نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 06:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-06-2006, 04:46 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى (Re: الكيك)

    رسائل الدكتور فاروق محمد ابراهيم من بيوت الاشباح
    عن صحيفة الايام

    الخرطوم بحري 29 يناير 1990
    السيد رئيس مجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطني
    بواسطة السيد مدير السجن العمومي
    المحترمين
    بعد التحية
    الموضوع: شكوى ضد تعذيب معتقل سياسي ومطالبة بالتحقيق
    تم اعتقالي حوالي الساعة الثانية من ظهر الخميس 30 نوفمبر سنة 1989م، خارج احدى بوابات جامعة الخرطوم، واقتدت الى مبنى جهاز الامن الذي حولت منه مساء نفس اليوم وانا معصوب العينين الى مبنى اتضح لي فيما بعد انه المقر السابق للجنة الانتخابات، وقد تعرضت قبل وخلال وبعد الاستجواب في نفس المساء الى تعذيب بدني شمل الضرب بالسياط والركل واللكم في الوجه والرأس وسائر اجزاء الجسم بواسطة اشخاص متمرسين في تلك المهنة، والى تهديد بالقتل والاساءة وغير ذلك من اشكال التعذيب، وبعد ذلك تم تحويلي الى مرحاض صغير مبتل بالماء حيث بقيت لمدة ثلاثة ايام تعرضت خلالها للضرب والاساءات والحرمان من النوم، حولت بعدها الى حمام مع خمسة معتقلين اخرين تعرضت معهم لنفس الاساءات وللضرب والحرمان من النوم ومن الاغتسال والسواك والوضوء والصلاة لمدة تسعة ايام اخرى، وفي منتصف ليلة انتقالي من المرحاض الى الحمام اقتدت الى العراء حيث تعرضت لحمام بارد بالماء المثلج تخلله الضرب بالسياط والاساءات المستمرة. وتم اقتيادي في فجر الثاني عشر من ديسمبر الى السجن العمومي بالخرطوم بحري مع 18 من المعتقلين الذين تعرضوا لنفس تجربة التعذيب وهم ممن شغلوا مناصب قيادية في النقابات من قبل، اذكر منهم السادة هاشم محمد احمد نقيب المهندسين، ومحجوب الزبير نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، صادق شامي احد سكرتيري نقابة المحامين، والدكتور حمودة فتح الرحمن نقيب اطباء النيل الابيض، والدكتور طارق اسماعيل الاستاذ بكلية الطب بجامعة الخرطوم، حيث تم الكشف علينا بواسطة طبيب السجن وتقديم العلاج اللازم.
    ومع انه لم توجه لي اية اتهامات محددة خلال الاستجواب الذي هدف لانتزاع معلومات تحت تأثير التعذيب عن اماكن تواجد اشخاص لا علم لي بهم، وموعد ومكان انعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة النقابية لاساتذة جامعة الخرطوم التي لم اكن من بين اعضائها، الا انني فهمت من حديث وجهه لي العميد بكري حسن صالح عضو مجلس قيادة الثورة في مساء السبت 2 ديسمبر، دون ان يوفر لي فرصة للرد، انه يعترض على محتوى بعض المواد التي اقوم بتدريسها في الجامعة، وانه يتهمني بالقيام بنشاط معارض للنظام السياسي القائم، وانه على قناعة بأنني اتلقى عقابا وجزاء عادلا لتلك الجرائم التي لا علم لي بها.
    وحيث ان التعذيب، بمحاكمة او بدون محاكمة، لم يرد ذكره لا في القوانين السارية قبل الثلاثين من يونيو سنة 1989م، او الصادرة بعده، ونسبة لان الناطق الرسمي باسم الدولة قد نفى علمه بحدوث مثل هذه الانتهاكات لحقوق الانسان التي تتنافى مع قيمنا السودانية والانسانية، فانني اكتب لسيادتكم طالبا التحقيق فيما ورد ذكره من وقائع.
    ويقتضي العدل تقديمي للمحاكمة ان كان هنالك اتهام ضدي، او اخلاء سبيلي ان لم يكن هنالك اتهام، ومحاكمة من قاموا بتلك الانتهاكات.
    اما بالنسبة لمحتوى المواد التي اقوم بتدريسها، فلا يفوتني ان اؤكد ان مجلس اساتذة جامعة الخرطوم هو المرجع الوحيد المخول قانونا بتحديد المناهج الدراسية والفتوى بشأنها.
    هذا وقد ارسل الدكتور فاروق صورة من عريضته هذه الى السادة: بكري حسن صالح عضو مجلس قيادة الثورة والى وزير الداخلية انذاك ورئيس القضاء والنائب العام ووزير الثقافة والاعلام ومدير جامعة الخرطوم (لعناية مجلس الاساتذة) وتضمن في الختام ملحوظة اوضح فيها اسماء المعتقلين معه في ذات الموقع وهم منصور اسحق (صيدلي) وعكاشة عبد الرحمن (عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد نقابات العمال) وعبد الله البشير مهندس اتصالات وبدر الدين ادريس مهندس بوزارة الاسكان وهاشم بابكر تلب موظف.
