حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 04:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عبد العاطى(Abdel Aati)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-10-2004, 09:13 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني

    تأملات سوسيولوجية فى بعض قضايا التغيير داخل الحزب الشيوعى السودانى
    عثمان محمد صالح - هولندا

    (الجزء الأول)

    مقدمة:-

    قد يقول قائل لم الاهتمام بشئون حزب غادرته ذات يوم بمحض ارادتك في لحظة صحو وادراك كامل؟ وقد يقول آخر في ما يشبه الاستعلاء: أهل مكة أدرى بشعابها، ففيم التعب؟! للأول أقول إن لم يكن سعياً وراء منفعة زائلة أو جرياً وراء سلطة حاكمة فإن الخروج من صفوف الحزب الشيوعي لا تعني –على الاقل بالنسبة لي- استبدال مشاعر المودة والانتماء بأخرى هي العداوة والجفاء، فبين هذه وتلك يتسع صدر الزمان والمكان في أريحية وكرم مفسحاً لحميمية الروابط الإنسانية التي لا يعكر صفوها نقداً او اختلاف أو مروق ولاحترام المرء لذاته ولتاريخ ارتباطه بالمؤسسة الحزبية مساحة رحبة وظليلة. وأقول للثاني بدون ضيق في الجوانح: أصبت كبد الحقيقة فأهل مكة حقاً أدرى بشعابها و(غوشها) أيضاً. لكنني لا اكتب من مواقع الواعظ فما أنا بواعظ. هناك من الدوافع وهي كثر ما حفزني للتأمل والكتابة في هذا الشأن اذكر منها هنا أهمها وهو سياسي يتمثل في رغبة المساهمة – على تواضعها – في الجدل الملتهب في قلب الحزب وبين أنصاره وهو يخوض معركة المصير في أن يكون أو لا يكون.

    إنني أرى أنه لا يصب في مصلحة الحركة السياسية في السودان تحول أي طرف من أطرافها (الحزب الشيوعي كمثال) إلى تركة هاملة تتنازعها بقية الأحزاب والتنظيمات (الحزب الحاكم يقع خارج إطار التحليل لأن منظوره الشمولي ونزعته الاستئصالية للآخر واحتكاره المطلق للفضائين السياسي والاقتصادي وادعائه أحقية التمثيل القومي في واقع يموج بالتعدد، كل هذا يجعله يرى افضل الاحزاب قاطبة هو ذاك الحزب الموجود في خانة العدم). إن شهية الاستحواذ على "ميراث" الحزب الشيوعي (ظاهرة كانت أم مستترة" منظور اليها بمصطلحات السياسية لا علم الاخلاق هي ضعف وضحالة في التحليل وقصر في النظر السياسي وهو فوق هذا وذاك حالة مرضية مزمنة أصابت الحركة السياسية السودانية منذ بواكير نشأتها لم تشف منها حتى الآن.

    إن في غياب الحزب الشيوعي أو أي حزب آخر هو تبديد غير مسئول ومهلك لجزء من تجارب المجتمع وإهدار عبثي غير مبرر لطاقات بذلت وحيوات بشرية صرفت أو أزهقت.

    إن استمرارية وجود الحزب الشيوعي بهوية جديدة ينحتها ويصوغ ملامحها العقل الجمعي لأعضائه وأنصاره، حزب راسخ المبنى، متجدد الأفكار، متلمس لاحتياجات مجتمعه ومنفتح على قضايا العصر وتحدياته ليست هدفاً لذاته بل هي ضرورة يفرضها التفكير المتمعن في قضية الديمقراطية ومستقبلها في السودان. فمن نافل القول الاشارة إلى حقيقة معلومة وهي أن التجربة الديمقراطية في السودان لن يكتب لها النجاح والتطور إلا في ظل صراع سياسي حقيقي دون قهر بين قوى وجماعات المجتمع المدني المتمرسة خلف مصالحها الفئوية الطابع والدنيوي المحتوى، والحزب الشيوعي – في وجهة نظري – يمثل منذ سنوات ميلاده الأولى مفاعلاً نشطاً من مفاعلات هذا الصراع.

    مما سبق ذكره يمكن التلخيص إلى التالي:

    إن في تجيد الحزب الشيوعي إضافة نوعية وعامل إخصاب لمشروع الديمقراطية والتحديث (المجهض) واشاعة العقلانية والتنوير في السودان.

    *- قد تبدو التأملات الواردة أدناه أشبه بمتفرقات وما هي بمتفرقات. إن ما يجمع شتاتها هو رغبة كاتبها في أن تصير "قواديس" في ساقية التغيير داخل الحزب، قواديس قادرة رغم تواضع حجمها وضيق عبوتها على جلب الماء من نهر الحياة الدفاق إلى جروف ضربها عطش وتصحر حتى تشققت.

    1- المؤتمر الخامس بين عادية الحدث واستثنائيته:-

    يحسب البعض ممن ضاق صدره بحالة الانتظار الطويل في ظل المراوحة التي تتسم حركة الحزب الشيوعي في اتجاه مؤتمره الخامس أن انعقاد المؤتمر سيكون فيه شفاء ناجع وعاجل لمرض عضال ألم بجسد الحزب وشل قواه، متناسياً حقيقة أن المؤتمر – أي مؤتمر – هو حدث عادي في حياة كل حزب أو مؤسسة من مؤسسات المجتمع، وأن الحزب الشيوعي ليس استثناءاً من هذه القاعدة. صحيح أنه من غير العادي ألا ينعقد المؤتمر طيلة ال34 عاماً المنصرمة. لكن الملابسات والظروف المحيطة بهذا التأجيل الخارق للعادة وهيكل الآمال العراض الذي يزداد علواً وتسامقاً كلما اصطكت بالآذان المتشوقة كلمة "المؤتمر" المصبوغة بطابع سحري – كل هذا وغيره لن يجعل من المؤتمر الخامس عصا موسى التي فلقت عباب البحر ولن يمنحه مسحة من بركات المسيح وكراماته التي تشفي الأسقام وتحيي الموتى. واهم وحالم كل من ينتظر قدوم الخلاص المسيحي على يد مقررات المؤتمر ونتائجه. ليس في وسع مؤتمر طال انتظاره اكثر من ثلاثة عقود من الزمان البت في أمر كافة القضايا المعلقة والاشكالات المطروحة في جدول اعماله. لن تحل إلا تلك القضايا "المقدور" عليها حسب طاقة الحزب الحالية وتجربته التاريخية وقدرات المشاركين فيه وتوازن القوى والمراكز الفكرية الناشطة في داخله. هذه حقائق معلومة من الأهمية بمكان التذكير بها وخلق مناخ نفسي مساعد لتقبلها والاعتراف بها والتصالح معها. بتعبير آخر المؤتمر الخامس بداية وليست نهاية لمشوار طويل وقاس الهدف من قطعه بخطى حثيثة ومتزنه هو استرداد الحزب الشيوعي لعافيته الفكرية والتنظيمية بالتدريج. هذا ما تقوله تجربة الحزب نفسها وتجارب الاحزاب الشيوعية المطعونة في ماضيها والمشكوك في مصداقيتها بعد انهيار أنظمة الحكم الشمولي والمحاكمة التاريخية التي تتعرض لها الماركسية ومشروعها في التغيير الاجتماعي. أما استعجال النتائج وحرق المراحل ومنهج "القفزة الكبرى" فلن ينتج عنها إلا مسخ مشوه، طفل غير مكتمل النمو في أحسن الأحوال.

    2- مفهوم التغيير:

    التغيير داخل الحزب ليس قطيعة كاملة مع التقليد. هو مراجعة فاحصة وصارمة لتراث الحزب وليس إلغاءا أو شطباً عدمياً لتجارب الماضي. إنه ليس انقلاباً على القيادة تحركه نوازع الثأر وروح التشفي والغبن والرغبة في تصفية الحسابات القديمة. هو سعي حثيث يرتكز على ما هو إيجابي ونير في تجارب وتضحيات الأجيال المؤسسة وحراك في اتجاه المستقبل واجتهاد خلاق واجتراح وابتداع لأشكال ومداخل للعمل تتناسب وتتمشى مع طبيعة الظروف المتجددة ومقاربة موضوعية بذهن مفتوح لحقائق الواقع الامبيريقى في حيويته وثرائه وتعقيداته ومفاجآته السارة والمحبطة في آن واحد.

    إن ما هو بحاجة ماسة للتغيير هو فلسفة التغيير نفسها. لقد خبرنا من حصيلة التجارب أن قضايا التغيير الاجتماعي والحزب الشيوعي جزء منها أعمق واكثر تعقيداً من أن يحسمها ويفصل في أمرها نهائياً قرار حزبي أو وزاري أو فرمان ملكي ... الخ فالتغيير الاجتماعي ليس ابدالاً ميكانيكياً لشيء ما وإحلال شيء آخر مكانه (رفع أعلام الدول والجيوش المتحاربة تبعاً للهزائم والانتصارات العسكرية على سبيل المثال) وهو أيضاً ليس انتقالاً بدوياً من بقعة اصابها القحط والجفاف إلى أخرى اكثر خضرة وأوفر ماءاً. إنه عملية اجتماعية طويلة المدى (ربما بلا نهاية) ديدنها مبدأ الارتقاء، تتقدم وتنتكس، تصمد وتهبط لكنها تستمر في الحراك والفاعلية وهذا هو المهم: الحركة لا السكون. أما مشروع التغيير الاجتماعي في نسخته الثورية الراديكالية فهو لا يهدم بحق ولا يبني بحق. (من عبث الاقدار وقسوتها أن الحزب الشيوعي السوداني الذي أسهم بقدح معلى في ادخال مفهوم التغيير الراديكالي إلى السودان ورسخه جاعلاً منه جزءاً عضوياً من بنية الثقافة السياسية اصبح هو الآخر قرباناً ضحى به في محرقة التغيير نفسها – تجربة 1971-).

    إن التغيير العميق الجذور هو ذاك الذي لا تقطف ثماره الاجيال التي كدت واجتهدت وضحت في سبيل انجازه لأن نتائجه ببساطة ملك للمستقبل.

    3- الهوية الزائفة:

    منذ انهيار نموذج "اشتراكية الأمر الواقع" سال وما يزال الكثير من الحبر – داخل الحزب الشيوعي وخارجه – قرباناً لموضوع الهوية الماركسية للحزب. قرر البعض أن الحزب الشيوعي قد فشل في مسعاه لسودنة الماركسية، وشكك قسم آخر من الناقدين والناقمين في شرعية وجود الحزب زاعماً أن الماركسية قد فشلت كنظرية للتغيير الاجتماعي وتمترس البعض داخل أروقة الحزب مستميتاً في الدفاع عن الهوية الماركسية المغضوب عليها. هذا الجدل برمته أراه غير ذي موضوع. بتعبير ثان هو معركة في غير معترك. حجتي في ذلك بسيطة: الحزب الشيوعي السوداني لم يكن حزباً ماركسياً في يوم من الأيام. العبرة فيما يخص الهوية ليست في الاسم ولا العنوان بل في طبيعة التكوين الفكري لغالبية اعضائه والمداخل التي اقتربوا من خلالها من الحزب والأهداف التي جذبتهم نحوه.

