|
Re: مبارزات فكرية ام حروب يموت فيها الابرياء ؟ (Re: Abdel Aati)
|
أخي عادل
يعجبني تحركيك للمياه الساكنة بغض النظر عن اتفاقي أو العكس مع ما تكتب ، ويعجبني اسلوبك الموضوعي في الخطاب وإن جنحت للحدة في الحق أحيانا كرد فعل مساو للفعل في المقدار ومضاد له في الاتجاه . التزمت منذ التحاقي بهذا البورد بالبعد من السياسة فقد نلت من الاحباط فيها ما يكفيني بقية عمري . لا أتصور وجود انسان بلغ به الوعي الاتصال بهذه الشبكة العنكبوتية ويظل صفحة بيضاء سياسياً . لكل منا وجهة نظر فيما يحدث في الساحة والبلد والكون . خلاصة التجربة الانسانية في الحكم والحياة هي الديموقراطية . متفقين نحن على هذا وان اختلفنا في التفاصيل . تتطلب الديموقراطية كما نعلم جميعاً تكتل الناس في كيانات يجمعها تصور مشترك لنظام الحكم والحياة ويكون لأفراد هذه الكيانات حرية تشكيل قياداتها وتصعيدها ومحاسبتها وقبل ذلك ينبغي أن تمتلك الوعي الذي تختار وتحاسب به من اختارت ليحقق تطلعاتها للأسف الصورة عندنا مقلوبة . عندنا في البدء وجد الزعيم ذو الدم النقي – ولا أخص الطائفية بهذا - يقوم هذا الزعيم بحقن بركته في حلقة من الأبرار الأخيار الذين بدروهم ينزلون بركاته وبركاتهم في حلقة أكبر من المقربين الأطهار وهكذا إلى أن تصل البركة ممحوقة الأثر من كثرة التنقل إلى الفرد الذي هو أساس الجماعة فيهتف منتشياً لا نصادق غير فلان أو عاش أبو فلان عاش أبو فلان ، أو هي لله هي لله وتنتهي حقوقه هنا ومن ثم تبدأ واجباته وهي الطاعة في المنشط والمكره والدفاع بالحق والباطل عن شخص وأفكار ذي الدم النقي والأبرار ، والجود في حضرة جلالهم بما يملك من الدينار إلى الروح العزيزة . مشكلتنا المزمنة والمستعصية إن وضعنا النقاط على الحروف هي جهل الفرد وتبعيته العمياء لزعماء يظن بهم الصلاح والفلاح ، فيحكمون ويسعدون وتسعد بسعدهم حلقة الأبرار والأطهار ثم يبدأ الفشل والفساد . فيتحرك أحد الكيانات ويستعين بالعسكر لينقذ البلاد مما كانت عليه . يعلن العسكري حالة الطوايء وهذا يعني امتلاكه للسلطة المطلقة يخفض ويرفع عندها يتذوق طعم الزعامة ويبدأ دمه في التحول إلى النقاء وتبدأ حلقة الأبرار في التكون تتبعها حلقة الأطهار ووو ومن ثم الفساد والظلم والفشل . فيتحرك الحالمون بالعدل والمساواة – أمثالك أخي عادل – ويتغنون بجمال الديموقراطية ويفضحون تجاوزات الحاكم المستبد وأبراره وأطهاره . فتتفاعل معهم الجماهير وتتشكل الثورة الشعبية وتنفجر فيذهب العسكري إلى بيته متنعماً – عبود ، نميري – ويلحق الأبرار والاطهار بحساباتهم الدولارية فيغنمون وينعمون . ويخرج الزعماء الأنقياء من ثُباتهم ليجدوا الحلقات القديمة قد تشكلت في انتظار سريان تيار البركات . ويحصد الذين ناضلوا وشردوا وسجنوا وقتلوا في سبيل هذه الحرية الهشيم . وتبدأ الدورة الملعونة في التكرار
أخي عادل المخرج الوحيد من هذه الدوامة هو اعتدال الهرم فيكون الفرد الحر الواعي هو أساس الهرم وتتصاعد الحلقات وصولاً للزعيم المنفذ لاختيار وتطلعات القاعدة أياً كانت مرجعيتها الفكرية . وبيننا وبين هذا الفرد المرتجى سنوات من الانتظار أتمنى أن لا تطول . فطبيعة العصر وانتشار التعليم وسهولة الاتصال وسرعته تبشر أن اليوم أفضل من الغد وأن الغد أفضل من اليوم . فيا سعد أحفادي بسودان الغد
تحياتي
|
|
|
|
|
|
|
|
|