أوراق اثيوبية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 06:11 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة أحمد طه(أحمد طه)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-23-2006, 04:54 PM

فاروق حامد محمد
<aفاروق حامد محمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 4648

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: محمد المرتضى حامد)

    أبا عزة الجميل

    عيد مبارك

    أرجو الله أن يحفظك وأسرتك الكريمة وأن يقر عينك بعيالك

    وأن يوفقهم للصلاح والنجاح وأن يطيل عمرك حتى تراهم وقد

    ملأوا عليك البيت بنين وبنات وحفدة... وكل عام وأنتم

    جميعا بألف خير وصحة وعافية ...


    أخوك/فاروق حامد
                  

10-30-2006, 08:28 AM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    وراق أثيوبية (7)
    استير .. عصفورة الهضبة الصداحة
    اتت الطفلة استير إلى الزهرة الجديدة وهي تحمل في دواخلها حباً عميقاً لمهد طفولتها الباكرة وبقى هذا الشعور مستيقظاً في عقلها الباطن وهي في الدنيا الجديدة، وبين الزهرة والدنيا (الجديدتين) احتفظ وجدانها بكنوز مستودعها في الهضبة وتلألأ بريقها في كل العالم بعد أن صارت تلك الطفلة نجمة عالمية يشار إليها بالبنان.
    أدركت استير منذ وقت مبكر أن قدرها أن تصير مغنية عالمية فسعت إلى هذا القدر الذي اختبأت خلفه العديد من المفاجآت للوطن.. ولأستير.
    وكان الطريق إلى النجومية شائكاً وشاقاً ولا سيما أنها شابة عليها أن تسير فيه بعزم واصرار حتى تصل إلى بر السلامة.
    عام 1970 برزت استير ضمن مطربات مسرح ومجموعة Hager fikir وبدأت في تقديم وصلاتها الغنائية في الاندية الليلية التي انطلق منها معظم المغنين والمغنيات الذين سبقوها، ليل اديس متخم بالغناء والندامى، واصوات الكبرو التي لا تخطئها الاذن أينما حللت، في بياسا أو شارع بولي أو في وسط المدينة، والفنادق الكبرى.. وهو الذي اتاح لهذه الجمهرة من المطربين أن يسمعوا ابداعهم للناس بكل طبقاتهم، لا يفرق ليل أديس بين الموسرين والمعوزين.. أو بين الاسر المحترمة.. وصعاليك المدينة.. المجتمع هناك متصالح مع نفسه، ويرى في الترويح عن النفس ضرورة للتوازن النفسي وبعض ثقافة أهل الهضبة التي توارثوها عبر آلاف السنين، جعلت من أهم ملامحها أن يكون الغناء مثل الماء والهواء.
    يتعبدون ويصلون به.. ويتحاورون به ويطلقون لانفسهم العنان حين ينطلق.. فيرقصون ويرقصون ويرقصون حتى تأخذك الشفقة عليهم من الرهق.
    عندما برزت استير كمغنية وهي في العشرين من عمرها لم تلتزم بالغناء بالأمهرية وتخطت آفاق الغناء المحلي إلى آرثا فرانكلين ودونا سمر.. وبعض المغنيات اللائي كانت تسد شهرتهن الآفاق، وانتقلت بين المسارح المختلفة في الفنادق المعروفة في اديس اببا مثل ويبي شبيللي، راس هوتيل، ورافقت عروضها فرق موسيقية مجيدة مثل فرقة كونتيننتال _ شيبا _ آيبكس باند (قبل أن تعرف لاحقاً بـ(روحا باند) Roha Band.
    في هذه الفترة قدمت استير اكثر من 45 اغنية و9 البومات واطلقت شريط (مناي) Monaye كآخر ابداعاتها عام 1981 وبعدها انطلقت في رحلتها إلى الولايات المتحدة (ما زال هذا الكاسيت يأخذ مكانه بين متذوقي غناء استير ومعجبيها).
    بعد وصولها الولايات المتحدة استوطنت استير كارولينا الشمالية، حزن عميق كان يخيم عليها واحساس بالغربة صار يغالبها لأن الشعور بأنها قد تركت شخصيتها الموسيقية خلفها صار هاجساً ترك في اعماقها هذا الشعور الرمادي. وصارت الذكرى مفردة وشعوراً غالباً في معظم اغنياتها ولم يغب عن وجدانها أيام طفولتها في ربوع بلادها الندية المترعة بالشعر والغناء.
    في البومها الأخير الذي وجد انتشاراً واسعاً تغني استير لأيام طفولتها في قندير وتتذكر (عواسة) الانجيرا التي تعدها أمها يومياً وتستعيد أيامها الريفية وهي تجلب الماء من النهر وفي اغنية أخرى في الالبوم نفسه تبدو طفولتها مرة أخرى وتتنسم رائحة عسل النحل في عقلها الباطن ويناغم اذنيها صوت خرير الماء وهي تتساقط عليها وفوق ذلك كله لا يغيب الوطن الكبير أثيوبيا ومسقط الرأس في قندر عن غناء استير الذي يحتاج إلى باحث ليقربنا أكثر من عبقرية المفردة والجملة الموسيقية، والأداء عند عصفورة الهضبة الصداحة، استير.
    عندما وطئت قدماها الدنيا الجديدة، احست بأنها قد فاتها قطار التعليم وعليها أن تلحق به وقررت مواصلة تعليمها الأكاديمي وكانت متجاذبة بين التعليم والغناء وعاشت في دوامة تدور بها بينهما فاختارت الغناء قائلة: (أجد نفسي وسعادتي في الغناء).
    وفي ذلك اشهد بأنها صادقة لأني احس بهذه السعادة عندما اشاهدها وهي تتقافز على الخشبة وهي تصفق وترمي الجمهور بالورود والقبلات، وعاطر الغناء والابتسام والبهجة.
    بعد اختيارها قانعة طريق الغناء ارتحلت استير إلى العاصمة الأمريكية واشنطن التي توجد بها أكبر جالية اثيوبية في الولايات المتحدة، قبل أكثر من ربع قرن كانت بعض احياء واشنطن بالنسبة لي قطعة من أديس اببا في الدنيا الجديدة وخلال هذه الأعوام وبسبب الظروف السياسية والطبيعية التي ضربت وطن استير، ترهلت العاصمة الأمريكية بالوافدين الجدد من الاثيوبيين فصاروا الجالية الأكبر.
    بدأت استير بتقديم وصلاتها الغنائية في المطاعم الاثيوبية المنتشرة في واشنطن وكانت شهرتها قد سبقتها إلى هناك وكانت البوماتها تشنف الآذان وظلت هي القاسم المشترك في مجالس الجالية الاثيوبية وجيرانهم من سودان وصومال وانتقلت إلى قلوب الوافدين من أمريكا الجنوبية والقارة السوداء، وكان عام 1985 فأل خير لاستير وفيه انطلقت في جولة فنية في المدن الأمريكية قدمت خلالها عروضاً ناجحة جداً استطاعت فيها أن تخلق تواصلاً مع جمهورها العريض وبدأ نجمها يتلألأ في سماء الدنيا الجديدة ومنها انطلقت إلى العالم.
    خلال جولتها الأوروبية اطلقت استير اثنين من البوماتها الناجحة (استير) و(كابو) اللذين فتحا لها آفاق النجومية في أمريكا وأوروبا وبدأت في الظهور في القنوات الفضائية المختلفة منها شبكة قنوات NBC التي استضافتها كضيف متميز وامتد ظهورها في CNN- BBC- PBC- CBS وفي برنامج المقهى الدولي بالقناة الرابعة في التلفزيون البريطاني، وصارت صورها في المجلات الكبيرة مثل التايم والنيوزويك والواشنطن بوست والنيويورك تايمز ولوس انجلوس تايمز كما انتشرت في أجهزة الإعلام الأوربية منها الشبكة الألمانية للميديا من خلال برنامج (اكتشف ايقاع افريقيا) وميوزيك هولاند وافريكا بولي قرام، النرويج و(تحت سماء أفريقيا)، وهيئة الاذاعة البريطانية واذاعة فاكهة الحرية، ميونيخ والعديد من منافذ الميديا في العالم.
    اشرقت شمس استير في سماوات العالم الغربي بغنائها الافريقي المتميز، وصارت البوماتها في مقدمة التصنيف العالمي للالبومات الأوسع انتشاراً لمدة خمس سنوات متواصلة، وقفز البومها كابو إلى المرتبة الأولى لأربعة اسابيع في موسيقى العالم الجديد.
    استير لا تغني فقط، ولكنها تكتب الأغاني وتؤلف الموسيقى باسلوب متفرد وصارت اغنياتها متكأًً للمهاجرين تأخذهم للوطن وتستدعي الحس القومي، مما جعل البوماتها منافسة لأكبر المغنين في العالم وقد اصدرت حتى الآن أكثر من 20 البوماً وما يقارب العشر اسطوانات مدمجة انتجتها شركات مختلفة.
    استير ثروة قومية لأنها وجدت قبولاً عالمياً لم يسبقها إليه فنان أو مغنٍ افريقي.
    ولم يأت صوت نسائي استوقف السامعين في أفريقيا بعد الست وماكيبا ولكنها تفوقت عليهما عالمياً فالست ام كلثوم هي سيدة الغناء الكلاسيكي عند العرب وكذا مريم ماكبا بحنجرتها وبحتها وأدائها اللذين جعلاها تخرج من موزمبيق إلى العالم، ولكن استير تفوقت على الجميع بهذا الانتشار الكبير والقبول الذي وجدته عالمياً.
    تقنية الموسيقى والغناء عند استير تحتاج إلى باحثين يقدمون لنا تجربتها الثرة كمغنية افريقية عالمية، وعلى الرغم من تفوقها لم تبتعد عن وطنها وغنائه وآلاته الموسيقية وفي داخلها (ازمري) عالمي وتوربادو، متجول في العالم، يغني بالأمهرية ويستخدم الكارار والماسنكو والواشنت مع أحدث الآلات الموسيقية.
    من المتوقع أن تعطر استير ليالي الخرطوم في ديسمبر المقبل من خلال مهرجان الثقافة السودانية العالمي الأول الذي ينظمه مركز راشد دياب للفنون.
    ونواصل
                  

