عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 11:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2008, 11:52 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)



    في نقد "الإرهاق الخلاّق" لعبد الله علي إبراهيم "1-3"

    عبد الخالق السر
    [email protected]

    تمهيد:

    اكثر من 18 عاما على مقالة "...الإنقاذ تطفئ شمعة والمعارضة تلعن الظلام" وأكثر من 7 سنوات منذ صدور كتاب "الإرهاق الخلاّق"* الذي ضم المقالة المذكورة والجدل المصحوب ،غالبا، بصراخ عالي وادانات لا تنتهي في حق الكاتب هو المشهد السائد. مشهد أهدر فيه الكثير من الحبر الغاضب الذي قد "يغني" الحانقين إلى حين، ولكنه بالتأكيد لا يثمن في حقل الفكر والتثاقف ولا أظنه سيضفي فائدة تنتفع بها الممارسة السياسية أو الثقافية.



    أدناه محاولة متواضعة من جانبنا لمقاربة الكتاب نقديا كمفاهيم ورؤى قابلة للفحص والتشكيك، آمل أن تكون إضافة إلى القليل جدا الذي تم في هذا الصدد ولم يكن أصحابه مهمومين بمسايرة مظاهرات الشتم والإدانة بقدر حرصهم على مجابهة الراجل فكريا. فالدكتور عبد الله مهما أختلف رأي الناس في مواقفه الأخيرة، ومهما تباينت تفسيراتهم، يظل واحدا من ألمع المفكرين والمثقفين السياسيين في السودان.



    مدخل:

    لا يمكن للمرء أن ينخرط في نقد هذا الكتاب دون أن يولي عناية واعتبار كبيرين للتيمة الأساسية التي بنى عليها الدكتور عبد الله علي إبراهيم ،مؤلف كتاب الإرهاق الخلاّق، رؤيته أو فكرته "الطموحة" والمتمثلة في مبادرة للخلاص أو المصالحة الوطنيين. (ص39) ، والتي يعتقد أن أوانها قد أزف بمجيء الإنقاذ كتأكيد لعصر (انتهاء السياسة) في ثوبها القديم بعد أن ألمّ بها الإنهاك.

    ويمثل "الإنهاك" في تقدير الكاتب نقطة التحول الكبرى في خارطة الممارسة السياسية متى ما تحولت إلى "إنهاك خلاّق" (ص39) تصطلح من خلاله القوى السياسية على رؤى وشروط جديدة مغايرة لما كان سائد حتى يخرج الوطن من هذه المحنة وينفد من تلاشي وشيك.

    تلك هي خلاصة الكتاب في التحليل الأخير. أما الكيفية أو الآلية التي يتوسلها الكاتب لتحقيق هذه الغاية وتجسيدها واقعا فهي محط مقاربتنا النقدية لهذا الكتاب.



    الإرهاق الخلاّق أو "المساومة" كمنهج للخلاص الوطني:



    المساومة -على ما يبدو- تمثل مفهوما أصيلا في فكر الكاتب السياسي، والاقتراب من هذا المفهوم سيمنحنا قدرة على الاقتراب ابستمولجيا لمقاربة أفكاره نقديا. ولا أعرف في هذا الصدد أحدا افضل من الدكتور حسن موسى** في تناوله للمساومة في أدب عبد الله السياسي:



    "أقول أن انخراط عبد الله في خيار المصانعة و المساومة قديم و سابق بسنين لمساومته و مصانعته مع نظام الإنقاذ.. .... فالمصانعة في الأصل موقف دفاعي.بل هي ـ في تجربة الحزب الشيوعي السوداني مكيدة استراتيجية أصيلة ، بدونها ما كان لهذا لحزب " الطليعي"(اقرأ : الصفوي) الصغير عدديا أن يبقى و يقيم على كل هذا البأس الرمزي الذي يتمتع به، " حدّادي مدّادي"، وسط قطاعات واسعة من السودانيين المتعاطفين مع أطروحاته دون ان يجرهم التعاطف للانخراط في الحزب كعضوية منظمة. و ضمن استراتيجية الدفاع تمكن الشيوعيون السودانيون في أكثر من مناسبة ،من استثمار قوة خصومهم المهاجمين و تحريف اتجاهها و تملكها كوسيلة في رد الأذى السياسي عن جسم الحزب المعنوي و المادي....... قلت أن عبد الله سياسي، وبحكمة السياسي الواعي بقدر نفسه و العارف بسعة ماعونه توصّل لموقف المصانع المساوم كخيار سياسي، و هو موقف غير مريح فداحته ووعورته تملك أن تثني أشجع أبطال المسرح السياسي السوداني، إلا أن عبد الله الذي لا ينشد الراحة زاهد في منصب "أشجع أبطال المسرح السياسي"، و لو شئت الدقة لقلت بأنه الأشجع بين ذلك النفر الذي يعرّف في التقليد المسرحي بعبارة "ضد البطل"( "آنتي هيرو") Anti heroعلى صورة الشيخ أبو القاسم أحمد هاشم، مؤسس معهد أمدرمان العلمي، الذي وقع عبد الله في سحر شخصيته الوطنية المغايرة و انتفع به ، كـ " ضد البطل" ، في التأسيس لمفهوم " نقد الذهن المعارض" ضد الصورة الأيقونية البسيطة للبطل الوطني التي لا تستغني عن صورة " الخائن الوطني".و اختصار التاريخ لمجرد " إذاعة ذكر الأبطال و تحقير الخونة" هو عند عبد الله زوغان عن " الشوف الشامل" في الظاهرة التاريخية.و " إدراك " الشوف الشامل"( و الحقوق محفوظة للشاعرة عائشة بت الملازمي) لا يكون بغير " ذكرى المصانعين" من نوع" ضد البطل" " ممن لن تكتمل معرفتنا بالأبطال بغيرهم، فضلا عن عدم جواز التاريخ ـ كعلم ـ إلا بهم" ( جريدة الصحافة 5 ـ 4 ـ 1980 أنظر " عبير الأمكنة " دار النسق 1988)... (حسن موسى: أشغال العمالقة – www.sudaneseonline.com.



