عليٌّ وحمزة ــ بعد أن جُرح عبيدة ــ ومعهما أبطال المسلمين في عمق قريش حتى انتهت المعركة بنيف وسبعين من قتلى قريش أربعة وعشرون منهم قتلهم عليٌ بسيفه حسبما أحصاه الواقدي في مغازيه، غير أن اكثر المرويات تنص أن علياً قتل النصف واشترك مع المسلمين في النصف الآخر.

    في أحد: لا فتى إلا علي:
    وفي أُحد خرج النبي إلى قتال قريش بعد أن دفع لواءه لعلي(u)، ولما علم النبي بأن المشركين قد أعطوا لواءهم لبني عبد الدار أخذ اللواء من علي(u) وأعطاه لمصعب بن عمير، وكان من بني عبد الدار فبقي معه إلى أن قُتل فرده النبي إلى علي([3])، فكان همه أن يفتك بحملة اللواء وأبطال المشركين فلم يبق منهم أحداً، وقد تعاقب على لواء المشركين تسعة من بني عبد الدار قتلوا جميعاً بسيف علي وعمه حمزة، حتى سقط اللواء في المعركة ولم يجسر أحد أن يتقدم ويأخذه حتى أخذته عمرة الحارثية. وهكذا أحرز المسلمون نصراً مبكراً وانكشف المشركون لا يلوون على شيء وكما يقول الواقدي: ظل النصر إلى جانب المسلمين حتى عصوا الرسول وانصرفوا إلى الغنائم.

    وعندما أحاط المشركون بالمسلمين من كل جانب وارتبك المهاجرون والأنصار، وأكثرهم أهمتهم أنفسهم يظنون بالله الظنون، عندئذ لم يكن علىٌ يفكر إلا بالنبي الذي بات غرضاً للمشركين يرمونه من كل صوب، فأحاط به هو ومجموعة من المسلمين يدافعون عنه ويجالدون بين يديه وحمزة يهد الناس هداً.

    وفرَّ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر أصحابه واتجهت إليه كتائب المشركين وهو يقول لعلي: يا علي اكفني هذه الكتيبة وهكذا مازال يرد عن النبي كتائب المشركين ويصدهم عنه(صلى الله عليه وآله وسلم) حتى كاد يبيدهم فنزل جبرائيل على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له: يا محمد، إن هذه المواساة قد عجبت منها الملائكة، فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): وما يمنعه من ذلك هو مني وأنا منه، فقال جبرائيل وأنا منكما وسُمِع في ذلك اليوم نداءٌ من السماء (لا سيف إلا ذوالفقار ولا فتى إلا علي)، فسُئِل رسول الله عن ذلك فقال: هذا جبرائيل([4]).

    وقد نص أكثر المؤرخين والمحدثين على أنه لم يثبت مع النبي في أحرج ساعات المحنة إلا علي وحمزة ونفر قليل من المهاجرين والأنصار، وقد ازداد وضع المسلمين سوءاً بعد أن شاع بينهم أن النبي قد قتل فقال بعض من فرَّ عنه والتجأ إلى الصخرة فوق الجبل ـ وفيهم أشهر الصحابة: ليت لنا رسولاً إلى عبد الله بن أبي ـ المنافق ـ ليأخذ لنا أماناً من أبي سفيان([5])..وبعد أن قُتِل حمزة لم يكن مع النبي إلا على وأبو دجانة وسهل بن حنيف إلى أن أخذ الفارُّون يعودون شيئاً فشيئاً.



    في الخندق: كفاهم الله القتال بعلي:
    وبعد سنتين من أحد كانت الأحزاب ـ الخندق ـ وبينهما غزوات وأحداث ولواء النبي في أكثرها بيد ابن عمه يكشف عنه وعن المسلمين غمها وكربها، حتى إذا ما جمعت قريش أحزاب الكفر لمواجهة النبي وجاءت لخوض المعركة الفاصلة، كانت كلمة الفصل بسيف على. وقد فوجئت الأحزاب بخندق يحول بينهم وبين المسلمين، فأخذوا يتراشقون بالنبال والسهام ولا يجرؤون على اجتياز الخندق، ولربما تشتت جمعهم وخارت عزائمهم لولا أن تعززت قوتهم بانضمام بني قريظة إلى جانبهم، وهنا خاف المسلمون على ذراريهم ونسائهم في المدينة وأخذ المنافقون يبثون من الأقاويل ما أزاغ الأبصار وجعل القلوب في الحناجر، وفي ذلك يقول تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً} (الأحزاب/10 ــ 12).

    كانت تلك هي حال المسلمين عندما نجح بطل من أبطال المشركين في تجاوز الخندق إلى الجهة الثانية، هو عمرو بن ود العامري وكان يعدل ألفاً من الأبطال كما يصفه بعض المؤرخين، أقبل عمرو يدعو المسلمين إلى البراز فلم يبرز إليه أحد، فقام علىٌ وهو يقول للنبي أنا له يا رسول الله، فأمره النبي بالجلوس، وعاد الرجل يهتف بالمسلمين وهم كأنما على رؤوسهم الطير([6]).فقام علىٌ يستأذن النبي في الخروج إليه فأمره(صلى الله عليه وآله وسلم) ثانيةً بالجلوس، ومضى عمرو بن ود يهتف ويتحدى المسلمين ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أن من قتل منكم دخلها، أفلا يحب أحدكم أن يذهب إليها. ولا زال النبي يحث أصحابه على الخروج إليه ويحفزهم بالجنة قائلاً: من يبرز له أضمن على الله له الجنة. فلا يزداد القوم إلا انكماشاً وارتعاداً. وعمرو بن ود يستفزهم شعراً ونثراً وينشد[7])

    ولقد بححت من النداء


    بجمعهم هل من مبارز



    إنّي كذلك لم أزل


    متسرعاً نحو الهزاهز



    إن الشجاعة في الفتى


    والجود من خير الغرائز




    فلا يجيبه إلاّ علىّ، فيقول له النبي: أجلس يا علي انه عمرو فيقول: وأنا علي، فأذن عند ذلك لعلي وأعطاه سيفه وألبسه درعه وعمامته ورفع كلتا يديه وقال: اللهم إنك أخذت عبيدة يوم بدر وحمزة يوم أحد وهذا علي أخي وابن عمي فلا تدعني فرداً وأنت خير الوارثين. وعندما برز علي إلى عمرو قال النبي: الآن برز الإيمان كله للشرك كله.

