عبدالقيوم يدخل من البوابة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 10:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-12-2008, 10:56 PM

abdalla elshaikh
<aabdalla elshaikh
تاريخ التسجيل: 03-29-2006
مجموع المشاركات: 4001

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبدالقيوم يدخل من البوابة

    حين عبر عبد القيّوم البوّابة*

    إبراهيم جعفر
    [email protected]

    في رسالته لـ"ود عمّك" (الطريق، مجلة غير دورية تصدرها رابطة الديمقراطيين بألمانيا، العدد التاسع، أغسطس 1999) يتَهَمّمُ الشاعر مصطفى بحيري بخواطرٍ نقدِ-تأمّليّةٍ منها ما هو ذو وثاقٍ بـ"مشغلة الشعر"- إن شئتَ تسميةًهولدرلينيّةً- وكونه "فنّ قلّة" (أو "أقليّة هائلة" بتعبير الكاتب اللاتيني-الأمريكي خوان رامون جمينيز)، ثمّ منها، كذلك، ما يُلامسُ ما يُشبهُ تعريفاً تلقائيّاً للشّعر، كما وللقراءةِ مُوكّدَاً، أوموصولاً، بكلاماتٍ لأوكتافيو باث ("القراءة هي اكتشاف السبيل المؤكّدة التي تقودنا إلى انفسنا") وممدوح عدوان، الشاعر والمسرحي السوري (إذ يتحدث عن ديمومة مستمرة، رغم تبدل الزمكان التاريخي والإنساني، لأقليّةٍ نوعيّةٍ حسّاسةٍ لحياة الشعر وقادرة على رؤية المنماز منه ومتابعته وإنتاجه). "كأنّ هذه الأقليّة"- يقول مصطفى بحيري في رسالته تلك- "تنظيمٌ سرّيٌّ باطنيٌّ قابلٌ للتوريثِ بالمعنى التهجيني، لا معنى النسب" إذ هي لا تنفكُّ عن أن "تعيشَ مع اهتمامها بالشعر، فتُبقي الشعر حيّاً وتُبقي على آخرِ انفاسهِ وآخرِ ومضةٍ في فتيله" (أنظر رسالة مصطفى بحيري إلى ود عمَّكْ، الطريق، ص. 45).

    ثم يقوم الشاعر مصطفى بحيري، من هناكَ، إلى "جفيلِ" ("ومن هناكَ قُمتُ للجّفيلِ...... إلخ!") لقيانهِ لنفسهِ، في آناتٍ مفروزةٍ من زمانه النفسي-الشعري، كاتباً، أكثرَ ما يكتُب، لمن رحلوا:- أبو ذكرى، على فضل، سعد الله ونّوس، فيصل سعيد، ثمّ.... على عبد القيّوم. لكنَّ ذلك هو، كما يُعايِنُهُ الشاعر مصطفى بحيري، "جفيلَ" خوفٍ من الإيغال بعيداً في سبيلٍ كان هو مُقَعَّدَاً، أصلاً، في "نكبةِ السودان" حيثُ تُصَيَّرُ الكتابةُ- أو، بالأحرى، تَصيرُ هي من تلقائها وبفعل عين ميكانيزمات حركتها النّفسيّةِ و/أو الشعوريّة- "إستعادةً" (وليس "استعاضةً") أو، ربّما، "تحايل للإحتفاظِ بالرّاهنيّة!".

