|
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله (Re: Abdel Aati)
|
من زمن الحكى الى زمن الكتابة: يجب ان تدخل المرأة الكتابة اليوم بوصفها صوتاً مستقلا ًوبوصفها ذاتاًًًًًً تنشىء وتبدع، ليس بواسطة الحكى بل عبر القلم، لتضع( الانوثة) بازاء (الفحولة)لتضيف للغة مجازاً لم يكن من قبل،وهذا يقتضى من الكتابة النسائية دوراً مزدوجا ًفيه تأسيس لخطاب أدبى أنثوى حقيقى الانوثة، والذى لن يتحقق الا بتخليص الغة من فحولتها التاريخية. وهذا لايتم بأن تكون الكاتبة امرأة فقط، فهناك نساء كثيرات كتبن، ولكن بقلم الرجل ولغته وبعقليته، فكن ضيفات أنيقات على صالون اللغة. أنهن نساء أسترجلن فكان دورهن عكسياً اذعزز قيم الفحولة فى اللغة، وهذا عين ما حدث فى العصور الاولى منذ الخنساء الى عائشة التيمورية، وهذا ضاعف من (غياب) المرأة عن الفعل اللغوى، حيث غابت كمؤلفة وكقارئة أيضاَ، ولم تفعل المرأة فى هذه المرحلة سوى تقوية الفحولة تماماً كما يتعاون المواطن مع المستعمر ويقوى من قبضته على الارض وأهلها. من هنا تصبح كتابة المرأة اليوم ليست مجرد عمل فردى من حيث التأليف او من حيث النوع. أنها بالضرورة صوت جماعى، فالمؤلفة واللغة هما موجودان ثقافيان فيهما المرأة تظهر بوصفها جنساً بشرياً ويظهر النص بوصفه جنساً لغوياً، وتكون الانوثة حينئذ فعلا من أفعال التأليف والانشاء ومن أفعال القراءة والتلقى، وكذلك فعلا من أفعال الاستعادة للمسلوب.
هذا ما يطمح به لكتابة نسائية لم تتحقق الانادراً جداً فى ماتكتبه النساء، لأن الذكورة تفرض نفسها فنجد مثلاً أن هدى بركات الكاتبة والروائية المعروفة ، تقول ان شخصية الرجل تقدم لها حقلاً اكثر اتساعاً وتعقيداً مما تقدمه شخصية المراًة " ان ماهو مطروح من اشكال وعى وسلوك لدى الرجل العربى اصعب واشمل مما هو مطلوب عموماً من المرأة.... وبتعبير آخر: المرأة فى مجتمعنا مكفوفة عن ان تكون احد أبطال التشكيل الاجتماعى، فكيف تريدنى ان أخترع_ روائياً_ شخصية غير موجودة فى الواقع". هذا كلام تقوله امرأة مثقفة عن بنات جنسها....؟ وفى ذات الاتجاه قالت الروائية السودانية بثينة خضر مكى:" ان الروائيين الرجال كتبوا حتى فيما هو تجارب نسائية كالمخاض مثلا افضل بما لايقاس من النساء لذلك لااجد اى حوجة لكتابة نسائية".
ولقد جاءت مجلة الكاتبة فى لندن نافية بأصرار فكرة التأنيث، وقد صرحت أحدى كاتبات المجلة " ان رجالاً مثل أحسان عبد القدوس وسليمان فياض والطاهر وطار عبروا عن المرأة اكثر من ذاتها" كأنها بذلك تقترح ترك اللغة للرجل ليتولى الكلام عن المرأة باالنيابة لانه الامهر اذا كتب مثلما هو الامهر اذا طبخ أو صفف الشعر او صنع أدوات زينة او ابتكر تصاميم ملابس.وقد كتبت مى زيادة لباحثة البادية تقول" نحن فى حاجة الى نساء تتجلى فيهن عبقرية الرجال"، أنها تتطلب عبقرية الرجال لانها لم تجد نموذجاً لشىء يسمى عبقرية النساء. والتماهى مع الرجل هذا يكاد يكون الطابع الاكثر عمومية فى كتابات النساء _ فى العالم العربى تحديداً_ لذلك غالباً ما تتحول الكاتبة لعدوة لنوعها فى أحيان كثيرة دون أن تعى ذلك، فهى تتخذ من الرجل نموذجاً لها ، وان لم تفعل ذلك تجده مفروضا عليها فالحكم على انتاجها وعلى تفوقها يتم قياساً على المنجز الابداعى للرجل. ولهذا تجد المرأة نفسها فى مأزق بين أن تكون كاتبة كاملة فى تميزها الابداعى، وأنثى كاملة الانوثة من جهة ثانية.
