ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 02:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-24-2008, 10:53 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    العَلمانية ليست كفرًا


    فريدة النقاش
    2006 / 7 / 1


    نجح خصوم الديمقراطية وبخاصة تيارات الإسلام السياسي بمختلف اتجاهاتها في تشويه العَلمانية ومحاصرة معانيها والأفكار والتاريخ الطويل الذي ارتبط بها، وفعلوا ذلك حين قرنوا بينها وبين الكفر والإلحاد رغم أنهم يعلمون جيدا أن هناك ملحدين كثيرين ليسوا علمانيين، وأن هناك علمانيين ليسوا ملحدين، ويعلمون أيضا أن الإلحاد ينتمي إلى ميدان الفلسفة وأنه وجد مبكرا جدا في تاريخ البشرية حتى قبل عصر الديانات؛ ويعلمون أيضا أن العلمانية تنتمي إلى ميدان الفكر السياسي، وأننا إذا شئنا تقديم تعريف مبسط لها فسوف نقول إنها فصل الدين عن السياسة والدولة وليس فصله عن المجتمع والحياة. ذلك أن الدولة الدينية هي بالضرورة دولة استبدادية ليس فقط لأن هذا هو التاريخ الذي عرفناه عن الدولة الدينية سواء كانت تلك التي هيمنت عليها الكنيسة في التاريخ الأوروبي في العصور المظلمة، أو كانت دولة الخلافة الإسلامية التي كانت دولة استبداد وفساد في غالبية عهودها وكانت سنوات العدل والشورى والرحمة فيها هي الاستثناء والنشاز.
    ليس لهذه الأسباب التاريخية فقط، ويصبح فصل الدين عن الدولة ضرورة وإنما أيضا لأسباب فكرية عميقة هي جوهر السلطة الدينية، أي الدولة الدينية تتخلص هذه الأسباب في حقيقة أن النظرة الدينية للعالم تستبعد الآخرين عامة، لأنها هي التي تمتلك الحقيقة المطلقة ولابد أن تأتي بكل الآخرين علي أرضها لأنهم ضالون، وما سعيها لحاقهم بها إلا عملية إنقاذ لأرواحهم الهائمة في عالم الضلال، وتصحيح لمسارهم في الدنيا والآخرة.
    لذلك حين تتأسس دولة علي هذه الرؤى والأفكار والمفاهيم فإنها تخاصم الديمقراطية والتعددية من حيث المبدأ، إذ إن الديمقراطية والتعددية تبقي مفاهيم غريبة علي أساسها وبعيدة عنها كل البعد. ولم يكن أحد زعماء الجبهة الإسلامية للإنقاذ مخطئا حين قال عشية بوادر نجاح الجبهة في الانتخابات التشريعية في الجزائر مطلع التسعينيات: إنها الديمقراطية لمرة واحدة لأن الديمقراطية قرينة الإلحاد وهي قيمة مستوردة من الغرب، ولذلك فإن مطلب تداول السلطة كمطلب ديمقراطي أصيل وركن من أركان الديمقراطية يظل بدوره مطلبا غريبا علي الإسلاميين، فمع من سوف يتداول السلطة هؤلاء الذين يملكون الحقيقة الإلهية ويتحدثون باسم الله ويقيمون شرعه علي الأرض؟ إن مجرد احتمال أن يقضي مثل هذا التداول إلي تغيير الحكومة التي تتحدث باسم الله وتنتمي لدولة لها دينها سيكون عدوانا أثيما علي شرع الله الذي تقيمه هذه الحكومة.
    كذلك فإن النظرة الدينية للعالم وللعلاقات الاجتماعية ولصراع الأفكار والرؤى وهو صراع دائر رغم كل تحوطاتها ترفض من حيث المبدأ مسألة الحوار، وتضع الطاعة الكاملة لأولي الأمر في مكانه، سواء كان أولو الأمر يتربعون علي عرش الحكومة أو الحزب أو المؤسسة أي أن هناك خصومة ضمنية مع العقلانية التي تتعامل عادة مع بدائل هي بنت الحوار والصراع والعقل النقدي الحر، ذلك العقل الذي يطرح الأسئلة علي الوجود والكون والعلاقات الاجتماعية وعلاقة الفرد بالجماعة وبخالقه وحينه يرفض دعاة الدولة الدينية القول بأن علاقة الإنسان بالله هي مسألة شخصية تخص كل فرد على حدة وهو مسئول عنها طبقا للأقوال الشعبية التي تتضمن حكمة عميقة واحتراما أصيلا لحرية الفرد: كل واحد متعلق من عرقوبة أو رب الكل يحاسب الكل- حين يرفضون هذه الرؤية المنفتحة التي أستطيع أن أسميها عَلمانية فطرية إنما يتطلعون للتوسط بين البشر وإلههم فيصبحون هم المرجع المعتمد، وكم أفضى مثل هذا التوسط القسري إلى مآس وعنف وقتل ودماء على مدار التاريخ، وارتكب كل هذه الأفعال الوحشية من فوضوا أنفسهم متحدثين باسم الله ونوابا عنه وأوصياء علي البشر في دينهم ودنياهم في ملبسهم ومأكلهم وطريقة تفكيرهم وخياراتهم كافة باعتبار أن الإسلام دين ودينا كما يقولون.
    ولذا كله لا بد من تشويه الفكرة العلمانية التي تتجنب المطلق، وتبقي في مجال النسبي، وتفكر في النسبي بما هو نسبي، وتؤمن أنه لا سلطان على العقل الإنساني إلا العقل ذاته. ويبقي إيمان الإنسان بربه شأنا خاصا بينهما. ولم تكن العلمانية لا لدى نشأتها ولا في مسار تطورها تشترط الإلحاد أو تبشر به إلا فيما ندر بين بعض فلاسفة التنوير في صراعهم ضد الكنيسة.
    لكن، ولأن الذين يرتبون لهذه الحملات ضد العلمانية يدافعون عن مصالح هائلة يحيمها الاستبداد المدني والديني، تعمدوا أن يلمسوا هذا الوتر الحساس لدى المؤمنين، بل ونقلوا معركتهم حول الكفر والإيمان والدولة الدينية والدولة العلمانية من ساحة الفكر والجدل الديني إلي ساحة البسطاء والفقراء ليحشدوا جمهورا ضد الفكرة العلمانية وأساسها الديمقراطي العقلاني وكونها شرط أساسي للمواطنة الحقة وللتعايش الخلاق علي أساس الاحترام المتبادل بين الديانات جميعا.
    لذلك يتعين علي دعاة العلمانية أن يخوضوا معركة الدفاع عنها في الأوساط الشعبية وبين المؤمنين مسيحيين ومسلمين ليمزقوا تلك الستر الزائفة السوداء التي ألقي بها مغرضون على الفكرة العلمانية والدولة العلمانية التي هي دولة كل المواطنين بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو العقيدة وليست دولة المؤمنين بالإسلام وحده، وهي أصلا لا تنهض علي الإيمان إنما على المواطنة.
                  

04-27-2008, 09:13 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    العدد رقم: 881 2008-04-27

    حديث المدينة
    أصحى.. يا بريش..!!

    عثمان ميرغني
    كُتب في: 2008-04-27

    [email protected]


    سألني باحث بريطاني يزور السودان هذه الأيام.. سؤالا افتراضيا جديراً فعلا بالإجابة المتأنية العميقة.. قال لي ( اذا افترضنا ان أحد أعضاء الحركة الإسلامية في السودان نام في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي.. ولم يستيقظ إلا الآن.. ثم سار في الشوارع وقرأ الصحف وتأمل في المجتمع والدولة.. دون أن يقدم له أي فرد مساعدة للتعرف على ما تغير خلال العشرين سنة الماضية.. فهل يستطيع ان يعرف أن الأمور كلها خلال فترة نومه كانت تخضع لحكم جماعته..؟؟)
    قلت له.. ولو أُعطي (خيارات!!) فلن يستطيع تخمين الإجابة الصحيحة..
    سأتقمص السياق الافتراضي الذي اختاره الباحث البريطاني.. وأتصور أن هذا الرجل ( وربما يكون من قيادات الحركة الإسلامية).. وبعد ان استيقظ..اول ما فعله وبكل شوق ولهفة أن ذهب الى منزل (الشيخ!) حسن الترابي.. وجلس في طرف الصالون بكل هدوء يسمع تصريحات وتحليلات الشيخ للأوضاع.. وكأني بهذا الرجل الذي استيقظ من منامه يقول في قرارة نفسه.. وهو يسمع لكلام الشيخ الترابي..( إذن لقد فعلها الشيوعيون.. !!).. ثم واذا به وهو راجع (بالمواصلات طبعا).. بشارع أفريقيا وجوار مدخل المطار.. تكاد تربكه الدهشة.. وهو يكمل الجملة (.. ويصَّلون..الشيوعيون !!).
    وربما وقع في حيرة ودهشة اهل الكهف.. حينما قالوا لأحدهم أذهب بورِقِنا هذا فلينظر أيّها أزكى طعاما.. فقدم ورقه (العملة) للتجار فنظروا اليه وسألوه من أي عهد تاريخي سحيق هبط..
    المعايرة القياسية التي طلبها الباحث البريطاني للفرق بين النظرية والتطبيق.. تحتاج اولا وقبل الغوص فيها الى استنباط وحدة القياس..حتى يمكن معايرة الطرفين والكتلتين بنفس الوحدة القياسية.. فلا يمكن – مثلا معايرة جسمين واحد بالكيلو.. والآخر باللتر.. أو بالمتر..
    ماهي وحدة القياس التي تحسب المسافة الفاصلة بين النظرية والتطبيق..
    اقترح استنباط وحدة قياس نطلق عليها (كيلو انسان).. الوزن المعياري للانسان.. على هدى معادلة بسيطة تفترض أن (الكيلو إنسان) هو الناتج الطبيعي لحصيلة جمع التنمية والخدمات والمشاريع التي تقدم له مع الحقوق التي يكتسبها.. فإذا توفرت للانسان مشاريع ضخمة وخدمات مترفة وتنمية هائلة.. ونال معكوسها من الحقوق الذاتية والمعنوية فإن (الكيلو انسان) يصبح في وزن الذبابة..
    بوحدة القياس هذه يمكن إجراء اختبارت خارجية في دول أخرى.. والتأمل في ناتج (الكيلو انسان) فيها.. فدول عملاقة من فرط جبروتها خرقت غلاف الكرة الأرضية وارتفعت بإنسانها الى الفضاء الخارجي. لكن انسانها على الأرض كان لا يساوي إلا قيمة تافهة من الـ(كيلو انسان).. وكانت النتيجة الطبيعية بالتحديد انهيار منظومة (الاتحاد السوفيتي).. وحلف وارسو ودخول بعضها في حلف الناتو..
    الأمثلة كثيرة.. وبعضها لا يزال شاخصا.. وسنة الحياة البشرية ان الانسان هو محور الحياة.. وأكدها القرآن الكريم الذي جزم ان كل ما في الحياة الدنيا هو مسخر لأجل الانسان. في البر والبحر والفضاء..
    إذن فلنستخدم مسطرة أخينا الدكتور أمين حسن عمر الشهيرة.. ونحسب كم (كيلو انسان) يسوى السوداني..؟؟



    hgs,]hkn
                  

04-27-2008, 11:12 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    العلمانيه .... طريقنا للخلاص من الأستبداد الدينى
    ناصر الياسرى
    watan_1957@yahoo
    2006 / 7 / 10


    لعل من اكثر المصطلحات التى تعرضت للتشويه و التضليل هو مصطلح ( العلمانيه ) لكونه مصطلح جديدا على مسامع المواطن العربى وكثيرا ما ربط هذا المصطلح مع مبداء الغاء الدين او حتى الالحاد !! الا ان الطرح الجديد الذى بشر به المفكر الاسلامى السيد اياد جمال الدين والذى اوضح فيه مفهوم ( العلمانيه ) بانه حفظ للدين من مخالب السلطه بالرغم من ان هذا الطرح لم يجاهر به اى مفكر عربى وحتى المفكرين اليساريين فكيف وهو يطرح من قبل رجل دين شيعى ويعتمر عمامة رسول الله!!
    واكد بأنه يؤيد قيام دولة علمانيه ديمقراطية كى ينقذ الدين من مخالب السلطة يومها علق البعض على ماقاله هذا الرجل الشجاع وهم غير مصدقين من هذا الطرح وقد وجدوه وهويعلوا بصوته الرخيم قائلأ : كفى خطفا للدين منذ أربعة عشر قرنا كفى من الأستبداد الدينى
    لقد كان فقهاء السلطان ألعوبة بيد السلطه يفتون لها بما يشاء بحق او بدون حق !!
    لقد كانت زوجة الرشيد تفتى ثم تبعث بورقه الفتوى لفقيه السلطتن ليمهرها بختمة دون نقاش !!
    ان دفاع السيد أياد عن العلمانية هو دفاعا عن الدين ومن أجل أن يكون الدين بعيدا عن أ نياب السلطة الذى استعبدتة طوال اربعه عشر قرنا ان اعداء العلمانية موجودون على الساحة السياسيبة لأن تطبيقها سوف يضر بمصالحهم السياسية ويذهبون الى الهدف السهل ويصبون غضبهم ليكرروا ذات الخطأ المتوارث عبر اللأجيال والذى يفترضون وجود حركة علمانية ثم يقرن العلمانية بالألحاد مع انها لست كذلك فالعلمانى فى البلاد التى تطبق العلمانية شخص مؤمن وكل ما فى الامر انه يحكم القانون المدنى فى تفاصيل حياته اليومية والدكتور فؤاد زكريا صاحب الفضل على الفلسفةالأسلاميةالمعاصرة وجد الموقف العلمانى فى السياسةضرورة حضارية لاتنتقص من شأن الشريعة اللأسلامية فالأسلام يحكم ولا يحاكم.
    والدولة مؤسسة تتعرض للمحاكمات والأنتقادات و المعارضة وبالتالى فأن ربط حركتها با القانون المدنى أفضل لها وللشريعه والتى يجب ان لاتتحمل اخطاء البشر
    ان العلمانية وكما يفهما السيد أياد هى حكومة مدنيه منزوعة الأضافر وتحارب مخلصة لعدم تسيس الدين الحنيف والأبقاء على نقائة بعيدا عن حلبة الصراع السياسى ولعدم تسخير الدين لأغراض سياسية دولة ضعيفة وشعب قوى دوله تعتاش على الشعب لا الشعب يعتاش عليها
    لقد سالت انهار من الدماء خلال تاريخنا الأسلامى لأن ما سل سيف فى الاسلام بكثافة ماسل فى خلافات الأمامة . حسب تعبير( الشهرستانى ). فالأمام كما هو معروف هو القائد الروحى والسياسى ولافصل بين الوظيفتين نظريا وعمليا عند معظم المذاهب.
    ان العلمانيه لا تأتى من فراغ ولابد ان يسبقها عصر تنوير طويل . لم نصلة بعد رغم كل ما يقال وهذا ما يحاول ان يمهد له السيد اياد جمال الدين وبصعوبه نظرا لما تعرض له الشعب العراقى من تغييب وعيه الفكرى و الثقاقى .والاجتماعى سابقا وحاليا
    لقد انتظرت فرنسا قرنا كاملا لتنظيم تنوير عصر جان جاك روسو وفولتير قبل ان تحيل ذلك الحراك الأجتماعى والعقلى الى قوانين حاكمة باتفاق الاغلبية. وبما ان الطريق لازال طويلا امامنا من اجل تحقيق هذا الحلم فيجب ان يكون لدينا العشرات من أمثال السيد أياد جمال الدين وان يظهر لنا ألف جان جاك روسو و الف فولتير جديد
                  

04-27-2008, 11:15 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    العلمانية والديمقراطية وجهان لميدالية ذهبية واحدة
    سعيد علم الدين
    [email protected]
    2006 / 7 / 10


    يكفي العَلمانية فخرا أنها فكرة إنسانية المنبع واللب. ثابتة الخطوة خفيفة الحركة لا تلتفت يمينا أو يسارا ولا تتراجع إلى الوراء، ولم تقع حتى الآن على الوجه طَبْ، بل سارت وتسير مرفوعة الرأس، عامرة الصدر، دافئة القلب، مستقيمة القامة على الدرب. لم تتعثر مرة وان تعثرت قليلا نهضت من جديد، استقامت وأصلحت أحوالها، ثم تابعت سيرها السوي دون تعب، ترافقها الديمقراطية يدا بيد.
    فالعلمانية والديمقراطية وجهان لميدالية ذهبية واحدة اسمها الحرية.
    ومن دون الحرية فلا ديمقراطية، ومن دون الديمقراطية فلا علمانية، ومن دون العلمانية وفصل الدين عن السياسة فصلا قاطعا، فلا صحوة فعلية، ولا نهضة ثقافية، ولا نقلة حضارية للمجتمعات العربية والإسلامية. التي وللأسف إذا استمرت بها الأحوال بهذا الوبال وعلى هذا المنوال: دق الرأس بالجدار، على هدى ابن لادن الغدار، أو قطع العنق بالسيف على طريقة أبي مصعب الجزار. أو الانتقال من أنظمة الاستبداد السياسي الحزبي القمعي إلى أنظمة الاستعباد الديني الشمولي الهمجي، ومن استعمار غربي إلى استحمار شرقي، ومن صدام إلى بشار. فإننا سنتصومل جميعا دون أدنى شك وسنتحول إلى دجاجات خانعة لتقديم قرابين البيض، وسيحكمنا ديوك أمثال الأسد القرد، ونأكل أجساد بعضنا بتلذذ كما تفعل حيوانات الغابة بالطبع. وندك رؤوسنا المتخلفة بالمدفعية القريبة المدى وبمختلف أنواع الصواريخ وآلات الحرب الحديثة دَك. ولن نبني دولا حديثة ومجتمعات عصرية متطورة وحضارات، وإنما مسالخ ومعتقلات وأقبية مخابرات، وستنتشر الشيع والمذاهب كالفطر فوق الأرض وكالجراد تغزو بعضها البعض، سلبا وسبيا وقتلا ونهب. وستتحرك مجموعات بشرية مبرمجة كآلات الروبوت تفجر نفسها في مساجد الأشقاء بحقد، بدل أن تحترم بيوت الله وتتعبد.
    وكما أن الديمقراطية وقيمها الأخلاقية السامية في الحفاظ على التعدد والمساواة في الحقوق والواجبات واحترام الآخر تستوعب في دولة واحدة ما هب ودب من أحزاب وأفكار وأديان ومذاهب وشيع وتيارات ونظريات وفئات وتجمعات وتكتلات وأعراق وقبائل وأجناس ولغات وأقليات ولهجات، وتمنحهم ما لهم من حق، وتعاملهم سواسية دون فرق. فالعلمانية هدفها الأساسي أن تكمل صورة ذلك المجتمع السامي وتكون حَكَما حَكيما منصفا نزيها، وعَلما عليما يَفْصِلُ بين الجميع لكي لا يطغى زيد على عمرو وبالدولة يستبد:
    هذا باسم بوذا وآخر باسم يهوذا، وثالث باسم الله ورابع باسم الرب.
    فالعلمانية موضوعية علمية، ترفض المداهنة والسمسرة والفوضوية على حساب المصلحة الوطنية. ولمصلحة الوطن العليا ترفض أيضا السياسة عندما تصبح خلطا بين عالم الحقيقة والواقع من ناحية وعالم الدين والغيب من ناحية أخرى وتقول: من يريد في مهنة السياسة وفن الحكم أن ينخرط فأهلا وسهلا به ولكن بشرط: أن يحلق اللحية ويخلع الجبة والعمامة والصليب والقلنسوة ويضعهم على جنب. وعندها يستطيع الدخول في خضم هذا المعترك الصعب، وذلك لكي لا يستغل باسم الدين والمذهب، عواطف البسطاء والعامة من أبناء الشعب، ويجلب للبلد المهالك والفتن.
    العَلمانية سهلة بسيطة وليست فلسفة معقدة في العمق. حيادية ليس في قلبها كُرهٌ لأحد أو بُغض. تُفْصِلُ فقط بحكمةٍ، الديوكَ المتصارعةَ في المجتمع عن بعض. محترمة بنت بشر وناس وليست بنت آلهة وأباليس، ولهذا فهي مسالمة لا تعتدي على أحد، وليس لها هالة وتقديس، ولا تحتاج إلى صلوات وعبادة وقداديس، في مسجد أو معبد او كنيسة أو كنيس .
    عقلانية التفكير لا تخلط الهزل بالجد. يتطاول عليها الغوغاء والجهلة أصحاب الشغب. ويحقد عليها للأسف معظم المسلمين دون سبب. ويكرهها الكثير من العرب، ليس لرشاقتها وخفة دمها، وإنما لعدم محاولتهم فهم مقاصدها والأرب. ولهذا لا بد من توضيحها، رغم أنها واضحة وضوح الشمس، خاصة عندما ينزاح عنها الضباب الحالك وتنقشع السحب. وهذا ما سنسعى إليه في عملنا هذا عن كثب.
    العلمانية مشرقة كالشمس أبدا. لا تغيب ولا تغرب، إلا أن بعض سكان المعمورة من نور الحقيقة إلى كهوف العتمة تهرب. وإشراقتها مفيدة جدا وصحية جدا لقيام الدولة الحديثة بدورها على أكمل وجه . ولهذا فنورها للمجتمعات البشرية ضروري كالماء العذب، يروي العطشان في لحظات القيظ. وهو أغلى بكثير من النفط الأسود والذهب.
    وما نفع دولة فيها الخيرات بالقناطير، وذهبها الأسود يقدر بمليارات البراميل، وشعبها جائع البطن ينام أرقا على الحصير، تتقاذفه من كل الجهات الأعاصير، وتستبد به أصحاب العمائم واللحى بلا ضمير، وتحكمه ساسة مهابيل؟
    ساهمت العلمانية بتواضع في صيانة المجتمعات الحديثة التي أخذت بها. وعملت على تطور تلك المجتمعات بدل الوصاية عليها وتقهقرها. زوبعة الحجاب التي أثارتها حركات التطرف الإسلامي مؤخرا في فرنسا، وأرادت من خلالها التسلل إلى خلخلة أسس المجتمع الفرنسي العلماني من خلال إثبات وجودها العقائدي السلفي، أثبتت أن العلمانية الفرنسية عينها يقظة، واستطاعت بمرونة فائقة وحسم مطلوب التعامل مع هذه الحركات المسيسة للدين وإخماد سعير الفتنة بين أبناء المجتمع.
    فالمجتمعات الديمقراطية التي طبقت فكرة العَلمانية بحذافيرها وفصلت بين الدين والدولة، انسجمت مع نفسها فكريا ونجحت سياسيا، وتألقت أخلاقيا، وتعملقت اقتصاديا، وأشعت حضاريا، واستقرت اجتماعيا وحلت مشاكلها العديدة إلى حد ما بشكل مرضي لها وللعالم. ككل الدول الأوروبية شرقا وغربا، وكالصين واليابان وأمريكا الشمالية واستراليا وماليزيا؟ والهند وغيرها من الدول العلمانية.
    من ناحية أخرى فالمجتمعات التي تتعامل مع هذه الفكرة حسب الرغبة والأهواء، ساعة تأخذ بها من مؤخرتها حسب المزاج الشعبي العام كالنظام المصري العالق بين مطرقة الإخوان وسندان الشريعة والأوهام، أو تطبقها خطأً كالنظام السوري كيفما يشاء، أو تحاول تطبيقها كالنظام الأردني بكل عناء، أو لا تطبقها أبدا كالنظام الإيراني، أو تحاربها كالوهابية السعودية حربا شعواء، فهي مجتمعات غير منسجمة فكريا مع نفسها، متناحرة مذهبيا، خاوية دينيا، وتتخبط أخلاقيا، وتتراجع اقتصاديا، وتخبو حضاريا وغير مستقرة اجتماعيا وفاشلة سياسيا في حل مشكلة واحدة من مشاكلها العديدة بل وتصدر مشاكلها إلى جميع أنحاء العالم بالجملة والمفرق وعلى ظهور الإبل لولا اختراع السفينة الحديثة والطائرة الأسرع. ككل الدول العربية والإسلامية حيث الخلط بين السياسة والدين هي سياسة بحد ذاتها، أدت إلى هيمنة رجال الدين على السياسة واستغلال رجال السياسة للعواطف الدينية إرضاء للجماهير وعلى حساب العقلانية والموضوعية.
    يكفي العلمانية فخرا أنها لم تهبط إلينا بالمظلة من الفضاء الخالي في ساعات الفجر الأولى كنصوص جاهزة للتطبيق دون تجربة وتحقيق. ويكفيها فخرا أنها لم تأت من هضاب الصحراء الكبرى أو فراغات الربع الخالي، وإنما هي ابنة المخاض الإنساني المرير عبر العصور لتنوير هذا الإنسان التنين من اضطهاد أخيه الإنسان باسم الدين، ولتحرير الدولة والسياسة من سيطرة الخرافات والأوهام والشياطين. العلمانية هي ابنة حقبة تاريخية مليئة بالحروب والنزاعات والدماء ونتاج تجربة أليمة كلفت الإنسانية صراعا مريرا على مدى قرون بين حق الدين الإلهي في الهيمنة على الحكام والسياسة والوصاية على الثقافة والفكر والعلم والتسلط على الناس والمجتمع والحياة وبين محاولة الحكام الإفلات من هذه القبضة. ما يحدث اليوم في العالم العربي ليس صراعا على النفوذ في المجتمع بين رجل الدين ورجل السياسة وإنما هو تقاسم لهذا النفوذ بشكل مؤذ جدا وعلى حساب أي تطور اجتماعي. هذا التقاسم أدى إلى الخلط بين الدين والسياسة أو هيمنة الفكر الغيبي الشمولي المقدس المهاجم على الفكر التجريبي الإنساني العلمي المدافع. هذا الوضع المرضي الخطير تعاني منه حاليا كل المجتمعات العربية والإسلامية، ولا خلاص لها ولا مناص إلا بالفصل النهائي بين الدين والسياسة. مثلا ظهور الرؤساء في صلاة الجمعة على التلفزيون هو خلطا بين الدين والسياسة الهدف منه واضح ليس الصلاة وإنما النفاق بالتأثير على عواطف الناس المؤمنة من خلال الإعلام. الرئيس الذي يريد حقا الصلاة والتعبد يستطيع الذهاب بصمت إلى الجامع أو الكنيسة دون ضجة وإعلام ويكون بذلك صادقا مع نفسه والمجتمع
                  

04-29-2008, 05:46 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    لماذا ننادي بعلمانية الدولة
    عبدالله المدني
    [email protected]
    2006 / 7 / 1


    علمانية الدولة ببساطة شديدة هي أن تقف الدولة موقف الحياد من العقائد و المذاهب التي تدين بها مكونات شعبها، بمعنى ألا تكون في قراراتها و سياساتها و خططها و تعييناتها – بما في ذلك مناهجها التعليمية وسياساتها الإعلامية و الثقافية - منطلقة من مذهب أو عقيدة أو مرجعية دينية معينة و إن كانت عقيدة و مرجعية الأغلبية، لما في ذلك من تهميش لعقائد الآخرين و تمييز ضدهم و إخلال بمباديء المساواة و العدالة و المواطنة.

    ومن هنا حرصت البلاد التي انتهجت الديمقراطية الليبرالية الحقة و أقامت الدولة المدنية الحديثة على عدم تضمين دساتيرها ما يفيد بديانة الدولة. و لا يعنى هذا البتة التقليل من شأن الدين و مكانته السامية في النفوس و دوره المؤثر في المجتمع، بل على العكس من ذلك. فالدولة العلمانية بعدم إقحامها الدين الذي هو حزمة من القواعد المقدسة و الأحكام الربانية الثابتة في الشأن السياسي اليومي المتحول أو في اللعبة السياسية المتذبذبة يسارا و يمينا، إنما تحفظ للدين هيبته ومنزلته و تنزهه من السقوط في وحول السياسة التي تتغير قواعدها و آلياتها بتغير الأهواء و الظروف و الشخوص و المصالح.

    و خلافا لما هو شائع في البلاد العربية و بعض البلاد الإسلامية، و لاسيما في أوساط البسطاء و الدهماء، فان العلمانية لا تهدد الدين و لا تحاربه ولا تسعى إلى سلخه من أفئدة الناس، بدليل أن المجتمعات التي طبقت علمانية الدولة لا تزال شعوبها كما كانت دوما مؤمنة بعقائدها و ممارسة لطقوسها الدينية بحرية و ماضية في بناء دور عبادتها دون قيود، هذا إن لم تكن درجة النزعة الإيمانية قد زادت بفضل ما هو متاح من حريات دينية أمام أتباع مختلف المذاهب و الطوائف.

    أما سبب شيوع الفهم الخاطيء للعلمانية في مجتمعاتنا، فتسأل عنه حركات الإسلام السياسي التي دأبت على تشويه هذا المفهوم مثلما شوهت الكثير من المفاهيم العصرية و الحضارية الأخرى، فجعلتها في أعين البسطاء مرادفة للكفر و الإلحاد و الإفساد و الانحلال و التغريب، و ربطتها بالمؤمرات الاجنبية على الإسلام و المسلمين، دون إبراز أي دليل عملي على ما تقول. و هي في كل هذا لا تنطلق من غيرة حقيقية على الدين و ما في الدين من تبشير بالمساواة و العدالة و التسامح و الإخاء و السلام، بقدر ما تنطلق من رغبتها الجامحة في الهيمنة على المجتمع و إقصاء المختلفين معها، بل من خوفها على تراجع مكانة رموزها و مصالحهم إن طبقت علمانية الدولة.

    إن إقامة الدولة المدنية العلمانية وفق الصورة المنوه عنها، باتت ضرورة لإخراج مجتمعاتنا المتخلفة من شرنقة الجدل و حالة اللاحسم حول الكثير من القضايا الصغيرة و الكبيرة التي لا تزال تراوح مكانها بسبب إقحام الدين فيها و بالتالي الاختلاف المرير حولها، فيما المجتمعات الأخرى حسمت خيارها و تجاوزت الجدل العقيم و انصرفت بكل قواها نحو البناء و التنمية و الإبداع.

    وعلينا أن نتذكر أن الغرب لم يحقق نهضته الراهنة و لم يصل إلى ما وصل إليه من إنجازات في شتى المجالات الإدارية و الحقوقية و التربوية و العلمية و الصناعية و الاقتصادية إلا حينما تحرر من سطوة مؤسسة الكنيسة و تفسيراتها المتشددة و دورها البطريركي الرهيب – و ليس من الدين نفسه – و أقام الدولة المدنية العلمانية. و لو انه ارتضى بما كان يجرى من قمع لحرية التفكير و حجر على العقول و تدخل في كل قرار دنيوي على يد أرباب المؤسسة الدينية و تفسيراتهم، لكان حاله اليوم مزريا.

    لكن لماذا نتحدث عن المجتمعات الغربية ذات الظروف و الخصائص التاريخية المختلفة، و أمامنا مجتمعات شرقية عالمثالثية استطاعت بفضل نهجها العلماني تحديدا أن تحقق ما لم تحقق مجتمعاتنا العربية حتى عشره. لنفكر فقط في شبه القارة الهندية التي انقسمت في عام 1947 إلى كيانين احدهما ديني ممثلا في باكستان و الآخر علماني ممثلا في الهند، و لنسأل أنفسنا أين تقف الأولى اليوم و أين تقف الثانية؟

    إن الكثيرين عند حديثهم عن الهند و ما حققته من استقرار و نهضة و قوة في سائر المجالات يشيرون إلى نظامها الديمقراطي الليبرالي فقط، و ينسون أن هذه الديمقراطية ما كانت لتترسخ و تقي البلاد شرور التشرذم و الانقسام و الانقلابات العسكرية و الحركات الانفصالية المنطلقة من منطلقات دينية أو عرقية أو ثقافية، لولا وجود دعامتين يسندانها هما: العلمانية و الفدرالية. وإذا كانت الفيدرالية ضمنت للولايات الهندية أن تدير شئونها بنفسها و بالتالي تشبع طموحات سكانها المتباينة اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا، فان العلمانية كانت ضرورة للتعامل مع مختلف الأديان و المذاهب التي يدين بها الهنود على قدم المساواة و بالتالي التعامل مع كافة أتباعها كمواطنين لهم نفس الحقوق و عليهم نفس الواجبات، بما في ذلك حقهم في شغل مناصب الدولة الكبرى.

    إنها العلمانية وحدها التي اتاحت في الهند لابن صياد فقير (الدكتور زين العابدين عبدالكلام) من الأقلية المسلمة التي لا تشكل سوى 15 بالمئة من إجمالي السكان أن يصل إلى منصب رئاسة الدولة، و اتاحت لرجل من الأقلية السيخية (الدكتور مانموهان سينغ) التي لا يتجاوز عدد أتباعها نسبة 3 بالمئة من السكان أن يتبوأ منصب رئاسة الحكومة المحوري، و اتاحت لسيدة كاثوليكية من أصول إيطالية و لم يمض على حصولها على جنسية البلاد سوى عقدين و نيف من الزمن مثل سونيا غاندي أن تحتل موقع رئاسة الحزب الحاكم أي حزب المؤتمر التاريخي الذي تحقق على يديه استقلال الهند، فيما الأقليات في دولنا العربية اللاعلمانية تجاهد من اجل الحصول على حقيبة وزارية ثانوية يتيمة دون جدوى. و باختصار اتاحت هذه العلمانية لثلاث شخصيات من الأقليات أن تقرر مصير امة غالبيتها الساحقة من الهندوس، دون أن يصدر من هؤلاء اعتراض أو تذمر أو عصيان.

    ثم لنسأل لماذا لا نجد هنديا مسلما واحدا على قائمة الإرهابيين الذين زرعوا العالم رعبا و قتلا و تفجيرا في السنوات الأخيرة رغم وجود أكثر من 150 مليون مسلم في الهند و رغم انتشار المدارس و الجمعيات الإسلامية فيها، فيما القائمة ذاتها تحتوي على مسلمين من مختلف الأقطار العربية و الإسلامية دون استثناء؟ الإجابة تكمن في علمانية الدولة الهندية وحدها، و ما وفرته من احترام لكل الأديان و مساواة في التعامل مع رموزها وحريات كاملة لأتباعها في الكتابة و التعبير و العمل و التنافس و التقاضي و الإبداع و تولي المسئوليات العامة.

    ومرة أخرى إن علمانية الدولة و ما يتفرع عنها من حقوق المواطنة الأصيلة و بالتالي السؤال حصريا عن ولاء المواطن لبلاده و كفاءته – لا دينه و مذهبه - حين التعيين في الوظائف الرسمية،هي التي أتاحت لجنرال تايلاندي مسلم أن يجلس على رأس قيادة جيش بلاده البوذية، و مكنت شخصية مسلمة من احتلال منصب رئاسة البرلمان في بلد جل سكانه من البوذيين أو المسيحيين مثل سنغافورة.

