لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-29-2024, 04:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-28-2008, 10:55 AM

Shihab Karrar
<aShihab Karrar
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟

    لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟

    عنوان المقال عبارة عن تساؤل ساذج للغاية، والإجابة عنه غاية في السهولة ، فنظرية التطور تتعارض بشكل صارخ مع الدين الذي يشكل العامل الاول في تشكيل نفسية واتجاهات تفكير اكثر من 99% من انسان العالم الثالث وبالذات الانسان المسلم، تطرح الاديان السماوية – الاسلام والمسيحية واليهودية – بديلا لنظرية التطور في شكل مثيولوجي فيما يعرف بقصة الخلق الالهي، ومن شروط صحة التدين الايمان بها، لأن عدم الايمان بها يسحب كل مشروعية للعبادة، حيث ان العبادة تقتضي الاقرار بأن الاله خلقنا وله مطلق الحرية في تقرير مصائرنا.
    نظرية الخلق الالهي تقدم تفسير مثيلوجي لوجود الانسان في الارض، وهي قديمة للغاية واقدم من الاديان السماوية بآلاف الاعوام، حيث تعود اصولها في الغالب الي بلاد ما بين الرافدين، والحضارة السومرية هي اول حضارة وصل الينا منها وصف تفصيلي لكيفية خلق السماوات والارض بواسطة الآلهه. تقول الالواح الطينية التي تعود الي اربعة آلاف عام قبل الميلاد والتي عثر عليها في جنوب العراق من قبل علماء الاثار: (الترجمة بتصرف من عندي دون اي اخلال بالمعني)،
    سفرالتكوين السومري
    في البدء لم يكن شيئا سوي "نمو" وهي المياه الاولي الازلية السرمدية
    ولدت نمو "آن" السماء (مذكر) و "كي" الارض (مؤنث) وكانا ملتصقين ببعضهما
    ضاجع آن كي وأنجبا "انليل" الهواء والذي ضاق بالمكان الضيق بين ابيه وامه
    استخدم انليل قوته العملاقة لفصل ابيه عن امه ورفع ابيه الي الاعلي وصار السماء التي نراها وظلت امه في الاسفل وصارت الارض التي جئنا منها
    لم يكن هناك نور فخرج عن انليل "نانا" القمر، الذي اضاء له.
    وانجب نانا "اوتو " إله الشمس الذي فاق ابيه في الضياء.
    بعد ذلك خلق انليل "إنكي" إله المراعي والمطر والخصب والزراعة الذي قام بخلق البشر من الارض (وذلك بعد سلسلة من عمليات الخلق والإفناء التي يضيق المجال عن ذكرها).
    المصدر: S.N Kramer (Sumerian Mythology – New York 1961)
    تتطابق الاسطورة في بعض جوانبها مع اسطورة الخلق المصرية التي تقول ان ان "جيب" إله الارض و "نوت " إلهة السماء كانا ملتصقين بعد ان تزوجا سرا دون علم الاله رع، فغضب الاله رع وارسل لهما "شو" إله الهواء الذي قام بقتل جيب ووطأه بقدميه فصار جيب الارض ورفع نوت فصارت السماء والهواء بينهما. والاغريق ايضا يقولون نفس الكلام مع اختلاف شخوص الالهه ووقائع ما حدث.
    المصدر: فراس السواح – مغامرة العقل الاولي
    اما الكتاب المقدس فيقول: "وكانت الارض خربة وخالية وروح الله يرفرف فوق الماء."
    والقران الكريم : "هو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام وكان عرشه علي الماء"
    وايضا: "أولم يري الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما"
    كل تلك الاساطير تتفق علي شيء هام للغاية، وهي اننا مدينين لكائن ما في وجودنا وعلينا تسديد هذا الدين له عن طريق الطقوس او الاضحية واو ما شابه ذلك. وكانت كل الالهه عبارة عن الهه فراغات وجدت لايجاد اجابات لأسئلة لم نكن نملك الاجابة عليها، وكلما قمنا بالاجابة علي المزيد من الاسئلة كلما تقلصت مساحة كانت تحتلها الاسطورة في حياتنا.
    ثلاث نظريات هزت عرش الاسطورة وخلخلته من اساسه وغيرت وجه العالم، اثنان منهما مقبولتان في عالمنا الاسلامي والثالثة مرفوضة بشدة. النظريتان المقبولتان هما النسبية وميكانيكا الكم والنظرية المرفوضة هي نظرية النشوء والارتقاء، (رغم عن انني اري ان النظريتين الاولتين اخطر علي الدين بكثير من النظرية الثالثة) ولذلك سأحاول من خلال هذا المقال ان ابين ان سبب الرفض لنظرية النشؤ والارتقاء هو سبب نفسي فقط لا علاقة له بأي موقف عقلاني وإلا كان من باب اولي رفض النسبية وميكانيكا الكم.
