امتداد الدرجة الثالثة ذلك الحي المتفرد

Quote: بسم الله الرسالة الأولى: الامتداد لمسة وفاء وشمعة تضيء الطريق الامتداد آآآآآآآآه لو أن عنوان البوست كان هكذا لكان أجمل يا سيد طارق. الكثير من الذين جاء ذكرهم في المداخلات يستحقون أكثر بالطبع مما قيل وهذه بعض الملاحظات على سبيل الذكرى العطرة ومجرد لمحة وفاء لهم وللامتداد: 1/ راشد فريجون واسمه سيد أحمد فريجون سيد أحمد (مربع 2) كان من أوائل الذين دخلوا جامعة الخرطوم من أولاد الامتداد وقد كانت صرحاً عالي الأسوار آنذاك لا يتيسر دخوله إلا على قلة من النابهين والمجدين ومن يحسنون التغلب على الكثير من ظروف حياتهم. وقد رحل رحمه الله وهو في السنة الثالثة في كلية الهندسة. وقد كان انتقاله مفاجئاً جداً على أسرته وأصدقائه. وكان يومٌ لا ينسى من أيام الامتداد.. وعند تقبل العزاء انتحب بعض أصدقاء راشد كالأطفال اليُفع ومن بين هؤلاء من ذكرهم أبو ساندرا مثل صلاح محمد إدريس (صلاح إحيمر) وله شقيق يكنى أيضاً بالحلبي وانظر طرافة الأسماء ومعاوية خوجلي والذي انتقل في التسعينات هو الآخر رحمه الله وكان مغترباً بسلطنة عمان وأبو زيد جاد كريم وهو متزوج الآن ويسكن شارع الظلط بالديم وفعل بالمثل كثير من زملائه بالجامعة يوم كانت القلوب حليب كما يقولون. وتأثر كثيراً كذلك طارق فريجون (المخرج التلفزي المعروف) وهو ليس شقيق لراشد كما يتوهم البعض وإنما ابن خاله فالاسم البطاقي لطارق هو طارق الأمين حمزة الأمين مثلما مرسوم بخط جميل ومنمق على باب دارهم بامتداد الدرجة الثالثة مربع (1). وقد أقيمت دورة رياضية بالرابطة باسم راشد. وهذه فرصة للتساؤل إن كان هذا النوع من الفعل الجماعي ما زال يحافظ عليه. وقد فقد أخوة راشد لاحقاً للأسف شقيقاً آخرا لهم هو حسن (التوم) وقد كان يوماً حزيناً أيضاً من أيام الامتداد حيث أنه توفي رحمه الله بالغرق في رحلة كعادة أهل الامتداد في الأعياد وعند اشتداد موجات الحر. وعلى ذكر معاوية خوجلي دفع الله فقد كان هو الآخر مثال للالتزام وحسن الخلق وطيب المعشر. قال لي صديق لما توفي معاوية جملة وقفت أمامها طويلاً: " الله يرحمه كان دوغري شديد". والواقع أن الكثيرين تلمسوا ذلك حيث أنه كان يساعد الكثيرين في تخليص الأمتعة من مخازن الشحن بالمطار مثلاً ولكنه كان يحرص ويصر رحمه الله على عدم تخطي أي قوانين أو لوائح لصالح أي منهم أو أن يحمل التزامه بعمله أي تجاوز. ولعل في ذلك الكثير مما أزعج زملائه من مرؤوسيه والذين ربما فكر بعضهم في تجاوز تلك الالتزامات فلا يجد لذلك سبيلا حيث أن وجود معاوية كقدوة يحملهم على الحياء من أن يطلبوا منه شيء من هذا القبيل. وسلوك معاوية هذا في زعمي إن طبقه بضع عشرات فقط من العاملين بالخدمة العامة ممن يرعون مصالح الناس لكان ذلك كفيلاً بتحقيق ثورة حقيقية في العمل العام. 2/ العملاق مصطفى سيد احمد أيضاً سكن الامتداد حتى آخر أيامه بالسودان حسبما أذكر. وقد كان شمعة وضاءة بين مربعي 1 و2. ومن جمايل مصطفى التي لا تعد وإشراقاته المتعددة ما يحكيه أولاد الامتداد من أنه كان قد وعد أحد أصدقائه بأن يغني له يوم عرسه. ولعله الأخ عادل نجيلة إن لم أكن مخطئاً. وقد شاء الله أن يكون مصطفى مريضاً مرضاً شديداً يوم العُرس إلا أنه أصر أن يحمل حملاً إلى المسرح. وغنى مصطفى بآخر أنفاسه كما يقولون. ولا شك لديّ أنه قد تحمل بعد ذلك الكثير من المرض نتيجة لهذا النبل. وقد سعد جيران مصطفى كثيراً وهم يزاحمونه منزله المتواضع للاستماع له وهو يعالج ألحان الحماس الأخيرة قبل أن يغادر الامتداد في التسعينات يدغدغ أنامل إحساسهم " شوك الشوق" ولا يعبئون أن يلتقطوه – أي الشوك- بأي منقاش. ويتأوهون مع "سافر" ولا يعلمون أن مصطفى هو مسافرهم القريب. ويمسحون سوياً "عرق الجباه الغر" و"سحابات الهموم". ويتأملون السمحة والسمرية في غناء مصطفى تماماً كخلاسية ود المكي وأبو عركي. وأحياناً كان جلساء مصطفى يستمعون فقط إليه وهو يعزف العود بيدين رقيقتين. ولا أدري لماذا تخيل بعضنا آنذاك أن العود كان يبكي رغم أن مصطفى رحمه الله كان يطلق بين الحين والآخر القفشات المضحكة قبل أن يترنم بإحساس مفعم وعميق "الدنيا ليل غربة ومطر". ولم أعجب أن جلساء مصطفى كانوا يعاملونه بأدب جم وكأنه النبي في رواية جبران خليل جبران الشهيرة. ولا أحسب أن ملازميه في الغربة قد منحوه شيئاً أقل من هذا نظير ما قدمه من عطاء خالد وأصيل. 