دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 06:23 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-19-2008, 02:09 AM

Khalid Kodi
<aKhalid Kodi
تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 12477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. (Re: Khalid Kodi)



    دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته (2 من 8)


    الدكتور عمر مصطفى شركيان

    [email protected]


    إعادة سلطنة دارفور.. علي دينار سبق الطيَّار



    حين طفق عمر علي قسومة يكتب عن السلطان علي دينار في باب شخصيات من التأريخ المعاصر في صحيفة "السياسة" الخرطوميَّة اليوميَّة، استهل بحثه بالقول: "تأريخ البشريَّة زاخر بحياة الملايين الذين ينشأون تحت ظروف قاسية قاهرة، فيتسم كل من يعيش تحت وطأتها بروح اليأس والقنوط، فيقضون حياتهم في غمار الدهماء وسقط المتاع على هامش الحياة، ولكن من بين هذه الملايين يبرز من وقت لآخر الأفذاذ من الرجال، أولئك هم العصاميُّون الذين يشقون طريقهم وسط العواصف والأنواء، فيتخطون كل عوامل الهزيمة والإحباط، التي تحيط بهم بالكفاح والنضال، حتي يبلغوا ذروة النجاح في تحقيق تطلعاتهم، فيسجل التأريخ أسماءهم بأحرف من نور في سجل الخالدين." وكان ممن سجل التأريخ أسماءهم بأحرف من نور هو محمد علي دينار، الذي ذاع صيته باسم السلطان علي دينار، ويعتبر بحق من أبرز الشخصيات في تأريخ السُّودان المعاصر. وحين تجتمع مزايا الشجاعة والتضحية وغياب الرغائب الذاتيَّة - وهي دوماً سر نجاح عدد من القادة الجياد في حروب العصابات – يصبح الأمر عسيراً على الطغاة هزيمتهم في المعارك، أو ممالئتهم بالمال، أو إغوائهم بالمناصب السياسيَّة. مهما يكن من شأن، فقد وُلد علي دينار بمدينة الفاشر (حوالي العام 1867م) وأبوه الأمير زكريا بن السلطان محمد الفضل، وأمه كلتوم بنت علي بن يحيي بن السلطان أحمد بكر. هذا وقد رُزِق الأمير زكريا من زوجه كلتوم بنتاً واحدة وهي الميرم تاجة، وولداً واحداً هو محمد علي؛ وقد أُطلِق عليه اسم علي تفاؤلاً باسم جده لأمه ثم أضيف إليه لقب دينار تيمناً باسم أحد سلاطين دار برقو، وهو كان رجلاً شهيراً بالقسوة والصرامة في معاملة رعاياه، فأصبح ذلك المولود يُعرَف باسم علي دينار منذ طفولته، فالتصق به هذا الاسم، وأصبح لا يًعرَف إلا به.(9) هذا هو الرجل الذي اعتلى عرش دارفور، وذلك بسبب الفراغ السياسي الذي حل بالبلد أولاً، وبفضل إرثه السلطاني ثانياً، والظروف السياسيَّة والاجتماعيَّة التي خلفتها سياسات التركيَّة من قبل والمهديَّة من بعد – كما أشرنا إليها سلفاً – ثالثاً. فلا نغالي فيه فنؤلهه، ولا نبخسه دوره، أو نقلِّل من شأنه؛ وأنَّ ثمة من الأحداث والأمور العظيمة قد أثَّرت في حياته منذ ذلك الحين حتى مماته.

    على أيَّة حال، فقد وضعت سلطات النظام الجديد في الخرطوم مسؤولين بريطانيين في إدارة كل مديريَّة من مديريات السُّودان المختلفة باستثناء دارفور في غرب السُّودان، الذي بلغت مساحته وقتذاك 170,000 ميلاً مربعاً. وقد باتت إدارة هذا الإقليم في يد السلطان علي دينار، حيث كانت الحكومة المركزيَّة في الخرطوم تصانعه وتلاينه وتداريه حتى لا يتمرَّد على السلطة ويعلن الاستقلال التام. إذ فرضت عليه حكومة الخرطوم ضريبة رمزيَّة كان يدفعها إلى الحاكم-العام في الخرطوم، وكانت هذه الضريبة بمثابة حبل الوصل الوحيد الذي كان يربط دارفور بسلطة الحكومة المركزيَّة.(10) فيما عدا ذلك، كان للسلطان علي دينار مطلق اليد في تصريف أمور البلاد والعباد في إقليمه الذي ظلَّ شبه مستقل.

