|
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً (Re: Frankly)
|
للاجئون العرب: حتى لا تحسبهم عقارب وثعابين
أميرة الطحاوي
تسع سنوات في حربين عالميتين أجبرت أوروبا والغرب على الكثير لخدمة المدنيين النازحين واللاجئين، وعشرات الحروب العربية لم تحركنا لموقف مشترك، بدأ الغرب باتفاقية جنيف 1951 لحقوق اللاجئين التي طورت وغدت عالمية وزيد فيها من التزامات الموقعين عليها. عربياً، ومع نكبة فلسطين 1948، ظهر اللاجئون بكثرة في دول الجوار، كانت قرارات الجامعة العربية حول رفض تجنيسهم مقبولة ومفهومة سياسياً، لكن بالتوازي مع ذلك لم يتم توحيد أو تقريب إجراءات التعامل معهم، فخضع اللاجئون الفلسطينيون لأهواء حكام المنطقة وتحملوا أحياناً أفعال زعمائهم، تارة يسمح لأبنائهم بالدراسة مجانا وتخصص باسمهم الإعانات ويكرمون في الاحتفاليات، ثم فجأة يصبحون غير مرغوب فيهم فيُلاحقون أو يُحاصرون أو يُطردون. في السودان، ومع وصول الحلف العسكري الديني للحكم 1989، واشتداد حرب الشمال الجنوب، ضاق محيط العاصمة بما زرع حولها من مليوني نازح بسبب الحرب وآخرون بسبب الجفاف وانعدام الأمن، ومع كل إجراء قمعي وحرب دموية تنطلق موجات اللجوء في كل الاتجاهات، كينيا وأوغندا جنوبا، إريتريا شرقا، مصر شمالا، وحتى تشاد غربا عقب اشتعال دارفور قبل 4 سنوات، ورغم مسيرة السلام الأخيرة مع الجنوب (2002 ـ 2005) فإنه لم يتم تضمين الاتفاقات بنوداً تكفل للاجئين مساعدات عملية لإعادتهم لمناطقهم الأصلية، والتي غالبا ما تكون قد اختفت بفعل الحرب من على وجه الخارطة أو دمرت. يشكو اللاجئون السودانيون بمصر أنهم لا يحصلون على الحد الأدنى من المساعدات الطبية والإنسانية ويصرخون من معاملة مجحفة من مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالقاهرة حد أنها استدعت الأمن لاعتقال بعضهم كما حدث بداية هذا الشهر، يشكون أنه لا توجد معسكرات تكفل لهم فيها الرعاية المتوافرة في كينيا مثلا، لكنهم يشكون نظراءهم في معسكرات تشاد أنهم عرضة لإغارات من جانبي الحدود، في بلادنا لا نأبه بتكرار الشكاوى ننتظر حتى تتراكم لتصبح أزمات ساعتها (قد) نتحرك، في سوريا (وحسب وكالات الأنباء) حرم نحو ربع مليون طفل من أبناء اللاجئين من التعليم وهذه جريمة أيضا ستكتمل أركانها عندما يصبح هؤلاء الأطفال مادة لدعاوى التعصب والعنف التي لن تتوقف عند حدود دولتهم الأصلية. اقتصادياً: تشكو الحكومات أنها لا تستطيع توفير خدمات مباشرة للاجئين خصيصا أنها تتحمل الكثير عندما يضغطون على مواردها المحدودة، إذ يحظى غالبيهتم بما يوفر للمواطن العادي من خدمات مدعمة في المأكل والمشفى على الأقل، اقتصادياً: تبدو هذه المعلومة صحيحة لكن اللاجئين الأفقر ليسوا هم السبب المباشر في تململ بعض الحكومات، ولا اللاجئين الأغنى ـ كأن يكونوا رموز نظام سابق فروا بما حملوا، إنهم الفئة الوسطى التي لا تضغط على موارد الدولة كما لا تضيف لها، لكنها تحرك أسعار كل شيء بسبب زيادة الطلب المتوالي دون قدرة السوق على توفير عرض مواز. سياسياً: وارد أن تخشى الحكومات العربية من اللاجئين الأفقر لأنهم سيزاحمون مواطنيهم بأجور أقل في العمل بالأخص غير الرسمي، وقد يكونوا الوعاء الأسرع لمشاكل سياسية واجتماعية ـ تتميز بها منطقتنا ـ نقلوها معهم عبر الحدود، في حقائبهم التي جمعت على عجل، وبعد أن يلتقطوا أنفاسهم شهوراً قد يكتشفون الطائفية مثلا في زاوية من الحقيبة! عربياً: تحملت مصر النصيب الأكبر في عبور استمر سنوات للاجئي السودان، وبالمثل تحملت الأردن وسوريا ومصر فالعراق وفود لاجئي فلسطين، وقبل 3 سنوات بدأت سوريا والأردن فمصر تحمُّلَ نصيبها من لاجئي العراق، وتحمل اليمن المثل للاجئي إثيوبيا فالصومال ـ على التوالي زمنياً وعددياً. رغم كل هذا، لم تطور الدول العربية ميثاقا مشتركا للتعامل مع أزمة اللاجئين، ناهيك أن بعضها غير موقع على الاتفاقات العالمية ذات الصلة، ورغم توسيع قرارات الجــمعيـة العامة بالأمم المتحدة لتخاطب كل الدول بغض النظر عن توقيعها أو مصادقتها لمثل هذه الاتفاقيات، فإن عواصم عربية تطبق في هذا الصدد سياسة «ودن من طين وودن من عجين»، صحيح أن لكل أزمة لجوء عربي خصوصيتها، وربما سنحت الفرصة لاحقاً لإضاءات حول اللاجئين السودانيين والعراقيين، لكن منطقي أيضاً أن تضع الدول العربية أسسا عامة موحدة لتعامل إنساني مع كل من خرج من داره اتقاء الموت، طالبا ملاذا مؤقتاً من جاره. قد تفضل الحكومات العربية التنصل من التزامات قانونية وتدابير عملية تجاه اللاجئين، فيعتبرون كلمة اللجوء مهينة، حتى لو ذكرتهم أن اينشتاين مثلا كان لاجئا، تقرب لهم المعنى فتذكرهم