    وإذا كان مبتغى المصانعة عند عبد الله علي إبراهيم – حسب تعبير حسن موسى- هو الشوف الشامل، إذن يمكن القول: إن المساومة ،ومن مفهوم نظري، تمثل فهما دقيقا ومتعمقا لتعقيدات الواقع – خصوصا وجهه السياسي- إلا أنها على أرض الواقع مفهوم متفلّت وزئبقي لا يمكن السيطرة عليه إلا بمشقة وانتباهه تسهران على طرد الأوهام والتفكير الرغبوي والانحياز العاطفي أو الالتفاف الأيديولوجي وكل ما من شأنه أن يصرف التفكير عن حقائق الواقع كما هي ماثلة وليست كما مشتهاة حتى لا تتحول إلى شوف "أعور". ومن هنا سنبدأ: أي تفحص الرؤى والمفاهيم التي أستند عليها الكاتب لطرح مساومته إن كانت ذات صلة بحقائق الواقع التي لا غنى عنها للمساومة ك"شوف شامل" أم هي محض تهاويم وتفاكير رغبوية باعثها إرهاق "شامل" طال الوطن ولم ينجو من تأثيراته حتى الكاتب نفسه؟.



    يتأسس الكتاب على مقالتين نشرت الأولى فيهما في أواخر عام 1990م بمناسبة مرور عام على قيام الإنقاذ – على حد توضيح الكاتب- (ص6). أما المقالة الثانية فقد نشرت عام 1997م بجريدة "المشهد الدولي" اللندنية والتي بنى فيها على مقاله الأول. (ص7).

    واللافت للأمر أن ما يفصل بين المقالتين 7 سنوات كاملات جرت فيهما الكثير من المياه تحت جسر السياسة السودانية تخلخلت معها الكثير من الحقائق والافتراضات من تلكم التي بنى عليها الكاتب رؤيته، ومع ذلك نجده ما زال متمسكا بحذافير هذه الفرضيات في تشبث غريب لا يعززه منطق الأحداث التي تتابعت قبل الشروع في مقالته الثانية والذي صاحبتها هرولة مضطربة تنفي وتؤكد – من حين لآخر - في حقائق الواقع دون أن يترتب على ذلك أي إخلال بالسياق الذي يحكم بنية المقالتين – كما سوف نرى- والذي يلتزم ذات الفرضيات في تشبث غريب وتجاهل أقرب للتعمد لحقائق الواقع التي دحضت بما لا يدع للشك هذه الفرضيات. وما يزيد الأمر حيرة هو أن هذا التجاهل لحقائق الواقع لا يمكن أن يكون مصدره خفة أو عدم دراية بالأمور لواحد من ألمع المثقفين السودانيين، وربما كان هذا مصدر كل هذه الهبة الغاضبة التي قوبل بها الكتاب ومؤلفه حينها وما يزال.





    سيكون منهجنا هو التعامل مع المقالتين كل على حده، والتعامل من ثم في خاتمة المقاربة النقدية مع الكتاب كخلاصة للفكرة الأساسية المطروحة حتى يسهل على القاري تتبع مسار هذه المحاولة النقدية.









    نحو استراتيجية شاملة للوفاق الوطني في السودان

    الحكومة تطفئ شمعة والمعارضة تلعن الظلام:



    كان ذلك عنوان المقالة الأولى والتي يستهل الكاتب في أسطرها الأولى تهنئة النظام على صموده طيلة العام الأول والشماتة على المعارضة في خيبة توقعاتها بزوال النظام قبل عامه الأول:



    "أطفأ حكام السودان الحاليون شمعة عامهم الأول في الحكم ... ويحق لهؤلاء الحكام العسكريين أن يهنيء واحدهم الآخر على هذه الموهبة للبقاء في الحكم لسنة كاملة بعد أن راهن معارضوهم على قصر عمرهم السياسي.). (ص9).



    والتشديد هنا من عندي للتذكرة حتى يتم الانتباه لذلك الضغط المركز والمكرر من قبل الكاتب لفصل المحاولة الانقلابية عن جذورها الايدولوجيه ممثلة في تنظيم الجبهة الإسلامية كما سوف يرد تباعا. كما سوف نرى لاحقا أن هذا الفصل "التعسفي" – من وجهة نظرنا- لم يتم عفوا بقدر ما أنه كان عملا قصديا سعى من خلاله الكاتب أن يفسح مكانا جوهريا (لحياد) القوات المسلحة في أطروحته والتي لا يستقيم مفهوم المساومه الوطنية دونه. وهذا ما سوف نأتي لتبيانه لاحقا.

