لسنوات طويلة جدا خلت، لم أشاهد فريقا سودانيا بهذا المستوى. لعب الهلال مساء أمس واحدة من أروع مبارياته على الإطلاق. وأجاد لاعبوه كلهم - بما في ذلك الجمهور - بحماس كبير. الروح القتالية كانت أهم ما يميز الهلال، إلى جانب النواحي الفنية التي برع البرازيلي ريكاردو في ترجمتها على أرض الملعب. هذا المدرب العملاق يستحق تمثالا في نادي الهلال بأم درمان. فلنعترف، النادي الأهلي فريق عظيم واسم كبير في عالم كرة القدم. وجاء إلى الخرطوم وعيون لاعبيه ومدربه جوزيه على نقاط المباراة، أو على الأقل نقطة التعادل. لكن عزيمة أبطال الهلال كانت أكبر. الهلال حبس أنفاسنا أكثر من 45 دقيقة. وكلتشي حبسها أكثر حين اصطدم "صاروخه" بقدم عصام الحضري. لكن داريو كان أزاح الهمّ عن كواهلنا، ثم أبدع كرنقو في الهدف الثاني الذي يشبه هدف صبحي في مرمى الزمالك قبل عشرين عاما تقريبا. "توماهوك كروز" حاول الحضري يائسا ابعاده عن مرماه، ولكن هيهات. أما الهدف الثالث والأخير، بواسطة النيجيري العملاق قودوين فقد كان مشهدا للعزيمة والاصرار في بلوغ المراد. قلت لأصدقائي قبل المباراة إنها متوقفة إلى حد كبير على أداء هيثم مصطفى. لكن نجوم الهلال قلبوا توقعاتي. فقد كان المعز وريتشارد وعمر بخيت ويوسف محمد وداريو كان وعلاء الدين يوسف وعلاء الدين جبريل وكلتشي وقودوين ورفاقهم، كانوا كلهم أسودا كشرت عن أنيابها. سعدت جدا بدموع الحضري عقب نهاية اللقاء، وهو يخرج مخفورا بالشرطة. الرياضة أخلاق في المقام الأول، والحضري، على عكس أسامة حسني - مثلا - لم يتعامل بأخلاق في القاهرة. وبعض مشجعي الأهلي، حطموا زجاج الحافلة التي تقل لاعبي الهلال. الرد في الخرطوم كان على أرض الملعب، وبثلاثية لن ينساها أبطال إفريقيا لزمن طويل. انتصار الهلال بالأمس، انتصار تاريخي عريض على ناد صعب المراس وشرس. فريق نكن له كل الاحترام والتقدير لتاريخه وصولاته وجولاته التي جعلت منه واحدا من أفضل الأندية في إفريقيا. لكن الهلال .. هلال الملايين هو الآخر، فريق جبار. وأثبت بالأمس أن ملعبه بأم درمان، هو "مقبرة ملوكية" حيث يتم دفن وقبر "الكبار". نجوم الهلال كلهم يستحقون التهنئة. لكن "كرنقو" يستحق تهنئة خاصة. الرباعي كلتشي وقودوين وداريو كان ويوسف محمد كالعهد بهم أجادوا أيما إجادة. وهيثم مصطفى كان قائدا بحق. إنه انتصار عظيم للسودان أولا. فهي كانت ليلة الوطن. وكان فرسان الهلال على قدر الرهان الوطني. كانت ثورة على "الغرور" الذي ركب الأهلي ولاعبيه. وثورة على الأداء الباهت الذي طبع الكرة السودانية طويلا. والمشوار ما يزال في بدايته. مشوار الكرة السودانية في طريق الصعود مجددا. لن نقبل بأقل من مستويات مذهلة للمنتخب الوطني الذي هو الأهم. ولن نقبل بأقل ذلك من المريخ العظيم وهلال الملايين. ودونا نحن يتمثل في الدعم المعنوي والمادي. إنها دعوة لنفير رياضي كبير يصب لمصلحة المنتخب وناديي الهلال والمريخ في البطولات الإفريقية. مبروك للسودان. مبروك للهلالاب. مبروك للمريخاب. فهلال الملايين، في "مقبرة الغزاة" مرمط الأهلي ومسح به الأرض وتلاعب بدفاعه وحارسه وخط وسطه، وأبقى هجومه تائها ومدربه واقفا على الخط 90 دقيقة. وكانت علامات الخسارة المذلة واضحة على وجوه لاعبيه وجهازه الفني على دكة الاحتياك. و"كله كوم.. ودموع الحضري بعد نهاية اللقاء كوم آخر"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة