(( الجائع إلى الحوار )) و ((( المحكوم بالأمل )) سعد الله ونوس عزيمة لا تلين وروح لا تيأس!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 04:57 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-14-2007, 09:35 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
(( الجائع إلى الحوار )) و ((( المحكوم بالأمل )) سعد الله ونوس عزيمة لا تلين وروح لا تيأس!!

    Quote:
    هنا نضع وردة على ضريح " سعد الله ونوس " ونتقاسم بعضا من " منمنماته" في صرخته الانسانية المختلفة والحية...
    في ذكرى رحيله نشعل قنديلا لروحه / كلماته المرفرفة بيننا
    رحل وهو (( الجائع إلى الحوار ))
    رحل وهو ((( المحكوم بالأمل )))

    ج س



    الجوع إلى الحوار
    سعد الله ونّوس


    " كلفني المعهد الدولي للمسرح ، التابع لليونسكو ، بكتابة " رسالة يوم المسرح العالمي " لعام 1996 ، وقد كتبتُ هذه الرسالة التالية ، التي ترجمت إلى لغات العديد من بلدان العالم ، وقرئت على مسارحها " :

    لو جرت العادة على أن يكون للاحتفال بيوم المسرح العالمي ، عنوانا وثيق الصلة بالحاجات ، التي يلبيها المسرح ، ولو على مستوى الرمزي ، لاخترت لاحتفالنا اليوم هذا العنوان " الجوع إلى الحوار " . حوار متعدد ، مركب ، وشامل . حوار بين الأفراد ، وحوار بين الجماعات . ومن البديهي أن هذا الحوار يقتضي تعميم الديمقراطية ، واحترام التعددية ، وكبح النزعة العدوانية عند الأفراد والأمم على السواء . وعندما أجس هذا الجوع ، وأدرك إلحاحه وضرورته ، فإني أتخيل دائماً ، أن هذا الحوار يبدأ من المسرح ، ثم يتموج متسعاً و متنامياً ، حتى يشمل العالم على اختلاف شعوبه ، وتنوع ثقافاته . وأنا أعتقد ، أن المسرح ، ورغم كل الثورات التكنولوجية ، سيظل ذلك المكان النموذجي ، الذي يتأمل فيه الإنسان شرطه التاريخي والوجودي معاً . وميزة المسرح التي تجعله مكاناً لا يُضاهى ، هي أن المتفرج يكسر فيه محارته ، كي يتأمل الشرط الإنساني في سياق جماعي يوقظ انتماءه إلى الجماعة ، ويعلّمه غنى الحوار وتعدد مستوياته . فهناك حوار يتم داخل العرض المسرحي ، وهناك حوار مضمرٌ بين العرض والمتفرج . وهناك حوار ثالث بين المتفرجين أنفسهم .. وفي مستوى أبعد ، هناك حوار بين الاحتفال المسرحي " عرضاً وجمهوراً " وبين المدينة التي يتم فيها هذا الاحتفال . وفي كل مستوى من مستويات الحوار هذه ، ننعتق من كآبة وحدتنا ، ونزداد ‘إحساساً ووعياً بجماعيتنا . ومن هنا ، فإن المسرح ليس تجلياً من تجليات المجتمع المدني فحسب ، بل هو شرط من شروط قيام هذا المجتمع ، وضرورة من ضرورات نموه وازدهاره . ولكن عن أي مسرح أتكلم ! هل احلم ، أم هل أستثير الحنين إلى الفترات التي كان المسرح فيها بالفعل حدثاً يفجر في المدينة الحوار والمتعة ! لا يجوز أن نخادع أنفسنا ، فالمسرح يتقهقر . وكيفما تطلعتُ ، فإني أرى كيف