    تاسست عام 1955

    رسالة فاروق محمد ابراهيم الثانية والثالثة

    بالامس نشرنا العريضة التي بعث بها الدكتور فاروق محمد ابراهيم الاستاذ بجامعة الخرطوم الى رئيس مجلس قيادة الثورة قبل ستة عشر عاما حول ما تعرض له من تعذيب واليوم ننشر الجزء الاول من رسالته التي بعث بها عام 1998 الى نائب رئيس المجلس الوطني.
    السيد عبد العزيز عبد الله شدو
    نائب رئيس المجلس الوطني ورئيس لجنة قانون التوالي السياسي
    والسادة المحترمين اعضاء اللجنة
    القاهرة في 12/11/1998م
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    اشكركم على خطابكم بتاريخ 27 جمادى الاخر الموافق 18 اكتوبر 1998م، ودعوتكم لى للمشاركة في الحوار حول التداول السلمي للسلطة السياسية الذي اتخذتم من مشروع قانون التوالي السياسي لسنة 1998 مدخلا له. فما الحرب الاهلية الطاحنة، والانهيار التام لمقومات وجود وحياة شعبنا المادية والمعنوية والخطر الماثل بانفراط السلطة المركزية، وتدني القيمة والمنزلة الوطنية والاقليمية والدولية للمواطن السوداني وللجمهورية السودانية، الا الثمرة المرة لعجز النخب السودانية عن استيعاب الثراء المدهش لتنوعنا الاثني والثقافي وتعددنا السياسي، ما كان يستدعي اصلا تعميق الممارسة الديمقراطية والوفاق الوطني بشأن التداول السلمي للسلطة السياسية، وما كان يفترض ان يكون نعمة لشعبنا، لا نقمة ووبالا عليه.
    الانذار المبكر بخطر التدويل:
    ولئن كانت مسؤولية التردي المأساوي في التسعينيات تقع على عاتق الذين استغلوا هشاشة بنية الديمقراطية الثالثة الخارجة من سني القهر المايوي الستة عشر، لينقضوا عليها في الوقت الذي تحدد فيه موعد المؤتمر الدستوري والحل السلمي لقضايا الحرب الاهلية المعقدة، واستأثروا بالسلطة السياسية وفرضوا احاديتهم الايدولوجية والسياسية في الوقت الذي غربت فيه شمس الانظمة الشمولية، فالجميع بلا استثناء مسؤولون عن الحصاد المر من منتصف الخمسينيات الى نهاية الثمانينيات، والجميع يطالهم الخطر الماثل بتدويل القضية السودانية المطروحة الان امام المجلس الامن، ولن يكون حالنا حينها، ولا هو الان، احسن من حال الشعب العراقي، ولا اطفالنا الذين هم الان أسوأ حالا من اطفال العراق (الذين يتوفر لهم على الاقل بعض الغذاء والدواء مقابل النفط)، ولا جنوب وطننا الذي هو الان اسوأ حالا من كردستان، كما سيكون حينها على استقلالنا الوطني، وعلى ما تبقى من عزتنا وكرامتنا، وعلى السودان نفسه العفاء.
    انقل هنا لتأكيد ذلك العناوين البارزة لعدد اليوم، الذي امامي (السبت 7 نوفمبر) من صحيفة الخرطوم الغراء.
    برنامج شريان الحياة يسحب اغلب موظفيه بغرب الاستوائية لانعدام الامن، منظمة الاغاثة الكاثوليكية تحث المجتمع الدولي على ايجاد الية فعالة لتحقيق السلام في السودان، رئيس المنظمة:
    حدود السودان الاستعمارية مصطنعة، ويجب اعادة فحصها!!
    واقتبس من المقال الافتتاحي لرئيس تحريرها الاستاذ فضل الله محمد بعنوان (سباق بين ارادتين):
    (اعطي رئيس الاغاثة الكاثوليكية نفسه الحق في الوصول الى نتائج تحليلية بالغة الخطورة مفادها ان مشكلة السودان تكمن في بنيته كدولة، وان الحل الناجع للمشكلة لا بد ان يمر عبر اعادة الفحص والنظر في تكوين الدولة السودانية بما في ذلك الحدود التي وصفها بأنها اصطناعية رسمها الاستعمار الاوروبي قبل رحيله لاجزاء السودان؟).
    وواصل قائلا:
    (ان تغييرا نوعيا في مسار النزاع السوداني يجري الاعداد له، بعيدا عن السودان والسودانيين، وما تصريحات ونداءات منظمات العون الانساني الا بالونات اختبار وتهيئة لما هو آت من حلول، ان تلك الحلول ستفرض على السودانيين فرضا ما لم تحدث المعجزة وينتفض النيام من ثباتهم العميق ويعودوا ليمسكوا بزمام قضيتهم بايديهم في ظل اقتناع تام بان حل النزاع السوداني لا يتأتى الا بمشاركة جميع السودانيين في صياغة ذلك الحل.
    والصورة الماثلة الان هي باختصار صورة سباق بين حدوث صحوة سودانية وطنية، تبدو بعيدة المنال في ظل الاستقطاب الراهن، ووقوع فعل دولي تحدد اهدافه ومراميه ووسائله معايير النظام الدولي الذي لا يكاد يعبأ بمصالح السودان الاستراتيجية ولا برغبات اهله).
