الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 10:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة بكرى ابوبكر(بكرى ابوبكر)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-05-2007, 02:05 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    * الجزء الخامس
    عطلة صيف 69 كانت الأولى بعد التحاقي بالمرحلة الثانوية وجرت العادة أن نقضي وأخوتي العطلة الصيفيه نعمل بمتجر الوالد وكان في ذلك بعض المتعة رغم أن العمل يمتد من الصباح حتى المساء.
    توفي في نهاية أبريل من ذلك العام أحد أقربائنا من جهة الوالده آل أبراهيم مالك بمدينة تندلتى وطرحت على الوالد فكرة أن أقوم بالسفر للمشاركة في العزاء نيابة عن أسرة النفيدي فاستحسن الوالد الفكره لمشغوليته عن أداء الواجب بنفسه واغتبط وهو يرى ابنه الثاني يشب مسانداً له في واجباته.
    كانت الرحلة بالنسبة لي ذات شقين أداء واجب وزيارة مسقط رأسي الذي لم أزره منذ سنوات.. لم تكن أسرة ابراهيم مالك من الأسر التي بها تعدد الزيجات ويقال أن شقيق الشيخ ابراهيم مالك الأكبر الشيخ عبد الماجد عمر قرجاج كان متزوجاً من سيدة من قبيلة الدناقله بالقطينة تدعى حرم عيسى ولم يرزق منها بخلف لمدة ثمانية عشر عام فأقترن بأخرى وبعد أربعة أشهر فقط حبلت زوجته الأولى وأخفت الأمر عليه وذهب هو إلى رحلة تجارية لغرب السودان دامت عدة أشهر ولم يعلم بالأمر إلا من خلال رسالة من أخيه إبراهيم مالك مبشراً بالمولود القادم ومطالباً إياه بالتخلي عن زوجته الثانية بزوال سبب ذلك الزواج.. واستجاب الشيخ عبد الماجد مؤمناً على ذلك النهج ورزق بباكورة أبنائه معروف ثم الجنيد ثم ابنته آسيا حرم السيد/ أحمد ابراهيم مالك.
    ولم يخالف ذلك النهج إلا ابنه الأكبر عمر الذي تزوج بثانية على ابنة عمته ولم يستحسن الشيخ ابراهيم مالك ذلك. عليه خلق عدم استحسانه جفوة بين زوجة عمر الثانية وجميع أفراد الاسره وفي نهاية الخمسينات انتقل الشيخ ابراهيم مالك تدريجياً الى الخرطوم ولحقت به اسر ابنائه وبعد ذلك اسر بناته بما في ذلك زوجة عمر الاولى ابنة الخليفه عثمان العمرابي والذين يقطنون بحي العرب بامدرمان ولم يبق بتندلتي غير الخال عمر وزوجته الثانية والخاله سكينه زوجة ابراهيم مسند.
    مكثت بتندلتى زهاء الاسبوعين تعرفت خلالهم ولأول مرة بأبناء خالى عمر.. سيف واحمد وعبد الباقي وابنتيه منى وانتصار، كان سيف في نفس عمرى واحمد يصغرنى بعامين وأحببتهم وطلبت من خالي عمر أن يسمح لسيف وأحمد بمرافقتى لقضاء جزء من إجازة الصيف بالخرطوم فرحب بذلك عسى أن تجلب تلك الزيارة بعض الدفء والتواصل بين اسرته الصغيرة والكبيرة.
    وقد استقلينا القطار من تندلتي متوجيهن الى الخرطوم وطرأت لي فكرة ونحن على مشارف مدينة ود مدنى ان نغادر القطار ونتجه لقرية "كمل نومك" قرب مدينة المناقل حيث كانت خالتى إكرام زوجة المهندس سيد أحمد الريح مسئول الري في ذلك القسم من مشروع الجزيرة. ووافق سيف وأحمد دون نقاش وفعلاً وصلنا وقضينا زهاء الأربعة أيام .. سرت خالتى بأبناء أخيها وابن أختها واحتفي بنا بعدة دعوات من العاملين بالمشروع ووجهاء المنطقه فتلك من الزيارات القليلة لأسرة مفتش الري وكان في ذلك العهد لتلك الوظائف شأن جليل.