    أما فيما يتعلق بالبحرين، التي تمثل حالة خليجية متميزة بفضل ما بلغه أبناؤها من مستوى تعليمي و ما تحتضنه بالتالي من كوادر مثقفة، و بفضل تاريخها الطويل كمجتمع منفتح و متسامح و وعاء حاضن لثقافات و أعراق و مذاهب متنوعة، فإنها مهيأة أكثر من غيرها لتكون نموذجا للدولة المدنية العلمانية لولا سطوة الإسلام السياسي الحركي الطارئة. و لا أبالغ لو قلت أن مجتمعنا البحريني للأسباب التي ذكرتها آنفا هو علماني بطبعه، بمعنى انه غير متطرف دينيا. و بعبارة أخرى فهو لئن كان محافظا و ملتزما بأهداب دينه الإسلامي، فانه في الوقت نفسه يحترم أتباع الديانات و المذاهب الذين يشتركون معه في المواطنة، و لم يصدر عنه في الغالب ما يشير إلى تبنيه لنزعة اقصائية أو مطالبته بفرض أحكام عقيدته على الآخرين أو تحبيذه لإقامة الدولة الدينية على أنقاض ما هو قائم.

    و حينما ننادي بعلمانية الدولة و مدنيتها في البحرين ، فإننا بهذا لا ندعو إلى تهميش الإسلام و دوره في حياتنا بقدر ما ندعو إلى عدم إقحامه في كل صغيرة و كبيرة من الأمور الدنيوية الخالصة. إننا ببساطة لا نريد أن نصل إلى وضع يصبح فيه موضوع مثل تحية العلم الوطني، مسألة جدلية يستدعى رجال الدين للإفتاء بصحتها من عدمها مثلما حدث مؤخرا في دولة مجاورة، أو إلى وضع يتدخل فيه لابسو العباءة الدينية في مسألة مثل أداء الجندي للتحية العسكرية أو مدى صحة دفاعه عن دولته إذا كانت هذه الدولة لا تطبق الشريعة بحذافيرها مثلما حدث في دولة مجاورة أخرى.
                  

05-08-2008, 04:15 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    أي شريعة هذه التي تنتصر بجماجم الاطفال ..؟


    خالد ابواحمد
    [email protected]
    الحوار المتمدن - العدد: 1444 - 2006 / 1 / 28


    بطبيعة الحال أن كل الذين شاركوا في الحرب اللعينة التي قتل فيها السوداني أخوه (السوداني) سواء في جنوب، أو في شرق أو غرب السودان، تمر عليهم الكثير من الذكريات المؤلمة، أنني شخصيا أشعر بتأنيب ضمير شديد عندما كنت في تلك الساحة في ديسمبر من العام 1995م فيما يعرف برد الهجوم الذي أطلقت عليه الحركة الشعبية بقيادة الفقيد جون قرنق (الأمطار الغزيرة) هذه العملية العسكرية الكبيرة والتي قتل فيها المئات بل آلاف السودانيين من الجانبين، تختلف عن كل العمليات العسكرية في جنوب السودان لما فيها من مفارقات وتجاوزات إنسانية، تجعل من الهدف الكبير للحرب ضد (المتمردين) علامات استفهام كبيرة متمثلة في الموقف اللا إنساني للحكومة السودانية إذ استعانت لفترات طويلة بجيش الرب اليوغندي الذي يتزعمه المتمرد اليوغندي جوزيف كوني وهذا الجيش للأسف استعان بمشاركته إلى جانب الحكومة بحوالي 2000 طفل تبلغ أعمارهم ما بين الثامنة والرابعة عشرة عاما من الجنسين.

    كانت لحظات محزنة وشعرت فيها بالألم النفسي لوجود هولاء الأطفال معنا في مكان واحد وكان منظرهم يدمي القلوب وهو يحملون الآليات والأسلحة الثقيلة، ومهما يحاول المرء لا يمكن أبدا أن يصور هذه المناظر المرعبة، عشرات من الأنفس البريئة كانت تطوف حولنا في مساء يوم بارد استعدادا للهجوم على أكبر معسكرات (الحركة الشعبية) في الميل 72 في طريق مدينة نمولي الحدودية مع يوغندا في يوم 12 ديسمبر 1995م، أطفال في سن البراءة الواحد منهم يحمل فوق طاقته وما زنته 40 كيلو جرام أو أكثر من العتاد العسكري الثقيل وصناديق الذخيرة، والذين حملوا مثل هذه الصناديق يعرفون كم هي قاسية الحمل في مسيرة قد تبلغ الساعات الطوال، وأحيانا اياما من السير في الطرق الوعرة، والرطوبة العالية حيث تتبلي الملابس تماما مما تصيب المرء بالإعياء وفي الغالب التهاب الصدر و المفاصل الذي يعيق الحركة، وهذا ما حدث لي شخصيا، فكيف بالأطفال..!!
    ... يا إلهي.. انه أمر فظيع..

    مهما أحاول لا يمكن أن أصور شكل الدموع الجافة على وجوه الصغار لا أجد لذلك سبيلا، ولم يكن هناك جنودا كبار السن وهولاء لا يتعدون العشرين من بين المئات من الجنود (الصغار) بالكاد تميز بين الذكر والأنثى، يساقون كالقطيع تماما يشهد الله على ذلك، وعلى بعد كل مائة (طفل) هناك جندي يوغندي يحث الأطفال بسرعة التحرك، و يضرب أحيانا الطفل في مؤخرته أو ظهره كي يستعجل ولا يبطي، في أجواء غريبة على عالم الطفولة، صوت الدبابات والمجنزرات وهي تتحرك إلى مكان قريب من بداية المعركة، مع صوت أجهزة الاتصالات اللاسلكية،، لحظات من التوجس والترقب والأوامر العسكرية من القادة هنا وهناك بالعجلة، وطقطقة الأسلحة الشخصية كل هذه الضجة تجعل المحارب يعيش في لحظات غريبة، والمحارب أو المقاتل قاب قوسين أو أدنى من الموت،، لحظات صعبة حتى على كبار السن،، فكيف بالأطفال الصغار..!!

    عندها كان ابني (أحمد) لا يتعدي الثلاث سنوات، وأبني (أواب) رضيعا في حضن أمه، لكن رغم ذلك تخيلت أن (احمد وأواب) من بين هؤلاء الجنود المحملين بالسلاح و العتاد، وثمة آخرين يضربونهم ويذلون كرامتهم، ولذا كنت كثير التفكير في مضمون هذه الحرب التي اندلعت من أجل الدفاع عن الأرض والعرض، والمفارقة أن الجانبين المتقاتلين يحاربون تحت راية واحدة هي الدفاع عن الوطن و تحرير الأرض من الأعداء .. ولكن ما بال هولاء الأطفال والنفوس التي خلقها الله كي تنعم بالأمن والأمان تحتاج إلى الرعاية والاهتمام تقاتل وتحمل روحها بين جنبيها وفي تلك الساحات تتعدد الأسباب والموت واحد،، الأمراض والإعياء والإرهاق الجوع والمسغبة وضرب القادة العسكريين.

    وأنا ومن معي في تلك الغابات الكثيفة كنا نتساءل أين ذهبت الحيوانات التي اشتهرت بها غابات جنوب السودان، ولماذا هربت حتى الطيور من هذا المكان، وكان واضحا ان لون الأخضر قد تحول إلى ألوان أخرى بسبب الحرب، ولم يبغي من الغابة إلا اسمها،، تتزايد الأسئلة الملحة في مخيلتي كلما نظرت لجنور جيش (الرب) وهم يحملون الأثقال،، لماذا ترضى الحكومة السودانية صاحبة المشروع (الإسلامي الحضاري) باستغلال هؤلاء الأطفال القصر والزج بهم في حرب ضروس لا غالب فيها ولا مغلوب..؟!
    ألم تكن الحكومة هذه قد وقعت على كافة قوانين الأمم المتحدة التي تحظر الإساءة إلى الأطفال، وتشدد على تقديم الخدمات لهم، وأليس هذا أمرا مهولا ومستغربا أن تنفذ الحكومة في السودان حملات التطعيم ضد الشلل للأطفال بميزانيات طائلة على كامل التراب الوطني، وتقتل أطفالا آخرين في الجنوب..؟ .
    وتحت أي مصوغ.. ديني وسياسي تم ذلك؟؟
    وأي مكاسب هذه التي تجنيها الحكومة السودانية على حساب هؤلاء الأطفال الصغار، ولماذا يستخدم جيش الرب أطفالا قصر في حربه ضد الحكومة اليوغندية..؟؟.
    يا إلهي ما هذا الذي يحدث.. وثمة أسئلة كثيرة كانت تصول وتجول في ذهني ولا تجد الإجابات الشافية،، وتزداد الأسئلة إلحاحا كلما نظرت تجاه هؤلاء البؤساء الذين كان قدرهم أن الله جلت قدرته ولحكمة يعلهما وهو وحده ..أوجدهم في هذا المكان من العالم..
    ولمن لا يعرف فإن أطفال جيش الرب اليوغندي يبلغ عددهم حسب إحصائية للأمم المتحدة حوالي 40 ألف طفل،يشكل القصّر ما يقارب 90 بالمائة من جنود جيش الرب للمقاومة، ويتم ضمهم إلى الجيش من خلال الإغارة على القرى، فتتم معاملتهم بوحشية وإجبارهم على ارتكاب ‏الفظائع في حق أقرانهم من المختطَفين، بل وحتى ضد أخواتهم. أما من تسول له نفسه الفرار، فيتم ‏قتله، بذلك يصبح العنف بالنسبة لهؤلاء الأطفال الذين يعيشون في حالة من الخوف الدائم أسلوباً للحياة.
    في تلك اللحظات عندما أتذكر أبنائي فإن أول ما يتبادر إلى ذهني طفولتهم البريئة وعفويتهم الصادقة، وفرحهم الذي يتجسد من خلال لعبهم وألعابهم المتنوعة التي يعبرون فيها عن ذواتهم، والتي تنمي مداركهم العقلية والذهنية حيناً، وتبعث في نفوسهم الفرح والسعادة والضحك في أحيان أخرى كثيرة، وأتذكر أن سعادة أبنائي هي غايتي وهدفي الدائم في الحياة، فكيف بالله أتحمل رؤية أطفالا مدججين بالسلاح الثقيل، ودموعهم يبست ولم تجد من يمسها، وصرخات أناتهم لا تجد من يوقفها بكلمة حلوة أو قبلة ترسم في وجوههم أهميتهم في الحياة.
    ولكن ثمة سؤال لم أجد له إجابة حتى اللحظة.. أي شريعة هذه التي تنتصر بجماجم الأطفال..؟؟.

    رداً على د. محمد وقيع الله

    أحلام وقيع الله التي تحققت ..!!





    خالد أبواحمد [email protected]

    صُدمت كما صُدم غيري من الصورة التي أعتبرها قبيحة تلك التي ظهر بها د. محمد وقيع الله والتي لا اعتبرها زلة قلم بل هي مكمن الداء للكثير من دعاة التبصر، الذين يرون أن علومهم النظرية التي تلقوها تجعلهم على بصيرة من أمور الحياة أكثر من غيرهم، ولو كان الاخرين قد اعتمدوا على التجربة بالبرهان والدليل العملي بعيدا عن التنظير.

    كنت أضع في ذهني صورة جميلة للغاية عن د. محمد وقيع الله ولو أنني لم ألتق به إلا مرات قليلة وعلى عجالة أيام فترة التنظير للحركة الاسلامية في منتصف الثمانينيات وكنت أقرأ له كثيراً عندما يكتب عن الفكر الإسلامي،وتشدني مقالاته الرصينة، ولا زلت استمتع بها بين الفينة والأخرى أطالعها عبر موقع الجالية السودانية بالولايات المتحدة الأمريكية.

    وفي فترة من الفترات أيام الديمقراطية الثالثة كانت هناك أقوال تتداول داخل مجتمعات الحركة الإسلامية مفادها أن د. حسن الترابي سئل ذات مرة عن خليفته في قيادة الحركة، وتقول الرواية أن الترابي قال "محمد وقيع الله- التجاني عبد القادر- أمين حسن عمر"، وفي رواية أخرى قيل "أحمد عثمان مكي قائد ثورة شعبان عليه رحمة الله ومغفرته- محمد وقيع الله – المحبوب عبد السلام" وهنالك روايات أخرى، والشاهد في المسألة أن اسم محمد وقيع الله ورد في كل الروايات المتداولة الأمر الذي جعل له حظوة واحترام القاعدة له وتقديره، ونحن السودانيون جميعنا نحتفي بالعُلماء وأهل الذكر، ونطرب لمطالعة إنتاجهم الفكري والأدبي مثلما أطربتنا من قبل مقالات مالك بن نبي ومحمد عبده والإمام حسن البنا إلخ، وقبل عقود من الزمان كان هذا الإنتاج له قيمته الفكرية والحضارية ولعب دوراً كبيراً في فتح الآفاق نحو التزود بالعلم وبالمزيد من التفكر والتأمل في هذا الكون العجيب.

    المهم كان محمد وقيع الله يمثل بالنسبة للشباب الإسلامي القدوة الحسنة والأمل المُرتجى، وشخصي الضعيف سعدت أيما سعادة لكون واحداً من نخبة الإسلاميين الشباب يتزود بالعلم من الجامعات الأمريكية والغربية بحيث يُصبح رصيداً للحركة الإسلامية مع باقي الكفاءات والكوادر التي تقود دولاب العمل الإسلامي، لكني لم أتوقع ألبته أن أفجع في محمد وقيع الله هذه الفجيعة،لكن..

    ولكن هذه تقطع القلب .. وتهده هداً..!

    وعندما جاءت مساجلة د. وقيع الله مع د. الأفندي سقط في مخيلتي ذلك (المثال) الجميل والذي كنت أحبه وأترقبه كلما أصدر نتاجاً،،، مقالاً كان أو محاضرة تتداولها المجتمعات بالرصد والإعجاب والمفاخرة.

    ولكنه سقط تماماً مثل أصنام كفار قريش، كانوا يصنعون التماثيل من العجوة، وعندما يجوع أحدهم يأكله ويسد به رمقه، أو صنماً من الخشب عندما تضيق به الدنيا يكسره ويرفسه رفساً برجليه..!.

    كنت أقرأ ردود د. محمد وقيع الله باندهاش شديد وما فيها من سب وشتيمة وهمز ولمز لا تليق أبدا بالعُلماء ولا بالسنوات الطويلة والعجاف التي قارع فيها وقيع الله المكتبات وأُمهات الكُتب والمراجع، وحقيقة لم يسقط في عيني بل في عيون الجميع الذين أتوقع أن يكونوا قد صُدموا أكثر مني، وعندما يكون السب والشتم وعدم المصداقية ديدن العالم (بكسر اللام) فما شان ضئيلي المعرفة من أمثالي، ليته وقف عند سب وشتم (الأفندي) إذا به يُعدد خمسين انجازاً لحكم (الإنقاذ) ليس هذا فحسب بل طفق ينتقد مواقف الآخرين من القائمين على السلطة التي قال فيها من لم يقله مالك في الخمر..

    ومبعث الألم هنا أنني يوما ما كنت أظن و(أن بعض الظن اثم) أن الاسلاميين أكثر من غيرهم إعمالاً لأدب الحوار تنزيلاً لكل معاني الدين القيم على أرض الخلافات، لكن للأسف بالدليل العملي سقطت لدي هذه النظرية وخاب ظني تماماً خاصة في مرحلة الخلافات فيما عرف بالرابع من رمضان، ثم جاء د. محمد وقيع الله ليؤكد أنه حتى قادة الشباب من المفكرين هم على الدرب سائرون ومُقتدون..!!

    ويوماً ما تابعت بسعادة غامرة مساجلات تحلت بالأدب الرصين والاخلاق الاسلامية الحقة في حوارات جمعت د.منصور خالد والاستاذ محمد ابوالقاسم حاج حمد عليه الرحمة والمغفرة، تعلمت منها الكثير من القيم والمبادئ، ثم تابعت مساجلات اخي العزيز المرحوم طه أبوقرجة مع د. خالد المبارك وما اتسمت به من أخلاق رفيعة في أدب الحوار، ثم أصبحت أقرأ لـ د. الطيب زين العابدين و للأساتذة أبوبكر القاضي و كمال الجزولي والحاج وراق وعثمان ميرغني، وجدت واقعية وأدب حقيقي في التناول جاء به الاسلام، لكنني لم اتوقع أبدا أن تكون هنالك مساجلة لـ د.محمد وقيع الله بهذا المستوى من الانحطاط بل الحقد والكراهية على كاتب عالم ومفكر بسبب أنه انتقد النظام نقد موضوعي وبأدب اسلامي رصين، ولم يجنح إلى الشتيمة والهمز واللمز.

    لا أحمل كراهية ضد الأخ محمد وقيع الله ولا أعتبر نفسي في هذا المحك مُنافساً له فهو رجل قد رزقه الله تعالى ويسر له الدراسة وتلقي العلوم حتى نال درجة الدكتوراه وهنيئاً له بذلك، أما العبد الفقير لله لم أنل حظاً من العلم الأكاديمي كما أوتي وقيع الله، والآن أسابق الزمن مع أولادي لتلقي العلم، لكنني أفتخر بتجاربي في الحياة وخبرتي الطويلة في المجال الإعلامي التي بلغت قرابة الربع قرن من الزمان والحمد لله ، واعتبر نفسي استفدت من الحركة الإسلامية أكثر بكثير من أخي وقيع الله لأن تجربتي هنا تجربة متكاملة نظرية وصقلت بالعمل في ظل (الإنقاذ) التي عصفت بنا في كل أرجاء السودان شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً وهذا فضل من الله لا يُقدّر بثمن، ونلت معرفة لم ينلها الأخ وقيع الله، فكل دراسته الأكاديمية المرتبطة بجوانب الفكر الإسلامي ما هي إلا تجارب نظرية فقط، مهما وصل صاحبها من علوم نظرية لا يمكن باي حال من الأحوال أن يصل للنتائج التي وصلنا إليها نحن الذين عشنا فترة التنظير والتطبيق، وشاهدنا بأم أعيننا مخازي ومآسي وكوارث التطبيق.



    السقوط المدوي

    والدكتور محمد وقيع الله في موقفه من تقييم نظام (الإنقاذ الوطني) مثل ذلك الطالب الذي غاب عن الدراسة سنوات طويلة ثم رغب آخيراً في مواصلة دراسته لكن مع دفعته الدراسية، وأصر إصراراً شديداً على أن يمتحن معهم ففعل لكنه سقط سقوطاً مدوياً..!!

    شخصياً أحسب أن الحركة الإسلامية في السودان مدرسة كبيرة نال كل منا نصيبه من المعرفة حسب استعداده الشخصي وميوله والبيئة التي عاش فيها، لكن أخينا محمد وقيع الله غاب عن هذه المدرسة سنوات طويلة وحضر معنا مرحلة من مراحل التنظير، وقبل مرحلة التطبيق بكثير غادر السودان ولم يعش معنا مراحل الابتلاءات ولا مراحل الفتن، وجاء مُؤخراً في مرحلة السقوط والانهيار لمبادئ الحركة، يُريد أن يغالط الحقائق والواقع والمنطق والشواهد التي لا ينكرها إلا عليل سقيم، وكان يكفيه فقط أن يذهب الى تجمعات جرحي الحرب من ضحايا الألغام يدرك حجم الأسى وحجم ما وقعت فيه (الانقاذ) وكان يكفي محمد وقيع الله أن يذهب الى منظمة الشهيد ويفتح الملفات ليعرف الأعداد الحقيقية لضحايا الحرب في السودان من الكفاءات والخبرات ومن طلبة الجامعات في كل التخصصات ليدرك بوعي كامل حجم الدمار والخسارة التي اوقعتها (الانقاذ) في السودان.

    وعندما يُعدد الأخ وقيع الله انجازات (الإنقاذ) المادية فإنه لم يأت بجديد فلم ينكر أي من المعارضين للحُكم هذه (الانجازات) المادية التي أبعد ما تكون عن جوهر ما جاءت به الحركة بعد الانقلاب المشئوم في 1989م، كما انه ليس من المنطقي أن نحكم على النظام بالانجازات التي ذكرها وقيع الله، حتى الانجازات التي تحدث عنها وقيع الله إذا تطرقنا إليها التفصيل سنثبت الكثير من الأخطاء والعواقب المستقبلية التي تحيطها والقنابل الموقوتة في أكثر من مكان، لكن السودانيين يحاسبون النظام بالنهج الذي جاء به، وبالبرنامج الذي أعلنه من خلال حركته اليومية في الإعلام والعلاقات الدولية والدبلوماسية، كما لم يكن في حسابات الذين اجتمعوا في ذلك الشهر من العام 1989م ليقرروا ما إذا كانت ساعة التغيير حانت أم لا أن يضعوا الانجازات المذكورة في حساباتهم، أبداً كان الهم الكبير يتلخص في (التمكين لدين الله في السودان)، وقد طالع القُراء مقالات محمد وقيع الله التي عدّد فيها انجازات النظام انه هرب بشكل واضح وجلي من التطرق إلى نتائج الحكم في تردي الأخلاق وانتشار الدعارة بكل أنواعها والجريمة المنظمة، والزيادة الفلكية في أعداد المصابين بالإيدز (الآن يعقد في العاصمة الخرطوم مؤتمر دولي يبحث مشكلة انتشار المرض في السودان) وانتشار المخدرات بين طلبة الجامعات، والازدياد الخطير في معدلات الطلاق، والهجرة الى الخارج، وهرب د. محمد وقيع الله هروب النعامة من الملفات التي تتحدث عنها الصحافة السودانية في ذات الايام التي كان صاحبنا يدبج في مقالاته مُعدداً إنجازات دولة بني أمية في السودان، هارباً من ملف (الأطفال مجهولي الوالدين) وموتهم بالعشرات يومياً ودفنهم بعيداً عن الأعين.

    انجازات (الإنقاذ)

    تحدث وقيع الله عن انجازات النظام على محيط (التدين) والارتقاء بالإنسان السوداني، هذا هو المحك الحقيقي لكنني هنا لا بد أن أقدم مختصراً للدروس العملية التي غاب عنها الأخ وقيع الله سنين عدداً، وشخصي صحفي وإعلامي وحركي غصت في أعمق مؤسسات الحركة الإعلامية والجهادية والتنظيمية، الأمر الذي يؤكد أن ما أقوله ليس أكاذيب ولا إملاءات من أحد انما أحداث عشتها لحظة بلحظة.



    التجاوزات الإنسانية وانتهاك التشريعات الإسلامية والدولية..!!

    كل السودان عاش سنوات الحديث عن تمسك الحكومة بالإسلام بل والدفاع عنه من كيد المتربصين، لكن من خلال معايشة في "مؤسسة الفداء للإنتاج الإعلامي" كمعد للبرنامج التلفزيوني الشهير بدأت تتكشف لي من خلال الأشرطة الخام التي كانت تأتينا من مناطق القتال ما لا يمكن أن يتصوره عاقل، و تحديداً من أحد الأشرطة الخام التي جاءتنا من منطقة شمال أعالي النيل متحرك (هدير الحق) عندما دخلوا منطقة شالي في النصف الثاني من التسعينات وهرب جنود الحركة الشعبية كان هناك طفل في الـ 14 أو 15 من عمره لم يتمكن من الهرب قاموا بقتله مع صيحات التكبير والتهليل وتم قتل كل الأسرى الذين كانوا داخل المعسكرات، وكان الشريط الخام يحتوي على مشاهد ليس لها أي علاقة بمن يدين بالإسلام ديناً، وعندما كنت أشاهد الشريط لفت بي الدنيا وكنت أحسب نفسي في كابوس لكنها كانت الحقيقة، علماً أن الأشرطة التي كانت تصلنا من مناطق القتال لا يشاهدها إلا مُعد الحلقة والمخرج، ويمنع منعاً باتاً للآخرين مشاهدتها لما فيها من تجاوزات.

    وفي الكثير من الأشرطة التي كانت موجودة في مكتبة المؤسسة كانت مشاهد دخول القوات الحكومية إلى بعض القرى في جنوب السودان منظراً لا يمكن أن يمحى من ذاكرتي أبداً، حيث يتم حرق البيوت المصنوعة من القش في مشاهد همجية وأحياناً يكون هناك بشر داخل هذه البيوت وتسمع صراخ العساكر وهم في حالة هستيريا ويطلقون النار عشوائياً، لا يمكن أبداً أن يكون ذلك إسلاماً مهما كانت المبررات، وضرب بالقرآن الكريم والحديث النبوي الواضح عرض الحائط إذ يقول النبي الأمي صلى الله عليه وسلم:

    "لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا إمرأة ولا شيخاً فانياً ولا مُنعزلاً بصومعته, ولا تحرقوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناء"، لكنهم يا رسول الله عليك أفضل الصلاة وأتم التسليم فعلوا أكثر من ذلك بكثير...

    المؤسسة نفسها (ساحات الفداء) تعج بالفساد المالي والإداري وكان يرأس مجلس إدارتها الوزير الحالي أسامة عبد الله محمد وزير الدولة بالري المسؤول الأول عن خزان مروي، ويديرها مدير مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة حالياً كمال حسن علي، وكان نفر من السُراق يلعبون بالمال لعباً باعتبار المؤسسة فوق الجميع، والكُل يخاف منها حتى رئاسة الجمهورية كانت تخشى سؤال القائمين على أمر المؤسسة خوفاً من ردة الفعل، حيث كان القائمين على المؤسسة يذكرون للبعض أن (ساحات الفداء تابعة لأمن الثورة) وكان البعض يقول (ساحات الفداء تابعة لإبراهيم شمس الدين) في حين أن المرحوم العقيد إبراهيم شمس الدين نفسه كان يتحفظ على ما يحدث في المؤسسة من تصرفات ومن ألاعيب.

    ويوماً ما كان لدي عمل مع الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اللواء آنذاك عبد الرحمن سرالختم باعتباره المسؤول عن التوجيه المعنوي وكان اللقاء بخصوص إنتاج حلقة خاصة بمناسبة عيد الجيش الذي يحتفل به سنوياً في 14 أغسطس، وبعد الانتهاء من الحديث والنقاش حول الحلقة، قام سرالختم بإغلاق باب مكتبه وقال ليّ ضاحكاً ( وهو الآن حي يُرزق) " ياخي بكل الصراحة أنا عاوز أعرف إنتو تابعين لمنو..؟؟" فضحكت ولم أرد، فكرر سؤاله مرة أخرى "إنتو تابعين لمنو ومن حقي أن أعرف إنتو تقوموا بشغلنا ونحن سعيدين بذلك لإمكانياتكم الضخمة وعملكم المُتقن، وانا ما عارف انتو مدنيين ولا عسكريين، لكن قول لي انتو مع سعادة إبراهيم شمس الدين..؟؟ ولا تابعين للتنظيم؟؟"، ومن هنا يدرك القاري كيف أن القائمين على المؤسسة كانوا يلعبون على ضبابية أيلولة المؤسسة، وهذه المسألة كانت تعود بالفائدة على هولاء من كل النواحي الاجتماعية والأدبية والمالية.

    فعلاً كانت أسئلة عبدالرحمن سرالختم وجيهة للغاية وقد لا يتصور المرء المنصب الكبير للناطق الرسمي والمكانة الكبيرة التي يتميز بها ومدير المكتب برتية عميد والموظفين العسكريين بالرتب العالية، ورتبة لواء في الجيش السوداني ليس بالأمر الهين، كونه لا يعلم شيئاً عن جهاز إعلامي كبير يتقمص دور إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة، وليس له أي سلطان عليه، والميزانية كانت مفتوحة ويتم شراء الأجهزة من دبي بدون مناقصات، وقد أثري مجموعة من ثلاثة أو اربعة أشخاص ثراءً كبيراً بسبب موجات الشراء العشوائية، وتم نشر كل ما يتعلق بالفضائح المالية، ولا حياة لمن تنادي ذلك لأن الفساد انتشر في السواد الأعظم من دولاب الدولة، فيما مؤسسات الحركة (الإسلامية) بعيدة كل البعد عن الرقابة المالية، ليس هذا فحسب بل مؤسسة مثل (ساحات الفداء) يخاف منها الكثير من الناس، الأمر الذي جعل وزارة المالية تصرف للمؤسسة شهريا مبلغاً كبيراً بدون وجه حق، في حين أن الامكانيات التي تزخر بها المؤسسة يجعلها داعمة وليس متلقية للدعم، لا رقابة مالية ولا إدارية والمسئول الأول من المؤسسة أحد (رجالات) علي عثمان محمد طه ومرفوع عنه القلم..!!



    دولة العدل الرشيدة..!!

    وقد لا يصدق المرء أن القائمين على هذه المؤسسة هم أنفسم القائمين على أرواح أبناءنا في معسكرات الخدمة الالزامية، فمجموعة من رجال المستقبل طلاب على أبواب الجامعات ماتوا ضرباً مبرحاً داخل معسكرات الخدمة (الوطنية) الإلزامية، وعندما ذهبت إحدى أسر الضحايا إلى وزيرالعدل تشتكي القوات المسلحة بعد أن أكد تقرير الطبيب الشرعي د.عبد الله عقيل بمشرحة مستشفى الخرطوم أن الوفاة كانت لنتيجة ضرب في أماكن مختلفة ومنها الرأس قال لهم وزير العدل آنذاك (عل محمد عثمان ياسين)" أذهبوا أن القوات المسلحة مؤسسة سيادية لا أحد يستطيع محاكمتها".

    اخي وقيع الله التقرير الطبي موجود والشهود موجودين والدكتور الطبيب الشرعي عبد الله عقيل سوار موجود، ليس قضية واحدة بل قضايا كثيرة..!! هذه دولة الإنقاذ التي تدافع عنها وتطلب وُدها..!!

    كلما أسرد هذه الواقعة أتذكر نفسي وأنا أنشد وأهتف باندفاع الشباب

    لا أبالي لا أبالي انني شعبُ رسالي********** قد تربى بين قرآن وساحات القتال

    مسلم قالت جموعي لست بعثي لا شيوعي *** عانقت أصلي فروعي رافضاً أي انفصال

    سوف نبني بالعقيدة دولة العدل الرشيدة****** لا دويلات عديدة شيدت فوق الرمال

    قد عشقت البندقية هاتفاً عندي قضية ******سحق حزب الماركسية انه حزب ضلالي

    وقد بان أن كل ماكانت تخالفه الابيات أصبح واقعاً..

    السودان وقد أصبح دويلات عديدة- انفصل عن كل تجاربه السياسية السابقة وعن محيطه الاسلامي بهذه التجربة التي لا يمكن أبداً أن نجد لها وصفاً يمكن ان يليق بما فعلته في السودان- حزب الماركسية الشيوعي السوداني ما أظن أنه اذا استلم الُسلطة يوماً أن يفعل في السودان ما فعلته (الانقاذ) وأهم شئ أنه سوف لا يتاجر بالدين ولا يرفع شعار الاسلام، وأن البندقية التي استخدمتها الحركة الاسلامية لم تجلب لنا إلا الدمار والقتل والابادة الجماعية التي أصبحت وصمة عار في جبين الحكم وهو يتحدث ويرفع شعار الاسلام، وقد بان واضحاً أن القضية هي الانتصار للنفس وقد سادت عقلية (التكويش) وقريباً ستظهر العقارات التي تم شراؤها في تركيا وفي ماليزيا، حتى زوجة الرئيس الجديدة أصبحت تنافس كبار التجار في العاصمة وقد تم إعطاؤها مشروع صالات وقاعات كبيرة لعدد من الجامعات،وقامت بشراء منتجع كبير في إحدى دول النمور الآسيوية، وبعد أن كانت محبوسة بين جدران بيوت جهاز الأمن بالقرب من المطار أصبحت ست أعمال كبيرة تتحدث بالارقام الكبيرة، فيما تم إعطاء أصغر أشقاء الرئيس رخصة لتصدير الماشية السودانية التي أصبحت حكراً على أشخاص بعينهم.. رحمك الله أخي عثمان حسن البشير طبت في عليائك بُعداً عن أكل السحت وقد كنت تقود الموتر (السوزوكي الأسود) وتجتهد في تعليم الناس قراءة (القرآن الكريم) وتحتفل وتسعد عندما تجد الجميع قد جلس على الأرض وبدأت التلاوة وزرفت الدموع الحرى محبة في الحبيب المصطفى.



    فساد المهندس..!!

    وثالثة الأثافي أن (المهندس) المدير العام لمجموعة شركات أحد البنوك السودانية المشهورة قد أفسد فساداً ليس له نظير في تاريخ السودان، وقد كُنا في الوسط الصحفي في فترة ( 1994-1998) نتبادل وثائق فضائحه المالية ونحن صحفيي الحركة (الإسلامية) نعرفه جيداً ونعرف الفاسدين معه وعندما أصبحت المسالة حديث كل مجالس الحركة الإسلامية قررت إحدى الجهات وضع حداً لفساد الرجل المهندس فتم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وأعرف شخصياً رئيسها وقدم ملف الفساد بالأدلة إلى ديوان الثراء الحرام وأثناء البحث والتقصي ودراسة القضية جاء وفد من جهة عليا وطلب ملف المهندس الفاسد وعرّف أحدهم نفسه بأنه مرسل من (رئاسة الجمهورية) لاستلام ملف فساد الشخص المعني بل قام بتأنيب القائمين على أمر الديوان على فعلتهم ونيتهم في محاسبة الرجل.. وإلى هذه اللحظة لم يُقدم الرجل للمحاكمة أما مجموعة البنك فقد راحت في خبر كان، هذه قصة يعرفها كل قيادات وأعضاء الحركة الإسلامية وكل المنتمين للمؤتمرين الوطني والشعبي..!!.



    هذا قليل من كثير..!!

    هرب وقيع الله هروباً مخزياً عن ملفات الفساد المالي ووهنا أقتبس فقرة من مقال الاستاذ أسامة بابكر حسن في رده على وقيع الله "فطوال عمرنا هذا لم نسمع بأي مسؤول، صغيراً أو كبيراً في حكومة الإنقاذ وقف أمام محكمة في أي قضية، بينما وقف الإمام العظيم أستاذ الإنسانية علي بن أبي طالب الذي منح هالرسول (ص) صفة " أقضى الناس" أمام قاضي دولته في خلاف مع يهودي على درع، والإمام يعلم كذب اليهودي في دعواه، لكنه وقف أمام القاضي لكي تنتظم ثقافة العدل المجتمع ليثبت في المجتمع حديث الرسول (( الناس سواسية))، ولكن حدث ذلك في أمريكا في عهد كلينتون الذي لا يحكم بالإسلام ووقف حاكم أكبر دولة في العصر الحديث أمام المحكمة وهو لم يضع قانوناً للحسبة شرط به أئمة المساجد آذان الناس تنظيراً".!!

