(السودان وجبلة الاسطورة) (1) بقلم /الهادي صيام ...(هديه للانصار)

Quote: المحدثون منهم من إتكأ على منسأة الدين فأسس أسطورته على طريقته من جمع للدراويش والمشوطنين تحت ظلال القباب ثم فتح خزانته على مصراعيها فمن أصابه دستور حبشي هرع بطلبات الحبشي إلى الشيخ ومن عقمت زوجته تصدق بتيس أسود وإن لم يجد بديك أحمر ومن سرقت غوائشها وهبتها غيابيا للشيخ فظل الشيخ نائما وحسابه الأسطوري جاريا. إلا أن أغرب الأساطير وأكثرها حداثة ما استنسخته الإنتلجنسيا التي تحمل الشهادات العليا , من أن القرود والقنافذ في حرب الجنوب كانت تنفذ مشيئة الله تعالى وتدل جنود الفاتحين إلى مواقع الألغام ومكامن العدو حتى إذا صدق الشباب المفتون بالخطابة هذه الأسطورة، أزهقت روحه وما كان ليتحسرها وهو على موعد مع الحور العين وليس من نافلة الفطائس. تمددت حبال الأسطورة من رأس الدولة إلى آخر عاطل في البلاد فالرئيس هو عمر وذاك الكرار وغدا إماما ببيعة وأغلظ القسم وليس هو بأولهم فقد سبقه حكام كثر وأئمة مبايعون من المهدي وآله إلى النميري وتاله وقد جمع الحاكم بدوره فقهاء (أم بتاري) من كانم والنيجر وبنين وحشروهم في بنايات فارهة ليحسبوا لهم أيامهم الباقية. دلفت الأسطورة بلا حياء إلى البرلمان من قبالة مسجد النيلين , المسجد الذي بناه أحد الحكام لأن روح محمود الشهيد خرجت من البحر الأحمر وظهرت على ضفاف النيل , جاءه المنادي فوجده غارقا في صومعة كحوله فهرول إلى ذلك المكان وبنى له مسجدا , دخلت الأسطورة إلى البرلمان فإذا بدكتور أريب يطرح على البرلمان البند السابع من ميثاق العفاريت المتحدة بالإستعانة بالجن لبناء دولة السودان الحديثة فيمور السودان برلمانا وصحافة وحواريا وأزقة لمدة شهر كامل ولم يصل إلى نتيجة تذكر غير تحديث الأسطورة. الجامعات التي انتشرت في كل صقع من أصقاع البلاد وحملت لافتات الكتاتيب بجدارة لا يدخلها طالب إلا من ذهب قبل الإمتحانات إلى شيخه وشرب وابترد من المحايا وتعاطى كمية من الرقي (الرتينزات) والبخرات المحروقة والمدسوسة. غدا السودان بورصة للأسطورة المالية تماما كداو جونز , جاء الحواة الذين يصنعون الدولارات من غرب أفريقيا ومن كل حدب وصوب وجعلوا من الخرطوم محطة استجمام ومنطلقا لدجلهم وقد سبقهم إلى ذلك فقهاء أم بتاري السودانيون على طريقة الضاربين في الأرض وجاؤوا بالملايين وتم استقبالهم استقبال الفاتحين من قبل أعلى المناصب في الدولة دون من أين لك هذا، فقد انتشرت فكرة خلق الدولارات كما خلق الله تعالى آدم في مصر عابدين والعتبة ودمشق المرجة ودبي وجدة حتى وصلت ماليزيا وبروناي بندر سي بقوان . إن كانت الحكمة ضالة المؤمن فإن الأسطورة زاد السوداني الذي حمل إلى أمريكا والصين تمباكه و كوله وتمائمه وبركات شيخه.