وظلت صورة المرأة تبرز وكأنها فى تضاد مع صورة الكاتبة. وتقع فى هذا المأزق كاتبات من أكثر الكاتبات تحريراً للغة ومن أكثرهن كشفاًعن أنوثتها، كالكاتبة "غادة السمان" مثلاً والتى فى قصتها حكاية "الاستاذة طلعت" فى كتابها عيناك قدرى والذى تجسد به الاستاذة طلعت الانتقال من عالم الانوثة والخدر الى عالم جديد مارست المرأة فيه أنماطاًمن السلوك لم تكن من تقاليد النساء ولا من وظائفهن ، فالاستاذة طلعت هى امرأة ولدت كأنثى وعاشت وتصرفت كرجل، وظلت ترتدى نظارة سوداء تبعدها عن نوعها الذى طوال النص تزدره وتحتقره ولينتهى هروبها من نوعها هذا بتكسر نظارتها التى وضعتها سداً منيعاً أمام الرجل الذى لم تستطع الصمود أمام عينيه اللتان صارتا قدراً نهائياً لها وعنواناً لكتابها" عيناك قدرى" ، هذه المرأة التى تعالت عن الانثوية التقليدية هزمت، ويتكرر هذا النموذج المهزوم النسوى يتكرر كثيراً عند غادة السمان ، فعندما تفر بطلتها حالمة بحرية مثالية تجد فيها بحراً أسطورياً تراه بخيالها وتحلم به تهزم أيضاً لترتد لنصيحة حبيبها الذى منعها البحث خلف الحلم ونصحها بان لابحر فى بيروت لتصل بعد عناء وأنكارات لان كلمة الرجل وقراره كانت الصواب وان لابحر فى بيروت، أى ان لغة الرجل وفكره وماتتضمنه اللغة من دلالات هى بالتالى لغة المرأةومضامينها التى لايسعها الخروج منها بل تقبل بالهزيمة وتتعايش معها بان تحبها .وذلك ماتفعله كاتباتنا السودانيات أيضاَ، فعفاف حسن أمين مثلاً كاتبة شابة من أكثر الكاتبات ارغبة فى أقتحام عوالم الكتابة الذكورية الصريحة والتى لاتخاف البوح وتفصح بجسارة الا أن كاتبتنا تقع فى ذات المأزق، فنجدها مثلاًفى مقال أرادت فيه تمجيد شجاعة الاستاذة الصحفية" آمال عباس" وضعت له عنواناً " رجالة آمال عباس" اذ يبدو دخول آمال فى المجال العام هو رجالة لايقابلها فى المعجم الانثوى ميعبر عنها ، وتفصم الكاتبة بوضوح علاقة الانثى باالمجال العام فتقول"ليس لها أولاد كعادة النساء" لتقول الكاتبة بأن الشجاعة والجرأة لدى النساء تستدعى قطعهن مع الانوثة، وأضافت لتعزبز ذلك بأن أردفت" ان آمال أول ريئس تحرير امرأة فى مواقف رجل". وبذات المفارقة تبدأ عفاف مقالها بعنوان يضعها فى مواجهة الرقيب المجتمعى،" انا مدمنة علاقات فاشلة" لتتراجع مباشرة بأن تضع كل المقال بضمير الغائب لتتحول( أنا) الجسورة الى (هى) الخجولة ولان المقال يتحدث عن علاقات الحب وهى احدى الموضوعات التى تدخل بقائمة الممنوعات على النساء تحاول الكاتبة ان تضفى شرعية عن العلاقات التى تتحدث عنها "تزوجت مرتين وفشلت مرتين"، وتبدو الكاتبة منزعجة بان تتحدث عن الحب فتردد كلمة الزواج فى سطر واحد أكثر من أربعة مرات،وهذه المفارقة لاتخص عفاف فقط.