    أطفال جيش الرب

    بطبيعة الحال أن كل الذين شاركوا في الحرب اللعينة التي قتل فيها السوداني أخوه (السوداني) سواء في جنوب، أو في شرق أو غرب السودان، تمر عليهم الكثير من الذكريات المؤلمة، فأنا شخصيا أشعر بتأنيب ضمير شديد عندما كنت في جنوب السودان في ديسمبر من العام 1995م فيما يعرف برد الهجوم الذي أطلقت عليه الحركة الشعبية (الأمطار الغزيرة) هذه العملية العسكرية الكبيرة والتي قتل فيها المئات بل آلاف السودانيين من الجانبين، تختلف عن كل العمليات العسكرية في جنوب السودان لما فيها من مفارقات وتجاوزات إنسانية، تجعل من الهدف الكبير للحرب ضد (المتمردين) علامات استفهام كبيرة متمثلة في الموقف اللا إنساني للحكومة السودانية إذ استعانت لفترات طويلة بجيش الرب اليوغندي الذي يتزعمه المتمرد اليوغندي جوزيف كوني وهذا الجيش للأسف استعان بمشاركته إلى جانبنا بحوالي الألف طفل من مجموع 2000 طفل كانوا موجودين تحت قيادة جيش الرب في المنطقة الاستوائية، والأطفال اليوغندين التابعين لجيش الرب الذين كانوا معنا في ذلك اليوم تبلغ أعمارهم ما بين الثامنة والرابعة عشرة عاماً من الجنسين، وبالكاد تميز الذكر من الأنثى.

    كانت لحظات محزنة وشعرت فيها بالألم النفسي لوجود هولاء الأطفال معنا في مكان واحد وكان منظرهم يُدمي القلوب وهو يحملون الآليات والأسلحة الثقيلة، ومهما يحاول المرء لا يمكن أبدا أن يصور هذه المناظر المرعبة، عشرات من الأنفس البريئة كانت تطوف حولنا في مساء يوم بارد استعدادا للهجوم على أكبر معسكرات (الحركة الشعبية) في الميل 72 في طريق مدينة نمولي الحدودية مع يوغندا تحديداً يوم الأربعاء الموافق 12 ديسمبر 1995م، أطفال في سن البراءة الواحد منهم يحمل فوق طاقته وما زنته 40 كيلو جرام أو أكثر من العتاد العسكري الثقيل وصناديق الذخيرة، والذين حملوا مثل هذه الصناديق يعرفون كم هي قاسية الحمل في مسيرة قد تبلغ الساعات الطوال، وأحيانا اياما من السير في الطرق الوعرة، والرطوبة العالية حيث تتبلل الملابس تماما مما تُصيب المرء بالإعياء وفي الغالب التهاب الصدر و المفاصل الذي يعيق الحركة، وهذا ما حدث لي شخصيا، فكيف بالأطفال..؟!.

    ... يا إلهي.. انه أمر فظيع..

    مهما أحاول لا يمكن أن أصور شكل الدموع الجافة على وجوه الصغار لا أجد لذلك سبيلا، ولم يكن هناك جنودا كبار السن فهم لا يتعدون العشرين من بين المئات من الجنود (الصغار) يساقون كالقطيع تماما يشهد الله على ذلك، وعلى بعد كل مائة (طفل) هناك جندي يوغندي يحث الأطفال بسرعة التحرك، و يضرب أحيانا الطفل في مؤخرته أو ظهره كي يستعجل ولا يبطئ، في أجواء غريبة على عالم الطفولة، صوت الدبابات والمجنزرات وهي تتحرك إلى مكان قريب من بداية المعركة، مع صوت أجهزة الاتصالات اللاسلكية،، لحظات من التوجس والترقب والأوامر العسكرية من القادة هنا وهناك بالعجلة، وطقطقة الأسلحة الشخصية كل هذه الضجة تجعل المحارب يعيش في لحظات غريبة، والمحارب أو المقاتل قاب قوسين أو أدنى من الموت،، لحظات صعبة حتى على كبار السن،، فكيف بالأطفال الصغار الذين استخدمتهم (الانقاذ) يا د. محمد وقيع الله..!!

    تصور يا وقيع الله كم هي مكلفة تلك الحملة التي اقامتها حكومة (الانقاذ) عندما تم خطف أطفال دارفور من قبل منظمة فرنسية..؟؟ تتذكر كيف أن الحكومة السودانية جيشت الإعلام والرجرجة والدهماء وتباكت على الأطفال والطفولة البريئة، وكيف أن التلفزيون السوداني جند كل برامجه ضد المنظمة الفرنسية المسكينة لخطفها الأطفال..!!

    دارفور وأحداث تشاد

    د. محمد وقيع الله لم يعش معنا المرحلة العملية في حياة الحركة الإسلامية التي نعتبرها الميدان الحقيقي للكفاءة والانقياد لأوامر الدين الحنيف، ومرحلة التنظير كانت جميلة وزاهية ولكن ميدان العمل أظهر أننا ضُعاف أمام حقائق الحياة، نعم هناك انجازات مادية ولكنها لا تساوي شيئاً ألبته مع الكوارث والمآسي التي جلبتها (الإنقاذ) للشعب السوداني ومهما حدث من انجازات في نظره ونظر الآخرين لا يمكن أبداً رُؤيتها عندما ننظر إلى كارثة دارفور، أخي وقيع بكل الأمانة والصدق أن قادة (الانقاذ) هم الذين تسببوا في اندلاع شرارة مشكلة دارفور،كنت أعمل في صحيفة (دارفور الجديدة) ليس لي مصلحة في أن أكذب على النظام لكن الحقيقة الساطعة كالشمس أن الذين تذكر انجازاتهم عندما غرتهم الحياة الدنيا لم يتحملوا مطالبة الأهل في دارفور بحقوقهم، فقاموا بضربهم بالطائرات قاذفة اللهب وحرقوا بيوتهم، وأظنك طالعت أحاديث د.علي الحاج في صحيفة (الصحافة) في اللقاء الصحفي وكيف أن عنجهية أهلنا الشماليين وعنصريتهم هي التي كبدتنا جميعاً ملايين الضحايا في الجنوب والغرب ومكنت من دخول القوات الدولية بلادنا..!!.

    ومن إنجازات (الانقاذ) التي تحدث عنها وقيع الله هي أن الشرخ بل الجرح الكبير الذي حدث في السودان بسبب مشكلة دارفور لا يمكن ألبته علاجه بالساهل ويحتاج لعقود من الزمان بعد حل المشكلة (إذا تم حلها)، ولدي الكثير من الاخوة الاعزاء من أبناء دارفور الذين راحت أسرهم ضحايا لمجازر القوات المسلحة السودانية في قراهم، أحد الاخوة قد وصل من بعد معاناة ومطاردة من أجهزة الأمن السودانية الى تشاد ثم الى الكاميرون ثم الى فرنسا فالسويد واتصل بي هنا بتوقيت مكة المكرمة الساعة الثانية صباحاً حكى لي كيف ان طائرات الجيش غارت على منطقتهم في غرب الجنينة وكان سارحاً مع الماشية وعندما رأي الطائرة في الجو تدق الارض بقذائفها جرى مسرعاً إلى منطقته ثم الى بيت فرأى والدته وشقيقاته على الأرض والدماء قد أغرقت المكان، وكان يحكي لي ويبكي بأعلي صوته ويسألني " أبواحمد انت عشت معنا هل نحن انفصاليون..؟؟" و"هل نحن أشرار يرسل أخواننا في الخرطوم الطائرات لتقتلنا..؟؟" كانت لحظات صعبة للغاية ولم أنم ليلتها ولم أهنأ بالنوم منذ تلك المكالمة قبل أكثر من 3 سنوات.

    الآن في الوقت الراهن كل العالم أصبح يدرك بوعي تام أن الحكومة السودانية لا تريد حسم قضية دارفور، وقد كشفت التقارير الإخبارية أن أيادي حكومة (الانقاذ) في أحداث شاد كانت واضحة جدا جداً وقد راح ضحية لذلك عشرات الأنفس البريئة، وعندما حاولت بعض الصحف نشر جزء بسيط جداً من معلومات خاصة بتدخل أيادي حكومية في أحداث تشاد تم اعتقال رُؤساء تحرير تلك الصحف، وأفرج عنهم بعد ضغوط شديدة من الحركة الصحفية في بلادنا وقد أصبحوا هم خط الدفاع الأول عن السودان وليس الحكومة التي تدافع عن انجازاتها.



    محاولة اغتيال مبارك في أثيوبيا 1995م

    من أكثر الفترات العصيبة التي مر بها السودان كونه يتهم لأول مرة في تاريخه الطويل بمحاولة اغتيال رئيس دولة مجاورة هو محمد حسني مبارك في أثيوبيا، وأتذكر أن الرئيس البشير ود.حسن الترابي كانا قد أقسما بالله قسماً غليظاً بأن السودان برئ من محاولة اغتيال الرئيس مبارك لكن المخابرات المصرية قد قامت بخديعة مخابراتية تم الكشف بعدها عن الذين قاموا بالمحاولة من أكبرهم الى أصغرهم، وتم تصفية عدد من (الصغار) وفي وضح النهار، وقد كسبت مصر (أخت بلادي) معركتها ضد السودان التي استمرت آلاف السنين وانتصرت آخيراً حيث وضعت السودان في (مُخباها) بالمعنى البحريني وفي (جيبها) بالمعنى السوداني تلعب به كما تشاء، وبسبب محاولة الاغتيال هذه نالت مصر ما لم تنله من السودان لآلاف السنين وهي الآن تدافع عن السودان دفاعاً مستميتاً وقد وُهبت الأرض في الشمال وأدخلت شركاتها العقارية للعمل في السودان (عايرة وأدوها صوت) لتبني لنا المباني الفخمة الخدمية منها والعامة..!!.

    أحلامنا التي .....

    لا يستحي د. محمد وقيع الله عندما يقول أن "أحلامنا تحققت" ... يا الله.. يا الله....كم هذا الكلام مُقزز ومُبكي..إذن كان حلم وقيع الله كابوس في ليلة شديدة العتمة نام صاحبها نجساً والعياذ بالله ويمضي ويقول:

    "لكن الحركة الإسلامية ماضية تحقق إنجازاتها غير مبالية بهم كثيرا أو قليلا"،

    قد يكون قد تحققت لـ د.محمد وقيع الله كل أمنياته لكن أعضاء الحركة الإسلامية المنتشرين في كل بقاع العالم يؤكدون عكس ذلك تماماً فالانجازات لا تتعدى البترول الذي لم ينتفع به الشعب السوداني ولا من المؤمل ان ينتفع به في القريب غير عوض الجاز وزمرته، الخدمة المدنية وقد دُمرت تماماً فحتى درجة وكيل الوزارة أصبحت وظيفة سياسية بالتعيين السياسي وقد كانت هي المرجعية المهنية والقانونية في كل وزارة، وكان وكيل الوزارة دائما هو القبلة التي يتجه اليها الجميع في كل شئ، هو الأب والأخ والصديق والزميل وهو المسؤول الأول والأب الروحي للجميع بدون فرز، أما وأن (الانقاذ) قد أحالت هذه الخاصية إلى الصالح العام، وأصبحت الوزارات تدار بالكذب والنفاق والتملق، والخدمة المدنية ليس بالشي الهين الذي نتقاضى الحديث عنه، فهي العمود الفقري للتطور البشري على مر العصور.

    وعن مشاريع التنمية حدث ولا حرج وقد بيعت كل المشاريع التي كانت تُوفر الغذاء للمواطنين (الرهد الزراعي- النيل الازرق- النيل الابيض – السوكي – الشمالية-إلخ).

    التجارة أصبحت فقط للموالين للنظام وكذلك التصدير والاستيراد لقادة النظام وأعضاء المؤتمر الوطني من العضوية النشطة سياسياً واقتصادياً، منظمات النفع العام جميعها للموالين، أما التي يقودها غير موالين للحكم توضع العقبات في طريقها حتى يتعذر عليها الاستمرار في العمل.

    الصناعات كذلك غالبيتها لأعضاء النظام خاصة القطاعات المؤثرة وهولاء تُوفر لهم التمويلات المصرفية وتزال من أمامهم كل المعوقات.

    التعليم والتعليم العالي.. لا يحتاج مني لحديث فالكل يعلم والأمر جلي للعامة وباعتراف الكثير من المسؤولين في النظام.

    الدبلوماسية أيضاً كتاب فاضح مفتوح الكل قرأه وقد تحولت السفارات جميعها الى مراكز مخابرات في الخارج والعمل القنصلي ما هو إلا ديكور، والعقلاء من السودانيين في الخارج يعرفون حتى رتب الدبوماسيين الأمنية وتخصصاتهم الأمنية، والآن قد عرف السودانيين من خلال ما ينشر في الاعلام أن ضباط الأمن هم الذين يتولون المناصب المهمة في سفارات السودان في الخارج.

    ومن هنا لا أرى أي انجازات غير استخراج البترول وتصديره، دون أن يرفع من المستوى المعيشي للمواطنين.

    لكن حلمنا في الدولة الاسلامية قد تحول إلى كابوس، بل أصبحت دولة مافيا اقتصادية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

    هذا الحديث يذكرني أحد الاخوة من الصادقين عندما كنا في انتخابات الإعادة في دائرة أمبدة 1988م بعد وفاة نائبها المرحوم صلاح الصديق المهدي كنا في مدينة امدرمان مستنفرين للعمل في هذا الدائرة التي تنافس فيها الشيخ صادق الكاروري من الجبهة مع أحد قادة حزب الأمة، وعندما كانت تأتي بنا الحافلة في منتصف الليل او الساعات الأولى من الصباح كان يحدثني أخي ويقول الظاهر قصة الدولة الاسلامية بعيدة جدا" ورحنا نتذكر الصحابة الأجلاء ثم شهداء الحركة أمثال عبدالإله خوجلي و حسن سليمان و عبدالله ميرغني والامام الهادي المهدي (تقبلهم الله في الخالدين)، فبكى أخي بكاءً كثيراً، وحقيقة أن أشواقنا للدولة الإسلامية الحقة لا يمكن أن يصفها إنسان، فهي دولة العدل.. ودولة الدين.. دولة الرحمة.. دولة الصدق.. ودولة التسامح الديني، دولة نعيش فيها كلنا مسلمين ومسيحيين ويهودا ووثنيين في مكان واحد، نعم نختلف في عقائدنا لكن نحتمي ببعضنا البعض ونهرب من بعضنا لبعضنا البعض لا تفرق بيننا المناطق ولا الجهويات ولا القبليات ولا الكسب الدنيوي.

    ترى كم من الآلاف من كادر الحركة الذين خرجوا من النظام مبكراً عندما تأكد لهم أن النظام يسير نحو عكس ما كانوا يعملوا من أجله السنين الطوال..؟؟؟ ترى كم من الشباب الذين غادروا محطة (الانقاذ) وهربوا بدينهم من جحيم زيد وعبيد، ترى كم من الآلاف الذين قدمتهم الحركة في جنوب السودان ، مسيرة طويلة من الصديقين والشهداء الذين عافت أنفسهم نعيم الدنيا من شهداء 1973م إلى عبيد ختم البدوي وأحمد عثمان مكي ومحمد عثمان محجوب مرورا بالهيثم عبدالهادي الحسن ويوسف سيد والبادرابي والمنصوري وعلي عبدالفتاح، وعبدالله جابر وعبدالله بابكر، وحسين سرالختم وشقيقه خالد، والكثير من الذين لا يعرفهم د.محمد وقيع الله باعوا حياتهم رخيصة من أجل دولة العدل الرشيدة.

    ومن هنا أسأل الله للدكتور محمد وقيع الله أن تكون هذه شهادته لـ (الانقاذ) فيُبعث بها يوم القيامة يوم تصطف الخلائق جميعها أمام رب العزة والجلالة كل بمظلمته وذنوبه،حينها يكون الكثير من الناس في موقف لا يحسدون عليه، فشهادة للنظام الذي قتل الأبرياء في الجنوب وفي دارفور والشرق وداخل المعتقلات وداخل معسكرات الخدمة الإلزامية لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن يكون من أهل الجحيم لأن ما قاموا به من مجازر حقيقة وليس إدعاء كاذب، كل الشواهد والأدلة ستقف أمام رب العالمين في يوم يخسر فيه الظالمين ومن أيدهم وساندهم.

    فإذا كنت قد دافعت عن (الانقاذ) كل هذا الدفاع (بالصح والكضب) فمن الذي يدافع عنهم يوم العرض..يوم الدين.. يوم الحساب،وإذا كان للنظام أقلامه وكُتابه وقنواته الفضائية تمجد كل أعماله وتصدق أكاذيبه فتذكر أخي د. محمد وقيع الله قول الله عز وجل وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [ابراهيم:43،42]..

    وقوله سبحانه: أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى [القيامة:36].

    وقوله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [القلم:45،44]. وقوله : إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].

    وفي يقيني التام أن الظالم مهما مكث في كرسي الحكم يوما ماً سيطاله الحساب في الدنيا والاخرة والتجارب علمتنا ذلك من الديكتاتورصدام حسين الذي أصبح يمثل أكبر النماذج القريبة جدا لعالمنا ولواقعنا، وأمامنا قوله تعالى: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ الشعراء:227

    هذه بعض من صفحات من تاريخ النظام المخزي كُتبت بصدق وبأمانة ويكفي أن كاتبها خارج السودان يعاني البعد عن الأهل وعن الأسرة، ويُعرف لدى الجميع في البحرين أنه أبعد الناس عن ممثلية النظام وحتى عن مقر الجالية، سبع سنوات خارج الوطن..

    أتمنى من الاخ د. محمد وقيع الله أن يطالع هذه السيرة وان يسأل عن كاتبها وعن صحة ما كتبه

    وإذا ادعت الامور لكي أزيد فيما كتبت فسوف آتي لا محالة..
                  

04-29-2008, 05:47 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    لماذا ننادي بعلمانية الدولة
    عبدالله المدني
    [email protected]
    2006 / 7 / 1


    علمانية الدولة ببساطة شديدة هي أن تقف الدولة موقف الحياد من العقائد و المذاهب التي تدين بها مكونات شعبها، بمعنى ألا تكون في قراراتها و سياساتها و خططها و تعييناتها – بما في ذلك مناهجها التعليمية وسياساتها الإعلامية و الثقافية - منطلقة من مذهب أو عقيدة أو مرجعية دينية معينة و إن كانت عقيدة و مرجعية الأغلبية، لما في ذلك من تهميش لعقائد الآخرين و تمييز ضدهم و إخلال بمباديء المساواة و العدالة و المواطنة.

    ومن هنا حرصت البلاد التي انتهجت الديمقراطية الليبرالية الحقة و أقامت الدولة المدنية الحديثة على عدم تضمين دساتيرها ما يفيد بديانة الدولة. و لا يعنى هذا البتة التقليل من شأن الدين و مكانته السامية في النفوس و دوره المؤثر في المجتمع، بل على العكس من ذلك. فالدولة العلمانية بعدم إقحامها الدين الذي هو حزمة من القواعد المقدسة و الأحكام الربانية الثابتة في الشأن السياسي اليومي المتحول أو في اللعبة السياسية المتذبذبة يسارا و يمينا، إنما تحفظ للدين هيبته ومنزلته و تنزهه من السقوط في وحول السياسة التي تتغير قواعدها و آلياتها بتغير الأهواء و الظروف و الشخوص و المصالح.

    و خلافا لما هو شائع في البلاد العربية و بعض البلاد الإسلامية، و لاسيما في أوساط البسطاء و الدهماء، فان العلمانية لا تهدد الدين و لا تحاربه ولا تسعى إلى سلخه من أفئدة الناس، بدليل أن المجتمعات التي طبقت علمانية الدولة لا تزال شعوبها كما كانت دوما مؤمنة بعقائدها و ممارسة لطقوسها الدينية بحرية و ماضية في بناء دور عبادتها دون قيود، هذا إن لم تكن درجة النزعة الإيمانية قد زادت بفضل ما هو متاح من حريات دينية أمام أتباع مختلف المذاهب و الطوائف.

    أما سبب شيوع الفهم الخاطيء للعلمانية في مجتمعاتنا، فتسأل عنه حركات الإسلام السياسي التي دأبت على تشويه هذا المفهوم مثلما شوهت الكثير من المفاهيم العصرية و الحضارية الأخرى، فجعلتها في أعين البسطاء مرادفة للكفر و الإلحاد و الإفساد و الانحلال و التغريب، و ربطتها بالمؤمرات الاجنبية على الإسلام و المسلمين، دون إبراز أي دليل عملي على ما تقول. و هي في كل هذا لا تنطلق من غيرة حقيقية على الدين و ما في الدين من تبشير بالمساواة و العدالة و التسامح و الإخاء و السلام، بقدر ما تنطلق من رغبتها الجامحة في الهيمنة على المجتمع و إقصاء المختلفين معها، بل من خوفها على تراجع مكانة رموزها و مصالحهم إن طبقت علمانية الدولة.

    إن إقامة الدولة المدنية العلمانية وفق الصورة المنوه عنها، باتت ضرورة لإخراج مجتمعاتنا المتخلفة من شرنقة الجدل و حالة اللاحسم حول الكثير من القضايا الصغيرة و الكبيرة التي لا تزال تراوح مكانها بسبب إقحام الدين فيها و بالتالي الاختلاف المرير حولها، فيما المجتمعات الأخرى حسمت خيارها و تجاوزت الجدل العقيم و انصرفت بكل قواها نحو البناء و التنمية و الإبداع.

    وعلينا أن نتذكر أن الغرب لم يحقق نهضته الراهنة و لم يصل إلى ما وصل إليه من إنجازات في شتى المجالات الإدارية و الحقوقية و التربوية و العلمية و الصناعية و الاقتصادية إلا حينما تحرر من سطوة مؤسسة الكنيسة و تفسيراتها المتشددة و دورها البطريركي الرهيب – و ليس من الدين نفسه – و أقام الدولة المدنية العلمانية. و لو انه ارتضى بما كان يجرى من قمع لحرية التفكير و حجر على العقول و تدخل في كل قرار دنيوي على يد أرباب المؤسسة الدينية و تفسيراتهم، لكان حاله اليوم مزريا.

    لكن لماذا نتحدث عن المجتمعات الغربية ذات الظروف و الخصائص التاريخية المختلفة، و أمامنا مجتمعات شرقية عالمثالثية استطاعت بفضل نهجها العلماني تحديدا أن تحقق ما لم تحقق مجتمعاتنا العربية حتى عشره. لنفكر فقط في شبه القارة الهندية التي انقسمت في عام 1947 إلى كيانين احدهما ديني ممثلا في باكستان و الآخر علماني ممثلا في الهند، و لنسأل أنفسنا أين تقف الأولى اليوم و أين تقف الثانية؟

    إن الكثيرين عند حديثهم عن الهند و ما حققته من استقرار و نهضة و قوة في سائر المجالات يشيرون إلى نظامها الديمقراطي الليبرالي فقط، و ينسون أن هذه الديمقراطية ما كانت لتترسخ و تقي البلاد شرور التشرذم و الانقسام و الانقلابات العسكرية و الحركات الانفصالية المنطلقة من منطلقات دينية أو عرقية أو ثقافية، لولا وجود دعامتين يسندانها هما: العلمانية و الفدرالية. وإذا كانت الفيدرالية ضمنت للولايات الهندية أن تدير شئونها بنفسها و بالتالي تشبع طموحات سكانها المتباينة اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا، فان العلمانية كانت ضرورة للتعامل مع مختلف الأديان و المذاهب التي يدين بها الهنود على قدم المساواة و بالتالي التعامل مع كافة أتباعها كمواطنين لهم نفس الحقوق و عليهم نفس الواجبات، بما في ذلك حقهم في شغل مناصب الدولة الكبرى.

    إنها العلمانية وحدها التي اتاحت في الهند لابن صياد فقير (الدكتور زين العابدين عبدالكلام) من الأقلية المسلمة التي لا تشكل سوى 15 بالمئة من إجمالي السكان أن يصل إلى منصب رئاسة الدولة، و اتاحت لرجل من الأقلية السيخية (الدكتور مانموهان سينغ) التي لا يتجاوز عدد أتباعها نسبة 3 بالمئة من السكان أن يتبوأ منصب رئاسة الحكومة المحوري، و اتاحت لسيدة كاثوليكية من أصول إيطالية و لم يمض على حصولها على جنسية البلاد سوى عقدين و نيف من الزمن مثل سونيا غاندي أن تحتل موقع رئاسة الحزب الحاكم أي حزب المؤتمر التاريخي الذي تحقق على يديه استقلال الهند، فيما الأقليات في دولنا العربية اللاعلمانية تجاهد من اجل الحصول على حقيبة وزارية ثانوية يتيمة دون جدوى. و باختصار اتاحت هذه العلمانية لثلاث شخصيات من الأقليات أن تقرر مصير امة غالبيتها الساحقة من الهندوس، دون أن يصدر من هؤلاء اعتراض أو تذمر أو عصيان.

    ثم لنسأل لماذا لا نجد هنديا مسلما واحدا على قائمة الإرهابيين الذين زرعوا العالم رعبا و قتلا و تفجيرا في السنوات الأخيرة رغم وجود أكثر من 150 مليون مسلم في الهند و رغم انتشار المدارس و الجمعيات الإسلامية فيها، فيما القائمة ذاتها تحتوي على مسلمين من مختلف الأقطار العربية و الإسلامية دون استثناء؟ الإجابة تكمن في علمانية الدولة الهندية وحدها، و ما وفرته من احترام لكل الأديان و مساواة في التعامل مع رموزها وحريات كاملة لأتباعها في الكتابة و التعبير و العمل و التنافس و التقاضي و الإبداع و تولي المسئوليات العامة.

    ومرة أخرى إن علمانية الدولة و ما يتفرع عنها من حقوق المواطنة الأصيلة و بالتالي السؤال حصريا عن ولاء المواطن لبلاده و كفاءته – لا دينه و مذهبه - حين التعيين في الوظائف الرسمية،هي التي أتاحت لجنرال تايلاندي مسلم أن يجلس على رأس قيادة جيش بلاده البوذية، و مكنت شخصية مسلمة من احتلال منصب رئاسة البرلمان في بلد جل سكانه من البوذيين أو المسيحيين مثل سنغافورة.

    أما فيما يتعلق بالبحرين، التي تمثل حالة خليجية متميزة بفضل ما بلغه أبناؤها من مستوى تعليمي و ما تحتضنه بالتالي من كوادر مثقفة، و بفضل تاريخها الطويل كمجتمع منفتح و متسامح و وعاء حاضن لثقافات و أعراق و مذاهب متنوعة، فإنها مهيأة أكثر من غيرها لتكون نموذجا للدولة المدنية العلمانية لولا سطوة الإسلام السياسي الحركي الطارئة. و لا أبالغ لو قلت أن مجتمعنا البحريني للأسباب التي ذكرتها آنفا هو علماني بطبعه، بمعنى انه غير متطرف دينيا. و بعبارة أخرى فهو لئن كان محافظا و ملتزما بأهداب دينه الإسلامي، فانه في الوقت نفسه يحترم أتباع الديانات و المذاهب الذين يشتركون معه في المواطنة، و لم يصدر عنه في الغالب ما يشير إلى تبنيه لنزعة اقصائية أو مطالبته بفرض أحكام عقيدته على الآخرين أو تحبيذه لإقامة الدولة الدينية على أنقاض ما هو قائم.

    و حينما ننادي بعلمانية الدولة و مدنيتها في البحرين ، فإننا بهذا لا ندعو إلى تهميش الإسلام و دوره في حياتنا بقدر ما ندعو إلى عدم إقحامه في كل صغيرة و كبيرة من الأمور الدنيوية الخالصة. إننا ببساطة لا نريد أن نصل إلى وضع يصبح فيه موضوع مثل تحية العلم الوطني، مسألة جدلية يستدعى رجال الدين للإفتاء بصحتها من عدمها مثلما حدث مؤخرا في دولة مجاورة، أو إلى وضع يتدخل فيه لابسو العباءة الدينية في مسألة مثل أداء الجندي للتحية العسكرية أو مدى صحة دفاعه عن دولته إذا كانت هذه الدولة لا تطبق الشريعة بحذافيرها مثلما حدث في دولة مجاورة أخرى.
                  

05-04-2008, 11:07 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    سلوك الإسلاميين والدولة

    صلاح شعيب
    [email protected]

    هل يفترض المرء ان الاخوة الاسلاميين السودانيين ينبغي أن يتحلوا بسلوك جيد ومختلف عن الذين ينتقدونهم .. على اعتبار انهم يحاولون أن يظهروا لنا عيانا بيانا أن حساسيتهم «السياسية/الدينية» أعمق، أم أن هذا الافتراض سيكون ساذجا بالنظر إلى حقيقة أن سلوك المرء لا يختبر من خلال تنظيمه السياسي، وإنما عبر تربيته التي تبدأ من البيت ثم المدرسة، وتنتهي بالتنمية الذاتية المستمرة لمدونة السلوك في عقل المرء، وربما ضميره حتى مماته؟..

    هذا السؤال قد يفرع آخر مؤداه هو: هل أن منظومة السلوك الاجتماعي الطيب تتعلق بفكر سياسي دون غيره أم أن السلوك، طيبه وسيئه، مشاع على قارعة كل طريق ايديولوجي... شيعي، بوذي، هندوسي..إلخ؟

    لا احبذ هنا وضع إطار فلسفي للموضوع، بقدر أن المحبذ لدي هو طرح التساؤل، ولعل الهدف منه كيفية فهم الذهن الإسلاموي الذي يتقدمنا في الدفاع عن الله ورسوله من بوابة دولة السياسة، كما تمظهر. إذ أن منهج سياسة الدولة ليس هو منهج التشبث بقيم الدين. والنهج الأخير هذا يبدو صعبا خلطه بالأول، مهما حاولنا لجم أنفسنا واحطناها بالتعوذ من الشيطان ولعنا ـ من ثم ـ سنسفيل تربصه بنا بأغلظ الايمان. وهل حقا أن معنى أن تكون سياسيا هو أنه لا بد أن تفهم لعبة المناورة والمراوغة، وإلا سوف لن تتقاعد سياسيا ناجحا أو مسلما حسن الصهر عبر تجربة رئاسة أو توزير أو إدارة ـ هذا إذا كنت تظن أنك دخلت السياسة لإقامة الدولة الدينية..؟

    أهلنا يقولون «راكب سرجين وقيع وساير دربين ضهاب»، ولعل فرص الربط بين الدولة والدين مهدت لنا معرفة مكر «البني آدم» السوداني في مزاوجته المقدسة بين إعادة إحياء الدولة بقيم الدين القويم لتحقيق نموذج للتفاني يؤثر فيه الناس على أنفسهم من أجل تحقيق الخير للمسلمين وغير المسلمين في السودان.

    وبطبيعة الحال فإن المضمون من هذا التساؤلات الابتدائية لا ينفي حقيقة أنك يمكن أن تدخل السياسة بأمل ألا تسرق و ألا تستغل ذلك المنصب لتحسين وضعيتك فقط على حساب الناس، وألا تنحاز لأسرتك أو لأهلك عندما تتوزر، أو ألا تبني بيتا يتطاول على كوخ جارك، وألا تقتني سيارة فارهة، أو ألا تجلس على منصب هناك من هو أحق منك به، ويستطيع من خلاله أن يخدم مصالح الناس بأفضل منك، أو ـ بالكثير ـ وألا تتسبب في فقد أحدهم لمصدر رزقه دون تعويضه بعمل آخر.. ما دام أنت المسؤول عن الرعية..

    وهناك غيرها من الممارسات التي مطلوب ألا تضعك في تناقض مع اصول وفروع دينك الذي تؤمن به.. وتستطيع أن تدخل بوابة السياسة بإيمان وسلوك ديني قويم.. وتستطيع أن تخرج من السلطة دون أن تضعف أمام مغرياتها. ولكن يجب أن تعلم أن فرصتك في الحرص على السلوك الديني المستقيم لن تتيح لك مجالا للطموح السياسي من الوزن الثقيل.

    إذا أردت مجدا سياسيا خلاقا يجب ـ على حسب تجربة الانسان التاريخية مع السياسة ـ أن تفهم الشروط الاولية لعلم السياسة، أما إذا اردت أن تخدم الدين فيجب أيضا أن تعي ضرورات التقيد بجوهره لا الوعي فقط بكيفية تبرير فعلك الخاطئ بنصوص من الكتاب الكريم. وصفاء الدين هو في صفاء فعلك لا في شكل أو مظهر توظيفك له. ومتى ما أردت خدمة متخيلة للدين اعلم انك متحرر من ذاتك لصالح الجماعة، بيد أن شيطان الدولة لا يتركك تذهب بعيدا دون أن تسفك الدماء ـ مثلا ـ حتى تثبت وضعيتك أمام الطامعين في الكرسي، وإلا أصبح الصبح ووجدت ذاتك كعصفور حزين في قفص لا يحسد عليه.

    وإذا كان عدم اقتراب الشخص نفسه عن السياسة بشروطها ـ من مراوغة أو مناورة ـ لا ينجيه من مغريات الدنيا، فما بالك أن تنمي سلوكا اسلاميا ممتازا داخل دولاب الدولة، وكلنا يعلم أن الحفاظ على هذا الدولاب يتم بالبطش والقمع الذي لا يرضي الله ولا رسوله وكذلك صحبه الغر الميامين.

    ومنهج «السياسة الرسالية» حتى الآن لم يكتمل نظريا أو لم يتم التفكير فيه أصلا، بحيث أن تقام أعمدة هذه الرسالية المظنونة على هدى من أخلاق رفيعة. وحتى نتلمس فرضيات هذه الرسالية السياسية ونقنع بها، إذا كان من الممكن، فإننا نبقى على تفحص علاقات السياسة بسيوسيولجي الوجود، أي التجربة التاريخية.. وليس الاسلامية فحسب، وإنما أيضا المسيحية أو اليهودية أو الميثلوجية الافريقية أو اللاتينية او الآسيوية..أو .. أو ..إلخ.