    نجد الكاتب في هذه الفقرة قد نحى إلى تسجيل صوت لوم خفيف الجرس للحكومة لتقاعسها عن تنفيذ توصيات مبادرة الحوار الوطني التي شارك فيها هو من قبل. ولم يخفي خيبة أمله لهذا التجاهل لكنه لم يصل للنهايات المنطقية للتبعات المترتبة على هذا التجاهل لأن ذلك يخل بفكرة الحياد كمفهوم بنيوي ترتكز عليه مبادرته كما أبنا. ومع ذلك سوف نجد أن هذه "الخيبة" تأتي بمفردات ذات دلالات تعكس حالة التضاد الداخلي الحاد لمنطق الكاتب فيما يخص عناده أمام حقيقة انقلاب الإنقاذ والتي تعريها هذه التفلتات التي تجسد بعض منها هذه الفقرة التالية هذا قبل أن ينهار هذا العناد تماما أمام حقائق الواقع كما سوف نتابع في المقال الثاني:



    "... وهو نظام غير خاف أنه بحاجة إلى إجراءات استثنائية جمة لكي يتشبث بالبقاء. وهي الإجراءات التي شملت الاعتقال والتحفظ والتعذيب والتطهير وتعيين أهل الولاء وهلمجرا...". (ص13).



    وما يعنينا هنا أهل "الولاء"، فذلك يعني بلا لبس أن الكاتب مدرك سلفا بأن هناك قاعدة أيدلوجية تقف وراء النظام العسكري الحاكم يرفض أن يسميها ويصر على إنكار وجودها. في الأسطر التالية يمهد الكاتب لمبادرته للخلاص الوطني والتي تقوم على افتراض أن النظام الحاكم جهة وطنية محايدة تمثل واجهة للقوات المسلحة يمكن مساومتها لصالح حل وطني شامل:



    "... وأمل هذه المبادرة معلق بشكل استثنائي على الفريق عمر البشير رئيس مجلس الإنقاذ الوطني ورئيس الوزراء.". (ص13).



    ولكي تنجح هذه المبادرة فيرى الكاتب تجنب عزلة هذا "النظام" -هكذا بتجريد تام يعتمد مراوغة اللغة- لأن:



    "عزلة هذا النظام خطر يجب أن يتوقاها الوطنيون الحادبون حتى لا ينحدر إلى عصبة من عتاة الأيديولوجيين ومحبي السلطة والراغبين في الثراء بأي طريق تكبد الوطن أسفا وحزنا كثيرا.". (ص13).



    ولأن الحياد ملك عليه كيانه فقد تناسى الكاتب أن النظام قد ميز نفسه كعصبة وعتاة من الأيدلوجيين ومحبي السلطة يوم أن سفه توصيات "الوطنيون الحادبون" في مبادرة الحوار الوطني وجرعهم مرارة التجاهل والازدراء. كل ذلك لا يثنيه عن التمترس خلف هذه الفرضية، بقدر ما يزيد قناعاته بتماسكها كما تبين هذه الفقرة:



    "ولكنني أعلق هذه المبادرة على الفريق عمر قد صدر في مبادرته عن حس صادق بأزمة الحرب والسلام والمستضعفين والأغنياء في بلادنا وبناء على تجربة شخصية حسية ربما لا تتوفر لأشرس خصومه السياسيين المدنيين...". (ص14).



    ولا يكتفي الكاتب في الفقرة أعلاه بإدهاشنا، بل يسعى بإصرار عجيب لصعقنا بما يعرفه هو دون أهل السودان أجمعين، حتى الجبهجيين أنفسهم، في حماسة تعجز راديكالي اسلاموي في قامة إسحاق أحمد فضل الله نفسه، كما تبين هذه الفقرة:



    "إن الذين ينسبون انقلاب عمر البشير إلى هاجس شيطاني هجست له به الجبهة الإسلامية ربما لم يحسنوا كل الإحسان إلى شخصه أو لانقلابه." !!!!. (ص14).



    يمكن هنا تصور الرئيس عمر البشير يقرأ هذه الفقرة وتقفز إلى ذاكرته نكتة العرضحالجي الشهيرة، والتي تحكي: أن صاحب مظلمة جاء إلي كاتب عرضحالات قرب المحكمة بغرض أن يحرر له عريضة كاربة يدخل بها إلي القاضي. فأفهمه العرضحالجي بأن هناك نوعين من العرضحالات: رخيص وغالي فأجاب صاحب المظلمة بأنه يريد الغالية. وبالفعل شرع الرجل في كتابة العريضة، وما إن انتهى وقراءها عليه، حتى انفجر صاحب المظلمة في بكاء مرير. فارتبك العرضحالجي لهذا الموقف الدرامي، وطفق يهدي من روع الرجل ويستفهمه عن سبب بكاءه. فاجاب صاحب المظلمة من بين النحيب: والله أصلي ما كنت قايل نفسي مظلوم الظلم ده كله وما عارف؟.



    ولأن المقام في هذه اللحظة مقام تمثلات كان لابد أن يختم الكاتب شهادته الإيمانية في حق نظام الإنقاذ بهذه الفقرة الفقهية الكلاسيكية ذات الدلالة التي لا تخفى في الأدبيات الإخوانية:



    "إنني لأجرؤ على تثبيت الفريق عمر في الولاية في حين خلعه عنها المعارضون يتخطونه إلى الجبهة الإسلامية القومية كالوالي الفرد. والفريق عمر عندي راع ومسئول عن رعيته. وهذه تبعة عظيمة إنشاء الله. وهي التي ترجع تعليق أمر مبادرة المصالحة الوطنية عليه."!!. (ص15).