    الحزب الشيوعي في رأيي هو حزب لينيني. أما الماركسية التي انداحت امواجها حتى وصلت الينا في السودان فهي نسخة من ماركسية الكومنترن. ماركسية شاحبة، عجفاء، ركيكة، سوقية، دوغمائية مبسطة إلى حد الاخلال، تبشيرية قائمة على منهج الاقتطاف الكسول والاستشهاد الديني الطابع بالنصوص المحفوظة المقدسة، أرهقتها متطلبات العمل السياسي المباشر وتطفل العقل الوثوقي المستهلك. لهذا السبب بالذات – في تضافره مع اسباب وعوامل اخرى – ظل إسهام الشيوعيين السودانيين هزيلاً وضامراً في حقل الانتاج الفكري والفلسفي.

    لقد غادر الحزب الشيوعي "نص" الواقع بحيويته وألقه وتجدده اللا نهائي ميمماً شطر قبلة هي النصوص نصبها إلهاً خالداً شيد له محراباً للطواف والنسل والعبادات واتسم تعامله وتعاطيه مع الماركسية بطابع المتطفل الذي يعتاش على النصوص مستنفداً رحيق الحياة في عروقها حتى جفت وذوت: يجتزؤها ويقطع أوصالها ويخرجها عنوة وقهراً من سياقاتها ويحولها في آخر الامر إلى سلاح فكري لهزيمة الخصوم وما استخادم ركام الكتب والمؤلفات الكلاسيكية في حرب "النصوص" إبان الصراع داخل الحزب عام 1970 إلا اكثر الامثلة قبحاً ودمامة ودلالة على ما ذكرت.

    إن الصاق لافتة الماركسية على بضاعة الحزب الفكرية والسياسية لم تكسبه الهوية الماركسية وبنفس القدر فإن طرد "كلمة الشيوعي" من واجهته لن تعني آلياً انتفاء شيوعيته.

    4- الهوية الإمبيريقية:

    الهوية الإمبيريقية ليست صورة "الذات" عن نفسها ولا صورة "الذات" منعكسة من مرايا الآخرين ولا تفاعل الصورتين في انسجام أن تناحر. إن حملة التحضير والاعداد للمؤتمر الخامس فرصة يتلمس فيها الحزب الشيوعي هويته الإمبيريقية قبل أن يتقدم بطاقته التعريفية الجديدة للمجتمع السوداني وحركته السياسية. طليعية الحزب، هويته الماركسية، عماليته، دفاعه عن قضية المرأة والقوميات المضطهدة والمهمشة ... الخ كل هذه الاكليشيهات من الضروري اختبار صحتها وقياس مصداقيتها في التعبير عن حقائق الواقع العياني الملموس من خلال احصاءات ووثائق واستبيانات يمكن من خلالها التعرف على الآتي (مثالاً لا حصراً):-

    · التركيبة الاجتماعية للحزب مهنياً، قبلياً، دينياً، تعليمياً ... الخ

    · التركيبة العمرية لأعضائه

    · موقع المرأة في بنيته ووزنها في نشاطه وقيادته

    · طبيعة التكوين الفكري لأعضائه

    · أثر العائلة وتقاطعه مع مبدأ الكفاءة والأهلية للقيادة

    · نوعية المداخل التي تقرب الأفراد من الحزب: صحافته، أدبيات الحزب، كتاب، صداقة تأثير عائلي، نموذج التضحية ونكران الذات الذي يمثله الشيوعيون.

    5- المثقف:

    المثقف هو عقل الحزب ونبض حسه النقدي. دوره ووظيفته إثارة البلبلة وإشاعة روح الشك النقدية لا تقديم المسلمات وإجابات يقينية جاهزة ومستهلكة تبشر بالإيمان وتبعث على الاطمئنان وتوفر راحة الذهن. فلم اصبح الحزب مؤسسة طاردة للمثقف بعد أن كان في بواكير نشأته مركز جاذبية وبؤرة استقطاب؟ في محاولة للعثور على اجابة للسؤال أعلاه تنتصب أمامي فرضية هي: مأزق المثقف داخل الحزب الشيوعي أنه يجد نفسه مطحوناً بين مطرقة طليعية الحزب التي كانت سبباً في انجذابه للحزب وسندان التمسح بالرداء العمالي الذي سيصبح سبباً لخروجه من صفوف الحزب، وما بين المطرقة والسندان تتبدى ملامح حياة حزبية فقيرة ضحلة يسودها الشك واحتقار المثقف كحامل لعقليته البرجوازية الصغيرة، وتغيب فيها قيم التعددية والتسامح الفكري. هذه الفرضية يمكن نفيها أو اثبات صحتها عندما يكتب المثقف المارق والمقيم دراما علاقته الملتسة بالمؤسسة الحزبية.

    6- الحوار، الصراع الفكري والانقسامات:

    تغيب تقاليد الحوار في حياة الحزب الداخلية مفسحة المجال لما يمكن نعتها بسيئات "حوار الطرشان" التي سرعان ما تستشري مستدعية تدخلاً عاجلاً لحسمها بآليات القمع التنظيمي وهي عديدة تبدأ بالتدجين والكبت الفكري بسلاح التصويت وتغليب وجهة نظر الاغلبية وتنتهي بالفصل وفظائع التشهير وتشويه السمعة وشطب التاريخ النضالي للأفراد بجرة قلم. سجل الصراع الفكري داخل الحزب الشيوعي مثله مثل كل سجل يؤرخ لكل صراع ينشب في اطار أية مؤسسة أو حزب مكتوب بمداد المنتصر مزهواً بأمجاد انتصاراته مغمساً يراعه في دماء المنهزمين. لكنه أيضاً وبمعنى من المعاني السجل الاكبر لحركة التغيير في بنية الحزب الفكرية والتنظيمية. لذلك من المهم نشر الوثائق والحقائق كاملة حول كل صراع أو انقسام. من المهم ايضاً استكتاب المنقسمين والمفصولين والتاركين لصفوف الحزب بناء على موقف فكري حول تاريخ الانقسامات والصراعات من زاوية نظرهم. نشر هذا التاريخ سيكشف للأجيال الحاضرة واللاحقة حقائق عن الكيفية التي يدار بها الصراع، مناخه النفسي، أدواته وآليات حسمه.

    عثمان محمد صالح - هولندا

    ديسمبر 2002


                  

02-10-2004, 09:40 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)

    رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني

    شجرة مباركة تستحق السِقاية بماء العيون! ‹ *›

    عثمان محمد صالح / هولندا


    *- مبتدئاً بالتعريف: هذه رسالة وصية !. ولأن طابعها مفتوح، فهي تسعى ما وسعها السعي، إلىكل ذي فكرٍ ونظرٍِ داخل الحزب الشيوعي السوداني وخارجه على حدٍ سواء.

    *- الحافز المُحَرك: قلقٌٌٌ وجودي حميم، إلتزام مُتحرر من قيود ومثالب نمط التفكير الوثوقي وعبادة " أصنام المعرفة "، إنشغال مهموم بقضايا المُعدَمين والمُهمشين والمُجردينَ من كافة اسباب السلطة والجاه وعلو المكانة لا شفيع ولا وجيع ولا صوت لهم، هجسْ مستديم بمآل أحوال الحزب الذي أمضيتُ شطراً من حياتي عاملاً فى صفوفه قبل ان أغادره فى التسعينات من القرن الماضي

    *- شِعبَة الإرتكاز: قناعة لَم يُكفنها غبار الزمن و"تَلبُك" الأحداث، لَم تزعزعها شماتة المغرضين وهزء الساخرين وهمز الجاهلين وقذف المرجفين وكيد الخصوم السياسيين، لم تنل منها كذلك مرارة الإحباط وسوس القنوط وخذلان المشاريع الطوباوية وبوار أحلام اليقظة النهارية وكساد النظرية فى سوق السياسة السودانية، ولم يجرفها من "القيف" إلى بطن "الدوامة" الهدارة "هدام" التصدعات الكبرى والإنهيارات الكونية، التي اصابت قِسماً غير هين من حركة اليسار السوداني بالذهول والخرس ودوار الرأس وفقدان الإتجاه وسوداوية المزاج وعشى البصيرة والبصر وتَعْسم الفكر والإحساس الخانق بإنسداد الدروب وإنغلاق الأفق، الأمر الذي قد يدفع دفعاً لتسليم الرقاب –فى خنوع- لسطوة حكم القدر او لمشية المُتنفذين فى شئون البشرْ [ إنها حقاً أعراض ومظاهر حالة نموذجية تصلح لمناهج التحليل النفسي فى نسخته السودانية ]

    *- دافع إضافي: تنامي ظاهرة بعينها داخل "صَريف" الحزب الشيوعي السوداني وخارج نطاقه التنظيمي أيضاً، يُعبرُ عنها تعالي نبرة أصوات يكسوها طابع الأسف والحسرة والتفجُع على سنوات العمر المسروقة وعبث الجهد المبذول ولا مردودية العرق المسكوب والوقت المهدر فى تأدية وتنفيذ واجباب ومهام العمل الحزبي ! وكأني بأصحابها تلك الأصوات تفصلهم خطوة واحدة – مجرد خطوة لا غير- عن المطالبة جهراً وعلناً بتعويضٍ مناسبٍ ومجزٍ يعادل "فاقد" العمر والشباب الذي ولى دون رجعةٍ، زائداً ربا الفائدة !!. وكأني باصحاب تلك الأصوات كانوا يغطون فى سبات دهري عميق تحرروا من أسر سلطانه بعد لأي ومشقة، وإستفاقوا يتحسس كل إمرء منهم "أناه" التى كانت ولأمدٍ طويلٍ نسياً منسياً، فى تلك السنين الخوالي، عندما كان الجميع فى تسابق محموم – يحملُ فيه الضريرُ المُقعد- يسترخصون فيه الغالي والنفيس، مُضحين بالأنا – التى صارت الآن صرعة العصر و معبودة القلوب – فى مذبح "الجماعة" المُقدس !، وعندما كان الإنضمام لصفوف الحزب الشيوعي لا يعنى فقط متاعب ومشاق العمل السياسي السري [ مطاردة، إعتقال، سجن، تعذيب، فصل من الدراسة أو العمل، فاقة، بُعد عن كنف الاسرة والأهل ...الخ]،بل وكانت أيضاً مدعاةً وسبباً للإحساس بالتميز والطليعية ومصدراً يغذي ويرفدُ نوازع النرجسية والبارانويا السياسية وتضخيم الذات كيف لا والمرء وقتئذٍ، يحسبُ نفسه جزءاً مُهماً وضرورياً وفاعلاً من "عملية" كبرى، تاريخية الطابع وكونية الشمول، جزءاً من حركةٍ عالمية، خَلاصية – مَهدَوية، معصومة من إرتكاب الخطايا ةالآثام، لا يأتيها الباطل من خلفها ولا من امامها، حركة لا تعرف التراجع ولا تتقن سوى لغة الإنتصارات التي تكتسح فى طريقها كل شئ، وهي تتقدم مدفوعة ومحروسة بحتمية قانون فولاذي صارم نحو هدفٍ منحوتٍ على لوح "التاريخ" أو محفوظ فى سجل الغيب الإلهي- لا فرق، وهو إقامة جنة الله على الأرض !.

