الحركة الطلابية تقدم شهيدا جديدا بمجمع الحصاحيصا جامعة الجزيرة

Quote: مجاز الجامعات دار المجنون يسائلُ: أين الشمسُ وأين الأفق؟ وماذا يحمل هذا الآتي: عنقاً أو سكيناً؟ يسألُ: كيف أظلُ شرارة خرق؟ من أين أتيتُ، وكيف، وماذا؟ أرضك مملكة التدجين، وأنت عصىٌّ أتظلَّ عصيَّاً؟ «مقطع من قصيدة بابل ـ أدونيس» * دعونا بدءاً نرسل عزاءنا حاراً دامعاً لأسرة سودانية طيبة ومكلومة فجعت في «جناها» أسرة الطالب القتيل معتصم حامد أبوالقاسم «ابو العاص» بالأبيض، عزاء لأسرة دبّرت مصاريف الترحيل، ومتطلبات المعيشة، وثمن التذاكر ورسوم الصندوق والتسجيل لابنها في كلية أو قسم الحاسوب وها هي دفعته على مشارف التخرج، غداً يرتدي زملاؤه وزميلاته بزات التخرّج تحت وقع الموسيقى المختارة.. لكنه.. يا لقسوة القدر، اختار الحياة الأبدية.. بفعل قاتل مجرم بكل تأكيد، فالطعن في القفا.. غدر وخيانة، ومجمع كلية التربية بالحصاحيصا أحد مجمعات جامعة الجزيرة تحوّل عند قمة نهار الأحد 13 يناير 2008م إلى مسلخ بشري منزوع الرحمة، حوّله قطيع من قساة، غلاظ، أشداء على الأبرياء، جبناء عند ساعة الوغى، ضعاف خُلق ودين، خواء من حس وإحساس آدمي مستقيم.. إنهم (نخبٌ هواء) يقارعون الحجة بالمطوة قرن الغزال، ويئدون الآمال بطعنة خنجر مسموم، ويوغرون الصدور بأفاعيل مخزية يندى لها الجبين الإنساني السليم، نعم، يا للقسوة والغلظة، إنني جد مذهول من انعدام أدنى شعور بحرمة الإنسان بل أغلى مافي الإنسان «روحه»، هكذا بكل بساطة يجروء بعض منتسبي الإنسانية على الطعن والقتل والإيذاء!! يا لها من فاجعة يقشعر لها البدن، وتأباها النفس السوية، ما هو سبب هذه المجزرة، طعن طالب حتى الموت وإصابة ثلاثة آخرين بجراح غائرة هم (مجاهد الرفيع، بكري، وعلي)، جميعهم طلبة في الجامعة، شباب في سن الأمل وعنفوان الصبا وفورة الحماس.. حماس طبيعي ومشروع ومكفول بالدستور وبالأعراف والأديان والمواثيق والعهود الدولية.. جريرتهم، المقتول المصابون أنهم انحازوا للوعي، انتظموا في جبهة ديمقراطية تدعو للعدالة الاجتماعية، للمساواة حقاً وواجباً، للحرية كقيمة أسمى وأعلى، لحقوق الإنسان، لحقوق الطلبة المغلوبين والفقراء والمحرومين.. نداؤهم للسلم، وحداؤهم الجميل لوطن عظيم.. جنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي.. وطن شامخ وطن عاتي.. وطن خيّر ديمقراطي.. لشعب موفور الكرامة هيبة واستقامة، لأطفال زغب، لامرأة فاضلة وشاب طموح، لمسكن آمن وماء نقي ومشفى وحقل أخضر ومصنع تدور فيه الماكينات، للتوظيف والتشغيل، للنزاهة والكفاءة ونكران الذات، انحازوا.. وهم شباب يفّع لكل المعاني النبيلة والقيم الرفيعة، بها يحلمون، يصنعون الأمل ويقاومون الجلادين، يدخرون طاقاتهم وعنفوانهم للبناء والتعمير.. ويناضلون جنباً إلى جنب مع رصفائهم الآخرين لضمان حرية التعبير والتنظيم.. للحق في الحرية، للحق في الحياة والرقي.. والإبداع. * قل لي بربك، أي خير مرجو من جماعة، هي في الواقع عصابة، حوّلت الوطن الوسيع إلى سجن حقير، أغلقت مسارب الضي لتتحكّم في الظلمة على الرقاب، أي خير مرجو من ثلة متعصّبة عديمة الوازع الأخلاقي والديني والإنساني، تستبيح المحرمات ولا تتورّع في الولوغ في الدماء البريئة، تصادر الحريات وتكمم الأفواه وتخطف الأرواح، تارة بالسلاح الناري الرسمي.. أو شبه الرسمي، وتارة بالأسلحة البيضاء وما هي ببيضاء خناجر للغدر