بأن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) لجأ لليمن ثم المدينة؛ حيث كانت هذه الكيانات وقتها بمثابة دول، كما لجأ أتباعه للحبشة لملك لا يظلم عنده أحد. يصرون على رفض تعبير لاجئون ويطلقون عليهم «ضيوفا»، تجربة اللاجئين السودانيين نهاية العام 2005 في ميدان مصطفى محمود بحي المهندسين بالقاهرة عندما قتل منهم العشرات في ساعات معدودة تعكس حقاً وجه الضيافة، وتجربة اللاجئين الصوماليين في اليمن كانت الأفضل، لكن مع استمرار التدفقات البشرية فإن دوام الحال من المحال، وتجربة العراقيين في رفحه لم تكن استراحة في واحة، وانتحار لاجئين بحرق أنفسهم أحياءً في مخيم الرويشد على الحدود الأردنية لم يكن قطعا بسبب تخمتهم من كرم الضيافة. ورغم أن الكثيرين حذروا من خطورة عزل اللاجئين في مخيمات (في منتصف التسعينات مات في غضون أسبوعين 50 ألف لاجئ هارب من الحرب برواندا وبروندي بسبب وجودهم في مخيمات انتشر بها وباء الكوليرا) أو تركهم على ما يسمى بالأرض الحرام والحدود، فإن دولا عربية مصرة على أن المخيمات تقليد عربي عريق يجب إكرام اللاجئ به! المدهش أن أقسى ما وصفت به مخيمات اللاجئين في البقعة الحدودية بين العراق والأردن كان ضمن إصدار من إصدارات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين نفسها، ووصفت بأنها «صحراء جدباء شتاؤها برد زمهرير وصيفها قيظ الهجير..إنها المكان المناسب حقا للمعيشة الرغدة ولكن للعقارب والثعابين فقط» سكنى هذه المخيمات يعد مرحلة قد تستغرق سنوات يعيشها اللاجئ العربي حتى ينتقل لمخيمات أخرى على الحدود الأردنية (العربية) تقل فيها المساوئ دون أن تنحسر. يحتاج العالم العربي أن ينظر عملياً لأزمة لاجئيه باعتبارها قضية تمس أو قد تمس كل دوله؛ يعاند حكامنا بعضهم البعض، وهو طقس يتكرر دوماً دون قابلية لتوقعه، فتنزل الويلات بالجاليات المقيمة والعمالة واللاجئين والنازحين. تزورنا الحروب كما الأعياد والمواسم أو تفاجئنا لاختبار شوقنا لها، فيتبعها نزوح ولجوء. ويعزز ميراث القهر العربي احتمالات سقوط نظم وفراغ أمني وإداري كما حدث في عراق ما بعد التاسع من نيسان، فيفر الملايين. لا أحد محصن إذن. ربما لا نجرؤ أن نستخدم هذا المنطق لمخاطبة القادة العرب كي يوفروا بعض الضمانات للاجئين العرب (أي القادمين من دول بالمنطقة العربية) باعتبار أن مواطنيهم أيضاً قد يواجهون المصير نفسه مستقبلا، فلنخاطبهم إذن بما يرفعون من شعارات قومية ودينية، وربما حقوق إنسانية!، هل ندعو لاتفاق عربي موحد؟ هل ندعو لاستيعاب جزئي ومعاملة بالمثل فيما يتعلق بمجالات الصحة والتعليم الإلزامي مثلا؟ أخشى أن يطلب أحد لجنة عليا أو اجتماع للجامعة العربية، فنحن نريد حلا عمليا وثابتا لمشكلة اللاجئين لا إطالة أمدها وتفريق دمها بين القبائل، فلنقل.. رفقا باللاجئين، ولتعاملوهم أفضل قليلا من العقارب والثعابين.
*كاتبة مصرية
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 08-30-07, 12:15 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 08-30-07, 12:41 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 08-30-07, 12:48 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Tragie Mustafa | 08-30-07, 01:46 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 08-30-07, 02:20 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 08-30-07, 03:38 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 08-30-07, 06:28 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Abdelmuhsin Said | 08-30-07, 08:24 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Abu Eltayeb | 08-30-07, 10:11 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 08-31-07, 09:00 AM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | عمر ادريس محمد | 08-31-07, 00:26 AM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 08-31-07, 10:32 AM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Abdelmuhsin Said | 08-31-07, 02:17 AM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Tragie Mustafa | 08-31-07, 05:28 AM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | manubia | 08-31-07, 09:20 AM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 09-01-07, 09:07 AM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 08-31-07, 06:40 PM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 09-01-07, 10:23 AM |
Re: ألاف الترحيبات بالفلسطينيين في وطنهم الثاني .. حللّتم أهلاً ونزلتم سهلاً | Frankly | 09-01-07, 01:13 PM |
|
|
|