    فحين دخلت تركيا العثمانية في الحرب العالميَّة الأولى (1914-1918م) ضد بريطانيا، سعت الأولى أن تؤثِّر على الدول الإسلاميَّة التي تقع تحت التاج البريطاني وفي إمرة الحلفاء لكي يقفوا مع دولة الخلافة الإسلاميَّة التي تمثِّلها. إذ دعت تركيا – بعد دخولها الحرب العام 1916م – "المسلمين المخلًصين كافة إلى نصرتها في الجهاد ضد الكفار وكلاب النصارى". وقد نجح الأتراك-العثمانيُّون في استمالة السنوسيين في واحات ليبيا، ومشاركتهم فعليَّاً في الحرب لصالحها. وفي العام 1915م طلب الأتراك مباشرة من السلطان علي دينار أن ينضم إليهم في الحرب، واستلم السلطان علي دينار شحنة أسلحة من الحركة السنوسيَّة في كانون الثاني (يناير) 1916م، ومن ثَمَّ توقف علي دينار عن دفع الضريبة السنويَّة الرمزيَّة التي كان يدفعها باعتبار أنَّ إقليم دارفور كان في عهد الحكومة المهديَّة مديريَّة من مديريات السُّودان. علاوة على ذلك، أرسل علي دينار مبعوثاً إلى حكومة السُّودان حاملاً حراباً وعصى منحوتة عليها استهجان للبريطانيين الذين سموهم "الكفار"، بعد أن تشرًّب بلغة الأتراك العدائيَّة ضد بريطانيا وحلفائها. ثم أتبع ذلك برسالة تحدِّي موجَّهة إلى "حاكم الجهنَّم في كردفان ومفتش النيران في النهود". كانت هذه الرسائل تعني إعلان الحرب ضد الدولة. غير أنَّ ذلك لم تكن مفاجأة بالنسبة للسلطات الاستعماريَّة، حيث أنَّ حكومة السُّودان كانت مستعدة لتقبل التحدِّي. ففي ذلك الرَّدح من الزمان أعلن السيِّد عبد الرحمن المهدي وقوف أنصاره مع بريطانيا في هذه الحرب، وكذلك أخذ أحد أبناء الخليفة عبد الله التعايشي - الذي كان ضابطاً في الجَّيش المصري – قسم الولاء والطَّاعة، وتطوَّع في الذهاب إلى مناطق العمليات. وإمعاناً في سياسة "فرِّق تسد" قام البريطانيون بتسليح القبائل العربيَّة في دارفور للمواجهة المحتملة مع الفور. وقد شرعت الحكومة الثنائيَّة (البريطانيَّة-المصريَّة) في مزاولة سياسة تسليح قبائل السُّودان بالتَّصديق على منح موسى مادبو – زعيم الرزيقات – أسلحة مقدارها 300 قطعة سلاح ناري و30,000 من الذخيرة. وكانت هذه الكمية عبارة عن قرض حكومي على أن يكون مادبو مسؤولاً شخصياَ عن إعادته في المستقبل. وتم شحن هذه الأسلحة سراً إلى دار الرزيقات، وبواسطتها تم تسليح عينات مختارة من شباب الرزيقات ليشكِّلوا وحدة عسكريَّة للمنطقة. كذلك أقرَّ حاكم كردفان بإقراض علي التوم – زعيم الكبابيش – 200 قطعة سلاح لحماية أنفسهم مخافة أن يثير ضدهم علي دينار قبيلة القرعان، هكذا زعمت السلطات الحكوميَّة. وبالتَّالي نجد أنَّ سياسة تسليح قبائل السُّودان لدعم السلطة المركزيَّة التي بدأت بالرزيقات أخذت سبيلها في البلاد منذئذٍ حتى اليوم، سواء كانت السلطة المركزيَّة في السُّودان استعمارية أم وطنيَّة. وفي حال الأخيرة نجد أنَّ السلطة تعمَّدت عدم حماية جزء من مواطنيها، بل وقفت مع الجانب الآخر ضد الأغيار، وهذا ما سوف نرى في هذه الصفحات المقبلة، مما يجعل دعاوي السيادة الوطنيَّة ما هي إلا شعارات خادعة لاضطهاد وقهر فئة من الشَّعب، وبخاصة هؤلاء الذين يصرخون في وجه السُّلطات الحكوميَّة ضد الظلم والتَّهميش، ويتصايحون في سبيل العدالة الاجتماعيَّة والمشاركة في السلطة السياسيَّة. أيَّاً كان من أمر التسليح، فقد قام العرب المسلَّحون في شمال دارفور بمهمات استطلاعيَّة، التي سرعان ما أساءوا فهمها، وشرعوا يقومون بهجمات ليست في دارفور فحسب، بل على نطاق واسع خارج الإقليم، وعلى مسافة تُقدَّر ب300 ميلاً أو أكثر داخل مناطق تقع تحت النفوذ الفرنسي في تشاد، وذلك ضد أعدائهم التقليديين من قبيلتي البديات (الزغاوة) والقرعان، حيث قاموا بنهب حيواناتهم واختطاف نسائهم وأطفالهم. وبعد انتهاء الحملات العسكريَّة على السلطان علي دينار ذهب المفتش الإنكليزي إلى دار الكبابيش في كردفان لإحصاء حيواناتهم، ومن ثَمَّ عثر على 17 طفلاً مختطفاً أثناء إغاراتهم على القبائل غير العربيَّة، وقد أعاد المفتش هؤلاء الأطفال المختطفين إلى ذويهم في غرب دارفور.