    أذابت تلك الزياره شئ من الخشية وخلقت بعض الإلفة في قلبي رفيقي فتلك زيارة عمتهم الثانية من سبعة عمات الأولى تقطن معهم في تندلتي والتى بدأ وصالهم بها بعد أن غادرت جل اسرة مالك تندلتى.
    غادرنا الى الخرطوم عن طريق العربات وابتهجت اسرتي وخاصة والدى بالقادمين ولم تكن مسألة الزوجة الثانيه من الغرائب بل كانت هي السائده وسط اسرة النفيدي فجل أعمامي لهم زوجتان.. سمح والدي لي وأخوتي بالتفرغ بقية الإجازة لمرافقة ضيوفنا متنقلين بين بيوت الاسرة. كان سيف أكثر سماحة وأحمد أكثر اعتداداً بالنفس عليه كان يرفض مرافقتنا لكل من لم يحضر لتحيتهم من أفراد العائله.. وفي أحد الأمسيات كانت والدتي في زيارة لمنزل جدنا ابراهيم مالك وعندما حضر والدى في المساء للمنزل قرر الذهاب لزيارة جدنا واحضار الوالدة.. انتهزت الفرصه وطلبت من سيف وأحمد مرافقة الوالد وافق سيف واعتذر أحمد وكلاهما لم يلتقي بجده من قبل.
    استقبلنا الوالد ابراهيم مالك في الجزء الخاص به من المنزل وكان مرفق بصالون الرجال ببشاشة فكان يكن لوالدى ولشخصي كل التقدير والمحبة وكان برفقتنا سيف وأصر على ان نتناول العشاء معه وقضينا وقتاً ممتعاً في الونسة والقصص وكنت أقوم بخدمتهم بإحضار العشاء والماء والحلو والشاى الخ..
    وبعد أن أكملنا عشاءنا بدأت في إرجاع الأواني وفي أحد المرات ساعدني سيف فنظر له جدنا ابراهيم مالك في استغراب وبعدها ودعه والدى وسيف ودخلوا الى المنزل لمرافقة الوالده وعدت أنا من الداخل لأخذ ما تبقى من الأوانى فعاجلني جدي بالسؤال من ذلك الشاب الذي دخل مع والدك ولم يراعي حرمة المنزل فرددت له انه سيف.. قال سيف منو؟.. قلت سيف عمر.. قال عمر منو؟ قلت سيف عمر ابراهيم مالك. فهمهم مردداً سيف عمر ابراهيم مالك... وصمت.. فانسحبت انا في هدوء.
    كان أحمد رفيق أحداث في حياتي ما زالت عالقة بذاكرتى شاركنا فيها خالد أحمد مالك وكلاهما يميلان لحب المغامرة مثلي عكس أخيه الأكبر سيف الذي يركن للهدوء الى جانب أخي الأصغر صلاح.. عاد سيف وأحمد عمر الى الخرطوم في صيف عام 1970 وكنت قد حصلت على رخصة قيادة سيارة متجاوزاً عقبة السن القانونية وكانت المعرفة مع إجادتي للقيادة سبيلي لذلك وكنت أتصيد الفرص.. تغيب سائق عربة الوالد في ذلك اليوم... وغفا الوالد بعد الظهيرة، ولم أتردد في انتهاز تلك الفرصة باصطحاب أحمد عمر وخالد أحمد متوجهين إلى منطقة اللاماب بحر أبيض متظاهراً بحجة إحضار احتياجنا من الحليب من مزرعة خاصة بنا في تلك البقعة من جنوب الخرطوم.. والحقيقة هي إشباع رغبتي في قيادة السيارات والمرور على كل من أعرف من الأقارب والأصدقاء بالطريق متحسباً للعودة قبل أن يفيق الوالد من نومته.. وحدث ما لم يكن في الحسبان حيث اصطدمت بامرأة انفلتت لاجتياز الشارع من خلف أحد البصات المتجهة من الخرطوم جنوباً وأنا في طريق العودة، ومضت بضعة ساعات عقب الحادث لازالت عالقة بمخيلتي .. كان أحمد جزء منها ورغم براءتي قانونياً من ذلك الحادث انتهى بمصادرة الوالد لرخصتي لمدة تقارب العام لم أقود فيها سيارة.