وفى رواية "الاختيار" للروائية زينب بليل تبدو البطلة كأمراة بصفات ذكورية مترفعة عن سلوك النساء الخانع ولكن تهزمها سلطة الذكور فى عالمها اذ يفض والد حبيبها زواجها من ابنه ويختار اخوها زوجاً لها لتبدو رغم ما قدمته من تضحيات لتتعلم وتختار حياتها بلا معنى أمام تسلط الذكور عليها وتستسلم هى لهذا بل تتعايش مع الدور التقليدى للمرأة كجسد فقط، فتخون زوجها مع حبيبها القديم بعد ان صار يسيىء اليها ويخونها بسفور وتتؤام البطلة مع الخيانة كأنها شىء فطرىء" تستحم مرتين وتضع عطرين مختلفين وتلبس لونين مختلفين وتصفف شعرها بطريقتين ولاشىء غير عادى يحدث..." بل تذهب الكاتبة لابعد من ذلك فتقول" وأيقنت انها داعرة بالوراثة" ، لتنتهى الرواية بأن تحمل البطلة ولاتدرى بأن الحمل لاى من رجليه فتأخذ من حبيبها حبوب مهدئة وتذهب بعد وعد منها بأن يلتقيا مساء لتنتحر ، ليتبدى أن اختيار البطلة كان أختياراً للموت والذى هو أسهل طبعاًمن المواجهة والمطالبة بالحرية، ولذلك يكون الاختيار الوحيد الذى قامت به البطلة أكد عدم حريتها. وغالب بطلات الكاتبة يتخذن نفس المنحى، فرواية كش ملك التى هى صراع بين الخير والشر تلعب غالب البطلات فيه دور الغاويات الشريرات "سعاد" حبيبة "الطيب" رمز الخير بالرواية تغويه ليقتل لها زوجها ومن ثم تتنكر له، "سيدة" التى رسمت الكاتبة لها شخصية عنيدة وقوية " عيرتها احدى زميلاتها فى المدرسة الابتدائية بأنها ترتدى ملابسهم القديمة التى يعطونها لامها الخادمة لديهم وقفت عارية بدون حتى ملابسها الداخلية لم تكسر عنادها قهقهات زميلاتها ولاضرب المعلمة وصراخها، حملوها حملاً لمكتب المديرة دون ان يرمش لها جفن" ، لتفاجأنا الكاتبة انه انتقاماً من شر أخيها حولت سيدة لعاهرة صدمت أخاها الذى ظل ينفق عليها بان قامت من بين ذراعيه عارية بعد ان ضاجعها فى الظلام فى بيت دعارة يمتلكه، لتعاقب الكاتبة بطلتها العنيدة بجرم أخاها الذى لوث شرف بنات اخريات لذا كان يجب ان يلوث شرفه، فجسد المرأة تابع يتلقى العقاب على مايقوم به الرجل، ولتضع الكاتبة فى ذهن القارىء مقارنة غير مباشرة بين صورة سيدة الطفلة عارية ناظرة بعناد وسيدة العاهرة عارية ناظرة بوقاحة ، ليتم الربط بين العناد كصفة مقترنة بالانحلال لدى النساء. و"مريم" التى هى النموذج الاخلاقى فى الرواية فهى ذات مبادىء لاتتهاون فيها ورغم قوة شخصيتها نجدها لاتدفع بحبيبها للتغيير بل تتخذ موقف متزمت من اخطاءه رغم حبها الشديد له وتكتفى بدور المتفرج ، وكأنما الكاتبة تقول ان المرأة عندما تكون قوية الشخصية يجب ان تكون بلا عواطف.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:07 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:14 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:20 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:21 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:21 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:22 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:23 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:24 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:27 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:31 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:32 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:33 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:33 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 05:45 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Napta king | 04-05-03, 07:19 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-05-03, 12:33 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | أبنوسة | 04-06-03, 05:31 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-06-03, 06:44 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | الجندرية | 04-07-03, 11:22 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-07-03, 12:45 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-07-03, 09:17 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Ishraga Mustafa | 04-07-03, 11:04 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-07-03, 11:41 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | elmahasy | 04-08-03, 01:50 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Eima | 04-08-03, 12:24 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Ishraga Mustafa | 04-08-03, 08:55 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | almulaomar | 04-13-03, 01:44 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | safrajat | 04-08-03, 09:23 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | Abdel Aati | 04-08-03, 10:11 PM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | أبكر آدم إسماعيل | 04-13-03, 08:03 AM |
Re: الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد- هادية حسب الله | أبكر آدم إسماعيل | 04-20-03, 06:37 PM |
|
|
|