    انني اجد نفسي في اتفاق تام مع الاستاذ فضل الله محمد في الصورة القاتمة، للاسف الشديد، التي رسمها، واشاركه في نفس الوقت الامل في صحوة وطنية سودانية، مهما كانت بعيدة المنال، لتجاوز الاستقطاب الراهن، وللاعلاء من شأن ارادتنا الوطنية والامساك بزمام قضيتنا بايدينا.
    دستور التوالي ومفارقة الواقع:
    ان الدعوة المقدمة للحوار تقصر عن تلبية هذا الاحتياج، لا بل هي تقفل الباب امام الوفاق الوطني تماما، انها تحصر الحوار في قانون التوالي السياسي الذي ينص في البند الثاني من مادته الثالثة على ان:
    (يلتزم التنظيم في حركته السياسية بثوابت المبادئ والاحكام في الدستور والقانون، ولا يتخذ التنظيم اي وسيلة او تدبير في سبيل انفاذ اي مذهب لتعديل تلك الثوابت الا بالطرق والاجراءات التي تقتضيها النصوص الدستورية القانونية).
    ان ثوابت الدستور هي محور الخلاف بين القوى السياسية المعارضة الموقعة على مواثيق اسمرا والسلطة القائمة، وهي القضايا التي تدور حولها الحرب الاهلية، وبديهي ان ترفض تلك القوى الحوار المقيد بالدستور الذي لم تشارك في وضعه والذي ينتهي بها في احسن الفروض لان تدور في فلك الجبهة الاسلامية القومية، وبالتعبير الشعبي الذكي الذي يجيده الاستاذ محمد ابراهيم نقد (تمامة جرتق) هذا لا يجدي شيئا ولا يليق ان يتقدم به النظام اصلا.
    وان الحوار حول ثوابت الدستور وحدها لا يكفي للتمهيد لوفاق حقيقي، اننا الان امام حقيقتين: دستور مكتوب يعبر عن المشروع الذي تم باسمه الانقلاب في 30 يونيو 89، تنص ثوابته (المادة الرابعة) على ان:
    (الحاكمية في الدولة لله خالق البشر، والسيادة فيها لشعب السودان المستخلف، يمارسها عبادة لله وحملا للامانة وعمارة للوطن وبسطا للعدل والحرية والشورى، وينظمها الدستور والقانون).
    وفي المادة 18 على ان:
    (يستصحب العاملون في الدولة والحياة العامة تسخيرها لعبادة الله، يلازم المسلمون فيها الكتاب والسنة، ويحفظ الجميع نيات التدين، ويراعون تلك الروح في الخطط والقوانين والسياسات والاعمال الرسمية وذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدفع الحياة العامة نحو اهدافها ولضبطها نحو العدل والاستقامة توجها نحو رضوان الله في الدار الآخرة).
    ونحن في نفس الوقت امام وضع كرست فيه الانقاذ خلال عشرة اعوام من الانفراد بالحكم واقعا جديدا افرز طبقة جديدة استأثرت بالثروة التي هبرت من المال العام ومن كدح المواطنين البؤساء ومعاناتهم وتمايزت بها، ومكنت نفسها من كل اجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية وفي القوات النظامية والامنية والمؤسسات التعليمية والثقافية والدينية والاعلامية والرياضية، وهيمنت على الحياة الاقتصادية، ولها ينتمي ويدين اكثر المتنفذين، قضاة وولاة وجنرالات ومدراء وموجهون، ان افراد هذه الطبقة الطفيلية المجردة من الرحمة البعيدة عن مقاصد الدين هم المسؤولون عن الخراب الاقتصادي والثقافي والروحي، وهم المنتفعون بمحرقة الحرب الاهلية، وما دعاوي الحاكمية الالهية الا ذريعة وغطاء لمصالحهم، فهم ظل الله في الارض، الحاكمون بأمره، حملة الامانة المستخلفون على رقاب البشر، الامرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وما ثوابت الدستور الا واقع تمايزهم بالثروة التي جرد منها المواطن المسحوق تماما، والتي يقاتلون قتالا شرسا للحفاظ عليها، ظفرا ونابا، وقد صارت مصالح الشعب السوداني بأسره بما فيه قسم كبير ممن قاموا بالانقلاب في 30 يونيو والذين ساندوه، تتعارض مع مصالح هذه الطبقة.
    ينص الدستور المكتوب في المادة 6 على ان:
    (الوطن توحده روح الولاء، تصافيا بين اهله كافة، وتعاونا على اقتسام السلطات والثروات القومية بعدالة دون مظلمة، وتعمل الدولة على توطيد روح الوفاق والوحدة الوطنية بين السودانيين جميعا، اتقاء لعصبيات الملل الدينية والحزبية والطائفية وقضاء على النعرات العنصرية).
    لكن وفق الدستور المفروض في ارض الواقع فقد خلقت الدولة عصبية لملة النظام الدينية والحزبية ودعمتها بالسلاح وبكل سلطان الدولة ووظفتها لوأد روح الوفاق والقضاء على الوحدة الوطنية تماما.
