إبراهيم الجريفاوي .. ( مزاج الكتابة )

Quote: يوما جميلا ً! ** أمس عُدت اشرب الخمر من جديد ... عميقاً إحتكت حواسي السبع خفيفاً بنفسي الكسيرة واستمعتُ صاغياً إلي صوت خفاياي فاستمتعتُ بجمال روحي وعانيت إنطفاْها ، فتح الليل كُل جروحي دفعة واحدة ، بكيت دمعاً ساخناً... لا الدمع شفاني ولا الخيبات إنزوت ، بيد إني تخففت ... نمت صباحاً علي صوت الديك يدق أُذن البيوت لجري الوحوش وغيظ السلطان... استيقظت بعد سكرة عنيفة وأنا فى حال طيبة، جسدى تخلص من مساوئ الخمر وروحي تخلصت من ثقل أرواح احتكت بها؟ لم يبق سوى كمية خفيفة من الكحول المقاوم للجاذبية، كمية كافية لإضافة فرحة هادئة على النفس وحزن يمكن لرجل وحيد أن يحتمله. علي كل استقرت روحي وهدأت رغم أن الظروف المادية والنفسية أبعد ما تكون عن الاستقرار... استيقظتُ فى الثانية بعد الظهر،( لأنني أصلا بلا عمل) , هاتفتني صبية بُرجها من برجي - أحب كل قطعة منها حُبا وسيماًً- قالت إنها تشتاقني ، الفتاة" مثل الورد لوناً" وملامحها متصالحة مع نغم الخماسي, عصفوران وعي صدرها, جسدها في احسن تقويم ، شامة بخدهاوصــوت بحهُ الخجل ، بعد نصف ساعة التقينا، قبلتني بشهوة ألف مساء ذُبت بصدرها، بكاملي تبخرت .! إلا أني لم أكن بحماس يؤهل لشئ اكثر مما جري ، لذا جرت المياه بينناهادئة . علي شاشة الكمبيوتر واصابعنا تحتك بذويها، شاهدنا فيلم Save The Last Dance ،الفيلم أيضا كان هادئا، قصة عادية خفيفة بعيدة عن الإثارة ومداعبة الجهاز العصبى، كنت شبه نائم فى المقعد أتابع الأحداث بابتسامة نصفها يخص ملمس الاصابع وفتكها ونصفها الاخر اصفر ومبتثر. احسست بحوجة للبكاء ,عدت سريعا للبنت وعصفوريها.! بعدها دعوت الفتاة إلى الغداء، سلطة سوداء , سمك ، خبز ، وفتاة جميلة، لا أقوى على الكلام ، فقط أنصت لحكاياتها البسيطة وعيناها الوسيمتان . عدت ونمت ، بعد مغيب الشمس إستيقظت ، وذهبت للقاء الأولاد في شارع المك نمر , حيث نلتقي ونلوك حكايتنا - الدائرية - شبه يومياً ، نشرب مشروبات ساخنة ونتحدث في مواضيع مختلفة . هناك اصابتني صبية أخري , لطيفة جداً ومثقفة تعرفت عليها معتمداً علي الطقس كمدخل عام ومحايد . تعرضنا لدرجة الحرارة المرتفعة جداً في الخرطوم وفي الكوكب أجمعين ، ورددنا مقولات عن ذلك، التغيرات المناخية , الأوزون والنمو الصناعي الفظيع ، زلزال المحيط الهندى ودوره فى ذلك، ثم طرحنا سؤالا .. ماذا لو توقفت الأرض عن الدوران حول نفسها فجأة ؟ قالت الصبية التي كان اسمها سارة: إن الجاذبية ستنتهى ، ومن ثم سننطلق جميعا إلى الفضاء . يالها من نهاية فاتنة ، تخيل كم هى نهاية شاعرية ! فجأة .. وفى لحظة واحدة ، ينطلق كل البشر كألعاب نارية فى الفضاء حتى يصطدموا بالغلاف الجوى ويحترقوا… أي يوم قيامة رائع سيكون... على أي حال كان أول يوم بعد أن عدت للخمر يوماً جميلاً.. عدت وحدي في منتصف الليل مشيا على قدماي ، وفكرت أنني أحب الخرطوم، تصادف فى الأيام السابقة عودة بعض الأصدقاء من مدن مختلفة فى العالم ، أوروبية وأمريكية ومن دار فور ، فأيقنت أنا أن الخرطوم أجمل البلاد، كنت أمشى فى شارع الجامعة - نصف المضاء - والخالي إلا من حراس المباني الحكومية وعساكر الطوارئ ، سرت واناأغنى مقطعا من أغنية صعدتني فجاءة قبل مغادرة المركز ... يا قمر أنا ما بطولك أديني من نورك وميض شان أنور وابقي طولك يا قمر ... لم يكن بالسماء قمر يصلح للغناء ولكن عبد العزيز العميري جعله كذلك، وظللت أكرر هذا المقطع بلحنه الساحر لأكثر من نصف ساعة حتى وصلت إلى منزلي . تعبت من المشي ولكن شئ يشبه الحُب انتابني ... هل قلت لكم إنني أحب الخرطوم ... ولكن الجميل أن أدرك ذلك وأنا فيهاأقصد . حسنا.. هل هناك أجمل من أن تحب فتاة وأنت معها ؟ قبل أن تنطفئ علاقتكما.. تحبها ولا تشعر نحوها بالحنين، تحب ما فى يدك .. تلك هى المرة الأولى منذ زمن التى أشعر فيها أننى سعيد لأننى فى الخرطوم. فليقولوا ما يقولون عن الأوضاع السياسية والاقتصادية ،الفساد والتلوث.. لاهاي ، فظاظة الامر، سؤ التكهنات .. إلخ ليقولو ما يشاءون . بالنسبة لي : الخرطوم بالليل أجمل من الجنة .