ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 10:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-21-2008, 09:00 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ (Re: الكيك)


    مأزق الهوية الإسلامية المتخيلة‏!‏

    بقلم : السيد يسين


    من أهم المشكلات التي تواجه الدولة العربية المعاصرة مشكلة الهوية الإسلامية المتخيلة‏,‏ ونقصد بهذه الهوية علي وجه التحديد نزوع بعض الجماعات الإسلامية ممن يطلق عليها جماعات الإسلام السياسي إلي ابتداع هوية إسلامية يريدون لها أن تحل محل الهوية العربية أو حتي محل الهوية الإسلامية المعتدلة‏.‏

    وأصحاب هذا التوجه ينطلقون من مسلمة بسيطة وإن كان خطيرة مبناها أن الماضي وليس الحاضر أو المستقبل ينبغي أن يكون هو المرجعية التي تحسم التوجهات وتحل المشكلات الراهنة‏,‏ وبغض النظر عن الحلول العلمية التي تطبقها المجتمعات المعاصرة‏.‏

    والغرض المعلن ـ كما قررنا في مقالنا الماضي ـ هو ببساطة استرداد الفردوس المفقود‏,‏ ويعنون به استعادة عصر الإسلام الأول‏,‏ بكل ما فيه من قيم وعادات وتوجهات‏,‏ ويتم ذلك من خلال لي عنق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية‏,‏ لكي تتفق مع وجهات نظرهم المتشددة‏,‏ وهم يستخدمون في سبيل الترويج لأفكارهم المتطرفة المفارقة لروح العصر‏,‏ تكوين المنظمات العلنية والجماعات السرية‏,‏ ونشر الكتب وإذاعة الفتاوي التي تعكس وجهة نظر إسلامية متزمتة ومغلقة‏,‏ بل وممارسة الإرهاب المعنوي ضد المختلفين معهم‏,‏ والإرهاب الفعلي ضد الدولة العربية المعاصرة‏.‏

    ومن أخطر الظواهر المصاحبة لهذه الموجة الدينية المتزمتة والمتشددة تواطؤ الدولة العربية المعاصرة بأجهزتها‏,‏ بما في ذلك المؤسسات الدينية التقليدية مع هذه الجماعات المتشددة التي اختلقت هذه الهوية‏,‏ وذلك لتدعيم شرعيتها السياسية المتهاوية‏,‏ أو لمجاراة الجماهير المتدينة‏,‏ لكي تثبت أنها ليست أقل إسلاما من هذه الجماعات التي أصبحت مصدر توتر اجتماعي حاد في المجتمع العربي المعاصر‏.‏

    صعود وسقوط المشروع الحضاري
    وقد وجدت هذه الأفكار الإسلامية المتشددة طريقها للتطبيق العملي في السودان حين نجحت الجبهة القومية الإسلامية في القيام بانقلاب عسكري‏,‏ واستولت علي السلطة كاملة في الثلاثين من يونيو عام‏1989,‏ وكان رائد هذه التجربة هو السياسي والمفكر الإسلامي السوداني حسن الترابي‏.‏

    وقد أصدر الباحث السوداني المعروف الدكتور حيدر ابراهيم علي مدير مركز الدراسات السودانية كتابا بالغ الأهمية‏,‏ يوثق ويحلل نقديا هذه التجربة التاريخية التي تكشف بجلاء عن فشل هذه الهوية الإسلامية المتخيلة فشلا ذريعا في مجال السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع‏.‏

    والكتاب الذي نشره مركز الدراسات السودانية عام‏2004‏ بعنوان سقوط المشروع الحضاري هو الجزء الأول من دراسة شاملة لهذه التجربة السودانية‏.‏

    ويقرر حيدر ابراهيم في مقدمة الكتاب ارتكزت التجربة الاسلاموية السودانية علي إيديولوجيا خيالية وغيبية أيضا‏,‏ وفي نفس الوقت لا تاريخية‏,‏ تظن ان الزمن توقف في تجربة سابقة يمكن استعادتها إلي ما لانهاية في مستقبل التاريخ البشري‏.‏

    ومن الجدير بالإشارة ان جماعات الإسلام السياسي في مختلف البلاد العربية هللت وكبرت عقب الانقلاب العسكري الذي خطط له ببراعة منقطعة النظير حسن الترابي‏,‏ علي اساس أنها أول دولة إسلامية تنشأ في الوطن العربي مطبقة مبادئ الإسلام الحقة‏,‏ والتي ستكون منطلقا للغزو الفكري لكل ارجاء العالم العربي‏,‏ باعتبارها النموذج والقدوة‏,‏ وبغض النظر عن الفشل الذريع لهذه التجربة‏,‏ فإنه من المهم بمكان تفكيك خطاب هذه الهوية الإسلامية المتخيلة‏,‏ والتي مازال لها أنصار كثر في العالم العربي والإسلامي‏.‏

    عناصر المشروع المتخيل
    وللهوية الإسلامية المتخلية أركان متعددة سياسية ومعرفية واقتصادية وثقافية واجتماعية‏.‏

    ولعل أبرز أركانها السياسية رفعها لشعار الشوري لنفي صحة الديمقراطية الغربية‏,‏ وتقوم هذه الدعوة علي اساس أن الإسلام له وجهة نظر سياسية خاصة تقوم علي الشوري‏,‏ وبالتالي فإن جماعات الإسلام السياسي وقفت معادية للديمقراطية الغربية علي اساس انها أفكار مستوردة لاتصلح للتطبيق في المجتمع الإسلامي‏.‏

    وبالرغم من ان الشوري حقيقة من المبادئ الرئيسية في الإسلام‏,‏ إلا أنه عبر التاريخ الإسلامي لم يتح لها أن تطبق إلا في عصر الخلفاء الراشدين وبشكل محدود‏,‏ ويمكن القول بكل تأكيد أن الشوري بطل العمل بها منذ استيلاء معاوية بن أبوسفيان علي الحكم بالقوة‏,‏ ومن ثم لم يتح لها أن تصبح عبر الزمن مؤسسة لها قواعد وأركان وأعراف وتطبيقات‏,‏ وتحولت لتصبح مجرد شعار يرفع في مجال المقارنة العقيمة مع الديمقراطية الغربية‏.‏

    ومع أن جماعات الإسلام السياسي في السنوات الآخيرة تنازلت عن معارضتها للديمقراطية وأعلنت قبولها بها‏,‏ وموافقتها علي مبدأ التعددية الحزبية‏,‏ إلا ان ذلك علي سبيل القطع مجرد تكتيك‏,‏ يسمح بقبوله في إطار العمل السياسي الشرعي‏,‏ وذلك لان هذه الجماعات قد سكتت عامدة متعمدة عن شرح ما تقصده بهدفها الرئيسي وهو أسلمة المجتمع أو تطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف الميادين‏.‏

    ونريد بإيجاز أن نكشف عن المسكوت عنه في هذا المشروع الإسلامي السياسي‏,‏ الذي اختلق هوية إسلامية هدفها تحكم الماضي في الحاضر والمستقبل‏.‏

    وإذا كانت الشورى هي المكون السياسي الأساسي للمشروع فإن أسلمة المعرفة هي المكون المعرفي‏.‏

    وأسلمه المعرفة مشروع واسع المدى أسسه الناشط الإسلامي طه جابر علواني مدير مركز البحوث الإسلامية في واشنطن‏,‏ وخطط له علي أساس فكرة خيالية ساذجة مبناها تلخيص المعرفة الغربية في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية‏,‏ ثم إعطاؤها لعدد من العلماء الاجتماعيين المسلمين لأسلمتها‏!‏

    وقد تابعت بدقة صعود هذا المشروع وسقوطه‏,‏ من خلال مشاركتي في ندوات متعددة عقدت لمناقشة نتائجه‏,‏ والتي أثبتت أنها دعوة لا علمية من وجهة النظر المعرفية‏,‏ وليس لها من نتيجة سوي عزل الباحثين في العلوم الاجتماعية في العالم العربي والإسلامي عن سياق الفكر العالمي‏,‏ والتخندق في كهوف معرفية إسلامية مزعومة‏.‏

    أما في مجال الاقتصاد فلدينا مزاعم وجود اقتصادي إسلامي متميز بمناهجه ونظرياته وتطبيقاته عن الاقتصاد العالمي‏,‏ وقد نشأ هذا الاقتصاد في الهند في الاربعينيات كمحاولة لإيجاد هوية إسلامية متخيلة في سنوات الاستعمار الانجليزي الأخيرة‏,‏ ودارت السنوات من بعد لتصعد حركة البنوك الإسلامية وتنتشر في عديد من البلاد العربية والإسلامية‏,‏ وتؤثر فعلا في السلوك الاقتصادي لملايين المسلمين‏,‏ غير أن هذه التجربة ـ وفق شهادات موضوعية متعددة ـ فشلت فشلا ذريعا‏,‏ لأنها ـ مثلها في ذلك مثل مشروع أسلمة المعرفةـ أقيمت علي أسس واهية‏,‏ لان هذه البنوك ـ علي عكس ما يدعي أصحابها ـ متكاملة عضويا مع البنوك الأخرى التي يطلق عليها ربوية‏,‏ وذلك لسبب بسيط مؤداه أنه لا يمكن اختلاق اقتصاد منفصل عن الاقتصاد العالمي‏,‏ استنادا إلي حجج دينية واهية عن تحريم الفائدة باعتبارها ربا‏,‏ وإذا ألقينا بالبصر إلي مجال الثقافة‏,‏ فإن هذا المشروع الإسلامي المتطرف يمارس التحريم في المجال الفكري والثقافي‏,‏ ويلعب ـ كما أثبتت التجربة في مصر وغيرها من البلاد العربية والإسلامية ـ دور محاكم التفتيش في العصور الوسطي الأوروبية‏,‏ فيقوم بدور الرقيب علي الأعمال الفكرية والأدبية والفنية‏,‏ ويمارس فيه التحريم بكل تزمت‏,‏ ويدعو لمصادرة الكتب والأعمال الفنية‏,‏ ويتهم أصحابها بالكفر والردة عن الإسلام‏.‏