    في البداية لابد ان نبيين بعض المفاهيم العامة حول النظريات العلمية (التي لا اظن انها خافية عليكم ولكن لمجرد التذكير فقط)، فالنظرية العلمية هي مجرد وصف لظاهرة كونية بغرض ايجاد تفسير لها والتنبؤ بسلوك مكوناتها ونمذجتها رياضيا ان امكن – اي ايجاد نموذج رياضي لها – النظرية الجيدة هي النظرية التي تفسر مدي واسع من الظواهر بأقل عدد من الفروض الممكنة وتكون متسقة ذاتيا ولا تحمل تناقض بين مكوناتها، فنظرية نيوتن للجاذبية مثلا نظرية علمية جيدة لأنها تقدم تفسير جيد لعلاقة الاجسام المادية مع بعضها البعض وتصلح للتنبؤ بسلوك المادة في الظروف العادية، ولا يزال التصميم العادي للمركبات والطائرات والسفن والمصانع وإطلاق الاقمار الاصطناعية يعتمد علي ميكانيكا نيوتن، ولكنها فشلت في تفسير ظواهر اخري مثل انحراف الاشعة الضوئية عند مرورها قرب الاجرام الضخمة، هذا الفشل لا يفسر علي انه إلغاء للنظرية بل يفسر فقط علي انه وضع حدود للنظرية، النظرية النسبية العامة لإنشتاين فسرت معظم مافشلت في تفسيره نظرية نيوتن ولذلك يمكن اعتبارها عملية (توسيع) لميكانيكا نيوتن لتشمل مدي اوسع من الظواهر، وهكذا، فأي نظرية لاحقة ستوسع من النظرية النسبية ولكن لن تلغيها.
    لكي نتحدث بشكل واضح عن النسبية العامة لا بد في البداية ان نورد مقدمة تاريخية للطريق الذي ادي للنسبية العامة، فالنسبية العامة ليست نظرية فيزيائية بحتة، فهي نظرية غيرت طريقة تفكيرنا وطريقة رؤيتنا للعالم مما يبرر لبعض العلماء وضعهم لها في جانب النظريات الفلسفية، فهي نظرية علمية ادت لنتائج فلسفية خطيرة اهمها حذف عبارات الميتافيزيقيا من مجال الكلام المشروع، او مايعرف بالوضعية المنطقية (فلاسفة حلقة فيينا) وما دار دورهم من التحليليين.
    من ابرز الصراعات العلمية في مطلع القرن التاسع عشر كان الصراع حول طبيعة الضؤ. فقد كان هناك نظريتين متعارضتين حول طبيعة الضؤ النظرية الاولي هي النظرية الجسيمية لنيوتن وتقول ان الضؤ عبارة عن جسيمات متناهية في الصغر اما النظرية الثانية فهي النظرية الموجية لهايجنز التي تقول ان الضؤ عبارة عن موجات مستعرضة تنتقل في الاثير مثل الصوت تماما.
    النظرية الجسيمية لنيوتن لها ما يدعمها في الظواهر الطبيعية مثل الانعكاس والانكسار الا انها فشلت في تفسير ظواهر اخري كالتداخل والحيود.
    النظرية الموجية كانت تبدو اكثر رسوخا لنجاحها في تفسير كل الظواهر الضوئية المعروفة انذاك. تنص النظرية الموجية علي ان الضؤ ينتقل خلال وسط غير محسوس اصطلح عل تسميته بالاثير.وقد بدا لمدة 70 سنة ان النظرية الموجية حققت نصرا حاسما ومما اكد هذا النصر اكتشاف ماكسويل لمعادلات المجال في اوخر القرن التاسع عشرالتي اكدت بما لا يدع مجال للشك الطبيعة الموجية للضؤ.وقد بدا ان كل شئ واضح ولم يتبقي سوي قياس الخواص المرنة للاثير. ولكن.... لم تكن تلك خاتمة المطاف ... فقد برزت تساؤلات جديدة القت بظلال من الشك علي النظرية الموجية ...... كانت ابرز تلك التساؤلات مايعرف بالظاهرة الكهروضوئية - ظاهرة استثارة الالكترونات بواسطة الضؤ التي تستخدم الان في ما يعرف بالخلايا الشمسية - كيف يتمكن الضؤ الذي هو عبارة عن موجة من انتزاع الالكترونات عندما يكون له تردد معين؟.
    اما التساؤل الثاني فكان فيما يعرف بتجربة ميكسلون - مورلي التي حاولا من خلالها قياس خواص الاثيرعن طريق اطلاق شعاعين من الضؤ في اتجاهين متعامدين احدهما في اتجاه حركة الارض والاخر متعامد عليه. المنطق البسيط يقول ان الشعاع الذي في اتجاه حركة الارض ستتاثر سرعته بسرعة دوران الارض وبالتالي سيبطئ من حركته قليلا اما الاخر فلن يتاثر وعن طريق مقياس الحيود نستطيع معرفة مدي التاخير و بالتالي نستطيع قياس سرعة الارض المطلقة بالنسبة لخلفية الاثير الساكنة. الا ان نتائج التجربة خالفت كل التوقعات فلم يسجل العالمان اي فروقات سنوية او شهرية او يومية في سرعة اي من الشعاعين - وهذا يقود الي نتيجتين - اما ان الارض ساكنة تماما لا تتحرك اي نوع من الحركة او ان سرعة الضؤ ثابتة لا تتغير بغض النظر عن وضع المراقب والواضح ان الاحتمال الثاني هو المرجح لا سباب كثيرة جدا. ثم جاء بلانك ليسدد ضربة اخري للنظرية الموجية الصامدة الي الان وذلك عام 1900.
    قدم بلانك تفسير منطقي ومتسق رياضيا لما يعرف بظاهرة اشعاع الجسم الاسود - التي سيطول شرحها - المهم في تفسير بلانك انه يضع تصور كمومي للشعاع الضوئي اي انه الضؤ ياتي في شكل كمات منفصلة وليس موجة متصلة مما طفا بالنظرية الجسيمية مرة اخري الي السطح بعد ان كانت قد ماتت.