11-03-2006, 06:33 PM

محمد المرتضى حامد
<aمحمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    واصل
                  

11-04-2006, 07:56 AM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    أوراق أثيوبية( مايكل أنجلوالإثيوبي

    كأن الغناء والرقص والموسيقى قد اختاروا اثيوبيا مهدا لهم فهي تتميز بثراء لحني فياض.. وكأن الخالق قد ارادها مستودعاً للميلودي (اللحن الكلامي).. فأودع فيها سر الغناء الذي يمثل لسكان الهضبة ضرورة تعيد لهم توازنهم.. يدفئهم في شتائها القارس ويسمنهم ويغنيهم من جوع يضربهم من حين الى آخر ويبعث فيهم الأمل.. يستشرفون من خلال هذا الغناء مستقبل تكسوه الغشاوة ويحرك فيهم الشوق لعودة المهاجرين.. ويستدعي الوطن للذين اختاروا المنافي دون ان يستغنوا عن وطن صار حلم العودة اليه شغلهم الشاغل، يتشبح على مساحة واسعة في وجدانهم المسكون بحب الوطن Hager Fikir



    تشبحت أستير على (أوراقي الإثيوبية) وملكت حيزاً كبيراً منها - (ولا اعتذر) لأني سبق أن قلت إني لا أخفي إعجابي بصوت استير وذكائها الفني الذي قادها للعالمية - هذا الإعجاب فضحني والحب مثل العطر ... وللعطر افتضاح . فهي لا تفارقني في مسجل السيارة، وفي الكاسيت في غرفتي، حيث أركن لسماع الغناء الرطيب - ويطل صوت استير شلالات تنهمر على مسامعي ووجداني مثل مساقط تسي سات Tisi Sat أو (دخان النار) وهو الاسم المتعارف عليه للشلال العظيم المنهمر من بحيرة (تانا) وينتظم بعده نهر أباي ي- (النيل الأزرق) في رحلته المعطاءة لبلاد السودان . هناك يطلقون على نهر عطبرة - نهر (التكازي) وفي مسلة الإمبراطور عيزانا بأكسوم التي يوثق فيها لحملته الحربية على مروي عاصمة الكوشيين ، العديد من أسماء الأمكنة والبقاع والأنهار المتداولة هناك منذ حكم عيزانا في القرن الرابع الميلادي (سنعود إليها في ورقة لاحقة) .



    بين إعجابي بأستير، وتلاحق إيقاع أيام الأسبوع، وذاكرة تلهث لاستدعاء مادة (أوراق إثيوبية)، غابت قامات غنائية، ذكرت منها تلاهون ومنليك والمايو ومحمود وافريم وتجاوزت نجوماً متلاصفة مثل أيالو مسفن ، قيتاجو كاسا ، تمرات تادسا الذي ولد وترعرع على ضفاف نهر أواسا، وديرداوا ويعتبر من أبرز الأصوات الإثيوبية في موسيقى البوب، والمطربة أبونيش أداتو التي تعيدني إلى أمسيات السمر في الليالي القمرية، في ديار الأمهرا وقراها بغنائها المفعم بالتراث الأصيل كما أذكر جي جي Gi Gi بصوتها الذي لا يبارح الذاكرة بغنائها الشفيف وموسيقاها الباعثة للأمل المترعة بالتراث بالإضافة إلى تلالا ، وهيروت بكلا .