    ووصلت الفوضى مداها باستخدام دعوي الحسبة بطريقة فوضوية‏,‏ بحيث كان أي عابر سبيل يستطيع أن يرفع هذه الدعوي علي أي مفكر أو باحث أو مبدع‏,‏ والتفتت الدولة المصرية مؤخرا لهذا الخطر المحدق بحرية التعبير‏,‏ فألغت دعوي الحسبة‏,‏ وتركت هذه المسائل في يد النيابة العمومية‏.‏

    وفي مجال القيم فان أصحاب هذا المشروع الإسلامي المتشدد من غلاة الرجعيين‏,‏ وهم يحكمون الماضي وقيمه وحلوله في مشكلات الحاضر‏,‏ ولذلك هم يرفضون قيم الحداثة بما تنطوي عليه من احترام حقوق الفرد‏,‏ وتحكيم العقلانية باعتبار أن العقل هو محك الحكم علي الأشياء‏,‏ ويميلون إلي اعتقال المرأة في البيت‏,‏ وحرمانها من حق العمل‏,‏ وينزعون إلي تحريم الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات‏,‏ راجع الموقف في الكويت حيث أصدر مجلس الأمة الكويتي بتأثير التيار الإسلامي المتشدد قرارا بمنع الاختلاط في الجامعة‏,‏ ولم تستطع الحكومة لأسباب متعددة تنفيذ هذا القرار‏.‏

    وفي هذا السياق اشتدت الدعوة إلي الحجاب باعتباره كما يزعمون فريضة إسلامية وليس هذا صحيحا‏,‏ بل بدأوا بالدفاع عن النقاب‏..‏ باختصار التزمت في الملبس والانغلاق في الفكر‏,‏ والعداء في مجال التفاعل الحضاري مع الآخر‏,‏ هي السمات الأساسية لهؤلاء الذين يروجون للهوية الإسلامية المتخيلة‏.‏

    ومما لاشك فيه أن الدولة العربية المعاصرة نظرا لممارساتها الانتهازية السياسية في تعاملها مع جماعات الإسلام السياسي‏,‏ والتي تتمثل أساسا في الاعتماد علي الدين أحيانا للدفاع عن شرعيتها السياسية المتهاوية‏,‏ وفي المغالاة وخصوصا في مجال الإعلام‏,‏ في إذاعة البرامج الدينية التي يسيطر عليها فقهاء التشدد والتزمت‏,‏ لإثبات أنها ليست أقل إسلاما من هؤلاء‏!‏

    وها هم اليوم يضغطون علي الدولة العربية المعاصرة للدخول في حلبة النشاط السياسي المشروع‏,‏ حتى ينفذوا للجماهير استعدادا لإعلان دولتهم الإسلامية‏,‏ علي الطريقة الترابية السودانية‏,‏ وفي نفس الوقت تضغط قوي خارجية متعددة لإدخالهم في السياسة المشروعة‏,‏ لتغيير طبيعة النظم السلطوية‏!‏

    من هنا يظهر المأزق المزدوج ونعني‏,‏ مأزق المجتمع العربي الذي تهدده هذه الجماعات المتطرفة‏,‏ ومأزق الدولة العربية المعاصرة التي تآكلت شرعيتها السياسية‏,‏ لأنها لم تشأ أن تخضع لمبادئ الحداثة السياسية وأولها الليبرالية وليس آخرها تداول السلطة‏!‏

    سقوط المشروع الحضاري في السودان -الحلقة الاولى
    لماذا لم يتكرر النموذج الإيطالي في الخرطوم؟


    تأليف :د. حيدر ابراهيم

    كان انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في صبيحة الجمعة 30 يونيو 1989 اختباراً حقيقياً لصدقية ديمقراطية الحركات (الإسلاموية) ولإيمانها بالتداول السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات والاختيار الحر. كما ان قادتها جعلوا من السودان مختبراً أو معملاً لاجراء تجربة حكم إسلامي أو مشروع حضاري إسلامي من دون ان يملكوا رؤية فكرية واضحة ولا كوادر مؤهلة لتطبيق تغييرات إسلامية معاصرة في بلد شديد التعقيد بسبب تنوعه الثقافي ومساحته وموقعه الاستراتيجي.

    ومن البداية وجد (الإسلامويون) أنفسهم مواجهين بتعليل وتسبيب قيام الانقلاب، وبالذات في الحالة السودانية. كان عليهم تقديم منطق قوي لعقلنة الانقلاب على نظام سياسي كانوا جزءاً أصيلاً منه. فقد حصلوا على اثنين وخمسين نائباً في برلمان (1986ـ 1989) من مجموع 301 نائب. وشاركوا في أكثر من تشكيل حكومي ائتلافي وتقلدوا مناصب وزارية سيادية.

    فالترابي، على الرغم من عدم فوزه بمقعد برلماني، الا انه كان وزيراً للخارجية وللعدل، ثم تولوا رئاسة الجمعية التأسيسية في واحدة من الترضيات الكثيرة، وصاروا حكاماً للأقاليم ومحافظين. وكانت لديهم هيمنة على غالبية الصحف بسبب قدرتهم المالية، اذ كانت هناك أكثر من خمس صحف يومية تعبر عن الجبهة الإسلامية بالاضافة لاختراقات عدد من الصحف الأخرى ومن الصحفيين.

    قصدت القول، ان (الإسلامويين) السودانيين كانوا أكثر نظرائهم استفادة واستمتاعاً بثمار الديمقراطية، مهما كانت سلبيات هذه الديمقراطية في مجتمع نامٍ مثل السودان. فهم لم يتعرضوا للقمع والتهميش كما حدث لنظرائهم في بلاد عربية أخرى، بالذات تلك التي حكمها عسكر.

    ففي السودان، حتى النظم الديكتاتورية لم تخص (الإسلامويين) باجراءات قمعية محددة غير تلك التي تفرضها طبيعة هذه النظم الشمولية للاحتفاظ بالسلطة المطلقة. لذلك كشف انقلابهم عن موقفهم الانتهازي من الديمقراطية باعتبارها مجرد وسيلة تمكنهم من العمل والانتشار وممارسة الضغوط على الآخرين.

    جأ (الإسلامويون) الى ذكر أسباب ظرفية أي نتيجة أسباب مباشرة استوجبت القيام بالانقلاب بالاضافة للسبب الاستراتيجي وهو تحقيق البرنامج والأيديولوجيا التي تؤمن بها الحركة (الإسلاموية) وتسعى الى تطبيقها عند استلام السلطة. وكان التبرير الأخير يقوم على فرضيتين تحاول الأولى اثبات فشل وعجز النظام الديمقراطي وعدم صلاحيته لظروف السودان. والثانية والتي لم يفصح عنها في البداية: تطبيق الشريعة الإسلامية وقيام نظام إسلامي أو مشروع حضاري إسلامي.

    مبرر فشل الديمقراطية

    اقتبس الباحثون في السياسة جملة الجنرال ابراهيم عبود في بيان الانقلاب السوداني الأول (17 نوفمبر 1958) باعتبارها تدل على فلسفة العسكريين في الانقلاب وعلى وجهة نظر واسعة الانتشار. اذ بعد ان قدم صورة قاتمة للأوضاع القائمة آنذاك، يقول: «ونتيجة لذلك ومن المسلك الطبيعي ان ينهض جيش البلاد ورجال الأمن لايقاف هذه الفوضى».

    فقد تحدد الانقلاب وصفه المسار الطبيعي للتطور السياسي. وهذه هي طريقة حل الأزمات أي بالقضاء على الديمقراطية نفسها، مما يعني امكانية التضحية بالديمقراطية عوضاً عن تطويرها والصبر عليها.

    فالديمقراطية عند الانقلابيين جميعاً وعلى رأسهم (الإسلامويون) السودانيون (الجبهة الإسلامية القومية) ليست مبدأ ولا قيمة فكرية وأخلاقية بل هي واحدة من أدوات الوصول الى السلطة السياسية. وهذا الفهم الأداتي للديمقراطية سبب الاستخفاف بالممارسة الديمقراطية، فقد كان الإسلامويون وراء حل الحزب الشيوعي رغم عدم دستوريته، كما ان أهم مكونات الديمقراطية هي قبول الآخر المختلف.

    وحاولت الحركة الإسلاموية افشال التجربة الديمقراطية من خلال مؤسساتها نفسها بالذات البرلمان والصحافة. ففي البرلمان اشتهر عضو الجبهة الإسلامية محمد الحسن الأمين «بنقطة النظام» كطريقة لتعطيل العمل. بالاضافة للغياب عن الجلسات والتهديد بمقاطعة الحضور. وكان الهدف ان يعجز البرلمان عن القيام بمهامه الدستورية. أما الصحافة فقد هبطت الجبهة الإسلامية القومية بأخلاقيات العمل الصحفي وبلغة الحوار والخلاف الى درك سحيق وهنا أيضاً الغاية تبرر الوسيلة. وكانت صحافة الجبهة بعيدة عن قيم وخصال السودانيين.

    ولم تعد الصحافة سلطة رابعة كما هو متوقع. ورغم ذلك جاء البيان الأول، ليقول: «أيها الشعب السوداني الكريم ان قواتكم المسلحة المنتشرة في طول البلاد وعرضها ظلت تقدم النفس والنفيس حماية للتراب السوداني وصوناً للعرض والكرامة وتترقب بكل أسى وحرقة التدهور المريع الذي تعيشه البلاد في شتى أوجه الحياة وقد كان من أبرز صوره فشل الأحزاب السياسية بقيادة الأمة لتحقيق أدنى تطلعاتها في الأرض والعيش الكريم والاستقرار السياسي حيث مرت على البلاد عدة حكومات خلال فترة وجيزة .