    إن اصحاب تلك الأصوات ينسون أو يتناسون أو لا يدركون [ جميع هذه الإفتراضات عندي بنفس القدر من السوء ] أن المُوَاطنة الحقة ليست حزمة من الحقوق والطيبات والمُتع فحسب، بل هي أيضاً مجموعة من الواجبات المستلزم تنفيذها والتضحيات الواجب تقديمها والضرائب الإجتماعية التي لا مفر ولا مهرب من سداد فواتيرها كفرد عين لا كفاية، إن أراد المرء الإحتفاظ والتمتع بحق الإنتساب ودفء الإنتماء للكيان الإجتماعي/السياسي المُعين.

    *- الشجرة المباركة: إن الشتلة التى أودع ساقَها الغضه طين السودان نفر من الشباب المتميز فىأربعينات القرن الماضي، وناطحوا لأجلها سحائب السماء، وإجترحوا المآثر – الواحدة تلو الأخرى- دفاعاً عن حقها ونصيبها فى الضوء والماء وذادوا عن حياضها بجسارةٍ ونُبل أسطوري لا يُبارى، وزكوا عُودها النامي بطهارة اليد والقلب واللسان، وإقتدوها بمهجهم فى ساعة الإمتحان العسير، عند الخط الفاصل بين الموت والحياة، حين زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الجبال أثقالها وعصف الخوف وإصطكت الركبُ وتراخت العزائم وجحظت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتعالت فى الجو صيحات الهزيمة: ياليتني كنت ترابا !، تلك الشتلة الطيبة التى تكرم شعب السودان مانحاً اياها خير الأسماء وأجَلَها وأكثرها مصداقية فى التعبير الدقيق والمُحْكم عن نزوعه وتطلعه لمجتمع تسوده روح العادلة والمساواة والكفاية، لهي فى أمس الحاجة إلى من يتولها بالسِقاية ويغمرها بالعناية ويتعهدها بالحماية من "سَفاية" النفوس وضغائن الصدور وحِمم القلوب، رمادها وعللها.

    ان الحزب الشيوعي السوداني بخيره وشره، بغضه وقضيضه، بغثه وثمينه، بإنتصاراته المقيمة وإنكساراته الأليمة، ما يزال نماء شجرته ضرورياً وحيوياً في بيئةٍ جافةٍ مثل عتمور السودان، احالها "مَحْل" التقليدية والتأخر الإقتصادي والإستبداد السياسي وفساد الحكام وتنازع الهويات وإنطفاء فبس التنوير والمعرفة العقلانية وغياب العدل وسلطة القانون وإنعدام المساواة وإختناق مؤسسات المجتمع المدني الراسف فى أغلال الدولة الشمولية القاهرة – أحالها إلى صحراء بلقع لا يتسَيدُها سوى صوت الريح وعبثها فى الفراغ !

    عثمان محمد صالح / هولندا

    عضو سابق بالحزب الشيوعي السوداني

    Email: [email protected]


    ---------
    ‹ * › ماء العيون: مُقابل لغوي مُقترح لكلمة ( ماجيسي ) النوبية أما تعبير " السقاية بمَاء العيون " فهو مجازي، لا أنسبُ لنفسي فضل نحته او سبق إبتداعه. إنه شائع ومتداول فى كلام النوبيين، يتردد كثيراً في أشعارهم وأغانيهم. انه تعبير يحلق بالأذهان نحو عالم المحبة الخالصة النابعة من سويداء القلب، المقرونة والممزوجة والمدعومة بافعال الحرص والبذل والتضحية من أجل "موضوع" المحبة.




                  

02-10-2004, 10:38 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)

    رسالة إلى عثمان محمد صالح:
    الحزب الشيوعي أم وجه الشعب والحقيقة؟*

    (إلى عبد العظيم محي الدين؛
    حيا كان أم ميتا؛ وأينما حل وحيثما كان..)