    ينص الدستور المكتوب في المادة 20 على ان:
    (لكل انسان الحق في الحياة والحرية، وفي الامان على شخصه وكرامة عرضه الا بالحق وفق القانون، وهو حر يحظر استرقاقه او تسخيره او اذلاله او تعذيبه).
    لكن وفق الدستور المفروض في ارض الواقع فالاذلال والتعذيب تمارسه اجهزة الامن كل يوم وفي كل مكان ومع من تريد، وسائر المواطنين خصوصا الطلبة يتم ارهابهم وتسخيرهم وقودا للمدافع في حرب النظام ضد الوطن والمواطنين، ولا زال القتل الاعتباطي الذي يمارسه النظام بلا ضابط او قانون مستمرا، من د. علي فضل وشهداء رمضان في بداية عهد النظام الى الشهيد محمد عبد السلام مؤخرا.
    وينص الدستور المكتوب في المادة 21 على ان:
    (جميع الناس متساوون امام القضاء، والسودانيون متساوون في الحقوق والواجبات في وظائف الحياة العامة، ولا يجوز التمييز فقط "هذه زلة قلم معبرة، ولعل المقصود قط" بسبب العنصر او الجنس او الملة الدينية، وهم متساوون في الاهلية للوظيفة والولاية العامة ولا يتمايزون بالمال).
    لكن وفقا للدستور المفروض في ارض الواقع فالاهلية للوظيفة والولاية العامة مقصورا على المنتمين لحزب الحكومة (الجبهة الاسلامية القومية سابقا) ومن والاهم، والسودانيون يتمايزون الان بالمال اكثر من اي وقت مضى في تاريخ السودان، ويعلم القاصي والداني انهم يتمايزون بهذا المال العام المنهوب بوقاحة منقطة النظير.
    وينص الدستور المكتوب في المادة 25 على انه:
    (يكفل للمواطنين حرية التماس اي علم او اعتناق اي مذهب في الرأي والفكر دون اكراه بالسلطة، وتكفل لهم حرية التعبير، وتلقى المعلومات والنشر والصحافة دون ما قد يترتب عليه من اضرار بالامن او النظام او السلامة او الاداب العامة وفق ما يفصله القانون).
    لكن وفقا للدستور المفروض في ارض الواقع فالتعليم صار عملية غسيل لادمغة المواطنين بفكر النظام الفج وايديولوجيته الاحادية الضيقة التي سخرت لها كل وسائل الاعلام والنشر وكل المنابر الرسمية، واصبح حزب النظام ينفي وجود الاخرين ويستعلي عليهم بحجة الحاكمية الالهية التي يستمدون سلطانهم منها.
    وينص الدستور المكتوب في المادة 26 على انه:
    - للمواطنين حق التوالي والتنظيم لاغراض ثقافية او اجتماعية او اقتصادية او مهنية او نقابية لا تقيد الا وفق القانون.
    - يكفل للمواطنين الحق لتنظيم التوالي السياسي، ولا يقيد الا بشرط الشورى والديمقراطية في قيادة التنظيم واستعمال الدعوة لا القوة المادية في المنافسة والالتزام بثوابت الدستور كما ينظم ذلك القانون.
    لكن وفق الدستور المفروض في ارض الواقع فقد حولت الدولة الروابط والنقابات المهنية والاقتصادية والثقافية الى اذرع لها عن طريق التحايل والتزوير والارهاب، واوضح مثال لذلك التدخل الفاضح والتزويرالمكشوف في نقابة المحامين، ووفق الدستور المفروض في ارض الواقع فقد استباحت الدولة عن طريق تنظيمها الحزبي المسلح واجهزتها الامنية حرمة الجامعات والمؤسسات التعليمية واحلت العنف والقوة المادية محل الدعوة تماما.
    وينص الدستور المكتوب في المادة 28 على انه:
    - لكل شخص حقه في الكسب من المال والفكر، وله خصوصية التملك لما كسب، ولا تجوز المصادرة لكسبه من رزق او مال او ارض او اختراع او نتاج عملي او علمي او ادبي او فني، الا بقانون بكلفة ضريبة الاسهام للحاجات العامة، او لصالح عام مقابل تعويض عادل.
    - لا يجوز فرض الضرائب او الرسوم او المفروضات المالية الاخرى الا بقانون.
    لكن وفق الدستور المفروض في ارض الواقع فلا احد يضمن عدم تكرار الجريمة البشعة بالحكم بالاعدام شنقا على كل من المرحومين مجدي وجرجس بتهمة امتلاك حفنة دولارات من حر مالهما وجدت بحوزتهما.
    اما عن الضرائب والرسوم المالية الاخرى المفروضة جزافا فحدث ولا حرج.
    وينص الدستور المكتوب في المادة 30 على ان:
    (الانسان حر لا يعتقل او يقبض الا بقانون بشرط بيان الاتهام وقيد الزمن وتيسير الافراج واحترام الكرامة في المعاملة).
    وبنص الدستور المفروض في ارض الواقع فايدي اجهزة الامن مطلقة للاعتقال والتعذيب حتى اليوم، ولا رقيب عليها، وقد صرح وزير العدل مؤخرا، السيد علي عثمان يسن، بضرورة استمرار سلطة الاعتقال التحفظي برغم قانون التوالي السياسي وذلك درءاًَ للفوضى.