تضيق المدن بمسارحها ، وتجبرها على التقوقع في هوامش مهملة ومعتمة ، بينما تتوالد وتتكاثر في فضاءات هذه المدن الأضواء ، والشاشات الملونة ، والتفاهات المعلبة . لا أعرف فترة عانى فيها المسرح مثل هذا العوز المادي والمعنوي . فالمخصصات التي كانت تغذيه تضمر سنة بعد سنة ، والرعاية التي كان يحاط بها ، تحولت إلى إهمال شبيه بالازدراء ، غالباً ما يتستر وراء خطاب تشجيعي ومنافق . وما دمنا لا نريد أن نخادع أنفسنا ، فعلينا الاعتراف ، بأن المسرح في عالمنا الراهن بعيد عن أن يكون ذلك الاحتفال المدني ، الذي يهبنا فسحة للتأمل ، والحوار ، ووعي انتمائنا الإنساني العميق . وأزمة المسرح ، رغم خصوصيتها ، هي جزء من أزمة تشمل الثقافة بعامة . ولا أظن أننا نحتاج إلى البرهنة على أزمة الثقافة ، وما تعانيه هي الأخرى من حصار وتهميش شبه منهجيين . وإنها لمفارقة غريبة أن يتم ذلك كله ، في الوقت الذي توفرت فيه ثروات حولت العالم إلى قرية واحدة ، وجعلت العولمة واقعاً يتبلور ، ويتأكد يوماً بعد يوم . ومع هذه التحولات ، وتراكم تلك الثروات ، كان يأمل المرء ، أن تتحقق تلك اليوتوبيا ، التي طالما حلم بها الإنسان . يوتوبيا أن نحيا في عالم واحد متضافر . تتقاسم شعوبه خيرات الأرض دون غبن ، وتزدهر فيه إنسانية الإنسان دون حيفٍ أو عدوان . ولكن .. يا للخيبة! فإن العولمة التي تتبلور وتتأكد في نهاية قرننا العشرين ، تكاد تكون النقيض الجذري لتلك اليوتوبيا ، التي بشر بها الفلاسفة ، وغذت رؤى الإنسان عبر القرون . فهي تزيد الغبن في الثروات وتعمق الهوة بين الدول الفاحشة الغنى ، والشعوب الفقيرة والجائعة . كما أنها تدمر دون رحمة ، كل أشكال التلاحم داخل الجماعات ، وتمزقها إلى أفراد تضنيهم الوحدة والكآبة . ولأنه لا يوجد أي تصور عن المستقبل ، ولأن البشر وربما لأول مرة في العالم ، لم يعودوا يجرؤن على الحلم فإن الشرط الإنساني في نهايات هذا القرن يبدو قاتماً ومحبطاً . وقد نفهم بشكل أفضل مغزى تهميش الثقافة ، حيث ندرك أنه في الوقت الذي غدت فيه شروط الثورة معقدة وصعبة ، فإن الثقافة هي التي تشكل اليوم الجبهة الرئيسية لمواجهة هذه العولمة الأنانية ، والخالية من أي بعدٍ إنساني . فالثقافة هي التي يمكن أن تبلور المواقف النقدية ، التي تعري ما يحدث وتكشف آلياته . وهي التي يمكن أن تعين الإنسان على استعادة إنسانيته ، وأن تقترح له الأفكار والمثل ، التي تجعله أكثر حرية ووعياً وجمالاً . وفي هذا الإطار ، فإن للمسرح دوراً جوهرياً في إنجاز هذه المهام النقدية والإبداعية ، التي تتصدى لها الثقافة . فالمسرح هو الذي سيدرّبنا ، عبر المشاركة والأمثولة ، على رأب الصدوع والتمزقات التي أصابت جسد الجماعة . وهو الذي سيحيي الحوار الذي نفتقده جميعاً . وأنا أؤمن أن بدء الحوار الجاد والشامل ، هو خطوة البداية لمواجهة الوضع المحبط الذي يحاصر عالمنا في نهاية هذا القرن .

