السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 04:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عبد العاطى(Abdel Aati)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-08-2003, 01:49 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراهيم

    السودانوعروبية، أو تحالف الهاربين:

    المشروع الثقافي لعبد الله على إبراهيم في السودان*

    محمد جلال أحمد هاشم
    مجلة السودان في رسائل ومدونات
    مجلة الدراسات السودانية

    معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية

    جامعة الخرطوم

    أبريل 1998
                  

07-08-2003, 01:50 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    مقدمة:

    يهدف هذا المقال إلى ترسم أبعاد اتجاه جديد في قضايا الثقافة والهوية في السودان. هذا الإتجاه يقوم ـ كما نرى ـ على سودنة الإسلام والعروبة، وبالتالي رسم حدود هوية إسلاموعربية خاصة بالسودان دونما عداه من دول أخرى ضمن المنظومة الإسلامية عامة، وتلك الناطقة بالعربية خاصة. ولهذا أطلقنا على هذا الاتجاه مصطلح "السودانوعروبية"، على أن "العروبية" تستبطن في داخلها الإسلام. إذ عندما نتحدث عن دخول العرب إلى السودان، إنما نستضمن في ذلك دخول الإسلام إلى السودان بالضرورة.

    تأتي أهمية هذا الموضوع من كونه حاسما في تحديد مسار السودان إجتماعيا، وسياسيا وحضاريا. فقد كانت إشكالية هوية السودان ـ ولا زالت ـ من حيث عروبته أو أفريقيته، هي القضية الشاغلة بصورة مباشرة للطبقة المثقفة، وبصورة أخرى غير مباشرة للقطاعات العامة للشعب السوداني. ونستطيع أن نقول بحق، إن قضية الهوية هي مأزق الفكر الإجتماعي ـ السياسي السوداني طوال عقود هذا القرن. والآن تشغل هذه القضية كافة جنبات المسرح السياسي السوداني، خاصة مع اشتداد حدة الصراع حول السلطة إلى درجة الحرب الأهلية، وضلوع الأيديولوجيا الإسلامية ـ العربية في هذا الصراع بكل ثقلها وبشكل سافر عبر مؤسسة الدولة ومشروع أسلمتها.

    فيما يختص بالبيانات والبينات مناط التحليل والإحتجاج في هذا المقال، فقد عمدنا إلى الأدبيات الخاصة بالموضوع بقدر ما وقعنا عليها، فأوردناها، مع حرص، في اقتباسات موثقة، ومن ثم تصدينا لتحليلها. عليه، فإن المنهج الذي اتبعناه هو وصفي تحليلي.

    تستند الورقة في قوامها المنهجي على تحليلنا لثلاثة مقالات كتبها عبد الله علي إبراهيم خلال عقد الثمانينات. وحتى عنوان مقالنا هذا نفسه مصاغ ومنحوت على غرار عنوان واحد من المقالات الثلاثة. ولكن، حريٌّ بنا أن نذكر أن بحثنا هذا ليس عن عبد الله علي إبراهيم، بقدر ما هو يستند على تحليل لمقالاته في هذا الشأن. وتأتي أهمية عبد الله علي إبراهيم من كونه أكاديميا ضليعاً، وسياسيا نبيها، خرج من أروقة الحزب الشيوعي السوداني بعد علاقة استشارية لصيقة بالمرحوم عبد الخالق محجوب (السكرتير العام السابق للحزب الشيوعي السوداني، الذي أعدمه نميري عقب انقلاب هاشم العطا في يوليو 1971م)، مسنودا بخبرة مشهودة، ومكنة فكرية غير منكورة. وقد وظف جهوده منذئذٍ لتكريس الهوية العربية الإسلامية دون أن يدور في فلك أي حزب سياسي. وقد أدت به مواقفه هذي إلى مناورات تشهد له بالذكاء، واتبع في ذلك حيلا أعانته عليها ألمعيته الأكاديمية الفذة.

    لا نزعم أن عبد الله على إبراهيم يتفق معنا في الرأي، وربما كنا على يقين من أنه يختلف معنا أيما اختلاف فيما ذهبنا إليه. والأمر كهذا، فحريٌّ بنا ألا نزعم بأن الذين سندخلهم ضمن هذا الاتجاه الجديد ينظرون إلى أنفسهم من خلال منظورنا لهم.

    بقي أن نقول إن أهم محدوديات هذا المقال هو انحصاره في الحركة الفكرية والسياسية بين من ينتمون للثقافة العربية الإسلامية أو ما يعرف بشمال السودان، الذي ينظر إليه على أنه تغلب عليه الثقافة العربية الإسلامية. ولهذا عدة أسباب؛ أهمها أن المقال يتناول اتجاها إسلاميا عربيا يسعى لاستيعاب الاتجاه الأفريقي في هوية السودان.

                  

07-08-2003, 01:50 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    إشكالية هوية السودان:

    هذه الإشكالية لها ثلاثة محاور هي: العروبية، الآفروعروبية، والأفريقية. وقد نتجت عنها ثلاث مدارس في مجال الدراسات السودانية. سنتعرض للمدرستين العربية والأفريقية، ثم نركز تحليلنا للمدرسة الآفروعروبية. وسبب هذا أن السودانوعروبية ـ فيما نرى ـ هي بنت الآفروعروبية؛ أو على وجه التحقيق، هي الاتجاه الجديد الذي بدأت الآفروعروبية في التحول إليه والتشكل به، بعد نجاحها في استيعاب المدرسة العروبية. والآن جاء دور استيعاب كل عناصر التمرد فيها.



    المدرسة العروبية:

    قامت هذه المدرسة في أدبياتها على ما كتبه عبد الرحمن الضرير في أوائل هذا القرن في كتابه العربية في السودان، بدافع إثبات عروبة السودان دون الإلتفات البتة إلى العناصر غير العربية التي تشكل قوام الأطراف في الشرق والغرب، الشمال والجنوب ـ هذا الأخير خاصة ـ فكأنها غير موجودة[1]. وتبعه في ذلك محمد عبد الرحيم في كتابه نفثات اليراع في الأدب والتاريخ والإجتماع، حيث دافع عن عروبة السودان وعن إسلاميته[2].

    وعندما استشرف السودان إستقلاله، كتب بعض السودانيين في الصحف مثيرين موضوع العروبة والأفريقية. وبدلا من انتهاز الفرصة، وإجراء حوار حول هذه المسألة، تصدى لهم أكاديمي مصري الجنسية هو عبد المجيد عابدين، فاتهم أول ما اتهمهم بأنهم عنصريون[3]. ثم ذهب إلى التصريح والتأكيد إلى أن اللغة العربية وثقافتها تتقدم في السودان، ولا شيء سيوقفها. كما إنه لم يذكر شيئا عن الكيانات مشهودة التأفرق ـ مثل الجنوب ـ وكأنها لا توجد، حاله في ذلك حال الضرير[4]. وبالرغم من أنه دافع عن العروبة كهوية ثقافية لا عرقية، إلا أن حديثه استبطن نعرة عرقية لا تخفى[5].

    من الواضح أن هذه المدرسة كان محتوما عليها التراجع عن ريادة الحركة الفكرية والعلمية لأنها لا تحس ولا تقر أصلا بوجود سودان خارج خيمة الثقافة الإسلاموعربية. فهي لا تشعر بوجود المكون الأفريقي[6] في هوية أولئك الذين يجلسون القرفصاء في دار الندوة الإسلاموعربية في السودان، الأمر الذي يجعلها لا تقر بسودانية من هو ليس بعربي.



    المدرسة الأفريقية:

    في رأينا أن وجود هذه المدرسة نظري افتراضي، أي لحفظ ميزان الصراع من حيث ثنائيته القطبية عربي Ö أفريقي. فالحديث عن الأفريقانية في السودان يقوم دائما استيعابا للكيانات مشهودة التأفرق من لغة وعرق … إلخ، واستبعادا للعناصر مشهودة العروبة. ولكن لا توجد كتابات عن سودان أفريقي الثقافة مع استيعاب شمالي الوسط العربي المسلم فيه. وقد قام أحمد عبد الرحيم نصر بالتصنيف لهذه المدرسة مستندا في ذلك على بحث قدمه الطالب آنذاك أحمد المعتصم الشيخ بشعبة الفولكلور، معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، جامعة الخرطوم لنيل درجة الدبلوم[7].

    وقد اعتمد أحمد عبد الرحيم نصر في تقويمه وتصنيفه تركيز أحمد المعتصم على أن أسماء الناس والأماكن ـ في منطقة ينظر إليها كمنطقة عرب مسلمين ـ كلها نوبية الأصل. كما إن الأبطال الأساسيين الذين يردون في الحكايات الشعبية من الذين ينتظمهم المضمار الأمومي، مثل: الأم، الأخت، الخال، ابن الخال، ابن الأخت…إلخ. وفي هذا ما يشهد ـ حسبما يرى البحث ـ بمخلفات Survivals للنظام الأمومي matrilineal system الذي كان سائدا في سودان ما قبل العرب، مضافا إلى كل ذلك المعتقدات الدينية التي ـ حسب رأي الباحث ـ لا تتوافق مع تعاليم الإسلام[8]. على أيٍّ، ما كان لهذا البحث أن يكون معلما لمدرسة قائمة بذاتها في الدراسات السودانية لو لم يصنفه أحمد عبد الرحيم نصر هذا التصنيف، ولو لم يقومه هذا التقويم. ولا نعني بقولنا هذا أن البحث ضعيف في تكوينه، أو أي شيء من هذا القبيل؛ ولكن نقصد إلى القول بأن الكاتب نفسه لا يذهب هذا المذهب في بحثه، والعنوان يشي بذلك. فأحمد المعتصم يتحدث عن "عناصر أفريقية في الأحاجي السودانية" وهذا شيء بعيد ـ فيما نرى ـ عن التحدث عن هوية أفريقية للسودان ككل.

    وعلى أيٍّ، هذا الاتجاه عموما لم يشهد له بفاعلية في تشكيل المواقف وبنائها في السودان. بالطبع كانت هنالك وعلى الدوام أصوات ترتفع مطالبة بحقوق الكيانات الأفريقية في السودان، أو تتحدث عن رد الاعتبار للمكون الأفريقي في ثقافة شمالي السودان العربي المسلم؛ ولكن لم تكن هنالك أصوات ترتفع منادية بأن السودان بمستعربيه ومسلميه ـ بعيدا عن الإطار الجغرافي ـ هو أفريقي الهوية. فدعوى أفريقية السودان كانت بوصلتها دائما ـ ولا زالت ـ تتجه جنوبا وغربا وشمالا وشرقا نحو الأطراف بعيدا عن الوسط والمركز وشمال الوسط.

                  

07-08-2003, 01:51 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    المدرسة الآفروعربية

    بواكير الدعوة وروادها:

    يمكننا أن نرتد ببواكير هذه المدرسة إلى بدايات هذا القرن ودعوة قومية الأدب والإقتصار على ما هو سوداني السمات، أو ما يسمى بمدرسة الفجر. لقد كانت جرثومة ذلك الوعي تكمن في إحساسهم بحوجتهم إلى أدب يعبر عن واقعهم. وقد بدأ هذه الدعوة الشاعر حمزة الملك طمبل، وتبعه في ذلك الكثيرون منهم محمد أحمد محجوب، محمد عشري الصديق، وأخوه عبد الله[9]. ولكن محمد عبد الحي يأخذ عليهم أن دعوتهم لم تكن واضحة الرؤية. فمفهوم ما هو سوداني لم يكن واضحا لدى طمبل[10]. كما إن العمق الأفريقي للسودان كان غائبا عنهم بالمرة[11]. لقد مسوا أفريقية بالسودان مساً بينما تجاهلوا كينونته الأفريقية من حيث تأفرقهم هم أنفسم، وبالتالي سقط عنهم الوعي بأطروحة التمازج والتفاعل الثقافي الذي انتظم الثقافة العربية في السودان[12].

    لقد كانت المطالبة بأدب سوداني السمات بمثابة حوار عربي ـ عربي. لقد سعت تلك المدرسة (الفجر) إلى سودنة الأدب الذي كان يهيم في مفازة الشعر العربي الآبد. وعليه، لقد كانت تلك الدعوة تتحرك داخل خباء الثقافة العربية الإسلامية[13].

    رد الاعتبار للمكون الأفريقي:

    في أواخر أربعينات هذا القرن وخلال الخمسينات، ومع اشتداد حدة الخطاب العروبي على المستوى الرسمي جراء كتابات عبد المجيد عابدين وآخرين، ارتفعت أصوات تنبه للعنصر الأفريقي وتنحاز إليه كرد فعل لانحياز السواد الأعظم للعروبة. وقد كان محمد المهدي المجذوب رائد هذا الاتجاه حيث تغني بجنوب السودان وسعي في بوهيمية آسرة للتماهي فيه. ولكن، لقد كان المجذوب في أعماقه عربيا نزا في سورة شبابه فأعجب بأفريقيا. فهو يقول في قصيدته (انطلاقة) والتي ألفها بمدينة واو 1954م[14]:

    فليتي في الزنوج ولـي ربـابٌ تميـل به خطاي وتستقيــمُ

    أُجشِّمه فيجفل وهـــو يشكـو كما يشكو من الحمة السليـم

    وفي حِقْـوَيَّ من خـرزٍ حـزامٌ وفي صدغي من ودعٍ نظيـم

    وأجتـرع المريسة فـي الحواني وأهــذر لا أُلام ولا ألــوم

    طليـقٌ لا تقيـّدني قريـــشٌ بأحساب الكــرام ولا تميـم

    وأصرع في الطريق وفي عيوني ضباب السكر والطرب الغشوم

    وفي هذا الجو ظهر شعر الفيتوري الذي فاخر بسواد لونه، بل ودعا إلى أن نعلن عن زنوجتنا بالصوت العالي[15]:

    قلها لا تجبن… لا تجبن

    قلها في وجه البشريه

    أنا زنجيٌّ..

    وأبي زنجي الجدِّ

    وأمي زنجيه

    أنا أسودْ … أسودْ

    لكني حرٌ أمتلك الحريه

    أرضي أفريقيه

    عاشت أرضي

    عاشت أفريقيه

    وهكذا يتضح الفرق بين المجذوب والفيتوري. فالثاني يحمل في دواخله أزمة أفريقيته من حيث الواقع المزري، بينما الأول معفي من تبعة ذلك بحكم وعيه بعروبته، ولكنه يسعى للتماهي في صورة ذهنية كونها عن أفريقيا ربما كانت لا تمت إلى الواقع بصلة.

    عليه، نخلص إلى أن الفيتوري جاء تعبيرا عن وعي سوداني لم يجد لنفسه موضع قدم في الواقع العروبي. وقد كان الفيتوري بحق ترجمانا لهذا التيار، فجاءت أغلب قصائده عن أفريقيا حتى تمخضت عن أربعة دواوين[16] تحمل اسم أفريقيا.



    الآفروعروبية والحل الوسط:

    إذن، فقد جاء شعر الفيتوري ترجمة لحركة استقطاب جديدة تدور رحاها حول الزنوجة والأفريقانية الطاغية على الملامح السودانية، وذلك في مقابل الاستقطاب العروبي. بيد أن هذا الوعي الأفريقي الصاعد جاء عبر خطاب عربي؛ وهنا كانت مفارقته، فكأنما جاء مخرجا من مأزق.

    كان في مقدور هذا التطرف الاستقطابي الجديد أن ينضج ويتبلور في نظرية معرفية يمكنها أن تنسف بناء الاستقطاب العروبي الهش لولا أن ظهر تيار الآفروعروبية كحل وسط يخرج العروبية من مأزقها. عليه، فإن الآفروعروبية ينظر إليها لا على أنها ناتج جدلي من صراع الأفريقانية والعروبية، بل على أنها جاءت كحل توفيقي منحاز لصالح التيار العروبي، ولاستيعاب عناصر الثورة الأفريقية المضادة. وقد نجح هذا التيار في مسعاه، وليس أدل على ذلك من استيعاب الفيتوري نفسه وتخصيص دكة مريحة له داخل خباء العروبة.

    أنظر مثلا إلى قصيدته (مقام في مقام العراق) التي ألقاها ببغداد في مهرجان المربد التاسع حيث يقول[17]:

    غيـر تلك البلاد بلادك لولا اليقين ولـولا شمـوخ العراق

    العـراق الأيادي التي غسلت جبهة الشرق بالـدم حتى أفاق

    العراق الصحائف مذهبة النقش في زمن العجـز والإنسحاق

    العراق المــلاحم لا تنتهي والرؤى ثورةٌ الحضور ائتلاق

    ويظل العــراق مدارا وبغداد شمسا تضيء مـدار الرفاق

    فالتماهي العروبي هنا كأوضح ما يكون، في مقابل تماهي أفريقي سابق. ليس هذا فحسب، بل إن الفيتوري يتماهي حتى تركبه العنجهية العربية فلا يتمالك من أن يعرض بالعجم من المغول والمماليك والأغوات مختزلا فيهم الصفات السالبة ودامغا بهم متخاذلي العرب:

    كل ما كان بالأمس أن المغول أتوا في الدجى ومضوا في المحاق

    وتقيم المقـــادير فيــك احتجاجا على وطنٍ أبدي الوثــاق

    ضــاع بين صراع المماليك والأغوات[18] وفرسان عصر الوفاق

    ثم يتباكى الفيتوري على هذا الوطن العربي الكبير:

    جـــزأوه وقـد كان شعبا، فأضحى شعوبـا معبأةً في زقــاق

    ثم يختم قصيدته قائلا:

    يــا بلادي التـي حملتني بعيـدا إلى عرسها يا بلادي العــراق

    وهنا يكون الفيتوري قد سلا عشقه الأول الكبير، أفريقيا؛ ليدلج بعد ذلك في ليل القضية العربية.

                  

07-08-2003, 01:53 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الأكاديمية: حصان طروادة:

    نهضت الآفروعروبية على أساس متين وعلمية صارمة، فقد أرساها أحبار نهدوا إلى العلم بوثبة شابة، وألمعية نافذة. وقد خلص ذلك الجيل إلى أن السودان هو مزيج من العروبة والأفريقية. فيوسف فضل في دراسته عن العرب في السودان يخلص إلى أنهم نوبة استعربوا[19]. ويذهب حريز في دراسته لأدب الجعليين الشعبي (الحكاية) إلى وصف ثقافتهم بأنها آفروعروبية[20].

    وعلى صعيد علم السياسة تناول هذه الإشكالية أيضا مدثر عبد الرحيم متحدثا عن مشاكل ومزايا الهوية الآفروعروبية للسودان[21].

    لقد كانت تلك الكتابات رصينة، وقد استندت على قدم راسخة في العلم، كما قامت على وقائعية تاريخية وجدلية مؤداها أن سودان اليوم هو ناتج تلاقح ثقافي نهدت فيه العروبة برفدها ووسمته أفريقيا بميسمها.

    وهذا حق! إلا أن مشكلة الآفروعروبية تكمن في أنها رفعت شعارا لم تعمل بمقتضاه، فقد كانت الأكاديمية العلمية بمثابة حصان طروادة ركبها ذلك الجيل الألمعي كيما يستأنس الغابة، فيما سنرى لاحقا.
                  

07-08-2003, 01:59 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    مدرسة الغابة والصحراء:

    تولدت الآفروعروبية أول أمرها كاتجاه فكري سوداني داخل الحقل العلمي الأكاديمي، وفي هذا لبس نود إجلاءه. فبالرغم من أن بذرة هذه المدرسة قد نشأت داخل المدرسة الأكاديمية إلا أن الإصدارات العلمية الأكاديمية ـ كتلك التي رفد بها أمثال يوسف فضل وسيد حريز وفرانسيس دينق ـ لم تظهر إلا في أواخر الستينات وأوائل السبعينات. لذا تبدو دعوة الآفروعروبية وكأنها قبل ذلك قد خرجت من أروقتها الأكاديمية إلى الشارع السوداني من خلال تجلياتها الأدبية متمثلة في مدرسة الغابة والصحراء، حيث ترمز الغابة إلى أفريقيا والصحراء إلى العروبة. وقد بدأ ذلك في أوائل الستينات من خلال مقالات في الصحف رادها كل من محمد عبد الحي، صلاح أحمد إبراهيم، محمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر، أدانوا فيها ثقافة الكف والصرامة التي تتسم بها العروبة، ومجدوا في المقابل الطابع الإنفلاتي ـ فيما رأوه هكذا ـ الذي تتسم به الثقافة الأفريقية[22].

    هذه التيارات المناهضة للخطاب العربي ـ في مرحلة ما قبل التبلور والإستقطاب ـ كان لابد للعمل على استيعابها في خطاب يجعلهم يصطلحون عبره مع العروبة. وما كان هذا ليتأتى إلا بالاعتراف بالمكون الأفريقي في ثقافة شماليي السودان. وهذا ما تم إرساء قواعده علميا من خلال الرفد العلمي الذي ظهر في أروقته الأكاديمية مبكرا، رغما عن تأخر ظهوره للعامة عبر النشر. لقد كانت تلك أرضية صلبة روج لها دعاة الغابة والصحراء يحدوهم عميدهم محمد عبد الحي. فكان بالتالي أن أرسوا اتجاها جديدا يعترف بالمكون الأفريقي ويضعه ـ نظريا ـ على قدم المساواة مع المكون العربي، وذلك من خلال توازي وتساوي الغابة والصحراء.

    لقد جعلت مدرسة الغابة والصحراء من إنسان سنار نموذجا للإنسان السوداني، وقدمته كمشروع. وفي ذلك يقول عبد الله علي إبراهيم:

    "أمل الآفروعروبيين في تمازج الثقافات في السودان معلق بحركة التصنيع التي بوسعها أن تزيل البقية الباقية من العوائق بين الجنوب والشمال.. وعليه يكون ناتج الإمتزاج بين الجنوب والشمال إعادة إنتاج لإنسان سنار، الذي هو أساس التركيبة الهجين للسودانيين الشماليين. فمحصلة الإمتزاج بين الجنوب والشمال في نظر الآفروعروبيين ستكون بمثابة طبعة لاحقة للسوداني الشمالي الذي لا عيب فيه حاليا سوى تجاهله لتراثه الأفريقي"[23].



    العروبية والآفروعروبية: برنامج موحد:

    لقد كان للعروبية برنامجها السياسي الإجتماعي والثقافي متمثلا في ميكانيزمات التمدد والإندياح الإستعرابي الذي نشهده في سودان اليوم، والذي جرت سيرورته منذ قيام دولة الفونج. وهذا البرنامج يترسم خطواته وفق خطاب يتسم بالتماسك والثبات. وفي المقابل نجد أن الآفروعروبية لا تقدم لنا أي برنامج له شكله التخطيطي وبعده التنفيذي فيما يختص بإشكالية الهوية. فهي لا تطالب بأن يكون التعليم على طريقة بعينها ـ مثلا إدخال اللغات السودانية في المدارس ـ أو أن تأتي البرامج الإقتصادية والسياسية بحيث تحقق جوهر الفهم الآفروعروبي في فكرهم، والصورة التي يترسمونها لما ينبغي أن يكون عليه السودان.

    فإذا كانت هناك تيارات رافضة للعروبة فإن الآفروعروبية جاءت وهي تستبطن في تلافيف ميزانها اعترافا بالعروبة. وهكذا أصبحنا في السودان نشهد الخطاب الرسمي والشعبي يلهجان بالآفروعروبية، بينما تتحكم ميكانيزمات الإستعراب على كل أصعدة البرامج السياسية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية. وهذه هي ذات ميكانيزمات الإستعراب التي شكلت إنسان سنار (أي نموذج الآفروعروبية للإنسان السوداني). فإذا علمنا أن هذا هو ذات برنامج المدرسة العروبية، وصلنا إلى أن العروبية والآفروعروبية عبارة عن برنامج واحد يقوم على تكريس الإستعراب. وما حديث الآفروعروبية عن المكون الأفريقي ـ على وجه التحقيق ـ إلا من قبيل الاستهلاك الشفاهي والتخدير كتكتيك استيعابي.

    وهكذا نتفق مع عبد الله على إبراهيم عندما يقول: "وصفوة القول أن الآفروعروبية هي صورة أخرى للخطب العربي الإسلامي الغالب في السودان"[24].

                  

07-08-2003, 02:00 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    ميكانيزمات الإستعراب وثقافة أمدرمان:

    نعني بذلك العملية التي يبدو أن كل الكيانات السودانية ذات الثقافة واللغة الأفريقيتين معرضة كيما تمر بمراحلها[25].

    ويمكن تلخيص هذه العملية في الآتي:

    أب وأم يتحدثان لغة سودانية كلغة أم ولا يعرفان من اللغة العربية إلا بضع كلمات لا يحسنان نطقها؛ ثم أبناء يبدأون باللغة الأم، فتجبرهم ظروف الحياة على تعلم العربية مع "لكنة" واضحة؛ ثم أبناء يبدأون بالعربية كلغة أولى، وتصبح لغة الأم هامشية، يفهمونها ولكن لا يجيدون التحدث بها. وأخيرا يجيء أحفاد لا يعرفون غير العربية مع تأفف وتبرؤ من لغة الجد والحبوبة[26].

    هذا هو ميكانيزم الإستعراب. فالفونج تحولوا ـ كمجتمع ـ إلى الإسلام بعد قيام مملكتهم[27]. وروبيني عندما زار سنار لم يجد دولة إسلامية عربية، بل وجد دولة أفريقية الثقافة واللون. بينما سنار اليوم لا تعرف من "تلك الفونج" غير الإسم.

    إن المراكز الحضرية تقوم بدور المعمل لهذا الميكانيزم. كتب أبو منقة وميلر عن هذه الظاهرة فقالا:

    "تشير كل الدراسات التي أجريت ضمن (مشروع المسح اللغوي في السودان) إلى ازدياد وتيرة انتشار اللغة العربية منذ الاستقلال. وهذا يعزى إلى الاعتماد المتزايد للأقاليم والأطراف على منطقة الوسط؛ حيث تقوم الأخيرة باحتكار السلطة السياسية والإقتصادية والثقافية. إن التطور الإقتصادي ـ الإجتماعي للأطراف (تكوينها لمراكز حضرية صغيرة، وتطور التجارة، والمدارس والعيادات والمشاريع الزراعية…) والهجرة إلى المدن وانسياح النماذج الثقافية لشمال الوسط عبر وسائل الاتصال والتعليم والتجار والخدمة المدنية…، كل ذلك ينحو لتقوية أثر اللغة العربية على كل مستويات ومناحي الحياة اليومية. نتيجة لهذا بدأت العربية تصبح اللغة الأولى (إن لم تكن اللغة الأم) لعدد متزايد من الناس في مناطق الثنائية اللغوية بالشمال بما في ذلك المناطق الريفية"[28].

    كما يضيفان أن هذا هو واقع الحال في جنوب السودان[29].

    وبما أن المراكز الحضرية هي نفسها تتمركز حول المركز الأكبر (العاصمة المثلثة)، لذلك أطلقنا على ذلك "ثقافة أمدرمان" كإشارة لمركز المراكز.

    لقد ظلت أطروحة الآفروعروبية ـ ولا زالت ـ تشكل الخطاب الرسمي والشعبي في السودان خلال العقود الثلاثة الماضية. واليوم تشير برامج ومشاريع المسح اللغوي إلى زيادة وتيرة الإستعراب وميكانيزماته منذ أن نال السودان إستقلاله. بمعنى آخر، لقد لعبت الآفروعروبية دورها في تكريس الإستعراب. وهذا بدوره يعكس ما نعنيه بمقولة إن الآفروعروبية ما هي إلا شكل آخر من أشكال الخطاب العروبي الإسلامي الغالب في السودان.

    إذن كل الذي مثلته الآفروعروبية هو أنها كانت مشروعا استيعابيا (assimilating project) طرحته العروبية لاستيعاب تيارات التمرد الأفريقية. فهل نجحت؟

                  

07-08-2003, 02:01 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الململة وفرفرة المثقفين:

    لم تنجح الآفروعروبية في استيعاب تجليات الوعي الأفريقي في الهوية السودانية، وإن كانت قد نجحت في تعويق نضج تبلوره وتشكله. فالآفروعروبية لم تختط لها برنامجا يحقق ذاتية هذا "التأفرق". كما إنه لا ينبغي لنا أن نتوقع تلاشي إيقاع الطبول الأفريقية في "جوانياتنا"؛ إذ إن الأفريقانية تنبثق عن أصالة، بينما لا يعترف بها إلا من قبيل الاستهلاك الشفاهي.

    لكل هذا كان لابد للوعي بالتأفرق أن يعبر عن نفسه بشكل من الأشكال. وما دعاوى انفصال جنوب السودان إلا تعبير عن هذا الوعي في أكثر صوره تطرفا. كما إن هنالك جانبا آخر هو أن يسعى الوعي بهوية سودانية جدلية للتعبير عن نفسه بطريقة عملية من خلال برامج صادقة ذات بعد تنفيذي. فالعروبية تقوم على الإستبعاد والتصفية، والآفروعروبية ليست جدلية بل هي توفيقية منحازة، والأفريقية بدورها تقوم على الإستبعاد والتصفية.

    وقد بدأت الململة عندما احتك السودانيون ـ خاصة أهل الوسط والشمال الذين يصنفون في السودان كعرب مسلمين ـ بمن ظنوهم عربا عاربة في دول البترول. فقد صدم مستعربو السودان عندما دمغتهم العرب العاربة بذات ألفاظ " العبودية" و"الرق" التي درج أهل وسط وشمال السودان أن يدمغوا بها من هم أشد منهم سوادا من أهل السودان[30]. لقد ولدت عملية الاحتكاك، مع أنماط أخرى من الوعي العروبي، داخل المغتربين السودانيين (من أهل الشمال والوسط خاصة) بذرة الوعي بتأفرقهم . لقد كان ذلك مرتكز الزاوية والعمق النفسي للصراع، فالواحد منهم يعتلج في داخله وعيه العروبي بشدة، حتى إنه ليذهل عن أفريقيته، بل وتركبه العنجهية فيتحامل على من هو أفريقي. فإذا به في مواجهة أناس لا يرون فيه عروبة منهم بل أفريقيا مجللا بالسواد. إن الأمر الذي جعله ينتبه بشدة إلى أفريقيته هي ذات اللفظة الشنيعة التي كان يدمغ بها إخوته من السودانيين.

    إذن، فإن الجسم العروبي الديمغرافي هو نفسه يشتمل على عناصر ثورة أفريقية. فالآفروعروبية لم تنجح حتى في الإحتفاظ بالجسم الديمغرافي للعروبية متماسكا. كما إن هناك بؤرا ثورية مضادة للخطاب العروبي.

    لقد تصدى عبد الغفار محمد أحمد لمعالجة هذه الإشكالية، ولكن على صعيد الصفوة والطبقة المثقفة من حيث تحامل رصيفاتها في الدول العربية (السودان، الصومال، موريتانيا، جيبوتي). فهو يقول: "فأقطار مثل السودان والصومال وجيبوتي وموريتانيا، التي يكاد الفرد وهو يلاحظ هذا النشاط يسقطها من خريطة الوطن العربي، تسجل غيابا تاما أو حتى إذا ساهمت فإن صوتها يكاد يأتي همسا. وفي هذا خطورة على مستقبل تطور مفهوم الوطن العربي بحدوده السياسية اليوم"[31]. ويذكر عبد الغفار محمد أحمد أن هناك اتهاما (صامتا) فحواه.. "بأن هناك توجها بعدم الاهتمام، من جانب القيمين على أمر الحوار العربي، بما يصدر من مثقفي هذه الأقطار الهامشية وتجاوزهم عند التخطيط للندوات التي تعقد…"[32].

    ولكنه في موقع آخر يحول الإتهام (الصامت) إلى إتهام (مسموع)، فيقول: "من الواضح أن هناك هامشية تجعل للسودان وما يشبهه من الأقطار العربية وضعية خاصة. ولكن المؤسف حقا أن الذين يتصدون لإدارة الحوار حول مستقبل الوطن العربي ينكفئون على ذواتهم ويبعدون هذه المجموعات الهامشية. ذلك لأن وجودها يعقد بعض المواضيع التي يمكن أن تناقش في سلاسة لو أنهم كانوا غائبين"[33]. إذن، فإن السوداني متحاملٌ عليه ـ عربيا ـ على المستوى الشعبي والمستوى الرسمي. الأمر الذي يمكن أن ينجم عنه اليأس من العرب، وبالتالي التبرؤ منهم، ومن ثم الإعتصام بعرى أفريقيته. وفي هذا خطورة على مستقبل تطور مفهوم الوطن العربي بحدوده السياسية اليوم، كما يقول عبد الغفار محمد أحمد. ولذلك يطرح مشروعه الاستيعابي لتوسيع مفهوم العروبة حتى يشتمل على الهامشيين.

    إن هذا المشروع ـ فيما يمليه علينا الواقع ومنطق السياق ـ تقوم زاوية ارتكازه على اعتراف العرب بعروبة الهامشيين رغما عن تأفرق سيماهم، ثم بعد ذلك جعلهم جسرا يعبر منه العرب إلى أفريقيا. ولكن عبد الغفار محمد أحمد يعبر عن هذا المشروع بطريقة لا تساعدنا على استجلاء أعمدته التي يقوم عليها. فهو يقول: "هذه الهامشية اليوم تجعل المثقف السوداني من شمال القطر مشتت يود الانتماء لعروبته المكتسبة ولكنه يرى في الوقت نفسه أن يعترف له المثقفون العرب بدور خاص في تواصل الثقافة العربية مع ثقافات أفريقيا وفي المقدرة على إجراء الحوار بين هذه الثقافات، وهو في هذا المنطلق يريد أن يؤكد أنه مزيج من العروبة والأفريقية[34] (التشديد من عندنا).

    لقد اعتزل المثقفون العرب إخوتهم في الدول الهامشية إيمانا منهم بأفريقية هؤلاء دون عروبتهم. أي أن المثقفين العرب يفصلون بين العروبة والأفريقية، والمثقف السوداني يطالبهم بأن يعترفوا بالتقائهما فيه. وهذا طبعا دون مناقشة مفارقة أفريقية عرب الساحل الشمالي الأفريقي.

    ولكن، هل حقيقة أن المثقف السوداني يطالب بهذا؟؟ إننا نرى أن منطق السياق هو الذي يفرض هذا المشروع كحل ومخرج، بينما الواقع العملي يقول لنا أن هناك تيارا قد تولد وتتجه دالته نحو الإعتصام بالأفريقية مع التبرؤ من العروبة. وما محاولة عبد الغفار محمد أحمد إلا من قبيل دق ناقوس الخطر وتحذير العرب قبل فوات الأوان.

    وعلى أي حال فإن عبد الغفار محمد أحمد يعمل هنا على معالجة أزمة أهل السودان الشماليين في علاقتهم مع العرب. وهذه ـ في رأينا ـ من تفرعات المشكلة. فالمشكلة ـ فيما نرى ـ هي علاقة السودانيين ببعضهم البعض من حيث العروبة والأفريقية.





                  

07-08-2003, 02:02 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    المحك الإستقطابي:

    إذن فقد وصل السودانيون إلى مفترق الطرق بين العروبة والأفريقية، وتحركت ميكانيزمات الإستقطاب. المشروع العروبي يعاني من مشاكل جمة أولها تأسيس مشروعية له داخل خيمة العرب العاربة. وسعيا نحو هذا اندفع بعض الكتاب فقالوا إن الجعليين ليسوا عربا اختلطوا مع الأفارقة، ولكنهم عرب خلّص. ولتأكيد هذا زعموا أن المنطقة التي تسكنها قبائل الجعليين كانت خالية من السكان عندما قدموا إليها. ولحل إشكالية اللون ذهبوا إلى كتب التراث العربي يجمعون كل الإشارات التي تفيد بتوافر الخضرة والسمرة في لون العرب، وخلصوا إلى نتيجة مؤداها أن اللون الحالي لقبائل الجعليين هو اللون الأصلي للعرب. وذهبوا إلى أكثر من ذلك فزعموا أن من يسكنون العراق والشام والجزيرة العربية هم الذين فقدوا لونهم العروبي المائل للسمرة والخضرة جراء تهاجنهم مع الأعراق البيضاء[35]. بكل المسالك الوعرة التي يسلكها هذا المشروع وبكل القضايا الشائكة التي يحسمها ضربة لازب، فإن انهزامه يأتي من واقعة إثنوغرافية بسيطة ومتوافرة تشهد بأن الوعي اللوني لدى سودانيي الوسط والشمال تتجه دالتها إيجابيا نحو البياض وانفتاح اللون، شأنهم في ذلك شأن العرب قديما وحديثا.

    وفي هذا الوقت أيضا بدأت ترتفع الأصوات المنادية بانفصال جنوب السودان من قبل جهات جنوبية وشمالية. هذا يعني أن المرحلة الحالية هي مرحلة ما يمكن أن نسميه "بفرز الكيمان". بمعنى آخر، لا مجال للمشاريع الإستيعابية في هذه المرحلة. ولهذا نجد المشروع العروبي قد تم طرحه كاملا بطاقته القصوى من خلال الأسلمة والإستعراب.



    إلى أين المفر؟:

    هذا هو ما وجد الآفروعروبيون أنفسم فيه. فهم في داخل المشروع العروبي يحاربون في جبهتين:

    أ/ جبهة القومية العربية القائمة على فكرة أمة الدولة الواحدة One Nation State والتي يمثلها البعثيون والناصريون. فهم يرون هنا أن فكرة القومية العربية تنفي هوية السودان.

    ب/ جبهة التيار الإسلامي الذي بدأ كافرا بفكرة القومية من أساسها، والذي لا يملك حلا لمشاكل السودان إلا من خلال الأسلمة والتي بدورها لا تتم إلا من خلال بوابة الإستعراب في عملية يشتط القهر فيها ليعيد الزمن القهقرى.

    في هذا الوضع الذي يماثل ما بين المطرقة والسندان يرى الآفروعروبيون أنفسهم أكثر تسودنا. كما يرون أن الإشتطاط إلى أحد الطرفين قد ينسف المشروع العروبي في السودان من أساسه. ولكن الموقف تأزم أكثر فأكثر جراء اشتداد وتيرة الإستقطاب في المحيط العربي الكبير. فقد بدأت تلوح دلائل تقارب منهجي بين دعاة القومية العربية والتيارات الإسلامية الأصولية[36]. بمعنى آخر بدأ يستعرب التيار الإسلامي من خلال الإقرار بمفهوم القومية العربية، بينما في المقابل، بدأ يتأسلم التيار القومي العربي العلماني.

    فأين المفر؟:

    المفر هو عروبة خاصة بالسودان، وإسلام خاص به، دونما إدعاء للأفريقية. وهذا هو الإطار الذي سنسعى ـ فيما يلي ـ كي نترسّم أبعاده في كتابات عبد الله على إبراهيم، وهو الاتجاه الذي نحتنا له مصطلح "السودانوعروبية". وفيه سنضرب أمثلة موثقة بمن نرى أنهم ينتمون لهذا التيار الجديد.
                  

07-08-2003, 02:02 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    ملامح المشروع الجديد:

    يبدأ عبد الله علي إبراهيم مشروعه بالهجوم يشنه على الآفروعروبية متهما إياهم باستبطان شكل من أشكال التحامل على المكون الأفريقي الذي سعوا لتكريمه. ثم يخلص إلى أن الآفروعروبية لا تعدو أن تكون شكلا آخر من أشكال الخطاب الإسلامي العربي الغالب في السودان[37]. وهو إذ يفعل ذلك، إنما لقفل الطريق أمام أية محاولات سودانوشمالية تنحو الخط الأفريقي في إشكالية الهوية أو تحاول أن تعيد أو تحيي ما اندثر من مدرسة الغابة والصحراء، أو المدرسة الآفروعروبية عامة.

    ومن ثم يتحرك عبد الله على إبراهيم بخطى ثابتة نحو هدفه الثاني: الإسلام الأورثوذكسي. فهو يريد أن يقلم أظافر التيار الإسلامي الذي إذا ترك له الحبل على الغارب سيشتط حتى يفضي بعروبية السودان إلى موارد الهلاك. وكي ما يفعل ذلك فإنه يعيد تقويم الإسلام الشعبي، أي إسلام الصوفية. فيذكر النظرة الخاطئة له على أنه مشوب الشركيات، ثم يقوم بتفنيدها. ويخلص إلى أن الإسلام الشعبي هو إسلام السودان وما عداه يمكن أن يكون إسلاما لشعوب أخرى، إذ أن لكل شعب إسلامه الذي يسمه بميسم ثقافته[38]. وهو إذ يفعل هذا، إنما ليقفل الطريق أمام الحركة الإسلامية الأصولية التي تدعو إلى دولة خلافة إسلامية يجلد الناس فيها ويُحدّون.

    وأخيرا يتوجه عبد الله علي إبراهيم في مسوحه الأكاديمية ليمنح بركته العروبية لأهل وسط وشمال السودان الذين تحوم حولهم إشكالية العروبة من عدمها، فيعمدهم عربا بصرف النظر عن تخالط دمائهم بالأفارقة. فالهوية يعتمدها كخيار، ولا يجوز أن نقسر أناسا بعينهم على تبني هوية لا يستشعرونها. ويقيم عبد الله على إبراهيم مفهومه هذا على قاعدة من العلمية صارمة، يبدؤها بالهجوم على ماكمايكل وكتاباته عن العرب في السودان. ثم تنداح دائرة هجومه وتفنيداته لتشمل رعيل الأكاديميين السودانيين الذين تبعوا ماكمايكل ومنهجه بطريقة وقع الحافر على الحافر. ثم بعد هذا يؤسس لمفهوم الهوية كاختيار وكسلاح أيديولوجي، وكيف أن الهوية عندما تستخدم الأنساب إنما تفعل ذلك كأداة من أدواتها دون أن تعير الوقائعية التاريخية أدنى اعتبار. عليه، لا يجوز أن نغلّط هذه المفاهيم، بل علينا أن نفهم لماذا فعلوا ذلك ونؤمنهم على الهوية التي اختاروها. ومن ثم فعلينا أن نؤمن قبائل الجعليين على عروبة هويتهم وإسلامها[39].



    الآفروعروبيون: الحلف السناري:

    في مقاله "تحالف الهاربين" يبدأ عبد الله علي إبراهيم هجومه على النظرية "الإنحطاطية" عند ماكمايكل، وتجلياتها الثقافية عند ترمنغهام. يقول:

    "… إن دعوة الهجنة في أصولها العرقية عند ماكمايكل وتجلياتها الثقافية عند ترمنغهام تنطوي على فرضية إنحطاط. وهو إنحطاط نجم في نظر دعاتها عن امتزاج العرب المسلمين بالنوبة الأفريقيين. فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحي بأن "الدم" العربي أرفع من الدم الأفريقي. وجاء عند ترمنغهام أن الهجين العربي الأفريقي قد سرب من العقائد إلى الإسلام ما أدخله في الوثنية. والواضح أن المكون الأفريقي في هذا الهجين هو أكثر من تأذي بنظرية الإنحطاط هذه"[40].

    بعد ذلك يتقدم عبد الله علي إبراهيم خطوة للأمام، فيكشف أن رعيل الأكاديميين الذي رادوا مدرسة الآفروعروبية قد تبنوا نظرية الإنحطاط هذه وأخذوها كمسلمة دونما روية أو تفحص نقدي[41].

    ثم يتحول عبد الله علي إبراهيم إلى التجليات الأدبية والفكرية للآفروعروبية من خلال مدرسة "الغابة والصحراء". فهو يتوجه بالنقد لكتابات الرواد الأوائل لهذا الاتجاه، وهم محمد عبد الحي، صلاح أحمد إبراهيم، محمد المكي إبراهيم، والنور عثمان أبكر. فيذكر أنهم عندما هاجموا العروبة سعوا للتبرؤ منها وعدّوا الإنتماء لها تكبرا أجوف، وانتماءاً متكبرا[42]، ومن ثم نادوا بهوية أفريقية ابتنوا صورها من خيالهم الرومانسي، إنما استبطنوا ذات النظرية الإنحطاطية دونما وعي أو روية منهم. فهم قد صوروا العربي المسلم في صورة العقلاني المتسم بالرصانة والرزانة، في مقابل تصوير الأفريقي بالإنسان "المهدار"، "خفيف العقل"، "منتفخ الصدر" بالإنفعالات والذي لا يملك إلا أن يرقص على أي إيقاع في سلوك إنفلاتي الطابع دونما تقيد بالعقلانية. فيقول عبد الله علي إبراهيم:

    "… أساء الآفروعروبيون إلى أفريقانيتهم من حيث أرادوا تعزيزها وتكريمها. فقد اصطنعوا في صيف سخطهم وبوهيميتهم الكظيمة أفريقياً وهمياً لحمته وسداه معطيات أوروبية عربية رديدة عن أفريقيا مثل الطفولة والغرارة والمشاعية والروحانية وخفة القلب والولع بالإيقاع والرقص"[43].

    ثم يضيف أن الآفروعروبية في سعيها ذلك لا تهدف "… إلى تحجيم الانتماء العربي، بل إلى إجراء تحسين جذري في المكون العربي الإسلامي من الذاتية السودانية"[44]، وذلك بغية حمل الثقافة الإسلاموعربية "الغبشاء المتشددة" على التلطف والسماحة، حسب تعبيره. لقد رفعت الآفروعروبية لواء الدعوة إلى وسطية إنتمائية بين العرب الخلص والأفارقة الخلص[45]. ولكنها لم تكن تملك برنامجا بخلاف ميكانيزمات الإستعراب التي شكلت إنسان سنار. ولهذا كانت "صورة أخرى من صور الخطاب العربي الإسلامي الغالب في السودان"[46]. "ومع ذلك لم تسعد الآفروعروبية أحدا"[47]، فلا العرب وجدوا رحابة فيها لأنفسهم ـ فيما يرى عبد الله علي إبراهيم ـ ولا وجد الأفارقة أنفسهم فيها.
                  

07-08-2003, 02:03 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    فما الحل؟!

    الحل الذي يقدمه عبد الله علي إبراهيم يقوم على أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم في السودان عن البحث عن هوية أفريقية لهم. فكأنه يقول إن أي محاولة من هذا القبيل سيكون مصيرها ـ مهما تسلحت بأدوات الهجوم على العروبية ـ هو نفس مصير مدرسة الغابة والصحراء. وعليه فإنه لا مناص من أن يقبلوا بأنفسهم كعرب مسلمين، وأن يكفوا كذلك عن خلع سيماء الحضارة عنهم بدعوى الهجنة. يقول:

    "إن أفضل الطرق عندي أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة… فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية"[48]. (التشديد من عندنا)

    وبهذا يكون عبد الله علي إبراهيم قد أتم بناء الزاوية الأولى في مشروعه ذي الأضلاع الثلاثة. ومشروعه يقوم على بناء حدود ثقافية Cultural Boundaries ـ اعتمادا على مفهوم الحدود عند بارث[49] ـ بين أبناء الشمال العربي المسلم وأبناء الجنوب الأفريقي. فهذان هما القوامان، كما إن الفرصة متاحة لأقومة أخرى. وهنا لا يفصل لنا طبيعة الأخرى هذه، بل يتركها لنا كيما نذهب فيها مذاهبنا. ولا نملك هنا إلا أن نتم له هذا، فنقول: الفرصة متاحة للنوبيين والفور والبجا كيما ينفضوا عن هذا الحلف السناري ويكونوا أقومة خاصة بكلٍ. وهكذا يتفرق السودانيون أباديد في الآفاق مع اتجاهات الرياح الأربع: الشمال ـ الجنوب ـ الغرب ـ الشرق … ولا عاصم لهم من هذا الشتات إلا الوسط (الإسلاموعربي).