3/ جاء كذلك في أكثر من مداخلة ذكر الحكم المقتدر رحمه الله فتحي محمد عبد الرحيم الملقب بودأبرق وهو شقيق سيف محمد عبد الرحيم (اللاعب الشهير بالرابطة). وقد رحل فتحي أيضاً في يوم عصيب آخر من أيام الامتداد. وخرج فتحي من داره صباح ذلك اليوم كالمعتاد إلى مكان عمله أمام مركز جمارك مخازن الشحن بمطار الخرطوم وقد أصيب وهو يؤدي عمله بذبحة قلبية للأسف لم يستطع الموجودين آنذاك أن يفعلوا شيئاً حيالها. وفتحي رحمه الله كان مشجعاً قاطعاً (كما يقولون) لأحد فريقي القمة بالخرطوم. وأذكر أنه كان يبكي أحياناً بكاءاً مراً عندما ينهزم الفريق الذي يشجعه.. وفي ذلك حسبما اعتقد نقاء سريرة لا يضاهى رغم أن الكثيرين كانوا يعتبون عليه رحمه الله في ذلك. 4/ سكان مربع واحد فقدوا كذلك الكثير من اليافعين مثل سيف الدين آدم لاعب سلام 4 والذي توفي في سن مبكرة بخطأ في المستشفى وهو يتعالج من قارديا فسكبوا في عروقه الجلوكوز دون أن يكشفوا السكر في الدم. وهو أخ الميكانيكي المرح وخفيف الظل إبراهيم آدم الملقب بجارمية. ثم فقد المربع لاعب فريق الامتداد الماهر خالد محي الدين رحمه الله الملقب برومينيقا. وقد كان الامتداد في زمنه قاب قوسين من الصعود إلى الأولى لولا بعض الأخطاء التي لا تغتفر في مباراة الامتداد مع التحرير والتي أبلى فيها رومينيقا بلاءاً حسناً. وفقد نادي الامتداد أحد أعمدته بالمربع وهو الراحل حسن عثمان قمر الدين الملقب بحسن بكش. وقبله أخيه سمح الخلق وطيب المعشر عبد الله عثمان عميد فريق حلة الأمراء والذي كان يلعب أسبوعياً تقريباً مع الشق الآخر من المربع في مباريات حماسية كان يحضرها الكثيرون من خارج المربع خاصة بعد أن وهن بريق الرابطة. وفي مربع 1 من يزعم أن له الفضل الكثير على الكثير من المجموعات المسرحية الفكاهية التي نمت في الخرطوم خلال الثمانينات والتسعينات فقد كون أبناء المربع فرقة مسرحية فكاهية في نهاية السبعينات تعمل تقريباً على نظام المسرح الحر أو مسرح الشارع وربما تطلب الأمر تدخل مختصين للتعريف الصحيح. وكان هؤلاء يقدمون فقرات فكاهية في الغالب خلال حفلات الزواج أو الوداع التي راجت آنذاك لمن ينوي الاغتراب بغرض العمل أو الدراسة بالخارج أو حفلات تكريم الناجحين من أبناء المربع والذين تخرج قسم منهم من جامعة الخرطوم وآخر من جامعة القاهرة فرع الخرطوم وغير ذلك. وكانت الطرفة تطرح في شكل نكات مباشرة أو مونولوج أو تقليد للهجة أجنبية دون أن يكون للكلمات معنى حقيقي وإنما المقصود فقط خداع المتلقي وكأنه يستمع إلى هذه اللغة. وكانت اللغات تتغير من الاريترية إلى الإثيوبية إلى الحلفاوية إلى الانجليزية وغير ذلك. كما كانت تقدم استكتشات مسرحية صغيرة أخرى. وأميل شخصياً إلى تصديق زعم دور المربع في الحركة المسرحية على قلته حيث أن أغلب رواد المجموعات التي تنشط الآن كانوا يزورون المربع ويصادقون زملائهم من أبناء المربع وربما يسعفني البعض بالأسماء لاحقاً. ختاماً يا سيد طارق فقد تجمع أهل الامتداد من أطراف أحياء الخرطوم القديمة من الديوم الشرقية والديوم الغربية (الحلة الجديدة والسجانة). وسمي الامتداد في البداية بامتداد عبود حيث أن أراضيه قد وزعت في الواقع قبيل ثورة أكتوبر. وعندما جاء الناس إلى الامتداد كانت أرضه على ما أذكر لا تزال بكراً وتطرح بعض الخضر بعد هطول الأمطار لاسيما الطماطم. وكنا ونحن أطفال نركض خلف عمال الكهرباء وهم يملأون مساحة الحي بأعمدة النور. وكان هؤلاء يدفعون بكرات السلوك الكهربائية الضخمة أمامهم وهم يرددون ترنيمة ما زال صداها يتردد في أذني وهي: صلوا عليه النبي صلوا عليه يا محمد صلوا عليه. هذا ما كان من أمر شهيتنا الآن وإن وجدنا مشهيات كافية من المتداخلين فربما نوافيكم لاحقاً بمقالة ثانية تتناول من بين ما تتناول صحن الفتة بدكان صالح المملح بالخماسين. ود المبروك (مربع 1)