    ورغم أن التاريخ أثبت أنها لم تكن تبعة عظيمة ولاشيء، بقدر ما أنها وكالة لم يحسن حتى تسييرها، فإن اللافت للنظر في هذه الفقرة هو ذلك الانتقاء الواعي لمفردات ذات دلالات إيحائية : "والي، راعي، رعية" يعي جيدا الكاتب – كماركسي عتيد وما زال "على حد علمي" – سلبية وقع استخدامها وتناقض معناها السياقي مع مفهوم دولة الديمقراطية التي ينشدها في مصالحته. وهو في تقديري محض استعداء للمزاج العام وامعان في مكايدة المعارضة كما درج على ذلك لاحقا. وإذا كان المزاج العام في تقديرنا هو السواد الأعظم الذي يسعى الكاتب لتمثيله، فإننا نجد للمفارقة أن الكاتب طيلة سعيه الدؤوب للمساومة كان يمعن في استعدائه بهذا النوع من الخطاب المستلف من أدبيات الحركة الإسلامية كما سوف نرى تباعا.



    تتابع صفحات الكتاب ولا نجد الكاتب يحيد عن النسق القائم على فرضية الحياد التي بدونها لا معنى للمساومة التي تمثل فرصة تاريخية للسلام. ولأنه نظام "محايد وثوري كمان" في تقدير الكاتب كان لابد أن يسعى لتثمين منهجه الدرامي في تقويض بنى الدولة الاقتصادية والبيروقراطية والسياسية بدعوى محاربة الفساد:



    "فلو لم تكن المعارضة مسكونة بالسلبية لقدرة حماسة النظام الراهن لرد الاعتبار للمال العام في وقت أصبحت الأموال المختلسة من الدولة عبئا ماليا تكرر ذكره في تقارير المراجع العام. فقد استحسنت مثلا إقدام أعضاء الإنقاذ الوطني لتقديم إقرارات ذمة بما يملكون حاليا في محاولة منهم لتطهير الحكم من دنس الثراء من موقع السلطة...". (ص17).



    نقول درامي لأنه كان يقوم على "البروباقدنا" وتمرير خطط ضرب "الخصوم" سياسيا واقتصاديا وبيروقراطيا من منطلق الإحلال والإبدال أكثر من كونه استراتيجية وطنية هادفة كما أبانته سياسة التمكين التي اتبعها النظام بعد فترة وجيزة. ولو تقبلنا منطق الكاتب حينها وفقا للسياق القائم على فرضية الحياد، ستصيبنا الدهشة وخيبة الأمل حيال صمته في مقالته الثانية التي أتت بعد 7 سنوات لم يعد من الممكن بعدها التشكك في هوية النظام أو صعوبة فحص نزاهته حيال المال العام ومحاربة الفساد كما هلل الكاتب لذلك:



    "مما يحمد للنظام الحاكم مساع له دءوبة للكشف عن الفساد في ميادين لا يمكن اتهامه بأن له غرض سياسي واضح فيها...."!!. (18).



    وهو فساد تبارى أصحاب المشروع أنفهسم في كشفه مكايدة وهدم للمعبد بما فيه أكثر من كونه توبة واحساس صادق بالندم. ومع ذلك يعجب المرء حقا لهذا التمادي في سكب كل هذا الحبر في عدد لا يستهان به من الصفحات ليثمن من هذه المحاولات الدرامية التي تمثل تيمة أساسية – لا جديد فيها- في كل خطابات الأنظمة الانقلابية التي تزعم أنها في الأصل ثورة على الفساد السياسي لا تلبس بعده أن تتحول إلى مستودع للفساد. وربما كان الكاتب محقا في نقده لمفهوم المعارضة من أجل المعارضة الذي تتبناه دوما القوى السياسية الليبرالية واليسارية وفي لجاجة تصرفها عن القضايا الحقيقية والتي تجعلها – على حد تعبيره- في نهاية الأمر:



    ".. خالية الوفاض من الموهبة أو الخبرة في الحكم أو حتى الاستعداد لتلقي دروس عن الخصم في هذا الشأن.." (21)



    ولكن ذلك في تقديري كان "شوفا بعين واحدة" تحسن جيدا تتبع عورات المعارضة وفي نفس الوقت تفرط في حسن الظن بهكذا أنظمة كما درج الكاتب على المبالغة في كل أسطر هذا الكتاب. ثم أن الأمانة كانت تقتضي أن يتدارك ما كان قد دفعه للعجلة في تثمين مواقف النظام في مقالته الآتية رغم أن هذه المواقف استحالت كابوسا على أرض الواقع قبل أن يشرع في كتابة هذه المقالة، وهو كابوس على كل حال لم يفق منه الوطن حتى اللحظة.



    تلاشي انقلاب يوليو في نظام متدرج نحو الشرعية: أحلام سعيدة!.