    ولعمري! إنها العروبية، (وبالمكشوف) وأي عروبية! إنها عروبية لا تنهض على كثيب مهيل بالحجاز، أو طلل دارس بتيماء، أو ريح صبا تهب عليك من تلقاء كاظمة. فهي عروبية لا تستمد مشروعيتها من اعتراف العرب بها، كما سعى إلى ذلك عبد الغفار محمد أحمد. إنها عروبية خاصة ومفصلة (بالمقاس) على أهل السودان الذين لا يعرفون غير العربية لغة وغير الإسلام دينا، وكفى الله المسلمين شر الهجنة، فلكم دينكم ولي دين، ولكم جنسكم ولي جنس.



    الإسلام الشعبي: دين الرِّجرِجة[50]:

    في إعادة تقويمه للدين الشعبي في مقابل الدين الأرثوذوكسي، يبدأ عبد الله على إبراهيم بمهاجمة ماكمايكل وتريمنغهام ونظرتهم "الإنحطاطية"[51] مثلما فعل سابقا. فيذكر أن ماكمايكل نظر إلى الدم العربي على أنه أرفع من الدم الأفريقي[52]. عليه فإن سكان شمال السودان (الهجين miscegenation) لا يعدون أن يكونوا تلويثا للدم العربي النقي، وتساميا بالدم الأفريقي[53]. كما إن الإنسان السوداني يزداد رقيا كلما زادت فيه نسبة الدم العربي[54].

    بعد هذا يتحول عبد الله على إبراهيم للهجوم على تريمنغهام وفهمه للدين شعبيا وأورثوذوكسيا[55]. بينما يرى تريمنغهام تثاقف الإسلام مع الحضارة الشرقية الهيلينية كعملية تخليق وإبداع، فإنه يرى تثاقفه في السودان مع الثقافات والأديان المحلية كعملية إنحطاط له[56]. فالذين أتوا بالإسلام إلى السودان من العرب المهاجرين كانوا أنفسهم على جهل كبير به من حيث نقائه الأورثوذوكسي[57]. ولذلك فقد سمحوا للإسلام بأن يتشرب ويستوعب الكثير من الممارسات الدينية الأفريقية، والتي بدورها انحطت بالإسلام إلى درك الوثنية والشعوذة[58]. وقد تبلور كل ذلك في مؤسسة الصوفية وإسلام العامة[59].

    يبدأ عبد الله علي إبراهيم هجومه على تريمنغهام بإدانة لفيف الأكاديميين السودانيين الذين تبنوا المفهوم دونما روية أو تبصر رغم أن ترمينغهام نفسه حذر من هذا[60]. ثم يتكئ في إفتتاحية هجومه على رأي جي سبولدنق حول آراء ونظريات تريمنغهام. يلخص سبولدنق القضية في أن الذين ذهبوا هذا المذهب يصلون إلى إحدى نتيجتين: أما أن السودانيين سيئو الإسلام، أو أن إسلامهم يختلف عما عداهم من إسلام الشعوب الأخرى[61]. إن كان الأول فإن هذا كلام يختص به الله دون خلقه، وإن كان الثاني، فإنه ينبغي تعريف إسلامهم وفق معايير إصطلاحية سودانية.

    ويذكر عبد الله علي إبراهيم أن أكاديميي إسلام آسيا نافحوا بقوة ضد الفكرة القائلة بأن الإسلام عندما يتثاقف مع الأعراف المحلية ينتج عنه إسلام منحط[62]. فقد فند بعضهم الرأي القائل بأن " الأسلمة" في بداياتها قد تبنت الكثير من الشركيات، الأمر الذي أفقدها نقاءها[63]. والسبب الذي يمكن إرجاع كل هذه المفاهيم الخاطئة إليه ـ كما يرى عبد الله علي إبراهيم فيما يورد من رأي الأكاديميين ـ هو حركة الإسلاميين الذين يتخذون من الإسلام الكلاسيكي (أي الأرثوذوكسي) محكا يقيسون عليه تقدم الأسلمة في مستوياتها الإقليمية[64]. إن الخطأ في هذا ـ كما يرى روي Roy، صاحب الرأي السابق ـ يكمن في الإتجاه نحو تقويم الظاهرة الإسلامية في مقابل من يؤمن بالإسلام على ضوء مدى التوافق مع المثل والمعايير الأورثوذوكسية[65]. إن هذا المدخل لا يساعد الشخص العادي المؤمن بالدين، كيما يحقق ذاته في دينه، بل يتم نفيه من الدين بهذا الفهم. ومكمن الخطأ هو أن الهدف لا يكون تدارس أمر الدين في المجتمع من حيث تفاعله ، بل البحث والتحقق من وجود دين ما ـ بصيغة بعينها ـ من عدمه[66]. عليه، فإن الأكاديميين الذين تبنوا مفهوم تريمينغهام للأرثوذوكسية والشعبية لم يكونوا يسعون لدراسة أمر الإسلام وتفاعله مع السودانيين، بل كانوا يدرسون أمر الإسلام في مواجهة السودانيين[67]. وإسلامهم الذي يبحثون عنه هذا لا يتوافر إلا في الكتب والمعاهد الدينية، بينما العامة لديهم إسلام خاص بهم. ولقد كانت الصفوة دائما هي حاملة لواء هذه الأصوليات (الأرثوذوكسية). ويرى عبد الله على إبراهيم أن هذه المعيارية الأصولية ـ أو ما يسميه بلاهوت الصفوة elite theology ـ قد تم لها الانتشار وسط العامة عن طريق التراث الشفاهي، ومن ثم أعطت لنا ما يظنه البعض لاهوتاً شعبيا folk theology، يقوم على الأصولية[68].

    بهذا يؤسس عبد الله على إبراهيم الركن الثاني من ثلاثيته. فالإسلام الشعبي (إسلام الصوفية) هو النسخة السودانية من الإسلام. كما إن محاكمة هذا الإسلام بالمعيارية الأصولية يقوم على خطأ جسيم على المستوى المنهجي والعلمي. عليه، فإن الإسلام الشعبي صحيح معافى من ناحية عقدية وغير مشوب بالشعوذة والخرافات، إذ أن ما يسمى "شعوذة وخرافات" هو فولكلور الناس. وما الإسلام الأرثوذوكسي إلا نمط شعبي لمجتمع ما، ولكن تم تجريده من تاريخيته حتى يصبح معيارا للدين؛ كما إنه يستصحب معه فولكلور أهله بكل ما يشتمل من أساطير وخرافات (الجن، السحر، العين) إلخ.

    بهذا يسبغ عبد الله علي إبراهيم المشروعية الإسلامية على نمط حياة شمالي السودان من العرب المسلمين. فعاداتهم وتقاليدهم وفولكلورهم يتفق تماما مع إسلامهم الخاص بهم. كما إن هذا النمط من الإسلام هو الوحيد القادر على إشباع الحاجة الإنسانية للدينونة فيهم، ولا يستقيم أمرهم إلا به. وما احتفاء العامة بالشعارات الأرثوذوكسية التي يرفعها الأصوليون إلا ناتج انتشار الشعارات ـ دون انتشار دلالاتها العملية ـ وسط العامة ضمن ميكانيزمات التراث الشفاهي. عليه، فإن الأصولية الإسلامية مرفوضة لا على أنها هوس ديني، بل على أساس مجانبتها وتناقضها مع "الإسلام السوداني".

    هكذا يقلم عبد الله علي إبراهيم أظفار الاشتطاط الديني في صمدية علمية تنهض على علم أنثربولوجيا الأديان، لا على كتب الفقه والحديث "الصفراء". فالأصولية الإسلامية هي عامل تفتيت في الجسم العروبي الإسلامي في السودان. الأمر الذي لا يتفق والإستقطاب الذي بلغ ذروته في هذه المرحلة. عليه، لابد من تماسك الجبهة الداخلية.
                  

07-08-2003, 02:04 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    إعادة الاعتبار إلى هوية الجعليين:

    وهذا هو الركن الثالث في مشروع عبد الله علي إبراهيم ثلاثي الأركان. وقد ورد حديثه في مقاله الذي رأينا أن نترجمه: "ماكمايكل وانكسار يراعه: إعادة الاعتبار لهوية الجعليين"[69]. وهو هنا لا يستهدف بدراسته قبيلة الجعليين الصغرى والتي حاضرتها المتمة، بل يعني قبيلة الجعليين الكبرى بما تشتمل من بطون مثل الشايقية، الرباطاب، المناصير…إلخ[70].

    وتقوم مرافعته على أنه من حق الجعليين أن ينسبوا أنفسهم إلى العباس أو من شاءوا دون أن يكون ذلك مدخلا أكاديميا يلج منه الباحثون لدحض هذا الزعم بالنظر إليه كفرية. فيقول: "إن اختراع هوية دينية، أو إثنية ليس مجرد ممارسة عامة، بل هي أيضا مشروعة"[71]. ويستشهد في هذا برأي مايكل هيرزفيلد ومسألة انتساب الإغريق للثقافة الهيلينية. ويأتي عبد الله بإقتباس من هيرزفيلد يوضح فيه كيف نتعامل مثلا مع النسابة كإخباريين ميتين. يقول الاقتباس:

    "إن الأنثربولوجي لا يحاول أن يكشف جهل إخبارييه فيما يختص بعالمهم الثقافي؛ ولكن من الممكن أن يقول شيئا عن كيف كانوا يدركون ويوضحون عالمهم ذلك. وبنفس هذه الروح، فإن هدفنا هنا ليس مناهضة الأساس الوقائعي لدراسة الفولكلور الإغريقي، أو أن نعامل دوافع مبادئهم على أنها بشكلٍ ما كانت مغلوطة. وبما أننا نعامل هؤلاء، من حيث أنهم مصادر دراسية، "كإخباريين" قادمين من الماضي، فإنه لا ينبغي لنا أن نتجادل معهم، مثلما لا ينبغي أن نقسر أحد الإخباريين الأحياء على تبني نظرية أنثربولوجية بعينها. بالتأكيد هناك أخطاء وقائعية وافرة في هذه المصادر، بالدرجة التي تغري الواحد منا كيما يتفوه معرضا بمعاييرهم البائسة، أو حتى المزيفة. إلا أن الاتهام بفساد الاعتقاد يفضي بنا إلى لا شيء ـ خاصة عندما يكون هدفنا هو الكشف عن لماذا اعتقد "إخباريونا" أنهم كذلك، أكثر من أن نفترض الإجابة مقدما"[72].

    بعد هذا يتحدث عبد الله علي إبراهيم عن أن الإثنية لا تبني هويتها إلا على الحقائق التي تخدم أغراضها الأيديولوجية. فهي تستمد ذلك من الإستقراء الثقافي للسلالة والنسب، وليس من التحري الوقائعي للأحداث والتاريخ. فإن إنتساب النفس لما تهوى أساس لقيام الهوية[73].

    وبهذا يمنح عبد الله علي إبراهيم بطون الجعليين "بركته" و"صكوك المشروعية" في أن ينتسبوا إلى العباس دون أن يكون لكل الأخطاء والتناقضات التاريخية الواردة في شجرة نسبهم أدنى اعتبار أو أن تكون مدخلا للتعريض بهم أو الهزء. فالنسبة أيديولوجيا[74] تخدم الحاضر موظفة في ذلك الماضي[75].

    وقد ذكر عبد الله علي إبراهيم في فترة سابقة من قبل مشكلة الشطب في قوائم الأنساب من قبل الكتاب النسابين حتى يتفق ذلك مع ما يرونه صحيحا[76]. ولكنه ـ بخلاف فهمه الحالي ـ عاملها كوثائق تاريخية "سيئة الإعداد" لما تحفل به من أغلاط. فقد حمل على النسابة قائلا: "… آفة كتب النسبة السودانية التقليدية عدم درسها الممحص للمؤرخين القدامى. وهو إهمال انتهى إلى أغلاط لا حصر لها"[77]. وكأنه كان يتمنى أن تتوافر كتب نسبة تقوم على الوقائعية التاريخية ويعتد بها في حل إشكالية القبائل في السودان. وعلى أيٍّ، فإن عبد الله علي إبراهيم قد تجاوز تلك المرحلة، وإن يكن قد أغفل ذكر ذلك عندما ابتنى له مواقف جديدة ناقضة لتلك القديمة.

    وبعد، فإننا في نقدنا له سننطلق من أن النسب ما هو إلا سلاح أيديولوجي يستخدم في عملية ممارسة السلطة، وصراع الإنسان ضد أخيه الإنسان في سبيل احتياز أكبر قدر من الخيرات المادية في هذه الحياة. وهذا ما يؤكده عبد الله علي إبراهيم فيذكر من واقع تجربته مع الرباطاب أن الناس هناك ينظرون إلى من يستشهد بشهادات النسب المكتوبة نظرة ريبة وتشكك في صحة نسبه[78]. وفي تبريره لرفض الرباطاب لشهادات النسبة المكتوبة يقول: "إن نظرة الرباطاب السلبية للنسبة المكتوبة ربما تكون تعبيرا عن عدم ارتياحهم لها باعتبارها غزوا للقراءة والكتابة"[79]. وهنا نراه يقترف الإثم الذي قارفه سابقوه، فأدانهم عليه في نفس مقاله؛ ألا وهو "شغل التخمين Guess Work"[80].

    ولكن السبب في ذلك ـ كما نراه وكما يعكسه عبد الله علي إبراهيم دون أن يسميه ـ هو أن من يحتاز على هذه النسبة فقد إحتاز شرفا كبيرا ومكانة كبيرة، معنوية ومادية، كامتلاك الأرض مثلا. فالبدو المجاورون للجعليين ـ وإن كانوا صرحاء العروبة ـ يحرمون من هذه النسبة الأمر الذي يستتبع عمليا حرمانهم من ملكية الأرض، ولو ملكوا المال والرغبة لذلك. يورد عبد الله علي إبراهيم حكاية أن أحد هؤلاء البدو تمكن بطريقة ما من افتتاح متجر بماله في منطقة الرباطاب، فكان أن علق في مدخل "دكانه" شهادة نسب تلحقه بجعل بن العباس، أي بالجعليين. ومع ذلك لم يسلم من هزء وسخرية الرباطاب اللاذعة. فقد باشره على ذلك أحدهم قائلا: "إن تعليقك لهذه النسبة يشبه الذي يطوِّح بصنارته (جبّادة) في الماء دون أن يثبّت نهايتها بوتد"[81].

    وهنا يكمن السبب في موقف الرباطاب السلبي من شهادات النسبة المكتوبة. فالتداول الشفاهي لأنسابهم ما هو إلا تكتيك لتكريس حدودهم الثقافية طالما أن القائمين بأمرها هم حفظة هذه الحدود. فالبدوى لا يستطيع أن يحمل هؤلاء الثقاة على ضمه إلى إحدى فروع شجرة النسب العباسية طالما كانت شفاهية التداول. ولكن إذا أصبح أمر النسب عبارة عن شهادة مكتوبة ومعلقة في إطار على الجدار، فإن أيّ بدوي سيكون في مقدوره أن يتسلق هذه الشجرة المباركة، وأن يأكل من ثمارها المحرمة على الآخرين. وثمارها بالطبع ملكية الأرض وكل الامتيازات والخيرات المادية الحياتية اليومية. وهنا مربط الفرس.

    إن توصيف وتشريح ميكانيزمات هذه الظاهرة هو دور الأنثربولوجي، ونتفق تماما في أنه لا ينبغي له أن يدخل في مغالطات مع النسابة معرضا بما يمكن أن يكون تزييفا للتاريخ. في هذا نحن متفقون. ولكن عبد الله علي إبراهيم يورد كل هذا لجعله أساسا لقفل أي مدخل أكاديمي يمكن أن يلج منه الباحثون (ليس بالضرورة أن يكونوا أنثربولوجيين لامنتمين للصراع) لجز فروع شجرة النسبة واستئصال شأفتها بغية خلق التوازن في الامتيازات والخيرات المادية. فعبد الله علي إبراهيم يؤسس أكاديميا وعلميا لمشروعية النسب العباسي للجعليين، ومن ثم ـ إجتماعيا ـ ما يستتبع ذلك من امتيازات.

    وهنا لا نظن أنه يفوت على عبد الله علي إبراهيم أن الهجوم على شجرة الأنساب وعلى عروبة الجعليين نفسها إنما هي شكل من أشكال الصراع الثقافي والأيديولوجي في السودان: إنه الصراع حول السلطة؛ صراع الأطراف بادية التأفرق ضد المركز الإسلاموعربي. الأطراف تتسلح بالعلمية والأكاديمية في سعيها هذا متخذة من شنيعات الأخطاء التاريخية التي تحفل بها شهادات النسبة مدخلا لدحضها وكشف زيفها. والمركز بدوره يتسلح بالعلمية والأكاديمية ليضفي المشروعية على أنسابه اعتمادا على أن الأنثربولوجي لا ينبغي له أن يدحض هذه الأنساب رغم ما تحفل به من أخطاء ومغالطات. وهذا الدور يقوم به هنا نيابة عن المركز الإسلاموعربي عبد الله علي إبراهيم نفسه في موقفه هذا. وهنا تتهتك المسوح الأكاديمية لعبد الله علي إبراهيم لتكشف عن موقفه الأيديولوجي من عملية الصراع الثقافي في السودان. إذ إن بالنسب هذا، وبأدوات أخرى، يمارس "القهر الثقافي" في السودان.

                  

07-08-2003, 02:06 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    صفوة القول:

    إن مشروع عبد الله علي إبراهيم يتلخص في أنه لا مجال لإدعاء هوية آفروعربية في السودان، لأنها مهما تمسحت بالأفريقانية فإنها لن تعدو أن تكون شكلا آخر من أشكال الخطاب الإسلاموعربي الغالب في السودان. كما إنه لا يجوز أن نخلع عن أنفسنا ملامح حضارتنا العربية الإسلامية إدعاءاً للهجنة.

    ثم علينا أن نحصن أنفسنا من أي احتمالات انجراف نحو "الهوس الديني". والطريق الأمثل لذلك هو أن نكرس "الإسلام الشعبي" بالنظر إليه كنمط صحيح ومعافى وليس مشوبا بالخرافات الوثنية. عليه لابد من قفل الطريق أمام الإسلام "الأرثوذوكسي".

    وأخيرا، لا مشاحة من أن نفخر بانتسابنا للعباس، كما لا غضاضة من أن نحتفي بأشجار النسب، دون أن نعير أغلاطها وأخلاطها أدنى اعتبار. فقيمة الأنساب ليست "تاريخية" بل "أيديولوجية".

                  

07-08-2003, 02:07 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    تحالف الهاربين … لماذا:

    لقد عني عبد الله علي إبراهيم بمصطلح "تحالف الهاربين" أولئك الذين هربوا من هويتهم إدعاءاً لهويات لا أساس لها من الواقع. ونحن هنا نعني عكس ذلك. نعني أولئك الذين اختطوا لهم هويات، ثم هرب كل منهم ـ على حدة أو جماعات ـ نحو هوية لهم أسميناها السودانوعروبية هي بنت الآفروعروبية التي كانت بدورها بنت المدرسة العروبية ـ الإسلامية في السودان.

    فمثلا الأب الروحي للآفروعروبية، محمد المهدي المجذوب، عاد في أخريات أيامه إلى العروبية ـ الإسلامية ليصف العرب ولغتهم بالعظمة، بعد أن سعي للتبرؤ منهم في أربعينات هذا القرن. فهو يقول في رسالة كتبها إلى محمد عبد الحي سنة 1981م ما يلي:

    "كنت في الدوحة ورأيت عمي عبد الله الطيب هناك وألقى محاضرة طيبة جدا فحواها الرجعة إلى تعليم اللغة العربية كما كان يفعل الأشياخ.. على المتن حاشية وعلى الحاشية حاشية.. وقلت لنفسي إن اللغة العربية لغة جبابرة"[82]. (التنقيط جاء من الأصل)

    ولا يخفى المنحى الأيديولوجي في هذا الحنين الطاغي للأصولية العربية ولأهلها (الجبابرة). وتتبدى الأيديولوجيا العروبية أكثر، عندما يظهر تبنيه لذات تكتيكات القهر الثقافي العربي إزاء أجناس الإبداع الثقافي السوداني الأخرى. فهو يقول في نفس خطابه:

    "أرتاح جدا إلى سماع المديح في هذه الأيام والمداح رجل مثقف مبارك شاعر بارع له وجد ولوعة.. ولكن الناس هنا أسماعهم إلى الصُّيَّاع وغيرهم ـ ووالله والله قد صدق السناريون حينما جعلوا المغني صائعا والكلام طويل وبراهينه حاضرة .. ولو كان الأمر بيدي لجعلت الإذاعة والتلفزيون كلها مديحا في الذات المحمدية على صاحبها أفضل السلام"[83]. (التنقيط في الأصل)

    وكلنا يعلم أن كلمة "الصيَّاع" هي الإسم الذي أطلقته ثقافة الوسط الإسلاموعربي على المغنين. ولنا أن نتصور المسافة التي قطعها محمد المهدي المجذوب في رحلة هروبه من الرغبة في أن يسير في الشارع يغني ويرقص وهو في حالة سكر شديد غير عابئ بأنسابه القرشية، إلى رجل يفخر بعمه ونسبه (ونسبه إلي العباس، والعباس من قريش)، ثم يعلن عن رغبته في تكميم أفواه كل من يترنم بلحن خلاف مديح النبي محمد (ص). إن محمد المهدي المجذوب هنا ينتمي بحق إلى ذات ثقافة القهر التي حالت دون أن يتغنى خليل فرح بألحانه علانية خشية أن ينظر إليه على أنه من "الصيّاع" فيسقط في نظر المجتمع.



    أما إذا جئنا إلى محمد عبد الحي، فنجده قد بدأ آفروعروبيا متحمسا، رافضا الإنتماء للعرب، واصفا هذا الانتماء على أنه "أجوف وتكبر". ثم لما امتد به العمر، وتجاوز غلواء الشباب، عاد ليعتصم بذات قلعة عروبته. فقد ذكر في خطاب كتبه لصديق له بتاريخ 2/8/1988م شارحا كيف رفض حزب الأمة أسلوبه وحججه في الحوار حول التناقض المذهبي بين الشيعة ومن ثم إيران، والسنة ومن ثم العرب، قائلا:

    "ويخيل إليَّ أنهم رفضوني لأني دافعت عن جوهر الأمة العربية ونبيها العربي، يوم أن وقفت شارحا للمفهوم الفارسي والمفهوم العربي كقوميتين بدآ حقبا طويلا في طفولة التاريخ يتناحران ويتحاربان. وسواء رضيت أم أبيت لي تراثي العربي، ولي لساني العربي ولي عقيدتي السنية"[84].

    ونكاد نلمس جهده في تبرير موقفه مع نفسه. فهو متنازع بين الرضى والرفض: الرضى الأيديولوجي اللاشعوري عن الهوية الحقة، والرفض الزائف الظاهري لها. كما نجده يقول في نفس الخطاب مدعما لتبريراته: "وتراث الإسلام تراثنا، وعقيدته عقيدتنا وثقافته ثقافتنا ـ إن المرء في أول شبابه يشرّق ويغرّب، ولكنه أخيرا يستقر في تراثه وعقيدته"[85].



    لقد تواطأ ذلك الجيل مع التيار العروبي من حيث ظن أنه قد ثار عليه. لقد كان صادقا في توجه نحو "أفريقيا"، وفي اقتحامه "للغابة"، ولكنه ما كان يملك أي أدوات بخلاف محركات وعيه العروبي. لقد ركبوا للغابة جمالهم ونياقهم.



    أما إذا جئنا إلى عبد الله علي إبراهيم نفسه، فنجد أنه قد بدأ بانتمائه إلى "مدرسة أبادماك" الأدبية. كما إنه هو نفسه ـ حسبما أورده عبده بدوي ـ الذي أطلق اسم "أبادماك" على تلك المدرسة[86]. أي أنه ضرب بناقته في فيافي الماضي السحيق مفتشا عن هويته بين أروقة ومعابد الحضارة المروية. كما إنه كان في ماضي شبابه ماركسيا لينينيا لينتهي اليوم عروبيا مسلما. أي أنه "شرّق وغرّب"، ثم استقر أخيرا في تراثه وعقيدته ـ باستخدام ألفاظ محمد عبد الحي.



    وبعد؛ إن ركب الهاربين يضم آخرين جاءوا من تيارات إسلامية بحتة كما يضم من جاءوا من تيارات عروبية بحتة. من التيار الإسلامي نضرب مثلا بأحد أعمدة إتجاه سودنة العروبة ألا وهو جعفر ميرغني. يقول في أحد أشهر أبحاثه:

    "كتبت جميع ما كتبته فوق ليكون سببا وتمهيدا لدراسة المعربات السودانية وهي الألفاظ المهاجرة من لغات سودانية إلى اللغة العربية، فلحقها حين خرجت من لسان إلى لسان جميع ما بيناه فوق. ولا نريد بالمعربات السودانية تلك التي جرت على ألسنة عرب السودان وحدهم بل نريد بها أيضا ما دخل اللغة العربية الفصحى نفسها من أزمان متقادمة والعرب بعد في جزيرتهم لم يبرحوها."[87]

    لقد كان جعفر ميرغني في الحركة الإسلامية الأصولية بالسودان (تنظيم الإخوان المسلمين بزعامة حسن الترابي) حتى أواخر الستينات، ليتحول بعدها تدريجيا حتى بلغ ما وصل إليه من الإعتصام بالعروبة المتسودنة. إنه في مسعاه هذا يختط له عروبة سودانية خاصة بأهل السودان. إن رسخان قدمه ـ كما يرى هو ـ في تسودن عروبته، وليس في إستعراب سودانه. ولهذا ينحو لسودنة اللغة العربية العالية، دون العامية العربية السودانية.

                  

07-08-2003, 02:10 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)



    من جانب آخر، إذا جئنا إلى الهاربين من التيار العروبي الصريح، فيمكننا أن نمثل بعبد الله الطيب، وهو أحد أساطين علوم العربية في النصف الثاني من القرن العشرين. لقد طرح عبد الله الطيب نفسه، منتصف هذا القرن، مؤمنا بكل نظريات الأنثربولوجيا العرقية وهي في خريفها، وذلك بخصوص نظرته للأفارقة والأعراق السوداء ـ السودانية خاصة. ففي 1955م عندما اندلعت أحداث التمرد في الجنوب، وما أعقب ذلك من عمليات قتل جماعية "للشماليين" بجنوب السودان، كتب عبد الله الطيب في الصحف مشددا على أخذ "الجنوبيين" بالشدة باعتبار أنهم قوم بدائيون، جفاة لا يصلح معهم غير ذلك، متكئاً في ذلك على وجهات نظر الأنثربولوجيا العرقية، ومتخذا من أساليب الاستعمار الإنكليزي نموذجا. فقد دعم رأيه ذلك بالفائدة التي رأى أنها عادت على الاستعمار الإنكليزي جراء اتباعهم الأساليب الوحشية الفظيعة ضد المُسْتَعمَر[88]. وقد أتبع ذلك بمقال آخر شدد فيه على عدم فصل الجنوب، لا باعتباره جزءا لا يتجزأ من السودان، بل لمجرد التمكن من ضبطه حتى لا يتحول إلى باب خلفي يلج منه الإستعمار. ثم راح يهون من أمر إستقلال السودان دون اتحاده مع مصر قائلا بأن الوحدة هي "وحدة القلوب ووحدة المصالح ووحدة النيل ووحدة اللغة ووحدة التراث والدين"، مشيرا إلى أن ذلك هو ما عليه الحال مع مصر[89]. ولك أن تقارن حال مصر وحال جنوب السودان من حيث إحساس عبد الله الطيب بالإنتماء إليهما. ففي حال مصر يظهر بصورة الأشقاء المجتنى عليهم بتفريقهم. أما في حال جنوب السودان، فلا صورة إلا صورة "الشمالي" المُستَعمِر للجنوب المغاير والمختلف عنه في كل شيء. وقد جاءت قصيدته التي نشرها في نفس الفترة وعن نفس الأحداث منسجمة مع مجمل نظرته تلك[90]. وقد استجار في افتتاحية القصيدة بقبر تاجر الرقيق المعروف الزبير باشا، فقال:

    ألا هل درى قبـرُ الزبيـرِ بأننا نُذَبَّح وَسْـطَ الزّنـجِ ذَبحَ البهائم

    ثم يختتم بقوله:

    فيا ليت شعري هل قضى الله أننا عبيدٌ نُسـام الخسَفَ ضربة لازم

    إن الرسالة الوحيدة التي تبلغها تلك الاستجارة هي: إن الذين كانوا رقيقا وعبيدا لنا، تشتريهم وتبيعهم يا الزبير باشا، أصبحوا الآن يقتلوننا وييتموا أطفالنا ويسبوا نساءنا. فليت شعري من يبعثك من قبرك لتردهم إلى "خانة" العبيد مرة أخرى؟؟

    ولكن؛ ما إن دخلنا العقد السابع من هذا القرن وبدأت رياح التغيير في هبوبها، حتى شملت الموجة عبد الله الطيب نفسه، فأصبح يجتهد في تأسيس وعي عروبي خاص بالسودان ولكن على صعيد الأيديولوجيا المباشرة، المستندة على البينات والأدلة المبثوثة في كتب التراث. فهو يتحدث في مقدمة ديوانه، أصداء النيل عن أن لون العرب أصلا هو اللون الأسود، والأخضر، ويأتي بالعديد من الأمثلة، ليخلص إلى أن لون الجعليين (أي قبائل وسط السودان النيلية المستعربة) هو لون العرب الحقيقي، أما البياض الذي عليه لون العرب العاربة اليوم فهو من أثر الاختلاط بالروم والتسري بالإماء من الفرس والروم وخلافهم[91]. وقد أشرنا إلى أن أحمد محمد مالك قد استند على مثل هذا القول وذهب هذا المذهب، أعلاه.

    وفي سنة 1990م أصدر عبد الله الطيب الطبعة الثانية من كتاب الأحاجي السودانية، مضمنا إياه قصيدتين هم "دريس" و "تاجوج والمحلق وهمهوم"، وهما من حكايات قبيلة الحمران البجاوية بشرق السودان، وذلك تمشيا مع تيار "الأفرقة" الصاعد ـ كما ذكر[92]. وكان مما ينتقص كتابه حقا هو اختزاله للأحاجي السودانية في أحاجي قبائل وسط السودان المستعربة فقط.

    بعد ذلك تقدم عبد الله الطيب خطوة أكثر نحو سودنة العروبة والإسلام، وذلك عندما ذهب إلى الزعم بأن "حبشة النجاشي" التي هاجر إليها صحابة الرسول (ص) لم تكن سوى مملكة علوة المسيحية بالسودان وعاصمتها سوبا[93]. ونحن لسنا بصدد نقد ما ذهب إليه، لكن نكتفي برصد المنحى السودانوعروبي لعبد الطيب، الذي بدأ عروبيا متأففا من الأفارقة السود، وانتهى به الحال إلى سوداني أفريقي يسعى لابتناء واختطاط هوية عربية خاصة به كسوداني، ولا تستمد معياريتها من الجزيرة العربية، بل من السودان. ولا يقدح في منحاه هذا إنسياقه مع الإستقطاب الأيديولوجي العروبي في حال تطرفه السياسي الناشب الآن، للحد الذي ذكر فيه أنه ينبغي تطبيق التعريب حتى لو كان ذلك على حساب التعليم[94].

    لقد شهدت الساحة الثقافية والفكرية السودانية العديد من الأشخاص الذين كانوا ينتمون لمدرسة الآفروعروبية، حتى لو لم يكونوا ينظرون إلى أنفسهم كذلك. وبأفول شمس الآفروعروبية غير المعلن، وغير المستشعر من قبل الكثيرين، أصبح هؤلاء أكثر تهيؤا للإنخراط في ركب التيار السودانوعروبي الذي يقوده عبد الله علي إبراهيم. إن عدم الوعي الأيديولوجي لدى الكثيرين بمواقع أقدامهم يجعل منهم رصيدا جاهزا للسودانوعروبية. إنه نفس عدم الوعي الأيديولوجي الذي دفع مفكرا وباحثا سودانيا ـ أفريقيا مثل فرانسيس دينق إلى أن يبدو في بدايات السبعينات[95] وكأنه يتبنى الموقف الآفروعروبي، ثم ليبدو كذلك أواخر الثمانينات أيضا[96].

    * * * *
                  

07-08-2003, 02:11 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    هنا سنشير إشارات عابرة لثلاثة من كتاب القصة السودانيين هم: الطيب صالح، إبراهيم إسحق، ثم بشرى الفاضل.



    تنتمي كل قصص الطيب صالح إلى ثقافة المركز الذي تهيمن عليه الهوية العربية ـ الإسلامية. إن التتبع الدقيق للحيثيات الحياتية اليومية في قصصه تكشف لنا عن أنها تعتمد على شغل كل آليات أيديولوجيا الهيمنة والقهر. إن عالم الطيب صالح القصصي هو نفس عالم ثقافة المركز القائمة على الأسلمة والإستعراب، ومن ثم استتباع الهامش والأطراف. إن قراءة الطيب صالح وفق التحليل الفاعلي الذي قام به الشيخ محمد الشيخ[97]، مشفوعا بالسياق الأيديولوجي واستقطاباته الناشبة في السودان، ستكشف لنا عن قدر كبير من التواطؤ الأيديولوجي العروبي الإسلامي للطيب صالح. وهو تواطؤ نتفق فيه مع عبد الله بولا عندما ذهب إلى تجريد الطيب صالح من أحقية التساؤل عن ماهية الأبواب الجهنمية التي دخلت علينا منها الإنقاذ، وذلك عندما أطلق تساؤله البريء "من أين جاء هؤلاء"[98].



    أما عن إبراهيم إسحق، فقد كشف عن موقفه المتحيز ضد الثقافات الأفريقية ولغاتها في أكثر من موقع. وقد كانت صحيفة الأيام في عامي 1975م و 1976م معتركا فكريا تساجل فيه كل من مصطفي مبارك، حسن مصطفى إسماعيل، إبراهيم إسحق، وعبد الله على إبراهيم وآخرين، حيث نهد كل واحد منهم برأيه مدافعا ومنافحا ومعارضا[99]. في ذلك كان موقف إبراهيم إسحق مما لا يحتاج إلى مزيد قول عنه من حيث منافحته عن ميكانيزم إعادة إنتاج الأطراف داخل الوسط وذلك بتذويبهم اعتمادا على منظور "بوتقة الإنصهار" الذي طرحته مايو ضمن "ميثاق العمل الوطني" باعتباره رؤيتها للقومية السودانية والتكامل القومي. لكنا هنا سنستشهد بإحدى قصصه القصيرة، تحديدا "حكاية البنت ماياكايا"[100] التي تحكي عن الكيفية التي سبى بها غانم "… سليل جلابة النيل الأبيض ذوي الأصول العربية" ـ باستخدام ألفاظ فضيلي جماع ـ بنتا اسمها ماياكايا من سلالة رث الشلك. تجمع وقائع هذه القصة "… بين تقلى وفشودة وود عشانا جغرافيا..[كما ترمز] بشيء من الذكاء إلى العجينة الثقافية السودانية وكيف تمازجت عبر زمن طويل…"[101] هذا ما يقوله فضيلي جماع معجبا بالقصة ـ أي، عمليا، معجبا بميكانيزم إعادة إنتاج المركز للهامش إستعرابا وأسلمة، حتى لو كان ذلك عبر السبي والإسترقاق. ولنا أن نقارن هذا مع ما قاله محمد عبد الحي عن أن "جماع الغابة والصحراء لم يكن وديا في البداية ولكن من زحام هذا اللقاء الشرس بين فرسان الخيول العربية وبين سبايا الغاب الأفريقي نحتنا وجوهنا…"[102] وكأني بإبراهيم إسحق قد استوحى هذه المقولة في استلهامه لقصته.

    بالطبع الآن لم يعد من مجال لإبراهيم إسحق للتباجح الأيديولوجي الذي أبداه في عقد السبعينات. بهذا لا يبقى أمامه من ملاذ غير السودانوعروبية، حيث سيجد عبد الله على إبراهيم مرحبا به عند الباب.



    إذا جئنا إلى بشرى الفاضل ـ وهو الأحدث في الثلاثة باعتباره من جيل أواخر السبعينات ـ وجدناه رغم اختلافه في مصادره الفكرية عن الطيب صالح وإبراهيم إسحق، أكثر قربا منهما في عاقبة أمره. ذُهل بشرى الفاضل طيلة سني شبابه عن إشكالية الصراع الثقافي الدائر في السودان، فبالنسبة إليه لم تكن تلك مشكلة تستحق عناء تسويد الصحائف والمساجلات التي ساقها. فحتى تسعينات القرن العشرين، كان بشرى الفاضل ـ ربما بتأثر من ميوله اليسارية ـ الماركسية الباكرة ـ يعيش فيما يمكن أن نسميه "أممية ثقافية". فقد كان يلخص موقفه إزاء مشكلة الصراع الثقافي بقوله: "أنا إنسان، وأعيش في السودان"[103]. إن التناقض الذي أوجد بشرى الفاضل نفسه فيه يكمن في رفضه التموضع المحلي ثقافيا؛ وبما أنه أديب وقاص "ملتزم!" فلا مناص له من هذا التموضع، إذ ليس من الممكن أن يعبر إبداعيا عن الإنسان ومشاكله في غير ما وضعية ثقافية ما. ولعل هذا هو السبب في أننا لا نجد في أقاصيص بشرى الفاضل أثرا للصراع والقهر الثقافي وقضايا المركز والهامش. لكن يبدو أن هذا الوضع قد بدأ في التغير. فمثلا في مجموعته القصصية الأخيرة، أزرق اليمامة[104]، نجد أقصوصتين؛ إحداهما وهي" كالو يتناول إفطاره في السماء"، ويمكن أن تحسب لقضايا الهامش، بينما الثانية "وليليام" تتحدث عن إشكالية الشمال والجنوب. إن التمفصل الأيديولوجي الخطي Linear (شمال ↔ جنوب) هو في حد ذاته سمة من سمات الآفروعروبية، ثم السودانوعروبية لاحقا. إذ من شأنه أن "يفرز" الجنوب لوحده، مع استتباعه لباقي أطراف الهامش استيعابا وإعادة إنتاج، حتى إذا تغير السياق، وأصبح الجنوب غائبا، تبين لنا أن هذا "الشمال" هو نفسه "خشم بيوت"، وهنا يتضح أن هناك غربا، وشرقا.. وربما اتضح أن هناك شمالا هامشيا للشمال نفسه. إن تصريح بشرى الفاضل في قصته "ويليام" بأنه لا شمال بلا جنوب، يقوم في الحبكة القصصية على انجذاب الراوي (وهو هنا شمالي) إلى جسد الفتاة الجنوبية المثير. إنها ذات المصادر الجوانية التي انطلق منها إبراهيم إسحق في تصويره لبطل قصته غانم العربي، وسبيه للبنت مياكايا ابنة رث الشلك. أما الصرخة التي يطلقها بشرى الفاضل بأن ".. الشمال جنوب وجنوب جدا، جنوب لا ينكر جنوبيته إلا الجهل والغرض"[105]، فعبارة عن جملة تقريرية خارجة عن سياق الحبكة القصصية ومنطقها الداخلي القائم على التمفصل الأيديولوجي الخطي (شمال ↔ جنوب).
                  

07-08-2003, 02:12 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    وبعد؛ نختم هذا الجزء الخاص عن الفعاليات الإمكانية لتحالف الهاربين بالتعرض لشخصيتين نرى أنهما تستحقان هذا منا لأهميتهما، خاصة مع تصنيفنا لهما كسودانوعروبيين خلافا لما يعتقد عنهما، وهما أحمد الطيب زين العابدين ومنصور خالد.





    يعتبر أحمد الطيب زين العابدين أحد القلائل من المثقفين السودانيين الذين أبدوا إلتزاما تاما بقضايا الثقافة. لقد كان لطيفا، شفيفا بدرجة جعلته مهموما ، مهجوسا بالخطاب الثقافي فتنزه بذلك عن أوشاب السياسة. لقد كانت علاقته بالسياسة، كعلاقة المركب بماء النهر؛ تحمله السياسة، نعم، لكن لا تسوقه ولا تجرفه بتيارها. كان صلبا ومقاتلا.. لكن بشفافية. وقد تتلمذ وتخرج على يديه الكثيرون، ولا نعني بذلك طلبة فصله على كثرتهم. وقد كان من فرسان الحركة الفكرية الثقافية بالسودان طيلة الأربعة عقود الأخيرة من القرن العشرين على أقل تقدير. وقلّ ما تجد حركة فكرية/ثقافية خلال هذه الفترة دون أن تكون حلباتها قد شهدت صولاته. وقد مات وهو يتوسد كتابا ويطالع القراء عبر أكثر من صحيفة. لقد كان مدرسة، وأصبح في أخريات أيامه تقليعة ثقافية يتباهى بها الشباب، مثلما حدث مع محمد عبد الحي وعلى المك من قبله. ومن هنا تأتي أهميته. وسنبذل من الجهد الكثير حتى نتصف بشفافيته في تناولنا له. أما إذا جانب حديثنا ذلك في بعضه، فذلك لغلاظة وكثافة فينا لا نملك معها حيلة.



    طرح أحمد الطيب زين العابدين في أخريات أيامه منظوره الفكري الذي سماه "السودانوية". وقد دشن منظوره هذا في مقال نشره بمجلة حروف في عام 1991م[106]، واستمر يبشر بهذا المنظور في الصحف والمجلات حتى وافته المنية في 1997م. وقد تراوح استخدامه لمصطلح "السودانوية" ما بين تيار الآفروعروبية (الغابة والصحراء) وبين التيار السودانوعروبي (مشروع عبد الله علي إبراهيم) كما سيتضح لنا.

    ما يجدر ذكره أن مصطلح "السودانوية" سابق لكتابات أحمد الطيب زين العابدين. فمتزامنا معه ورد المصطلح كعنوان لبحث قدمه الراحل محمد عمر بشير في سمنار عقد عن الهوية الثقافية بجامعة الخرطوم[107]. وقد استخدم أيضا في معنى الإشارة للإتجاه الآفروعروبي. إلا أن بدايات نحت المصطلح تعود إلى أخريات السبعينات وأوائل الثمانينات، وذلك عندما برز نور الدين ساتي محللا ومصنفا للمكونات الثقافية للأمة السودانية. وقد عرف نور الدين ساتي المصطلح بقوله:

    "…السودانوية يمكن أن تعرف بأنها ذلك الوجود وذلك الإحساس الذي يجعل كل فرد يعيش داخل الحدود الإدارية للدولة السودانية، يحس بأنه ينتمي إلى أمة في طريقها إلى التكوين، دون تمييز بين أفرادها مهما كان انتماؤهم العرقي واللغوي أو الديني."[108].

    ثم يمضي مفصلا قوله ذلك بأن "… السودانوية فاحمة السواد وصفراء اللون في الوقت ذاته دينكاوية، وهدندوية ودنقلاوية وفوراوية، تتحدث لغة الزاندي والتبداوي والعربية والنوبية، تدين بالإسلام والمسيحية والوثنية في الوقت ذاته"[109].

    أما إذا جئنا إلى أحمد الطيب زين العابدين فإننا لا نجد هذا الفهم عنده. فاستخدامه للمصطلح غير مشفوع بتعريف ناصع كذلك الذي يقدمه نور الدين ساتي، والذي يستند حقيقة على منظور الوحدة في التنوع، بخلاف منظور بوتقة الانصهار ونموذج إنسان سنار الذي قالت به مدرسة الغابة والصحراء . بينما ـ في المقابل ـ نجد أحمد الطيب زين العابدين يتبنى منظور البوتقة، وذلك باستخدامه لمصطلحات من قبيل "المزيج" و "الهجين". ففي تتبعه لتأثير محمد المهدي المجذوب على الأجيال التي تبعته في نزعاته الأفريقانية يقول:

    "ثم تبع هؤلاء المبدعين من نفروا نفورا عن تقليد الأدب العربي القديم ممن أكدوا "السودانوية" أو هذا المزيج الحضاري العجيب الذي أفرز أو ينبغي أن يفرز ثقافة هجينا. فهي أفريقية أصلا ولكنها عربية الملامح، فهي نتيجة حتمية لجماع الغابة والصحراء"[110].

    ولهذا لا يعدو أن يكون الأمر عنده تأكيدا للوعي "… بالبعد الأفريقي في الثقافة السودانية (الغابة) كمقابل مكمل لما هو عربي فيها (الصحراء)"
      . إن هذا القول وحده يكشف لنا عن الأرضية الآفروعروبية التي ينطلق منها أحمد الطيب زين العابدين. بيد أن الأمر لا يقف عند هذا، بل يتعداه إلى ما يمكن أن نقرأه على أنه تحول نحو السودانوعروبية.

      في الحركة التشكيلية السودانية تعرف التيارات التي قادها الرعيل الأول من الفنانين بمسمى "مدرسة الخرطوم". وقد كان لهذه المدرسة رموزها، ومنهم ".. إبراهيم الصلحي.. الذي قاد .. هو وزملاء له حركة في التجديد خرجت بالحركة التشكيلية السودانية من الإطار الأكاديمي المدرسي الضيق إلى رحابة الفكر الإجتماعي العام"[112]. باستخدام نفس كلمات أحمد الطيب زين العابدين، فإن "المدارس الفنية لا تنشأ اعتباطا، ولا تقوم إلا لتلبية حاجات إجتماعية وضرورات ثقافية. فهي إما أن تكون بشارة بنهج جديد أو تأكيدا لبعض طرائق الإنجاز العتيقة، أو تبعث قديما ما يزال مؤثرا، فهي قرينة التحولات الإجتماعية ورهينة فعاليات ثقافية أساسية"[113]. ثم كان في أخريات عقد الثمانينات وأوائل عقد التسعينات أن قاد الفنان التشكيلي أحمد عبد العال وآخرون تيارا فكريا جديدا في مجال الفن التشكيلي، يتجاوزون به مدرسة الخرطوم، وقد تبعهم في ذلك كثيرون. وقد جاء في بيانهم التأسيسي ما يلي: "مدرسة الواحد، مدرسة تشكيلية أفريقية تقوم على أرضية من التراث الحضاري لأهل السودان الذي امتزجت فيه الثقافة العربية الإسلامية في عبقرية متميزة بالموروث الأفريقي المحلي"[114]. ويعرف عن أحمد عبد العال إنكاره لوجود أي جذور قديمة للفن التشكيلي السوداني، إيمانا منه بأن:

      "…الجذور الفنية القديمة مرتكزة في الكلمة الشاعرة والكلمة الأدبية والحرف العربي، وموسيقى الكلمات، ولحن الإيقاع اللفظي. [ويستدل] على ذلك بأغاني الحقيبة التي أوحت إلى الفنانين التشكيليين الشعبيين القدامى أمثال على عثمان وجحا أحمد سالم الرسومات الحسية التي تمثل المرأة السودانية كما وصفتها أغنية الحقيبة"[115].