    طبعا من الناحية المبدأية يصبح من المشروع سياسيا أن تطرح طرحا عقلانيا عن كيفية جعل تشريعات الدولة متطابقة للنص الديني المعني، وبحيث أن تسير السلطة التنفيذية وفق التوراة والانجيل، وأن تتم ممارسة السلطة القضائية انطلاقا من قوانين سماوية. وهذا يعني أيضا أن لا مشاحة في تنفيذ هذه الافكار أيضا ما دام انها تتوسل بالطرق الديمقراطية، ولكن تبدو محاكمة هذا الطرح العقلاني وتنفيذه وفقا لنتائج الغايات التي نتحصل عليها من خلال الممارسة. فالاديان غايات وليست وسائل، متى ما خدمت غاية البشر ومصالحهم كان ذلك هو المطلوب، ومتى ما حادت عن هذه المصلحة، فإن الحاجة للتدبر فرضت علينا إعادة التفكير في المنهج الذي به أردنا مسبقا تنزيل الدين بين أزقة الحكومة.

    وإذا احتكمنا إلى الغاية التي ارادها الإخوة الاسلاميون بالسودان، واسقطنا إجرائيا كل رأي حول صدقهم أو عدمه، وبحثنا إمكانية اختبار سلوكهم الديني الظاهر ومقاربته بالغاية الاولية لتحكيم «شرع الله» أكثر من المقاربة بالفشل البائن للدولة في حل مشاكل الناس، فإن المرء يصل إلى القول ان معظم الاسلامويين لم ينتهوا فقراء، أو بأحسن التقدير إلى مشابه للوضع الاجتماعي الذي كانوا عليه ما قبل الحصول على الدولة.

    وإذا تركنا أيضا جانب الخطأ والصواب ـ إجرائيا ايضا ـ في تجربة «بيوت الاشباح»، إلى قتل الذين استخدموا نفس منهج الإسلاميين «المجاز» إسلاميا في الانقلاب، إلى إعفاء الآلاف من الخدمة المدنية دون إيجاد البديل لهم في الرزق، إلى التخبط في العمل السياسي وافتقار المنهجية في التعامل مع الاحداث التي ألمت بهم، إلى وراثة الوظائف في مقابل عدم العدل في توزيعها، إلى التعامل مع المكون القومي في الجنوب ودارفور خصوصا، إلى ـ حتى ـ اختلافهم عن بعضهم البعض بالكيفية التي شهدنا، إلى زعزعة الاستقرار في الجوار العربي والافريقي، وإلى التعامل مع أخوانهم «المجاهدين» العرب والمسلمين.. وإلى .. وإلى..إلخ، فإن الحيرة تملأ المرء من الهيئة التي انتهى إليها غالب الكادر السياسي الإسلاموي على مستوى الاستفادة من خدمة النفس عبر هذه الخدمة التي بذلها للغاية الاسلاموية، وهي قد أبانت لنا عن خواتيمها الآن، ولسنا بحاجة للاستشهاد ببعض اسلاميين كثر ـ وليس علمانيين ـ على نقدهم لنموذج الدولة الإسلامية والذين عدوا التجربة «مأسوية» على البلد، في أحسن الافتراضات.

    طبعا يستطيع من هم ينافحون ـ ولا نقول يكابرون ـ عن نجاعة فكرة اسلمة الدولة، أن يعدوا كل هذه المثالب التي افرزتها تجربة الدولة الدينية في السودان ان يبرروا «المآلات» التي بدا عليها واقع المسلمين في السودان، بل يستطيعون أيضا ان يحملوا الفشل إلى عوامل خارجية غذت آثارها «دول الاستكبار والصهيونية والعلمانيين والزنادقة والزراليخ والوطاويط»، على اعتبار أن هؤلاء «الخونة» لا يريدون «حكم الله ولا يعترفون برحمته» وما إلى ذلك من التقديرات التي نتلمسها بين الفينة والاخرى.

    ولكن السؤال الجوهري الذي يتفاداه الاسلاميون هو: ولكن ماذا عن النعم الوفيرات التي انعم الله بها من هم تجشموا عناء انجاز غاية الاسلام في الوقت الذي تباعدت مسافة «الوضعية الاجتماعية المريحة» ما بينهم وجيرانهم من وقود الطبقة الوسطى أو الفقراء؟

    ليس من وظيفة هذا الكتابة التعميم، وذلك على حسب اننا في مفتتحها قلنا إن السلوك الاجتماعي يبدأ من البيت، وأن السلوك الاجتماعي الطيب لا يرتبط بحزب دون آخر. بمعنى أن بين الاسلامويين ـ وهم دعاة ايديولوجيا ـ بعض عضوية لم يثر على حساب مسيرة توطين القيم الاسلامية، وهناك بعض من الاهل والاصدقاء من الاسلاميين اعرف فقرهم، إما لقلة حيلتهم في الخروج من المولد بـ «الغنيمة» أو لحرمان الواعز الديني لهم من السقوط في حبائل الضعف الإنساني أمام خيرات الدولة.

    فالمقال يخاطب بالدرجة الأولى ضمير غالبية معتبرة من الكادر القيادي الاسلاموي الذي أثرى من خلال الوظيفة بالمال أو الطموح، أو من السوق حين تم توجيه الناس إلى إهمية الاهتمام بالغدو والرواح بين المنزل والمسجد، بين المكتب والزاوية. وهذا يعني أننا لا نفتئت على كل الاسلاميين ما دام أن هناك ايمانا راسخا لدينا بأن بعض الاسلامويين حتى هذه اللحظة ونتيجة لـ «عوامل مركبة» تتعلق بـ «أ» تركيبتهم الفكرية الصمدة و«ب» غياب البديل السياسي و«ج» ضمور الثقة في القيادات السياسية والضعف النظري في خطاباتها الفكرية ـ لا يرون في التجربة المائلة إلا خدمة للدين والسودان، وأن بالامكان ليس أفضل مما كان من نتيجة تحقيق الغاية الدينية.

    إن مشكلة الأخوة الإسلاميين ستكون متعمقة أكثر في حال عدم اعتبارهم لدراسة تجربة الدولة القائمة في تأثيرها على سلوك كوادر الاتجاه الاسلامي، السلوك المتعلق باستباحة المال العام، والتعامل غير السوي مع الآخر المسلم وغير المسلم، والهرولة نحو طلب واستغلال الوظيفة، وعدم القدرة على مراجعة أنفسهم أو محاسبتها، والتحيز للأقرباء مع ظلم الابعدين، وغيرها من مظاهر السلوك التي أفسدت قيادات التنظيم، وصعبت من بعد الإمكانية لإيجاد الحلول للورطة التي أدخلوا فيها التنظيم والبلد والمواطنين.

    كل المشاكل التي نعايشها الآن تعود إلى الفكرة التي حاولت قسريا أسلمة الدولة، وهي ذات الفكرة التي قادت دعاة الإسلام السياسي إلى ترك مضامين القرآن الكريم والسنة النبوية التي يقنعون بها الناس جانبا منذ أولى مراحل التمكين، ووراثة خيرات البلد وتقصيرها على العضوية.

    والآن سيدرك هؤلاء الدعاة وحدهم إلى اي مدى تنبض ضمائرهم بالارتياح لما بذلوه لصالح تثبيت أهم دعائم الاسلام في أرض السودان، كما إنهم سيدركون حتما إلى أي مدى خدمتهم «الموهبة السياسية المقدسة» في إبراز القدرات الادارية المبدعة التي تستطيع تسيير دولاب الدولة وبالشكل الذي يفيد الامة.

    ولعل من السهل جدا لأي إسلاموي بذل محاولات دؤوبة لإقناع المواطنين بأن الحركة الاسلامية قادرة على حماية البلد والانتقال بها من واقع أقرب للانهيار ـ بالنسبة لنا ـ إلى مستقبل أفضل تمكينا لشرع الله، ولكن من الصعب بالنسبة لقادة الحركة الاسلامية إقناع ضمائرهم ـ في لحظات الصدق ـ أن كل شيء فعلوه كان لله.




    الدعوى والدعاية الفارغة

    عمر القراى

    الذين درسوا في جامعة الخرطوم، من منتصف السبعينيات إلى منتصف الثمانينيات، وربما بعدها بقليل، لا بد ان يكونوا قد شاهدوا الوعود العجيبة، والادعاءات العريضة، التي يقوم بها الاتجاه الإسلامي، قبيل انتخابات اتحاد جامعة الخرطوم. فالجامعة تملأ بالملصقات بمختلف الألوان، تتحدث عن (الاتجاه الإسلامي.. أصلب العناصر لأصلب المواقف) وكيف أن الاتجاه الإسلامي سيسحق (كل الأحزاب الهزيلة المتحالفة) ضده، وكيف أنه (سيسحق حكومة العسكر).. وأنه أكفأ (من يقدّم الخدمات لجموع الطلاب). أما في برنامجه الانتخابي، فإنه كان يعد الطلاب، بزيادة (المنحة الدراسية)!! ويعدهم بـ(فتح داخليات الطالبات للزيارة على مدى 24 ساعة في اليوم)!! ورغم أننا كنا نرى أن الانتخابات تصيب الأحزاب المتنافسة، بحمى تجعلها تلجأ للمبالغة، وتضخيم انجازاتها، والتقليل من شأن منافسيها، وقطع الوعود على نفسها، وهي لا تملك تحقيقها، إلا أننا كنا نأخذ على الاتجاه الإسلامي، مفارقته لأخلاق الدين، باللجوء للكذب، والمبالغة، والتضليل من أجل الفوز السياسي..
    تذكرت كل ذلك، وأنا أقرأ الخبر التالي: (شدد مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون السياسية والتنظيمية د. نافع علي نافع، على أن التعاون والتعامل مع الأسرة الدولية لن يكون ثمنه التنازل عن الشريعة الإسلامية ونحن لسنا غافلين ولا واهمين ولا حالمين ولن نطلب الصلح والود والمعاملة من أحد. وقال نافع لدى مخاطبته لقاءً جماهيرياً بالجزيرة أبا عقب بيعة الزيادية للمؤتمر الوطني إن حزبه ماض في عرض برنامجه عبر الانتخابات القادمة ببرنامج يتركز على تقديم الخدمات والتمسك بقيم الإسلام ومبادئه، ودعا القوى السياسية لعرض برنامجها السياسي وأن يكون خطابها مبنياً على الحجة والمنطق والصدق والشفافية. وأكد أن المؤتمر الوطني لا تهزمه الشعارات الجوفاء لأنه صاحب فكر ومبدأ، وأضاف أن المشروع الحضاري مشروع الإنقاذ والمؤتمر الوطني لم يصبه الوهن. وقال إننا سندافع عنه بكل الوسائل وأن فجر الشمس الصادق سيخرج من السودان لكل المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها). (الصحافة نقلاً عن سونا 25/4/2008م).
    ونحن نتساءل ما هو المحتوى النظري للمشروع الحضاري الذي جاءت به الإنقاذ، وهل حقاً ما زال ذلك المشروع باقياً، وما زالت شعاراته عالية كما كانت؟! أما محتوى المشروع الحضاري، فإنه معيشة قيم الإسلام، بكل ما تحوي من معاني العدل والرحمة، وتحقيق الرخاء، والأمن، والسلام، لكافة المواطنين، الذين قامت ثورة الإنقاذ لتنقذهم، مما كانوا يعانون منه من الفقر، والقهر، والمرض. كما حوى المشروع الحضاري، الهجوم على أعداء الإسلام من الغرب، وتوعد أميركا بأنه قد دنا عذابها. ورفع شعارات عزة الوطن، وعدم الرضوخ للقوى الأجنبية. كما وعد بتوفير الخبز والمسكن والمأوى لكل مواطن.
    ومعلوم أن حكومة الإنقاذ قد استغلت الإعلام، لترويج أطروحاتها، والتركيز عليها بصورة مكررة حتى صدقتها قاعدة التنظيم من البسطاء، والمضللين باسم الدين.. ولكن الواقع أصدق من الأقاويل، والتجربة أبلغ من الخطب الرنانة. فهل يعتمد د. نافع على ضعف ذاكرة الشعب، حين يصر على أن المشروع الحضاري باق، ولم يصبه الوهن؟!
    عندما قامت الجبهة القومية الإسلامية، بانقلابها في 30 يونيو 1989، سمت نفسها حكومة الإنقاذ الوطني، وأعلنت أنها جاءت لتنقذ البلد من الوضع الاقتصادي المتردي، وأوضحت أن وسيلتها لتحقيق هذا الإنقاذ، هي البرنامج الحضاري الذي تعني به تطبيق الشريعة الإسلامية.. وحتى تحكم قبضتها، عزلت كل من لم يكن من الموالين لها، من الخدمة، واستبدلتهم بكوادرها، دون اعتبار للكفاءة، مما زاد من تدهور الخدمة المدنية.. (راجع مقالنا حول اعتراف السيد نائب رئيس الجمهورية بذلك في ارشيف الصحافة)، ثم اعتقلت كل من تتوقع أنه مخالف لها، أو من معارضيها، وسعت إلى ارهابهم بأساليب من التعذيب، في «بيوت الأشباح»، لم يعهدها السودان من قبل، كان بعض أعضائها قد تدرّب عليها في إيران.. ولقد مات عدد من السودانيين الشرفاء، تحت وطأة التعذيب، وأصابت الإعاقة عدداً آخر من الذين لم يقض عليهم بالموت.. واتجهت حكومة الجبهة إلى ارهاق كاهل المواطنين، الذين شردوا من أعمالهم، بالضرائب الباهظة، وبالزكاة على ما لا تجب فيه الزكاة، حتى تسيطر على كل الثروة من جهة، وحتى تشغل الناس بالسعي خلف لقمة العيش، عن أي تنظيم أو تخطيط لعمل سياسي، من الجهة الآخرى.. كما أنها ركّزت على ازاحة التجار من السو ، بتعقيد الإجراءات عليهم، وتسهيلها لمنافسيهم من كوادر الجبهة، حتى سيطر على السوق أيفاع الجبهة، وأرغم على الخروج منه، كبار التجار والمستثمرين، الذين ظلوا فيه، لفترات اكبر من اعمار اولئك الايفاع.
    ولقد بلغ الشعب السوداني، من الفقر والفاقة، على يد حكومة الجبهة، ما دفع الحرائر إلى الانحراف، ومع ذلك كان اعضاء الجبهة، يبنون العمارات العالية، ويركبون العربات الفارة، وكلما ازداد المواطنون جوعاً، ازدادوا هم تخمة، ووظفوا أموالهم للمزيد من إفساد الفقراء، واستغلالهم.
    ولقد تردى التعليم، بفقد أبسط مقوماته (المدرس والكتاب)، وعوضت حكومة الجبهة عن التردي في جامعة الخرطوم، بإنشاء عدد من الجامعات كاسماء بلا محتوى ولا إمكانات.. إذ كانت وما زالت نسبة الإنفاق على قطاع التعليم أقل من (1%) من الدخل القومي.. أما قطاع الصحة، فقد كان أسوأ من قطاع التعليم، إذ أصبح المرض، حتى لو كان مجرّد ملاريا، يعني الموت!! ولقد عجزت حكومة الجبهة، عن أن توفر أبسط الأدوية أو العناية في مستشفى الخرطوم، دع عنك الأقاليم.. ولقد نزح آلاف المواطنين من الريف إلى العاصمة، لعدم وجود الحد الأدنى من الخدمات الأساسية في الأقاليم.
    ثم إن حكومة الجبهة، وجهت كل صادرات السودان، على محدوديتها، لشراء السلاح، وأنشأت قوة مسلحة جديدة، سمتها الدفاع الشعبي زودتها بالسلاح، والعتاد، لتدعم بها الجيش النظامي، ظناً منها أنها بذلك سوف تقضي على المعارضة المسلحة في الجنوب.. وبالإضافة إلى الانفاق على أعضاء الجبهة، من الوزراء والوكلاء والوجهاء والمسؤولين السياسيين الذي تضخّمت أعدادهم بسبب ارضاءات الكوادر، زاد الصرف على أجهزة الأمن، باعتبارها أهم الأجهزة التي تحافظ على السلطة.. ثم صرفت أموالاً لا حد لها، على الحملة الإعلامية الضخمة، التي قصد منها تعبئة الشعب في اتجاه الحرب، وصاحب هذا التضليل المنظم، الذي اتجهإلى غسيل مخ الشباب، استغلالاً بشعاً للدين في حرب جائرة لا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد.. فقد قتل آلاف المواطنين في الجنوب، وفي جبال النوبة، ونزح الملايين من قراهم، مما أساء إلى سمعة السودان، حين أصبح ملفه من أسوأ الملفات، لدى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان كافة..
    وبعد سنوات من الفقر والقهر والفشل الذريع، أدى المشروع الحضاري، الذي كان يفترض أن يوحد السودانيين، إلى انقسام الجبهة على نفسها، بين جماعة البشير وجماعة الترابي، الذين انشغلوا بكيل التهم لبعضهم البعض (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب).. ووضح للشعب، بعد هذه التجربة المريرة، الماثلة، أن هذه الجماعة لا علاقة لها بالعدل والخير، الذي تبشر به الأديان، وظهر أنها مجموعة من السياسيين المنافقين، يصطرعون على كراسي السلطة، دون أي اعتبار للقيم أو الخلق أو الدين..
    ولقد وضح للعقلاء، وغير المنتفعين مباشرة من أعضاء الجبهة الإسلامية، أن هنالك مشكلة.. وبدأنا نقرأ هنا وهناك، لكتَّاب إسلاميين، ينقدون تجربتهم، ويكشفون عن بعض أخطائهم.. وسمعنا لآخرين منهم اعترفوا بذنوبهم، وعزوا فشلهم إلى تكاتف العالم ضدهم، واضطرارهم إلى التنازل، وقبول اتفاقية السلام، وقبول القوات الدولية، كما نسبوا لانشقاق الحركة، كل ما اعتراها من فشل، وما اعترى مشروعها الحضاري من ضمور، وفهموا الانشقاق على أنه السبب وراء الضعف والتنازل عن الشعارات، بدلاً من أن يروا أنه نتيجة لها..
    على أن الإشكالية، إنما تكمن في المجموعة المتطرّفة، التي لا تزال تصر على أن المشروع الحضاري ما زال قائماً.. وأن الحكومة ما زالت تطبّق الشريعة الإسلامية، وأن المؤتمر الوطني هو الحزب المؤهّل لحكم السودان، والذي سيفوز بالانتخابات، حتى لو تكتلت كل الأحزاب ضده، وهو لم، ولن، يتهاون مع المجتمع الدولي، ولن يخضع لقراراته.. وهو سينشر الإسلام في جميع أنحاء العالم!! وهذا الاتجاه الدعائي، هو الذي برز في حملة السيد نائب رئيس المؤتمر الوطني، في طوافه على الأقاليم.
    أما السيد رئيس المؤتمر الوطني، فقد كان أكثر صدقاً وموضوعية.. فقد جاء (وامتدح البشير مجهودات السويدان في تأهيل الشباب المسلم باعتبارهم يمثلون مستقبل الأمة، مشيراً إلى أن معظم قادة الإنقاذ الآن من الشباب الذين تدربوا وتأهلوا في قيادة النضال ضد حكم الرئيس نميري. وأضاف أن تصورنا لدولة الخلافة الراشدة فيه تجاوز كبير للواقعية)!! (الأحداث 26/4/2008م).






    نقلا عن الصحافة

    (عدل بواسطة الكيك on 05-04-2008, 11:25 AM)

                  

05-13-2008, 09:28 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    الاسلام والليبرالية
    سليم سوزه
    [email protected]
    2008 / 4 / 28


    في البداية يجب التفريق بين الاسلام كديانة رَسَمَت شكل العلاقة بين المخلوق وخالقه عن طريق جملة من التشريعات والعبادات، وبين السياسة التي تُستوحى منه في طريقة ادارة الحكم والتعامل مع الشعوب او الامم الاخرى، فالمعروف ان كل التيارات والتوجّهات والاحزاب لديها مشروع محدّد تعمل على تطبيقه في المجتمع وفق سياسة تعتمد على انسب واقرب الطرق لتحقيق ذلك المشروع .. وليست هذه حيلة شرعية او انتهازية كما وَصَفها الأخ الكاتب عبد العالي الحراك في مقاله (الدين والليبرالية .. هل يلتقيان؟) والمنشور في عدد من مواقع النيت العالمية، بقدر ما هي عملية بحث مستمرة لأيجاد الميكانيزم الأصلح تطبيقاً من اجل الوصول الى الهدف المنشود. وطبعاً عملية ايجاد هذا الميكانيزم ليست عملية مستقلة عن الظروف والبيئة التي تحكم هذه الظروف، ولو كانت منطلقة من ارضية بعيدة عن هموم المجتمع واحتياجاته فسوف لا تكون الاّ افكاراً نرجسية خيالية لا تصلح للتطبيق، بمعنى آخر يوطوبيا جديدة كالتي اوجدها افلاطون في جمهوريته الفاضلة .. افكار تمثل ترفاً لا تصلح الاّ في القصص دون الواقع.

    وبمناسبة الانتهازية، ينبغي لنا ان لا نعوّل كثيراً على هذا المصطلح لانه وصف اُطلق على كل فكر سَبَقَ عصره وخالف المشهور والجمهور حينها، فقد وُصفت الافكار النيتشوية بالانتهازية في تلك الفترة، وسُمّي الاسلام السياسي منذ الفترة الاولى الذي نشط فيه بالفكر الانتهازي .. وكما ان الليبرالية افكار انتهازية بالنسبة للمعارضين لها، فان الشيوعية ايضاً وُصِفت كذلك ابّان الثورة البلشفية وما لحقها من استغلال واضح لشعارات البروليتاريا (البرجوازية الجديدة). لهذا لا ارى الانتهازية الاّ مصطلح يُطلق على فكر (الآخر) الذي لا يستقيم مع فكر (الانا) مع التأكيد في نفس الوقت انها مسالة موجودة فعلاً ولا يمكن لنا نفيها خصوصاً عند الاحزاب التي تعمل وفق المبدأ البراغماتي (الغاية تبرّر الوسيلة).

    من هذه المقدّمة البسيطة نستطيع ان نقارن فيما اذا كان الاسلام كسياسة يتقاطع او يتوازى مع الليبرالية، وهل ان الليبرالية متهمة من وجهة نظر الاسلام ؟ ام ممكن ايجاد الوسيلة التي من خلالها تتعايش الليبرالية مع الاسلام ضمن الحدود والثوابت الدينية المُعتبرة.
    لانه ليس المطلوب ان نكون ليبراليين في طريقة وضوئنا او تحرّرين من اجل تقليص عدد ركعات الصلاة مثلاً، بل ان الموضوع متعلّق بالسياسة والاداء الذي يحقق اهداف الاسلام السياسية في الادارة والحكم.

    صحيح ان الاسلام قد يقترب من الاشتراكية في بعض الامور لكنه وفي نفس الوقت لا يتقاطع مع الليبرالية التحرّرية في قضية التوازن بين الحاكم والمحكوم، اي عملية توازن السلطات بين المجتمع والحاكم .. هذا التوازن الذي لا يتحقق من وجهة نظري الا بتوزيع السلطات بين المجتمع والحكومة، وعليه عملية حصر السلطة السياسية والاقتصادية بيد السلطة الحاكمة قد تولّد اشد انواع الدكتاتورية. لذلك كانت الاشتراكية ارضية صالحة لنشوء الدكتاتوريات بل هي دكتاتورية مقنعة بسبب الخلل الواضح في ميزان السلطة والانحياز المُطلق للسلطة الحاكمة في تمشية الامور السياسية والاقتصادية والتي بالضرورة ستكون حاكمة على القضايا الاجتماعية كذلك. اما الليبرالية التي نشأت وترعرعت بعد نشوء الديمقراطية السياسية، فقد نادت بحرية الفرد من كل النواحي، بما فيها النواحي الاقتصادية، واعطت توازناً فذاً بين السلطة والمجتمع من خلال الدعوة الى جعل السلطة الاقتصادية بيد المجتمع في مقابل السلطة السياسية التي تحتكرها السلطة الحاكمة، ولهذا كانت وما زالت الليبرالية عاملاً جيداً في الحد من الدكتاتورية.

    اذا كانت الشيوعية الاشتراكية تدعو الى المساواة بين الافراد بطريقة ربما قسرية، فالليبرالية دعت اليها عملياً من خلال اعطاء نفس الفرص لكل افراد المجتمع واعتبارهم متساوي الحقوق والواجبات امام القانون والدولة.

    الديمقراطية والليبرالية متلازمتين لا يمكن الفصل بينهما اذا اردنا بناء مجتمع حر وسليم بعيد عن الدكتاتورية بالرغم من ان الديمقراطية نشأت قبل الليبرالية، فالليبرالية كمّلت الديمقراطية عملياً لانها ضمنت المساواة بين الافراد وحققت التوازن بين المجتمع والسلطة من خلال القوة الاقتصادية التي اعطتها للمجتمع مقابل قوة السلطة السياسية، فضلاً عن حماية حقوق الاقليات الموجودة في المجتمع الديمقراطي .. يقول الاستاذ رجاء بهلول في كتابه - حكم الله، حكم الشعب - (ان الديمقراطية تعني دوماً وحتماً التسليم والاعتراف بالحريات الليبرالية، وان الحريات الليبرالية لا توجد بمعزل عن ممارسة الديمقراطية، وبعبارة اخرى ان الديمقراطية الليبرالية تعني حكم الاغلبية زائداً حماية حقوق معينة تعود الى افراد، اي وجود مجال خاص لا تتدخل فيه السلطة الحاكمة مهما كان حجم الاغلبية خلفها) انتهى كلام بهلول.

    من هنا فان الديمقراطية تعني عملياً وضع السلطة السياسية بيد الاغلبية، اما الليبرالية - التي اصبحت شرطاً اساسياً من شروط نجاح الديمقراطية فيما بعد - فتعني وضع السلطة الاقتصادية بيد المجتمع من اجل تحقيق التوازن بينهما، وان لا تتحول الديمقراطية الى دكتاتورية (دكتاتورية اكثرية) كما آلت اليه الشيوعية في نهاية المطاف. وبعد كل الذي تقدّم، هل هناك شكّ بأن الايمان بالديمقراطية هو ايمان بصورة او باخرى بالليبرالية مهما تظاهر البعض في رفض ذلك ؟!

    باعتقادي ان الاسلام يمثل حالة وسطية بين الفكرين الشرقي والغربي مثلما ركّز القرآن على الوسطية التي ذكرها صراحة ً في الآية التي تقول (وكذلك جعلناكم امة ً وسطاً) .. وعليه فالاسلام اشتراكي المنحى عندما يُفلسف للملكية العامة وضرورة دعم الدولة مالياً في مجالات القضاء على الفقر عن طريق الضرائب التي يفرضها تحت عنوانين متعدّدة وكذلك حينما يضع قيوداً معيّنة على التجارة والاموال باعتبارها ملك للمجتمع وليس فقط ملك الفرد، وفي نفس الوقت ليبرالي التوجّه في اصل حرية الفرد في العمل ومشروعية الاقتصاد الحر دون ان تُمارَس القسرية الشيوعية عليه. لا نتناول هذه المصطلحات من زاوية علاقتها بالميتافيزيقيا بل من ناحية سياسية واقتصادية بحتة لا علاقة لها بالفكر والعبادة وغيرها من الامور الغيبية.

    عندما نقول بأن هناك اسلاميٌ - ونعني به الذي يؤمن بالسياسة الاسلامية ويدعو لها - يؤمن بالديمقراطية فلا نعني هنا الاّ باسلامي يؤمن بالليبرالية كذلك، لانها متلازمة فكراً ومضموناً مع الديمقراطية كما اسلفنا اعلاه. وبالتاكيد لا نقصد الايمان بطابعها العلماني الرافض للتديّن، بل بمفاهيمها التي تضمن الحرية والمساواة وحماية الاقليّة في المجتمع، مع مراعاة ضرورة تقنين حجم الليبرالية الاقتصادية وتحديد السقف المفتوح لأقتصاد السوق بشيء من المعقولية كي لا يكون مصير الدولة مرهون بحفنة من الرأسماليين الوحشيين كما هو حاصل فعلاً في بعض البلدان بدرجة لا يمكن نكرانها.

    الاسلامية الليبرالية لا تؤمن بالليبرالية على اطلاق معانيها، بل بما لا تتقاطع مع الثوابت الدينية، والتي يُمكن لها ان تُعالج مشاكل الدول التي تضم في ثناياها قوميات وطوائف متعددة لا يمكن حكم الاسلام فيها .. وان آمنوا الاسلاميون او اقتربوا من اي فكر آخر كالليبرالية في بعض مفاهيمها، هذا لا يعني انهم آمنوا بفصل الدين عن السياسة بمعناها الجاف والمتشدّد. فمثال الصين وهي تتعامل باقتصاد السوق رغم شيوعيتها، وامثلة دول الاسكندنافية الرأسمالية في اجراءاتها الاجتماعية والاقتصادية ذات المستوى العالي من العدالة والاشتراكية، امثلة موفقة جداً على ما نطرح نحن هنا وليس العكس، لأنها كانت نماذج ناجحة في تكييف رؤيتها وتلقيحها مع الافكار والنماذج العالمية الاخرى، وبالتالي اثبتت نجاحها على الاقل لحد هذه الفترة. وما الاسلامية الليبرالية الاّ مُحاكاة لما قامت به هذه الدول في طريقة تفكيرها حول النظام الاصلح والانجح في ادارة الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بغض النظر عما اذا كانت هذه الافكار مهجّنة او اصيلة طالما تعطي نماذج ناجحة .. فليس هناك فكراً خالصاً نشأ بمعزل عن مكتسبات الانسان على طول التاريخ. وليست الافكار كلها غير قابلة للتطوّر الاّ بالخروج عن اسسها ومبادئها ... هذه راديكالية مُجحفة.

    نعم .. لست رافضاً لحكم الله في الارض، لكني في نفس الوقت لست فارضاً له على الآخرين المخالفين، فقد علّمنا القرآن الكريم كيف ندعو الآخر الى المشتركات الموجودة بيننا وفق قاعدة (قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة ٍ سواء بيننا وبينكم) .. وهو ما يعني ان الاسلام تنازل عن نبوّة محمد (ص) مُقابل نقطة الاشترك الموجودة (كلمة ٍ سواء) بين الاديان كلها وهو (الله) عز وجل.

    فهل من سبيل لاحترام الآخر والقبول به وباختلافه سوى بالليبرالية التي لا تتقاطع مع الاسلام!!
    واذا كان الاسلاميون قد آمنوا بالديمقراطية دون اي حسّاسية، فما المشكلة في الايمان بالليبرالية بعد
                  

05-28-2008, 04:30 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    الفضيلة والعلمانيه
    هاشم الخالدي
    [email protected]
    2008 / 5 / 19


    ماهي الفضيله ؟...
    كما نعلم ان الانسان كائن غريزي معتدل القامه متحرر الذراعين يتميز بالادراك وعيا ووحيا بمستويات مختلفه ,وقد شرحت ذلك بمقالات سابقه.
    اما الفضيله فهي قيمة انسانيه معنويه مصدرها الايمان بالله كقوه مهيمنه لها الكلمه العليا, لذلك هي حركة انسانيه نحو الغاية كقيمة عليا ,وان الايمان صفه خاصه بالانسان لكونه قادرا على الادراك وحيا تنعكس في معاملة ادراكه وعيا, اي ان الفضيلة انطباع في عقله ونفسه لكنها تختلف عن انطباع الوعي الذي هو معرفه, اما هي أي الفضيله فغاية أو شكل من الحلم والوحي, ورغم ان الحلم يقترب من الخيال الا ان الخيال شكل من الوعي فهو شيئ من التحسب يحتمل الصح والخطأ لانه يخضع لحركة الجدل اما الحلم- الفضيلة فلا يحتمل الصح والخطأ لانه غير خاضع لحركة الجدل ,فالفضيله هي انعكاس لوحي المطلق او الايمان بالله لذلك هي شاخصه في جميع مراحل الوعي, وان من يخضع للجدل ليس هي وانما الوعي نفسه و لهذا هي لا تتناقض مع حركة التاريخ و تطورها عبر علاقته الجدليه , فالفضيله تبقى غاية عليا مهيمنه فوق علاقة الوعي -الواقع بالغريزه, مفتوحة الافق للتطور المعيشي باتجاه قيم تتحقق في ارض الواقع نسبيا وتدرجيا من خلال التعبير عنها في الوعي الاخلاقي والسلوكي لكنها تبقى نسبيه التحقق ما دام الصراع قائما بتخادم قوتي الغريزه و الادراك وعيا الملازمتين للانسان في سعيه المشروط أي في العمل, وان في اطلاق العنان لهذا التخادم بين الغريزه والادراك وعيا لولا وجود الايحاء بها قد يفقد السيرورة قيمتها فيؤدي الى الرذيله, الا ان ارتباط الانسان بسمة الادراك وحيا حتما هو الضمان لهيمنة الفضيله, ,فالفضيله نتاج الايمان بالله الذي هو سمة متاصله فيه حتى لو تنكر له بالحاده فالادراك وحيا هو ظاهرة موضوعيه سواء رغب الانسان ام انكر, الفضيلة اذن ليست نتاج فقه و اجتهاد انما الفقه والاجتهاد هو متغير معرفي يعيد تفسير انطباعات الانسان , اما الانبياء والصديقين والاصفياء فهم اول وفي مقدمة الفضلاء باثر الوحي , ان الحاجة الى الدين هي من الحاجه الى الايمان لذلك لا يمكن التفريط او الاستغناء عن رجال الدعوة من اجل الفضيله الى جانب الحاجه الى المعرفه والعمل والانجاز مع ما يكتنف تلك السيروره دوما من اثر النازع الغريزي للتطور التاريخي الانساني , وبهذ المعنى فان التنكر الى الدين هو تجاوز على الفطرة الانسانيه وبنفس الوقت فان تحول الدين الى حركة ايديوجيه سوف يفقده غايته القيميه ,اذ ان الايديولجيه تخضع للتغيير عبر مسيرة التطور فهي انعكاس للصراعات الانسانيه الماديه والمعرفيه بكل ما تتضمنه من انجازات علميه وتطبيقيه اما الدين فهو في جوهره وليس في شكله الظاهر المختلف عبر الزمان والمكان, فالشكل هو تعبير عن مرحلة ما, واما جوهره فهو قيم عليا مرشده ,فالدين في جوهره هو واحد ذاته مهما اختلفت نماذجه واطواره,لذا فمهمة الحركه الدينيه هو الارشاد القيمي وليس الدخول في تلك الصراعات ,كما ان اية ايديولوجيه لا تسترشد بتلك القيم سيكون مصيرها التعثر وربما الفشل حيث ستسود عندئذ قيم الغريزه الحيوانيه حتى لو زالت الطبقات وانتهى الصراع الطبقي فظهور البريروراطيه التي اهلكت المنظومة الاشتراكيه هي دليل على ذلك فسيادة النزعه الغريزيه هو ما يقدر ويعتبر رذيلة بقياس القيم المعنويه , كم ان اية ايديولوجية تدعي ممثلة للفضيلة هي تزوير للحقيقه لذلك نرى ان في حركات مثل حزب الله او الحزب الاسلامي او اي حركة سياسية تتخذ من نفسها ممثلة الى الدين هو تجاوز على قيمه لانها ليست سوى حركة ايديولوجيه باي حال من الاحوال وهي تعكس ذلك الصراع الدنيوي الواقعي الزماني والمكاني حتى وان كانت تمثل الشرائح والطبقات الكادحه. ان الاختلاف الايديولوجي هو عامل اساسي في التكوين الانساني الى جانب عوامل اخرى علميه وتطبيقيه وان التدافع بين الايديولوجيات هو انعكاس للطبيعة الانسانيه وقدرتها على الانجاز ,فالانسان هو الكائن الوحيد القادر على الانجاز وتوريث انجازاته عبر الاجيال وبهذ المعنى فهو خليفه ويتفرد بخاصيته تلك عن كل الكائنات الحيوانيه لذلك فأن له تلك الخاصيه في حركته وان من جعله خليفة في الارض لم يتخصص بها كائن انساني معين دون اخر فكل انسان هو خليفه, اما دور الانبياء والرسل فهو دور مكلف بايحاء من الله في الفضيلة,الا ان انقطاع الرسل والانبياء لن يغير من دور الفضيله فهي غاية اصيلة في الانسان وان محمد(ص) هو خاتم الانبياء والرسل, كما ان الخليفة هو الانسان من ادم وبنيه وليس فقط الانبياء والرسل لذلك فالامام ايضا ليس هوالمقصود بالخليفه, وفي كل الاحوال فان مهمة الامام في كل زمان ومكان هو ارشاد الناس الى قيم الفضيله وليس الاحلال بديلا عنهم في سمتهم التي منحهم الله لهم في ايته الكريمه اني جاعل في الارض خليفة , وختاما من حق بني الانسان بجميع اديانهم ومذاهبهم ان يؤمنوا بالدين المهدي ,ولكن هذ لا يلغي الدور الذي كفّل به الله للانسان فتحملها امانة بعد ان كان جهولا قبل نفخة الروح الالاهيه التي منحته قدرة الادراك وعيا ووحيا, فتلك مسؤولية عظيمة داعيه ان يسجد له الملائكة اجمعين.
                  

