حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 12:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عبد العاطى(Abdel Aati)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-10-2003, 09:55 PM

سونيل


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: سونيل)

    الديمقراطية المستدامة
    أطروحة حزب الأمة1
    مقدمة:

    الحضارات الانسانية الكبرى: الفرعونية، والكلدانية، والسومرية، والبابلية، والاشورية، والفينيقية، والصينية، والفارسية، والهندية، واليونانية، والرومانية .. والاديان العالمية الكبرى: الهندوسية، والبوذية، والكنفوشية، واليهودية، والمسيحية .. هى التى عمرت ونورت الربع المعمور من العالم القديم واورثته قيمة الحضارية، وفلسفاته، واديانه، ونظمه السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية التى سادت لخمسة آلاف عاما حتى القرن السابع الميلادى.

    منذ القرن الميلادى حتى القرن السابع عشر أى لمدة الف عام هيمنت على العالم المعمور الحضارة الاسلامية العربية والاسلامية التركية والاسلامية الفارسية والاسلامية الهندية.

    منذ القرن التاسع عشر الميلادى حدثت فى الغرب ثلاث طفرات هامة هى:

    ثورة سياسية ادت الى بلورة الدولة القومية منذ 1684م.
    ثورة ثقافية حققت عصر النهضة الذى بلغ مداه فى القرن الثامن عشر.
    ثورة اقتصادية هى الثورة الصناعية بلغت مداها فى القرن التاسع عشر.
    هذه الثورات ادت الى تقويض المجتمع التقليدى القديم وادت الى حرية البحث العملى والتكنولوجى بصورة لم يعهد الانسان مثلها فى تاريخه. وادت الى قفزة نوعية فى قدرات الانسان الانتاجية، وقدراته فى الاتصال والمواصلات. وادت الى تطوير نظام سياسى حقق لاول مرة التداول السلمى للسلطة، واخضاع القوات المسلحة للقرار المدنى وكفالة حقوق الانسان وحرياته الاساسية. أى ادت الى قيام النظام الديمقراطى.

    العالم الغير غربى وقف فى الحال الحضارى والاجتماعى الذى كان سائدا فى العالم قبل الطفرات الثلاث التى شهدها الغرب فحقق بها الحضارة الغربية الحديثة.

    الحضارة الغربية الحديثة ابطلت مفاهيم ونظم العالم القديم فى الغرب نفسه وواجهت الاجزاء الاخرى من العالم وحضاراتها ونظمها الموروثة بمفاهيم ونظم وقدرات لا قبل لها بها فاخضعتها لها اخضاعا تاما عن طريق الاستعمار واقامت فيها الامبراطوريات الاوربية الحديثة: البريطانية، والفرنسية، والالمانية، والهولندية، والاسبانية، والبرتغالية.

    ونتيجة لتطورات معينة داخل الامبراطوريات، ونتيجة للصراع فيما بينها، ونتيجة للنزاع بين المستعمرين والشعوب المغلوبة، تراجعت الامبراطوريات لتخلفها الدول المستقلة الجديدة فى اسيا، وافريقيا، وامريكا اللاتينية، وجزر الهند الغربية.

    كانت اجراءات انتقال السلطة من الايدى الاستعمارية الى الايدى الوطنية فى الغالب سلمية. وكانت نظم الحكم الانتقالية ثم المستقلة فى الغالب مصممة قياسا على نظام الحكم فى الوطن الام أى ديمقراطية.

    القواعد الخمسة:

    الديمقراطية فى الغرب تنامت ثم نضجت عبر اكثر من قرن من الزمان. وسبقتها او تزامنت معها الثورات الثلاث: السياسية، والثقافية، والاقتصادية. لكنها فى التربة الاسيوية والافريقية غرست بصورة فوقية ودون ان تسبقها او تتزامن معها الثورات السياسية، والثقافية، والاقتصادية. هذه الحقيقة تفسر لنا الى حد كبير لماذا تعثرت الديمقراطية فى بلدان آسيا وافريقيا.

    القاعدة الاولى التى يجوز لنا استنتاجها هى: الديمقراطية فى الدول التى كانت مستعمرة نظام وافد وقد طبق دون ان تسبقه او تصحبه المقدمات السياسية، والثقافية، والاقتصادية كما كان الحال فى الغرب. مشاكل غرس الديمقراطية، صحبتها مشاكل تخلف الانتماء القومى وضعفه امام انتماءات طائفية، وقبلية، وجهوية فانعكس ذلك سلبا على استقرار الحكم.

    القاعدة الثانية: عدم استقرار الحكم فى ظروف الحرب الباردة التى تمددت آثارها فى كل مكان فى الفترة ما بين 48 – 1991 جعل بلدان العالم الثالث عرضة لتدخلات اجنبية من المعسكر الشرقى او الغربى. عثرات الديمقراطية، وعدم استقرار الحكم، والتدخلات الاجنبية ادت فى اكثرية بلدان العالم الثالث الى وقوع انقلابات عسكرية او مدنية غيرت نظم الحكم الديمقراطية الى نظم اوتقراطية ذات انتماء واضح لاحد طرفى الحرب الباردة.. هذه قاعدة ثانية.

    القاعدة الثالثة: ولكن بصرف النظر عن عوامل الحرب الباردة، فان هشاشة التكوين القومى للبلدان المعنية، ورخاوة مؤسسات الدولة الحديثة فيها، وتقاصر قدراتها الاقتصادية عن تلبية ضرورات الحياة، وهى من اعراض الاقدام على الديمقراطية قبل ان تسبقها المقدمات المذكورة سابقا، عوامل فاعلة فى تعرية النظم الديمقراطية واغراء البدائل الاتوقراطية لبسط سلطانها.

    دراسة تاريخ الانقلابات العسكرية او المدنية والنظم الاتوقراطية التى اقامتها فى آسيا، وافريقيا، وامريكا اللاتينية تفصح عن الحقائق الاتية:

    الانقلابات العسكرية والنظم الاوتقراطية التى تقيمها صالحة كوسائل احتجاج على قصور النظم الديمقراطية، وصالحة كوسائل للتعبير عن الاهداف الوطنية المنشودة، وصالحة للتعبير عن تطلعات النخب الفكرية والسياسية الحديثة.
    النظم الاوتقراطية صالحة فى اقامة شكل مستقر للحكم مدافع عن الاستقرار بوسائل حديثة مستمدة من احكام واجهزة الدولة البوليسية كما اتقنها فى اليمين موسيلينى وفى اليسار ستالين.
    اذا كنا ذكرنا ان الديمقراطية وافدة فان الاوتوقراطية ايضا وافدة وان اتفقت مع بعض النظم التقليدية فى نفي الرأى الاخر.
    سجلت الاوتوقراطية اخفاقا ملموسا فى اربعة مجالات هى:
    اخفاق فى مهمة البناء القوى للبلاد لانها تحاول القفز فوق الواقع تدفع الرأى الاخر والولاءات التقليدية الى استقطاب حاد يجعل الاختلافات عداوات.
    اخفاق فى بناء الدولة الحديثة لأنها تجعل مؤسسات الدولة كالخدمة المدنية، والقضاء وغيرها ادوات لسلطانها فتفرغها من محتواها الوظيفى وتحاول جعلها روافد لحزب السلطة.
    هنالك علاقة تلازم بين الديمبقراطية والتنمية فاغنى بلدان العالم ديمقراطية وافقر بلدان العالم اوتقراطية. وفى عام 1993 نشرت مجلة الايكونمست Economist دراسة احصت دول العالم ونظمها ومستواها التنموى واثبتت تلازما واضحا بين درجة الديمقراطية والمستوى التنموى. هذا التلازم منطقى لان من شروط التنمية احترام قوانين الاقتصاد واقامة العلاقات الاقتصادية مع العالم على اسس موضوعية. هذا الشرطان تهدمهما الاوتقراطية وتكفلهما الديمكقراطية.
    الاوتقراطية تهزم نفسها لانها تنطلق من استخدام القوات المسلحة اداة للسلطة. والقوات المسلحة كفاءتها فى انضباطها وتدريبها فاذا اقحمت فى مجال السياسة فرطت فى ذلك وترهلت مثلما حدث للمشير عبد الحكيم عامر 1967، وجيش كولونيلات اليونان 1980، وجيش الارجنتين 1981، وجيش عمر البشير الان. الاوتقراطية تقوم على الكفاءة العسكرية ولكنها حتما تستنزفها.
    القاعدة الرابعة: مهما كان اخفاق التجارب الديمقراطية، فان التجارب الاوتقراطية اكثر اخفاقا وهى الى ذلك اكثر خطورة لسببين هما:

    زيادة حدة المشاكل الوطنية وتحويل الاختلاف حولها الى عداوات وفتح الباب لتمزيق الوطن.
    ابطال الضبط والربط فى القوات المسلحة يودى بكفاءتها ويبطل دورها الاساسى كصمام امان لوحدة الوطن وسيادته.
    القاعدة الخامسة: اعداء الديمقراطية فى اوربا ركزوا على سلبياتها داعين لبدائل يمينية ويسارية لها .. قال خرتشوف: التاريخ معنا وسوف ندفنكم! لكن الديمقراطية اثبتت انها مع سلبياتها قادرة على هزيمة النازية فى الحرب الساخنة وهزيمة الشيوعية فى الحرب الباردة. قال تشرشل: الديمقراطية اسوا نظام اذا استثنينا النظم الاخرى (أى انها الافضل اذا قورنت بغيرها). لقد ركز اعداء الديمقراطية فى العالم الثالث من دكتاتوريين، واوتقراطين، وشمولين، ومستبدين، وجلادين، على اخفاقاتها لكى يفسحوا المجال لنظمهم البديلة. ولكن الاستقراء التاريخى يثبت ان نظمهم اكثر اخفاقا وخطرا على مصالح الشعوب والاوطان.

    عتبت على سلم فلما هجرته وجربت اقواما بكيت على سلم!

    البندول الحزين

    إن الفرق الأوضح بين الديمقراطية والديكتاتورية في كون الأولى نظام يقوم على احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ويسمح لجميع الآراء أن تعبر عن نفسها، وللشعب أن يختار من يحكمه. بينما الثانية تقيم نظاما يصادر تلك الحريات والحقوق ويستند على الدولة البوليسية، ليدعم اسمتراريته في الحكم ويحمي نفسه من الرأي الآخر. في هذا الصدد لا يختلف اثنان أن الديمقراطية أفضل من الديكتاتورية. ولكن، وفي بقية الأوجه نشأ جدل بين النخب المثقفة حول النظام الأفضل للحكم في بلداننا، وشاعت عند العديدين مقولة: المستبد العادل، الذي يستطيع أن يتجاوز فوضى الديمقراطية، ويقيم بالقوة النظام الذي يحقق الإنجاز الوطني في جميع المجالات التنموية والتأصيلية وغيرها.

    الدكتاتوريات السودانية تحاول إلقاء اللوم على الديمقراطيات السودانية. الحقيقة هي أن عمر الديمقراطيات اقل من عشر سنوات منذ الاستقلال بينما عمر الدكتاتوريات اكثر من ثلاثين سنة، ويمكن تقديم البرهان أن تخريب السودان من صنع الدكتاتورية الثانية والثالثة عبر حكمهما الذي زاد عن ربع قرن. لقد أوضحت في كتابي "الديمقراطية في السودان راجحة وعائدة" أن النظم الاوتقراطية الثلاثة تردت من الأقل سوءا إلى الأسوأ. بينما تدرجت النظم الديمقراطية الثلاثة من الحسن إلى الأحسن. وأوضحت أننا إذا أخذنا الأداء في مجالات: التأصيل التشريعي، والسلام، والاقتصاد، والعلاقات الخارجية مقياسا فإن أداء الديمقراطيات كان متفوقا.2

    عدد كبير من البلدان الافريقية شهد تأرجحا حزينا بين نظام ديمقراطى لبرالى يستمر لفترة من الزمان ثم تنقلب عليه القوات المسلحة فتحكم لفترة اطول ثم يطاح ليعقبها نظام ديمقراطى وهكذا دواليك.

    هكذا كان الحال فى اكبر بلدين فى افريقيا من حيث عدد السكان نيجيريا ومن حيث مساحة الارض السودان.

    لقد تعاقب على البلدين ستة نظم حكم ثلاثتها مدنية والاخرى عسكرية.

    الدرس المستفاد من التاريخ السياسى لهذين البلدين هو ان النظم الديمقراطية وان تفاوتت فى ادائها تجد نفسها محاصرة بهشاشة التكوين القومى، وضعف مؤسسات الدولة الحديثة، وتعاظم المطالب الاقتصادية، وتجد ايديها مغلولة بقيود دستورية وقانونية فيضعف اداؤها ويعصف بها الانقلابيون.

    النظم الاوتقراطية تستطيع فور استيلائها على السلطة كسر القيود الدستورية والقانونية واسكات الاصوات الاخرى واقامة دولة بوليسية. ولكن هذا الاستقرار الظاهرى لا يحل القضايا الوطنية بل يزيدها تأزما.

    الاخفاقات والقهر يولدان انفجارا يطيح بالنظام عاجلا او اجلا.

    النظم الاوتقراطية تحقق الاستقرار الظاهرى بثمن باهظ جدا لانها تفتح جبهة قتالية مع شعبها على حد تعبير امين هويدى. هذا الاستقرار الظاهرى الباهظ الثمن يتربع فوق بركان يعصف به وان طال الامد كما حدث لنظام جعفر نميرى ونظام سياد برى.

    ويقام النظام الديمقراطى على انقاض العهد المباد.

    هذه الظاهرة البندولية صحبت نظم الحكم فى كثير من البلدان الافريقية وتصورها تجربتا السودان ونيجيريا اصدق تصوير. الظاهرة البندولية واكبت الحرب الباردة واستمرت حتى يومنا هذا ففى النيجر، وقامبيا، وسيراليون انقلب القوات المسلحة على حكومات منتخبة فى الاعوام: 1992، 1995، 1997.

    السودان من اغنى واعمق البلدان العربية والافريقية تجارب فى التعامل مع الديمقراطية والاوتقراطية، ومع مغامرات اليسار واليمين، ومع الحرب الاهلية، ومع مقاومة الاستبداد.

    هذه التجارب الحلوة والمرة تجعل السودان من اكثر البلدان خبرة ذميمة فى اقامة الدولة البوليسية والمحافظة عليها وحميدة فى اقامة الديمقراطية والمحافظة عليها.

    نعم الديمقراطية هي النظام الذي يوفر احترام حقوق الإنسان وحرياته العامة، ونعم هي النظام الأفضل في كل ملفات الإنجاز الوطني، ولكن الديمقراطية في بلداننا تحمل بذور فنائها في جبتها وتتسبب في الظاهرة البندولية الحزينة. نعرض هنا لمشاكل الديمقراطية ومعوقات الأداء الديمقراطي، ثم نخلص إلى المعادلة الحل: الديمقراطية المستدامة بصفتها دواء دائنا المزمن: عدم الاستقرار السياسي ، فالتجارب السودانية تؤهل شعب السودان لفك هذه الطلاسم واكتشاف معادلة تحقق الديمقراطية وتحافظ عليها وتوقف هذا البندول الحزين.

    الأحزاب والصفوة في السودان

    الحزب السياسي هو آلة الديمقراطية التي تتم عن طريقها المشاركة الفكرية، والسياسية، والمنافسة بين الاختيارات المطروحة، وتدريب الكوادر السياسية، وتصعيد القيادات، والتنافس بينها أمام القواعد الحزبية وأمام الرأي العام. هذا هو التصور النظري الذي قلما يطابق الواقع الفعلي.

    إن هذه الفجوة بين النظرية والواقع أتاحت المجال لمفكرين ومنظرين يمقتون الأحزاب والحزبية وينادون بديمقراطية لا حزبية.

    من أهم نقاط الضعف في الديمقراطية السودانية وجود جزء من الصفوة الفكرية والثقافية السودانية ذات الموقف السلبي من الحزبية والديمقراطية القائمة عليها. هذا الموقف السلبي مهما كانت مبرراته يشكل معينا ثرا للمتآمرين على الديمقراطية من انقلابيين وشموليين وأوصياء. ما هي أسباب هذه السلبيات ؟

    كثير من حملة الشهادات والمؤهلات الأكاديمية والمهنية في العالم الثالث يشعرون بنوع من التعالي نحو المجتمع المحيط بهم. انه تعال يظهر أحيانا في تعاملهم مع أسرهم الخاصة خصوصا إذا كانت تلك الأسر ريفية أو بدوية أو من الشرائح الحضرية الأمية. الأحزاب السودانية ذات الوزن الشعبي مرآة للواقع الاجتماعي السوداني بولاءاته الدينية، والقبلية، الجهوية. لا غرو أن يشعر كثير من أفراد الصفوة المثقفة بالتعالي على هذه الأحزاب. هؤلاء يشعرون بأنهم أكثر أهلية للقيادة السياسية أي طموح وصايا لا يمر عبر الواقع الاجتماعي الماثل.
    العسكريون لا سيما حملة البراءة Commission عرضة لمثل تلك المشاعر. ولكن عددا كبيرا من هؤلاء يستخفون بكل ما هو مدني استخفاف هو جزء من التباهي بالعسكرية الذي يقابله انتقاص الآخرين من شأنها الصفوية، والتباهي بالعسكرية، يصحبهما إحساس بالقوة تورثه علوية الأمر المطاع وحماسية النيران التي يستطيع توجيهها الضباط لتطويع الإرادة المضادة. هذه العوامل تخلق وهما لدى كثير من العسكريين أن حل المشاكل متوقف على إصدار الأوامر. هذا المزاج العسكري يوهم أصحابه أن الخلاص بيدهم وتطويع الكم المدني المجبول أصلا على الجدل الفارغ والاسترخاء.
    الأحزاب العقائدية اليسارية، أو اليمينية، أو القومية تنتمي أصلا لحركات تستمد من تراث اللينينية أو الموسولينية أو الناصرية أو البعثية وهي وان اختلفت في أطروحاتها واحتربت فيما بينها تتفق في التعامل الجراحي مع الواقع الاجتماعي. لذلك لم يكن مستغربا أن يكون اتجاه الأحزاب العقائدية السودانية وهي تستمد كوادرها وقواعدها من القوى الحديثة وأفكارها من الأيديولوجيات المذكورة أن تهجم على الواقع الاجتماعي لاستنهاضه ببرامجها الثورية وأن تتعامل مع الأحزاب السياسية ذات الوزن الشعبي كعقبات في طريق الإصلاح المنشود وأن تستبطئ الطريق الانتخابي للسلطة السياسية التي سوف تمكنها من تطبيق برامجها التي سوف تفعل فعل السحر في إعادة صياغة الإنسان السوداني!!
    المطلوب هو اختصار الطريق للسلطة السياسية بوسائل ثورية سواء كانت تلك الوسائل انقلابية مدنية باستغلال النقابات والصحف أو انقلابات عسكرية باستغلال الضباط.
    الحسب الاجتماعي والسياسي في السودان تمحور حول القبيلة والكيان العشائري، والطريقة أو الكيان الديني. هذه الكيانات ترسخت في المجتمع السوداني منذ سلطنات الفونج، الفور، وتقلي، والمسبعات،وغيرها واستمرت عبر العهود التي حكمت السودان حتى أن الإمام المهدي أشار لأصحاب الجاه الموروث هؤلاء بأبناء المراتب. وفي عهد الحكم البريطاني المسمى الحكم الثنائي - وهي ثنائية في الشكل أحادية في الحقيقة- زاد نفوذ الكيانات الدينية عبر مؤسسة السادة الثلاثة*. وازداد نفوذ الكيانات القبلية عن طريق قانون الإدارة الأهلية الذي قنن واقعا موروثا وطوره مما خلق ولاء للأسر صاحبة الزعامة. وكرست آلية التوارث استمرار الولاء للزعامات الدينية والقبلية. هؤلاء الزعماء صاروا بمثابة أعيان البلد بحق التوارث والوراثة وهم يعتقدون أنهم أسياد البلد سيادة يقرها لهم كثيرون من أبناء الطائفة أو القبيلة. لقد اعترف لهم الحكم البريطاني بمكانة وجعلهم محل مشورته. وعندما انفتح الخريجون على العمل السياسي فانهم تحالفوا معهم لتكوين الأحزاب، وحتى النظم التي أعلنت معاداتها لمكانتهم السياسية والاجتماعية عادت لاسترضائهم إن قبلوا التعاون معها. هذه الحقائق خلقت لدى بعض هؤلاء شعور بوصاية مستحقة على البلاد.
    حركة 1924 استمدت قيادتها وتأييدها من القوى الاجتماعية الحديثة التي أفرزها الحكم الثنائي بعد المهدية. استطاع الحكم الاستعماري ضربها وعزلها بسهولة.
    حركة الخريجين في بدايتها كانت حركة ثقافية اجتماعية. وربما توهم بعض رجال حكومة السودان الاستعمارية استخدامها لموازنة نفوذ بعض القادة الدينين – الإمام عبد الرحمن – لشعورهم أن طموحه صار أكبر من المجال المتاح له في تقديراتهم.
    ونتيجة لعوامل عدة أهمها الحرب العالمية الثانية ( 1939 – 1945) تعاظم وعي الخريجين السياسي. واستشعارهم لواجباتهم الوطنية. لذلك قرر مؤتمر الخريجين العام تخطى الحدود المعهودة وتقديم مذكرته السياسية التاريخية في عام 1942. اقتحام مجال السياسة، واختلاف الخريجين حول مصير البلاد هما السببان اللذان أديا لانفتاح متبادل بين الخريجين والكيانات الدينية ذات الوزن الشعبي، هذا الانفتاح أدى لتحالف بين طرفيه تكونت على أساسه الأحزاب السياسية السودانية ذات الوزن الشعبي.
    الصراع بين أصحاب الوصايات والاعتبارات المفصلة هنا من شأنه أن يحرم البلاد الاستقرار السياسي ويخلق أزمة حكم في البلاد تؤرق الديمقراطية والدكتاتورية ما لم يحدث أحد أمرين :
    هيمنة حاسمة لإحدى الوصايات فتقيم الحكم بأمرها.
    التراضي على وسيلة ترجيح تحتكم للشعب في آلية ديمقراطية تقيم الحكم وتحدد كيفية مساءلة الحكام وكيفية التناوب على الحكم.
    إن أزمة الحكم في السودان منذ الاستقلال نتيجة مباشرة لإخفاق إحدى الوصايات في حسم الأمر لصالحها وتأمين سلطانها الدكتاتوري. وإخفاق الجسم السياسي السوداني في اتخاذ أساس ديمقراطي للشرعية تقبله كافة الأطراف.

    معوقات الأداء الديمقراطي

    دعايات النظم الدكتاتورية في السودان شوهت سمعة الأحزاب السياسية ذات الوزن الشعبي بأكثر مما يقتضيه النقد الموضوعي لأنها تصورت أن نسف الأحزاب سوف يفتح لها الطريق لفرض وصايتها.

    1. أول وسائل التشويه : الحديث عن الأحزاب كأنها شئ واحد.

    * الأحزاب الشعبية سيما الأمة والاتحادي الديمقراطي هي التي تعاملت بأسلوب ناجح مع دولتي الحكم الثنائي. واستطاعت بمواقف حازمة ومناورات ذكية أن تقود البلاد إلى الحكم الذاتي، والحكم الانتقالي، والجلاء، والسودنة، والاستقلال المبرأ من الشوائب.

    وهي التي التزمت بإجراء انتخابات عامة ومحلية نزيهة ووضعت الانتخابات في أيد مستقلة من توجيه السلطة التنفيذية. وهي التي التزمت باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. والتزمت بحياد الخدمة المدنية، وبقومية القوات المسلحة، وبقوانين مؤسسات التعليم، وباستقلال القضاء، وباحترام مؤسسات الدولة الحديثة، وبدولة الرعاية الاجتماعية في السودان.

    والتزمت بمقاومة الحكومات الاتوقراطية وامتنعت عن التآمر ضد النظام الديمقراطي. نعم هناك شبهات :

    شبهة دور حزب الأمة في انقلاب 17 نوفمبر 1958. كان حزب الأمة يعاني من انقسام حاد عام 1958 بين تيار يقوده أمين عام الحزب ويرى أن مصلحة البلاد تقتضي أن يستمر الحزب مؤتلفا مع حزب الشعب الديمقراطي. وتيار أخر يقوده رئيس الحزب يرى عكس ذلك وأن مصلحة البلاد والحزب توجب الائتلاف مع الحزب الوطني الاتحادي. وكان الاختلاف حول الموضوع حادا لدرجة جمع توقيعات نواب الحزب في البرلمان لتأييد هذا التيار أو ذاك. وجاءت معلومات لأمين عام الحزب وهو في الوقت نفسه رئيس الوزراء أن الحزب الوطني الاتحادي مجتهد للوصول للحكم سواء كان ذلك عن طريق الائتلاف مع حزب الأمة أو التآمر لذلك قرر تسليم الحكم لقيادة القوات المسلحة واتفق معها على أن يكون الإجراء مؤقتا ريثما يزول الخطر الذي تصوره. التيار الآخر في الحزب وهو الأقوى اعتبر الانقلاب موجها ضده لذلك أعلن رئيس حزب الأمة بطلان الانقلاب وأعتبر أن تأييد راعي الحزب للانقلاب مبني على سوء فهم. وسرعان ما اكتشف راعي الحزب وأمين عام الحزب أن الفكرة من أساسها كانت خاطئة وتضامن أمين عام الحزب مع مقدمي المذكرة الشهيرة من ساسة البلاد. كان الانقلاب على حزب الأمة مثلما كان على القوى السياسية الأخرى.
    شبهة دور الاتحادي الديمقراطي في تأييد نظام الفريق إبراهيم عبود بعد قيامه، ثم تأييد نظام جعفر نميري. نعم أيدت شريحة من الاتحادي الديمقراطي ذينك النظامين ولكن شريحة أخرى من الحزب ساهمت بحماسة في معارضة النظامين وشاركت في إسقاطهما.
    2. الحديث عن الحزبين الكبيرين كأنهما توأمان ليس صحيحا. لقد تعرضا لانقسامات لأسباب مختلفة واتخذا خطين مختلفين نحو التطوير والتحديث. ينبغي إخضاع كافة أحزاب السودان لدراسة فاحصة لمعرفة الإيجابيات ودعمها ومعرفة السلبيات واستئصالها.

    3. بصرف النظر عن ما للحزبين الكبيرين وما عليهما فإن ثمة عوامل في النظام الديمقراطي الليبرالي خلقت في ظروف السودان أزمة سلطة فأعاقت الديمقراطية.

    أولا : التركيبة الفعلية للمجتمع السوداني حالت دون حصول أحد الأحزاب على أغلبية مطلقة تفضي إلى قيادة تنفيذية قوية. اللهم إلا في العام الأول لحكومة الرئيس إسماعيل الأزهري الأولى 1954 – 1955.