    مثلما احتفى الإثيوبيون في احتفال باهر في يناير 2005 بإحياء ذكرى بوب مارلي الفنان العالمي الجمايكي الجنسية الإثيوبي الأصل (حسب إدعائهم)، أيضاً احتفلوا بالشاعر الكسندر بوشكين الروسي الجنسية عام 1999 في ذكراه المائتين التي تم تنظيمها في أديس أببا حيث أطلقوا اسمه على أحد الشوارع بالعاصمة .. ويجزمون أنه من أصول إثيوبية وفي ملامح بوشكين يتراءى لي وجه نبيل إثيوبي.



    أتاح لي عملي كنائب رئيس تحرير لصحيفة القوات المسلحة في بداية ثمانينيات القرن الماضي زيارات عديدة لأديس أببا تتعلق بالتغطيات الصحفية لنشاط منظمة الوحدة الإفريقية أو رئاسة البعثات الإعلامية الرئاسية، وطالما كنت أقف أمام الجدارية في القاعة الرئيسية للمنظمة (مبهوراَ) .. ومن حينها تعرفت على هذا العبقري التشكيلي الذي أنجز هذا العمل الباهر .. وارتبطت وجدانياً بالفنان التشكيلي الإثيوبي العالمي أفوركي تكلا Afewerk Tekle . وساهمت الخطوط الجوية الإثيوبية في التواصل بيننا من خلال لوحاته التي كنت أطالعها في التقويم السنوي الذي كان يحوي اثنتي عشرة لوحة لأفوركي .. وامتد هذا التعاقد مع الإثيوبية لسنوات .



    ولا غرو أن تقدم إثيوبيا للعالم فناناً شامخاً مثل أفوركي، استطاع أن يحمل الوطن في لوحاته وجدارياته في كل العالم، وذاع صيته بين تشكيليي العالم .. حدثني الصديق د. راشد دياب عن زيارة أفوركي إلى إسبانيا خلال حكم الإمبراطور هيلاسلاسي لإثيوبيا وكيف تم الاحتفاء به في مدريد كأنه أحد أركان القصر الإمبراطوري .. واستقبل في أفخم الفنادق على نفقة الإمبراطور .. فقد كان أفوركي مدللاً لدى النجاشي الذي منحه أرفع الأوسمة وكان مهتماً به ثروةً قومية ورمزاً إثيوبياً في المحافل الثقافية الدولية .



    يعتبر أفوركي تكلا من رواد الفن التشكيلي في إثيوبيا . ولد في 22 أكتوبر 1932م في محافظة شوا وهي الإقليم الذي تقع فيه العاصمة أديس أببا . وكان ميلاده في المنطقة التاريخية التي تسمى أنكوبر Ancober . كان تلميذاً نابهاً ولكنه كثيراً ما كان يسرح مشغولاً بخربشاته التي لا تخلو منها ورقة من كراساته المدرسية .



    بعد إكماله المرحلة الثانوية بعث إلى إنجلترا عام 1947م لدراسة هندسة التعدين ولكنه كان يغالب في دواخله إبداعاً نما فيه باكراً، وتجاهل التعدين الذي بعث لدراسته والتحق بالمدرسة المركزية للفنون بالعاصمة البريطانية ومنها إلى كلية الفنون الجميلة بجامعة لندن.



    وبعد تخرجه متفوقاً عاد إلى أديس أببا حيث أقام أول معارضه عام 1954 في قاعة البلدية الرئيسية التي تقع على رابية تطل على المدينة وتجاور حي (بياسا) العريق.



    بعدها بوقت قليل غادر إثيوبيا إلى إيطاليا لمزيد من المعرفة في روما عاصمة الفنون. وانطلق بعدها منفتحاً على العالم ليعرض لوحاته في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وإفريقيا والاتحاد السوفيتي وحصد في رحلته أرفع الأوسمة والنياشين كما منحته ملكة بريطانيا ميدالية الريادة في الفنون بعد إنجازه الرسوم الموجودة حتى الآن في برج الكنيسة الملكية في لندن.



    في رحلته الأوروبية عرض لوحاته في فرنسا وإسبانيا، والبرتغال، واليونان. وقدم دراسات حول الفن الإثيوبي محفوظة في المكتبة الملكية البريطانية وفي جامعة السوربون ومكتبة الفاتيكان. وبعد عامين من التجوال في العالم عاد أفوركي إلى إثيوبيا وقام بافتتاح الاستديو الخاص به في المكتبة الوطنية الإثيوبية في أديس.



    بتكليف من الإمبراطور أنجز أفوركي الأعمال الفنية بكتدرائية سانت جورج وهي واحدة من أهم مؤسستين دينيتين بالعاصمة أديس أببا.



    كما قام بتنفيذ النقوش الزجاجية في واجهات الأكاديمية العسكرية بمدينة هرر أنجز فيها صوراً بالزجاج الملون لأبرز الأبطال الإثيوبيين عبر التاريخ. كما عبر عن إعجابه بمدينة هرر بإنجاز ثلاثين عملاً فنياً عن المدينة (هرر) التي ألهمته هذه الأعمال التي أنجزها فيها. وقد احتفت الميديا المحلية والعالمية بأعماله في فن (المزايكو) و(الفسيفساء) والرسم والتلوين وتصميم الطوابع البريدية وأوراق اللعب (الكوتشينة) ، (كنت أقتني واحدة منها لا استخدمها في اللعب ولكنها كانت مبعثاً للتأمل في أعمال هذا الفنان العبقري) كما برز في رسم البوسترات والأعلام وتصميم الأزياء التراثية.



    ومن أهم أعماله في النحت تمثال (الرأس مكونن) والد الإمبراطور هيلاسلاسي (تفري مكونن) المنتصب في ساحة رأس مكونن بأديس أببا.



    يعيش أفوركي في فيللا (الفا) الذي قام بتصميمها بنفسه والتي تضم الاستديو والجاليري الخاص به .. راعى في تصميمها الملامح الشعبية الإثيوبية في فن المعمار . وهذا ما فعله الفنان السوداني د. راشد دياب عند تصميم مركزه للفنون الذي استلهم فيها فن المعمار السوداني والتراث المحلي.