06-23-2008, 05:12 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    أي موقع للسلطة الدينية الإسلامية في الدولة الحديثة، عندنا؟


    ياسين الحاج صالح
    [email protected]
    2008 / 6 / 23


    في المجرد، هناك واحد من ثلاثة مواقع للدين في الدولة الحديثة.
    إما أنه إحدى سلطات الدولة، ما يقضي بأن ينضبط بمبدأ فصل السلطات، فنتكلم على سلطة دينية على نحو ما نتكلم على سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، لا تتدخل أي منها في شؤون الأخرى. وفي هذه الحالة تدين السيادة لمبدأ يوحد هذه السلطات جميعا ويعلوها، هو الدولة ذاتها.
    أو أن السلطة الدينية خارج الدولة، ويتعين في هذه الحالة أن تنضبط علاقتها بالدولة بمبدأ العلمانية، أو الفصل بين الدين والدولة. وبينما تبقى الأخيرة مقرا للسيادة للعليا، فإن "المجتمع المدني" هو "خارج الدولة" الذي تقر فيه السلطة الدينية الفاقدة للسيادة، أي لكل من صفتي العموم والقسر.
    لكن ثمة صيغة ثالثة هي صيغة "الحاكمية الإلهية" كما بلورها كل من أبي الأعلى المودودي وسيد قطب. الدولة هنا ضمن الدين أو تحته، إحدى وظائفه. مقر السيادة هو الدين وليس الدولة التي لا تعدو كونها أداة ضرورية للحكم، لا شخصية لها ولا تحوز أية شرعية ذاتية. والصحيح أن دعوى الحاكمية، إن أخذت بحرفيتها، تلغي الدولة رأسا، وتجعل الإسلام ذاته دولة.
    لكن ما لا يتوفر "الحاكميون" على إجابة عليه هو أن الباري لا يحكم مباشرة، وأن "شريعة الله" لا لسان لها وتتكلم بألسنة بشرية، وأن البشر ليسوا محض وكالات أمينة وشفافة للمقصد الإلهي الأصلي والأصيل. وليس احتمالا أن يؤولوا "دين الله" بما يناسب بقاءهم في موقع السلطة العليا، بل إن هذا محتوم كما ينبئ تاريخ الديانات جميعا، وتاريخنا نحن أيضا. ما الذي يضمن، تاليا، ألا يستخدم وكلاء الحاكمية الإلهية الدين من وراء زعم أنهم يخدمونه؟ وما الذي يمنعهم من توسل "الحكم بما أنزل الله" كي يضفوا القداسة والإطلاق على سلطتهم هم، فيؤسسون حكما طغيانيا مقدسا ينزل المعارضين منزلة كفار يستحل دمهم؟ هذا إلا إذا افترضنا أن النظام الحاكمي يغير الطبيعة الإنسانية ذاتها، الأمر الذي لا دليل عليه، لا في العقل ولا في التاريخ ولا في النصوص.
    وهو ما يعيد طرح المسالة السياسية من أولها: كيف نضبط السلطة؟ كيف نحد من الاستبداد؟ كيف نضمن مصالح الأمة؟ وهو ما يقودنا إلى قضايا السيادة الشعبية والتمثيل والتفويض، ويعيدنا إلى مبدأ فصل السلطات.
    ***
    فبأي من هذه النماذج الثلاثة تنضبط العلاقة بين الدين والدولة في البلدان العربية؟ ولا بأي منها.
    فلا توافق العلاقة بين السلطتين نموذج فصل السلطات الليبرالي رغم أن السيادة مقررة للدولة، وأن الدين أقرب ما يكون إلى إحدى سلطاتها: ثمة وزارة أوقاف وكليات شريعة ومفت عام ومساجد تسيطر عليها الدول، وخطباء تحدد لهم مضمون خطابهم الديني ووجهته العامة. وهم في الغالب يضمنون خطبهم ثناء على الحكام وتمجيدا لهم. لا تنضبط علاقة الدين والدولة بنموذج فصل السلطات لأن السلطات غير منفصلة، والدولة لا تعدو كونها سلطة تنفيذية توسعية محتلة لأراضي السلطات الأخرى، بما فيها الدينية.
    كما لا توافق علاقة الدين والدولة نموذج العلمانية رغم أن السلطة الدينية محكومة وليست حاكمة في جميع الحالات تقريبا، ورغم أن السلطة السياسية منفصلة واقعيا عن السلطة الدينية. هذا لأن الفصل الواقعي لا يكفي لإثبات العلمانية، ويحتاج إلى ثقافة تنظمه وترسخه وتضفي عليه صفة طبيعية وإيجابية، ثقافة علمانية مهيمنة. هذا غير محقق في أي من بلداننا. وفي أكثرها ثمة مادة دستورية تقرر أن الإسلام هو دين الدولة أو دين رئيسها. مادة رمزية لا تلغي الانفصال الواقعي بين السلطتين، أو علمانية الأمر الواقع، إلا أنها تؤكد ضعف ثقافة الفصل وتبقي العلمانية الواقعية معدومة الشخصية.
    كذلك لا تنتظم علاقة الدين والدولة وفقا لنموذج الحاكمية في أي من الدول العربية. ثمة أجسام تشريعية في أكثر دولنا، ومجال تطبيق "الشريعة الإسلامية" قد يكون واسعا في بعضها إلا أنه ليس شاملا في أي منها. وفي سياستها الخارجية والداخلية معا تنهج دولنا وفق منطق يطابق بين السيادة والدولة وليس بين السيادة والدين.
    ليس نظام العلاقة بين الدين والدولة منضبطا بأي من النماذج الثلاث، فكيف نصفه؟ وهل يعني انفلات العلاقة بين السلطتين من النماذج المعروفة أن هذه النماذج غير مناسبة وينبغي تاليا تطوير نموذج رابع مختلف؟ أم أن هناك خللا بنيويا في كل من السلطتين يحكم بتعذر انضباط علاقتهما وفقا لأي نموذج متسق؟
    نرجح الإجابة المتضمنة في السؤال الأخير. إذ تعرض السلطة الدينية نزوعا إل التناثر والتبعثر يطعن في شرعية القول بأن هناك سلطة دينية موحدة في أكثر بلداننا. لا نتكلم على التعدد الديني والمذهبي، وهو معطى لا يمكن تجاوزه في أي من بلداننا، بل على توزع السلطة الدينية في عالم الإسلام السني ذاته إلى ثلاث سلطات على الأقل: الإسلام الحكومي الذي أشرنا إلى مكوناته (مساجد وخطباء وكليات شرعية ووزارة أوقاف..)، وإسلام إخواني سياسي يصف نفسه بالوسطية وعلى خصام مع الحكومات القائمة، وإسلام سلفي جهادي على حرب مع الدول ومع العالم. والسلطات هذه متنازعة فيما بينها وقلما تتوافق. وهي فوق تنازعها تصدر عن ثقافة أو وعي ذاتي لا يتصور استقلالها الذاتي بأمر الدين وعن سلطة الدولة، ما يتسبب في عسر عقلنة التفكير والسلوك والعمل الديني. ففرص العقلنة، كما سبق لماكس فيبر أن لاحظ، تكبر حين يكون الاختصاصيون الدينيون منظمون في هيئات دينية مستقلة، وتنحدر حين يكون هؤلاء تابعون للسلطات السياسة، أو مندمجون بالكامل وسط الجمهور الذي قد يستفيد من خدماتهم الدينية. في العالم الإسلامي يتولد نقص العقلنة عن التبعية للسلطة السياسية، لكن أيضا عن تجزؤ وتناثر السلطات الدينية، وأكثر عن "ثقافة سياسية" إسلامية تنكر استقلال مجال ديني خاص. ومهما بدا ذلك غريبا فإن عسر استقلال الدين عن الدولة مسجل في عدم استقلال الدين عن "الإسلام"، أي عن التشكل المؤسسي التاريخي للإسلام في أمة ووطن ودولة متخيلة. ورغم أن الإسلام لم يكن "دولة" إلا في سنوات تأسيسه القليلة، فإنه لا يزال دولة في المخيلة. وعن هذه الدولة المتخيلة، حصيلة التمأسس الخيالي للإسلام، لا يكاد يتمايز دين أو يستقل بمقام ذاتي. وقبل أن يرفض الإسلاميون انفصال الدولة السياسية عن الدين، فإنهم يرفضون أصلا استقلال الدين ذاته أو انفراده بقوام ومقام خاص. فإذا صح ذلك، كان أوجبَ العملُ على الفصل بين الدين و"الإسلام"، كمدخل إلى انفصال السلطتين الدينية والسياسية عن بعضهما.
    ***
    هذا عن اضطراب تشكل السلطة الدينية، فماذا عن تشكل السلطة السياسية؟ هنا أيضا نواجه اختلالا لمصلحة البعد الجهازي والقسري المتضخم على حساب البعد الفكري والقانوني الضامر للدولة. ومنذ سنوات يجري التمثيل على هذا الشرط (في سورية) بالكلام على حلول السلطة محل الدولة. أو قد يكون أصح على عدم استقلال الدولة عن السلطة. أو أفضل بعدُ على أن الدولة بالمعنى العربي القديم، أي كنوبة حكم يوكل "تداولها" إلى "الدهر" أو "الأيام"، تحتل الدولة بالمعنى الحديث للكلمة. هذا هو مغزى الكلام على "سورية الأسد" مثلا، أو أيضا على "دولة البعث". وعليه يكون فصل "الدولة" (دولة الحزب أو الحاكم) عن الدولة مدخلا إلى العقلنة السياسية، ويكون استقلال الدولة برأسها السياسي شرطا لاستقلالها عن رؤوس أخرى، الرأس الديني بخاصة.
    إصلاح أمر كل الدين والدولة قد يكون، إذاً، هو الخطوة الأولى نحو انتظام العلاقة بينهما وفق نموذج متسق.
    ومن شأن استقلال الدين في الذهن أو تولد مفهوم عن الإسلام كدين، وكذلك استقلال الدولة عن السلطة، أن يدفع باتجاه انتظام العلاقة بين السلطتين الدينية والسياسية وفق النموذج العلماني. إن نموذج فصل السلطات يضيق على الدين ويسرف في تسييسه وإخضاعه للسلطات الدنيوية، أما نموذج الحاكمية فيفسد الدين أكثر بجعله دولة.
    والثابت عندنا أنه لا مجال للجمع بين استقلال الدين وسيادته. فإن كان سيدا فلن يكون مستقلا عن الدولة، ولا يمكن أن يكون مستقلا دون أن يفقد السيادة لمصلحة الدولة الحديثة.
                  

07-01-2008, 06:23 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    حرية الفكر ضحية لهيمنة الإسلام السياسي


    فاخر السلطان
    [email protected]
    2008 / 7 / 1


    يقال، وهو قول واستدلال الغالبية العظمى من أنصار الإسلام السياسي في الكويت، بأن فتح باب حرية الفكر والنشر والتعبير على مصراعيه سيؤدي إلى دخول أفكار فاسدة في المجتمع، التي من شأنها أن تتغلغل إلى العقول ما يؤدي بالنتيجة إلى فساد المجتمع. وهو باعتقادي استدلال باطل. فثقافة حركات وجماعات الإسلام السياسي في الكويت تستند إلى الهيمنة القائمة على الوصاية على العقول، لذا هي تسعى إلى أسر الفكر والتعبير في سجنها الكبير لكي تتحكم بما يجب أن يقال ويقرأ وينشر وما يجب أن يفكَّر فيه بالمجتمع. وبالمحصلة هي تستهدف قتل الحرية الحقيقية، لكنها لاتستحي من المشي في جنازتها. والمثير للدهشة أيضا أنها تزعم وجود سلبيات للحرية، لكنها لا تشير إلى آفات ثقافة الوصاية والهيمنة. فإذا كانت الحرية تجلب الفساد فإن الاستبداد يجلب فسادا كبيرا أيضا. وإذا كان إنشاء لجنة دراسة الظواهر السلبية في مجلس الأمة يستند إلى فهم ديني الضيّق لمعالجة أوجه الفساد الناتجة عن الحرية، فالأولى بها معالجة أوجه فسادها الناتج عن استبدادها وتضييقها على حرية أفراد المجتمع. فمواجهة آفات الاستبداد أولى من مواجهة آفات الحرية.
    إن من الخطورة بمكان أن تستند ثقافة الوصاية والهيمنة إلى الدين، لأنه سيتم رفض أي نقد يوجه إليها، وسيكون ذلك بمثابة نقد موجّه إلى الدين. وهنا يكمن الخطر إذ سيصبح الاستبداد دينيا وستتلطخ سمعة الدين وستتهدد مكانته الروحية في المجتمع.
    إن أعداء الحرية يربطون بين سلامة الجسم وسلامة المجتمع. فيعتقدون بأنه مثلما يجب منع وصول الأمراض والسموم إلى جسم الإنسان وأنه لابد أن نكون حذرين تجاه ما يمكن أن يؤذي أبداننا ويعرض سلامتها للخطر، يجب أيضا أن نكون حذرين تجاه سلامة المجتمع وأن نواجه ما يمكن أن يعرض أمن المجتمع الفكري للخطر.
    قد يكون هذا الكلام صحيحا، لكن شريطة وجود إجماع على تشخيص ما يمكن اعتباره بأنه مضر وخطير على المجتمع. فالأفكار يجب أن تطرح، وإذا حصل إجماع على أن البعض منها يضر بالمجتمع، عندها يجب منعها. وهو أمر شبيه بأنواع الأغذية التي يُعتقد بأنها خطيرة على كل أفراد المجتمع ويجب منع دخولها إلى البلاد. وفي غير هذه الحالة فإن الممارسات التي تعكس وصاية انتقائية على الفكر وسجنا للحرية والتعبير لأن مجموعة من الجماعات الإسلامية تعتقد بضررها وخطورتها على المجتمع لكنها لا تمتلك إجماعا على تلك المضرّة والخطورة، فإن تلك الممارسات لا تعكس إلا استبدادا مشينا.
    إن ما يهدد حرية المجتمع وأمنه واستقراره قبل أي شيئ هو أن تقوم مجموعة من الحركات والتنظيمات والجماعات، التي لا تعكس الإجماع في المجتمع، بفرض إرادتها ووصايتها وشروطها الاستبدادية على حرية الفكر والنشر والتعبير تحت ذريعة المحافظة على عادات المجتمع وسلامته. فلا يمكن لهذه المجموعة أن تصدر قرارات وصائية استبدادية تحدّد شكل الحرية التي يجب أن يسود وما يجب أن ينشر من أفكار وما يجب ألا ينشر.
    إن المفكرين الغربيين في القرون الوسطى حينما طرحوا رؤيتهم حول دوران الأرض وسكون الشمس، تمت معارضتهم على أساس أن تلك الفكرة تخالف وجهة النظر الدينية السائدة في الكنيسة آنذاك، إذ بدلا من نقد تلك الرؤية وصفت بالجرثومة التي تهدد أمن المجتمع ولابد من وأدها. وجميعنا يعلم بأن عملية الوأد لم تأد إلى أي نتيجة، بل إن رؤية غاليليو في هذا الإطار انتشرت على نطاق واسع حتى أصبحت من أهم النظريات العلمية في العصر الحديث. بالتالي فإن التضييق على الأفكار والحريات بطريقة وصائية وإلغائية هي طريقة فاشلة. فمن الخطورة على سلامة المجتمع وحريته واستقراره أن تعتقد مجموعة من الناس بأنها وصيّة على الفكر والحرية، وبأنها هي الوحيدة التي لها حق تحديد الحق من الباطل، وبأنها هي التي تستطيع أن تكتشف مكامن الخلل في طريق الحرية بالمجتمع، أي تعتقد بأنها المطبخ الوحيد الذي يجب أن يصار إليه موضوعات الأفكار ومسائل الحرية، وكأنها تقول بأن الأغذية فاسدة قبل أن تصل إلى جميع المختبرات الخاصة بذلك.
    إن المشكلة الرئيسية تكمن في أن جماعات الإسلام السياسي حينما تمتلك سلطة معينة وقوة خاصة فإنها تمارس سلطتها وهيمنتها ووصايتها على أمور الفكر وقضايا النشر والتعبير، في حين أن تلك الأمور يجب أن تصار إلى المراكز الفكرية الأكاديمية لا إلى قوى الهيمنة في المجتمع. فالصراع العلمي حول الأفكار والحريات هو الذي يجب أن يسود، في حين أن الصراع السياسي يجب أن ينأى عن الدخول إلى هذا المجال. فصراع الأفكار والحريات هو علمي ومكانه بين المتخصصين ووسيلته الرئيسية هي النقد، قبل أن يكون صراعا سياسيا سلطويا وسيلته هيمنة جهة على أخرى. لكن للأسف، نحن لا نسمح للمختبرات العلمية أن تخوض هذا الصراع بل نحيل الأمر إلى صراع القوى الذي نجد صوره في مجلس الأمة وفي لجنة دراسة الظواهر السلبية. ففي المختبرات العلمية يوجد النقد العلمي والصراع الفكري، حتى تنضج الرؤى إما لجهة قبول فكرة ما أو رفضها، في حين أن النصر في القاعات السياسية حول هذا الإطار الفكري العلمي هو دائما للأقوى وللأكثر هيمنة.

    كاتب كويتي

    عندما يصبح الدين أفيون الشعوب
    محمد خلف الرشدان
    [email protected]
    2008 / 6 / 29


    ان فكرة هذه المقولة (الدين افيون الشعوب وزفرة المستضعفين فى الارض) لا تعود لماركس لوحده حيث كانت تستخدم من قبل كبار الفلاسفة امثال ( فيورباخ ) و(كانط) (وهيدجر) (وهيرنش هيد) الذي كتب مقال سنة 1840 وصف فيه الدين بأنه يعمل عمل افيون في تخدير الم الشعوب، لكن عبارة ماركس (الدين افيون الشعوب ) ظهرت في سنة 1844 في مقالة معنونة له في نقده فلسفة الحق الهيجلية.هذه النظرية التي ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. يتخيل البعض ان ماركس يعنى بها مهاجمة الدين والدعوة للالحاد ، ولكن لو استكملنا معا النصف الثانى من العبارة (الدين افيون الشعوب وزفرة المستضعفين فى الارض) لم يكن الافيون فى ذلك الزمن سوى مسكن للالام ، لم يكن يقصد مهاجمة الدين بذاتة ولكن عنى هنا رجال الدين الذين يحرصون على استغلال الدين فى قلوب وعقول الناس لتحقيق مصالح الطبقات البرجوازية المستفيدة من تخدير الشعوب عن حقوقهم المسلوبة . فقط اريد ان أوضح كيف يأفن الدين فى المجتمع لخدمة طبقة معينة ، عندما نشاهد فى التلفاز شيوخ وأئمة يتحدثون للفقراء ويطالبونهم بالصبر والقناعة وعدم النظر الى ما فى يد الغير ويبشرونهم بانهم سيدخلون الجنة قبل الاغنياء ب70 خريفا ، وهم أنفسهم علماءنا هؤلأ الجهابذة ينعمون بحياة رغيدة وعيش كريم ويركبون السيارات الفارهة ويسكنون القصور ويأكلون مما لذ وطاب ولديهم الخدم والحشم وغيرهم يموت أو يستشهد من أجل الحصول على رغيف خبز حاف ، وعندما تناقشهم يجيبونك بأن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ، هم مستفيدون ومعظمهم وصوليون انتهازيون ، مارقون عن دين الله ، فهم يشعرونك أن الأمة بخير وعافية لأنهم مسكونون بأرصدتهم في البنوك ، وهي تزداد كلما أفتوا ، بل كل ما فتحوا أفواههم لأنها تملقا" وتزلفا" ونفاقا" ، فض الله أفواههم وأسكنهم فسيح نيرانه ، فقد أسهموا في خراب الأمة وكان لهم باع طويل في فسادها وافسادها ، وناصروا الحكام الظالمين ووقفوا بأبوابهم أذلاء خانعين رهن إشارتهم في كل ما يطلبون ، المهم رضا الحاكم وليس رضا الله ، قاتلهم الله أنى يؤفكونوعندما نرى ايضا شيوخا" على المحطات الفضائية يشكوا السائلين اليهم جور حكامنا يجيبون منتفخة أوداجهم وجيوبهم ولو جاء هذا الحاكم السفاح على ظهور الدبابات بان الاسلام يامرنا بان لا نخرج على الحاكم الظالم مهما طغى وتجبر ( أنظر ) وحتى لو تقلد السلطة غصبا حتى لا تعم الفوضى وتضيع الاخلاق!ويستندون الى حديث يقول:عاهدنا رسول الله الا ننازع الامر أهله ...!! هكذا وبغض النظر عن صحة او ضعف الحديث فهذا موقف يلفت انتباهنا لشىء هام وهو ان بعض الشيوخ وسدنة الدين تطوع الدين كيفما تشاء ليتلائم مع رغبات الحكام وليس هذا فقط بل وتعمل على ممارسة الدجل المنظم على العامة لتقنعه باوهام سخيفة ومثيرة للشفقة ..وربما اقرب مثال لذلك عندما يخاطبنا احد الدعاة وهو يقول ان سبب ما نحن فية من بلاء هو ان الله غاضب علينا ! وعندما نشاهد غزة تئن تحت القصف الاسرائيلى ونشاهد المدنيين يقبرون تحت انقاض منازلهم وسط تخاذل بل وتشجيع الانظمة العربية لاسرائيل نجد العلماء قد اجهشوا بالبكاء على هذا الواقع المزري ثم يصعقونا بفتوى تثقل كاهل المؤمنين الذين يراودهم حلم الجهاد بان التماثيل حرام ! أو قصة رضاع الكبير المخزية أو قصة جواز شرب بول الرسول والتمسح ببرازه ، أو قضايا السحر والشعوذة والخرافات هكذا تمخض الجبل ثم ولد فأرا هذا ما اتت به قريحة هؤلاء العلماء أصحاب الدنيا والجاه والملايين وعندما نشاهد في التلفاز عشرات المحطات الفاسدة الماجنة المتخصصة بالابتذال وقلة الحياء وافساد الشباب ، لا نجد فتوى صريحة من علماءنا الأشاوس بتحريم مشاهدتها ، ثم العمل على إغلاقها بما لهم من نفوذ وحظوة لدى حكوماتهم ، وعندما نرى بعض المحطات المتخصصة بالسحر والدجل والشعوذة والخرافات والضحك على الذقون يطل علينا منها شيوخ آخر الزمان ونرى أسئلة الناس السخيفة الجاهلة لهؤلأ الشيوخ المزعومين والرد عليها المضحك المبكي ، نقول أننا أصبحنا في قمة الزمن الردئ ، هنا نكون امام مجتمع يلجأ للخرافة ليهرب من الواقع مجتمع يقبل ان يتعايش مع الوهم اى خيال ولكن بعيدا عن الواقع المؤلم وعندما نرى ايضا و نسمع أن المجتمع العربي ينفق مئات الملايين على السحروالشعوذة وجلب المحبة والمال والتفريق بين الناس ، والذين يتعاطون بها الشيوخ ليأكلون مال الناس حراما" وظلما" وزورا فنحن امام أفيون ولكنه ليس مخدرا" فقط *** إنه يذهب العقل ويزهق الروح ويقتل النفس فى سبيل رغبات طبقة معينة تتمتع بكل الثروات والخيرات على حساب الكادحين الذين يفترشون الارض فى صفوف لجلب الدفأ عوضا عن غطاء غير موجود وصوما" عن طعام غيرمتاح وعندما يفكرون فى سبب فقرهم وشقائهم سرعان ما نجد كتيبة الدجل والتخدير( علماء آخر الزمان ) تنصحهم بالصبر للحصول على حور العين واللبن والعسل والسمن والخمر وما يشتهون من اكل وأن الحل هو مزيد من الصبر وان فرج الله قريب! على الجانب الاخر من المجتمع نجد اناس مختلفين تماما لا يأكلون اللحمة آلا ما ندر ويعيشون يومهم على وجبة واحدة ومن لقيمات ربما يأخذونها من حاويات قمامة الأغنياء لتمنع عنهم شبح الموت في حين يتأفف البعض من رداءة نوع الكافيار او المشروبات أو المسكرات غالية الثمن ولان هؤلاء الناس مستفيدين من ذلك الاستغلال وتلك الاوضاع فهم يحرصون على تقريب رجال الدين اليهم (أى دين) لمشاركتهم بعض الامتيازات مقابل خداع وتضليل الجماهير ولهذا لا يجب ان نعجب اذا راينا. تلك الامراض النفسية والافكار السامة التى تبثها تلك الطبقة عن طريق رجال الدين وعبر وسائل الاعلام تسعى لهدف واحد تخدير الجماهير وغفلتهم عن حقوقهم المسلوبة انهم يريدون منا ان لا نفكر لماذا ينعم الالاف بثروات هائلة بينما تموت الملايين من الجوع . ايها الناس الله ليس غاضب علينا فهو رحيم ويحب الخير لعباده ..الله لايريد احد فقيرا لأنه أوجد ثروات تكفى عشرة اضعاف سكان المعمورة ولكن الفقر والجوع والقهر هو نتيجة تحكم قلة من البشر الفاسدين الانتهازيين فى موارد وثروات الشعوب، ان سبب جوعكم وفقركم وقهركم هو طبقة البرجوازيين التى تعمل على استغلالكم باسم الدين ..ارفضوا تعاطى ذلك الافيون.. انفضوا عنكم هذا الدجل ..وقولوا أن علماءنا هم السبب الرئيس في ما وصلنا اليه من حالة الذل والهوان وأن ماركس كان محقا" عندما قال قولته وأنه لم يقصد الدين بذاته وانما قصد طبقة رجال الدين الذين يطوعون الدين حسب رغباتهم الذين يأكلون الدنيا بالدين ، ويرمون الله والشعوب من وراء ظهورهم ، هم علماء السلاطين . قيلت هذه العبارة ((الدين أفيون الشعوب)). بحق أوربا المسيحية عندما عطلت الكنيسة فيها العقل وجمدته، وشكلت طبقة من الإكليروس متميزة، ظهر منها، ما لا يليق بها.. وخاضت صراعاً عنيفاً بين العلم والدين، وقالت للإنسان: ((أطع وأنت أعمى)).. لذلك جابهت العلماء، وحرقت بعضهم ـ وعلى سبيل المثال ـ جعلت القول بكروية الأرض ودورانها جريمة يعاقب عليها بالاعدام.هذه الأحوال المعطلة للعقل، والصادة عن العلم، والواقفة عقبة كأداء في سبيل تقدمه، يحق فيها ما قيل عنها. ((الدين أفيون الشعوب)).أما الدين الذي جعل من تعاليمه تقديس العقل وتكريم العلم والعلماء في أي اختصاص.. فلا ينطبق عليه القول.. الدين أفيون الشعوبإن الدين الذي من تعاليمه: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) البقرة: 111، لا ينطبق عليه القول المذكور.والدين الذي جعل من مبادئه: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) المجادلة: 11. لا ينطبق عليه القول المذكور.إن الدراسة ـ التي عُممت ـ تمت على واقع أوربا في القرنين الماضيين.. فالقول الصحيح: ((الدين ـ في أوربا ـ أفيون الشعوب)).لدينا شواهد وأدلة من إسلامنا، كل واحد منها كاف لرد التعميم القائل: ((الدين أفيون الشعوب)).1 ـ يقول الله عز وجل في محكم التنزيل: (لا خير في كثير من نجواهم إلا مَن أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومَن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً) النساء: 113.دين يجعل المجالس التي ليس فيها إصلاح للمجتمع لا خير فيها، دين ليس أفيوناً، إنه دين المجتمع الفاضل المتكافل المتحاب..2 ـ دين يجعل من مبادئه: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) النجم: 39، دين ينبذ الكسل والتواكل، ويحب السعي والعمل.. استعاذ نبيه (ص) من الجبن والبخل والعجز والكسل..دين يجعل السعي مبدأ، والعمل أساساً.. دين ليس أفيوناً.3 ـ دين يجعل من تعاليمه: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) التوبة: 106، دين يقدس العمل ويأمر به، دين الحركة الدائبة في طلب الرزق الحلال.. ليس أفيوناً.4 ـ دين ورد في دستوره: (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً، فكلي واشربي وقري عيناً) مريم: 24، 25، فدين يعلم أتباعه، ألا تواكل، وأنتم في أضعف حالة من القوة والنشاط، لن يصلكم رزقكم إلا بالعمل، قدموا طاقتكم، وابذلوا ما في وسعكم.. دين حياة، وليس أفيوناً..فالخطاب في الآية الكريمة لمريم، وهي في ساعة الولادة.. ومع ذلك لم يرسل الله لها رزقها دون حركة وعمل.. بل قال لها: (هزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً...) وهذا تعليم للمؤمنين.. ألا رزق بدون سعي فلا رطب بدون هز جذع النخلة.. فدين هذه تعاليمه، هل هو أفيون؟ لا أحسب عاقلاً يقول هذا.5 ـ قال نبي الإنسانية (ص): ((لأن يأخذ أحدكم أحبُله (جمع حبل) ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكُفّ الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)).وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يديه، وإن نبي الله داود (ص) كان يأكل من عمل يده)).قال (ص): ((مَن بات كالاً من عمل يده، بات مغفوراً له)).. ولما رأى عليه الصلاة والسلام صحابياً يده خشنة قال له: ((ما هذا الذي أرى بيدك؟))، فقال الصحابي: من أثر المر والمسحاة، أضربُ وأعمل وأنفق على عيالي.. فسر النبي الكريم، وقدر اليد العاملة فقبلها ـ كما في إحدى الروايات ـ وقال: ((هذه يدُ لا تمسها النار)).فهل دين فيه هذا التقدير من نبيه للعمل والعمال، دين تخدير وأفيون؟ أيقول عاقل هذا؟؟!! علماً أن من صريح تعاليمه: ((إن الله يكره العبد البطال)) و ((إن الله يحب المؤمن المحترف)).6 ـ ورد في الحديث الشريف، ((المؤمن كيس فَطن حذر)) ومعنى المؤمن الكيس: المؤمن العاقل المدرك.. أما المؤمن الفطن: فالمؤمن الذكي النبيه ((ليس بالخب والخب لا يخدعه)).. منتهى اليقظة والتنبه.. فأين التخدير والأفيون؟ الإسلام عقل مدرك، وفطنة وذكاء..7 ـ كان عمر (رض) يرى الرجل فيسأله عن مهنته، فإذا قال لا مهنة لي، سقط من عينه (رض).وكان (رض) يقول: ((لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: أللهم ارزقني، فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة)).ونظر (رض) إلى رجل مظهر للنسك متماوت، فخفقه بالدرة، وقال: لا تُمت علينا ديننا، أماتك الله)).وقال عمر على المنبر: ((مَن أحيا أرضاً ميتة فهي له)).. وكان يشجع الناس على استقطاع الأرض الفلاة، بغية إعمارها.. فأين التخدير والأفيون.. والإسلام عمل وعزة وإعمار..8 ـ قال (ص): ((أللهم بارك لأمتي في بكورها)) فالاسلام نبذ للكسل، وهمة عالية في استقبال نهار جديد، خاصة أن عشرات الآيات الكريمة تحض على استعمال العقل والتفكير واليقظة..9 ـ مَن يقول: (الدين أفيون الشعوب) بحجة عقيدة القدر نقول له كلمات: عقيدة القدر لا تفرض أنت معناها علينا، المنطق يقول: نحن نفهمك ماذا نفهم منها، نحن نشرحها لك، ولست أنت الذي تفسرها بشكل يتناسب مع أهوائك.الإيمان بالقدر.. إتيان بالأسباب على أكمل الوجوه.. ثم توكل على مسبب الأسباب، وإن حدث ما يُسيء المرء وينغص معيشته، فالقدر يُبيد الحادثة المزعجة، ويحفز همته من جديد لاستقبال أيامه المقبلة بيقين الواثق بالفوز، وبأمل جديد يدفعه للمحاولة من جديد..فليست عقيدة القدر معطلة للهمة، باعثة للكسل والتواكل.. لقد كانت عقيدة القدر قوة دافعة إلى الأمام، للجهاد، للفتوح، للاستشهاد..10 ـ وأخيراً.. والأدلة الداحضة كثيرة.. نختتم هذا البحث بقولنا:لقد كانت هذه الأمة في أفيون، في مخدر.. عندما كان بأسها بينها شديد، وعدوها يتربع فوق أرضها في العراق والشام واليمن مخدرة عن عدوها بثاراتها وغزوها.. سكرانة في تفاخر أجوف، وعظمة مفتعلة..فجاءها الموقظ، جاءها المحيي، جاءها المنشط، جاءها الحافز، جاءها المنبه..لقد لامست (الله أكبر) أسماع العرب فأيقظتهم..وجاءت تربية رسول الله (ص) فأحيتهم.. وجعلت حب المعالي هدفاً فتحفّز المارد المسلم.. فإذا جيشه في الصين شرقاً، وفي قلب فرنسا غرباً.فدين يجعل العرب الذين كانوا ضائعين في جزيرتهم يفتحون العالم بعقيدة إخاء ومحبة، إنسانية وعزة.. ليس أفيوناً ـ قولاً واحداً، غير قابل للنقاش ـ .. فلو كان الإسلام أفيوناً لما وصل به المسلمون إلى الصين والهند وأندونيسيا، ولا إلى قلب روسية وكل سيبيرية، ولا إلى ثلثي القارة الإفريقية..ونقول: إن كل عقيدة، ولو أنها ادعت العلمية، وجعلتها شعاراً براقاً، وجعلت من أتباعها نسخاً ((كربونية)) من عقل إنسان يخطئ ويصيب.. بل جعلتهم آلات انعدمت فيهم الروحانية.. يشقون ويتعبون ويحلمون بجنة موعودة، وفردوس منتظر، بينهم وبينها اختلاف في الاتجاه قدره مئة وثمانين درجة. مثل هذه العقيدة، ولو ادعت العلمية، واتهمت غيرها بما اتهمت.. هي أفيون الشعوب.. والمصيبة أكبر عندما نعلم أنها غارقة في مخدراتها ونراها تنطق وهي بهذه الحال، أن غيرها مُخدر،..رحم الله العقاد، عندما اطلع على فكر وفلسفة هؤلاء، ثم كتب كتابه (المذاهب الهدامة أفيون الشعوب)!!؟!
                  