    خرج علي لعمرو والمسلمون قلوبهم بين مهابة ورجاء، وساد المكان وجوم، وكأنما الزمان قد توقف يرقب معركةً قد يتوقف عليها مصير الرسالة، برز علي فقابله عمرو بغرور وعجرفة فقال له مستهيناً به مستصغراً لسنه: ليبرز إلي غيرك يا ابن أخي من أعمامك من هو أشد منك، فإني أكره أن أقتلك لأن أباك كان صديقاً لي وكنت له نديماً. فقال علي: يا عمرو إنك تقول: ما دعاني أحدٌ إلى خلال ثلاث إلاَّ وأجبته ولو إلى واحدٍ منها، وأنا أدعوك إلى الإسلام. فضحك منه وقال: دع عنك ذلك فإني لا أترك دين الآباء والأجداد. فقال: أدعوك لأن ترجع بهذا الجيش الذي معك، فقال: لا أدع العرب تتحدث بفراري، عندئذٍ قال له علي: أما إذا أبيت الإسلام والرجوع بمن معك فإنَّي أدعوك إلى النزال والحرب، فقال: يا ابن أخي ليبرز إليَّ من هو أسن منك فإنيِّ لا أحب أن أقتلك! فقال له علي ولكنِّي أحب أن أقتلك. فغضب الكافر ونزل عن فرسه وعقره وحمل على علي وضربه على رأسه فاستقبلها بالدرقة فقدها السيف ونزل منها إلى رأسه فشجه، وبعد مساورةٍ بينهما كمساورة الفحول انقضَّ عليه علي فضربه على حبل عاتقه فسقط يخور بدمه كالثور، ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً، وكفى الله المؤمنين القتال بعلي، فأقبل نحو رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ووجهه يتهلل. وعن سفيان الثوري بسنده عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: لمبارزة علي لعمرو بن ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة([8]).



    في خيبر:«رجلٌ يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»:
    وفي «خيبر» كانت البطولة المطلقة لعلي، خرج مع النبي حاملاً رايته، ولم تكن المهمة يسيره، فيهود خيبر من أكثر يهود الحجاز عدداً وأمنعهم حصوناً، وما من حي من اليهود جمع من الأبطال كمثلهم فمنهم مرحب ومنهم ياسر وغيرهم ممن مشت الركبان بذكر شجاعتهم وبسالتهم.

    لدى سماعهم بخبر المسلمين اصطف اليهود وأعدوا العدة لمواجهة طويلة بعد أن أدخلوا نساءهم وأموالهم داخل الحصون، ونشبت المعارك بينهم وبين المسلمين حول الحصون واستبسل الفريقان أياماً، وكان النبي يولي في كل يوم رجلاً من المسلمين قيادة المعركة فيرجع خائباً، وبعث يوماً برايته أبا بكر إلى بعض الحصون فجعل يخوف أصحابه ويخوفونه ويجبنهم ويجبنونه حتى رجع بها إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وفي اليوم الثاني بعث بها عمر بن الخطاب فصنع كما صنع الأول([9])، وهكذا غيرهما حتى بلغ الجهد بالمسلمين ونفذ أكثر زادهم وانخفضت معنويات الجند، إلاّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فقد كان مطمئناً إذ لا زال في كنانته سهم لا يخيب وفي جرابه سيف لا ينبو، رجل المهام الصعبة أسد الله الغالب علي بن أبي طالب(u) في تلك الحال والقلوب لدى الحناجر رفع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) صوته بحيث يسمعه أكثر المسلمين وقال: والله لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله([10]) فتطاولت لذلك الأعناق وامتدت الآمال ورجا كل واحد أن يكون هو صاحبها، والعجب أن بعض من رجع بها خائباً بالأمس أخذ يمنِّي نفسه بها كما جاء في البداية والنهاية لابن كثير([11]) وبات أبطال المسلمين ليلتهم تلك وكل يرجو أن يكون رجل الغد الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.

    حتى إذا ما كان الغد وحان وقت تقليد الوسام قال لهم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ادعوا لي علياً، قالوا كيف وهو أرمد العين؟ قال: ادعوه، فجاؤوا به إلى النبي لا يكاد يبصر ما بين يديه فمسح (صلى الله عليه وآله وسلم) على عينيه بيده ودعا له فبرئت عيناه من ساعته، فسلمه الراية قائلاً خذ ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك، فانطلق علي يهرول ومن خلفه كتيبته حتى ركز الراية بين حجارة مجتمعة تحت الحصن، فأطل عليها يهودي من رأس الحصن وقال: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. فقال اليهودي: علوتم وما أُنزل على موسى! خرج إليه أبطال اليهود ودار القتال عنيفاً، حتى إذا ما رأى اليهود كثرة قتلاهم، وقد خرَّ الحارث أخو مرحب صريعاً، جندله علي بسيفه تفرقوا وانخذلوا وفروا إلى داخل الحصن، فعز على قائدهم مرحب مقتل أخيه وهزيمة من كان معه، فخرج من الحصن مزهواً بنفسه فلقيه علي(u) وبعد اقتتال بينهما علا غباره ضربه علي بسيفه على رأسه حتى وصل السيف إلى الأضراس بعد أن قدَّ الحجر الذي كان يضعه مرحب على رأسه مكان البيضة وقد المغفر وشق رأسه نصفين.

    ولما دنا عليٌّ من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم وضربه رجل من اليهود بالسيف فاتقاه بترسه فوقع الترس من يده فتناول باباً كان عند الحصن وأخذه بيده مكان الترس فظل بيده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه.



    ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم:
    ويوم حنين الذي كان من أشد أيام المسلمين إذ وقعوا في كمين نصبته هوازن فهجموا ومن معهم من العرب على المسلمين وشدُّوا عليهم شدة رجلٍ واحد من كل جانب فأمعنوا فيهم ضرباً وطعناً واختلط الناس بعضهم ببعض، فاستولى الخوف على المسلمين ودبَّ فيهم الذعر، فانهزموا عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لا يلوون على شيء، وثبت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في مكانه ومعه علي والعباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب و أسامة بن زيد، وفي ذلك نزل قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} (التوبة: 25 ــ 26).

    وإشارة الآية إلى الكثرة ذلك أن وقعة حنين كانت بعد فتح مكة وقد انضم الطلقاء من قريش إلى جيش النبي فما زادوه إلاَّ وهناً، بل إن أبا سفيان بن حرب وشيبة بن أبي طلحة وغيرهما من الطلقاء أظهروا الشماتة بالنبي لما انفض الناس من حوله وولوا الدبر. ولكن سرعان ما خاب فأل أبي سفيان وأشياعه إذ استطاع النبي بثباته واستبسال من معه أن يحوِّل النكسة إلى انتصار وانقلب مؤشر المعركة لصالحه بعد أن برز الإمام علي لحامل لواء المشركين فجندله فدب الذعر في نفوس هوازن وثقيف، فأخذ العباس ينادي الفارين بصوته الجهوري بأمر من النبي: يا أهل بيعة الشجرة، يا أهل بيعة الرضوان إلى أين تفرون عن رسول الله؟ فأخذوا يعودون إلى الميدان شيئاً فشيئاً والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يتقدَّم ببغلته نحو المشركين ويضربهم بسيفه ويقول: "أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب".