    كان الكاتب قد وصف واقع الحال الذي تمخض عنه مجيء الإنقاذ بـ"عصر انتهاء السياسة" المستوجب تدخلا من قبل قوى الشعب الحية (سواد الناس) حتى تستعيد فعلها في الحياة السياسية والمدنية. ولأنه يعتبر نفسه واحدا من هذه القوى الحية فقد سعى من خلال هذه المبادرة أن يستثير وعيا لا مناص من استثارته في ظل تلك الأزمة السياسية التي عصفت بالمشهد السياسي السوداني والذي مثله بعصر انتهاء السياسة. وهو مشهد طالما برع الكاتب في وصفه وتحليله في الكثير من أجزاء الكتاب خصوصا المقال الثاني كما سوف نرى. وعصر انتهاء السياسة في تقديره هو:



    "تلك الحالة التي تجد جماعة من العقارب نفسها وهي في زجاجة تلسع أحدها الآخر حتى الموت. فالناس في عهد "نهاية عصر السياسة" لا ينقسمون إلى معارضة وحكومة بل إلى طغم ذات شره قدسي بالحكم وملذاته وعائد. فالسياسة في مثل عهد نهاية السياسة لا تتجه إلى ضبط الجشع ، كما قال انطونيو قرامشي، بل إلى إطلاق سعاره على الناس بغير قيد أو شرط وبصورة فضائحية". (ص7).



    هذا عن عصر انتهاء السياسة، ولكن ماذا عن المبادرة وكيف يراها على أرض الواقع؟ وما الذي ألمّ بفرضية حياد القوات المسلحة؟



    علاقة الإنقاذ بالجبهة الإسلامية: يطفئ جمري أل ما في اعتقادي:



    كان شاعرنا الكبير محمد سعيد العباسي قد كتب قصيدته الغنائية الخالدة (برضي ليك المولى الموالي) مدفوعا بعناد قوامه حالة عاطفية جيّاشة تتأبى على التسليم بحقيقة أن علاقته بمحبوبه قد انتهت لولا أن رشح هذا الشطر من البيت رغم أنف عناده: "يطفيء جمري أل ما في اعتقادي ...." ليكشف واقعا طالما عمل جهده لإخفائه.

    تناهى إلى الذاكرة هذا المشهد وأنا الحظ كيف أن الكاتب وتحت ضغط حقاق الواقع، بدأ يعدل عن وجهة نظره المؤسسة على مسئولية القوات المسلحة الكاملة لانقلاب الإنقاذ، فنجده يشير من هنا وحتى نهاية الكتاب على تورط الجبهة تارة – على نحو ما- وتارة أخرى صراحة وذلك بعد طول إنكار ومكابرة وصلت حد اللوم والتعريض بالمعارضة، وهذا عناد مرده في تقديري تمترس من قماشة المكابرة – وتخريج التعبير ينسب للكاتب- حيال فكرة حياد القوات المسلحة التي تقوم عليها المساومة كما أبنا من قبل. وربما هذا – للمفارقة- هو السبب الذي جعل مثل هذا التصريح لا يخل بالسياق العام للكتاب في أي شيء بقدر ما أنه سيقود مبادرته إلى تبنى أيدلوجية الجبهة في كثير مما يظن أنه يمثل حلا لاشكالات البلاد، وبشكل مثير حقا كما في "اسلمة القوات المسلحة"!!.



    التلاشي المتدرج للنظام نحو الشرعية هي الفكرة المحورية للمبادرة كنهج مفارق لمطلب المعارضة:





    "وقولنا بتلاشي النظام الانقلابي الحالي بعيد عن مطلب المعارضة التي تعمل لتفكيكه وتجريده بصورة متعجلة". (24).



    ولأن الكاتب هنا مطالب بتأكيد أن أهل الحكم زاهدون في البقاء ومن ثم تبقى مساومتهم للتلاشي في الشرعية الدستورية مطلب وطني، كان لابد أن يتبنى نهجا انتقائيا ينصب فيه انقلاب الإنقاذ بأنه حالة استثنائية بقرينة أنه (مشروع إنقاذي) وبالتالي لابد أن يكون زاهدا في الحكم!!، مع أن هذه الإنقاذية هي وصف أضفاه منفذي الانقلاب على أنفسهم وليس بالضرورة توصيفا للواقع المعاش. ولذلك نجده يغدق أمانيه وتفاؤلاته بشأنه:

    "جاء الانقلاب الحالي للحكم بمشروع إنقاذي. والواقع أنه لا بأس في المشروع الإنقاذي في حد ذاته إذا جمع بين اعتناق أساسي للديمقراطية وممارسة إنقاذية فيها قبول قومي وطوعي لأنواع من الحجر والاستثناءات بالنظر إلى مهددات الحرب والشتات الأهلي وقوى الجشع التي تنخر في قماشة بلادنا بلا هوادة".(26-27).



    ورغم أن الكاتب يفرد مساحة لا بأس بها شارحا في منطق متماسك ينم عن معرفة عظيمة لما اسماه بـ"الظاهرة الانقلابية" لا تجد بين ثناياها ما ينم عن أية أمل أو ثقة يمكن أن يوليها إنسان عادي لانقلابي ناهيك عن أن يكون سياسي محترف في حصافة الكاتب:



    "ومع حاجتنا للتعرف النظري الأفضل للظاهرة الانقلابية إلا أنه يسهل التقرير أن الانقلاب عنف صريح من قبل أولئك الذين يريدون حل عقد الحكم والقيادة بتبسيطات إجرائية مثل الحزم والضبط والربط واعلاء أيدلوجية "العمل لا الكلام". ففي أعقاب الانقلاب يأتي التطهير كمخالفة لحق العمل، ويأتي الاعتقال التحفظي كمخالفة لحرية الحركة، والقوائم السوداء كمخالفة لحرية السفر، ويأتي تعيين أهل الولاء كمخالفة لمبدأ الفرص المتساوية، وتأتي دعاوى الديمقراطية الجديدة كغطاء لمصادرة حق التعبير والتنظيم والممارسة. ....." (26).