    من أعماله اللوحة الضخمة (الجدارية) في القاعة الرئيسية في منظمة الوحدة الإفريقية واللوحة المنتصبة في المفوضية الاقتصادية الإفريقية في الأمم المتحدة بنيويورك، ومن لوحاته المشهورة زهرة الماسكال Maskal Ababa و(إفريقياته) المتمثلة في لوحات (العمود الفقري لإثيوبيا) ولوحة (نهضة إفريقيا) و(المناح الإفريقي) و(وحدة إفريقيا) ومن لوحاته المشهورة أيضاً لوحة إثيوبيا الأم Mother Ethiopia ولوحة (الإيدز) ومئات من اللوحات التي تنم عن عبقرية هذا الفنان العالمي الذي أنجبته إثيوبيا وهو أول من نال جائزة هيلاسلاسي للفنون الجميلة عام .1964



    ما جعلني أطلق عليه اسم مايكل أنجلو الإثيوبي هو إنجازه للأعمال الفنية في الكنيسة الملكية في لندن وكنيسة سانت جورج بأديس والعديد من الرسوم التي استلهم فيها روح العهد القديم في الكنائس المختلفة. لم يتأثر أفوركي كثيراً بمعاصريه من الفنانين التشكيليين العالميين لأنه كان يتكيء على تراث عريض من فن التشكيل الشعبي الذي هو جزء من روح الشعب الإثيوبي والموروث منذ آلاف السنين والمتميز بخطوط وألوان لا تجدها عند أي من المدارس التشكيلية في العالم ولكنها تقترب من الفن الفرعوني والفن القبطي للارتباط التاريخي الوثيق بين الحبشة ومصر الفرعونية والآرثوذكسية هنا وهناك ويدعي الإثيوبيون أنهم رعاة هذا المذهب في العالم المسيحي.



    في تركيزنا بإلقاء الضوء على أفوركي تكلا لا يمكن تجاوز بعض الرموز التشكيلية الإثيوبية مثل (سكوندو بوخشتان) الذي ولد عام 1937 في أديس أببا وتلقى تعليمه الفني في كليات الفنون الجميلة في لندن وباريس . ويعتبر سكوندو من رواد مدرسة الحداثة في الفن التشكيلي الإثيوبي وتميزت أعماله بروح التراث في إثيوبيا. وفي أواخر الخمسينيات والستينيات كان من أبرز المعلمين في مدرسة أببا للفنون الجميلة حيث تتلمذ على يديه أعظم الفنانين الذين برزوا لاحقاً مثل زيرهون يتم قيتا، وسن كوسروف، وتسفاي تسما، وقرماي هويت ، والمايو قبرا مدهن، الذي يعيش في واشنطن وعمل في جامعة هاوارد وشارك عالمياً في العديد من الفعاليات مثل بينالي باريس والاحتفال بالفن الزنجي في داكار عام .1966



    يعيش الفنان أفوركي تكلا بفيلته (الفا) بأديس أببا حياة هادئة بين لوحاته وأسرته معززاً مكرماً من كل الحكومات التي توالت على السلطة بعد هيلاسلاسي وهو الآن شيخ يقارب الثمانين يعيش كالراهب بين لوحاته وأعماله الفنية يستقبل زواره ويفرجهم على متحفه، وفي لوحه مستودع من الأعمال الجليلة لوطنه وأمته وللإنسانية وللفن التشكيلي الإثيوبي الذي بذل عمره من أجل أن يؤكد للعالم أن أهله في عزلتهم في الهضبة لديهم ما يقدموه للإنسانية .. وكان افوركي تكلا (مايكل أنجلو الإثيوبي) هديتهم للعالم في مجال التشكيل.


    استير عصفورة الهضبة الصداحة

    وأواصل



    احمد طه



    -1



























    (عدل بواسطة أحمد طه on 11-04-2006, 08:12 AM)

                  

11-04-2006, 08:19 AM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    استضافة الملف بواسطة sudaneseonline.com

    أستير عصفورة الهضبة الصداحة

    استضافة الملف بواسطة sudaneseonline.com

    من أعمال أفوركى تكلا

    (عدل بواسطة أحمد طه on 11-04-2006, 08:21 AM)
    (عدل بواسطة أحمد طه on 11-04-2006, 08:25 AM)
    (عدل بواسطة أحمد طه on 11-04-2006, 08:28 AM)

                  

11-04-2006, 09:44 AM

الفاتح يوسف جبرا
<aالفاتح يوسف جبرا
تاريخ التسجيل: 10-31-2006
مجموع المشاركات: 1617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    عزيزى الجنرال لقد امتعتنا حقاً .
                  