    ولهذا فان اي حوار يهدف لوفاق حقيقي اذا لم ينتقل من الوفاق الدستوري الى تفكيك جهاز الدولة الراهن وازالة هيمنة الطبقة الجديدة عليه واستبداله بجهاز قومي في تركيبه وتوجهاته، فلن يكتب له النجاح ولا يكون مجديا، وما لم نتجاوز الاستقطاب الراهن بصحوة وطنية توصلنا الى المؤتمر الدستوري، والتي تبدو بعيدة المنال حقا، فالمعارضة ستواصل نضالها المسلح، والحكومة ماضية في تشبثها بالسلطة لاجل السلطة، ومساحة وفاعلية هذه السلطة ستظل تتلاشى تلاشيا مستمرا، ويصبح الوجود الحضاري السوداني المتمثل في الدولة المركزية الحديثة بجيشها الوطني وشرطتها وقضائها ومدارسها وجامعاتها ومساجدها وكنائسها وسدودها ومشاريعها الزراعية المروية والمطرية الحديثة، وخدماتها الصحية وسفاراتها، هذا الوجود الحضاري الذي ظل يتحقق منذ الممالك الاسلامية القروسطية عبر حقب التركية والمهدية والحكم الثنائي والاستقلال، يصبح مهددا بالزوال كما حدث في الصومال تماما، ولن يجدي التدخل الاجنبي حينها لاستعادة هذا الوجود الحضاري الا بمثل ما افلح في الصومال والعراق.



    الرسالة الثالثة
    * ما لا يدرك كله لا يترك كله
    ان رفضى للحوار المنطلق من قانون التوالى السياسي بالصورة التي تمنح النظام الشرعية التي يفتقدها ويسعى اليها لا يعني رفضى التام للحوار ، اذ هنالك نمط للحوار المرتبط بابلند الاول من المادة 26 في الدستور المتعلق بحوار المواطنين في التوالى والتنظيم لاغراض ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية او مهنية او نقابية ارحب به واسعى اليه وفي ذهني الحوار الذي يدور في ارض الواقع بين التحالف الوطني لاسترداد الديمقراطية الذي يمثل تيار المعارضة في نقابة المحامين ، وينطلق من ضمان الحقوق الديمقراطية الاولية على المستوى القاعدي.
    وربما كان الحوار حول هذا البند بمشاركة القوى ذات المصلحة المباشرة فيه الخطوة الاولى والطبيعية التي تقود للحوار حول التنظيم السياسي والتداول السلمى الديمقراطي للسلطة السياسية، ولا غرابة اذن في ارتباط هذين البندين وتواليهما بالصورة الواردة في المادة 26 من الدستور .
    انني لا امثل حزبا سياسيا ولا فصيلا مسلحا معارضا ، ولست الا واحدا من عشرات الالاف من المهنيين الذين يمارسون العمل العام عبر تنظيماتهم واتحاداتهم المهنية والنقابية ، وقد تم اختيارى عقب مؤتمر التعليم العالى في السودان الذي عقدته رابطة الاكاديميين السودانيين في جامعة عين شمس بالقاهرة في الفترة 1-5 اغسطس الماضى وشارك فيه ممثلون عن اكاديميين سودانيين داخل وخارج الوطن ، منسقا عاما للرابطة ، وربما كان هذا النمط من النشاط احد الاعتبارات التي اسهمت في توجيه الدعوة لى للمشاركة في الحوار حول قانون التوالى السياسي.
    وقد هالنا خلال المؤتمر امر هجرة الاكاديميين والمهنيين السودانيين عموما خارج الوطن التي ربما كان اكثرها هجرة في اتجاه واحد بلا عودة ، وهالنا في نفس الوقت مدي الافقار الذي اصاب مؤسسات التعليم العالى والمؤسسات الخدمية الاخرى كالمستشفيات نتيجة لهذه الهجرة ، وكما جاء في تقرير وزير التعليم العالى السابق الدكتور عبد الوهاب عبد الرحيم لمجلسكم الوطني عن اوضاع الجامعات – واقيل بسببه – ان الفاقد من اعضاء هيئة التدريس في الجامعات الخمس القديمة في الفترة 90-96 نتيجة للفصل او الاستقالة او الغياب او عدم العودة بعد انتهاء الانتداب 1004 استاذا من مجموع 1664 بنسبة 60% وتشير الاحصاءات الى ان الاطباء الذين هاجروا يبلغ عددهم اكثر من ثلاثة اضعاف الذين يعملون بداخله والبالغ عددهم حوالى 3000 فقط.
    ومع ان اسباب هجرة المهنيين ليست كلها من صنع النظام تماما، الا انه فاقم منها بسبب سياساته الهادفة لقمعهم واضطهادهم واضعاف دورهم الاجتماعي والسياسي ومكانتهم في جهاز الدولة ، وذلك كاجراء وقائي ضد خطر الانتفاضة الشعبية التي برهنت تجربتا اكتوبر وابريل انهم مشعلوها.