    نتيجة لذلك صارت حكومات السودان الائتلافية تعاني من معارضة داخلية قوية تكاد تشل حركتها وظهر هذا الشلل في عدد من الحالات :

    اقتضت ضرورات الائتلاف أن يكون رئيس الحزب الأكثر نوابا رئيس الوزراء. وأن يكون رئيس الحزب الآخر أو ( ممثله) رئيس مجلس السيادة والمجلس نفسه حسب مقتضيات الديمقراطية المعيارية يملك ولا حكم. ولكن في الواقع كان الرئيس المعني ممثلا لقمة حزب سياسي مؤتلف وذا نصيب في السلطة التنفيذية فصار يباشر مهاما تنفيذية فخلق ذلك ثنائية بين مجلس السادة ومجلس الوزراء انعكست سلبا على قيادة البلاد التنفيذية.
    اختلف الحزبان المؤتلفان حول جهاز أمن السودان مما عرقل قيام الجهاز لمدة عامين عاشتهما البلاد مكشوفة أمنيا.
    الخلاف حول جهاز أمن السودان بعضه مبدئي لأن بعض الساسة وانطلاقا من مثاليات ليبرالية رأوا عدم الحاجة لجهاز أمن خاص خارج نطاق الشرطة العادية وهو الرأي الذي ساد منذ الحكومة الانتقالية التي حلت جهاز الأمن القومي وامتنعت عن تكوين جهاز بديل. ثم تركز الخلاف حول تبعية الجهاز لحساسيته وللنفوذ الذي يتيحه لمن يتبع له.
    ‌المجلس العسكري الانتقالي ( 1985 – 1986) عدل قانون القوات المسلحة الموروث من عهد جعفر نميري بقانون جعل القوات المسلحة أشبه ما تكون بجهاز مستقل عن السلطة التنفيذية في البلاد وحجم وزير الدفاع ليصبح مجرد حلقة وصل بين قيادة القوات المسلحة ووزارة المالية. هذا القانون همّش السلطة التنفيذية في البلاد وأبعد القوات المسلحة من أي رقابة سياسية مما فتح المجال واسعا للتآمر السياسي داخلها.
    لقد شعرت الحكومة الائتلافية الديمقراطية بهذا الخلل وخططت لتعدله ولكن التنافس بين الحزبين حال دون الإسراع بسد هذه الثغرة.
    حصلت الجبهة الإسلامية على إمكانات مادية واسعة من جماعات وأفراد خليجيين … واستخدمت إمكاناتها في إقامة إعلام صحافي قوي يملك ست صحف ويتخذ نهجا واضحا لاستنزاف الديمقراطية عن طريق الإثارة والمبالغة والإشاعة والنكتة والأكاذيب.القانون العادي كان عاجزا تماما عن احتواء هذا الافتراء. وكل من لجأ إليه للإنصاف لم يجد ضالته. بل كان القانون العادي يشكل حماية لهذا الافتراء مما جعل القضاة يأمرون بإعادة إصدار صحف أوقفتها الحكومة إداريا لمبالغتها في الكذب والإثارة ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍.
    ههنا وقع اختلاف بين طرفي الائتلاف حول إصدار قانون يعطي صلاحيات خاصة لضبط الصحافة لأن فريقا قال هذا يتناقض مع حرية الصحافة لذلك تعثر إصدار قانون للصحافة ينظم حريتها ويحول دون استغلالها.

    ثانيا : حرية التنظيم هي إحدى الحريات الأساسية. وأثناء الفترة الانتقالية ( 1985 – 1986) رأينا أن يتولى الحكم التجمع النقابي لتنصرف الأحزاب لتنظيم شئونها والاستعداد للانتخابات العامة. لكن في الفترة الانتقالية وأثناء حكم التجمع النقابي خضع ممثلو التجمع في الحكومة لضغط قاعدي أدى لسن قوانين نقابية منحت النقابات نفوذا كبيرا. وفتحت باب استغلال للتسلق السياسي. وفجرت بينها مباريات مطلبيه بلا حدود.

    كان المتوقع أن تلتزم الفترة الانتقالية بميثاق الانتفاضة وخلاصته : تصفية آثار نظام مايو، وإصدار قانون القصاص الشعبي لمعاقبة السدنة، وإلغاء قوانين سبتمبر 1983، وإنهاء الحرب الأهلية باتفاقية سلام عادل، كان المتوقع أن تلتزم الحكومة الانتقالية بهذا الميثاق وتدير البلاد لعام ثم تجرى انتخابات عامة حرة.

    الحكومة الانتقالية قامت ببعض إجراءات تصفية آثار النظام المايوي ولكن فيما عدا ذلك عزفت عن استخدام شرعيتها الثورية لتنفيذ باقي بنود الميثاق الوطني كما ينبغي، عزفت عن إصدار قانون القصاص الشعبي وقدمت سدنة النظام المايوي للمحاكمة حسب القانون العادي، وعزفت عن إلغاء قوانين سبتمبر 1983. ولم تجد من القوات المسلحة تجاوبا يؤدي لإنهاء الحرب بل اعتبرت المقاومة المسلحة الحكم الانتقالي امتدادا لمايو. لقد التزمت السلطة الانتقالية بإجراء الانتخابات العامة الحرة في موعدها. ولكنها تركت للحكومة المنتخبة ورثة مثقلة بتمدد نقابي أو سلطان نقابي ( Trade Union power) وتسابق مطلبي حاصرا الحكومة المنتخبة.

    ثالثا استقلال القضاء أحد أركان الديمقراطية ولكي يحافظ القضاء على استقلاله فإن عليه أن يراعي توازنات في التعامل مع المناطق الرمادية ما بينه وبين السلطة التنفيذية وما بينه وبين السلطة التشريعية. لأن عدم مراعاة هذه التوازنات يجر القضاء إلى مواقف تقوض النظام الديمقراطي نفسه. القضاة أنفسهم من حيث الكفاءة والسلوك ينبغي أن يكونوا أهلا للاستقلال فلا يستغلون سلطاتهم هذه أبدا لأغراض شخصية أو حزبية.

    هذه الشروط لم تتوافر للقضاء في ظل الديمقراطية الثالثة وتصرف عدد من القضاة بصورة حزبية. كما أن قانون الهيئة القضائية الذي وضعته لنفسها في فترة التيه الانتقالي جعل الهيئة القضائية فوق السلطة التنفيذية من حيث حرمان وزير المالية أن يكون عضوا في مجلس القضاء العالي للمشاركة في تقديرات ميزانية الهيئة القضائية. بل صار الوضع القانوني هو أن يقرر مجلس القضاء العالي دون مراعاة لأية إمكانيات مالية ميزانيته وما على الحكومة إلا التنفيذ. هذا الوضع جعل الهيئة القضائية بعيدة عن أي ضوابط تفرضها الإمكانات المالية. كما أن كادر القضاء الذي يقرره المجلس صار حافزا لفئات أخرى من الحقوقيين في ديوان النائب العام للمطالبة بتطبيق تلقائي لامتيازات القضاء عليهم وإلا أضربوا. وجاءت مطالبة نقابة الأطباء التي رأت أن تكون على قمة الكادر الحكومي لأن الأطباء هم الأكثر امتيازا وأطول تأهيلا. وقال المهندسون أنهم عصب التنمية في البلاد مما يؤهلهم لصدارة الكادر الحكومي. وقال الأساتذة انهم هم أولى بالصدارة لأنهم علموا الجميع.ينبغي أن يراعى استقلال القضاء توازنات تحكم المناطق الرمادية بين السلطات، وتراعي مؤهلات خاصة للقضاة , وتراعي مسئولية السلطة التنفيذية عن المال العام. وإلا استنزف استقلال القضاء بصورته المعيارية الديمقراطية نفسها.

    رابعا : أخيرا وليس آخرا يمكن أن نقول إن أهم عامل ساهم في عدم استقرار الحكم في السودان هو الحرب الأهلية التي اندلعت منذ 1963.

    الحرب الأهلية ما بين ( 1963 – 1983) كانت حربا محدودة للغاية وتخللتها أعوام من السلام ( 1972 – 1983) في تلك الحرب كان عدد قوات أنانيا الأولى لا يزيد عن ثلاثة آلاف. ولم تجد دعما من دولة أجنبية. ولم تستطع في أية مرحلة من مراحل الحرب أن فاستولى على حامية أو مدينة داخل جنوب السودان.

    وكان الشرطة والإداريون وسائر كوادر الخدمة المدنية غالبا من الشماليين المنحازين تماما للمجهود الحربي الذي تقوم به القوات المسلحة.

    هذا كله تغير تماما في الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 1983 بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان.

    الجيش الشعبي وجد من البداية دعما خارجيا وأيده حلف عدن المكون لتوه من اليمن الجنوبية وليبيا وأثيوبيا تحت مظلة الاتحاد السوفيتي. وحجم قواته بلغ بسرعة عشرة أضعاف قوات أنانيا الأولى. واحتل بسرعة مواقع وحاميات في الجنوب.

    هذا الموقف العسكري والسياسي والدبلوماسي شكل تحديا خطيرا لنظام مايو وساهم مساهمة كبيرة في إسقاطه. كان المتوقع حسبما جاء في ميثاق الانتفاضة أن الحرب الأهلية سوف تنتهي بموجب اتفاقية سلام عادل تبرم أثناء الفترة الانتقالية.

    هذا التوقع استحال تحقيقه لعدة أسباب ونتيجة لذلك ورث النظام الديمقراطي حربا أهلية أخطر عشرات المرات من الحرب الأهلية التي عاشتها الديمقراطية الثانية ( 1965 – 1969).

    كان الموقف الصحيح للديمقراطية العائدة في أبريل 1986 هو التوصل الفوري لاتفاقية سلام أو تعليق الحريات الأساسية لحكم البلاد بقانون الطوارئ حتى نهاية الحرب وإقامة السلام. لكن في عام 1986 وبعد ظهور نتائج الانتخابات العامة مباشرة راهن ثاني وثالث أكبر حزبين في البلاد على رفض إعلان كوكادام الصادر في مارس 1986 كأساس للسلام. اتفق الحزبان المذكوران على الآتي :

    لا لإلغاء قوانين سبتمبر. لا لإعلان كوكادام، لا لقانون القصاص الشعبي، واتفق الحزبان أن يدخلا الحكومة معا أو يقفا في المعارضة معا. هذا الاتفاق قفل الطريق أمام اتفاقية سلام تقوم على إعلان كوكادام وتجيزها الجمعية التأسيسية.

    وكانت البلاد حديثة عهد بحكم قهري وتتطلع لممارسة الحريات الأساسية بصورة مبالغ فيها، لذلك لم يكن ورادا تعليق بعض الحريات الأساسية ريثما يتحقق السلام.

    ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

    أقلمة الديمقراطية

    البلاد الديمقراطية العريقة كلها اضطرت إلى إدخال عوامل ثقافية واجتماعية في ممارساتها ومؤسساتها الديمقراطية، عوامل أقلمة ثقافية واجتماعية لممارسات ومؤسسات الديمقراطية، ففي بريطانيا – مثلا – لعبت الكنيسة الانجليكانية دورا في حماية هوية الدولة من الهيمنة الكاثوليكية، لذلك الحق الكيان الكنسي بالدولة وتطورت الديمقراطية البريطانية مستصحبة تلك الحقيقة، وفي أمريكا أدى اتساع الإقليم والتنوع البشرى والجغرافي والكسبي إلى درجة عالية من اللامركزية جسدها النظام الفدرالي. إن تعدد الولايات وتنوعها واتجاه صلاحياتها الولائية نحو النفور من المركز أدى إلى ضرورة تقوية السلطة التنفيذية وحمياتها من عوامل التعرية والتقلب.

    البلاد حديثة العهد بالديمقراطية لم تراع هذه الحقائق واتجهت لنقل الديمقراطية حرفيا من النظم الغربية. لكن الغرب وطن الديمقراطية الذي طور نظرياتها والتزم بمبادئها أقلمها لتلائم ظروف الواقع.

    العلمانية الغربية فلسفة تفصل الدين من الدولة. هذا الفصل النظري نجده عمليا مؤقلما في الواقع. ففي بريطانيا يوجد فصل بين الدين والدولة دون أن يمنع ذلك أن تكون الملكة رأس الدولة والكنيسة في آن واحد. ودون أن يمنع ذلك مجلس اللوردات وهو مجلس له دور تشريعي وقضائي أن يكون ثلث أعضائه من رجالات الكنيسة بحكم مناصبهم. كل دول أوروبا وهي تفصل بين الدين والدولة ترسم الصليب على أعلامها. وفي كثير من دول أوربا تسمى الأحزاب ذات الوزن الشعبي نفسها ديمقراطية مسيحية. وحتى في أمريكا حيث الفصل بين الدولة أكبر صرامة يفسح الواقع مساحات للتعبير الديني في المجال السياسي ابتداء من النص في العملة الوطنية – الدولار – " على الله توكلنا " إلى إجراء القسم على الكتاب المقدس لرجالات الدولة وفي المحاكم إلى العلاقات الوثيقة بين الجماعات الدينية والأحزاب السياسية، إلى اللوبي الديني في البيت الأبيض والكونغرس.
    الفصل بين السلطات هو أحد أركان الديمقراطية. ولكن إذا تأملنا السلطات وهي التنفيذية، التشريعية، والقضائية والإعلامية، لوجدنا أن هناك مناطق رمادية وعوامل تداخل تحول دون أن تمارس هذه السلطات اختصاصاتها كأنما كل في فلك يسبحون بل تقوم في الواقع توازنات تجعل كافة مؤسسات الدولة الديمقراطية تعمل في انسجام.
    تلتزم البلدان الديمقراطية بسيادة القانون وبالحريات الأساسية، ولكنها في الواقع تقيم أجهزة أمن واستخبارات عالية الكفاءة وربما تجاوزت سيادة القانون وبعض الحريات الأساسية لكي تحمي النظام الديمقراطي من أعدائه في الداخل والخارج.
    إن كفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية مع الضوابط المذكورة قائمة في البلدان الديمقراطية. لكن إذا تعرض الوطن إلى خطر في ظروف الحرب أو الثورة فإنها تتخذ إجراءات استثنائية وتعلق بعض الحريات الأساسية لفترة معينة.
    المبادئ النظرية الواضحة في المثل العليا هي التي أسميها الديمقراطية المعيارية أو قل النمطية. هذه الديمقراطية المعيارية موجودة في الكتب والمراجع وقد تأثر بها بعض مفكرينا وساستنا لذلك جعلوها لهم مرجعية وباسمها حرصوا على ديمقراطية بعيدة عن الواقع بحيث لا تستطيع البقاء والدفاع عن نفسها.

    الديمقراطية المعيارية كمفاهيم مجردة ضرورية للفهم والدراسة والتحليل ولكنها كما تضعها النظريات لا توجد في الواقع. في كل وجوه الحياة هالك فروق بين الثقافة المثالية Ideal Culture والثقافة الممارسة Real Culture.

    انه فرق يمنع إلغاء أحدهما ولا يجوز للذين يتناولون الأمور بجدية أن يغفلوه.

    هناك عوامل في الواقع الحضاري والاجتماعي ينبغي للديمقراطية أن تستصحبها لكي تحافظ على نفسها. هذه الحقيقة ينطلق منها أعداء الديمقراطية من دكتاتوريين، وشموليين، وطغاة ويطلقون على أنظمتهم وممارساتهم عبارة ديمقراطية، لذلك سمى ستالين دستوره في عام 1936 ديمقراطيا. وسمى نظام مايو 1969 دولته جمهورية السودان الديمقراطية. هذا تزييف الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا. قال تعالى: (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم).

    لقد لاحظ بعض المفكرين مشاكل الديمقراطية المعيارية في العالم الثالث ولاحظوا كيف تؤدي الديمقراطية المعيارية هذه حتما إلى الضعف ممهدة للانقضاض عليها.

    لذلك اقترح الأستاذ على مزروعي بعض الخيارات : اقترح إقامة نطام حكم رئاسي يشترط أن يكون المرشحون للانتخاب فيه لا حزبيين. على أن يكون البرلمان منتخبا على أساس تنافس حزبي. واقترح نظاما آخر سماه الدايارشية Diarchy وهو يوفق بين رئاسة مدنية منتخبة ودور مشارك للقوات المسلحة. وقال إن الديمقراطية المعيارية تؤدي حتما لضعف فانقلاب. والانقلاب يؤدي حتما لاستبداد فانفجار، ولا بد من حل وسط يحقق الاستقرار في البلدان الأفريقية ويتطور إلى أحسن مع الأيام.

    هذه الآراء تشبه ما يحدث في كثير من البلدان التي أدخلت على حياتها السياسية ممارسات ديمقراطية محدودة، ممارسات يمكن أن نسميها الديمقراطية النسبية.

    هنالك اليوم ديمقراطية نسبية في عدد من البلدان. فالنظام الذي أقامته ثورة 1952 في مصر أدخل على نفسه تعديلات ديمقراطية. كذلك فعل النظام الذي أقامته ثورة 1962 في اليمن.

    هنالك نظم ملكية حققت استقلال بلدانها وأقامت الدولة فيها وأدخلت على نظامها الملكي تعديلات ديمقراطية كالمملكة المغربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الكويت.

    هذه الدول في الطريق لإقامة ملكية دستورية. هناك محاولات يقوم بها نظام الإنقاذ في السودان في اتجاه هذه الديمقراطية النسبية ولكن مع الفارق. الدول المذكورة هنا بدأت من شرعية ثورة أو نظام ملكي لتتطور نحو الديمقراطية النسبية.

    ثورة مصر حققت شرعيتها بإنهاء نظام ملكي فاسد وإجلاء الوجود الأجنبي من أرض مصر. ثورة اليمن حققت شرعيتها بإنهاء نظام إمامي منكفئ وتوحيد اليمن.

    النظام الملكي المغربي حقق استقلال البلاد وأسس الدولة فيها.كذلك النظام الملكي في الأردن، وكذلك النظام الأميري الكويتي، هذه الدول اكتسبت شرعيتها من إنجازات تاريخية حقيقية.

    هذه النظم الملكية والجمهورية التي أدخلت إصلاحات بحيث استحقت أن توصف بالديمقراطية النسبية انطلقت من نظم لها شرعيتها وهي كلها متحركة من أوضاع قليلة الحرية إلى أوضاع أكثر حرية.

    هذه الصفات بعيدة جدا عن نظام الإنقاذ في السودان فهو لم يحقق للسودان تحولا تاريخيا إيجابيا لا استقلال البلاد، ولا تحريرها، ولا توحيدها، بل أعماله كلها تصب في خانة السلبيات.

    والنظام لم يتحرك من خانة أقل حرية إلى خانة أكثر حرية، فالنظام الذي أطاح به كان يكفل الحريات الأساسية، لذلك لا يجوز أن يضاف ما يحاول نظام السودان الحالي القيام به إلى عشيرة الديمقراطيات النسبية.

    مكاسب الشعب السوداني التاريخية وعدم وجود شرعية لثورة أو لبيت مالك تشكل نقطة بداية تؤكدان أنه لا مكان في السودان للنسبية التي تجد قبولا في بلدان أخرى ظروفها مختلفة.

    الديمقراطية المستدامة

    لا مكان في السودان اليوم للدكتاتورية ولا للشمولية ولا للاستبداد بكل مسمياته الصريحة والمستترة.

    ولا مكان في أفريقيا كقارة تضم السودان للدكتاتورية فجنوب ووسط أفريقيا اتجه بحماسة نحو الديمقراطية، وحتى البلدان في شرق القارة وقرنها التي تمر بظروف ثورية استثنائية تقيم ديمقراطيات نسبية وتجعل التطور الديمقراطي أحد أهدافها. وقد تقرر في منظمة الاتحاد الإفريقي اليوم ألا يعترف بأي نظام يقوم بعد انقلاب عسكري على حكم مدني منتخب.

    المطلب الديمقراطي يلون الشارع السياسي العربي حيث تشكل الديمقراطيات النسبية تيارا صاعدا،وأذكر أنني في آخر لقاء لي مع الأستاذ ميشيل عفلق في بغداد عام 1987 قلت له أنى لي مآخذ على فكر البعث أهمها أنه همّش قضية الحرية فأدى هذا التهميش إلى تقويض المبادئ الأخرى. وافقني على هذا النقد وقال أنه سوف يكتب في هذا الموضوع الهام. والناصريون اليوم يحاولون جهد المستطاع التخلي عن الأحادية والتطلع للديمقراطية.

    أما الفكر الإسلامي فعلى لسان كثير من قادته ومفكريه انحازوا للديمقراطية وتقبلوا مقتضاها : التعددية، والتداول السلمي للسلطة، والمواطنة، والعلاقات الدولية القائمة على السلام والتعاون الدولي بل كثير من رجال الدولة منهم اختطوا ممارسات ديمقراطية عملية كحزب الرفاه في تركيا. والانتخابات العامة الأخيرة في إيران هذه التطورات الديمقراطية في حلقات انتمائنا الأفريقية والعربية، والإسلامية، تتناسب مع التطلع السوداني الملح والمستمر للديمقراطية وتواكب موجة عالمية توشك أن تجعل الديمقراطية شرطا لازما للتعامل الدولي والتعاون بين الدول.

    إذا كانت الديمقراطية المعيارية غير صالحة للسودان، والديمقراطية النسبية دون طموح أهله، فما هي الديمقراطية الصالحة للسودان ؟

    إنها الديمقراطية المستدامة Sustainable Democracy وهي ديمقراطية تلتزم بمبادئ الديمقراطية الجوهرية وتسمح بالتزامات وأحكام تؤقلمها لتلائم ظروف السودان الثقافية والاجتماعية.

    مرتكزات الديمقراطية المستدامة

    التوازن من أهم مقتضيات الديمقراطية المستدامة والتوازن يعني وجود أحكام قائمة على التراضي والقبول المتبادل لأنها لا يمكن أن تحسم بأصوات الأكثرية ,

    القضايا التي يجب الاتفاق عليها وحسمها قبل الممارسة الديمقراطية لتكون لها سياجا وأساسا للتراضي سبع قضايا هي:

    الدين والدولة.
    الهوية.
    السلام.
    شرعية الحكم.
    النظام الاقتصادي.
    القوات المسلحة.
    العلاقات الخارجية.
    الدين والدولة

    كثير من المسلمين يعتقدون أن للإسلام نظاما معينا للحكم. الحقيقة هي ليس للإسلام نظام معين للحكم، بل هناك مبادئ سياسية جاء بها الإسلام ويوجب الالتزام بها.

    إذا كان هناك نظام معين للحكم جاء به الإسلام فإن ذلك يقتضي إن الإسلام يدعو إلى دولة دينية أي ثيوقراطية. الدولة في الإسلام مدنية لأن رئيسها يختاره الناس وهم الذين يحاسبونه.

    يجب التخلي بوضوح عن الدولة الدينية أولا لأنها مؤسسة غير إسلامية وثانيا لأنها تعزل المواطنين غير المسلمين.

    آخرون يقتدون بالفكر الأوروبي والأمريكي وينادون بالعلمانية. العلمانية ليست مجرد فكرة لتحقيق المساواة بين المواطنين على اختلاف أديانهم وأعراقهم ونوعهم.. إنها اتجاه فلسفي ومعرفي يقول انه لا معنى للأشياء إلا المشاهدة بالحواس في هذا الزمان والمكان. هذا الاتجاه الفلسفي ترفضه الأديان وكثير من الفلسفات الوضعية وفرضه على الناس تعسف وظلم. لذلك ينبغي أن نقول بوضوح لا للدولة الدينية ولا للعلمانية.

    أما الدولة فنسميها ديمقراطية وكذلك الدستور وهي عبارة محايدة لا تقتضي معنى دينيا معينا يعزل أصحاب الأديان الأخرى. ولا معنى فلسفيا معينا يرفضه المتدينون وأصحاب الفلسفات المثالية والغيبية.

    الدولة ديمقراطية والحقوق الدستورية فيها تنشأ من المواطنة بحيث يستمتع الناس بحقوقهم الدستورية لمجرد المواطنة لأن الوطن للجميع.

    المواطن المتدين، في أي ملة، يتأثر بعقيدته في كافة نواحي الحياة وهذا حق من حقوق الإنسان إذا حرم الإنسان منه سوف يقاوم ذلك الحرمان. علق مارك تالي - مراسل هيئة الإذاعة البريطانية على الانتخابات العامة في الهند التي نال فيها حزب الأصولية الهندوسية حزب جاناتا أصواتا بلغت نصف أصوات حزب المؤتمر الهندي- قائلا : إن مبالغة السياسة الهندية السائدة في اتجاهها العلماني استفزت مشاعر المؤمنين فعبروا عن احتجاجهم بالتصويت لحزب جاناتا.

    المؤمن بعقيدة إسلامية أو مسيحية سوف تتأثر حياته بذلك الإيمان وسوف يسعى لتأييد الأحكام التي تتماشى مع عقيدته. لا سيما المسلم الذي تلزمه عقيدته بالشريعة الإسلامية.

    إن النص على أن المواطنة هي مصدر الحقوق الدستورية وأن الوطن للجميع لا يتعارض مع حرية المؤمنين في السعي للتعبير عن قيم ومقاصد دينهم إذا التزموا بالآتي التزاما قاطعا : -

    حقوق المواطنين الآخرين الدستورية والقانونية.
    الحرية الدينية لكل ملة وحق أصحابها في السعي للتعبير عن قيمها ومقاصدها بالوسائل الديمقراطية.
    ديمقراطية التشريع وتجنب الأحكام التي تنتقص من حقوق الآخرين.
    علاقات دولية تقوم على السلام العادل والتعاون بين الدول.
    الهوية

    حرص كثير منا على اعتبار أن هوية السودان إسلامية عربية، هذا النص الذي عبر عنه نظام الإنقاذ بصورة حزبية ضيقة خلق استقطابا سياسيا وفكريا في السودان هو المسئول عن استثارة الاتجاهات الانفصالية.

    أغلبية أهل السودان مسلمون وثقافة أغلبيتهم عربية ولكن السودان متعدد الأديان والثقافات.

    السودان قطر عربي أفريقي متعدد الأديان والثقافات وينبغي أن نجعل هذا التعريف أساسا لهوية السودان كأساس يحترمه الجميع. هذا الواقع يقتضي اعتبار اللغة العربية لغة التخاطب الوطنية، واللغة الانجليزية هي لغة التخاطب الوافدة. على ألا يمنع ذلك تشجيع تعليم اللغات الوطنية الأخرى وتشجيع تعلم اللغات الوافدة الأخرى.

    السلام

    إن للتباين والتباغض بين الشمال والجنوب أسبابا تاريخية قديمة، جيرها الاستعمار وأضاف إليها عوامل تنافر جديدة. وزادتها عيوب السودنة وتقصير الحكومات الوطنية الديمقراطية، وعمقتها حماقات النظم العسكرية،ورسختها ردود الفعل الغاضبة من الأطراف المتضررة.

    نتيجة لتلك العوامل اندلعت وتجددت الحرب الأهلية في السودان فأقامت جسورا من العداوة المرارة والغضب. يمكننا أن نذكر أسبابا كثيرة للحرب الأهلية في السودان، لكن هنالك سببان أساسيان لها هما :

    الأول : تظلم العناصر التي حملت السلاح من فرض هوية ثقافية عليها.

    الثاني : تظلم نفس تلك العناصر من أنها سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا مهمشة.