    مهما يكن من الأمر، فقد استخدمت الحكومة الثنائيَّة (البريطانيَّة-المصريَّة) قوة ضخمة ونيراناً كثيفة في سبيل إخضاع الفور للسلطة المركزيَّة في الخرطوم. واشتركت في هذه الحملة قوات المشاة السُّودانيَّة، سلاح الخيالة والهجانة، قوات المشاة والمدفعيَّة المصريَّة، وبعض رجال المدفعيَّة البريطانيين، حيث استخدموا مدفع مكسيم الفتاك. إذ اشتبكت القوتان في قرية برنجيَّة على بعد 12 ميلاً شمال مدينة الفاشر في يوم 22 أيار (مايو) 1916م. هذا فلم تتمكن القوات الحكوميَّة من القضاء على السلطان علي دينار نهائيَّا إلا في تشرين الثاني (نوفمبر) 1916م، حيث قُتِل في هذه المعركة الفاصلة.(11) ونسبة للعداوة التي استمرَّت ردحاً من الزمان بين الفور والرزيقات لم نندهش حين أيَّد وابتهج موسى مادبو – زعيم الرزيقات – لسحق الحكومة الثنائيَّة للسلطان علي دينار، وجاء هذا التأييد والابتهاج في رسالة بعث بها مادبو إلى حكمدار عموم السُّودان وسردار الجيش المصري ودولة الحاكم العام في الخرطوم (ملحق رقم (1)).

    ومن جانب آخر كان وضع المساليت السياسي في القرنين السَّابع عشر والثامن عشر الميلاديين متنازعاً عليه بين سلطنتي ودَّاي ودارفور، وقد حمل القرن التَّاسع عشر الميلادي نوعاً ما من الاستقرار، حيث أصبح الجزء الغربي من دار مساليت تحت نفوذ ودَّاي بينما أمسى الجزء الشرقي تحت سيطرة الفور، أما الذين كانوا في الوسط فباتوا في منطقة التماس. ولكن سرعان ما تغيَّر هذا الوضع بعد العام 1874م حين احتل الأتراك-المصريُّون دارفور. برغم من سيطرة الفور على المساليت، إلا أنَّهم كانوا مقسَّمين إلى ثلاث مناطق، حيث استغل هجام حسب الله فرتاك – الذي كان إداريَّاً قديراً تحت سلطنة الفور – هذه الفرصة، وقام بتوحيد المساليت بالقوة، وشملت الوحدة – فيما شملت – المناطق الغربيَّة التي لم تكن جزءاً من الإدارة "الفوراويَّة" في بادئ الأمر. هكذا استطاع هجام حسب الله أن ينجح في هذه المهمة، إلا أنَّه كان مبغضاً، وقد تمَّ عزله العام 1883م في الوقت الذي كانت المهدية تأخذ طريقها وئيداً نحو دارفور.