07-02-2008, 06:42 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    من هو العدو الحقيقي للإسلام والمسلمين ؟
    عمرو اسماعيل
    [email protected]
    2008 / 7 / 2


    هل هو رسام الكاريكاتير الدنماركي أو النائب الهولندي صاحب فيلم فتنة ..
    لا ياسادة .. العدو الحقيقي هو من أوحي للرسام الهولندي رسومه وأعطي الحجة لذلك الهولندي أن يوصم الاسلام بالعنف والارهاب ..
    إنه ذلك المتعصب من عينة الشيوخ الذين ابتلينا بهم ويخطبون علي المنابر صراخا معتبرين أن العالم والانسانية كلها في حالة عداء علي الاسلام ..
    أو هؤلاء المتطرفين من جميع المذاهب الاسلامية الذين يملؤون فضاء الانترنت .. ويبثون سموم الحقد والعنف والتطرف .. والتعليقات علي أي مقالات تناقش احوال العالمين العربي والاسلامي في أي موقع يسمح بالتعليق تؤكد ذلك وتسحب البساط من تحت أقدام من يحاول إظهار الوجه الحقيقي للإسلام .. كدين يدعو الي الله بالحكمة والموعظة الحسنة..
    العدو الحقيقي هم هؤلاء الملثمين في العراق ولبنان وفلسطين الذين يمارسون العنف حتي علي أبناء وطنهم و علي الأبرياء من أصحاب الديانات الأخري ويؤكدون يوميا بتصرفاتهم أن الاسلام دين يدعو الي العنف ..
    العدو الحقيقي هم فلول الارهابيين أتباع بن لادن والظواهري فما ارتكبوه من موبقات وجرائم في حق الانسانية .. تحتاج قرونا لإزالة تهمتي الارهاب والعنف عن الاسلام والمسلمين .. والمتعاون معهم في العداء للإسلام والمسلمين هو كل مسلم وشيخ لم يجد الجرأة لإدانه أعمالهم الدنيئة بصراحة ووضوح .. من عينة مهدي عاكف وغيره من إخوان الشياطين وليس المسلمين ..
    العدو الحقيقي للإسلام والمسلمين هم هؤلاء المنفرين من أصحاب اللحي الطويلة والسروايل القصيرة الذين ينتشرون للأسف في شوارع معظم العواصم العربية بل وبعض المدن الغربية يدعون للإسلام بفظاظة وغلظة .. ناسين ومتناسين أن الله قال لرسوله لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك .. يستخدمون العصا لإجبار الناس علي الصلاة أو النساء علي تغطية وجهها .. وينفرون كل من يراهم من الشعوب الأخري في الاسلام والمسلمين ..
    العدو الحقيقي للإسلام والمسلمين هم هؤلاء الشيوخ المتطرفين الذين يظهرون علي الفضائيات ينشرون فتاوي التخلف وفقه الجماع والتبرك ببول النبي والتداوي ببول الإبل .. وهم من ساعدوا علي إعادة انتشار تعدد الزوجات بعد أن كانت ظاهرة علي وشك الأفول في العالم العربي ... وعلي الدعارة الشرعية باسم زواج المتعة والزواج العرفي وزواج المسيار ..
    العدو الحقيقي هم هؤلاء المتطرفين من عصابة ال88 في مجلس الشعب المصري التي تتصدي وترهب باقي الآعضاء في إصدار القوانين التي تحمي حقوق المرأة وحقوق الطفل وتمنع وتجرم ختان الإناث .. وبمنع صدور قانون نقل الأعضاء من المتوفين حديثا .. تلك العصابة التي ابتليت مصر بهم في الثلاثين سنة الأخيرة فرجعت مصر الي الوراء عشرات السنين وزاد الفساد وانحدرت الأخلاق رغم انتشار الحجاب واللحية والسراويل القصيرة ..
    العدو الحقيقي للإسلام والمسلمين هو كل متعصب متطرف يهاجم أتباع الديانات الأخري وينفرهم من الاسلام والمسلمين بدلا من أن يدعوهم اليه ويعرفهم به وبقيمه بحب وحكمة ..
    العدو الحقيقي هو كل من يدعي الجهاد في سبيل الله ويمارس العنف علي الأبرياء .. متناسيا أو نلسيا أنه هناك فرق كبير بين الفدائي freedom fighter
    وبين الارهابي .. الفدائي هو مثل من كان يقاوم الانجليز في قناة السويس أو الصهاينة في سيناء بين 1967 و1973 .. يهاجم الآلة العسكرية للمحتل ويحمي الأبرياء من الطرفين .. الفدائي هو مثل جيفارا في أمريكا اللاتينية ولهذا كسب احترام العالم كله حتي بين من كان يحاربهم ..
    ثم ندعي أن الاسلام هو الدين الأكثر انتشارا في العالم كله ونصدق هذه الكذبه كعادتنا في ممارسة الكذب الذي نقول عن بعضه حلالا ثم نصدقه .. ولا نقول الحقيقة أن عدد المسلمين ينتشر في الغرب لأنه سمح بالهجرة لنا ولعدم تحديد النسل .. وأنه ينتشر في أمريكا مثلا بين المساجين وغيرهم ممن يميلون الي العنف وأي زيارة الي مدينة مثل أوكلاند في كاليفورنيا .. تؤكد هذه الحقيقة .. لا نقول وننسي مثلا ..أن أكثر رجل دين يحظي باحترام العالم الآن .. هو الدلاي لاما .. ذلك الانسان البسيط ..
    بفضل كل هؤلاء الأعداء الحقيقيين للإسلام ... أصبح كل مسلم بسيط مسالم .. متهم بالعنف والارهاب حتي يثبت العكس .. وأصبح الاسلام متهم أنه دين عنف ونحن نعطي الحجة يوميا لمن يقول ذلك ..
    سيعود للإسلام رونقه وقوته وحقيقته عندما نجد رجال دين مسلمين في بساطة الدلاي لاما ..
    أو رجال سياسة مثل مارتن لوثر كينج أو نيلسون مانديلا أو غاندي ..
    أو فلاسفة مسلمين مثل ابن رشد ..
    إن أعداء الاسلام والمسلمين يتزايدون يوميا بين المسلمين .. ويتكاثر مثل الأرانب المتطرفين في العالمين العربي والاسلامي ممن يقمعون كل رأي مختلف بحجة الاسلام .. ويقمعون المرأة ويعودون بها الي عصر الحرملك وماملكت الآيمان مجرد وعاء جنسي لرجال يعانون في الحقيقة من عقدة العجز الجنسي .. نتيجة كذبهم علي أنفسهم وعلي مايجب أن تكون عليه قدرتهم الجنسية نتيجة ما تناقلوه في تراثهم من أكاذيب ..
    الأعداء الحقيقيين للإسلام والمسلمين ليسوا في الفرب أو الشرق .. ولكنهم يعيشون بيننا ويسيطرون علي وسائل الإعلام ومصادر الثروة النفطية .. وتبرعات المساجد والصدقات ..

    عمرو اسماعيل
                  

07-02-2008, 07:09 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    جماعة الاخوان المسلمين و إهانة الاسلام ..
    عمرو اسماعيل
    [email protected]
    2005 / 10 / 29


    عندما تدخل جماعة الاخوان المسلمين معركة انتخابات محلس الشعب رافعة شعار الاسلام هو الحل فهي توجه إهانه الي الاسلام يجب أن يقدم بسببها المرشد العام اعتذاره العلني الي جموع المسلمين ..
    لأنه في اي معركة انتخابية حرة وديمقراطية يكون فيها من حق اي مرشح سواء مستقل أو حزبي أن يثبت أن برنامج اي مرشح أو اي حزب منافس هو برنامج فاشل .. وبالتالي يصبح من حق اي مرشح منافس للأخوان أن يثبت أن الاسلام هو حل فاشل .. علي الاقل سياسيا .. ولا تستطيع جماعة الاخوان أو غيرها ادعاء أنه يهين الاسلام .. فهذه هي قواعد اللعبة الديمقراطية .. والاخوان رضوا أن يدخلوا في لعبة هم ليسوا مقتنعين بها أصلا .. كنوع من أنواع التقية والانتهازية السياسية يعرضون فيها الاسلام للهجوم طالما كان شعارهم الاسلام هو الحل ..
    فمن حق اي مرشح أن يقول ان الاسلام كحل سباسي أثبت فشله الذريع منذ وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم وحتي الآن ..
    منذ أن بدأ الصراع السياسي بين قريش وأهل البيت ..
    منذ أن أجبر سيدنا عمر أهل البيت بمبايعة سيدنا أبو بكر و إلا حرق عليهم بيوتهم ..
    ومنذ أن شن سيدنا أبو بكر حربا لا هوادة فيها علي من رفضوا أعطاءه الزكاة كولي الامر لعدم اعترافهم به .. رغم أننا جميعا كمسلمين الآن ومن ضمننا أعضاء الاخوان أنفسهم نخرج الزكاة كما ارادوا أن يفعلوا .. كل بطريقته ولمن يري أنه أحق بها.. وكانت النتيجة أن قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة ودخل بزوجته في نفس الليلة .. ورفض سيدنا أبو يكر إقامة الحد عليه كما طالب سيدنا عمر لاعتبارات سياسية .. فهل هذا هو الحل الذي يعدنا به الاخوان ..
    والاسلام كحل سياسي لم يساعد المسلمين في تبني وسيلة سلمية لتداول السطة الا القتل غالبا أو الموت علي يد عزرائيل .. فقد قتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين ومعظم حكامنا منذ اربعة عشر قرنا وحتي الآن .. كان عزرائيل هو الوسيلة الوحيدة لتغييرهم .. ونفس الطريقة تتبعها جماعة الاخوان في تغيير مرشدها العام .. الاعتماد التام علي عزرائيل ..
    والمرشد العام ينتخب من قبل أهل الحل والعقد من أعضاء مكتب الارشاد وليس من قواعد الجماعة نفسها .. فلماذا كان صوتهم عاليا بالمطالبة بتغيير مادة الاستفتاء في الدستور .. لم يكن هناك حاجة أصلا حسب مفهومهم وطريقتهم للأستفتاء فمابالك بالانتخاب .. كان كافيا اخنيار أعضاء مجلس الشعب للرئيس .. علي اعتبار أنهم مثل مكتب الارشاد أهل حل وعقد ثم أخذ المبايعة العامة له ..
    ماذا نقول عمن يقول مالا يفعل ويفعل ما لا يقول ..
    والاسلام كحل سياسي لم يمنع صحابة رسول الله وأهل بيته بل وزوجاته في الصراع السياسي علي السلطة والتقاتل فيما بينهم وإراقة دماء الآلاف من المسلمين .. فأيهم نتبع وأيهم نعتبره علي حق وأيهم علي باطل .. وهم جميعا عدول كما يعتبرهم الاخوان .. أي حيرة سياسية واي صراع سياسي يعدنا به الاخوان عندما يرفعون شعار الاسلام هو الحل .. هل هو اسلام سيدنا عثمان أم محمد ابن ابي بكر أم سيدنا علي أم معاوية ابن أبي سفيان ..
    هل هو الحل الذي اعتبر فيه سيدنا عثمان الحكم قميصا يلبسه الله لمن يريد فلا يخلعه الا بعد قتله .. من كان علي صواب في هذا الحل .. القاتل أم المقتول ..
    الاسلام كحل لم يمنع وصول حكام متعطشين للدماء .. لم يتورعوا عن قتل حفيد رسول الله واستباحة مدينته وضرب الكعبة بالمنجنيق ..
    الاسلام كحل سياسي لم يمنع وصول حكام كانوا يقولون .. إني رأيت رؤوسا قد أينعت وحان وقت قطافها .. وهو حل نفذه صدام حسين حديثا بحذافيره وملأ ارض العراق بالمقابر الجماعية ..
    الاسلام كحل سياسي لم يمنع اعتبار الحكام هم كظل الله في الارض يملكون ما فيها ومن فيها بل ومافي جوفها ..
    ويملأون قصورهم بالجواري والاماء بينما الرعية تعاني شظف العيش ..
    والاسلام كحل سياسي ولمدة ثلاثة عشر قرنا جعل المسلمين علي يد الخلافة العثمانية التي يتباكي عليها البعض وخاصة من أتباع الاخوان افقر وأكثر شعوب الارض تخلفا حضاريا واقتصاديا وسياسيا .. حتي انهم لم يتحسن حالهم قليلا الا وللأسف الشديد بعد استعمارهم علي يد أوروبا من نابليون الي بريطانيا ..
    الاسلام كحل سياسي جعلنا مستهلكين وليس منتجين لحضارة الاخرين .
    وارجو الا يكذب الاخوان او يتجملوا كعادتهم .. فكل الاكتشافات العلمية التي اوصلتنا الي مانحن فيه بدات عندما كان الاسلام هو الحل السياسي في جميع بلادنا .. وكانت الشريعة كما يعرفها فقهاء السلطان هي القانون الوحيد المطبق في بلادنا .. من قطع يد السارق (السارق الغلبان وليس النبيل) ورجم الزانية و جلد شارب الخمر .. الي آخره مما يطالب به الاخوان ..
    في هذه الفترة تم اكتشاف كروية الارض والجاذبية والكهرباء والبارود .. بل والصرف الصحي ..
    وهذه الاكتشافات هي اساس كل مانتمتع به الآن من تقدم علمي وتكنولوجي وطبي..
    وكل علماء المسلمين من فلاسفة ومفكرين من ابن سينا الي الرازي الي ابن رشد اعتبرهم فقهاء وأئمة أهل السنة والجماعة زنادقة ومنهم من كفرهم تماما كما فعل ابن تيمية .. فلماذا لا يقولون الحقيقة لعامة المسلمين .. أم ان الكذب واعتباره تجملا وتقية اصبح شيمة من شيمهم .. وهم من يدعون تمثيل الاسلام .. فيوجهون اكبر اتهام وإهانة للإسلام .. باعتباره يبيح الكذب .. والتجمل السياسي .
    الاسلام كحل سياسي لا يعترف بالمرأة كمواطن له حقوق كاملة .. سياسية واجتماعية .. مهما حاول الاخوان تجميل الصورة .. هل بقبلون بولايتها العامة كحاكمة ووزيرة وقاضية .. أن وافقوا فهم غير صادقين لأن هذا يتعارض مع ما هو معلوم من الدين بالضرورة .. المقولة التي يفضلونها .. وإن قالوا الحقيقة فهم ضد اساس الدولة المدنية واحكام الدستور والقانون ويثيرون قطاعا كبيرا ضدهم .. وهم هنا يمارسون الكذب مرة أخري ..
    والاسلام كحل سياسي لا يعترف بغير المسلم كمواطن له حقوق كاملة .. فالاسلام لا يعترف بحق غير المسلم في تولي المناصب الهامة من ولابة عامة وقضاء ووزارات ذات سيادة .. ومن لايتمتع بهذه الحقوق هو مواطن من الدرجة الثانية مهما قال أعضاء الاخوان .. وهم ان لم يفصحوا علنا عما هو معلوم من الدين بالضرورة كما يقولون .. فهم يكذبون مرة أخري ويوجهون إهانة للإسلام والديمقراطية في نفس الوقت ..
    والاسلام كحل سياسي يمنع كل صور الفن التي نعرفها الآن من غناء وسينما وتمثيل .. قلماذا لايطالبون بمنعها ..
    والاسلام كحل سياسي أيد تطبيق حد الردة علي مفكر عظيم كنجيب محفوظ علي يد شاب مهووس متأثر بأفكار جماعة الاخوان ..وايد قتل فرج فودة لنفس السبب .. فهل هذا هو ما يعدنا به الاخوان ..
    والاسلام كحل سياسي يمنع المرأة من السفور ويفرض عليها الحجاب .. فمابالك بزوجة رئيس الجمهورية والسيدة الاولي .. هل هم موافقين علي رئيس زوجته سافرة .. أتمني ان يكون عندهم الشجاعة ليقولوا رأيهم بصراحة عن ذلك في برنامجهم الانتخابي ...
    الاسلام كحل سياسي لا يوافق علي ان تكون شرعية الحكم مستمدة من الامة وصناديق الانتخاب .. وإن قالوا ذلك وشاركوا في الانتخابات فهي تقية سياسية .. ووسيلة تبررها الغاية ..

    أن كل الذي سبق هو قليل من كثير ممكن أن يقوله أي منافس للأخوان .. وإن قاله علنا فسنجد اتهامات إهانة الاسلام مسلطة علي أم رأسه لأن ذلك هو مايريدون .. ابتزاز المرشحين والمنافسين بشعار لا يستطيع أحد توجيه نقد له ولا يستطيع الهجوم عليه .. رغم أن من يهين الاسلام فعلا هم الأخوان ومرشدهم العامة عندما جعلوه شعارا انتخابيا ينطبق عليه ما ينطبق علي اي شعار دنيوي آخر من الهجوم والتفنيد .. فهل هذا مايريده الاخوان .. ألا يجب أن يقدموا اعتذارهم للمسلمين جميعا علي ما سيلحقونه بالاسلام من ضرر في هذه المعركة الانتخابية ..
    أني اربأ بالحكومة والرئاسة أن تشارك في هذه المهزلة وهذه الاساءة للاسلام والدين اي دين .. ان هي سمحت باستخدام مثل هذه الشعارات في المعركة الانتخابية .. وان سمحت بجماعة محظورة وحزب ديني أن يشارك في الانتخابات بصورة علنية وتحت الاسم الرسمي للإخوان وباستخدام شعاراتهم ..
    وهي ان فعلت ذلك لاسباب سياسية انتهازية .. فهي تخالف القانون والدستور وتشارك جماعة الاخوان الحاق الضرر بالاسلام وإهانته .. ويجب ان تشاركهم الاعتذار الرسمي لجموع المسلمين مما يلحقوه من ضرر بالاسلام ....
    إن الاخوان بممارستهم الكذب والخداع والانهازية السياسية في معركة انتخابات مجلس الشعب ويفعلون ذلك وهم يرفعون شعار الاسلام هو الحل ويدعون انهم يمثلونه .. فهم يلحقوق أكبر الضرر والإهانة بالاسلام والاديان جميعها .. فهل هذا ما يسعون اليه ؟


    الخوارج .. ما أشبه اليوم بالبارحة
    عمرو اسماعيل
    [email protected]
    2005 / 8 / 11


    هذا الجزء هو من باب أخبار الخوارج في كتاب العقد الفريد دون تدخل مني .. وهو يصف حالة قد تبدو بلغتها وأسماء أبطالها مختلفة قليلا عما نحن فيه الآن .. ولكن الجوهر واحد لو تمعنا النظر قليلا .. فلنقرأ معا :
    " لما خرجت الخوارجُ عَلَى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكانوا من أصحابه وكان مِن أمر الحَكمين ما كان واختِداع عمرو لأبي مُوسى ‏"‏ الأشعريّ ‏"‏ قالوا‏:‏ لا حُكْم إلا للهّ‏.‏
    فلما سمع عليٌ رضي اللهّ عنه نِداءهم قال‏:‏ كلمة حق يراد بها باطل وإنما مَذْهبهم أن لا يكون أمير ولا بُدَ من أمير بَرًّا كان أو فاجرًا‏.‏
    وقالوا لعليّ‏:‏ شككتَ في أمرك وحكَّمت عدوّك في نَفْسك‏.‏
    وخرجوا إلى حَرُوراء وخرج إليهم عليٌّ رضي الله عنه فخَطَبهم متوكِّئاً على قوْسه وقال‏:‏ هذا مَقام مَن أفلح فيه أَفلح يومَ القيامة أنْشُدكم اللهّ هل عَلِمتم أنّ أحداً كان أكرَه للحكومة منِّي قالوا‏:‏ اللهم لا ‏"‏ قال‏:‏ أفعلتم أنكم أكرهتموني عليها حتِى قبِلْتُها قالوا‏:‏ اللهم نعم ‏"‏ قال‏:‏ فعلامَ خالفتُموني ونابذتموني قالوا‏:‏ إنَّا أتينا ذنباَ عظيما فتُبْنا إلى اللهّ منه فتُب إلى اللهّ منه واْستغفره نُعدْ إليك‏.‏
    فقال عليٌ‏:‏ إني أستغفر الله من كلّ ذنب فرَجَعوا معه وهم في ستّة آلاف‏.‏
    فلما استقرُّوا بالكوفة أشاعُوا أن عليَاً رَجع عن التحكيم وتاب منه ورآه ضلالاً‏.‏
    فأتى الأشعثُ بن قيس عليَاً رضي اللهّ عنه فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إنّ الناس قد تحدثوا أنك رأيتَ الحكومة ضلالاً والإقامة عليها كُفْراً وتُبْت‏.‏
    فخطب عليٌ الناس فقال‏:‏ مَن زَعم أني رجعتُ عن الحكومة فقد كذَب ومَن رآها ضلالاً فهو أضلّ منها‏.‏
    فخرجت الخوارج من المسجد فحكّمت فقيل لعليّ‏:‏ إنهم خارجون ‏"‏ عليك ‏"‏ فقال‏:‏ لا أقاتلهم حتى يقاتلوني وسيَفعلون‏.‏
    فوَجّه إليهمٍ عبدَ الله بن العبّاس فلما سار إليهم رحَّبوا به وأكرموه فرأى لهم جباهًا قَرِحة لطول السجود وأيديًا كثَفِنات الإبل وعليهم قمُص مُرْحَضة وهم مُشمِّرُون فقالوا‏:‏ ما جاء بك يا بن عبّاس قال‏:‏ جِئتكم من عند صِهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه وأَعْلمنا برّبه وسنة نبيّه ومن عند المهاجرين والأنصار فقالوا‏:‏ إنا أتينا عظيماَ حين حَكّمنا الرجالَ في دين اللّه فإن تاب كما تُبْنا ونهض لمًجَاهدة عدوّنا رَجعنا‏.‏
    فقال ابن عبّاس‏:‏ نَشدتكم الله إلا ما صَدَقتم أنفسَكم أمَا عَلمتم أنَّ الله أمر بتَحْكيم الرِّجال في أَرْنب تُساوي رُبع درْهم تًصَاد في الحَرَم وفي شِقاق رجل وامرأته فقالوا‏:‏ اللهم نعم قال‏:‏ فأنشُدكم اللّه هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمْسك عن القِتال للهُدنة بينه وبين أهل الحُدَيبية قالوا‏:‏ نعم ولكن عليًّا مَحا نفسَه من خِلافة المسلمين قال ابن عبّاس‏:‏ ليس ذلك يُزِيلها عنه وقد مَحا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ اسمه ‏"‏ من النبوَّة وقال سُهَيل بن عمرو‏:‏ لو عَلمتُ أنك رسول الله ما حاربتُك فقال للكاتب‏:‏ اكتُب‏:‏ محمد بن عبد الله‏.‏
    وقد أخذ على الحَكَمين أن لا يَجُورا ‏"‏ وإِن يَجُورا ‏"‏ فعليٌّ أوْلى من مُعاوية وغيره قالوا‏:‏ إنّ مُعاويةَ يدَّعي مثلَ دعوى عليّ قال فأيُّهما رأيتُموه أوْلى فولُوه قالوا‏:‏ صدقتَ‏.‏
    قال ابن عباس‏:‏ ومتى جار الحَكَمان فلا طاعة لهما ولا قَبُول لقولهما‏.‏
    فاتَّبعه منهم ألفان وبَقي أربعة آلاف‏.‏
    فصلّى بهم صلاتَهُم ابن الكَوّاء وقال‏:‏ متى كانت حرب فرئيسُكم شَبَث بن رِبْعِيّ الرِّياحي‏.‏
    فلم يَزالوا على ذلك حتى أجْمعوا على البَيعة لعَبد الله بن وَهْب الرَّاسبيّ فخرج بهم إلى النَّهروان فأوْقع بهم عليّ فقَتل منهم ألفين وثمانمائة وكان عددُهم ستةَ آلاف وكان منهم بالكوفة زُهاء ألفين ممن يُسِرّ أمره فخرج منهم رجلٌ بعد أن قال عليٌّ رضي اللهّ عنه‏:‏ ارجعوا وادفعوا إلينا قاتلَ عبد الله بن خَبّاب قالوا‏:‏ كلّنا قَتله وشرك في دَمه وذلك أنهمٍ لما خرجوا إلى النَّهْروان لقُوا مُسْلمًا ونَصرانيا فقتلوا المُسْلم وأوْصَو‏!‏ بالنصرانيّ خَيرا وقالوا‏:‏ احفظًوا ذمّة نبيّكم‏.‏
    ولقُوا عبدَ الله بن خبّاب وفي عُنقه المُصحف ومعه امرأته وهي حامل فقالوا‏:‏ إنّ هذا الذي في عنقك يأمرنا بقَتلك فقال لهم‏:‏ أحْيوا ما أحْيا القُرآن وأميتوا ما أمات القرآن قالوا‏:‏ حَدِّثنا عن أبيك قال‏:‏ حدَّثني أبي قال‏:‏ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ تكون فتنة يموت فيها قلبُ الرجل كما يموت بدنه يمسى مؤمناً ويُصبح كافرًا فكُن عبدَ اللهّ المقتول ولا تكن عبدَ اللهّ القاتلَ قالوا‏:‏ فما تَقول في أبي بكر وعمر فأثنى خيراً ‏"‏ قالوا‏:‏ فما تقول في عليّ قبل التحكيم وفي عثمان فأثنى خيراً ‏"‏ قالوا‏:‏ فما تقول في الحكومة والتحكيم قال‏:‏ أقول‏:‏ إنَّ عليًّا أعلمُ بكتاب اللهّ منكم وأشد تَوقِّيا على دينه وأبعد بصيرةً قالوا‏:‏ إنك لستَ تتَّيع الهدى بل الرجالَ على أسمائها ثم قَرَّبوه إلى شاطئ البَحر فذَبحوه فا مذَقَرَّ دمُه أي جَرى مستقيماً على دقة وسامُوا رجلاً نَصْرانيا بنَخْلة فقال‏:‏ هي لكم هِبَة قالوا‏:‏ ما كُنَّا نأخذها إلا بثَمن فقال‏:‏ ما أَعجبَ هذا‏!‏ أتقتلون مثلَ عبد الله بن خبّاب ولا تَقبلون منا ‏"‏ جنَى ‏"‏ نخْلة إلا بثَمن ..."
    هذا هو سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتراثه الذي نسينا منه الكثير .. ورايه أن البشر باستعمال عقولهم هم من يقيمون الحكومة .. مستلهمين المباديء العظيمة من الاسلام والقرآن .. العدل والمساواة والتسامح ولكنهم يحكمون أنفسهم بالأتفاق والمصلحة والتحاكم .. ورأيه أن شعار لا حكم ألا لله .. أنما كلمة حق يراد بها باطل .. فالناس هم من يحكمون أنفسهم في الارض مستلهمين مباديء الأديان التي من عند الله نعم ولكنهم يجب ألا يصبحوا عبيدا لتفاسير خاطئة استعملت نفس منطق الخوارج ..
    وهؤلاء هم الخوارج الآن كما في الماضي يرفعون نفس الشعار عن فهم خاطيء ويهدرون دماء الجميع مسلمين قبل غيرهم بحجة أنهم حماة الدين وتحت نفس الشعار" لاحكم ألا لله" .. كلمة حق يراد بها باطل ..
    هؤلاء هم الخوارج الذين أذاقوا العذاب للشعب الأفغاني فطاردهم هذا الشعب الي جبال وكهوف تورا بورا خلاصا منهم ولكن لأنهم يبتزون مشاعر المسلمين بهذا الشعار ويبتزونه بقضية فلسطين التي لم يفيدونها في أي شيء مازالوا يمارسون غيهم واستهانتهم بأرواح الأبرياء من المسلمين هناك في أفغانستان وفي العراق وفي الرياض وطابا وشرم الشيخ .. ويستهينون بالأنسانية بأهدارهم أرواح الأبرياء في مدريد ولندن ..
    هؤلاء هم الخوارج الذين يعيشون مثل الطفيليات دون عمل كما كان يفعل عمر بكري وغيره في لندن علي مايدفعه دافعي الضرائب في بريطانيا ثم يفتي بقتلهم .. هؤلاء هم الخوارج الذي كانوا يسخدمون أموال الصدقات و التبرعاب لشعوب المسلمين في صنع القنابل والسيارات المفخخة وخطف الطائرات عبر مؤسسات مالية مشبوهة .. بدلا من أن تذهب هذه الأموال لإطعام جياع المسلمين وعلاج مرضاهم ..
    هؤلاء هم الخوارج الذين نجحوا في استعداء العالم كله علي المسلمين والإسلام ونغصوا عيشة المسلمين في الغرب حيث كانوا يتمتعون بحريتهم الدينية كاملة بصرف النظر عن كونهم شيعة أو سنة .. وحرية أقامة شعائرهم الدينية بصرف النظر عن مذهبهم .. تلك الحرية التي يفتقدونها في كل البلاد العربية .. هؤلاء هم الخوارج الذين يضرون بالإسلام أكبر الضرر لأنهم يجبرون الجميع بعد فشل اسئصالهم أمنيا.. نتيجة احتمائهم الإنسان رخيص وأخذهم دروعا بشريا من المدنيين.. علي العلاج الآخر وهو تجفيف الينابيع .. ينابيع الدين الإسلامي العظيم الذي هو منهم ومن أفكارهم براء .. لقد وصلوا بالجميع ألي عدم القدرة علي التفريق بينهم وبين المسلم المسالم المتسامح الذي يريد أن يقيم شعائره بحرية ولا يمنع الآخرين من نفس الحق ويأكل ويطعم أولاده من عمل يدية بينما هم يعيشون كالطفيليات علي ناتج عمله ..
    هؤلاء هم الخوارج الذين قتلوا سيدنا علي بن أبي طالب وأوغلوا في دماء المسلمين قديما ومازالوا يفعلون ذلك حتي اليوم وبنفس الحجة ونفس المنطق المريض .. منطق تكفير كل من يخالفهم الراي في تفسير الدين والإسلام بعقولهم القاصرة المعفرة بالغبار والتراب .. اللهم انقذنا منهم
    وماأشبه اليوم بالبارحة ...