    على عبد القيوم، والعهدة على رواية الشاعر مأمون بحيري، كان معانياً من داء السرطان وكان عارفاً بموعدِ رحيلهِ وبأيّامه الباقية المعدودة، لذا هو قد "حمل نعشه"، بمعنىً واقعيٍّ ودقيقٍ وليسَ مجازيّاً أو تخييليّاً فحسبْ، إلى البلادِ، إلى الأرضِ اللائقةِ "بموتِ جميل مثله (كما في عبارة الشاعر مصطفى بحيري) والتي هو قدتوهّجَ بحبّها وأنضجَ لها قمحَ نشيدهِ الغنائيِّ منذ شعريّاتِهِ الشبابيّة الباكرة وذاك "الشّغل" الورديُّ [نسبةً إلى "محمد وردي"] المعروف، ذاك الشّغل-الرّغيف، الذي صَعّدَ، بتشاركٍ مع "الورديّات" و"المحمّد أمينيّات" العديدةِ الأخرى، فينا طفولةَ نشيدنا، كما في "منقو زمبيري":- "أنت سوداني وسوداني أنا/منقو قل معي لا عاش من يفصلنا"، إلى آفاقٍ وطنيّةٍ واجتماعيّةٍ وتخييليّةٍ وتحسيسيّةٍ جديدة سوّت فينا تُربةً نفسانيّةً، ثمّ أيدولوجيّةً، مهّدت، منذ أوائل سبعينات القرن الماضي وفي عهدي المدرستين الثانوية العامة والعليا من مراحل دراستنا، لولوجِ ثُلّةٍ منّا (وأنا كنتُ من بينَ أولئكَ) في مطالعِ آفاقٍ وطنيّةٍ وسياسيّةٍ وفكريّة حديثةٍ ومثيرة متّصلةً بهَيَمَانِ نهرِ المدِّ الإشتراكيِّ-الشعبيِّ الذي كان ما يزالُ، في تلك الأيام، موّاجَاً باختلافه وبطاقته البديلة والطازجة الجديدة وبثورتِهِ الإجتماعيّةِ-الوطنيّةِ المعافاةِ من عقدِ ضيقِ الأفقِ الفكري والتّعصّبِ وشأن "الكنيسة الواحدة المطلقة" (الذي قرأنا عنه، على سبيلِ المثالِ [أو مثالِ السبيلِ- بتعبيرِ الكاتبِ الصديق مازن مصطفى]، في بعضِ كتاباتِ الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر). ذلكم كان- على الأقلِّ، أو على الأخصِّ- قائماً فينا حينذاكَ، بمقاديرٍ متفاوتةٍ، من عِند جهةِ حسّنا الشّبابيِّ الآنيِّ به.

    في "حين عبر عبد القيّوم البوّابة"- تلك القصيدة المنشورة في ذات عدد الطريق المشار إليهِ آنفاً والمُمَهَّد لها بـ"رسالة مصطفى بحيري إلى وَدْ عَمَّكْ"- يُصوّر مصطفى بحيري شيئاً يقع في ظنّي، وفي حسّي، أنّه واحدٌ من مفاتيحِ نفسيّةِ ومِزَاجِ الرّاحل الرّائد (أو "ما بعد الرائد") على عبد القيّوم الشخصيِّ والمعاشيِّ، كما وهو (أي ذاك "الشيء" المُصوّر هناك) يُوصلُ من يقرأهُ (تقرأهُ)، برويٍّ غيرِ مُعقّدِ التكنيك، إلى حيثٍ، فيما أُرجّحُ، منشغلٍ بكيفيّات (أي ميكانيزمات) دخول الشاعر على عبد القيّوم الممكن في القصيدةِ من بابِ تفاصيلِ الحياة الصغيرة، اليوميّة الأثيرة أو البسيطة، كما قد يقولون:-

    "ب" حين رأيتُكَ..

    رميتَ عُقْبَ السّيجارةِ خارجاً

    ودلفتَ منعطفَ القصيدةْ

    ثمّ:-

    "ج" هل تجد متعةً..

    وأنتَ تفضُّ علبةَ السّجائرِ

    بتلكَ العنايةِ الفائقةْ؟..

    يُمتِعُكَ تُشعِلُ بالثُّقابْ!..

    تُحدّقُ في اللّهبِ الأزرقْ

    خدّاكَ بالدّخانِ ينسحبانِ

    تنفضُ العودَ ثلاثاً

    عيناكَ تخضلانِ

    أيّها الآبقُ-

    وتسعلُ تلك الجّروحاتِ القديمةُ!