11-11-2006, 05:40 AM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    أوراق إثيوبية
    الحكيم والملكة
    يبدو أنني قد ملكني الهوى حتى ظننت أني العاشق الوحيد والجمال متاح والهوى مباح، لذا وجدت نفسي (واحداً) من جمهرة المعجبين والعشاق بإثيوبيا. ويبدو أن الأوراق قد وجدت طريقها إلى قلوب هؤلاء وحرص بعضهم على التواصل معي عبر رسائل الاتصال المتاحة من داخل وخارج الوطن فحفزوني للاسترسال، ولكنه حديث لن يطول، ويدهشني أن لا تصيبني الغيرة من المحبين الذين يشاركونني قلب حبيبتي.. أردتها أوراقا وخواطر في الغناء والموسيقى والتشكيل واللغة وبدا لي أنني قد اطلت الحديث، ولكنهم راموا المزيد، فلا بأس من الثرثرة.
    قبل أكثر من ثلاثين عاماً قدمت محاضرة من باب أعرف عدوك، لزملائي في إحدى الدورات، عن اثيوبيا تاريخها وحضارتها، وترددت كثيراً أن أبدأ بسيرة ماكيدا أو نقستي شيبا (ملكة سبأ).. وكنت وقتها املك معرفة متواضعة عن مادة الحديث وتشدني للوراء اتهامات النظام الراديكالي في إثيوبيا الذي كان يرى في الملكة تلك (منقصة) أعلنها طلاب جامعة أديس أببا (صراحة) خلال ثورتهم ضد الإمبراطور عام 1962.
    وعندما اشتد عودي وقدمتها بعد عشر سنوات في قاعة منور بكلية القادة والأركان السودانية، اتهمني احد المعلمين بـ(الزندقة)، وصار (سعادتو) بعدها واحداً من أركان النظام الإنقاذي، فقد بدت لي ظلاميته وقتها مؤشراً لمحاكم تفتيش قادمة ولحق بأمتي من جراء ذلك غبن وتغييب ذاكرة وغشاوة لا تليق بأمة تعشق الحرية.
    سيكون مدخلي ما ذكره الكاتب الألماني الكبير اميل لودفيغ في كتابه الرائع (النيل حياة نهر) والذي قام بترجمته إلى العربية المبدع عادل زعيتر بعربية متألقة تحمد للترجمة دورها في التعبير بالعربية عندما يكتب بلغة أخرى. يقول اميل في ص183: (تزينت أجمل ملكات إثيوبيا وأشهرهن بالذهب والحجارة الكريمة لتزور اورشليم (القدس) وتتعرف بالأمير الذي يملك هنالك ويعدلها جمالاً وصيتاً. ومن الحق إن كانت ملكة البلد الذي حمل بعد زمن اسم اليمن ومن اورشليم جاء تجار إلى اليمن ليشتروا منها حجارة بناء رائعة بأي ثمن كان ليأتوا بها إلى مولاهم الذي كان يقيم هيكلاً عظيماً تمجيداً لإلهه يهوه.. وكان ذلك الملك ينطق بما لا يحصى من الأحاديث والأمثال وأناشيد الحب.
    ذهبت ملكة سبأ إلى الملك سليمان وشعر كل منهما بميل إلى الآخر، وكان عندها مثل ذكائه فامتنعت عنه. في بدء الأمر لم تقم بقصره، ولما راودها خاطبته بالحكمة فاضطر إلى مناقشتها في الفلسفة ليالي بأكملها لما كان عليه من النبل، وتحين ساعة الرحيل وتعد القافلة مثقلة بالهدايا التي تنم عن بذخ الملك اليهودي.
    وأبلغت الملكة الأمير الحكيم بأنها ستقضي الليلة الأخيرة في قصره إذا أقسم بألا يمسها. وتعهدت ألا تأخذ شيئاً مما هو خاص بها، ويدرك الحكيم بحكمته معنى كلماته المضاعف، ولكنه يعود بطاهيه و يأمره بأن يعلل طعام الوداع بالتوابل والأفاويه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وهناك رأت الملكة أن مضيفها أدرك أمرها فلما اختليا متعاقرين اكتفت بقولها احلك من عهدك أيها الملك إذا ما اسقيتني.
    فارتوت بالماء.. وبالحب وأناخت حمل القافلة لعدة أشهر، وعندما شعرت بآثار الحمل عزمت على الذهاب والعودة إلى وطنها.
    كل ما اطلعت عليه من مراجع في الدراسات الإثيوبية بجامعة أديس أببا، أو في ما وقع في يدي من كتب حرصت على اقتنائها من المكتبات هناك، او ما طالعته في المواقع الإلكترونية حول هذا الأمر لم يبتعد كثيراً عن رواية الكاتب الألماني. وتؤكد المناهج الدراسية منذ عهد الامبراطور على الدماء المقدسة التي تحملها سلالة منليك الأول الذي جاء من صلب سليمان.
    عندما عادت الإمبراطورة إلى وطنها لم يمهلها الطلق فوضعت ابنها بالقرب من نهر (مي بلا) ME BELA جنوب أسمرا. وعندما شب الفتى عن الطوق حمل ملامح ابيه الذي كان جميل الطلعة بهياً، لم ينس الحكيم أن يعطي الملكة الحبلى (القوس الملوكي) ROYAL ARCH اعترافاً منه بأبوة المولود المقبل.
    حمل الفتى (القوس الملوكي) وعاد إلى اورشليم لزيارة والده وبرفقته وفد كبير من بلاط أمه الإمبراطورة وقافلة محملة بالذهب والعاج والريش والهدايا المختلفة للحكيم من ابنه الفتى الموعود بإمبراطورية ممتدة من جنوب الجزيرة العربية إلى سهوب الصومال وعاصمة الأحباش في اكسوم وما هو دونها جنوباً في هضبة البن والوجوه المحروقة.
    بعد زيارة اتسمت بالحميمية اعترف سليمان بأبوته للفتى منليك الأول. عاد الإمبراطور الصغير مثقلاً بالهدايا من أسباط بني اسرائيل الاثني عشر، وصحبه كهنة لتعليم قومه لغة اليهود. بعد مغادرة منليك ووفده اورشليم إلى اكسوم اكتشف سليمان اختفاء تابوت العهد أو الألواح النحاسية التي نقش موسى عليها وصايا الرب، فكانت اقدس ما لدى اليهود.
    لم ينجح (الفزع) الذي ارسله سليمان لتعقب اللصوص الذين تمكنوا من الفرار وجاوزوا البحر الأحمر بأنفاق حتى بلغوا القصر الملكي في اكسوم.
    وخروجاً من المأزق استعان سليمان بعامل ماهر لصنع ألواح مماثلة للألواح المفقودة وظل اليهود يعبدون تابوت عهد كاذب.
    يتمسك الإثيوبيون بحكاية زيارة الملكة ماكيدا أو ملكة سبأ NUGOSTI SHEBA إلى أورشليم وميلاد ابنها ذي الدماء المقدسة ويصورونها على جدران كنائسهم بخطوطهم وألوانهم العجيبة، تحوي هذه الجداريات التي نسخت على الورق المصقول ادق تفاصيل تلك الرحلة.
    اطلق اسم الحبشة على سكان هذه الهضبة المختلطة دماؤهم بالحضارات التي تتصل بالحبشة بطريق البحر الأحمر والصحراء النوبية، كلمة حبشة تعني الخليط.. هذا المزاج المدهش منحهم هذا اللون النحاسي والسحنات الملائكية.
    تنقلت إثيوبيا بين اليهودية والمسيحية والردة مرة أخرى لليهودية على عهد جوديت.. وانتقلت العاصمة من اكسوم إلى قندر التي شهدت عز الممالك الإثيوبية القوية والملوك العظماء أمثال فاسيلدس وثيودور وتحولت من قندر إلى أديس اببا (الزهرة الجديدة).
                  

11-13-2006, 07:32 AM

محمد المرتضى حامد
<aمحمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)



    الأستاذ أحمد طه،
    تحايا ومتابعه.

    (هيمانوت قيرما) المغنيه الأثيوبية الرائعة ، رايت اشراكها في
    هذا البوست المكرّب.
    لك الود

    (عدل بواسطة محمد المرتضى حامد on 11-14-2006, 04:30 PM)

                  

11-16-2006, 11:49 AM

randa suliman

تاريخ التسجيل: 03-15-2006
مجموع المشاركات: 311

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    فوق على بال ماننزل الحلقه العاشره غدا انشاء الله ... ونرد على الاخوان
    أصدقاء ( أوراق أثيوبيه ).
                  

11-18-2006, 09:30 AM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    أوراق إثيوبية (10)