    * * *

    إننا محكومون بالأمل . وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ . منذ أربعة أعوام وأنا أقاوم السرطان . وكانت الكتابة ، وللمسرح بالذات ، أهم وسائل مقاومتي . خلال السنوات الأربع ، كتبت وبصورة محمومة أعمالاً مسرحية عديدة . ولكن ذات يوم ، سئلت وبما يشبه اللوم : ولمَ هذا الإصرار على كتابة المسرحيات ، في الوقت الذي ينحسر المسرح ، ويكاد يختفي من حياتنا ! باغتني السؤال ، وباغتني أكثر شعوري الحاد بأن السؤال استفزني ، بل وأغضبني . طبعاً من الصعب أن أشرح للسائل عمق الصداقة المديدة ، التي تربطني بالمسرح ، وأنا أوضح له ، أن التخلي عن الكتابة للمسرح ، وأنا على تخوم العمر ، هو جحود وخيانة لا تحتملها روحي ، وقد يعجلان برحيلي . وكان عليّ لو أردت الإجابة أن أضيف ، " إني مصرّ على الكتابة للمسرح ، لأني أريد أن أدافع عنه ، وأقدّم جهدي كي يستمر هذا الفن الضروري حياً " . وأخشى أنني أكرر نفسي ، لو استدركت هنا وقلت :" إن المسرح في الواقع هو أكثر مكن فن ، إنه ظاهرة حضارية مركّبة سيزداد العالم وحشة وقبحاً وفقراً ، لو أضاعها وافتقر إليها " . ومهما بدا الحصار شديداً ، والواقع محبطاً ، فإني متيقن أن تظافر الإرادات الطيبة ، وعلى مستوى العالم ، سيحمي الثقافة ، ويعيد للمسرح ألقه ومكانته .

    إننا محكومون بالأمل . وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ
                  

08-15-2007, 06:19 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (( الجائع إلى الحوار )) و ((( المحكوم بالأمل )) سعد الله ونوس عزيمة لا تلين وروح لا تيأس!! (Re: jini)

    العزيز جنى
    كلمة ونوس دى مفترض تدرس فى الجامعات
    الجوع للحوار
    بالله شوف بلاغة وحكمة العبارة دى
    عندما كتبت مقترح اقامة منتدى المسرح فى الشارقة
    تصدرت
    عبارة ((الجوع للحوار))
    كلمتى
    شكرا ليك ولونوس الراحل المبدع
                  

08-15-2007, 03:00 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (( الجائع إلى الحوار )) و ((( المحكوم بالأمل )) سعد الله ونوس عزيمة لا تلين وروح لا تيأس!! (Re: mohmmed said ahmed)

    Quote: إننا محكومون بالأمل . وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ

    محمد سيداحمد
    شكرا للمرور الجميل والاضاءة
    جنى
                  

08-15-2007, 03:56 PM

معتصم ود الجمام
<aمعتصم ود الجمام
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 3261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (( الجائع إلى الحوار )) و ((( المحكوم بالأمل )) سعد الله ونوس عزيمة لا تلين وروح لا تيأس!! (Re: jini)

    المقولة الجميلة دي كانت
    عنوان لاحتفالية تابين سعد الله ونوس
    بعد اربعين يوم من وفاته في اقامته جماعة الجمام المسرحية
    قدمنا فيها عروض مسرحية وندوة عن مسرح سعد الله ونوس مسرح التسيس
    وقمنا بتوثيق هذه الاحتفاليه فيديو وفوتوغرافي ولكن كل هذا الارشيف
    اخذته ادارة الامن الطلابي بعمارة بحري السكه حديد بمداهمة منزلي في العام98
    يا ربي هسه لو قلت ليهم داير الارشيف ده ذي صوري وانا طفل هل سيعيدونه لي ولا
    اصبح ارشيفي الشخصي ملك لدولة المشروع الحضاري ....
    جني الله يجننك مالك علينا في الحر ده ....
    ولك عامر الموده
    معتصم سيد احمد
                  

08-15-2007, 04:05 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (( الجائع إلى الحوار )) و ((( المحكوم بالأمل )) سعد الله ونوس عزيمة لا تلين وروح لا تيأس!! (Re: معتصم ود الجمام)