    أنا أعترفُ، ليس بتظاهرٍ مُتجاهِلٍ أو مُتعالٍ على نحوٍ ما أو آخر وإنّما بحقٍّ صريحٍ ومُباشرٍ، بأنّي ما تابعتُ ما كتبه الرّاحل الشاعر على عبد القيّوم منذ زمانٍ بعيدٍ وبأنّي لم أُكَوّنْ صورةً لهيئةِ كتابته الشعريّةِ على نحوٍ مُناسبٍ على الأقل، إن لم يكن مُعتَبَرَاً أو وافياً. لم أعرف الشاعر على عبد القيوم، لا شخصيّاً ولا إبداعيّاً أعني، بالقدرِ الذي عرفتُ به، إبداعيّاً وليس شخصيّاً (ما عدا لقائين أو ثلاث بالشاعر النور عثمان أبّكر)، أناساً من مجايليه وأصدقائه من فنّاني الكتابة التخييليّة من أمثال الرّاحلين البروفسور علي المك، القاص والناقد والمترجم ومحقّق الأخبارِ والسّيرِ والشاعر (أحياناً)، والشاعر الحداثي السوداني المُجَدّد صلاح أحمد إبراهيم، كما والحداثيُّ المُجدّد الآخر الذي يقترن اسمه، عندنا، تلقائياً، بتلك الأسماء، والذي هو متفاعلٌ حتى الآن مع مجريات الثقافة والسياسة حوله بشبابٍ وطاقةٍ لم تزل صبيّة، الشاعر الدبلوماسي محمد المكي إبراهيم. وأولئك هم فقط بعضٌ ممن قد يتبادرون إلى الذهن القارئ الجّمعيِّ والسسيو-سياسي المتجذرة بداياته في القراءة والإهتمام الثقافي والأدبي، بإجمالٍ، عند عقد الثمانين من القرن الماضي وما قبله وإن انماز ذاك العقد الثمانينيِّ والسبعينيِّ الذي سبقه بانفغامهِ وبجَيَشَانِهِ، بالأحرى، بأسماءٍ أتت، من بعد أولئكَ، بهيئةٍ مختلفةٍ، أو بحساسيّةٍ ثقافيّة واجتماعيّة وإنسانيّة مختلفة إن شئت، في الكتابة وفي صوغ العبارة والصورة الشعريّة نذكر منها، على سبيل التمثيل العريض جدّاً، الشاعر الجارف الموسيقى (بحسب صلاح احمد إبراهيم) مصطفى سند والشاعرين المُتفكّرين، في كتابتيهما، بتراوحٍ واختلافٍ في مقادير ومستويات/نوعيات التوكيد والهمِّ فيما بين تلك الثيمات المختلفة، بمسائل الوجود والأنطولوجيا والمعنى والجذر والمصهر الذي هو "روح الأمة"- بمعنىً موازٍ لمعنى الشاعر الأيرلندي و. ب. ييتس الرّوحيِّ والقومي وبالتاليَ- طبعاً- بِرَكَزَانٍ في ثيماتٍ وتَخَطُّرَاتٍ سودانويّة الجّذر/التّشَجُّر والتفتّح، الراحل الحاضر د. محمد عبد الحي والحيّ المقيم النور عثمان أبّكر، ثمّ الشاعر الذي قد لا يُذكرُ، منذ آنذاك وحتى الآن، كثيراً عند مقامات الذكر الجَّمعيِّ الإحتفائيِّ السودانيّ رغم ما في شعره من إنشاءِ خطٍّ تخييليِّ وتشكيليٍّ جديدٍ ومكثّفٍ للصُّورِ وكأنّه- مثلاً- "أدونيس سوداني" والذي هو الشاعر السوداني تيراب الشريف محمد الناغي، مطلق البرقيات الشعريّة الخاطفة التخييل والجدّة في مجموعته الشعريّة المسماة "نداء المسافة"، كما وفي أشغالٍ أخرى له مثل ذاك الذي سمّاه، إن لم تخطئ ذاكرتي، "نشيد العناصر". أخيراً نضمُّ لهذه "النمذجة" اسم الشاعر الراحل عبد الرحيم أبوذكرى، ذلك المايكوفسكيّ- المأساويّ والنازع نحو البساطة الطازجة في التاليف الشعري، بشرط انطواءِ تلكَ على التجربة الشعريّة/الشعوريّة في جِماعِ عمقها وغناها وإلا- كما يقولُ هو باشتهارٍ- "فلا بساطةَ ولا يحزنون".

    لكنّ ربّما كانت تلكَ "لفّةً" عند مشربِ شايٍ شعريٍّ وصُوَرِيٍّ وتجريبيٍّ آخرٍ ليس هو، آنيّاً وعينيّاً، ذاتَ مشربِ الشاي الذي متحت منه نفس الراحل علي عبد القيّوم، مع التنبُّهِ لاستثناءاتٍ ممكنةٍ قد تنطوي عليها، هنا وهناك، هيئة مزاجه الشعري وما هو موثقٌ بها من حياةٍ، خبرةٍ، تشوُّفٍ أو ذكرى.