    ثم جاء اينشتاين ذلك العقل العبقري الذي وضع كل تلك المعلومات في خلاط عقله الفريد من نوعه ليقدم اولا تفسيرا للظاهرة الكهروضوئية ثم يقدم ثانيا النظرية النسبية الخاصة التي غيرت نظرتنا للعالم. تفسير اينشتاين للظاهرة الكهروضوئية يعتمد بشكل كبير عل فرض بلانك حيث وضح ان للضؤ طبيعة مزدوجة فهو عبارة عن موجة تتصرف كجسيم او جسيم يتحرك في شكل موجة وهذا نابع من استنتاجه ان الطاقة والمادة هما وجهان لعملة واحدة.فالضؤ يتصرف كموجة في بعض الحلات وكجسيم في حالات اخري والسبب هو طبيعته الكمومية المزدوجة.
    اما الاستنتاج الثاني لاينشتاين فهو النسبية الخاصة والتي تعتبر مثال علي التفكير الابداعي المتسق مع بعضه البعض.
    تنص النسبية الخاصة علي مبدأين اساسيين :
    1. قوانين الفيزياء ثابتة في كل انحاء الكون.
    2. المراقبين المستقلين يقيسون السرعة نفسها للضؤ بغض النظر عن حركتهم او سكونهم.
    هذه النظرية زلزلت اركان المعرفة السائدة في ذلك الوقت وادت لنتائج خطيرة اهمها تقلص الابعاد الكونية وزيادة الكتلة مع الحركة مما يؤدي الي ما يعرف بالتاثيرات النسبية والتي صارت من الامور المفروغ منها فلا احد يجادل في صحتها بعد الاف التجارب التي اجريت في كل انحاء العالم واكدت صحة التأثيرات النسبية بما لا يدع مجال للشك.
    ثم خاتمة المطاف كانت النسبية العامة التي وضعت علاقة واضحة للمادة والفارغ ، فالكون صار مكونا من اربعة ابعاد (الابعاد الثلاثة الاساسية زائدا الزمن) بدلا عن ثلاثة، الزمن لا ينفصل بأي شكل عن الاشكال عن عجينة الكون، المادة والطاقة وجهان لعملة واحدة، الكتلة تؤدي الي انحناء الفراغ الموجودة فيه، فسر اينشتاين عن طريق تلك الاستنتاجات معظم الظواهر التي فشل في تفسيرها نيوتن ولكن المهم في موضوعنا هي النتائج الفلسفية للنظرية النسبية، والتي لا يمكن قبول النظرية النسبية بدون قبولها لأنه سيوقعنا في تناقض كبير، وهذه النتائج الفلسفية كفيلة بجعل كل متدين يرفض النظرية النسبية – إنشتاين نفسه رفضها في بداية حياته ثم عاد واقر بها - .
    اولي هذه النتائج هي اقراره ضمنا بنظرية هيوم حول السببية، وهي نظرية تقر ان علاقة السبب بالمسبب هي علاقة تجربة وليست اقتضاء عقلي، وبالتالي يهدد المعتقدات الدينية التي تقول ان وجودنا لا بد ان يكون مبرر، فهناك اشياء لا تحتاج لتبرير لوجودها.
    ثاني هذه النتائج ان الكون لا يحتاج لفروض من خارجه من اجل تفسيره، فالكون يفسر نفسه بنفسه بدون اي حاجة لقوي اخري مجهولة تعمل علي ذلك، وهو يهدد وجود الاله بشكل مباشر.
    ثالث النتائج هي انه لابد ان يكون للزمن بداية، فلا وجود لما هو سرمدي، واي سؤال عن ماذا كان قبل بداية الزمن هو سؤال لا معني له، لان قبل ظرف زمان والزمان لم يكن موجود فلا يوجد معني لعبارة قبل بداية الزمن، وهي نتيجة خطورتها واضحة لكل انسان. فالخالق لابد ان يكون سرمدي وإلا كان هو نفسه حادث زماني، وإذا كان حادث فلا يمكن ان يكون خالق، وبما ان النسبية العامة تقول انه لا يوجد ما هو سرمدي فإن ...... إكملوها علي كيفكم.
    ومن هذه النتائج الثلاثة نستنتج ان النسبية العامة تشكل خطورة علي الدين اكثر من اي نظرية اخري، فهي تنسف الاصل بينما نظرية التطور تنسف فرع واحد من فروع المعرفة الدينية الذي هو اصل الانسان كما سنري لا حقا. اذا فطالما نحن نقبل تدريس النظرية النسبية في جامعاتنا فمن باب اولي السماح بتدريس نظرية التطور. اعتقد ان السبب في عدم رفض النسبية هي ان نتائجها تري بالعين المجردة، فالقنبلة الذرية هي نتيجة مباشرة للنسبية وما انفجر في هيروشيما وناجازاكي لا يمكن ان يكون بطيخة، وبالتالي سيصبح رفضها مجرد نطح في الصخر.