    عاد سيف وأحمد مرة أخرى في صيف 1971 وكان صيفاً ساخناً ازدادت سخونته باستيلاء الرائد هاشم العطا على السلطه واسترداد نميري لها في عصر اليوم الثالث. هدأت الأمور بعض الشئ في اليوم الرابع وفي اليوم الخامس الموافق الجمعة الثلث والعشرون من يوليو اصطحبت احمد عمر وخالد أحمد في عربة ﭬـولجا استيشن في جولة حول العاصمة مستطلعين للأخبار زائرين بعض الأماكن التى حدثت بها مواجهات ومجازر.. مررنا بجامعة الخرطوم – قصر الضيافة – القصر الجمهوري – الإذاعة – معسكرات الشجرة وعدنا للمنزل بعد الرابعة عصراً وكانت والدتى في أشد القلق لغيابنا، وبعد الغداء طلبت منى أن أقوم بشراء كيكة لعيد ميلاد أخي الأصغر أبوبكر والذي لقب بجمال لتزامن يوم مولده بثورة الثالث والعشرون من يوليو المصريه وقائدها جمال عبد الناصر.
    لم أتردد في اصطحاب رفيقي أحمد عمر وخالد احمد وبدأنا رحلة البحث من سوق الخرطوم (2) السليماني الى بابا كوستا بالخرطوم وسويت روزانا شارع الجمهورية والكل أبوابه مغلقة حتى إنتهى بنا المطاف بالسوق العربي عند أحد صانعي البقلاوه وعندما كنا منشغلين بالشراء دخل المحل أحد رجال الشرطة متسائلاً عن صاحب السيارة الـﭭـولجا التي تقف أمام المحل واعتقدت أنني أسد الطريق على أحدهم.. وعندما برزت له وصاحبي نظر الى ثلاثتنا وقال إنتو أولاد منو؟.. رددت بشير النفيدي وابراهيم مالك.. وللتأكيد أطلعته على رخصة القيادة.. سأل هذه السيارة تخصكم؟.. قلت نعم. رد أن هذه السيارة يجري البحث عنها ومن يقودها وهنالك نشرة موزعة على جميع أجهزة الشرطة والقوات المسلحة بحجة أنها مملوكة للحزب الشيوعي وأنها شوهدت اليوم تجوب العاصمة لتهريب كوادره.. ولكن ردد الشرطي .. أنتم من أسر ليست لها علاقة بالحزب الشيوعي.. وقع قوله على رؤوسنا.. وتركنا ما جئنا من أجله مهرولين نحو السيارة وقبل أن نصلها هالنا ما رأينا.. سيارتان من الجيش تلتف حول سيارتنا وجنود يقفون شاهرين السلاح ثابت عندك – على الأرض – وتم اقتياد ثلاثتنا والسيارة الى مركز شرطة المرور تقاطع شارع الجامعه وعلي عبد اللطيف وهنالك بدأ التحقيق معنا بعد أن تم تفتيشنا وتفريغ محتويات جيوبنا اسئلة عن صلتنا بالحزب الشيوعي ونقل منشورات وماذا كنا نفعل اليوم بالجامعه وقصر الضيافه وتهريب بعض الشخصيات أسماء لا أذكر منها اليوم غير المطرب محمد وردي والدكتور مصطفى خوجلي.. استمر التحقيق حوالي نصف ساعه منفرداً لكل منا به بعض التهديد حيناً والتمويه حيناً يقال لكل واحد منا ان الأخرين اعترفوا ومن المصلحة أن تتعاون حتى لا تحمل كل الوزر وإبداء الرحمة حيناً وذلك بأنهم يعرفون أننا أولاد صغار وليس لنا ذنب وأن الجرم على كبار الكوادر.. وحينها جاءت رسالة تطلب إحضارنا لوزارة الداخليه.. وعندما خرجنا للساحة الخارجية حيث تركنا سيارتنا وجدناها وقد نزعت جميع مقاعدها وبعثرت جميع محتوياتها وكأنما أصابها لغم.
