ركـــن بنات وأبناء كســـلا ( خيــرات)

تلك الهادئة ذات الملامح الجامحة ما زالت تغسل بطيبتها أقدام ذاك الجبل ذي السحنة الصابرة الجلدة الذي مازال يقضم أظافره بأسنان ناصعة الصبر , ويتنامي حزنه بسفحه دمعات تـُرجع كل من يمسحها بفمه – البيشرب من توتيل بيرجع تاني - وهي تنخفض كل عام تواضعاً ولا تـُعيره غير نظرة عند كل فجر بـُعيد استيقاظها المبكر قبل غزل الفجر لخيوط الضياء و إلباسها للسواقي وتتكشف كل رمالها في عـُري ماجن يستهوي ويستغوي كل الجوارح –الملتحية – والعصافير المتحجبة , وسرعان ما تدير وجهها عند إرتفاع صوت المؤذن ثم تتابع واضعة يدها بخصرها هرولة الغبش لموائد العناء اليومي كما كنا نراه نحن أطفال ملاعبها وسمار الأركان والنواصي وندرك بعد سنوات مهرولة بالضحك والأفراح وبقايا أثواب الحزن التي كنا نحيلها أيضاً إلي قسمة عادلة بين الجيران والأصدقاء , ندرك بعد هذه السنوات بأنه لم يكن عناء بل كان دفق دماء الحياة في تلك الاجساد السمراء لوناً والبيضاء جداً وسعياً ... وتتشرب الأرض العرق السائل وتعجنه بخميرة السواعد المفتولة في قـِدر الطواقي المحدرة وتوقد له نار القواديس وبعض ميكروويفات بوابير الجاز فتطبخه خضرة زاهية , تسر حتى السامعين !!!
كانت سواقيها تنال الحظ الأوفر من سواعد أبنائها وسلسبيل مائها لولا غضب ذلك المتشرد –القاش- الذي لا يستقر بها بل يعبرها في عجالة وعربدة شارفت أن تكون من طباعه بعد نهله من كأس الهضة الإثيوبية وللقاش مغامرات كادت أن تبلغ شهرة دون جوان ولكن الغيرة من ( الشامخ ) وضعت بيده خنجراً يمزق به – أحياناً – عرقاً نابضاً من كسلا ينزف له الجمال آمالاً غانية ...!!

** في تكبير الصورة إفصاح يتسامي فوق ضباب الكلمات **