    وما أن أعلن محمد أحمد بن عبد الله مهديتَّه حتى زاره وفد من أعيان المساليت، وكان من ضمن أعضاء الوفد إسماعيل عبد النبي، وهو كان معلِّماً للدين الإسلامي. ثمَّ عاد الوفد إلى دار مساليت حاملاً رسالة المهدي "الإصلاحيَّة"، التي كانت تدعو – إلى ما تدعو – إلى الامتناع عن شرب الخمر، تقليل مهر العروس ونبذ بعض التقاليد والطقوس التي كانت تمارس قبل الإسلام، بالإضافة إلى حفظ المدائح والالتزام ببعض التعاليم الإسلاميَّة ما استطاعوا إليها سبيلاً. لقد عيَّن المهدي إسماعيل أميراً على المساليت، وكسب إسماعيل أتباعاً كثراً، واستطاع أن يستولى على مقاليد السُّلطة السياسيَّة في السلطنة بعد عزل هجام. وبعدئذٍ وضع إسماعيل أساس سلطنة المساليت، وهو يعتبر الأب الروحي للأسرة الحاكمة في دار مساليت. وقد استطاع إسماعيل بأسلوبه الحربي أن يحافظ على استقلال المساليت من تدخُّل سلطنة الفور، ويهزم مرشحي سلاطين الفور في دار مساليت. وبعد سنين عدداً، وبُعيد وفاة المهدي أصاب إسماعيل يأس وفتور من المهديًَّة، وأصبح ولاؤه موضع شك مريب، وقد تمَّ استقدامه إلى أم درمان حيث مات هناك. ثمَّ اعتلى عرش السلطنة أبكر ابن إسماعيل عبد النبي العام 1889م واستطاع أن يحكم سلطنة المساليت حتى العام 1905م بحكمة وجدارة. ومن بعد، قطع ابنه أية علاقة مع المهديَّة، وأمست السلطنة مستقلَّة وممتدة، وكذلك حافظت سلطنة دار قِمِر على استقلالها منذ المهديَّة. بيد أنَّ هذا الاستقلال وهذا التمدد لم يكونا من الأمر اليسير؛ إذ دخلت السلطنة في حروبات مع المهدويين، الفور، الفرنسيين – كما سنرى لاحقاً – ومع بعض القوى الأخرى، ونتيجة لذلك فقدت السلطنة الأجزاء الغربيَّة لصالح الفرنسيين في سلطنة ودَّاي العام 1912م. وفي العام 1905م هاجم السلطان علي دينار دار مساليت، وانتهت المعركة بهزيمة المساليت وأسر السلطان أبكر واُقتيد إلى الفاشر. ثمَّ تولى عرش السلطنة أخاه تاج الدين، الذي أفلح في خلال بضعة أشهر أن يطرد الفور من دار مساليت، ويهزم قوة أخرى أرسلها علي دينار. إذ انتقم السلطان علي دينار على هزائمه المتكرِّرة بإعدام السلطان "المسلاتي" الأسير أبكر. وفي العام 1907م اعترف السلطان علي دينار بالسلطان تاج الدين سلطاناً على دار مساليت، ووقَّع معه اتفاقاً للصلح يقضي بوقف العدائيَّات، وعدم التعدي على أراضي بعضهما بعضاً، واعتبار وادي باري فاصلاً بين الطرفين.(12)

    وفي العام 1905م توغَّل الفرنسيُّون من الغرب إلى داخل سلطنة المساليت، وضموا أجزاءاً من السلطنة إلى مستعمرة تشاد، إلا أنَّ هذه المحاولات الفرنسيَّة قد قاومها أهل مساليت بضراوة. على أيَّة حال، لقد أظهر أهل مساليت مهاراتهم العسكريَّة حين هاجموا الفرنسيين في يوم 4 كانون الثاني (يناير) 1910م وسط الأشجار في بئر طويل في وادي كجا (بالقرب من مدينة الجنينة الحالية) وقتلوا الضابط الفرنسي – النقيب فيجينشو – واثنين من ضباطه في رتبة ملازمين، وقضوا على سريته، وهرب 8 من الجنود إلى تشاد لإبلاغ القيادة الفرنسيَّة بأخبار الهزيمة. إذ فقد الفرنسيُّون 180 قطعة سلاح و20,000 من الذخيرة، علاوة على انكسار الروح المعنويَّة لديهم. وقد أطلق أهل مساليت اسم كيريندينج على أرض المعركة، وصدحت نساء المساليت بأغاني ازدراء للفرنسيين، وذلك احتفاءاً بهذه المعركة، وشبَّهن الفرنسيين بالنساء، وأي احتقار يمكن أن يلحقه الأفارقة بالأغيار حين يصفوهم بالنساء. إذ كان لسان حالهن يقول:

    النصارى يلبسون أزياء نساء ذيليَّة!

    السلطان مثل الجاموس في الحرب! هكذا يقولون.

    أين مكان اللِّقاء؟

    في كيريندينج أحاطوا بك مثل الستار!

    وفي المعركة الثانية في قرية دروتي في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 1910م انتصر الفرنسيُّون على المساليت، وقُّتِل السلطان تاج الدين ووزيره أمين داؤود، وجُرح محمد بحر الدين الملقَّب ب"أندوكا"، واكتفى الفرنسيُّون باحتلال شريحة من أراضي المساليت، مما أعطتهم فرصة مريحة لرسم الحدود بين ودَّاي ودارفور في وقت لاحق دون عناء. وقد رثا أهل مساليت غناءاً تدمير عاصمتهم – دروتي – واستهجنوا الخائن توجا الذي أرشد القوات الفرنسيَّة إلى دار مساليت، ونعوا السلطان تاج الدين ووزيره أمين داؤود، الذي كان ينتمي إلى جيرنيانغ، إحدى بطون المساليت. وفي نعيهم هذا ورثائهم ذلك كان لسان حالهم يقول:

    دروتي تُرِكت منطقة مهجورة.