      أي أن الإبداع التشكيلي السوداني عمقه بعمق الثقافة العربية في السودان؟! إن هذا القول لا يحتاج إلى مزيد تعليق لفضح النظرة المستغلقة المستعلية هذه.

      لم تكن هذه الخلفية الأيديولوجية لمدرسة الواحد خافية على أحمد الطيب زين العابدين. ففي تعليق على تجاوزها للحركات التي سبقتها يقول عنها إنها:

      "… ترى في مدرسة الخرطوم ملمحا حضاريا تاريخيا. ولكن ارتباطهم [أي مدرسة الواحد] بالتراث العربي الإسلامي يعطي أعمالهم بعدا روحيا. فالتراث العربي الإسلامي تراث مؤسس على رسالة كونية ومن هنا كان اختلافه في نظرهم. فهناك مقاصد جمالية مستوحاة من معاني التوحيد في الإسلام. وبذلك تنتفي عفوية مدرسة الخرطوم"[116].

      وتتجلى ضبابية المفهوم عندما يصنف أحمد الطيب زين العابدين مدرسة الواحد على أنها "ورغم كل هذا… لم تخرج من إطار السودانوية… [فكل] هذه الأعمال وكثير مما لم نذكر هي إضافة صميمة إلى حركة تشكيلية محلية عالية الأصالة والتفرد ذات إحساس أكيد بهذه الخصوصية الثقافية والتي أسميناها (السودانوية)"[117] وبهذا الفهم ـ فيما نرى ـ قام أحمد الطيب زين العابدين بضم اسمه إلى قائمة الموقعين على البيان التأسيسي لمدرسة الواحد. وهو فهم يقوم في أحسن صوره على الآفروعروبية ومنظور بوتقة الإنصهار ونموذج إنسان سنار؛ وفي أسوئها على العروبية الفجة التي تتكئ على عصا الإسلام، وهو ما عليه حال مؤسسي مدرسة الواحد الحقيقيين.

      لكن المشكلة لا تقف عند هذا الحد. فأحمد الطيب زين العابدين يتراوح في منظوره الفكري من مكان لآخر. إن هذا يمكن أن يعزى إلى استخدامه لمصطلح "السودانوية" دون تعريف مانع جامع خاص به. فما يعنيه بالمصطلح علينا أن نتلمسه بين السطور والكلمات، وحتى عندما يذكر صراحة أن ذلك .. وذلك .. هو ما يعنيه بالسودانوية، يجيء قوله مشتملا على ألفاظ ذات دلالات متناقضة مفهوميا. فمثلا يستخدم العديد من الألفاظ التي يستند عليها قوام خطاب الآفروعروبيين، من قبيل "الإمتزاج"، "الغابة والصحراء"، وهو ما يتفق ومنظور بوتقة الإنصهار كما بينا. ثم نراه يصف الثقافة السودانية على أنها "ثقافة الاختلاف في الوحدة"[118]، وهو أمر لا يفهم إلا عبر منظور الوحدة في التنوع. ثم إن كلا المنظورين يتعارضان! إن هذا التأرجح والتراوح يفضيان بأحمد الطيب زين العابدين إلى شيء أقرب إلى التناقض من حيث استخدامه لمصطلح السودانوية. ويتجلى هذا أكثر في قوله:"…إن الحقيقي في وجودنا الثقافي المعقد هو سودانيتنا والتي هي زنوجتنا المصيرية ولعلها عروبتنا المزنجة. إن في وعينا منطقة رجراجة ملتهبة هي سودانوية لم نسبر غورها بعد"[119]. إذا كان الحقيقي في وجودنا الثقافي هو "زنوجتنا المصيرية"، فإن هذا يُدخل في دائرته كل السودانيين، بما في ذلك الناطقين بالعربية من المستعربين السودانيين. وهنا نجد أنفسنا نقترب من مفهوم نور الدين ساتي للسودانوية. ولكن في المقابل، إذا ما تأرجحنا بجملة "لعلها عروبتنا المزنجة" فإن الدائرة تضيق عن أن تسع صرحاء الأفرقة، ثم لن يرضى عنها صرحاء العروبة!

      إن اللبس ـ فيما نرى ـ يكمن في أن أحمد الطيب زين العابدين يصدر في رؤاه الفكرية عن منظور "بوتقة الانصهار"، ولكنه في تعبيره عن ذلك يستخدم مصطلحات ونصوص الخطاب الخاص بمنظور "الوحدة في التنوع". وما مصطلح "السودانوية" إلا من قبيل ذلك. فمثلا عندما أصبحت مصطلحات (المركز والهامش.. الأطراف والوسط.. إلخ) ذات دلالات محورية في الفكر الثقافي/السياسي السوداني، خاصة بعد ثمانينات القرن العشرين، قام أحمد الطيب زين العابدين باستخدام هذه المصطلحات في التعبير عن منظور "بوتقة الإنصهار". وفي ذلك يمكن أن نستشهد بقوله:

      "إن الثقافة السودانية المعاصرة في ذاتها ثقافة مُشكَّلة. فهي تبدو أكثر تجانسا في الوسط وهي محاطة بحزام عريض حميم كثير الإلتصاق بذلك الوسط… ورغم تنوع ذلك الحزام وتلونه لغويا وسلوكيا، وغير ذلك من مظاهر الإختلاف في الثقافات المحلية للجماعات السودانية، شرقيها وغربيها، شماليها وجنوبيها، فهذه الجماعات، رغم تعددها، أكثر تجانسا وارتباطا، تاريخيا وثقافيا مع الوسط تجاه الثقافات الأخرى في المنطقة…"[120].

      أي أن الوسط هو مناط التجانس بحمل ثقافات حزام الأطراف. ولعمري إنها السودانوعروبية، فمن أبى ذلك فدونه الآفروعروبية، وإلا فلا محيص من العروبية الصراح.

                  

07-08-2003, 02:13 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    أما إذا جئنا إلى منصور خالد، فإن المسالة تبدو أوضح من حيث تبيانها، وذلك أساسا لشجاعة الرجل ووضوحه، وعدم تهيبه من خوض المعارك. وقد امتاز منصور خالد ـ مقارنة مع ما عليه الوضع في السودان ـ بالدقة والحس التاريخي والجسارة، هذا فضلا عن المقدرة على الصبر واحتمال مشقة الكتابة وتسويد الصحائف. وقد نَفِسَ عليه الكثيرون ذلك، خاصة عندما توالى إنتاجه في كتب مجلدية الحجم.

    إلا أن أكثر ما أثار الجدل حول منصور خالد هو مواقفه السياسية، بدءاً من انخراطه الفعال في نظام مايو، ثم معارضته له، وانتهاءا بانضمامه للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق. وفي واقع الأمر هذا هو نفسه ما يدفعنا للتحدث عنه. فباعتبار ما آل إليه حال منصور خالد، يتوقع المرء أن تنهض مواقفه على رؤية فكرية، إن لم تكن أفريقانية بحتة، فليس أقل من أن تكون "سودانوية"، بمفهوم ناحت المصطلح نور الدين ساتي. إلا أن منصور خالد ينتمي إلى الآفروعروبية، مثله في ذلك كمثل جيل التكنوقراط الذين صاغوا مايو، وصاغوا معها منظور "بوتقة الانصهار".

    في الستينات، وبعد ثورة أكتوبر، كتب منصور خالد العديد من المقالات القوية في الصحف اليومية، فكان أن لفتت إليه أنظار الطبقة المثقفة. وقد جمع في السبعينات المقالات ونشرها في كتاب[121]. في واحدة من المقالات، وفي معرض مساءلته للجيل الذي حقق الإستقلال عما فعل بشأن التعليم، يقول: "… وفي مطلع الحديث عن التخطيط التربوي نتساءل عن ما فعله السودان المستقل لتأكيد شخصيته العربية… ولكيما تكون هنالك شخصية عربية، وكيان ثقافي عربي، وحضارة عربية.. لابد أن يكون هنالك لسان عربي…"[122]. إن دعوة منصور خالد العروبية لا تقف عند هذا الحد، بل تتعداه لتأخذ بعدا قوميا عربيا أساسه ما يسميه بالاستقلال الثقافي، والذي "… لم يكتمل ولن يكتمل.." ما لم يتم "…استرداد الشخصية العربية في مدارس السودان..". ولنا أن نلاحظ غياب الوعي بالواقع الأفريقي للأطراف السودانية، ولا عجب! فقد كانت العروبية ولا تزال مسيطرة آنذاك، بينما كانت الآفروعروبية لا تزال تقبع داخل الأروقة الأكاديمية. في ذلك الوقت كانت العروبة بالنسبة لمنصور خالد هي شخصية وأمجاد السودان القومية:

    "…إن الشخصية القومية لن تكتمل ما لم ينطلق التخطيط الثقافي من تلك النقطة (أي التعريب في التعليم) لتحوير برامجه التعليمية ليدل الناشئة على جذورهم الحضارية وتغرس في نفوسهم تقدير أمجادهم القومية"
      .

      وفي مقالة أخرى خص بها الجامعة (أي جامعة الخرطوم) ودورها في التربية السودانية، يشدد في حديث موجه إلى المسؤولين على دور الجامعة في إبراز الفكر السوداني "المطموس":

      "…إن هؤلاء جميعا سيدركون أن للجامعة وظيفة في إعادة بناء الشخصية السودانية، في تقصي جذور الفكر السوداني المطموس، في الإسهام النشط في بناء الأمة وتنمية المجتمع، في تعميق المحتوى الفكري للاستقلال الوطني عند المثقفين، في تأكيد كيان السودان العربي، في خلق منارة للفكر الأفريقي في أول بلد يستقل في أفريقيا جنوب الصحراء لتكون هديا ونبراسا للقارة الناهضة … ولكن ما الذي حدث؟ .. وأين نحن من كل هذه المنى والأحلام؟"[124].

      وهنا نشير إلى التراوح والتأرجح الذي نبهنا له في مواقف أحمد الطيب زين العابدين. ففي لحظة هو قومي عربي، وفي أخرى نجده يتعامل مع السودان كقومية في حد ذاته. إنه يسعى لتأكيد كيان السودان العربي، وخلق منارة للفكر الأفريقي. بيد أن هذا البعد الأفريقي في الرؤية المطلبية عند منصور خالد تتضح طبيعتها العروبية من خلال رؤيته عن الجذور العربية للجامعة. فهو يقول: "…لكيما يحور الكيان الجامعي لمجابهة احتياجات المجتمع الجديد في السودان العربي.. لابد أن تتوفر لها في المبدأ الشخصية السودانية.. ولابد أن يتوفر لها الروح العربي"[125].

      وبهذا لا يحمل منصور خالد أي دور حضاري للسودان في رفعة نفسه، وما ينبغي أن يلعبه في خلق وتطوير الفكر الأفريقي، غير الإستعراب. وبالطبع تأتي الأسلمة في ركاب هذا، "والعربية مفتاح الإسلام"[126] كما يقول عبد الله الطيب، والدين أيديولوجيا، كما يقول إدريس سالم الحسن[127]. إن هذه الرؤية التي يقدمها منصور خالد لا نجد لها تصنيفا إلا داخل المدرسة العروبية التي رادها الضرير وآخرون، وما تبع ذلك من بروز المدرسة الآفروعروبية التي عملت على الإعتراف بالمكون الأفريقي في هوية السودان استيعابا وإستعرابا لأفريقيته نفسها.



      هذا ما كان من أمر منصور خالد في مستهل الستينات، فماذا عنه في مستهل التسعينات؟ لقد عُرف عن منصور خالد إهتمامه بالدور المنوط بالصفوة، كما عُرف تعويله عليها، مثله في ذلك كمثل عبد الغفار محمد أحمد. وقد أصدر في أوائل التسعينات كتابه الشهير عن النخبة السودانية دامغا إياها بالفشل وإدمانه، وقد ساطهم فيه بسياط الفكر والسياسة. وقد انقسمت النخبة في رد فعلها إزاء الكتاب. فقد استقبله أولئك الموالون للحكم القائم في السودان بحنق مغيظ لما طالهم، وشماتة بادية على المعارضة السياسية باعتبار أنها هي المعنية بالفشل، ثم بإعجاب خفي بقدرات الرجل الفكرية. أما الشق الآخر من الطبقة المثقفة، فقد كان أمرها عجبا؛ فقد استقبلت الكتاب بسياطه الفكرية بتلذذ ماسوشي تصاحبه إنفصامية. إذ ليس أسهل من تجريد ما تنطوي عليه كلمة "صفوة" أو "نخبة" لتصبح آخر مجردا، ومن ثم إسقاط الفشل على هذا الآخر.

      في معرض حديثه عن فشل النخبة السودانية في استكناه حقائق الواقع، استنهاضا لسودان ما بعد ثورة أبريل، ينعي منصور خالد الطبقة المثقفة قائلا:

      "…بيد أن أغلب الذي كنا نشهد ونسمع كان في أحسن حالاته أحكاما إنطباعية، وفي أغلبها تهربا من الماضي بالتستر وراء ثوب سخيف الغزل، واهي الخيط… ولو صدق القوم مع أنفسهم لأدركوا بأن الذي كانوا يصنعون لم يكن مصادرة للتاريخ بل نعي [نعيا] لجيل كامل، جيلهم وجيلنا. كيف، إذن، يتأتى للمجتمع أن يتوقع من مثقفيه الغوص في كنه الأحداث لاستكشاف جوهرها ودلالاتها الخفية إن كان هؤلاء المثقفون يتكذبون في تحليل التاريخ المعاصر .."[128].

      إنه في رأينا أن كل ما قاله منصور خالد عن إدمان النخبة السودانية للفشل، ليستقيم واقفا على قدميه إذا ما نظرنا إليه على أنه فشل ثقافي تجلى ـ أكثر ما تجلى ـ في عقم النخبة وليس فشلها فحسب. إنه فشل الأحادية الثقافية (الإسلاموعربية) في إدارة أزمات بلد متعدد الثقافات، ثم إدارة التعدد الثقافي نفسه. إنها الأحادية التي ظلت تعمل وفق ميكانيزمات القهر وإعادة الإنتاج والاستتباع للثقافات الأخرى، وذلك منذ قيام دولة سنار عندما نشأت المراكز الحضرية كمراكز أحادية ثقافية تجتذب ثقافات الهامش والأطراف نحوها بغية إعادة إنتاجها وصهرها في بوتقة الإسلاموعربية. إن هذا ـ كما نرى ـ هو ما أورثنا الدكتاتوريات والديمقراطيات في كيمياء الصراع الثقافي في السودان. وهذا هو نفسه ما أورثنا حالة الفشل العقمي للنخبة ـ البنت الشرعية للمثاقفة الإسلاموعربية ـ ذلك الفشل الذي أجلاه منصور خالد.

      لقد ذُهل منصور خالد عن البعد والعمق الثقافيين لإشكالية الفشل، فكان أن عالجها في تجلياتها. لقد أراد أن يجتث الشجرة، بدءاً من أوراقها وانتهاءاً بجذعها. إن المفارقة هنا منهجية، إذ كيف يتأتى للآفروعروبي الذي يؤمن بمنظور "بوتقة الانصهار" أن يدين المشروع نفسه ويدين جدواه دون أن ينفض يده عنه. وتتجلى المفارقة أكثر عندما تأتي الحلول التي يقترحها منصور خالد للخروج من هذا النفق المظلم. إنه يقول إن "…العلاج… يكمن في الداخل … الاعتماد على الذات هو بداية كل شيء وما هو بشعار"[129]. ثم يستطرد مبينا حيثيات هذا الإعتماد على الذات على أنه أولا يبدأ " … بدراسة مناهج حياتنا نحن النخبة ودراسة أثر تلك الحياة على، ودورها في، الانهيار الإقتصادي"[130]. وهنا يتيه بنا الدرب عن موارد ومشارع الثقافة وإشكالية المجتمع ككل، مفضيا إلى أزقة الصفوة. فالإشكالية، إذن، ليست ثقافية، بل هي إقتصادية بحتة، تختص بالتخطيط العلمي (الأكاديمي) للإقتصاد، والذي هو مناط الإحتجاج على النخبة في فشلها. أما مقترحه الثاني للحلول فيتلخص في أن "… نتناول بالدراسة التغيرات التي وقعت على خريطة التركيب الطبقي منذ السبعينات، فالثراء غير المشروع لم يقف عند حفنة من السياسيين بل تعداهم إلى غيرهم…"[131]. وهنا نلاحظ أن العمق الزماني لهذا البند لا يعود لأكثر من الثلاثة عقود الأخيرة من القرن العشرين. ويتأكد هذا أكثر عندما يجعل من موضوع المغتربين (أي العاملين بالدول العربية البترولية) البند الثالث لمقترحاته العلاجية؛ وهذا أيضا يبدأ بعقد السبعينات من القرن العشرين. وفي هذا الصدد يكتفي منصور خالد بالدعوة إلى أن "… نتناول ظاهرة الاغتراب وآثارها الإجتماعية الإقتصادية…"[132]. وأخيرا يجيء دور المقترحات المتعلقة بمعالجة إشكالية المواجهة بين المركز والهامش، أو كما يسميها هو "معادلة المركز والتخوم" و "أهل الحضر وأهل الريف". وهنا نجده مهتما "… بإفرازات الظاهرة الريفية في المدينة …"[133]. .. فقط!! لماذا؟ تتمثل إجابته في أن:

      "… تلك الإفرازات تشغلنا أكثر من أسبابها ودواعيها لما للإفرازات من أثر مباشر على حياتنا الحضرية، يؤذينا السكن العشوائي في أطراف المدينة، ويؤذينا ازدحام الأسواق والطرقات بالوافدين من الغرب والجنوب، وتؤذينا ضغوط هؤلاء على الخدمات ولا نجد لذلك حلا إلا في "الكشة" التي تعود بهؤلاء الناس من حيث أتوا."[134]

      وهكذا تتضح الصورة ، فمنصور خالد يصدر في هذا القول من عقلية المركز الإسلاموعربي ونظرته الاختزالية للسودان على أنه هو المركز. إنها نفس اختزالية المدرسة العروبية التي لم تكن ثقافات الهامش تشكل وجودا في وعيها بالسودان. إن دواعي وأسباب ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدينة هي الأحادية الثقافية التي جعلت من المراكز الحضرية معملا لها تعيد فيه إنتاج أبناء الأطراف والهامش المغايرين ثقافة ولغة. وقد أنجبت هذه الأحادية بنتا اسمها المركزية السياسية، وأخرى اسمها المركزية الإقتصادية … وهلم جرا.

      ولكن، إذا جاز لنا أن ننشغل بالإفرازات فقط، كما فعل منصور خالد، فإن ما ينبغي أن ننشغل به أولا ليس هو معاناة الجاني (المركز) بل معاناة المجني عليه (الأطراف) كضحية تاريخية لاختلال المعادلة. إن ما يهم هو إقتلاع الجذور، واختلال السياق الثقافي ـ الإجتماعي الذي يعمل على تغريب ونفي أبناء الهامش والأطراف عن هوياتهم، ريثما يعاد إنتاجهم في ثقافة المركز. إذ هل يمكن لهذه العملية أن تطرح لنا أجيالا قادرة على مقاربة مشاكلها بنجاح؟ إن كل ما يمكن أن تطرحه عبر الأيام، وعلى أحسن الفروض، هو إضافة كمية لنخبة المركز، وهي نخبة تعاني من الإغتراب والإستلاب، لأنها ليست شيئا خلاف الهامش معاد إنتاجه داخل المركز. ولهذا هي فاشلة، وأكثر من ذلك عقيمة.

      إن الصراع بين المركز والهامش واقع معاش، وليس قضية مجردة يتحاور حولها المثقفون. ولذلك نجده يفرض نفسه عبر تجلياته الحياتية اليومية. من ذلك الإسقاطات الأيديولوجية التي يقوم بها المركز في اتهامه لكل حركات الهامش إما بالعنصرية أو بالتآمر مع القوى الأجنبية (الصليبية والصهيونية) استهدافا للهوية العربية للسودان. في هذا الشأن تتبدى جسارة منصور خالد عندما يعلن قائلا:

      "العنصرية هذه … هي صفة يلصقها أهل الشمال بكل صاحب حق ينهض للمطالبة بحقه من عناصر السودان غير العربية، وكلها حقوق إما سياسية أو إقتصادية لا شأن لها بالأصل العرقي أو المنبت"[135].

      إنها شجاعة، وإن كانت تعوز الكثيرين، إلا أننا ـ منهجيا ـ نأخذ عليها تبنيها للتمفصل الأيديولوجي الخطي. فعناصر السودان غير العربية، ليست في الجنوب فقط بل هي في الشمال أيضا، كما هي في الغرب والشرق؛ وهي في المركز نفسه ممثلة في أولئك الذين أعيد إنتاجهم عبر السنين. إن ما يقوله منصور خالد كالموج العاتي يتبدد ويتكسر على صخرة اللامنهجية. فالفكر الذي تطرحه الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ والتي ينتمي لها منصور خالد ـ لا تقدم طرحا يقوم على التمفصل الأيديولوجي الخطي، فالمشكلة عندها ليست قضية الشمال والجنوب، بل قضية المركز والهامش، ولذلك تختزل المركز أكثر في مسمى حكومة الخرطوم[136].

      يرد منصور خالد على إسقاطات أبناء المركز وتعليق مشاكلهم على "شماعة" المؤامرات العنصرية بقوله:

      "… لا أصدق الذين يولولون بالحديث عن هوية السودان العربية الثقافية التي يتهددها بالقضاء العنصريون من غير العرب، لأن هؤلاء "المولولين" يعرفون جيدا بأن جميع "العنصريين" في السودان قوم تبنوا العربية أو هم بصدد تبنيها، بحسبانها رابطة التواصل الفكري الوحيد بين كل أقوام السودان"[137].

      هل يقصد منصور خالد بجملة "تبنوا العربية" اللغة العربية؟؟ لا يجوز أن نذهب إلى ذلك لأن الحديث هو عن "هوية السودان العربية الثقافية". إذن، فعدم الخوف هو أن مشروع الإستعراب، وبعده الأسلمة، قد قطع شوطا بعيدا ودخل مرحلة اللاعودة واللاتوقف. ولنا أن نسأل منصور خالد عن موقف جون قرنق من هذه العملية: هل هو ممن تبنى أم ممن بصدد؟؟ إن قوله هذا يتناقض مع قولته الجسورة عن إلصاق تهمة العنصرية بكل طالب حق آت من الهامش.

                  

07-08-2003, 02:15 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    وبعد؛

    لقد بدأ منصور خالد عروبياً ، ثم آفروعروبياً ، ولا سبيل له غير أن ينتهى سودانوعروبيا إذا ما سار على هذا المنوال. وفي الحق، إنها جميعا تمثل إنتماءاً جرثومته واحدة، وما الفرق بينها إلا في المقدار ما بين الإشتطاط والإحتكام بالواقع لا في النوع. ولا يزال منصور خالد أمينا لمصادره الفكرية/الأيديولوجية. ففي مقابلة صحفية أجريت معه، سأله الصحفي بذكاء ومتابعة عن نظرية بوتقة الإنصهار، ما لها وما عليها.. هل نجحت أم أخفقت؟ ورد منصور خالد بجسارته التي تثير الإعجاب وقال: "نظرية البوتقة في واقع الأمر نجحت ولم يوقفها إلا الغلواء السياسية التي قادت لردود فعل. إذا نظرت الآن لتراثنا في الشمال ستجد أنه مزيج من الثقافة العربية وثقافات أخرى."[138] إنه هنا يعرف الثقافة العربية، بينما يترك أمر الثقافات السودانوأفريقية هكذا نكرة، ثم يصفها بكلمة "أخرى". ويمضي مواصلا حديثه، مؤكدا أن "… هذا الإنصهار قد حدث. وتبقت جيوب قليلة ما تزال محافظة تسعى للحفاظ على الصفاء … لديها. لكن هذه الجيوب تمثل أفرادا وليس جماعات"[139]. إنه بقوله هذا يقدم إقرارا بانتمائه إلى المدرسة العروبية في تجلياتها السودانوعروبية، إذ ترى أن السودان به ثقافة إسلامية ـ عربية سائدة مهيمنة، مع وجود "أقليات" تبدي بعض مقاومة ريثما يتم استيعابها. وهو هنا يشير إلى التكتيك الأيديولوجي الذي ينبغي إتخاذه إزاءهم، وهو أن نتركهم لحالهم طالما كانوا محكومين في مجمل العملية الإجتماعية، الثقافية، الإقتصادية، والسياسية بميكانيزم الإستعراب والأسلمة. وهنا نجده قريبا من عبد الله علي إبراهيم، بعيدا عن جون قرنق ومشروعه الذي بدأ سودانويا وانتهى بالتموضع القسري جنوبيا. إذن؛ فها هو منصور خالد تتهتك عنه مسوحه السودانوية، لتتبدى أسماله العروبية… الآفروعروبية السودانوعروبية. فهو يقول إنه في إطار نظرية البوتقة والإنصهار:

    "…يمكن أن يحترم الناس الخصائص الثقافية للأقوام الأخرى، في ذات الوقت أن تترك للثقافة العربية أن تنساب بالصورة التلقائية التي كانت تنساب بها في الماضي. والنموذج الأمثل لهذا هو دولة الفونج"[140].

    إذن فقد وضحت المسألة!



                  

07-08-2003, 02:16 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    وبعد؛ عود على بدء.

    إن هذا البحث ليس عن عبد الله علي إبراهيم، بقدر ما هو يستند في تحليله على مقالات كتبها. إنه محاولة لإماطة اللثام عن المواقف الأيديولوجية الحقيقية التي ينطلق منها أناس يبدو وكأنه قد تفرقت بهم سبل الفكر. ولا يظنن أحد أننا في ذلك نصدر عن روح تجريمية بغية الإدانة والدمغ. لا! فهذا إفلاس في حد ذاته. إننا نصدر عن روح هيغلية ـ وإن كانت غير مثالية ـ تؤمن بجدلية الحوار الفكري والثقافي بين الأفراد والجماعات. ولولا التأسي بكثير ممن تعرضنا لهم، لتهيبنا الكتابة عنهم إعجابا واحتراما. إن ما نسعى إليه هو أن نمارس نقد بعضنا البعض حتى نتمكن جميعا من معرفة مواقع أقدامنا. إنه لتحدونا الثقة والإطمئنان أنه إذا تم لنا هذا، نكون قد استشرفنا طريق الخلاص تشوّفا لبصيص نور في نهاية النفق.
                  

07-08-2003, 02:17 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    خاتمة: نحو خريطة أيديولوجية جديدة:

    تقوم الإستقطابات الأيديولوجية في السودان على الأسلمة والإستعراب من جانب، ثم الأفرقة من الطرف الآخر، تتوسطها دعاوى التوازن القومي والثقافي. تعتمد أيديولوجيا الأسلمة والإستعراب على الإستيعاب، والذي يقوم بدوره على ميكانيزمات إعادة إنتاج الهامش والأطراف في المركز. وقد استصحبت هذه العملية معها كل جراحات ومرارات القهر والاضطهاد التي بلغت قمتها في مؤسسة الرق. واليوم لا يجوز التعجب والإستغراب من أن هذه المؤسسة لا تزال ناشطة فعليا، ذلك لأن الرق والتمييز العرقي لم يفارقا وجدان الثقافة الإسلاموعربية في المركز حتى الآن[141]. فليس أسهل من أن يدمغ السوداني (كذا) بأنه عبد لمجرد سواد لونه، وهل يكون السودانيُّ غير أسود؟

    من الجانب الآخر تعتمد أيديولوجيا الأفرقة على الجهوية والنزوع نحو الإنفصالية. وهي في ذلك تصدر من إحساس متنامٍ بأنه لا حظَّ ولا حق لها في هذه البلاد. وبما أن تيارات الجهوية الإنفصالية قد ظهرت بوادرها في الجنوب، وجبال النوبة، وغربا بدارفور، ثم شرقا بين البجا، (الآن بدأت الدائرة تكتمل باشتداد وتائر الحراك الإثني بين النوبيين في الشمال) لذلك لا نحتاج إلى ذكر أن هذه الأقوام ذات حق أصيل في البلاد، بل هو في الواقع حق سابق لمجيء العرب المسلمين. لهذا يمكن أن ننظر إلى النزوع نحو الإنفصال على أنه شكل من أشكال اليأس من جدوى النضال نحو وضع قومي متوازن. وقد أخذ هذا التيار في الإضمحلال ببروز الحركة الشعبية لتحرير السودان وترفيعها لوعي قطاعات الهامش والأطراف بحقها الأصيل في كل أراضي السودان: من نمولي إلى حلفا، ومن الجنينة إلى الكرمك. وإنما لهذا أعلنت أنها تسعى لتحرير السودان كله، رافضة بذلك الإنحصار في جنوب السودان. إلا أن التموضع الجنوبي للحركة الشعبية لتحرير السودان قد أدى إلى ما يمكن أن نسميه انتكاسة في هذا الوعي القومي. لقد لعبت العديد من العوامل ـ منها ما هو سياسة حكومية للنظام الحاكم حاليا ـ نحو حصر مطالب الحركة في الجنوب[142]. فقد وجد جون قرنق نفسه أمام خيارين أحلاهما مر: إما أن يرفض مسألة تقرير المصير لجنوب السودان وفق دعاواه القومية الأولى ـ وفي هذه الحالة قد ينفضّ عنه أبناء الجنوب الذين يمثلون قوام جنوده المقاتلين، باعتبار أنه يحارب من أجل قضية لا تهمهم ـ أو أن يقبل بذلك ـ كما فعل على مضض ـ ويكون بهذا قد انحصرت قضيته في جنوب السودان.

    أما الطرف الثالث الذي يمثل وسط الاستقطاب الأيديولوجي فهو الدعوة إلى قيام دولة مؤسسات وفق ديمقراطية تعددية تستند أساسا على واقع التعدد الثقافي، على أن يبدأ هذا المشروع بالخطوات التنفيذية لإيقاف سياسة الأحادية الثقافية التي تمارسها مؤسسة الدولة في السودان منذ الإستقلال مرورا بجميع الأنظمة والحكومات. إن هذا التيار الأيديولوجي يستند في تأسيساته على أن مؤسسة الدولة مسئولة عن تحريك ماكينة القهر والإضطهاد الثقافي جراء عدم اعترافها بمسئولياتها تجاه الثقافات غير العربية في السودان. إن هذا الأمر يقتضي مراجعة التعليم لغة ومضمونا، كذلك النشاط الثقافي والفكري، فضلا عن الإعلام، وما يتبع كل ذلك من سياسات إقتصادية وقومية …إلخ.

    لكن! أين تكمن المشكلة؟!

    المشكلة تكمن في أن المثقفين السودانيين لا زالوا واقعين في أسر مفاهيم "اليمين" و"اليسار" و"الوسط" بمحمولاتها البالية. فمثلا لا زال القوميون العرب يُصنَّفون بوصفهم يسارا، بينما لا يجد الكاتب حرجا من تصنيفهم أيديولوجياً ضمن تيار الأسلمة والإستعراب، مع باقي مفردات هذه المجموعة من حركات إسلامية أصولية.. إلى أحزاب طائفية. وفي الحق، حتى الحزب الشيوعي السوداني لم ينج من التموضع عروبيا في ثقافة المركز[143]، لهذا لا نجد له موضعا خارج إطار أيديولوجيا الأسلمة والإستعراب. إذن، فهذه هي المشكلة! فما المخرج؟!

    المخرج في ما نذهب إليه هو إعادة النظر في خريطة التمفصل الأيديولوجي في السودان. نبدأ بالتيارات التي فصلنا في أمرها، فنلخصها على النحو التالي:

    1/ التيار اليميني: وهو الذي يستند على أيديولوجيا الأسلمة والإستعراب والنظام السائد، ومن ثم كل العوامل التي أدت إلى ظهور الدولة السودانية الحديثة بدءاً بالفونج، فالتركية، ثم المهدية، إلى الحكم الإنكليزي، انتهاءاً بالدولة الوطنية وأنظمة ما بعد الإستقلال التي تسارعت وتائر فشلها في متوالية عددية أوصلتنا إلى ما نحن فيه. ضمن هذا التيار يدخل العروبيون والإسلاميون بما في ذلك القوميون العرب والماركسيون.

    2/ التيار اليساري: وهو الذي يقوم على الجهوية دونما إطار قومي، مثلما كان يشهد بذلك الحال في الماضي القريب (حركة إنفصال جنوب السودان بمختلف مسمياتها التنظيمية، نهضة دارفور، مؤتمر البجا، إتحاد جبال النوبة…إلخ). إن هذه الحركات الجهوية في حال اضطرادها المنطقي تنتهي بالدعوة إلى الإنفصال ـ دون التعرض لاستعصاء فنياته. ولأنها تمثل بذلك رفضا مبدئيا للدولة السودانية القومية، جاز لنا أن يتم تصنيفها كيسار سوداني.

    3/ تيار الوسط: هذا التيار يقوم على أيديولوجيا القومية السودانية، والتي تستند بدورها على الحقوق الثقافية المتكافئة والمتوازنة بين الأقوام السودانية شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، ثم وسطا. كما تقوم على ضرورة إلغاء واقع الهيمنة والقهر الثقافي بكل تجلياته السياسية، الإقتصادية، والإجتماعية، والدولية (نسبة إلى مؤسسة الدولة). ولأن هذا التيار يتوازن أيديولوجياً ما بين القطبين السابقين، لهذا جاز لنا تصنيفه كوسط. إن هذا التيار ليس تصالحيا، لمجرد كونه متوازنا. وفي هذا نقصد بالتصالح كل التيارات الفكرية التي تسعى للإنعتاق من أسر الثقافة القاهرة عبر التصالح معها ـ مثل الآفروعروبية.

    بالطبع لا يمكن أن نشير حركيا وتنظيميا إلى هذا التيار، ذلك لعدم تبلوره الحركي والتنظيمي بعد. إذ إن أغلب تيارات الوسط إما متحركة من اليمين نحو الوسط، أو من اليسار نحو الوسط، الأمر الذي يجعل الوسط نفسه منقسما، ما بين قطبي اليمين واليسار. وهذا هو ما يعيدنا إلى موضوع دراستنا. إذ إننا نرى أن تيار "السودانوعروبية" يمكن أن يمثل لنا "يمين الوسط"، ذلك إذا ما قام بترفيع وعيه الأيديولوجي وعرف مواقع أقدامه بذكاء لا نظن أنه يعوزه.

    إن هذا التقسيم يفتح الباب نظريا لظهور "يسار الوسط" الذي يمكن أن نطلق عليه تيار "السودانوأفريقية". إن الرموز الفكرية لهذا التيار موجودة، وهي تملأ جنبات مسرح الفكر السوداني، إلا أنها مشوشة الرؤيا، فمرة قد تجدها في صفوف المدرسة الآفروعروبية، وأخرى في صفوف المدرسة الأفريقية، هذا فضلا عن الشواذ منهم الذين تواءموا بطريقة ما مع المدرسة العروبية ـ كالفيتوري. إلا أن التيار السودانوعروبي العبدلابي (نسبة إلى عبد الله علي إبراهيم) هو المآبة التي يتفيأون ظلها في حال تقاصر وعيهم الأيديولوجي. وإنما لهذا يجيء تركيزنا على السودانوعروبية في هذا البحث. ومن قبل باشرنا الكتابة في هذا الشأن بغية رصف الطريق مع آخرين[144].
                  

07-08-2003, 02:19 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    إن ضرورة إعادة النظر في الأوضاع الأيديولوجية تستدعيها خطورة الأوضاع التي تمر بها الدولة السودانية الحديثة. فقد اندلعت الحرب الأهلية في جنوب السودان قبيل الإستقلال من قبل حركات "يسارية" ـ بفهمنا هذا ـ ضد أنظمة "يمينية" (ديمقراطية وعسكرية على حدٍ سواء). بعد ذلك شنت الجبهة الوطنية (حزب الأمة، الحزب الاتحادي الديمقراطي، والأخوان المسلمين) حربها المسلحة من ليبيا ضد نظام مايو. بفهمنا هذا يكون "اليمين" قد حمل السلاح ضد "اليمين". ثم كانت الإضافة النوعية عندما ظهرت الحركة الشعبية لتحرير السودان بجيشها الشعبي، باعتبارها حركة قومية غير جهوية، فكان أن حمل "الوسط" السلاح ضد أحد أشكال نظام الدولة السودانية "اليمينية". والآن نحن نشهد المحاولات المستمرة لدفع هذه الحركة لتبني الخط الجهوي ـ أي باتجاه التيار "اليساري"… ولكن! إن هذه المحاولات لا تنهض من فراغ. إن التموضع الجنوبي لحركة جون قرن ينبع من أنها قد قَدِمَت أساسا من مواقع اليسار الجهوي الإنفصالي ممثلا في مواقف الأنانيا. إن هذا الصدور هو نفسه الذي يجعلنا نصنف الحركة باعتبارها يمكن أن تكون جزءاً من "يسار الوسط". وإنما لهذا أيضا انضمت إليها العديد من قطاعات جبال النوبة، الفور، ثم البجا. (المجموعات الجهوية سابقا).

    ثم جاء " يمين الوسط" أيضا يحمل السلاح ضد الدولة! إنهم "قوات التحالف السودانية" بقيادة العميد عبد العزيز خالد التي أعلنت عن نفسها في أواخر 1994م. في إحدى منشوراتها الأولى تذكر قوات التحالف السودانية الآتي:

    "إن قوات التحالف السودانية (SAF) هي حركة سياسية جديدة، تأسست أخريات عام 1994م من قبل مجموعة من الوطنيين السودانيين (مدنيين وعسكريين) بتمثيل عريض لألوان الطيف للمجتمع السوداني. تتكون عضوية الحركة من كل الأصول الإثنية والدينية"[145].

    إن هذا القول وحده كفيل بتصنيف هذه الحركة ضمن تيار "الوسط" العام إذا ما أخذت الألفاظ حرفيا. لكن هناك مشكلة. إن غالبية أعضاء الحركة هم فعلا من المنتمين لثقافة المركز الإسلاموعربي؛ بذا يبقى من الصعب أن تنال هذه الحركة دعم الدول الأفريقية السوداء مهما كان حديثها عن نفسها جيدا من زاوية النظر الأفريقية. وتتعقد المشكلة أكثر، لأن بمثل هذا القول يمكن للدعم العربي ـ الإسلامي نفسه أن يُحجب عنها. لهذا ما إن جاءت أخريات عام 1995م حتى تغيرت اللغة قليلا. فالحركة بحكم أنها أيديولوجياً صادرة عن الثقافة العربية الإسلامية، لا ينبغي لها أن تتطرف أفريقياً لهذا الحد الذي تتساوى فيه ثقافة المركز مع ثقافات الأطراف والهامش. لكل هذا تم تعديل الفقرة الواردة أعلاه لتقرأ:

    "قوات التحالف السودانية (SAF) هي حركة سياسية جديدة، تأسست في أخريات عام 1994م من قبل وطنيين سوادنيين(1) بتمثيل عريض لألوان الطيف في المجتمع السوداني"[146].

    وقد وردت هذه الإشارة الهامشية[(1)] هكذا في الأصل، وهذا شيء محير، إذ إن المنشور ليس بحثا أكاديميا حتى ترد فيه إشارات هامشية. إنه مجرد بيان سياسي! هذا إلا إذا كان الأمر من قبيل إخفاء شيء من باب التراجع مثلا. بالرجوع إلى الإشارة الهامشية في آخر المنشور نقرأ الآتي:

    "(1) الحركة تأسست بسيطرة للسودانيين الشماليين المسلمين، إلا أنها مفتوحة لكل السودانيين بصرف النظر عن خلفياتهم الإثنية. حاليا هناك سودانيون جنوبيون وأعضاء من المناطق المهمشة"[147].

    لا نظن أن هذا الإقتباس يحتاج إلى تعليق. فالمسألة واضحة. لكنا من قبيل حسن الظن نفسر تأرجح قوات التحالف السودانية ما بين "اليمين" و"الوسط" على أنه "غباش" في الرؤية، ونُبقي على تصنيفنا لهم باعتبارهم "يمين الوسط".

    * * * * *
                  

07-08-2003, 02:20 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    إنه في رأينا أن خروج السودان من مأزقه يكمن في أن تعرف كل مجموعة مواقع أقدامها أيديولوجياً . إن مما يبدد الجهد الكبير هباءاً، هو أن الكثير من المجموعات تتوهم أنها شيء واحد، بينما هم في الواقع الفرقاء خفاءاً. وكم من فرقاء هم في الواقع يجتمعون على الكثير من المشتركات التي لا يمكن أن يستقيم معها أن يكونوا فرقاء. وفي هذا الخضم أملنا كبير في "تيار الوسط" الصاعد بشقيه (حسب فهمنا له). إن هذا التيار هو الوحيد الذي يمكن أن يستشرف آفاق الدولة السودانية القومية، متجاوزا بذلك واقع الدولة السودانية المركزية. إن على قوى الوسط ـ بشقيه السودانوعروبي والسودانوأفريقي ـ أن تجوِّد أولاً من عملية ترفيع وعيها بالواقع، ومن ثم بنفسها، حتى تدرك بصورة موضوعية وعملية المشتركات والمفترقات، بغية تحقيق أكبر قدر من التنسيق والتفاهم.

    لقد آن الأوان كيما يستشرف الشعب السوداني آفاق دولة الحرية والعدل والسلام.



    محمد جلال أحمد هاشم

    Sudan Notes and Records

    مجلة الدراسات السودانية

    معهد الدراسات الأفريقية والأسيوية

    جامعة الخرطوم

    ص ب 321 ـ تلفون المكتب 775820 ـ تلفون المنزل 220202
                  

07-08-2003, 02:22 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الهوامش:





    --------------------------------------------------------------------------------

    * بدأت كتابة هذا المقال في 1992م، وقد فرغت منه عام 1993م في صورته الأساسية. وقد قرئت فكرة البحث في منتدى الفولكلور بمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، جامعة الخرطوم 1992م. وقد فرغت من صياغته في شكله الحالي 1998م، وذلك بعد إضافة ما من شأنه أن يجعله مواكبا للكتابات والأدبيات التي ظهرت خلال هذه المدة.

    أتوجه بالشكر لكل من بروفسير أحمد الطيب زين العابدين (رحمه الله)، بروفسير أحمد عبد الرحيم نصر، بروفسير سيد حامد حريز، د. عبد الله على إبراهيم، د. الفاتح عبد الله عبد السلام، د. مدني محمد أحمد، د حامد عثمان، د. بشرى الفاضل، د. بدر الدين عثمان البيتي، د. شرف الدين الأمين عبد السلام، الأستاذ عبد القادر محمد إبراهيم، د.إدريس سالم الحسن، د. إبراهيم محمد زين، د. عبد الرحمن أبكر، الأستاذ عبد المنعم الكتيابي،الأستاذ أحمد خليل، ود. أبكر آدم إسماعيل وذلك لتكرمهم بقراءة مسودة هذا البحث. لقد أبدوا ملاحظات قيمة، في ظني هي التي أعطت هذا البحث ثقله العلمي، بينما أتحمل عن رضى كل ما فيه من أوجه القصور والعيوب وهي كثيرة.

    ثم شكر خاص إلى زوجتي هالة المغربي التي تكفلت بنسخ المخطوطة الأصلية بخط يدها الأنيق، وذلك لاستعصاء خطي على القراءة، فضلا عن كونها الناقد الأول لكل ما أكتب.

    أخيرا وليس آخرا، أهدي هذا العمل المتواضع لأرواح الذين ألهمونا الكثير الكثير، محمد عبد الحي، على المك، وأحمد الطيب زين العابدين.

    [1] Ahmed A. Nasr; “A Search Of Identity: Three Trends In Sudanese Folkloristics”, In Ahmed A. Nasr (Ed.); Folklore And Development In The Sudan, University Of Khartoum, Khartoum, 1985, P.15.

    [2] ibid., pp.15-16.

    [3] ibid. , p. 18.

    [4] ibid.

    [5] راجع في ذلك كتابه: تاريخ الثقافة العربية في السودان، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع، 1967م، ص ص 108ـ109. وكذلك راجع كتابه: دراسات سودانية: مجموعة مقالات في الأدب والتاريخ، دار جامعة الخرطوم للنشر، الخرطوم، 1972م، ص ص 73ـ78.

    [6] إننا نستخدم هذا المصطلح بحذر، فهو من المفاهيم المركزية في خطاب المدرسة الآفروعروبية، ويشير في حد ذاته لانحصار المسألة في مستعربة السودان ـ كما سنرى لاحقا.

    [7] أنظر:

    Nasr; “A Search of Identity", op.cit.

    كذلك أنظر:

    أحمد المعتصم الشيخ؛ "عناصر أفريقية في الأحاجي السودانية: الأحاجي في منطقة الرباطاب"، بحث مقدم لنيل درجة الدبلوم العالي في الفولكلور، معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، جامعة الخرطوم، 1975م.

    كذلك أنظر للمؤلف نفسه:"عناصر أفريقية في الأحاجي السودانية بالتفات لمنطقة الرباطاب"، مجلة الدراسات السودانية، المجلد السابع، العدد الأول، أغسطس 1985م.

    [8] Nasr; "A Search of Identity", op.cit., p.28.

    [9] M.A. Hai; Conflict and Identity: The Cultural Poetics of ContemporarySudanese Poetry, University of Khartoum, Khartoum, 1976, pp. 7-11.

    [10] Ibid., p.9.

    [11] ibid., p. 23.

    [12] Ibid.

    [13] محمد فوزي مصطفى عبد الرحمن؛ الثقافة العربية وأثرها في تماسك الوحدة القومية في السودان المعاصر، الدار السودانية، الخرطوم، 1972، ص ص 226ـ228.

    [14] محمد المهدي المجذوب؛ ديوان المجاذيب، دار الجيل، بيروت، شركة المكتبة الأهلية، الخرطوم، 1982م، ص 20. التشديد من عندنا، إذ سنأتي لتحليل الدلالات الثقافية لهذا الشعر لاحقا.

    [15] أنظر نص القصيدة في: فتح الرحمن حسن التني؛ مختارات من الشعر السوداني المعاصر، دبي، 1990م، ص 327.