    رحلنا لوزارة الداخليه ومكثنا بأحد المكاتب زهاء الساعة طلبنا خلالها السماح لنا باستعمال التلفون لتبليغ أسرنا بأننا بخير وذلك لبدء توقيت حظر التجوال ولا مجيب.. كانت لحظات ظننا أنها الدهر كله... ولا ندري ما هي الخطوة التالية.. كلما حاول أحدنا أن يستنتج ما يهون به على نفسه والأخرين زاد الأمر غموضاً... وكنا نسمع من خلال الجدران بأن الموت والهلاك مصير كل شيوعي ومتعاون أو هكذا خيٌل لنا اننا نسمع وصدق من قال كتلوك ولا جوك...جوك... وفجأة فتح الباب وحضر من اقتادنا الى عربتين لاندروفر تحت حراسة مشددة بعد أن تلقينا بعض اللكمات والشتائم ونحن في ذهول مقتادين الى مصير مجهول.. لا أدري أي طريق سلكنا ولا كم من الوقت وانتهى بنا المطاف في مبنى مكتظ بخليط من رجال بعضهم في ملابس الشرطة وأخرين في لباس الجيش وغيرهم في ملابس مدنية من سفاري الى جلابيه ..الخ. .. إنه يوم القيامة وهذه هي النهاية.. وفجأة صرخت باعلى ما أستطيع من صوت عم علي.. عم علي.. ولحق بي أحمد يردد عم علي دون أن يعلم من أقصد بصراخي.. والتفت الجميع وفيهم من قصدت في أخر الطرقة الكومندان علي الصديق مدير عام الشرطة ... علاقته بأسرتي من القطينة وتربطني بابنه الفاتح صداقة ولطالما رآني بمنزلهم بصحبة زملائي بالدراسة نصر الدين.. وسعد مكي .. حسن ابو نائبه في قيادة الشرطه.
    عاد أدراجه مستفسراً عن وجودي ومن معي والحراسة التى حولنا وما أن سمع من قائد السرية التى أتت بنا حتى انهال عليه بوابل من الغضب رغم ما عرف عنه من هدؤ. وأمر بإطلاق سراحنا بل اصطحابنا في عربه الى منازلنا وذلك نسبة لحظر التجوال الذي بدأ منذ أكثر من ساعتين.. ولسنوات طوال كان أحمد يتساءل عن مصيرنا لو لم أصرخ ولم يردد عم علي في تلك الليلة والتى لا أدري بما أسميها..
    بعد عدة أيام هدأت الأحوال وأجرى والدي بعض الاتصالات لاسترداد السيارة التى علمنا فيما بعد أن للحزب الشيوعي عربة مماثلة لها ومتقاربة في أرقام لوحتها وأنها ما زالت مختفيه.
    حضرت بصحبة والدي للمبنى الذي أطلق سراحي منه قبل عدة أيام وكأني أدخله لأول مرة تمر بذاكرتي تلك الليلة وكأنها حلم مزعج (كابوس) وأعتقد أنه كان مقر جهاز الأمن القومي.. وبعد تكملة بعض الإجراءات أٌمر بتسليمنا السيارة مع تأكيدهم لنا بعد استعمالها حتى إخطار آخر وذلك لوجود توجيه لجميع الأجهزة العسكرية بالوصول للسيارة المعنيه مع وجود أمر بإطلاق النار على من يستغلها إذا استدعى الأمر.. عليه طلب الوالد من سائق سيارته ان يصطحب اثنين من رجال الشرطه العسكرية في سيارة أجرة الى قيادة شرطة المرور حيث توجد السيارة المحتجزة وبعد الاستلام اصطحاب نفس مرافقيه من الشرطة بالسيارة الى المنزل لتخزينها وذلك تحسباً لأي معترض بالطريق ولكن لسبب ما.. استهان السائق بالتوجيهات واستلم السيارة وقادها بمفرده متوجهاً الى المنزل.