    «تبوك».... الاستخلاف العملي: ـ

    إلى أن كانت غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة عندما قرر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مواجهة الجيش الروماني المحتشد على الحدود الشمالية للحجاز في وقت كانت دسائس المنافقين ومؤامراتهم في المدينة قد بلغت حداً مخيفاً، إذ كانت جهودهم تنصب في الاتجاه المعاكس لجهود النبي الساعية إلى لملمة القبائل وحشدها لصد العدوان المرتقب من قبل الإمبراطورية الرومانية، وقد نجح النبي بحكمته في أن يحد ـ بقدر كبير ـ من آثار دسائسهم ومكرهم وأنزل الله عليه بهذه المناسبة ـ حسب جماعة من المفسرين ـ سورة التوبة التي تحث على الجهاد وتفضح المنافقين والمتخاذلين وتنذرهم بالعذاب وسوء المصير.

    خرج النبي من المدينة وعسكر خارجها، واجتمع له من الجند ما لا يقل عن ثلاثين ألف مقاتل، وجاء في الطبقات الكبرى لابن سعد، وسيرة ابن هشام([12])، أن المنافق عبد الله بن سلول خرج مع المسلمين من المدينة بمن معه من أحلافه وعسكروا خارجها، ولم يكن عسكره بأقل العسكرين ولكنه لما تحرك(صلى الله عليه وآله وسلم) بمن معه تخلف هو وجماعته ورجعوا إلى المدينة ولم يكن خطرهم على الإسلام يومئذٍ بأقل من الخطر الخارجي المتمثل في جحافل الرومان الزاحفة من صوب الشمال.

    ولمواجهة الخطر الداخلي كان لابد وأن لا يخرج النبي من المدينة إلا بعد تأمينها تحسباً لأي طارئ، فقرر أن يبقي علياً بالمدينة مع حاجته الماسة إليه في حربه مع الروم، وهكذا ولأول مرة في تاريخ حروب النبي يتخلف قائده الأول وحامل لوائه، وربما لولا خطورة الموقف الداخلي ما تخلَّى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عن ساعده الأيمن، وهو يواجه حرباً جديدة من نوعها، مع عدوٍ لا كأعداء الجزيرة العربية من قريش وأحلافها من الأعراب واليهود.

    ولقد عزّ على الإمام علي (u) أن لا يكون مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، يذب الأذى عنه ويكون له عند الشدائد درعاً منيعاً كما كان في أحد وحنين وغيرها، ويفديه إذا لزم الأمر بنفسه كما فعل في ليلة الهجرة.عز عليه ذلك وهو يعلم الحكمة منه، والضرورات الاستراتيجية التي اقتضته، ولكنه إخراصاً لألسن المنافقين، وقطعاً لشائعات المرجفين، لحق بالنبي، وقد خرج من المدينة ونزل بالجرف، وطلب منه السماح له بالخروج وعدم إبقائه بالمدينة، ولاشك أنه ما طلب هذا الطلب إلا ليتيح للنبي فرصة يبين فيها فلسفة ذلك الاستخلاف ودواعيه، فجاء رد النبي إعلاناً قوياً عن حقيقة الموقع الذي يتبوؤه علي بين المسلمين، والمنزلة التي يحتلها منه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم):«أما ترضى أن تكون منِّي بمنزلة هارون من موسى، إلاَّ أنه ليس بعدي نبي، إنه لا ينبغي أن اذهب إلاّ وأنت خليفتي»(1).



    دلالات الحديث
    أولاً: الاستخلاف
    لم يكن مجاملةً لعلي أو تطييباً لخاطره أن يقول له النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): (أما ترضى أن تكون منىِّ بمنزلة هارون من موسى)، بل كان تأكيداً لبيانات الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) السابقة واللاحقة في حق علي، بدءاً من يوم الإنذار عند نزول قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين} مروراً بحجة الوداع يوم غدير خم انتهاء بآخر بلاغات النبي وهو على فراش الموت.

    إنه(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الذي لا ينطق عن الهوى، ما أراد لهذه المناسبة أن تمر ـ مناسبة خروجه إلى تبوك ـ دون أن يؤكد على خلافة على بل ويمكنه من المدينة وهو(صلى الله عليه وآله وسلم) خارج عنها ولا يدري إن كان سيعود إليها أم لا، فالموت يحدق به من كل جانب وبين صفوفه من يتربص به ريب المنون. وذلك أنَّ الله أخبر نبيه بما يحيكه بعض أصحابه من المكر لقتله بأن يطرحوه(صلى الله عليه وآله وسلم) من رأس عقبة في الطريق فأمر الناس بالمسير من الوادي وصعد هو العقبة ومعه عمار بن ياسر يأخذ بزمام الناقة وحذيفة بن اليمان يسوقها فتعقبه في الصعود إلى العقبة جماعة من جيشه وقد تلثموا.

    فبينما النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وصاحباه يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشوهم، فغضب رسول الله وأبصر حذيفة غضبه فرجع إليهم ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه فلما رأوا حذيفة ظنوا أن قد أُُظهر على ما أضمروه من الأمر العظيم فأسرعوا، حتى خالطوا الناس.

    وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فأمرهما فأسرعا حتى قطعوا العقبة ووقفوا ينتظرون الناس ثم قال رسول الله لحذيفة: «هل عرفت القوم»؟ قال ما عرفتُ إلا رواحلهم في ظلمة الليل حين غشيتهم. ثم قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «علمتما ما كان من شأن هؤلاء الركب»؟ قالا: لا. فأخبرهما بما كانوا تمالأوا عليه وسمَّاهم لهما واستكتمهما ذلك.فقالا: يا رسول الله، أفلا تأمر بقتلهم؟ فقال: «أكره أن يتحدَّث الناس أنَّ محمداً يقتل أصحابه»([13]).

    إذاً فإن المنافقين كانت خطتهم تقضي بأن يبقى أكثرهم بالمدينة ويتسلل بعضهم في جيش النبي حتى إذا لم يقتل في الحرب قتلوه لدى عبوره العقبة بإسقاطه منها وهكذا يتسنى للمنافقين المتخلفين بالمدينة أن يحكموا قبضتهم عليها، وما كان بناء مسجد ضرار إلا تمهيداً للانقلاب المرتقب.

    ولكل ذلك كان إبقاء علي في المدينة مسألةً استراتيجيةً وفيها إفشالٌ لخطط المنافقين إذ ستؤول الأمور كلها إلى علي(u) إذا ما لحق بالنبي مكروه في الحرب أو على أيدي المنافقين. ودلالة ذلك على موقع علي(u) وخلافته لا يجادل فيها إلاّ مكابر.





    ابن كثير وحكمة الاستخلاف:
    وقد فهم ابن كثير دلالة هذا الاستخلاف من النبي للإمام علي فأبت نفسه أن تقر له بذلك فأخذ يغالط السيرة في كتابه السيرة النبوية، فنقل عن ابن هشام قوله: واستخلف رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري، قال وذكر الدَّراوردي أنه استخلف عليها عام تبوك سباع بن عرفطة.

    ثم نقل عن ابن إسحاق قوله: وخلف رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على ابن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلَّفه إلا استقلالاً له وتخففاً منه.