    وما يكاد وزراء الحكومة يؤدون القسم حتى تهتز وتسقط من شدة ضعفها وهكذا تعرضت البلاد لمسلسل من الهزات السياسية زلزل الاستقرار وضيع هيبة الحكم والقانون والنظام. أيها المواطنون الكرام، لقد عايشنا في الفترة السابقة ديمقراطية مزيفة ومؤسسات دستورية فاشلة وارادة المواطنين قد تم تزييفها بشعارات براقة مضللة وبشراء الذمم والتهريج السياسي ومؤسسات الحكم الرسمية لم تكن الا مسرحاً لإخراج قرارات السادة.

    ومشهداً للصراعات والفوضى الحزبية وحتى مجلس رأس الدولة لم يكن الا مسخاً مشوهاً، أما رئيس الوزراء فقد أضاع وقت البلاد وبدد طاقاتها في كثرة الكلام والتردد في السياسات والتقلب في المواقف حتى فقد مصداقيته..

    أيها المواطنون الشرفاء: «ان الشعب مسنود بانحياز قواته المسلحة قد أسس ديمقراطية بنضال ثورته في سبيل الوحدة والحرية ولكن العبث السياسي قد أفشل التجربة الديمقراطية وأضاع الوحدة الوطنية باثارة النعرات العنصرية والقبلية حتى حمل أبناء الوطن الواحد السلاح ضد اخوانهم في دارفور وجنوب كردفان علاوة على ما يجري في الجنوب من مأساة وطنية وانسانية».

    الحق على الطليان

    يلاحظ أي شخص يقوم بتحليل مضمون هذا البيان المغالطات الكثيرة التي يحتويها، كما ان البيان بتضليله يكشف مبكراً كيف سيكون حكم الانقاذ. هناك خلط متعمد بين فشل بعض الأحزاب وفشل الديمقراطية نفسها، ويحاولون اثبات فشل الأحزاب بتعاقب الحكومات. هذا دليل ضعيف والا كيف نفسر ما يدور في ايطاليا وعدد الحكومات التي تتعاقب خلال عام واحد فقط أو منذ الحرب العالمية الثانية؟

    كل عدم الاستقرار الايطالي لم يبرر الانقلاب وفي الوقت نفسه لم يؤثر على الاقتصاد ليسبب التدهور. يتحدث البيان عن ديمقراطية مزيفة وهذا يعني أنهم يريدون أخرى غير مزيفة ولكن مطلب عدم التزييف لا يأتي بالدبابات وقوانين الطوارئ وأجهزة الأمن. ولا يحترم البيان الشعب السوداني ـ حسب الفقرة الثانية ـ الذي، مسنود بانحياز قواته المسلحة «قد أسس ديمقراطية بنضال ثورته في سبيل الوحدة والحرية» فهل من المنطق القضاء على ديمقراطيته بدعوى العبث السياسي؟

    ويربط البيان بين الديمقراطية والوحدة الوطنية، ويحمل السياسيين اثارة النعرات العنصرية والقبلية حتى حمل أبناء الوطن الواحد السلاح ضد اخوانهم. ومن يتابع ما حدث الآن في دارفور وجنوب كردفان، يتأكد له ضرورة الديمقراطية. فالانقلابيون رغم العنف الزائد لاخضاع تلك المناطق لم يستطيعوا حل المشكلات بل أوصلوها حد الكارثة.

    يبدو ان كل الأسباب التي حاول (الإسلاميون) ايرادها لاثبات فشل الديمقراطية وتبرير انقلابهم، صارت ضدهم لهم. فكأن البيان الأول يصف مآل الانقاذ الحالي. وفي فقرة أخرى يقول البيان: «أيها المواطنون الشرفاء، قد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي الى الشرفاء فشردتهم تحت مظلة الصالح العام مما أدى الى انهيار الخدمات المدنية وقد أصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سبباً في تقدم الفاشلين في قيادة الخدمة المدنية وأفسدوا العمل الاداري وضاعت على أيديهم هيبة الحكم وسلطات الدولة ومصالح القطاع العام».

    يعلم الجميع الآن سجل الانقاذ في التشريد والفصل التعسفي والذي لم يتوقف، فقد جاءت الخصخصة لتكمل الفصل للصالح العام لأسباب سياسية. كما ان الانقاذ تسببت في خروج جماعي من السودان وافراغ البلاد من العناصر الحية سياسياً واقتصادياً. ويقدم السر سيد أحمد صورة قلمية ومعلومات احصائية جيدة، يكتب «يروي سليمان خضر وهو شيوعي اعتقل عدة مرات في بدايات عهد الانقاذ .

    وكسرت يده وهو تحت التعذيب في بيوت الأشباح، انه عندما طلب أذناً بالسفر الى الخارج للعلاج كانت هناك مماطلة في الاستجابة لطلبه. ونتيجة لالحاحه وضغوط بعض المنظمات الدولية بخصوص حالته، استدعاه أحد ضباط الأمن ليعرض عليه ان يتم تسهيل خروجه شريطة عدم عودته الى السودان مرة أخرى وأن له مطلق الحرية في الانضمام الى المعارضة الخارجية ان كان يرغب في ذلك.

    ويعتقد بعض المراقبين ان نسبة لا تقل عن 80 في المئة من الناشطين السياسيين والنقابيين الذين تحفظت عليهم الانقاذ عامي 8919 ـ 1990 هاجروا الى الخارج، مشكلين الجسم الكبير للتجمع الوطني الديمقراطي بسبب المضايقات التي تعرضوا لها وعمليات الاحالة الى الصالح العام، التي جعلت كسب العيش من الصعوبة بمكان في مجتمع تسيطر الدولة على النشاط الاقتصادي فيه.

    وتشير أرقام رسمية الى ان اجمالي عدد الذين أحيلوا الى المعاش منذ عام 1904 وحتى العام 1989 بلغ 32419 موظفاً، بينما شهدت الفترة بين (30 يونيو 1989 و 29 سبتمبر 1999) احالة 73640 موظفاً، أي ان الذين أحيلوا الى المعاش في عهد الانقاذ يتجاوز ضعفي الذين أحيلوا الى التقاعد خلال كل العهود الاستعمارية والوطنية من مدنية حزبية وعسكرية سابقة» (صحيفة الشرق الأوسط 20 مايو 2001).

    حاول البيان تقديم مبررات للانقلاب مركزين على فشل الديمقراطية. ولكن الوجه الآخر للمسألة، هو فكرة التمكين لدى (الإسلامويين) لأن الديمقراطية بسبب الحريات والمعارضة لا تعطيهم السلطة المطلقة اللازمة لتطبيق المشروع الحضاري.

    وهنا يلاحظ ان تفاصيل المشروع الإسلامي على أرض الواقع تصطدم بموضوعات الحريات وحقوق الانسان. لذلك لابد من وجود سلطة سياسية قوية وموحدة ولها الغلبة على الآخرين.

    وقد قالها معاوية بن أبي سفيان وسار عليها الكثيرون من بعده بما في ذلك الجبهة الإسلامية بعد استيلائها على السلطة: «أما بعد فإني والله ما وليتها بمحبة علمتها منكم، ولا مسرة بولايتي، ولكني جالدتكم بسيفي هذا مجالدة». وقد قالها رجال الانقاذ كثيراً بألفاظ مختلفة ومعنى واحد.

    استمر رجال الانقاذ في تبرير وتسبيب قيامهم بالانقلاب. ثم صاروا يذكرون أسباباً مباشرة. وبعد حين أرجع رجال الانقاذ قيامهم بالانقلاب الى ابعادهم عن السلطة بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في منتصف مارس 1989 قبل أشهر قليلة من الانقلاب. وكانت القوات المسلحة قد رفعت مذكرة القيادة في العشرين من فبراير 1989 والتي اعتبرها البعض انهياراً دستورياً وبداية نهاية للحكم المدني. ثم شرعت الجبهة الإسلامية القومية في اضعاف النظام المنتخب حتى يصل درجة تجعل أي تحرك عسكري مقبولاً.

    فانطلقت المظاهرات من بداية ابريل تحت دعاوى مختلفة مثل تأييد قوانين سبتمبر 1983م حين بدأت مناقشات تجميد القانون الجنائي، أو استغلال سقوط بعض الحاميات العسكرية في الجنوب مثل اكوبو. واضطر وزير الداخلية مع تصاعد المظاهرات، الى اذاعة بيان في 17 ابريل 1989 يناشد فيه التجمعات السياسية التوقف عن تسيير المواكب والمظاهرات.

    ولكن نائب الأمين العام للجبهة على عثمان محمد طه، صرح في اليوم نفسه لصحيفة حزبه «الراية» قائلاً: «ان المظاهرات سوف لن تتوقف الى ان يتم تطبيق الشريعة الإسلامية (عبد الرحمن الأمين ـ ص 189) ثم سادت الفوضى والضعف وقد ساهمت الجبهة في ذلك واستغلت هذه الأوضاع للقضاء على النظام المنتخب.

    وكانت الجبهة في حل من الالتزام بحماية الديمقراطية. فقد رفضت التوقيع على اعلان الدفاع عن الديمقراطية. ولم يؤد زعيمها قسم الولاء للدستور لأن الترابي لم يكن نائباً في الجمعية التأسيسية. كما أنها لم تشارك في الحكومة الأخيرة التي أطاح بها الانقلاب، لذلك ليس للجبهة وزراء التزموا بحماية حكومتهم. هذه مواقف فقهية وليست سياسية ولكن الجبهة وظفتها حسب فهمها للدين والسياسة.