    هذه السياسة قصيرة النظر ستكون في تقديرى العامل الاول الذي يسهم في انهيار النسيج الاجتماعي السوداني وصوملته وارتداده الى كياناته القروسطية المبعثرة ، فالمهنيون والنقابيون والمثقفون عموما هم دينامو الطبقة الوسطى التي هي بمثابة النسيج الضام للمجتمع السوداني وعصب الدولة السودانية المركزية ، وهم حملة مشاعل الوعى وصناع مشاريع النهضة الوطنية والاستنارة ، فمن احشاء مؤتمر الخريجين العام الذي هو تنظيمهم الام ، نشأت كل الاحزاب والحركات السياسية في شمال السودان ، وليست هنالك مصلحة حقيقية لنظام يمتلك مشروعا نهضويا معاداتهم كطبقة مهما كان دورهم مقلقا للنظام الحاكم.
    ان الكثيرين من المهنيين والنقابيين تنصب معارضتهم – مثلى – لا على قانون التوالى وحسب وانما على الدستور المستمد منه ، ويرفضون اضفاء الشرعية التي ينشدها النظام بقبوله ، لكن الحركة الجماهيرية النقابية والمهنية مجبرة على التعامل مع اي نظام سياسي بغض النظر عن شرعيته ، من الحكم الثنائي الى الانقاذ ، بغية اكتساب الحريات النقابية الاولية وتوسيع نطاق الممارسة الديمقراطية ، على غرار ما يفعل التحالف الوطني لاسترداد الديمقراطية الان ، انطلاقا من الحكمة التي تقول بان ما لا يدرك كله لا يترك كله، وهم لذلك ايضا يقبلون بمبدأ العمل المعارض الذي يستهدف تغيير الدستور ونظام الحكم وفقا لما يتيحه الدستور والقانون ، وهذا الطريق يؤدى الى الانتفاضة الشعبية والعصيان المدني.
    وان فحوى الدعوة المقدمة لى للحوار ان النظام ينشد الانتقال من الحكم الاستثنائي الاعتباطي الى حكم يستند الى شرعية دستورية وقانونية وانه يضمن حرية التنظيم والعمل العام التي يكفلها الدستور بوجه عام، وقانون التوالى السياسي بوجه خاص ، وهو لذلك يرحب بهجرة معاكسة الى الوطن لكل النقابيين والمهنيين المعارضين الذين اغتربوا او هاجروا ، بسبب القهر السياسي والاجتماعي.
    وانني كاحد هؤلاء النقابيين والمهنيين اقبل الدعوة على هذا الاساس ، شريطة توفر الصدق والشفافية ومناخ الثقة الذي يتيح لنا الجلوس في مائدة واحدة والاستماع لبعضنا البعض، لقد انهارت الثقة في الاشهر الاولى لانقلاب 30 يونيو 1989م حينما زجت سلطته بالقادة النقابيين في السجون وابتدعت بيوت الاشباح لتعذيبهم ، وحينما اصدرت حكمها باعدام رئيس نقابة الاطباء ، الدكتور مامون محمد حسين ، بتهمة الدعوة للاضراب ، وهو حق نقابي ، وحينما اطلقت مليشياتها لتفريق المواكب الطلابية السلمية مستبيحة ارواح الطلاب كالسوائم ، وحينما بلغ استهتارها بالارواح حد التعذيب حتى الموت لعشرات النقابيين واعضاء الاتحادات الطلابية ، بدءا بالشهيد الدكتور على فضل في مارس سنة 1990 وانتهاء بالشهيد محمد عبد السلام طالب القانون بجامعة الخرطوم الذي اغتيل في يوليو الماضى ، ولا يزال مسلسل التعذيب والقتل مستمرا.
    * من الذي اشرف على التعذيب في بيوت الاشباح ؟
    ولا يكفى كارضية للحوار طرح القوانين المنبثقة عن المادة 26 من الدستور التي تمنح حرية التوالى والتنظيم ، لابد ان تعترف الحكومة بانتهاجها للتعذيب المنظم وان تعلن عن ادانتها تلك الممارسات واقلاعها عنها وعن فتح باب الشكاوي والاتهامات في حالات التعذيب والتحقيق فيها ومحاسبة من تثبت ادانته ، توطئة لتسوية تتيح ، اذا ما خلصت النيات لوفاق سياسي حقيقي ، ما اسماه السيد الصادق المهدي التعافى المتبادل ، على غرار جنوب افريقيا.