    "تلكَ بلادٌ أغلقتْ دفّتَيْ نصِّها/حَرَسَتْهُ بالقُوّاتِ../وبالآياتِ المُسَلّحة" (مصطفى بحيري، حين عبر عبد القيّوم البوّابة).... و.... وهكذا انعطف الشاعر على عبد القيّوم نحو تلك الجهة الكالحة بالنّصوعِ وبالبريقِ الصّناعيِّ المُهَنْدَسِ الخُلَّبْ والمسمّاةَ عندي (ربّما في استحضارٍ ضمنيٍّ أو مُسَرْيَلٍ للناصيةِ القرآنيّةِ "الكاذبة والخاطئة"!) ناصية المنفى الباردة والمحايدة بغيظ، بل و"الحضاريّة" على نحوٍ شرسٍ ولا إنسانيْ. ثمّ صار هو عِند، وآنَ، ذاكَ- كِشأني أنا آنما أتخيَّلُنِيْ- بل وأعلمُنِيْ- شاعراً وحسّاساً و"لا منتمياً"، كما وكشأنِ جِماعِ أصدقاءِ الشّعرِ والكتابةِ الجميلين العميقين كذلك!- كأنّهُ، ثمّ كأنّني وكأنّنا، في النفي دوماً نُداسُ في رِغامِ لأيٍ أو نُنَاءُ بكَلْكَلِ!

    حسُّ ذلك الكلامُ الأخيرُ الذي هذيتُ بهِ، عِنْدَ موقفِ المخاطبة الحاليِّ والمعنيُّ به الراحل الشاعر على عبد القيّوم عِياناً، معنيٌّ أنا به- حاليّاً- بانجراحٍ وتذكّرٍ ليس هو- إن استطاعت أعضائيَ التهّدّجَ بالرّجاء وليس "بالتهاب مفاصلِ الشهوةِ القديمة هذا" (كما وصفته، تقريباً، في واحدٍ من أنسجتي الشعريّة التي هي غير قصائدي)- بالسّدى وإن كثيراً ما رأيتُهُ كذلكَ عند تواترِ انكتامِيَ بشَمْلَةِ قلقي وحيرتي. ربّما- ببساطة- تكون الذكرى- بكلّ اعتوارات تخييلها وتحسيسها- معينةً، على وجهٍ ما، للإنسانِ على أمثال "أشياءٍ من هذا الحزين" (بتعبير الصديق الشاعر أنس مصطفى أحمد في شغلة الشعري المسمّى "السيسبان الذي يمضي لحالِ حنينه"). ثمّ ربّما كانت "تقيّةُ" على عبد القيّوم لنا، على هذا السبيل، قد "دسّها" لنا- كلّها أو "شَبَهَاً" منها على الأقلِّ- الشاعر علي عبد القيوم في بعضٍ من تلافيفِ بُكائيّتهِ على صديقه الراحل البروفسور على المك المسمّاةُ "قمر السلام":-

    ها أنذا أنادمُ قمراً سابحاً في فضاءِ السّديمْ

    أحيّيكَ يا صاحبي مثلما جئتني في بواكيرِ ذاكَ

    الصّباحْ

    جئتني وابتسامتُكَ المخمليّةُ تجلو ثناياكَ

    تشملني برعايتكَ الباسقة:

    "يا لها من قصيدة!

    (لم أكن قد رأيتَ القصيدةَ منشورةً بعدْ)

    جثتَ يا صاحبي تتأبّطَ منشرحاً

    باقةً من زهورِ مودتك الصادقة

    وقصيدتي "الإختيار"ْ

    \وتُداعبني:

    "أيّها المتدثّرُ بالشّعرِ

    هل أنتَ صوفيًُّ هذا الزّمانْ؟

    سيقتلك العشقُ

    هلا استخرت المتابا؟"

    \ونضحكُ.. يندهشُ البعضُ من حولنا

    أنتَ صاحبهم أجمعين؟

    كيف تأتي حفيّاً بشعري إلى مكتبي؟

    وهم يحسبونَ فؤادي حجر!

    وجلسنا

    بيننا قهوةٌ لم تكن جيّدة

    بيننا صحنُ الفولِ

    "لا بأسَ بالفولش إن عزَّ بوخُ الشّواء"

    مزاجكَ ينعشُ حتى موات المكاتبِ- يا صاحبي.

    ثم تسألني فجأةً.. لغة الحزمِ تطغي

    "ماذا ستفعل بالشعر

    أين دواوينك السابقةْ؟

    يا صديق الخليلِ

    ويا أرحمَ النّاسِ بالمبدعين

    لماذا تدللنا هكذا؟

    ها هو الآن عبد العزيز يبكيكَ بوحاً شجيّاً

    تنزّى هنا.. في العزاءِ الكبيرْ

    ها صلاح توسّط عقد اليتامى

    وها انتَ تاجٌ على هامةِ النّيلِ

    لا يحتويكَ الغيابُ ولا يحتويكَ الرّحيلْ

    تحتويك البلاد التي اوغلت في العويلْ

    يحتويك الأديمُ الذي شاد مجد الطوابي

    واستضاف فناء "القماير"

    تحتويك المدائح صدّاحةً بين صمتِ المقابرْ

    تحتويك المدينةُ تلك التي

    لم تغادر دهاليزها طائعاً

    انتَ غادرتها حينما سادها الجهلُ فجذاً قبيحاً

    واستباها العساكر.