    فلما قالوا ذلك أخذ علي بسلاحه ثم خرج حتى لحق برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو نازل بالجرف فأخبره بما قالوا، فقال «كذبوا ولكني خلفتك لما تركتُ ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون منِّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي» فرجع علي ومضى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في سفره([14]).

    ثم أخرج ابن كثير ذات الحديث عن البخاري ومسلم وأخرج مثله عن أبى داوود باختلاف يسير وكذلك عن أحمد([15])، ولنا على ما رواه عنهم ملاحظات:

    الملاحظة الأولى: استخلاف محمد بن مسلمة وسباع بن عرفطة:

    المتيقن هو أن علياً لم يخرج مع النبي في غزوة تبوك وأنه بقي بالمدينة بأمر الرسول وذكر أكثر الرواة أن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) تركه خليفة على المدينة وقال له: لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي. إلا أن ابن كثير اختار من الروايات تلك التي تزعم أن النبي قد استخلف على المدينة محمد بن مسلمة أو سباع بن عرفطة. ضارباً عرض الحائط بتلك التي تؤكد أن الخليفة على المدينة لدى خروج النبي إلى تبوك هو علي، وبالإضافة إلى ما تقدم يروي اليعقوبي في تاريخه([16])، أن خروج النبي إلى تبوك كان في غرة رجب سنة تسعة (واستخلف علياً على المدينة) أما محمد بن مسلمة فقد تخلف عن غزوة تبوك بإذنٍ من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) واستخلفه النبي على المدينة في بعض غزواته. هذا ما رواه ابن حجر العسقلاني في الإصابة([17])، وعنه يقول ابن الأثير في أسد الغابة([18])شهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلاَّ تبوك، ويقول: وهو أحد الذين قتلوا كعب بن الأشرف واستخلفه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة في بعض غزواته، قيل: كانت غزوة «قرقرة الكرد»، وقيل: غزوة تبوك، إلى أن يقول: «وقيل: إنه هو الذي قتل مرحباً اليهودي، والصحيح الذي عليه أكثر أهل السيرة والحديث أن علي بن أبي طالب قتل مرحباً».

    ومن هنا يتضح أنَّ القوم كانوا كلما أرادوا أن يسلبوا فضيلة من علي دسُّوا مكانه صحابياً فكان نصيب محمد بن مسلمة من ذلك أن قلَّدوه وسام البطولة في خيبر إذ نسبوا إليه قتل «مرحب» وفي تبوك حولوا تخلفه عن النبي خلافةً على المدينة وهو لم يبق فيها إلا مستأذناً([19]).

    أما سباع بن عرفطة فيقول عنه ابن الأثير: «سباع بن عرفطة الغفاري، استعمله النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة لما خرج إلى خيبر والى دومة الجندل، وهو من مشاهير الصحابة([20])، ونشير هنا إلى أن غزوة دومة الجندل كانت في السنة الخامسة للهجرة وغزوة تبوك في السنة التاسعة وكانت دومة الجندل من القرى التي دخلها جيش المسلمين في هذه الغزوة أيضا، وهكذا خلط المدِّلسون بين غزوة الجندل الأولى وتبوك واستعملوا من عند أنفسهم سباع بن عرفطة على المدينة بدلاً عن علىّ زوراً وبهتاناً.



    الملاحظة الثانية: إرجاف المنافقين:
    ذكر جماعة من المحدثين وأرباب السير والتواريخ أن الإمام علياً(u) أراد اللحاق بالنبي عندما استفزه المنافقون بقولهم: «ما خلفه إلاَّ استثقالاً له وتخففاً منه».

    ونقول: هذه الروايات هي الأخرى من جملة أراجيف المنافقين وأقاويلهم التي لا يلتفت لها علي ولا يلقي لها بالاً، وليس من سيرة علي في شيء أن يجعل للمنافقين وزناً ويستجيب لاستفزازهم له، كيف وقد نصبَّه النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) معياراً يماز به المنافق من المؤمن إذ يقول: «يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلاَّ منافق».

    والصحيح هو ما روي عن ابن عباس أن النبي قال لعلي: إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي، بعد أن سأل النبي الخروج معه وبكى لرفض النبي ذلك، بكى لأنه لا يطيق بعد النبي وبكى إشفاقاً وخوفاً عليه وبكى حزناً أن يتخلف عن معركة مصيرية وهو الذي لم يقعد قط في غزوة غزاها النبي وكان فيها جميعاً مِسْعَرَ الحرب وحادي النصر للمؤمنين حتى قام الدين متكئاً على قائم سيفه.



    الملاحظة الثالثة: استخلاف الإمام علي على أهل بيته خاصة.
    في رواية ابن كثير عن ابن إسحاق قال: وخلَّف رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم.. إلى أن يقول: قال: كذبوا ولكنِّي خلفتك لما تركت ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك.

    لقد علم ابن كثير وقبله ابن إسحاق أنه لم يكن من سيرة النبي في أي غزوة غزاها أن يترك خليفةً لخصوص أهله وآخر لعامة المسلمين، ولم يرويا عنه(صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك في سيرة أو تاريخ لكنهما هنا أدركا أن استخلاف عليٍ على المدينة في غزوة تبوك لم يكن أمراً عادياً وأن له من الدلالات ما لا يمكن طمسها إلاَّ بهذا الادعاء، ومن قبل ما تأولوا كلام النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي يوم الإنذار «أخي ووصيي وخليفتي فيكم» قال بعضهم أراد الرسول أن يجعله خليفة في خاصة أهله ولم يرد الخلافة العامة، مع أن القول بالخلافة الخاصة إثبات للخلافة العامة، ونفي العامة نفي للخاصة ثم ما معنى أن يقول النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي ارجع واخلفني في أهلك وهل يكون الرجل في شأنه الخاص وأهله خليفة لغيره؟ ذلك من عيوب الفبركة واختلال الحبكة.

    ولو أنصف ابن كثير لما اكتفى بما نقله عن ابن هشام وابن إسحاق والدراوردي وجماعة لم يسمهم، متجاهلاً كماً كبيراً من الروايات أثبتها ثقاةٌ من الأعلام في مجاميعهم مخافة أن يثبت أمراً طالماً جاهد لنفيه في تفسيره وتاريخه وسيرته.



    ثانياً: منزلة هارون من موسى:
    اختلف المحدثون و أصحاب السير والتواريخ في نقلهم لحديث المنزلة وبذل المتعصبون وسعهم من أجل إخفاء دلالة الحديث إلا أنهم لم يجرؤوا على المساس بالفقرة التي يقول فيها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: «أو ما ترضى أن تكون منَّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنه ليس بعدي نبي»، فقد أجمعوا على إثبات هذا المقطع، وأخرجه الذهبي في تلخيصه لمستدرك الحاكم ثم قال: صحيح([21])، والحاكم في مستدركه([22])، وأحمد من حنبل في مسنده([23])، والنسائي في خصائصه([24])، وابن حجر العسقلاني في الإصابة([25])، وغيرهم([26]).