وسيخ لتهشيم الرؤوس وأطواق لكسر الأيدي، وركل وتواطؤ إنسان رخيص مِنْ مَنْ يفترض أنهم حماة!! * إنّ من العزاء والدعاء بالصبر تكبر الأسئلة عن دواعي اغتيال هذا الطالب والاعتداء على بقية زملائه، فهل هذا هو الالتزام باتفاقيات السلام، هل هذا عربون الانفتاح السياسي، وتكوين اللجان للتفاوض مع الآخرين المغايرين فكراً وبرامج، شركاء الوطن وأصحاب الحقوق الأصيلة فيه رغم أنف الاقصاء والتشريد والقمع والاضطهاد.. هل هذه رسالة العام الجديد، واحتفالية أعياد السلام؟ هل هذه مؤشرات القادم من عمليات الانتخاب والترشيح؟ هل هي رسالة إلى شعب السودان فحواها.. ألا تحلموا بعالم سيعد فخلف كل ميثاق يوقع وعهد يمهر خرقُ جديد.. اسئلة تكبر وتزداد بحجم الفجائع المتتالية والممارسات القمعية المتزايدة.. بسفك الدماء، وازهاق الأرواح دون رحمة ودون شفقة، فماذا يريد هؤلاء؟ هل يريدون أن يبصم لهم الجميع بالعشرة ليستسلموا لهم كي يعيثوا في الارض خراباً وفي الوطن تشليحاً وبيعاً بالقطاعي والجملة «خردة في مزادات التنازلات»؟ هل يريدون أن يتبعهم كل الشعب كما تتبع القطعان الرعاة دون أدنى بصيرة؟ هل... وهل... وهل... يتم القبض على الجناة الحقيقيين وتقديمهم فوراً لمحاكمة عادلة وعلنية من أجل تحديد المسؤولية الجنائية عن ما وقع، فقد فجعت أسر في فلذات أكبادها، واعتصر الحزن والألم دواخل مجموعات كبيرة في هذا الوطن وهي تفقد في ابنائها وبناتها هكذا (سمبلة) فهل قدر إنسان السودان أن يعيش كل يوم وهو مفقود، لا يشعر بالاطمئنان ولا يحميه من السفاحين رادع أو قانون ولا يعصمه من الوحوش واق من اخلاق او دين أو عرف؟ * إن مجزرة جامعة الجزيرة تستوجب التوقف مليّاً من كل شعب السودان، فها هي الجامعات تنتشر في كل الاصقاع، وها هم ابناء الوطن وبناته، شباب غض يغدو ويروح يومياً، فكيف تأمن الاسر على ابنائها من حملة (السكاكين) الذين يقتلون من يريد ممارسة «حق الكلام» وإن مسؤولية الشرطة بولاية الجزيرة وكل أجهزة الأمن وانفاذ القانون أن يتم كشف المستور وإنني على ثقة في قوات الشرطة وشرطة المباحث على وجه الخصوص إذا مارست عملها بمهنية تمامة ودون أدنى تدخلات سياسية حزبية.. فإنها قادرة على تحديد المجرمين، فالجريمة لم تحدث في ظلام دامس وحيثياتها التي أوردها بيان مركزية الجبهة الديمقراطية للطلاب السودانيين 14 يناير 2008م، واضحة ولا تحتاج إلى عبقرية، بل كل مواطن سوداني صادق وأمين مع ضميره وعقله يعلم تمام العلم من هم القتلة والسفاحون ومن هم الذين اعتادوا على القمع والقهر وظلم العالمين، ولو سألنا راعي الضأن في الخلا -كما كان يكتب المرحوم محمد طه- لأجاب بيقين وأشار دون تردد إلى القتلة المتوقعين، فذاكرة الفجائع الإنسانية طويلة خلال العشرين عاماً الأخيرة من عهد التيه والمظالم، ومثلما راح (أبو العاص) اليوم فقد ارتوت حرمات الجامعات بنفر عزيز وكريم قبله من لدن التاية ومحمد عبد السلام وطارق وبشير وسليم والنعمان.. الخ الخ. جميعهم ذهبوا لدار الخلود وها هي أرواحهم تحلّق في الأفق ترقب المآل.. لأن جذوة الحق لن تنطفئ ومد التغيير لا تهزمه المتاريس فالفجر آت آت آت آت آت فالوحش يقتل ثائراً والأرض تنبت ألف ثائر.. يا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر..

(عدل بواسطة نورالدين صلاح الدين on 01-17-2008, 09:07 AM)
(عدل بواسطة نورالدين صلاح الدين on 01-17-2008, 09:13 AM)