    وقائع لقاء سري

    سعت الجبهة الإسلامية الى الوصول الى السلطة السياسية وهذا وضع عادي لأي حزب ولكن من المهم تحديد وسائل الوصول هل هي صندوق الانتخابات أم على ظهر الدبابات؟

    كان الخيار العسكري مطروحاً منذ استيلاء النميري على السلطة في 25 مايو 1969م وتحالف الأخوان المسلمين والامام الهادي المهدي الذي دخل في مواجهة عسكرية مبكرة في مارس 1970م مع النظام، وفقد الأخوان المسلمون أحد قادتهم د. محمد صالح عمر واعتقل الشيخ محمد الصادق الكاروري وفر مهدي ابراهيم الى اثيوبيا. ثم كانت معسكرات التدريب لاعداد جيش شعبي يهدف الى الاطاحة بنظام النميري عن طريق القوة.

    أوردت صحيفة «الشرق الأوسط» ما أسمته وقائع لقاء سري تم بين الفريق عمر حسن أحمد البشير ومحمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي، في منزل المحامي عبد الباسط سبدرات وزير التربية والتعليم حينذاك وسأل نقد البشير عن بداية التفكير في تكوين تنظيم إسلامي داخل القوات المسلحة فأجابه البشير بأن ذلك كان عام 1971م بعد ان نفذ الشيوعيون انقلابهم بقيادة الرائد هاشم العطا الذي أعدمه النميري. وقال البشير انه شعر بالخطورة على الإسلام من ذلك الانقلاب.

    وعلى المستوى الشخصي أحس بالقلق على أفراد أسرته ممن ينتمون الى الحركة الإسلامية، وأضاف البشير: «كنت حينما حدث انقلاب الشيوعيين في الفاشر ومعي زميلي فيصل علي أبو صالح (وزير الداخلية سابقاً) وكنا إسلاميين ومتدينين. وفكرنا كثيراً وسألنا أنفسنا: هاهم الشيوعيون ينظمون أنفسهم داخل الجيش ويغيرون النظام لمصلحتهم.

    فلماذا لا نعمل نحن من أجل الإسلام؟ ومنذ ذلك التاريخ بدأنا نعمل لتجميع من نثق فيهم من الضباط وكنا نختار المتدينين الذين يؤدون الصلاة ولا يشربون الخمر وهكذا.. وكان لنا صوتنا داخل القوات المسلحة ودورنا في الاطاحة بجعفر نميري حتى كتب الله نجاح الحركة والعمل لانقاذ السودان» (الشرق الأوسط ـ 26 يوليو 1991).

    يحلل الشيخ حسن الترابي العلاقة مع الجيش بطريقة مختلفة، ففي سؤال: الى أي مدى نجحت الحركة الإسلامية في السودان في تجاوز القسمة بين ما هو مدني وعسكري؟ يجيب بأن «من فضل الله وتوفيقه للحركة الإسلامية انه هيأ لها شيئاً من البصيرة حتى تحاول ان تستدرك كثيراً من عيوب الطبقة التي نشأت فيها، وهي الصفوة المتعلمة التي لم يكن أخطر ما فيها هو القطيعة بين ما هو مدني وما هو عسكري، ولكن القطيعة بين الصفوة والجمهرة العامة».

    ويضيف بأن الحركة حاولت ان تعالج بعض أمراض الشرائح الداخلية ومن بينها الغيرة بين ما هو مدني وما هو عسكري. ومن جهة يقول بأنهم قسموا الصفوة عموماً ازاء قضية الإسلام واستنصروا بالجماهير ـ حسب قوله ـ مما سهل هزيمة «الطبقة الليبرالية العلمانية»، ثم أصبحت ان تتجاوز الحركة المكر والاستعمار في الجانب الآخر: العسكري والمدني.

    يضيف الترابي: «.. فالحركة الإسلامية لم تقصر علاقتها على عناصر محددة تجند سرياً وتنظم ولا يمكن ان تفلت أبداً من المراقبة الوثيقة ولكنها آثرت ان تخاطب القوات المسلحة خطاباً عاماً مفتاحاً، وبهذا الانفتاح دخلت قطاعات كبيرة من القوات المسلحة في الجامعات وتأهلت للدراسات الإسلامية الشرعية. وبعد انتفاضة الحركة الإسلامية (هكذا!!) أصبحت الحركة تدافع عن القوات المسلحة وعن تعزيزها وعدم تخذيلها بتمجيد المتمردين وانحازت الحركة الإسلامية انحيازاً واضحاً للقوات المسلحة».

    ويورد الترابي سبباً آخر لوجودهم داخل الجيش «.. ان القوات المسلحة كلها تستمد من المدارس، والمدارس غلبت عليها الوطنية في الخمسينيات، ولذلك كان الضباط الذين تولوا السلطة في آخر الخمسينيات من هذا القرن وطنيين، وغلبت عليها اليسارية في الستينيات وغلب الإسلام في السبعينيات من هذا القرن. ولذلك كان الضباط الذين تولوا السلطة إسلاميين بالضرورة، لأن المناخ العام كله كان إسلاميا». (مجلة قراءات سياسية، السنة الثانية، العدد الثالث، صيف 1412هـ ـ 1992م ص 17ـ 18).

    تاريخ من خيال

    يقدم حسن مكي، مؤرخ ومنظر الحركة، على الرغم من الصفات التي تضفي عليه، تاريخاً خيالياً لدور الجبهة الإسلامية في السودان وبعد شطحات بعيدة عن الأكاديمية والموضوعية، يصل مكي الى مسببات اللجوء الى العمل الانقلابي ابتداء من انتفاضة ابريل 1985م، يقول: «في هذا السياق، عقدت الحركة الإسلامية اجتماعاً وقررت بنتيجته تحريك الجيش ضد النميري، معتبرة ان الظروف مؤاتية للاجهاز على السلطة» ويضيف: «والحركة الإسلامية التي كانت جاهزة عام 1985م للانقضاض على النميري كانت أكثر جمهورية عام 1989.

    لكنها كانت لديها مشكلة تتمثل في طريقة اخراج مشروع السلطة طرحت الحركة استلام السلطة على ان يكون الإخراج اخراجاً وطنياً، ويتماشى مع طبيعة القوى الاقليمية الموجودة. ورأت انه لابد ان يكون في الحرب خدعة، بحيث يقوم الانقلاب على الطرح القومي والاعلان انه يأتي للقضاء على الحركة الإسلامية .

    ولعقد مصالحة مع جون قرنق وتم اشراك عناصر الاستخبارات المعروفة باتصالاتها بالأميركيين والمصريين في الانقلاب». (مجلة شئون الأوسط، العدد 38، فبراير 1995، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق، بيروت، ص 15ـ 16).

    يمارس (الإسلامويون) «خدعتهم» باستمرار حتى ان اتضحت بنية وسياسات السلطة، وعند كل أزمة أو محاولة للانفتاح يعود الانقاذيون الإسلامويون الى نفي الأيام الأولى. وبعد سبع سنوات سئل البشير عن أسباب نفي الانقلابيين لأي علاقة مع الجبهة الإسلامية في بداية الأمر، وأجاب عكس المعلومات التي سبق ذكرها: «أؤكد لك انه لم تكن هناك في بداية الأمر أي علاقة لثورتنا الانقاذية بالجبهة القومية الإسلامية أو قادتها أو عناصرها. ويعلم الجميع اننا قمنا آنذاك باعتقال كل القيادات السياسية بما فيها الدكتور حسن الترابي.

    ولكن التنظيم الذي كان يجمع بيننا كضباط عسكريين داخل الجيش السوداني كان إسلامياً، يهدف الى تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، ومن هنا كان التقاؤنا بالجبهة الإسلامية، وهو التقاء في المبادئ والبرامج وليس التقاء تنظيمياً» (مجلة الوسط العدد 224 بتاريخ 13 مايو 1996).

    كشف الشيخ حسن الترابي في مؤتمر صحفي عقده يوم 18 ديسمبر 1999 مع تفاقم الخلاف مع الرئيس السوداني، انه رأى البشير لأول مرة في حياته في الليلة التي سبقت انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 وأضاف: «ليلتها اتفقنا على ان يذهب هو الى قصر الرئاسة وأنا الى السجن العمومي». (الحياة ـ 19 ديسمبر 1999).

    وبرر الظروف التي أدت بهم كحركة إسلامية الى تنظيم انقلاب عسكري: «أغلقت في وجوهنا جميع الأبواب لممارسة العمل السياسي اذ تعرضنا للاعتقال في عهد الرئيس السابق جعفر النميري كما تعرضنا للابعاد عن الحكومة الموسعة التي كان يرأسها الصادق المهدي الذي اعترف فيما بعد بالضغوط التي مارسها عليه القادة العسكريون لابعادنا. كذلك اعترف لنا نميري بالضغوط الدولية عليه لاعتقالنا» (الحياة ـ 19 ديسمبر 1999).

    كشف الصراع بين الترابي والبشير حقيقة التآمر العسكري على الديمقراطية. وفي تصريح للبشير عقب خلافه مع الترابي، قال: بأنه ملتزم بعضوية الحركة الإسلامية منذ ان كان طالباً في المرحلة الثانوية. وأضاف: «اننا نفذنا قرار الحركة الإسلامية باستلام السلطة ولا نزال على العهد». وأعلن انه لن يسمح بحل المؤتمر الوطني مثلما حلت الحركة الإسلامية «اننا لا نخجل من الزي العسكري».