    اما النظرية الثانية فهي نظرية الكم، تلك النظرية العلمية العظيمة التي ظهرت في العشرينيات من القرن المنصرم، والتي ايضا هي مثل النسبية لا يمكن رفضها رغم تعارضها الصارخ جدا مع الدين، فكل التجارب اثبتت صحتها، وما ثورة المعلومات والإلكترونيات الا نتيجة مباشرة لها، وكذلك الطاقة الشمسية والتصوير بالرنين الميغناطيسي وغيره كثير، فميكانيكا الكم راسخة الاقدام بشكل لا يصدق وسنحاول تبيين كيف تتعارض ميكانيكا الكم مع الدين.
    ميكانيكا الكم بدأت مع فرض بلانك الذي تحدثنا عنه انفا، وهي مختصة بدراسة الجسيمات المكونة للمادة وتفاعلاتها مع بعضها البعض، طورت ميكانيكا الكم بواسطة علماء نال جلهم جائزة نوبل في الفيزياء، مثل نيلز بوهر، اروين شرودينجر، هايزنبرج، دي برولي وغيرهم. إلا ان نظرية الشك لهايزنبرج او ما يعرف بمبدأ الشك هو موضوعنا حيث هو النتيجة الابرز لميكانيكا الكم التي ادخلت الفلاسفة في معضلة كوبنهاجن (او ما يعرف بتفسير كوبنهاجن).
    ينص مبدأ الشك علي انه لا يمكن بأي حال من الاحوال تحديد سرعة الجسيم ومكانه بدقة تامة في نفس الوقت، اي ان دائما ما يكون هناك شك في معرفتنا، ومقدار هذا الشك معلوم ومبرهن عليه رياضيا (لا يقل عن ثابت بلانك مقسوم علي 2 باي كما يعرف الفيزيائيين). اي ان هايزنبرج يقول بطريقة غير مباشرة انه لاوجود لما يعرف بالمعرفة اليقينية التي تقول بها الاديان، فالدين يتطلب اليقين ولكن الكون لا يوجد به يقين بل فقط احتمال وترجيح، كان رد فعل انشتاين علي نتائج ميكانيكا الكم انه قال (إن الله لا يلعب النرد) حيث رفضها رفض قاطع بصفته مؤمن بأن النظام هو ما يحكم الكون وليس الفوضي، ولكنه عاد وتراجع عن اقواله تلك واقر بنتائج ميكانيكا الكم بل حاول ايجاد تبرير لها ضمن نسقه النسبي الا انه توفي قبل ذلك.
    كما نري ان ميكانيكا الكم تتعارض مع الدين في احدي مسلماته، وهي الايمان اليقيني، ورغم ذلك تدرس في الجامعات كل وضوح وشفافية، اذكر انني حينما كنت في سنتي الاولي الجامعية اندهشت بشدة لمبدأ الشك، ولكني لم اعره إلتفاتا إلا بعد ان فهمت دلائله ومآلاته مما ساهم بقدر كبير في اعادة نظري للكون والحياة.
    أذا لماذا نرفض تدريس نظرية التطور طالما نحن ما ندرس ما هو (افظع) منها؟ في رأيي ان لذلك عدة اسباب كلها تنبع من اسباب نفسية بحتة، فالمنطق في الرفض يتضاءل لحد بعيد وينكمش كل يوم وتبقي فقط الحواجز النفسية. السبب الاول لرفض نظرية التطور متعلق بالجهل بها، فإذا سألت اي انسان عادي عن ماذا يقول داروين سيكون جوابه إن الانسان اصله قرد، وهذا فهم مغلوط وغاية في السخف، فنظرية التطور لا تقول ان الانسان اصله قرد، بل تقول ان الانسان والقرد لهما اصل مشترك واحد وربما كان هذا الاصل المشترك يعيش علي الارض قبل ستة ملايين عام، وهذا الامر تأكد بعد اكتشاف الخريطة الجينية للإنسان والشمبانزي، حيث ان التطابق الجيني بين الاثنين يصل الي نسبة 99%، وبحساب عدد الطفرات اللازمة لحدوث تلك الفروقات الجينية تطابق الرقم الناتج بشكل مذهل مع عدد الطفرات التي تم حسابها عن طريق ابحاث السرطان، وليس لهذا تفسير سوي انه كان هناك اصل مشترك للنوعين. لهذا فإن رفض النظرية يصبح مجرد نطح في الصخر كأن ترفض كروية الارض مثلا. فنظرية التطور هي اكثر نظرية علمية جمعت ادلة علي صحتها في التاريخ، فلا توجد نظرية تستطيع ان تنافس نظرية التطور في اتساقها المنطقي وعدم التناقض في مكوناتها، حتي ان الاشياء التي فشلت النظرية في تفسيرها تكاد تكون منعدمة.
    نلاحظ ان الحديث عن نظرية التطور يتم اجتزاءه دائما في وسائل اعلامنا العربية، وذلك لمحاولة تبيين انها نظرية سخيفة لا ترقي حتي للمناقشة، بينما الحقيقة هي عكس ذلك تماما، فنظرية التطور لا تتحدث عن اصل الانسان فحسب، فهي تفسر التنوع الهائل بين الكائنات الحية الموجود علي كوكب الارض، فهي مكونة من شقين اساسيين، التطور Evolution والإنتخاب الطبيعي Natural Selection وكلا الشقين يكونان حجر الاساس للنظرية ولا يمكن الحديث عن احدهما بمعزل عن الاخر. نظرية التطور الداروينية تم تحديثها بشكل كبير – إعادة بناءها بشكل جديد – بعد اكتشاف الجينات، ولكي نفهم الية عمل التطور لا بد من الإتفاق علي تعريف التطور، فالتطور المقصود في النظرية ليس التطور بمعناه الانساني، بل يعني قدرة الكائنات علي اكتساب صفات تعينها في معركة البقاء، هذه الصفات ليست مرتبطة بمفهوم التعقيد، بل قد تؤدي الي تبسيط الكائن الحي ولكن تزيد من مقدرته علي البقاء.