    [16] هي: أغاني أفريقيا (1956م)، أذكريني يا أفريقيا (1966م)، عاشق من أفريقيا (1964م)، وأحزان أفريقيا (1967م).

    [17] أنظر نص القصيدة في مجلة الدستور، الاثنين، (19ـ26)، 1988م، ص 43.

    [18] أيا كانت الجهة التي يعرض بها الفيتوري، واصفا إياها (بالأغوات)، وكيفما كانت الدلالات التشريفية لهذه اللفظة قابلة للتداعي، إلا أن الفرصة للتداعي تبقى أكبر حيال الدلالات السالبة لها، ونعني بذلك طائفة الخصيان الذين كانوا يقومون بخدمة الحرم المكي والمسجد النبوي بالمدينة. وفي هذا ما يضع الفيتوري ـ كأفريقي سوداني أسود ـ في موضع لا يحسد عليه. فعندما كانوا يستقدمون هؤلاء الخصيان إلى تلك الأماكن المقدسة، كان من ضمن ما يشترطون عليه أولا أن يكونوا من أفريقيا ومن أجناس بعينها. وبحلول 1814م كان معظم الأغوات من الأحباش والسودانيين. وأصل أكثر الأغوات حينها كان من منطقة ولّو (Wallo) بأثيوبيا ومديرية دارفور بالسودان. لمزيد من التفاصيل في ذلك أنظر: أحمد عبد الرحيم نصر؛ الأغوات: دراسة تاريخية مقارنة لأغوات المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي، جامعة الخرطوم، الخرطوم، 1986م، ص ص 11،12،16،17.

    [19] في ذلك راجع:

    Yusuf Fadl Hasan; The Arabs and the Sudan: From the Seventh to the Early Sixteenth Century, Khartoum University press, Khartoum, 1973, pp. 153-158.

    [20] في هذا أنظر:

    S.H. Hureiz; Ja’aliyyin Folktales: An Interplay of African, Arabian and Islamic elements, Indiana University, Bloomington, 1977.

    أما في مجال طقوس العبور ودورة الحياة، فيمكن مراجعة:

    S.H. Hureiz; “Birth, Marriage, Death and Initiation Customs and Beliefs in the Central Sudan", M.A thesis, University of Leeds, 1966.

    [21] راجع:

    M.A. Rahim; Imperialism and Nationalism in the Sudan, Oxford University press, 1969.

    كذلك راجع لنفس المؤلف مقاله:

    “Arabism, Africanism and Self-Identification in the Sudan”, in Y.F. Hasan (ed.); Sudan in Africa, Khartoum University press, 1970.

    [22] عبد الله علي إبراهيم؛ "الآفروعروبية أو تحالف الهاربين"، المستقبل العربي، 119،1،1989م، وهذا أحد المقالات الثلاثة التي يقوم بحثنا هذا على نقدها؛ كما إنه على غرار عنوان هذا البحث تمت صياغة ونحت عنوان بحثنا نفسه.

    [23] المرجع السابق، ص 107.

    [24] المرجع نفسه، ص 119.

    [25] هذا بالطبع ما لم نتحسب لذلك حتى لا تندثر هذه اللغات. في هذا المجال يتكئ بعض الأكاديميين السودانيين على وجهات نظر لسانية مجتزأة من سياقها النظري التجريدي، دونما توطين سوداني لها. من ذلك ما يورده عشاري أحمد محمود عن مفهوم دي سوسير عن السوق اللساني، في معرض حديثه عن كيفية مقاربة إشكالية إندثار اللغات المحلية، وذلك في مقاله: "جدلية الوحدة والتشتت في قضايا اللغة والوحدة الوطنية في السودان"، في العجب أحمد الطريفي (إعداد وتحرير)؛ دراسات في الوحدة الوطنية في السودان، دار جامعة الخرطوم للنشر، الخرطوم، 1988م، ص 146.

    وفي رأينا أن ديناميكية الهوية والوعي الأيديولوجي لا تقبل هذا التحليل الإقتصادي الميكانيكي فيما يخص إحساس مجموعة إثنية بعينها بضرورة تمسكها بلغتها وإحيائها.

    [26] تتجلى هذه العملية بصورة واضحة في طبقة الأفندية، أي رعيل الموظفين الحكوميين، عندما كانت تمثل طبقة متميزة منذ أول نشوئها إبان عهد التركية حتى سبعينات القرن العشرين. ويعرف عن هذه الطبقة استلابها واغترابها. للمزيد أنظر:

    S.H. Hureiz; Studies in African Applied Folklore, University of Khartoum, Khartoum, 1988. PP. 40-43.

    [27] Hasan; “The Arabs", op.cit., P 144.

    [28] A. Abu Manga & C. Miller; Language Change and National Integration: Rural Migrants

    in Khartoum, University of Nice, and University of Khartoum, Khartoum, 1992, p. 12.

    [29] Ibid., p. 13.

    [30] Francis M. Deng; Dynamics of Identification: A basis for National Integration in the Sudan,

    Khartoum University press, Khartoum, 1975, P.61

    [31] عبد الغفار محمد أحمد؛ قضايا للنقاش: في إطار أفريقية السودان وعروبته، دار جامعة الخرطوم للنشر، الخرطوم، 1988م، ص 119.

    [32] المرجع السابق، ص 120.

    [33] المرجع نفسه، ص 128.

    [34] نفسه، ص 127.

    [35] عباس محمد مالك؛ العرب العباسيون في السودان "قبائل الجعليين": كذب الزعم بالتعريب والامتزاج، دار صنب، الخرطوم، 1987م. ونذكر هنا أن التأسيسات النظرية الواردة في هذا الكتاب قد سبق إليها عبد الله الطيب. وفي رأينا أن الكاتب قد قام بتعريف العرب العباسيين الذين يعنيهم على أنهم "قبائل الجلعيين"، وذلك تمييزا لهم عن المجموعات الأخرى التي تتبنى النسب العباسي العربي خاصة في مناطق برنو ووداي.

    [36] فيما يخص التقارب بين الإسلاميين والقوميين العرب أنظر: محسن عوض "ندوة الحوار القومي ـ الديني"، المستقبل العربي، 129، 11، 1989م. وكذلك يمكن النظر في أوراق العمل الواردة في العدد 130، 12، 1989م من نفس المرجع. هذا فضلا عن الإشارة لما قام به الرئيس صدام حسين من وضع جملة "لا إله إلا الله" على علم العراق.

    [37] ورد هذا في مقاله "تحالف الهاربين"، مرجع سابق.

    [38] ورد هذا في مقاله:

    “Popular Islam: the Religion of the Barbarous Throng”, in S.H. Hureiz & A.A.A. Salam (ed.); Ethnicity, Conflict and National Integration in the Sudan, University of Khartoum, Khartoum, 1989, pp. 148-185.

    [39] ورد هذا في مقاله:

    “Breaking the Ben of Harold MacMichael: The Ja’aliyyin Identity Revisited”, The International Journal of African Historical Studies, Vol.21, No.2, 1989.

    [40] عبد الله علي إبراهيم؛ "تحالف الهاربين"، مرجع سابق، ص ص 111ـ112.

    [41] المرجع السابق.

    [42] المرجع نفسه، ص ص 112ـ115.

    [43] نفسه، ص 112.

    [44] نفسه، ص 113.

    [45] نفسه، ص 117.

    [46] نفسه، ص 119.

    [47] نفسه، ص 117.

    [48] نفسه، ص 119.

    [49] راجع مفهوم الحدود في:

    Fredrick Barth (ed.); Ethnic Groups and Boundaries, Universitets Forlaget, Bergen – Oslo, George Allen & Unwin, London, 1970, “the Introduction”.

    [50] هذه هي الترجمة التي اعتمدها عبد الله علي إبراهيم نفسه لمقاله في كشاف مجلة الدراسات السودانية، عدد 1-2 مزدوج، المجلد التاسع، ديسمبر 1989م، ص 55، وذلك ضمن قائمة مطبوعات معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، جامعة الخرطوم. وعنوان المقال بالإنكليزية هو:

    “Popular Islam: The Religion of the Barbarous Throng”, op.cit.

    [51] ibid., p. 149.

    [52] Ibid.

    [53] ibid., p. 150.

    [54] Ibid.

    [55] ibid., p. 151.

    [56] ibid.

    [57] ibid., p. 152.

    [58] Ibid., p. 153.

    [59] Ibid.

    [60] ibid., pp. 153-154.

    [61] Ibid., p. 154.

    [62] Ibid.

    [63] ibid.

    [64] ibid.

    [65] ibid., P. 150.

    [66] Ibid.

    [67] ibid., P. 158.

    [68] Ibid., P.167.

    [69] عنوان المقال بالإنكليزية هو:

    “Breaking the Pen of Harold MacMicheal: The Ja’aliyyin Identity Revisited”, op.cit.



    [70] ibid., P. 227.

    [71] Ibid., P. 221.

    [72] Michael Herzfeld; Ours Once More: Folklore, Ideology, and the Making of Greece, Austin, 1982, P. 4,

    quoted in A.A. Ibrahim; “Breaking the Pen", ibid.

    [73] ibid., pp. 222-223.

    [74] Ian Cunnison; “ Classification by Geneology: A Problem of the Baqqara Belt" , in Hasan(ed.);

    “Sudan in Africa", op.cit., P. 144.

    [75] Ibid., P. 189.

    [76] عبد الله على إبراهيم (جمع وتحقيق)؛ جامع نسب الجعليين، جامعة الخرطوم، الخرطوم، بدون تاريخ، ص ف.

    [77] المرجع السابق، ص ظ. فيما بعد أشار عبد الله علي إبراهيم إلى الطبيعة الأيديولوجية للأنساب في: "فرسان كنجرت: ديوان نوراب الكبابيش وعقالاتهم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر"، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة الخرطوم، ص45.

    [78] A.A. Ibrahim; “Breaking the pen”, op.cit., p.226.

    [79] ibid.

    [80] ibid., pp. 222-224.

    [81] Ibid., P. 226.

    [82] أنظر نص الخطاب في مجلة حروف، عدد 2/3 (مزدوج)، السنة الأولى، 1991م، ص 210.

    [83] المرجع السابق.

    [84] راجع نص الخطاب في المرجع نفسه، ص 211.

    [85] نفسه.

    [86] عبده بدوي؛ الشعر الحديث في السودان، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1981م، ص 52. إشارة هامشية رقم (1). وفي حديث شخصي لي مع عبد الله علي إبراهيم بالخرطوم منتصف 1996م ـ إثر قراءته لمسودة هذا البحث ـ نفى هذا الأمر، مشيرا إلى أن عبد الله جلاب هو صاحب الشرف في اقتراح اسم "أبادماك" لجماعتهم الأدبية.

    [87] جعفر ميرغني؛ " المعربات السودانية" في "حروف ـ مزدوج"، مرجع سابق، ص 52.

    [88] عبد الله الطيب؛ " النظام والعدل في الجنوب لا يقومان إلا بالرصاص"، صحيفة الرأي العام، عدد 3111، السبت 3/9/1955م، ص 3.

    [89] عبد الله الطيب؛ "الجنوب مادة خبيثة شديدة الاشتعال فلا يجب التخلي عنه،"، المرجع السابق، عدد 3125، الثلاثاء 20/9/1955م.

    [90] راجع قصيدة "ثورة حزين" في ديوان شعره أصداء النيل، دار جامعة الخرطوم للنشر، ط(5)، الخرطوم، 1992م، ص ص 255ـ258. ونشير إلى أن هذه القصيدة قد حذفت منها أبيات لدى نشرها في الديوان ـ كما يذكر ذلك الشاعر. وقد بذلنا جهدا كبيرا للعثور على نصها الأصلي الذي نشر في صحيفة الرأي العام إبان أحداث التمرد، إلا أننا فشلنا في أن نقع عليها.

    [91] أنظر مقدمة الديوان، المرجع السابق، ص ص 20ـ23.

    [92] راجع ذلك في الأحاجي السودانية، دار جامعة الخرطوم للنشر، ط(2)، الخرطوم، 1990م. بخصوص مبرراته التي ذكرها فقد كنت شاهدا عليها عندما ذكرها بمكتب كامل عبد السلام (مدير دار الكتب والتوزيع بدار النشر آنذاك)، وذلك لدى شروعه في إعادة طبع الكتاب إياه. وكنت حينها أعمل بقسم التحرير محررا للنصوص العربية.

    [93] Abdullah el Tayeb; "On the Abyssinian Hijra”, presented in the Second International Sudan Studies

    Conference, Durham, April 1991. It also appeared in Sudan Notes and Records, New Series, No.2,

    1998, pp.159-164.

    بعد سنوات من كتابة عبد الله الطيب لبحثه هذا أصدر حسن الفاتح قريب الله كتابه: السودان دار الهجرتين الأولى والثانية، المؤسسة العامة للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان (انتشار)، بدون تاريخ؛ ولأمر ما أحجم الأخير عن إيراد أي إشارة لبحوث الأول الرائدة في هذا المجال.

    [94] فقد نشر عنه قوله: " تطبيق التعريب ضرورة حتى لو توقف التعليم نفسه"، ويمكن مراجعة نص الحوار في صحيفة أخبار اليوم، الخرطوم، 31/8/1994م.

    [95] إذ يمكن تصنيف كتابه:“Dynamics of Identification”, op.cit., باعتباره جنسا Genre من أجناس الخطاب الآفروعروبي.

    [96] في روايته: Cry of the Owl, Lillian Barber Press, Inc., New York, 1989 يسوقنا فرانسيس دينق، ممثلا في بطل القصة (بول)، عبر مشوار إعادة إنتاج الهامش في المركز؛ إذ تنحصر الحبكة في النهاية حول إذا ما كان سيتم القبول ببول كعضو معترف به في مجتمع المركز الإسلاموعروبي (في أمدرمان تحديدا) وذلك من خلال تمكنه من الزواج من إحدى بنات هذا المجتمع المعاد إنتاجه.

    [97] راجع: الشيخ محمد الشيخ؛ التحليل الفاعلي: تحليل الشخصية السودانية عبر روايتي "موسم الهجرة إلى الشمال" و " عرس الزين"، الخرطوم، 1987م.

    [98] راجع: عبد الله بولا؛ "شجرة نسب الغول في مشكل (الهوية الثقافية) وحقوق الإنسان في السودان: أطروحة في كون الغول لم يهبط علينا من السماء"، مجلة الطريق، العدد 7/8 (مزدوج)، أغسطس 1998م، ص ص 23ـ51.

    [99] تعرض عبد الله علي إبراهيم لمساجلاته مع إبراهيم إسحق في كتابه أنس الكتب، دار جامعة الخرطوم للنشر، الخرطوم، 1984م.

    [100] إبراهيم إسحق؛ "حكاية البنت ماياكايا" (قصة قصيرة)، مجلة الخرطوم، عدد يناير، 1980م، ص ص 53ـ78.

    [101] فضيلي جماع؛ قراءة في الأدب السوداني الحديث، ط(1)، 1991، ص 171.

    [102] في مجلة الرأي العام الأسبوعية (ملف الشعر)، العدد 118، يوينو 1983م، مقتبسا في أحمد الطيب زين العابدين؛ "السودانوية التشكيلية هلي هي آخر المطاف؟"، "حروف ـ مزدوج"، مرجع سابق، ص 33.

    [103] ذكر لي هذا في حديث شخصي بمكتبي في جامعة الخرطوم أوائل 1992، ذلك عندما قرأ المسودة الأولى لهذا البحث.

    [104] بشرى الفاضل؛ أزرق اليمامة، (مجموعة قصصية)، ألف للنشر، طبعة أولى، 1996م.

    [105] المرجع السابق، ص 75.

    [106] أنظر ذلك في: أحمد الطيب زين العابدين؛ "السودانوية التشكيلية: هل هي آخر المطاف؟"، "حروف ـ مزدوج"، مرجع سابق.

    [107] محمد عمر بشير؛ "السودانوية"، سمنار الهوية الثقافية في السودان، معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، جامعة الخرطوم، قاعة الشارقة، 20ـ22، أغسطس 1991م.

    [108] نور الدين ساتي؛ "الحوار بين المكونات الثقافية للأمة السودانية"، (ج3)، مجلة الثقافة السودانية، السنة الخامسة، العدد (17)، فبراير 1981م، ص 11. كلي امتنان لصديقي د. زهير حسن بابكر الذي كان أول من أشار لي إلى دور نور الدين ساتي الرائد في مسألة السودانوية. كذلك الشكر موصول للأصدقاء الدبلوماسيين خالد شكري ومنصور بولاد لتكبد المشاق إتصالا بالدكتور نور الدين ساتي الذي تفضل مشكورا بدلنا على المرجع المستشهد به هنا.

    [109] المرجع السابق.

    [110] زين العابدين؛ "السودانوية التشكيلية"، مرجع سابق، ص 33. التشديد من عندنا.

      المرجع السابق.

      [112] المرجع نفسه، ص 29.

      [113] نفسه.

      [114] من نص بيان "مدرسة الواحد"، مقتبسا في المرجع نفسه، ص 37. والتشديد من عندنا.

      [115] مبارك بلال؛ "قضية الفن التشكيلي المعاصر"، مجلة الثقافة السودانية، يونيو 1981م، ص 66.

      [116] زين العابدين؛ "السودانوية التشكيلية"، مرجع سابق، ص 37.

      [117] المرجع السابق.

      [118] أحمد الطيب زين العابدين؛ "التشكيل في الثقافة السودانية المعاصرة: محاولة لاستجلاء ثقافة سودانية"، مجلة الثقافة السودانية، عدد يوليو 1982م. ص 40.

      [119] زين العابدين؛ "السودانوية التشكيلية"، مرجع سابق، ص 24.

      [120] زين العابدين؛ "التشكيل في الثقافة السودانية"، مرجع سابق، ص 40.

      [121] منصور خالد؛ حوار مع الصفوة، دار جامعة الخرطوم للنشر، الخرطوم، 1979م.

      [122] المرجع السابق، ص 57. نشير إلى أن التنقيط متى ما جاء بنقطتين فقط (..) لا ينبغي أن يؤخذ على أنه إسقاطات اقتباسية من عندنا، فقد وردت هكذا في الأصل على أنها من قبيل تكنيكات الترقيم.

        المرجع نفسه، ص 58.

        [124] نفسه، ص 65، التشديد من عندنا.

        [125] نفسه، ص 66.

        [126] عبد الله الطيب؛ "من تجارب تعليم العربية في أفريقيا"، "حروف ـ المزدوج"، مرجع سابق، ص 12.

        [127] إدريس سالم الحسن؛ "الدين أيديولوجيا"، كتابات سودانية، السنة الأولى، العدد الثاني، 1996م.

        [128] منصور خالد؛ النخبة السودانية وإدمان الفشل، الجزء الثاني، دار الأمين للنشر والتوزيع، القاهرة، 1993م، ص ص 66ـ67.

        [129] المرجع السابق، ص 93.

        [130] المرجع نفسه.

        [131] نفسه.

        [132] نفسه.

        [133] نفسه، ص ص 93ـ94.

        [134] نفسه. التشديد من عندنا.

        [135] نفسه، ص 261.

        [136] أنظر أدبيات الحركة فيما أورده منصور خالد نفسه على لسان جون قرنق وذلك في:

        Mansour Khalid (ed.): John Garang Speaks, London, 1987.

        [137] منصور خالد؛ " النخبة السودانية"، مرجع سابق، ص 185.

        [138] راجع نص الحوار الذي أجري معه في صحيفة الخرطوم (الحلقة الثانية)، العدد 1214، الثلاثاء 8 أكتوبر 1996م. وقد أجرى الحوار الصحفي فيصل محمد صالح. التشديد من عندنا.

        [139] المرجع السابق.

        [140] المرجع نفسه.

        [141] لمزيد من التفاصيل حول أن الفرضيات الأخلاقية والثقافية لمؤسسة الرق لا تزال على حيويتها في الوجدان السوداني (الشمالي المسلم في المركز)، راجع:

        Ahmed Sikainga; Slaves into Worker: Emancipation and Labour in Colonial Sudan, Modern Middle-Eastern Studies No. 18, Austin, Texas, 1996.

        [142] لمزيد من التفاصيل التي تعكس صراعات الحركة الشعبية الداخلية ما بين التيار القومي والآخر الانفصالي، يمكن مراجعة (الفصل الأول) في: الواثق كمير "إعداد وتحرير"؛ جون قرنق: رؤيته للسودان الجديد: قضايا الوحدة والهوية، المجوعة الإستشارية لتحليل السياسات وإستراتيجيات التنمية، القاهرة، بدون تاريخ.





        [143] في هذا الشأن أنظر الفصل السابع والثامن في:Atta El Battahani; “Nationalism and Peasant Politics in the Nuba Mountains Region of Sudan: 1924-1966”, Unpublished Ph.D thesis, University of Sussex, 1986. وفي هذا الصدد يمكن أن نشير إلى أن الضابط الذي قاد مذابح ملوط في 1964م، وهو من عرب سُليم (شمالي)، كان شيوعيا، وقد شارك في إنقلاب هاشم العطا 1971م مما أدى إلى فصله من الجيش. لمزيد من التفاصيل راجع: Neno Contran; They are a Target, Paulines Paulines Publications, 1996.

        [144] في ذلك راجع:

        * محمد جلال أحمد هاشم؛ منهج التحليل الثقافي: القومية السودانية وظاهرة الثورة والديمقراطية في الثقافة السودانية، ط(4)، مركز دراسات القومية السودانية، 1999م.

        * أبكر آدم إسماعيل؛ جدلية المركز والهامش (3 أجزاء)، مركز دراسات القومية السودانية، 1997م.

        [145] Sudan Alliance Forces; “SAF-Document 24EC”

        وقد جاء النص بالإنكليزية كالآتي:

        “1- Sudan Alliance Forces is a new political movement founded in the fall of 1994 by a group of Sudanese nationals (civilians and in uniform) representing a wide spectrum of Sudanese society. Its membership is composed of all ethnic origins, and religions”.

        [146] Sudan Alliance Forces; “Classified Working Paper, not for publication, November 25, 1995.”

        [147] Ibid.،

        ويقرأ الإقتباس بالإنكليزية:

        “1- The movement was founded by predominantly Moslem Northern Sudanese, but is open to all Sudanese irrespective of ethnic background. It presently has southern Sudanese and marginalized areas membership”
                  

07-08-2003, 02:23 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    انتهت ورقة الاستاذ محمد جلال هاشم
                  

07-08-2003, 03:16 AM

أبكر آدم إسماعيل
<aأبكر آدم إسماعيل
تاريخ التسجيل: 10-05-2002
مجموع المشاركات: 549

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)


    الأخ عادل
    سلام
    وعودا حميدا
    أظن أن ورقة الأخ محمد جلال الدراسية هذه، من أهم الأوراق التي تناقش قضايا الهوية والصراع الفكري في السودان

    وأحسب أنها يمكن أن تفتح أفقا جديدا للحوار
    على الأقل من ناحية شخص كاتبها الأخ محمد جلال هاشم الذي لا يقع تحت طائلة الدمغ التلقيدية التي يتبعها ويعول عليها محاورينا في هذا البورد؛ وهي، في جوهرها، تلتقي معنا أو نلتقي معها في الكثير من الأفكار التي تطرحها/نطرحها تقريبا، باعتبارنا؛ أنا والأخ محمد جلال هاشم من مدرسة فكرية واحدة، (مدرسة التحليل الثقافي)؛

    ولتسهيل ومتابعة هوامش الأخ محمد جلال، التي هي في ذاتها بقدر أهمية المتن؛ اعتقد من الأفضل قراءة الورقة في صورتها المنسقة في اللينك التالي؛
    ـ(السودانوعروبية او تحالف الهاربين

    وأرجو أن لا تبدأ حرب الصمت، كما هي العادة مع المواضيع الجادة
                  

07-09-2003, 01:02 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: أبكر آدم إسماعيل)

    الاستاذ ابكر

    تحية طيبة

    اوافقك الراي في اهمية ورقة الاستاذ محمد جلال ؛ وكذلك في اهمية الهوامش
    ؛ واعتقد ان الورقة ؛ رغم بعض الهنات التي تصاحب كل رؤي مبادرة ؛ قد قلبت الطاولة علي المفاهيم القديمة ؛ واعادت طرح مسالة الهوية والمشاريع الايدلوجية المرتبطة بها ؛ بشكل لم يسبق له مثيل ؛

    لقد كنت اتابع انبهار بعض منتسبي اليسار والقوي الحديدة - قوات التحالف مثلا - بعبدالله علي ابراهيم ؛ لسنوات خلت ؛ في الوقت الذ1ي كان هو يعمل حثيثا في مشروعه الفكري ؛ وهو مشروع اقصي ما يهدف اليه هو الاحتفاظ بحالة محلك سر الثقافية -الاجتماعية

    مؤامرة الصمت يا استاذ موجودة ومقصودة ؛ ولو كان للاستاذ احمد جلال حزب ينتمي اليه ؛ لوجدت التهليل والتطبيل ؛ ولكن الفكر الحر والجديد يشق طريقه رغما عن مؤامرات الصمت ولجج الكلام ؛ واحسب انكما تطوران منهجا وتيارا سيكون له شوكة وحضورا في الساخة الفكرية السودانية

    مع المودة والتقدير

    عادل
                  

07-17-2003, 06:39 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    Quote: فأين المفر؟:

    المفر هو عروبة خاصة بالسودان، وإسلام خاص به، دونما إدعاء للأفريقية. وهذا هو الإطار الذي سنسعى ـ فيما يلي ـ كي نترسّم أبعاده في كتابات عبد الله على إبراهيم، وهو الاتجاه الذي نحتنا له مصطلح "السودانوعروبية". وفيه سنضرب أمثلة موثقة بمن نرى أنهم ينتمون لهذا التيار الجديد


    في مداخلة سابقة قلنا من اين تاتي خصوصية السودان العربية في ظل الاصرار علي
    نفي الافريقية .اليست خصوصية السودان تنبع من افرقته؟
    لو حللنا مصطلح :السودانو عربية،نجد انه مكون من مقطعين؛سودان+عروبة.المقطع الثاني معروف،والمقطع الاول،سودانو،الي ماذا يشير؟الي الخصوصية،حسب التعريف اعلاه، اليس كذلك ؟ واذا كانت الخصوصية تاتي من الافرقة،فان (سودانو)=(افرو)وبالتالي فان السودانوعربية=الافروعربية
    والافرعربية،بشقها التاريخي؛يوسف فضل واخرون،او بشقها الابداعي:الغابة والصحراء؛تقول ان السودان بلد عربي افريقي،وان سكان شمال السودان تحديدا هم عموما نتاج للتمارج العربي الافريقي عبر القرون
    اذن لا جديد في هذا الطرح،كل ما هناك ان السودانو عربية،قذفت بعيدا نظريا ،بالافريقية وحلت محلها خصوصية متوهمة،وهل هناك خصوصية في حالة السودان، غير الافريقية؟
    ونواصل
                  

07-08-2003, 10:53 AM

haleem

تاريخ التسجيل: 09-10-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الشكر أجزله الأساتذة الأجلاء عادل وأبكر..فقد ظللت ردحا من الزمن أبحث عن هذه الورقة بعد أن إطلعت على جزء منها على عجالة في لحظة سفر
                  

07-09-2003, 01:14 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: haleem)

    الاخ خليم

    تحية طيح
    للاستاذ محمد جلال مساهمات اعمق واوسع ؛ اتمني ان يساعدنا الجميع في نقلها هنا ؛ والنقاش حولها

    لك المودة

    عادل
                  

07-09-2003, 01:15 AM

hala guta

تاريخ التسجيل: 04-13-2003
مجموع المشاركات: 1569

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    up
                  

07-09-2003, 01:23 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: hala guta)

    سلام استاذة هالة

    شكرا علي رفعك لكل المواضيع الفكرية ؛ وهذا جهد مقدر منك

    اعتقد ان الورقة طويلة الي حد ما ؛ وهذا ما قد يحبط الناس عن المتابة والتعليق ؛ ولكن الحمد لله ان البعض عندهم الصبر للفراءة حتي النهاية

    لا ازال انتظر بحث هادية ؛ وهشام نام علي الخط ؛ ولم يصلني منه شي

    عادل
                  

07-09-2003, 12:14 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الاخ عادل
    سوف تكون لي مداخلة طويلة في هذا الموضوع
    الان انا في مرحلة القراءة الثانية للمقال
    والجدير بالذكر ان محمد جلال كان قد شارك بهذا المقال في
    ندوة :السودان الثقافة والتنمية، التي اقامها مركز الدراسات السودانية بالقاهرة في اغسطس 1999 والتي كان لي شرف المشاركة فيها
    ببحث ايضا يتناول اطروحات عبدالله علي ابراهيم،تحت عنوان:الافروعربية بين الواقع ووهم الايديلوجيا .وقد لاحظت ان كتاب الندوة قد خلا من مقال الاخ محمد جلال ولا ادري ما هي الاسباب
                  

07-09-2003, 11:21 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Agab Alfaya)

    الاستاذ عقب الفيا

    تحية واحترام

    انا ايضا لا اعرف لمذا غابت ورقة الاستاذ محمد جلال ؛ ورغم اني لست من انصار نظرية المؤامرة في التاريخ ؛ الا انه استوقفني رفض وعدم التشجيع والخنث بالوعد فيما يتعلق بنشر كتاب الاستاذ ابكر ادم اسماعيل حول جدل المركز والهامش؛ والذي طرح فيه مدارات تتعلق بالتحليل الثقافي والاجتماعي – السياسي؛ من قبل العديد من دور النشر والناشرين ؟

    هل يا تري ان الامر محض صدفة؛
    ام ان وراءالاكمة ما ورائها ؟

    عادل
                  

07-10-2003, 04:41 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الاستاذ عادل
    لا اعتقد ان الامر له علاقة بمؤامرة
    فربما يرجع عدم تضمين كتاب الندوة لبحث محمد جلال الي
    محمد جلال نفسه،فلعله راي تاجيل نشر المقال في ذلك الوقت لمزيد من التنقيح والتعديل
    اما بالنسبة لابكر فان مركز الدراسات السودانية هو اول جهة تنشر له،وقد اصدر له روايتين ؛الاولي والثانية

    لقد فرغت من القراءة الثانية للبحث والان بصدد صياغة المداخلة
    واتمني من الله ان يعينني علي انجازها في اسرع وقت ممكن
                  

07-11-2003, 12:08 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الاخ عادل
    الاخوة الاعضاء السادة الضيوف

    ارجو ان تحظي هذة الورقة بنقاش جاد وموضوعي بمستوي الجدية والموضوعية التي طرحت بها خاصة من قبل الذين يحملون افكار مغايرة لها، واتنمي الا تواجه بالصمت كما عبر بعض الاخوان.فمحمد جلال،لا يكتفي هنا بتحليل وتشريح مشروع عبدالله علي ابراهيم،العربي الاسلامي،وانما يتبني هذا المشروع كطرح جديد يري فيه المخرج من ازمة السودان الحالية،علي الصعيد الثقافي والسياسي.ويقيم من هذا الطرح وسطا جديدا،يقف علي يمينه الاسلام السياسي الاصولي وعلي يساره الاقليات الثقافية الافريقية الاخري في الاطراف
    يقول:
    "يهدف هذا المقال الي ترسم ابعاد اتجاه جديد في قضايا الثقافة والهوية في السودان ..يقوم علي سودنة الاسلام والعروبة وبالتالي رسم حدود هوية اسلاموعربية خاصة بالسودان..ولهذا اطلقنا علي هذا الاتجاه مصطلح-السودانوعروبية"
    "وتاتي اهمية هذا الموضوع من كونه حاسما في تحديد مسار السودان اجتماعيا وسياسيا وحضاريا"

    قبل مناقشة المقال رايت انه من الافضل ان اورد خلاصة موجزة ارجو الا تكون مخلة بالافكار الاساسية لمشروع عبدالله علي ابراهيم الذي يتبناه محمد جلال

    يقول ان عبدالله:"وظف جهوده لتكريس الهوية العربية الاسلامية دون ان يدور في فلك اي حزب سياسي ،وادت به مواقفه هذي الي مناورات تشهد له بالذكاء واتبع في ذلك حيلا اعانته عليها المعيته الاكاديمية الفذة

    ويتلخص مشروع عبدالله الذي ظل يستعين عليه بالمناورات والحيل علي حد تعبير محمد جلال في الدعوة الي:"عروبة خاصة بالسودان واسلام خاص به دونما ادعاء للافريقية"
    ويقوم المشروع علي ثلاثة دعائم رئيسية وهي:

    1- قفل الطريق امام اي محاولة سودانية شمالية تتبني اي مسحة افريقية في اشكالية الهوية.ومن هنا ياتي هجومه علي الافروعربية
    لا سيما الغابة والصحراء

    2-تبني الاسلام الشعبي وهو اسلام الصوفية باعتباره اسلام السودان الخاص
    لقفل الطريق امام الحركة الاصولية التي تدعو الي دولة خلافة اسلامية يجلد الناس فيها ويحدون

    3-اعتماد العروبة الصرفة كجنس لعرب الشمال والوسط وعدم الالتفات الي
    الزعم بان دماءهم قد اختلطت بالافارقة

    ان"مشروعه يقوم علي بناء حدود تقافية بين ابناء الشمال العربي المسلم وابناء الجنوب الافريقي،فهذان هما القوامان.والفرصة متاحة لاقوام اخري،الفرصة متاحة للفور والبجا كيما ينفضوا من هذا الحلف السناري ويكونوا اقومة خاصة.وهكذا يتفرق السودانيون اباديد في الافاق مع اتجاهات الرياح الاربعة؛الشمال،الجنوب الغرب والشرق،ولا عاصم لهم من هذا الشتات الا الوسط الاسلاموعربي

    "ولعمري انها العروبة !ولكنها عروبة لا تستمد مشروعيتها من اعتراف العرب بها.انها عروبة خاصة ومفصلة بالمقاس علي اهل السودان الذين لا يعرفون غير الاسلام دينا وكفي الله المسلمين شر الهجنة،لكم دينكم ولي دين ولكم جنسكم ولي جنس"

    ويخلص محمد جلال الي ان المشروع الذي يطرحه عبدالله والذي اطلق عليه هو ،السودانوعربية، المثابة التي سيؤوب اليها كل السودانيون من ابناء الشمال العربي المسلم،ولا مفر لهم غيرها،لذلك فهو يعني بتحالف الهاربين الذين هربوا وسيهربون من اطروحاتهم السابقة الي السودانوعربية شاءوا ام ابوا

    ولي عودة لمناقشة هذا الطرح

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 07-11-2003, 04:09 PM)

                  

07-11-2003, 03:58 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Agab Alfaya)

    شكرا لهذا الموضوع الجيد
    اكثر ما ادهشنى فى كتاب
    تحالف الهاربين تعليق غريب

    وهو ان هؤلاء الشعراء قد ارادوا ابتعاث العنصر الافريقى فى الثقافة السودانية لتهريب اجندة خاصة
    وهى تهريب ثقافة الانفلات والسكر التى تنافى الاسلاموعربية
    Quote:
    ونجد أن أطروحات الغابة والصحراء تطورت فيما بعد لتصبح الأفروعربية التي كتب فيها الكثير من الكتاب مثل عبد اللَّه علي إبراهيم في تحالف الهاربين* وعبد الهادي الصديق في كتابه السودان والأفريقانية** ومحمد المكي إبراهيم ونجد أن عبد اللَّه علي إبراهيم في مقاله (تحالف الهاربين) تحدث عن مدرسة الغابة والصحراء وذكر أن دعاة الغابة والصحراء لم يكونوا منزهين عن الغرض حيث اختاروا بعث العنصر الإفريقي قائلاً:
    "لا تهدف الأفروعربية إلى تحجيم الانتماء العربي الصريح وحسب بل إلى إجراء تحسين جذري في المكون العربي الإسلامي من الذاتية السودانية فاستعادة
    التراث الإفريقي في نظر الأفروعربيين ليست مجرد تصحيح لمعادلة مختلة إنما القصد منها تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربية الإسلامية الغبشاء المتشددة الحنبلية (في قول المكي) بقصد حملها على التلطيف والسماحة". لإفريقيا يستطيعون أن يفعلوا ما يرمون إليه من انفلات وتهتك من وجهة النظر الإسلامية.
    ونجد أن عبد اللَّه علي إبراهيم لا يخلو من خبث هو نفسه في قوله هذا إذ يريد أن يخبرنا أن لهؤلاء أجندة خاصة وخفية ولكن نجد أن عبد اللَّه علي إبراهيم لا يخلو من أجندة خاصة وخفية لإبراز هؤلاء وكأنهم فقط بانتمائهم
                  

07-11-2003, 06:04 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Agab Alfaya)

    ان المخرج من حالة الاستقطاب الثقافي الحاد التي شهدها السودان
    كما يراه محمد جلال هو:
    "..عروبة خاصة بالسودان واسلام خاص به دونما ادعاء للافريقية.وهذا هو الاطار الذي سنسعي اليه-كي نترسم ابعاده في كتابات عبدالله علي ابراهيم"

    والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هنا من اين تاتي هذه الخصوصية مع
    الاصرار علي نفي واستبعاد الافريقية؟
    من اين اكتسب السودان ويكتسب عروبته الخاصة واسلامه الخاص؟ الم
    يكتسبها من الافرقة -اي الامتزاج بالمكون المحلي الافريقي.ان العرب المسلمين عندما دخلوا السودان لم يجدوه ارضا فضاء.بل وجدوه بناسه وثقافاته وكل مكوناته الانثروبولوجية
    ولكن المأزق الحقيقي لمشروع عبدالله علي ابراهيم ،هو هذا التافف
    والفوفيا، من كل ما له صلة بافريقيا،بحثا عن نقاء عروبي لا تشوبه اي شائبة
    لذلك فهو يرفض ما ذهب اليه المؤرخون من ان سكان شمال السودان هجين عربي افريقي او نوبة استعربوا .ويقول ان هذه فكرة خاطئة روج لها المؤرخون الاجانب امثال مكمايكل وترمنجهام وتبعهم فيها الكتاب السودانيون كيوسف فضل وحامد حريز و حيدر ابراهيم واخرين
    ولكن ما هو وجه اعتراض عبدالله علي ابراهيم علي هذه النظرية التاريخية
    الحقيقة ليست له حجة موضوعية لمناهضة هذة الحقيقة التاريخية سوي اللجوء لنظرية المؤامرة وافتراض سوء النية المبيت لهؤلاء المؤرخين

    يقول:"وقد صدرت هذه النظرية ،نظرية الهجنة العربية الافريقية في سياق نقد اؤلئك المؤرخين لمزاعم النسابة السودانيين من اهل الشمال في الحاق اهلهم بنسب عربي صريح.وقد ساءهم اسقاط النسابة لاختلاط الدماء العربية والافريقية في من عدوهم عربا اقحاحا
    لاحظ انه يقول- وقد ساءهم-اي ساء هؤلاء المؤرخين ان يلحق اهل الشمال نسبهم بنسب عربي صريح.فكانما دافع المؤرخين ليس البحث عن الحقيقة التاريخية وانما الكيد والنكاية في السودانيين الذين يعدون انفسهم عربا اقحاحا.ولا ادري اي اساءة يمكن ان تلحق بهؤلاء المؤرخين اذا ثبت لهم ان سكان الشمال عرب صحاح؟ اخشي ان الامر ينطوي علي اسقاط شخصي من الدكتور!
    لا بل يذهب الدكتور في الطعن في نوايا المؤرخين وامانتهم العلمية الي حد القول انهم ارادوا الحط من قدر السودانيين عندما الحقوهم بالنسبة الافريقية،يقول:"..ان دعوي الهجنة في اصولها العرقية عند ماكمايكل و تجلياتها الثقافية عند ترمنغهام تنطوي علي فرضية انحطاط!

    ولكنه لا ياتي بالاقوال المباشرة الدالة علي فرضية الانحطاط هذه وانما
    يفترضها افتراضا في كتابات هؤلاء المؤرخين،ويقول "فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحي بان الدم العربي ارفع من الدم الزنجي
    وجاء عند ترمنغهام ان الهجين العربي الافريقي قد سرب من العقائد الي الاسلام ما ادخله في الوثنية" وان ترمنغهام قد رد عصبية البقارة
    التي ناصروا بها الثورة المهدية الي غلبة الدم الافريقي "
    ولا افهم كيف يمكن ان ينطوي ذلك علي فرضية انحطاط؟فهل الحمية القتالية التي ناصر بها البقارة الثورة المهدية لا تحتمل سوي تفسير واحد سوي غلبة الدم الزنجي؟ولنفترض ان السبب المباشر لهذه الحمية هو غلبة الدم الافريقي فيهم،هل سيكون في هذه الحالة النسبة للدم الزنجي اعلاء من قدره ام للحط منه؟
    ولنفترض جدلا ان مكمايكل وترنغهام وكل الذين كتبوا عن تاريخ السودان،قد قصدوا الاساءة الي السودانيين والحط من قدرهم عندما قالوا ان دماءهم العربية قد اختلطت بالدماء الافريقية،فهل يعد ذلك مبررا كافيا للسودانيين للتنكر لاصولهم الافريقية والتنصل من انتماءهم لافريقيا؟

    ونواصل












































    ونواصل
                  

07-13-2003, 03:43 AM

أبكر آدم إسماعيل
<aأبكر آدم إسماعيل
تاريخ التسجيل: 10-05-2002
مجموع المشاركات: 549

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Agab Alfaya)


    الأخ الصديق منعم الفيا
    أسمح لي أن أنبهك إلى أن هناك ألتباس عميق في قراءتك لورقة الأخ محمد جلال، مما أدى إلى أحكام وبالتالي منطلقات للنقاش أرى أنها غير معقولة قد تسوق إلى نتائج لن تنجو من الإيقاع في المغالطات
    تقول؛
    Quote: فمحمد جلال،لا يكتفي هنا بتحليل وتشريح مشروع عبدالله علي ابراهيم،العربي الاسلامي،وانما يتبني هذا المشروع كطرح جديد يري فيه المخرج من ازمة السودان الحالية،علي الصعيد الثقافي والسياسي.ويقيم من هذا الطرح وسطا جديدا،يقف علي يمينه الاسلام السياسي الاصولي وعلي يساره الاقليات الثقافية الافريقية الاخري في الاطراف

    وبحكم أنني ممن شهدوا ميلاد، وتابعوا نشأة وتطور هذه الدراسة، أقول أن هذا الكلام ـ وكما أورد الأخ أبو المنذر ـ ليس صحيحا البتة
    فلا محمد جلال ولا دراسته هذه يتبنى/تتبنى طرح/رؤية الدكتور عبد الله على إبراهيم محل القراءة والتحليل، وإنما بالعكس، يقف الأخ محمد جلال، في المؤدى النهائي لتحليله، ضد مشروع الدكتور عبد الله علي إبراهيم باعتباره شكل آخر من أشكال تكريس للمركزية (الاسلاموعروبية)؛ وإن المقولات التي استدللت بها هي مقولات وصفية واستنتاجات لما يراه الأخ محمد جلال توجها للدكتور عبد الله على إبراهيم، وليس ما يتبناه محمد جلال نفسه


                  

07-12-2003, 05:37 PM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السودانو عربية او تحالف الهاربين -محمد جلال يحلل عبد الله علي ابراهيم (Re: Abdel Aati)

    الأخ الأستاذ عادل عبد العاطي شكرا لطرحك لورقة الأخ محمد جلال الثرة والتي نأمل كما أمل الأخ أبكر بان لا تبدأ حرب الصمت تجاهها ، ونتمنى أن تواصل جهودك في عرض كتابات محمد جلال المتعددة واطمع أن تمدنا او دكتور أبكر بكتاب الأستاذ محمد جلال (منهج التحليل الثقافي القومية السودانية وظاهرة الثورة الديمقراطية في الثقافة السودانية " كما أمل ان تستطيعون جرجرة الأخ محمد جلال للمنبر وبدوري سوف أحاول ذلك .

    الاستاذ عجب الفيا يبدو لي حسب ما فهمت من مداخلتك انك ترى ان محمد جلال يتبنى مشروع د عبد الله علي ابراهيم فقد كتبت ( فمحمد جلال ،لايكتفي هنا بتحليل مشروع عبد الله علي ابراهيم ،العربي الاسلامي ، وانما يتبنى هذا المشروع كطرح جديد يرى فيه المخرج من ازمة السودان الحالية ) وايضا ( رايت انه من الافضل ان اورد خلاصة موجزة ارجو ان لاتكون مخلة بالافكار الاساسية لمشروع محمد جلال الذي يتبناه محمد جلال ) وحسب ما فهمت انا من ورقة محمد جلال ان طرحة يختلف مع طرح الدكتور عبد الله علي ابراهيم ايما اختلاف فمحمد جلال في مقدمة بحثه كتب (( لا نزعم ان عبد الله علي ابراهيم يتفق معنا في الراي ، وربما كنا على يقين من انه يختلف معنا ايما اختلاف فيما ذهبنا له )) كما ان محمد جلال كتب في ختام بحثة (( وفي هذا الخضم املنا كبير في تيار "الوسط الصاعد" بشقيه ( حسب فهمنا له ). ان هذا التيار هو الوحيد الذي يمكن ان يستشرف آفاق الدولة القومية السودانية القومية ، متجاوزا واقع الدولة السودانية المركزية))

    أمر اخر ان الاستاذ محمد جلال عرف عبر نشاطه السياسي في الجامعة كاحد الرواد الاوائل في حركة مؤتمر الطلاب المستقلين ومنظرها الأشهر .هذه الحركة التي احد اهم مرتكزاتها القومية السودانية .


    عصام محمد احمد
                  

07-12-2003, 06:03 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    ان نفي عبدالله علي ابراهيم لاي نسبة افريقية لعرب شمال السودان واصراره علي الحاقهم بنسب عربي صريح،يجعل من القول بانه يدعو الي عروبة خاصة باهل السودان حديث بلا معني وبلا قيمة.مما يجعلنا نلحق مشروعه مطمئنين بالمدرسة العربية-حسب تقسيمات محمد جلال-والتي مثل لها بعبدالله عبد الرحمن الضرير وعبدالله الطيب واخرين.وبالتالي ينهار الركن الاول من اركان المشروع وهو القول بالعروبة الخاصة.فالواقع انها عروبة قحة تستمد صحتها من النسبة الي العباس مباشرة.

    لقد صدق محمد جلال عندما قال ان عبدالله،استعان في تمربر مشروعه الاسلاموعروبي بالكثير من الحيل والمناورات،لقد ظللت اردد ذلك كثيرا في كتاباتي عن عبدالله،وقد انطلت هذه الحيل حتي علي الاذكياء ،تحت مظلة الانتماء الحزبي.وكما يقولون ان البحر باخد عوامه ،فان هذه الحيل انطلت حتي علي محمد جلال

    من الاساليب والحيل التي استعملها الدكتور في تمرير دعوته العروبية الصرفة ،الهجوم العنيف الذي وجهه للافروعروبية ممثلة في الغابة والصحراء.فهو قد راي في هذا الطرح الذي يحاول ان يرد الاعتبار للدم الافريقي في اهل الشمال ،وبوعي تاريخي مؤسس، خطر علي دعوته ،فعمد الي النيل من هذا الطرح بشتي السبل.

