عطبرة ,,,Atbara

Quote: ستبدال «صواني» الباسطة بكشك صاحب العبارة الشهيرة «بالسمنة وكده» يتحول من محطة القطار بعطبرة إلى موقف البصات حوار : صلاح الدين مصطفى عثمان أنس شخصية معروفة في نواحي عطبرة، بل كل النواحي الشمالية، ولا نبالغ إذا قلنا إن شهرة هذا الرجل تجاوزت حدود السودان إلى الخارج وخاصة دول الخليج وقد اشتهر الرجل ليس لكونه بطلاً، أو لأنه اخترع جهازاً عظيماً أو لكونه شاعراً أو أديباً، ولكن لأنه كان يبيع «الباسطة» بطريقة مميزة في محطة السكة الحديد بعطبرة. في موقف البصات وبمجرد وصولنا إلى مدينة الحديد والنار سألت عنه، ليس باسمه بل بوصفه الذي اشتهر به، ودلوني على مكانه، ويا لغرابة الصدف فقد كان في أول مكان تطأ أقدامي فيه بعطبرة في محطة البصات، حيث ارتحل إلى هناك وفتح كشكاً تناسب بضاعته راكبي البصات السفرية الحديثة التي تعمل بين عطبرة والخرطوم. ليس من رأى كمن سمع ولقد دهشت حقيقة عندما أشار لي أحدهم نحوه فقد كنت أظنه هرماً مسناً بسبب الشهرة وطريقة تقليد الناس له في مناداته وهو يرغِّب راكبي قطارات الشمالية وبورتسودان صائحاً بطريقة مميزة «ما بالسمنة وكده». بعيداً عن المايكرفون رحب بي ترحيباً حاراً وكنت أظن أنه سوف يقابلني بفتور، ولكنه طلب أن نبتعد قليلاً من المحل الذي يضج فيه مايكرفون الاذاعة بصوت جهوري وجزيرة الفيل تتلاعب بالمريخ وتتقدم عليه بهدفين والجميع يتابع هذه الملحمة عبر سماعات كبيرة لجهاز تسجيل وراديو في المحل، فانسحبنا إلى مكتب أحد البصات السفرية. حكاية «باسطة» حكى لي قصته ببساطة شديدة فقال: كنت أبيع «الباسطة» في محطة القطر التي كانت تمثل عالماً متكاملاً ومجتمعاً له تقاليده وعاداته في الحل والترحال، وحتى أبيع بضاعتي فكنت أصيح على الزبائن بطريقة معينة «حيث أن صوتي به قطعات»: (ما بالسمنة وكده»!! فانتشرت العبارة بسرعة وعمت القرى والحضر وأصبحت على كل لسان وصارت تقال في مناسبات مختلفة وبايحاءات مختلفة، ولها دلالات ورموز وكما يقولون «يغني المغني وكل يبكي على ليلاه». «ما منعونا وكده»! وعندما استفحل الأمر وسط المجتمع استدعوني «الجماعة» وطلبوا مني عدم ترديد هذه العبارة، ولكن لم يتقبل الركاب وزبائن هذا الصمت فكانوا يسألونني عن العبارة الشهيرة وبنفس الايقاع كنت أقول لهم «ما منعونا و كده».. والغريب في الأمر أن العبارة الأخيرة انتشرت أيضاً واصبحت لها معانٍ ورموز ودلالات. من القطارة إلى البصات يقول عثمان أنس وبتدهور السكة حديد اختفت «الباسطة» من محطة القطار واختفت كل العبارات الخاصة بها ونسى الناس الموضوع هنا في عطبرة ولكن في نواح كثيرة لا يزال الناس يتذكرون «ما بالسمنة وكده» وفي الفترة القريبة الماضية كتب الصحفي عثمان ميرغني مستشهداً في مقاله بهاتين العبارتين وقد كان يكتب عن منع الصحافيين من الكتابة ولم يذكر اسمي ولكن اعادني إلى ذاكرة العطبراويين من جديد. لكل مقامٍ مقال وعن الوضع الجديد يقول: طبعاً الباسطة لا تناسب ركاب البصات السياحية وقد كانت احدى مميزات محطة السكة الحديد بعطبرة وعندما تدهورت المحطة كان لا بد من البحث عن مهنة أخرى فكان هذا الكشك الذي يوجد بمحطة البصات السفرية، وقد يرى البعض أن هذا تطور، ويحزن آخرون لانهيار امبراطورية السكة الحديد.. ولكن هي الاقدار على كل حال.. اجرى الحوار الزميل الصحفى صلاحا الدين مصطفى