    إلا أن الدهشة والعجب سيتملكانك حين تجد أن كل هذه المعرفة بخبايا الانقلابات والانقلابيين لا تثنيه عن الإيمان بهذا الانقلاب الاستثنائي والى الحد الذي يدفعه إلى الأمل في نجاح مساومة منفذيه ودفعهم بـ"برفق" نحو الشرعية التعددية فيما اصطلح عليه بـ "التلاشي" التدريجي للانقلاب!!. والأكثر إثارة من ذلك إنّ الكاتب لم يوفر جهدا لتلويم المعارضة حيال موقفها من الانقلاب كمبدأ :



    "ولهذا استعجبت لما رأيت معارضة النظام الحالي لا تكتفي بإدانته كانقلاب لأن أكثر ما يغيظها وتشدد عليه هو أنه انقلاب الجبهة الإسلامية القومية وكأن انقلابا لحزب الأمة أو الاتحادي الديمقراطي أو للشيوعي هو الأفضل أو الأقل ضررا." (26).



    هذا في تقديري انعكاس واضح للاضطراب المنهجي والتفكك المنطقي والتمزق الذي بات يعيشه الكاتب حيال فكرة الحياد التي ما فتئت تتهشم أمام ضغط حقائق الواقع التي لم يعد مجديا إنكارها ، كما سوف نرى، ولكن رغم ذلك نجده يتمسك بالمكابرة واللجوء للتكثيف الدرامي فيما يخص خيبات المعارضة واستخدامها كساتر في محاولة للعبور بفكرة المساومة الهشة إلى درب السلامة. ولما كان ذلك النهج لم يستطع أن يصمد أمام حقائق الواقع، سنجد أن الكاتب قد وجد نفسه مضطرا لأن يسلك نهجا تبريريا انتقائيا ليمرر معه حقيقة قيام القوات المسلحة بالانقلاب لصالح الجبهة الإسلامية بالوكالة وهي حقيقة سنجد أن الكاتب يعمل على تمريرها بالتقسيط في مقبل صفحات الكتاب في محاولة لتجنب آثارها الصاعقة على مشروعه. وسيتبدى في الفقرة التالية بوضوح ما أسميته بتقسيط حقيقة انقلاب الجبهة ، وهو هنا محاولة حذرة تكتفي بتمويه حقيقة العلاقة بين الإنقاذ والجبهة وبشكل يعمل على ترجيح موقفه السابق القائم على استقلالية منفذي الانقلاب أي حياديتهم بتعبير آخر يتسق ومشروع الكاتب:



    "... وقد استنكرت الجبهة الإسلامية القومية فكرة هذا التحالف لأنه في قولها، أن إدخال النقابات والقوات المسلحة حلبة السياسة يخرج بنا عن أصول اللعبة الليبرالية وتمرق الجبهة الإسلامية من العزلة التي بدأت يضرب عليها بإبعادها أو ابتعادها من حكومة الوحدة الوطنية – آخر حكومات الصادق المهدي العديدة- خرجت بنسختها المحدودة من التحالف مع قسم من القوات المسلحة باسم الإنقاذ الوطني. ولعل أكثر ما أضر بالفكرة الإنقاذية الحالية أنها تلبست في أكثر أحوالها برنامج الجبهة الإسلامية القومية حتى أن أكثر نقاطه تطرفا مما جعل المشروع الإنقاذي امتدادا لسياسة الجبهة الإسلامية القومية بطريقة أخرى"!!!.



    كان العباسي في ذلك المشهد الجمالي المهيب يجالد سطوة الحقيقة في سبيل الإبقاء على علاقة عاطفية يبدو أنها كانت تضفي علي حياته معنى بهيا، لذا صادفت كلماته – على مر الأزمان- احتفاءً كبيرا و تعاطفا عظيما، بينما نرى الكاتب الكبير فيما اقتبسناه من فقرات سابقات ولاحقات يمارس إنكارا واضطرابا مفاهيميا يشوش به على حقائق الواقع

    ويدفع بتناقضاته إلى أعلى مستوى كما رأينا وسنرى في لاحق السطور في محاولة غريبة قوامها الاستعانة بالوهم لتغيير الواقع. فالذي أدان من قبل اتهامات المعارضة بضلوع القوات المسلحة ممثلة في البشير بتبني انقلاب لصالح الجبهة الإسلامية وأنبّهم لعدم إحسانهم للرجل أو لانقلابه، يعود ليقر بما أنكره سابقا دون أن يرف له طرف، أو حتى ليراجع موقفه من المبادرة المقترحة إن كان لها حظوظ في ضوء هذه الحقائق "الجديدة" إن كانت جديدة؟ ولكنه بدلا عن ذلك نجده مواصلا انخراطه في نهج رغبوي قائم على ثقة مفرطة في تحول النظام إلى تعددية متدرجة وفي سياق أقرب إلى المعجزة الإلهية:



    "ويتمنى المرء أن نستصحب في عودتنا المتدرجة إلى التعددية وعيا في أحزاب الكثرة أن تسترد نفسها من منطقة الهامش السياسي...... ستعتمد مبادرة المصالحة الوطنية المأمولة على دعامتين أولهما الوطنية السودانية، وثانيتهما التسامح والموهبة في التنازل."!.(30).