    آه توجا: كيف تتحمَّل هذا الذنب العظيم!

    يا أهل السلطان هرولوا سراعاً!

    إنَّ النصراني لا يملك لبناً (أي ليس له رحمة إنسانيَّة):

    لا تدوروا رؤوسكم!

    وفي رثاء آخر ردَّدوا:

    ليست هناك تعويذة يمكن أن تسود ضد بندقيَّة "الطيرة".

    أتركوا بذورهم لأهالي جيرنيانغ!

    النصراني، لم يعدم أحفادهم!

    شعب أمين داؤود، أين هم؟

    وقد تجسَّد الشاعر محمد الفيتوري – الذي ولد في الجنينة نفسها – هذه البطولات الجماعيَّة لأهل مساليت ووقفتهم الانتصارويَّة في قصيدة صماء مخلِّدة ذكرى هذا البطل الإيجابي الأسطوري – السلطان تاج الدين – في آذار (مارس) 1964م. والقصيدة بعنوان "مقتل السلطان تاج الدين"، وتقول أبياتها:

    فوق الأفق الغربي سحاب أحمر لم يمطر

    والشمس هنالك مسجونة

    تتنزَّى شوقاً منذ سنين

    والريح تدور كطاحونة

    حول خيامك يا تاج الدين

    يا فارس

    سرج جوادك ليس ظهر الأرض

    وحسامك مثل البيرق يخترق الظلمات

    يا فارس

    مثل الصقر عالي الشرفات

    نارك لا تخبو.. لا تسود

    وجارك موفور العرض

    يا فارس..

    حتى مات!

    "كان السلطان يقود طلائعنا

    نحو الكفار

    وكان هنالك بحر الدين

    وأشار إلينا تاج الدين

    وأطلَّ بعينيه كالحالم..

    في قلب السهل الممتد

    ثمَّ تنهد:

    "الحرب الملعونة

    "يا ويل الحرب الملعونة

    "أكلت حتى الشوك المسودّ

    لم تُبق جداراً لم ينهدّ

    "ومضى السلطان يقول لنا

    ولبحر الدين:

    - هذا زمن الشدة يا إخواني

    هذا زمن الأحزان

    سيموت كثير منا

    وستشهد هذي الوديان

    حزناً لم تشهده من قبل ولا من بعد

    وارتاح بكلتا كفيه فوق الحربة

    ورنا في استغراق

    نحو وجوه الفرسان

    كان الجو ثقيلاً، مسقوفاً بالرهبة

    وبحار من عرق تجري فوق الأذقان

    وسيوفهم المسلولة تأكلها الرغبة

    والخيل سنابكها تتوقَّد كالنيران

    ومضى السلطان يقول لنا

    ولبحر الدين:

    - هذا زمن الشدة يا إخواني

    فسيوف الفرسان المقبوضة بالأيدي

    تغدو حطباً ما لم نقبضها بالإيمان

    والسيف القاطع في كف الفارس

    كالفارس يحلم بلقاء الفرسان

    وترجَّل تاج الدين

    جبلٌ يترجَّل مزهواً من فوق جبل

    وترجَّل بحر الدين

    وحواليه عشرة آلاف رجل

    سجدوا فوق رمال "دروتي" لله معه

    وأطلَّت كل عيون الطير المندفعة

    في هجرتها من أقصى الغرب لتاج الدين

    فعلى أفق الوادي الغانم

    تمتد رؤوس وعمائم

    وبيارق يشبهن حمائم

    ... ثم ارتجفت أفواج الطير

    وراء السحب المرتفعة

    - يا تاج الدين

    الأعداء أمامك .. فارجع

    لهب .. وقذائف حمر ..

    وخوذات تلمع

    والحربة مهما طالت

    لن تهزم مدفع

    لن تهزمهم يا تاج الدين

    بسلاح كزمانك يا مسكين

    وكعاصفة سوداء تلفَّت تاج الدين

    في سخط الجبَّارين تلفَّت تاج الدين

    وأطلَّ على وجه القائل

    كانت شفتاه رعوداً وزلازل

    كانت كلمات السلطان

    سلاسل

    - يا ويلك لو لم تك ضيفي يا عبد الله

    ما أقبح ما حركت به شفتيك

    ما أبشع ما منيت به عينيك

    عار ما قلت ..