    لنري كيف يحدث التطور بأختصار غير مخل، طبعا كما تعلمون جميعا ان الجزء المسؤول عن نقل الصفات الوراثية في الكائن الحي هو ما يعرف بالحمض النووي DNA ، يتكون الحمض النووي من شريط بروتيني علي شكل سلم ملتف ويبلغ طوله في الانسان في الخلية الواحدة حوالي عشرة امتار، واجمالي طوله في جميع خلايا الجسم البشري حوالي عشرين مليون كيلومتر!!، هذا الشريط مسؤول من نقل الصفات الوراثية بكل امانة من جيل لجيل، ولكن بما إن النوايا الطيبة وحدها لا تكفي، فإن الاخطاء تحدث احيانا في اثناء نسخ الجينات، اخطاء النسخ هذه تسمي بالطفرات وهي نادرة الحدوث، حيث تحدث طفرة واحدة كل مليون عملية انقسام لل DNA تقريبا، الطفرات لا تكون مفيدة دائما، فهي اما ان تكون مفيدة او ضارة او لا تؤثر علي الكائن الحي في شيء وإحتمال حدوث اي نوع من الانواع الثلاثة متساوي، هذه الطفرات هي السبب الرئيسي في التغيرات التي تحدث للكائنات الحية وتؤدي الي تطورها، فهي نادرة الحدوث بحيث ان شكل الكائن الحي لا يتغيير علي المستوي العياني، ولكنها كافية لأحداث التغييرات المطلوبة علي مدي مئات الملايين من السنين.
    كمثال للتطور لنفترض ان كائن ما يعيش علي الاعشاب في مكان ما من انحاء العالم، وحدثت طفرة ما ادت لزيادة طول رقبة احد الكائنات المولودة في يوم من الايام، هذا الكائن الجديد سيتغذي علي الاعشاب وعلي اوراق الاشجار ايضا لأنه اكتسب ميزة اضافية علي بقية الانواع، قام هذا الكائن بتوريث تلك الصفة الي الاجيال التي اتت من بعده، فصار لدينا شكلين من نفس الكائن، شكل ذو رقبة طويلة وشكل ذو رقبة قصيرة، ولنفترض انه حدثت في يوم من الايام كارثة ما ادت الي ازالة الاعشاب في اقليم الكائن، في هذه الحالة لن تتمكن الكائنات قصيرة الرقبة من العيش لأنها لا تستطيع الاكل من الاشجار وبالتالي ستنقرض، وسيعيش فقط الكائن ذو الرقبة الطويلة وهذا هو ما يعرف بالانتخاب الطبيعي. وبالتالي سيكون الجيل الجديد من الكائنات كله ذو رقبة طويلة.
    أحيانا تتداخل عوامل بيئية وحياتية لا علاقة لها بالطفرات في عملية التطور، كمثال لها مورثة الحوض الضيق عند النساء، فهذه المورثة كانت غير منتشرة في القرون السابقة، إلا انها انتشرت في المئتي عام الاخيرة، وذلك نتيجة لأن المرأة ذات الحوض الضيق كانت غالبا ما تموت في اول ولادة وفي معظم الاحيان مع الجنين، وبالتالي تقل فرص انتقال تلك المورثة للأجيال اللاحقة، ولكن بعد اكتشاف العمليات القيصرية، اصبحت السيدات ذوات الحوض الضيق يلدن بواسطة العمليات القيصرية، وبالتالي يعشن ويعيش الجنين، وتنتقل المورثة للأجيال اللاحقة. وايضا مثال لتداخل العوامل البيئية ازدياد الطول المتوسط للبشر في المئة عام الاخيرة، وهذا مرده لتحسن اساليب العيش والتغذية ولا علاقة له بالطفرات، وكذلك ازدياد العمر ايضا له علاقة بالتطور الحادث في الطب ولا علاقة له بالطفرات.
    طبعا يمكن ملاحظة تطور الكائنات في المعمل في الكائنات سريعة التكاثر ذات الاعمار القصيرة، مثل الحشرات والبكتريا والفيروسات، وهي تقدم تفسير واضح ومنطقي لمقاومة الحشرات للمبيدات ومقاومة البكتريا والفيروسات للأدوية، فمثلا اثناء انقسام البكتريا تحدث طفرة تؤدي الي انتاج بروتين مقاوم لنوع من انواع الادوية، وعند معالجة البكتريا بهذا الدواء تموت كل البكتريا عدا التي تحمل البروتين المقاوم للأدوية، وبالتالي الجيل الجديد يكون كله مقاوم لهذا النوع من الدواء، هذه الظاهرة ملاحظة بشدة في البلازموديوم المسبب للملاريا، فهي تقوم بمقاومة الدواء في كل مرة يكتشف فيها دواء جديد، فما ان تمر بضعة سنوات حتي ينشأ جيل جديد مقاوم له، ويستمر السباق ولا سبيل لحسمه الا بالبحث العلمي حول الية الطفرات التي تكسب الطفيل مقاومته للدواء، وهذا لا يتأتي الا بأصطحاب الابحاث التي قادت الي نظرية التطور في اذهاننا.