    ولو لم يكن في كل كلام النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عن علي(u) سوى هذه العبارة لكفت حجةً ودليلاً لإثبات إمامة أمير المؤمنين(u) وخلافته للنبي في كل شيء إلاّ النبوة.

    لقد كان هارون(u) وزيراً لموسى(u) وأخاً له، وشريكاً له في أمره، وذلك من قوله تعالى على لسان موسى(u): { قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} (طه: 25 ــ 32).

    ولا شك أن المولى عزَّ وجل قد استجاب لكليمه وآتاه سؤله في أخيه يقول تعالى: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى} (طه: 36).

    وكان هارون(u) خليفة لموسى حال حياته ولولا موته قبل موسى لآل إليه أمر بني إسرائيل فهو شريك فيه وخليفة لأخيه. يقول تعالى على لسان موسى: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} (الأعراف/142).

    وبربط النبي بين علي وهارون، و إنزاله منه منزلة هارون من موسى فإنه يؤكد على أنَّ علياً وزيره وأخوه وخليفته في قومه وشريك أمره، وكان(صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل كثيراً ما ذكر هذه المنازل لعلي ولكنه هنا أراد أن يقطع الطريق أمام تأولات المتأولين لأحاديثه المصرفين لكلامه على الوجه الذي يريدون.

    في مطلع الدعوة، في يوم الإنذار {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} ذكر النبي لعلي جميع تلك المنازل عندما عرض على أفراد عشيرته أن يؤازروه في أمره فيكون الذي يؤازره أخاه ووصيه وخليفته في الباقين، فلم يجبه منهم إلا علي، فقال النبي: إنه أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا.

    ثم أخذ النبي يؤكد على كل منزلة لعلي في مختلف المناسبات، أكد على أخوته يوم آخى بين المهاجرين والأنصار فاتخذ علياً من دون الناس أخاً له، وأكد على شراكة علي له في أمره يوم خرج يباهل به نصارى نجران عملاً بقوله تعالى: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} فكان أبناؤه الحسن والحسين ونساؤه فاطمة، ونفسه علي وما أكثر الأحاديث التي تفيد هذا الأمر وسنعرض لها في مواقع أخَر. أما الخلافة فهي ظاهرةٌ في الرواية التي أوردناها عن ابن عباس إذ يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي».

    حديث الغدير
    في كل مرة وقف فيها النبي ليعلن عن ولاية أمير المؤمنين(u) بأي صورة من الصور، وفي مختلف المناسبات، كان هناك من يعارض ذلك جهرة أو خفية. وكان أبو لهب صاحب الموقف المعارض الأول عندما قال لأبي طالب متهكما ساخراً: إن محمداً يأمرك أن تسمع وتطيع لابنك هذا، وانصرف القوم وهم يتضاحكون بعد أن كان النبي قد جمعهم استجابة لقوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}.

    وفي يوم الخروج إلى تبوك أراد المنافقون أن يقللوا من شأن استخلاف عليّ على المدينة، وأن يثيروا الشكوك حول أهداف النبي من استخلاف ساعده الأيمن، فقالوا ما استخلفه إلا استثقالاً له وتخففاً منه.

    وفي مواطن أخرى كثيرة غير التي ذكرناها كان المنافقون يواجهون كل بلاغات النبي بالتكذيب والتشكيك، لأنهم كانوا يراهنون على مرحلة ما بعد النبي ويتربصون به ريب المنون، ويخافون أن يستتب الأمر لعلي فيكون امتداداً رسالياً للنبي وسداً في وجه طموحات قريش.

    من جهة أخرى كان لا بد أن يتم الإعلان رسمياً عن خليفة رسول الله قبل رحيله، وأخذ البيعة له من عامة المسلمين تجنباً لأي اختلاف قد يقع فيما بعد، وتلافياً للفراغ الذي قد يستغله المنافقون من أجل أغراضهم. بيد أنه لم يكن سهلاً أن يتم مثل هذا الإعلان المصيري دون أن يقوم المناوئون بعمل تكون نتائجه وخيمة على الرسالة ومستقبلها.لذلك كان النبي يزداد قلقاً كلما دنا منه الأجل وبات الرحيل وشيكاً، فهو يعرف طبيعة المعادلة التي تحكم المجتمع المدني المتعدد الاتجاهات والميول، يعرف ذلك من خلال علاقته المباشرة بالواقع، ويعرفه أيضا عن طريق الوحي الذي ما فتئ يسلط الضوء على مختلف فئات المجتمع المسلم ويكشف أدق التفاصيل عن المؤامرات التي تعد لمصادرة مكتسبات الرسالة وتجييرها لصالح العصبيات.

    وهاهو رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يؤدي نسكه في حجة وداعية كان حريصا أن يحضرها معه أكبر عدد ممكن من المسلمين، وبالفعل أتاه المسلمون من كل فج عميق وحضر معه مناسكه ما لا يقل عن مائة ألف مسلم. وبهذا الحجة يكون النبي قد علم الناس جميع المسائل المتعلقة بعباداتهم ومعاملاتهم، كما بين لهم أصول دينهم المتمثلة في التوحيد والنبوة والمعاد، ولكن النبوة كأصل ماذا يكون بشأنها بعد رحيل النبي، وكيف يكون استمرارها من بعده(صلى الله عليه وآله وسلم)، وما هو النظام الذي يصلح لأن يكون امتداداً لها؟ هذه الأسئلة كانت هي الهم الذي يشغل المسلمين في ذلك الوقت، علماً بأن أغلبهم كان على علم بالإجابة عليها، ومعرفة بما ينبغي أن يكون، مما قرأوا من القرآن وسمعوا من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في المواقع المختلفة ؛مع ذلك لا بد من تبليغ شامل وإعلان عام عله يقطع الطريق أمام مكر الماكرين.

    يأتي الأمر الإلهي للنبي بأن يقوم بإنجاز مهمته العسيرة، وينزل عليه الوحي بهذا الأمر في غير قرآن، يتردد النبي خوفاً على الدين وإشفاقاً على المسلمين، ولكن الوحي يلاحقه، وفي هذه المرة قرآناً، {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(المائدة/67). مما يعني أن ما يجب على النبي تبليغه من أمر الإمامة والولاية يتوقف عليه مصير الرسالة، ومن دون تبليغه تكون الرسالة بأجمعها كأن لم تبلغ.

    وإلى جانب التهديد بإحباط الرسالة، تتضمن الآية ضمانا للنبي بعصمته من الناس {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاس} ولكن ما حاجة النبي إلى مثل هذا الضمان؟ وهل هو يخشى الناس على نفسه، أيخاف أن يقتلوه كما ذهب إليه بعض المفسرين؟ ولماذا يخاف وهو يعرف أن انتقاله إلى الرفيق الأعلى بات وشيكاً أيا كانت الأسباب؟ ثم ألم يبلغ من قبل أموراً أخطر على حياته من هذا الأمر؟ ألم يبلغ رسالة التوحيد في مجتمع وثني مشرك أراد أن يقضي عليه فأنقذه الله وأخرجه من مكة إلى المدينة؟ ألم يواجه اليهود والنصارى و هم أشد خطرا من غيرهم، فكذب مزاعمهم وأبطل دعاواهم في وقت كانت الرسالة متوقفة على حياته تبليغاً وانتشاراً؟ إذن فإن النبي لا يخشى الناس على نفسه، وإنما يخشاهم على الدين، وقد ينقلبوا عليه إذا ما عرفوا أنه في طريقه، بأمر من الله، إلى تنجيز ولاية أمير المؤمنين(u)، حيث يكون المستقبل مفتوحاً على كل الاحتمالات بما فيها قتل الوصي والانقلاب على النبي وحرف مسار الرسالة.