    لقد ظلت الحكومة تنفى على لسانك يا اخي عبد العزيز شدو وقوع التعذيب ، او تنسبه لتجاوزات ابدت استعدادها للتحقيق فيها ، دون ان يحدث ذلك ابدا ، وكانت لك صولات وجولات في محافل حقوق الانسان الدولية بهذا الصدد ، حينما كنت نائبا عاما ووزيرا للعدل ورئيسا للوفد السوداني للمؤتمرات الدولية لحقوق الانسان ، ارجو ان الفت انتباهك الى الشكوى التي تقدمت بها من السجن العمومي بالخرطوم بحرى الى الرئيس البشير بتاريخ 26 يناير 1990م عارضا فيها تجربتى الشخصية المريرة في بيوت الاشباح ، وتكمن اهمية هذه الحالة في ان الذين قاموا بالتعذيب ، واشرفوا عليه ليسوا اشخاصا ملثمين بلا هوية ، بل كان على رأسهم العميد بكرى حسن صالح عضو مجلس قيادة الثورة ورئيس جهاز الامن وقتها ، والدكتور نافع على نافع وزير الزراعة الراهن وزميلي في هيئة التدريس بجامعة الخرطوم ، الذي كان طالباً بالجامعة حينما كنت من اساتذتها في الستينيات ويهون ما تعرضت له في بيوت الاشباح عندما افكر فيما اصاب اثنين من زملائي الخمسة الذين اشرت اليهم في المذكرة ، احدهم السيد عكاشة عبد الرحمن عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد نقابات عمال السودان حينها ، وقد تعرض لمثل ما تعرضت له ووصلنى منه خطاب قبل قرابة عام ذكر فيه ان ابنه الطالب مجدي اعتقله الامن .. ولا يعرف عنه شيئا وانه التحق باحدى الفرق المسلحة باسمرا لمقاومة نظام الجبهة ثم قرأت في تحقيق صحفى معه في صحيفة الخرطوم انه التقى صدفة باحد الاسرى من الطلبة العاملين بجهاز الامن وقوات الدفاع الشعبي اعترف بقتل بانه مجدي.
    اما الاخر وكان شابا هادئا وسيما شجاعا فارع الطول فقد تعرض لتعذيب لا اخلاقى شديد البشاعة علمت وارجو ان لا يكون ذلك صحيحا انه لم يطلق سراحه الا بعد ان فقد عقله فذبح زوجته وابيه وبعض اقاربه.
    انه يسهل على جدا ان اقرر اننى لا احقد حقدا شخصيا على اي شخص – وهذه حقيقة – لا الدكتور نافع ولا العميد بكرى حسن صالح الذي ضربنى حارسه في وجوده هؤلاء ليسوا افرادا ناشزين وانما هم ابرز قادة الجبهة الاسلامية القومية ورموزها الذين استولوا على السلطة السياسية ولا زالوا طليعتها وهي تحتفى بعامها العاشر وهم مع ذلك اشخاص عاديين تقمصتهم الذهنية التي تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة ودفعتهم الى نفى الاخر واستباحة دمه وماله وعرضه فتحولوا الى مجرمين شأنهم في ذلك شأن بقية اعضاء حزبهم الذين تكتظ بهم اجهزة الامن والدفاع الشعبي الذين قرروا والذين نفذوا من قمة النظام الى قاعدته.
    * تحدي التدويل وضرورة الحوار الجدي :
    فاذا ما قرر هؤلاء الان العمل بمقتضى شرعية دستورية وقانونية تحول دون ارتكاب هذه الجرائم ، فانني لا اطلب فيما يخصنى لكى ادخل في حوار معهم سوى اعترافهم حكومة وافرادا بالجرائم التي ارتكبت وان يعبروا عن الاسف والندم الحقيقي تطهيرا لانفسهم هذا فيما يخصنى شخصيا ، لكنني لا استطيع ان اقول نفس الشئ بالنسبة للاخ عكاشة الذي قتل ابنه ، او الشاب الذي فقد عقله وزوجته وابيه او بالنسبة للالاف من ضحايا التعذيب لابد اذن لكى يتوفر المناخ الصحى لحوار حقيقي من خلق آلية للمحاسبة على التعذيب ، على غرار جنوب افريقيا هذا هو الشرط الاول لتوفير المناخ الصحى الموائم لتخطي مأساة التعذيب.
    الشرط الثاني كبادرة لخلق المناخ الصحى هو اجراء انتخابات حرة يقبلها طرفا نقابة المحامين لحسم النزاع القائم حول شرعية النقابة هذا يوفر الاطمئنان الى الحقوق الدستورية والى مطابقة القانون للدستور مما يتعين ان يسرى على كل التنظيمات النقابية والمهنية.
    الشرط الثالث لخلق المناخ الصحى للحوار ايقاف العنف الذي تمارسه المليشيات المولية للنظام خصوصا ضد الطلاب المعارضين والتحقيق والمحاكمات الفورية العادلة لكل الذين تثبت ادانتهم واشير بالتحديد الى حالة العنف ضد طلاب جامعة ام درمان الاهلية التي طرحها المحامي غازي سليمان ، رئيس التحالف الوطني لاسترداد الديمقراطية في مؤتمره الصحفى هذا الاسبوع والتي لا تكاد تخلو منها صحيفة على مر الايام ولهذا لابد من الشروع الفورى في تجريد هذه المليشيات من السلاح.
    قد تسأل : لماذا توافق الحكومة طوعا واختيارا على عودة القادة النقابيين وعلى قيام تنظيمات نقابية ومهنية مماثلة للتحالف الوطني لاسترداد الديمقراطية وهي قد تنتشر وتسرى حتى الانتفاضة ؟ ما مصلحتها من ذلك ؟ والجواب اولا : انها لا تفعل ذلك طوعا واختيارا وانما استجابة لتحدي المعارضة المسلحة التي تهدد وجودها ، وللمعارضة المتزايدة لحكمها ولخطر الصوملة واندثار السلطة المركزية الماثل امامنا، وبالتالى ضياع الجمهورية التي تحكمها.