    ثاني الاسباب متعلق برفض الانسان من ان ينزل من علياءه بإعتباره كائن اسمي من بقية الكائنات الحية، خلق لغرض خاص، ونظرية التطور تنفي وجود غرض خاص لخلق الانسان، بل تضع الانسان في مكانه الطبيعي وسط غيره من الحيوانات، يتميز عليها بالذكاء وتتميز عليه بأشياء اخري، فإذا قلنا ان التطور لا يعني التعقيد، نجد ان المسار التطوري الذي سلكته البكتريا انجح من المسار التطوري الذي سلكه الانسان، فالبكتريا ستبقي علي كوكب الارض اذا قامت حرب نووية او ضرب نيزك عملاق الارض بينما سيفني الانسان. فالانسان ليس هو الكائن الاكثر تطورا اذا قلنا ان هدف التطور هو البقاء. هذه المساواة بين الانسان والكائنات الاخري تزعج الجنس البشري بشدة وتجعله يرفضها وهو امر غير مبرر علي الاطلاق، فالانسان حيوان يأكل ويشرب ويتغوط، وما العقل والادراك الا الميزة التي تميز الانسان عن بقية الانواع، فلكل نوع ميزة خاصة تجعله هو وليس نوع اخر، نقار الخشب مثلا اصبح نقارا للخشب لانه يملك وسادة تحت منقاره تجعله يمتص الصدمات بالاضافة الي منقار قوي، والسمك اصبح سمكا لانه يملك خياشييم تجعله يتنفس تحت الماء والانسان اصبح انسانا لانه يملك العقل. ليست الميزة التي يمتلكها الكائن الحي وتمييزه عن بقية الكائنات تراتيبية، اي انها لا تفيد في ترتيب الكائنات الحية لنعرف ايها افضل، فالعقل ليس الصفة الوحيدة التي تجعلنا نقرر ان كائن ما هو الافضل، فإذا اخترانا الضخامة مثلا يحتل الحوت الازرق اعلي القائمة، وإذا اخذنا العمر مثلا نجد الهايدرا والكائنات التي تتكاثر بالانشطار فهي خالدة بالمعني البسيط لكلمة خلود – اعني ما قلته تماما ولم يلتبس علي شيء – فهي لا تموت، وإذا اخترانا القوة مثلا نجد الاسد او النمر وإذا اخترنا السرعة نجد الفهد والغزال، وإذا اخترنا العقل نجد الانسان. فالانسان يملك ميزة تفيد تمييزه عن بقية الكائنات الحية ولا تفيد تفضيله عليها.
    ثالث الاسباب متعلق بولع الانسان بالشخصنة، اي اعتبار الحياة والكون شخوص يجب ان يكون لها اهداف، فهو يرفض ان تقول له حدث هذا لأنه حدث وليس لأنه يجب ان يحدث، فهو يعتقد في وجود هدف من اي شيء يحدث ولا يصدق انه توجد اشياء تحدث بدون غاية ولا هدف، ولهذا نجده يبحث عن دلالات ليست موجودة في اي نسق طبيعي، فإذا رميت قطعة نرد بصورة عشوائية وحصلت علي الارقام 1،3،4،2،5 ستجده يتساءل: لم جاءت الاثنين بعد الاربعة؟ هل لأنها نصف الاربعة؟ وينسي ان بقية الارقام لا تخضع لمنطق معين فالخمسة مثلا ليست نصف الاثنين. وما قلته عن الارقام ينطبق ايضا علي كوكب الارض، فتجد البشر دائما يتساءلون: كيف حدث وكان كوكب الارض ملائم للحياة بهذه الطريقة؟ بينما المنطق يقول ان الحياة نشأت في كوكب الارض لأنه ملائم وليس العكس، اي ان كوكب الارض هو السابق والحياة هي التي كيفت نفسها معه وليس العكس. هذا السؤال تتبين سذاجته اذا سألت نفسك: لم زحل ليس ملائم للحياة؟ إذا كان كوكب الارض وجد من اجل ان تنشأ فيه الحياة فما هي مبررات وجود نيبتون مثلا؟ وبما إن وجود نيبتون غير مبرر فإن ملاءمة الارض للحياة يمكن ان تكون غير مبررة ايضا فلا يوجد مايمنع. يتهرب المتدينين من الاجابة عن تلك الاسئلة بعبارة – إنها حكمة عليا لا يعلمها إلا الله – وهي اجابة تجعل فرضية الله فرضية زائدة redundant hypothesis فالكون يمكن تفسيره بدون الحاجة لتلك الفرضية. هذا يشبه مسألة انك تريد عمل نظرية حول الميراث، وتقول: لنفترض ان محمد يمتلك مليون جنيه، وله اربعة اطفال بنتان وولدان، وله زوجة ، وجار والد زوجته يمتلك كلب، ووالده ووالدته متوفيان، فكيف يقسم الميراث بينهم بالطريقة الاسلامية؟ فمن الواضح ان كلب جار والدهم فرضية زائدة لن تؤثر علي سير المسألة وبالتالي فإن حذفها او بقاءها لن يصنع اي فرق اذا لم تصر علي ادخالها في المسألة. أما اذا اصررت علي ادخالها في المسألة فهي ستجعل المسألة خالية من اي معني ولذلك يجب حذفها.