    عند الظهيرة اتصل احد المعارف ذاكراً أن هنالك عربة يشك بانها خاصتنا مصابة بأعيرة نارية قرب السكة حديد فاكد له الوالد أنها لابد وأن تكون السيارة التى يُبحث عنها والخاصة بالحزب الشيوعي حيث ان سيارتنا لابد وأن تكون بالمنزل وباتصاله لم يجدها.. هرعنا من السوق العربي الى شارع السكه حديد حيث وجدناها على حافة الطريق وعليها وابل من الرصاص وكل الزجاج مهشم والإطارات.. حتى جهاز الراديو عليه ثلاث طلقات وبحمده لم نجد أي آثار دماء بالسيارة.. إذاً السائق لم يصب بأذى.. بحمد الله عاد السائق مساء ذلك اليوم بصحبة أحد ضباط الجيش والذي تربطه صلة صداقة بأخي الأكبر عمر والذي وجده معتقل بالمدرعات بالشجرة بواسطة الكتيبة التى رجمت سيارته بوابل من الطلقات.. وبعد ان لقنوه علقة ساخنة لمعرفة أسرار الحزب الشيوعي وخاب ظنهم ونجا بالمعرفة كما نجيت وصحبي أحمد وخالد.
    وفي العام التالي كانت كل أسرة عمر ابراهيم مالك من الزوجة الثانية بالخرطوم وانكسر ذلك الحاجز والتأم الشمل وقدر الله ان تنتقل زوجة عمر الثانيه والدة سيف وأحمد فجأة بدون مرض الى الدار الآخرة ولحق بها والدهم بعد أقل من تسعة أشهر وهذا يعكس مدى ارتباطه بها.
    عاش بعد ذلك كل من سيف واخوته بعد وفاة والديهم بمنزل وتحت رعاية جدنا ابراهيم مالك بالخرطوم (2) حتى بعد وفاته.. اختار سيف دراسة الطب وولج أحمد وعبد الباقي طريق اسرتهم التجاره.. أصيبت أختهم الكبرى منى في عام تخرجها من كلية القانون بالفشل الكلوى وانتقلت للعلاج بالولايات المتحده ولحق بها أخيها الأكبر الطبيب سيف متبرعاً بأحد كليتيه.. وطالت اقامتهم بالولايات المتحده لمتابعة العلاج وتزوج سيف واستقر هناك . وفجأة أصيب أخيهم الأصغر عبد الباقي بجلطة برجله أودت بحياته بعد وصوله للولايات المتحده بفترة وجيزة نتيجة علاج خاطئ بالقاهره.
    عاش أحمد عمر بالخرطوم وحقق بعض النجاح بعمله التجارى ولكن بفقد شقيقه الأصغر عبد الباقي وانتقال أصغر اخواته انتصار للعيش جوار اختها منى وأخيها دكتور سيف آثر أحمد أن يرتحل بزوجته وأبنائه الى الولايات المتحده ملتحقاً باخوته.. ولكن إرادة الله غلبت.. اراد احمد لم شمل اسرته الصغيره فإذا به يفقد اخته منى بعد 13 سنه قضتها بالولايات المتحده وبفقدها أصبح أحمد زاهداً بالعمل والحياة واصبح مقتسماً وقته بين السودان والولايات المتحده غير مكترساً لأي شئ حتى تجده في بعض الأحيان خاصة عندما يكون بالخرطوم منزوياً بمسكنه لعدة أيام بل أسابيع لا يدري أفراد العائله إن كان بالخرطوم أم الولايات المتحده حتى أصيب فجأة بما أصاب أخته منى ضمور بالكلى... وبدأ العلاج بالولايات المتحده ولكنه كان يفاجئ الجميع بقطع العلاج والعودة للخرطوم غير مكترساً لما قد ينتج عن ذلك حتى أدى ذلك لتوقف كليتيه عن العمل وأصبح يداوم على غسيل الدم منتقلاً بين الخرطوم ولوس أنجلوس غير آبه بما قد يصيبه من تدهور في صحته نتيجة تلك السفرات الطويله ولأسباب قد لا يفهمها من حوله.. ولكن كان واضحاً بأنه زهد الحياة بما لاقاه من آلام اعتصرت قلبه بفقده المفاجئ وبدون مقدمات لأعز الناس الى قلبه والدته وبعد أقل من عام والده ثم شقيقه الأصغر وبعدها بعام شقيقته منى ورغم ما قد يبديه لكل من حوله بأنه شخص محباً للحياة مواصلاً لكل أفراد أسرته باراً بأخوانه وأخواته من أبيه متناسياً خلافاتهم في صغرهم كثير المعارف والأصدقاء تجده في كل محفل يلتف حوله الكل.
