|
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة (Re: طارق جبريل)
|
طارق جبريل ،، سلام تام ، لكَ وللعائلة .. ولضيوفك في هذا (الديوان) المريح .
ليس في نيتي تحويل هذا النداء العظيم المعنون (رسالة حب ومودة) إلى مناحة . لكني أودّ لو أشير إلى أن الحزن ، الذي قلتَ لي يا طارق ، إنه سيد الأشياء ـ وهو كذلك ، طبعا ـ .. ما عاد بكل ذلك الإرعاب . إنه طقسٌ بتنا نستدرجه ـ إذا تغافل عنّـا ، مرةً ـ كي تستقيم لنا/ وبنا الحياة.
يحدث ذلك كلما انتبهنا إلى سؤالنا الوجودي الشاهق : أنحنُ الضائعون في الزمن ، أم أن الزمن ضائعٌ فينا ؟
منذ يومنا المشهود ، الذي حزمنا فيه الحقائب ، وودّعنا خلاله أمهاتنا وخلاننا وداعاً حائراً ومرتبكاً ، مذّاك .. أصبح الحزنُ والوحشة ُ نفـَسَـاً في التنفـّس ، وجرحاً في النظر.
لقد تركنا الأسماء على مقابض الأبواب تئنُ من وحشة البرد ووهن أصواتها، ونحن نلتحف بيأس يتدفأ بمفردات عارية. لكن ، ماذا يفعل الغريب حينما تتناوشه الأوطان، وهو بلا وطنٍ وحيدا وعاريا يناشدُ الظلالَ، أنْ : اتركي الغريب يتفيأ قليلا، ويناشد أمه التي مثل غيم داكن: (أمّي ، الله يسلمّك) ..
ماذا يفعل .. غير أن يتكئ على امرئ القيس معزيا نفسه بـ "أجارتنا إنـّـا غريبان ههنا / وكلُ غريبٍ للغريبِ نسيبُ ".
في الغربة يأكل الغريب من ذاكرته، ويشرب منها أيضا، غير انه يفقد ما يمكن أن يُـسمى بهجة اللحظة.. لا بمعناها الخاطف، بل بمعناها المقيم. تلك البهجة التي لا يمكن لها أن تنمو في الغربة كنخلة صقر قريش. وإذا كان الغريب يهجس بغربته فان ذلك حتما سيقوده إلى القسوة، لأنه يفقد توازنه وإدراكه الحسي لا الذهني، لما يسمى الحب .. عندها تبدو عبارة درويش: "أنا لا احبك كم احبك " ، ليست اشتغالا على اللغة وتأويلاتها، بل إنها اشتقاقٌ للمعنى من الحيرة التي يقع فيها الغريب تجاه ما يعرف باسم الحب. كما أن نداء بيرس : "ألا لا يموتن أحدٌ قبل أن يحب " ، يصبح سعيا يوميا لهذا الغريب.. غير أنه لا يجد سوى الأسى والوحدة على مفارق المقاهي المترملة من الخلان. وهنا يصبح لا مناص من تحويل هذا الفيض نحو جهات أخرى ، إذ عندما تفرغ المخيلة من صورة محسوسة لمحبوب ـ ولا يشترط هنا أن يكون بشرا ، حتى لو كان غائبا ـ يرتد هذا السعي للحب إلى أحد شكلين (وهذه وجهة نظر بائسة لي لا تستند إلى بطون الكتب ) : إما حب الذات وتجلياتها.. ـ ولا أريد أن أصفها بالنرجسية هنا، لأنها تختلف عن ذلك- وإما أن يتحول إلى قسوة غير مبررة ، في كثير من الأحيان .
وهكذا تمضي الأيام!! صحيح انه في بعض الأحيان يساورنا تساؤل نيرودا : " تـُرى ، أحزنُ الذي ينتظر دائماً أكبر من حزن الذي ما انتظر أحدا !؟ " .. غير أن هذا التساؤل لا يأتي ليخفف الوحشة، بل ليزيدها ويحيلها إلى ما فوق اليومي الذي يعتصر الغريب..
والغريب (في وحشته.. وتشرده.. وتبعثر أجزائه في غربة لم تعد المسافة تعني شيئا لها، ولا في شروط هذه الغربة قسرية.. أم طواعية .. ولا في إحالاتها على التوحد أو العزلة لمن هم هناك).. ينسج الأمكنة والحنين من سيرة الخلان ولا يفكر على طريقة السياب : "الشمس اجمل في بلادي من سواها " ، بل في تجريد الحنين من مفهوم الوطن وإحالته إلى الوجوه / الأمكنة ..
إننا نمضي هكذا بدون همزة على مفردة كالروح، وبدون نقطة على أول البوح، وبدون يد تخفف عن الجسد أساه.. اذ اعتدنا ، حينما نكتب عن مفردات ذهنية مثل الغربة والأسى والوحشة...الخ ، أن نحيلها إلى الروح، وإني أرى أن الجسد هو أول من يتحسس الأسى، وأول من توهنه الوحشة فتصبح استجابته للحياة أوهن بانفعالاته وحركته وتعابيره.. وهذه تتلون من إيقاع تفرضه الوحشة والأسى.
يا صاحبي .. هي هكذا الحياة ، التي لا تنتظر أحدا.. وستستمر سواء شعر كائنٌ غريبٌ بتبدده، أو بيأسه، أم لم يشعر.. أحس به أنسباؤه الغرباء في بلاد غريبة أخرى ، أم لم يحسوا.
وإذ يقول النواب : " ربّ كيف يشتاقُ إلى خمرةِ جناتك من لم يسكر ؟ " .. فان هذا يمكن أن نحيله إلى مفهوم الحب والقسوة.. إذ من هو شريد وغريب ويائس كيف لا تعرف القسوة طريقا إليه! ومن تطارده لعنة القبر ، سيظل يسائل نفسه : ترى بأي ارض أموت..؟ وكيف ستنقل جثتي إلى هوائها..؟ ومن يفتتح صبحه بخبز اكتافيو باث : " ايها الموت يا خبز الجميع " ، ليس لنا أن نرتجي منه أن يوزع وردا على العابرين ، بل سينتظر وردهم على قبره.
فاغفروا للغريب . اغفروا للغريب . أما يكفي هجران الأمكنة له ، وذبول اسمه في سيرة الخلان ، وهو يسائل الزمن ، وعيناه ترنو للقبور! (حقاً ، أنحنُ الضائعونَ في الزمن ، أم هو الضائعُ فينا!؟)
تحيات زاكيات ، للقلب النابض ، وفيصل نوبي ، ونجود ، حتى تعود ..
وعمر عبد السلام . (ناصر بعرفه ، وهو بخير .. لكن كمال ده منو ؟؟) بجيك راجع يا عمر .
كونوا بخير .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | طارق جبريل | 04-25-06, 08:07 AM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | السمندل | 04-25-06, 11:29 AM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | طارق جبريل | 04-26-06, 05:24 AM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | القلب النابض | 04-26-06, 09:25 AM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | فيصل نوبي | 04-26-06, 09:36 AM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | طارق جبريل | 04-26-06, 12:39 PM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | omer abdelsalam | 04-27-06, 01:58 AM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | السمندل | 04-27-06, 12:20 PM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | عامر تيتاوى | 04-27-06, 03:33 PM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | السمندل | 04-28-06, 05:42 AM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | زوربا | 04-28-06, 10:41 AM |
Re: السمندل - نجود - القلب النابض.. رسالة حب ومودة | طارق جبريل | 05-01-06, 11:58 AM |
|
|
|