    لقد توصلت القوى السياسية السودانية عبر حوارات ومؤتمرات في قمتها مؤتمر القضايا المصيرية في 1995 بأسمرا إلى تحديد قواعد لإنهاء الحرب الأهلية وتأسيس السلام العادل، تلك القواعد ينبغي احترامها دون حاجة لتداول آخر هي:

    أن تكون المواطنة هي أساس الحقوق الدستورية في البلاد.
    الديمقراطية هي أساس شرعية الحكم.
    تحقيق مشاركة عادلة للعناصر المهمشة في الحكم المركزي.
    أن يكون الحكم في أقاليم السودان لا مركزيا.
    التوزيع العادل للثروة.
    إعادة هيكلة القوات المسلحة ليكون تكوينها متوازنا.
    تقرير المصير كمخرج من أزمة الثقة الموجودة وكتجديد لعقد التراضي.
    شرعية الحكم

    الالتزام بالديمقراطية أساسا لحكم البلاد مع مراعاة الآتي :

    سد الثغرات التي كشفت عنها التجارب انتقالا من الصورة المعيارية إلى الصورة المستدامة.
    استصحاب الديمقراطية لمبادئ تحقق التوازن هي : -
    احترام القطعيات الدينية واحترام حرية الأديان والتعايش السلمي بينها.
    الاعتراف بالتنوع الثقافي في البلاد واحترامه.
    المشاركة العادلة للمجموعات الوطنية المهمشة في السلطة.
    اعتبار للقوى الحديثة يتناسب مع حقيقة أن وزنها الفكري والسياسي يزيد على وزنها العددي.
    النظام الاقتصادي

    استبعاد فكرتي المفاصلة الطبقية والتخطيط المركزي والالتزام بالتنمية عبر آلية السوق الحر مع مراعاة المبادئ الآتية :

    دور الدولة في تنمية البنية التحتية.
    رعاية الشرائح الفقيرة.
    العدالة الاجتماعية والجهوية.
    استصحاب إيجابيات العولمة وصد سلبياتها.
    القوات المسلحة

    التخلي عن العسكرية بشكلها المتوارث لأنه :

    يفتقد للتوازن القومي.
    مشوه حربيا.
    مترهل.
    تضخم مع ظروف الحرب.
    لذلك يعاد بناء القوات المسلحة وفق الأسس الآتية :

    تناسب تركيبها مع الوزن الديمغرافي.
    كفالة قوميتها.
    تأمين انضباطها.
    ضبط حجمها مراعاة لظروف السلام والإمكانات المالية.
    استيعاب قوات التحرير بصورة مدروسة ومناسبة لهذه المبادئ.
    مراجعة مواقع ثكناتها لتتناسب مع مهامها الدفاعية.
    كفالة طاعتها لقرارات الشرعية الدستورية.
    حمايتها من المغامرين العسكريين والمدنيين.
    العلاقات الخارجية

    تقوم العلاقات الخارجية على الآتي:

    الالتزام بميثاق تنظيم العلاقات الخاصة بين السودان ومصر.
    الالتزام بمواثيق التكامل الأمني والتنموي بين السودان وجيرانه في حوض النيل وحوض البحر الأحمر خاصة أثيوبيا وإريتريا ويوغندا.
    إبرام اتفاقيات ومواثيق لتنظيم المصالح المشتركة بين السودان وجيرانه العرب والأفارقة.
    التزام السودان المتوازن بحلقات انتمائه العربية، والأفريقية، والإسلامية.
    التزام السودان بالشرعية الدولية.
    هذه النقاط السبع الخاصة بالدين والدولة – الهوية – السلام – شرعية الحكم –النظام الاقتصادي – القوات المسلحة – العلاقات الخارجية. تتضمن الميثاق الوطني الذي يقوم على أساسه بناء الوطن والذي يجوز الاختلاف عليه لأن قضاياه من نوع يحسمه التراضي لا أصوات الأكثرية.

    الأحزاب السياسية

    التنظيمات السياسية التي تعلن الالتزام بهذا الميثاق الوطني يجوز لها أن تسجل نفسها بالأسماء التي تختارها مادامت لا تتناقض في مضمونها مع ما نص عليه الميثاق.

    بالنسبة للأحزاب الحالية : يؤخذ على حزب الأمة القيد الأنصاري، على الاتحادي الديمقراطي القيد الختمي، وعلى الحركة الشعبية لتحرير السودان القيد القبلي، وعلى الحزب الشيوعي القيد الماركسي، وعلى الأحزاب الإسلامية الحديثة القيد الثيوقراطي،وعلى أحزاب العروبة القيد القومي،وعلى الأحزاب الأفريقية القيد العرقي.

    حتى إن صحت هذه المآخذ فإن الواقع لا يمكن أن يلغى بالقانون ولا بجرة قلم ولكن تطالب الأحزاب بتطوير نفسها في اتجاه أربعة أمور هي:

    مبادئ الميثاق الوطني.
    الانفتاح القومي.
    الانفتاح الديمقراطي في تكويناتها.
    شفافية مصادر التمويل.
    على قانون تسجيل الأحزاب أن يضع أحكاما واضحة يلتزم بها الحزب المعني. وتتكون بموجب أحكام هذا القانون محكمة خاصة بالأحزاب السياسية للنظر في أية مخالفات وإنزال العقوبة المستحقة.

    النقابات

    النقابة تكوين حديث ذو حقوق وواجبات.انه شخصية اعتبارية تمثل قاعدتها وتدافع عن حقوقها ومصالحها. لقد حققت الحركة النقابية في السودان مكاسب كهيئات مكونة ديمقراطية، ومدافعة عن أعضائها، ومشاركة في السياسة الإنتاجية لوحدة انتسابها. ومرتبطة في اتحاد مع النقابات المماثلة.ومشتركة في مناقشات السياسة الاقتصادية العليا للبلاد. هذه المكاسب جزء من تطور السودان الاجتماعي تستصحبه الديمقراطية المستدامة.ولكن الحركة النقابية في عهد الديمقراطية الثالثة وقعت في عيوب كان لها دورها في تقويض الديمقراطية وفتح المجال للنظام الذي سلب الحركة النقابية كافة حقوقها وحولها إلى أدوات تطبيل للسلطة. تلك العيوب هي :

    الاستخدام التعسفي لسلاح الإضراب.
    الانفلات المطلبي.
    الاستغلال لصالح متسلقي السلطة والانقلاب المدني.
    فيما يلي تسعة نقاط تتصدر الميثاق الاجتماعي الذي تلتزم به الحركة النقابية السودانية التزاما حازما. هي :

    حماية مكتسبات الحركة النقابية السودانية المذكورة أعلاه.
    كفالة ديمقراطية التكوين النقابي ابتداء من تسجيل الأعضاء إلى سلامة الترشيح والتصويت.
    قيام سياسة الأجور على الأسس الآتية : تغطية ضرورات المعيشة – جزاء الكفاءة – مراعاة الإنتاجية – احتواء التضخم – تحديد نسبة مئوية من الدخل القومي كمؤشر لا يجوز لفاتورة الأجور أن تتخلف عنه أو تتخطاه.
    الالتزام بمراحل التفاوض الحر بين النقابة والجهة المستخدمة وقبول نتائج التحكيم.
    تنظيم حق الإضراب حتى لا يكون إلا بعد انقطاع كل السبل الأخرى.
    المشاركة في الأنشطة النقابية العالمية لا سيما منظمة العمل الدولية.
    تشجيع الأنشطة التدريبية والتثقيفية.
    تشجيع الأنشطة التعاونية والاستثمارات النقابية والمؤسسات النقابية الخدمية ,
    استئصال كافة محاولات الانحراف بالحركة النقابية عن دورها واستخدامها للانقلاب المدني.
    تلتزم التكوينات النقابية بهذا الميثاق الاجتماعي وتسجل وفق أحكام قانون خاص بها. وتتكون محكمة نقابية خاصة لتنظر في المخالفات النقابية وإنزال العقوبات المحددة.

    الصحافة

    قامت الجبهة الإسلامية القومية بانقلاب يونيو 89 عن طريق تآمر عسكري. ولكنها مهدت له عن طريق تآمر صحفي.

    حصلت الجبهة الإسلامية القومية على أموال من مصادر غير سودانية بدعوى استخدامها لأغراض دينية وإنسانية لكنها استخدمت جزءا كبيرا منها في تمويل صحافة هدفها تشويه الديمقراطية وسوء استغلال الحرية. لقد وقعنا في خطأين ساهما في فتح المجال لهذا التآمر الصحافي هما : -

    الخطأ الأول : كانت صحيفتا الأيام والصحافة تصدران باسمرار أثناء الفترة الديمقراطية بتمويل حكومي. ولكننا تأثرا بمفهوم الديمقراطية المعيارية رأينا إلا تستمر الحكومة في الإنفاق على الصحيفتين. واتصلنا بأصحابهما الأصليين فوعدوا بمواصلة إصدارهما دون أن ينفذوا الوعد مما خلق فراغا صحافيا ملأته صحافة التآمر.

    الخطأ الثاني : مفاهيم الديمقراطية المعيارية أدت إلى اختلاف في الحكومة لأن أصحاب هذا الرأي رأوا عدم وضع أي قيود قانونية خاصة بالصحافة لضبطها.لذلك انفتح المجال للإفساد الصحافي دون مساءلة.

    الصحافة سلطة رابعة في الديمقراطية وقيامها بدور بناء لا غنى عنه لعافية النظام الديمقراطي. ينبغي التزام الصحافة بميثاق صحافي يتضمن الآتي:

    الصحافة السلطة الرابعة وهي مهنة ذات رسالة في الإعلام، والأخبار، والتوعية الفكرية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والنقد، والتحليل، والإمتاع الأدبي، الإبداع الفني. إنها مرآة المجتمع وبوصلة تحركه.
    الالتزام بمبادئ الميثاق الوطني للمساهمة في بناء الوطن.
    الالتزام بالموضوعية،والصدق، والأمانة، والامتناع عن الكذب والإثارة.
    أن تكون الصحف ذات جدوى مالية وأن تتضح شفافية مصادر تمويلها.
    للصحافة ضوابط مهنية وخلقية لا يرخص لأصحابها الانتساب للمهنة إلا إذا استوفوها.
    تمنح الدولة تسهيلات للصحافة كمهنة وكصناعة.
    يضم الصحافيين تنظيم نقابي ديمقراطي يدافع عن مصالحهم ويحقق لهم منافع تعاونية استثمارية وخدمية.
    يصدر قانون للصحافة والمطبوعات يوجب الالتزام بالميثاق الصحافي ويحدد أحكام التصديق لإصدار الصحف والمجلات والدوريات. وتكون أحكام القانون محكمة خاصة للصحافة للمحاسبة على التجاوزات.

    الأمن

    منذ سقوط نظام جعفر نميري تقرر حل جهاز الأمن القومي. ولم تتخذ الحكومة الانتقالية له بديلا، واستمر غياب جهاز الأمن لمدة عامين من عمر الحكومة الديمقراطية. كان أهم أسباب الإعراض عن تكوين جهاز الأمن هو مفاهيم الديمقراطية المعيارية التي لا ترى داعيا لأجهزة أمن عدا الشرطة العادية.

    الديمقراطيات العريقة في الغرب خالفت هذه المفاهيم المعيارية وأقامت أجهزة أمن فعالة بلغت فاعليتها درجة استفزت المفكرين اللبراليين فرموها بأنها حكومات خفية غير خاضعة للمراقبة التشريعية.

    الديمقراطية كنظام أكثر حاجة من غيره لإقامة أجهزة أمن قوية لأنها إذا لم تلتزم بالحريات تفتح المجال للمتآمرين والمخربين في الداخل والخارج.

    لذلك يجب أن تقام أجهزة أمن قوية للداخل والخارج لتقوم بجمع وتحليل المعلومات بهدف حماية أمن الوطن والمواطن والدولة. الشرط الوحيد الذي يجب أن يراعى هو إلا يكون لهذا الجهاز صلاحيات تنفيذية كالاعتقال والعقوبة بصورة تخالف القانون.

    أزمة السلطة التنفيذية

    مفاهيم الديمقراطيات المعيارية خلعت أسنان الديمقراطية وجعلتها عرضة للانقلاب المدني والعسكري.

    أبدى كثير من الساسة السودانيين حرصا شديدا على اختيار نظام الحكم البرلماني وعلى رأسه مجلس السيادة ومجلس الوزراء. في هذا النوع من الحكم يفترض أن يكون مجلس السيادة رمزيا وأن يتولى مجلس الوزراء كامل السلطة التنفيذية. هذا ما تقوله المرجعية المعيارية. لكن الواقع السوداني حال دون الالتزام بهذه المرجعية. نتيجة لذلك حدث تجاذب في ممارسة السلطة التنفيذية أضعف أداءها.

    في كل العهود الديمقراطية التي مرت على السودان ظهرت بوضوح أزمة في السلطة التنفيذية سببها ائتلافية الحكم بين حزبين أو أحزاب متنافسة مما خلق معارضة داخل مجلس الوزراء وصيغة مجلس السيادة ومجلس الوزراء.

    إننا إذا عدنا لتلك الصيغة مع عزمنا على زيادة درجة اللامركزية في حكم البلاد لتتخذ شكلا على الأقل فدراليا فإن دواعي أزمة السلطة سوف يزيد هذا بينما تحتاج البلاد بعد خراب الإنقاذ إلى هيئة تنفيذية قوية للتعامل مع قضايا الداخل والخارج. ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا عن طريق نظام رئاسي ليتولى السلطة التنفيذية شخص ينتخبه الشعب انتخابا حرا مباشرا لفترة من الزمن في إطار الدستور الديمقراطي.

    هذه المقترحات الواردة في هذه الدراسة مستمدة من دراسة لتاريخ الديمقراطية في العالم. ومن ممارسة الحكم في عهد الديمقراطية الثانية لمدة عام وفي عهد الديمقراطية الثالثة لمدة ثلاثة أعوام.

    لقد صار السودان هشا جدا فلا يحتمل مزيدا من التقلبات ونحن مطالبون إلا نكرر الأنماط القديمة كأننا لا نتعلم من تجاربنا ومن تجارب الآخرين.

    إنني أقولها دون أدنى شك أننا لو عدنا للديمقراطية الثالثة حذوك النعل بالنعل لعاد الانقلابيون وان رفعوا شعارات أخري.

    إن الديمقراطية الراجحة و العائدة في السودان، وفي سائر أركان عالم الجنوب تنتظر منا ومن تجاربنا دروسا تواجه بها أمرين : تحقيق الديمقراطية والمحافظة عليها والأمر الأول اسهل كثيرا من الثاني.

    السبيل الوحيد أمامنا هو أن نعي تجاربنا وتجارب الآخرين ونتخذ التعديلات اللازمة لتنظيم ممارسة الحريات الأساسية وإقامة ديمقراطية مستدامة.

    وإلا فسوف يكون قدرنا هو الاستمرار في دوامة الديمقراطية المعيارية والتآمر الانقلابي.

    إننا ساعون الآن في مسيرة الحل السياسي الشامل في السودان لتحقيق عمليتي السلام والتحول الديمقراطي عبر الحوار مع النظام والتفاوض الجاد. وفي سبيل ذلك فقد نقلنا ثقل حزبنا القيادي إلى الداخل لنعبئ الجماهير للحل ولنفاوض النظام حوله. وحتى ولو فشلنا في ذلك فإننا نكون قد عبأنا الجماهير بصورة لا رجعة بعدها عن عمليتي السلام والدمقرطة إلا بمواجهة السيل الجماهيري الجارف. ولكننا نضع نصب أعيننا أن الديمقراطية القادمة يجب أن تكون مستدامة، وأن تتجنب مزالق التجارب السابقة، وإلا عدنا لدائرة الجحيم من جديد.

    لقد درست هذه التجربة أهلها دروسا لا غنى عنها فيما يتعلق بالتطبيق الديمقراطي من جهة، وفيما يتعلق بالتطبيق الإسلامي من جهة أخرى. إنني أستخلص كل تلك الدروس، وأستعين بأدوات الاجتهاد الإسلامي المستنير، لأخلص إلى ثلاثة نداءات أراها مضيئة لمسيرة المسلمين للتعامل فيما بينهم( نداء المهتدين)، وللتعامل مع أهل الملل الأخرى (نداء الإيمانيين)، وللتعامل مع كافة عقلاء العالم (نداء الحضارات).. هذه النداءات ترد في الجزء القادم من الكتاب.

    الخلاصة:

    ليس هناك أساس في السودان لتقوم شرعية الحكم على الوراثة ، كذلك فإن كل المحاولات لتأسيس الشرعية علي الدكتاتورية ظل يلازمها عدم الاستقرار وكانت لها نتائج كارثية، إذن ليس هناك بديل للديمقراطية كأساس للحكم في السودان . ولكن بالرغم من ذلك فقد تم تقويض الحكومات الديمقراطية ثلاث مرات وخلافا للأسباب العامة التي تؤدي لتقويض الديمقراطية في ظروف التخلف فإن هناك ثمانية أسباب محددة يجب معالجتها لجعل الديمقراطية مستدامة وهي :

    1- الحرب الأهلية المستمرة :

    والحرب حتى في أكثر الديمقراطيات رسوخا تتطلب إجراءات وتدابير يتم بموجبها تعليق العديد من أوجه الأداء الديمقراطي . وقد أثرت الحرب الأهلية علي الحكومات الديمقراطية سلبا لأنها زادت من النفوذ العسكري واستنزفت الموارد المادية و البشرية فحرمت التنمية من الاستفادة من هذه الموارد . وكذلك زادت المخاطر الأمنية مما تطلب زيادة التدابير في مواجهتها . وبصفة عامة فإن الحرب الأهلية لاسيما حينما تشمل أقاليم كاملة فإنها تكلف الحكومات الديمقراطية ثمنا غاليا وتعطل أداءها .

    2- التوازن الاجتماعي:

    المسألة الثانية هي مسألة التعامل بمبدأ التوازن لاستيعاب كل القوى الاجتماعية . فالديمقراطية ليست مجرد قوة انتخابية تقرر في القضايا علي أساس أغلبية الأصوات وفي تجربتنا السودانية هناك قوتان اجتماعيتان فشل نظام الصوت الواحد للشخص الواحد في استيعابهما بكفاءة هما :

    القوى الاجتماعية الحديثة والتي في ظروف التخلف الوطني تشكل أقلية تشعر بأن هذا النوع من الديمقراطية لا يعطيها صوتا مساويا لقوتها الاجتماعية مما جعل قطاعات عديدة من هذه القوى الاجتماعية الحديثة تشكك في شرعية نظام الصوت الواحد للشخص الواحد .
    الأقليات الثقافية ذات الوعي بهويتها المتميزة تشعر بأن النظام القائم علي الأغلبية بصورة أو أخرى يشكل ضغطا عليها. ولتجاوز هذا القصور فمن الواجب تأهيل الديمقراطية بتدابير تجعلها متوازنة لتمتص هذه الإحباطات بدون أن تضر بصورة كبيرة بمبدأ الصوت الواحد للشخص الواحد في الديمقراطية النيابية .
    3- مسألة الإصلاح الحزبي:

    أغلبية الأحزاب السودانية متأثرة بولاءات دينية وقبلية ولكنها في هذا الصدد أقل طائفية من الأحزاب السياسية في كثير من بلاد الشرق الأوسط وأقل قبلية من كثير من الأحزاب الأفريقية . ويهدف قانون تنظيم الأحزاب السياسية إلي جعلها أكثر قومية وأكثر ديمقراطية وبقدر ما تكون قوميتها وديمقراطيتها منقوصة يكون نقصان شرعيتها. و في المقابل : هناك الأحزاب السياسية العقائدية : الإسلاموية، الشيوعية، العروبية و الأفريقانية، هذه الأحزاب في حقيقتها مرتبطة بأيديولوجيات شمولية و هي بهذا تشكل تهديدا على الديمقراطية إذ تستغل الحقوق التي تكفلها لها الديمقراطية لتقويضها. لذلك يجب أن يهدف الإصلاح السياسي للأحزاب لتقويمها وجعلها قومية وديمقراطية. وغنى عن القول أن الاختلافات بين الأحزاب ستستمر وذلك لاختلاف مبادئها ولاختلاف القوى الاجتماعية التي تمثلها، فهي بهذا الفهم لا ينبغي أن تكون مصدر إزعاج إذ هي جوهر الديمقراطية.

    4. النقابات:

    النقابات من مكونات المجتمع المدني الأساسية في الديمقراطية، ولها وظيفتها المشروعة. وقد لعبت النقابات السودانية أدوارا شبه سياسية في الكفاح ضد الاستعمار والديكتاتورية، وهذا النوع من الأدوار الوطنية مبرر، ولكن الأحزاب العقائدية وبعض الطامحين حاولوا استغلال النقابات لعمل انقلاب مدني ضد الحكومات المنتخبة ديمقراطيا، وهذا يشكل خطرا على الديمقراطية يجب احتواؤه سياسيا وقانونيا.

    5. الصحافة:

    تعتبر حرية الصحافة من أعمدة الأساس في الديمقراطية. وفي السودان تصرفت الصحافة بقدر عال من المسئولية في الديمقراطيتين الأولى والثانية، وكونت صناعة منتعشة وأجهزة إعلام فائقة الحيوية ولكن في الديمقراطية الثالثة انتكس أداؤها واتسمت بعدم المسئولية بل ولعبت دورا أساسيا في تقويض الديمقراطية. وفي الديمقراطية المستدامة، الواجب وضع سياسة وسن تشريع لتأسيس صحافة حرة وصحية، أي فشل في هذا الأمر سيقوض النظام الديمقراطي.

    6. القضاء.

    يعتبر استقلال القضاء معلما من معالم النظام الديمقراطي، وهو مع ذلك أمر لازم وحيوي إذ يحدد -في كثير من الأحيان- مستقبل النظام الديمقراطي. يجب على القضاء أن يراعي وظائف أجهزة الدولة الأخرى دون أن يتنازل عن صلاحياته الشرعية كما ينبغي على قضاته أن يلتزموا الحياد السياسي لتجنب الانحراف عن مبدأ استقلال القضاء. إن إصلاح القضاء على ضوء تجارب الماضي ضرورة للديمقراطية المستدامة.

    7. القوات المسلحة.

    بلغ التطور السياسي الحديث ذروة عالية بتحقيق إنجازين عظيمين هما: التداول السلمي للسلطة السياسية وخضوع القوات المسلحة للقيادة المدنية المنتخبة. أما في السودان فقد درجت القوات المسلحة على تقليد ضحت في أثنائه بانضباطها وسببت الأذى للبلاد، ذلك التقليد هو التدخل السياسي والتغول على القرار المدني الشرعي. يمكن حماية الديمقراطية حينما تخضع القوات المسلحة لقيادة الحكومة المنتخبة عبر سياسة وتشريع محددين، وعندما يتم تقييدها بوسائل مناسبة منعا للانقلابات.

    ساهمت كل العوامل المذكورة أعلاه في إضعاف الحكومات الديمقراطية (أعني السلطة التنفيذية) مؤسسيا. وفي التجربة السودانية هناك عوامل أخرى تضعف الحكم الديمقراطي أكثر فأكثر وهي:

    طبيعة الحكم الائتلافي: فعلى طوال تاريخ الحكومات الديمقراطية لم ينجح حزب في نيل الأغلبية التي تمكنه من الحكم منفردا لذلك اتجهت الأحزاب للائتلاف. والحكومات الائتلافية بطبيعتها ضعيفة ومما يضعفها أكثر في السودان هو اقتسام شركاء الائتلاف لمجلس الوزراء ومجلس السيادة، فتذهب رئاسة الوزارة للحزب الأكبر ورئاسة مجلس الدولة للحزب الآخر. والدستور البرلماني الذي هو أساس توزيع السلطات بين أجهزة الدولة يعطي السلطة لمجلس الوزراء بينما يجعل مجلس رأس الدولة مثل ملكة بريطانيا -يملك ولا يحكم- وهذا المفهوم غريب جدا على الثقافة المحلية لدرجة أنه لا توجد ترجمة عربية ذات معنى له. لذلك ظل الحزب الأصغر يستغل موقعه في مجلس رأس الدولة ليعوض ضعف موقفه في مجلس الوزراء.
    قوة السلطة التنفيذية: نسبة للضعف المتواصل والأزمات الكثيرة الملازمة للحكومات الديمقراطية في السودان، فإن البلاد بحاجة لتقوية السلطة التنفيذية لا سيما في ظل اللامركزية وحتى الفيدرالية. والنمط الفيدرالي من اللامركزية هو ما دفع الآباء المؤسسين الذين وضعوا الدستور الأمريكي أن يبتدعوا النظام الرئاسي القوي. وبالنسبة لنا فإن أي عودة للمؤسسات السابقة للديمقراطية كما عرفت ومورست ستعيد إنتاج الأزمة وتضعف الديمقراطية وتغري المغامرين للإطاحة بها وباختصار فإن الجهاز التنفيذي القوي في السودان شرط وضرورة من ضرورات الديمقراطية المستدامة.

    --------------------------------------------------------------------------------

    1 هذه الأطروحة مأخوذة من ورقتين أساسيتين كتبهما رئيس الحزب السيد الصادق المهدي وتمت إجازتهما من أجهزة الحزب المعنية. الأولى هي ورقة: التجربة السودانية والحريات الأساسية، والتي قدمها في ورشة حزب الأمة الفكرية الخامسة المقامة بالقاهرة في أبريل 1997م. والثانية هي ورقة: مولد السودان الثاني في مهد حقوق الإنسان المستدامة، والتي قدمها لمؤتمر "حقوق الإنسان في فترة الانتقال" الذي عقد بكمبالا في فبراير 1999م.