    ولكن في السنوات الأخيرة بدأ يخبو نور شمعته حتى إنطفأت بصورة مأساوية وآذان المغرب يدعو الصائمين للإفطار في الخامس والعشرون من رمضان الموافق التاسع عشر من سبتمبر 2006م ولم يكن بجانبه أي من أفراد أسرته الصغيره ولا الكبيرة فلقد عاد من الولايات المتحده قبل ذلك التاريخ باسبوع ولم يتصل بأحد وانزوى في نزله مع أحد أصدقائه حتى أنه قاد سيارته ظهر ذلك اليوم وأجرى غسيل للدم وعاد سائقاً ليلقى ربه بعد أقل من ساعتين... وقد حمل النبأ إلي ابني وائل بالتلفون حين ضغطت على زر الاستقبال بأصابع متجمدة.. اللهم أجعله خيراً.. أهلاً وائل ما سبب استيقاظك لهذه الساعه اللهم أجعله خيراً.. أحمد عمر ؟.. متى حدث ذلك وأين؟ في أمريكا؟ وأمطرته بالأسئلة دون أن أسمع اجاباته.
    رحمك الله أخى أحمد رحمة واسعة وجعل الصبر والسلوى نصيب زوجك ومن تبقى من أخوتك وصغارك .. ما كان لك إلا أن تنتقل بهذه الطريقة الغير عاديه فانت إنسان غير عادى منذ أن عرفتك بتندلتى لأول مرة في صيف عام 69 الى أن التقيتك أخر مرة في أبريل 2006م بمدينة لوس أنجلوس وأهديتك أول نسخ من القرص المدمج (DVD) والذي أعددناه عن حياة والدنا الراحل بشير النفيدي وكان سبب زيارتى لمدينة الأحلام استلام الطبعة الأولى منه ولا أدرى ان كنت تشعر بأنك ملاقيه بعد عدة أشهر.. فلقد رأيت بعض الدمعات تطفر من مقلتيك وأنت تنظر لصورته بالغلاف.
    رحمكم الله جميعاً فلقد تركتم جرحاً ينكأ بصدرى لفقدكم.. والدى الحنون بشير النفيدي.. وخالي الحبيب أحمد ابراهيم مالك .. ورفقاء دربي د. فيصل حسين عبد الرحمن ثم عباس أبو العلا.. وأخيراً أنت يا أحمد عمر ابراهيم مالك.
    سائلاً المولى أن يجعل أسعد أيامنا وخيرها يوم لقياكم في رحاب المصطفى (ص) وإنا لله وإنا اليه راجعون.
                  

العنوان الكاتب Date
الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى بكرى ابوبكر08-05-07, 01:47 PM
  Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى بكرى ابوبكر08-05-07, 01:53 PM
    Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى بكرى ابوبكر08-05-07, 01:57 PM
      Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى بكرى ابوبكر08-05-07, 02:01 PM
        Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى بكرى ابوبكر08-05-07, 02:05 PM
  Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى سلمي النصري08-05-07, 03:34 PM
    Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى Dr. Moiz Bakhiet08-05-07, 04:03 PM
  Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى khalid abuahmed08-05-07, 07:05 PM
    Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى الكيك08-06-07, 05:19 AM
  Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى أبو الحسين08-06-07, 07:07 AM
    Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى Nasser Mousa08-06-07, 08:12 AM
  Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى DKEEN08-06-07, 09:10 AM
    Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى Souad Taj-Elsir08-06-07, 01:37 PM
  Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى غباشي08-06-07, 01:27 PM
    Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى غادة عبدالعزيز خالد08-06-07, 07:58 PM
  Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى بكرى ابوبكر09-20-07, 11:16 PM
  Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى Dr. Ahmed Amin11-29-07, 07:09 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de