    (1)
    ظللت أتابع باهتمام وحرص؛ ما يكتبه شقيق روحي وصديقي القريب – البعيد؛ والذي فرقتني وإياه ا الأيام؛ وان لم تفرق بنا المودة؛ عثمان محمد صالح؛ عن صيرورة الحزب الشيوعي السوداني. وقد علمت من كتاباته؛ انه قد استقال من عضوية الحزب الشيوعي في التسعينات. ورغم أني لا اعرف حيثيات استقالته؛ فلا شك عندي مطلقا؛ إنها قد انطلقت من مواقع نبيلة؛ لا هزيلة؛ ومن موقع الحريص علي شعب السودان؛ لا المتهرب من الميدان؛ ومن موقع الثوري المخلص لثوريته؛ لا المنكسر أو المتساقط؛ كما تعودنا أن نقول عن الخارجين من الحزب الشيوعي؛ يوم كنا أعضاءا فيه؛ وكما يقول الكثيرين من أعضاءه الحاليين؛ حول رفاق الأمس القريب.
    (2)
    وعثمان محمد صالح لمن لا يعرفه؛ إنسان بكل معني الكلمة؛ وأديب مرهف؛ ومناضل ثوري. اخذ عن أهله النوبيين؛ الصراحة والوضوح وقول الحق؛ الذي يصل أحيانا إلى درجة الجلافة والإحراج. كما اخذ عن مدينته عطبرة؛ روحها الشعبية؛ ونفسها الكادح الذي يبقي في الإنسان؛ مهما ابتعد به الزمان عن ورشها وكتاحتها وبيوتها الطينية؛ وأخذ ثوريته وتوتره المبدع؛ عن نهر عطبرة الجارف المتمرد غريب الأطوار؛ الذي يجف لشهور؛ ليفيض في شهور اخري؛ وكانه ثوري فوضوي تتحكم فيه روح غريبة من الكسل والهيجان؛ ورغبة متناقضة في إعطاء الحياة والتدمير؛ تحلق به وتعشعش فيه وتعذبه وتدفعه؛ من منابعه العالية؛ في تلال اكسوم الشامخة؛ حتى يصل إلى منتهاه في مدينة الحديد والنار.
    (3)
    فليكن ما يكن؛ وليكن أن بعضا من افضل بنات و أبناء شعبنا؛ ممن اتجهوا بوجدانهم وقلوبهم يسارا ذات حين؛ وولجوا صفوف الحزب الشيوعي ذات يوم؛ وقدموا له من الجهد والحب والعرق والإخلاص والدم والمحبة والدموع والعمل؛ ما لم يقدموه حتى لأهليهم؛ أو لانفسهم؛ حين تهيأ لهم انه الأمير الجديد؛ وانهم في نضالهم عبره؛ إنما يرتقوا بإنسانيتهم؛ ويخدموا الشعب؛ ثم البشرية جمعاء. ليكن أن بعضا من هذا البعض؛ قد خرج من تلك الصفوف التي ولجوها ذات يوم؛ وتغرب في ذاته أو في بلده أو في الخارج؛ واهتدي بعضهم إلى منابر جديدة؛ بينما ظل البعض الآخر ممزقا ما بين حلاوة وذكريات الانتماء القديم؛ ومرارة الواقع الحاضر؛ وانسداد الطرق أمامهم؛ فمن يا تري هو المسؤول؛ عن هذا الانهيار العظيم؛ في وسط صفوف كان يمكن بها اقتحام السماء؛ وإطفاء الشمس وإشعالها من جديد؟
    (4)
    عن ماذا يعبر مثال علي العوض؛ هذا الغريب في حزبه؛ ومثال عثمان محمد صالح؛ هذا الذي ترك الحزب رسميا؛ ليبقي فيه قلبا وشعورا وطموحات؟ أي قوة خرافية تجعل من شخص يري في تنظيما شجرة مباركة؛ تستحق أن تسقي بماء العيون؛ بعد أن خرج منه؛ والخروج من الحزب الشيوعي؛ والتنظيمات العقائدية كافة؛ أشبه بقطع القلب اجزاءا؛ بسكين غير حاد ؟ أي معني يمكن أن يكون لنداءات عثمان محمد صالح؛ ولصرخات علي العوض؛ والحال فيما يصرخون فيه وعنه وله؛ يسير من سيئ إلى اسؤأ ؟ لماذا خرج عثمان من الحزب الشيوعي؛ ولماذا استقال منه علي العوض ورجع إليه ثلاثة مرات؟ كيف يدعو عثمان محمد صالح لسقاية هذه الشجرة بماء العيون؛ وهو قد تركها واعيا مختارا؟
    (5)
    ينطلق عثمان في كتابته الآنية؛ وفي كتاباته السابقة؛ من روح الأديب الشاعر؛ ويبدو هذا جليا في لغته و أدواته المستعملة. يكتب عثمان كتابة تخاطب القلب؛ وتخاطب الشعور؛ وتزدهي بالكلمات؛ ولكنها تخلو من الوقائع؛ أو تتناولها بعمومية. ما معني أن يقول عثمان: "إن الحزب الشيوعي السوداني بخيره وشره، بغضه وقضيضه، بغثه وثمينه، بانتصاراته المقيمة وإنكساراته الأليمة، ما يزال نماء شجرته ضرورياً وحيوياً في بيئةٍ جافةٍ مثل عتمور السودان." ؛ دون أن يحدد لنا ما خيره وشره؛ وكم هي نسبتهما إلى بعضهما؛ وما الذي يسود الآن في هذا الحزب من أحد هذين المتناقضين؛ وغيرها من المتضادات؟ لم يقل عثمان لنا؛ ما الذي اجدب بحياة السودان؛ وجعلها عتمورا؛ وما دور الحزب الشيوعي في ذلك؟ لم يشرح لنا عثمان؛ كيف يريد لشجرة قد جف ساقها ؛ وماتت جذورها؛ وسقطت أوراقها؛ وعزت ثمارها؛ ولم تعد إلا هيكلا خشبيا ينتظر السقوط؛ أن تينع وتنمو من جديد ؟
    (6)
    تجربة الحزب الشيوعي؛ تستحق فوق الانفعال الأدبي؛ جهدا علميا صارما؛ يناقش المنطلقات الفكرية لهذا الكيان؛ ثم يناقش البنية التنظيمية له؛ والمسلكيات القيادية؛ وطرق تربية العضوية؛ والمواقف السياسية والمصيرية ... ثم يعالج كل هذا في إطار البنية الاجتماعية السودانية؛ وفي إطار حراك القرن العشرين الهائل؛ الذي انداحت موجاته ووصلت السودان؛ وانفعلت بها حياة المئات والآلاف من البشر المشاركين في الفعل السياسي؛ والملايين من بسطاء الناس؛ ممن مارسوا حياتهم البسيطة؛ ولكن وقعت عليهم الأحداث؛ كما تقع عليهم الأمطار والسيول والجفاف والحروب والصواعق ؛ فدفعوا ثمنها فقرا وعوزا وموتا وقتلا ونفي وتشريد. إن دور عثمان وغير عثمان؛ أن يقوموا بهذا الجهد النقدي التحليلي الكببير؛ ليكشفوا من أين أتى خير الحزب الشيوعي؛ ومن أين نبع شره؛ وأين نري سمينه؛ وأين هو غثه؛ الخ الخ من مكونات هذ الجهد التاريخي النقدي؛ ممن لا تحله الكلمات الرشيقة؛ ومخاطبة المشاعر وحدها.
    (7)
    ثم إن هذا الجهد النقدي العظيم؛ ليس غاية في ذاته؛ و إنما هو مدخل لتحديد موقف. فإذا وصلنا إلى أن الشر اكبر من الخير؛ والغث اكثر من السمين؛ والانكسارات اعمق من الانتصارات؛ كان من واجبنا أن نحارب هذا التنظيم ؛ وان نطلق عليه رصاصة الرحمة؛ وان نحرق ما تبقي من هيكله الخشبي. أما إذا تبين لنا العكس؛ فما علينا إلا الدفاع عنه دفاع المستميت؛ والعض عليه بالنواجذ؛ وسقاية شجرته بماء العيون؛ وريها بالدمع والعرق والدم؛ عساها تورق وتزهر من جديد‍ . إن أي موقف وسطي هنا؛ لا يجدي؛ ولا يليق؛ وليس هو من شيم عثمان؛ ولا رفاق عثمان.
    (
    إن موقف عثمان محمد صالح بالاستقالة من الحزب الشيوعي؛ يوضح كيف كان تقييمه النهائي؛ وأنا اعرف عثمان جيدا؛ لادرك أن ما دفعه للخروج من الحزب هو الشديد القوي؛ وليس هو تعب وانكسار وإحباط الخ ؛ مما يدمغ به المهووسون الآخرين. من هنا فأنا لا افهم دعوات عثمان الحالية؛ إذ هل يريد للآخرين؛ أن يواصلوا ما تركه هو عن قناعة؟ وهل لو كان مقتنعا بما يقول؛ أليس من الأجدى والأكثر مصداقية؛ أن يرجع لصفوف الحزب الشيوعي؟ وما موقع كل هذه الكلمات الحارة؛ والانفعال الإيجابي بالحزب الشيوعي؛ من واقعة استقالته التي يكرر الإخبار عنها؛ في كل رسالة بهذا الصدد ؟ وما سر هذا التناقض الغريب؛ أن لم يكن هو تناقض العقل الذي يعرف؛ والقلب الذي يرفض الاعتراف؟
    (9)
    كما لم تعجبني إطلاقا؛ نبرة عثمان الأبوية والأستاذية؛ المليئة بالتقريع واللوم؛ تجاه " تعالي نبرة أصوات يكسوها طابع الأسف والحسرة والتفجُع على سنوات العمر المسروقة وعبث الجهد المبذول ولا مردودية العرق المسكوب والوقت المهدر في تأدية وتنفيذ واجباب ومهام العمل الحزبي !". وليوضح عثمان لنا هنا؛ هل كل هذه المشاعر؛ لها سندها من حيثيات الواقع؛ وهل لم يبذل هؤلاء المناضلين؛ الغالي والرخيص؛ ليقبضوا السراب؟ ؛ وإذا كانت إجابته بالتأكيد؛ كما يري أصحاب الأصوات هؤلاء؛ فليوضح لنا إذن؛ من المسؤول عن هذا؛ وليقدم لنا منهجه لمعالجة هذه الجراح الحقيقية ؛ والمشاعر الأليمة؛ بدلا من السخرية من اصحابها؛ في الوقت الذي يجلس فيه المسؤولون الحقيقيون عن ضياع الجهد والعمل والوقت وسنين وحياة الشباب الغض؛ علي قمة الهرم الحزبي؛ منتشين بكهانتهم ؛ معاقرين لفشلهم التاريخي؛ ومعطلين لطاقات المناضلين؛ يطلق البعض ما يزال حولهم البخور؛ بينما تضم اتباعهم المنافي والسجون والمستشفيات والقبور.
    (10)
    إن الإنسان هو القيمة الأولى والمطلقة؛ لا يتم بدونه شي؛ ولا قيمة لشي خارجه . ومن هذا المنطلق؛ فليست "المُوَاطنة الحقة هي فقط مجموعة من الواجبات المستلزم تنفيذها والتضحيات الواجب تقديمها والضرائب الاجتماعية التي لا مفر ولا مهرب من سداد فواتيرها كفرد عين لا كفاية"، و إنما هي أيضا "حزمة من الحقوق" ؛ لا نحسبها في دائرة "الطيبات والمُتع" ؛ ولا نقيمها من باب "التمتع بحق الانتساب ودفء الانتماء للكيان الإجماعي/السياسي المُعين"؛ و إنما ننظر لها كحقوق طبيعية وإنسانية واجبة التنفيذ؛ يشكل انتزاعها وحجبها جريمة في حق الإنسان؛ سواء أتت من نظام حاكم؛ أو قيادة حزب معارض. وقد قام هؤلاء الشرفاء من أعضاء الحزب الشيوعي بواجباتهم كاملة؛ والتي بلغت في حدها الأقصى تقديم الحياة قربانا ؛ فماذا اكتسبوا من حقوق في المقابل؛ وهل كانت هناك حقوق للعضو أصلا ؛ في هذا الكيان المتسلط علي الفرد؛ الممتص لرحيق حياته دون مقابل يلقاه؛ إلا الهزء والاستخفاف والجحود؛ بعد سنين طويلة من التضحيات والواجبات والجهود؟
    (11)
    إن عثمان رغم خروجه عن صفوف الحزب الشيوعي؛ لا يزال يتطلب من أعضائه أن يقدموا التضحيات دون مقابل؛ وان يقوموا بواجباتهم دون حقوق؛ وان يسقوا بماء العيون؛ شجرة لم تقدم لهم إلا الشوك؛ ويطالب بهذا كذلك من هم خارج الحزب الشيوعي. إننا نعرف بعضا ممن تحدث عنهم عثمان؛ ونعرف انهم إنما كانوا يطالبوا بالحقوق لكل الشعب؛ وانهم ما كانوا ليطلبوا تعويضا؛ أو يشعروا بالحسرة؛ لو أتى جهدهم اكله في المجال العام. ولكنهم راؤا أحلامهم تتبدد هباء؛ والوطن يسير القهقرى؛ فحق لهم أن يسألوا عن عائد جهدهم؛ وكيف ولماذا وأين قد ضاع.. ولا تستيقظ مثل هذه المشاعر المريرة؛ في اناس غيريين؛ إلا في زمن الهزيمة والانكسارات. فليسأل عثمان إذن المسؤولين عن الهزيمة؛ ممن لا يزالوا يتمتعوا بثمار جهد الآخرين؛ عن كيف أهدروا جهد المناضلين؛ وكيف غيبوا حقوقهم؛ وسحقوا آمالهم؛ واورثوها الحسرة والآلام؛ بدلا من أن يحاسب الضحايا؛ كونهم يتحسروا علي الجهد المضاع؛ وسنين الشباب المهدرة التي لن تعود.
    (12)
    لقد سرت تقريبا في نفس طريق عثمان؛ وارتبطت بالحزب الشيوعي ارتباطا؛ ما كنت احسب له من فكاك؛ وما أظنه سيتحقق لي مع أي من الأشياء أو الأحياء؛ إلا أني عندما آتى الوقت؛ قد ضغطت علي فلبي ومزقته نتفا؛ من اجل وجه الحقيقة؛ ومن اجل الحلم الأولى. إننا يا عثمان لا نعبد ولا يجوز لنا أن نعبد الهياكل والأشجار؛ خاوية كانت علي عروشها أم يانعة ؛ و إنما نقيم ونحترم كرامة وحقوق الانسان؛ ونتوجه نحو الحقيقة ؛ ونبتغي وجه الشعب. وكل ما دون ذلك إلى زوال. ولهذا نضغط علي أنفسنا ونسير ألي الإمام؛ بحثا عن كل ما يفيد الإنسان والحقيقة والشعب. وفي هذا الدرب قد سار الكثيرون؛ ممن لا يريدوا سجن أنفسهم في الماضي أو الخيال؛ ولا يرغبوا في أن يغلقوا أعينهم عن الوقائع ؛ ودخلوا في معمدانية الألم والقطع والنار ؛ لكيما تطهرهم من الأوهام؛ وتدفعهم إلى الأمام.
    (13)
    هل يكف عثمان محمد صالح؛ عن البكاء علي الأطلال أذن؛ وينخرط في أي مشروع سياسي أو مدني أو إبداعي؛ عام او شخصي؛ يستجيب للحلم الأول؛ أم سيظل يراوح في مكانه؛ مرددا الأهازيج عن القديم الذي كان؛ متجاهلا الواقع المر المتكون؛ وبراعم الجديد الذي يمكن أن يكون ؛ وتاركا ما كان نجمته الهادية وحلمه الأول ذات يوم؛ يضيع في ثنايا إعادة الروح إلى هياكل خاوية؛ لم يعد عقله مقتنعا بها؛ وان كان قلبه لا يزال يحن إليها؛ وهل يقدم جهده وعرقه وصوته قربانا لصنم ليس فيه من خير الآن ؛ إلا لكهنته وحواريهم ؛ أم يرجع إلى صفوف الشعب؛ سر بداية الأشياء؛ ويشاور ذاته ويسمع لها؛ ويبحث عن ما ينفع الناس؛ دون أن يضرهم ولو بالقليل ؟

    عادل عبد العاطي
    27 يناير 2004


    * ردا علي رسالة عثمان محمد صالح: الحزب الشيوعي السوداني شجرة مباركة تستحق السِقاية بماء العيون!
                  

02-10-2004, 10:41 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)


    الحزب الشيوعي السوداني "كائن سياسي " أرضي لا سماوي

    رسالة مفتوحة إلى الصديق : عادل محمد عبد العاطي



    تستحق رسالتك ( المؤرخة فى ۲۷/ يناير ۲۰۰٤ ) الرد المُفصل لاسباب عدة منها انها تسامت بمفهوم الإختلاف فى وجهات النظر، كرمت منزلة النقد، أزكت فضائله، معناه وجدواه.