    وهم اسمه الحرب علي الاسلام ..
    عمرو اسماعيل
    [email protected]
    2006 / 6 / 4


    تحاول جماعات الاسلام السياسي أن تنشر بين المواطنين في كافة الدول العربية والاسلامية الاعتقاد أن هناك حربا علي الاسلام تقودها الحكومات الغربية ويعاونها في ذلك الحكومات المحلية وبعض النخب الثقافية هؤلاء الذين تسميهم تلك الجماعات عملاء التغريب لمجرد أنهم يطالبون بالديمقراطية وتقوية دعائم الدولة المدنية .. دولة القانون والمواطنة ..
    فهل هناك فعلا حربا ضد الاسلام كدين .. أم أنه مجرد وهم تحاول تلك الجماعات نشره وتحويله الي حقيقة بين الجماهير لكي تستطيع السيطرة علي الجماهير من خلال استثارة غريزة الدفاع عن الدين والوطن وتوجيه هذه الغريزة نحو كل من يتصدي لمخططات هذه الجماعات للسيطرة علي مقدرات الحكم و تحويل بلادنا الي أسوأ أنواع الاستبداد .. الاستبداد الذي يدعي التحدث باسم الله والدين .. ذلك الاستبداد الذي نجح العالم في القضاء عليه منذ قرنين أو أكثر .. ولا يختلف الحال إن كان هذا الاستبداد باسم الدين المسيحي أو الاسلامي .. نجح الانسان الغربي في القضاء علي كهنوتية الكنيسة وتبني نظم حكم ديمقراطية فاستطاع أن يقود الانسانية الي كل التقدم الذي تعيشه الآن ..
    ونجح الانسان الشرقي في القضاء علي نظم الحكم الدينية المتمثلة أساسا في دولة الخلافة العثمانية .. ولكنه للأسف لم يستطيع أن يتبني نظم حكم ديقراطية لأن النخبة في هذه البلاد تشارك العامة في وهم اسمه الديكتاتور العادل ..
    فهل هناك فعلا حربا عالمية ضد الاسلام تقودها الدول الغربية ؟..
    دعنا ننظر الي الأمر من منظور الواقع علي الأرض لنعرف الحقيقة ..
    في الخمسين عامة الأخيرة تزايد أعداد المهاجرين الي الدول الغربية من الشرق الاوسط وأفريقيا وأغلب هؤلاء المهاجرين هم من المسلمين .. فهل حرمتهم هذه الدول من حرية الاعتقاد وحرية إقامة شعائر دينهم (الاسلام) بل والدعوة الي هذه الدين ..
    سنأخذ الولايات المتحدة والتي تتهمها جماعات الاسلام السياسي أنها من تقود الحرب ضد الاسلام مثالا .. ولنري معا بعض الاحصائيات عن عدد المسلمين فيها وعدد المساجد ومراكز الدعوة والمدارس الاسلامية .. لنري إن كانت الدولة هناك تشن حربا ضد الاسلام كدين ..
    فهناك حسب إحصائيات عام 1991 ما يقرب من حمسة ملايين مسلم أمريكي وعدد مراكز الدعوة الاسلامية والمساجد 843 أي أن لكل خمسة ألاف مسلم أو أكثر قليلا مسجدا أو مركز دعوة اسلامي يتمتع بحرية كاملة و كثير من هذه المراكز كانت تديرها أكثر المذاهب الاسلامية تشددا .. دون أن يمنعها أحد أو يتدخل قبل 11 سبتمبر 2001 فيما تنشره من افكار بين روادها .. كما أن هناك 426 تجمع اسلامي و165 مدرسة إسلامية منها 92 مدرسة بدوام كامل .. لم تمنع الولايات المتحدة المسلمين فيها من الدعوة الي الاسلام حتي المذاهب المتشددة فيه عبر الدعوة المباشرة والمطبوعات ووسائل الاعلام .. ولم تمنع أو تضع اي قيود علي تحول أي مواطن أمريكي الي الاسلام وقد لا تعرف ذلك من الاساس .. فدين اي مواطن امريكي ليس موثقا في أي وثيقة رسمية وهذه الاحصائيات مصدرها في الاساس المراكز الاسلامية في الولايات المتحدة ..
    وأنا أعرف علي المستوي الشخصي العديد من الأمريكان البيض الذين تحولوا الي الاسلام دون أن يؤثر ذلك علي حياتهم الشخصية في العمل أو العلاقات الاجتماعية .. والمواطن الأمريكي المسلم يتمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها أي مواطن أمريكي آخر من أي دين يكفلها له القانون .. وهناك العديد من المسلمين الأمريكان الذين وصلوا الي أعلي الدرجات العلمية والمهنية .. ولم يمثل الاسلام بل والتزامهم التام بتعاليمه أي عقبة في ذلك .. وما حدث في الولايات المتحدة حدث في كل الدول الغربية بلا استثناء .. وبريطانيا علي سبيل المثال كانت الملاذ الآمن لأشد جماعات الاسلام السياسي تشددا هربا من حكوماتها في الدول العربية والاسلامية .. ونجحت تلك الجماعات في أن تنشر أفكارها بين الشباب المسلم هناك حتي استفاق المجنمع البريطاني علي تفجيرات مترو الأنفاق .. مثلما استفاق المجتمع الأمريكي علي غزوتي نيويورك وواشنطن كما يسميهما بن لادن .. وحتي تلك التفجيرات ورغم كل ما يروجه أنصار الاسلام السياسي من إشاعات لم تؤثر علي المسلم الأمريكي أو البريطاني وعلي حقوقه القانونية وحريته في إقامة شعائره الدينية طالما يحترم القانون ولا يمارس العنف أو يحرض عليه ..
    الاسلام وبعد الاعلان العالمي لحقوق الانسان وتزايد موجات الهجرة الي الغرب والشرق حظي بأكبر فرصة في تاريخه أن ينتشر وأن يدعو أتباعه اليه عبر مراكز الدعوة في كل بقاع الارض .. فهل استفدنا من هذه الفرصة .. هل نجحنا في الدعوة الي الاسلام بقيمه الحقيقية وبطريقة سلمية وهادئة .. للأسف وعبر تطرف قلة من المسلمين .. نجحنا في أن نظهر الاسلام كدين تعصب وعنف .. نجح بن لادن ورفاقه ومشجعيه من شيوخ التطرف .. في القضاء علي مجهود الملايين من المسلمين المعتدلين في الغرب والذين عبر العمل واحترام القانون في البلاد التي هاجروا اليها وعبر التمسك والالتزام بقيم الاسلام المعتدل والوسطي في نفس الوقت نجحوا في أن يكونوا قدوة حسنة ونموذجا جيدا للمسلم والاسلام ..
    كما نجحت الدول الاسلامية والعربية عبر نظم الحكم المستبدة والفاسدة فيها أن تضرب نموذجا غير حضاري وغير واقعي للإسلام .. عبر تحويل شعوبها ومجتمعاتها الي نموذج طقوسي للإسلام ... نموذج يتمسك بالمظهر دون الجوهر ..و يشارك في الحضارة الإنسانية كمستهلك وليس منتج ..
    هل يعفي هذا الولايات المتحدة أو الغرب عموما من المسئوليه عن أخطاءه السياسة الخارجية والغبية في نفس الوقت .. والتي أدت الي تفاقم المشكلة الفلسطينية .. وجعلها الشماعة التي تعلق عليها كل جماعات الاسلام السياسي وجناحها العسكري الارهابي كل ما تفعله من أعمال عنف وإرهاب .. تقاعس الغرب عموما عن حل المشكلة الفلسطينية حلا عادلا ودائما في غباء سياسي نادر هو ما يعطي الفرصة لكل جماعات الاسلام السياسي أن تتلاعب بمشاعر الجماهير ويعطي الفرصة لإرهابي مثل بن لادن أن يظهر كبطل بين الشعوب العربية والاسلامية .. إن بن لادن وصدام حسين هم من أعطوا الفرصة الذهبية للإدارة الأمريكية الحالية الحالية عبر تصرفاتهم السياسية الارهابية والغبية للتدخل عسكريا في المنطقة لتفرض مصالحها السياسية والاقتصادية .. وليس الدينية .. فالدين أي دين ليس في بال هذه الإدارة .. ولكن المصالح السياسية والاقتصادية .. وضمان تدفق النفط شريان الحياة للحضارة الصناعية والتكنولوجية للعالم الآن ..
    هل كان من الممكن أن تدخل القوات العسكرية الأمريكية والغربية المنطقة لولا غباء صدام حسين وغزوه للكويت ..
    هل كان من الممكن أن تشن الولايات المتحدة حربها ضد الارهاب وترسل قواتها العسكرية الي أفغانستان لولا مافعله بن لادن و جماعته القاعدة في 11 سبتمبر ..
    الموضوع ليس حربا ضد الاسلام ولكنه صراع المصالح الاقتصادية و السياسية ..
    لقد نجحت اسرائيل أن تقنع الحكومات والشعوب الغربية أنها من تحمي مصالح هذه الدول في الشرق الأوسط .. ونجحنا نحن تماما في مساعدة اسرائيل في ذلك .. عبر حكومات ديكتاتورية لا يهمها في الحقيقة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني .. بل يهمها أن تبقي هذه القضية حجة وذريعه تستغلها في السيطرة علي مقدرات شعوبها وثروات هذه الشعوب .. وعبر دعاية سياسية تمارسها جماعات الاسلام السياسي وجناحها العسكري الارهابي المتمثل في القاعدة وفروعها المنتشرة في الدول العربية والعالم وتستغل بها القضية الفلسطينية دون أن تفعل أي شيء مفيد لحل هذه القضية .. هذه الجماعات من مصلحتها أن تظل هذه القضية مشتعلة وأن يظل الشعب الفلسطيني يعاني .. حتي يمكنها استغلال قضيته للوثوب الي الحكم كبديل ديكتاتوري للنظم الديكتاتورية الحالية ..
    الحقيقة تقول أنه لا توجد أي حرب ضد الاسلام ..
    ولكن توجد حربا بين أصوليات ثلاث للسيطرة علي منطقة تمثل شريان الحياة للحضارة الصناعية الحالية .. الأصولية الصهيونية في اسرائيل والأصولية السياسية التي يمثلها المحافظون الجدد في الولايات المتحدة والأصولية الاسلامية التي تمثلها جماعات الاسلام السياسي بجناحيها السياسي والعسكري ..
    وأكثر من يعاني نتيجة صراع الأصوليات هذه في العالم الآن هو الشعب الفلسطيني و الشعب العراقي .. ثم تأتي بعدهما باقي شعوب المنطقة التي ترزح تحت نير الديكتاتورية ومرشحة أن ترزح تحت نير ديكتاتورية أشد استبدادا وعنفا ..
    والحل .. هل هناك حلا .. بالتأكيد هناك حل وهو أن تقف الانسانية كلها وأحرارها ضد هذه الأصوليات الثلاث .. وأن نتخلص من وهم اسمه الحرب ضد الاسلام و صراع الحضارات والأديان .. لأن الصراع الوحيد هو صراع علي المصالح الاقتصادية والسياسية بين أصوليات تستخدم الدين كوسيلة وليس غاية للسيطرة علي مقدرات منطقة هي شريان الحياة للحضارة الحالية .. الغرب يريد ضمان تدفق النفط ومستعد أن يدفع فاتورة هذا التدفق مالا أو حربا واحتلالا .. والجماعات الأصولية تريد الحكم ومستعدة أن تدفع الفاتورة عبر عدم الاستقرار في المنطقة وما تمارسه من إرهاب ودعاية من قبيل الحرب العالمية ضد الاسلامية .. واسرائيل تستغل اخطاء الجميع وتنفخ فيها لتحقق أجندتها في الحل المنفرد للقضية الفلسطينية .. المستفيد الوحيد هي اسرائيل .. والضحية الوحيدة هي الشعوب العربية وعلي راسها الشعب الفلسطيني ..
    لابد أن نتخلص من الأوهام .. وأهمها أنه هناك حربا ضد الاسلام كدين ..
    ونعرف أن الطريق الوحيد للحصول علي حقوقنا .. أن نكون دولا ديمقراطية حقا .. وأن نضغط شعوبا وحكومات لحل القضية الفلسطينية .. حلا نهائيا وعادلا .. يقوم علي أساس قيام دولتين كما تنص الشرعية الدولية .. باستخدام الأسلحة الاقتصادية والسياسية التي نملكها و لا نعرف قيمتها .. لنسحب البساط من تحت الأصوليات التي تقود المنطقة و العالم الي مآسي ومعاناة للشعوب والإنسان البسيط في كل مكان ..
    هل هناك أمل أن تنتصر الإنسانية .. وتتحقق الديمقراطية .. ليس فقط في كل دولة علي حدة .. ولكن ايضا في المنظومة الدولية .. قد تكون أحلاما أو اوهاما .. ولكني أري أن هناك أملا لأن الوضع العالمي الآن يشبه الي حد كبير الوضع بعد الحرب العالمية الثانية و ما عانته الشعوب منها .. وادي الي تكاتف الجميع في أن تقوم الأمم المتحدة ويدشن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .. لقد آن الأوان أن تكمل الإنسانية ما بدأته في نهاية الأربعينات من القرن الماضي .. حل القضايا العالقة حلا سياسيا وعادلا وتفعيل الاعلان العالمي لحقوق الانسان ليكون قانونا عالميا ويتم دمقرطة الأمم المتحدة نفسها ويكون لها آليات لفرض وتنفيذ هذا القانون العالمي وحفظ حقوق الإنسان في كل مكان .. وأن تتخلص تماما من سيطرة قطب واحد أو قطبين .. وتصبح قولا وفعلا برلمان العالم ..
                  

07-02-2008, 07:31 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    التسامح في الإسلام.. على طريقة الحكومة السودانية!!


    عبدالخالق حسين
    [email protected]
    2007 / 12 / 2


    تطرقتُ قبل عام إلى موضع التسامح في الإسلام في مقالة من ثلاث حلقات بعنوان (هل الإسلام دين التسامح؟) نشرتها على عدد من مواقع الانترنت، وأعود اليوم إلى هذا الموضوع ثانية بعد الزوبعة التي أثيرت في السودان ضد مدرسة بريطانية تدرِّس في مدرسة في الخرطوم على أثر تسمية دمية باسم محمد من قبل طلابها.

    موضوع التسامح أو اللاتسامح الديني لدى المسلمين نال اهتماماً واسعاً وخاصة في الغرب وذلك لما يحصل من ردود أفعال هستيرية خارجة عن السياق من قبل المسلمين، غريبة على فهم الغربيين، ضد بعض الأمور حتى لو كانت تافهة. ومن مظاهر التسامح الذي يدعيه المسلمون، ما أن نتطرق إلى موضوع التسامح في الإسلام وننتقد سلوك بعض المسلمين، حتى وينبري البعض بالصراخ ضدنا، معتبرين أي نقد لهم في هذا المضمار، هو نقد موجه للإسلام وإهانة له، مدعين أن الإسلام هو دين التسامح والرحمة وأن المسلمين تعايشوا مع أتباع مختلف الأديان والمذاهب بسلام ودون أية مشكلة، وأن موضوع التسامح في الإسلام لا يقبل الشك ولا حتى المناقشة، وقد بلغ الأمر حداً أننا حتى ولو انتقدنا سلوكاً خاطئاً من قبل بعض المسلمين، أو رئيس دولة إسلامية، حتى واعتبروا نقدناً هذا موجهاً ضد الإسلام ونوع من الكفر والإلحاد والعياذ بالله.

    على أي حال، لا نريد هنا أن نلقي اللوم على الإسلام كدين فيما يحصل من عنف من قبل المسلمين ضد غير المسلمين، رغم أن المتشددين يعتمدون على النصوص المقدسة في تبرير عنفهم، ولكن بالتأكيد فإن رد فعل المسلمين إزاء أبسط الأمور التي تخص دينهم يكون عنيفاً وخارج عن السياق، الأمر الذي يكون مردوده معكوساً عليهم وعلى دينهم. وهذا السلوك العنيف جعل العالم من غير المسلمين في حيرة من أمرهم في كيفية التعامل مع المسلمين. فقد شاهدنا ردود الأفعال الهستيرية ضد صور الكاريكاتيرية التي نشرت في إحدى الصحف الدانيماركية قبل عامين، وضد محاضرة البابا بنديكت السادس عشر قبل عام، والآن حصل في الخرطوم ضد مدرسة بريطانية.

    ولتوضيح الصورة لما حصل في السودان، ننقل القصة بإيجاز شديد وكما وردتها وكالات الأنباء، ومفادها أن مدرِّسة بريطانية تدعى جيليان غيبنز (Jillian Gibbons) اقترحت على تلامذتها إطلاق اسم على دمية كانت في الصف. وبعد مناقشات بين التلاميذ، اقترح أحدهم إطلاق اسمه والذي صادف أن يكون محمداً. وتم التصويت وفاز الاقتراح بالأكثرية، فأطلق اسم التلميذ محمد على الدمية. ومن هنا نعرف أن النبي محمد لم يكن المقصود بالتسمية، بل هو اسم التلميذ، كما ولم يكن للمدرِّسة الإنكليزية دور في هذه العملية سوى إدارة النقاش في الصف وتعويد تلامذتها على الحوار الديمقراطي في بلد لم يعر أي اهتمام للديمقراطية.

    أثيرت الزوبعة بعد أن أوصل بعض التلاميذ الخبر إلى ذويهم، وهؤلاء بدورهم فسروا الأمر بأن القصد من تسمية دمية بمحمد هو إهانة للنبي وللإسلام، فهاجو وماجوا وقدموا شكوى على المدرِّسة لدى السلطات السودانية المسؤولة، وطالبوا بتقديمها للمحاكمة بتهمة الإهانة للإسلام وإثارة الكراهية. فتم لهم ذلك وقدمت المدرسة إلى المحاكمة على وجه السرعة، وكان من المتوقع أن تصدر ضدها ثلاثة أحكام تختار أحدها: الحبس، الجلد أمام الناس، أو غرامة ثقيلة. وأخيراً أصدرت المحكمة حكماً مخففاً نسبياً على المتهمة وهو السجن لمدة 15 يوماً. فهل حقاً هذا هو نوع الحكم على من يوجه الإساءة للإسلام ويريد إثارة الكراهية ضد المسلمين؟ لنتصور أن مسيحياً سودانياً وجهت له ذات التهمة، فهل كان عقابه 15 يوماً في السجن فقط أو كان رأس المتهم هو الثمن، سواء من قبل المحكمة أو السماح للغوغاء بتنفيذ الحكم؟

    إن إصدار حكم مخفف على المدرِّسة يدل على عدم قناعة الحكومة السودانية، ومعها المحكمة القضائية، بصحة التهمة، وإنما هناك أغراض سياسية وراء هذه اللعبة المفضوحة التي ورطت الحكومة السودانية نفسها فيها. فالغرض الرئيسي من وراء هذه التهمة هو ابتزاز الحكومة السودانية للحكومة البريطانية في موقفها من انتهاكات الأولى في دارفور. إذ كما قالت صحيفة الديلي تلغراف اللندنية في عددها الصادر يوم الجمعة 30/11/2007، إن "تقديم جيليان غيبنز للمحاكمة ليس إلا بسبب إصرار حكومة براون على جعل حل مسألة مأساة دارفور حجر أساس في سياستها الخارجية" وأن "الحكم بسجن جيليان غيبنز مشين يلطخ بسواد أشد وجه بلد معروف بمذابح دارفور". "أما عن الإسلام فإن أفعال الحكومة الإسلامية في غالبيتها والتي حكمت على المدرسة الممتازة بازدراء الإسلام قد لطخت إسم الإسلام".
    لقد حاولت الحكومة السودانية تهييج الرأي العام السوداني في هذه المسألة، فخرجت مظاهرة صغيرة من أحد المساجد في خرطوم وكان أحد المتظاهرين يحمل سيفاً وهم يطالبون برأس المدرسة. صحيح إن عدد المتظاهرين قليل بالنسبة إلى الشعب السوداني، ولكن في نفس الوقت لم نسمع من المعتدلين المسلمين أي رد فعل عاقل بإدانة هذه التصرفات العدوانية، بل جل انتقاد المعتدلين هو موجه ضد من يطالب بالتسامح الحقيقي وينتقد هذه التصرفات الصبيانية التي تضر بسمعة الإسلام والمسلمين. كان على المسلمين المعتدلين الإسراع في إدانة الحكومة السودانية في إثارتها لهذه الضجة المفتعلة ضد مدرسة بريئة أحبها تلاميذها.
    مشكلة المسلمين أنهم يعتقدون أن الغرب ضد الإسلام، وترسخ لديهم هذا الاعتقاد الخاطئ في عقلهم الباطن إلى حد أن صار عندهم جزء من ثقافتهم الموروثة وحقيقة ثابتة لا تقبل أي جدال. ونحن إذ نسأل، فلو كان الغرب حقاً ضد الإسلام والمسلمين، فهل سمحت الحكومات الغربية ببناء هذا العدد الكبير من الساجد والمؤسسات الإسلامية في بلدانها؟ ومقارنة بين البلدان الغربية المسيحية والبلدان الإسلامية، هل ينال المسيحيون أو أتباع أية ديانة أخرى في الدول الإسلامية رعاية وعناية واحترام من قبل المجتمعات والحكومات الإسلامية بمثل ما يتلقاه المسلمون في الغرب؟

    كلنا نعرف أن معظم الدول العربية الخليجية وخاصة السعودية على سبيل المثال، تمنع دخول الكتب الدينية غير الإسلامية مثل الإنجيل و التوراة إلى بلدانها وتصادرها من المطارات وتعامل هذه الكتب كمواد جرمية ضارة بالمجتمع. كما تمنع هذه الحكومات بناء الكنائس وغيرها من دور العبادة غير المساجد في بلدانها، رغم أن 30% من سكان الخليج هم مسيحيون أوربيون. يتعكز خصوم التسامح الديني من المسلمين على حديث منسوب إلى النبي محمد أن (لا يجتمع في الجزيرة العربية دينان). والأسوأ من ذلك أن في مصر التي تدعي حكومتها أنها تبنت دولة المواطنة وحقوق المواطنة والديمقراطية وتعامل مواطنيها بالمساواة ولا فرق بين المسلمين والأقباط المسيحيين، يمنع على المسيحيين في مصر حتى ترميم كنائسهم الآيلة للسقوط إلا بموافقة المحافظ وبشروط تعجيزية، أما بناء كنيسة جديدة فيتطلب قراراً من رئيس الجمهورية وبشروط مستحيلة.

    ولو كان الغرب حقاٌ ضد المسلمين كما يدعي المتطرفون، فهل سمح لهذه الهجرة الواسعة من المسلمين إلى بلدانه؟ فالغرب لم يتوسل يوماً بالمسلمين ليطالبهم بالهجرة إليه، بل المسلمون هم الذين يتهالكون ويتحملون أشد المخاطر في سبيل الهجرة إلى البلدان الغربية للتخلص من مظالم حكوماتهم والتمتع بما وفرته الأنظمة الغربية من حرية ورفاه اقتصدي وضمان اجتماعي لهم. ولكن ما أن يستقر المهاجرون المسلمون في هذه البلدان حتى ويتمرد البعض منهم على هذا الغرب، مستغلين الحريات المتاحة والقوانين الإنسانية، مطالبين بتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية ومعاملة خاصة بهم، تلك القوانين التي أجبرتهم على ترك بلدانهم الأصلية. حقاً لقد احتار الغربيون في كيفية التعامل مع المسلمين.

    خلاصة القول، أن الحكومة السودانية قامت بهذه اللعبة الغبية ضد المدرسة الإنكليزية البريئة بقصد ابتزاز الحكومة البريطانية في دفاعها عن حقوق أهل دارفور، وكانت النتيجة أن الحكومة السودانية أساءت للإسلام ولسمعة المسلمين ولطخت سمعتها في الوحل.
                  

07-02-2008, 07:58 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    صناعة الارهاب فى تاريخ الاخوان المسلمين


    فاضل عباس
    [email protected]
    2007 / 11 / 24


    تعتبر جماعة الإخوان المسلمين من أكثر الجماعات التي‮ ‬مارست وما زالت تمارس الإرهاب بكافة أشكاله،‮ ‬وهي‮ ‬وان حاولت أن تظهر نفسها بالوسطية،‮ ‬الا أنها سرعان ما تفتضح؛ لأن هدفهم النهائي‮ ‬هو الوصول إلى السلطة،‮ ‬سواء تم ذلك بالرشوة والمحسوبية أو بالإرهاب والقتل المنظم،‮ ‬عن طريق أجهزتهم السرية التي‮ ‬تعمل بتوجيه من مدينة اخن في‮ ‬المانيا،‮ ‬حيث القيادة العليا للإخوان المسلمين وأجهزتها الإرهابية‮.‬
    فـ‮ »‬الأخوان المسلمون‮« ‬يستخدمون جميع وسائلهم لخداع الناس وتضليلهم بحقيقة أهدافهم،‮ ‬لذلك فهم دائماَ‮ ‬يسعون للسيطرة على وزارت الإعلام في‮ ‬معظم الأقطار العربية،‮ ‬حيث‮ ‬يظهر واضحاً‮ ‬الآن وفي‮ ‬أكثر من قطر عربي‮ ‬هذا التطبيل والتأييد الذي‮ ‬يمارسه الأخوان في‮ ‬دعم تنظيم القاعدة الارهابي،‮ ‬وتبرير جميع عملياته الإرهابية في‮ ‬قتل الأبرياء،‮ ‬مستفيدين من وجود عناصرهم في‮ ‬عدد من المواقع الهامة في‮ ‬وسائل الإعلام الرسمي‮ ‬العربي‮.‬
    وقد كانت هذه الجماعة مند تأسيسها حتى اليوم،‮ ‬وهي‮ ‬تمارس الكذب المنظم على الناس بهدف خداعهم،‮ ‬لذلك كانوا دائماً‮ ‬يروجون لأنفسهم بأنهم تعرضوا للظلم،‮ ‬بينما الحقيقة أن شعوباً‮ ‬عديدة كانوا من ضحايا الإرهاب الاخواني،‮ ‬والجميع‮ ‬يعلم أن هذا التنظيم مند نشأته كان‮ ‬يحارب حركات التحرر العربية‮. ‬وحتى اليوم فهذه الجماعة قد حاربت ثورة ‮٣٢ ‬يوليو ‮٢٥٩١ ‬وثورة الثامن من آذار في‮ ‬سوريا‮. ‬فالزعيم جمال عبدالناصر سمح لهذه الجماعة بان تمارس العمل العلني،‮ ‬وكانت لهم مكاتب علنية مفتوحة في‮ ‬القاهرة،‮ ‬وحتى عندما حل عبدالناصرالأحزاب،‮ ‬تم استثناء هذه الجماعة التي‮ ‬لم تخف طمعها بالسلطة،‮ ‬فكانت محاولة محمود عبداللطيف عضو الجهاز السري‮ ‬للإخوان لاغتيال الزعيم جمال عبدالناصر‮ ‬يوم ‮٦٢ ‬أكتوبر ‮٤٥٩١ ‬في‮ ‬ميدان المنشية بالاسكندرية،‮ ‬كما كانت ضد الوحدة بين مصر وسوريا،‮ ‬بل هي‮ ‬من أكبر الداعمين لحركة الانفصال وتفكيك الوحدة‮. ‬لذلك فهذه الجماعة تعمل ضد وحدة الأمة العربية،‮ ‬وما تفعله حماس ضد فتح وكتائب شهداء الأقصى وباقي‮ ‬الفصائل الفلسطينية،‮ ‬دليل على منهج الأخوان المسلمين في‮ ‬الوصول للسلطة بأي‮ ‬ثمن،‮ ‬ثم المحافظة عليها بأي‮ ‬ثمن،‮ ‬ولو كان على جثث المواطنين‮.‬
    فـ‮ »‬الأخوان المسلمون‮« ‬هم أساس الإرهاب في‮ ‬العالم العربي،‮ ‬وقد كان أصدق من وصف هذه الجماعة هو وزير الداخلية السعودي‮ ‬الأمير نايف بن عبدالعزيز‮ »‬الاخوان أساس البلاء والتطرف والإرهاب‮«‬،‮ ‬فالمتتبع لتاريخ الإخوان المسلمين‮ ‬يعرف مدى ارتباط الإرهاب بنشأتهم،‮ ‬فهم دائما كانوا‮ ‬يبررون الأعمال الإرهابية باسم الإسلام والاسلام منهم براء‮. ‬ويمكن النظر إلى كتب الإخوان أنفسهم التي‮ ‬تتضمن اعترافات القيام بالأعمال الإرهابية،‮ ‬ككتاب‮ »‬احمد عادل كمال‮ - ‬نقاط فوق الحروف‮«‬،‮ ‬وكتاب‮ »‬محمود الصباغ‮ - ‬حقيقة التنظيم الخاص‮« ‬وغيرها الكثير‮. ‬وهذه الكتب تجمع على مسؤولية الأخوان المسلمين،‮ ‬تحكي‮ ‬عن جرائم العنف التي‮ ‬قاموا بها منذ نشأتهم،‮ ‬مثل قتل النقراشي‮ ‬باشا،‮ ‬ومحاولة قتل النحاس باشا،‮ ‬ومحاولة الانقلاب في‮ ‬اليمن،‮ ‬وسرقة بنك مصر في‮ ‬مصر الجديدة،‮ ‬وقتل الخازندار،‮ ‬وقتل أعضاء حزب مصر الفتاة،‮ ‬وتفجيرات العباسية،‮ ‬ونسف قطار الإسماعيلية،‮ ‬فهذه الاعترافات توضح الكذب الكثير الذي‮ ‬ينشر هذه الأيام في‮ ‬إعلام الأخوان المسلمين‮.‬
    لا‮ ‬يوجد في‮ ‬تاريخ الأخوان المسلمين شيء من الوسطية التي‮ ‬تدعيها،‮ ‬بل هي‮ ‬حركة نفعية تسعى للوصول للسلطة،‮ ‬ولذلك فهم دائماً‮ ‬على خلاف مع القوى المعارضة في‮ ‬العالم العربي،‮ ‬وحتى إذا توافقوا معها؛ سرعان ما‮ ‬ينفضّ‮ ‬الاتفاق عن طريق صفقة تعطى لهمه تعزز مواقعهم داخل وزارات معينة،‮ ‬أو مناصب حكومية‮. ‬فهم لم‮ ‬يكونوا‮ ‬يوماً‮ ‬جزءا من حركة التحرر الوطني‮. ‬واتصالاتهم بالانجليز بمصر خلال فترة الاحتلال ونضال الشعب المصري‮ ‬للاستقلال موثقة،‮ ‬وتم نشرها من قبل السفارة البريطانية،‮ ‬بعد أن حاول الاخوان أن‮ ‬ينكروا ذلك لفترات طويلة‮.‬
    إن ما نأمله أن لا تنخدع القوى السياسية في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬ببرغماتية الأخوان المسلمين فهم جزء من التحريض على العنف وتبريره،‮ ‬وهم لا‮ ‬يتفقون مع المعارضة الا لمصالحهم الخاصة،‮ ‬ولمغازلة الأنظمة الحاكمة وابتزازها،‮ ‬لذلك فان رفض هذا المنهج الاخواني‮ ‬في‮ ‬صناعة الإرهاب هو ضرورة لحماية المجتمع،‮ ‬وعلى الأجهزة الرسمية والأمنية العربية تخليص المؤسسات الرسمية من سيطرتهم،‮ ‬إذا كانت هذه الأجهزة حريصة على مكافحة الفساد،‮ ‬ووقف الدعاية والتجنيد للإرهاب والعنف‮.‬


    فى مناسبة احتفال الاخوان المسلمين بذكرى مؤسسهم الارهابى حسن البنا ----و اجابة على سؤال من قتل حسن البنا--صفحات من تاريخه الاسود؟؟
    جاك عطاللة
    [email protected]
    2006 / 10 / 27


    محطة من تاريخ حسن البنا الارهابى
    في يناير 1948 أعلن البوليس أنه اكتشف بمحض الصدفة مجموعة من الشبان تتدرب سراً على السلاح في منطقة جبل المقطم، وأنه بمداهمة المجموعة –التي قاومت لبعض الوقت- ضبط البوليس 165 قنبلة ومجموعات من الأسلحة، وقال زعيم المجموعة سيد فايز (وكان اسمه جديداً تماماً على البوليس برغم أنه كان أحد القادة الأساسيين للجهاز السري) "إن السلاح يجري تجميعه من أجل فلسطين وإن الشباب يتدرب من أجل فلسطين

    المحطة الثانية في 22 مارس 1948 عندما يقتل اثنان من الإخوان المستشارَ أحمد بك الخازندار، وذلك بسبب إصداره حكماً قاسياً على أحد أعضاء الجماعة سبق أن اتهم بالهجوم على مجموعة من الجنود الإنجليز في أحد الملاهي الليلية، ويكتشف البوليس الصلة بين الشابين وبين مجموعة المقطم وبين جهاز سري مسلح داخل جمعية الإخوان المسلمين، ويُقبض لوقت قصير على المرشد حسن البنا نفسه، ولكنه لا يلبث أن يُفرج عنه لعدم توافر الأدلة
    .
    محطات اخرى سوداء من تاريخه

    في 20 يونيو 1948 اشتعلت النيران في بعض منازل حارة اليهود.

    وفي 19 يوليو تم تفجير محلي شيكوريل وأركو وهما مملوكان لتجار من اليهود.

    ويكون الأسبوع الأخير من يوليو والأول من أغسطس هما أسبوعي الرعب بالقاهرة حيث تتوالى الانفجارات في ممتلكات اليهود وتهتز المرة تلو الأخرى شوارع قلب العاصمة بتفجيرات عنيفة راح ضحيتها الكثيرون، وخلال أسبوعين دمرت محلات بنـزايون وجاتينيو وشركة الدلتا التجارية ومحطة ماركوني للتلغراف اللاسلكي
    ،
    وفي 22 سبتمبر دمرت عدة منازل في حارة اليهود ثم وقع انفجار عنيف في مبنى شركة الإعلانات الشرقية.

    وفي 15 نوفمبر ضُبطت سيارة جيب وضعت يد البوليس على اثنين وثلاثين من أهم كوادر الجهاز السري، وعلى وثائق وأرشيفات الجهاز بأكمله بما فيها خططه وتشكيلاته وأسماء الكثيرين من قادته وأعضائه.

    وكان البنا قد أمضى معظم شهر أكتوبر وبضعة أيام من نوفمبر مؤدياً فريضة الحج ليبتعد قليلا عن احتمال القبض عليه ، فما أن عاد حتى تعرض للقبض عليه لوجود دليل ضده في سيارة الجيب المضبوطة، ولمسؤوليته المباشرة عن حادث نسف شركة الإعلانات. .قبل قضية مصر.

    والبنا الذي شحن نفوس أتباعه إلى أقصى مدى بالمشاعر الارهابية والتحريض ضد الحكومة تجاه قضية فلسطين يجد نفسه مطالباً إما بأن يواجه القصر والحكومة، وإما أن يواجه أتباعه، وحاول أن يتخذ موقفاً وسطاً،.

    وكان شباب الجامعة من الإخوان وغيرهم يغلي رفضاً للشروط المهينة التي خضعت لها الحكومة في اتفاقية الهدنة في فلسطين، ولعل البنا حاول أن يلعب بآخر أوراقه (نفوذه وسط طلاب الجامعة) ، ليخفف قبضة الحكومة عن عنق الجماعة، وخرج البوليس ليردعهم كعادته ، ودارت معارك مسلحة أمام فناء كلية طب القصر العيني أحد مراكز القوة بالنسبة لطلاب الإخوان، واستخدم البوليس الرصاص، واستخدم الإخوان المتفجرات، وكان حكمدار العاصمة سليم زكي يقود المعركة من سيارته حيث سُددت نحوه قنبلة أصابته إصابة مباشرة، واتهم بيان حكومي جماعة الإخوان المسلمين بقتله.

    وعلى أثر ذلك، صدر قرار من الحاكم العسكري، (كانت الأحكام العرفية معلنة بسبب حرب فلسطين) بإيقاف صحيفة الجماعة، وحاول البنا يائساً إنقاذ الجماعة ؛ فاتصل بكل أصدقائه وحتى خصومه، ولعب بكل أوراقه، وحاول الاتصال بالملك، وبإبراهيم عبد الهادي رئيس الديوان الملكي، وبعبد الرحمن عمار (صديقه الشخصي وصديق الجماعة) وكان وكيلاً لوزارة الداخلية.

    ولأن الشيخ قد فقد أسباب قوته، فقد بدأوا يتلاعبون به، ففي الساعة العاشرة من مساء يوم 8 ديسمبر اتصل به عبد الرحمن عمار وأكد له أن شيئاً ما سيحدث لتحسين الموقف وإنقاذ الجماعة ، واطمأن الشيخ وقبع هو ومجموعة من أنصاره في المركز العام ينتظرون "الإنقاذ" ؛ فإذا بالراديو يذيع عليهم قرار مجلس الوزراء بحل الجماعة بناء على مذكرة أعدها عبد الرحمن عمار نفسه!!

    ولما حاول البعض الخروج من مقر المركز العام وجدوه محاصراً ، ثم اقتحمه البوليس ليلقي القبض على كل من فيه باستثناء البنا، الذي تُرك طليقاً بحجة أنه لم يصدر أمر باعتقاله، وكانت حريته هذه هي عذابه .

    واشتملت مذكرة عبد الرحمن عمار المرفوعة إلى مجلس الوزراء بشأن طلب حل جماعة الإخوان المسلمين على قرار اتهام طويل يعيد إلى الأذهان كل أعمال العنف التي ارتكبتها الجماعة، حتى تلك التي ارتكبتها بإيعاز من السلطات ولخدمة مصالحها!

