الوزير الفاسد عبدالرحيم محمد حسين يستجدي مصر لابتلاع النوبة و السودان

Quote: جعفر عباس. Email:[email protected] Last Update 19 يونيو, 2007 استطيع ان أجزم بأن المنطقة الممتدة من حلفا شمالا الى القدار جنوبا، لم تعرف أكثر من ستة حوادث قتل جنائي طوال قرنين من الزمان، وفي مضابط البرلمان السوداني دعوة من أحد نواب منطقة دنقلا في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي، يدعو فيها إلى إغلاق سجن دنقلا لأنه ظل خاويا لعدة سنوات متصلة، وبالتالي كان يشكل عبئا على الخزينة العامة.. ويوم الخميس الماضي تناقلت الصحف نبأ مصرع أربعة أشخاص وجرح العشرات في مصادمات بين الشرطة ومشاركين في تظاهرة تعترض على إقامة سد كجبار، في قلب المنطقة النوبية في شمال السودان الأقصى.. أول غيث السد دم؟ الله يستر.. قالت الشرطة إنها فتحت النار على الذين حاولوا تخريب الآليات الخاصة بمشروع السد بعد ان اشتبكوا معها.. وبداهة فإن تخريب الآليات لن يؤدي الى وقف تشييد السد، ولكن وبالمقابل لن يقوم سد على جماجم أهل المنطقة.. فحتى أبناء المحس (وهي المنطقة التي سيقام فيها السد) الذين يدافعون عن السد كمشروع تنموي قومي سيعود بالفائدة على الجميع، لن يجدوا الشجاعة في الدفاع عن المشروع إذا سار العمل فيه ب''الزندية'' والحديد والنار. قبل نحو ثلاثة أسابيع التقينا نحن نفر من النوبيين في مناسبة اجتماعية بالفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع، وبالطبع حدث جدال وملاججة حول السد، وخاطبني الوزير بقوله: عليكم انتم حملة الأقلام من أبناء المنطقة تنوير أهلنا بجدوى المشروع ومنافعه لهم ولغيرهم.. وإليكم بعض ما قلته له وبعض ما لم أقله حول هذا الموضوع: أنا بحاجة الى من ينورني عن المشروع؟ لماذا يسير كل ما يتعلق به وكأنه محفل ''ماسوني''؟ هل يهم اهل المنطقة ان السد سينتج مليون ميقاوات من الكهرباء أو ألف طن من اليوارنيوم المخصب؟ طبعا المصلحة العامة فوق كل اعتبار، ولكن المصلحة الخاصة هنا متداخلة مع العامة، كما أنها (المصلحة الخاصة) لا تهم فردا أو مجموعة محددة من الأفراد، بل تهم مجتمعا له جذور تاريخية وعاطفية في المنطقة التي ستتأثر بالسد.. الفريق عبد الرحيم كان يريد منا ان نتحاور حول الأمر كأبناء ''المنطقة''، ومن ثم طلبت منه أن يحدثني بصفته الرسمية عن حسابات الربح والخسارة بالنسبة لنا نحن أهل المنطقة.. تستطيع أية حكومة ان تنتزع ملكية عشرة بيوت لشق طريق بعد منح أصحاب البيوت تعويضات وبدائل مناسبة ولو ''عصلجوا''، فإن الحكومة تستطيع أن تجعلهم يقبلون بالأمر الواقع وأرجلهم فوق رقابهم.. ولكن أية حكومة مهما بلغت سطوتها لا تستطيع ان تقول لآلاف الناس ان قراكم وبلداتكم ستختفي الى الأبد و''سنقوم باللازم في حينه''.. ما قلته للسيد وزير الدفاع ووافقني عليه هو ان الجهة المناط بها تنفيذ السد لم تضع الحقائق على الطاولة: المناطق المتأثرة بالسد هي كجبار وفقبار ومقربار وسقدبار وزنزبار.. وسيتم تهجير اهلها الى شرق كرمة او حوض السليم او تندلتي.. وسينعمون بالمن والسلوى او السجم والبلوى.. وسيمنح كل مواطن راشد قطعة ارض مساحتها كذا وكذا والتعويض عن كل نخلة كذا وكذا والجدول الزمني لتنفيذ المشروع هو كذا وكذا.. وبعد هذا كله حدثوا الناس عن المكاسب للوطن ككل، لم أجد جهة تتوفر على المعلومات الموثوق بها حول سد كجبار.. بل هناك استعباط يتمثل في الزعم بان المشروع ''فيها يقوم وفيها لا''.. و''نحن فقط نقوم بدراسات فنية للبت في جدوى المشروع''.. جدواه، من وجهة نظر الحكومة، محسومة منذ نحو عشر سنوات، والآليات التي في موقع السد ومعسكرات العمال التي تم تشييدها هناك ''تنفيذية''.. المتحذلقون لا يقيمون وزناً لـ ''العواطف''، طالما ان المشروع ''قومي'' ولكن أصحاب الوجعة لابد ان يكونوا عاطفيين! ولا تتم الموازنة بين العقل والعاطفة إلا بتوافر الحقائق الساطعة والقاطعة.. أهل توتي يعرفون أن متر الأرض في جزيرتهم يكفي لشراء طائرة إيرباص، وأن الواحد منهم يستطيع ان يبيع بيته البائس لينتقل الى فيلا راقية في أية جهة في العاصمة ويكون عنده بعد كل ذلك رصيد مصرفي يجعله ينعم بلعب الطاولة والتبطل المرفه، ومع هذا فإنهم ظلوا يقاومون محاولات تهجيرهم بالتحنيس والبلطجة لأسباب عاطفية بحتة! وأتحدى من يأتيني بأهل علم وفهم ووطنية كأهل توتي! ليقنعني شخص ما أو جهة ما بمنافع السد لأهلي في المحس ووطني ككل، وسآخذ إجازة بدون مرتب للجلوس مع الرافضين للمشروع ومحاولة إقناعهم بأهميته وفوائده.. ولكن طالما بقي المشروع يدار بطريقة ماسونية فلا سبيل لرفضه او التهليل له بأسلوب عقلاني.. وبهذا يحدث الصدام الدامي، والدم ينبغي ان يكون أثقل من الماء