    وأكد ان الجيش السوداني سيظل حامياً للشريعة الإسلامية (الراية القطرية 15 ديسمبر 1999) وبعد أيام قليلة كان الترابي يقود حملة دعائية ضد البشير في الصحف، ومن بين ما قاله ان البشير اضطلع بدور ثانوي في تنفيذ الانقلاب واتهم جناح البشير «بسرقة الثورة من صانعيها ومنفذيها». وكشف عن أسماء أفراد الميليشيات التابعة له والتي نفذت عمليات الاعتقال لكبار السياسيين ورجال الدولة آنذاك واعتقاله هو شخصياً ومساعده ابراهيم السنوسي ( «البيان» ـ يوليو 2000).

    في حوار مع د. علي الحاج أجراه الأستاذ عبد الوهاب همت ومتداول في الصحيفة الالكترونية في الانترنت نجد هذه المعلومات الخطيرة، رغم ان الحاج قال بأن الوقت لم يحن بعد لكشف الكثير حول ما يتردد أخيراً عن المحاولة الانقلابية المنسوبة الى حزبكم المؤتمر الشعبي والخلافات بينكم والمؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) هل نحن أمام مسرحية جديدة من الإسلاميين كما حدث في انقلاب 30 يونيو 1989 حينما ذهب البشير الى القصر وذهب د. الترابي الى السجن حبيساً وما هي أسباب هذه الخلافات؟

    الخلافات الداخلية أمر عادي ولكن نهجنا ان أي خلافات تحسم داخلياً بالشورى والتشاور وفي الأخير نصل لرأي جماعي وهذا هو ما يخرج للاعلام.. أما عن انقلاب 30 يونيو 89 فقد كان قراراً اتخذته هيئة الشورى في الجبهة الإسلامية القومية ولم يكن قراراً فردياً وهيئة الشورى تتكون من 60 عضواً وأن النصاب كان مكتملاً عندما تم اقرار الانقلاب وكان هناك حوالي 3 أو 4 أشخاص غير موافقين على القرار.

    ولكن ما حدث أو ما يتعلق بذهاب الترابي للسجن أسيراً والبشير للقصر رئيساً فقد كانت هناك مجموعة ثالثة عليها ان تسافر خارج السودان وأنا كنت على رأس وفد من الأحزاب الأخرى ذهبنا الى أميركا وبريطانيا وكل ذلك كان جزءاً من التكتيك (وهذا الكلام أصرح به للمرة الأولى) أما تخطيط الانقلاب فقد أوكل أمره للأمين العام .

    وقد طلب منه مجلس الشورى ان يختار الأشخاص المناسبين لأن الأمر يحتاج لدرجة عالية من السرية وقد اختار الأمين العام الدكتور حسن الترابي 6 أشخاص وقد كنت أنا ضمن هؤلاء السبعة أشخاص وقد خططنا للانقاذ قبل فترة وكل ذلك مدون وموجود.. أما عمر البشير فلم يكن عضواً في هيئة الشورى لذلك فهو لم يكن يعلم بأي شيء عن أمر الانقلاب لأن العسكريين الإسلاميين غير موجودين كفصيل ممثل داخل هيئة الشورى ونحن لا نعرفهم الا بالأسماء الحركية وقد كان الأمين العام يقوم بالتنوير كل ثلاثة أشهر على مسار الأمر.

    طريقة تفكير

    الرئيس عمر البشير ذكر في لقاء تلفزيوني أجراه معه أحمد البلال الطيب عن الكيفية التي قام بها في تمويه الضباط وتحركه من ميوم الى الأبيض ومن الأبيض الى الخرطوم وذكر مجموعة من الوقائع كيف تقول ان دوره كان ثانوياً؟

    كما ذكرت لك نحن لا نعرف عمر البشير بالاسم لأننا نستخدم أسماء حركية وسط الجيش وعندما تم احضار عمر البشير من ميوم لم يقم عمر البشير بذكر أسماء الأشخاص الذين أحضروه وهم الأخوة عمر سليمان من أبناء كردفان الذي لا يزال يتعرض للاعتقال لأنه من المؤتمر الشعبي..

    كما لم يذكر اسم النحيلة الذي كان يقيم معه عمر البشير في الأبيض ومن ثم تحرك للخرطوم وقد كان حضوره للخرطوم للتنفيذ فقط لا غير.. البيان الأول كان جاهزاً قبل حوالي 3 أو 4 أسابيع من الانقلاب وقد تم تسجيله في شريط فيديو بمباني منظمة الدعوة الإسلامية بالخرطوم وكل الذين ساهموا في هذا الموضوع ما زالوا أحياء.. الحركة الإسلامية مسئولة عن كل ما يتعلق بأمر الانقاذ وهدفنا لم يكن اقامة ديكتاتورية مدى الحياة فقد كانت لدينا خطط مرحلية تنفذ على فترات..

    أما في ما يتعلق بأن السلطات قد وضعت يدها على المحاولة الانقلابية الأخيرة واعتقلت مجموعة من الضباط بدعوى أنهم كانوا يجتمعون في القيادة العامة فلماذا لم يتم تسجيل لمحاضر اجتماعاتهم أو تصويرها ونشرها لوسائل الاعلام اذا كان الأمر صحيحاً. هذه مجرد كذبة وفبركة من قبل أشخاص جهلاء لا يجيدون صنعة الأمر.. في موضوع الانقاذ فقد أدينا بيعة وقسماً مغلظاً لم يكن هدفنا ان نستعلي على الناس ونكون.... نحن فقط.. لأن الحركة الإسلامية لا تفكر بهذه الطريقة.






    كتاب ـ سقوط المشروع الحضاري في السودان ـ 2

    في مواجهة انتقاد التحرك الانقلابي، رجال «الإنقاذ» يستعينون بمدفعية ثقيلة من أجهزة الإعلام


    تأليف :د. حيدر ابراهيم

    في سؤال للشيخ الترابي يقول: «من خلال التجربة التي قمتم بها في الثلاثين من يونيو 89 يتساءل الشارع لماذا لا يعتذر الترابي للشعب عن هذا المسلك ويطلب العفو منه؟. طبعاً نحن لسنا الحركة السياسية الوحيدة التي دبرت انقلاباً في هذا البلد فحزب الأمة كان هو الأول والحزب الشيوعي كان الثاني ونحن الثالث، والحزب الاتحادي هو حزب رفض أن يدخل هذه الساحة إلا أن يكون من كرام المواطنين الذي يؤيدون نظام عبود لأنه قام بغالبه من تراث أقرب إليهم.

    ثانياً: نحن تحدثنا عن الخطأ (ايش) تعني هذه اللغة ويريد بعض الناس بلغتهم هم يريدون أن أقول للفرد منهم أعتذر إليك وأرجو أن تعفو عني فأنا أعتذر إلى الله سبحانه وتعالى. فمن اليوم الثاني بعد خروجي شهدت الندوة في الجامعة وتحدثت عن أين كان الخطأ وأين كان الصواب، لكن بعض الناس على وتيرة!! ويريدون أن يجلس الترابي تحت أقدامهم ليقبلها ويقول لهم أعتذر إليكم (طيب) ليعتذر السادة الكبار الذين أيدوا عبود ويدانوا.

    فأنا أقول إنه في السياسة يجب أن نترك الأمر للشعب يدين من يدين ويسحب ثقته ورصيده ويعذر من يعذر حتى ولو أخطأ أو تجاوز، لأن كل السياسيين خطاءون، والفساد لم يكن هنا بل في كل النظم وفسادات الرأي كل مرة هي التي تشغل صحفنا وكلامنا حتى يذهب هؤلاء ونبكي على الماضي (ما بكيتم من شيء إلا وبكيتم عليه) أنا أعرف السودانيين، فقد قامت الثورة ضد عبود من كل أنحاء البلد .

    وبعدها خرج عبود بعد فترة إلى السوق جرى الناس وراءه يرددون (ضيعناك وضعنا وراك يا عبود) فهذه أخلاق الشعب، لكن أنا أتكلم عن التقويمات وهذا التقويم ليس من الترابي بل من كل المؤتمر الشعبي ومن كل حركة الإسلام.

    د. الترابي كيف تقيم تجربة حكم الإسلاميين في السودان؟

    كانت محاولة للرجوع إلى الأول. دستور أشبه بدستور المدينة وانتخابات مثل انتخابات عثمان وعلي ولا تشبه ولاية العهد التي تأتي بالقوة وبسط حريات مثل المدينة وعهود مع الآخرين، وحاولنا هذه لكن من أول مرة (بتعصب) ولذلك ما رسخت في الناس، والشعب لم يمارس حرية لذلك لم تعش (حوار أجراه كمال الصادق وعماد عبد الهادي، في صحيفة «الأيام» 25 مارس 2004).

    ملابسات انقلاب

    يحاول الشيخ الترابي أن يبرر الخطأ بخطأ فهل قيام الآخرين بالانقلاب يعطيهم الحق في الانقلاب على الديمقراطية؟ ومثل هذا التفكير يسقط الوازع الأخلاقي، إذ طالما هناك من يقوم بجريمة أو خطيئة، فيمكن للاحقين أن يجعلوه سابقة أو قدوة!

    يقول علي عثمان محمد طه عن الانقلاب: «إن هذا الانقلاب لم يكن انقلاباً حزبياً بالمعنى المباشر، صحيح أنه قد تكون للجبهة الإسلامية وللعناصر الإسلامية نصيب كبير في آلية ذلك الانقلاب لكن بالقطع أن الانقلاب روحه وجوهره ومضمونه كان عملاً وطنياً استدعته الضرورة الوطنية التي فرضتها المهددات التي كانت تضغط على وجدان ونبض كل مواطن يريد أن يعيش في أمان ويريد أن يرى الأمور تسير إلى الأمام في ظل ما كان يكتنف الأوضاع من تدهور وضبابية وتخبط» (صحيفة الرأي العام 9 يوليو 2002).