    بين مروي وأكسوم

    أوراق إثيوبية، أوراق مبعثرة في خيالي.. ألملم منها ما شئت واستغني عن البعض.. لم يلمني أحد عندما انحزت إلى استير عند حديثي عن الغناء وذكرت البعض لمماً.. ولم أتجاوز المحطات المهمة في خارطة الغناء فذكرت الرموز التي لا يمكن تجاوزهم..
    عندما أتناول التاريخ.. لا أرتقي درجة درجة سلمه الفارغ، ولكني أتقافز عليه متخطياً الكثير من الدرج.. هي أوراقي.. اكتبها خواطر ولا أوثق فيها، لأن التوثيق يخنقني. الشعوب هي التي تصنع التاريخ، تشيد الأهرام والمعابد والمسلات.. تطحنهم الحروب فيعود المجد للملوك والأباطرة وتنقش أسماؤهم على الحجر ولا ذكر لصناع التاريخ.. هذه الأمم البائدة.
    بعد ماكيدا وابنها ومنليك حكم الهضبة رتل من الملوك.. الذين يعج بهم الكتاب المقدس المكتوب بالجئزية KUBRO NEGEST (سجل الملوك العظماء) لم يصطحبني في ذاكراتي أي منهم.. لا أنكر من يغازلونني مثل لاليبلا، الذي حفر الكنيسة في صخرة بباطن الأرض ومعها اثنتا عشرة أخريات في جبل روحا بلاليبلا (بإيحاء من السماء).. او ماسيلدس صاحب القلعة المعنية في قندر.. محمد الأعسر GRENI MOHMED بغضت تطرفه رغم دعوته لأسلمة الهضبة.. فهم مثلنا لم يكونوا في حاجة إلى سيوف صقيلة ليدخلوا الإسلام.. عندما انكسرت شوكة الفاتحين من جهة الشمال أمام (رماة الحدق) عادوا إلينا باتفاق( البقط) وانسرب إلينا الإسلام سمحاً فصار شمال السودان الجغرافي وشرقه وغربه منارة للإسلام في أفريقيا.. تلألأ ضوء تلك المنارة وصار أكثر بهرجاً بنفح الصوفية التي جعلت من السودان محطاً لـ(غوث الزمان) وصارت أمتي أكثر شعوب الدنيا عشقاً لرسول الله ( ص) وأكثر مادحيه.
    الإثيوبيون الذين استسلموا إلى سبات عميق آلاف الأعوام وهم مطوقون بأعدائهم من جميع الجهات، حتى نسوا الدينا ونسيتهم الدنيا بالمقابل.. تسلل إليهم الإسلام في هضبتهم المنيعة واستطاع ان يستميل نصف سكانها (50%) برغم المسيحية الأرثوذكسية المتجذرة في إثيوبيا، ولم يكونوا بحاجة لخوض حرب حول عقيدتهم ضد محمد (الأشولنجي) الذي داهمهم من هرر، أو من تحرش خليفة المهدي الذي باغتهم من الغرب حتى تمكنت جيوشه من اجتياح عاصمتهم التاريخية قندر.. كان سيد الخلق رسول الله (ص) بفيضه النبوي ورؤيته الثاقبة خير الناصحين حينما أمر المهاجرين بالاتجاه صوب بلاد الحبشة لأن فيها حاكماً عادلاً.. وصدق سيد الخلق (ص) لأنه لا ينطق عن الهوى.. وكانت الهجرات الإسلامية إلى الحبشة فكرة صائبة أفادت المد الإسلامي كثيراً بغض النظر عن محط تلك الهجرات التي يوهمنا بها علماؤنا بأنها كانت في السودان.. لا يهم فكلنا كنا حبشاً.. بين (السيدون) و(التكازي) أو في اعلى مهابط تسي سات حيث ينسرب (أباي) النيل الأزرق إلى مجراه نحو السودان.. يقول لورفيغ: (يجري النيل منذ الوف السنين إلى البحر ماراً عبر الصحراء المحرقة عاطلاً من مطر أو صديق أورفيق فيجد بأمواجه من ينعشه، ويوقف النيل حاجز من الصوان فيدور حوله ويسترد بهذا التماس قواه ونشاطه ويكافح الإنسان الذي يريد إمساكه ويوفق في ذلك دون ان يخسر النهر بأسه، ويشق لنفسه طريقاً بين الرمال لا حد لها.. قهر المناقع وقاوم الجفاف والأهوار.. يصل من البلد الذي أوجده إلى الدلتا والموانئ إلى البحر.. مهد جميع الأنهار.. ويا له من نهر!). انتهى.
    عندما يريد الإثيوبي تأكيد علاقته الأزلية بالسودان يحكي بالأمهرية ويقول KA A ND WEHA NETATALLO- أي (نحن نستسقي من ماء واحد)، في اشارة لا تخلو من حميمية لتناخبنا الماء من اباي هناك والأزرق هنا، وكلاهما نهر واحد.
    كانت مروي مملكة سودانية عظيمة تحتل مساحة معتبرة في المنطقة بين نهر التكازي والنيل وهي بقعة خصيبة يحدها النيل غرباً والأتبراوي شرقاً وتمتد جنوباً.. امتازت بكثافة سكانية عالية وثروات ضخمة أطلق عليها بازل ديفيدسن في كتابه (اضواء على أفريقيا) الذي أبدع في ترجمته جمال محمد أحمد عام 1959م.. اطلق عليها (برمنجهام افريقيا) لأنها عرفت الحديد وصهرته وصنعته واستخدمته في الزراعة والصناعة، كما كانت ملتقى طرق القوافل التجارية القادمة من العالم الهيلنستي بين المناطق الداخلية للقارة الأفريقية ومصر والعالم الخارجي مما جعلها أكثر الدول ثراء في التاريخ.. كلما ذهبت إلى النقعة لزيارة جدي (أبادماك)، أو الوقوف مستعيداً مجداً زائلا امام معبد الشمس بخرافه (الآمونية) المستلقية بلا استرخاء.. وكلما أذهب إلى المصورات مستلهماً تاريخاً يملؤني زهواً من زمن الإنكسار (البرونكي).. وعندما اقف على ضفة النهر الشرقية في البجراوية متحسراً على تاريخ تذروه الرياح امام عيني ولا أحد يحرك ساكناً لأنه لا يرى فيه أكثر من (طرابيل) لأنه لا يدرك معنى (الثروة القومية) التي ليست بالضرورة تكون مدخرات مصرفية او مشاريع استثمارية.. أو (عملة عصية) في مصارف سويسرا أو كوالالمبور.
    اما أهراماتها الجاثمة على ربوة شرق المدينة الملوكية والمطلة على مدافن الملكات في تل قريب.. والمتجهة بواباتها نحو الشمس عند شروقها من خلف الجبال الداكنة التي كانت رافداً لمعدن الحديد.. اصابها الخراب وتعرضت للنهب والتدمير بسبب جشع المستكشفين الأوائل منذ رحلة (كايو) ومن تلاه من رحالة ولصوص.. وهي الآن تقف (متداعية) بسبب ظلم وإاهمال (ذوي القربى)... مشاهد تعيدني للقرن الرابع الميلادي الذي كتبت فيه نهاية هذه المملكة بمجدها التليد على يد الإمبراطور الإثيوبي عيزانا..
    يحفظ التاريخ الإثيوبي لعيزانا طموحه ودوره في اتساع رقعة مملكة اكسوم، ويحفظ له دوره في دخول المسيحية لإثيوبيا، ويحفظ له انتدابه لعلماء اللغة من أورشليم لتحديث اللغة وتطويرها وكتابتها من اليسار إلى اليمين وتحريك الحرف إلى سبع حركات.
    ويبقى في قلبي جرح يتفتق كلما تذكرت حملته الرهيبة وجردته التخريبية التي تباهى بها ونقشها على مسلته في أكسوم متباهياً بين ملوك زمانه..
    حفر عيزانا نصه الشهير الذي ترجمه ديفيدسن إلى الإنجليزية ونقله جمال إلى العربية وأورده علي المك في كتابه (مختارات من الأدب السوداني).. وأورد هنا جزءاً من النص (بتصرف). استهل عيزانا نصه بالآتي:
    (أنا عيزانا.. ملك الملوك.. ابن الإله.. ملك اكسوم وحاكم حمير وريدان وسبأ وسالهين وسيدامو والبجة وكاسو المنتصر دوماً).. و(يضيف): (لأن الكوشيين أساءوا معاملة رعاياي من المانجورتو والهاسا( الخاسا) والباريا وقد حنثوا بعهدهم ونهبوا جيرانهم ورفضوا العدول عن أفعالهم وتمادوا يراوغون ويمارسون شرورهم حتى هجمت عليهم يعضدني سيد العالمين.. فقاتلتهم عند نهر التكازي (الأتبراوي) ومخاضة كيمالكي (اسفل ملتقى نهر عطبرة مع سيتت) حتى لاذوا بالفرار وتعقبتهم على مدى ثلاثة وعشرين يوماً فعملت فيهم قتلاً وأسراً واستوليت على الغنائم والأسرى وحرقت مدنهم المشيدة بالحجارة ونهبت قطنهم (وفي ذلك إشارة إلى القطن كنبتة قديمة في السودان وجلب من جنوب الوادي إلى مصر).. ويقول: (قد نهبت حبوبهم وفضتهم وذهبهم وحديدهم ولحمهم المقدد (الشرموط) ودمرت رسوم معابدهم ومخازن حبوبهم).. وذكر تفاصيل المعركة الدامية من قتلى وأسرى وغنائم، عند هجومه على مروي. كان عيزانا يرى في نفسه ملكاً على كوش.
    ليته ما حفر ذلك على الصخر ليبقى شاهداً على ما فعل.. ولكن لا أحد يذكر ذلك الآن.. ولكن من يمسح عن قلبي ما كتبه عيزانا ذلك (النقس) المتغطرس..
    برغم (فعلة) عيزانا، وبالمقابل جردة جيش الخليفة التي ثأرت (دون قصد) للمدينة التي اضرمت فيها النيران فكتبت نهاية مجد اثيل لمملكة عظيمة.. بقي بين الشعبين ود تناسى ما فعله القادة هناك وهناك.
    كل الذين علقوا على ما جاء في أوراقي الإثيوبية حملوا وجهة نظر واحدة ترى أننا أكثر الشعوب تقارباً، ولكن علوم الإستراتيجية هنا وهناك تحذرنا من بعضنا والبعض.. ولا هم يلتفتون إلى خبرائها.. ولا نحن.. لا أعترض على تعليق الذين يبدون رأياً حول العلاقة الوجدانية بين شعبين متشابهين في كل شئ.. ولا يبقى شئ من حتى يطل من خرائب التاريخ.
    (وأواصل).
                  