    فيما تبقى من صفحات المقال الأول سينحو الكاتب إلى النهج الرومانسي ذلك الذي يطالعك في الكثير مما يعرف بالشعر "الوطني" والذي يدفع الناس إلى التلاحم ونبذ الخلاف .... دون أن يكلف هذا الضرب من الفن نفسه كثيرا بتقصي بنية الأسباب – وهذا مفهوم في سياق علاقة الفنان بالوجود- ولكن ما بال مشتغل عريق في السياسة في قامة كاتبنا لمثل هذا القول:



    "وسنحتاج في باب أخر للوطنية إلى حمل أنفسنا وتدريبها على التنازل أو التخلص من العقائد والمواقف السياسية التي لم نكسب لها جمهرة أو آفاقا في الحوار السياسي الممدود سلما وعنفا. فتمسك كل طرف سياسي بحذافير برنامجه السياسي الممدود سلما – مما تعده الأطراف مبدئية واستماتة وثوابت- قد ينحدر في واقع الأمر إلى نوع من الطائفية لا يطأ ساحتها حوار....... ولعله من الصعب هنا حصر ما يستوجب أن تتنازل عنه الأحزاب السياسية كل على حده لأن هذه الموهبة على التنازل تحتاج إلى ذوق وتدريب تتعهده حركة ثقافية ذات سلطة تربوية.". (32-33).



    وهاهي الرومانسية تبلغ مداها حين يطالب الكاتب الجبهة الإسلامية أن تفاصل في قوانين سبتمبر للصالح العام:



    "تحتاج الجبهة الإسلامية القومية بدورها أن تعترف للآخرين، بعد أن اعترفت لنفسها في مواقع مختلفة، أن قوانين سبتمبر 1983م الشهيرة، هي مجرد اقتراح لقوانين مستمدة من الشريعة وليست الكلمة النهائية لما يمكن أن تكون عليه صورة الشريعة في الدولة السودانية. ولذا صح اعتبار معارضي تلك القوانين من بين المسلمين وغير المسلمين في السودان أناسا ذوي أراء مختلفة ليست بالضرورة ضالة أو ملحدة". (34)



    ومبلغ علمنا أنه يعي جيدا أن قوانين سبتمبر – أو الشريعة في أدبيات الجبهة- هي قميص عثمان الذي زايدت به على جمهرة السياسيين وعامة المسلمين في السودان وبدونه لا يمكن أن تتخيل لنفسها وجودا كتنظيم إسلام-سياسي في المقام الأول معني بامتلاك ذروة السيادة العليا – في تعبير لأركون- بوصفه تجسيدا حيا للمشرع الأعلى. وهي المزايدة التي أكسبتها منعة في الفترة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام نميري وهي التي خرجت منه ملطخة السمعة، فما الذي يجعلها تتنازل عن ذلك وهي في أوج سطوتها بامتلاكها السلطة عنوة؟ ثم أليست الشريعة عنصرا من عناصر قماشة الوعي الجلابي الذي يشتهي تحويل هامشيته في الثغر بين العالم العربي وأفريقيا إلى مركز ذي صلف وغرور؟ (49) لا شيء في حقيقة الأمر سوى تلك الأماني التي ينساق ورائها الكاتب في يقين يحسد عليه. وهو يقين سوف يقوده – كما سوف نرى- إلى طرح مبادرته التي لا يشك في نجاعتها لحظة واحدة:



    ليست مبادرة الخلاص والمصالحة الوطنيتين بحديث خرافة. والواقع أننا نملك أميز مؤهلات هذه المبادرة وهو ما أسميه (الإنهاك الخلاّق)...". (39).



    أما ما هي هذه المؤهلات التي نتميز بها والتي يراهن عليها الكاتب؟ فموعدنا معها في مقاله الثاني والذي كما ذكرنا من قبل أتى بعد 7 سنوات من كتابة هذا المقال.



    هوامش:

    * الإرهاق الخلاّق (دار عزة للنشر والتوزيع – الخرطوم، طبعة 2001م).