    وبناء على هذا الأمر الرباني والعصمة الإلهية عقد النبي في طريق عودته أكبر وأخطر مؤتمر في تاريخ الأديان، حيث أمر بحشد عشرات الألوف من الصحابة الذين شهدوا معه المناسك عند غدير ماء يقال له «خم»، وذلك فور تلقيه الأمر الإلهي بالتبليغ- {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ}-، وفي ظهيرة توهجت شمسها واشتد حرها، صمت الكون ليصغي، وتوقف الزمان ليرقب.. ينهض النبي ويرتقي أعواداً نُصبت له، ثم يلقي على مسامع الجموع خطبة يلخص فيها قيم الرسالة ومبادئها وأحكامها، ولا يفرغ منها إلا بعد أن يشهد الحاضرين على حقيقة جوهرُ الدين كامنٌ بها، فيقول:ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا:بلى. قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. عندئذ أخذ بيد عليّ ورفعها حتى رأى الناس بياض إبطيهما، ثم قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.

    بالتدبر لحديث النبي يتبين أنه قرن بين ولايته وولاية أمير المؤمنين بحيث تنتفي إحداهما إذا ما انتفت الأخرى، فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) يأخذ إقرارهم بولايته عليهم أولا، وعندما يقرون بذلك، يجعل ولايته موقوفة على ولاية عليّ، فيقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه».أي أنه لا ينبغي لمؤمن أن يقول بولاية النبي دون عليّ.

    وما هي الولاية أصلاً؟ وما معنى أن يكون النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ وما هي أبعاد ولاية أمير المؤمنين؟ هذه المسائل رغم وضوحها كانت مزالق زلت عليها الأقدام، وشبهات تبعها الذين في قلوبهم مرض ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويلها، فأخذوا يستعرضون جميع الوجوه المحتملة لكلمة الولاية، ويختارون منها ما يتفق وأهواءهم ويتركون ما لا يهوون.مع أن الأمر لا يحتاج إلى اجتهاد وتأويل، والولاية المقصودة مطابقة لولاية النبي لا تفترق عنها في شيء، ذلك ما تؤكده الآيات القرآنية والروايات المتواترة.

    وعندما صدع النبي بالأمر وطلب منهم أداء البيعة لعلي، لم يجرؤ أحد من الحاضرين على الاعتراض علناً ؛ بل أقبلوا جميعاً إلى عليّ يبايعون ويهنئون، وما ذلك إلا تصديقاً للعصمة التي وعد الله بها رسوله فقال {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاس}، ولولاها لحدث في ذلك اليوم من المعارضة والمعاندة والانقلاب ما كان النبي يخشاه ويتردد بسببه.



    إعلان الولاية قبل الغدير:
    الإعلان صراحة عن ولاية أمير المؤمنين(u) تكرر كثيراً قبل يوم الغدير، في القرآن وفي السنة.أما في القرآن فقد أجمع المفسرون على نزول الآية التالية في ولاية أمير المؤمنين(u): {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ} (المائدة/55 ــ 56)، والمراد بـ {وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} هو الإمام علي، حسب القصة المشهورة والتي رواها أكثر المفسرين لدى تفسيرهم للآيات، وهي أن نزولها كان عندما تصدق الإمام عليّ بخاتمه للسائل وهو في حال ركوع في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

    أما في السنة فقد وردت أحاديث كثيرة متضمنة قول النبي (من كنت مولاه فعلي مولاه)، من ذلك ما رواه ابن عباس عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال لعلي بن أبي طالبأنت ولي كل مؤمن بعدي»[27].

    وعن عمران بن حصين، قال: « بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) سريةً، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فاصطفى لنفسه من الخمس جارية، فأنكروا ذلك عليه،.. إلى أن يقول: فأقبل عليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والغضب يبصر في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ إن علياً منِّي وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي»[28].

    وعن بريدة قال: «بعث رسول الله بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا التقيتم فعلىٌ على الناس وإن افترقتم فكل واحد منكما على جنده، قال فلقينا بني زبيدة من أهل اليمن فاقتتلنا، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علىٌ امرأةً من السبي لنفسه، قال بريدة: فكتب معي خالد إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، يخبره بذلك، فلما أتيت النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، دفعت الكتاب فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجهه، فقلت يا رسول الله هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه، ففعلت ما أرسلت به، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لا تقع في على فإنَّه منيِّ، وأنا منه، وهو وليكم بعدي، وإنه منِّي وأنا منه، وهو وليكم بعدي». هذا لفظ الحديث في مسند أحمد([29])، ولفظه في خصائص النسائي([30]): «لا تبغضن يابريدة لي علياً، فإن علياً منِّي وأنا منه وهو وليكم بعدي» ولفظه عند ابن جرير، قال بريدة: «وإذ النبي قد أحمر وجهه، فقال: من كنت وليه فإن علياً وليه، قال: فذهب الذي في نفسي عليه، فقلت لا أذكره بسوء»([31])، وأخرجه الطبراني([32])، عن بريدة عن النبي قال: ما بال أقوام ينتقصون علياً؟ من أبغض علياً فقد أبغضني، ومن فارق علياً فقد فارقني، إن علياً منِّي، وأنا منه، خلق من طينتي، وأنا خلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم، يابريدة «أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ، وأنه وليكم بعدي».





    يوم الغدير
    وحديث الغدير مما اتفق على روايته جميع فرق الإسلام حتى الذين ناصبوا أهل البيت العداء والخوارج وغيرهم وهو متواتر رواه مسلم([33])، وأحمد بن حنبل([34])، والفخر الرازي في تفسيره([35])، وابن كثير في تفسيره([36])، وفي البداية والنهاية([37]).

    عن أبي هريرة قال: لما أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بيد علي قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه». فأنزل الله عزَّ وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِيناً} (المائدة/3)، قال أبو هريرة وهو يوم غدير خم من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين يوماً»([38]).

    وعن أبي سعيد الخدري: أن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) دعا الناس إلى علي(ع) في يوم «غدير خم» وأمر بما تحت الشجرة من شوك فقُمّ فدعا علياً، فأخذ بضبعيه فرفعهما، حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي(u) ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِيناً} فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي بن أبي طالب من بعدى، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره وأخذل من خذله»([39]).