11-25-2006, 04:25 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    ما زلت أتابع هذا السرد الرائع والتثقيفي البديع وفي أنتظار إصداره ككتاب يغطي حيز كبير من فقرنا الثقافي ببلاد تشرق شمسها ثلاثة عشر شهرا في السنة
                  

11-25-2006, 07:00 AM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    أوراق إثيوبية (11)

    ثيودور

    لم يسلط أي ضوء على الأحداث في إثيوبيا وتاريخها منذ رحيل قادتها التاريخيين من أمثال منليك الأول وعيزانا، إلا عندما برز في الهضبة ثيودور فلا أحد يدري الاتجاه العام للسياسة في البلاد المائجة بالقوميات والعصبيات.. ولا أحد يعلم من هم القادة الذين صنعوا الأحداث.. ولكن مع ثيودور بدأ تاريخ إثيوبيا الحديث.
    اثنان من القادة التاريخيين في أفريقيا ذاع صيتهما في القرن التاسع عشر حرصت على التنقيب عن سيرتهما لأني معجب بهما (شاكا – وثيودور) قاتلا عدواً واحداً متغطرساً دعياً يتفاخر بجزيرته التي أرادت أن تحكم العالم (الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس)، ولكن شمسها (خنقّت) مهزومة.. و(كسفت) وهي منتصرة.. (مرمطها) شاكا بطل الزولو في مطلع القرن العشرين في أرض الزولو، بالقرب من الشاطئ الشرقي لجنوب القارة وفي بلاد غيرها، وكانت انتصارات الإمبراطورية الجزيرة عاراً في مجدلا بإثيوبيا وفي كرري بالقرب من عاصمة المهدية.. أم درمان.. وفي بلاد أخرى.
    جاء إعجابي بشاكا وثيودور لأنهما استنهضا المد القومي في شعوبهما.. عاشا طفولة متشابهة، وعندما شبا عن الطوق برزت عبقريتهما القتالية كمحاربين أشداء.. وعندما صارا قادة لشعوبهم كانا الأكثر كاريزما في تاريخ هذه الشعوب.. ولكنهما كانا الأكثر قسوة في تاريخ بلادهم. فبعد أن تمكنا.. (تشيطنا).. فجاءت تراجيديا نهاية شاكا برمح واحد من الذين تربطهم به أواصر الدم والقربى.. وكانت خاتمة ثيودور بقرار جنوني منه بإطلاق النار على رأسه من غدارة تأكد من حشوها تلك المرة، لأنه أخفق في قتل نفسه في مرة سابقة.
    لم يبق لثيودور ما يدافع عنه بعد سقوط مجدلا، هذه الصخرة العصية على مقتحميها، وكان واقع الهزيمة أمامه جلياً لا يخفى على جنوده خاصة بعد مقتل خدن روحه ورفيق صباه وقائده الثاني (قبري).. وها هي جيوش الفرنجة التي تأتمر بأمر امرأة (الإمبراطورة).. يا له من خزي وعار لن تغسله أمطار الهضبة.. وطالما استخف بقادة ينفذون رغبة سيدة قابعة في قصر بعيد في بلاد الفرنجة.. وكم هو ثقيل على قلبه ما فعله (كاسا) كبير التيغري وهو يمد يده بالعون للقائد الإنجليزي (نوبير) لإسقاطه.. وبينه وبين كاسا بغض وكراهية بسبب تمرد (الرأس) على سطوة الإمبراطور، وبسبب ظلم الإمبراطور لقومه بعد أن ذاقوا منه الأمرين، وفي ذلك تبرير منطقي لفعله الذي يراه الإمبراطور مخزياً ويراه (الرأس) ضرورة ليتنسم قومه نسم الحرية العليل بعد أن جعله ثيدور هبباي مغبرا عاصفا.. وأراد أن يحولهم إلى أقنان وهم (خلف) أسلافهم من ملوك أكسوم العظماء.
    كان ثيودور في طفولته على جانب كبير من الوسامة والرقة.. ولد الفتى في عام 1818 في إقليم كوارا أو (قورا) وهي منطقة جبلية بالقرب من الحدود الإثيوبية السودانية التي يعبر بالقرب منها النيل الأزرق (أباي). شب عن الطوق وهو معوز يعاني من الفاقة والفقر.. تلفه أمه (بائعة الكاسو) بحنانها وتصرف عليه من حفنة (البرات) التي تحصل عليها من بيع (الكاسو)، وهو دواء بلدي يصنع من أوراق بعض الأشجار التي تنمو هناك ويستخدم كعلاج للدودة الشريطية المنتشرة في إثيوبيا بسبب أكل لحوم الأبقار نيئة كعادة غذائية وتقليد في المناسبات العامة مثل الزواج.. الخ
    عيروه بذلك عندما صار إمبراطوراً مهاباً، ونعته أعداؤه و(مظاليمه) بـ(ابن بائعة الكاسو) الذي سلطه الإله العظيم عليهم، وكان يرى في نفسه (المنقذ) الذي جاءت به العناية الإلهية ليستعيد أمجاد الإمبراطورية الإثيوبية القديمة. كان يتمتع بكل صفات القائد الناجح بالإضافة إلى أنه كان ممشوق القوام، بهي الطلعة، عالي الجبين، قوي البنية، عليه مسحة من الهيبة والوقار جعلت منه قائداً للمجموعة المسلحة من قطاع الطرق (الشفتة) الذي كان يقودهم خاله الذي رحل تاركاً له عصبة من الرجال رافقوه (ناهضين).