    الناس ثلاثة أموات في أوطاني
    والميت معناه قتيل
    قسم يقتله أصحاب الفيل
    وقسم تقتله إسرائيل
    وقسم تقتله عربائيل
    وهي بلاد تمتد من الكعبة للنيل
    والله اشتقنا للموت بلا تنكيل
    والله اشتقنا واشتقنا
    أنقذنا يا عزرائيل
    سونيل اسم يتكون من السودان والنيل
    ***************
    آنا لا أدعو
    إلى غير الصراط المستقيم
    أنا لا أهجو سوئ كل عتل وزنيم
    وأنا ارفض أن أرى ارض الله غابه
    واري فيها العصابة
    تتمطى وسط جنات النعيم
    وضعاف الخلق في قعر الجحيم
    هكذا أبدع فني
    غير آني
    كلما أطلقت حرفا
    أطلق الوالي كلابه

    **************

    يمشي الفقير وكل شي ضده
    والناس تقلق دونه أبوابها
    وتراه ممقوتا وليس بمذنب
    يلقي العداوة لا يري أسبابها
    حتى الكلاب إذا رأت رجل الغني
    حنت إلية وحركت أذنابها
    وإذا رأت يوما فقيرا ماشيا
    نبحت عليه وكشرت أنيابها
    ******************
                  

05-11-2003, 01:14 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: سونيل)

    عزيزي كمال عباس
    لديّ الصراحة الكافية للقول بأن هذا الموضوع بالذات لم يثر بالقدر الكافي فى داخل أروقة الحزب ، ولم يحظ بالنقاش المعمّق الذى يقود الى استخلاص نتائج نهائية حوله ، ولعلك اذ تثيره بكل هذا القدر من الالحاح المحمود تنبه بالفعل لأهمية اخضاعه لحوارات داخلية مستفيضة ، فالمحاور الفكرية المتعلقة به والتى طرحها كتاب ( العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي فى الاسلام ) فى حاجة الى مزيد من الجدل الفكري والفقهي ، وبما يتناسب مع الحاجات السودانية خاصة فى هذا الصدد ، اذ أثبتت التجارب أن الاجتهاد الفقهي فى حد ذاته مطلوب منه أن يؤدي وظائف تختلف باختلاف الجغرافية والظروف الزمكانية ، علاوة على الجدل المثار والقائم الى الآن فى طول العالم الاسلامي وعرضه حول ذات الموضوعة ، وهو جدل سأزعم انه لم يحسم حتي الآن ، ففى حين يميل بعض الى اضفاء قداسة على الاجراء القانوني نفسه بخصوص الحدود وصبغها بصبغة التقيد الحرفي بتطبيقها فى شتي الظروف امتثالا للمشيئة الالهية ، تختلف تفسيرات البعض الآخر ، ولعل هذا ما ذهب اليه كتاب (الصادق المهدي) فى شروحاته الضافية حول المسألة بحسبان أن المقصود بالفعل هو المقاصد النهائية للشريعة الاسلامية ، وهي التي حددها بالعدل والحرية والمساواة وحقوق الانسان ، فضلا عن أن الصادق المهدي يشير الى مراجع فقهية تقول بأن المعني من الحدود هو تبيان فداحة الجرائم ، والتنبيه الى أن شدة العقوبة تضاهي شناعتها ، وأن المقصود من التشريع هو لفت النظر الى هذه الجوانب وليس التقيد حرفيا بتطبيقها ، الأمر الذى لم يحدث بالفعل فى التاريخ الاسلامي الا مرات معدودة وفى حالات استثنائية ، وقد عطلّت حدود بالفعل فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفى عهود لاحقة ، فى ظروف وملابسات معروفة ، هى تشبه ظروفنا الحالية لعدم الحصول على المجتمع المثالي الذى يعاقب الشواذ فقط فى حال جنوحهم ، والغاية من هذا تحقيق مجتمع فاضل ، لا الأخذ حرفيا بالحدود ، ويدلل الى هذا (ادرءوا الحدود بالشبهات ) والشبهات فى حدود عدة لا يمكن تجاوزها بسهولة ، وهى متوفرة بشكل يدعم الرؤية القائلة بأن الحدود شرّعت لتبيان وقعها على النفس ، وتحذيرها من الوقوع فى اثم يغضب الله ، والمقصود بذلك التطهير الذاتي فى اطار مجتمع قائم بالفعل بواجباته ووظائفه ، وأميل أنا شخصيا للاعتقاد حسب فهمي المتناسل عن قراءتي للمهدي ، للاعتقاد جازما بأن رؤاه تميل الى قراءة معالجة الانحرافات فى المجتمع بصيغ متعددة ، أولاها الايمان الذى يخلق السياج الحامي الأول ، وثانيها الأخلاق ، وهي ايضا تخلق السياج الثاني الحامي ، غير ان هذه السياجات لابد من تعزيزها بأخريات تتمثل فى العدل الاجتماعي الذى يطول تفصيله حسب رؤية الحزب ، ويتضمن الحؤول دون وقوع السرقة مثلا او الزنا بأساليب الحماية منهما باقرار حقوق عدلية ، وتوفير العفاف ، وفى ظل هذا ، سيكون المجتمع أقرب الى التعافي ، وستنحصر دائرة الانحرافات فى نطاق ضيّق جدا ، ورغم هذا ، فلن يتعين التطبيق فورا على كلّ من ينحرف ، فالقصد ليس الانتقام ، وهذا أساس فى فهمنا للحدود ، وانما التقويم ، الذي تسبقه معالجات اجتماعية معمّقة ، وبالطبع فان قاعدة اساسية يستند عليها المهدي فى كتابه ( ادرءوا الحدود بالشبهات) ما يؤدي الى تضعيف الأخذ فورا بالتطبيق ، واتباع السبل كافة لتجنب ذلك علما بأن بعض الانحرافات التى تستوجب الحدود ، توجب الاعتراف الفردي رغبة فى التطهير لاستحالة الحصول على قرائن اخري بخلاف الاعتراف كجريمة الزنا ، وحتي بعد الاعتراف الفردي بها ، لابد من مراجعة المعترف او المعترفة لكى يسمح له بالتراجع عن اعترافه كما حدث فى ايام الرسول صلى الله عليه وسلم ، اما فى حالات السرقة ، فللجهات القانونية أن تتدرج فى تطبيق العقوبة ، وتحاول اصلاح الانحرافات مترافقة مع البعد الاجتماعي والاقتصادي فى العلاج ، وهذا لا يعني تطبيق العقوبة الا على الشاذين جدا ، الذين وفر لهم المجتمع كل السبل لحياة كريمة ، وعاقبهم لأكثر من مرة بعد هذا على السرقة بعقوبات مخففة ، يتعين تطبيق العقوبة عليهم فى آخر المطاف كحل نهائي لحماية المجتمع بعد أن تبين صعوبة اصلاحهم ، اذن عزيزي كمال عباس ، فان قاعدتنا هى مقاصد الشريعة ، وهى واجب البحث عنها بأساليب مختلفة ، وتضييق التطبيق الى أقصي حد ، نظرا لأن مقاصد الشريعة لا تكمن فى انتقام المجتمع من المنحرفين وانما معالجة انحرافاتهم فى اطر متعددة يشارك فيها المجتمع نفسه ، واتمني ان تجد قراءتي اضافات وشروحات .
                  

05-11-2003, 07:01 PM

إسماعيل وراق
<aإسماعيل وراق
تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 9391

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: خالد عويس)

    بدأت خطوات الزمان أكثر سرعة من ضربات الآلة التي نطبع بها فواتير كشف حسابنالممارساتناالسياسية.. تغير كثير من الفهم السائد في السابق ولكن الكثير منا لا يزال ممسكاً على عنقه.. تلك المفاهيم التي ساهمت في شل بعض أجزاء أجسامنا السياسية.. مفاهيم متدثرة بأيديولوجيات هلامية واهية وافدة نخرت في الجسم السوداني حتى أعياها التعب.
    نعم أخي عبد العاطي أرى فيك وفي جيلنا هذا بريق أمل ينتشل السودان مما هو فيه من إشكال وداء عضال شريطة إلتزامنا الحوار البناء الهادف في أطروحاتنا وإعترافنا ببعضنا البعض وأن لكل منا حرية الإختيار والتعبير عن رأيه وفق الأسس الموضوعية بعيداً عن الغوغائية والتهريج والتجريح.
    أخي عادل يبدو أنك لم تفهم ما وددت أن أقوله – ربما – عندما قلت بالنص (يبدو أن الذهنية المسيطرة عليك هي نفس ذهنية المتسلطين على رقابنا من إنقاذيين وربما يكونوا أقل خطراً). ثم طرحت عليّ أسئلة من صياغها يتضح إنك لم تفهم ما أعنيه.. أخي عادل قصدت من ذلك أن الإنقاذ عندما أتت إلى السلطة كانت مكشرة أنيابها لأكل ما سواها حتى تخلو لها الساحة لعرض بضاعتها البائرة.. بدأت الإنقاذ تنكل بكل الأحزاب السياسية ممثلة في قياداتها وكوادرها تارةً بالقتل وتارةً بالتشريد والحبس في معتقلاتها الظلامية... ولكن بدأت الإنقاذ تعي الدرس وهنا أتت عملية الإعتراف بالغير والجلوس معه من أجل الحوار فبدأت مع الحركة الشعبية وتلتها بقية الأحزاب السياسية... قصدت من هذا السرد أخي عادل أن الذهنية الشمولية والإستصالية لا تخدم قضيتنا وتقعد بنا سنوات عديدة ونظل نتقاتل كالثيران وهذا ما أردت إبعادك عنه.
    أراك أخي عادل تقول أنك لست من أصحاب المنهج الإستصالي هذا كلام جميل وربما يدفع بالحوار إلى الإمام إذا إلتزمنا بهذا النهج عملياً ولكن أخي ما هو تفسير لما ورد في مقدمتك لهذا البوست (يشكل الحزب المسمى بحزب الأمة، جرحاً في الجسد السوداني ويبدو لنا وصفه في الحركة الوطنية، كحصان طروادة يخدع الصف الوطني، ليلحق به الهزيمة، ويحقق وسطه مصالح الأعداء). فلنغفر لك ذلك نزولاً للحد الأدني لدفع عجلة الحوار ولكن ما هو تفسيرك أيضاً لقولك (أن هذا الحزب عمل ضد مصالح الأمة وأنه ليس بحزب، ولا سوداني، ولا للأمة علاقة من قريب أو بعيد. وأنه كياني تسلطي وإستعماري وربيب للديكتاتوريات وحليف لها). أليست كل هذه ذهنية إستصالية تحاول إبعاد الغير أو إن شئت قل قتلهم لتبني لها واقعاً ومجداً على إنقاضهم. أخي عادل ما زلت مقتنعاً بأن عقليتك إستصالية إلا إذا ثبت لنا العكس من ذلك اللهم إلا إذا كنا لا نفهم اللغة التي تكتب بها.
    أخي عادل أدعوك من أجل دفع الحوار بطريقة بناءة وموضوعية ومنهجية يجب علينا أن نلتزم بالحد الأدني من مقتضيات وأدبيات الحوار وهنا أرجو إجابتي على هذه الأسئلة:
    أولاً: هل حزب الأمة ليس بحزب وما هو التعريف الذي تستند عليه في ذلك؟
    ثانياً: هل حزب الأمة ليس بسوداني (هنا أقصد كل الأبعاد لكلمة سوداني)؟. وما هو معيارك للسودانوية؟
    أخي عادل بعد إجابتك على هذه الأسئلة والتي سوف ينبني عليها شكل الحوار سوف أقوم بالرد على تساؤلاتك التي أوردتها.. وإلى الملتقى أتمنى لك كل خير.،،
                  

05-11-2003, 09:42 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: إسماعيل وراق)

    الاخ وراق والجميع

    معذرة للانقطاع لظروف طارئه

    في ظني ان "حزب "الامة ليس بحزب لان الحزب مؤسسة مدنية سياسية مفتوحة ؛ تقوم علي اساس البرامج والمصالح المشتركة لعضويتها ؛ وحزب الامة تجمع اسري طائفي يخدم مصالح اسرة محددة وليس له برنامج ثابت محدد بل اراء متقلبة متعددة بقدر تقلبات زعيم هذا التجمع

    في رايي ان "حزب" الامة ليس بسوداني لانه قام علي اكتاف الاستعمار كما اوضحت الوثائق والتاريخ ؛ الا من روايات مؤرخي هذا "الحزب "؛ ولانه وقف ضد كل نهوض وطني ؛ ولانه خرب النضال ضد الاستعمار ؛ ولانه صالح ويصالح ثلاثة ديكتاتوريات حكمت ؛ ولانه اخضع قضايا وطنية لتحالفات خارجية مشبوهة ؛ وهو بهذا يخرج نفسه عن صف السودانية

    في زعمي ان "حزب" الامة يعبر عن مصلحة اسرة واحدة في السودان وطموحها للتسيد علي الاخرين ؛ رغم فشلها في تقديم اي برنامج تنموي - تنويري للشعب ؛ وهو بذلك بعيد عن مصالح الامة ؛ وليس للامة علاقة له من قريب او بعيد ؛ والدليل ما يجري بدارفور - معقله التاريخي - الان

    لا ادعو الي قتل او سجن او استئصال الحزب او مؤيديه ؛ وانمما ادعو لفضح تاريخه القاتم وحاضره التائه ؛ علي امل ان ينفض منه الشعب السوداني ؛ وجماهير الانصار الصابرة ؛ وجموع المثقفين الوطنيين ؛ وتبني مؤسساتها الحقيقية المعبرة عنها ؛ وتترك الطائفيين لحكم التاريخ


    لي عودة في القريب لكل ما كتب
    الرجاء الصبر

    عادل

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 05-12-2003, 01:57 PM)

                  

05-12-2003, 11:30 AM

إسماعيل وراق
<aإسماعيل وراق
تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 9391

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    عزيزي/ كمال عباس
    لك التحية.،،
    إجابة لأسئلتك للأخ خالد عويس عن موقف حزب الأمة من الشريعة، أورد إليك رؤية الحزب مستنداً على ما قاله الإمام الصادق المهدي بالنص في كتابه "جدلية الأصل والعصر" وهو كتاب قيم جدير بالقراءة لما يحويه من أراء مستنيرة.
    ملاحظة: هنالك بعض الأختصارات وأتمنى ألا تخل بالمعنى.
    ولك محبتي.،،

    إذا كان المجتمع مسلماً فانه يطبق الشريعة ولو جزئياً. فالشهادة وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج لمن أستطاع إليه سبيلا تطبيق لأركان الإسلام الخمسة. ولكن كثيراً من المجتمعات الإسلامية طبقت فيها قوانين جنائية ومدنية مستمدة من القوانين الأوربية وهي قوانين لصيقة بتراث أوربا الحضاري والديني لذلك صار التطلع لإستبدالها بأحكام الشريعة طلباً طبيعياً وجزءاً لا يتجزأ من حركة التأصيل الذي يتطلع إليه المجتمع الحي.
    مساوئ تجارب التطبيق الحديثة:
    أن شعار تطبيق الشريعة المشروع أرتبط بتجارب محددة أنحرفت به وجعلته مدخلاً لمساوئ أساءت للشريعة وفتحت أبواباً للمفاسد.
    هناك خمسة مساوئ أقترنت بهذا الشعار في التجارب الحديثة.
    أولاً: الإستغلال السياسي لأغراض السلطة السياسية الغاشمة – وأستدل السيد الصادق هنا بتجربة باكستان – ضياء الحق – وتجربة قوانين سبتمبر بالسودان عام 1983م – نميري.
    ثانياً: أقترن الشعار بشحنات عاطفية جردته من التحضير المدروس، ففي السودان أحتفل جعفر نميري 1984م بمرور عام من تطبيق (الشريعة) ودعا عدداً من علماء المسلمين فباركوا عمله وأحتفلوا إحتفالاً صاخباً، ولكن بعد سقوط نظام نميري دعوت عدداً من العلماء من كل أنحاء العالم الإسلامي لزيارة السودان 1997م وكان بعضهم من الذين حضروا للسودان في عام 1983م وعرضت عليهم تفاصيل تطبيق "الشريعة" في السودان فدرسوا التجربة وكتبوا تقريراً قالوا فيه كان التطبيق معيباً في جوهره وفي صياغته وفي ممارسته. وعندما سألنا السيد/ صلاح أبو إسماعيل – وقد كان من المباركين للتجربة عام 1983م.. ما هذا التناقض في موقفه؟.. قال في عام 1983م زفتنا العاطفة ولم ندرس الوثائق ولا الحقائق، بل قيل لنا طبقنا الشريعة قفلنا مبروك. وفي نفس الوتيرة العاطفية قال لي أحد حكام الولايات التي أعلنت تطبيق الشريعة 2001م لقد أعلنا ذلك ولم نحضر شيئاً.. فالناس عاطفياً يريدون هذا ولا نستطيع أن نتخلف.
    ثالثاً: العقوبة في الإسلام ليست معزولة ولكنها جزء لا يتجزأ من منظومة كاملة. فالإسلام يحاضر الجريمة الجريمة بالإيمان، والتربية، وتعبئة الرأي العام، ونفي الحاجة، والعبادات، ثم العقوبة. أما القفز فوق حلقات هذه المنظومة إلى الردع فعبث لا طائل منه.
    رابعاً: والإسلام يوجب قيام نظام إجتماعي فيه الشورى، والعدالة، والتكافل، والرحمة، وهذه الأولويات ثم تأتي العقوبة على نحو ما قاله الشيخ أبو الأعلى المودودي: إن الإسلام يشرع قبل كل شيئ بغرس الإيمان في القلوب. ثم يأخذ في تقويم سلوكهم فيأخذ ما يمكن من الأساليب والوسائل في خلق رأي عام قوي لتنمية المعروفات وسحق المنكرات. ويقيم نظاماً للإجتماع والإقتصاد والسياسة. ويضيق مجال العمل السيئ. ويسهل مجال العمل الحسن. ويسد جميع الأبواب التي بها تنمو الفواحش وتنشر الجرائم. وأخيراً بعد كل ذلك هو يستخدم العصا لقمع كل خبيث يرفع رأسه في المجتمع ومن أظلم ممن يتحدث عن الإسلام فيجعل أخر تدابير الإسلام أولها ويمسح الحلقات الوسطانية مسحاً إساءة لسمعة الإسلام وتشويهاً لديباجته الوضاءة.
    خامساً: إقتران تطبيق "الشريعة" بحزب أو رأي فرد يجلعه يستخدم عبارات غير مشروعة في كل معارض له أو لحزبه يرمى بالبغي وكل خروج عليه يستوجب الجهاد وهذه العبارات تزيد من حدة المواجهات وتعطيها بعداً دينياً غير مسموح به.
    دراسة التجارب المتعلقة بتطبيق الشريعة في الأونة الأخيرة تزودنا بالدروس الأتية:
    أولاً: هامش الإلتزام الإسلامي واحداً للجميع بل هو واسع يبدأ من حالة ما أكره على كلمة الكفر فقالها وقلبه مطمئن بالإيمان إلى (من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه... الأية). المعنى المتعلق بهذا الهامش العريض منثور في كل النصوص النقلية والهامش يبدأ من (فأتقوا الله ما أستطعتم ... الأية) إلى (أتقوا الله حق تقاته ... الأية) ومن التوجيه للمسلمين في مكة (كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة ... الأية) إلى الإذن قبيل الهجرة (إذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير .. الأية).
    ثانياً: العقوبات في الإسلام جزء من منظومة سداسية (الإيمان، التربية، تعبئة الرأي العام، نفي الحاجة، العبادات، ثم العقوبة) لإحتواء الجريمة لا يجوز أن تفصل من منظومتها.
    ثالثاً: العقوبات في الإٍسلام أخر حلقة في أولويات تشمل إقامة نظام الحرية والعدالة والتكافل والشورى ولا يجوز أن تصبح أولى الحلقات.
    رابعاً: لا يحق لسلطة سياسية أن تعلن الجهاد وتقيم الحدود ما لم تكن هي نفسها شرعية التكوين ولا تكون شرعية التكوين إلا إذا كانت قائمة برضا الناس وإختيارهم (وامرهم شورى بينهم).
    خامساً: الأحكام الإسلامية كالربا والزكاة وغيرها لا يمكن نقلها بأشكالها القديمة ولا يمكن تطبيقها بصورة تناقض مقاصد الشريعة فهي بحاجة لإجتهاد جديد يحقق تطبيقها وفق ظروف العصر ومقاصد الشريعة.
    سادساً: أنزل الله الكتاب وأوجب إتباع قطعيات الوحي وفي الوقت نفسه أنزل الحكمة والميزان والقسط كما أوجب إستخدام العقل وفتح بصائر الناس الإلهام وأوجب مراعاة المصلحة. قال نجم الدين الطوفي تعليقاً على الحديث (لا ضرر ولا ضرار) "لأن المصلحة هي المقصودة من سياسية المكلفين بإثبات الإحكام وباقي الأدلة كالوسائل والمقاصد مقدمة على الوسائل. وقال الغزالي وإذا فسرنا "المصلحة" بالمحافظة على مقصود الشارع فلا وجه للخلاف في إتباعها بل يجب القطع بكونها "اي المصلحة" حجة فحيث ذكرنا خلافاً فذلك عند تعارض مصلحتين ومقصودين وعند ذلك يجب ترجيح الأقوى. لذلك قطعنا بكون الإكراه مبيحاً لكلمة الردة وشرب الخمر وترك الصلاة والصوم لأن الحذر من سفك الدم اشد من هذه الأمور.
    هذه العوامل كلها تدخل في تحديد مصلحة الإسلام والمسلمين في هذا الزمان، وإسقاطها والحديث عن تطبيق الشريعة إستشهاداً بنصوص معينة مفسرة تفاسير محدودة عبث بالدين وبالحياة وإستهتار بمقاصد الشريعة.
                  

05-12-2003, 02:01 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: إسماعيل وراق)

    سالني الاخ خالد عويس مجموعة اسئلة وكررها عدة مرات ؛ وزعم باني اتهرب من الاجابة عليها ؛ اليوم اود ان اتطرق الي بعض هذه الاسئلة وما اره بشانها

    وقد كنت قلت ان هذه الاسئلة بسيطة وساذجة سياسيا ؛ ولم تات مقولتي تهوينا من شان الاخ خالد ؛ وانا اعرف ان الاستاذ خالد مثقف ذو امكانيات عالية ؛ ولكن لا ن الاستاذ خالد يدافع عن قضية خاسرة ؛ ولانه يفتقد الحجج من ذات العيار الثقيل ؛ مما يثبت اي ايجابيات لحزب الامة في التاريخ المعاصر ؛ وبما يرد علي فشل هذا الحزب التاريخي ؛ فانه يلجأ الي اسئلة بسيطة ساذجة ؛ تقل عن مستواه النظري والسياسي ؛ ولكنها تستوي مع منطق الحزب الذي ينتمي اليه

    سالني الاخ خالد عن وقائع معينة نسبها لعبد الرحمن المهدي ؛ منها انه اشتري ثلاثة منازل في لندن وهبها للطلاب الدارسين هناك ؛ وبناؤه لعدد من الخلاوي ؛ الخ الخ

    ابدأ فاقول اني لا املك من الوثائق ما ينفي هذه المعلومات ؛ وانا اسلم بامكانية صحتها ؛ ولكن ما هو معناها ؟

    اولا ياتي السؤال من اين اتي عبدالرحمن المهدي بهذه الاموال لكيما يشتري منازل في لندن وغيرها ؛ ولكي يبني بها هذه الخلاوي ؛ الخ ؛ اليست هي الاموال المخصلة من عمل السخرة الذي قام به الانصار في الجزيرة ابا والنيل الابيض وغيرها – ولا يحتج بي احد بانه لم يكن سخرة حيث اعترف جميع مساهمي حزب الامة هنا؛ بما فيهم امين هيئة شئون الانصار – المنتخب - بانه كان عملا من غير اجر - ومن عطايا الانجليز وهباتهم وديونهم المعفاة الخ الخ ؟؟

    اذا كان مصدر تلك الاموال هو المذكور اعلاه ؛ فيكون عبدالرحمن المهدي رد لهؤلاء الطلاب بعض حقوقهم ؛ من مال بلدهم ومال ابائهم ؛ حيث ان الانجليز لم يعطوه من مالهم الخاص ؛ وانما من ثروات الشعب السوداني ؛ وبذا فتكون بضاعتنا ردت الينا

    المسالة الثانية ماذا تساوي ثلاثة بيوت في لندن ؛ لكيما نحاجج بها في مجري النضال الوطني ؛ ايعلم خالد عويس ان عبيد حاج الامين مات في السجن عام 1933 ؛ وان علي عبد الطيف بعد ان قضي عشر سنوات في السجن ؛ لم يطلقوا سراحه ؛ بل نقلوه الي مصر ؛ حيث اودع سجن جديد تحت اسم مصحة ؛ وجعله مجنونا ؛ ومات في الاسر عام 1948 ؛ ولم يحرك حزب الامة او آباء الاستقلال المزعومين خطوة واحدة لاطلاق سراحه ؛ بينما كانت زوجته المراة الامية البسيطة ؛ تذهب لمصر وتحاول اطلاق سراحه ؛ وتكتب العرائض والمذكرات الخ الخ ؟

    اتقول لي ان ثرثة منازل اشتريت بمال السحت ؛ تعادل 24 عاما قضاها رجل من انبل الرجال في سجون المستعمر ؛ بينما كان عبدالرحمن المهدي يراكم الثروات ويتزوج النساء وينجب الاطفال تحت نظر الانجليز ورعايتهم ؟؟

    لم لا تتحدث عن جهاد وكفاح علي عبد اللطيف والذي كان اول مسجون سياسي يقضي اكثر من ربع قرن في السجون الاستعمارية ؛ بينما تتحدث لي عن غاندي ومانديلا و...عبد الرحمن المهدي ؟؟؟

    ام لان عبيد حاج الامين وععلي عبد الطيف يكشفان شوئة حزب الامة وقيادة عبدالرحمن المهدي تفضل ان تسدل عليهما وعلي كفاحهما استار النسيان ؛ بينما تحتقلون بمئوية عبدالرحمن المهدي وتكتبوا فيها الكتب وتالفوا فيها الاشعار ؟؟؟

    اي الرجلين عبر عن الوطنية السودانية ؛ وكافح بنبل في سبيل ما يعتقد ؛ ودخل السجن لربع قرن او يزيد ؛ ومات في اسر المستعمر ؟؟

    واي الرجلين داهن وتملق ؛ ودبج رسائل التاييد ؛ واهدي سيف الامام المهدي ؛ وخرب النضال الوطني ؛ وغني واغتني ؛ ثم بعد ذلك تمنوا علينا بثلاثة منازل هي من مال الشعب ؛ ومن عرق بسطاء الانصار ؛ وتدعوا انها من فضائل الرجل ؟؟

    ياخذ من اموال الناس ؛ ومن عرقهم ؛ ثم يرجع بعضه ؛ وتريد لنا ان نصفق لذلك ؛ وان نراه انجازا ؛ واريحية ؛ وكرما ؛ و "جهادا من اجل الاستقلال " ؛ الخ الخ

    الم اقل لك ان اسئلتك تعبر عن سذاجة سياسية ؛ او تفترض فينا السذاجة ؟

    عادل
                  

05-12-2003, 02:50 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    ويزعم الاستاذ خالد ان عبد الرحمن المهدي قد بني عددا من الخلاوي ذكرها ؛ دعما للتعليم الديني والتعليم عموما؛ وهو يستدل من ذلك ان الرجل كان من حاملي لواء التعليم

    وانا افترض جدلا ان بناء هذه الخلاوي صحيح ؛ لفائدة النقاش ؛ وبصرف النظر عن مصدر الرجل للاموال ؛ هذا الذي اراه من عرق وجهد وارض الانصار وغير الانصار ؛ رغم مركزية هذا الامر ؛ وذلك ايضا لمصلحة النقاش

    ايريد استاذ خالد ان يقنعني ؛ ان رجلا عمل في الحياة العامة لجوالي نصف القرن ؛ واسس حزبا ؛ وكان رئيسا لطائفة ؛ وحلم بان يصبح ملكا للسودان ؛ يتفاخر بعدة خلاوي بناها ؟؟

    هل تحل مشكلة التعليم بعدة خلاوي ؛ وهل المفروض من المؤسسات ؛ وحزب الامة مؤسسة ؛ وطائفة الانصار مؤسسة ؛ وزعيم الطائفة مؤسسة ؛ وحكومة السيدين مؤسسة ؛ ان تعتمد في كل انجازها في مجال التعليم علي عدة خلاوي ؟؟

    ماذا فعل عبدالرحمن المهدي ح وحزب الامة ح وحكوماته ؛ من اجل تعليم ابناء كردفان ؛ وزدارفور ؛ والنيل الابيض ؟؟

    ايتوازن ما فعلوه ؛ لو فعلوا اي شي غير بناء تلك الخلاوي ؛ التي لا شك عندي انها كانت تدرس راتب الامام المهدي ؛ وتعمل علي تدجين الصغار فيها للايلوجية الطائفية الخربة ؛ ايتوازن ذلك مع الدعم اللامحدود ؛ والعمل ؛ والتضحيات ؛ التي قدمتها جماهير الانصار لتلك المناطق ؟؟

    الم تكن دارفور ؛ معقل حزب الامكة الحصين لعقود ؛ محرومة من المدارس ؛ وكان حظ ابنائها الاقل في التعليم ؛ والصحة ؛ والماء الصحي ؛ الخ الخ ؛ تحت حكومات حزب الامة ؟؟

    الم يخيم الجهل والامية طويلا ؛ علي الجزيرة ابا ؛ وكان الراديو فيها يعتبر من المحرمات ؛ وكذلك لباس البنطال ؛ وسف التمباك ؛ الخ الخ من الخرافات ؛ تحت سيطرة عبدالرحمن المهدي واخلافه عليها ؟؟

    الم تجد من بين الانصار ؛ من كان يقتنع لسنوات طوال ؛ نتيجة لحملات التجهيل والغش التي كانوا يتعرضوا لها ؛ من كان يؤمن بان الهادي المهدي لم يمت ؛ ولم يقتل ؛ وانه عائد ؛ كل ذلك في ظل صمت طويل لرجل الحداثة والتجديد والعصر ؛ الصادق المهدي ؟؟

    هل ازمة التعليم في بلادنا ؛ والتي ساهم في حلها الجهد الشعبي ؛ ورجال مثل بابكر بدري ؛ والذي رغم انه لم يكن زعيما لطائفة ؛ ولم ياكل من مال السحت ويراكمه ؛ فقد قدم في حلها ما هو اكبر بعشرات المرات ؛ مما قدمه عبدالرحمن المهدي ؛ صاحب الامكانيات والاموال الطائلة ؛ هل يمكن ان تحل بعدة خلاوي تدرس راتب الامام المهدي والايدولوجية الطائفية المتخلفة ؟؟

    اسال اهل كردفان ؛ ودارفور ؛ والجزيرة ابا ؛ ماذا كان مطلبهم من كل الحكومات ؛ وفيها حكومات حزب الامة ؛ لتجد انه التعليم ؛ الذي حرمه منهم الطائفيين ؛ وحكوماتهم ؛ لغرض في نفسهم

    اسال ابناء دارفور في العاصمة ؛ والذين نالوا حظا من التعليم ؛ لماذا تظاهروا ضد حكومة الصادق المهدي ؛ واسال صلاح عبد السلام الخليفة ؛ لماذا ارسل اليهم الاحتياطي المركزي يوسعوهم ضربا وركلا ويقمعوهم وهم الخارجين في تظاهرة سلبية

    اسال ثوار دارفور الناهضين اليوم ؛ لماذا يعتقدوا ان دارفور قد نالت قسمة ضيزي ؛ عبر كل الحكومات المدنية والعسكرية ؛ بما فيها حكومات حزب الامة ؛ وهل حقق لهم الطائفيين ؛ وعبدالرحمن المهدي ؛ وفرة المدارس ؛ والجامعات ؛ والمعاهد ؛ الخ الخ ؛ حتي ياتي من يتفاخر بها اليوم ؟؟

    اسال القائل بان ابناء دارفور كانوا يكونوا حزب امة بالابتدائي والمتوسطة ؛ ثم يتحولوا الي كيزان يالثانوي واوائل الجامعة ؛ ثم يكفروا بالاثنين معا من بعد ذلك ؟؟

    هل ظننت يا خالد ؛ ولو للحظة واحدة ؛ ام ما ذكرته عن هذه الخلاوي ؛ لو صدق ؛ بقادر علي تغيير ؤايي في عبد الرحمن المهدي ؛ وانا اعلم ما اعلم من تاريخه غير المشرف ؛ ودعم الانجليز له ؛ واستغلاله للبسطاء ؛ وتخريبه للنضال الوطني ؟؟

    هل ظننت ان هذه الخلاوي ؛ لو صدقت ؛ بقادرة علي تغيير رايي في حزب الامة ح حصان طروادة ؛ ومعقل التخلف ؛ والفاشل ابدا؛ والذي رجع ببردنا القعقري ؛ والذي احتضن بيضة التطرف الترابية تحت جناحية ؛ حتي افرخت وقوي عودها وتسلطت علي الشعب ؟؟

    هل تظننا بهذه السذاجة ؟؟
    ام ان الانتماء للحزب عندك اهم من الانتماء للشعب والوطن ؛ والعقيدة اهم من الحقيقة ؛ والاحسان – مع المن – اهم من العدل ؟

    عادل

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 05-12-2003, 03:22 PM)

                  

05-12-2003, 03:17 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    انا يا حالد ؛ لكيلا تظنني متجنيا ؛
    مستعد ان اعترف لعبد الرحمن المهدي بهذه الخدمات ؛ واشكره واشكر اسرته عليها

    ولك بشرط ...