    غير أنَّ اكثر الذين رووه من السنة لجأوا إلى تأويله لما ضاق عليهم الخناق ولم يجدوا سبيلاً إلى تكذبيه أو الطعن في أسانيده كما فعلوا بغيره من الأحاديث، فقالوا إن المولى له معانٍ كثيرة في اللغة سوى الأولى بالتصرف، كالرب والمالك والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع وابن العم والحليف والمعاهد والعبد والمعتوق والمنعم عليه، فلم لا تحملونه على أحد هذه المعاني دون «الأولى بالتصرف»؟.

    يلجأ إلى مثل هذه التأويلات من له مطمع في سلطة أو متزلف لسلطان أو منافق أوقر بُغضُ عليّ صدره، أما نحن فما حاجتنا إلى أن نلوي عنق الحقيقة ونلبس الحق بالباطل؟ ما حاجتنا إلى أن نقول أنَّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قد حبس الناس تحت حر الشمس وحشدهم أمامه ثم دعاهم إلى حب علي أو الإحسان إليه فنكون بذلك كمن قال عنه(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه يهجر؟ ما حاجتنا إلى التأويل والتحريف وقد صرح النبي بولاية علي من بعده بأبلغ بيان دونما إلحان أو استبطان؟.

    إنَّ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): «الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم» مانع لإرادة أي معنى غير أنه الأولى بالتصرف في شؤون المؤمنين من أنفسهم، فإذا كان هو(صلى الله عليه وآله وسلم) كذلك فعليٌ من بعده مثله. وهذا ما فهمه الصحابة في حينه فتدافعوا إلى علي(u) يهنئونه ويقولون له بخ بخ لك يا علي أصبحت وأنت ولي كل مؤمن ومؤمنة([40])، وإن كان بعضهم قد جحد بعد ذلك، فدفعنا ثمن ذلك الجحود جهلاً بعلي ومكانته وبعداً عن نعمة الولاية. والعتب كل العتب على العلماء والخطباء في بلادنا، كيف عرفوا هذا الحديث فكتموه، ولم يذكروه حتى من باب ذكر فضيلة لعلي؟ وكيف خلت مناهجنا المدرسية من حديث كهذا على الرغم من أنها حوت الغث والسمين من الأحاديث والفضائل المنسوبة للصحابة؟.





    --------------------------------------------------------------------------------

    ([1]) - راجع تاريخ الطبري ج2 ص319 ــ 321.

    ([2]) - قال النبي لعلي: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» البخاري ـ كتاب المناقب 4064 وعن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله= = عليه وآله وسلم) لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. قال سعيد: فأحببت أن أشافه بها سعداً، فلقيت سعداً فحدثته بما حدثني عامر، فقال: أنا سمعته. فقلت: أنت سمعته؟‍ فوضع إصبعيه على أذنيه فقال: نعم وإلا فَاسْتَكَّتَا. 4418(مسلم مناقب الصحابة) وعن سعد بن أبي وقاص، قال: خلّف رسول الله (ص) عليّ بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يارسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي 4419(مسلم فضائل الصحابة) عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى4421(مسلم كتاب فضائل الصحابة)

    عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. 4421(مسلم كتاب فضائل الصحابة).

    عن علي رضي الله عنه قال لما ولد الحسن سميته حرباً فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه قال قلت حربا قال بل هو حسن فلما ولد الحسين سميته حربا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه قال قلت حرباً قال بل هو حسين فلما ولد الثالث سميته حرباً فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه قلت حرباً قال بل هو محسن ثم قال سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر. 30 [مسند أحمد ٍ،مسند العشرة المبشرين].

    ([3]) - تاريخ الطبري ج2 ص199.

    ([4]) - تاريخ الطبري ج2 ص197.

    ([5]) - المصدر.

    ([6]) - السيرة النبوية لابن كثير ج ص204

    ([7]) - المصدر.

    ([8]) - مستدرك الصحيحين للحاكم ج2 ص32، وتاريخ بغداد ج13 ص19، فضائل الخمسة في الصحاح الستة ج2 357.

    ([9]) - تاريخ الطبري ج2 ص300.

    ([10]) - المصدر.

    ([11]) - البداية والنهاية ج ص186. والطبري ج2 ص300.

    ([12]) - السيرة النبوية ج ص159، تاريخ الطبري 3/103.

    (1) - أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج5 ص25 ح 3062 ط دار المعارف والحديث عن عمرو بن ميمون، قال: إنَّي لجالس عند ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط، فقالوا يابن عباس، إما أن تقوم معنا، وإما ان تخلو بنا من بين هؤلاء، فقال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم، قال: وهو يومئذٍ صحيح قبل أن يعمى، قال: فابتدؤوا فتحدثوا، فلا ندري ما قالوا، قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: أف وتف، وقعوا في رجل له بضع عشرة فضائل ليست لأحد غيره، ثم ذكر ابن عباس عشرة من فضائل علي بينها قول النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى الحديث.

    وأخرجه الحاكم في مستدركه على الصحيحين ج3 ص132 والنسائي في خصائصه ص 61 ـ 64.والذهبي في تلخيص المستدرك (مطبوع بزيل المستدرك).

    والاصابة لابن حجر العسقلاني ج2 ص905.

    ([13]) - السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص34.

    ([14]) - المصدر ص12.

    ([15]) - المصدر ص12.

    ([16]) - تاريخ اليعقوبي المجلد الثاني ص67.

    ([17]) - الإصابة في تمييز الصحابة المجلد الثالث ص385.

    ([18]) - أسد الغابة في معرفة الصحابة المجلد الرابع ص336، 337.

    ([19]) - الإصابة في تمييز الصحابة المجلد الثالث ص385.

    ([20]) - أسد الغابة ج2 ص171 رقم 1930.

    ([21]) - تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك.

    ([22]) - مستدرك الصحيحين للحاكم ج3 ص132.

    ([23]) - مسند أحمد بن حنبل ج5 ص25 حديث 3062.

    ([24]) - خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص61 ــ 64.

    ([25]) - الإصابة في تمييز الصحابة المجلد الثالث ص385.

    ([26]) - راجع المراجعات المراجعة 28.

    ([27]) - مسند أحمد بن حنبل ج5 ص25 حديث 3062. والإصابة لابن حجر ج2 ص509، مستدرك الحاكم ج3 ص134.

    ([28]) - الترمذي ج5 ص296 حديث 3796، خصائص النسائي ص97.

    ([29]) - مسند أحمد ج5 ص356.

    ([30]) - خصائص أمير المؤمنين ص17 وص24 ط التقدم بمصر وص98 ط الحيدرية.

    ([31]) - كنز العمال بهامش مسند أحمد ج15 ص118 حديث 340 ط2 بحيدر آباد.

    ([32]) - ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص272ط إسلامبول وص326 ط الحيدرية.

    ([33]) - صحيح مسلم ج2 ص362 ط الحلبي. ج7 ص123 ط المكتبة التجارية بيروت.

    ([34]) - مسند أحمد بن حنبل ج4 ص372.

    ([35]) - تفسير الرازي ج3 ص63 ط الدار العامرة بمصر.