    يقول محمد جلال ان عبدالله،قد خلص الي ان الافروعربية ،صورة من صور الخطاب الاسلامي الغالب في السودان.وبذلك قفل الطريق امام اي محاولة لابناء الشمال للادعاء نسبة افريقية لهم.والحقيقة هذه واحدة من الحيل الماكرة التي لجا اليها عبدالله في نقده للافروعروبين ،ويبدو ان محمد جلال قد انتبه الي ذلك ،لكنه اثر غض الطرف عن كشف هذه الحيلة حتي لا تفسد عليه استقامة مشروعه الذي يبدو متماسكا لاول وهلة

    بدا عبدالله نقده للافروعربية باتهامها بالتبعية وترديد اراء المستشرقين الذين اتهمهم بالتامر بالقول ان دماء عرب السودان اختلطت بالدماء الافريقية.لذلك فهو لم يري في محاولة ،الغابة والصحراء ،رد الاعتبار للمكون الافريقي،سوي محاولة يائسة للهروب الي واقع مطموس في وجدانهم لاشباع غرائزهم!بل يري فيها مؤامرة علمانية لتفكيك محرمات الحضارة العربية الاسلامية لتحجيم انتماء السودان للعروبة والاسلام.بل انه يذهب بعيدا ليتخذ خطة اكثر مكرا،ينال بها من سمعة الافروعروبين وليبرر بها في ذات الوقت تنكره للانتماء الافريقي من غير ان يكون هذا التنكر محسوبا عليه.وتقوم الخطة علي رمي الافروعروبين بتهمةالاساءة الي الافريقي بالصفات التي يظن في قرارة نفسه انها الصق بجنس الافريقي مثل المشاعية والبوهيمية واستباحة المحرمات واطلاق الغرائز،ليسهل عليه في النهايةالقول بان دافعهم الي الفرار الي النسبة الافريقية ،هو التحلل من محرمات الحضارة العربية الاسلامية.فصورة الافريقي مرتيطة في ذهنه اصلا بمثل هذه الصفات .لذلك فان اي حديث عن الدم الافريقي او الثقافة الافريقية لا يري فيه غير دعوة ماجنة الي اشباع الغرائز والتحلل من المحرمات
    اذن بعد ان اتهم المستشرقين الذين كتبوا عن تاريخ السودان بانهم ارادوا الحط من قدر اهل السودان عندما قالوا بان دماءهم العربية اختلطت بالدم الافريقي،ياتي ويتهم جماعة الغابة والصحراء والافروعروبين عموما بانهم اساءوا الي الافريقي،علي طريقة المثل العربي:رمتني بداءها وانسلت
    ولكنه لا ينسي قبل ان يختم مقالته ان يلقي بالطعم الاخير،ليصرف به الانظار عن خطته الماكرة،ليقول" ان الافروعربية لا تعدو ان تكون صورة من صور الخطاب الاسلامي الغالب في السودان".وقد نجحت الخطة ايما نجاح واختطف الطعم الكثيرون،ومنهم محمد جلال، بالرغم انه قد اوحي في بعض اشاراته انه علي وعي بالخطة،لكنه يبدو انه غض النظر عنها حتي لا تفسد عليه تماسك طرحه
    ونواصل
                  

07-13-2003, 02:52 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    ورد في اول مداخلة لنا علي هذا البوست ما يلي:

    "..فمحمد جلال لا يكتفي هنا بتحليل وتشريح مشروع عبدالله علي ابراهيم العربي الاسلامي،وانما يتبني هذا المشروع كطرح جديد، يري فيه الخروج من ازمة السودان الحالية علي الصعيد الثقافي والسياسي.ويقيم هذا الطرح وسطا جديدا،يقف علي يمينه الاسلام السياسي الاصولي وعلي يساره الاقليات الثقافية الافريقية الاخري في الاطراف"

    تصحيح

    "..فمحمد جلال لا يكتفي هنا بتحليل وتشريح مشروع عبدالله علي ابراهيم ،العربي الاسلامي،وانما يتبني هذا المشروع كطرح جديد،يري فيه الخروج من ازمة السودان الحالية ،علي الصعيد الثقافي والسياسي.ويقيم هذا الطرح وسطا جديدا،يقف علي يمينه،كل احزاب المركز التقليدية ؛الاخوان المسلمون و الشيوعيون والبعثيون واالامة والاتحاديون،وعلي يساره؛الحركات الجهوية :النوبة والبجة والفور والحركة الشعبية-الاتجاه الانفصالي"

    ذلك لان محمد جلال يعيد التقسيم القديم لتوجهات الاحزاب كالاتي
    1-اليمين :ويضم كل احزاب المركز التقليدية؛الامة والاتحادي والشيوعي
    والبعثون الاخوان المسلمون
    2-يسار:ويضم الحركات الجهوية الانفصالية ؛ النوبة والبجة والفور والحركة الشعبية-الاتجاه الانفصالي
    3- الوسط الجديد:ويضم السودانوعروبية وهي التسمية التي اطلقها علي مشروع عبدالله ابراهيم،والسودانو-افريقية ويعني بها الحركة الشعبية -الاتجاه الوحدوي .ويقول ان الامل معقود علي هذا الوسط الجديد بشقيه للاخذ بيد السودان

    الاخوان ابكر وابو منذر
    شكرا جزيلا
    ولي عودة للرد علي اعتراضاتكم
                  

07-13-2003, 03:07 PM

Bushra Elfadil
<aBushra Elfadil
تاريخ التسجيل: 06-05-2002
مجموع المشاركات: 5252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)


    الأخ الأستاذ عبدالمنعم أعتقد ان الدكتور أبكر محق في أن موقف استاذ محمد جلال التبس عليك فهو لا يختلف مع راي عبدالله على إبراهيم فحسب بل يختلف مع الكافة وياتي براي جديد . وبالنسبة لي فالجديد في طرحه هو أنه يصنف موقف الحزب الشيوعي بانه يشكل امتدادا لموقف الاسلام السياسي من قضية الهوية ويصنف جلال موقف الحزب الشيوعي بانه يميني بينما يضع في اليسار الفئات ذات التبني للهوية الإفريقية الصرف اما التبشير بالوسطية في طرحه وهو جديدأيضا فليست في طنه توفيقية بل مخرج لمسالة إشكالية الهوية
    انا لا اعتقد ان سؤال الهوية لا يعنيني كما اوحت بذلك ورقة الاستاذ جلال وقد تفضل بقراءتها على وهي في طور التكوين ثم أرسلها على بريدي . أما الجملة التي قلتها له بانني انسان وأعيش في السودان راجع الفوت نوت رقم 103) في ورقة جلال فهي جملة صحيحة فقد قلتها له وقتها ولا زلت اقول بها وقد استلفتها من الشاعر الإسباني لوركا . ولا أخفي انني أتخذها قناعا للناي عن الخوض في سؤال الهوية الشائك وتجدني لا أوافق على أي مما طرح في هذا السؤال وهذه الإشكالية منذ الضرير إلى ابكر وعبدالجبار عبدالله ومحمد جلال
    واعتقد ان هويتنا في حالة سيرورة وتشكل ففي ظروف مدن لا زالت قروية وفي ظروف برامج لا زالت مشاريع برامج فما الذي يجعل هويتنا تتخذ شكلاً يتم توصيفه؟ ومن ناحية اخرى أنا من الميالين لترك البحث في هذا المجال للمهتمين الاكاديميين أما أمثالي ممن لا حظ لهم في هذا الجانب فيكفيهم إثارة التساؤلات ومن هذه
    كيف يمكن وضع خريطة أي كتابة مقالة متسلسلة تاريخياً لتطور الاشكالية؟ أعتقد أن ورقة جلال قد حاولت هذا لكن أغفلت مناقشة أفكار آخرين كتبوا عن الموضوع كماإن عنوانها حجمها إذ كيف يمكن مناقشة افكار السودانوية وطرح احمد الطيب زين العابدين إزاء عنوان الورقة المكرس لمناقشة طرح الاستاذ عبدالله
    ومن ناحية أخرى لا يمكن الإجابة على سؤال من نحن بشبه جملة فالإجابة تلك ستصنفك إما عروبياً أو في تيار الآفرو عروبية أو السودانو عروبية المنبثقة منها بحق أو السودانوية أو الافريقانية . وفي رايي ان الإجابة على هذا السؤال يجب ان تكون مركبة بحيث يجيب الشخص الموداني الحالي على السؤال بانتمائه للثقافة التي ينتمي إليها وهذه أسميها هوية الإنتماء الضيق ثم يجيب بوصف الهويات التي تؤثر في إنتمائه سلباً وإيجاباً والتي هي عديدة وتشبه ما يسميه الأمريكان كوميونيتي. ثم يجيب في المستوى الأخير الاعلى بتوصيف كافة الفسيفساء التي تشكل هويات الوطن الذي هو أصلاً في حالة تشكل من حيث الهوية وهذا التشكل يتم بعنف في احايين كثيرة ويتم بهدوء في فترات أقل ولذا فمن رايي ان سؤال الهوية هو سيرورة تتبلور مع الممارسة السياسية والتنمية مما جميعها فإن إتجهت تلك الممارسة نحو إرساء قوانين عادلة تتواضع عليها كل الهويات السودانية بما فيها الهويات ذات الإسهام الأكبر بحكم عدديتها وحركيتها وتسلطها أو غيره تم إنضاج هوية سودانية واحدة بعد قرون من الآن على نار هادئة بحيث لا نعود
    .ندرك من نحن إلا كوننا بشرا ونعيش في السودان
                  

07-13-2003, 08:40 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الاخوان الافاضل
    بشري
    ابكر
    ابومنذر

    ابدا لم يلتبس علي الامر،فانا واثق تماما من تبني محمد جلال ،لمشروع عبدالله علي ابراهيم،او علي الاقل طرحه له باعتباره الوسط الجديد والخيار الوحيد القادر علي تحقيق دولة القومية السودانية وفق تعددية ديمقراطية تستند علي التعدد الثقافي،حسب رايه .وهاكم الدليل ،يقول محمد جلال في ورقته

    "..في هذا الخضم املنا كبير في تيار الوسط الصاعد بشقيه-حسب فهمنا له-ان هذا التيار هو الوحيد الذي يمكن ان يستشرف افاق الدولة السودانية القومية متجاوزا بذلك واقع الدولة المركزية.ان علي الوسط،بشقيه السودانوعروبي والسودانوافريقي، ان يجود اولا من عملية ترفيع وعيه بالواقع.."

    اذن الوسط الذي يعول عليه ،محمد جلال هو السودانوعروبية ،وهي التسمية التي اطلقها علي مشروع عبدالله ابراهيم ،وهي تمثل له القومية السودانية ،في شقها الشمالي.اما القومية السودانية ،في شقها الجنوبي ،فهي السودانوافريقية،ويقصد بها الحركة الشعبية في اتجاهها الوحدوي.

    كما سبقت الاشارة ان محمد جلال يعيد التقسيم القديم للاحزاب السودانية حسب اتجاهاتها.حيث يضع في اليمين كل احزاب المركز،حسب تعبيره،الشيوعي والامة والاتحادي والبعثي والاخوان المسلمون بكافة تنويعاتهم.اما في اليسار فتوجدالحركات الجهوية النازعة نحو الانفصال
    ؛النوبة والفور والبجة،واهل الجنوب.اما الوسط الجديد ،او المنقذ الجديد ،فهو السودانوعروبية،في الشمال ،والسودانوافريقية في الجنوب

    احزاب اليمين الجديد ،هي احزاب اسلمة واستعراب ،بما فيها الحزب الشيوعي.يقول:
    "..تقوم الاستقطابات الايديولوجية في السودان علي الاسلمة والاستعراب من جانب،ثم الافريقية من الطرف الاخر،تتوسطها دعاوي التوازن القومي والثقافي"
    "..تعتمد ايديولوجيا الاسلمة والاستعراب علي الاستيعاب..تعتمد ايديولوجيا الافرقة علي الجهوية والنزوع نحو الانفصال،اما الطرف الثالث الذي يمثل وسط الاستقطاب الايديولوجي فهو الدعوة الي قيام دولة مؤسسات وفقا لتعددية ديمقراطية.."

    اذن وضح الان ان محمد جلال، يطرح السودانو عربية- الاسم الذي اطلقه علي مشروع عبدالله ابراهيم،كوسط جديد هو الوحيد القادر علي انجاز دولة التعددية الثقافية والديمقراطية في السودان.ومشروع عبدالله كما حدده محمد جلال،"عروبة خاصة بالسودان واسلام خاص به دونما ادعاء للافريقية"
    وقد تحدثنا عن الركن الاول من المشروع ،العروبة الخاصة وخلصناالي
    انها عروبة قحة تلتمس مشروعيتها من الجذور العباسية وليس من السودان.وسوف نكمل الحديث عن الركن الثاني للمشروع ،الاسلام الخاص
    ونواصل
                  

07-14-2003, 01:35 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Agab Alfaya)

    الاستاذ عقب الفيا

    لقد بدا لي للوهلة الاولي انك قد خلطت خلطا كبيرا في فهم مواقف الاستاذ محمد جلال ؛ ولكن من الحيثيات التي تطرحها ؛ يبدو ان جزءا من الخلط راجع لمحمد جلال نفسه

    لقد زعمت انا ان محمد جلال قد وقع في بعض الهنات ؛ في سياق عمله الرائد ؛ وهتا اذكر باختصار شديد ما اراه من هنات
    1. تجاوز الاستاذ محمد جلال حركة ادم ادهم في الاريعينات ؛ ةالتي دعت الي افريقية السودان ؛ بل ودافعت عن افريقية شمال السودان ؛ وقد عزاها بعض الباحثين الي العناصر الزنجية المنبتة فبليا ؛ وهي حركة رائدة في دعوتها للسودانوافريقية
    2. طرح الاستاذ محمد جلال الاشكالية عبر تطورها التاريخي ؛ ولكنه لم يوضح منهجه البديل ؛ وخصوصا عن منهج عبدالله علي ابراهيم ؛ الذي اعتقد انه يرفضه بشده ؛ وذلك مما يظهر من ثنايا المقال واللغة المستخدنة ؛و الامر بهذا الشكل يمكن ان يجلب الخلط في تحديد موقفه ؛ ويعطي مبررات لرؤية الاستاذ عجب الفيا
    3. لا اتفق مطلقا مع التفسيم الجديد لليمين واليسار والوسط ؛ والقائم علي حدود ثقافية صرفا؛ وعلي الموقف من قضية بعينمها من قضايا الصراع السياسي – الاجتماعي . انني اذ اتفق في تحليل الاستاذ محمد جلال في نزوع اغلب احزاب وتيارات المركز نحو اليمين ؛ واغلب حركات االهامش نحو اليسار ؛ فهذا مما يستدعيه الواقع الاجتماعي وقضايا توزيع الثروة ؛ وليس الصراع حول الهوية ؛ كما ان اغلب لا تعني دائما كل ؛ وهو بصيغته الاطلاقية هذه ؛ يقف في تناقض مع العديد من معطيات الواقع
    4. لا اتفق مع الاستاذ محمد جلال في تصنيف قوات التحالف السودانية بانها تسير في ركاب السودانوعروبية؛ وانها تعبر عن يمين الوسط ..بل اري انها تدعو الي نوع من نظرية الفسيفساء الثقافية ؛ وانها ببرامجها الاقتصادية –الاجتماعية ؛ اقرب الي يسار الوسط عنها الي يمين الوسط
    5. اعتقد ان عنوان المقال يتناقض مع محتواه ؛ قهو لم ينحصر في تحليل المشروع الفكري لعبداالله علي ابراهيم ؛ بل حاول ان يؤرخ لاشكالية الهوية ؛ وان يطرح منهجا جديدا للاصطفافات السياسية ؛ وهذه ثلاثة مواضيع منفصلة ؛ اتمني ان يعيرها الاستاذ محمد جلال بالا وهو يعيد كتابة ورقته باطار اوسع ؛ في كتاب مثلا


    عادل
                  

07-14-2003, 08:41 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الاخ الاستاذ عادل

    مع احترامي لرايك ،لا اري ان في الامر غموض يمكن ان يؤدي الي خلط
    يحتاج الي توضيح من محمد جلال،فطرح محمد جلال في غاية الوضوح،فهو متسق من اول جملة الي اخر جملة ويؤدي الي النتيجة التي خلصنا اليها بكل سلاسة.ولكن لان الطرح غير متوقع من الكثيرين فكان هذا الاستغراب

    ان القومية التي يدعو اليها محمد جلال، خلال تبني مشروع عبدالله ابراهيم،ليست قومية واحدة وانما مجموعة قوميات.قومية شمال السودان ،او السودانوعربية-التي ينظر لها د.عبدالله وقومية الجنوب التي اطلق عليها السودانوافريقية.ثم القوميات الجهوية الاخري؛النوبة والفور والبجة ،والباب مفتوح لمزيد من القوميات.وقد استقي محمد جلال هذا الطرح من اخر فقرة ،في مقال عبدالله ،الافروعروبية او تحالف الهاربين،التي اعيد نشرها ،في كتاب الثقافة والديمقراطية،حيث يقول

    "ان افضل الطرق عندي ان يكف ابناء الشمال العربي المسلم،عن خلع بعض حضارتهم بدعوي الهجنة..فالاحتجاج بحقوق الافريقين المعاصرين او ممن يزعم الافروعروبين ان دمهم كاسلاف قد استقر فينا ،خطة سلبية جدا.
    فاهدى السبل الي السلام والنهضة الثقافية في السودان،هو الاقرار بقوامين،او اكثر،للثقافة السودانية.قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التاثير والتاثر،مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق"

    واشدد هنا علي اخر جملة :مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية
    من حيث المصادر والترميز والتوق"لاننا سنعود اليها في حديثا عن
    الاسلام الخاص -الركن الثاني للسودانوعربية.

    ويعيد محمد جلال تحليل الاقتباس اعلاه من عبدالله بقوله:"الحل الذي يقدمه عبدالله ابراهيم ان يكف ابناء الشمال العربي المسلم عن البحث عن هوية افريقية لهم.فمشروعه يقوم علي بناء حدود ثقافية بين ابناء الشمال العربي المسلم وابناء الجنوب الافريقي.فهذان هما القوامان.والفرصة متاحة لاقوام اخري.متاحة للفور والنوبة والبجا كيما ينفضوا عن هذا الحلف السناري ويكونوا اقوام خاصة بكل.وهكذا يتفرق السودانيون اباديد في الجهات الاربعة ..ولا عاصم لهم من هذا الشتات الا الوسط الاسلاموعربي"-اي السودانو عربية

    ولكن اليس ذلك هو للعروبة ذاتها؟اليس ذلك الاستعراب بعينه الذي ترفضه الدولة القومية التي يدعو لها كل المهمشين؟
    يقول محمد جلال انها العروبة ولكنها:"عروبة لا تستمد مشروعيتها من اعتراف العرب بها.انها عروبة خاصة ومفصلة علي اهل السودان الذين لا يعرفون غير الاسلام دينا وكفي الله المسلمين شر الهجنة ولكم دينكم ولي دين ولكم جنسكم والي جنس"

    وكانك يااب زيد لا غزيت ولا شفت الغزو؟
    ونواصل

                  

07-15-2003, 06:52 PM

Ahmedain
<aAhmedain
تاريخ التسجيل: 05-21-2003
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الأخ عبدالعاطى و بقية المشاركين:
    لكم التحية.
    الأخ عادل عبد العاطى،
    الشكر اجزله لك فى نقل هذه الدراسة المفيدة، كما الشكر موصلا (للأستاذ)محمد جلال على ما قدمه لنا من فكر. حقا ما قدمه جلال عمل جدير بالتأمل. فمثل هذه الأفكار، و فى تقديرنا المتواضع قد تكون ضمن اللبنات الأساسية المساهمة فى حل مشكلة السودان العضال.
    أتفق كثيرا مع جلال فى تحليله الدياليكتيكى التاريخى للمشكل السودانى. و لكن لدى بعض التساؤلات حول مركبه العلاجى والذى يقول فيه: "وفي هذا الخضم أملنا كبير في "تيار الوسط" الصاعد بشقيه (حسب فهمنا له). إن هذا التيار هو الوحيد الذي يمكن أن يستشرف آفاق الدولة السودانية القومية، متجاوزا بذلك واقع الدولة السودانية المركزية. إن على قوى الوسط ـ بشقيه السودانوعروبي والسودانوأفريقي ـ أن تجوِّد أولاً من عملية ترفيع وعيها بالواقع، ومن ثم بنفسها، حتى تدرك بصورة موضوعية وعملية المشتركات والمفترقات، بغية تحقيق أكبر قدر من التنسيق والتفاهم".
    لدى بعض من التحفظات والمداخلات فيما يسميه جلال (تيار الوسط الصاعد بشقية)، الأ اننى أكتفى فى هذا المقام بالسؤال الأتى:
    كيف ان يجتمعا هذين المركبين( السودانوعروبى\أفريقى). هل أن يجتمعا فى شكل جسمين مستقلين فى الوحدة الذاتية، و من ثم مجتمعين فى ا لكيفية( ادارة السودان مثلا)، أم الجمع بين المركبين عن طريق التوحيد الكيمائى لعناصره و من ثم ليخرجا بشئى ثلالث( السودانوعروبى+السودانوأفريقى= الناتج الجديد)، و كيف يكون موضع من لا ينتمى الى تيار الوسط الصاعد المكون من السودانوعروبى\أفريقى؟

    لكم أحترامى مع أمل العودة و المشاركة
    أحمد محمدين ضوالبيت

    (عدل بواسطة Ahmedain on 07-17-2003, 04:28 AM)

                  

07-18-2003, 05:36 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)




    Quote: فأين المفر؟:

    المفر هو عروبة خاصة بالسودان، وإسلام خاص به، دونما إدعاء للأفريقية. وهذا هو الإطار الذي سنسعى ـ فيما يلي ـ كي نترسّم أبعاده في كتابات عبد الله على إبراهيم، وهو الاتجاه الذي نحتنا له مصطلح "السودانوعروبية". وفيه سنضرب أمثلة موثقة بمن نرى أنهم ينتمون لهذا التيار الجديد



    في مداخلة سابقة قلنا من اين تاتي خصوصية السودان العربية في ظل الاصرار علي
    نفي الافريقية .اليست خصوصية السودان تنبع من افرقته؟
    لو حللنا مصطلح :السودانو عربية،نجد انه مكون من مقطعين؛سودان+عروبة.المقطع الثاني معروف،والمقطع الاول،سودانو،الي ماذا يشير؟الي الخصوصية،حسب التعريف اعلاه، اليس كذلك ؟ واذا كانت الخصوصية تاتي من الافرقة،فان (سودانو)=(افرو)وبالتالي فان السودانوعربية=الافروعربية
    والافرعربية،بشقها التاريخي؛يوسف فضل واخرون،او بشقها الابداعي:الغابة والصحراء؛تقول ان السودان بلد عربي افريقي،وان سكان شمال السودان تحديدا هم عموما نتاج للتمارج العربي الافريقي عبر القرون
    اذن لا جديد في هذا الطرح،كل ما هناك ان السودانو عربية،قذفت بعيدا نظريا ،بالافريقية وحلت محلها خصوصية متوهمة،وهل هناك خصوصية في حالة السودان، غير الافريقية؟
    ونواصل
                  

07-19-2003, 01:21 AM

Ahmedain
<aAhmedain
تاريخ التسجيل: 05-21-2003
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    up
                  

07-21-2003, 11:29 AM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السودانو عربية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ا (Re: Abdel Aati)

    الاخوان عادل وعجب الفيا ود ابكر والجميع
    قمت بارسال الحوار حول ورقة السودانو عربية للاستاذ محمد جلال وقام مشورا بالرد وسوف اقوم بانزالة تباعا
    لكم الود
                  

07-21-2003, 11:51 AM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السودانو عربية او تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراهيم (Re: Abdel Aati)

    فـــي إيضــــــاح مـــــــا أشـــــــــكل
    الإخـوة الأعـزّاء المشـاركـون في منـاقشـة بحـث "السـودانوعـروبيـة، أو تحـالـف الهـاربيـن"، تحية طيبة، وبعد؛
    لقتد ظـللـت أتـابـع عـن كثـب مسـاهمـاتـكم القيـمة فيـما يخـص البحـث أعـلاه، وكثـيراً مـا شـدتنـي مـداخلاتـكم للمشـاركـة في النقـاش، لكنِـي كنـت أحجم. فجـانبـاً عن ضيـق زمنـي نسـبةً لظـروفي الأكاديميـة الحـرجـة، كنـت أرى- بوصـفي كاتـب البحـث نفسـه- أن أتـرك الآخـرين ليـدلـوا بدلـوهـم، ويُخـرجوا مـا لـديهـم. ولكنـي أرى لزاما عليَّ الآن أن أقحـم نفسـي في هـذا النقـاش، ليـس كمحـاور فقط، بل أيضا لإيضـاح مـا يبـدو أنـه قـد أشـكل عـلى المحـاوِر الأسـاسي وهو الأسـتاذ عبد المنعـم عَجَـب الفِيّـا. وبـدءا أقـول إنـه ليـس أشـق علـى الكاتـب مـن أن يجـد نفسـه في مـوقـع الشـرح لمـا كتبـه، وإني إذ أفعـل ذلك إنمـا احتـراما وتـقديـرا لمـا ظللتـم تكتبـونه. سـأقـوم بتلخيـص إيضـاحي في النقـاط التـالـية، مسـتنـدا علـى الإقتبـاس مبـاشـرة مـن المقـال الفقـرات التـي أرى فـي إعـادة قـراءتهـا إمكـانيـة لحـل الإشـكال واللبـس، بعـدها سـأقـوم بمنـاقشـة اللبـس الـذي وقـع فيـه الأستـاذ عجـب الفيـا، ثـم سـأقـوم بتلخيـص النقـاط الأسـاسيـة لأفـكار المقـال:
    1/" لقـد ظلّت إشكاليـة هوية السـودان- ولا زالت- من حيث عروبته أو أفريقيته، هي القضية الشاغلة بصورة مباشرة للطبقة المثقفة، وبصورة أخرى غير مباشرة للقطاعات العامة للشعب السوداني. ونستطيع أن نقول بحق، إن قضية الهوية هي مأزق الفكر الإجتماعي ـ السياسي السوداني طوال عقود هذا القرن. والآن تشغل هذه القضية كافة جنبات المسرح السياسي السوداني، خاصة مع اشتداد حدة الصراع حول السلطة إلى درجة الحرب الأهلية، وضلوع الأيديولوجيا الإسلامية ـ العربية في هذا الصراع بكل ثقلها وبشكل سافر عبر مؤسسة الدولة ومشروع أسلمتها". (ص.ص.1 و2).
    هذا هو الموضوع الذي وصفناه بكونه حاسما في تحديد مسار السودان إجتماعيا، وسياسيا وحضاريا، وليس موضوع السودانوعروبية.
    2/" تستند الورقة في قوامها المنهجي على تحليلنا لثلاثة مقالات كتبها عبد الله علي إبراهيم خلال عقد الثمانينات. وحتى عنوان مقالنا هذا نفسه مصاغ ومنحوت على غرار عنوان واحد من المقالات الثلاثة. ولكن، حريٌّ بنا أن نذكر أن بحثنا هذا ليس عن عبد الله علي إبراهيم، بقدر ما هو يستند على تحليل لمقالاته في هذا الشأن. لا نزعم أن عبد الله على إبراهيم يتفق معنا في الرأي، وربما كنا على يقين من أنه يختلف معنا أيما اختلاف فيما ذهبنا إليه. والأمر كهذا، فحريٌّ بنا ألا نزعم بأن الذين سندخلهم ضمن هذا الاتجاه الجديد ينظرون إلى أنفسهم من خلال منظورنا لهم".(ص.2)
                  

07-21-2003, 12:00 PM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السودانو عربية او تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراهيم (Re: Abdel Aati)

    إن كل ما تحاول أن تفعله الورقة هو حفر مجرى نهري كبير لتجميع العديد من الجداول الفكرية السودانية التي يبدو وكأنما تفصلها مسافات زمنية ومفهومية، لكنها رغم ذلك - فيما نرى- يحكمها فكريا منحدر كنتوري واحد يسمح لها بأن ترفد نهرا كبيرا. وفي رأينا أن العديد من المفكرين السودانيين الذين يشملهم تصنيفنا هذا لا يصدرون فيما يكتبون عن وعي بهذه الإمكانية عدا قلة منهم، ويأتي عبدالله علي إبراهيم على رأس هذه القلة. لهذا اتخذنا من كتاباته مؤشرا لتبيان مشروعنا وليس مشروعه، لأنه لا يتفق معنا فيما ذهبنا إليه أصلا. ولهذا أيضا يتجاوز المقال عبدالله علي إبراهيم ليتناول أناسا آخرين نرى أن هذا التيار قد شملهم.
    "لقد عني عبد الله علي إبراهيم بمصطلح "تحالف الهاربين" أولئك الذين هربوا من هويتهم إدعاءاً لهويات لا أساس لها من الواقع. ونحن هنا نعني عكس ذلك. نعني أولئك الذين اختطوا لهم هويات بخلاف الهوية العربية، ثم هربوا فيما بعد من هوياتهم هذه ـ على حدة أو جماعات ـ اعتصاما بهوية لهم أسميناها السودانوعروبية هي بنت الآفروعروبية التي كانت بدورها بنت المدرسة الإسلاموعروبية في السودان." (ص.25)
    "إن هذا البحث ليس عن عبد الله علي إبراهيم، بقدر ما هو يستند في تحليله على مقالات كتبها. إنه محاولة لإماطة اللثام عن المواقف الأيديولوجية الحقيقية التي ينطلق منها أناس يبدو وكأنه قد تفرقت بهم سبل الفكر. ولا يظنن أحد أننا في ذلك نصدر عن روح تجريمية بغية الإدانة والدمغ. لا! فهذا إفلاس في حد ذاته. إننا نصدر عن روح هيغلية ـ وإن كانت غير مثالية ـ تؤمن بجدلية الحوار الفكري والثقافي بين الأفراد والجماعات. ولولا التأسي بكثير ممن تعرضنا لهم، لتهيبنا الكتابة عنهم إعجابا واحتراما. إن ما نسعى إليه هو أن نمارس نقد بعضنا البعض حتى نتمكن جميعا من معرفة مواقع أقدامنا. إنه لتحدونا الثقة والإطمئنان أنه إذا تم لنا هذا، نكون قد استشرفنا طريق الخلاص تشوّفا لبصيص نور في نهاية النفق". (ص.ص. 43-44)
    3/تستند الورقة على "منهج التحليل الثقافي" الذي تقوم مقدماته الأساسية على أن الصراع في السودان ليس بين ’شمال‘ و’جنوب‘ ، وهذا ما أسميناه بالتمفصل الخطي، والذي لا يعكس حقيقة الواقع في السودان، بل هو بين ’مركز‘ و ’هامش‘، وهذا ما أسميناه بالتمفصل الدائري التام. وهنا يأتي أيضا اختلافنا المفاصل مع عبدالله علي إبراهيم الذي يعتمد على الأول، بينما نعتمد على الثاني. وقد ورد رأينا هذا في المقال، خاصة الجزء الذي يناقش موقفي أحمد الطيب زين العابدين ومنصور خالد. لكنا هنا سنستشهد بجزئية وردت في معرض نقدنا لأستاذنا الفاضل بشرى الفاضل:

    "إن التمفصل الأيديولوجي الخطي Linear (شمال ↔ جنوب) هو في حد ذاته سمة من سمات الآفروعروبية، ثم السودانوعروبية لاحقا. إذ من شأنه أن "يفرز" الجنوب لوحده، مع استتباعه لباقي أطراف الهامش استيعابا وإعادة إنتاج، حتى إذا تغير السياق، وأصبح الجنوب غائبا، تبين لنا أن هذا "الشمال" هو نفسه "خشم بيوت"، وهنا يتضح أن هناك غربا، وشرقا.. كما أن هناك شمالا هامشيا للشمال نفسه." (ص. 32)

    4/ فلو أن عجب الفيا تمعن في قراءته لمقالنا، لما وقع في مثل هذا القول اللابس:
    "ان القومية التي يدعو اليها محمد جلال، خلال تبني مشروع عبدالله ابراهيم،ليست قومية واحدة وانما مجموعة قوميات.قومية شمال السودان ،او السودانوعربية-التي ينظر لها د.عبدالله وقومية الجنوب التي اطلق عليها السودانوافريقية.ثم القوميات الجهوية الاخري؛النوبة والفور والبجة ،والباب مفتوح لمزيد من القوميات."
    لقد أشار عدة أشخاص منبهين له أن في قوله لبسا، لكنه لم يكلف نفسه التوقف قليلا ومراجعة الأمر. وفي الحقِّ لقد أقلقني قليلا أسلوبه في النقاش، ذلك لما يتسم به من اندفاع وحماسة يمكن أن تجرف في تيارها سمة الموضوعية نفسها؛ إن هذا الحماس أفهمه على أنه ناجم من التزامه المشهود بقضايا الثقافة في السودان، وهذا أمر يُحسد عليه، ويشكر فيه. لكن الخوف هو أن يتحول إلى تعنت إيماني بوجهة النظر. أنظر مثلا إلى رده بخصوص تنبيهات الإخوة أعلاه:
    "ابدا لم يلتبس علي الامر،فانا واثق تماما من تبني محمد جلال ،لمشروع عبدالله علي ابراهيم،او علي الاقل طرحه له باعتباره الوسط الجديد والخيار الوحيد القادر علي تحقيق دولة القومية السودانية وفق تعددية ديمقراطية تستند علي التعدد الثقافي، حسب رأيه."
    فإذا كان الأمر باعتبار "أبدا لم يلتبس" عليه، وإذا كان هو "واثقاً تماماً من تبني محمد جلال لمشروع عبدالله علي إبراهيم"، فكيف يجوز له أن يقول بعد ذلك مباشرة: "أو على الأقل طرحه له باعتباره الوسط الجديد والخيار القادر........إلخ"؟ فإما هذه أو تلك، والواثق من أمره لا يتراوح بين إما هذا أو هذا. حتى إذا كان ذلك طرحا مني لمشروع عبد الله علي إبراهيم، فإنه لا يعني أنني أتبناه، ورواية الكفر لا تُكفِّر، كما يقول فقهاؤنا. بيد أن الأمر كله غير ذلك؛ إذ كيف يستقيم أن يتبنى محمد جلال مشروعا يُنسب زعماً لعبد الله علي إبراهيم، بينما هذا الأخير لم يؤثر عنه اعترافه بنسبة هذا المشروع له؟ أما قوله: "وهاكم الدليل"، فلا يعدو أن يكون لجاجةً، لأن الإقتباس الذي أورده هو في الحقيقة ’دليل‘ على بطلان وجهة نظره هو. فلنتأمل معا هذا الإقتباس:
    " وفي هذا الخضم أملنا كبير في "تيار الوسط" الصاعد بشقيه (حسب فهمنا له). إن هذا التيار هو الوحيد الذي يمكن أن يستشرف آفاق الدولة السودانية القومية، متجاوزا بذلك واقع الدولة السودانية المركزية. إن على قوى الوسط ـ بشقيه السودانوعروبي والسودانوأفريقي ـ أن تجوِّد أولاً من عملية ترفيع وعيها بالواقع."
                  

07-21-2003, 12:05 PM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السودانو عربية ااو تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراهيم (Re: Abdel Aati)

    كيف يؤُخذ هذا القول على أنه بينة تثبت تبني محمد جلال لفهمٍ يُفترض أن صاحبه هو عبد الله علي إبراهيم؟ ترى ما هي الدلالة التي فهمها الأستاذ عجب الفيا لجملة (حسب فهمنا له)؛ إذا كانت الجملة كالآتي: (حسب فهم عبدالله علي إبراهيم له)، هنا فقط يكون رأي الأستاذ عجب الفيا صحيحا. وليت التخليط وقف عند هذا الحد. إذا كانت ’السودانوعروبية‘ مشروعاً مقدماً من عبدالله علي إبراهيم –حسبما ذهب إليه عجب الفيا- وقد قام محمد جلال بتبني هذا المشروع، فمن يا تُرى صاحب مشروع ’السودانوأفريقية‘؟ هل هو عبدالله نفسه؟ أم أن مفهوم الوسط (حسب فهمنا له) شِقُّه ’السودانوعروبي‘ يتبع لعبدالله علي إبراهيم، بينما يتبع شِقُّه ’السودانوأفريقي‘ لمحمد جلال .....(حسب فهمنا له) أيضا؟
    ولنا أن نتساءل: كيف جازلمثقف ثر الكتابة، شجاع الرأي، متعدد الآفاق –مثل عجب الفيا- أن يلتبس عليه الأمر في مقال يكاد يجمع قراؤه على وضوحه؟ فكأني به قد قام بقراءة إسقاطية، أي أنه أسقط آراءه –أو ما يود أن يفهمه هو- على ما قرأه. ما يجعلني أحتمل هذا الرأي هو أسلوب معالجته لآراء الأستاذ عبدالله علي إبراهيم، حيث يحاكمه بطريقة أن من روى الكفر كافر، وهذا شيئ يعوزه المنطق والعدل. من ذلك قوله في معرض حديثه عن ’خطة‘ عبدالله (التشديد من عندنا):
    "وتقوم الخطة علي رمي الافروعروبين بتهمةالاساءة الي الافريقي بالصفات التي يظن في قرارة نفسه انها الصق بجنس الافريقي مثل المشاعية والبوهيمية واستباحة المحرمات واطلاق الغرائز،ليسهل عليه في النهايةالقول بان دافعهم الي الفرار الي النسبة الافريقية ،هو التحلل من محرمات الحضارة العربية الاسلامية.فصورة الافريقي مرتيطة في ذهنه اصلا بمثل هذه الصفات .لذلك فان اي حديث عن الدم الافريقي او الثقافة الافريقية لا يري فيه غير دعوة ماجنة الي اشباع الغرائز والتحلل من المحرمات."
    إن المرء لا يملك إلا أن يستعجب إزاء هذا القول؛ فكأني بعجب الفيا لم يقرأ الإقتباس الخاص بقصيدة "انطلاقة" للمجذوب والتي وردت في كلا المقالين "السودانوعروبية أو تحالف الهاربين" لمحمد جلال هاشم و"الآفروعروبية أو تحالف الهاربين" لعبدالله علي إبراهيم! هذا فضلا عن باقي الأدبيات الخاصة بروّاد الغابة والصحراء. إن عبدالله علي إبراهيم يستعرض هنا، ناقدا ومحللا، أدبيات تلك المدرسة فيما يتعلق بتبنيها لمفهوم "البدائي النبيل" في نظرها للأفريقي الأسود. هذا المفهوم قد قُتل بحثا، ويعتبر من مخلفات الأنثربولوجيا العرقية، وقد تبرأ منه فيما بعد الذين تبنوه على مستوى العالم كتبرؤهم من الجَرَب، بما في ذلك رواد الغابة والصحراء. وقد ورد كل هذا في كلا مقال عبدالله ومقالي موثقا بالأمثلة من حيث بادئة وعاقبة أمرهم، فكيف تأتَّى لعجب الفيا أن يقع في كل هذا اللبس؟
    من ذلك أيضا قوله عن آراء عبدالله بخصوص ترمنقهام:
    "وجاء عند ترمنغهام ان الهجين العربي الافريقي قد سرب من العقائد الي الاسلام ما ادخله في الوثنية" وان ترمنغهام قد رد عصبية البقارة التي ناصروا بها الثورة المهدية الي غلبة الدم الافريقي "ولا افهم كيف يمكن ان ينطوي ذلك علي فرضية انحطاط؟فهل الحمية القتالية التي ناصر بها البقارة الثورة المهدية لا تحتمل سوي تفسير واحد سوي غلبة الدم الزنجي؟ولنفترض ان السبب المباشر لهذه الحمية هو غلبة الدم الافريقي فيهم،هل سيكون في هذه الحالة النسبة للدم الزنجي اعلاء من قدره ام للحط منه؟
    ولنفترض جدلا ان مكمايكل وترنغهام وكل الذين كتبوا عن تاريخ السودان،قد قصدوا الاساءة الي السودانيين والحط من قدرهم عندما قالوا ان دماءهم العربية قد اختلطت بالدماء الافريقية،فهل يعد ذلك مبررا كافيا للسودانيين للتنكر لاصولهم الافريقية والتنصل من انتماءهم لافريقيا؟"
    إنه هنا يأخذ عبدالله برأي ترمنقهام، إلا إذا كان يرد فعلا على ترمنقهام الأمر الذي لا يتفق وسياق الكلام.
    هناك شيئ آخر يمكن أن يُفهم من هذه المفارقات، ألا وهو عدم إلمام عجب الفيا بالأدبيات المتعلقة بالموضوع عامةً والموضوعين المشار إليهما أعلاه خاصةً. إذا كان هذا صحيحا، فهذا أمرٌّ جَدُّ خطير. ولعل مما يدعم هذا الرأي أنه في تناوله لمقالي يبدو وكأنه محصور في هذا المقال فقط، إذ لا يستأنس في نقده لآرائي بأي كتابات أخرى لي، رغم تنبيه البعض له إلى هذا الأمر. نعم! أنا أعرف أني شخص مغمور، وعجب الفيا نفسه -بالنسبة لي- شخص ذائع الصيت. ومع هذا، لا يجوز في مقام العلم أن تتصدى لنقد آراء إنسان –مهما صغر شأنه- دون أن تعمد إلى مجمل آرائه في قوامها العام وفي مظانِّها المأمونة. بغير هذا سيفتقد الكلام سمة الموضوعية، ليكتسب في المقابل سمة الذاتية. وما هي الذاتية؟ إنها مثل هذا الإسقاط، إن لم نقل سقط القول. فالحوار الفكري عند عجب الفيا يبدو وكأنه تجريمي الطابع. أنظر مثلا إلى هذه اللغة، والتشديد من عندنا:
    "ولكن المأزق الحقيقي لمشروع عبدالله علي ابراهيم ،هو هذا التافف والفوفيا."
    "الحقيقة ليست له حجة موضوعية لمناهضة هذة الحقيقة التاريخية سوي اللجوء لنظرية المؤامرة وافتراض سوء النية المبيت لهؤلاء المؤرخين."
    "من الاساليب والحيل التي استعملها الدكتور في تمرير دعوته."
    "بل انه يذهب بعيدا ليتخذ خطة اكثر مكرا."
    "ولكنه لا ينسي قبل ان يختم مقالته ان يلقي بالطعم الاخير،ليصرف به الانظار عن خطته الماكرة."
    تُرى ما هي الطرائق الجاسوسية-الإستخباراتية التي عبرها تمكن الأستاذ عجب الفيا من معرفة مرامي عبدالله الحقيقية؟ أوليست هي صفحات الجرائد العامة والكتب المتاحة في المكتبات العامة؟ فأين المؤامرة والتحايل هنا؟ إن استخدام مثل هذه اللغة لا يخدم الحوار الفكري؛ فالحوار من شأنه أن يشدَّ أواصر القربى الفكرية كيفما كان الاختلاف، بينما هذه اللغة تقطع الأواصر. إن الحوار الفكري البناء يُولِّف ما بين قلوب المفكرين كيفما تفرقت بهم سبل الفكر، لأنه يستند على الاحترام لا على الإزراء كما تفعل مثل هذه اللغة. فحتى العداء الفكري إذا ما تم تداوله بلطيف العبارة، مهذبها، يتطور إلى صداقة شخصية رغم الإختلاف. وإلا فيم كان تكرار مقولة: اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية؟ وليس أفسد للود من لغة الإزراء. وأُشيرُ إلى أنني أقول ’اللغة‘ و ’العبارة‘، ولا أقول ’الألفاظ‘، إذ إن ما يُضفي صفة الإزراء هو ’نَفَسُ الكتابة‘ و ’روح الكتابة‘، وليس عين الألفاظ في دلالاتها القاموسية، أي ’الخطاب‘ الذي ينسج معاني ودلالات فوق-قاموسية.
    في هذا السياق ساءني تخريج بعض أقوالي بطريقة تجعله أساسا استناديا لمثل هذه اللغة المزرية. جاء هذا في قول عجب الفيا:
    "لقد صدق محمد جلال عندما قال ان عبدالله،استعان في تمربر مشروعه الاسلاموعروبي بالكثير من الحيل والمناورات،لقد ظللت اردد ذلك كثيرا في كتاباتي عن عبدالله."
    "ويتلخص مشروع عبدالله الذي ظل يستعين عليه بالمناورات والحيل علي حد تعبير محمد جلال."