    عالجت كثير من الكتابات الجيدة التي نشرها حيدر طه وعصام ميرغني (أبو غسان) وعبد الرحمن الأمين والسر أحمد سعيد، ملابسات قيام الانقلاب ووصفوا الظروف السابقة واللاحقة لتنفيذ وإنجاح الانقلاب. لذلك لن نعيد متابعة الأحداث ولكن نهتم بطريقة التفكير والموقف من الديمقراطية.

    مما جعل القوات المسلحة بديلاً تدخره الجبهة لإدارة الصراع عوضاً عن التداول السلمي للسلطة. وهذا يكشف عن ثانوية الديمقراطية كأولوية في فكر الجبهة وممارساتها وهذه سمة مازالت تلازمهم على الرغم من الفشل السحيق الذي لازم مشروعهم الحضاري الذي جاء عن طريق الانقلاب. ولم يفطنوا بعد إلى أن غياب الديمقراطية هو مقتل المشروع.

    ظن «الإسلامويون» السودانيون أن العالم العربي على أبواب ثورة إسلامية ستعم المنطقة. وقد كان هتاف الطلاب «الإسلامويين» بعد الثورة الإيرانية يبشر بتعميم الثورة مرددين: إيران في كل مكان! فقد كان «الإسلامويون» مترددين في استخدام العنف الثوري والانقلاب في السودان ولكن ضعف الحكومة المنتخبة كان مغرياً كما أن الأوضاع الإقليمية فتحت شهيتهم لتجاوز التردد.

    وبدأت «البروفة» بما أسمته الجبهة الإسلامية «ثورة المصاحف» ضد حكومة الائتلاف الحزبي ـ النقابي ـ العسكري التي أبعدتها من السلطة في فبراير 1989. ونشط «الإسلامويون» في رمضان / إبريل 1989 ولكن لم تصل البروفة إلى نهايتها إذ لم يتجاوب معها الشارع السوداني لأن شعاراتها الخاصة بتطبيق الشريعة لم تكن أولوية كما أن الحكومة كانت منتخبة بغض النظر عن عيوب الليبرالية .

    ولكنها تختلف عن الدكتاتوريات الانقلابية التي قامت ضدها الانتفاضات والثورات الشعبية. ويرى أحد الباحثين «الإسلامويين» أن الحركة لم تكن تسعى حينها إلى قلب الوضع وإنما تهيئة الظروف للتغيير الذي سيأتي. ولكن ـ حسب الأفندي ـ فأن الثورة «التي جهد الإسلاميون السودانيون في احتوائها كانت قد انفجرت فعلاً في أنحاء أخرى من العالم العربي.

    اشتعلت الثورة في شوارع الجزائر في أكتوبر من العام 1988م. الصراع في تونس وصل نقطة حرجة في العام 1987م حيث أدى لإزاحة بورقيبة من دون أن يحسم قضايا أساسية. شوارع مصر اشتعلت بما يشبه الحرب الأهلية. اليمن هربت إلى الأمام من مشاكلها بالديمقراطية أولاً والوحدة ثانياً من دون أن تتجاوزها تماماً، والأردن والمغرب فعلا شيئاً من ذلك. ثم جاء زلزال الخليج وحربها فصدع النظام العربي من أساسه». (الأفندي: 19).

    كان للمناخ العام دوره في أن يسارع الترابي في إظهار جانب لينيني في شخصيته من خلال موقفين: إدراك جيد للأزمة الثورية أي التوقيت، ثم اندلاع الثورة في أضعف الحلقات، فالثورة الشيوعية ـ الاشتراكية اندلعت في روسيا وليس انجلترا أو ألمانيا. كما حدث التغيير الإسلامي في العالم العربي في السودان وليس مصر ولا المغرب.

    واعتمد الترابي على الخارج مقتبساً فكرة الدولة القاعدة التي يروج لها القوميون العرب (مثل نديم البيطار وغيره). وبالفعل فتح السودان في مطلع التسعينيات لكل الإسلامويين المطاردين في بلادهم واستضاف السودان من أسامة بن لادن حتى راشد الغنوشي ومحمد الهاشمي الحامدي.

    من الملاحظ أن نجاح الانقلاب تسبب في توجه شمولي قوي داخل الحركة «الإسلاموية» وتنكر الكثيرون لكل المواقف المؤيدة للتعددية حتى وإن كانت غامضة عند البعض. ولكن بعد الإنقاذ لم يعد مفهوم الديمقراطية أو التعددية يثير الاهتمام بل اعتبر المؤيدين للتعددية السياسية أقلية مارقة لا يأبه لها ـ كما قال المهندس الطيب مصطفى (10 فبراير 1998) واضطر د. الطيب زين لكي يرد عليه أو يجادله بأنهم ـ أي الداعين للديمقراطية ـ ليسوا مجموعة صغيرة شاذة، يكتب:

    «والحقيقة غير هذا تماماً فالحركة الإسلامية السودانية وقفت دائماً مع التعددية السياسية وعملت بمقتضاها في الساحة السياسية، أما التغيير الذي طرأ من بعض قادتهم في الآونة الأخيرة فالسبب الرئيسي فيه هو ما حدث صبيحة 30 يونيو حين استولى انقلاب عسكري على السلطة ووجدت الحركة الإسلامية نفسها في موقع التمكين في النظام الجديد.

    أراد هؤلاء البعض أن يتمسكوا بالرزق الذي ساقه الله إليهم! وليس هناك من غرابة أن يسعى السياسيون المحترفون إلى التمسك بتلابيب السلطة حين تتاح لهم الفرصة ولكن لا يجمل بنا أن ننسب ذلك إلى حكم الإسلام الذي منع أتباعه حتى من تزكية النفس ومن طلب الولاية، ولا ينبغي لنا أن نتنكر لموقف الحركة الإسلامية الأصيل من قضية هي أم القضايا في العمل السياسي المعاصر.

    والموقف الذي تتخذه الحركة الإسلامية السودانية من قضية التعددية سيؤثر كثيراً على مواقف الآخرين من الحركات الإسلامية التي تناضل في بلاد كثيرة لتنتزع حق المشروعية في العمل السياسي وتنافس الآخرين على نيل ثقة الجماهير وتمثيلها في الأجهزة التشريعية ومن ثم تكوين الحكومات أو المشاركة فيها إن حظيت بالأغلبية المناسبة.

    ومثل ما يتذرع الطيب وبعض إخوانه بما حدث في الجزائر وتركيا ضد الحركات الإسلامية ليدافعوا به عن احتكارهم للسلطة ومنع الأحزاب الأخرى عنها سيتذرع آخرون بما يحدث في السودان ليقولوا ان الحركات الإسلامية غير جديرة بحرية العمل السياسي لأنها لا تؤمن بهذه الحرية لغيرها». (الرأي العام 15 فبراير 1998).

    حماس للتغيير

    بعد سنوات يأتي قيادي كان من المتحمسين للتغيير خاصة وأنه من العناصر الشمولية التي شاركت في حقبة النميري كوزير للداخلية وتقلد مناصب تنفيذية ودستورية مختلفة. يردد أحمد عبدالرحمن الكلام نفسه الذي قال به المعارضون في رفضهم لانقلاب الجبهة: ـ «أولاً يجب أن يترسخ فينا قناعة أن هذا الوطن لا يمكن أن يحكم إلا بمشاركة كاملة وواسعة من كل أهل السودان في صناعة القرار وفي توزيع عادل لما يتوفر من مال وإمكانات .

    وهذا لا يمكن أن يؤمن إلا بالأخذ بنظام فيدرالي متطور جداً وغير نمطي» وندهش حين نجد أن أحد رجال المشروع الحضاري، يدعو: «لماذا لا نسعى لتكوين أحزاب وفقاً للموديل الأميركي تكون مهمتها قاصرة على تكوين الحكومة! هكذا يصل تأصيل السياسة الإسلامية في الحركة. ويكرر أثناء الحوار إعجابه بالنموذج ويقول مرة: «هنالك مثال أمامنا لا أجد حرجاً في الإشارة إليه هو مثال الولايات المتحدة الأميركية» (أخبار اليوم 24 يونيو 2004).

    في حوار مع د. جعفر شيخ إدريس الذي يرى أن الحركات الإسلامية تفتقر إلى تصور وسائل تغيير الحكم وكيفية التعامل مع الحكومات وكيفية ممارسة الحكم. أجاب: «هذه مسألة واقعية فالحركات الإسلامية لم تتفق حتى الآن حول تصور لتغيير أنظمة الحكم فالبعض يقول بالانقلابات والبعض بالديمقراطية وعن نظام الحكم لا يوجد تصور حتى الآن عن كيف يكون شكل نظام الحكم وعندما أقول هذا لا أستثني نفسي فنحن كحركات إسلامية قصرنا في هذا الأمر» (حوار أجراه صبري الشفيع في صحيفة الرأي الآخر 12 مايو 1998).

    في مقابلة نشرت أخيراً في « اسلاميك لاين نيت» بتاريخ 29 سبتمبر 2003 حاور مراسل الموقع والمهندس أبو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط المصري (ذا التوجه الإسلامي) والدكتور أحمد عبد الله مستشار الشبكة، الشيخ حسن الترابي، ويمثل الحوار وثيقة هامة في فهم دوافع وملابسات وظروف، نورده كاملاً للتاريخ والتوثيق.

    في سؤال عن تقويم تجربة الحركة التي بدأت بالدعوة والانتشار ثم المشاركة في عهد النميري ثم السيطرة الكاملة على الحكم في ظل حكومة الإنقاذ وانتهت بالصدام والاستبعاد عن السلطة والسجن. أجاب بأن الدعوات الدينية والحضارية تبدأ بشعارات عامة ولغربتها عن المجتمعات التي تولد بها فهي دائماً ما تحاط بالشبهات ولكن لصدقها دائماً ما تجتاز العقبات وتبلغ مرحلة الانتشار وتتواكب عليها الابتلاءات وهذا ما حدث في السودان.