    Quote: المقولة الجميلة دي كانت
    عنوان لاحتفالية تابين سعد الله ونوس
    بعد اربعين يوم من وفاته في اقامته جماعة الجمام المسرحية
    قدمنا فيها عروض مسرحية وندوة عن مسرح سعد الله ونوس مسرح التسيس
    وقمنا بتوثيق هذه الاحتفاليه فيديو وفوتوغرافي ولكن كل هذا الارشيف
    اخذته ادارة الامن الطلابي بعمارة بحري السكه حديد بمداهمة منزلي في العام98
    يا ربي هسه لو قلت ليهم داير الارشيف ده ذي صوري وانا طفل هل سيعيدونه لي ولا
    اصبح ارشيفي الشخصي ملك لدولة المشروع الحضاري ....
    جني الله يجننك مالك علينا في الحر ده ....
    ولك عامر الموده
    معتصم سيد احمد

    يا معتصم الله يديك العافية
    يعنى ما انا براى البحب ونوس!
    ارشيفك بكون اكلوا فوقوا فول مالهم ومال الادب ديل ناس قلال ادب!
    جنى
                  

08-15-2007, 04:16 PM

معتصم ود الجمام
<aمعتصم ود الجمام
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 3261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (( الجائع إلى الحوار )) و ((( المحكوم بالأمل )) سعد الله ونوس عزيمة لا تلين وروح لا تيأس!! (Re: jini)

    ضمن مكتبتي عدد من مسرحيات سعد الله ونوس
    وقد قمت بكتابة نص مسرحي الشخصية الرئيسه في النص
    سعد الله ونوس بنفس الطريقة التي كتب بها سعد الله ونوس
    مسرحية استدعى فيها احد روادالمسرح السوري اسمو احمد القباني
    المهم المسرحية تعالج بعض مسرحيات سعد الله ونوس وشخوصه
    من اجمل ما كتب سعد الله
    راس المملوك جابر
    الفيل يا ملك الزمان
    رحلة حنظله
    فصد الدم
    سهره مع ابوخليل القباني
    ومسرحيات كثيرة جدا
    توفي سعد الله ونوس بعد رحله طويله مع مرض السرطان
    انا للاسف الان بكتب من الذاكرة سوف اعود لهذا البوست بعد العوده
    الى بعض المراجع
    ولك ودي
    معتصم سيد احمد
                  

08-15-2007, 04:34 PM

kamalabas
<akamalabas
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 10673

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هاك ياجني ......حول صاحبك ود الزومة!!!! (Re: jini)

    هاك ياجني ......حول صاحبك ود الزومة!!!!
    شوف الراجل مسح بيه ا########## كيف مع أنه أخوه في الله!!!!
    Re: يس عمر الامام: السودان "شلت عليه الفاتحة"
    أخواننا المهلوسون
    أحــــاديث فى الخصــــوص
    د التجاني عبدالقادر

    لقد أخذت على نفسى أن أكتب فى السياسة، حينما أكتب، بأقصى درجة ممكنة من «الموضوعية». والموضوعية عندى لا تعنى الحياد المطلق، أو التجرد الكامل من الذات، فليس ذلك فى مقدور البشر، وانما تعنى أن يجتهد الكاتب فى البحث عن الحقيقة، وألا ينكر الحقائق التى يثبتها الحس السليم ويشهد بها العقل الراشد، وألا يضيق بالرأي المخالف، وألا يحقر صاحبه، وألا يختلق له «صورة» من عنده ثم يلبسها له قسرا،وأن يبتعد عن المطاعنة والملاعنة وفاحش القول وبذيئه. هذا من حيث المنهج، أما من حيث الهدف فنحن نعمل من أجل تحريك حوار عام وعميق عن أمور مشكلات تتعلق بالتنظيم السياسى والدولة والمجتمع، باعتبار أننا نمر بمرحلة عصيبة فى تاريخ الحركة الإسلامية وفى تاريخ السودان، وباعتبار أنه اذا تم تبادل للأفكار، وتمحيص دقيق للآراء، ومراجعة أمينة للأخطاء، أمكننا أن نستبين الوجهة الصائبة فنسعى نحوها دون صراخ أو تشنج، أو خبط بالأيدى أو دبدبة بالأقدام.


