البروفيسور أنتوني ليقيت الحائز على جائزة نوبل للفيزياء عام 2003 يرثي الدكتور عبد الجليل كرار

Quote: عبد الجليل.. حارس المنارة لو كان هناك شخصية اعتبارية للمواطنة الحقة الخالصة من عيوب الشوفينية وأمراض تضخم الذات وأعراض (قلة الحيلة) والإنكماش الذاتي والغضب السالب من أجل الظلم السياسي والأكاديمي.. لو كانت هناك شخصية اعتبارية لها هذه السمات وتمثلت بشراً ناطقاً لرددت في ذكرى مرور هذا العام الثقيل على رحيل زينة المواطنة دكتور عبد الجليل كرار مضوي بيتين من بعض تراث الشاعر مبارك المغربي: (ولقد مضى عام فكيف وجدتني يا سائلي بعد الفراق القاتل عام هصرت به تضير شبيبتي فغدوت مثل الهيكل المتخاذل) وحتى لا يذهب العُرف بين الله والناس وحتى لا تيأس عصيبة الخير من استدرار جوازي المعروف عكفت لإحياء ذكراه مجموعة من علماء السودان وأساتذة الجامعات الكبار الأكابر وشباب الحي الذي لا يحترمه الناس وبنات وأولاد المدارس التي جعل منها عبد الجليل بدموعه وعرقه ونياط فؤاده منارات سامقة تشعل ذكراه الطيبة كل ما دلف معلم أو معلمة فصلاً من الفصول، وكلما خط الطبشور الزاهي الحزين سطراً على أديم (التخت الأسود)، وكلما عمَّر ساحات المدارس وفناءاتها ضجيج فسحة الفطور أو هجعة قيلولة النهار..! لقد احتارت هذه الثلة الطيبة من أصدقاء واخوة وأخوات وأبناء وبنات الراحل عبد الجليل في رسم برنامج يوم الذكرى (ضحاها وليلتها).. احتارت من أي مدخل من المداخل تتوسل إلى ذكرى الراحل الأثير وهو قد ضرب في حقول المعرفة والعلم والاجتماع والتعليم والهم العام وبناء الصداقات العامرة وشق الأراضي البكر بأسهم وافرة، فكان حجة في تخصصه النادر الشائك، وكان رمزاً في صموده على المكاره، وكان عوناً لرصفائه في احتمال الأذى بقطع الحياة التعليمية الزاخرة في جامعة الخرطوم عبر (مراسيم الشؤم) والفصل المتعسِّف، وكان حاضنة رؤوماً للعمل الوطني الخالص والفكر الراجح في مفاعل العمل الهادف للتغيير نحو الأفضل، وكان (مهوماً إيجابياً) بأحوال البلاد والعباد وقضايا الديمقراطية وتخليص مستقبل السودان من براثن التكبيل وعوائق النهضة، وكان في ذات الوقت صديقاً صدوقاً مخلصاً لكل ذي كبد رطبة وهمّة مجتمعية، وكان شغوفاً بتوسيع رقعة المعرفة ونماء المعارف، وكان قدوة عزَّ نظيرها بين براعم المدارس ذات الرسالة التي تطعم وافديها خلاصة العلم وتجلسهم على كرائم أفراس التربية.. وقد كان علاوة على غيرته على السودان وعلى جامعة الخرطوم وعلى أخلاقيات التعليم الخاص وعلى مستقبل الشبيبة وعلى استعادة الحريات وعلى مواصلة الأهل والجيرة والعشيرة الكبيرة والصغيرة حتى أنك تستحضر روايات أديب مصر يحيى حقي حيث كلما تقع عيناك عليه يفوح عليك من غدواته وروحاته (عطر الأحباب)..! لقد دعت اللجنة أو قل خلية النخل التي تضم أساتذة الجامعة البهاليل والأصدقاء المكلومين والشباب المتوثبين وبنات وأولاد مدارس المنار (التي أقامها للناس ونفض يديه عن أوشاب الدنيا وفلوسها الزائلة)، ولفيف النساء والرجال والأصدقاء والذين عرفوه من قرب وعن بعد وأصحابه في مناصرة الديمقراطية والحياة الكريمة كل هؤلاء في لقاءات مفتوحة للغاشي والماشي، دعوا أهل السودان للمشاركة في يوم تأبينه بمدارس المنار الجديد بالطائف بعد غد الرابع عشر من هذا الشهر، حيث تشهد سحابة نهار ذلك اليوم المناشط التي يقيمها طلاب المدارس التي أعطاها عصارة قلبه وكبده ورحل عنها راضياً مرضياً، على أن ينعقد شمل القوم مساء ذات اليوم الأحد 14 يناير ليستمعوا إلى توقيعات على ذكراه ولتهنأ الأمهات اللواتي أرضعن عبد الجليل الذي يحيا الآن في سويداء القلوب جيلاً بعد جيل... د. مرتضى الغالي السوداني العدد رقم: 424 2007-01-12