    أثمنُ عالياً – دون اية ملاحظات – مضمون الفقرة (٦ من رسالتك : هناك حقاً ترقدُ أرضاً بور ماتزال تنتظر مـــعاول " الفــلاحة الفــكرية! ما تبقلى من مضمون الرسـالة قابل " للحوار " الهادئ الصبور المطهر من شوائب التعصب والاحكام المسبقة والاستعجال، فما يزال فى وقت العالم متسع " ماهِل " . دفعاً للالتباس وتفادياً لعسر التفاهم ومعوقات تواصل الافكار، أقترح عليك العودة مُجدداً لمــقالٍ نشــرته قبل أكـثر من عـام على صفحـات مجـلة " الديمــقرطي " الاكتـرونية

    ( www.d-a.org.uk/opinion ( ، عنوانه: تأملات سوسيولوجية فى بعض قضايا التعبير داخل الحزب الشيوعي السودانى. من جانبي، سأذهب إلى كتاباتك تليدها وراهنها عَل فى ذلك الذهاب والإياب المشترك ما يعينُ فى تأسيس " عتبة متينة " يقف عليها " الحِوار " بكلتا قدميه فى ثبات الواثق وطمأنينة العارف ( عَرضاً: تعبير " عتبة متينة " المستخدم هنا ليس خليقة دواتي ولا ذرية ً من نسل يراعي ولا صنيعة إقتضاها مقام الكلام أو سياقه. لم أستله من بطون الكتب، لم أستعره من خزانة مثقف. لقد صك أذني ورسخ فى ذاكرتي قبل أعوام طويلة وهو يَرِدُ هكذا ببساطةٍ وعفويةٍ غير متكلفة على لسان عامِل " تُرعة " مجهول الإسم، مغمور الذكر، متواضع السيرة كما يقطن على حواف القرية (۱٤ فى مشروع حلفا الجديدة الزراعي).

    مَست رسالتك أوتاراً عديدة ودفعت إلى صدارة أجندة الإهتمام بأسئلة بعضها مباشر والبعض الآخر مُضمر، مُوحى به، مبثوث فى ثنايا السياق العام لتسلسل الأفكار. سوف احاول – فيما انا الآن كاتبُُ ُ وفيما سيأتيك لاحقاً- تقديم جواب دون الإلتزام الصارم بالمخطط المدرسي المعروف: سؤال تتبعه إجابة !.

    ليس السؤال المركزي هو ذاك الذي طرحته رسالتك : لماذا خرجت من صفوف الحزب الشيوعي السوداني؟ يتناسل منه فرعي: لماذا شمرت الآن عن ساعد الكتابة عنه طالما اننى أقع – تنظيمياً – خارج أطره؟، بل هو آخر مسته رسالتك مَساً خفيفاً عابراً دون ان تحاول الغوص العميق فى مياهه: لماذا ولجتُ صفوف ذلك الحزب أصلاً؟ وأي حزبٍ دخلتُ؟

    عندما ألتفتُ الآن إلى الوراء لا أستشعر إحساساً بالعار ولا بالفخار. ليس فى سيرة إقترابي من الحزب الشيوعي السوداني وملامستي لنشاطه وتعرفي على برنامجه واسلوب عمله حتى ساعة إنخراطي فى صفوفه ماهو خاص، متميز وخارق للعادة: لم أكن الهِبة الإلهية المُنتظرة ولا الطفرة الخارقة للسُنن والقوانين – ولدتها محاسن إقتران أكثر من صدفةٍـــ قَل أن يجود بمثلها شح الطبيعة!

    شاني فى هذا شأن العشرات من أترابي وأقراني ومُجايلي من النساء والرجال ممن ضاقت بهم ارض بلادي على إتساعها فى تلك الحقبة المايوية، كان تضجُ فى عروقي دماء الرغبة فى التغيير الإجتماعي والتوق الجامح ليوتوبيا " المدينة الفاضلة " عندما جمعتني دروب الحياة ومساربها المتشابكة بنفرٍ طيبٍ من شيوعيي بلادى بادلوني الإحسان بالإحسان، قاسموني طراوة الظل وذاد الطريق الطويل فى هجير الحياة وقدموا لي ما تيسر من العون: إضافة معرفية ، توسيع لأفق مداركي، ، بيان كيفية توظيف المعارف المكتسبة فيما يفيد الإرتقاء بوعي الفئات الإجتماعية المُستلبة حقوقها وتبصيرها بضرورة وأهمية تنظيم صفوفها وحشد قواها المشتتة لإسترداد الضائع والمُصادر من الحقوق وللدفاع عن المُكتسب منها فى معارك الصراع الإجتماعي ضد أحلاف مالكي السلطة والثروة، النظر إلى تراث شعبنا وقراءته بعيون جديدة، منح " الإيجابي " فى سُلم القيم الشعبية بُعداً سياسياً دنيوياً.

    إن المرجعية الفكرية للحزب الشيوعي لا تمتلك – حتى من باب التمني – قداسة وصوابية " الصراط المستقيم ". ليس لها من عاصم أو متاريس منصوبة أو جبلٍ عالٍ تأوي أليه لتحتمي من طوفان النقد والمراجعة الشاملة. أما خطه السياسي وبرنامجه الحالي أو المقترح فلا تعدو كونها إجتهاداً بشرياً يشبه ظروف السودان بسماته المميزة وعلات تأخره ومراوحته فى أدنى سُلم حضارة العصر، لكنه مع ذلك إجتهاد " مُقدر" يحتل مكانته ضمن كوكبةٍ من الإجتهادات التى تسعى وتكابدُ فى معاناة الخطأ والصواب، لإعانة الإنسان فى بحثه عن الحقيقة والعدل والحرية والمساواة.

    لقد دخلتُ صفوف ذلك الحزب فى خضم مجاهدات الروح والعقل ساعياً من خلاله لمجتمع يطمحُ نحو نموذج الكمال لا طالباً المستحيل بعينه وهو ان يتحول الحزب – الأداة السياسة – إلى تجسيد حي للكمال بشحمه ولحمه ! إن الكمال كما هو معلوم من أخص صفات الآلهة، اما الحزب الشيوعي السوداني فهو " كائن سياسي" ارضي " لا " نورانى " : اسسه بشر، دخله بشر، خرج منه بشر وسيدخله من جديد بشر بما هم بشر، بمالهم وما عليهم، بحسنات أعمالهم وسيئات أفعالهم، بتساميهم ونواقصهم، بمآثرهم وكبواتهم، بحدود مداركهم، بإختلاف طبائع وسمات الأوساط الإجتماعية التى قدموا منها والخلفيات الثقافية التى نهلوا من منابعها وغيرها من المؤثرات وعوامل التعرية التى تفعل فعلها – شئنا ذلك أم ابينا – مانحة الحزب الشيوعي ملامح وجهه الحالي. صحيح أنه سادت فى الماضي فكرة " حزب من نوع جديد " إلأ أنها وبحكم قسري من طبيعتها الأسطورية لم تغادر قيد أنملة حيز الأمنيات الطيبة وظلت منذ لحظة ميلادها حبيسة قفص اليوتوبيا، تراجعت منذ البداية وإنزوت فى ركن ٍ بعيد ( تماماً مثلما يعتزل الكهول وقد لحق بهم الخرف والذهول، باقي افراد الأسرة )، حتى إنطفأت شعلتها وصار وجودها عبئاً ثقيلاً على كاهل الدستور الحالي للحزب وهو يحمل ۳۷عاماً الشيئ الذي يجعل إستبعادها نهائياً في نص مشروع الدستور المقترح الصادر فى أكتوبر ۲۰۰۳ أمراً طبيعياً ومبرراً ومشروعاً !

    ليس الحزب الشيوعي جزيرة معزولة فى محيط هائج يعيش ساكنيها فى زمن البراءة والفطرة الأولى السليمة، قبل أن يتقاتل هابيل وقابيل !. إنه مؤسسة إجتماعية تحكم أسلوب حياتها ونشاطها القوانين السوسيولوجية السارية النفاذ على كل مؤسسات المحتمع ( اللامساواة، التراتبية الهرمية، صراع الأجنحة، التنافس على الزعامة والنزوع لإحتكارها ). إنه القانون الحديدي للأوليغارشية ( (oligarchyيسري بجبريته على كافة التنظيمات لا يُميز، لا يستثني ولا يرحم : ما من عقبة ٍ تعترضُ مساره، مامن إرادةٍ بشرية أو غير بشرية فى مقدورها لي زراعه القوية. إنه مِثل ملك الموت ينفذ إلى كل مكان حتى لو كان هذا " المكان "حزباً سياسياً يرفع راية المساواة والعدالة والاشتراكية!!

    أسوقُ ( الفبأئية ) قوانين الإجتماع البشرى لا لهدفٍ تعليمي مُكثفٍ بذاته ولا بقصد إشاعة الإحباط وتثبيط هِمم الراغبين فىإحداث التغيير داخل الحزب و المجتمع فى كليته وشموله، بل لإعتفادي بأن إستيعابها يساهم فى عملية ال real politics ويشكل ايضاً ترياقاً ناجعاً يطهر ويطرد أوهام الماضي والحاضر والتى تكلست فى أذهان الكثيرين عن نموذج طوباوي يجب أن يكونه الحزب الشيوعي بما هو حزب شيوعي، ومصلا ً مضاداً لأوهام جديدة قد تنشأ فى المستقبل.

    ما كان الحزب الشيوعي السوداني حتى فى " عصره الذهبي "، ما كان فى مقدوره أن يكون ولن يكون فى إستطاعته أن يصير: جنة ً منسية ً " من بلاد الحكايا والاساطير" خالية من صراعات المصالح والمكانة والزعامة ! لن يحدث هذا حتى لو جددنا قيادته كل صباح، حتى لو إنتخبنا لتلك القيادة من خرج من الحزب مشككاً فى قدرات الحزب الباطنية على التغيير، حتى لو صار اعضاؤه كائنات روحانية شفافة، حتى لو قمنا بتنصيب الملائكة الأطهار الأبرار فى لجنته المركزية ومكتبه السياسي وبقية المكاتب القيادية ! هذا جزء من حقائق الواقع الإمبيريقي التى يفيد الإعتراف بها والتعود على حنظل مذاقها والتصالح معها وإلا يتبقى أمام المرء خيارين إثنين لا ثالث لهما : إعتزال العمل السياسي نهائياً أو البحث عن حزب سياسي متحرر من ربقة القانون الحديدى للأوليغاريشية يقع خارج حدود المجتمع البشرى وخارج الكرة الأرضية أيضاً!!.

    لستُ من انصار " تابيد " القيادة: هذا داء عضال ينخر فى عود الحزب الشيوعي ويشل حركته إلى الأمام. لست أيضاً من دعاة تبرير الأخطاء والتجاوزات وخرق الدستور ومصادرة حقوق الأعضاء وتغيب الديمقراطية وقمع الصراع الفكري. لا ارفع راية: عفا الله عما سلف ولا أوزع صكوك الغفران، لكنني ضد رغبات التشفي والثأرات لخلافات الماضى ومحاولات " التطهير " وممارسة سياسة التمييز بين الأعضاء حسب إنتمائهم لفئةٍ عمريةٍ وضد محاولات تصفية الحسابات المؤجلة تحت مظلة التجديد والتغيير. أما التشهير بسمعة الحزب الشيوعي بطريقة محاكم " العدالة الناجزة " وسوقه عارياً مُشعباً وحصبه بالسباب وضربه ضرب غرائب الإبل فأمرُُ ُ أتركه بدون تعليق لأن الصمت فى كثيرٍ من الأحيان أبلغ أفصح من ضجيج الكلمات !.