    وكنا وما نزال نتوقع شغبا من هنا وهناك، ولكننا نحرص على تجنبه، اذ أن أكبر ما يعوق حركة المراجعة والإصلاح، ويقطع عليها الطريق، هو «الأعشاب الضارة» التى تحول الحوار الفكرى الجاد الى شغب وهياج. ثم قرأت شيئا مما كتبه الأخ الصديق الأستاذ عبد الرحمن الزومة فى عموده اليومى بصحيفة «السودانى»، فوجدته يضيق بالموضوعية التى نلتزمها ويعتبرها سبة، ويسخر من اللقب العلمى «الأنيق» الذى نحمله، ويعتقد أن المقالات التى قمنا بنشرها لا تحتوى على فكر وانما هى ضرب من الدعاية السوداء والعمالة الرخيصة.


    ثم وجدته قد صمم لشخصى الضعيف «سيرة» ذاتية كاملة، «اكتشفت» فيها أننى أعيش فى أمريكا، ليس كما يعيش عامة الناس وانما أعيش فى «مأزق»، وانهم هناك «أقصد الأمريكيين الملعونين» يطلبون منى ومن أمثالى أن نتخلى عن مسلماتنا، وأن ندفع «ثمنا مذلا ومهينا»، «يتمثل فى بعض الأمور الإجتماعية الخاصة بتربية الأولاد و«البنات»»؛ وأنهم، قاتلهم الله، يطلبون منا «فاتورة» أخرى ستتعلق باعلان البراءة من المشروع الاسلامى». ثم يؤكد الأستاذ الزومة، وقد بلغت هلوسة «الفاتورة» مداها أن: «الذين يعيشون فى أمريكا ومن بينهم بالطبع التجانى عليهم دفع هذه «الفاتورة» شاءوا أم أبوا»، ولكنه يعود ويضع لنا خيارا فيقول: «طبعا هناك حل آخر وهو العودة الى ديار الإسلام «أى الخرطوم/مدينة الرياض، حيث يقيم الزهاد من أهل الصفة»، ثم يستدرك: «ولكنه حل صعب لمن «افتتن» بالحياة فى أمريكا»؛ ويختتم مقالته بلغة الخبير النفسانى: «هؤلاء الأخوة لا يقبلون هذا التحليل« مثلنا طبعا مثل كل المرضى النفسانيين»، ولكن الواحد منهم عندما يضع رأسه على مخدته ليلا، فان أكثر ما يبعد عنه النوم هو هذا «الثمن» المهين الذى عليه أن يدفعه مقابل تلك الحياة الفانية فى أمريكا»؛ وهكذا، فنحن عند الأستاذ الزومة لسنا مجرد عملاء وانما نحن مرضى نفسيا، وهو يراقبنا فى غبطة وسعادة ونحن نأخذ الثمن المهين، ثم يراقبنا ونحن نضع رؤوسنا على مخداتنا بالليل وقد أرهقنا السهاد.


    قرأت هذا فقلت لنفسى: أليست هذه هلوسة؟ فالمهلوس لغة هو الذى يصنع صورة مقلوبة للواقع، ثم يدخل معها فى مناطحة، مستخدما كل ما يقع على يده من أسلحة الدمار الشامل، فاذا استيقظ على لكزة من صديق،أدرك أنه كان فى معركة وهمية مع «صور» لا علاقة لها بالواقع. ان صديقنا الزومة رجل «ملتزم»، قضى نحو عقدين من الزمان مغتربا فى السعودية، يحج ويعتمر ويحسن أحواله المعيشية على مقربة من البيت الحرام، فى وقت كان معظم أعضاء الحركة الإسلامية فى السودان يمرون بأحلك الظروف، ما بين معتقل ومشرد ومطارد، حتى اذا عبرت الحركة الاسلامية من حالة الإستضعاف الى حالة «الإنقاذ» عاد الأخ الزومة من السعودية لينفض الغبار عن «أسلحته» القديمة ليدافع عن المشروع الإسلامى ضد أمثالنا من «المارينز السودانيين» الذين يذمون الحركة الاسلامية ويشوشون عليها. غير أن النقطة الأساسية التى بنى عليها كل هذه المعركة الهائلة، والاتهامات المهولة هى أننى أعيش فى أمريكا، وأن القراء يشترون مقالاتى لا لشىء الا لأنى أكتب من أمريكا. وهى نقطة غير صحيحة البتة، ولا أظنه يقصد الكذب، ولكن لعله لم يسمع بأنى قد غادرت الولايات المتحدة منذ سنوات عديدة، طائعا مختارا، وأنى أقيم الآن فى أحدى الدول الإسلامية«كما كان هو يفعل»، وأكتب منها هذه المقالات، وليس على أن أتخلى عن معتقداتى أو أساوم فى تربية أولادى و«بناتى» كما تصور ونشر على الناس.