    وعار أن نستمع إليك

    فاثن زمام جوادك

    وخذ الدرب الآخر

    يا بحر الدين أعده للدرب الآخر

    وتدفَّقت الرايات

    وغطَّى الأفق صهيل الخيل

    و"دروتي" العطشى ما زالت

    تحلم بمجيء السيل

    وتحدَّر من خلف الوديان المحجوجة

    علم قانٍ .. ومدافع سبعٍ منصوبة

    وحرائق وضجيج شياطين

    هاهم قدموا يا تاج الدين

    فانشر دقات طبولك ملء الغاب

    حاربهم بالظفر، وبالناب

    طوبى للفارس

    إنَّ الموت اليوم شرف

    داسوا عزة أرضك

    هتكوا حرمة عِرضك

    عاثوا ملء بلادك غازين

    غرباء الأوجه سفَّاكين

    فاضرب .. اضرب .. يا تاج الدين

    اضرب .. اضرب .. اضرب ..

    - يا مولاي السلطان

    سلام الله عليك

    قتلى أعداؤك مطروحون

    لدي قدميك

    أسرى مغلولون وخُدَّام بين يديك

    أكلت نيران مدافعهم نيرانُك أنت

    بالسيف وبالحربة

    وبإيمانك قاتلت

    يا فارس تسحق أعداءك

    أنَّى أقبلت

    حين استبقوا نحوك

    باسم بلادك ناديت

    "لن يحجبني عن حبك شيء"

    "إنَّك ملء دماي وعيني"

    "يا دار مساليت أنا حيّ"

    وهجمت وأجفل قائدهم

    وانشق ستار

    كان ستار رصاص

    كان ستاراً من نار

    نصبوه في وجهك صفين

    كي لا ترى قائدهم بالعين

    لكنك يا فارس أقدمت

    فوق المدفع بالسيف مشيت

    ولحقت بقائدهم فانهار

    القائد ذو الجبروت انهار

    ذو المركبة الناريَّة والخوذات انهار

    أحنى رأساً ماتت في عينيه الرغبات

    مدَّ يديه يبكي في حشرجة الأموات

    عرَّى صدراً دمويَّاً أعشب فيه العار

    هذا الصدر العاري المنهار

    من قبل لقائك زانته نياشين الأكبار

    لكنك يا فارس آليت

    أن لا تهب الكافر صفحك

    أن تسقي من دمه رمحك

    أن تصلبهم عبر الفلوات

    أن تجعل موتاهم مثلاً

    لزمان عبر زمانك آت

    تحت الراية غرقت رأس القائد في الدَّم

    أرخى عينيه في رعب ..