    عثمان محمد صالح

    [email protected]





    --------------------------------------------------------------------------------
    MSN Zoeken, voor duidelijke zoekresultaten! klik hier
                  

02-10-2004, 10:47 PM

esam gabralla

تاريخ التسجيل: 05-03-2003
مجموع المشاركات: 6116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)

    الاخ عادل
    تحيات وتقدير
    شكرآ على انزال مكاتيب الاخ عثمان,قراءه سريعه لها اثارت عدد من الافكار والاسئله وايقظت اخرى خامله الموضوع عاوز طباعه و قرايه هادئه ولنأمل فى حوار مختلف
    اقترح اضافة كتابات شقرور لهذا البوست لانها مفيده وتسير فى ذات الاتجاه
    سلام
                  

02-10-2004, 11:18 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني (Re: esam gabralla)

    العزيز عصام

    اعادة نشر حوارات الصديق عثمان محمد صالح ؛ في بوست مستقل؛
    تمت بناءا علي رغبته؛ في نشرها بعيدها عن غبار العكة والشكلة ؛
    في البوست الذي انزله الاخ امبدويات ...
    ادعو الاخ شقرور وجميع من لهم رغبة بالحوار الهادئ للمساهمة هنا؛
    تقديرا لكتابات وجهد الصديق عثمان ....

    عادل
                  

02-11-2004, 11:51 AM

Mandela

تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 755

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)

    thanx for posting the articles here away from the chaos..
                  

02-11-2004, 02:45 PM

Khalid Eltayeb
<aKhalid Eltayeb
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 1065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)

    مواصلة للحوار اود هنا اريد ان اتناول جانبا من اشكاليات المنطلقات القكرية و النظرية للحزب الشيوعي وهل لاتزال صالحة لكي يستند عليها هذا الكيان ام انها شاخت و فشلت ووجب استبدالها وهل بالضرورة ان يكون للحزب الشيوعي واي حزب سياسي نظرية يستعين بها في صياغة برنامجه في محالات السياسة والاقتصاد والثقافة و السياسة . حسب دستور الحزب الشبوعي المجاز في المؤتمر الرابع 1976 فانه يتنني الماركسية الللينينية كنظرية هاديا و مرشدا وهذه الاخيرة لها جوانبهاوتشعباتها في القلسفة والاقتصاد السياسي و الاشتراكية العلمية نادت بتغيير العالم وبناء المجتمع الشيوعي الخالي من الطبقات و الصراعات الاجتماعية حيث يتاخي الحمل و الذئب .
    وقد قيل ان مشروع الدستور الجديد قد الغي البند الذي يقول ان المرجعية الفكرية للحزب هي الماركسية اللينينية و استبدلها بصيغة معممة تشتمل علي كل نتاج الفكر البشري الانساني الخير و الموروثات القيمة للشعب السودانى ثم اشار الي الماركسية كأحد مصادر المعرفة و الالهام .
    و فى هذا الحيز الذى احسبه ضيقا للمناقشة العميقة الواسعة في هذا الموضوع اود ان اتناول الماركسية و التى اعتقد انها قد تعرضت للكثير من التعربفات المعممة من اعدائها و ابنائها علي حد السواء الامر الذي ادي الي نشوبه حقيقتها و تقدبمها للناس بصورة مشوهة وقد استند بعض الناس فى نقدهم للماركسية فى عصرنا هذا بل و حكموا بموتها االنهائى مرة واحدة الى انهيار النموذج السوفييتي للتجربة الاشتراكية مما دعاهم للحكم بان الماركسية فشلت و تجاوزها التأريخ ولعمرى فان اسوأ النماذج لعرض الماركسية كانت من الذين ادعوا انهم ماركسيين و تعاملوا معها بصورة سطحية و كأنها مجموعة من المقولات و النصوص مقفولة علي نفسها و كاملة لايأتيها الباطل من بين يديهاا ولا من خلفها . انها المعضلة الحقيقية لان الناس تعاملوا معها و كأنها بقرة مقدسة تدر الحليب الذي يسعد الجماهير الكادحة بل و تحل لناكل مااستعصى حله من مشاكل عصية .
    نأخذ الجوهر الثوري للماركسية علي أته النقد النظرى و العملي للهيمنة ولكافة اشكال الاستلاب و الاستغلال وبالتالى تهتم و تدعو الي تحقيق العدالة الاجتماعية علي الارض . ببساطة شديدة هذا هو الجوهر الحى و الثورى للماركسية و يكتسب هذا النقد النظرى حيويته من كونه اقترن بالعمل من اجل التغيير ولم يكتفى نالتحليل النظرى بذلك بل دعى الى التغيير .
    قهم الماركسية خلاف جوهرها هذا ينتج عنه الجمود و بالتالى التسلط والادعاء الزائف بامتلاك حلول لكل مشكلة مستعصية و ماركسيون ينقلون من بطون الكتب و يدعون قدرات غير حقيقية مصيرهم ان يتحولوا الى متسلطين و مستعلين ثقافيا و فكريا سواءا كانوا فى الحزب او خرجوا منه. انظروا لما قاله لينين:
    " اننا لانعتبر نظرية ماركس كشى كامل ومقدس , بل علي العكس نحن مقتنعون ان ماركس وضع فقط احجار الزاوية للعلم الذى يجب على الاشتراكيين ان يقدموه فى كل الاتجاهات بحيث لايتأخروا عن تطور الحياة " وقبله قال انجلز : " ان نظرتنا للتأريخ قبل كل شيئ توجيه للبحث ".
    وعلى صعيد التجربة السودانية فان الماركسية هي القدرة على استيعاب واقع المجتمع السودانى و العمل على النهوض به الى حيث يتحرر انسان السودان من كافة اشكال التمييز الاجتماعي و الثقافى و العرقى وهذا هو الفهم الثورى للملركسية و كما قال لينين فان الماركسية هى دراسة الواقع الملموس و تحليله كعملية فى حركته و تحوله و بعبارة اخرى التحليل الملموس للواقع الملموس .
    على اننا هذا اذا نظرنا لتجربة الحزب الشيوعى السودانى وحاولنا محاكمته فى ضوء فهم جوهر الماركسية بأنها " التحليل الملموس للواقع الملموس " فللامانة فانه استطاع الى حد كبير ان يصيغ برامجه فى الفترات المتباينة من واقع الحال فى السودان ولذلك وجد استجابة كبيرة من قطاعات واسعة من جماهير الشعب السوداني وكان الحزب الاقرب لوجدان الجماهير حيث انه اسهم اسهاما كبيرا في نقد البرامج الت تسعي للابقاء علي السودان متخلفا وملك الجماهير افق نضالاتها بل اغني هذا التنظير بالممارسة العملية مع الجماهير في سبيل التغيير .وفى ذلكم برنامج سبيل السودان نحو تعزيز الاستقلال عشية خروج المستعمر ثم تطورت معارفه النظرية نتيجة للتجربة العملية وصاغت و ثيقة "الماركسية وقضايا الثورة السودانية"و التى بينت على نحو دقيق طبيعة القوى الاجتماعية المختلفة و تشابك مصالحها وتناقضاتها وفى رايى ان ذلك كان تطبيقا خلاقا للجوهر الحي للماركسية ولان الماركسية مفتوحة و تغتنى بالاجتهاد والابداع النظرى وتطورها التجربة العملبية فان الادعاء المطلق بصحة كل اطروحات الحزب الشيوعي لهو محض خرافة ولهو يمثل تناقضا بينا مع جوهر الماركسية التي لاتقول انها صحيحة بصورة مطلقة
    ثمة تعليق بسيط علي طبيعة و اهداف الحزب الشيوعي السوداني كما ورد في دستور 1967 والدعوة لبناء المجتمع الاشتراكى و الشيوعى وهو ان ذلك لايعدو ان يكون قد صدرالا من خيال خصب تأملي صرف نقل من الكتب و توجه به للشعب السوداني و ساهم ذلك في تمكن الروح الايمانية للمناضلين من اعضاء الحزب و أضفي صورة من الجلال و القدسية علي الحزب لانه قرر بصورة مطلقة صحة تصورات ماركس بشأن المجتمع الشيوعي حيث تضمحل الدولة و تلغي الطبقات و يتفرغ الانسان لصراعه مع الطبيعة . لايمكن لاى فرد منا ان يخطط لنفسه مستقبله منذ نعومة أظفاره و لكن يمكننا ان نحلم بذلك في اليقظة و مثل هذا " الحكي" انما هو عدبم المعني علي ارض الواقع فى زمانه و مكانه المحددين .
    زبدة الكلام ان جوهر الماركسية لايزال حي و سليم بالمفهوم الذى اشرت اليه اعلاه وان الماركسية ليست فلسفة فوق النقد وان الاجتهاد النظرى يكسبها رونقها وبريقها وان التجربة العملية تغنيها و تطورها .
    أعلم انه اجتهاد متواضع ولكن هذا ماسمحت به معارفى و تجربتى و فوق كل ذلك وقتي المبعثر هنا وهناك . امل ان تثرى وجهة النظر هذه بانتقاداتكم وان تنفع حواركم هذا .
                  

02-14-2004, 04:41 PM

Khalid Eltayeb
<aKhalid Eltayeb
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 1065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)

    الاخ عثمان

    ماطرحته ورقتك : تأملات سوسيولوجية فى بعض قضايا التغيير داخل الحزب الشيوعى السودانى تحوي الكثير مما يستوجب المناقشة الجادة الحرة . اود ان اسجل تقديرى لمجهودك وسترى وجهة نظر من شخصى سأكتبها فى اليومين القادمين .
                  