    ثانيا: انها تفعل ذلك استجابة لتحدي التدويل والتدخل الاجنبي الذي يتهددنا جميعا.
    ثالثا : ونسبة للفشل والعجز التام للمشروع الاسلامي الذي جاء بالجبهة للسلطة ، ولصراع السلطة الدائر داخل النظام ، فان المنتصر في هذا الصراع ، لو كان يملك مشروعا او بقية مشروع اسلامي او وطني يسعى لتحقيقه ربما تحت مظلة الوفاق التاريخي او الوحدة الوطنية فانه هو الذي قد يأنس في نفسه الثقة في التنافس الديمقراطي لتداول القيادة او تواليها في النقابات والمنظمات الديمقراطية.
    * النكتة السياسية وقانون التوالى :
    وبمناسبة (بدعة) التوالى هذه على قول الكاتب الاسلامي فهمي هويدي في صحيفة الاهرام ، فانه يبدو ان الشعب السوداني محق في التعامل معها باعتبارها نكتة سياسية عملية ، من الواضح ان المقصود الترجمة الحرفية للكلمة الانجليزية Succession لكن لماذا يفكر الدكتور حسن الترابي الذي استحدث هذا التعبير باللغة الانجليزية لصياغة دستورنا الاسلامي ؟ ثم ان كلمتي Succession وSuccessor معناها باللغة العربية خلافة وخليفة وهذا معني اسلامي حقيقي ، لكن الخلافة الاسلامية لم تتأسس على مبدأ تداول السلطة عبر الانتخابات الحديثة فهل يبغي الدكتور الترابي حقيقة الخلافة ، التي لا انتخاب فيها وقام باستخراجها من الانجليزية للتعمية والتغبيش؟
    والنكات السياسية العملية لها تاريخ في السياسة السودانية ، الا تذكر يا اخي عبد العزيز تلك الفترة المضطرمة الصاخبة في تاريخ اتحاد طلبة جامعة الخرطوم ، ما بين الغاء حكومة النحاس لاتفاقية 1936م في اكتوبر سنة 1951م وقيام الثورة المصرية في يوليو سنة 1952م حينما اجريت الانتخابات للجنة الاتحاد وللجمعيات الفرعية في مناخ ساده الصراع ثنائي القطبية بين الاخوان والشيوعيين واكتسحنا (الشيوعيون) حينها الانتخابات ؟ كان المرحومان بابكر كرار والرشيد الطاهر والاستاذان ميرغني النصرى ويوسف حسن سعيد في قيادة الاخوان وكنت مع المرحوم فاروق مصطفى المكاوي والسادة الامين حاج الشيخ ابو ومحمد ابراهيم نقد .. الخ في قيادة الشيوعيين بينما كنت في قيادة تيار المستقلين الذي اتخذ من مجلة الصاروخ منبرا وحينها قمت بترشيح نفسك لرئاسة الجمعية الدينية ، معتمدا على اصوات الشيوعيين وكنت انا من بين من اتصلت بهم لتأييد ترشيحك فكانت تلك النكتة السياسية العملية التي زلزلت اركان الاتحاد بالضحك في ذلك الزمن الصاخب.
    الان بلغت النكتة السياسية منعرجا خطيرا حينما خولتما لنفسيكما انت والدكتور الترابي ان تكونا المرجعية العليا للحاكمية الالهية التي استخلفتم انفسكم لممارستها وصرتما الاوصياء على مبدأ استصحاب العاملين في الدولة والحياة العامة تسخيرهما لعبادة الله خالق البشر وقد صارت هذه النكتة للاسف الشديد باهظة التكلفة يدفع شعبنا ثمنها ملايين الارواح التي تحصدها الحرب وتسحقها المجاعة وتفتك بها الامراض ونظاما اجتماعيا لا رحمة فيه ، يولد يوميا انحطاطا خلقيا ومعنويا لا مثيل له في تاريخ بلادنا.
    هدانا الله واياكم ووفقنا الى العمل لحماية الحقوق الاولية للانسان في السودان وفي كل مكان ووهبنا الحكمة التي نميز بها الحد الفاصل بين ما نستطيع ان نعمله وما لا نستطيع والصبر الذي نتجمل به لمعايشة ما ليس منه بد ، والشجاعة التي تحفزنا للعمل على تغيير ما يمكن تغيره وقدرا من الصدق والشفافية يتيح لاقوالنا ان تتطابق مع افكارنا واعمالنا.








                  

العنوان الكاتب Date
نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى الكيك04-30-06, 05:19 AM
  Re: نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى الكيك04-30-06, 05:25 AM
    Re: نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى الكيك05-01-06, 10:25 PM
      Re: نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى الكيك05-02-06, 10:52 PM
        Re: نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى الكيك05-03-06, 01:29 AM
          Re: نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى الكيك05-05-06, 11:41 PM
            Re: نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى الكيك05-06-06, 04:24 AM
              Re: نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى الكيك05-06-06, 04:46 AM
                Re: نافع وكلام مش نافع ...خطاب حزب المؤتمر الوطنى الكيك05-07-06, 05:39 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de