    ([36]) - تفسير ابن كثير ج2 ص14 ط1 مصر.

    ([37]) - البداية والنهاية لابن كثير ج5 ص212.

    ([38]) - السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص414 ــ 425.

    ([39]) - الدر المنثور للسيوطي ج6 ص244 وتفسير ابن كثير ج4 ص389، وروح المعاني للألوسي ج28 ص135 وفتح القدير ج5 ص246، وفتح الباري ج13 ص27، وكنز العمال ج1 ص237، ومجمع الزوائد ج9 ص194، وشواهد التنزيل ج2 ص255، بعدة طرق وأسانيد.

    ([40]) - ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج2 ص75 ط1 بيروت.

                  

العنوان الكاتب Date
ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali03-31-08, 07:49 PM
  تمهيد Motawakil Ali03-31-08, 07:57 PM
    Re: تمهيد Motawakil Ali03-31-08, 08:00 PM
      Re: تمهيد Motawakil Ali03-31-08, 08:02 PM
  منعطفات حائرة Motawakil Ali03-31-08, 08:09 PM
    Re: منعطفات حائرة Motawakil Ali03-31-08, 08:12 PM
      Re: منعطفات حائرة Motawakil Ali03-31-08, 08:19 PM
        Re: منعطفات حائرة Motawakil Ali03-31-08, 08:25 PM
          Re: منعطفات حائرة Motawakil Ali03-31-08, 08:28 PM
            Re: منعطفات حائرة Motawakil Ali04-01-08, 05:28 AM
              Re: منعطفات حائرة Motawakil Ali04-01-08, 09:46 AM
          Re: منعطفات حائرة Hatim Yousif04-01-08, 12:02 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Yasir Elsharif04-01-08, 10:14 AM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-01-08, 11:45 AM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Yasir Elsharif04-01-08, 12:07 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. حمزاوي04-01-08, 12:32 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-01-08, 07:16 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Mohammed Ibrahim Othman04-01-08, 12:39 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-01-08, 01:49 PM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. شريف درار شريف04-03-08, 09:27 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. محمود الدقم04-01-08, 04:27 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عمار عبدالله عبدالرحمن04-01-08, 06:25 PM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-01-08, 07:06 PM
        Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-01-08, 07:41 PM
          Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-01-08, 07:49 PM
            Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-01-08, 10:17 PM
          Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. محمود الدقم04-02-08, 11:17 AM
            Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. محمود الدقم04-02-08, 12:47 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. كمال عكود04-02-08, 06:01 AM
  سوعال Waeil Elsayid Awad04-02-08, 06:18 AM
    Re: سوعال عبد الرحمن الطقي04-02-08, 07:08 AM
    Re: سوعال عماد موسى محمد04-02-08, 08:25 AM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. حمزاوي04-02-08, 07:12 AM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عمار عبدالله عبدالرحمن04-02-08, 07:28 AM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. حمزاوي04-02-08, 07:34 AM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عمار عبدالله عبدالرحمن04-02-08, 08:21 AM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عماد موسى محمد04-02-08, 09:10 AM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عمار عبدالله عبدالرحمن04-02-08, 09:11 AM
        Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Hatim Yousif04-02-08, 09:27 AM
          Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عماد موسى محمد04-02-08, 09:57 AM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. محمد عثمان محمد طه04-02-08, 10:17 AM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. محمد عثمان محمد طه04-02-08, 09:50 AM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عماد موسى محمد04-02-08, 11:23 AM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عماد موسى محمد04-02-08, 11:58 AM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 12:32 PM
        Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 01:59 PM
          Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Waeil Elsayid Awad04-02-08, 02:14 PM
            Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Abdel Aati04-18-08, 10:00 PM
          Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 02:21 PM
            Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 02:56 PM
            Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. كمال عكود04-03-08, 06:26 AM
          Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. محمود الدقم04-02-08, 02:48 PM
          Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. حسن زمراوي04-02-08, 03:11 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. توفيق عبد المجيد05-30-08, 10:24 AM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. ALazhary204-02-08, 02:28 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Waeil Elsayid Awad04-02-08, 03:02 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. shaheed gadora04-02-08, 03:13 PM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. حسن زمراوي04-02-08, 04:10 PM
        Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 05:01 PM
          Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 05:22 PM
            Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 06:17 PM
              Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 07:42 PM
          Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. حسن زمراوي04-02-08, 07:03 PM
            Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 07:53 PM
              Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 08:05 PM
                Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 08:11 PM
                  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 08:34 PM
                    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-02-08, 09:00 PM
                  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Hatim Yousif04-03-08, 09:07 AM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. kamalabas04-02-08, 09:23 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Tragie Mustafa04-03-08, 06:30 AM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عماد موسى محمد04-03-08, 08:51 AM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-03-08, 10:50 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. محمد عثمان محمد طه04-03-08, 07:59 AM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عماد موسى محمد04-03-08, 09:15 AM
  العواصم من القواصم ـ المراجعات ـ الشيخ حسين الكربلائي.. Motawakil Ali04-03-08, 11:00 AM
    Re: العواصم من القواصم ـ المراجعات ـ الشيخ حسين الكربلائي.. Motawakil Ali04-03-08, 11:03 AM
      Re: العواصم من القواصم ـ المراجعات ـ الشيخ حسين الكربلائي.. Motawakil Ali04-03-08, 11:09 AM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. ALazhary204-03-08, 11:08 AM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عبد الرحمن الطقي04-03-08, 11:51 AM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عبد الرحمن الطقي04-03-08, 12:04 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-03-08, 12:21 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. kamalabas04-03-08, 12:27 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عبد الرحمن الطقي04-03-08, 01:14 PM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. kamalabas04-03-08, 08:26 PM
  من يمارس التقية بالمنبر??? kamalabas04-03-08, 12:41 PM
    Re: من يمارس التقية بالمنبر??? عبد الرحمن الطقي04-03-08, 01:32 PM
      Re: من يمارس التقية بالمنبر??? Motawakil Ali04-03-08, 02:11 PM
      Re: من يمارس التقية بالمنبر??? عبد الرحمن الطقي04-03-08, 02:20 PM
    Re: من يمارس التقية بالمنبر??? عماد موسى محمد04-03-08, 02:32 PM
  Re Waeil Elsayid Awad04-03-08, 02:28 PM
    Re: Re عماد موسى محمد04-03-08, 03:19 PM
      Re: Re عماد موسى محمد04-03-08, 03:34 PM
  الداعية الطقي يمارس الغمز واللمزوالمطاعنة!!!!! kamalabas04-03-08, 03:55 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. kamalabas04-03-08, 04:15 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Sabri Elshareef04-03-08, 04:23 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عبد الرحمن الطقي04-03-08, 08:46 PM
  Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. kamalabas04-03-08, 07:24 PM
    Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عبد الرحمن الطقي04-03-08, 09:01 PM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. عبد الرحمن الطقي04-03-08, 09:23 PM
      Re: ودخلنا الباب سجدا .. تجربة جماعية في التعرف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه.. Motawakil Ali04-03-08, 09:32 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de