    ثم استسلم

    سلمت كفك يا تاج الدين

    فاقض على أحلام الباقين

    صاروا بعد القائد

    قطعان غنم

    طاردهم بجنودك

    عبر الفلوات

    عبر "دروتي" عبر الأكمات

    قتلاك من الأعداء مئات

    والأسرى قد ملأوا الساحات

    والقائد ملقى في الطرقات

    سلمت كفك يا تاج الدين

    لكن الشمس المسجونة

    والريح الحبلى الملعونة

    ما زالت مثل الطاحونة

    تجري .. تجري حول خيامك

    تجري من خلفك وأمامك

    - يا تاج الدين

    - يا تاج الدين

    ما زال عداتك مختبئين

    أيديهم راعشة .. ورصاص بنادقهم

    يتزاحم في بطء نحو جبينك

    يا فارس خذ حذرك

    من طعنات طعينك

    يا فارس خذ حذرك

    يا فارس خذ حذرك

    ليتك لا تتحرَّك

    فبنادقهم لا زالت راكضة إثرك

    أترى تثقب رأسك

    أترى تثقب صدرك

    يا فارس خذ حذرك

    ليتك لا تتحرَّك

    .. وتحرَّك بحر الدين

    كانت عيناه حينئذٍ

    تقفان على جرحاه

    والراية في عينيه

    قد لطخها الدَّم

    وأنت ريح الخريف

    تتراكض خلف خطاه

    وتجهَّم وجه "دروتي" بالسحب وأظلم

    وأنت بضع رصاصات

    خجلات مضطربات

    أقبلن من الظلمات

    فرأينا تاج الدين

    يبدو وكأنَّ قد مات

    يا تاج الدين سلمت

    مزَّق أستار الصمت

    عد من وديان الموت

    أو تذهب حتى أنت

    وتساقط تاج الدين

    لم يقو الفارس أن يرجع

    لبكاء الشعب عليه

    فرصاصات خمس صدئات

    تسكن في عينيه

    لكن أحداً لم ير رايته

    تسقط من كفيه

    ولعل الإشارة إلى الفرنسيين بالنَّصاري – على سبيل الإساءة المخفَّفة – تارة والكفار تارة أخرى سواء كانت الإشارة في أغناني أهل مساليت الشعبيَّة أم في قصيدة الفيتوري الحماسيَّة تعود إلى سببين: أولهما، شيوع الإسلام وسط أهل غرب السُّودان شيوعاً خلق من بعضهم طائفة من الناس شرعوا ينظرون إلى غير المسلمين بهذه النظرة المتزمِّتة، حتى ولو كانوا أهل كتاب؛ أما ثانيهما فقد جاء التوسع الفرنسي في القرن التاسع عشر الميلادي في زمان سادت فيه الحركات الإسلاميَّة التحرريَّة، وكان هذا هو الخطاب السياسي الذي تبنته الحركة السنوسيَّة في جنوب ليبيا والثورة المهديَّة في السُّودان في سبيل حربها "الجهاديَّة" ضد الأتراك-المصريين – ولئن كانوا مسلمين – وأعوانهم الأوربيين المسيحيين. هذا التفاعل بين الفكر القومي والخطاب الديني جعل كل محاولة للانعتاق السياسي تتم داخل الشكل الديني نفسه، سواء التحرُّر من الدولة العثمانيَّة أو من السيطرة الفرنسيَّة القادمة من الغرب.

    وفي كانون الثاني (يناير) 1911م خاض الفرنسيُّون ثلاث معارك مع المساليت، حيث انتهت بهزيمة المساليت أمام السلاح الناري والجيوش السنغاليين الذين جلبهم الفرنسيُّون في هذه الحملة. إذ أدرك الفرنسيُّون أنَّ هؤلاء الأفارقة لا يستطيع هزيمتهم إلا الأفارقة أمثالهم، لأنَّهم يفهمون الأسلوب القتالي لبعضهم بعضاً، وبذلك يتحقَّق لهم منطق "أقتل العبد بالعبد". مهما يكن من شأن، فقد خلف محمد بحر عمه الشهيد سلطاناً لدار مساليت العام 1911م، ووقَّع اتفاقيَّة السلام مع الفرنسيين. وقد استطاع أن يحكم سلطنته ورعاياه لمدة ستة أعوام دونما أيَّة تدخُّلات خارجيَّة حتى العام 1917م حين ظهر المسؤول البريطاني في حدود السلطنة الشرقيَّة ممثِّلاً لحكومة السُّودان. وفي العام 1918م تم بناء حامية عسكريَّة في كرينيك داخل حدود سلطنة المساليت الشرقيَّة، التي احتوت على سريَّة من جنود المشاة السُّودانيين تحت إمرة ضابط بريطاني ومحطة لاسلكي. هذا وقد تم التَّوقيع على اتفاقيَّة رسم الحدود بين السُّودان من جهة وإفريقيا الإستوائيَّة الفرنسيَّة (تشاد وجمهوريَّة إفريقيا الوسطى) من جهة أخرى في باريس في يوم 8 أيلول (سبتمبر) 1919م، وذلك بين ممثلي حكومة بريطانيا وفرنسا.(13) ثم انتفض أهل مساليت وقتلوا المفتش البريطاني تينينت ماكنيل والموظف البيطري هاري شاون في نيالا حين هاجمتهما قوة من المتمرِّدين المساليت تراوح تعدادها 5,000-6,000 مقاتل. برغم من ذلك كله احتفظت السلطنة باستقلالها الذاتي حتى العام 1922م حين بسط الحكم الثنائي (البريطاني-المصري) نفوذه على دار مساليت، ومن ثَمَّ باتت السلطنة جزءاً من السُّودان البريطاني-المصري، وتمَّ الاحتفاظ بالنظام الإداري الذي كان سائداً من قبل في السلطنة تحت مسمى جديد هو "الإدارة الأهليَّة" كأساس رسمي للحكومة حتى انقلاب العقيد جعفر محمد نميري في 25 أيار (مايو) 1969م. ومنذ ذلك الحين أصبحت الحكومة تحل محل مؤسسات الإدارة الأهليَّة تدريجيَّاً، وتضع في مكانها فروعاً للمؤسسات القوميَّة السياسيَّة.(14)