    السبب الرابع في رأيي هو ان شكل التصادم مع الدين بالنسبة لنظرية التطور يبدو مباشرا بشكل كبير، فحتي علي مستوي الانسان العادي غير المثقف يصطدم ذلك مع معتقداته، بينما نظرية الكم والنسبية تحتاج لدراسة اولا حتي تكتشف انها متعارضة مع الدين، أما نظرية التطور فهي واضحة للغاية، فهي تقول انه لا حاجة لوجود فعل من خلق مباشرة بدون الحاجة لإستنتاجات، هذا الشكل الصادم يضع النظرية في مواجهة مباشرة مع الموروث فإما رفض الموروث او رفض النظرية وهو خيار عسير للمتدين المثقف وسهل لإنسان الشارع، فكل من يقرأ نظرية التطور بشكل متعمق يجدها مقنعة اكثر من اي نظرية اخري موجودة لتفسير الحياة، لذلك فأن رفضها يشكل مشكلة حقيقية للمثقف الحقيقي، فهي تترسخ كل يوم وتطبيقاتها في مجال العلاج واكتشاف الادوية لا حصر لها، كما ان تطبيقات علم الوراثة التطوري في تحسين النسل والحفاظ علي الطفرات الجيدة وحذف الطفرات غير الجيدة يعمل بصورة ممتازة ومن الدول الرائدة في هذا المجال هولندا والدنمارك واليابان، وأمام كل هذه الدلائل امام صحة نظرية التطور ظهر بعض العلماء المسلمين الذين حاولوا توفيقها مع الدين بقية انقاذه من الانهيار – جلهم من العلاماء الشيعة وعلي رأسهم الامام الصدر – حيث انهم قاموا بعدد من المحاولات منها الجيدة ومنها الفاشلة.
    بالنسبة للغرب، صار مثل هذا النوع من النقاشات مفروغ منه، حيث ان رجال الدين اقتنعوا تماما بأنه لا سبيل للوقوف امام تطور البشرية، وكفوا عن محاولاتهم لقمع صوت العلماء بواسطة محاكم التفتيش والاعدامات وغيرها من وسائل القمع، فالدولة المدنية العلمانية حلت المشكلة بشكل جذري، وانحصر دور الدين في الطقوس التي يؤديها المتدين والتي لا يوجد مبرر لرفضها، ولكن امر الدولة والتعليم صار بيد المؤسسات العلمية وليس لرجال الدين او السياسيين، فهي التي تقرر ما يصلح لتقدم البشرية مما لا يصلح وليس لأحد ان يتدخل بناء علي رؤيته الشخصية او خلافه. وليس هناك سبيل للحاق بها سوي ان نترك تمسكنا الاعمي بآراءنا ورؤيتنا الشوفينية للعالم ونحاول جعل المنهج العلمي في التفكير هو اسلوب حياتنا بدلا عن تقييد تفكيرنا بأساطير عفا عليها الزمن.
    انا شخصيا لست ضد الدين علي طول الخط، ولا توجد لدي اي مشكلة في ان تؤمن بالله او تؤمن ببوذا او تعبد حجر طالما ان عبادتك تلك لا تؤثر بشيء في تطور المجتمع وتقدمه، وطالما اصبح الدين شأن شخصي مثله مثل المأكل والملبس والمشرب، تمارسه مع نفسك او مع من يتفق معك في العقيدة دون تعدي علي حقوق الاخرين، ودون ان تحاول فرض تدينك هذا علي غيرك، مشكلتي الوحيدة مع الدين الجامد الذي يصر علي انه صالح لكل زمان ومكان كأسلوب حياة واتجاه تفكير، فالزمن سيتجاوز مثل هذا النوع من الاديان، واستند في هذا علي التجربة والتاريخ وليس علي كلام إنشائي مما يتحفنا به المتدينون كلما اثير موضوع العلمانية، ففي اوروبا مثلا فقدت المسيحية العديد من الاراضي، فنسبة اللاديينين في فرنسا مثلا 57% من اجمالي السكان، وحتي البقية 82% منهم لا يرون في المسيحية سوي مجرد طقوس لا يجب ان تتدخل في الحياة العامة!!