    ويقول أنهم لم يكن من الممكن أن يصلوا إلى السلطة ديمقراطياً بسبب معارضة الغرب الصريحة لذلك كان لابد من اللجوء لوسائل أخرى «ومن قراءتنا للتاريخ الذي أكد في جميع مراحله على أن الديمقراطية لا تولد إلا عبر الثورات بدءاً من الثورة الفرنسية، ومروراً بما حدث في إنجلترا وأميركا، فقد رأينا أننا لا نستطيع الوصول إلى السلطة إلا بمنهج الثورة الشعبية، إلا أننا قد أخذنا عهداً على أنفسنا ألا يكون حكماً قبلياً أو طائفياً أو عسكرياً».

    ويمضي الترابي ليقول: «وعندما صعدنا إلى السلطة في السودان، وبدأنا نحكم بالشورى وسلطة الشعب، واعتمدنا الحرية أساساً لكل الناس كفروا أو آمنوا ما اتخذوا اللسان سبيلاً للتعبير لا السنان، فإن نظام الحكم الذي تعاهدنا معه، وأقسمنا اليمين قبل الوصول للسلطة، عندما تمكن تفارق معنا فرقاناً بيناً، لأن بنيته العسكرية والذهنية لا تنتمي لهذه الأفكار، وإنما نيته قائمة على الغدر بالعهود».

    ولكن ما الذي دفع إلى هذا الصدام المروع على الرغم . . . بينكم؟

    شح المال من ناحية، ومحاولتنا الدعوية إقامة علاقة «عزة» مع العالم لا «عزلة»، نأخذ منه ويأخذ منا، نجادله ونحاوره، ولكن على قدم المساواة، كل تلك العوامل حركتها عقلية العسكر من ناحية، والتحريضات الكثيرة على الإسلام وأهله من قبل تملك السلطة والمال في العالم من ناحية أخرى، كل هذا أدى في النهاية إلى الفرقان المبين. ولكننا كنا نود أن نختلف ونتحاور، إلا أنهم أبوا إلا ما رأوا.

    ولذلك زجوا بنا في السجون، ولكن نحن لسنا مفاجئين، فالصحابة قتل بعضهم بعضاً عندما جاء الصراع على السلطة والخلافة الراشدة القائمة على الانتخاب الحر والعقد والمساءلة تحولت وانهارت انهياراً كاملاً، وهذه كانت تجربتنا الأولى في البلاد، ومن يدري؟ لعل القادم يكون أكثر خيراً.

    ولكن ألا تتفق معنا يا دكتور في أن العامل الرئيسي لفشل هذه التجربة يكمن في خياراتها المبدئية، فأنتم عندما قبلتم الوصول للسلطة عن طريق انقلاب عسكري كنتم ترسمون هذه النتائج بأيديكم قبل أن تحدث؟

    يا أخي هذه كانت ضرورة، فالعهود القديمة رفضت أن تفسح مجالاً لنا، وحتى الديمقراطية في الغرب ـ كما قلت لكم ـ لم تنجح هكذا بدون ضغوط وثورات، ولكن الخطأ من وجهة نظري هو عدم اللجوء للناس والقيام بثورة شعبية، فالاعتماد على العسكر هو الذي أوقعنا في هذا الخطأ، فحين قالوا لهم: «أخرجوا هؤلاء من الحكم أو نخرجكم» أسرعوا بإخراجنا والزج بنا في السجون، ولكنني أؤكد مرة أخرى أنها كانت ضرورة، فلم نكن لنصل إلى السلطة بدونها.

    مبرر المشروع الحضاري

    أما المبرر الاستراتيجي اللاحق، فهو ادعاء العمل على تأسيس مشروع حضاري يقوم على تطبيق الشريعة الإسلامية. وبعد أن تم تثبيت السلطة أمنياً، بدأ النظام تدريجياً في الإفصاح عن وجهه لذلك نلاحظ في 1991 وما بعده ظهور بعض المنظرين والمبررين للانقلاب العسكري بقصد تحويله إلى ثورة وتجديد ومشروع حضاري عوضاً عن كونه انقلاباً وعملاً تآمرياً قامت به فئة قليلة حسنة التنظيم والمباغتة.

    وهذا التحويل يقصد به إنزال العسكر من رماحهم التي استخدموها في الفصل الانقلابي ويتقدم مثقفو الطغمة ليملأوا أجهزة الإعلام تنظيراً وتجميلاً وتبريراً، وهذا ما لا يستطيعه العسكر وهم أصحب شعار: «البيان بالعمل» أو «احكموا علينا بأعمالنا» وكان من الواضح أن انقلاب الجبهة الإسلامية يحتاج إلى مدفعية ثقيلة من الإعلام وتزييف الوعي في الداخل والخارج.

    ومن الواضح أن النظام كان يدرك ضعف قاعدته الشعبية في السودان، لذلك اهتم بعلاقات الخارج وصورته لدى الآخرين بغض النظر عن تقويم شعبه له. وقد قام الإسلامويون في الخارج بدور مهم في مساندة إخوانهم السودانيين وكأنهم استندوا على المبدأ القائل: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً». وقد قام «الإسلامويون» غير السودانيين بتنسيق حملة إعلامية تمتد من اليمن والأردن ومصر وشمال إفريقيا وفلوريدا في الولايات المتحدة وماليزيا.

    وفي الوقت نفسه نشر الإسلامويون السودانيون في الصحف والمجلات الأجنبية أكثر مما كتبوا في الداخل، مثل مجلة قراءات سياسية (مركز لدراسات الإسلام والعالم ـ تامبا، فلوريدا) مجلة الإنسان (دار أمان للصحافة والنشر (بقطر) ثم صحف الشعب المصرية والقدس في لندن والمستقلة (لندن) وكثير من الصحف الأردنية واليمنية.

    رغم هذه الكثافة والانتشار فإن «الإسلامويين» لم يقدموا فكراً عميقاً بل اكتفوا بالملاحقة الإعلامية الدفاعية ورد الهجوم والنقد، وتسريب المعلومات الكاذبة ضد المعارضين. فقد قدموا الدعاية بطرائقها الشمولية التي تجيدها النظم الدكتاتورية القمعية التي تقصي الآخر وتنفي الحوار والاختلاف. اكتفى «الإسلامويون» بالتلفزيون والإذاعات والصحف الرسمية في تكوين وعي زائف لدى مؤيديهم وكان سباب وصراخ الرائد يونس اليومي سوط عذاب على الشعب السوداني، استمر خلال الفترة الأولى واختفى في ركام التاريخ مثل سلفه يونس بحر في إذاعة برلين أثناء الحرب النازية.

    حاول المنظرون الإسلامويون في كتاباتهم الخارجية أن يكونوا منهجيين وعقلانيين في تقديم مشروعهم الحضاري باعتباره تجديداً في الفكر الإسلامي تنزل على الواقع السوداني أو على تجربة الانتقال للحكم الإسلامي في السودان. والدليل على نهاية المشروع «الإسلاموي» أن الأسماء التي كانت تدافع وتنافح عن المشروع ابتعدت بعد سنوات قليلة ولم تعد تحس بالانتماء تماماً للنموذج القائم في شكل سلطة الإنقاذ الحالية، ومن هؤلاء:

    التيجاني عبد القادر حامد، محمد محجوب هارون، الطيب زين العابدين، عبد الوهاب الافندي. ولم يبق سوى كتاب الأعمدة اليومية الذين يلاحقون الأحداث العابرة والتي غالباً ما تكون مظاهر خارجية لحقائق أعمق.

    ولكن الحركة «الإسلاموية» الحاكمة تكتفي بمخاطبة أجزاء دنيا من العقل وقد ترضى بمجرد الانفعالات والعواطف. الكتاب الإسلامويون والأكاديميون بالذات حين ينشطون في السياسة فهم يتنازلون تماماً عن العلمية والمنهجية في تفكيرهم وأقوالهم. ويقعون بسهولة في تزييف الأيديولوجيا ودهموية الشعارات، على الرغم من كل محاولات التشبث بقدر من الموضوعية والعلمية.

    فيفترض في أي مفكر أو عالم أو أكاديمي أن يبدأ بتعريف وتحديد المفاهيم أو المصطلحات خاصة حين يكون قد شرع في تطبيقها على بشر. فنحن الآن أمام «مشروع حضاري» يطبق من دون أن يرهق مفكرونا بتحديد ماذا يقصدون بهذا اللفظ الذي تحول إلى تشريعات وقوانين وممارسات وأدوات لقمع الناس أو لتمييز الناس؟

    ثم ألا يحتاج هذا المشروع إلى تنظير وتعميق فكري؟ وهذا يظهر في الإصدارات والكتابات التي تتناول الموضوع على مستوى أعلى من المقابلات الصحفية والأحاديث الإعلامية. يشهد الجانب الفكري فقراً مدقعاً لا يتناسب مع الضجيج وأعداد المتعلمين داخل النظام.

    من البداية نلاحظ تعدد تسميات التجربة السودانية، فهي المشروع الحضاري أو المشروع الإسلامي السوداني أو مشروع النهضة الحضارية الشاملة أو النموذج الإسلامي في السودان. وهناك من يرى عملية التحديث والحداثة من منظور إسلامي. لذلك نصطدم بمفهوم واسع وليس شاملاً يقول كل شيء ولكن لا يقول شيئاً.

    فالترابي حين يرى النموذج أو المشروع الحضاري من خلال دور الحركات الإسلامية، فهو يقصره على التوحيد، يحدد واجبها بقوله: «أن تبدأ بإحياء التوحيد في الحياة السياسية حتى تكون إخلاصاً لعبادة الله لا ابتغاء للسلطة، وتجرداً للخير العام، لا حباً في إرضاء شهوة السلطة والسيطرة على الآخرين. وحتى تكون علاقات السياسة علاقات أخوة في الله ووحدة وعدالة.