    بشرط ان يدفعوا لورثة البسطاء الذين نزعت الارض منهم ؛ ووهبت لعبدالرحمن المهدي
    فيمة تلك الارض ؛ وفوائد عدم دفع القيمة طيلة تلك العقود

    وان يدفعوا لورثة البسطاء من الانصار ؛
    ممن عملوا سخرة في "اراضي " عبد الرحمن المهدي ؛
    وهي ارضهم وارض غيرهم من السودانيين ؛
    اجرهم كاملا علي العمل الذي انجزوه ؛
    وقوائد عدم الدفع لكل تلك المدة بين العمل والدفع
    وان يرجعوا لخزينة الدولة ما حصلوا عليه من قروض وهبات ؛
    مع فوائدها

    حينها فقط ؛ يكون العدل قد تم
    وجينها فقط ؛ يمكن ان نقيم قطرة " احسان" الرجل ؛
    في محيط ما اخذه واكتسبه بطرق غير شرعية ؛
    وسخرة للبشر ؛ وسحتا

    الم تقرا ما جاء في الاثر :
    اعط الاجير حقه قبل ان يجف عرقه ؟

    وهؤلاء لم ياخذوا اجرهم ؛
    حتي دنا اجلهم

    فليرجعوا الحقوق اولا
    وليحقوا العدل

    وعندها يمكن ان ننظر الي " احسانهم"
    وبئس هو " احسان " يأتي من مال الغير

    عادل
                  

05-12-2003, 03:54 PM

kamalabas
<akamalabas
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 10673

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    الاخوه خالد عويس والاخ اسماعيل
    فيما يتعلق بالقوانين والحدود وبعيدا عن الاناقه اللفظيه والمقدمات والتركيز علي الحيثيات ونقد التجربه
    المايويه والانقاذيه في تطبيق الشرع والحديث عن ضروره
    توفر كفايه وعدل وعفاف تطبق الحدود والقوانين الدينيه
    بعدها كما فهمت من طرح الاخ خالد ..ــ انطلاقا من هذا
    كله اقول ان حزب الامه وبغض النظر عن مقررات اسمرا
    المؤوده قد اختار معسكر القوي الدينيه ميدانا له
    مع بعض التحفظات علي كيفيه التطبيق وتوقيته وسيكون
    سوق الجدل والاستدلال بالنصوص هو سمه مرحله قادمه
    وتبعد وتغيب اراده الجماهير ومطالبها المشروعه في
    الخبز والعلاج والتعليم سوف توضع هذه القضايا علي
    الهامش ويركز حوار حزب الامه مع رصفائه الاسلاميين عن
    عن عدد الحدود وجواز تولي المراه واهل الزمه للولايه
    الكبري والعت واللت حول المضاربه والمرابحه والتعامل
    مع المؤسسات الربويه العالميه ووضع المسيحي في شمال
    البلاد ...سيكون هذامجال حواركم ياخالد فأستعد للانكباب
    في متون وحواشي كتب الفقه وتزود بحصيله تمكنكم من حوار
    جماعات التكفير والهجره وقطعا لن تجد وقتا لحوارالاخ
    عادل عبد العاطي ستضعه الغيبوبه والرده الفكريه
    والزمان السلفي القادم في قفص اتهام وتستل الاتها مات
    عليه وعلينا بدعوي جحد تطبيق الحدود وتتعالي علينا
    الصيحات بدعوي رفض الشرع ...اذن يا خالد موضوع
    القوانين هذا يحتاج لرأي قاطع بعيدا عن الضبابيه
    فمثلا انا ارفض تطبيق قوانين دينيه حتي ولو توفرت
    العداله والرحمه والعفاف لان المساله عندي مبداء
    دستور مواطنه ودوله مدنيه وقوانين بشريه غير مقدسه
    قابله للتعديل والتطوير والنقد..
    ......الموضوع الثاني هو ملاحظه منيى حول موقف الساده
    عبد الرحمن المهدي والسيد علي والشريف يوسف الهندي من
    ثوره 1924 موقفهم من هذه الثوره لم يكن ايجابيا
    ولم يدعموا او يساندو الثوار والذين عوملوا علي انهم
    مجموعه مثقفيين وافنديه منبتين ولاوزن او جزور اجتماعيه
    عريقه لهم...
    وكان موقف هذا الثالوث من تحرير الارقاء عند بدايه
    الحكم الثنائي غير ايجابي ايضا علينا ان نعترف بهذ
    السلبيات بمثل ما نبرز ايجابيات هولاء الساده فهم
    فالنهايه بشر يخطي ويصيب
    الاخوه المتحاوريين في هذا البوست سأنقطع من الكتابه
    معكم مجبرا لفتره ما نسبه لسفري للسودان للزياره علي
    امل المواصله من هناك ...سأسافر غدا ودمتم
                  

05-12-2003, 05:26 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: kamalabas)

    عزيزي عبدالعاطي
    فلنعترف بأن هذه القضايا المثارة ، هى محل سجال تاريخي طويل ، وموضع دراسات معمّقة ، بيد أن القطع تماما بأن القراءات التى تستند عليها ، هى فى مطلقها حقائق دامغة لا تقبل المراجعة هو من قبيل التجني الفادح ، ليس على عبدالرحمن المهدي ، وانما على عقولنا الباحثة عن تأسيس مرئيات جديدة حيال أمور عدة ، فلا أنا ولا أنت أكثر وثوقا حول التاريخ المعاصر من أكاديمي ضليع كالبروفسير محمد ابراهيم أبوسليم ، فلماذا مال الرجل الى محاججة كل خصوم الامام الراحل مؤخرا ليجهر برؤية تتسم بالانصاف ، بل وتتعداه الى التقريظ واعتباره "أب الاستقلال " ، هل بوسعنا أن نشك ولو لحظة بأنه انما يسدي خدمة الى الحزب الذى ينتمي اليه ؟ كلا فالبروفسير غير منتم لحزب الأمة ولا هو بأنصاري ، فلماذا ينبري للدفاع عنه وتبرئة ساحاته كلها ؟ سأتجاوز مسألة بساطة الأسئلة ، الى خلط منهجي وقعت فيه ، فما من اثبات واحد يقوم على زعم السخرة ، الذى تنسب الى الاخ عبدالمحمود تأكيده ، الا اذا كنا نعتمد "اللامنهج" فى قراءة العلاقات الاقتصادية ، وارجع الى ما كتبه الاستاذ عبدالمحمود لتتبين وتقرأ جيدا كيف كان الناس يخيرون ما بين أمرين لا تتوفر فى أى منهما "السخرة " وليتك عرّفتها علميا كى لا نقع فى الخلط !!
    أمر أهم ، لماذا حصرت النقاش فى مسألتين ، مسألة بيوت لندن ، ومسألة الخلاوى باختزالك الكامل ذكري ايضا للمدارس و"معهد القرش" وما أشرت اليه موثقا من قبل "السر قدور" وغيره عن رعايته ودعمه للأنشطة الفنية والثقافية والرياضية فى السودان فى بداية تشكلّها ، ولماذا قفزت عن أخذ عبرة من هذه الأعمال ، أهى الاخري تصب فى اتجاه العمالة ؟ ومن هو بابكر بدري الذى ذكرت ، ومن الذى أسس معه بالمال مدارس الاحفاد ، وكان بمثابة السند الأكبر فى اتجاهه التعليمي ، راجع البروفسير قاسم بدري وستحظي باجابات شافية عن امام "العمالة والخيانة" ، وكم كان قمينا به أن يكدس الأموال لمصلحته الشخصية بدلا عن انفاقها على رحلات المحجوب وصحبه الى نيويورك والقاهرة مطالبة بالاستقلال وبحثا عن دعم دولي له ، وفى انشاء مئات المدارس والخلاوي _ وارجوك الا تتغافل عن المدارس مرة اخري _ ، وفى دعم النهضة الفنية والثقافية التى توفر وعيا يمكن ان يقتلع الولاء عنه ، ولك أن تتأمل ما انجزه الفن السوداني فى تلك الفترة ، فترة "فى الفؤاد ترعاه العناية " و" عزة قومي " المحرضة على الالتفاف حول الوطن ، فكيف بالله يستوي دعم هذه الاتجاهات وخيانتها فى آن ؟! أما كان من الأفضل له تنمية الأموال لمصلحته ومصلحة الاسرة بدلا من أن يكون مدينا لتجار صبيحة الاستقلال ، وبدلا من شراء بيوت للطلاب السودانيين فى لندن والقاهرة "بالعملة الصعبة" ، تخيّل أن يقوم رجل خائن بشراء ثلاثة بيوت فى قلب العاصمة البريطانية المعروفة بغلاء عقاراتها ، من أجل تثقيف وتعليم أبناء السودان ، انها لا تساوي شيئا هذه البيوت فى مسار النضال ، لكنما تؤسس لما هو أكبر ، تؤسس لمستقبل الوطن ، عبر ابنائه المتعلمين فى أرقي جامعات الغرب ، اننا لا نغمط على عبداللطيف نضاله وجهاده ، لكن فى المقابل فاننا لا نعمط الآخرين حقوقهم ، وقل لى لماذا انضم أحد رفاق على عبداللطيف _ صالح عبدالقادر احد ثوار 24 _ لحزب الأمة غير الوطني ، الخائن دوما ، المعمّد فى دور لندن السياسية واملاءاتها ؟!
    اننا نقول بأن اسلوب الرجلين _ عبدالرحمن المهدي وعلى عبداللطيف _ كان مختلفا ، بل أن آخرين فى نفس الحقبة ، اختلفت وسائلهم عن وسائل الرجلين ، فهل هكذا ببساطة يتم تخوين الناس بناء على اختلاف الوسائل ، أما أسس المهاتما غاندي لنفس المسار النضالي السلمي المشابه لمسار الامام ؟
    أنا لم أطلب من أحد أن يصفق ، لكن فى المقابل لا اتمني أن "يبصق" هذا الأحد على ما هو مختلف عليه ، فليس ثمة دليل مؤكد حتي الآن على العمالة ، وتفيد الاعمال التى أحصيناها أعلاه على حس وطني ، تسندها "أى هذه الاعمال " رؤية موضوعية أكاديمية قدمها واحد من الثقاة هو البروفسير ابو سليم ، ونحن مدعوون لتعقّب الوثائق التي افرجت عنها وزارة الخارجية البريطانية مؤخرا وقام بترجمتها الزميل _ فى الشرق الاوسط حسن ساتي _ ، وتعقب كل المراجع الأخري ، ومقارنتها مع بعضها ، واخضاعها لمنهج عقلاني فى التحليل والتأويل ، وتأمل عزيزي عادل ، انني لم أدعوك ابدا للرجوع الى مراجع كتبت بواسطة عبدالرحمن على طه ، وأمين التوم ، وابراهيم أحمد وغيرهم ، لكن ادعوك قليلا لاعادة قراءة فيصل عبدالرحمن على طه ، وفدوي عبدالرحمن على طه ، ومقارنتهما ايضا بما ورد اعلاه !!
    من دون هذا الاعمال العقلي المعمّق لا يمكن الزعم بهذه الحدة والاندفاع بأن أموال الامام كانت تحيطها الشبهات ، وان تاريخه بالكامل كان خاضعا للاملاء الانجليزي !!
    أما ماذا فعل حزب الامة لأبناء دارفور وكردفان ، فذلك أدعي لاستثارة نعرات غير محمودة فى هذا الوقت ، وادعي لتبسيط المنهج الذى نعمل به لأسباب عدة أولاها ... كم حكم حزب الأمة ، وفى أي ظروف ومعطيات ؟
    أما ثانيها ، فلنا أن نستطرد قليلا ، لنوضح جليا حجم الاختلاف حول المنهج النقدي والاصلاحي الذى يدعو كل منا اليه ، فالمفارقة هنا ليست فى التبسيط وحده ، وانما الاختزال المعيب الذى شاب كل بحثك عن حزب الأمة بعزله كاملا عن محيطات مهمة ، لأى باحث متعمق فى شأن معقّد كالشأن السوداني ، حين نصوغ تصورات مختزلة لمحاكمة حزب وسأعدد هنا القصور المنهجي الذى أسلمنا تدريجيا الى نوع من الحرث الذى لا طائل من ورائه ، طالما ان الاصرار متوفر لادانة جسم سياسي أوحد ، بدلا من العناية بطرح منهج متكامل _ لا يستبعد حزب الامة البتة من حيّز الادانة الصارمة ، ولا يقدّس الشخوص _ لكنه يخضع المكوّنات كافة لرؤيوية متكاملة تؤسس فعلا لفهم أكثر شمولا لعملية الاصلاح ،
    أولا : وضع الباحث _ الاخ عادل عبدالعاطي _ افتراضاته مسبقا عن حزب الامة وبتقريرية مثيرة للدهشة ، ليرمي فى فضاء عريض وغير مؤسس دعواه بالتخوين والعمالة و"اللاوطنية" ، ومن ثم عمد الى تجميع ، وتأطير حيثيات تدعم رؤياه الاولية المقررة سلفا ، وتعززها ، وبشكل لا يفسح مجالا لأية مراجعة ، اذ أن التجريم سابق للحيثيات ، وهذا فى اعتقادي ، يفقد الباحث صفة الموضوعية ، لأن المنهج الذى يتبعه _ حتى من الناحية الفلسفية البحتة _ لا يوفر أى قدر من فرص أسئلة مضادة ، أو حوار موضوعي يتيح للباحث التراجع حال توفر حيثيات مخالفة ، فالخلاصات النهائية توفرت فى المبتدأ ، ما يدع الباحث للدفاع عنها بشتي السبل .
    ثانيا : من دون تعريف أكاديمي ب"الحزب" و"الحركة الوطنية" و" الدولة" و"المجتمع السياسي" و"المواطنية" و"الديمقراطية" وغيرها يقذف الباحث بافتراضاته فى اطار غير مقنن من الاستطرادات التى تجتزيء المعطيات ، وتميل الى تسطيح الجزئيات الاخري غير السياسية فى ضوء مجتمع "غير مشكّل بالكامل" ، ولكي اوضح مرادي من ايراد هذه الجزئية لابد من لفت النظر وبقوة ، الى ان البحث افتقد التواصل الاكاديمي المفروض ، فى فحص العلاقات والاطر التى يتحدث عنها بيقين كامل لتشكلها وديمومتها فى المشهد السوداني ،ولابد من التأكيد جزما بأن هذه العناصر المذكورة كلها لم تتشكل بالقدر الذى يجعلنا نزعم فعلا بأن " المجتمع السياسي" صار مؤهلا فعلا للقيام بوظيفته السياسية ، ففى مقدوري الاشارة الى ضرورة تضمين البحث ملامح عامة عن "الدولة" وحضورها ووظائفها وتأريخها ومدي رسوخها وفهم "المواطنين " لوظيفتها ، كما أن "المواطنية " نفسها هى مصطلح تجريدي فى بلد كالسودان ، فعلي أى أسس نزعم فعلا بأن "المواطنية" محققة فعلا فى السودان ، وقادرة على أداء وظائفها باقتدار ، وقادرة أكثر على تحصيل حقوقها السياسية والاجتماعية ، وجميعنا يدرك بأن العلاقات لا زالت مؤسسة فى أردية قديمة لا تخرج عن نطاق القبيلة والاقليم والمذهبية الدينية او الاجتماعية ، فضلا عن أنها معطلّة فى اطارها الحقيقي عن أداء دورها وفهم علاقاتها بالدولة والمجتمع السياسي (الذى تشكله الاحزاب) ، عدا عن كون الأبعاد الحقوقية والقانونية واطر "الواجبات والحقوق" غائبة بالكامل عن ثقافة "المواطنية" فى السودان لهشاشة الاعتراف بها من الأساس ، أما "الديمقراطية" فهي الاخري فى حاجة الى تواضع علمي وسياسي للتعريف بنموذجها السوداني ، هل هى تأسست بالفعل فى البيئة السودانية كأداة لتنظيم العلاقات ، والتعبير عن المصالح ، وتحقيق تطلعات أغلبية ما من دون هضم حقوق الاقليات ، وهل تمتعت بعافية النضج الدستوري ، والقانوني ، وأشتغلت بوظائفها كاملة فى اتجاه توظيف "المجتمع السياسي" والآخر "المدني " وخلت أذرع الدولة والمؤسسات الاقتصادية الخاصة المعبّرة عن شرائح عاملة "كالنقابات " من تشوّهات مستوطنة بفعل " الاداء الضعيف" للمجتمع السياسي ، وكل ذلك ، هل اتجه لتكوين فضاء دستوري عريض ، وحيوي ومتحرك باستمرار للامام لتوفير أقصي الضمانات للحد من سلطة الدولة ، واشتغالات "المجتمع السياسي " ؟
    هل سعي الباحث فعلا لدراسة "حضور" هذه المفاهيم التي تبدو حتي الآن تجريدية تماما فى الواقع السوداني ، هذا تجاوزا بالطبع لمصطلح تجريدي آخر هو "المجتمع السوداني "!!
    ثالثا : اذا افترضنا جدلا ، أن العناصر الاجتماعية ، والاقتصادية ، والثقافية اللازمة للديمقراطية كلها غير متوفرة ، وأن الاشتغال السياسي الى الآن لا يعدو عن كونه "حركات تحرر" أو كفاح ضد الاتوقراطية ، فهل يمكن تقديم نقد منهجي منفصل عن هذه المكونات والعناصر؟
    رابعا : أشار الباحث فى واحدة من كتاباته الى انتمائه السياسي ، ما يوفر باستمرار شبهة التقصّد ، طالما أن المنهج الذى اتبعه ، خلا من اية ايماءة للخلخلة المجتمعية وضعف ثقافة المكونات الرئيسية لديمقراطية ناجحة ، والهشاشة المفترضة فى ما ذكر فى "ثانيا" ؟
    أنا لا ادعوك عزيزي عبدالعاطي ، لتغيير رأيك حول حزب الأمة أو الامام عبدالرحمن ، بل تجدني اكثر انتقادا منك ربما لبعض النواحي فى حزب الأمة وتاريخه ، وانت تدرك ذلك جيدا ، لكني أري خلل حزب الامة الحاصل الى الآن ناتج ومتفرع عن مستوي أكثر شمولا من أزمة كبيرة لابد أن نعالجها كلنا اخي عادل ، بتقديم قراءات معمّقة تستدعي أن ننظر بعين الاعتبار للمكونات كافة ، وتقتضي ان نشتغل بالحفر أكثر عمقا من مجرد الادعاء بأن هذا الحزب او ذاك ، او هذا الطرف او ذاك ، هو المسؤول الاوحد عن هذا الدمار ، والحال هذا ، نحتاج يا عادل الى جهد تثقيفي وتوعوي هائل ، لك كل الحق فى اعتبار حزب الامة معوّقا لهذا الجهد ، كما أن لى الحق فى اعتبار أن الاصلاح هو اصلاح شامل ، وان الاتجاه لابد أن يكون متكامل الجوانب ، وبتفحص شمولي لكل العناصر ليسهل _ من داخل حزب الأمة _ ومن خارجه تفكيك وتحليل الأزمة ، فى هذا الاطار يبقي تسليمنا لرؤاك بأن حزب الامة هو الذى أفسد الحياة السياسية ، وما يستتبعه هذا من تهم كثيرة ، _ بعضها صحيح واوافقك عليه _ شرط أن يقرأ بشمولية أكبر ، ويؤطر فى اطاره الصحيح كجزء من أزمة شاملة ، وادعوك بحميمية ومحبة وتقدير لجهودك للاطلاع على بوست يهمك ويهمني ويهم كل ذوي الرؤي الاصلاحية هو المعنون ب" الى كل الاعضاء : فى غاية الاهمية " ، فهكذا نري جزء من الأزمة ، ونحاول _ جماعيا _ العمل على حلحلتها ، مع استمرارنا على الاشتغال فى هذا البوست على الحفر عميقا فى تاريخ وواقع وفكر وادوار حزب الامة ، لأنني مؤمن أشد الايمان بأن ما تسديه أنت من خدمة الآن _ برغم اختلافنا _ يصب تماما فى مصلحة الحزب ، وفى لفت نظره الى رأي آخر مخالف ، وفى تدعيم رؤي الاصلاحيين ، التى _ وبكل أمانة ونزاهة وصدق _ تحتاج فعلا فى بعض الاحيان لمن ينشطها ، ويقويها ، ويعززها ، برؤي متعددة ، وخارجية ايضا لأزمة الحزب واجتراح الحلول
    ولهذا فسيتعين علىّ أن أوافقك الرأى عن مسؤولية الحزب "الجزئية" عن المشكلات التى ذكرتها فى البوست الأخير حول دارفور والتعليم وغيرها من المسائل ، لكن فى اطار رؤيتي الشمولية لجوهر المشكلة ، وستجد مني كل الدعم والمساندة الفكرية والثقافية لتأسيس فهم مشترك لدراسة واقعنا السياسي ، مقترنا بالاجتماعي والثقافي ، والتثقيفي والتربوي ، من اجل أن ينبني الاصلاح ( الذى لا اراه فى حزب الامة فحسب ، انما لابد ان يكون اتجاها عريضا ) على أسس منهجية واضحة تفيد برغبتنا لتحقيق أهداف محددة علينا ان نعمل عليها سلفا
    ودمت



    عزيزي كمال عباس
    الفت نظرك الى اعادة قراءة موضوعي بدقة ، لأن الواضح من القراءة التى قدمتها بأن فكر حزب الامة قدم معالجات فكرية وفقهية مستمدة من روح الاسلام تضعّف جدا من الأخذ بأسباب التطبيق فضلا عن توسعه الكامل فى ايجاد معالجات اخري للانحرافات بحيث تفضي هذه المعالجات فضلا عن التضييق الحاصل اصلا من قبل المشرع الالهي _ من خلال صعوبة الاثبات بالادلة القطعية _ الى تعزيز وجود وحضور هذه المعالجات واستبعاد التطبيق ، كما أن ما ورد فى مكتوب الاخ اسماعيل نقلا عن الصادق المهدي ، يؤكد أن تطبيق الشريعة ليس من مهمة الاحزاب السياسية ، وبوضوح يذكر ان فى هذا افساح للمزايدات والتكسب باسم الدين وهو مرفوض ، علاوة على ان حزب الامة كان من اول الدعاة الى دولة مدنية تحفزها باستمرار رقابة الجماهير على القوانين ، لتطويرها والله اعلم
                  

05-12-2003, 08:47 PM

سونيل


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: خالد عويس)