    إن نظرية التطور نظرية راسخة ومنطقية وتفسر العديد من الظواهر، ولا اعني انها كاملة، ولكن ماقد يأتي بعدها من النظريات لن يلغيها بل سيطورها فقط، فكما تطورت النظرية من لامارك مرورا بدارون ثم ميلر الي فريق العلماء الذي اكتشف الهيكل العظمي للوسي في اثيوبيا وفريق العلماء الذي فك الشفرة الجينية – ما يعرف بمشروع الجينوم – تتطور النظرية يوما بعد يوم، وتزداد رسوخا ولا يوجد دليل ابلغ من التجربة، ولكن لمن يثار الحديث؟
    ان تدريس نظرية التطور اصبح ضرورة يقتضيها المنطق والانصاف، ولنكف عن منطق الوصاية الذي مارسناه ومازلنا نمارسه علي اطفالنا، الواجب يحتم علينا تدريسهم نظرية التطور في المدارس بشكل حيادي و دون ان نقحم اراءنا الشخصية فيها، فهم يملكون عقول مثلنا تماما تجعلهم يميزون بين العلم واللاعلم بدون ان نخلق في دواخلهم تحيزات مسبقة نحو اتجاه تفكير معين، فقط لأن اتجاه التفكير هذا يعجبنا. فكل جيل ينشأ وهو يملك عدد كبير من الاراء الجاهزة حول الكون والحياة تجعله في حالة غيبوبة تفكيرية، فهناك من فكر عنه سلفا وحدد له الصواب والخطأ، وهو لا يملك غير طريق واحد رسمه له من سبقه في هذه الحياة ولا يملك ترف الاختيار، ثم يأتي احدهم ويشتكي ان شبابنا ضائع، كيف لا يكون ضائع وهناك من قرر عنه كيف يفكر؟، كيف لا يكون ضائع وهو لا يجيد استخدام عقله لأن هناك من صادر منه هذا الحق؟ كيف لا يكون ضائع وهو يتمزق بين غرب يصفه له الاكبر سنا انه كافر ومنحل ونحن افضل منه وهو يري العكس؟ لذلك لا يجد شبابنا سوي احد طريقين: إما التقليد الاعمي للغرب في اسلوب الحياة بشكل سطحي للغاية، فهو لا يقلد من منجزات الحضارة الغربية سوي مظهرها من مأكل ومشرب وأغاني وهو لا يدري شيء عن جوهر الحضارة الغربية من ديموقراطية وحقوق انسان وصدق وحرية بحث علمي لأنها مغييبة عنه تماما. او يسلك الطريق الثاني وهو طريق التشدد والانغلاق الايدولوجي الذي لا يفرخ سوي المفجرين الانتحاريين، فالانتحاري او المتشدد الاسلامي هو موقف نفسي في رأيي الشخصي اكثر مما هو رأي سياسي واعي.


    لكي نتقدم لا بد من ان نسمح للأفكار ان تتلاقح وتتصارع ليبقي الاقوي والاصلح، فآحادية التفكير لا تنتج سوي التخلف، طالما انك تظن انك الافضل فلن تصبح الافضل مهما حدث، لأنك تنفي عن نفسك ذريعة التقدم، وتقتل الروح الانسانية في داخلك، وتمشي علي الارض كأنك ميت. العالم الاسلامي بحاجة لثورة علمية ترجه بعنف وتعيد ترتيب الاوضاع المختلة، لقد جربنا الحكم الديني اكثر من مرة، وبرهن انه لا يجلب سوي الشقاء والموت والحروب والدمار وإنتهاك حقوق الانسان، ولكي لا يأتي احدهم ويقول بأن الاسلام لم يطبق جيدا لذا فشلت انظمة الحكم الاسلامية، عليه فقط ان يتذكر، طالما فشل علي ومعاوية في تطبيق الاسلام الصحيح وهما من الصحابة ومن كتاب الوحي، فلا تحاول اقناعي ان غيرهم سينجح في تطبيق الاسلام الصحيح، فهذه الاحلام الوردية التي لا تسمن والا تغني عن جوع يجب ان نلقيها وراء ظهورنا ونبدأ العمل من حيث انتهي الاخرون، لبناء مجتمع الحرية والديموقراطية والمساواة وحقوق الانسان، وهي بحق اكبر منجزات الحضارة الانسانية بدون استثناء.
    المصادر:
    1- Aranda-Espinoza, H., Y. Chen, N. Dan, T. C. Lubensky, P. Nelson, L. Ramos and D. A. Weitz, 1999. Electrostatic repulsion of positively charged vesicles and negatively charged objects. Science 285: 394-397.
    2- Han, J. and H. G. Craighead, 2000. Separation of long DNA molecules in a micro fabricated entropic trap array. Science 288: 1026-1029.
    3- McShea, Daniel W., 1998. Possible largest-scale trends in organismal evolution: eight live hypotheses. Annual Review of Ecology and Systematics 29: 293-318.
    4- Brooks, D. R. and E. O. Wiley, 1988. Evolution As Entropy, University of Chicago Press.
    5- Schneider, Eric D. and James J. Kay, 1994. Life as a manifestation of the second law of thermodynamics. Mathematical and Computer Modelling 19(6-8): 25-48
                  

العنوان الكاتب Date
لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-28-08, 10:55 AM
  Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Mohamed E. Seliaman01-28-08, 11:42 AM
    Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Mohamed E. Seliaman01-28-08, 11:57 AM
      Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Biraima M Adam01-28-08, 12:59 PM
        Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-28-08, 03:12 PM
      Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ amin siddig01-28-08, 02:43 PM
    Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-28-08, 12:36 PM
      Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-28-08, 01:02 PM
        Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ أحمد أمين01-28-08, 01:43 PM
          Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ أحمد أمين01-28-08, 01:47 PM
            Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-28-08, 03:56 PM
  Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Hafiz Bashir01-28-08, 09:37 PM
    Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-29-08, 09:39 AM
  Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ إيمان أحمد01-29-08, 04:04 AM
    Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Biraima M Adam01-29-08, 07:17 AM
      Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ معتز تروتسكى01-29-08, 10:36 AM
        Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-29-08, 11:03 AM
      Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-29-08, 10:53 AM
    Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-29-08, 09:44 AM
      Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Abureesh01-29-08, 12:28 PM
        Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar01-29-08, 02:26 PM
          Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Abdel Aati01-30-08, 03:02 AM
            Re: لماذا لا تدرس نظرية التطور في مدارسنا؟ Shihab Karrar02-23-08, 10:09 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de