    مما سبق يتضح جليَّاً أنَّ القبائل في دارفور مولعة بجنوحها للاستقلال من كل حكومة – أي التمرد على المركز. إذ أنَّ ذلك كله قد شكَّل بالنسبة إليهم ذلك المخزون الثوري الذي طبع تأريخهم التليد الطارف. وفي التأريخ الحديث – كما شهدنا – نجد نماذج عدة؛ فالسلطان علي دينار أعاد أمجاد أجداده بترميم سلطنة دارفور من ناحية، ومقاومة الأطماع الفرنسيَّة من ناحية أخرى، وإعلان تحالفه مع الأتراك-العثمانيين ضد البريطانيين في الحرب العالمية الثانية من ناحية ثالثة، مما انتهت مواقفه باستشهاده في أرض المعركة. ومما يحكى عن مطاردة البريطانيين له بالطائرة أنَّه سبق الطائرة، وذهب مثلاُ: "علي دينار سبق الطيَّار (الطائرة)". غير أنَّنا لا نستطيع إثبات ذلك في السياق التأريخي للأحداث التي جرت حينئذٍ. هذا هو التأريخ، وإنَّ التأريخ لمادة خاضعة للاختيار والتفسير (History is a matter of selection and interpretation). ومع هذا، يتناوله الناس بحكايات على مر العصور ويحدثون فيه تبديلاً وتنويعاً. أيَّاً كان من أمر علي دينار، فدونكم والمساليت وكيف استبسلوا أي استبسال في حروباتهم ضد سلطنة دارفور تارة، والمستعمرين الفرنسيين تارة أخرى؛ وكذلك أهل دار تاما الذين أمست دارهم منطقة نزاع بين سلطنة دارفور من جهة، والفرنسيين في تشاد من جهة أخرى. والجدير بالذكر إنَّ إرث علي دينار لم يمت بعد، ففي الفاشر قد قدَّم أبناء السلطان علي دينار عريضة للحكومة – أي حكومة "الإنقاذ" – فيها يوضِّحون أنَّهم قبلوا استيلاء الحكومة الحالية على مكاتب أبيهم وقصره بعد أن هزمته (السلطات الاستعماريَّة) بقوة السلاح، أما إذا تغيَّر الحكم الحالي وحاول ناس البحر من السُّودانيين أن يحتلوا القصر والمكاتب فإنَّهم لا يلتزمون بقبول ذلك، وسيعارضونه بكل ما أُوتوا من قوة.(15) أيَّاً كان من الأمر، فتشير وقائع الأحداث – حتى قبيل الاستقلال - أنَّ إقليم دارفور ظلَّ شبه منعزل عن بقية أقاليم البلاد كما يتضح من حديث أحمد الشقيري. إذ يروي أحمد الشقيري – أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينيَّة – في مذكراته أنَّه عندما اجتمع المؤتمر الأول للقادة العرب (المملكة العربيَّة السَّعوديَّة، الأردن، لبنان، مصر، واليمن) في أيار (مايو) 1946م في "أنشاص" بدلتا مصر، وقَّعوا على بروتوكول الجامعة العربيَّة، حيث وقَّع الملك فاروق باسم ملك مصر والسُّودان ودارفور وكردفان. إذن، ماذا أردنا بهذا السرد التأريخي؟ وما هو الجديد الذي به أتينا؟ إنَّنا لنرى أنَّ الوعي بحقيقة الأوضاع الاجتماعيَّة، ونماذج الشخصيات السُّودانيَّة ومصالحها وأهدافها المتباينة، وإدراك التناقضات والعوامل الديناميكيَّة (المحركة)، التي تتفاعل داخل المجتمع الإنساني، والمؤثرات والأحداث التي تحرِّك التأريخ السُّوداني تعميماً وتأريخ دارفور تخصيصاً، ضروري لا بد من الإلمام به أو بطرف منه لمعرفة طبيعة المشكل الذي نحن بصدد الكتابة عنه. والجديد الذي قذفنا به من الحق ضد الباطل هو الرؤية الإنسانيَّة الجديدة للواقع الاجتماعي المتغيِّر، فيما يُعرَف اليوم ب"النظام العالمي الجديد".



                  

العنوان الكاتب Date
دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. Khalid Kodi02-19-08, 02:05 AM
  Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. Khalid Kodi02-19-08, 02:09 AM
    Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. Khalid Kodi02-19-08, 02:11 AM
  Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. AMNA MUKHTAR02-20-08, 03:42 PM
    Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. Khalid Kodi02-20-08, 03:53 PM
  Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. Khalid Kodi02-27-08, 02:40 AM
    Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. Khalid Kodi02-27-08, 02:43 AM
      Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. bakri abdalla02-27-08, 06:42 AM
      Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. A.Razek Althalib02-27-08, 08:14 AM
  Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. Khalid Kodi03-05-08, 06:47 AM
    Re: دارفور .. حقيقة الصِّراع ومآلاته ، الدكتور عمر مصطفى شركيان. Khalid Kodi03-05-08, 06:48 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de