    الاحباب خالد واسماعيل وراق وةبقيه الاحباب والاخوان
    قال الشاعر لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
    لم ارى في حياتي شخص تجسدت فيه العقليه الدوغمائية مثل ما تجسدت في الاخ عادل , فهو يعكسها في اقبح صورها فليس من المعقول بعد كل هذا الجدال الموثق والمرتكز على منهج علمي بحت من قبل الاحباب ومقارعة الادعاء بالحجه والبرهان والقول الفصل ثم بعد ذلك نجد الاصرار مع كثرة الاعتزارات من جانب الاخ عادل فكل بوست يعقبه اعتزار ولكن مع اصرار وثبات في الموقف بحجة ان هذة قناعات والملفت ان القناعات جلها تجاه الامام عبد الرحمن طيب الله ثراه ولا ادري لما يحمل الاخ عادل كل هذا الحقد للامام مع ان الامام لم يعش في زمان عادل حتي نقول انه شاهد عصر فكل ما اورده الاخ عادل من مواثيق يدعيها ادعاء نجدها من اناس يختلفون كامل الاختلاف مع الامام عبد الرحمن ولهم دوافع سياسيه واخرى شخصيه في الهجوم على الامام عبد الرحمن ولكن ما بال البصيرة ام حمد ؟؟؟ وهو في هذا يذكرني باحد الرفاق البعثيين في جامعة الجزيرة ابان الحياة الطلابية عندما كنت والحبيب ياسر فتحي كدودة في رحلة سياسيه الي كلية الانتاج الحيواني بالمناقل وفي ركن للنقاش اصر الرفيق بان نداء الوطن مخالف لمواثيق التجمع الوطني واوردنا له الاتفاق وعرضناه على الحركة الطلابية ولم نجد أي اختلاف او مفارقة بين الاثنين ولكن الرفيق اصر بحجة ان قيادته قد قالت له هذا ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!! وانه لن يقتنع بغير ما قيل له ؟
    وكذا الاخ عادل والحكامه دينق ولا اجد دوغمائية اكثر من هذه حتي ماركس ولينين لن يستطيعوا ادراكها فهنيئا للسودان بذوي العقول الجامدة
    والى من ينادون بتناذل السيد الامام الصادق المهدي عن رئاسة الحزب قبل ان تتمادوا حاولا مجرد المحاولة ان تجيبوا علىالسؤال كم لبث كل من الآتية اسماؤهم في قيادة احزابهم
    السيد محمد ابراهيم نقد ( لم ينصبه مؤتمر عام
    العقيد جون قرنق ( عسكري نصب نفسه
    السيد الحسيب محمد عثمان الميرغني ( لم ينصبة مؤتمر عام بعد
    بدر الدين مدثر سابقا
    خيش حسن الترابي
    ومن من هؤلاء القادة له تنظيم ديموقراطي فكل هؤلاء تنظيماتهم عقائديه ميكافيليه لا تؤمن بالديموقراطيه
    الديموقارطيه علم وثقافه وفلسفه هل العقيد سوف يتجرد من شخصيته العسكرية ويؤمن بالقلم والمدنيه لا اعتقد ذلك فالعسكري يولد عسكري ويموت عسكريا
    فرجاء اخ عادل اترك هذة السماجه وتكرار ادعاآت غيرك وحاول ان تنير طريقك بنفسك ودعك من قالوا وقلنا فان عصر المشاطات قد ولى والى غير رجعه
                  

05-13-2003, 07:03 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: خالد عويس)

    الاخ خالد

    لا يمكن عزل الاشياء عن ظروفها ؛ فهذا محال ؛ ولكن في نفس الوقت ؛ لا يمكن ان نتعلل دائما بالظروف ؛ للتحلل من المسؤولية ؛ ولست انا من محبذي الموقولة التي تزعم ؛ بانه ليس في الامكان احسن مما كان ؛ بل اقول انه دائما في ظرف معين ؛ هناك طريقتان للتصرف او اكثر ؛ وهنا يبرز معدن الرجال والنساء؛ في كيقية تصرفهم في ظل ظروف غير مؤاتية

    اراك تذهب لرمي بعض المسؤولية علي المح=جتمع السوداني ؛ ونضج او عدم تبلور بعض المفاهيم فيه ؛ لتحل عبدالرحمن المهدي وحزب الامة من بعض مسؤولياتهما ؛ وانبهك هنا ؛ الي ان هذا سلوك صفوي استعلائي لا يجوز منك

    لقد بني الشعب السوداني ؛ حركة سياسية وطنية لا طائفية ؛ امتدت الي القري والمدن السودانية ؛ اقصد حركتي الاتحاد السوداني والللواء الابيض ؛ وابتدر العمل الاهلي ؛ وعشية الاستقلال انخرط بحماس في العملية الديمقراطية ؛ وصوت لممثلي الحداثة حينها ؛ علي علاتهم ؛ فلا تلق بالمسؤولية علي الاخرين ؛ وقطعا ليس علي شعبنا

    اما عن مجمل الحركة السياسية والفكرية وضرورة نقدها ؛ فقد كتبت عن ذلك وساهمت قبل سنوات عدة ؛ ولا ازال ؛ والرجاء قراءة مقالي الموسوم : ازمة المشروعية في الحركة السياسية السودانية ؛ وقد حاورت الاتجاه اليساري في عدة محاور ؛ كما تحاورت مع الجمهوريين ؛ والليبراليين ؛ ونقدت الاسلاميين ؛ وتعلم نقدي المبديئ لتجربة التجمع الوطني الديمقراطي ؛ وكل ذلك متوفر بالشبكة العالمية وببعض الصحف التي تفضلت بنشر بعض هذه المساهمات ؛ فلا ترمني هنا بالانتقائية ؛ او الانفراد بحزب الامة فقط

    اما اذا بدأنا بالنقاش حول هذا الحزب ؛ فسنوفيه حقه ؛ وسنكمل السرد التاريخي ؛وسنواصل التحليل والرد علي دفاعاتكم ؛ ولو استمر هذا البوست لاشهر وسنوات ؛ وذلك لان آفة الحركة الفكرية والسياسية السودانية هي انعدام المثابرة ؛ وانعدام الوضوح الفكري والسياسي ؛ والتغطية علي الاختلافات ؛ واخفاء التاريخ ؛ والرضاء عن الذات ؛ والدفاع عن الحزب الذي ينتمي اليه الفرد ولو ظهر خطأه كالشمس في الزهيرة

    اما عن عبدالرحمن المهدي ؛ فاري انك لن تغير رايك في الرجل ؛ ولو اتي لك كل العالم ببينات علي تهادنه وتاييده المكتوب والممارس للانجليز ودعمهم له بالمال والاراضي والعطايا والقانون ؛ مما وصفناه بالعمالة والخيانة ؛ ووانت تعلم ان كل هذا حق ؛ ولكنك تتعلل بخيارات ما للرجل وظروف تاريخية ومجتمعية ؛ وباقوال ساذجة عن بيوت له هنا وهناك وخلاوي بناها او لم يبنها

    وما دمنا اتينا الي هذا الامر ؛ فلم اتطرق لمعهد القرش لانني ظننت انك سهوت واخطات ؛ حينما اوردت الامر كانه من "فضائل" الرجل ؛ وحسب فهمي المتواضع فمعهد القرش فكرة خرجت من مؤتمر الخريجين ؛ وقامت علي الاكتتاب ودفع كل مواطن لقرش ؛ ولا اعلم دورا لعبدالرحمن المهدي في الامر ؛ الا انه فوق كل زي علم عليم

    اما تشجيع عبدالرحمن المهدي لل"ثقافة" و"المثقفين" ؛ فقد قلت انا من البداية ان الرجل حاول تجميع المثقفين حوله ؛ وبذل لهم العطايا والوعود ؛ وانه نجح في ذلك بعض النجاح ؛ واقول لك الان انه انتهي في القرن ال20 وال21 ؛ زمان الخليفة الذي يهب ؛ والمثقف الذي ياخذ ؛ فالمثقف له دور تجاه المجتمع ؛ والمحتمع والدولة هما المناط بهما رعاية التعليم والثقافة والرياضة ؛ عبر مؤسساتهما الشرعية والمتخصصة والمؤهلة.. ولا يثير عندي غير الاشمئزاز ؛ عطاء عبدالرحمن المهدي للمثقفين ؛ او قل رشوته لهم ؛ وقبول اولئك لهذا "الاحسان" والعطاء ؛ وكاننا رجعنا الي عصور كافور وسيف الدولة وغيرها من العلاقات المريضة ما بين المثقف والسلطة

    ونواصل

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 05-13-2003, 07:36 AM)

                  

05-12-2003, 08:27 PM

kamalabas
<akamalabas
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 10673

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    الاخ خالد عويس تحيه
    الواقع انك اجتهدت كثيرا في شرح فكر الصادق حول الدوله
    الدينيه وهو طرح متناقض يحاول ارضاء دعاه الاسلام
    السياسي والحداثيين في قضيه لا تحتمل التوفيق والتلفيق
    الطرح حمال اوجه ولن يقوي في الصمود امام الطرح السلفي
    او المستنير ...هل انت مقتنع بهذا الطرح وهل تعتقد
    انه يمكنكم الدفاع عن هذا الطرح الاصولي الذي يرتدي
    قناع الحداثه ؟؟؟اذا كنت انت المثقف والمستنير تدافع
    بهذه الصوره عن الدوله الدينيه؟فماذا يكون طرح اهل
    الجزيره ابا؟؟؟
    اخي خالدحتي لو حققت كل مقاصد الدين وسماحته والوفره
    والرخاءوالعفاف ستجد مليونيرا يسرق ومحصنا وعالما
    بالدين يزني او يتعاطي الكحول....فماذا انت فاعل
    ستطبق القوانين الديني هنا بالتاكيد وهو امر يرفضه
    دعاه الاستناره من حيث المبداء لامجال اذن للاتفاف علي
    هذه القضيه انا حقيقه مندهش لمحاولتك بمثل اندهاشي
    لطرح الصادق المهدي فلا تفترضوا الغباء في الانسان
    السوداني اوالمثقف هذا الطرح صعيف ومتهافت بل يثير
    الشفقه والرثاء القضيه مبداء لايتجزاء يا خالد..
                  

05-13-2003, 01:49 AM

kamalabas
<akamalabas
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 10673

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    الاخوه الكرام
    الاحظ في البوستتات الاخيره محاولات لتلجيم وتكميم الاخ
    عبد العاطي والنيل من شخصه لا من طرحه فقط...
    ولا ادري لماذا الاغتيال السياسي والمعنوي لعادل؟؟
    رموزنا وشخصياتنا التاريخيه التي انتقدها عادل ليست فوق النقد والتقييم
    فلماذا نريد ان نجعل منها كهنوتا مقدسا؟؟
    ارجوا ان نركز علي نقد المفاهيم والافكار للشخوص..لان
    هذا المنحي يقودنا للمهاترات والتجريح ويخدم اعداء
    الحريه الذين يروجون لزعم ان الحريه والدموقراطيه
    تعني الفوضي والمهاترات...

    (عدل بواسطة kamalabas on 05-13-2003, 01:52 AM)

                  

05-13-2003, 06:03 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: kamalabas)

    الاخ كمال

    شكرا لنقاشك الهادي المتوازن في هذا البوست وفي غيره من البوستات ؛ والذي يعلمنا ابجديات الحوارالحضاري ؛ حينما ننسي او نخطي

    رجوعا لاسئلتك لحزب الامة حول موقفه من علاقة الدين بالسياسة ؛ وهو موقف مبهم ؛ ولن تجد له اجابة مباشرة من الاخوان هنا ؛ وذلك لان موقف حزبهم وقائده قائم علي الغموض واللعب علي التوازنات والميل حيث تميل الريح ؛

    فحين زعم الصادق المهدي ان صوت الجبهة الاسلامية هو الاقوي في الشارع - راجع حواره مع مجلة الجامعة المسيطر عليها من قبل الكيزان في الثمانينات - فانه اتجه للتحالف مع الاسلامويين وبدأ يتحدث عن القوانين البديلة ؛ ونسي تماما ما قاله عن قوانين سبتمبر ؛ بل زايد عليهم بنهج الصحوة ودعوته الي اهل القبلة الخ الخ

    وفي عام 1995 وحينما كان النظام مضغوطا ومعزولا عالميا واقليميا ؛ وبدأ ان التجمع هو القوة القادمة ؛ فقد وقعوا علي مقررات اسمرا 1995 ؛ ودعوا الي فصل الدين عن الدولة وعدم قيام احزاب علي اساس ديني وقيام الدولة علي اساس المواطنة وهلمجرا والخ

    الان يرجعوا الي مواقف قريبة من مواقف التيار الاسلاموي ؛ وذلك بعد ان انفضحت في الممارسة كل عري وهزال الدولة الثيوقراطية ؛ التي تتوسل بالدين للحكم ؛ وتخلط ما بين الديني والسياسي ؛ والروحي والزمني ؛ وليس هذا جديدا علي حزب لا يتميز بالاصالة الفكرية وانما ياخذ مفكره " من كل بستان زهره ؛ ويميل حيث تميل الريح

    من الناحية الاخري ؛ فان تاسيس حزب الامة علي قاعدة من كيان ديني - الانصار - والتزتم رئيسه بقيادة هذا الكيان ؛ ك"امام" له ؛ تجعل كل جهود اصلاحية تجاه اتخاذ مواقف مدنية وتنزية الدين عن السياسة ؛ محكوما عليها بالفشل ؛ فمن يعتمد علي قاعدة دينية لجلب النفوذ وتقويته ؛ لا يمكن له ان يتخذ اجراءات تضرب في اسس قاعدة تاييده ؛ وفي ظل الاتجاه السلفي الرجعي الذي حاول حزب الامة لعقود ان يقنع به جماهير الانصار ؛ فان اي تحولات مثل هذه يمكن ان تولد رد فعلا غير محسوب العواقب ؛ وخصوصا في ظل مزايدات الاسلامويين عليهم ؛ وتتذكر كيف كان حزب الامة وقائده يعتذر ويبر ر لاي اتفاق له مع الشيوعيين او الحركة الشعبية ؛ رغم ان هذا كان يصب في مصلحة حزبه وحكومته
                  

05-13-2003, 06:19 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    لو كان الصادق المهدي مفكرا اصيلا واصلاحيا بحق ؛ لوقف موقفا ثابتا ومثابرا تجاه مدنية الدولة ؛ وفصل القداسة عن السياسية ؛ وبناء تحالفات وطنية تنهض بالبلاد من اومتها ؛ هذا البرنامج الذي طرحه الصادق في 1967 ؛ علي علاته ؛ ورغم التشوية والخربطة فيه ؛ كان يمكن ان يكون قاعدة لتوجه اصلاحي في حزب الامة ووسط الانصار

    ماذا فعل الصادق ؛ سرعان ما رجع للاتفاق مع عمه ؛ وبلع كل ما تشدق به عن الاصلاح والتجديد ؛ ليبرهن للمرة الالف ان مصلحة الاسرة فوق مصلحة الوطن ؛ واغتالت جهات مجهولة ؛ ليس الجيش ببعيد عنها ؛ حليفه وليام دينق ؛ ويا لها من طريقة حضارية لفك التحالفات ؛ وبدا في السير علي حبل التوازنات ؛ مرة مؤسسا للجبهة الوطنية حاضنة الحزب القزمي الاصولي ؛ ومرة متحالفا مع نمير ي في الاتحاد الاشترالكي ؛ ثم راحعا الي المعارضة ؛ الخ الخ

    التقلبات السياسية في حياة الصادق المهدي ؛ من التحالف مع القوي الجنوبية - سانو ؛ والاصولية ؛ والعلمانية ؛ الخ الخ ؛ ترتبط دائما بتقلبات فكرية ؛ وذلك لان الرجل ليس مفكرا اصيلا ؛ وانما هو ملتق من الدرجة الاولي ؛ وقد نتوفر لذلك ذات يوم ؛ وان كان الجمهوريون قد اثبتوا هشاشة فكره وتلفيقيته ولعبه علي التوازنات وتناقضاته المتعددة

    ولان الصادق مغرور ؛ فهو يريد ان يجعل لكل موقفا سياسيا ؛ سندا فكريا ؛ وهو بهذا يخلط ما بين دور المفكر والمنظر ؛ ودور السياسي ورجل الدولة ؛ فالمنظر والمفكر يعمل في اطار النظريات الاستراتيجية ؛ ويضع الخطوط العامة النظرية ؛ والسياسي يعمل في اطار الخطوط التكتيكية ؛ ووفق فن الممكن ؛ الا ان المفكر الاصيل لا يتنازل ابدا في فكرة لمجاراة اليومي والتكتيكي ؛ فهو صاحب رسالة ؛ والسياسي الاصيل لا يتعدي الخطوط الحمراء لاستراتيجيته ؛ وفي تكتيكاته يكون الهدف الاسمي دائما امام عينيه ؛ وهؤلاء هم المفكرين والساسة الاصيلين ؛ من امثال ويلسون ؛ وروزفلت ؛ وغاندي ؛ ومانديلا ؛ وايدناور ؛ ومانديلا ؛ وعلي عبد اللطيف ؛ وعبد الخالق محجوب ؛ ومحمود مخمد طه ؛ ولكن قطعا ليس الصادق المهدي
                  

05-13-2003, 06:40 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    لم يثابر الصادق المهدي علي طرح خط تجديدي واصلاحي في داخل "حزب" الامة وكيان الانصار ؛ طيلة اربعين عاما من الفعل السياسي و"التنظير " ؛ والتنظير هنا استخدمها بمعناها السلبي ؛ الدارج عند البعض ؛ لوصف الكلام الكبير المقعر المفتقر الي الاسس الواضحة والمنبت عن الواقع ؛ ولو فعل الرجل لشف في التربة السودانية ووضع ثمرة كانت ستاتي اكلها اليوم ؛ ولكن بعد حصيلة اربعين عاما من التنقلات ؛ ما بين السندكالية ؛ والقيادة الملهمة ؛ والتنظيم الجامع ؛ وتهج الصحوة ؛ ودعوة اهل القبلة ؛ والديمقراطية المستدامة ؛ والوسطية ؛ وغيرها من التخريجات والتعبيرات الانشائية ؛ والمتابعة لكل موضة ؛ وكان الرجل حسناء تود ان تعرض مفتنها الفكرية ؛ بلبس ثوب جديد في كل موسم ؛ فاننا في العم 2003 ؛ وفي الالفية الثالثة ؛ نفاجأ بالرجل يرجع بنا القهفري ؛ ويحدثنا عن فضيلة الجمع بين الامامة ورئاسة الحزب ؛ والقداسة والسياسة ؛ والسلطة الروحية والزمنية ؛ وهو امر لم يجرؤ عليه حتي عبدالرحمن المهدي والهادي المهدي

    ان يفعل الصادق المهدي كل ذلك ؛ فتفسيره برحع الي عدة عوامل ؛ نذكر منها :
    1. شخصية الرجل المترددة والمتناقضة ؛ ورغبته في ارضاء الكل ؛ واذا كنت تبحث عن ارضاء الجميع ؛ فانت لن ترضي احدا.
    2. خلط الرجل ما بين العمل الفكري النظري ؛ والعمل السياسي اليومي ؛ الامر الذي يجعل الاتجاه يضيع منه ؛ عندما يدخل لتفاصيل العمل التنفيذي ومماحكاته
    3. رغبة الرجل في الحفاظ علي تراث المهدية ؛ ووحدة الاسرة ؛ وكان التراث لا يجدد ؛ وكان الاسرة هي قيمة اعلي من الوطن
    4. افتقاد الرجل للتجربة العملية والحياتية ؛ فالرجل في طول حياته كان سياسيا ؛ وكان اول منصب ياقلده في حياته ...رئاسة الوزارة
    5. افتقاد الرجل لعناصر صلبة في حزبه ؛ او خارج حزبه ؛ تقف من تخريجاته وتقلباته موقفا نقديا صارما ؛ وتكون له بمثابة الهاجس ؛ لكيلا يستمرأ هذه التقلبات وكانه معصوم من الخطا ؛ او كانه فات الكبار والقدرو

    اما ان يرضي رجال مثقفين وذوي عقل راجح ؛ الا ان يجعلوا نفسهم مطية لهذا الرجل ؛ بكل تردده ؛ وعجزه ؛ وفشله ؛ وانتقائيته ؛ وترتيقه ؛ وتلفيقه ؛ ومناوراته ؛ وتراجعاته ؛ وتخريجاته ؛ وانشائيته ؛ وتقلبه ؛ وانعدام اصالته ؛ وغروره ؛ وتمسكه بالسلطة ؛ وانعدام الروح النقدية فيه ؛ وطوباويته ؛ وخياليته ؛ وانكساراته ؛ ومسكه العصا من وسطها ؛ ونقائضه ؛ فامر غريب ؛ ولكن يمكن تفسيره
                  

05-13-2003, 07:33 AM

degna
<adegna
تاريخ التسجيل: 06-04-2002
مجموع المشاركات: 2981

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    الاخ العزيز عادل

    لم تقدم لنا الطائفية في الشرق سواء تخريب العقول وتدمير
    مستقبل اهلنا البجا تدميرا شاملا وذلك بأستغلال العاطفة
    الدينية لدي اهل الشرق ولكن نحن دب فينا احساس الثورية والكرامة المطلقة والحرية المطلقة وموعدنا النصر والله سينصرنا وسينصر دينه الحنيف الاسلام من بين
    براثن استغلالهم له ,,لا نشك للحظة ان النور والفرح الغامر في الطريق قادم وما نحن الا محاربين في هذا الطريق
    ليملئي وردا وديمقراطية وحرية واشتراكية
    لك كل التقدير والاحترام

    الاخ الفاضل خالد عويس
    لك التحية والسلام
    وانا لا يسعني سوي احترام تعليقك هذا

    دقنه السودانوي
                  

05-13-2003, 07:47 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: degna)

    الاخ دقنة

    وكذلك فعلها في الشمال والوسط والغرب ؛ اما الجنوب فحدث ولا حرج ؛ وكفاية مسووليتها عن الحرب الاهلية واستمرارها طوال حكوماتها الهزيلة

    الان ظهر وعي جديد ؛ وهذه المناطق التي كانت تزعم كمعاقل للطائفية ؛ انتبهت الي مصالحها وحقوقها وذواتها وتحرج من القيد الطائفي البغيض ؛ الي رحاب الحرية والاستقلال الفكري والسياسي والكرامة ومساواة البشر لا فرق بينهم ولا سيد ولا تابع

    المجد لنضال شعب البجة ؛ وشعب دارفور ؛ وكل مواطن حرر عقله وقلبه من اوهام الطائفية ومن سيطرتها البغيضة

    وعلي الدرب سائرين حتي تتحرر كل العقول ؛
    ويصبح كل مواطنينا احرارا متساويين في وطنهم وفي الانسانية

    عادل
                  

05-13-2003, 01:01 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    عزيزي عبدالعاطي
    أىّ سلوك صفوي استعلائي هذا الذى تنبهني اليه لمجرد انني أبحث فى النقد السياسي ونقد العقل السياسي ، واتبع مناهج فرنسية محددة فى مسارات بحثي كي لا تتوه خيوطه وتتشابك من دون معني ؟
    الحقيقة انني ملزم نفسي بأقصي درجات التقيد بمناهج فرنسية مختلطة تمثل اتجاهات حديثة تبلورت فى بداية التسعينات ، وهى الأخري تتقيد بادامة النقد الموضوعي للمكوّنات السياسية والمجتمعية والثقافية والاقتصادية بوصفها كلا لا يقبل التجزئة فى سياق النقد لما هو قائم او حادث او ( قام او حدث) ، وفي هذا أنا ميّال لاجتراح المصطلحات بل واعادة فرزها على ضوء ما تمثله فى الواقع فعلا ، لا بوصفها المطلق ، وميال أكثر للتقيد بضبطها المصطلحي اكثر من الاشتغال بدلالاتها التى ربما تكون مستلفة ، اذ يتعيّن علينا بالفعل أن نشكك ، وبمثابرة عالية على ما تلقناه عقود طويلة وبتواطوء من بعض المثقفين لا أبريء حتي مثقفي حزب الأمة منه ، حيال تداولهم لمصطلحات كادت أن تدعنا نصدّق بالفعل أن المعني بالديمقراطية _ على اختلاف تعريفاتها ، وتطوّر هذه التعريفات بشكل كبير _ مثلا مقارب بالفعل لما هو حادث فى فرنسا _ الولايات المتحدة _ بريطانيا ، رغم أن المقارنة معدومة ، ورغم أن الاسلوب الديمقراطي والتراث الديمقراطي فى البلدان الثلاثة مختلف بشكل جذري فى ناحية علاقات _ الدولة / المجتمع السياسي / المجتمع المدني / التنازع الطبقي / صيانة و"تطوير" الدستور والقوانين / تراث المواطنية / وغيرها _ هذا على سبيل المثال ، وثمل ما ينطبق على هذا ينطبق على المصطلحات الجزافية التى اطلقتها ، عن الحركة الوطنية ، والعملية الديمقراطية ، وممثلي الحداثة ، وهنا لا أميل ابدا الى تجريدكم من البحث الفكري المتواصل الذى تحفرونه فى هذه الجدر الصلبة ، لكن علينا أنت وانا ألا نحط من شأن المصطلح / الدلالة / التأويل / وتماسك الحيثيات المفروضة وتطابقها بالفعل مع هذه المصطلحات ، ليس بوصفها تهويما فلسفيا فارغا ، وانما لأنها فى جوهر الاصلاح ، وفى صلب النهضة ، واننا _ ازعم _ سنمارس الغفلة نفسها اذا لم نعن عناية فائقة بالتنبه لها ، وادراك أن الهوة لا زالت متسعة وفاغرة بين ما نطلقه جزافا على "الديمقراطية " و"الدولة" وغيرها من صفة مثالية ، المعني بها اننا فعلا حزنا على شيء من ممارستها الجادة ، وبين الواقع الماثل منذ 1956م الذى يؤكد وباستمرار أن الدولة لم يقو مفهوما بعد ولا هي تؤدي وظيفتها على النحو المطلوب ، ولا "المواطنية" تكونت ملامحها وباتت قادرة على تشكيل فضائها فى المجتمع السياسي او المدني ، ولا حتي "المجتمع" تكون بالفعل فى طوره المتماسك القادر على صوغ "ذاكرته التاريخية" التى تحميها الدولة ، أما اليدمقراطية فان مكوّن واحد (و غير متماسك ) من مكوناتها وهو المجتمع السياسي ( الفطير) هو المتوافر فى ظل انعدام المؤشرات الدالة الى تكوّن العناصر الضرورية الاخري وبالتالي فان المساومات غائبة بالكامل بين _ الدولة / المجتمع السياسي/ المجتمع المدني / الفرد المتمع بالمواطنية / العقد الدستوري _ ، فهل بهذا أكون حارثا فى البحر وممارسا لسلوك صفوي ، أم انني اطرح مباديء عقلانية كي لا نتوهم الفراغ العريض بوصفه ديمقراطية خربها المجتمع السياسي وحده ؟؟!
    انا اتفق معك اتفاقا غير مشروط فى تشخيصك ادواء عميقة وتكلفنا باهظا ، اذا ان ما اشرت اليه من آفات تنخر العملين الفكري والسياسي فى السودان ، وتفضّلك بقلة المثابرة ، والتغطية على الاختلافات ، والرضا عن الذات ، والدفاع عن الحزب ، هى جزء أصيل من هذا الخراب الشامل ، وسأعترف على المستوي الشخصي ، انني امارس كل ذلك ، ولست محرجا من الاعتراف الشفاف بذلك ، لأن تراثنا الديمقراطي واهن ، ولأن تجربتنا فى هذا المضمار تكاد تكون معدومة ، لكنني آخذ فى تطوير مفاهيمي تدريجيا ، وآخذ فى التقيد بها تدريجيا ، وتجربتب تتطور باستمرار فى اتجاه تصفية التفكير العاطفي والمحاججات الضعيفة الى التقوي بالعقلانية ، والشفافية ، والتدبر العميق ، ولا اقول بأنني اصبحت ديمقراطيا بالفعل _ لأنني اعلم اليوم ان هذا المصطلح ذو تكلفة باهظة وفى حاجة الى تنازلات كالمواطنية فى هذا السياق _ لكنني مؤمن بالديمقراطية ، ومؤمن أكثر بحاجتي الفعلية معرفيا وثقافيا وسلوكيا لأن اطوّر نفسي فى أن اكتسب معارف ديمقراطية وسلوكا ديمقراطيا يعزز ممارستي الديمقراطية ، فالاعتراف بالآخر ليس سهلا _ كما هو شائع _ انما يحتاج لدربة وعطاء فكري ووجداني وانسجام ، فهل سأزعم أنني ديمقراطي ، ولا زالت أمامي مسافة لبلوغ التسامح الحقيقي تجاه الآخر ؟
    وهذه ليست سمات تسمني وحدي ، انما الآخرين لا يحاولون الجهر بها ، اننا لمجرد سلوكنا سلوكا نقديا ، لا يعني ابدا اننا اضحينا ديمقراطيين ، وما أسوأ تعريف هذا المصطلح عندنا ، وما أشد تخبطنا فيه ، الحقيقة عادل ، أنني وللمرة الأخيرة ، لا أحاول الدفاع عن الامام عبدالرحمن ، ولست موكولا بالدفاع عن أى شخص ، بل انني زاهد فى الشخوص لايماني بالمؤسسة _ التى هى الأخري تعاني من غياب مزمن سواء على المستوي الفردي او الجماعي وتعاني ضعف الالمام بها وبمقتضياتها _ ، ما فعلته هو أولا ، معاينة الظروف كلها التى شكلت حقبة عبدالرحمن المهدي ، وثانيا ، التنبيه لبعض حسناته فى مقابل سيل السيئات التى دمغتها به ، ولن يثنيني هذا عن تتبع التاريخ ، والاعتراف لكل رجل بايجابياته وسلبياته ، ولن اسعي لتلطيخ سمعة أيا من رجالاتنا ، اذا لم يتوفر ما يقنعني اقناعا لا التباس فيه ، وطالما أن المحاججات قائمة ، ليس بيني وبينك وانما ايضا بين ثقاة من دارسي التاريخ وباحثيه فان الاستقصاء واجب ، والتشكيك قائم فيما ذهب اليه كلانا ، ولى عودة
                  