03-02-2004, 12:44 PM

Osman M Salih
<aOsman M Salih
تاريخ التسجيل: 02-18-2004
مجموع المشاركات: 13081

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sociolgical mystifications:Part2 (Re: Abdel Aati)

    تأملات سوسيولوجية فى بعض قضايا التغيير داخل الحزب الشيوعي السوداني
    الجزء الثاني
    ۱- جذوة التغيير:-
    ما تبدى لي، في مطلع ِ التسعينات ِ من القرن ِ الماضي،محضُ فرضيةٍ هائمةٍ على وجهها مُعناةٍ بلهيب الشكِ، مُضناةٍ بهجر اليقين، مُشرعةِ المنافذِ والثغور – دون رقيبٍ من احكامٍ مسبقةٍ – لإستقبال أكثر من إحتمال، مفتوحةِ الافقِ على اكثر من خانمةٍ ومصير، عندما تهاوت أنظمة الحكم الشمولي فى اوروبا الشرقية ( بفعلِ " تسوس" قاعدتها أكثر من ضرباتِ معاول الأعداء )، وتداعت لها بالإنهيار والسقوط لواحق " المبنى "، إمتداداته وتوابعه فى جغرافيا العالم الثالث، ما كانت تعرفُ – وقتذاك – بالإسم الرنان لكنه مُلفق، الجذاب لكنه غامضُ ُ ومُلغز، الملهب لأخيلةِ الفقراءِ وأشواقِ المحرومين لكنه مُهوم فى الغمام وميثولوجي، القادر على الهتافِ والدعايةِ والإستقطابِ لكنه " رهابيُ ُ " مُضلل ،المُنتج فى تاريخه القصير فيضاً من ( الكلام ) الوفير لكنه فى واقع الأمر لم ( يقل ) شيئاً ولم (يفصح )، الواصلِ الى سِدرة منتهاه يابس العود، منخور الجذور، قتلته شرور نفسه وسيئات اعماله وتناقضاته الداخلية وأزماته المستحكمة قبل ان تكيل له الضربة القاضية وتطعنه الطعنة النجلاء وترديه قتيلاً مؤامرات أو إنتفاضات أو حروب اهلية طاحنة: ( بلدان التوجه اللارأسمالي ) – مابدا – آنذاك – محضُ فرضيةٍ إستحال، بعد اعوامٍ من الملاحظة والدرس ِ، آخذا هيئةً الإستنتاج: ما تزال جذوة التغيير متقدةً – تحت رماد الإستالينية والجمود – فى قواعد الحزب الشيوعي السوداني. ليس هذا الإستنتاج بصادرٍ عن ( واهمٍ ) يحلم بالقيامة ينفخ صورها حيوية البعث بين الأطلال، ولا عن ( عشمان ) ينتظر حدوث الخوارق والمعجزات وعودة الروح إلى ركام الخرائب. سندي: طوفان الكتابة النقدية ( تتدرج فى سُلم النزعة النقدية ( criticism ) تبعاً لقدرا ت وآفاق ومواقع مصالح كاتبيها ) التي غمرت وثائق الحزب الشيوعي وطفحت خارج المجرى الرئيسي لمطبوعاته شاقة ً طريقها إلى وسائط الإعلام، منذ أن فتحت أبواب " المناقشة العامة " مؤذنة ً ( ببداية أفـول ) عهد الجمود والإنغلاق الفكري وهيمنة " المقد سا ت "، ( وبدء تخلق ) جينات عهدٍ مغاير سماته الأساسية هي: المكاشفة ، الشفافية ، دمقرطة الحياة الحزبية، تحرير العقل من سلطة الدوغما، فَك أسر اللسان، دك حصون المحرمات، " علمنة " صورة الحزب بمعنى كشف وإزاحة الغلالة الميثولوجية التى ظلت تلفح وتحجبُ " عادية "ا لصورة و " دنيويتها " وإنتمائها لهذا العالم طيلة ما يُقارب الستين عاماً، فك إرتباط الحزب نهائياً وتحرير برنامحه من ربقةا ليوتوبيا، إستبعاد الشق النبوئي والغير علمي للماركسية ورد الإعتبار الكامل لمنهجها السوسيولوجي، الإنفتاح الجسور على منجزات مدارس وتيارات فكرية داخل وخارج " البيت " الماركسي كان الإقتراب منها فى الماضي، دع عنك توظيفها فى الفهم والتحليل والتفسير والتنبؤ الإجتماعي، يُعد إثماً وإنحرافاً عن الصراط المستقيم وجريمة ً تثير الريبة والظنون وتفتح أبواب جهنم: تتطلب سرعة فى التدخل، تقتضي قوة فى الردع والقمع، تستوجب تطبيق أقسى أنواع الجزاءات والعقوبات!
    ۲-( النقد): منظور فلسفي:-
    ( النقد ) – فى عمق مدلوله الفلسفي – إنجازُ ُ مُكرمُ ُ من إنجازات عـقـل " الأنوا ر " وفتحُ ُ مبارك من فتوحاته العديدة الجليلة، يتسامى بقامته إلى مقا ما ت كشوفٍ أخر دشنها إنسان " عصر الأنوار " وصارت ضمن العتاد الفكرى لإنسـان العصـر الحـديث، منها: بزوغ فكـرة " التقدم " " الإنسية " (Humanism (، مفهوم الزمن ا لخطي واللامتناهي، فكرة " المستقبل " ككينونة قائمة بذاتها، كبعد مستـقـل للزمن، لا كهاوية قادرة على ابتلاع العالم برمته ولا كمنحدرٍ للتاريخ ولا كنهاية لمسيرة القوافل على رمضاء " الخطيءة الأصلية " ولا كنسخة مكررة لصورة " الماضي الذهبي " وهي تعتلي منصة التاريخ من جديد، ولا كمصدر للخوف من المجهول ولا كمنبع للإحسا س بالعجز وفـقدان ا لقدرة والحول إزاء سطوة ماوراء الفيزيا، بل كأفق ٍ مفتوح الأبعاد زاخر بالإمكانات ينتظر ( يد ) الإنسان و(عقله). وكمحفز ( للفعل الإيجابي ) من اجل إعادة " صياغة " العالم وتغييره، إعادة إكتشاف الإنسان لذاته، ولقدراته الكامنة وإمكاناته المقـموعة و إحتلاله لمنزلةٍ جديدة فى ( مملكة الوجود ) تقـلب ( نظام العالم ) وترا تبية العصر الوسيط رأساً على عـقـب، الأمر الذي يدفعه للتمرد على الطبيعة ساعياً للسيطرة عليها و إخضعها لأهدافه وتسخيرها لمصلحته.
    ( التقد ): مفخرة العقل، زينته، وسامته الصبوحة، صفية المقرب، حارسة الأمين، أ نيس خلوته، عزاء وحدته، جليسه الصلوح، سلاحه البتار – لا يصدأ – ضد هيمنة الدوغما وإستبدا د القداسة، تاج عزته وضياء هامته المهيـبة وهو يحتسي أنخاب إنتصاراته فى إحتفال نرجسي الطابع، ثم " يُصنم " ذاته ويخر ساجداً أمامها مستغرقاً فى طقوس عبادة لا تنقضى ! ( هذه النرجسية، هذا التصنيم (Fetishism (، وهذه العبادة للذات تفتح الباب على معترك فلسفي متقد الأوار لا تهدأ قعقعة أسيافه المتبارزة حيناً إلا لتدوي من جديد)
    هل من قبيل الصدفة يا ترى ، أن يُحظى ( الـنقد ) بإحتلال تلك المكانة المرموقة والمميزة فى أسفار العديد من ورثة أمجاد العـقـل الأنواري – على سبيل المثال لا الحصر. نقـد العقل الخاص لكانت، العنوان الفرعي لمؤلف راس المال ونقد فلسفة الحق عند هيجل لكارل ماركس؟
    هذا عن ( النقد) مُعرفاً بال ، محروساً بمتاريس الأ قواس، مُحبراً ومسطراً با لبنط العريض، اما النقد المجرد من الأ لقاب والأوسمة والإمتيازات، فى صيغـته النكرة، فى المفهوم اليومي المتداول، فلا محل له من الإعراب فى جملة هذا القول!
    ۳- النقد (صادراً) عن (الذات) أو (قادماً) من (وراء الأسوار):-
    لا خير إلا فى الاختلاف والتمرد والمروق، لا شر مستطير أكثر من ا لتماثل والتماهي والقولبة لأنها دليل معية وتصعير خد وإحناء هامة، هوان تبعية، مسخ للتفرد، ذ ل وعبودية!. النقد ينبوع نعمة لأ طوفان نقــمة وبخاصة الذى يصدر عمن لحقتهم صفة " متمردي الحزب " !. أن تاريخاً بدون إنتفاضات، بدون تمرد بدون متمردين هو تاريخ ساكن، جامد، لا روح فيه ولا حياة ... إنه تاريخ بلا لأحداث، بلا وقائع، بلا اسماء ( سوى أسماء القادة )، بلا بشر ( سوى صُناع القرار) ... هو تاريخ بلا فحوى وبلا صيرورة !
    لا جناح ولا خطيئة ولا نقيصة فى إكتساب فضيلة الإنصا ت بإهتمام وتركيز للنقد الزي يأتي الحزب الشيوعي من خارجه. غيا ب النقد، نفيه، تهميشه، تجاهله وقمعه تحت أية ذريعة أو مسوغ، تسييد منهج " سد الإضنين " لا يعني شيئاً آخر سوى إنقطاع اسباب صلة الحزب الشيوعي بالبيئة المحيطة بـه الأمر الذى لا محالة مؤد للإصابة بالعمى وفقدان القدرة على الإستجابة وموت الحواس يعـقـبه موت الجسد.
    لا تهملُ " جردة ا لتحليل حتى زلك ا لنقد الصادر عن اولئك الذين يقض الوجود الرمزي للحزب الشيوعي سكينة مضاجعهم والذى – للمفارقة – يُصيب الماء الوفير فى طواحينهم السياسية من حيث يدرون أ و لا يحسبون، والذي يشكل غيابه غياباً لمورد هام للإستثمار السياسي رخيص الكلفة، سريع النتائج، عالي المردودية يُسخر – دونما جهد يذكر – للدعاية والاستقطاب وتجيش العواطف وخندقة الغرائز، وعن آخر يمثلُ نشاط الحزب الشيوعي – سرياً كان أو علنياً، متسارع الوتيرة أو بطيئها – عقبة فى سكة احزابهم وهي تبحث عن امكانية التمدد وتنشد موارد الإنتشار، أولئك الذين يريدون تشيد صروح أمجادهم السياسية على حساب ما يصفونه ببطء عجلة التجديد داخل الحزب الشيوعي و إتخاذها مسارا لا يستصوبونه، ناظرين إلى ما يحد ث داخله من (أريكة) المتشفي و ( علياء ) المتكـبر المختال، موجهين خطابـهـم له من ( منبر ) الواعظ العارف/ المُمسك بخيوط الحقيقة، المملوءة جنباته نبوغاً وحكمة، فصاحة ً وبلاغة ً، ساعين – فى سَمت الناصح الشفوق – تحديد الشروط والـكيفية والوتيرة التى يجب على الحزب إتباع " وصفتها " إذا ما كان راغباً حقاً فى التغيير، حتى يصير بوسعه " الإرتقاء " الى مصاف " نموذج " بعـينه يعـشعش في أذهانهم، إن أراد لحاله صلاحاً ولجهده فلاحاً ولحياته " إمتداداً " في المستقبل ( بعبارةٍ ثانية: أن يقوموا هُم " بعجن " الحزب وتشكيله من جديد وفق تصورهم وهواهم نيابة عن عضويته !!)، أولئك الذين يبدو الحزب الشيوعي فى نظرهم عجوزاً أثقـلت كتفيه اعباء الـكهولة، برحـت " ضميره السياسي " أوزار الماضي وخطاياه، شل قواه عنت الحاضر وغاب عن ناظريه ملمح المستقبل فلم يعـد يعرف لقدميه موطئاً ولا لحركـته إتجاهاً، أ و " ضهباناً " ضاع فى " صقيعة " السياسة متخبطاً فى متاهاتها، يتوسل الآخـرين أن يمنحوه "عُكازة " الرشاد.
    تغيير الحزب الشيوعي – هيكلاً وفكراً – هو ملك لأعضائه وأنصاره ومؤيديه لا ينازعهم فيه مُنازع. إن التغيير المنشود ليس هدفاً فى ذاته حتى لا تلحق بالحزب " وصمة " الركود والتخلف عن ركاب العصر، ليس مجارة لموضةٍ رائجةٍ أوصرعةٍ فكريةٍ سائدة، ليس محاكاة لمثال أو نموذج داخل السودان أو خارجه، ليس تشبهاً بأحزاب سبقته وتقدمت عليه فى هذا المضمار، حتى لا يفـوته قطار الزمن المُتعولم، ليس ركضاً بهدف نيل إستحسان خصم أو محبة عدو حتى يبدو الحزب أوسم طلعةً وأخف ظلاً وأعذب قولاً وأكثر مقبولية، وأخيراً، ليس سعياً وراء مرضاة أحد، كائناً من كان، حاكماً أو محكوماً ! هو أي الـتـغـيير – تعبير عن اعتما ل حوجة باطنية ضاغـطة، لا مفر ولا مهرب من الإستجابة لها وتلبية مطالبها مهما علا سقـف تلك المطالب، فى " مشوار " لا تبين نهايته، هذا إذا كانت له نهاية ً أصلاً: شاق، عسير، مضني، الهدف من قطعه وتحمل مشاقه هو بناء حزب سياسي راسخ البنيان، قادر على الإجتهاد، مُشرع الأبواب والمنافذ للوافدين، ينعم من يستظلُ بظله فى خلاء السياسة بغذاء الروح والعقل معاً ويتنفسُ من تضمهم هياكله التنظيمية هواء الديمقراطية والانفتاح والعلنية وحرية تساجل الأفكار دون حجر او قيد.
    ٤- هل هو حقاً موسم هجرةٍ إلى اليمين؟:-
    ليس الحزب الشيوعي " يثرب " الجديدة يستجيـرُ بحمى مضاربها الفارون من ضيم أهل " مكة " ! إنه ليس " حـادي الركـب " فى مسـيرة الـقوافل نحـو " الجمـهورية الفاضـلة " ، ليس " طليعة " عمال السودان وكادحيه، ولا " قدوة " مجتمعه ولا " المرشد الحكيم ". إنه حزب "عادي " مثله فى هذا مثل بقية الأحزاب والتنظيمات التي تعج بها ساحة العمل السياسي فى السودان لكنه حزب يساري دون أن يعني هذا إحتكاره لليسارية ( ( Leftismأو تمثيله لها. ليس فى مقدور الحزب الشيوعي أو أي تنظيم آخر تمثيل اليسار فى السودان لا لان اليسار مشتت تنظيمياً، منقسم على ذاته، متعارك إديولوجياً والخصومات والعداوات والخلافات بين عشائره اشد وأنكى وأكثر عمقاً من خلافاته مع فِرق وطوائف وأحزاب اليمين فحسب، بل ولأن اليسار فى السودان من العسير تحديده إذ لا تستوعبه بأكمله أحزاب أو تنظيمات قائمة بل هو " كوكبة " رؤى وأفكار وأفعال سياسية تدور فى فلك مشروع التحديث الشامل ومحاولة اللحاق بركب العصر دون ان تدفع الفئات الضعيفة إجتماعياً والواقعة فى أ دني سُلم المداخيل والثروة كافة أعباء وتكاليف تنفيذ مشروع التحديث. " اليسارية " – حسب هذا المفهوم – تخترق بنية المجتمع السوداني الهجينة التكوين من اقصاها إلى أقصاها ومن أدناها ألى أعلاها – بكافى عناصرها المتعايشة والمتصارعة، بطبقاتها الحديثة وتكويناتها الما قبل الرأسمالية، بمدنها المُستريفة وريفها المتمرد ... الخ.
    ليس الحزب الشيوعي " عُمُودية " الثوريين فى السودان، لا مَسيدهم الطاهر ولا مزارهم المقدس! ليست عضويته " حراس " نقطة المرور وخفر التفتيش الإديولوجي للعابرين من أرض حزب غلى آخر ومن إنتماء قديم إلى هوية سيا سيةٍ حديدة! ولهذا فإن وصف التاركـيـن صفوف الحزب الشيوعي ممن كتب عليهم خُطى الإلتحاق بأحزاب سياسية ناشئة بالمهاجرين نحو اليمين، فيه – بدءاً و إنتهاءاً – إمتثالُ ُ وخضوعُ ُ لمشيئة عادة مزمنة آ ن أوا ن طلا قها طلاقاً بائناً تتمثل فى إستراد قوالب التصنيف الإديولوحي الجاهزة والمريحة لأذها ن مستخدميها، من غياهب ذلك الماضي المُثقل بالإستالينية والجمود ونصب " المشانق الفكرية " للخصوم والمنقسمين والمفصولين!
    فى إعتقادي، أنها ليست بهجرة إلى اليمين بل نحو آلهة جديدة أ ينع شباباً وأوفر صحة ً تُعبَد بدلاً عن سابقاتها التي بدت الآن لعيون المهاجرين قديمة، شائهة، مرهقة، فاقدة الحول والقوة فلُعنت ورُجمت ثم نُبذت!
    لن يعجز المتامل في طريقة هولاء المهاجرين فى المناداة والتهافت والتداعي وبث " النباء اليقين " ونشر أ خبار الإكتشافات السياسية الجديدة التى تتنزل عليهم برداً وسلاماً، والمتفحص للغتهم المُشبعة بآيات التوقير لقادة الأحزاب الجديدة الناشئة وطريقتهم فى الاستشهاد – بمناسبة وبدون مناسبة – باقوال هؤلاء القادة- لن يعجز عن رؤية ملامح " موسم حج ٍ جديدٍ " لمزارات جديدة مقدسة. إنه " نص " مُسودن ومُحدث ( ( modernized لدراما " السياسة المُتدينة ": مسرحية محفوظة، قديمة قدم تاريخ قوامه دينامية علاقة القُرب والنأي، التباعد والتماس ،المودة وا لبغضاء، التعا يش السلمي وا لتنازع الملتهب، الخضوع والتمرد، المعاشرة والتسري، المصاهرة والطلاق وهكذا دواليك، ما بين الأحبة الأعداء: السياسة والدين! – مسرحية تُمثل فصولها كاملة ً من جديد على مسرح عالمثالثي، أبطالها وشخوصها والقائمون على أمرها – هذه المرة سودانيون مهمومون بمشاغل العمل السياسي، قطعوا مشوار التحرر حتى نصفه فقط ثم نكـصوا على أعـقابهم صاغرين: أعلنوا التمرد على آلهة قديمة، رجموها فى البرية حتى تنفق من ا لجوع والعطش أو تـفـترسها الوحوش والهوام، تمردوا على تلك الآلهة دون أ ن يتمردوا - وهذا هو المهم – على مفهوم " الربوبية السياسية ".
    إنها محنة " العـقـل السياسي " المؤمن ومأزقه المقيم: يتزمر من ضعف وفـشل الآلهة القديمة لكنه لا يشــقي ولا يكدح ولا يقدح للمعرفة زناداً، فاقـد لزمام المبادرة، عاجز عن إجتراح ( الأ فعا ل )، يتطلع نحو السماوات ا لبعيدة عَـل الموائد العامرة بالخير والرفاه تتنزل منهم فيطعم، ينتظر قدوم ( الخلاص ) من رحم الغيب لا من ( ذاته ) و ( أفعاله )، لا يَحملُ العـيش حُراً ولا يقوى على البقاء وحده دون آلهةٍ يمجدها ويتـقـرب اليها زلفى. أما آلهته فتعيسة المصير، كئيبة النهاية تراجيد يتها: يلتهمها إذا ما الم به الجوع كافر، يلعنها إذا ما أحـسـت بالتعب والفتور، يحتـقـرها إذا شاخت، يرميها بعيداً إذا ما فشـلت !. إنه – وللمفارقة – أعمق تد يناً وهو"يكـفـر "، اكثر ورعاً وهو " يلعـن "، أكثر تقد يساً وإيماناً بالأ لوهية السياسية وهـو " ينتـفـض " ضد الآلهة..! أقصى درجات " ا لفـعـل السـياسي " المُستـقـل لديه هو أن يختار خندقاً في صراعات الآلهة. إنه النتاج الأكثر بؤساً لبنيةٍ إجتماعييةٍ بطريركيةٍ قاهرة: مُفلحةٍ وخصيبة الرحم عندما يكون عليها إعادة أنتاج " الأ فـراد "، عاجزة وعـقـيمة حين يتعلق الأمر بإنتاج شخصيات (personalities (
    الإستثناء الأوحـد – مصحوباً بالتحـفـظ – في خضم هذا البحر من ا لتماثـل والتطا بق والمودلة والإستنساخ هو جُزُر معزولة يشغلها " الشماشة " و " المنبوذون " !