    ويرمي بذلك إلى قولي في مقدمة المقال:
    " وتأتي أهمية عبد الله علي إبراهيم من كونه أكاديميا ضليعاً، وسياسيا نبيها، خرج من أروقة الحزب الشيوعي السوداني بعد علاقة استشارية لصيقة بالمرحوم عبد الخالق محجوب (السكرتير العام السابق للحزب الشيوعي السوداني، الذي أعدمه نميري عقب انقلاب هاشم العطا في يوليو 1971م)، مسنودا بخبرة مشهودة، ومكنة فكرية غير منكورة. وقد وظف جهوده منذئذٍ لتكريس الهوية العربية الإسلامية دون أن يدور في فلك أي حزب سياسي. وقد أدت به مواقفه هذي إلى مناورات تشهد له بالذكاء، واتبع في ذلك حيلا أعانته عليها ألمعيته الأكاديمية الفذة."
    لقد فات على الأستاذ عجب الفيا أن ذِكري مفردتي ’مناورات‘ و ’حيل‘ جاء في سياق المدح وليس الذم؛ لقد فات عليه في مجمل قراءته للمقال أن يلتقط روح اللغة المستخدمة في صياغته، فالتبس عليه الأمر. فعندما أكيل إيجابا وإعجابا بعبدالله، يذهب عجب الفيا إلى عكس ذلك إلى حيث فيه هوى نفسه، كما في المثال أعلاه. وعندما أسوق الحجة إثر الحجة مفندا وكاشفا لمواقف عبدالله، لأنتهي بجملة أسجل فيها نشوة انتصاري عليه –ذلك باعتباري أحد طلبته، على غرار’الحُوار الغلب شيخو‘- يفهمها عجب الفيا معكوسة، كما في المثال التالي:

    " فهذان هما القوامان، كما إن الفرصة متاحة لأقومة أخرى. وهنا لا يفصل لنا طبيعة الأخرى هذه، بل يتركها لنا كيما نذهب فيها مذاهبنا. ولا نملك هنا إلا أن نتم له هذا، فنقول: الفرصة متاحة للنوبيين والفور والبجا كيما ينفضوا عن هذا الحلف السناري ويكونوا أقومة خاصة بكلٍ. وهكذا يتفرق السودانيون
                  

07-21-2003, 12:07 PM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانو عربية ااو تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: abumonzer)

    أباديد في الآفاق مع اتجاهات الرياح الأربع: الشمال ـ الجنوب ـ الغرب ـ الشرق … ولا عاصم لهم من هذا الشتات إلا الوسط (الإسلاموعربي).
    "ولعمري! إنها العروبية، (وبالمكشوف)، وأي عروبية! إنها عروبية لا تنهض على كثيب مهيل بالحجاز، أو طلل دارس بتيماء، أو ريح صبا تهب عليك من تلقاء كاظمة. فهي عروبية لا تستمد مشروعيتها من اعتراف العرب بها، كما سعى إلى ذلك عبد الغفار محمد أحمد. إنها عروبية خاصة ومفصلة (بالمقاس) على أهل السودان الذين لا يعرفون غير العربية لغة وغير الإسلام دينا، وكفى الله المسلمين شر الهجنة، فلكم دينكم ولي دين، ولكم جنسكم ولي جنس."
    فقد فَهِم الأستاذ عجب الفيا قولي هذا باعتباره بينةً تُثبت تبعيتي لعبدالله علي إبراهيم، ولا أملك على ذلك تعليقا.
    ولكن ما ساءني ليس هذا الإلتباس، بل الترصد القاموسي لأي مفردة يمكن أن تحتمل اسقاطات القارئ المتحيز. فجانبا عن عدم قدرته في التقاط الدلالات الخطابية الإيجابية لمفردتي ’مناورات‘ و ’حيل‘، يجيئ تخريجه الإستنادي لهما ومن ثم الإستشهاد بهما مرتين، وكأن ذلك هو مستند تحليلي أنا وليس هو. لقد ذكر الأستاذ عجب الفيا أنه ظل يردد كثيرا في كتاباته عن عبدالله علي إبراهيم اتباع الأخير أسلوب التحايل وخبث المقصد والوسيلة، فلماذا يتكئ مرتين على مقولة ذُكرت عَرَضا مرةً واحدةً وفي سياق المدح. لقد التبس عليه فهم الموضوع في مجمله، هذا صحيح، لكنه عمد بعد ذلك إلى تحميل هذه المفردة عبء موقفه وأقواله هو. فلماذا؟
    وبعد، كيفما كان السبب، فإنه من المؤكد أن الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا قد التبس عليه فهم مقالي. أما إصراره على أن الأمر غير ذلك، فلن نعتبره مغالطة، بل صدقا مع النفس، لأن الرجل فعلا يعتقد ذلك. لكن ما أخشاه فعلا أن تبدأ المغالطة بعد الآن، لأن ذلك سيكون مجرد مكابرة. هنا نكون قد فقدنا مثقفا جيدا وناقدا ثاقبا، لا لشيئ إلا لأنه قد أخذه العُجْبُ بنفسه فلا هي ترتجع ولا هو يراجعها. وهنا فليسمح لي الأستاذ عجب الفيا أن أُذَكِّره أن انزلاق قدم المرء إلى الهاوية لا تُحْدِثُه الحجارة والصخور الكبيرة، بل أصغر الحجارة التي لا رَكازَ لها. فالانزلاق في هاوية المكابرة لا يتم عادة في المواقف الكبيرة، بل في صغائرها. فالكبيرة هنا هو إدارة حوار فكري حول مقال بعينه، بينما الصغيرة هنا هو الإنصراف نحو تحديد ما إذا كان شخص بعينه قد فهم ذلك المقال أم لا. لقد كان في مقدور الأستاذ عجب الفيا –ولا زال- أن يصدع برأي ناصع في معرض نقده لمقالي لو أنه حرّر نفسه من هاجس ’ضبط‘ عبدالله علي إبراهيم ’بالجرم المشهود‘، وهو هاجس يبدو أنه يتلبّسه فعلا. عندها أيضا سيكون أقدر مما يتصور في تحرير نقد موضوعي بخصوص عبدالله علي إبراهيم نفسه.
    ها هو ذا مثقف يملك ناصية الكلم والقدرة على تنزيل أفكاره عبر سِنة قلمه، وتجد رايته مرفوعة في أكثر من ميدان فكري، ثم أكثر من ذلك لا يتهيب خوض المعارك الفكرية؛ ثم يكبو ككبوة كل جواد أصيل، لكنه –كمن تأخذه العزة بالإثم- يتظاهر متعنتا أن تلك لم تكن كبوة، ولكنها ’حركة‘ من ’حركات‘ الفروسية. لا يا صديقي العزيز! هذا ما لا أريده لك! أريدك أن تكون كعنترة في حومة الفكر، تصول ذات اليمين وذات اليسار وذات الوسط ممتشقا قلمك الناقد وبصرك الثاقب، لا أن تكون مثل دون كيشوت تحارب طواحين الهواء ظنا منك أنها مشاريع تآمرية لعبدالله علي إبراهيم.
    إذن، فدعنا –يا صديقي العزيز- ننسى كل هذا، ولنلج حومة الوغى الفكري، ودونك الملامح الأساسية لمقالنا، وأنا في انتظار إشراقاتك النقدية وإشراقات باقي الأساتذة الأجلاء معك.
    5/ يتلخص المشروع الذي قدمناه على الآتي:
    أ/ التمفصل الأيديولوجي الدائري (هامش في مواجهة مركز) بدلا من التمفصل الأيديولوجي الخطي (شمال في مواجهة جنوب)، ثم منظور ’الوحدة في التنوع‘ بدلا عن منظور ’بوتقة الإنصهار‘، ثم ’التعددية الثقافية‘ بدلا عن ’الأحادية الثقافية‘.
    ب/ إعادة رسم الخريطة الأيديولوجية من حيث توضيع قوى اليمين واليسار والوسط. يشمل اليمين القوى التي تدعم واقع الهيمنة الإسلاموعروبية الراهنة (مثل الأمة، الإتحادي، الإخوان المسلمين بتعدد تفرعاتهم ثم التنظيمات الإسلامية عامة) أو تلك المتصالحة مع واقع الهيمنة بحكم دعاواها العروبية (مثل البعثيين، الناصريين وعموم دعاة القومية العربية) ، و تلك المستفيدة منه (مثل غالبية الماركسيين). ويشمل اليسار تلك القوى التي تمثل العديد من مناطق الهامش، والتي يئست –جرّاء القهر الطويل- من جدوى النضال لاستعادة حقوقها المشروعة عبر إطار الدولة السودانية الموحّدة، فكان أن عملت على الانفضاض عنها اعتزالا وانفصالا (مثل العديد من القوى السياسية المنادية بفصل جنوب السودان وبعض القوى الناهضة حاليا بدارفور). أما الوسط فموجود كفاعلية وليس كشكل تنظيمي، ذلك لأنه يعوزه الوعي الأيديولوجي بنفسه، وبالتالي فهو ما زال في طور التشكل. يتكون الوسط أساسا من قوى كانت في أول أمرها إما يمينية أو يسارية (بالفهم الحديث لليمين واليسار)، ثم كان أن زحزحت أقدامها من طرفي المسطرة إلى وسطها. وهي إذ فعلت ذلك، ما زال يعوزها الوعي الأيديولوحي اللازم بكينونتها الوسطية هذه. وقد كان من نتيجة هذا القصور في الوعي، أن قعدت عن أن تلعب دورها بكفاءة، فهي ما زالت تُراوح بين طرفي المسطرة ترددا وتخبطا. وقد جاءت قراءتنا لهذا الوسط على أنه يتكون من شقين: شِقّ يَصُدر عن ماضيه اليميني، وشِقّ آخر يصدر عن ماضيه اليساري؛ الأول أطلقنا عليه اسم ’يمين الوسط‘ وقلنا إن كتابات عبدالله علي إبراهيم، في عمودها الفقري، جديرة كيما تكون أساسا فكريا لهذا الإتجاه. وقد
                  

07-21-2003, 12:09 PM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانو عربية ااو تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: abumonzer)

    أدخلنا في يمين الوسط هذا عدة قوى أخرى على رأسها قوات التحالف السودانية. وقلنا عن هذه التيارات إنها القوى الذكية، المستنيرة التي تنتمي بوعي قومي-سوداني إلى الثقافة العربية الإسلامية داخل السودان، مع كامل مناهضتها لمشاريع الأحادية والمركزية وإعادة الإنتاج الثقافي وما يتبع من استيعاب وقهر. أما الشق الثاني فقد أطلقنا عليه اسم ’يسار الوسط‘، وزعمنا أن أسسه الفكرية تقوم على تشريع التعدد الثقافي في إطار القومية السودانية والدولة السودانية الموحدة، وقد رشحنا القوى الممثلة لمجموعات الهامش –شمالا وجنوبا، شرقا وغربا- لملء هذه الخانة. ثم زعمنا أن الحركة الشعبية لتحرير السودان تدخل ضمن هذا التصنيف أيضا، رغم محاولات القوى اليسارية (الإنفصالية) وحكومات الخرطوم المستمرة لجعلها تنكص من الوسط لتعود إلى اليسار وذلك بجعل انفصال جنوب السودان أمرا واقعا.
    ج/في هذه المرحلة، نرى ضرورة ’فرز الكيمان‘، إذ ليس من صالح الحركة الوطنية السودانية أن تستمر في هذا التخليط المذهبي. على قوى اليمين المتطرف (الإسلاميون الأصوليون) وقوى اليمين المعتدل (الأنصار وحزب الأمة، الختمية والإتحاديون، ثم القوميون العرب والماركسيون الإستعرابيون) أن يرفِّعوا وعيهم بمشتركاتهم المذهبية. إن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، وإن في اجتماعهم قوةً لهم ومصلحةً للسودان.
    ثم على قوى اليسار أن تدرك مواقع أقدامها، وأن تدرك الأبعاد العملية لمشروعها الإنفصالي؛ عليها أن تجوِّد التأسيس الفكري لأطروحتها. إن فصل إقليم معين من أقاليم السودان –ولنقل الجنوب مثلا- ربما ينطوي في الواقع على عملية تفصيص وتفكيك مؤسسة الدولة السودانية الموحدة بحدودها الجغرافية والديموغرافية الحالية والتي يمتد عمرها لحوالي 5000 سنة. إن عملية التفصيص والتفكيك قد لا تقف عند حد انفراط عقد الأقاليم الأساسية المكونة للدولة السودانية. إذ ليس هنالك ما يضمن أن شغل هذه الآلية التفكيكية سوف يتوقف بمجرد أن يحقق أحد الأقاليم –ولنقل الجنوب أيضا- انفصاله؛ إذ ربما تشمله هذه الآلية فيبدأ هو أيضا في التفكك والتفصص. من السهل أن نُخرج من الجرَّة الجان الذي حبسه سيدنا سليمان، لكن ربما من المستحيل أن نعيده إلى الجرَّة مرة أخرى. ماذا تعني آلية التفكيك هذه؟ إنها تعني تكرار سيناريو ’الهوتو والتوتسي‘ بطريقة المتواليات الهندسية، ذلك لأن السودان يضم حوالي 500 مجموعة إثنية دون ذكر تفرعاتها. إن على قوى اليسار السوداني أن تثبت أنها على مستوى المسئولية التاريخية التي وجدت نفسها إزاءها، لا أن تعطي الإنطباع بأنها تتصرف بمبدأ ’عَلَيَّ وعلى أعدائي‘.
    في نفس هذا السياق ينبغي لقوى الوسط أن تتحد، أو على أقل تقدير أن تحقق أكبر قدر من التنسيق مع بعضها البعض حتى يكتمل تبلورها ونضجها فتتحرر تماما من ظلال ماضيها اليميني أو اليساري.
    د/ إن مسألة انتماء تنظيم بعينه إلى اليمين، الوسط أو اليسار، ليست عملية إستاتيكية جامدة، بل هي عملية عالية الديناميكية. إن ما يجعل تنظيما ما يقع في هذا التصنيف أو ذلك، هو مواقفه الفكرية والعملية وبرنامجه السياسي، وهذا هو المتغير الذي يحكم العملية في مجملها. فإذا تغيرت هذه المواقف والبرامج مع الأيام، تغير تبعا لذلك تصنيف التنظيم السياسي من حيث كونه يمينا أو وسطا أو يسارا. بهذا يمكن أن نجري رصدا إمبيريقيا للحركات السياسية من حيث التطور والتغير.
    وإلى لقاء أتمنى أن يكون قريبا إنشاء الله
    محمـــد جـــــلال أحمــــــد هاشــــــــم
    Muhammad Jalaal Ahmad Haashim
    35 Rippington Drive
    Old Marston
    Oxford, OX3 0RJ
    Tel.: 00 44 1865 246 880
                  

07-21-2003, 12:13 PM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانو عربية ااو تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: abumonzer)

    انهى تعقيب الاستاذ محمد جلال وسوف اقوم بمدة بمداخلاتكم وانقل لكم تعقيبه عليها الى ان يتاح له زمن للانضمام للمنبر
    ولكم الود
    عصام محمد احمد
                  

07-21-2003, 04:41 PM

Ahmedain
<aAhmedain
تاريخ التسجيل: 05-21-2003
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانو عربية ااو تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: abumonzer)

    up
                  

07-22-2003, 05:59 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الاخ ابو منذر
    الاخوة الافاضل

    لم اطلع علي رد الاخ الاستاذ محمد جلال الا بعد ان عدت البارح من
    شغل الدوام الثاني مرهقا
    الحقيقة لقد فوجئت باللهجة العنيفة الغير متوقعة من الاستاذ محمد جلال,والتي لا اري لها سببا.فلنفترض انني اسئت الفهم عندما قلت ان محمد جلال يتبني مشروع عبدالله ابراهيم،فهل هذا مبررا كافيا لكل هذا الغضب والانفعال والشطط؟ هل طرح عبدالله ابراهيم بهذا السؤ حتي صار
    التبرؤ منه يستلزم كل هذا الغضب والانفعال؟

    انني اعلم جيدا يا استاذ جلال اعجابك وتبجيلك لاستاذك عبدالله ابراهيم
    وهذا الاعجاب وهذا التبجيل هو الذي جعلك تبني من افكاره سياجا قسريا
    تحشر فيه كل ابناء السودان الشمالي بمختلف توجهاتهم الفكربة والحزبية،من الطيب صالح الي الفيتوري واحمد الطيب مرورا ببشري الفاضل ومنصور خالد الي اخر القائمة.فهل تريد ان تبقي وحدك خارج سفينة النجاة؟ام ستاوي الي جبل يعصمك ؟
    دلناعلي هذا الجبل،فنحن مثلك لا نريد الانحشار في هذه السفينة المعطوبة

    تقول انني مكابر لانني لم اتقبل اعتراضات الاخوة المشاركين الذين ارادوا تصحيحي.وانا اقول لك لا يا اخي العزيز انني لم اتلقي اي توضيح من المشاركين،مسنود مما ورد بالورقة يجعلني اعيد النظر فيما خلصت اليه ،بل العكس ان بعضهم راجع وجهة نظره وقال ان في الامر ما يبرر قراءتي لورقتك
    مثل الاستاذ عبد العاطي،وبعضهم احس فعلا ان في الامر لبسا فلجا اليك لازاحة هذا اللبس مثل الاخ ابو منذز

    وبافتراض ان هنالك التباسا فان ردودك لم تفلح ان زادت الامر التباسا علي التباس وسنفصل ذلك كلما سمح لنا الوقت

    اشكرك علي الرد واتمني ان تنضم الي اسرة المنبر الحر قريبا
    ونواصل

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 07-22-2003, 06:51 AM)

                  

07-22-2003, 02:53 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    "في هذا الخضم املنا كبير في تيار الوسط الصاعد بشقيه-حسب فهمنا له-ان هذا التيار هو الوحيد القادر الذي يمكن ان يستشرف افاق الدولة السودانية القومية متجاوزا واقع الدولة المركزية .علي الوسط بشقيه،السودانوعربية والسودانوافريقية.."

    تحليل:-

    املنا كبير=المتحدث محمد جلال

    الوسط الصاعد بشقيه،حسب فهم محمد جلال=السودانوعربية+السودانوافريقية

    الدولة القومية=السودانوعربية+السودانوافريقية

    السودانوعربية،حسب فهم محمد جلال=مشروع عبدالله علي ابراهيم

    النتيجة:-

    1-محمد جلال لا يتبني مشروع عبدالله ابراهيم

    2-محمد جلال يطرح مشروع عبدالله ابراهيم ،السودانوعربية ومعه السودانوافريقية،باعتباره التيار الوحيد القادر علي استشراف الدولة القومية التي يامل فيها
    الاستاذ محمد جلال

    بالله عليكم الله يا جماعة يفهموها كيف تاني؟
    بشري الفاضل وعبد العاطي وابكر وابو منذر واحمدين وكل المهتمين بالموضوع
    قولوا لينا عشان نفهم
                  

07-22-2003, 03:48 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Agab Alfaya)

    الاساتذة محمد جلال وعبدالمتعم عقب الفيا

    تحية طيبة

    شكرا لمداخلة الاستاذ محمد جلال الثرة؛ واملنا كبير ان ينضم لاسرة المنتدي ؛ لكيما تكون مشاركته بالاصالة ؛ لا بالوكالة؛ وان نستفيد من فيض افكاره ورؤاه التجديدية

    بالنسبة للموضوع محور الخلاف؛ فان رؤيتي وسطية ما بين طرحي الاساتذة محمد جلال وعقب الفيا؛ حيث ان هناك ضعفا او عدم تحديد في الصياغة؛ الامر الذي يمكن ان يجلب اللبس الذي وقع فيه الاستاذ عقب الفيا؛ من الناحية الاخري فان مكل اعمال محمد جلال؛ وروح المقال؛ تنبئ بعدم تبني الاستاذ محمد جلال لمشروع السودانوعروبية؛ كما يطرحه عبدالله علي ابراهيم

    ماذا يطرح عبدالله علي ابراهيم؟

    انه يطرح منهجا ايدلوجيا لاثبات عروبة –خاصة – لشمال السودان؛ مبنية علي الاياوجيا ؛ لا حقائق التاريخ ؛ اي انه يبرر للوعي الزائف لسكان الكيان المستعرب – الاسىمي في الشمال والوسط ؛ كما ولاثبات اسلام خاص بهما؛ وهو بهذا يميز نفسه عن التيار العروبي القح ؛ والتيار الاسلاموي الاممي – الاصولي .

    ان عبدالله علي ابراهيم مهتم اذن في المقام الاول؛ بالدفاع عن الكيان المستعرب – الاسلامي؛ وبناء ايدلوجية له؛ وهو لا يناقش بالتالي هوية الكيانات الاخري؛ وانما يتركها لابناء وممثلي هذه الكيانات

    بالمقابل يبدو ان عبدالله علي ابراهيم؛ يدعو الي تعايش سلمي للكيانات المهتلفة؛ بما فيها الكيان المستعرب – الاسلامي؛ الذي سودنه عبدالله علي ابراهيم ؛ وهو بذلك يذهب الي فكرة قريبة من الوحدة في التعدد؛ وان كان يري هذه الوحدة بطريقة استاتيكية ؛ اي دون تداخل ثقافي بين هذه الكيانات؛ ومما لاريب فيه ان هذه النظرة يمكن ان يذهب بها بعيدا ؛ حتي الي مناطق تبرير الانفصال

    ماذا يطرح محمد جلال هاشم؟

    محمد حلال يكرس جل هدفه ؛ لرصد سيرورة وتطور افكار النخبة في الكيان المستعرب الاسلامي؛ ويهلص الي انها وجدت تبلورها في السودانوعروبية ؛ وهو مشروع عبداله علي ابراهيم

    هل يطرح الاستاذ محمد جلال؛ تحليلا اخر لهوية الكيان المستعرب –الاسلامي؛ مختلفة عن رؤية عبدالله علي ابراهيم ؟ لم نرصد ذلك

    بالمقابل فان دعوة الاستاذ محمد جلال ؛ للوسط اليميني – اي القادم من مواقع عروبية ؛ او من مواقع الكيان المستعرب- الاسلامي؛ باعادة تعريف نفسه وايدلوجيته ؛ تحكم بان له تصورا خاصا لهوية ذلك الكيان ؛ مختلفة عن السودانوعروبية

    من الناحية الاخري يبدو ان فكرة الوحدة في التنوع ؛ هي ديناميكية ؛ اي تفترض تفاعلا مستمرا بين الهويات – والتي عبر عنها بتفاعل يمين الوسط ويسار الوسط ؛ وان كان عابه استخدام مضطلحي السودانوعروبية والسودانو افريقية ؛ في تصوره لهذا التلاقح ؛ بما اوحي بان تصوره لهوية يمين الوسط ؛ يمكن ان تستند الي السودانوعروبية ؛ وهو ما اوقع اللبس والخلط

    ماذا يطرح الاستاذ عقب الفيا ؟

    الغابة والصحراء؛ او السودانوية ؛ اي الهجنة التي يرفضها عبدالله علي ابراهيم ؛ ليس لحل مشكلة الكيان المستعرب – الاسلامي ؛ وانما لكل الهويات السودانية؛ الامر الذي يجعله الحاقيا للهويات الافريقية الصرفة ؛ بالهوية الهجينة للكيان المستعرب –الاسلامي في الشمال والوسط

    ونواصل


    عادل
                  

07-23-2003, 10:34 PM

Ahmedain
<aAhmedain
تاريخ التسجيل: 05-21-2003
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    up
                  

07-25-2003, 08:29 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    كان دافعنا منذ البداية للدخول في هذا النقاش هو نقد مشروع عبدالله ابراهيم ،كما يطرحه محمد جلال، ولم يكن الدافع هو اثبات ان محمد جلال يتبني هذا المشروع،وهو الامر الذي اغضب الاخ الاستاذ محمد جلال واثار اعتراض اخرين.علي كل دعونا نكمل نقد مشروع السودانوعربية،ونتجاوز مسالة تبني محمد جلال له.

    يلخص محمد جلال المشروع بانه يقوم علي الدعوة لعروبة خاصة بالسودان واسلام خاص به دون ادعاء للافريقية.وقد نتاولنا الشق الاول وهو العروبة الخاصة،وخلصنا ان عبد الله ابراهيم،اصولي في عروبيته.لانه لا مجال للحديث عن عروبة خاصة بالسودان في ظل الاصرار علي نفي افريقيته.وسنري الان ان عبدالله اصولي ايضا في اسلاميته!؟

    يقول محمد جلال ان عبدالله يريدنا ان نحصن انفسنا من احتمالات الانجراف نحو الهوس الديني عن طريق تكريس الاسلام الشعبي ؛ وقفل الطريق امام الاسلام الارثوذكسي.."
    الحقيقة ان الاسلام الذي يدعونا اليه عبدالله ،هو الاسلام السلفي-الارثوذكي الذي لا يختلف عن اسلام الحركات السلفية الاصولية.وقد توج هذه الدعوة بسلسلة مقالاته التي كرسها للدفاع عن الاتجاه السلفي للشريعة الاسلامية ،تحت مظلة الدفاع عن القضاة الشرعيين،والتي نشرت متفرقة في صحيفة الراي العام ابتداء من شهر مايو الماضي.يقو الدكتور عبدالله في مستهل الحلقة الاولي من هذه المقالات:-

    "اريدفي هذه المقالات..ان ارد الي الشريعة مطلبها الحق في ان تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين.ولست اري في مطلبها هذا باسا او ظلما لغير المسلمين..ولست ادعي علما فيما يجد غير انني اتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق الشرعيين بها من قضاة المحاكم الشرعية علي عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة المسلمة وانتصفت للمراة ما وسعها.."

    في حوار اجراه معه الاخ السمؤل ابو سن،ونشر بجريدة اخبار العرب الاماريتية بتاريخ11-7-2001 ينسف الدكتور حكاية الاسلام الصوفي والشعبي هذه،ويوكد دعوته الي اسلام اصولي مبرا من كل الشوائب،حيث يقول ردا علي سؤال حول سبب هجومه علي الافروعروبيين وجماعة الغابة والصحراء:
    "هم يقولون ان الاسلام حينما جاءنا جاء صوفيا واخذنا عنه وكانما الذهن الافريقي لا يحتمل القضايا الفقهية وهذا امر غير صحيح،تركنا الفقه والشريعة واصبح لدينا فقط الاسلام الصوفي لانه يتناسب مع الايقاع الافريقي"
    ويقول في ذات الحوار"..انا اتهمهم بانهم ..قالوا ،ان اسلامنا ليس هو الاسلامي الاصلي،وكانما ارادوا ان يقولوا ان اسلامنا خرج عن جادة الاسلام وعربيتنا كذلك،وانا اري ان في ذلك تبخيس لنا،فنحن مسلمون حقيقة ، ونحن عرب حقيقة.."

    ان موقف عبدالله هنا،من الاسلام الصوفي، علي العكس تماما مما قاله عنه محمد جلال،فهو يدعو الي الاسلام الحقيقي الاصلي-علي حد تعبيره-في مواجهةالاسلام الصوفي الشعبي الذي يري فيه حياد عن جادة الاسلام الاصلي
    وهذا الموقف ليس جديدا من عبدالله حتي يقال انه استجد بعد كتابة ورقة محمد جلال ،بل هو قديم فقط جاء هنا اكثر وضوحا.فاتهامه لترمنغهام،في مقالة تحالف الهاربين،في قوله:"وجاء عند ترنغهام ان الهجين العربي الافريقي قد سرب من العقائد الي الاسلام ما ادخله في الوثنية" سببه ان ترنغهام تحدث ،في كتابه ،الاسلام في السودان،عن الجانب الصوفي في اسلام اهل السودان واهمل الحديث عب الاسلام الرسمي،اسلام الفقهاء والمعاهد الدينية،وهو لم يقل- والكتاب بين يدي الان- ان الاسلام دخلته الوثنية بسبب التصوف كما حاول الدكتور تصوير ذلك، بل يحاول ان يقول في مجمل حديثه ،ان الاسلام الشعبي ،في صورته الصوفية،امتزج بثقافات الناس المحلية وهذا هو ما حببهم فيه

    ومن ذلك يصبح حديث محمد جلال ،بان عبدالله ابراهيم:"يقلم اظافر الاشتطاط الديني في صمدية علمية،تعتمد علي علم انثروبلوجيا الاديان،لا علي كتب الفقه والحديث الصفراء،فالاصولية الاسلامية هي عامل تفتيت في الجسم العروبي الاسلامي في السودان"
    يصبح هذا الحديث في حاجة ملحة للمراجعة.بل ان الاطروحة كلها القائلة بان عبدالله يدعو الي اسلام خاص، وليس اسلام يجلد الناس فيه ويحدون،وانه يدعوالي عروبة خاصة ،في حاجة الي مراجعة

    ونواصل
                  

08-09-2003, 07:41 PM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السودانوعربية او تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراهيم (Re: Abdel Aati)

    الاخوة الافاضل مرفق در الاستاذ محمد جلال حول النقاش الدائر لورقة السودانو عربية
    عصام محمد احمد
    ما بين شرح المتن ومتن الشرح
    المحاولة الثانية لإيجاد إمكانية حوار مع الأستاذ عَجَب الفِيَّا

    مرةً أخرى تكرّم الأخ الكريم عصام (أبو منذر) بإرسال آخر ما تفضّل به الأستاذ عبد المنعم عجب الفِيّا في سياق تناوله لمقالي "السودانوعروبية، أو تحالف الهاربين: المشروع الثقافي لعبدالله علي إبراهيم في السودان". وهو إذ يفعل ذلك إنما لجرِّي إلى داخل حلبة الحوار المستمر منذ فترة بين مجموعة من أفاضل شبابنا ورجالنا ونسائنا ممن تقطّع بهم الشتات في أنحاء المعمورة، ولكنهم مع ذلك- رغم مكابدتهم سبل الحياة على شدّتها في المنافي- يُبدون التزاماً نبيلاً بقضايا وطنهم الأم. إن المرء لا يملك إلا أن ينحنيَ احتراماً وإعجاباً بهذا السلوك الرفيع. إنه ليحزُّ في نفسي أن يتنادى هذا النفر الكريم لمناقشة أمرٍ كتبته قبل سنوات، ثم لا يُسعفني الزّمانُ بسُويعاتٍ- نسبةً لظروفٍ استثنائيةٍ أعيش فيها- أُتابعُ فيها ما يكتبون. مرّة ً أخرى أ ُوجِّهُ شكري للأستاذ عصام، "البرلوم" كما كان يُعرف في سِنِيّ شبابه الأولى، و"أبي منذر" كما جرت به كُنيتُه بعد زواجه وابتنائه.
    وبعد؛
    جاء في مستهلّ كلام الأستاذ عجب الفيّا:
    "الحقيقة لقد فوجئت باللهجة العنيفة الغير متوقعة من الاستاذ محمد جلال,والتي لا اري لها سببا.فلنفترض انني اسئت الفهم عندما قلت ان محمد جلال يتبني مشروع عبدالله ابراهيم،فهل هذا مبررا كافيا لكل هذا الغضب والانفعال والشطط؟"
    في الحقيقة لم يخالجني أيّ إحساس بالغضب وأنا أكتب توضيحي ذلك؛ على العكس من ذلك، كنت أكتب وتُعتمل في صدري أحاسيس طيبة، قوامها نشوة غامرة لأنني أعاود الكتابة مرّةً أخرى في هذه القضايا المحببة إلى نفسي. ثم أيضاً لأنني أكتب باللغة العربية التي أعشقها، وذلك بعد فترة توقف دامت أربعة أعوام لم يخطّ قلمي بها حرفاً واحداً. ثمّ كتبت باستمتاعٍ لسبب آخر؛ فبما أنني كاتب المقال، فقد افترضتُ أن التباس الأمر على قارئ ذكي مثل عجب الفيّا، يعود لسبب أنا مسئول عنه في المقام الأول. ومن ثَمَّ شرعتُ في إعادة قراءة مقالي من وِجهة نظر عجب الفيّا. وقد كانت تلك عملية ممتعة. فقد كشفت لي كيف وقع الإلتباس لعجب الفيّا. إن العمل النقدي مثل الطعام، لا بدّ أن يكون جيّد الطبخ، مسبوكه. وكيما يتمّ له هذا لا بدّ له من بُهارات الكلام. فمثلاً أنْ أنْسِبَ مشروع السودانوعروبية إلى عبدالله علي إبراهيم- كما يشير إلى ذلك عنوان المقال- هو من قبيل بهارات الكلام، لأنني هنا لا أقدّم استعراضاً لرؤية عبدالله، بل أقدّم استقراءً خاصّاً بي لما أرى أنّه حقيقة مواقف عبدالله. حسنٌ! ولكن كيف حدث الإلتباس؟ لقد وقع الإلتباس للأستاذ عجب الفيّا جرّاء قراءته الإسقاطية التي دفعته لتسقّط الألفاظ التي تحتمل اسقاطاته. إنّه كمن يُشَبِّهُ البطاطس بالبامية، وذلك بجامع البهارات في كُلٍّ. كنت أكتب وأنا في سياق هذا التّحاور الذّاتي الممتع. لقد كتبتُ بقوة، وكنت على وعيٍ تام بهذا الأمر. لكن ذلك لم يكن إلا حِمية الكتابة الصادقة. فإذا جاء قولي في بعض المواقع مُغلظاً، فذلك ما أردتُه، وذلك ما وزنتُه بميزان العقل، لا ما تقاذفته رياح الانفعال. وعلم الله لقد عكفت مرّة أخرى- بعد قراءتي لرد عجب الفيّا أعلاه- على ما كتبتُ، أراجع ما بين السطور باحثاً عمّا يمكن أن يُؤخذ على أنه "شطط"، فلم أقع على شيئٍ من ذلك. إذاً فقد فُهِم الأمر على غير ذلك! فإذا كنتَ تقولُ بأنّ هنالك "انفعالاً وشططاً"، إذاً فهناك "انفعال وشطط". والأمر كهذا لا تجدني إلا معتذراً، ولك العُتبى حتّى ترضى.
    جاء في كلامك أيضاً:
    "هل طرح عبدالله ابراهيم بهذا السؤ حتي صار التبرؤ منه يستلزم كل هذا الغضب والانفعال؟"
    ولعمري هذا إزراء! ولا أخوض فيه! لِمَ التعريض، ودونك صريح القول؟ لِمَ التّطفيف، ودونك الصحائف التي ذكرتَ أنك نفسك قد سوّدتها في الرّجل؟
    ثم قلتَ:
    "انني اعلم جيدا يا استاذ جلال اعجابك وتبجيلك لاستاذك عبدالله ابراهيم."
    إن هذه الجملة لا يمكن فهمها إلا مقرونةً مع الجملة التي تليها، والتي سنتعرّض لها لاحقاً. إنها لا ترمي إلى أنني معجب فقط بعبدالله علي إبراهيم، بل أتبعه فكرياً. سأردّ على هذا بالإقتباسات التالية من مقالي "السودانوعروبية، أو تحالف الهاربين" التي تعكس أيَّ نوعٍ من الإعجاب والتبجيل نُكنُّه لعبدالله ولغيره:
    "نهضت الآفروعروبية على أساس متين وعلمية صارمة، فقد أرساها أحبار نهدوا إلى العلم بوثبة شابة، وألمعية نافذة."
    هؤلاء مجموعة الغابة والصحراء وعبدالله ليس منهم. ورغم إعجابنا هذا اختلفنا معهم وانتقدنا مذهبهم.
    "من جانب آخر، إذا جئنا إلى الهاربين من التيار العروبي الصريح، فيمكننا أن نمثل بعبد الله الطيب، وهو أحد أساطين علوم العربية في النصف الثاني من القرن العشرين."
    عليه رحمة الله.
    "يعتبر أحمد الطيب زين العابدين أحد القلائل من المثقفين السودانيين الذين أبدوا إلتزاما تاما بقضايا الثقافة. لقد كان لطيفا، شفيفا بدرجة جعلته مهموما ، مهجوسا بالخطاب الثقافي فتنزه بذلك عن أوشاب السياسة. لقد كانت علاقته بالسياسة، كعلاقة المركب بماء النهر؛ تحمله السياسة، نعم، لكن لا تسوقه ولا تجرفه بتيارها، بل يمخر لوجهة يعرفها. كان صلبا ومقاتلا.. لكن بشفافية. وقد تتلمذ وتخرج على يديه الكثيرون، ولا نعني بذلك طلبة فصله على كثرتهم. وقد كان من فرسان الحركة الفكرية الثقافية بالسودان طيلة الأربعة عقود الأخيرة من القرن العشرين على أقل تقدير. وقلّ ما تجد حركة فكرية/ثقافية خلال هذه الفترة دون أن تكون حلباتها قد شهدت صولاته. وقد مات وهو يتوسد كتابا ويطالع القراء عبر أكثر من صحيفة. لقد كان مدرسة، وأصبح في أخريات أيامه تقليعة ثقافية يتباهى بها الشباب، مثلما حدث مع محمد عبد الحي وعلى المك من قبله. ومن هنا تأتي أهميته. وسنبذل من الجهد الكثير حتى نتصف بشفافيته في تناولنا له. أما إذا جانب حديثنا ذلك في بعضه، فذلك لغلاظة وكثافة فينا لا نملك معها حيلة."
    هل هنالك إعجاب أكثر من هذا؟ ومع هذا جاء نقدنا له متسماً في أغلبه بالخشونة "القانونية"، وقد كان من أوائل الذين قرأوا المقال نفسه وهو ما زال في طور الكتابة. أمّا الكتاب الذي مات وهو يتوسّده، فقد كان حينها آخر نسخة صدرت من (Sudan Notes & Records) وقد أحضرتُها له وهو طريح الفراش بمستشفى الأطباء بالخرطوم.
    أما إذا جئنا إلى منصور خالد:
    " فإن المسالة تبدو أوضح من حيث تبيانها، وذلك أساسا لشجاعة الرجل ووضوحه، وعدم تهيبه من خوض المعارك. وقد امتاز منصور خالد ـ مقارنة مع ما عليه الوضع في السودان ـ بالدقة والحس التاريخي والجسارة، هذا فضلا عن المقدرة على الصبر واحتمال مشقة الكتابة وتسويد الصحائف. وقد نَفِسَ عليه الكثيرون ذلك، خاصة عندما توالى إنتاجه في كتب مجلدية الحجم."
    ويستمرّ الإعجاب والتبجيل بكل الرّجال الذين كتبنا عنهم:
    "ولولا التأسي بكثير ممن تعرضنا لهم، لتهيبنا الكتابة عنهم إعجابا واحتراما."
    وليس أدلّ على ذلك من إهدائنا المقالَ نفسه لمن قمنا بنقدهم:
    "أخيرا وليس آخرا، أهدي هذا العمل المتواضع لأرواح الذين ألهمونا الكثير الكثير، محمد عبد الحي، على المك، وأحمد الطيب زين العابدين."
    هذا ما ورد في المقال من إعجاب وتبجيل بعبدالله وبغير عبدالله، وليس فيه ما يدلّ على اتباعٍ فكري. إذ إن الإعجاب والتبجيل عندنا لا يعني عدم جواز الإختلاف. لقد كان ممّا تعلّمناه من هؤلاء الأساتيذ، أن المرء في مقام العلم لا يكتب عمّن هو ساقطٌ في نظره. وعند العالم يسقط اللغو ولا يسقط اللاغي لأنّه إنسان، والإنسان بمحض وجوده أهلٌ للحبّ والإحترام والإعجاب. وهذا ضربٌ من فنِّ الحياة رفيع.
    والسؤال هو: من أين استمدّ الأستاذ عجب الفِيّا فكرة التتلمذ الفكري والإتّباع الفكري هذه؟ في ظنّي أنه استمدّها من فقرة بعينها وردت في تعقيبي الأخير الذي حمل عنوان " في إيضاح ما أشكل"، جاءت كالآتي: ٌ
    "فعندما أكيل إيجابا وإعجابا بعبدالله، يذهب عجب الفيا إلى عكس ذلك إلى حيث فيه هوى نفسه، كما في المثال أعلاه. وعندما أسوق الحجة إثر الحجة مفندا وكاشفا لمواقف عبدالله، لأنتهي بجملة أسجل فيها نشوة انتصاري عليه –ذلك باعتباري أحد طلبته، على غرار’الحُوار الغلب شيخو‘- يفهمها عجب الفيا معكوسة."
    أمّا الإعجاب، فهو لعبدالله ولغير عبدالله كما أوضحنا أعلاه. أمّا قولي: ".. باعتباري أحد طلبته .."، فأعني طلبة فصله، وليس تَلْمَذة فكره، مع كامل احترامي لفكره. وفي الواقع الجملة كلّها من قبيل بهارات الكلام، فانظر كيف ترصّدها. بهذا نستطيع أن نكوِّن فكرة عن الكيفية التي يحدث بها التلبيس والتخليط بالنسبة للأستاذ عجب الفيّا. إذ بدلاً من أن يستعين بالشرح الذي قدّمته كيما يستبين رؤيتي بخصوص المقال الذي كتبته، يذهب باحثاً ومنقّباً في تلافيف الشرح عن كلمة أو مفردة يمكن أن تقبل إسقاطاته، بنفس طريقة الترصّد القاموسي التي أشرنا لها من قبل. وبما أن القراءة كلها إسقاطية، لذا يصبح من الصعب عليه الإحالة المصدرية لنقاط أفكاره. فما ذكرتُه في شرحي، يُحيلُه إلى مقالي، ومن ثَمّ يبني عليه.
    ثمّ جاء في كلام عجب الفيّا ما يلي:
    "وهذا الاعجاب وهذا التبجيل هو الذي جعلك تبني من افكاره سياجا قسريا
    تحشر فيه كل ابناء السودان الشمالي بمختلف توجهاتهم الفكربة والحزبية،من الطيب صالح الي الفيتوري واحمد الطيب مرورا ببشري الفاضل ومنصور خالد الي اخر القائمة."
    إن من يكتب مثل هذا القول الذي يُدرجني تحت طائلة الذين يتبنون التمفصل الخطّيّ (شمال في مواجهة جنوب) لا يمكن أن يكون قد قرأ بتركيز المقال موضع النقاش، حيث ورد فيه:
    "إن التمفصل الأيديولوجي الخطي Linear (شمال ↔ جنوب) هو في حد ذاته سمة من سمات الآفروعروبية، ثم السودانوعروبية لاحقا. إذ من شأنه أن "يفرز" الجنوب لوحده، مع استتباعه لباقي أطراف
                  

08-09-2003, 07:47 PM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعربية او تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراه (Re: abumonzer)

    الهامش استيعابا وإعادة إنتاج، حتى إذا تغير السياق، وأصبح الجنوب غائبا، تبين لنا أن هذا "الشمال" هو نفسه "خشم بيوت"، وهنا يتضح أن هناك غربا، وشرقا.. كما أن هناك شمالا هامشيا للشمال نفسه."
    كما لا يمكن أن يكون قد قرأ بتركيز أيضاً الشرح أو الإيضاح الذي أردفته في مداخلتي الأخيرة، خاصة الفقرة التي تقرأ:
    5/ يتلخص المشروع الذي قدمناه على الآتي:
    أ/ التمفصل الأيديولوجي الدائري (هامش في مواجهة مركز) بدلا من التمفصل الأيديولوجي الخطي (شمال في مواجهة جنوب)، ثم منظور ’الوحدة في التنوع‘ بدلا عن منظور ’بوتقة الإنصهار‘، ثم ’التعددية الثقافية‘ بدلا عن ’الأحادية الثقافية‘.
    ولننظر إلى قوله:
    "تقول انني مكابر لانني لم اتقبل اعتراضات الاخوة المشاركين الذين ارادوا تصحيحي."
    هذه طبعاً قراءة إسقاطية لما قلته، إذ إن ما قلته بالنص هو:
    "لقد أشار عدة أشخاص منبهين له أن في قوله لبسا، لكنه لم يكلف نفسه التوقف قليلا ومراجعة الأمر. وفي الحقِّ لقد أقلقني قليلا أسلوبه في النقاش، ذلك لما يتسم به من اندفاع وحماسة يمكن أن تجرف في تيارها سمة الموضوعية نفسها؛ إن هذا الحماس أفهمه على أنه ناجم من التزامه المشهود بقضايا الثقافة في السودان، وهذا أمر يُحسد عليه، ويشكر فيه. لكن الخوف هو أن يتحول إلى تعنت إيماني بوجهة النظر."
    ثمّ أردفته بقولي:
    "وبعد، كيفما كان السبب، فإنه من المؤكد أن الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا قد التبس عليه فهم مقالي. أما إصراره على أن الأمر غير ذلك، فلن نعتبره مغالطة، بل صدقا مع النفس، لأن الرجل فعلا يعتقد ذلك. لكن ما أخشاه فعلا أن تبدأ المغالطة بعد الآن، لأن ذلك سيكون مجرد مكابرة. هنا نكون قد فقدنا مثقفا جيدا وناقدا ثاقبا، لا لشيئ إلا لأنه قد أخذه العُجْبُ بنفسه فلا هي ترتجع ولا هو يراجعها."