    وبناء على هذه المذكرة أصدر الحاكم العسكري العام محمود فهمي النقراشي باشا قراراً عسكرياً من تسع مواد : تنص مادته الأولى على : "حل الجمعية المعروفة باسم جماعة الإخوان المسلمين بشعبها أينما وجدت، وغلق الأمكنة المخصصة لنشاطها، وضبط جميع الأوراق والوثائق والسجلات والمطبوعات والمبالغ والأموال وكافة الأشياء المملوكة للجمعية، والحظر على أعضائها والمنتمين إليها بأية صفة كانت مواصلة نشاط الجمعية ؛ وبوجه خاص عقد اجتماعات لها أو لإحدى شعبها أو تنظيم مثل هذه الاجتماعات أو الدعوة إليها أو جمع الإعانات، أو الاشتراكات أو الشروع في شيء من ذلك، ويعد من الاجتماعات المحظورة في تطبيق هذا الحكم اجتماع خمسة فأكثر من الأشخاص الذين كانوا أعضاء بالجمعية المذكورة، كما يحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي السماح باستعمال أي مكان تابع له لعقد مثل هذه الاجتماعات، أو تقديم أي مساعدة أدبية أو مادية أخرى ".

    وتنص المادة الثالثة: "على كل شخص كان عضواً في الجمعية المنحلة أو منتمياً لها وكان مؤتمناً على أوراق أو مستندات أو دفاتر أو سجلات أو أدوات أو أشياء أن يسلمها إلى مركز البوليس المقيم في دائرته خلال خمسة أيام من تاريخ نشر هذا الأمر".

    أما المادة الرابعة: فتنص على تعيين "مندوب خاص مهمته استلام جميع أموال الجمعية المنحلة وتصفية ما يرى تصفيته، ويخصص الناتج للأعمال الخيرية أو الاجتماعية التي يحددها وزير الشؤون".

    ودارت ماكينة العنف البوليسي ضد الإخوان ، وافتتحت لهم المعتقلات ..

    وحاول البنا جهد طاقته أن يوقف طوفان المحنة، لكنه كان عاجزاً بالفعل، فالحكومة التي هادنها وهادنته، كانت تضرب بعنف وقوة مصممة على تصفية الإخوان، ورفض النقراشي كل محاولات البنا للالتقاء به, ووجد البنا ان جهازه السري تنقطع خطوط اتصاله، فقد كانت ضربة سيارة الجيب قاصمة بالنسبة لقيادة الجهاز السري، وشبكات اتصالهم، وإذ ضربت قيادة الجهاز فقد البنا اتصاله به ، بل وفقد سيطرته على يده الارهابية
    وفي 28 ديسمبر (كانون الأول) وقعت الواقعة وصعدت المأساة إلى أعلى قممها إذ قام طالب في الثالثة والعشرين من عمره (عبد المجيد أحمد حسن) بإطلاق رصاصتين محكمتي التصويب على رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي باشا.

    وشيع أنصار الحكومة جثمان رئيس وزرائهم هاتفين في صراحة "الموت لحسن البنا".

    وأتى إبراهيم عبد الهادي ليدير ماكينة العنف الرسمي إلى أقصى مداها، ولتتسع دائرة الاعتقالات في صفوف الإخوان فتشمل 4000 معتقل، ويتعرض بعض المعتقلين لأقصى درجات التعذيب الوحشي الذي لم تعرف له مصر مثيلاً من قبل، وباختصار "كانت الستة أشهر التالية لتولي إبراهيم عبد الهادي الحكم صورة راسخة في أذهان المصريين جميعاً للسلطة الرسمية الغاشمة ، وقد اكتسب عبد الهادي لنفسه خلالها عداء كافة فئات الرأي العام المصري".

    وفي الزنازين قامت أجهزة الأمن بتعليق الآية (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتّلوا أو يُصلّبوا أو تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الحياة الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) وهذا ردا على ايات الاخوان التى كانوا يرفعوها ضد الحكومة والملك) . .

    لكن الطامة الكبرى جاءت عندما استنكر الشيخ البنا نفسه هذه الأعمال الارهابية والتى امرهم بتنفيذها مرارا وتكرارا واتهم القائمين بها بأنهم "ليسوا أخواناً وليسوا مسلمين"! وهنا انهار المتهمون جميعاً، فقد كان صمودهم واحتمالهم للتعذيب يستمد كل صلابته من "البيعة" التي أقسموا بها بين يدي الشيخ أو من يمثله في حجرة مظلمة، فإذا تخلي زعيمهم شيخ الارهاب عنهم وعن فكرة "الجهاد" كما لقنها لهم، فماذا يبقى ؟!

    لقد صمد عبد المجيد حسن قاتل النقراشي ثلاثة أسابيع كاملة في مواجهة تعذيب وحشي ضده لكنه ما لبث أن انهار تماماً عندما قرأ بيان الشيخ البنا الذي نشرته الصحف.

    ويوقع البنا بياناً بعنوان "بيان للناس" يستنكر فيه أعمال رجاله ورفاق طريقه، ويدمغها بالإرهاب والخروج على تعاليم الإسلام.

    وبعد يومين من صدور "بيان للناس" قبض على أحد قادة الجهاز السري وهو يحاول نسف محكمة استئناف مصر !

    فيضطر الشيخ إلى كتابة بيان أو مقال يتبرأ فيه من القائمين بهذا الفعل بعد مفاوضات مع الحكومة ؛ عنوانه "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين"! يقول فيه : "وقع هذا الحادث الجديد، حادث محاولة نسف مكتب سعادة النائب العام، وذكرت الجرائد أن مرتكبه كان من الإخوان المسلمين فشعرت بأن من الواجب أن أعلن أن مرتكب هذا الجرم الفظيع وأمثاله من الجرائم لا يمكن أن يكون من الإخوان ولا من المسلمين؛ .

    وليعلم أولئك الصغار من العابثين أن خطابات التهديد التي يبعثون بها إلى كبار الرجال وغيرهم لن تزيد أحداً منهم إلا شعوراً بواجبه وحرصاً تاماً على أدائه، فليقلعوا عن هذه السفاسف ولينصرفوا إلى خدمة بلادهم كل في حدود عمله، إن كانوا يستطيعون عمل شيء نافع مفيد، وإني لأعلن أنني منذ اليوم سأعتبر أي حادث من هذه الحوادث يقع من أي فرد سبق له اتصال بجماعة الإخوان موجهاً إلى شخصي ولا يسعني إزاءه إلا أن أقدم نفسي للقصاص وأطلب إلى جهات الاختصاص تجريدي من جنسيتي المصرية التي لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء، فليتدبر ذلك من يسمعون ويطيعون، وسيكشف التحقيق ولا شك عن الأصيل والدخيل، ولله عاقبة الأمور ".
    .
    فماذا بقي من هذا الشيخ الارهابى لدى جماعته الارهابية ؟

    رجاله في السجون يبعثون له يهددونه، ومن بقي خارج السجن يتمرد عليه، وهو يتهم أخلص خلصائه، الذين أقسموا له على المصحف والمسدس يمين الطاعة التامة في المنشط والمكره، يتهم "رهبان الليل وفرسان النهار" بأنهم "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين".

    بل ويضطر إلى مديح الحكومة التي تعذب رجاله أشد العذاب، ويقول إنها حريصة على أمن الشعب وطمأنينته "في ظل جلالة الملك المعظم"، بل ويحرض الشعب على التعاون مع الحكومة "للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة".

    "رهبان الليل وفرسان النهار" أصبحوا في آخر بيان للشيخ "أولئك من العابثين" وجهادهم أصبح "سفاسف".

    ولا يبقى للشيخ ما يقوله، سوى أنه سيطلب تجريده من جنسيته المصرية "التي لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء" ؟

    وقرر القتلة أن يُطلقوا الرصاص عليه نعم فعلوا ذلك لكى يتخلصوا ممن خانهم وعراهم وتركهم للبوليس والزنازين

    لقد قتل حسن البنا الاخوان المسلمون انفسهم من خلال جهازهم السرى الذى رباه حسن البنا ودربه على الارهاب والقتل واعطى قيادته الى عبد الرحمن السندى اخلص خلصائه--لقد تأكد الجهاز السرى للأخوان من خيانة حسن البنا لهم و وقوعه فى احضان البوليس السياسى واجهزة الداخلية للملك فاروق ولهذا قرروا تصفية هذا الخائن وقتله عقابا له على بيعه لهم بثمن رخيص فى بياناته التى اصدرها للتنصل من جريمته بقتل النقراشى والخازنداره

    لقد كان هذا من صميم ادبيات ومبادىء الاخوان-- قتل من يخونهم ويبيعهم او من يحول بينهم وبين السيطرة والاستحلال والقتل--وقد فعلوها مرات عديدة

    لم يكن من مصلحة الحكومة المصرية والملك نهائيا قتل حسن البنا لانهم كانوا قد تمكنوا منه تماما واشتروه ليعمل لصالحهم

    ومن قتله هم اخوانه الخونة بعد خيانته لهم وتنصله من جرائمه واوامره لهم--قتله رهبان الليل وفرسان النهار من جماعته الارهابية المسماة زورا الاخوان المسلمين وهم لا اخوان ولا مسلمين كما نعتهم قائدهم الخائن الاكبر حسن البنا

    انها قصة خائن وخونة
    وليس قصة داعية شهيد

    ملحوظة
    الحوادث التاريخية تم اقتباسها بتصرف من كتاب التيارات السياسية فى مصر ومن مستندات الحكومة المصرية قبل الثورة وشهادات المؤرخين
                  

07-03-2008, 04:47 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)

    تحولات الإخوان المسلمين ..

    تفكك الأيديولوجيا ونهاية التنظيم

    د. محمد السيد سعيد

    تتسم معظم الكتابات حول الإخوان المسلمين بأنها إما أن تكون تبجيلية ذات طابع لاهوتي تنظر إلي التاريخ علي أنه تحقيق لإرادة إلهية عليا، وتعتبر أن الأحداث تجسيداً للصراع بين حزب الله وحزب الشيطان، أو أن تكون جزئية لا تتناول سوي موضوعات معينة تختلف من حيث الأهمية ومن حيث الدلالة علي خصائص سائر أجزاء التنظيم. من هنا، ربما تأتي أهمية كتاب حسام تمام. فهو يحاول- قدر الإمكان- أن يكون موضوعيا في تناوله الأحداث. إلا أن ثمة عاملاً آخر أسهم في إضفاء أهمية للكتاب، وهو موضوعه نفسه. فهو يتحدث عن تحولات الإخوان المسلمين: تفكك الأيديولوجيا ونهاية التنظيم. وهو- كما نري- موضوع شيق.
    وفيما يلي عرض لأهم ما ورد في ذلك الموضوع، فضلا عن التعليق علي بعض ما جاء فيه.
    كان الإخوان المسلمون الواجهة الرسمية للأيديولوجيا الإسلامية التي اجتاحت الوطن العربي بأكمله من السبعينيات حتي التسعينيات، والتي كانت تعمل من خلال الحكاية الكبري الخاصة بإقامة الدولة الإسلامية، وهي الحكاية التي كانت ذات بريق شديد جذب إليها قطاعات وشرائح وأعمارا بالغة التنوع والاختلاف والتي كانت تخفي وراءها تناقضات طبقية ومصالح متضاربة أشد التضارب، بحيث كان باستطاعة تلك الأيديولوجيا أن تلهم الطبقات المحرومة والمهمشة وتري فيها طريق الخلاص من كل ما تعانيه من فقر وتهميش وظلم اجتماعي، كما كانت تلهم الطبقات الوسطي والبرجوازية حيث تري فيها استجابة لمصالحها هي الأخري.
    كانت الأيديولوجيا نفسها تجذب إليها المتمردين من الشباب الذين يصرون علي مواجهة السلطة بالعنف، مثلما كانت تجذب المندمجين اجتماعيا من أبناء البرجوازية التي اشتهرت بفن المساومة والمراوغة.
    ظل الحال كذلك إلي أن حدثت تحولات كبري في التسعينيات، التي كان من أهمها الدخول البراجماتي الإخواني في السياسة. بما انتهي إلي تخليهم عن الحكاية الكبري: الدولة الإسلامية، والالتزام بطرح برنامج لا يختلف عن برامج الأحزاب الأخري خاصة الليبرالية منها.
    فمن يتابع الخطاب الإخواني في الفترة الأخيرة يلاحظ غياب مفردات الحكاية الكبري من الدولة الإسلامية والخلافة الراشدة والوحدة السياسية الجامعة للأمة الإسلامية، ومفاهيم أهل الذمة، كما يلاحظ حضورا مكثفا ومتصاعدا لمفردات خطاب مختلف مرتبط بمشروع حزب سياسي بامتياز.
    فالبرنامج السياسي للإخوان تتأكد يوما بعد يوم مفارقته لكل ما كانوا يقدمونه من قبل عن المشروع الإسلامي، باتجاه برنامج ديمقراطي بعيد كل البعد عن الأرضية الدينية التي كانوا ينطلقون منها، فكثر حديثهم عن الاحتكام إلي سلطة الشعب أيا كانت خياراته، والقبول بمبدأ تداول السلطة والتسليم باختيار الشعب أيا كانت خياراته، وأن حكم الشريعة مرتبط بقبول الشعب له. مع اتجاه إلي التخفف من المرجعية الدينية قياسا علي ما كان يحدث من قبل.
    لقد اضطر الإخوان- بفعل الدخول الكثيف إلي عالم السياسة- أن يقولوا كلاما محددا بعيدا عن العموميات الفضفاضة التي كانوا يحرصون عليها، وهو ما كان ذا أثر بالغ علي مقدرتهم السابقة علي الحشد الواسع لقطاعات متعددة ومتباينة في المجتمع.
    كان هذا هو التحول الأول في الظاهرة الإخوانية.

    أما التحول الثاني فتحدد من خلال استجابتهم للتحولات التي حدثت في الدولة المصرية ذاتها من خلال الانفتاح الاقتصادي وهي الاستجابة التي تؤكد أن الجماعة قد اتجهت إلي اليمين الرأسمالي بفعل التركيبة الداخلية، واتساع حجم ودور رجال الأعمال فيها، وهو ما أكده مجمل التحولات الدينية في البرجوازية المصرية المتدينة، سواء التي ترتبط بالجماعة أو التي تدور في فلك ما يعرف بظاهرة الدعاة الجدد، فقد خلت مواقف ومبادرات الإخوان من أي تمثيل لهموم الطبقات الدنيا.
    أدت هذه الاستراتيجية إلي انفصال تدريجي بين الجماعة والطبقات الفقيرة والمهمشة الآخذة في الاتساع والمعاناة، سواء علي مستوي الانتشار التنظيمي أو علي مستوي المشروع الذي تطرحه، وهو الانفصال الذي ظهر جليا في غياب هذه الطبقات كأشخاص أو كبرامج أو حتي كشعارات في تظاهرات وتحركات الإخوان الأخيرة.
    ولا شك في أن انفصال الإخوان عن الطبقات الفقيرة هو في واقع الأمر انفصال عن الشارع المصري، وفقدان للرصيد الشعبي الذي لم يعد قابلا للاستعادة بمجرد العودة إلي رفع شعار الدولة الإسلامية.
    علي أننا لو تجاوزنا الطبقات الفقيرة إلي المتوسطة والبرجوازية فسنجد أننا لن نستطيع النظر إلي الإخوان باعتبارهم الممثلين الوحيدين للطبقة المتوسطة والبرجوازية، ذلك أن التحولات التي جرت علي الحالة الدينية في مصر قد تجاوزت الأطر التنظيمية، ولم تعد خاضعة لها بعدما تفككت الأطر التي حكمتها وظهر فاعلون جدد من خارج التنظيمات أثبتوا قدرتهم علي الفعل والجذب والتأثير مثل عمرو خالد والدعاة الجدد. كما أن المزاج الديني العام لم يعد يلقي بالاً للسياسة.



    مسألة التنظيم
    منذ خروجهم من السجن في أوائل السبعينيات ترسخت لدي الإخوان قناعة بأن ملعب السياسة كما ترسمه التجربة الحزبية لا يناسبهم. وزاد من نفورهم ميراث تاريخي ثقيل من عدم الثقة والتشكك في نية النظام السياسي تجاههم، وأن المواجهة معه آتية لا ريب فيها، وكان التنظيم هو الحل.
    وبالفعل بدأ إخوان السبعينيات استراتيجية ترمي لبناء تنظيم هرمي محكم خارج سيطرة قوي الدولة ورقابة أجهزتها ومؤسساتها المختلفة، (كان عبد الناصر قد أصدر قرارا إداريا بحل الجماعة عام 1954.



    وشاركت قيادات مهمة في بناء التنظيم الذي تمت صياغته علي مثال الدولة نفسها حتي في أدق تقسيماتها الإدارية. فمكتب الإرشاد يوازي مجلس الوزراء، ومجلس الشوري يقابل البرلمان، ومكاتب الجماعة الإدارية هي نفسها المحافظات، والمناطق تتطابق حدودها مع الدوائر الانتخابية والإدارية تماما، بحيث صار التنظيم بمثابة دولة داخل الدولة. ولعل الهدف من ذلك هو تنفيذ "مشروع التمكين" الذي اشتغلت عليه أهم العقول في الجماعة وهو مشروع يعيد تنظيم الجماعة إداريا ويرتب هياكلها ومؤسساتها المختلفة ويرسم لها خطوات محددة للسيطرة علي جهاز الدولة وتولي السلطة سلميا.
    ومع الزمن بدا للقاصي والداني أن رهان الجماعة علي بناء التنظيم وتقويته وليس السعي إلي الحصول علي المشروعية القانونية، كان هو الرهان الصائب في مقابل رهان النظام علي احتكار السياسة. فالحياة السياسية أصبحت مشهدا بائسا، ومجمل العملية السياسية حتي المعارضة منها أصبحت تدار من داخل كواليس النظام. وخلا الملعب من أي قوي أخري يمكن أن تناطح النظام عدا جماعة الإخوان.
    وتأكد الجميع أن اللعبة السياسية قد انتهت إلي حالة من الصراع بين قطبين: نظام يصر علي احتكار مجمل قواعد اللعبة وإدارتها لمصلحته، وتنظيم لا يبالي كثيرا بالحصول علي رخصة اللعب حيث يجد في وضعه خارج القانونية الملاذ الآمن من تعسف السلطة وتغلغلها في أدق التفاصيل، ولا يكف عن التباهي بقوته وكفاءته التنظيمية، وقدرته علي الحشد في مقابل نظام فاقد للشرعية الجماهيرية، ومعارضة لا تملك من الشرعية سوي ترخيص العمل الرسمي..

    ظلت تلك هي قناعة الجميع إلي أن جاءت الأحداث علي غير ما كنا نتوقع، ذلك بأنه في عام 2005 حين أعلن عن تعديل دستوري يتم بموجبه انتخاب رئيس الدولة من بين أكثر من مرشح وهو تحقيق لحلم راود الكثيرين منذ بدايات الحداثة، شعر الناس جميعا بأن ثمة انفراجة علي وشك الحدوث. وحين حلت الساعة تعلقت الأنظار بفرس الرهان الذي انتظره الجميع: تنظيم الإخوان المسلمين، التنظيم الوحيد الذي نجح في البقاء في عصر موت السياسة. لكن دون جدوي، فالانفراجة التي كان من المفروض أن تفسح المجال للتنظيم الذي ينتظر إشارة البدء جاءت لتكشف أن الرهان عليه كان ضرباً من الوهم، وأنه لم يكن سوي جزء من حقبة تجاوزتها الأحداث.

    وهنا لابد من أن نتذكر حقيقة تنظيمية مفادها أن التوسع في التنظيم قد يأتي أحيانا بعكس المطلوب. ألا يمكن أن يكون ذلك هو ما حدث هنا؟ ربما. إذ يبدو لنا أن الامتداد الهائل لجسم التنظيم كان هو السبب الرئيسي في تأخر نزول الإخوان إلي الشارع. حتي حينما بدت بوادر الصدام مع النظام الذي طالت اعتقالاته أكثر من ألفين من قواعد وقيادات الجماعة. فقد بدا أن الانتشار الكبير والعدد الضخم من كوادره كان خصما من رصيد الجماعة وليس إضافة لقدرتها علي المواجهة بعدما بدأت حسابات التكلفة وارتفاع الفاتورة، ذلك أنها أخذت تعاني كثيرا من استنزافها ماديا وإداريا ونفسيا جراء تحملها أعباء مثل هذا العدد من المعتقلين وأسرهم.
    ولنلق نظرة علي التنظيم اليوم لنكتشف بعضا من جوانبه السلبية. فعضويته تتوزع وتتنوع لتضم أزهريين سابقين، وأنصار سنة، وأعضاء جمعية شرعية، وتياراً سلفياً وجهاديين سابقين، وسياسيين بدأوا في أحزاب أخري، وقطاعات من العمال والفلاحين ليس لديهم أي خبرة بالسياسة ولا تتعاطي السياسة إلا لارتباطها بالجماعة وتلقي أوامرها، دون أن يعني ذلك وجود قناعة بها، وهو ما يستحيل معه الاتفاق علي أجندة سياسية محددة، فضلا عن خوض نضال طويل المدي من أجلها. فإذا علمنا أن نسبة الفاعلية والانتظام لا تتجاوز 40% من الأعضاء في أفضل الأحوال (وهي نسبة مؤكدة وفقا لمصادر مطلعة) في حين تعاني العضوية جمودا وترهلا وافتقادا للانضباط- وهو ما لم يعد سرا- أدركنا الحجم الحقيقي للمشكلة التنظيمية للإخوان.



    التنظيم الدولي
    وقد لا تكتمل الصورة الخاصة بالإخوان المسلمين إلا بإلقاء نظرة علي مسألة التنظيم الدولي.
    إذ يمكن القول أن التنظيم الدولي كان بمثابة المرآة العاكسة لحالة الإخوان، وقد كانت البداية الأولي للتنظيم الدولي هي ما ورد عن مرشدها، المؤسس حسن البنا، حيث كان علي قناعة بأن جمعيته هي نواة لتأسيس الخلافة الإسلامية التي ضاعت منذ أربعة أعوام لا غير في تركيا. فقد كان العالم بأكمله هو مسرح عملياته، ولم تكن مصر- بالنسبة له- سوي نقطة انطلاق. وما إن استوي عود التنظيم حتي أنشأ البنا (قسم الاتصال بالعالم الإسلامي) وعمله الوحيد هو إنشاء فروع للإخوان بالخارج، والتواصل مع الشخصيات والتيارات القريبة من أفكار الجماعة.

    وخلال سنوات قليلة استطاع القسم تأسيس تنظيمات للإخوان في العالم الإسلامي من إندونيسيا إلي المغرب ومن الصومال إلي سوريا. ومن خلال هذا القسم ارتبط الإخوان بمعظم القيادات التحررية الإسلامية في العالم الإسلامي. كما لعب الإخوان دورا في بعض الدول مثلما حدث من توسط مع الجامعة العربية لاعترافها بباكستان، وكذلك شاركت في التنسيق لثورة أحرار اليمن في الأربعينيات. كما أنها دعمت الحركة العربية لتحرير فلسطين.

    كان ذلك قبل اغتيال البنا عام (1949) وقبل ثورة يوليو حيث كان لنهجها الاستئصالي والصدامي مع الجماعة دور بارز في نشأة التنظيم الدولي. فقد أدت تلك السياسة إلي هجرة القيادات إلي دول الخليج حيث أصبحوا أثرياء هناك وأسسوا عددا من الجمعيات والشركات والمؤسسات، كانت القاعدة التي قام التنظيم الدولي علي أساسها، فقد دعمت تلك القيادات تنظيمات الإخوان في الأقطار التي وجدت بها، ثم أنشأت شبكة علاقات واتصالات كان التطور الطبيعي لها هو التنظيم الدولي، ومن الشخصيات التي ارتبط اسمها بالتنظيم الدولي: سعيد رمضان ومصطفي مشهور وخلال خمس سنوات قضياها خارج البلاد استطاع مصطفي مشهور تأسيس أول تنظيم دولي حقيقي للإخوان المسلمين. وحين عاد إلي مصر كان قد أتم بناء التنظيم بالكامل وأحكم عليه قبضته الحديدية.
    وقد شهدت فترة الثمانينيات زخما كبيرا لتنظيمات الإخوان المسلمين في أقطارها المختلفة، فحققت علي المستوي الداخلي حضورا كثيفا وأحرزت نجاحات في العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتكونت لها هياكل ومؤسسات قوية في أقطارها، مما أعطي الخطاب الإخواني حضورا وبريقا في الشارع العربي والإسلامي ووازي ذلك نجاح علي مستوي التنسيق فيما بين تلك التنظيمات بحيث كان كل منها يرفع في بلده شعار إقامة الدولة الإسلامية تمهيدا لإعادة الخلافة الإسلامية الراشدة.
    غير أن الشعارات الكبري التي كانت تلهم وتشعل جذوة التنظيمات العالمية- كما في التنظيم الدولي للإخوان- بدأت تخبو وتصبح أقل فاعلية مع الانغماس الكبير والمتسارع من الإخوان في السياسة وما يستدعيه ذلك من خفض السقف والاقتصاد في الأحلام إضافة إلي جملة من المتغيرات العالمية والإقليمية تركت تأثيرات كبيرة علي جسم وهيكل التنظيم الدولي لجهة إضعافه كان من أهمها غزو العراق للكويت واندلاع ما يعرف بحرب تحرير الكويت، فقد شهد التنظيم الدولي خلافا فقهيا وسياسيا بين أعضائه حول الموقف من التعامل مع الغزو ومن الاستعانة بقوات أجنبية لتحرير الكويت.

    وتفاقم الخلاف إلي إعلان جماعة الإخوان في الكويت انفصالها عن الجماعة الأم، أي عن التنظيم الدولي الذي بدا أن مسيرته كانت في اتجاه معاكس للتيارات المتسارعة طوال العقد والتي تواطأت جميعها علي إضعاف التنظيم الأم في القاهرة ومن ثم فقدت قيادته قوة ومبرر قبضتها الحديدية علي بقية التنظيمات الأعضاء، كذلك فالحديث غير المعلن بين قيادات الجماعة في مصر كان يؤكد دائما أن التنظيم الدولي أصبح عبئا علي الجماعة من الناحية السياسية والأمنية بأكثر مما تحتمله كما أن أضراره في السنوات الأخيرة فاقت في كل الأحوال ما كان يتوقع له من نفع وما حققه في سنواته الأولي حين كان مصدراً قوياً للتمويل والذي استمر حتي بداية التسعينيات عن طريق إخوان الخليج، كما كان ذراعا للضغط علي النظام المصري، وهو ما تغير تماما بعد ضرب وتصفية مؤسسات التمويل الإخوانية وتقلص مساحة الحركة السياسية والإعلامية بعد تراجع الغرب عن إيواء الحركات الإسلامية في بلاده.
    ويبدو أن عددا من قيادات الجماعة في مصر كان علي قناعة بان التنظيم الدولي يتحمل الآن كثيرا من المسئولية عن حالة الحصار التي تعيشها الجماعة، إذ يعطيها حجما أكبر من حجمها الأصلي. كذلك أصبح ينظر للتنظيم الدولي كعبء أمني علي التنظيمات الفرعية علي اعتبار أنه كان سبيا في عدد من الضربات الأمنية التي تعرض لها يعض التنظيمات القطرية.
    وقد أصبحت القناعة التي تترسخ يوما بعد يوم لدي كثير من القيادات الفاعلة هي أن صيغة التنظيم الدولي لم تعد ملائمة لمتغيرات العصر. وأن الصيغة الأفضل هي أن يتحول إلي منتدي فكري أو سياسي أي أن يصبح بعيدا تماما عن الطابع التنظيمي والسري مثلما هو الحال مع

    منتدي الاشتراكية الدولية.



    تناقضات التحول الديمقراطي للإخوان
    هل يمكن أن يندرج التيار الإسلامي في العملية الديمقراطية؟ أي هل يمكن للديمقراطية أن تصبح جزءا من بنية وثقافة وأيديولوجيا التيار الإسلامي؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه عندما يعلن الإخوان المسلمون تبنيهم برنامجاً ديمقراطياً مثلما نجد في كلام عبد المنعم أبوالفتوح. فلنلق نظرة علي ما يقول:
    إذ يقبل هذا الخطاب بالديمقراطية قبولا نهائيا "كآلية لاتخاذ القرار في كل مراحل العملية السياسية ومناصبها ومؤسساتها باعتبارها تراثا إنسانيا فريدا يعبر عما وصلت إليه الإنسانية من تطور" ولا ينحو أبوالفتوح في نظرته إلي الديمقراطية إلي مقولات دينية من قريب أو بعيد. وهو لا يتحايل علي الديمقراطية بل يعطيها فقط نفسا ثقافيا واجتماعيا.

    أساس الديمقراطية هو الاحتكام للشعب أيا كانت توجهات أو ديانة مواطنيه، وأيا كان اختياره، حتي لو كان هذا الاختيار مخالفا للإسلام بل رافضا له من الأساس.

    ينزع أبوالفتوح عن العملية السياسية - في مجملها- أي غطاء ديني كانت تيارات الإسلام السياسي تستخدمه من قبل. وعليه تصبح الخلافة مسألة سياسية وليست دينية.

    أهل الحل والعقد هم من يختارهم الشعب لتمثيله نيابيا.

    القبول التام بمبدأ المواطنة وحفظ حقوقها لكل من يحمل جنسية البلد وتنطبق عليه صفة مواطن ويتمتع بهذا الحق كل المواطنين بمن فيهم الأقباط وغير المسلمين.

    تكون المرجعية هي حكم الشعب وليست نصا دينيا يحتم ذلك ويمنع سواه.

    القبول بمبدأ الحق والحرية المطلقة في تكوين الأحزاب لكل التيارات علي اختلافها.

    القبول بحق ومبدأ تداول السلطة والتسليم باختيار الشعب أيا كانت نتائجه" إذ لا مانع من أن يسلم الإسلاميون السلطة إلي غيرهم طالما انتخبه الشعب ولو كان غير مسلم".
    فالواقع أن هذا الكلام مدهش للغاية. إذ كيف يمكن أن يكون مثل هذا الكلام إسلاميا؟
    فأولا: نحن في الواقع أمام منظومة حداثية بالكامل. جذورها تعود إلي عصر التنوير الأوروبي ولا صلة لها من قريب أو بعيد بأي دين من الأديان.
    وثانيا: فإن مثل هذه الأفكار تصبح مفهومة وموائمة حينما تصدر عن علماني أو ليبرالي، فتلك هي طبيعتها الفعلية.
    ذلك إن أي منظومة إنما هي نتاج لفلسفة ما، أي لرؤية ما للطبيعة والإنسان والمجتمع. هذه الرؤية هي التي يمكن أن توصف بأنها مؤمنة أو ملحدة. فإذا بحثنا عن مثل تلك الرؤية عند أبوالفتوح لم نجد إجابة شافية فتاريخه الفكري يقول بأنه كان أمير الجماعة الإسلامية بجامعة القاهرة، وأنه كان بارعا في التفاوض. وهي مؤهلات لا تكفي لجعل الإنسان ذا رؤية.. ناهيك عن أن تكون هذه الرؤية مولدة لموقف ليبرالي أو علماني. بل الأرجح أن يكون ذا رؤية دينية، وهي من الصعب أن تنتج برنامج عمل ليبرالياً.
    من أين إذن يمكن أن يكون قد أتي بهذا البرنامج؟ أم أن المسألة مجرد كلام في كلام؟
    يبدو أن هذا الاحتمال الأخير، هو الاحتمال المرجح وإن كان، بطبيعة الحال، بلا دليل.
    غير إن لدي بعض الشواهد
    أول هذه الشواهد: الطريقة التي يعرض بها الموضوع. فهو وإن كان يستشهد بآية من القرآن (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، لم يذكر، من بعيد أو قريب شيئا عن ماضيه الفكري، أو عن تحوله إلي الفكر الجديد. أو كيف توصل إليه، وهي نقاط من الطبيعي أن ترد تلقائيا في مثل تلك المناسبات. أما أن يقتصر الأمر علي مجرد التفوه بالمنظومة الحداثية، كاملة غير منقوصة وكأنها واجب مدرسي ثقيل، فذلك هو غير المقبول.
    وثاني هذه الشواهد: كلام أبوالفتوح نفسه، فهو يقول: لا مانع أن يسلم الإسلاميون السلطة لآخر من غيرهم طالما انتخبه الشعب. ثم يردف معلقا بأنه علي ثقة من أن اختيار الشعب سيكون الإسلام، لكنه يسلم بحق الشعب في رفض الإسلام واختيار من يشاء. الفكرة هنا هي أنه من الممكن لأحدنا حينما يعرض عليه الاختيار بين بديلين أحدهما مضمون التحقق. أن يختار الآخر وهو مطمئن.
    فإذا خُيرت، أنا ذو الانتماء الديني الواضح، بين المنظومة الحداثية والدينية، وكنت أجد أن الدينية مضمونة التحقق، فبإمكاني أن اختار الحداثية وأنا مطمئن.
    وأخيرا فلدي شاهد ثالث: ذلك هو تمسك أبوالفتوح بوضعه التنظيمي داخل الجماعة، رغم مفارقته الجماعة فكريا. فالطبيعي، حينما يفترق إنسان فكريا عن التنظيم الذي ينتمي إليه، هو أنه أولا يصارع من أجل انتصار أفكاره، فإن لم يكن فليس أمامه سوي أن يستقيل، أو إذا كان لديه أعضاء آخرون يؤمنون به، فسيصبح عليه، في هذه الحالة، أن ينشق عن التنظيم الأم. لكن أيا من ذلك لم يحدث في حالة أبوالفتوح. فما حدث هو شيء أقرب إلي الخيال، فكل الأمور تسير كما لو أن شيئا لم يحدث. مما يشير مباشرة إلي أنه ثمة شيء غير طبيعي في الموضوع. فما هو هذا الشيء؟
    وفضلا عن ذلك، فما هو الموقف الشخصي لأبوالفتوح من هذا التنظيم. في حدود ما نملك من معلومات، واستنادا إلي ظواهر الأمور، فإن ما يريده أبوالفتوح إنما هو الاحتفاظ بالتنظيم بشرط أن يقبل بالأيديولوجيا الجديدة، فهو يطالب الحكومة بالاعتراف بتنظيمه وفقا لبرنامجه الجديد. فإذا لم يجد قبولا بقي الحال علي ما هو عليه. أي ظل الإخوان هم الإخوان كما نعرفهم. فأين ذهبت المنظومة الحداثية، الإيمان الجديد لأبوالفتوح، لا أحد يدري.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de