05-13-2003, 02:25 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: خالد عويس)

    عزيزي كمال عباس
    سأناقشك هنا لست بوصفي منتميا لحزب الأمة ، وانما بوصفي منتميا للوسط الثقافي ، اذا كنت تقبل بذلك ، ولا تعتبره هروبا من وظيفتي السياسية فى هذا الاطار ، واردت هذا فقط لكي نتناقش فى الرؤية العمومية لهذه الجدلية فى افقها الفكري البحت ، ومن دون ان اكون ملزما بالتعبير عن حزب الأمة بوصفه جسما سياسيا ، ولأن _ أخيرا _ القضية ليست قضية حزب الامة ، بل هى قضية مجتمع ، وتطور دستوري ، وحراك فكري يستلزم أن نخوض فيها من دون لافتات سياسية لأن فى هذا ما يتناقض فى المبتدأ مع ما اؤمن به من ضرورات الفصل .
    ان قضية تطبيق الشريعة الاسلامية ، لا يمكن نزعها عن هياكل عدة ، لاطلاقها فى فضاء الهيكل الدستوري المنشود فقط ، وأنني لأدرك تمام الادراك بأن المتاجرة بها ، والمزاودة عليها من قبل أجسام تتحسس طريقها بالصاق الصفة الدينية ، لا زال خيارا قائما بالنسبة للقوي السلفية فضلا عن قوي جديدى ستبرز معبرة عن صورة من صور الاسلام السياسي ، واذا تمت معاينة الظروف التى شكلت اطارا يسمح للاسلاميين سابقا بطرح القضية بوصفها مشكلا دستوريا ، وفرضا دينيا ينبغي التجاوب معه ، فلا يغيب أبدا عن ذهنييتنا الناقدة ، أن ذلك مثّل مطيّة سهلة بالنسبة اليهم لتعبئة (الرأى العام) وهنا لابد من توقف لمناقشة المصطلح الأول ، اذ لا شك فى أولوية الأخذ بالاعتبار مفصلية الرأى العام فى الديمقراطية والتوجه المدني على عمومه ، لكن أىّ نوع من الرأى العام كان ذاك؟ بايجاز ، يمكن التحدث عن رأى عام هلامي الى اقصي حدود الهلام ، تعبئه عاطفيا وتشحنه دينيا فئة قليلة تتقصي مصالحها من خلال المزاودة على اللعبة الديمقراطية ليس فى اطار المساومة السياسية والدستورية المعروفة فى الاطار الديمقراطي ، وانما المساومة (الانتهازية) للمعرفة سلفا بأن الرأى العام ما هو الا سديم فوضوي لا يتمتع بأدني قدر من استقلالية القرار او حتي التفكير ، وهذا الاشكال سيلاحقنا ردحا طويلا من الزمان ، الى ان يبلغ (الرأى العام) درجة من النضج والتكوّن المستنير لأداء وظيفة ضاغطة فعلا لتعديل القوانين ، وحينها سنجابه باشكال فكري آخر يظهر من خلال طرحك ، اذ كيف هو العمل اذا ما نضج الرأى العام وصار معبرا بالفعل عن مطالباته المشروعة والمفهومة تماما فى سياقات حريته الذاتية ، وطرائقه فى التفكير ، وسار فى اتجاه تعديل القوانين الى " تطبيق الحدود" ؟ هنا بامكاني الزعم أن فصل نسبة مقدرة ( وقادرة على التأثير على الرأى العام ) فى المجتمع السوداني _ تجاوزا لمصطلح فضفاض هو الآخر ) عن توجهها الديني ورغبتها فى احلال قوانين تعبر عن أشواق اسلامية _ كما يعبر الاسلاميون _ لن يرتهن الا لمثل طروحات حزب الأمة ، التى تتساوق مع رؤي مختلفة لمسألة الشريعة الاسلامية ، اذ لا تري صعوبة ابدا فى فهم المعطيات المشتركة بين الشريعة الاسلامية وبين الدولة المدنية ، وهى تفهم ايضا ان تمييز الدين عن السياسة لا يعني طرد الدين من الحياة ، وانما حفظ له من التلاعب به ، وحماية لأسس الديمقراطية والحياة السياسية الحرة ، والارادة الفردية التى لا تقوم على مفاضلات بين ما هو ديني وما هو دنيوي ، وهى المعادلة التى اصرّت الجبهة الاسلامية على لعبها ، والواقع أن شروحاتي لما أورد الصادق المهدي ، كانت جليّة فى تبيان أن الطريق الجائز لتحقيق دولة مدنية معززة ومستدامة لا يقوم على ايجاد تنازع بين الدين والسياسة ، ولا يقوم على توليد شعور بالتصادم بين الدين والسياسة ، باستلاف كامل للتجربة الأوربية فى صراع الكنيسة مع رجال الدين ، وان تغلّبت مؤخرا النزعة اليمينية ، واكتسبت بعض الخطابات السياسية فى اوروبا والولايات المتحدة مظهرا دينيا ، ربما اذا تفاقم يؤدي الى انتكاسة فى الخطاب المدني فى الشرق مستقبلا ، كمعادلة طبيعية ، لتوازن الحضارات وتفاهمها او صراعها ، وهنا لا تغيب عن ذهنيتي فرضية اخري ، هى أن انعكاس مدنية الغرب ( أو يمينيته المتطرفة ) ستؤثر حتما على الحراك النظري والفكري فى بلادنا ، عموما ليس هذا هو الأساس فتلك فرضيات قائمة مستقبلا ولا سبيل الى الجزم بها الا حال تحققها ، لكنها تبقي قائمة فى اطار التأثير المتبادل ولا شك .
    فى حال تطور الرأي العام السوداني ، وبلوغه درجة من النضج بحيث يعبّر فعلا عن حاجات كل فرد واتجاهاته ، فان ظروف عدة ستشكّل تأثيرات مختلفة عليه ، أولاها عمق وتأثير الخطاب المدني ، القائم على تطوير التجربة الديمقراطيةواقرار الحقوق ، وفصل الدين عن السياسة ، وغيرها فى اثراء الذهن السوداني ، واحداث تغيير مقبول فى العقل السوداني ، بوصف الدولة المدنية الحديثة الضمانة الوحيدة لبناء الدولة وترسيخ المجتمعين السياسي والمدني ، وصيانة الحقوق من خلال عقد دستوري ، وهذا سيتقاطع من دون شك مع التراث الديني الحافل الذى يخلط بين الدين والدولة والكيان السياسي والمجتمع ، فكيف السبيل الى فرز هذين الخطابين ، خطاب الحداثة ، وخطاب متولد ومترسخ عن مفاهيم القرون الماضية فى اتجاه مقاربة الدين بالأنشطة السياسية ، وفى تقديري ، لا يمكن حلحلة هذه المعضلة الا عبر حوار داخلي ، ومساومة فكرية ، وجدل منطقي فى أن الحداثة لا تتعارض مع الدين ، بل مع الاديان السماوية كلها ، ويبدو أيضا فى هذا المجال أن الصادق المهدي وفق الى حد ما فى ايجاد معادلة مصاغة على نحو ابتدائي فى اتجاه هذا الحوار ، ولا اقول بأن عناصر النجاح لهذه المعادلة توفرت ، لأنها محكومة بشروط أخري بخلاف الشرط الذاتي فى الحوار ، لجعل الطرفين (الحداثة والدين) لا يشتكيان من تعديات ولا اقصاء ، الا أن الشروط الاخري تظل اكثر الحاحا ، فى كيفية تطويرنا للمؤسسة الدستورية ، ومدي وعي المواطن بأهميتها ، وترقيتها ، واصلاحها ، وفى فهمنا لترقية المجتمع السياسي ( وهنا اعود للاخ عبدالعاطي ، لاقول بأن الاصلاح لابد ان يكون شاملا ) وفى كيفية تعاطينا مع المجتمع المدني الذى ربما يشكل عنصرا مهما من عناصر الرأى العام الذى ربما يضغط فى لحظة ما لتطبيق الحدود ، فى اطار مشروع ومضمون لحق (الاغلبية) ، فكيف تواجه مثل هذا الاشكال ما لم يكن التطور الدستوري قائما على صيانة حقوق الاقلية ، وعدم تبعية الاغلبية نفسها لشروط فئة قليلة هى الاكثر وعيا وثقافة فى تنظيم وتوجيه الرأى العام ، اذن فان ثمة معادلة لابد أن تقوم ، بجعل الحرية بمعناها العميق حقا مشاعا ، ليس بالطريقة البليدة التى كنا نراها بها محصورة فى النشاط السياسي ، وانما بالنظر الى المناهج والاساليب التربوية والتعليمية ، لأننا نتغافل عن كون (ثقافة المجتمع ) و( تشكيل الرأى العام ) و( التوجهات الفردية ) تؤسس لها منذ الخمسينات ، مجموعة قليلة من التكنوقراط والموظفين الرسميين والتربويين المشربين بثقافة محددة تغذي بها الاجيال ، ولم تحظ العملية التربوية فى السودان بتقويم يعيد تأسيسها فى اتجاه (انتاج) شخصية مستقلة ، وحرة ، وخلاقة ، ومبدعة ، عوضا عن انتاجها الحالي لشخصية بالامكان وصفها بالببغاوية ، والتبعية ، و(السلبية النقدية) حتي اذا ظهرت بمظهر التمدن والتحضر والانتماء الى ثقافة نخبوية ، فالواقع يؤكد ان الخلل التربوي القائم فى بلادنا لم يسلم منه الا القليلون الذين قدر لهم عدم الوقوع فى الشراك التدجينية التربوية باحتكاكاتهم المتواصلة بثقافات (الفكر النقدي ) و(التفكير المستقل) أو من خلال مواهبهم الذاتية فى اطلاق قدرات ذاتية ، لكن هؤلاء يبقون قطرة فى محيط هادر من الشخوص الغير قادرة على تكوين رأي مستقل ، نظرا للتوتر القائم منذ بداية تعليمهم وتربيتهم بين الاتجاه الفطري للاستقلالية (اذا جاز التعبير ) وبين السمت القاسي للتربية (التلقينية ) فى السودان .
    المساومة التى اعنيها لابد أن تجري فى الحقل التربوي ايضا ، والا أسلمنا قياد المستقبل لأجيال تعيد انتاج الأزمات وتتمثل بالدين كما تلقنته وكما يبدو فى المناهج ، منكفئا ، ولا يبالي بالزمن ، ومصادم للعقل ( كما يظهر جليا وبصورة اكثر وضوحا فى بلدان اسلامية محددة ) ، لا كما يجب أن ينظر اليه فى شكل مقارب للعصرنة .
    لانهاض ذهنية تستجيب لدوائر الدولة المدنية ، وعناصرها ، وتتقبل فصل الدين عن السياسة ، وتعمل جاهدة لاقرار وضعها كذات منفصلة ( متأثرة ومؤثرة) فى داخل الوعاء المدني ، والمجتمعي ، لا يمكن حصر الجهد المطلوب منا فى مساءلة الاحزاب (بتركيبتها المتخلفة حاليا) فحسب ، او التوسل الى مواثيق كتبت فى أسمرا او غيرها وهي لن تشكل اى حماية بالفعل للدولة المدنية ما لم يشمل التغيير والاصلاح كل شيء، ويمكن ان تواجه بردة بالغة فى الرأى العام ( المهلهل والقابل لتلقي مؤثرات عاطفية بالأساس ) ، وانما بالعمل على ايجاد مصالحة ومساومة تاريخية بين الدين والسياسة ، ليس بطرد الأول من الحياة ، وانما بالنظر مليا فى وظيفة السياسة (فى ضوء اجتهاد ديني جديد ) ، متصالح مع الحياة ، ومتصالح مع العصر ، ومنسجم مع الدولة الحديثة ، وهذا ما لم يحدث حتي الآن فى العالم الاسلامي بشكل عام ، اذ لا زال تأسيس الدول المدنية _ الى جانب مؤثرات اخري _ يواجه بتوترات من قبل مجموعات سياسية دينية فى مصر والجزائر وتركيا وايران وغيرها _ بتفاوت _ نظرا لأن بعض الآراء الفقهية الجامدة لا زالت تلقى استجابات عالية ، وقطعا فان بلوغنا مرحلة من التحولات فى اتجاه كهذا يخشي منه وقوع مصادمات ومضاعفات تؤثر فى تماسك الوحدة الوطنية وفى بني الدولة والمجتمع ، وربما تؤسس لتفجير كامل للأوضاع (الجزائر كمثال) و( مصر فى بداية التسعينات) ما لم تكن تأسيسات الصادق المهدي وغيره فى اتجاه حوار بين الدين والسياسة ، وما لم نعمل بجد فى تطوير المنظومة التربوية ، وفى تطوير مفاهيمنا حول المجتمع المدني والآلية السياسية والآلية الدستورية ، فان الحال سيفضي بنا الى مجابهة التيارات السلفية ، والاحتجاجية مرة أخري ، لذا فان وصيتي ، توسيع دائرة النقد الاصلاحي ، وشمول الرؤية ، والنظر الى قياسات كقياسات الصادق المهدي على محملها الايجابي الذى يؤدي وظيفة ما فى تحويل المجتمع تدريجيا فى اتجاه المجتمع المدني .
    ولى عودة
    الاخ دقنة
    سيبقي الود بيننا ، واختلاف الرأى لن يفسد هذا الود اطلاقا فما يجمعنا يا عزيزي هو الوطن الذى هو فوق كل شيء، ولن اخسرك أبدا ، دمت

    الاخوة عادل وكمال
    خطر لى ان اطرح عليكما أن نعمل فى الفترة القادمة على تجميع آرائنا فى شكل مقالات مطوّلة بحيث يسهل تجميعها فى كتاب يصدر لنا معا ، كحوار مفتوح عن حزب الأمة ، اقلها نكون قد أسدينا معروفا يسيرا لثقافتنا الشفاهية الضاربة القوة بجهد موثق ، ولا يضير أبدا الاختلاف ، اذ اراه محمدة ، وسيراه القراء كذلك
                  

05-13-2003, 03:46 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: خالد عويس)

    اضافة
    علي أن المطلب قائم بالفعل ، وبحماسة أكبر لتمييز الدين عن السياسة ، الا أن الارباكات الفكرية ستشتد على مستويات عدة ، حول علاقة كل من الدين والسياسة ، بالمطالب المجتمعية ، والذاكرات التاريخية ، والتحولات المتوقعة فى طبائع المؤسسات القائمة وجدليات وجودها الجديد ، وشروط حواراتها المفترضة ، فاذا كنا قد سلمنا تسليما كاملا ، بالمبدأ الحداثي فى عصرنة المجتمع وتكييفه طواعية على ادارة تنازعاته المختلفة بوسائل سلمية ، وتفجير طاقاته الذاتية ، فى اتجاه استقلال الذوات والجماعات ، بشكل يوهن من سيطرة الدولة التى كانت تماهي المجتمع السياسي ، وتخضع الدستور لارادة النخبة المسيطرة عليها ، وتفترض تمثيلها للرأي العام حيال المسائل التشريعية ، و(الذاكرة الجماعية) سواء كانت دينية او ثقافية ، فان علينا فى المقابل أن نبحث ، وباجتهاد فى مباحث جديدة ، لضمان توفير بيئة تصالحية وتفاوضية أساسها الاستقلالية الفردية ، والتعبير عن المطالب فى صور شتي من خلال الضغط على الدولة ، ومن خلال الاسهام الايجابي فى المكون السياسي المتمثل بالمجتمع السياسي الذى تكونه الاحزاب ، ومن خلال النشاط الخلّاق فى المجتمع المدني بوصفه محفزا وحاضنا لضمان استمرار عدم التعدي على الحقوق الفردية من قبل الدولة ، أو حتي التشريعات الدستورية ، وضمان ايجاد اقصي حد من الصيغ التفاوضية الضامنة لحقوق و(مطالب) الجماعة التى تمثلها الدولة ، وتضغط عليها الجماعة فى آن من خلال المجتمع المدني ، وتغذيها _ فى مسار تنظيم العلاقات _ بدستور مستقي من الارادة المجتمعية فى صيانة و(تعديل) و(تطوير) نموذجه الديمقراطي ، بما يضمن أولا الحرية الفردية ، وحقوق الجماعة بكل تمثيلاتها ، والحفاظ على الذاكرة التاريخية داخليا وضد الدول الاخري خارجيا ( اى الدولة) ، ويتعهد بحماية حقوق الاقليات والتعبير عنها فى اطار تعبيره عن تطلعات مشروعة انما ليست كلية للأغلبية ، والحال هذا ، فان رغبة وتطلعات الاغلبية قد تقضي باقرار قوانين محددة ( ربما اسلامية جوهرا ومضمونا فى حال تطور الفكر الاسلامي ) ، لكنها فى نفس الوقت _ نتاج لتطور الرأى العام ووعيه _ تضمن ضمانا كاملا حقوق الاقلية ، هذا فى مرحلة من مراحل التطور ، باضفاء التقدمية فعلا على سائر المؤسسات ، وبجعل الفرد تقدميا بالفعل ، أما ستكون الممانعة فى مثل هذه الحالة نوعا من تقويض المفاهيم اليدمقراطية ، وعملا من أعمال نخرها من الداخل ؟
    هذا لمجرد النقاش والبحث للأخوين كمال عباس وعادل عبدالعاطي وبالاشارة الى مداخلاتي السابقة فى ذات الاتجاه .
                  

05-14-2003, 12:58 PM

رباح الصادق

تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    أخي عادل
    أهنئك على التوقيع الجديد
    لقد كان توقيعك القديم يحمل معنى جميلا: النضال ضد الطغيان اعظم شرف للإنسان.. وهو مصداق لقول رسول الله عليه افضل الصلاة وأتم التسليم: أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر

    وربما لأن البورد ليس ساحة بين ظالم ومظلوم بقدر ما هو ساحة تلتقي فيها افكار الوطنيين بشتى مشاربهم فإن تغيير التوقيع يشي بتماش مع هذه الطبيعة (وليس بالطبع تخليا عن النضال ضد الطغيان فهو لا زال أعظم شرف للإنسان) .. إن هذا التغيير يعني أننا لا نهدف في هذا البورد للتحول إلى ساحة معركة (والحرب أولها كلام) وتغيير التوقيع يجعلني آمل أن ينتقل محتوى البورد بحق إلى حديث عن مناظرة فكرية بل وربما حملة انتخابية ضد حزب الأمة: حملة تعترف لهذا الحزب بكل الحق في وجوده وكل الحق في رؤاه وكل الحق في التعبير عنها، ولكنها تود أن تجعل القارئ يدرك أن هذا الطرح الذي يتخذه الحزب -وهو حر فيه- ليس طريق التقدم المنشود لدى صاحب البوست ومن يشايعه في رأيه
    وبالطبع فإن لك مطلق الحق فيما تكتب ومطلق الحرية.. ولكني أحسب أن لغة البوست الحالية سينتج عنها نار أكثر من نور.. ولن يكون التعايش والتسامح وقبول الآخر وهذه المفاهيم التي يدعو لها العالم بأسره اليوم لن يكون لنا من متناول لها.

    إن التوقيع الجديد: الحقيقة قبل العقيدة والعدل قبل الإحسان هو نقلة لوضع حواري جديد
    ولكنه يلقي بتساؤلات جمة أخي عادل
    أية حقيقة؟ والعقائد في جوهرها بحث عن الحقائق المطلقة- واهل الأديان يقولون أن العقائد إنما تتحدث عما هو فوق الحقيقة فقصة الخلق (أو أسطورة الخلق كما يسميها أولئك) عند الأديان الإبراهيمية مثلا تتحدث عن واقعة آدم وحواء في الجنة وهذا ليس تاريخا ولا يمكن قياسه بمناهج التاريخ التي تحقق وتنفي بل هو فو تاريخ أو ما فوق التاريخ
    وسيكون من الجدال العقيم أن نلج البحث عن أية قضية ونحن واضعين في اعتبارنا أين الحقيقة وأين العقيدة لنضع الأولى قبل الثانية
    بالطبع إن هذا التوقيع يذكر بما اثاره الصوفية في مواجهة الفقهاء حينما قالوا: الحقيقة فوق الشريعة.. ولا شك أن العقيدة والشريعة مفهومان ليسا متطابقين
    صحيح أن العدل قبل الإحسان فهو درجة متقدمة عن ا لعدل.. ولا أرى جسرا بين مطلع التوقيع وذيله..
    إنني لا أكتب هذه الرسالة صرفا عن مناقشاتكم المفيدة حول حزب الأمة.. ولكني أرحب بخطوة أراها قد تؤدي لدرجة من الحوار يمكن لأولئك الذين (واللاتي) لا يحببن الطحان أن يدلوا فيها بلدوهم/ بدلوهن..
    وفي جيمع الأحوال فإن البوست يستحق الزيارة للاطلاع.. ويثير قضايا لا بد من إثارتها وتمحيصها ومسح كافة الآراء.
    وتقبل تهاني من بعد
    رباح
                  

05-15-2003, 00:23 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: رباح الصادق)

    الاخت رباح الصادق

    تحية طيبة

    شكرا علي التفاتك للتوقيع ؛ واقول ان توقيعك جميل وهادف ؛ وقد كنت دائما التفت الي التوقيعات ؛ وذلك انها لدرجة ما تعبر عن فكر وميول اصحابها ؛ بل ومزاجهم وشخصياتهم في كثير من الاحيان

    توقيعي السابق لا ازال التزم به كما قد اشرت ؛ وفي الحقيقة فان مسيرة الانسان قد كانت دائما مسيرة نضال من اجل الحرية والانعتاق؛ والتخلص من كافة اشكال الطغيان والجبروت ؛ انجز من بعض هذه المسيرة خطوات ؛ ولا تزال تنتظره اميال ؛ وهو في هذا يسعي في حركة تقدمية - تراجعية ؛ فما يظن انه حرية في لحظة ما يلبث مع الزمن الا ان يظهر انه طاغوت مقيت ؛ ومن جديد يبدا النضال ؛ بتراكم جديد للمعرفة ؛ولكن بخسارات وضحايا ومعارك تتكرر وتجارب تعاد وكانما كل ما سبق كان سدي؛ وما هو بذلك

    توقيعي الحالي هو محاولة لوضع اولويات بين قيم هي سامية في ذاتها ؛ ولكن بعضها يستغل ضد بعضها الاخر ؛ وفي هذا هناك ضرورة لوضعها في سلم يحكم حركتها ؛ ويخضع الادني للاعلي ؛ ويقدم الاساسي علي النافل

    والحقيقة مع انها نسبية ؛ كما الحرية ؛ الا انها تراكم نفسها في ثوابت ومعارف تزيد باستمرار ؛ وهي مع ذلك نسبية وخاضعة للبحث والنقاش والمراجعة ؛ وهي في كل ذلك قيمة مفتوحة وتقدمية ؛ اما العقيدة ففي الغالب الاعم ثابتة ولا تقبل المراجعة والحوار والتثبت منها ؛ فاما ان نؤمن بها او نكفر بها ؛ والحقيقة اذا ما اتضحت وثبتت اقتنع بها الناس جميعا ؛ فالحق يعلو ولا يعلي عليه ؛ اما العقيدة فغاية تسامحها تبدو في معني : لكم دينكم ولي دين

    وحتي لا اغرق في التجريد ؛ اضرب لك مثالا بحقيقة ؛ ومجموعة من العقائد حولها .. واعني هنا حقيقة الموت ..فكلنا يعلم ان كل كائن حي ؛ يموت في النهاية ؛ وهذه حقيقة ..اما العقائد المختلفة ؛ فتذهب مذاهب شني لما بعد الموت ؛ فمن يقول انه النهاية الدائمة ولا شي بعده ؛ ومن يقول بتناسخ الارواح وموت الجسد دون الروح ؛ وعودةالروح في جسد جديد ؛ ومن يؤمن بالبعث وان الموت نهاية للحياة الدنيا ؛ ومدخل للحياة الآخرة ؛ الخ الخ


    هنا حقيقة واحدة ؛ متفق عليها من الجميع ؛ وهناك عقائد شتي متنازعة متناقضة و متنافرة؛ كل منها يزعم صحته؛ ويكذب غيره ؛ ويمكن للمؤمن باحداها ان يحارب ويقاتل في سبيل معتقده ويقتل او يقتل ؛ ولكن لا تجدي كل هذا الاختلاف والتعصب في تعامل الناس مع حقيقة الموت ؛ كواقعة فسيولوجية ؛ اي كجقيقة ؛ بقدر ما يختلفوا فيه كظاهرة وجودية ؛ اي كعقيدة

    في البوست اعلاه بعض الحقائق ؛ والكثير من العقائد ؛ وقد تكوني لاحظتي انني لا اعير اهتماما لمن يهاجمني بانيا علي عقيدته ؛ او هادما لعقيدتي ؛ فهذا طبيعي ؛ وقد كانت لي عقائد الان اهدمها ؛ ولكني انفعل تماما اذا ما تم التهجم علي الحقائق ؛ او تهجمت انا عليها ؛ فهي الوحيدة ؛ مع نسبيتها وقلتها ؛ التي تعصمني من التوهان في بحر العقائد ؛ وتدلنا علي الطريق الصحيح ؛ وهي التي يجب ان نخضع لها عقائدنا باستمرار وفي كل لحظة ؛ اذا ما اردنا ان نتمسك بقيم راقية ؛ دون ان نسقط في فخ عقائدنا التي لا تزيد مرات عن كونها مجرد اوهام واغاليط واكذوبات صفيرة او مبيرة

    اما العدل قبل الاحسان ؛ ورغم انه لا يحرك من الاسئلة مثل الجزء الاول ؛ فهو راجع لان هذين قيمتين عاليتين ؛ ولكن احداهما تتقدم علي الاخري ؛ فكرامة النسان وطبيعته تبحث عن العدل ؛ وتساميه يجلب الاحسان ؛ ولكننا كي نتسامي ؛ ينبغي ان نشعر بطمانينة العدل ؛ والا تحول الاحسان الي منة من طرف ؛ والي صغرة من الطرف الاخر ؛ وقد جاء في الاثر ان اليد العليا خير من اليد الدنيا ؛ ورغم ان كلاهما خير ؛ الا ان الرسول الكريم كان يقبل الهدية ؛ ولا يقبل الصدقة ؛ ولو لاحظت في معظم ايات النص القرآني ؛ ان الدعوة للعدل تاتي اولا ؛ ثم بعدها تاتي الدعوة للاحسان ؛ وذلك لان العدل ينظم العلاقة بين الناس ؛ وهو اكثر عمومية واقرب الي التقبل ؛ اما الاحسان فهو علاقة اخري - خاصة وذاتية وفوق ارضية ؛ ولذلك فان اجرها وجدواها ليس علي الارض ؛ حيث جاء في الاثر ان من عفا واصلح ؛ بعد احقاق العدل ؛ فاجره علي الله ؛ وليس علي البشر