    أُنظر لكلمة "مكابرة" كيف وردت، وكيف فهمها هو؛ ثمّ أُنظر كيف فات على الرّجل أنني أتحرَّى له من الأسباب كريمها دون تجريمه. ثمّ أُنظر لنَفَس الإعجاب الذي أبثُّه في ثنايا نقدي له. فلو انتهى بي الأمر إلى دمغه بالمكابرة، لما كابدتُ مشقة تسويد هذه الصّحائف والتحاور معه.
    بعد ذلك يقوم الأستاذ عجب الفيّا بتحوير النّقاش ليأخذ شكل المعادلات الآنيّة دونما أيِّ تأسيس رياضي، لينتهي بإطلاق استغاثته التالية:
    "بالله عليكم الله يا جماعة يفهموها كيف تاني؟ بشري الفاضل وعبد العاطي وابكر وابو منذر واحمدين وكل المهتمين بالموضوع قولوا لينا عشان نفهم".
    عندها خالجني إحساس بأن المسألة كلّها فيها تطفيف، فالرّجل يقفز فوق النّقاط الفاصلة للنّقاش بدلاً من تفكيكها نقداً وردّاً. ثمّ يبلغ التّطفيف درجة يصعب احتمالها، ذلك عندما يقول:
    "كان دافعنا منذ البداية للدخول في هذا النقاش هو نقد مشروع عبدالله ابراهيم ،كما يطرحه محمد جلال، ولم يكن الدافع هو اثبات ان محمد جلال يتبني هذا المشروع،وهو الامر الذي اغضب الاخ الاستاذ محمد جلال واثار اعتراض اخرين."
    مرّة أخرى يتكلم عن "مشروع عبدالله علي إبراهيم"! ثمّ "كما يطرحه محمد جلال"! إنه "مشروع" لم يُؤثرْ أبداً عن عبدالله علي إبراهيم أن نسبه إلى نفْسِه؛ كما لم يُؤثرْ عن محمد جلال أن ادّعى عرضَه عن عبدالله علي إبراهيم. لقد أوقعه ترصّدُه القاموسي بغية تمرير قراءاته الإسقاطية في شرك لم ينصبه له أحد. فلمجرّد أنني نسبت "السودانوعروبية"، كمشروع، لعبدالله علي إبراهيم لدى صياغتي لعنوان المقال، وذلك من قبيل تدعيم استقرائي للمسألة في مجملها، حتّى تلقّفها مُسقطاً عليها قراءاته السّابقة لعبدالله، رغم تكراراي بأنّ هذا المقال ليس عن عبدالله علي إبراهيم في أكثر من موضع. هذا فضلاً عن أن الموضوع الأساسي في الواقع ليس (مناقشة مشروع عبدالله علي إبراهيم) بل هو مناقشة مقال كتبه محمد جلال يدعو فيه إلى (1) تجاوز التّمفصل الخطّي "شمال ضد جنوب" إلى التّمفصل الدّائري "المركز ضد الهامش" (2) تجاوز "منظور بوتقة الإنصهار" إلى "منظور الوحدة في التّنوّع" (3) إعادة قراءة الخريطة الأيديولوجية من حيث اليمين واليسار والوسط (4) العمل على بلورة الوسط بجذب فعاليّاته من قطبي اليمين واليسار لتكوين يمين الوسط "السودانوعروبية" ويسار الوسط "السودانوأفريقية". في الواقع المقال كله عن هذا، دون أن نذكر الشرح الذي أوردنا فيه كل هذا بتفصيل لا داعي لإعادته مرّة أخرى. فالحوار بدأ أصلاً بالتقدمة التالية من الأستاذ أبّكر:
    "الأخ عادل؛ ..... أظن أن ورقة الأخ محمد جلال الدراسية هذه، من أهم الأوراق التي تناقش قضايا الهوية والصراع الفكري في السودان وأحسب أنها يمكن أن تفتح أفقا جديدا للحوار."
    ثُمّ أعقبه الأستاذ عادل بالتّالي:
    "الاستاذ ابكر؛ ...... اوافقك الراي في اهمية ورقة الاستاذ محمد جلال ؛ وكذلك في اهمية الهوامش
    ؛ واعتقد ان الورقة ؛ رغم بعض الهنات التي تصاحب كل رؤي مبادرة ؛ قد قلبت الطاولة علي المفاهيم القديمة ؛ واعادت طرح مسالة الهوية والمشاريع الايدلوجية المرتبطة بها ؛ بشكل لم يسبق له مثيل .."
    وقد ختمت إيضاحي بتلخيص للنّقاط الأساسية الواردة في مقالي، والتي أنتظر من الإخوة المناقشين إبداء آرائهم فيها، خاصّةً الأستاذ عجب الفيّا، وهي نفس النّقاط الملخّصة أعلاه من 1-4، فقلت، ولا أملك إلا أن أورد الإقتباس كاملاً:
    "إذن، فدعنا – يا صديقي العزيز- ننسى كل هذا، ولنلج حومة الوغى الفكري، ودونك الملامح الأساسية لمقالنا، وأنا في انتظار إشراقاتك النقدية وإشراقات باقي الأساتذة الأجلاء معك.
    "/ يتلخص المشروع الذي قدمناه على الآتي:
    "أ/ التمفصل الأيديولوجي الدائري (هامش في مواجهة مركز) بدلا من التمفصل الأيديولوجي الخطي (شمال في مواجهة جنوب)، ثم منظور ’الوحدة في التنوع‘ بدلا عن منظور ’بوتقة الإنصهار‘، ثم ’التعددية الثقافية‘ بدلا عن ’الأحادية الثقافية‘.
    "ب/ إعادة رسم الخريطة الأيديولوجية من حيث توضيع قوى اليمين واليسار والوسط. يشمل اليمين القوى التي تدعم واقع الهيمنة الإسلاموعروبية الراهنة (مثل الأمة، الإتحادي، الإخوان المسلمين بتعدد تفرعاتهم ثم التنظيمات الإسلامية عامة) أو تلك المتصالحة مع واقع الهيمنة بحكم دعاواها العروبية (مثل البعثيين، الناصريين وعموم دعاة القومية العربية) ، و تلك المستفيدة منه (مثل غالبية الماركسيين). ويشمل اليسار تلك القوى التي تمثل العديد من مناطق الهامش، والتي يئست –جرّاء القهر الطويل- من جدوى النضال لاستعادة حقوقها المشروعة عبر إطار الدولة السودانية الموحّدة، فكان أن عملت على الانفضاض عنها اعتزالا وانفصالا (مثل العديد من القوى السياسية المنادية بفصل جنوب السودان وبعض القوى الناهضة حاليا بدارفور). أما الوسط فموجود كفاعلية وليس كشكل تنظيمي، ذلك لأنه يعوزه الوعي الأيديولوجي بنفسه، وبالتالي فهو ما زال في طور التشكل. يتكون الوسط أساسا من قوى كانت في أول أمرها إما يمينية أو يسارية (بالفهم الحديث لليمين واليسار)، ثم كان أن زحزحت أقدامها من طرفي المسطرة إلى وسطها. وهي إذ فعلت ذلك، ما زال يعوزها الوعي الأيديولوحي اللازم بكينونتها الوسطية هذه. وقد كان من نتيجة هذا القصور في الوعي، أن قعدت عن أن تلعب دورها بكفاءة، فهي ما زالت تُراوح بين طرفي المسطرة ترددا وتخبطا. وقد جاءت قراءتنا لهذا الوسط على أنه يتكون من شقين: شِقّ يَصُدر عن ماضيه اليميني، وشِقّ آخر يصدر عن ماضيه اليساري؛ الأول أطلقنا عليه اسم ’يمين الوسط‘ وقلنا إن كتابات عبدالله علي إبراهيم، في عمودها الفقري، جديرة كيما تكون أساسا فكريا لهذا الإتجاه. وقد أدخلنا في يمين الوسط هذا عدة قوى أخرى على رأسها قوات التحالف السودانية. وقلنا عن هذه التيارات إنها القوى الذكية، المستنيرة التي تنتمي بوعي قومي-سوداني إلى الثقافة العربية الإسلامية داخل السودان، مع كامل مناهضتها لمشاريع الأحادية والمركزية وإعادة الإنتاج الثقافي وما يتبع من استيعاب وقهر. أما الشق الثاني فقد أطلقنا عليه اسم ’يسار الوسط‘، وزعمنا أن أسسه الفكرية تقوم على تشريع التعدد الثقافي في إطار القومية السودانية والدولة السودانية الموحدة، وقد رشحنا القوى الممثلة لمجموعات الهامش –شمالا وجنوبا، شرقا وغربا- لملء هذه الخانة. ثم زعمنا أن الحركة الشعبية لتحرير السودان تدخل ضمن هذا التصنيف أيضا، رغم محاولات القوى اليسارية (الإنفصالية) وحكومات الخرطوم المستمرة لجعلها تنكص من الوسط لتعود إلى اليسار وذلك بجعل انفصال جنوب السودان أمرا واقعا.
    ج/في هذه المرحلة، نرى ضرورة ’فرز الكيمان‘، إذ ليس من صالح الحركة الوطنية السودانية أن تستمر في هذا التخليط المذهبي. على قوى اليمين المتطرف (الإسلاميون الأصوليون) وقوى اليمين المعتدل (الأنصار وحزب الأمة، الختمية والإتحاديون، ثم القوميون العرب والماركسيون الإستعرابيون) أن يرفِّعوا وعيهم بمشتركاتهم المذهبية. إن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، وإن في اجتماعهم قوةً لهم ومصلحةً للسودان.
    "ثم على قوى اليسار أن تدرك مواقع أقدامها، وأن تدرك الأبعاد العملية لمشروعها الإنفصالي؛ عليها أن تجوِّد التأسيس الفكري لأطروحتها. إن فصل إقليم معين من أقاليم السودان –ولنقل الجنوب مثلا- ربما ينطوي في الواقع على عملية تفصيص وتفكيك مؤسسة الدولة السودانية الموحدة بحدودها الجغرافية والديموغرافية الحالية والتي يمتد عمرها لحوالي 5000 سنة. إن عملية التفصيص والتفكيك قد لا تقف عند حد انفراط عقد الأقاليم الأساسية المكونة للدولة السودانية. إذ ليس هنالك ما يضمن أن شغل هذه الآلية التفكيكية سوف يتوقف بمجرد أن يحقق أحد الأقاليم –ولنقل الجنوب أيضا- انفصاله؛ إذ ربما تشمله هذه الآلية فيبدأ هو أيضا في التفكك والتفصص. من السهل أن نُخرج من الجرَّة الجان الذي حبسه سيدنا سليمان، لكن ربما من المستحيل أن نعيده إلى الجرَّة مرة أخرى. ماذا تعني آلية التفكيك هذه؟ إنها تعني تكرار سيناريو ’الهوتو والتوتسي‘
                  

08-09-2003, 07:52 PM

abumonzer


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعربية او تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراه (Re: abumonzer)

    بطريقة المتواليات الهندسية، ذلك لأن السودان يضم حوالي 500 مجموعة إثنية دون ذكر تفرعاتها. إن على قوى اليسار السوداني أن تثبت أنها على مستوى المسئولية التاريخية التي وجدت نفسها إزاءها، لا أن تعطي الإنطباع بأنها تتصرف بمبدأ ’عَلَيَّ وعلى أعدائي‘.
    "في نفس هذا السياق ينبغي لقوى الوسط أن تتحد، أو على أقل تقدير أن تحقق أكبر قدر من التنسيق مع بعضها البعض حتى يكتمل تبلورها ونضجها فتتحرر تماما من ظلال ماضيها اليميني أو اليساري.
    "د/ إن مسألة انتماء تنظيم بعينه إلى اليمين، الوسط أو اليسار، ليست عملية إستاتيكية جامدة، بل هي عملية عالية الديناميكية. إن ما يجعل تنظيما ما يقع في هذا التصنيف أو ذلك، هو مواقفه الفكرية والعملية وبرنامجه السياسي، وهذا هو المتغير الذي يحكم العملية في مجملها. فإذا تغيرت هذه المواقف والبرامج مع الأيام، تغير تبعا لذلك تصنيف التنظيم السياسي من حيث كونه يمينا أو وسطا أو يسارا. بهذا يمكن أن نجري رصدا إمبيريقيا للحركات السياسية من حيث التطور والتغير."
    كيف يجوز للأستاذ عجب الفيّا أن يقفز فوق كلّ هذا، ليقول:
    "كان دافعنا منذ البداية للدخول في هذا النقاش هو نقد مشروع عبدالله ابراهيم ،كما يطرحه محمد جلال، ولم يكن الدافع هو اثبات ان محمد جلال يتبني هذا المشروع،وهو الامر الذي اغضب الاخ الاستاذ محمد جلال واثار اعتراض اخرين."
    عند هذا الحدّ أرى أن أقوم بمحاولة أخيرة على أمل أن يستقيم هذا الحوار على قدميه، تتلخص في المثل الآتي:
    1/ عبدالله علي إبراهيم يزعم أن الطريق التي يسلكها ستقوده إلى كوستي؛
    2/في المقابل يردّ عليه محمد جلال قائلاً: إن الطريق التي تسلكها لن تُفضي بك إلى كوستي، بل ستنتهي بك إلى ود مدني. كلُّنا مُتَّجهون إلى ود مدني، فلماذا لا تنضمُّ إلينا؟ إننا نسلك شارعاً اسمه "شارع الوسط"، ونشغل الجانب اليساري منه. يمكنك أن تشغل الجانب اليميني منه مع آخرين.
    3/ عبدالله علي إبراهيم يُصِرُّ على أن وجهته ليست ود مدني، بل كوستي، وأن الطريق التي يسلكها ستنتهي به إلى كوستي وليس ود مدني، وانّه لا علاقة له بما يُسمّى "شارع الوسط" لا يمينه ولا يساره.
    4/اتّجاه عبدالله علي إبراهيم إلى ود مدني هو رؤية خاصة بمحمد جلال في قراءته لمسار الأول.
    5/اتّجاه عبدالله علي إبراهيم إلى كوستي هو رؤية عبدالله فيما يخصّ المسار الذي يتّبعه.
    6/ ثمّ يأتي عجب الفيّا ليزعم بأنّه سيناقش رؤية عبدالله الخاصة بتوجّهه نحو ود مدني واتّباع محمد جلال له في ذلك التّوجّه.
    إن "السودانوعروبية" وكذلك "السودانوأفريقية" هي رؤيتنا لشارع الوسط، وذلك من خلال فهم جديد لليمين واليسار والوسط. إننا لا ندعو النّاس للدّخول في اليمين أو اليسار أو الوسط؛ إننا نقول لهم حسبما عليه حالُكُُم، فأنتم إمّا في اليمين أو الوسط أو اليسار، حتّى لو كنتم لا تشعرون بذلك. من النّاس من يتّفق معنا، ومنهم من لا يتّفق معنا، وهم كثيرون، وعبدالله واحد منهم. وقد جاء هذا واضحاً صريحاً في مقالنا:
    "إنه في رأينا أن خروج السودان من مأزقه يكمن في أن تعرف كل مجموعة مواقع أقدامها أيديولوجياً . إن مما يبدد الجهد الكبير هباءاً، هو أن الكثير من المجموعات تتوهم أنها شيء واحد، بينما هم في الواقع الفرقاء خفاءاً. وكم من فرقاء هم في الواقع يجتمعون على الكثير من المشتركات التي لا يمكن أن يستقيم معها أن يكونوا فرقاء. وفي هذا الخضم أملنا كبير في "تيار الوسط" الصاعد بشقيه (حسب فهمنا له). إن هذا التيار هو الوحيد الذي يمكن أن يستشرف آفاق الدولة السودانية القومية، متجاوزا بذلك واقع الدولة السودانية المركزية. إن على قوى الوسط ـ بشقيه السودانوعروبي والسودانوأفريقي ـ أن تجوِّد أولاً من عملية ترفيع وعيها بالواقع، ومن ثم بنفسها، حتى تدرك بصورة موضوعية وعملية المشتركات والمفترقات، بغية تحقيق أكبر قدر من التنسيق والتفاهم."
    كما جاء أيضاً واضحاً في الشّرح الذي شاركنا به ابتداءً:
    "إن كل ما تحاول أن تفعله الورقة هو حفر مجرى نهري كبير لتجميع العديد من الجداول الفكرية السودانية التي يبدو وكأنما تفصلها مسافات زمنية ومفهومية، لكنها رغم ذلك - فيما نرى- يحكمها فكريا منحدر كنتوري واحد يسمح لها بأن ترفد نهرا كبيرا. وفي رأينا أن العديد من المفكرين السودانيين الذين يشملهم تصنيفنا هذا لا يصدرون فيما يكتبون عن وعي بهذه الإمكانية عدا قلة منهم، ويأتي عبدالله علي إبراهيم على رأس هذه القلة. لهذا اتخذنا من كتاباته مؤشرا لتبيان رؤيتنا وليس مشروعه، لأنه لا يتفق معنا فيما ذهبنا إليه أصلا. أما قولنا: "السودانوعروبية أو تحالف الهاربين: المشروع الثقافي لعبدالله علي إبراهيم ...إلخ"، فهو من قبيل الإستقراء والتحليل. ولهذا أيضا يتجاوز المقال عبدالله علي إبراهيم ليتناول أناسا آخرين نرى أن هذا التيار قد شملهم."
    بعد كلّ هذا يأتي عجب الفيّا ليقول:
    "علي كل دعونا نكمل نقد مشروع السودانوعربية،ونتجاوز مسالة تبني محمد جلال له."
    حسب المثال الذي أوردته أعلاه، فكأنه يقول:
    "على كل دعونا نكمل نقد مشروع (رؤية عبدالله وتوجّهه إلى ود مدني)، ونتجاوز مسالة تبني محمد جلال (لهذا التّوجّه)."
    بكلّ هذا القدر من التّلبيس، يصبح من الصّعب إدارة حوار بنّاء. إن ما أخشاه هو أن نجد أنفسنا في دوّامة من الإعادة والتّكرار حتّى يُفقدنا دوارها الإتّزان.
    إن ما يؤسف له هو أن الأستاذ عجب الفيّا في غنى عن كلّ هذا، باعتبار قدراته المشهودة في بناء نقد حقيقي. لقد جعلته القراءة الإسقاطية، فضلاً عن تحيّزه وإزرائه وعدم احترامه وعدائيته للأستاذ عبدالله علي إبراهيم، غير قادر على أن يتّصف بنفس الدّيناميكية التي يتميّز بها كاتب في حجم عبدالله علي إبراهيم. لهذا جاءت قراءته للأخير جامدة، إستاتيكية غير قادرة على المواكبة. وسأحاول هنا أن أوضِّح بإيجاز كيف فات عليه أن يستوضح الدور الذي يقوم به الآن عبدالله على إبراهيم.
    لقد لعب مجيئ نظام الإنقاذ الوطني للحكم دوراً خطيراً في توعية عدد كبير من صفوف الإخوان المسلمين بخطل الإستناد على الشعارات التي تنفخ الصّدر دون العمل على تنزيلها إلى رؤى فكرية، عملية قابلة للتّنفيذ. وقد أدّى هذا بالعديد من الكوادر إلى التّهيؤ للانفضاض عن الحركة جملةً وتفصيلاً جرّاء الإحباط والإحساس بالفشل. في المقابل انفضّ العديد من كوادر العروبيين بالسودان عن فكرة القومية العربية، خاصّةً منذ غزو العراق للكويت مُحبطين ممّا بدا أنّه فشل للفكرة نفسها. بالنّسبة لعبدالله علي إبراهيم فإن تماسك الجسم العربي المسلم بالسودان يمثّل هدفاً أساسياً. لذلك فإن انفضاض الكوادر النّاشطة عروبياً وإسلامياً من سابق مواقفهم التّنظيمية بسبب الإحباط، يُعتبر خسارة للجسم العربي المسلم بالسودان. فهذه الكوادر – بحكم كونها ناشطة وعالية التّنظيم- يمكن أن تلعب دوراً أخطر إذا ما اتّخذت من فشلها نقطة انطلاق نحو تطوّر جديد بدلاً من الرّكون للإحباط. هنا يأتي دور عبدالله في إيلاف هؤلاء داخل مشروعه. وتكمن خطّته في استخدام مفرداتهم اللغوية في غير مدلولاتها الخطابية. وهذا تكتيك في ظنّنا أنّ عبدالله قد حذِقه من خبراته الماركسية السّابقة. وهو من قبيل تناوش المفكّرين على "عَظْمة" المصطلحات ذات الجاذبية الخطابية، حيث يسعى كلّ جانب إلى تحميلها بمدلولاته المناقضة لمدلولات الطّرف الآخر. أُنظر مثلاً إلى الماركسيّين أُخريات القرن التّاسع عشر كيف تناوشوا مع الليبراليّين حول "عَظْمة" "الدّيموقراطيّة"، حتّى إذا جئنا إلى منتصف القرن العشرين، أصبحت جملة "هذا شخص ديموقراطي" تعني أنّ هذا شخص ماركسي بدلاً من ليبرالي. وهكذا بالنسبة للعروبيين فإن القول بأن السودانيين عرب، يُمثّل أرضية جيّدة للإيلاف. بينما تُمثّل الدعوة إلى عروبة خاصّة بالسّودان أرضية فكرية صلبة تُبرّر نفض يدهم عن دعوى القومية العربية الخاسرة، دون قطع الصّلة بالعرب. أمّا بالنّسبة للإسلاميين، فإن ترداد أن تكون "..الشّريعة .... مصدراً للقوانين في بلد المسلمين" أجدى في إيلافهم؛ هذا مع إمكانية علمهم بأن الجملة تّستخدم في غير مدلولها الخطابي القديم. الشريعة هنا هي شريعة القُضاة الشرعيين، أي شريعة الأحوال الشخصيّة، وليست شريعة القطع والجلد. أُنظر إلى قوله (اقتباساً من عجب الفيّا):
    "اريدفي هذه المقالات..ان ارد الي الشريعة مطلبها الحق في ان تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين.ولست اري في مطلبها هذا باسا او ظلما لغير المسلمين..ولست ادعي علما فيما يجد غير انني اتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق الشرعيين بها من قضاة المحاكم الشرعية علي عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة المسلمة وانتصفت للمراة ما وسعها..".
    أُنظر كيف فات على عجب الفيّا أن الرّجل لا يطالب بتطبيق الشّريعة، ولكنّه يطالب بأن تكون "مصدراً للقوانين"، أي للتّشريع. ثُمّ على أيّ كيفيّة يُطالب بهذا؟ على طريقة ".. قضاة المحاكم الشرعية علي عهد الاستعمار ". إذن كيف فات عليه هذا؟ فات عليه لأنّه يصدُر عن قناعة غير نقدية، أي متحيّزة، لا ترى في عبدالله إلاّ مجرد "كوز تافه"؛ وبالتّالي فإنّه يُسقط هذه القناعة على كلّ ما يقرأ. عليه، فإنّه يخرج من كلّ قراءةٍ بنفس المفاهيم الّتي دخل بها.
    أمّا قوله:
    "ان موقف عبدالله هنا،من الاسلام الصوفي، علي العكس تماما مما قاله عنه محمد جلال،فهو يدعو الي الاسلام الحقيقي الاصلي-علي حد تعبيره-في مواجهةالاسلام الصوفي الشعبي الذي يري فيه حياد عن جادة الاسلام الاصلي وهذا الموقف ليس جديدا من عبدالله حتي يقال انه استجد بعد كتابة ورقة محمد جلال ،بل هو قديم فقط جاء هنا اكثر وضوحا."
    وذلك تعليقاً على قول عبدالله (اقتباساً من عجب الفيّا):
    "هم يقولون ان الاسلام حينما جاءنا جاء صوفيا واخذنا عنه وكانما الذهن الافريقي لا يحتمل القضايا الفقهية وهذا امر غير صحيح،تركنا الفقه والشريعة واصبح لدينا فقط الاسلام الصوفي لانه يتناسب مع الايقاع الافريقي". ويقول في ذات الحوار"..انا اتهمهم بانهم ..قالوا ،ان اسلامنا ليس هو الاسلامي الاصلي،وكانما ارادوا ان يقولوا ان اسلامنا خرج عن جادة الاسلام وعربيتنا كذلك،وانا اري ان في ذلك تبخيس لنا،فنحن مسلمون حقيقة ، ونحن عرب حقيقة."
    فهذا أيضاً التباس. فلو قرأ عجب الفيّا بتركيز وذهن صافي ما يقوله عبدالله هنا، فضلاً عمّا قاله في كتاباته السّابقة، ثمّ ما كتبته في مقالي عن إعادة تقويم عبدالله لمفهوم الدّين الشّعبي، لما جاء بمثل هذا القول الملتبس. من ذلك مثلاً ما ورد في مقالي:
    "ومن ثم يتحرك عبد الله على إبراهيم بخطى ثابتة نحو هدفه الثاني: الإسلام الأورثوذكسي. فهو يريد أن يقلم أظافر التيار الإسلامي الذي إذا ترك له الحبل على الغارب سيشتط حتى يفضي بعروبية السودان إلى موارد الهلاك. وكي ما يفعل ذلك فإنه يعيد تقويم الإسلام الشعبي، أي إسلام الصوفية. فيذكر النظرة الخاطئة له على أنه مشوب بالشركيات، ثم يقوم بتفنيدها."
    إن إعادة تقويمه تكمن في دعواه بأنّ ما يُسمّى بالإسلام الشّعبي هو إسلام صحيح قائم على أصول الدّين وليس مشوباً بالشّركيّات، كما قال بذلك ترمنقهام وتبعه فيه آخرون. ثُمّ مثال آخر:
    "بهذا يؤسس عبد الله على إبراهيم الركن الثاني من ثلاثيته. فالإسلام الشعبي (إسلام الصوفية) هو النسخة السودانية من الإسلام. كما إن محاكمة هذا الإسلام بالمعيارية الأصولية يقوم على خطأ جسيم على المستوى المنهجي والعلمي. عليه، فإن الإسلام الشعبي صحيح معافى من ناحية عقدية وغير مشوب بالشعوذة والخرافات، إذ أن ما يسمى "شعوذة وخرافات" هو فولكلور الناس. وما الإسلام الأرثوذوكسي إلا نمط شعبي لمجتمع ما، ولكن تم تجريده من تاريخيته حتى يصبح معيارا للدين؛ كما إنه يستصحب معه فولكلور أهله بكل ما يشتمل من أساطير وخرافات (الجن، السحر، العين) إلخ."
    إنّ هذا يمكن أن يُعطينا صورة لعمق الإلتباس الذي وقع فيه الأستاذ عجب الفيّا جرّاء قراءاته الإسقاطيّة.
    وبعد؛
    إنّ حدوث هذا الإلتباس للأستاذ عبد المنعم عجب الفيّا لا يُمثّل مشكلة في حدّ ذاته. فهذا شيئ عادةً ما يحدث في ظلّ الإستقطابات والتّجاذبات الأيديولوجيّة الحادّة في السّودان. فقلّما يمرّ العام دون أن يحدث للواحد منّا إشكال في قضيّةٍ ما يقوده إلى أن يلتبس عليه الأمر. إلاّ أنّ المشكلة كلّ المشكلة هي أن يركب المرءُ رأسه ويقع في شرك المكابرة. وهذا أمر لا أعتقد أنه حدث لعجب الفيّا حتّى الآن. إذ أُحِسُّ في كلّ سطر أقرؤه بصدق الرّجل؛ فهو فعلاً يعتقد أنّ الأمر على شاكلة ما بدا له. ولكن! "للصّبر حدود"! خاصّةً وأنّنا فيما يبدو قد بدأنا ندخل دوّامة التّكرار، ونخشى أن يلُفَّنا الدّوار بعد قليل.
    محمـــد جــلال أحمـــد هـــــاشم
                  

08-10-2003, 05:16 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعربية او تحالف الهاربين -محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابراه (Re: abumonzer)

    Quote: وبعد؛
    إنّ حدوث هذا الإلتباس للأستاذ عبد المنعم عجب الفيّا لا يُمثّل مشكلة في حدّ ذاته. فهذا شيئ عادةً ما يحدث في ظلّ الإستقطابات والتّجاذبات الأيديولوجيّة الحادّة في السّودان. فقلّما يمرّ العام دون أن يحدث للواحد منّا إشكال في قضيّةٍ ما يقوده إلى أن يلتبس عليه الأمر. إلاّ أنّ المشكلة كلّ المشكلة هي أن يركب المرءُ رأسه ويقع في شرك المكابرة. وهذا أمر لا أعتقد أنه حدث لعجب الفيّا حتّى الآن. إذ أُحِسُّ في كلّ سطر أقرؤه بصدق الرّجل؛ فهو فعلاً يعتقد أنّ الأمر على شاكلة ما بدا له. ولكن! "للصّبر حدود"! خاصّةً وأنّنا فيما يبدو قد بدأنا ندخل دوّامة التّكرار، ونخشى أن يلُفَّنا الدّوار بعد قليل.
    محمـــد جــلال أحمـــد هـــــاشم


    هذا الاقتباس هو اخر فقرة في رد محمد جلال علي مداخلتنا،والذي انزله
    بالنيابة عنه ابو منذر،في البوست اعلاه
    وهنا الفت نظر الاخوة الافاضل الي اخر جملة في حديث محمد جلال

    "ولكن،للصبر حدود!خاصة واننا فيما يبدو قد بدانا ندخل دوامة التكرار،ونخشي ان يلفنا الدوار بعد قليل"

    لا حظ انه وضع- للصبر حدود- بين اقواس للتشديد مع علامة التعجب
    ماذ يريد محمد جلال ان يقول ؟هل هو تهديد
    هذا اخر ما كنت اتصور ان محمد جلال سيلجا اليه

    ولكن مهما يكن من امر سنستمر في نقد افكار عبدالله علي ابراهيم
    بالطريقة التي يطرحها بها محمد جلال،لبيان ما تنطوي عليه من خطل،حسب
    اعتقادنا،غير هيابين بالوعيد والتهديد، ورائدنا في ذلك اظهار ما نراه حقا،و يشهد الله، اننا لا نحمل عداوة لاحد،لا لعبدالله ابراهيم ولا لمحمد جلال،كما حاول الاخير ان يصور الامر،الا اذا كان
    كل من لا يوافقك في رايك هو عدوك، في مذهب محمد جلال

    ونواصل
                  

08-11-2003, 06:36 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    Quote: الشريعة هنا هي شريعة القُضاة الشرعيين، أي شريعة الأحوال الشخصيّة، وليست شريعة القطع والجلد. أُنظر إلى قوله (اقتباساً من عجب الفيا ):

    "اريدفي هذه المقالات..ان ارد الي الشريعة مطلبها الحق في ان تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين.ولست اري في مطلبها هذا باسا او ظلما لغير المسلمين..ولست ادعي علما فيما يجد غير انني اتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق الشرعيين بها من قضاة المحاكم الشرعية علي عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة المسلمة وانتصفت للمراة ما وسعها
    ..".
    أُنظر كيف فات على عجب الفيّا أن الرّجل لا يطالب بتطبيق الشّريعة، ولكنّه يطالب بأن تكون "مصدراً للقوانين"، أي للتّشريع. ثُمّ على أيّ كيفيّة يُطالب بهذا؟ على طريقة ".. قضاة المحاكم الشرعية علي عهد الاستعمار ". إذن كيف فات عليه هذا؟ فات عليه لأنّه يصدُر عن قناعة غير نقدية، أي متحيّزة، لا ترى في عبدالله إلاّ مجرد "كوز تافه"؛ وبالتّالي فإنّه يُسقط هذه القناعة على كلّ ما يقرأ. عليه، فإنّه يخرج من كلّ قراءةٍ بنفس المفاهيم الّتي دخل بها


    هذا المقتطف من رد محمد جلال الاخير الذي انزله بالنيابة عنه ابومنذر
    والاقتباس الوارد في ثنايا هذا المقتطف هو من مستهل كلام عبدالله ابراهيم الوارد في سلسلة مقالاته التي بدا نشرها في مايو الماضي في جريدة الراي العام السودانية حول المطالبة بتطبيق الشريعة

    كل من تابع وقرا مقالات دكتور عبدالله المشار اليها ،يعرف انه لا يطالب هنا بتطبيق شريعة الاحوال الشخصية- الانكحة والمواريث- فهذا ما هو مطبق منذ اول عهد الاستعمار الانجليزي وحتي الان .بالمنطق البسيط ان الانسان يطالب بما ليس موجود وقائم وليس بما هو قائم.لذلك د.عبدالله يطالب بان تكون الشريعة الاسلامية مصدرا لتشريع جميع القوانين،المدنية والجنائية،وليس فقط مصدرا لقانون الاحوال الشخصية للمسلمين المطبق منذ الاستعمار الانجليزي حتي الان، حيث يقول
    "اريد في هذه المقالات ان ارد الي الشريعة مطلبها الحق في ان تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين،ولست اري في مطلبها هذا باسا او ظلما لغير المسلمين"
    قوله ،ولست اري في مطلبها ظلما لغير المسلمبن،يوكد بما لا يدع مجلا للشك ،انه لا يطالب فقط بتطبيق الشريعة في قضايا الاحوال الشخصية،لان قانون الاحوال الشخصية لا يطبق اصلا علي غير المسلمين،وبالتالي لا توجد ضرروة تجعله يطمئن غير المسلمين اذا كان المقصود ما ذهب اليه محمد جلال.لاحظ قوله؛ارد للشريعة مطلبها الحق في ان تكون مصدر للقوانين في بلد المسلمين.ما هو مطلب الشريعة الحق في بلد المسلمين؟هي ان تطبق في جميع القوانين ومناحي الحياة


    ان ماخذ عبدالله ابراهيم علي الاستعمار الانجليزي،اقتصاره تطبيق الشريعة علي قضايا الاحوال الشخصية،وهو يري في ذلك زراية بالشريعة واتهام لها بالقصور،لذك فهو يطالب بان تطبق احكام الشريعة في جميع التشريعات والقوانين وبواسطة القضاة الشرعيين الذين يري انهم اكف من غيرهم .ويدلل عي ذلك بنجاح القضاة الشرعيين في تطبيق قانون الاحوال الشخصية منذ عهد الاستعمار والي اليوم.وبالتالي فهم قادرون علي تطبيق قوانين الشريعة الاخري ؛المدنية والجنائية بنفس الكفاءة.ويتخذ من نجاح القضاة الشرعيين في تطبيق قانون الاحوال الشخصية،سببا للتفاؤل بنجاحهم بتطبيق التجربة في كافة القوانين،يقول
    "..ولست ادعي علما فيما يجد،غير انني اتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق القضاة الشرعيين من قضاة المحاكم الشرعية وما تلاه من ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة وانتصفت للمراءة ما وسعها"
    انه يقدم نموذج تطبيق القضاة الشرعيين لقضايا الاحوال الشخصية
    كنموذج علي نجاح ما سيؤول اليه تطبيق الشريعة الاسلامية في بلد المسلمين

    ان دكتور عبدالله لا يقتنع بالتقسيم التقليدي للقضاء الي شرعي ومدني
    ويري ان هذا التقسيم اقامه الانجليز لعدم ثقتهم في صلاحية الشريعة الاسلامية وللزراية بالقضاة الشرعيين وجعلهم تحت تبعية القضاء المدني
    المستمد من القانون الانجليزي
    في حوار اجراه معه الاخ محمد الربيع محمد صالح،ونشر بجريدة الاتحاد الظبيانية في28-9-200 ،يقول:
    "..هل كنا بحاجة الي هذا التصنيف ،قضاء شرعي وقضاء مدني؟..القانون المدني والقانون الجنائي،قائم علي تفويض القاضي بما يمليه الحق والعدل والمساواة والوجدان السليم،فهل تخرج الشريعة من هذه الاقانيم؟وقادني هذا السؤال الي سؤال اخر؛لماذا عملنا تقليد وحداثة عندماعمل الانجليز قضاء مدنيا وقضاء شرعيا-تقليد حداثة-هذا يعني ان هناك قرار اخر ياتي من سلطة ما ..فالقاضي الانجليزي لا يثق في الشريعة،ويثق في القانون العام البريطاني الذي ورثناه،فاصبح القاضي المدني هو السلطة والقاضي الشرعي هو الضحية ،ونحن استسلمنا لما يحدث الي ان حدث الاضطراب العام بين ذاتيتنا وحداثتنا.."

    اذن سبب الاضطراب في حياتنا القانونية هو سيادة القانون المدني الذي ورثناه عن الانجليز.والمخرج هو ان نرد للشريعة مطلبها في ان تكون لها السيادة في جميع القوانين وليس فقط قانون الاحوال الشخصية ،لتكون السيادة كاملة غير منقوصة، للقاضي الشرعي.وهذا هو الهدف الذي دفع دكتور عبدالله الي كتابة مقالاته المشار اليها

    واذا كان ذلك يظهر دكتور عبدالله"ككوز تافه"-علي حد تعبير محمد جلال،
    فانا لم اقول ذلك ،ولكن لم اتي بشي من عندي ،انها كلمات الرجل تحدث عنه.وعلي اي حال لا يوجد فرق بينه وبين الكيزان في المطالبة بتطبيق الشريعة.في ذات الحوار الذي اجراه معه محمد الربيع بجريدة الاتحاد، لم يجد دكتور عبدالله غيرالترابي كنموذج للمفكر الذي حاول ان يحل الاشكال الذي ادي الي الاضطراب في حياتنا بسسب التنازع بين التقليد والحداثة،ويقول:
    "د حسن الترابي حاول رفع الخصومة هذه بعمل هجين من المثقف الحديث والمثقف التقليدي,بان يتادب الافندي بالاسلام وان ينفتح الفقيه علي الحداثة،بحيث يصبح القاضي الشرعي،مثلا عالما في الاحصاء او الاقتصاد"

    ان مشكلة محمد جلال ،هو انه اقام مشروعه-السودانوعروبية-علي قراءات
    سابفة لافكار الدكتور عبدالله علي ابراهيم،في مرحلة لم يكن عبدالله يعبر عن اهدافه الحقيقية بشكل صريح،وعندما بدا يعبر عن هذه الاهداف بطريقة اكثر وضوحا ،برز التاقض بين ما تصوره محمد جلال وبين ما يرمي اليه عبدالله حقيقة
    ان رجل هذه هي افكاره ، باية حق تقول عنه انه ضد الاسلام السلفي الذي يجلد فيه الناس ويحدون,وانه مع الاسلام الشعبي الصوفي
    ان مازق محمد جلال هو ان اعترافه بهذه الحقيقة يعني انهيار كل مشروعه الوسطي الذي يدعو اليه،والعنف الذي لازم رده علينا سببه احساسه بخطورة هذا الاعتراف

    ونواصل

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 08-11-2003, 10:52 AM)

                  

08-11-2003, 01:33 PM

Faisal Salih
<aFaisal Salih
تاريخ التسجيل: 10-12-2002
مجموع المشاركات: 477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    الإخوة الاعزاء
    لدي مداخلة طويلة سابدا في إنزالها تباعا
    لدي مشكلة في الكيبورد فيما يبدو، أو في الوورد لا أدري
    عجزت عن نقل المادة من ملف الوورد إلى البورد، حتى بعد ان قسمتها إلى أجزاء
    أنجح في تظليلها سواء بالماوس او الكي بورد ثم اعطي تعليمات "كوبي" لكن عندماانتقل إلى البوست واعطي تعليمات
    "Paste"
    لا تنزل المادة
    هل من خبراء يعينونني في حل طلاسم هذه الجهاز اللعين؟
    فيصل
                  

08-11-2003, 05:16 PM

Faisal Salih
<aFaisal Salih
تاريخ التسجيل: 10-12-2002
مجموع المشاركات: 477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    أخوتي محمد جلال وعبد المنعم
    لعل هذا من أمتع الحوارات الفكرية والسياسية التي قرأتها في الفترة الأخيرة ، وأتمنى أن تخف بعض الحدة ومحاولات التربص والاستقوال حتى نستمر في الاستمتاع به.
    علاقتي الشخصية بهذه الورقة قديمة ، ورغم اهتمامي الشديد بها لم أدخل في حوارها من قبل، وما ذلك إلا لسبب تقديري الكبير لها وإحساسي أنها تحتاج لعدة قراءات واستعداد كبير يليق بما طرح فيها من أفكار.
    كنت ضمن جمع غير كبير يشارك في السمنارات الأسبوعية بمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات حين طرح الصديق محمد جلال هذه الورقة في صورتها الأولى. وما زلت اذكر طرفة أعجبتني كثيرا، حين قال محمد جلال في معرض حديثه عن تأثير الثقافة العربية الإسلامية أن لا أحد بمنجاة من ذلك "وأننا حتى عندما نقعد بالليل وقبل أن نبدأ .......نقول بسم الله" ..كان ذلك في أوج شراسة الإنقاذ الأولى وبعض مدسوسيهم كان موجودا، وجم القوم لبرهة ثم انطلقت الضحكات التي تستمزح النكتة وتستظرفها.
    ثم قرأتها في صورتها المعدلة عندما شارك بها الأخ محمد جلال في ندوة الثقافة والتنمية بالقاهرة قبل سنوات خلت ، وتكرم فأعطاني نسخة منها، ما زلت احتفظ بها في السودان. وحين قام الأخ عادل عبد العاطي بإنزال هذه البوست سارعت فأرسلت له رسالة خاصة شكرته على ما قام به، فقد كنت ابحث عنها.
    ثمة سبب آخر ...فنحن أبناء جيل فتن بعبد الله علي إبراهيم...ولعل بعضه لا يزال. ورغم غيظي الشديد من مواقفه منذ قدوم الإنقاذ إلا أني ما زلت أسعى وراء كتابته لاستمتع باللغة إن فارقتني أفكاره، وقد سألته مرة عن حقيقة "مخطوطة كاتب الشونة في الاستقالة من الحزب الشيوعي" التي يقولون أنها من عيون الأدب السياسي السوداني ...لكنه رد علي بما لم افهم منه حقيقة وجودها من عدمه. وقد أراحني الصديق عثمان عامر - أين هو يابورداب أمريكا- مرة عندما كتب مقالا عن عبد الله علي إبراهيم وجعل عنوانه "في بلاغة المغتاظ .. وسحر المغالط".!!
    واعلم ، مثل كثيرين، إن ورقة محمد جلال لم تعد مجرد ورقة فكرية، وإنما صارت مع دراسة د.أبكر آدم إسماعيل برنامجا سياسيا لبعض التنظيمات الطلابية "واعني بعض تنظيمات مؤتمر الطلاب المستقلين". وهذا يعطيها بعدا إضافيا.
    هنا أود أن اطرح بعض الملاحظات:
    أولا: كتبت في بوست سابق أن كل الكتابات عن الهوية في السودان تبدأ وتنتهي بنقد أو نفي الثقافة العربية الإسلامية في السودان ، أو على الأقل تصورات السودانيين الشماليين عن عروبتهم. ليس هناك حديث عن بقية مناطق السودان ، هذا يعطي إيحاء كاذب وزائف عن عدم وجود مشاكل أخرى في مسالة الهوية عدا هذه الجزئية المتعلقة بعروبة الشمال. ويستنتج منه أن العقبة الوحيدة هي إحساس الشماليين بعروبتهم. أنا أتحدث بشكل عام ولا احمل الأخ محمد جلال تبعة هذه الأفكار، لكن مثلا هو تحدث هنا عن مشروعه أو طرحه البديل بعد أن قام فقط بنقد مشروعات الآفروعروبية والسودانو عروبية، ولم يتعرض بالنقاش لأي من أجزاء السودان الأخرى، والأطروحات الثقافية المتباينة.
    هناك حديث عن الثقافة الأفريقية في مواجهة الثقافة العربية، وفي الحديث عن ثقافة أفريقية واحدة وهم كبير. أفريقيا قارة ووحدة جغرافية تركت بصماتها على الشعوب التي تسكنها. ثقافات شعوب شرق أفريقيا تختلف عن غرب أفريقيا، وشمال أفريقيا تختلف عن جنوب أفريقيا. وفي السودان فإن ثقافة الفور تختلف عن ثقافة الدينكا، وثقافة النوبة تختلف عن ثقافة الفونج والانقسنا. هذا باب لا يناقشه أحد ولا يتحدث عنه. ولهذا قلت أن هذا يعطي الانطباع بعدم وجود إشكاليات في غير اعتقادات الشماليين بعروبتهم.
    ثانيا: هل فعلا هناك ارتباط حقيقي، يمكن البرهنة عليه علميا، بين اعتقاد الشماليين في عروبتهم ، وبين واقع الهيمنة وفرض الآحادية الثقافية على السودان. بمعنى أن اعتقاد الشماليين بعروبتهم يمنعهم بشكل آلي من الاعتقاد في، وتأييد مشروع التعددية الثقافية المطروح كبديل لمشروعي الآحادية والانصهار القومي. هل يمكن أن اعتقد باني عربي، جدي العباس أو النبي، وأني انتمي أصالة للثقافة العربية الإسلامية، وأؤمن في نفس الوقت بان هناك ثقافات واديان وأعراق أخرى في السودان لا تنتمي للثقافة العربية الإسلامية، وأن أؤيد بالتالي مشروع التعدد و الوحدة في إطار التنوع ولا أتبنى نفي الآخر؟. "لا حظ أن محمد جلال أعطى من حيث يدري ولا يدري مفهوما عرقيا لليمين واليسار ..فكل من يقول بالانتماء للثقافة العربية الإسلامية في السودان هو يميني ...وغاية ما يحققه من تقدم أن يصبح يمين الوسط، وكل القوي الجهوية والإقليمية سواء التي تنادي بسودان جديد أو بالانفصال هي يسارية رغم أنفها، سواء رغبت أم لم ترغب، درت أم لم تدري ...فهذا موقف منفصل عن الوعي ...رغم أن الماركسية التقليدية حين ربطت الموقف الأيدلوجي بالوضع الطبقي، عادت وأضافت مفهوم الوعي الطبقي، أما عند محمد جلال فالوعي هنا غير وارد".
    ثالثا: هل يمكن اعتبار أن اعتقاد الشماليين في عروبتهم وإسلامهم مثله مثل اعتقاد الدينكا في أصولهم التي ترتبط بأساطير كثيرة، وهم ليسوا وحدهم في هذا. وكذلك تصورات البجا .. أو النوبة. ولدى كل هذه المجموعات قصص وأساطير عن تميزهم عن بقية البشر، أو انهم أبناء الإله ..أو شعبه المختار..؟.
    هل يحتاج إنجاح مشروع الوحدة في التنوع والتعددية الثقافية أن نناقش معتقدات هذه المجموعات باعتبارها معوقا للمشروع؟ ، أم أن مناقشة هذه المعتقدات يدخل في باب دراسات الانثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية، وهذا مقام آخر....
    من المؤكد أن كل هذه الجوانب مفتوحة للنقاش والبحث، لكن لدي اعتقاد جازم بأن كثير من الباحثين يساهم، بوعي أو بدونه في تكريس هذه الفكرة الخاطئة، عندما يبدأ وينهي أي نقاش عن الهوية بحكاية نفي عروبة الشماليين، وأظن أن في هذا تنفير من مشروع الوحدة في التنوع والتعددية الثقافية. فالمفروض أن هذا المشروع يقوم على أنقاض الهيمنة ونفي الآخر والأحادية الثقافية، وليس على أنقاض عروبة شمال السودان/ بالضرورة. وإن كان موضوع العروبة في شمال السودان يبقى موضوعا مفتوحا للجدل في كل حين.
    أقول هذا لأني، ومحمد جلال يعرف خلفيتي، من المنتمين للثقافة العربية الإسلامية عن قناعة واختيار، دعك عن الأصول والانتماء العرقي والجهوي. وأؤمن بان في الثقافة العربية الإسلامية أبواب ومداخيل كثيرة للاعتراف بالآخر والعيش في ظل التعدد، كما إن لديها الكثير لتقدمه للثقافات الأخرى وان تأخذ منها.
    رابعا: سأقول هنا ملاحظة قد تبدو غريبة..كان يمكن للأخ محمد جلال أن يطرح مشروعه الثقافي –الفكري- السياسي دون المرور بمحطة نقد كتابات عبد الله علي إبراهيم، لأني أرى هنا سياقين مختلفين.
    بل إنه من حيث لا يدري دلل على ذلك، طبعا دون القول إنه يتبنى مشروع عبد الله.
    يقوم مشروع عبد الله علي إبراهيم على توصيف معين وبمعايير محددة لهوية الشماليين العرب، وليس كل السودان. هو يحصر مشروعه في طرح ما أسماه محمد جلال "نسخة سودانية من العروبة والإسلام"...لا يسقطها على كل السودان، وإنما للشمال فقط، ثم يتحدث عن وجود قوامين ثقافيين أو أكثر "مدرسة التعدد الثقافي"...إذن فإن الحوار معه يمكن أن يأتي في سياق هوية الشماليين هل هي كما طرحها أم أنها تأخذ منحى آخر. أما ما عدا ذلك فإن عبد الله يأتي بقومه لساحة التعدد الثقافي منتظرا قدوم الآخرين ...فأين المشكلة؟
    هذه ملاحظات عامة ...ثم دعني آتي لملاحظات تفصيلية
                  

08-11-2003, 05:29 PM

Faisal Salih
<aFaisal Salih
تاريخ التسجيل: 10-12-2002
مجموع المشاركات: 477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    هذه ملاحظات عامة ...ثم دعني آتي لملاحظات تفصيلية
    1-
    Quote: يقول محمد جلال :بقي أن نقول إن أهم محدوديات هذا المقال هو انحصاره في الحركة الفكرية والسياسية بين من ينتمون للثقافة العربية الإسلامية أو ما يعرف بشمال السودان، الذي ينظر إليه على أنه تغلب عليه الثقافة العربية الإسلامية. ولهذا عدة أسباب؛ أهمها أن المقال يتناول اتجاها إسلاميا عربيا يسعى لاستيعاب الاتجاه الأفريقي في هوية السودان.