    عثمان محمد صالح – هولندا
    فبراير ۲۰۰٤
    Email: [email protected]
                  

03-18-2004, 09:19 PM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)


    UP
                  

03-19-2004, 01:11 PM

Osman M Salih
<aOsman M Salih
تاريخ التسجيل: 02-18-2004
مجموع المشاركات: 13081

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Rep: Raja (Re: Abdel Aati)

    Dear Raja
    Shukran lilziara
    osman
                  

03-19-2004, 03:08 PM

محمد امين مبروك
<aمحمد امين مبروك
تاريخ التسجيل: 12-23-2003
مجموع المشاركات: 1599

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: Rep: Raja (Re: Osman M Salih)

    عادل شكرا كثيرا هذا جهد لا يقدر بثمن

    الرائع عصام جبرالله اين حطت بك الايام مستقرا
    لم نسمع لك صوتا ازاء التطورات في جامعة الخرطوم واتحادها الجديد

    عموما لك الود
                  

03-19-2004, 03:09 PM

محمد امين مبروك
<aمحمد امين مبروك
تاريخ التسجيل: 12-23-2003
مجموع المشاركات: 1599

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: Rep: Raja (Re: Osman M Salih)

    عادل شكرا كثيرا هذا جهد لا يقدر بثمن

    الرائع عصام جبرالله اين حطت بك الايام مستقرا
    لم نسمع لك صوتا ازاء التطورات في جامعة الخرطوم واتحادها الجديد

    عموما لك الود
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de