    ولكن هب أنى مقيم فى أمريكا، فمن أين أتى بهذه الصورة «الكاذبة» عن المسلمين هناك؟ صورة المسلمين الذين تحولوا الى خونة وعملاء ومنافقين؟ واذا كانت هذه الصورة صحيحة فلماذا يحدثنا فى أحد أعمدته «28/2/7» وفى فرحة غامرة عن مخاطبة الرئيس البشير عبر الاقمار الصناعية جمهور المصلين فى مسجد ديترويت بولاية متشيجان الأمريكية عقب صلاة الجمعة، ويعتبر ذلك «أمرا مهما وتطورا غير مسبوق فى المسيرة السياسية والإقتصادية والفكرية فى السودان» ثم يبشرنا بميلاد محور جديد هو محور الخرطوم ديترويت «هلوسة..هلوسة»، ولكن السؤال هنا: لماذا تقيم حكومة الإنقاذ محورا مع المسلمين العملاء الذين أعلنوا البراءة من الإسلام وقبضوا «الثمن» من الحكومة الأمريكية؟


    ثم قلت لنفسى مرة أخرى لعل هذه حالة واحدة من حالات الهلوسة النادرة، والنادر لا حكم، فلماذا لا نتمهل لنقرأ جزءا آخر من أعمدته الخمسين التى تثبتها الصحيفة على الإرشيف.وقمت بالفعل بقراءة سريعة فى مقالاته السابقة، فتوقفت عند مقال له يعرض فيه رسالة من أحد القراء الذين وصفوه بأنه «من المنافحين عن الإنقاذ بينما كثير من الإعلاميين الذين دربتهم الحركة الإسلامية انحنوا للهجمة الشرسة التى تقودها اقلام «المارينز السودانيين»؛ ويعلق الزومة على ذلك قائلا:ولم يوضح من يقصد بهؤلاء المارينز غير أننى عرفتهم، مؤكدا أنه قد بدأ الدفاع عن هذا المشروع الاسلامى فى وقت كان بعض هؤلاء المارينز أطفالا لا يحسنون الحديث، ويلبسون «العراريق» المثقوبة فى بعض الأصقاع السودانية النائية،«ولك أن تلاحظ عبارة «أصحاب العراريق المثقوبة» ثم عبارة الأصقاع النائية، وما فيهما من ايحاء طبقى بغيض بأن السيد الكاتب ينحدر من طبقة اجتماعية لا يلبس أطفالها «العراريق المثقوبة»، أما من يخالفونه الرأي فقد كانوا فى طفولتهم من المشردين، أنصاف العراة، من أبناء الأصقاع«وليس الأقاليم أو الولايات» النائية.