    - هكذا يقول محمد جلال في مقدمة المقال. فهل هذا صحيح؟ ..لا اعتقد. فبعد قراءتنا للمقال لم نجد ما يشير إلى إن عبد الله علي إبراهيم يطرح "اتجاها إسلاميا عربيا يسعى لاستيعاب الاتجاه الأفريقي في هوية السودان". بل على العكس ..وكما قال محمد جلال نفسه فإن عبد الله يؤصل لعروبة السودانيين الشماليين، ويقر ويعترف بوجود قوام ثقافي آخر ...أو عدة أقوام ثقافية
    Quote: 2- يصنف محمد جلال المدرسة الأفريقية قائلا:

    في رأينا أن وجود هذه المدرسة نظري افتراضي، أي لحفظ ميزان الصراع من حيث ثنائيته القطبية عربي Ö أفريقي. فالحديث عن الأفريقانية في السودان يقوم دائما استيعابا للكيانات مشهودة التأفرق من لغة وعرق … إلخ، واستبعادا للعناصر مشهودة العروبة. ولكن لا توجد كتابات عن سودان أفريقي الثقافة مع استيعاب شمالي الوسط العربي المسلم فيه
    - ربما صح هذا الكلام في أوائل التسعينات ...لكنه لا يصح الآن، فالكتابات الفكرية والسياسية التي تتحدث عن "سودان أفريقي الثقافة مع استيعاب شمالي الوسط العربي المسلم فيه" ..بالكوم ، ويذهب بعضها للقول إن هذا هو الخيار الوحيد أمام الشماليين ..وإلا فإن عليهم أن يحزموا أمتعتهم ويمتطوا إبلهم عائدين من حيث
    Quote: أتوا...! وأستطيع أن آتي بعشرات المقالات التي تقول بهذا
    3-يقول محمد جلال : الحل الذي يقدمه عبد الله علي إبراهيم يقوم على أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم في السودان عن البحث عن هوية أفريقية لهم. فكأنه يقول إن أي محاولة من هذا القبيل سيكون مصيرها ـ مهما تسلحت بأدوات الهجوم على العروبية ـ هو نفس مصير مدرسة الغابة والصحراء. وعليه فإنه لا مناص من أن يقبلوا بأنفسهم كعرب مسلمين، وأن يكفوا كذلك عن خلع سيماء الحضارة عنهم بدعوى الهجنة. يقول:
    "إن أفضل الطرق عندي أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة… فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية"[48]. (التشديد من عندنا)
    وبهذا يكون عبد الله علي إبراهيم قد أتم بناء الزاوية الأولى في مشروعه ذي الأضلاع الثلاثة. ومشروعه يقوم على بناء حدود ثقافية Cultural Boundaries ـ اعتمادا على مفهوم الحدود عند بارث[49] ـ بين أبناء الشمال العربي المسلم وأبناء الجنوب الأفريقي. فهذان هما القوامان، كما إن الفرصة متاحة لأقومة أخرى. وهنا لا يفصل لنا طبيعة الأخرى هذه، بل يتركها لنا كيما نذهب فيها مذاهبنا. ولا نملك هنا إلا أن نتم له هذا، فنقول: الفرصة متاحة للنوبيين والفور والبجا كيما ينفضوا عن هذا الحلف السناري ويكونوا أقومة خاصة بكلٍ. وهكذا يتفرق السودانيون أباديد في الآفاق مع اتجاهات الرياح الأربع: الشمال ـ الجنوب ـ الغرب ـ الشرق … ولا عاصم لهم من هذا الشتات إلا الوسط (الإسلاموعربي
    ).
    - لا عفوا يا صديقي ففي هذا تجني واضح جدا..واستقوال لا يسنده النص. هل القول " إن أفضل الطرق عندي أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة… فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية"...هو دعوة لإقامة حدود ثقافية ولتمزيق السودان ..أم اتجاه إيجابي نحو مشروع الوحدة في إطار التنوع ..والتعددية الثقافية. ألا تؤمن أنت أيضا بوجود قوامين ثقافيين أو أكثر في السودان ..وإن الاعتراف بهذا التعدد افضل من نظريتي الآحادية الثقافية والانصهار القومي؟ إني أرى إن عبد الله يعمل هنا بنصيحتك التي قلتها في نهاية المقال: أن يعرف كل اتجاه في السودان ناسه ومجموعاته ويقوم بتجميعهم. فهو أولا ينظر للقوام العربي ...وهذا جزء من ما نصحت به أنت بعد ذلك ، ثم يأتي بقومه لساحة التعدد معلنا الاستعداد للتعامل مع التعدد والاعتراف بالآخر. لماذا رأيت في دعوته ما قلته هنا :" الفرصة متاحة للنوبيين والفور والبجا كيما ينفضوا عن هذا الحلف السناري ويكونوا أقومة خاصة بكلٍ. وهكذا يتفرق السودانيون أباديد في الآفاق مع اتجاهات الرياح الأربع: الشمال ـ الجنوب ـ الغرب ـ الشرق … ولا عاصم لهم من هذا الشتات إلا الوسط الإسلاموعربي".
    هل في كلمات عبد الله ما يشي بهذا ...خاصة مسالة ألا عاصم لكم إلا الوسط الإسلامو-عربي؟...إنها قراءة متعسفة تستبطن هذه النتائج مسبقا وتستقول الكلمات لتحصل على معاني تريدها. ربما لم يكن عبد الله قد مضى للأمام ليقول رؤيته لما بعد ذلك ، ولكن هذا لا يعطي محمد جلال أن يقوله – بتشديد الواو وكسرها
    Quote: -
    4- يقول محمد جلال : ولكن السبب في ذلك ـ كما نراه وكما يعكسه عبد الله علي إبراهيم دون أن يسميه ـ هو أن من يحتاز على هذه النسبة فقد إحتاز شرفا كبيرا ومكانة كبيرة، معنوية ومادية، كامتلاك الأرض مثلا. فالبدو المجاورون للجعليين ـ وإن كانوا صرحاء العروبة ـ يحرمون من هذه النسبة الأمر الذي يستتبع عمليا حرمانهم من ملكية الأرض، ولو ملكوا المال والرغبة لذلك. يورد عبد الله علي إبراهيم حكاية أن أحد هؤلاء البدو تمكن بطريقة ما من افتتاح متجر بماله في منطقة الرباطاب، فكان أن علق في مدخل "دكانه" شهادة نسب تلحقه بجعل بن العباس، أي بالجعليين. ومع ذلك لم يسلم من هزء وسخرية الرباطاب اللاذعة. فقد باشره على ذلك أحدهم قائلا: "إن تعليقك لهذه النسبة يشبه الذي يطوِّح بصنارته (جبّادة) في الماء دون أن يثبّت نهايتها بوتد"[81
    ].

    - هكذا ببساطة يقرر محمد جلال أمرا خطيرا لا يمهد له ولا يدلل عليه، ارتباط النسب الذي يرجع للرسول وعمه العباس بملكية الأراضي، ولعمري إنها المرة الأولى التي اسمع فيها بهذا الأمر.إنه حكم بلا حيثيات واعتقد جازما إنه منقول من مكان ما من سياق ما ...لكنه قطعا لا يرتبط بهذه المنطقة. ولا اعرف إن كان الأخ محمد جلال يعرف ماذا يسمي أهل الشمال، من الجعليين والشايقية والبديرية، ... البدو الذين لا يملكون أراضى ويعيشون على أطراف القرى ويعملون في البناء وكعمال زراعيين؟ ..يسمونهم العرب
    ..!!!
    Quote: 5- يقول محمد جلال : تيار الوسط: هذا التيار يقوم على أيديولوجيا القومية السودانية، والتي تستند بدورها على الحقوق الثقافية المتكافئة والمتوازنة بين الأقوام السودانية شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، ثم وسطا. كما تقوم على ضرورة إلغاء واقع الهيمنة والقهر الثقافي بكل تجلياته السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، والدولية (نسبة إلى مؤسسة الدولة). ولأن هذا التيار يتوازن أيديولوجياً ما بين القطبين السابقين، لهذا جاز لنا تصنيفه كوسط. إن هذا التيار ليس تصالحيا، لمجرد كونه متوازنا. وفي هذا نقصد بالتصالح كل التيارات الفكرية التي تسعى للإنعتاق من أسر الثقافة القاهرة عبر التصالح معها ـ مثل الآفروعروبية
    .

    - عفوا يا محمد جلال ..أراك تتحدث عن "أيديولوجيا القومية السودانية" ....هكذا فجاة وهنا أنت تقفز من تيار التنوع في الوحدة في التنوع ...والتعدد الثقافي إلى تيار الانصهار القومي. أنت تعيدنا بمصطلح القومية السودانية للمربع صفر. ما عيب تيار الانصهار القومي ، والآفرو عربية هي التعبير الشمالي عنه. عيبه في رومانسيته. لأن مدرسة الغابة والصحراء بدأها شعراء وأدباء فقد تبنت هذا الطرح الرومانسي، وهو تطلع كل السودانيين ، لكنه لم يكن طرحا واقعيا. الأفضل منه والأكثر واقعية هو الاعتراف بأننا لا نشكل ثقافة واحدة ولا قومية واحدة، نحن من ثقافات وأعراق متنوعة لكن تجمعنا إرادة واحدة لنعيش معا في هذا الوطن ...وتجمعنا أمنية في أن يتحقق الانصهار القومي يوما ما ..ونكون أمة واحدة. استخدامك لمصطلح القومية السودانية يهدم كل مشروعك يا محمد، يقلبه رأسا على عقب ويفرغ كل مجهودك الذي بذلته من المعاني التي أردتها. ودعني مرة أخرى أسألك ...فربما تكون هذه زلة قلم: هل تيار الوسط الذي تدعو له يقوم على آيدلوجيا القومية السودانية؟ إنه إذن تيار الانصهار القومي ..وأفضل تعبير عنه هو صورة معدلة من ألآفروعربية، وبالواضح فإن أيدلوجيا القومية السودانية تتعارض كليا مع مفهوم الوحدة في التنوع الذي يتسع لقوميات عديدة يسعها هذا الوطن ولا يستبق سنوات طويلة من تجربة الوحدة في التنوع ونتائجها
    .
    Quote: 6- يقول محمد جلال : تستند الورقة على "منهج التحليل الثقافي" الذي تقوم مقدماته الأساسية على أن الصراع في السودان ليس بين ’شمال‘ و’جنوب‘ ، وهذا ما أسميناه بالتمفصل الخطي، والذي لا يعكس حقيقة الواقع في السودان، بل هو بين ’مركز‘ و ’هامش‘، وهذا ما أسميناه بالتمفصل الدائري التام. وهنا يأتي أيضا اختلافنا المفاصل مع عبدالله علي إبراهيم الذي يعتمد على الأول، بينما نعتمد على الثاني. وقد ورد رأينا هذا في المقال، خاصة الجزء الذي يناقش موقفي أحمد الطيب زين العابدين ومنصور خالد. لكنا هنا سنستشهد بجزئية وردت في معرض نقدنا لأستاذنا الفاضل بشرى الفاضل:
    "إن التمفصل الأيديولوجي الخطي Linear (شمال ↔ جنوب) هو في حد ذاته سمة من سمات الآفروعروبية، ثم السودانوعروبية لاحقا. إذ من شأنه أن "يفرز" الجنوب لوحده، مع استتباعه لباقي أطراف الهامش استيعابا وإعادة إنتاج، حتى إذا تغير السياق، وأصبح الجنوب غائبا، تبين لنا أن هذا "الشمال" هو نفسه "خشم بيوت"، وهنا يتضح أن هناك غربا، وشرقا.. كما أن هناك شمالا هامشيا للشمال نفسه
    ."
    - هنا المحك ..وهذا بيت القصيد....، هذه الرؤية تحتاج لنقاش منفصل ، رفض التمفصل الخطي كما سميته، يسعى لتفكيك مواجهة شمال – جنوب ، تكون الصيغة الجديدة المركز – الهامش. المركز هنا ليس كل الشمال ..وإنما ما يسمى بالوسط النيلي، حيث يتم تجريده من العلاقة مع الشرق ..والغرب ، وأقصى الشمال. تتقلص القوة المفترضة للشمال ، وتضعف الثقافة العربية الإسلامية، ياتي الشرق كبجة وبني عامر، ويأتي الغرب فور ومساليت ونوبة وزغاوة وحمر ومسيرية وكواهلة ورزيقات...الخ، لا مجال ليتحدث أحد أن بعض هذه المجموعات حدث بينهم تكامل وانصهار بحيث صاروا يشكلون تجمعا أكبر، لأن هذا سيتعارض مع المطلوب. المطلوب تفكيك أي مرحلة من مراحل التوحد حدثت بين مجموعات الشمال العربي المسلم. ثم إلى ماذا ينتهي محمد جلال .؟ إلى بناء تمفصل خطي جديد ..لا تمفصل دائري، وقطبا التمفصل الخطي هما : تيار السودانو عروبية ، يمثله الوسط الشمالي النيلي بعد تقليصه من هوامش الشرق والغرب وأقصى الشمال_ وتيار السودانو أفريقية الذي يمثل الجنوب الذي استتبع معه باقي الهوامش. إنه إذن بناء تمفصل خطي جديد مع تغيير مراكز القوى، لقد بحثت في النتائج النهائية عن التمفصل الدائري فلم أجده.. فهو يستوجب وجود أقطاب عدة ، لكنه طالما انبنى على وجود قطبين فهو تمفصل خطي مع إعادة تشكيل القطبين.
    Quote: 7- " الفرصة متاحة للنوبيين والفور والبجا كيما ينفضوا عن هذا الحلف السناري ويكونوا أقومة خاصة بكلٍ. وهكذا يتفرق السودانيون أباديد في الآفاق مع اتجاهات الرياح الأربع: الشمال ـ الجنوب ـ الغرب ـ الشرق
    ".
    - هكذا يتهم محمد جلال طرح عبد الله علي إبراهيم ....بينما نظرية المركز –الهامش التي يتبناها محمد جلال هي المسؤولة عن هذا التصور المتشائم لو حدث. هي تعمل على تفكيك وحدة الشمال أولا، فتناقض نفسها ..ويناقض محمد جلال نفسه حين يدعو في موقع آخر مجموعات الشمال العربي لتتوحد وتأتي إلى موقع يمين الوسط ..بينما عملت نظريته على تمزيق وحدتها.
    هذا الطرح قديم ، وسبق أن طرحه عبد الله عبد الوهاب "كارلوس" في ورقة قدمها في سمنار مهرجان الثقافات السودانية بالقاهرة "1995" ، وقد رددت عليه بمقال نشر في جريدة الخرطوم أسميته "استقالة من جمهورية اتحاد القبائل السودانية
    ".
    Quote: 8- يقول محمد جلال: ثم على قوى اليسار أن تدرك مواقع أقدامها، وأن تدرك الأبعاد العملية لمشروعها الانفصالي؛ عليها أن تجوِّد التأسيس الفكري لأطروحتها. إن فصل إقليم معين من أقاليم السودان –ولنقل الجنوب مثلا- ربما ينطوي في الواقع على عملية تفصيص وتفكيك مؤسسة الدولة السودانية الموحدة بحدودها الجغرافية والديموغرافية الحالية والتي يمتد عمرها لحوالي 5000 سنة. إن عملية التفصيص والتفكيك قد لا تقف عند حد انفراط عقد الأقاليم الأساسية المكونة للدولة السودانية. إذ ليس هنالك ما يضمن أن شغل هذه الآلية التفكيكية سوف يتوقف بمجرد أن يحقق أحد الأقاليم –ولنقل الجنوب أيضا- انفصاله؛ إذ ربما تشمله هذه الآلية فيبدأ هو أيضا في التفكك والتفصص. من السهل أن نُخرج من الجرَّة الجان الذي حبسه سيدنا سليمان، لكن ربما من المستحيل أن نعيده إلى الجرَّة مرة أخرى. ماذا تعني آلية التفكيك هذه؟ إنها تعني تكرار سيناريو ’الهوتو والتوتسي‘ بطريقة المتواليات الهندسية، ذلك لأن السودان يضم حوالي 500 مجموعة إثنية دون ذكر تفرعاتها. إن على قوى اليسار السوداني أن تثبت أنها على مستوى المسئولية التاريخية التي وجدت نفسها إزاءها، لا أن تعطي الإنطباع بأنها تتصرف بمبدأ ’عَلَيَّ وعلى أعدائي
    .
    - مالي أراك يا صديقي تذوب رقة وأنت تتحدث عن القوى صاحبة مشروع تفكيك الدولة السودانية إلى خمسمائة دويلة! لماذا هذه الحنية التي تتنزل مع كل حرف ..ولا تنسى انك تتحدث عن مشروع جاهز لتفكيك الدولة السودانية ، وليس مشروع متخيل. هذه قوى يطرح معظمها الانفصال. لقد اتهمت عبد الله علي إبراهيم [انه يقدم طرحا "قد يؤدي لتفكيك وتمزيق وحدة السودان، ثم ها أنت أمام قوى المشروع الانفصالي تتحدث بلغة اقرب للرجاء

    هل انتهى الكلام ...ليس بعد، وقد استمتعت والله جد استمتاع بقراءة الورقة ...ثم التعقيبات عليها، وردود الأخ محمد جلال والطريقة المرتبة في عرض أفكاره.. ومن أين لك يا صديقي الرطاني هذه اللغة الرائقة السلسة العذبة؟..ولنا عودة
    فيصل محمد صالح
    أبو ظبي
                  

08-12-2003, 12:11 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    قراءة ذكية ولماحة يا اخ فيصل
    وقد عهدناك دائما ثافب النظر رشيق الاسلوب عف السان
    والاجمل ما في هذه القراءة هي انها اشتغلت علي الشق النظري لفكر محمد جلال،بينما اشتغلت قراءتي علي الشق التطبيق-السودانوعروبية -التي استخلصها محمد جلال من كتابات عبدالله ابراهيم،وبالتالي تكمل القراءتان بعضهما البعض
    مشكلة محمد جلال انه طرح رؤيته النظرية من خلال قراءته لمشروع عبدالله علي ابراهيم

    لدي بعض الملاحظات لكن اعود اليها فيما بعد لضيق الوقت

    ونواصل

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 08-12-2003, 12:23 PM)

                  

08-13-2003, 06:20 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    Quote: ما عيب تيار الانصهار القومي ، والآفرو عربية هي التعبير الشمالي عنه. عيبه في رومانسيته. لأن مدرسة الغابة والصحراء بدأها شعراء وأدباء فقد تبنت هذا الطرح الرومانسي، وهو تطلع كل السودانيين ، لكنه لم يكن طرحا واقعيا. الأفضل منه والأكثر واقعية هو الاعتراف بأننا لا نشكل ثقافة واحدة ولا قومية واحدة، نحن من ثقافات وأعراق متنوعة لكن تجمعنا إرادة واحدة لنعيش معا في هذا الوطن ...وتجمعنا أمنية في أن يتحقق الانصهار القومي يوما ما ..ونكون أمة واحدة.


    الاخ فيصل كانك تري تناقضا بين التعددية الثقافية والانصهار القومي
    القول بالوحدة في التنوع او التعددالثقافي في حالة السودان لا يلغي او يتعارض مع حقيقة الانصهار القومي.لك ان تتصور ان هناك دائرة كبيرة هي الدولة القومية السودانية ،داخلها دوائر صغيرة،تمثل التنوع الثقافي،الذي يشكل في النهاية هذه الدائرة الكبري .وبنفس الكيفية يمكنك النظر الي الافروعربية التي ليست رومانسية وانما الواقع بلحمه وشحمه

    هل القول بان السودان بلد عربي افريقي رومانسية؟
    هل القول بان سكان شمال السودان -واعني شمال السودان بالمعني التقليدي ، عشان محمد جلال ما يقول لي هامش ومركز -بصفة
    عامة هم نتاج التزاوج والانصهار الثقافي والعرقي الذي تم عبر الاف السنين بين العرب والسكان المحليين رومانسية؟
    هل التحالف الذي تم بين العرب والافارقة واقام مملكة سنار نواة السودان الشمالي الحالي رومانسية؟

    انت تخاطب صديقك محمد جلال في ختام حديثك وتقول له مازحا من اين اتيت بهذه اللغة السلسة ايها الرطاني! اليست هذه الحقيقة كافية وحدها للدلالة علي هذا الانصهار القومي

    لقد كانت الافروعربية اوالغابة والصحراء اول خطوة نحو التعدد الثقافي والاعتراف بالاخر بعد الاستقلال
    كان اهل شمال السودان يظنون انهم عرب فقط ولا صلة لهم بافريقيا،فقال لهم الافروعروبيون، لا انتم لستم عربا بل افارقة ايضا ولا بد من الاعتراف بالشق الاخر فيكم وكذلك الاعتراف بالشف الافريقي من الوطن واقامة حوار معه.
    ان القول بالانصهار القومي او القومية السودانية،لا يعني بالضرورة محو الانتماءات الصغيرة،ولا ينفي ان يكون هناك عرب خلص او افارقة خلص،يحتفظون بخصوصياتهم داخل هذه البوتقة الواحدة كما هو حاصل فعلا علي ارض الواقع،وهذا ما يعنيه شعار الوحدة في التنوع الذي كانت الغابة والصحراء اول خطوة في اتجاهه،

    ان الافروعربية قبل ان يطرحها الشعراء والادباء ،طرحها ثوريون و مؤرخون ودارسون اثروبلوجيون.كان المهدي صاحب اول مبادرة في اتجاه الدولة القومية السودانية ولا اظنني في حاجة للتفصيل هذه المسالة.ثم جاء علي عبداللطيف وعبيد حاج الامين
    مرورا بعرفات محمد عبدالله وال عشري الصديق،ثم جمال محمد احمد الذي كان يعمل في صمت العلماء بعيدا عن اي شعارت ومن المؤرخين يوسف فضل وابو سليم ومحمد عمر بشير والانثروبلوجيون منهم حامد حريز حيدر ابراهيم واخرون كثر

    اذن الافروعربية لم تكن امنية او حلم حتي توصف بالرومانسية.انها واقع من لحم وشحم منذ ان كان السودان.وبالتالي هي ليست طرحا ايديولوجيا ،وهذا ما يميزها عن سائر الاطروحات الاخري التي تتصدي لسؤال الهوية. كل الاطروحات الاخري لا تعدو ان تكون برامج سياسية لاحزاب او جماعات. اما الافروعربية لا تعدو ان تكون قراءة اكاديمية واقعية ان صح
    هذا التعبير

    كنت اتمني ان استرسل قليلا لان في النفس لا زال شي من حتي
    لكن كيف مع طاحونة الدوامين
    لقد سعدت جدا اخي فيصل بمدخلتك واستفدت جدا من اشراقاتك
    ونواصل

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 08-13-2003, 06:22 AM)
    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 08-13-2003, 07:21 AM)

                  

08-13-2003, 12:31 PM

Faisal Salih
<aFaisal Salih
تاريخ التسجيل: 10-12-2002
مجموع المشاركات: 477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    شكرا يا عبد المنعم
    ودعني أوضح اكثر
    أنا افرق بين شيئين : التطلع للمستقبل ..والواقع اليوم
    لعلك لاحظت أني قلت عن الانصهار القومي "وهو تطلع كل السودانيين" ..ثم قلت ايضا "وتجمعنا أمنية أن يتحقق الانصهار القومي يوما ما ونكون أمة واحدة" ..أظن أن قصدي هنا واضحا
    لو تعاملنا اليوم بان الانصهار القومي حادث وواقع نكون قد اغمضنا اعيننا عن المشكلة،وتجاهلنا الواقع ..وساعدنا في استمرار الازمة والمشكلة، لن يكفي الاستدلال ببعض الامثلة والنماذج البسيطة هنا وهناك ، رغم نبل المقصد، وحسن النية . ولعله ماوتسي تونغ الذي يقول إن الطريق إلى جهنم مفروش بحسن النوايا.
    أستطيع مثل غيري ان آتي بنماذج لإخوة من الجنوب عاشوا بيننا واندمجوا وتكاملوا ، أو بعض اهل الشمال الذين ذابوا في حياة الجنوب، وقد قابلت في واو اسرة شمالية كان والدهم "دفع الله" قد تمرد مع حركة انيانيا الاولى. لكن تبقى هذه نماذج صغيرة هنا وهناك، وواقع الحال يقول ان لدينا حرب مشتعلة منذ خمسين عاما ولا يفلح تقديم مثل هذه النماذج في اطفائها
    لن تطفئها إلا الاعتراف بحقيقة الاختلاف، ووجوده وواقعيته، ثم تقديم حلول عملية للتعامل معه على كل الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية، على اساس قاعدة التعدد الثقافي والسياسي والديني، والأهم من كل ذلك عدم لوي عنق النتائج، أو استباقها. فهذه العملية الثقافية الاجتماعية تاخذ زمنا طويلا في التعامل وتفرز نتائجها بعيدا عن رغباتنا وامانينا ، ولكن ليس بعيدا عن اعمالنا ، فهي لن تنتج أزهارا إذا كنا قد بذرناها شوكا
    هذا ما يتعلق بجانب التفريق بين مدرستي الانصهار القومي والتعدد الثقافي ، وهما قطعا مدرستان مختلفتان
    فيما يتعلق بالجوانب الاخرى أنا اعتقد بان القوامين الاساسيين هما الشمال والجنوب ولا يزالا
    هناك دوائر داخل الجنوب مثلما هناك دوائر ثقافية داخل الشمال
    ولا خلاف لي معك في الانسجام الثقافي في الشمال ، وأعمل منذ فترة على دراسة حول الاصول العرقية والإثنية للشماليين الذين اعتقد أنهم بجعلييهم وشايقيتهم ورباطابييهم كلهم يرجعون لاصول نوبية تعربت ثقافيا على مدى السنوات الطويلة
    وقد كتبت هذا الكلام مرة في المقال الذي أشرت إليه ردا على دراسة الاخ عبد الله عبد الوهاب كارلوس، وهي مهمة لمثل هذا النقاش حيث كان يسميها "نحو السلام الثقافي الرابع" حيث كان السلام الثقافي الاول عنده هي اتفاقية البقط، ثم السلام الثاني عبر التحالف الذي أقام مملكة سنار ، والثالث في اتفاقية أديس ابابا ، واظن أنها ورقة هامة ، وعندما أعود للسودان في الاسبوع القادم سأبحث عنها بين أوراقي وأنشرها عبر بوست منفصل
    واذكر أن البروف علي عثمان محمد صالح اتصل بي بعد قراءة المقال وقال لي مازحا" أولاد الك.........شابكننا جدنا العباس وجدنا النبي ...أول ما زنقوكم الجنوبيين جيتوا اتحاويتو فينا
    شكرا يا منعم ..وآمل أن يتكرم الأخ عصام "أبو منذر" بمواصلة دوره الهام في التواصل بيننا وبين محمد جلال
    فيصل محمد صالح"...
    ..
                  

08-13-2003, 08:32 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    Quote: ولا خلاف لي معك في الانسجام الثقافي في الشمال ، وأعمل منذ فترة على دراسة حول الاصول العرقية والإثنية للشماليين الذين اعتقد أنهم بجعلييهم وشايقيتهم ورباطابييهم كلهم يرجعون لاصول نوبية تعربت ثقافيا على مدى السنوات الطويل


    انت بذلك يا اخي فيصل تنسف كل مشروع عبدالله علي ابراهيم،وتضرب بمقولة- تحالف الهاربين- عرض الحائط.ان الافروعربية او الغابة والصحراء لم تقل اكثر من ذلك،فهي قراءة وصفية لشمال السودان قبل ان تكون قراءة لكل السودان.ولكن عبدالله ابراهيم، يري ان اي كلام عن تمازج او تزاوج ثقافي او عرقي قد تم بين العرب والافارقة في شمال السودان ،هو مؤامرة لتحجيم انتماء السودان الشمالي للعروبة والاسلام
    محاولة للحط من قدر اهل الشمال واتهام للاسلام بالاختلاط بالوثنية.ويخلص الي ان القول بافروعروبة شمال السودان دسيسة استعمارية سربها المستشرقون الذين كتبوا عن تاريخ السودان ورددها من بعدهم المؤرخون السودانيون،وذكر منهم يوسف
    فضل وحامد حريز وحيدر ابراهيم

    راجع مقالة تحالف الهاربين -بكتاب الثقافة والديمقراطية في السودان

    لذلك ان محمد جلال كان محقا عندما لخص مشروع عبدالله،في ،انه دعوة الي :"عروبة خاصة بالسودان واسلام خاص به دون ادعاء للافريقية
    ولكن ،كما سبقت الاشارة ،من اين تاتي هذه الخصوصية مع الاصرار علي نفي الافريقية؟
    وهذا هو مصدر الخلاف مع عبدالله ومحمد جلال

    ولكن مع ذلك اراك تركن الي قول دكتور عبدالله،في خاتمة مقالته- تحالف الهاربين:
    "ان افضل الطرق عندي ان يكف ابناء الشمال العربي المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوي الهجنة...فالاحتجاج بحقوق الافريقين المعاصرين او ممن يزعم الافروعروبيون ان دماءهم كاسلاف ،قد استقرت فينا،خطة سلبية
    جدا


    Quote: - لا عفوا يا صديقي ففي هذا تجني واضح جدا..واستقوال لا يسنده النص. هل القول " إن أفضل الطرق عندي أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة… فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية"...هو دعوة لإقامة حدود ثقافية ولتمزيق السودان ..أم اتجاه إيجابي نحو مشروع الوحدة في إطار التنوع ..والتعددية الثقافية.


    صحيح انك كنت مشغول في سياق ردك علي محمد جلال بمسالة وجود اكثر من قومية سودانية ،ولكن ما رايك في حديث الدكتور بان ادعاء ابناء الشمال لاي مكون غير عربي في تكوينهم هو دعوة لخلع الانتماء الي الحضارة العربية الاسلامية.وان الاقرار بالدم الافريقي الذي يجري في دمائهم ما هو الا مجرد زعم وعمل سلبي يقصد به خدمة اغراض علمانية
    لتفكيك محرمات الحضارة الاسلامية علي حد تعبيره


    ونواصل
                  

08-14-2003, 04:55 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Agab Alfaya)

    faisal, abdel moniem, mohamed galal, and aLL,

    I ENJOY VERY MUCH THE OUTGOING DISCUSSION,
    HOPE I CAN JOIN IT AGAIN SOON.

    adil
                  

08-18-2003, 07:08 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    تسخينة
                  

08-19-2003, 06:13 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    Quote: ولنا أن نتساءل: كيف جازلمثقف ثر الكتابة، شجاع الرأي، متعدد الآفاق –مثل عجب الفيا- أن يلتبس عليه الأمر في مقال يكاد يجمع قراؤه على وضوحه؟ فكأني به قد قام بقراءة إسقاطية، أي أنه أسقط آراءه –أو ما يود أن يفهمه هو- على ما قرأه. ما يجعلني أحتمل هذا الرأي هو أسلوب معالجته لآراء الأستاذ عبدالله علي إبراهيم، حيث يحاكمه بطريقة أن من روى الكفر كافر، وهذا شيئ يعوزه المنطق والعدل. من ذلك قوله في معرض حديثه عن ’خطة‘ عبدالله (التشديد من عندنا):
    "وتقوم الخطة علي رمي الافروعروبين بتهمةالاساءة الي الافريقي بالصفات التي يظن في قرارة نفسه انها الصق بجنس الافريقي مثل المشاعية والبوهيمية واستباحة المحرمات واطلاق الغرائز،ليسهل عليه في النهايةالقول بان دافعهم الي الفرار الي النسبة الافريقية ،هو التحلل من محرمات الحضارة العربية الاسلامية.فصورة الافريقي مرتيطة في ذهنه اصلا بمثل هذه الصفات .لذلك فان اي حديث عن الدم الافريقي او الثقافة الافريقية لا يري فيه غير دعوة ماجنة الي اشباع الغرائز والتحلل من المحرمات."
    إن المرء لا يملك إلا أن يستعجب إزاء هذا القول؛ فكأني بعجب الفيا لم يقرأ الإقتباس الخاص بقصيدة "انطلاقة" للمجذوب والتي وردت في كلا المقالين "السودانوعروبية أو تحالف الهاربين" لمحمد جلال هاشم و"الآفروعروبية أو تحالف الهاربين" لعبدالله علي إبراهيم! هذا فضلا عن باقي الأدبيات الخاصة بروّاد الغابة والصحراء. إن عبدالله علي إبراهيم يستعرض هنا، ناقدا ومحللا، أدبيات تلك المدرسة فيما يتعلق بتبنيها لمفهوم "البدائي النبيل" في نظرها للأفريقي الأسود. هذا المفهوم قد قُتل بحثا، ويعتبر من مخلفات الأنثربولوجيا العرقية، وقد تبرأ منه فيما بعد الذين تبنوه على مستوى العالم كتبرؤهم من الجَرَب، بما في ذلك رواد الغابة والصحراء. وقد ورد كل هذا في كلا مقال عبدالله ومقالي موثقا بالأمثلة من حيث بادئة وعاقبة أمرهم،


    القول بان الافروعربية او الغابة والصحراء تتبني مفهوم البدائي النبيل في نظرها للافريقي الاسود،وهو قول يدل علي ان محمد جلال ياخذ اراء عبدالله كمسلمات ،لا يحللها ويناقشها دعك من تفنيدها اذ لو فعل
    و لاتضح له ان جماعة الغابة والصحراء هم اول من انتقد الصورة النمطية للافريقي الموروثة عن الادبيات الاستعمارية عربية كانت او غربية
    واول من حاول ان يرد الاعتبار لهذا الافريقي من خلال الاقرار بالافريقي الذي فيهم

    وبشهادة دكتور عبدالله نفسه ان محمد عبدالحي هو اول من استعمل تعبير البدائي النبيل وذلك في سياق نقده لجنوبيات المجذوب، يقول عبدالله في مقالة تحالف الهربين :
    "جاء عبد الحي بمصطلح-البدائي النبيل-الي حلقة نقاش العلاقات الثقافية،في كلمته المشار اليها.. وقد خلص عبد الحي من دراسة القصائد التي اشتهرت بالجنوبيات من شعر المجدوب،الي انها قد صورت الجنوبي في صورة وهمية هي صورة البدائي النبيل"

    يعني بالعربي الفصيح ان تعبير البدائي النبيل استخدمه عبد الحي في سياق نقده لقصائد المجدوب التي راي انها صورت الجنوبي في صورة بدائي نبيل وهي صورة غير واقعية
    اما المجدوب فكان رجل شاعر يقول ما يحسه بلسان الشاعر وليس بقلم الباحث المؤرخ ولذلك يجب الا نحمل ما قاله باكثر ما يحتمل لنتخذه ذريعة ودليل ادانة لكل من دعو الي رد الاعتبار الي المكون الافريقي في انسان شمال السودان، وهل شراب المريسة الذي تحدث عن المجذوب في قصيدته ،انطلاق، يحتاج من المرء ان يهاجر اليه في الجنوب؟واين يعيش الهمباتة حياتهم؟
    وما ابعد صورة البدائي النبيل من صورة الزنجي الموروثة من الاستعماري الاوربي والعربي التي يحاول دكتور عبدالله ان يلصقها بهؤلاء الشعراء ليس علي طريقة من يروي الكفر ليس بكافر كما يزعم محمد جلال بل عن طريق توجيه الاتهمامات الصريحة والقاسية والتي تصل الي مرحلة اشانة السمعة.وقد استغل البعض اتهامات عبدالله لينالوا بها من هؤلاء الشعراء ولعل ما اورده المدعو سليمان جعفر التهامي من افتراءات في
    حق محمد المكي وصحبه خير مثال

    Quote: ولعل ذلك يسوقني الي الموقف الجرئ الذي صرح به الدكتور عبدالله علي أبراهيم بأن مدرسة الغابة والصحراء والتي يعتبر الشاعر محمد المكي أحد روادها أنما وجدت بدافع أيديلوجي وذلك لأقصاء الهوية العربية والأسلامية المحافظة وأبدالها بالهوية الأفريقية لأن فيها مرتعا للبوهيمية والمتع الحسية ولا مجال فيها لقيود الدين وأخلاق المجتمع السوداني المحافظ وأستدل علي ذلك بالفترة التي قضاها الشاعر محمد المكي أبراهيم في أروبا عندما عاش حياة بوهيمية وأنقطع عن الدراسة الجامعية التي ذهب من أجلها لما يقارب العامين. لذا فأن مدرسة الغابة والصحراء لم تكن مدرسة للبحث عن الهوية وأشكالياتها كما يدعي المثقفون أنما كانت بحثا عن الحياة البوهيمية والمتع الحسية في الهوية الأفريقية وهربا من مقيدات الثقافية العربية والأسلامية. وأني لأعجب من ما يدعيه البعض بأن ما يسمي بالغابة والصحراء هي مدرسة أدبية قائمة لأنه أدعاء يجافيه النظر العلمي الدقيق فلفظة مدرسة تختلف في معناها كمصطلح علمي عن مصطلحات المذهب والتيار والأتجاه الأدبي أو الشعري ولعل خير من يفصل في ذلك الدكتور عبدالله بريمة أستاذ الأدب العربي السابق في السعودية الذي قضي تسع ساعات متواصلة يناقش رسالته للدكتوراة أمام اللجنة العلمية بالأزهر الشريف ليجيب علي تعقيدات المصطلح هل ما أنتجه الأديب الكبير العقاد يندرج تحت خصائص المدرسة أم المذهب أم الأتجاه أم التيار الأدبي . ولعل أول من أحتج علي تسمية الغابة والصحراء كمدرسة هو الدكتور الراحل محمد عبد الحي الذي يصنفه الباحثون بأنه رائد تلك المدرسة بقصيدته العودة الي سنار فكيف بمدرسة ينكرها روادها.


    ليس هناك اسقاط ولا يحزنون كما يحاول محمد جلال ان يصف استشهاداتنا المقتبسة من الاقوال المباشرة للكتابات المعروفة لدكتور عبدالله
    فهذا الرجل يستندعلي الاقوال المباشرة الواردة في مقالة تحالف الهاربين
    "وقد املت البوهيمية..علي مكي ان يمد اقامته في المانيا ال عام تغيب فيه عن الجامعة"

    "فاضطروا الي الهرب باجندة الريعان والشغف الي فردوس افريقي مطموس في تكوينهم الاثتني الغرائز فيه طليقة والرغائب مستجابة"

    "لقد ارادت الافروعربية باستردادها المكون الافريقي في العربي السوداني المسلم..ان تدس خلال ذلك مشروعا خاصا بها في تفكيك محرمات الحضارة العربية الاسلامية التي سدت عليهم منافذ الاشباع"

    عبدالله يترك كل الاهداف النبيلة لهؤلاء القوم ولايري منها سوي شهوتي البطن والفرج ،فمن الذي يسي للافريقي اذن؟،ثم ياتي محمد جلال ليقول ان كل ذلك ما هو الا اسقاطات منا،صدق من قال
    عين الرضا عن كل عيب كليلة
    وعين السخط تبدي المساويا
    ونواصل

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 08-19-2003, 06:26 AM)

                  

08-21-2003, 05:35 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    Quote: فما الحل؟!

    الحل الذي يقدمه عبد الله علي إبراهيم يقوم على أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم في السودان عن البحث عن هوية أفريقية لهم. فكأنه يقول إن أي محاولة من هذا القبيل سيكون مصيرها ـ مهما تسلحت بأدوات الهجوم على العروبية ـ هو نفس مصير مدرسة الغابة والصحراء. وعليه فإنه لا مناص من أن يقبلوا بأنفسهم كعرب مسلمين، وأن يكفوا كذلك عن خلع سيماء الحضارة عنهم بدعوى الهجنة. يقول:

    "إن أفضل الطرق عندي أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة… فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية"


    هذا الحل الذي يطرحه عبدالله ابراهيم هو الوسط الجديد الذي يزعم محمد جلال ان الكل يهرب اليه ويعلق عليه الامال في بناء الدولة السودانية القائمة علي الديمقراطية واحترام كل الثقافات
    ان الخلل المنهجي الذي يقع فيه عبدالله ابراهيم من خلال هذا الطرح هو انه يتعاطي مع مشكل الهوية كايديلوجيا او وعي زائف ،وليس كواقع موضوعي مستقل عن الوعي الفردي والجماعي
    لاحظ العبارات
    -دعوي الهجنة
    -خلع بعض حضارتهم
    يكفوا عن البحث

    فالتكوين الاثني والانثربولوجي لانسان شمال الشودان ،والذي يصفه بالهجنة،لا يراه كواقع من لحم ودم ،وانما مجرد ادعاء
    وان العنصر الافريقي ليس شي داخل هذا التكوين وانما امر يجري البحث عنه في الخارج كمبرر فقط للانطلاق واشباع الشهوات.تامل عبارة:خلع بعض حضارتهم بدعوي الهجنة!؟
    كانما الافريقي لا يعرف الحضارة ومكتوب عليه ان يظل بوهيميا بلا حضارة
    آرايت الاسقاطات المبطنة التي اشرنا اليها في غير هذا المكان

    ولنفترض انه تم الاقرار بقوامين او قوميتين او اكثر كما يريد دكتور عبدالله ،قومية في الشمال وقومية في الجنوب،او قل ان الجنوب الافريقي قد انفصل عن الشمال العربي المسلم،وكون دولة خاصة به وهو مايرمي اليه الدكتور و لا يريد التعبيرعنه صراحة،هل ذلك سيحل الاشكال ويخلص اهل الشمال من لعنة الدم الافريقي والثقافة الافريقية!؟

    يقول محمد جلال في شرحه لطرح عبدالله:فكانه يقول ان اي محاولة من هذا القبيل سيكون مصيرها-مهما تسلحت بادوات الهجوم علي العروبية-مصير
    مدرسة الغابة والصحراء"
    انه يفترض هنا ثلاثة اشياء
    - ان الغابة والصحراء مدرسة
    - انها اندثرت
    - انها كانت معادية للعروبة
    طبعا كل هذا غير صحيح.فالغابة والصحراء ليست مدرسة باي معني من المعاني ،وانما رؤية او قراءة وصفية لواقع موضوعي معطي هو الواقع الانثربولوجي للسودان.هذا الواقع لم ولن يتغير حتي لو غير الافراد مواقفهم لانه له وجود مستقل عن وعيهم.فالغابة موجودة وكذلك الصحراء وما بينهما السافنا
    آرايت لو بعث جاليليو وقال؛ لا الارض ثابتة لا تدور وانما التي تدور هي الشمس،لقد غيرت راي!؟ هل سيغير ذلك من الحقيقة!؟
                  

08-29-2003, 09:29 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبد الله علي ابر (Re: Abdel Aati)

    Quote: تحالف الهاربين … لماذا:

    لقد عني عبد الله علي إبراهيم بمصطلح "تحالف الهاربين" أولئك الذين هربوا من هويتهم إدعاءاً لهويات لا أساس لها من الواقع. ونحن هنا نعني عكس ذلك. نعني أولئك الذين اختطوا لهم هويات، ثم هرب كل منهم ـ على حدة أو جماعات ـ نحو هوية لهم أسميناها السودانوعروبية

    اذا كان الدكتور عبدالله يصف كل من يقر بالانتماء الافريقي بانه هارب،وبالتالي فان كل الافروعروبين بالنسبة له ما هم سوي مجموعة من الفارين الي واقع افريقي مطموس الغرائز فيه طليقة،فان محمد جلال،يفترض ان هؤلاء الفارين عادوا وسيعودون شاؤا ام ابوا الي تبني رؤية عبدالله ابراهيم في الهوية التي يطلق عليها محمد جلال السودانوعربية
    وهنا يمارس الاستاذ محمد جلال قدرا من التعسف في قراءة النصوص والشواهد لاثبات وجهة نظره،وحتي تستقيم مع قراءته لمشروع عبدالله ابراهيم.وهذا نموذج لهذه القراءة المتعسفة
    Quote: أما إذا جئنا إلى محمد عبد الحي، فنجده قد بدأ آفروعروبيا متحمسا، رافضا الإنتماء للعرب، واصفا هذا الانتماء على أنه "أجوف وتكبر". ثم لما امتد به العمر، وتجاوز غلواء الشباب، عاد ليعتصم بذات قلعة عروبته. فقد ذكر في خطاب كتبه لصديق له بتاريخ 2/8/1988م شارحا كيف رفض حزب الأمة أسلوبه وحججه في الحوار حول التناقض المذهبي بين الشيعة ومن ثم إيران، والسنة ومن ثم العرب، قائلا:

    "ويخيل إليَّ أنهم رفضوني لأني دافعت عن جوهر الأمة العربية ونبيها العربي، يوم أن وقفت شارحا للمفهوم الفارسي والمفهوم العربي كقوميتين بدآ حقبا طويلا في طفولة التاريخ يتناحران ويتحاربان. وسواء رضيت أم أبيت لي تراثي العربي، ولي لساني العربي ولي عقيدتي السنية"[84].

    ونكاد نلمس جهده في تبرير موقفه مع نفسه. فهو متنازع بين الرضى والرفض: الرضى الأيديولوجي اللاشعوري عن الهوية الحقة، والرفض الزائف الظاهري لها. كما نجده يقول في نفس الخطاب مدعما لتبريراته: "وتراث الإسلام تراثنا، وعقيدته عقيدتنا وثقافته ثقافتنا ـ إن المرء في أول شبابه يشرّق ويغرّب، ولكنه أخيرا يستقر في تراثه وعقيدته"[85].


    يفترض محمد جلال ان عبد الحي عندما طرح رؤية الغابة والصحراء في اول شبابه كان ضد العروبة والاسلام،وعندما امتد به العمر عاد الي حظيرة الاسلام والعروبة.لاحظ التنافض في قوله:"بدا افروعروبيا متحمسا،رافضا الانتماء للعرب" اما وصف عبد الحي انتمائنا للعرب بانه ادعاء اجوف، فهو منزوع من سياقه.ولعله نافلة القول ان عبد الحي اتخذ من سنار رمزا لهوية السودان العربية الافريقية،ومعلوم للجميع ما هي ثقافة وعقيدة مملكة سنار.ولهذا السبب جاء هجوم بولا وحسن موسي علي الغابة والصحراء،فبولا يري ان النظر الفاحص يكشف عن رؤي الثقافة العربية بكامل عدتها وعتادها في اجندة هؤلاء الشعراء وفي تعبيرهم.بينما يري حسن موسي:ان مشروعهم يقوم علي خيار ثقافي مسبق هو خيار الثقافة الاسلامية

    ان الرسالة التي يستدل بها محمد جلال هنا لدعم وجهة نظره،يتحدث فيها عبد الحي عن العلاقة بين الفرس والعرب كقوميتين مستقليتين.وعن السنة والشيعة كمذهبين مختلفين.والمعروف ان حزب الامة يدعم ايران في سياسته الخارجية،للتقارب الذي بين الشيعة والانصار في نظرية الامامة والمهدي المنتظر.ومحمد عبد الحي يفترض ان رفض طلبه الانضمام الي حزب الامة سببه موقفه من الحرب العراقية الايرانية التي عرفت بحرب الخليج الاولي

    خلاصة القول ان عبد الحي لا يعترف بالعقيدة الاسلامية والتراث الاسلامي لاول مرة في هذه الرسالة التي كتبها في اخر ايامه ،حتي يقال انه عندما امتد به العمر ، هرب الي تبني العروبة والاسلام.ولعل خير
    دليل علي ذلك شعره الذي ينحو الي النزعة الصوفية الاسلامية منذ بداياته.ثم الم يخلص محمد جلال مع عبدالله الي ان الافروعربية لا تعدو ان تكون صورة من صور الخطاب الاسلامي الغالب،رغم تنافض هذا القول مع
    مجمل اراء عبدالله ابراهيم حول الافروعربية
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de