    إنني أجلسُ الآنَ في مرقصٍ يحتويكَ ولا

    يحتويك

    إنهم يرقصون ولا يرقصون

    جمعوا حول نعشك ما قد تبقى في بساتينهم

    من زهور الربيع

    ومضوا يصعدون

    إنهم يقصدون مقامك ذاك الرفيع

    إنهم عاشقونَ كما كنتَة دوما

    إستهاموا بسيرتكَ العبقريّة

    كيف تجمع بين البساطةِ والعمقِ؟ يا صاحبي

    هكذا باغتوني بهذا السؤال التليعْ

    كيف تجمعُ بين البساطةِ والعمقِ حقّا؟

    كيف تجمع في إلفةٍ بين هذا وذاك؟

    في المآتمِ أنتَ المواسي

    في الهزائمِ أنتَ الذي يتصدّى

    ساطعاً للهزيمةْ

    في البواكيرِ النّدى والشُّعاعْ

    حينما يُحكمُ القحطُ أنتَ الذّراعْ

    الذّراعُ الذي طال جوعَ اليتامى

    ومضى يتنامى...

    ممسكاً بتلابيبِ أحزاننا

    داعياً للتّماسُكِ

    مستنفراً قدرة البهجة العارمة

    رافضاص سطوة السلطة الظالمة

    كيف مازجتَ هذا بذاك

    يا لمكركَ يا صاحبي

    أتمازحنا بمماتك

    منسحباً هكذا؟

    وعلى غفلةٍ هكذا؟

    دونما ومضةٍ من وداع!\

    يا عليُّ المُعلّى

    يا رحاب المودة

    يا طفل عصر الفضاء الرحيب ويا تاجنا قد

    تجلّى

    يا عليّ المُعلّى

    \هل يفتديكَ دعاء المريدينَ

    قد زاحموا بعضهم حول نعشكَ

    حين أصبح بهو المطارِ مصلي؟

    هل يحيط الضريح بما فيكَ من لهفٍ للحياةِ الجميلة؟

    هل تحيط المقابر بالنهر يركضُ منتعشا

    ناشراً في فضاءِ البلادِ الجريحةِ أشرعةً

    ناسجاً فوقَ كلّ الضفافِ خميلة؟ \

    هل يحيطُ الضّريحُ بما فيكَ من لهفٍ للحياةِ الجميلة؟

    كأنّي بصوتكَ قد جاءني خلسةً

    يترنّمُ ممتزجاً بنحيبِ الأراملْ

    "ويح قلبي المانفكّ خافق

    فارق ام درمان باكي شاهق

    ماهوعارف قدمو المفارق

    يا محط امالي السلام"

    ويأتيكَ رجع الصدى يا صديقي

    بصوتِ البلادِ التي لا تنافق

    "في يمين النيل حيث سابق

    كنّا فوق اعراف السوابق

    الضريح الفاح طيبو عابق

    السلام يا المهدي الإمام

    ماهو عارف قدمو المفارق

    يا محط امالي السلام"*

    السلام يا قمر السلام

    السلام يا قمر السلام.

    * مقتطفات من غنائيّة بالعاميّة السودانيّة للشاعر الراحل خليل فرح الذي حقّق ديوانه الأديب الراحل علي المك مضيفاً بذلك للمكتبة السودانية كنزاً حقيقياً كان عرضة للضياع.

    [نشرت القصيدة- قمر السلام- للشاعر الراحل علي عبد القيّوم في مجلّة آفاق جديدة،
                  

03-12-2008, 11:08 PM

abdalla elshaikh
<aabdalla elshaikh
تاريخ التسجيل: 03-29-2006
مجموع المشاركات: 4001

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالقيوم يدخل من البوابة (Re: abdalla elshaikh)

    يا سلام عليك يا إبراهيـم جعفر يا صديق الـمعرفة والوجع الطريق.. تعرفنا علي مصطفي بحيري وزهير الـمرضي بـمنزلنا بتاع العزابة بحي الزهور.. فهو الـمنزل الشاهد علي كل تخلقات الكتابة والرسم والتلوين مستضيفا بعد ذلك كله الشاعر مظفر النواب في حضرة تجربة مصطفي سيدأحمد الغنائية في ليلة ضمت عصام عبدالحفيظ وبحيري ومامون عجيمي ويحي فضل الله والسقيد والبشير سهل وطبعا نحن (العزابة) آل البيت
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de