    وقد لا يدرك القارىء أن عبارة «الإعلاميين الذين دربتهم الحركة الإسلامية ثم انحنوا للهجمة الشرسة وصاروا مارينز سودانيين» هى تعريض ببعض الأفراد الذين بعثتهم الحركة الإسلامية فى أواسط الثمانينات من القرن الماضى ليكملوا دراساتهم العليا فى الولايات المتحدة، ولكنى لم أكن منهم كما يتوهم الكاتب، اذ أننى تلقيت دراساتى كلها، ما دون الجامعة وما فوقها، على حساب الشعب السودانى الأبى، الذى لا يتبع صدقاته منا ولا أذى، وبالتالى فليس هناك «فاتورة» يجب على سدادها،كما يتوهم الكاتب الصديق.أما أولئك الأشخاص الذين يعرض بهم ويسخر منهم فلا نعرف عنهم الا خيرا، وأغلبهم يوجد الآن على مقربة منه فى حكومة الإنقاذ، يدافعون عنها بأحسن مما يفعل.
    على أننا لم نفرغ بعد من الحديث عن الاشارة الى أصحاب «العراريق المثقوبة» و «الأقاليم النائية»، اذ أنها ليست مجرد اشارة عابرة بقدر ما هى مفهوم يتكرر فى كتابات الأستاذ الزومة، فهو مثلا حينما يريد أن ينال من مثلنا من «الإسلاميين الذين يعيشون تحت وهم الموضوعية واختاروا الإقامة فى بلاد الغرب» لا ينتقد أفكارنا، أو مناهجنا فى البحث والتحليل، أو أدلتنا، وانما يمتن علينا بالمشروع الإسلامى «الذى رفع من قدرنا وأعطانا ما لم نكن نحلم به وبعث بنا الى بلاد الأفرنج...الخ.»؛ أى أنه يعود مرة أخرى ليخلع علينا الصورة ذاتها: صورة اللقطاء والمشردين«أصحاب العراريق المثقوبة من أبناء الأصقاع النائية»، ثم ليذكرنا بأن «المشروع الإسلامى» هو الذى رفع من قدرنا،«والمقصود بالمشروع الاسلامى فى هذا السياق ليس الاسلام ذاته، اذ أننا كنا مسلمين والحمد لله قبل الدخول فى الحركة الاسلامية، ولكن المقصود هو النخبة المباركة التى يتقدمها الأستاذ الكاتب أو يتوسطها «من أصحاب العراريق غير المثقوبة ومن أبناء «الأقاليم» غير النائية».
    على أن الذى يحيرنى هو هذا «النمط» من الخطاب «الصراعى- الخارجى»، والذى يتصور أصحابه أن كل مشاكل الحركة الاسلامية تأتى من «الخارج»، والخارج عندهم يبدأ بالشيوعيين، الأموات منهم والأحياء، ثم القوميين «على غير تمييز بينهم»، ثم اسرائيل وأمريكا، ثم مجلس الأمن وإبليس.وأن أى ناقد أو دارس للحركة الأسلامية «أو حتى لحكومة الإنقاذ» لابد أن يكون واحدا من هؤلاء«الأنجاس المناكيد»، أو أن لم يكن منهم فهو على صلة بهم، وأن تلك الصلة لا يمكن أن تكون صلة فكر أو منهج وانما هى دائما صلة «عمالة» مدفوعة الثمن، أيا كان ذلك الثمن، ولذلك فان ما يكتبه هؤلاء ليس فكرا يستحق القراءة والنقد وانما هو مجرد تشويه للحركة الاسلامية يقوم به «عدو لدود» تجب محاربته، و«فقع» مرارته، و«هرد» أحشاءه، و«فرم» كبده كما ورد فى الميثاق الصحافى الجديد الذى أعلنه السيد الزومة«19/2/07».هذا الأسلوب الهوسى/التشنجى كنا نحسبه قد أنقرض، خاصة بعد أن انتهت الحرب الباردة، وسقط الاتحاد السوفيتى، وتبعثرت منظومة الدول الشيوعية، وما سبق ذلك ولحقه من تصدع للحركات الناصرية والبعثية، وكنا نمنى أنفسنا بأن الحركة الإسلامية قد تجاوزت مراحل الطفولة السياسية، فاذا بالأسلوب القديم يطفح مرة أخرى، فلا ندرى هل هذا جزء من استراتيجية اعلامية جديدة، تقوم على «هرد» الأحشاء و«فرم» الأكباد كما يبشرنا الأستاذ الزومة، أم هى مجرد «اجتهادات» منه.أما ما نعلمه يقينا فهو ان مشاكل الحركة الإسلامية توجد فى «داخلها»، وأن بداية الإصلاح تكون بمواجهة الذات والإنتصار عليها قبل مواجهة الخارج. «أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم، ان الله على كل شىء قدير» «آل عمران:165».صدق الله العظيم
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de