    هناك قيم اخري مقاربة للاحسان ؛ ومنها الرحمة ؛ والعفو ؛ والصلح ؛ وهي كلها اعلي من العدل ؛ ولكنها لا تحل مكانه ؛ بل ان وجودها مرهون بوجود العدل وتمام استحقاقه ؛ والا فان الخاص يطغي علي العام ؛ وتتحول هذه القيم الجميلة الي مضاداتها ؛ حيث يمكن ان "يعفو" الظالم عن المظلوم ؛ و"يرحم" الجاني الضحية ؛ و"يتصالح" القاتل مع الفتيل ؛ وهذا كله محال وخداع ؛ وذلك لغياب الاس الاعظم ؛ وهو العدل

    اما من جهة الجمع بينهما ؛ فذلك لاني ابحث عن القاسم الاعظم البشري ؛ ولان الحق والعدل -والحرية - هم الاساس ؛ وبتوفرهما تنصلح العقائد وتتطور وتتشذب ؛ حتي تصل يزما ما الي ان تتوحد في عقيدة واحدة ؛ هي والحقيقة سيان ؛ وبهما ينفتح الباب امام العفو والصلح والاحسان ؛ حيث تصبح هذه القيم مدفوعة بتسامي الروح والانسان وعموم البشر ؛المتساويين في الحقوق والواجبات ؛ والاحرار في ذواتهم ومحيطهم ؛ والذين لايحملون احنا من الظلم والتجاوزات؛ لا محاولات تلفيقية للاعتذار عن الظلم المنتشر ؛ وقانون الغاب ؛ وعلاقات الضعيف والقوي والفقير والغني والمالك والمملوك

    عادل
                  

05-15-2003, 12:47 PM

رباح الصادق

تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    أهلا عادل
    هكذا فهمتك.. فقد فشلت -وهو قصور مني- أن أدرك الواصل بين توقيعك وبين آلية الحوار الدائر
    إنني أوافقك فيما ذهبت إليه مع تفضيلي مصطلحات أخرى، وربما هو ذات المشكل الدائر بينك وبين الآخرين وأنا منهم فكما تفضلت أن قراءة الحقائق قد لا تختلف كثيرا ولكن يختلف الرأي حولها- والرأي ليس دوما عقيدة - صحيح أن الكلمة آتيه من معتقد أو اعتقاد وهذا قد لا يكون بعيدا عن الرأي- ولكن العقيدة في الأديان اتخذت أبعادا أنها تفسر الما وراء فالعقائد سواء أكانت التوحيد أوالإيمان باليوم الآخر أو الإيمان بالملائكة والإيمان بالقدر تتحدث عن أشياء هي خارج محسوساتنا وخارج قدرات عقولنا بالتالي- ومن هنا جاء باب التفرقة بين العقائد وبين الآراء ولعلك ترى الرأي الذي يتعصب لنظرة معينة ويفسر عليها الواقع مطابقا للعقيدة
    ومما ذهبت إليه أن المصطلح الذي أراه اكثر توفيقا هو الرأي أو المذهب- وهذان لا يعنيان العقيدة في جوهرها هذا من جانب
    من جانب آخر يعضد تمسيتك "العقيدة" ما اصطلح عليه من تسمية الأحزاب المتعصبة لرأي معين تفسر عليه الأحداث بالأحزاب العقائدية.. ولكن ولإزالة اللبس الذي وقعت فيه بقراءتي الأولى والذي ربما وقع فيه آخرون أن تغير التسمية للجمع: الحقائق قبل العقائد- فذلك يشير إلى حقيقة وجود عقائد أو معتقدات مختلفة يجب أن تؤخذ حين التداول بعد أخذ الحقائق
    لقد اعترفت لك في رسالتي الخاصة من قبل أنني لم أر عنوان الحبيب عبد الله "افتراءات" مناسبا لأن الاختلاف بينكما كان في تحليل الوقائع وليس حولها كما تفضلت.. إنه اختلاف رأي
    واختلاف الآراء هذا سنة في الكون تظهر أعاجيبه- إذ أن ما تعده أنت سمات تقلل من حزب الأمة هي لعمري سمات نحسبها في قائمة فخرنا.. انظر!!..
    إن الحقائق المجردة في عالم السياسة لا تعني كل شيء، وبرغم ذلك تظل الحقائق مهمة وتظل الدقة في سردها مطلوبة وليكن على القارئ أن يتخذ ما يشاء من رأي- هذا صحيح تماما
    ولكن كيف ستفصل العقيدة عن الحقيقة وعقيدتك هي التي تسوقك لقراءة الحقيقة كما تقرأها؟
    لن نستطيع الفصل.. ولكننا نستطيع شيئا واحدا، أن نقول كما قال أئمة الاجتهاد من ذلك مقولة الإمام أبي حنيفة: قولنا صواب يحتمل الخطأ، وقولهم خطأ يحتمل الصواب".

    أخي عادل
    لا تحسب أن صدر الأحباب يضيق بما تكتب.. نحن قوم لم نكن نحسن القراءة ولا الكتابة عن أنفسنا لقد أشرت أن كتاباتنا عن أنفسنا هي التي أعطت التفسيرات الوطنية لمواقفنا، ومن باب الحقائق فهذا ليس صحيحا- نحن ظللنا كالبكم تهال علينا التهم ونحن صامتين- حتى المهدية التي تذكرها بالخير ارجع للمؤلفات عنها قبل سبعين عاما أو حتى خمسين.. صمتنا حتى نبشت الوثائق وجاء الرجال والنساء الذين لا هم لهم بنا بل بعضهم كان يسعى لإظهار سوء تاريخ المهدية- أبو سليم مثلا نسب له قوله أنه كان يعتبرها فترة دراويش لا يجب أن تدرس في الجامعات حتى كفاه الدرس الرد على مقولته تلك وشيئا فشيئا اعتبرت تاريخا وطنيا وصار معارضيوها يبحثون الآن عن مشروعية وطنية لوجودهم بحملة مشروعية معارضة المهدية هذه الحملة فيما يخص الإمام عبد الرحمن لا زالت مستمرة - ولكن الكتابات التي سمت فترته بالمهدية الثانية (ونحن لا نسميها بهذا الاسم) والتي صارت تتحدث عنه كأعظم شخصية سودانية في القرن العشرين لم تكن بأيدينا فما لنا مع الدواة طريقا -هكذا كنا- كان من صك تلك العبارات الدكتور حسن أحمد إبراهيم الآتي من جذور ختمية والذي صرّح أنه كان ذاهبا لنبش الوثائق ليثبت أن عبد الرحمن المهدي هذا عميل للإنجليز
    وتلت الكتابات- حتى اثمرت مداولات اللجنة العلمية للاحتفال بعيده المئوي- بعضها أنصفه في رأينا وبعضها لم يكمل دورة فهمه- ولكن جميع تلك الكتابات صبت في اعتراف بدور الرجل الوطني - إن من نبهنا للوثائق ولأهمية البحث هي تلك الكتابات التي سارت بدفع الكشف العلمي والتاريخي أكثر من العقيدة
    ونحن الآن -وربما لأول مرة في تاريخ كياننا- نجرب أن نكتب. ونقرأ للآخرين. ونحاورهم. وربما كان الحبيب خالد عويس ظاهرة فينا - فهو حينما يكتب لا يلقي بالا لما يمكن أن يحدث لو اعترف بخطأ أمام "الأعداء" وقد قلت له مرة من قبل وهو يرسل لي مقالا عن مبارك المهدي وشرائه لذمم الشباب -وكان ذلك قبل مؤتمر سوبايوليو 2002م- فأرسلت له مستنكرة- قلت له يا خالد مثل هذا النقد مكانه القنوات الداخلية وليس صفحات الصحف.. ثم ظهر لاحقا أن صوته كان علامة أولية عن وجود ضمير حي بين الكوادر لا تستسيغ الحيد عن الحق
    ولكن تبقى المعادلة بين منابر الإصلاح الأفضل وبين كيفية مخاطبة الآخر عنك وعن همومك تبقى محيرة..
    ولهذا فإنني مع طلبي منك أن تجعل لغة التناول أقرب للحقيقة من العقيدة تماشيا مع توقيعك الجديد (وهذا يعني ألا توصف الحقائق بعبارات تحمل عقائدا) أو تفسح مساحة لإمكانية وجود تفسير أو عقيدة مختلفة نظرا لنفس الحقيقة.. فإنني أطلب أيضا ألا تحمل كتاباتنا المنطلقة من العقيدة أكثر من كونها ردة فعل طبيعية لعقيدتك الصارخة.. ضد حزب الأمة

    ولك شكري على سعة صدرك على كل هذا اللجج
    رباح
                  

05-15-2003, 01:13 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: رباح الصادق)

    وأعود مرة اخري لتسجيل ملاحظات عن موضوع التشريع

    ليست المسألة فى جوهرها الفكري الذى نسعي لمعاينة الاشكالات المتفرعة عنه ، فى نزع احتكارية المؤسسات السياسية عنه من منطلق ثابت ودائم فى النزوع المطلق لتأسيس دولة مدنية ومجتمع حديث ، ففى صلب الموضوع ، تنشأ وجهات نظر ينبغي التعامل معها بجدية فكرية فى حقول عدة ، اذ أن حصر القضية فى حيثية الاحتكار السياسي للمساومة الدينية ، وما تخلفه من آثار كارثية نتيجة اضفاء الطابع القداسي على مجمل الممارسات السياسية ، يفقدها مضامين مهمة متعلقة بحيوية المؤسسات المدنية والديمقراطية المنشودة ، ويؤسس لما يمكن تسميته "ديكتاتورية العلمانية" ، لأنها ، والحال هذا ، تنزع عن المجتمع تماما مؤشراته المستقبلية فى الاختيار الطوعي المتأتي من جملة افتراضات يبدو أنها لابد أن تشتمل ايضا على شيء من الذاكرة التاريخية ، وحراكه الثقافي المتلاقح مع العصرنة انما من دون افقاده خصوصياته الثقافية ، التى من بينها خاصية التشريع القانوني ، فى اطار ينسجم مع العصرنة ، ويفضي الى صيانة حقوق الانسان ، مع أخذه بالاعتبار ناحية الخصوصية أيضا فى مجال تشريع القانون بما لا يتنافي مع الثوابت الدينية ، وتنشأ اشكالية أخري فى كيفية تعريف هذه "الثوابت الدينية" ، وكيفية عدم تساوقها مع تطلعات جماعات سياسية ساعية الى المزاودة والمساومة انطلاقا من هذا ، اذن لابد من التفريق تماما بين نقطتين ، الأولي ، ما يمليه البناء المدني من نزع لطابع الصفة القداسية نهائيا عن الممارسة السياسية ، وتمييز الدين " او مجموع الديانات السائدة" عن العمل السياسي ، وادامة هذا "الميثاق" بوصفه واحد من الضمانات الأكيدة لتطوير التجربة وترسيخها ، اما النقطة الثانية ، فهي تتعلق بمجال التشريع القانوني ، وامكانية تعديل الدستور باستمرار فى حال تطورت المطالبات المجتمعية وفق مؤشر الاغلبية ، وما يمثله هذا ايضا من حماية للديمقراطية والمجتمع المدني ، وما يمكن أن ينشأ من منازعات فى أوساط المجتمع المدني هذه المرة ، فى حال احجام المشرعين عن تحقيق المطالبات المجتمعية المتصاعدة التى تشكل الاغلبية ، مع الاخذ بالاعتبار أن حقوق الاقليات هى ليست محل نزاع أو تشكيك فى اطار ثابت دستوري دائم ، اذن فان النظر الى هذه الاشكالية من زاوية واحدة ، وتوجيه النقد لها من هذه الزاوية وحدها ، يحجّم من حيوية الديمقراطية ، ويورطها فى مأزق ناشيء جديد ، هو تعديها على حق أصيل من حقوقها الاساسية هى حق الاغلبية فى تعديل الدستور ، وتشريع القوانين ، طالما أنها ضامنة لحقوق الاقليات ، وفى مجتمع كالمجتمع السوداني " الذى هو فى طور التشكّل" ، لا يمكن استلاف النموذج البريطاني او الفرنسي او الاميركي ، بالكامل ، بوصفها نماذج نهائية _ على اختلافاتها _ لما يمكن أن تكون عليه الديمقراطية ، ففى ناحية التشريع ، وضمان حقوق الاغلبية كحق دستوري ، شهدت التشريعات المختلفة فى كل هذه البلدان تطورات كبيرة منذ بداية الديمقراطية فى بريطانيا فى 1688م ، كانت خاضعة لرغبات الأغلبيات ، وضامنة لحقوق الاقليات ، كما أنها شهدت حالات مدّ وجزر ، فى اطار مقاربة التشريعات أو بعدها من الطابع الديني ، ولم تكن تلك التطورات نتاج "اللعبة السياسية" انما لمواجهة حاجات اجتماعية نشأت نتاج تغييرات فى أنمطة كثيرة للحياة فى نواحيها الاقتصادية ، والاخلاقية ، والثقافية ، ويبقي أن نشير هنا الى أن قوانين الاجهاض مثلا ، لا زالت تحظي بمد وجزر فى بلدان ديمقراطية ، الا ان الطابع الديني وحده صعّد من مطالبات مؤسسات المجتمع المدني ضد تشريع قانون يبيح الاجهاض ، وحظي موضوع "الاستنساخ البشري " بذات الجدل " ذى الطابع الديني " الذى حازه الاجهاض ، حتي فى الولايات المتحدة ، ونشأت منازعات مدنية ذات طابع ديني كذلك بخصوص التشريعات الخاصة بزيجات المثليين ، اذ أن كل تلك المناقشات التي دارت ولا زالت تدور حيال تلك الاشكالات ، لم تكن مواجهة خالصة بين طرفين علمانيين خالصين ، وانما بين طرف _ فى المجتمع المدني _ أكثر ميلا للحرية الفردية المطلقة ، وطرف آخر ، يري فى الحفاظ على البعد الاخلاقي المستمد من الحيثيات الدينية مدعاة لحماية المجتمع المدني نفسه من الفوضي والحرية الفردية المطلقة التي يمكن ان تعتدي على الحريات العامة ، كما أن عقوبات شديدة وبالغة القسوة ، قامت مجتمعات ديمقراطية عدة بتشريعها ، ولا زال الاعدام بالكرسي الكهربائي قائما فى عدد من الولايات الامريكية التى تشرّع كل واحدة منها تشريعات خاصة مستمدة من المطالب المجتمعية ، وحق الاغلبية مع ضمان حقوق الاقليات ، وهى تشريعات قابلة للتعديل باستمرار ، كما أن الجرائم التى تحظي بعقوبات رادعة ، قد لا تماثل فى بعض الأحيان شدة العقوبة ، غير انها خضعت لرغبة الأكثرية ، ولاحظوا ، هنا أنني لا أركز أبدا على القداسة المرفوضة فى الاحزاب السياسية ، انما أوجه دفة الحوارات الى اثارة موضوع فى جوهر ايماننا بالمجتمع المدني ، وايماننا بحقه فى التشريع ، وحقه فى الاختلاف حول التشريع ، اذ ان لا شيء ثابتا فى المعادلة المدنية ، حتي القوانين نفسها ، اذ انها متغيرة باستمرار ، انما ايضا بما يتلائم مع المعطيات المتعددة لكل مجتمع . من هذه المعطيات ما يمكن أن تخلّفه "الفدرالية" من مؤشرات حاثة لمجتمع متناسق فى أىّ اقليم من الاقاليم الفدرالية السودانية مستقبلا ، لتشريع قوانين "اسلامية" كما حدث فى واحد من الاقاليم النيجيرية قبل سنوات ، فهل سيكون التشريع "القومي الدستوي للدولة الفدرالية" حينها مرنا كفاية للتجاوب مع حالة كهذه ، أم ستنشأ منازعة بين "تشريع دستوري جامد " ورأي عام مرن ، متطلع فى اقليم محدد لتطبيق عقوبات مستمدة من النصوص الدينية _ حسب مفهوم محدد للرأى العام فى ذلك الاقليم _ ؟
    نقطة اخري اخي كمال عباس ، هى أن ابعاد الدين نهائيا عن حقول الدولة ، والتشريع ، هو "مثالية علمانية" مفترضة ، اذ لا سبيل الى ذلك فى الواقع ، ففى الدول الديمقراطية الغربية كلها يخضع المسؤولون للقسم على الانجيل !! ، بل أن عملات بعض الدول مكتوب عليها "نحن نؤمن بالرب" ، كما أن أحزاب معروفة فى المانيا ، وايطاليا ، تحمل لافتات مسيحية ، رغم محتواها العلماني ، كحق دستوري ، يقيدها من المزاودة على الديانة المسيحية ، والسلوك السياسي الكنسي ، غير ان ذات الحق الدستوري يكفل لها ، حمل اسماء فيها "مصطلح المسيحية" ، وفى بريطانيا ، ترأس الملكة المملكة المتحدة " شرفيا" الى جانب رئاستها للكنيسة ، وبالطبع فان كل تلك النماذج لا يمكن اقرارها فى السودان من وجهة نظري ، غير أنها تدعو للتأمل ، والبحث فى جدلية ، ليس علاقة الدين بالسياسة ، او التشريع ، وانما تجاوب التشريعات هناك ، مع حق "الرأى العام" والتعديل المستمر ، والذاكرة التاريخية التى لم تسقط الكنيسة نهائيا من حساباتها !!
    وليس ثمة وجود مطلق _ من جانب آخر _ للقوانين الوضعية ، ففى الهند ، كما هو الحال فى فرنسا ، بريطانيا ، الولايات المتحدة ، ايطاليا ، اسبانيا ، لم توضع القوانين بمطلقية وضعية ، انما هى مستمدة فى جوانبها المدنية ، والجنائية ، والدستورية من مصادر محددة ، ولا سبيل الى تجاوز القواعد الأخلاقية _ المتغيرة فى كل مجتمع _ التي تشكل الاديان أساسها ، سواء كانت أديان سماوية أو عقائد وضعية فيها قدر من الصرامة الأخلاقية كما هو حاصل فى الهند ، كما أن استلهام التشريع من التقاليد والأعراف و"كريم المعتقدات" يستبطن قدرا من الذاكرة الدينية اذ يمكننا شرح ماهية المعتقدات والاعراف و"كريم المعتقدات" فى سياق لا يعزل الاديان السائدة فى مجتمع ما ، وهذه جدلية تشريعية تحتاج البحث !!
    نقطة أخري ، لابد من أخذها فى الاعتبار _ اذا تحقق بالفعل التطور المدني والمجتمعي والسياسي _ تتعلق بوظيفة الحزب السياسي ، التى ستسقط الايدلوجيا يمينا ويسارا ، لتكون مباحثها الاساسية مبنية على برامج تقوم على الاقتصاد والتنمية والعلاقات الخارجية وما الى ذلك .
    نقاط أخيرة ملخصة ، بامكاني طرحها ، لتعميق الحوار
    أولا : الايمان بالديمقراطية ، وتطور المجتمع المدني ، لا يعني حرمان الاغلبية من تعديل القوانين كيفما كانت طالما ان ضمانات حقوق الاقلية قائمة ، والا تم تقويض حق أصيل فى الديمقراطية .
    ثانيا : لا سبيل الى مجتمع مدني حديث ، ومستقر فى السودان ، ما لم يتأسس حوار موضوعي بين الديني والسياسي والمدني والمجتمعي ، وتنقية الحساسيات القائمة ، والجدليات المستمرة ، بقدر أكبر من الديمقراطية وضمان الحقوق .
    ثالثا : ان النظر الى القياسات والاجتهادات الجديدة حيال هذه الموضوعات ، بوصفها دعاية سياسية ، ومحاولات للالتفاف ، تفقد معناها ، فى عدم ايجادها بديلا موضوعيا ، ومنطقيا ، وواضحا لما يمكن أن تقوم عليه هذه العلاقة حسبما أوضحته أعلاه .
    رابعا : ان التشريع ليس مسؤولية المجتمع السياسي بقدرما هو بحث المجتمع المدني ، عن ضمانات أكبر ، لحقوقه ، وتنظيم واجباته ، وتعريف الحرية الفردية والجماعية ، والحفاظ على "الكل" من الفوضي ، وضمان حقوق الأقلية .
                  

05-16-2003, 05:36 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: خالد عويس)

    up
                  

05-17-2003, 11:14 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: خالد عويس)

    up
                  

05-18-2003, 00:40 AM

kofi


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    هذا الموضوع يستحق فعلا الاستمرار احتراما للمساهمين وللموضوع وهذة قراءة اخرى,,
    حزب الامة هل هو امتداد طبيعى للثورة المهدية وهل ترك عبداللة التعايشى شيئا ناضل المهدى من اجلة,,(العودة الى الشعوزة,,الاحن الجهوية,,الماسى الاخرى) هذة لها توابع انظر الخارطة السياسية لتاريخ حزب الامة..
    نهاية المهدية بدخول الجيش المستعمر والنقل النوعية (التعليم,دور المدن,, نمو طبقى جديد
    ظهور العمل السياسى الحديث ودخول المد التنويرى مع تفاعلاتة فى مصر وبالتالى العالم الخارجى
    سيطرة طبقة المتعلمين وبداية الذهنية السياسية المرتبة(الجمعية السودانية اللواء الابيض,,اسم السودان كوطن
    مؤتمر الخريجين يمثل كل ذلك وبالتالى من المؤكد استنفارهم للطائفية كمجال حيوى الى ان انقضت الطائفية عليهم؟؟(انتصار اسماعيل الازهرى ومدلولاتة الايجابية (الازهرى كان يمثل الخريجين) اكثر من المد المصرى,,
    يبقى حزب الامة جزء مهم من تاريخنا السياسى ولكن السؤال:
    هل هى مؤسسة خاصة نشات بصك ام نتاج جهد جماهيرى ؟؟
    لماذا يصر الحزب على جماهير معينة (يعنى لو الغرب راح مابكون عندو شىء)
    من المؤكد ان عباللة خليل سلم الحكم غضبا على قرار اسرى بتخصيص الزعامة على البيت رغم ان فكرة الحزب نشات بعيدة عن سطوة البيت,,
    ولنا عودة
                  

05-18-2003, 12:49 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: kofi)

    عزيزي كوفي
    الحقيقة انك اثرت موضوعات فى غاية الاهمية
    وهى تثير اهتمامي بشكل كبير ، فى محاولة فهم الحزب وتفكيكه ، وتفكيك علاقاته القديمة فى اتجاه يصب لتأسيس علاقات منفتحة
    وسأعود لاحقا لتعليق اكثر شمولا
                  

05-24-2003, 08:44 PM

إسماعيل وراق
<aإسماعيل وراق
تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 9391

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: خالد عويس)

    Up



    UP
                  

05-24-2003, 10:27 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: إسماعيل وراق)

    وارجو ان نعود لاغناء هذا الحوار الممتع
                  

05-26-2003, 00:48 AM

kofi


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    برضة عشان الموضوع مايتعلق ويبقى المفيد دائما وصاحب العقل يميز,,
    نحن حقيقة فى ماساة التاريخ السياسى السودانى يسجل انحدارا واضحا ولا قدسية لاحد,,
                  

05-26-2003, 07:58 AM

alsngaq
<aalsngaq
تاريخ التسجيل: 04-27-2002
مجموع المشاركات: 2389

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    up
                  

05-26-2003, 02:15 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: alsngaq)

    العزيز كوفي
    اولا آسف لتأخير الرد
    انا شخصيا لا اعتبر حزب الأمة _ اذا اردنا له ان يكون حزبا مدنيا _ امتدادا للثورة المهدية ، فالحقيقة ان الحزب عند تكوينه ، ساهمت فى التأسيس جماعة من المثقفين وكان لها حضورا كبيرا فى تاريخ الحزب ، فضلا عن أن الثورة المهدية يحق لها الامتداد من خلال وعاء ديني ودعوي محدد هو كيان الانصار ، والواجب حاليا تعزيز دور الحزب فى اتجاه فضائه السياسي بمعزل عن تأثير كيان الانصار ، وللأنصار ان يمارسوا دورهم السياسي فى حزب الامة او غيره انما من دون اعتبار لصفتهم الانصارية ، بل بصفتهم المواطنية السودانية ، سبق ان كتبت بأن لحزب الامة باب يكاد يكون واحدا للدخول هو باب الانصار ، وما نسعي لتعميقه الآن ليس فتح ابواب جديدة فى جدار حزب الامة وانما هدم الحائط بأكمله ليتسني لجميع السودانيين ومن مختلف الاديان والثقافات والاعراق المشاركة فى الحزب بصفته السياسية فحسب ومن دون مميزات لجماعات محددة او كيانات بعينها ، بالطبع فان شيئا من ذلك تحقق ، الا ان الطموح فى تأسيس حزب مدني بالكامل يتطلب تذويبا أكبر وتفكيكا لعلاقة الانصار بالحزب
                  

05-26-2003, 07:29 PM

kofi


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: Abdel Aati)

    عزيزى خالد
    جميل ان تتبين ذلك الطريق ولكن للاستفهامات فضاءات فالمشوار بدا قديما ولا اعتقد ان الدرب كان غامضا للمحجوب(علمانى) او داود عبداللطيف وابراهيم احمد وغيرهم من اتباع النهج اللبرالى,,فهل تعتقد ان الامام كان من ذات العيار(لقد سرق الحزب) لصالح جهة ما وفكر ما والنتيجة واضحة غالبية حزب الامة لم يكن بعيدا عن المزايدة الدينية او الانزلاق بسهولة نحو (بلاعة)الانقاذ
    الحزب الشيوعى يعبر عن مصالح الطبقة العاملة فى الاساس ويفتح الابوب امام المثقفين الثورين ونحو ارساء مدرسة اشتراكية وبالتالى يعبر عن فئة ولهذا تنشأ الاحزاب وقد نجح الحزب الاتحادى الديمقراطى ليكون حزب الطبقة الاوسطى والتجار(سوشيواكونوميك) وهذا تطور ايجابى اما حزب الامة فقد وجد نفسة يعبر عن اسرة ويسعى لكسب فئة(الانصار) رمز للتشتت ,,فهل من المعقول ان يعبر هذا الحزب عن طبقات هى ضدها بالفعل,,
    ولنا عودة
                  

05-26-2003, 08:35 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الامة ..حصان طروادة الحركة الوطنية السودانية (Re: kofi)

    عزيزي كوفي
    دعنا نختلف قليلا
    فالاتكاء على قراءة سياسية تتأسس على ما يمكن تسميته بواقع طبقي تبقي عسيرة فى السودان ، لأن تشكّل الطبقات على هذا النحو ، فضلا عن شكل العلاقات اعني علاقات الانتاج ، وخلل البني المختلفة فى السودان يجعل هذا التقسيم المفترض متعذرا فعلا
    اما عن حزب الأمة فالمراد له ان يكون حزب وسط هذا ان لم يكن يسار الوسط ، وفى تقديري فان الحزبين الاتحادي والامة سيتجهان الى تلاق فكري فى مرحلة لاحقة اذا تطورت تجربتهما بهذا الشكل الجاري
                  


[رد على الموضوع] صفحة 3 „‰ 3:   <<  1 2 3  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de