    ** د. حسن موسى (أشغال العمالقة – منبر الحوار)



    و لو تفحّصنا مصانعة عبد الله فهي محيرة حين ننظر إليها من مشهد المصانع الكلاسيكي الذي يلجأ للمصانعة كمكيدة تيسر " الفايدة" و الكسب الشخصي السريع.فهي مصانعة بلا فائدة ، مصانعة " حاصل فارغ". ذلك ان عبد الله الذي يعتبره بعض خصومه من " عملاء" نظام الإنقاذ لم يقبض ثمنا يليق بـ " عميل" من عياره الثقيل النادر.فهو لم يتول أي من تلك المناصب، ذات الفائدة، التي يتقاتل من أجلها بعض التقدميين السابقين ( ناس خالد المبارك و الشوش و منو و منو) ممن انبطحوا تماما أمام نظام الإنقاذ.و حتى طلبه بتصديق لاصدار صحيفة لم ينجح في الحصول عليه من سلطات نظام الإنقاذ. فما معنى هذه المصانعة التي لا تعود على صاحبها بأي منفعة مادية؟
    و لو تفحّصنا مساومة عبد الله فهي ليست مساومة الناطق الرسمي باسم مؤسسة جمعية حزبية أو عرقية أو دينية، إنها مساومة فرد ناطق بالأصالة عن ذاته ، لا بغرض الحصول على منافع فردية و إنما للحصول على شروط افضل لممارسة تكاليف العمل العام.و هذا الواقع يمسخ عبد الله لمقام ذلك الرجل الواحد الشجاع الذي يصنع أغلبية("إيميرسون" كان ما نخاف الكضب).و عبد الله بيننا رجل أغلبية،أو هو على اسوأ الفروض: " أقلية ساحقة".
    لكن صبر عبد الله الطويل على شبهات المصانعة و على وحشة المساومة ، ضمن مشهد السياسة الدامي، يحيرني و لا أجد له تفسيرا مقنعا.لماذا يعرض عبد الله نفسه لمكاره موقف " ضد البطل" و البيزنيس البطولي السهل في متناول يده في أي لحظة شاء؟
    هل يمكن تلخيص أمر عبدالله بأن المسألة برمتها ليست سوى تعبير ملتو عن مكابدات شاعر " مجنون" مُحبَط ضل طريقه إلى أرض السياسة ؟و هل انمسخ شاغل الشعر عند عبدالله، الشاعر السرّي ، إلى نوع من إنشغال سياسي عصابي يصعّد الممارسة السياسية لمقام الهاجس الشعري؟ مندري؟، لكن فضاء العمل العام السياسي كان سيفقد الكثير لو كان عبد الله قد استغنى بصناعة الشعر عن صناعة السياسة. و" رزق المساكين عند (الشعراء)المجانين" كما تعبّر حكمة شعبية من تحريفي.

    from sudanile 12 april 2008
                  

العنوان الكاتب Date
عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-01-08, 11:04 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-01-08, 11:09 PM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-01-08, 11:10 PM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-01-08, 11:11 PM
        Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-01-08, 11:13 PM
          Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-01-08, 11:14 PM
            Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-01-08, 11:15 PM
              Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-01-08, 11:16 PM
                Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 01:16 AM
                  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 01:21 AM
                    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 01:24 AM
                Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ abubakr salih03-02-08, 01:23 AM
                  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-03-08, 11:47 PM
                  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-16-08, 05:45 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 01:28 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 01:34 AM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:29 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:31 AM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:32 AM
        Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:33 AM
          Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:34 AM
            Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:36 AM
              Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:37 AM
                Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:39 AM
                  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:40 AM
                    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 02:42 AM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 05:32 AM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 06:37 AM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-02-08, 04:55 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-03-08, 05:36 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ أبوبكر حسن خليفة حسن03-03-08, 08:26 PM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-03-08, 08:36 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-05-08, 11:57 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ Omer Abdalla03-06-08, 06:20 AM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-06-08, 03:04 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-06-08, 05:26 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-08-08, 09:17 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-08-08, 09:37 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-08-08, 09:44 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-08-08, 11:58 PM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:00 AM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:07 AM
        Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:08 AM
          Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:09 AM
            Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:11 AM
              Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:12 AM
                Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:14 AM
                  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:15 AM
                    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:17 AM
                      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:19 AM
                        Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-09-08, 00:22 AM
                          Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-16-08, 05:33 PM
                          Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان03-22-08, 12:06 PM
  اتابع mohmmed said ahmed03-17-08, 05:02 AM
    Re: اتابع عبدالله عثمان03-22-08, 12:10 PM
      Re: اتابع Emad Abdulla04-11-08, 10:50 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-11-08, 11:50 PM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-21-08, 02:02 PM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-21-08, 02:06 PM
        Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-21-08, 03:31 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-11-08, 11:52 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-16-08, 09:07 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-17-08, 05:40 PM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-17-08, 05:41 PM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-17-08, 05:42 PM
        Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-17-08, 05:44 PM
          Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-17-08, 05:46 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ بهاء بكري04-17-08, 06:06 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-17-08, 07:38 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-17-08, 08:01 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-20-08, 00:18 AM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-20-08, 04:17 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان04-30-08, 05:36 PM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ Rayah05-01-08, 07:34 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-03-08, 03:16 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-04-08, 01:07 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-13-08, 04:48 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mohmmed said ahmed05-13-08, 05:17 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mohmmed said ahmed05-13-08, 05:17 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mohmmed said ahmed05-13-08, 05:17 AM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mutwakil toum05-14-08, 04:13 AM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ بهاء بكري05-17-08, 11:23 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-17-08, 06:40 PM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ طلعت الطيب05-17-08, 08:05 PM
        Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ طلعت الطيب05-17-08, 08:16 PM
          Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ طلعت الطيب05-17-08, 09:06 PM
          Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-17-08, 11:42 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-18-08, 05:10 AM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-18-08, 10:34 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-18-08, 11:24 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-19-08, 00:02 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mohmmed said ahmed05-19-08, 05:45 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mohmmed said ahmed05-19-08, 05:45 AM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mohmmed said ahmed05-19-08, 05:45 AM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mohmmed said ahmed05-19-08, 06:02 AM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mohmmed said ahmed05-19-08, 06:02 AM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ mohmmed said ahmed05-19-08, 06:02 AM
      Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-19-08, 06:50 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-24-08, 02:00 PM
  Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-24-08, 08:08 PM
    Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ عبدالله عثمان05-25-08, 07:39 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de