    ولا تصبح علاقات صراع سياسي ـ كما هي في العالم قاطبة ـ صراع أحزاب وطوائف وشخصيات وأقطار» (حسن الترابي، في كتاب: المشروع الإسلامي السوداني: قراءات في الفكر والممارسة، الخرطوم، معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، 1995، ص 11) والفكرة الأساسية في المشروع الإسلامي ـ حسب الترابي ـ هي انتفاء الصراع، وهذا ما يميز مشروعه عن النموذج الغربي بدءاً من صراع الإغريق القدماء كما يعبر عنه المسرح والدراما وانتهاء بصراع الاقتصاد والعلاقات العالمية والتعددية كما يظهر في المجتمعات الحديثة. باختصار تتحقق في المشروع الإسلامي الوحدة والانسجام.

    معالم مشروع

    ويحدد منظر آخر معالم المشروع الإسلامي السوداني بطريقة طموح تجعل منه مقدمة للمشروع الحضاري الإسلامي الشامل. يكتب أمين حسن عمر: «فمشروع السودان للإنقاذ الذي يأتي توطئة من بين يدي النهضة الشاملة بإذن الله يصلح أن يكون نموذجاً للمشروع الحضاري الشامل» (المرجع السابق، ص 37) ثم يعرف قائلاً: «ومشروع النهضة العربية والإسلامية مشروع انبعاث حضاري.

    وذلك أنه يمثل استمراراً لحضارة كانت قائمة بل كانت رائدة، ولها أفضال كثيرة في كل ما آل إليه العالم المعاصر من رفاهة وتقدم، ولذلك فإن دعاة الحضارة العربية والإسلامية لا يطالبون بمقعد بين الأمم المتحضرة، بل يطالبون بهذا المقعد في الطليعة والمقدمة. وهم لا ينافسون على مقعد شاغر بين الأمم المتقدمة، وإنما يطرحون مشروعهم بديلاً للمشروع السائد.

    ويقدمون أنفسهم قيادة بديلة للعالم على طريق التقدم الاجتماعي والحضاري». (المصدر السابق، ص 23) والسودان حين اختار مشروعه أصبح مؤهلاً لهذا الدور الذي لا يحتاج لقوة مادية أو تكنولوجية لأن المقاصد مختلفة، فيختم الباحث: «يمكن أن نلخص غاية مجتمع النهضة والرشد ومقاصده بأن نقول أن المجتمع يقصد إلى الإحسان، الإحسان في عبادة الله ليتخلص من كل عبودية أخرى لأهواء الناس أو الحاجة أو الآخر المستبد» (المصدر نفسه، ص 35).

    والمشروع ينتهي كما عبر باحث آخر إلى تكامل المجتمع، حتى يستطيع إقامة العدل: «فهو مجتمع رباني عادل مشحون بالقيم الأخلاقية العالية، إذ هي ضمانته الكبرى للبقاء والنماء» (أحمد الطاهر إبراهيم: حركة التشريع وأصولها في السودان. الخرطوم، مطبوعات الحركة الإسلامية الطلابية، 1995، ص 90).

    يتردد مصطلح الحداثة والتحديث في كتابات بعض «الإسلامويين» حين يصفون النموذج السوداني، وهذا ما نلاحظه في كتابات عبد الوهاب الأفندي الأخير: «الثورة والإصلاح السياسي في السودان، لندن، ابن رشد، 1995). ولكن الأفندي يعجز عن الربط المنطقي والتاريخي بين التحديث والأسلمة، وذلك لوجود أكثر من تحديث في السودان كما ذكر، على الرغم أنه يقرر بثقة قاطعة:

    «ربما يكون السودان البلد الوحيد في العالم الإسلامي الذي تطابق التحديث فيه مع مزيد من الأسلمة والتعريب». (الكتاب المذكور، ص 86) ولكنه يقول في الصفحة نفسها: «ومن هذا التفاعل بين الإحيائية الصوفية والتحديث الإسلامي ولدت حركة المهدية، التي انبثقت من رحم الطريقة السمانية، ومن الرفض الشعبي لـ «التحديث» الذي سعت إليه الإدارة التركية المصرية. نحن أمام «تحديثين» وكالعادة لم يعرّف أو حتى يحدد مظاهر كل تحديث.

    وحين يتابع تاريخ الحركة الإسلامية التي تتبنى المشروع أو النموذج الحالي، يقول أن التوجه الإسلامي «وضع الإسلام على قمة الأجندة السياسية، وربط التحديث والبناء القومي بالإسلام» (ص 111). ويقدم وصفاً للنموذج أو ما يسميه بالبعث الجديد تظهر من خلاله التناقضات يقول: «أن بعض مظاهر البعث الجديد جمعت بين خواص الثورة الحديثة وبين خواص البعث الإسلامي الأول، فمثلت بالتالي مزيجاً شديد الانفجار من المطالب والرؤى الحديثة والدوافع والحوافز التي وفرها الإسلام الأصيل» (ص 211).

    ويذكر الباحث أحد التناقضات الرئيسية: «أن مفهوم الدولة الحديثة القابضة والمسيطرة على كل نواحي الحياة غريب على الإسلام وقيمه وتقاليده» (ص 205) ووجود الدولة الحديثة من الشروط الأساسية لعملية التحديث ويستحيل في غيابها نجاح عملية التحديث بالذات في المجتمعات العالمثالثية.

    ومن جهة أخرى هناك «إسلامويون» يرفضون مبدئياً ربط مفهوم التحديث بالنهضة الإسلامية أو بالبعث الإسلامي، ويفضلون مصطلح تجديد. لأن المقصود «مشروع إحياء واستمرار وتقدم (أي مشروع تجديد حضاري) لا مشروع لحاق وتنافس وتقدم في سياق الحضارة الغالبة أي ليس مشروع حداثة بل مشروع تجديد (أمين حسن عمر في كتاب المشروع الإسلامي السوداني، ص 23). (د. حيدر إبراهيم علي، جريدة الحياة اللندنية، 4 يوليو 1996)

                  

العنوان الكاتب Date
ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-13-08, 10:47 AM
  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-13-08, 10:59 AM
    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-13-08, 11:25 AM
      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-14-08, 05:35 AM
        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-14-08, 05:52 AM
          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-17-08, 04:33 AM
            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-18-08, 08:27 AM
              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-18-08, 08:51 AM
                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 08:00 AM
                  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 08:03 AM
                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 08:58 AM
                      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 09:24 AM
                      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 09:43 AM
                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 10:18 AM
                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 10:33 AM
                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 10:49 AM
                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 10:49 AM
                          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-19-08, 10:50 AM
                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-20-08, 05:29 AM
                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 04:41 AM
    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 04:53 AM
    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 04:58 AM
      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 05:22 AM
      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 05:35 AM
      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 05:59 AM
  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 06:24 AM
    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 08:43 AM
      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 09:00 AM
        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-21-08, 09:45 AM
          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 04:39 AM
            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ Murtada Gafar02-24-08, 05:19 AM
            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ Mohamed Elgadi02-24-08, 05:36 AM
              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 07:20 AM
              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 07:34 AM
              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 07:43 AM
                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 07:53 AM
                  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 09:11 AM
                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 09:35 AM
                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 09:39 AM
                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 10:12 AM
                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 10:16 AM
                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 10:21 AM
                      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 10:32 AM
                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 10:34 AM
                          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 10:41 AM
                          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 10:48 AM
                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-24-08, 10:56 AM
                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-25-08, 04:55 AM
                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-25-08, 05:01 AM
                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-25-08, 05:03 AM
                                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-25-08, 09:46 AM
                                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-25-08, 09:59 AM
                                  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 06:49 AM
                                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 06:59 AM
                                      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 07:09 AM
                                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 07:22 AM
                                          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 07:30 AM
                                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 07:38 AM
                                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 07:47 AM
                                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 07:57 AM
                                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 08:11 AM
                                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 08:31 AM
                                                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 09:54 AM
                                                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-26-08, 09:59 AM
                                                  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-27-08, 11:28 AM
                                                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-28-08, 05:07 AM
                                                      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-28-08, 11:12 AM
                                                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك02-28-08, 11:26 AM
                                                          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-02-08, 07:08 AM
                                                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-02-08, 07:15 AM
                                                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-02-08, 07:19 AM
                                                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-02-08, 07:56 AM
                                                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-02-08, 08:53 AM
                                                                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-03-08, 04:56 AM
                                                                  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-04-08, 09:46 AM
                                                                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-04-08, 10:50 AM
                                                                      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-05-08, 04:34 AM
                                                                      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-05-08, 04:39 AM
                                                                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-05-08, 05:14 AM
                                                                          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-06-08, 11:15 AM
                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-06-08, 11:26 AM
                                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-10-08, 05:00 AM
                                  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-18-08, 10:30 AM
                                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-19-08, 06:33 AM
                                      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-19-08, 07:26 AM
                                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-19-08, 07:47 AM
                                          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك03-27-08, 11:14 AM
                                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-02-08, 04:42 AM
                                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-02-08, 04:57 AM
                                                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-06-08, 05:21 AM
                                                  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-07-08, 07:16 AM
                                                    Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-07-08, 08:12 AM
                                                      Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-10-08, 10:28 AM
                                                        Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-10-08, 10:31 AM
                                                          Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-15-08, 08:10 AM
                                                            Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-17-08, 08:03 AM
                                                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-17-08, 09:13 AM
                                                              Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-17-08, 09:15 AM
                                                                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-21-08, 03:58 AM
                                                                Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-21-08, 04:02 AM
                                                                  Re: ردا على عبد الرحمن الزومة ... قبح العلمانية ام شرور الاخوان المسلمين ....؟ الكيك04-24-08, 10:53 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de