|
Re: عشوائية الإنقاذ في تكريم الرموز الوطنية - محمود أبو العزائم (Re: أشرف البنا)
|
Quote: لا أعرف في العالم كله أن رئيس الدولة يكتب خطابه في المناسبات الرسمية،بل في بعض الأحيان تشكل للخطاب لجنة تضع أمامها كل قضايا الوطن التي يراد لرئيس الدولة أن يعرضها في ذلك الخطاب.. التقليد أيضاً موجود في بريطانيا حيث أن خطاب العرش يضعه مجلس الوزراء وتلقيه في مجلس العموم الملكة،ومن هنا فإني أعلم والشعب كله يعلم المشكلات والأزمات التي تحيط بالسودان من كل جانب،ونعلم مدى انشغال السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير ومقابلاته مع الوفود الرسمية التي تزور السودان،ولقاءاته المتكررة مع ممثلي الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة،ثم زياراته لبقاع السودان المختلفة والاتصالات الهاتفية التي يتلقاها من الزعماء العرب وغير العرب،ثم ما تقتضيه ظروف البلاد من مشاغل أخرى.. أيضاً تلبية الدعوات التي يتلقاها من الملوك والرؤساء العرب واجتماعات القمة المصغرة والقمة الشاملة.. وكل ذلك يجعل وقته لا يتسع للجلوس على المكتب ليسطر بقلمه خطاب المناسبة الرسمية كالعيد(52) للإستقلال الذي تحتفل بلادنا به هذه الأيام.
إذن فإن الخطاب الذي ألقاه المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية من الساحة الخضراء يوم الاثنين الماضي لم يكن هو كاتبه،ربما كان من عمل اللجنة أو أية جهة رسمية كلفت بهذا الأمر،ثم يُعرض عليه للموافقة على ما جاء به،وواضح أنه أضاف للخطاب إصداره قرار العفو عن متهمي المحاولة التخريبية والذي كان من المفاجآت السارة التي تشبه المناسبة،وتشبه رئيس الجمهورية،وتشبه الشعب السوداني،الذين وضعوا الخطاب هم الذين جاءوا بذلك الحشد من رموز الحركة الوطنية،ولا اعتراض علينا من أي منهم ولكن أنا شخصياً عجبت أن أغفل اسم يحيى الفضلي هذا الرجل الذي أجمع زعماء اللواء الأبيض على أن الحركة الوطنية أولاً وأخيراً هي يحيى الفضلي،الرجل الذي ترك له ولأخواته والدهم أكثر من أربعين (عتبة) في أم درمان وود مدني وعتبة تعني منزلاً.. وبعد أن حصرت التركة سلم أخواته نصيبهن ولم يبق إلا ما له وما لأخيه محمود الفضلي،وقد باع ذلك النصيب،المنزل تلو الآخر لينفق على الحركة الوطنية،أي أنه جاهد بماله ونفسه.. وكان آخر المنازل التي باعها ذلك الذي يقع شمال سور مستشفى أم درمان،والذي يفصل بينه وبين السور شارع باعه بثلاثمائة وثمانين جنيهاً واستلم المبلغ من المشتري السيد يحيى الكوارتي،وبعد استلامها وقبل أن تغيب شمس ذلك اليوم لم يبق منها مليم واحد.. فقد تم انفاقها على شؤون وطنية وكنت أقول ليحيى الفضلي أن محمود الفضلي أكثر تحرراً منك لأنه لم يعرف كم كان نصيبه،فترك الأمر لك وحدك ويحيى الفضلي صاحب القصة الشهيرة التي رويتها من قبل والتي حدثت في كلية غردون التذكارية عام 1929م،حين تجرأ وحرض الشعب السوداني لمحاربة الإستعمار البريطاني وطرده من البلاد،إذا رجعنا قليلاً فإن عبد الله الحسيوني في دارفور والنوير في الجنوب وعبد القادر ود حبوبة في وسط الجزيرة ثم طلبة الكلية عام 1924م فالمدرسة الأهلية عام 1926م.. كل ذلك كانت أخباره تصل متأخرة جداً ولكن الخبر الوحيد الذي عم السودان هو موقف يحيى الفضلي من الاستعمار البريطاني عام 1929م.. ثم أشير إلى الأستاذ أمين التوم الذي أسس جميع اللجان الفرعية لمؤتمر الخريجين العام في البحر الأحمر وفي النيل الأبيض أُغفل هو أيضاً.
هذه قضايا لابد من أن تعالج وأنا شخصياً أعلم ان رئيس الجمهورية يعرف ليحيى الفضلي مواقفه الوطنية ربما أكثر مما أعرف، ولكن حزّ في نفسي أن يتجنبه التكريم .. أكتب هذا ولا أهدف إلاّ لتصحيح بعض الوقائع التاريخية ...والله المستعان. |
|
|
|
|
|
|
|
|
|