    تطورت مجموعة قطاع الطرق وصارت جيشاً صغيراً يضم ثلة من المقاتلين الأكفاء يقودهم شاب طموح.. عندما بلغ الخامسة والثلاثين (1853) استطاع أن يقهر جميع منافسيه من الزعماء حول بحيرة تانا، وأفلح في إخضاع الأمهرا في إقليم بيجميدر Bigimeder وامتد نفوذه إلى منطقة التيغراي وقوجام وشاوا، ثم وجه قوته بشكل خاص للمسلمين في المنطقة حتى صار في نظر البعض قديساً جاءت به الأقدار لنصرة المسيحية، وكان في نظر البعض مثل (القديس جورج) ماري جرجس عند المسيحيين الشرقيين..
    بعد سقوط قندر العاصمة وسيطرته على صخرة مجدلا التي اتخذها مقراً لقيادته.. من هناك أعلن نفسه إمبراطوراً على إثيوبيا باسم ثيودور الثالث.. صاحب الألقاب العديدة منها (مبعوث العناية الإلهية، ملك الملوك، إمبراطور إثيوبيا). قادته سطوته إلى تحدي ملكة بريطانيا والمجتمع الدولي وقام بأسر مجموعة من الأوروبيين منهم كاميرون، القنصل البريطاني بقندر، ورسام مبعوث الملكة وجمهرة من الرعايا الأوروبيين ورفض رفضاً باتاً إطلاق سراحهم.. كان متقلباً حيال معاملتهم.. إذ كان مزاجياً متنازعاً بين عدة حالات نفسية لكلٍّ ردود أفعالها.. ذاقوا معه الأمرين وهم يتنقلون ضمن جيشه يجوبون معه الهضبة، وأحياناً يحفظهم في سجونه المنتشرة.. مهددون بالموت في أي لحظة، وكان رفضه (مغلظاً) أوصد الأبواب في وجه كل المحاولات التي أرادت حلاً سلمياً لموضوع الأسرى، ولم يكن أمام بريطانيا إلا خيار واحد هو الحرب.. ولكن الحرب في هذه البقعة من العالم حرب معروفة النتيجة سلفاً.. لا تكون في صالح الغزاة.. لأن التحصين الطبيعي جعل من إثيوبيا وطنا يخشاه الغزاة.. وفي الدرس البليغ الذي قدموه للعالم في معركة عدوة 1896 ضد الغزو الإيطالي وهزيمة روما بكل جبروتها من جنود حفاة عراة يقاتلون بأسلحة متخلفة.. كان درساً مر المذاق تلمظه الإيطاليون وفي خاطرهم الانتصار الخاطف الذي حققه البريطانيون على جيش ثيودور المتمرس في صخرة مجدلا والسهوب والربى التي حولها..
    (مجدلا حصن طبيعي فسيح يطل شامخاً على نهر الباشيللو عند انحداره نحو النيل الأزرق في أواسط إثيوبيا، وهي عبارة عن ركام لبركان ساكن تكونت منه هضبة من حجر الصوان يبلغ طولها نحو ثلاثة أرباع الميل وعرضها نحو نصف الميل.. ترتفع نحو ألف قدم عن السهل المحيط بها، ولا يوجد غير درب واحد يؤدي إليها عبر الجبال ذات الأخاديد السحيقة، وتعترض هذا الدرب بوابة ضخمة أقيمت عند مدخل الحصن). هكذا وصفها ألن مورهيد في كتابه (النيل الأزرق) الذي أعانني في التعرف مبكراً على سيرة ثيودور.. ولفتت نظري أقواله التي صارت جزءاً من أدبيات نظام الدرق الذين حاولوا استنهاض الحس القومي بأقوال ثيودور.. ومن يومها ظللت أبحث عنه مثله مثل (شاكا).
    مجدلا مكان يستنزف الجهد للوصول إليه.. كما يصعب الهروب منه لأن الطبيعية منحته هذه الخاصية الفريدة.. اتخذ ثيودور من هذه الصخرة قاعدة رئيسية يلجأ إليها كلما أصاب الوهن جيشه المتنقل بين هضاب الهضبة وسهوبها.. أمنتها الطبيعة ولكنها لم تكن تأمن شر (القالا) المسلمين الذين تقع الصخرة في وسط ديارهم، وهم ألد أعداء ثيودر ولا يقلون في مرتبة العداء عن جيرانه في بلاد السودان التركي.. بها ثلاثة آلاف كوخ مبعثرة حول الهضبة التي تحوي أيضاً كنيسة مستديرة البناء ومنزلا رحبا يحتوي على خزائن الملك المكدسة بجميع ممتلكاته وخزائنه، بجانب جناح خاص لزوجاته ومحظياته، وموقع للأسرى وجمهرة النبلاء الأوروبيين.
    كان قرار الحرب لتحرير الأسرى قراراً حاسماً حشدت له بريطانيا حملة هي الأكبر في تاريخ الحملات البريطانية، واختير الفيلد مارشال نوبير الذي يطل تمثاله الآن في ميدان الملكة بلندن Queen gate square وهو يشرئب برأسه نحو السماء.. اختير نوبير قائداً لهذه الحملة، فقد كان تاريخه في آسيا مجيداً وكان مهندساً ومحارباً شجاعاً سقط جواده من تحته مرتين وجرح أكثر من مرة وتولى القيادة في الصين والهند وتولى جيش بومباي الذي وقع عليه الاختيار لغزو إثيوبيا ومواجهة ثيودور.
    يقول عنه ألن مورهيد مقارناً بينه وبين قادة وادي النيل إنه يفتقر إلى الروح السمحة التي تميز بها غردون إلا أنه كان ألطف من كتشنر وأكثر منه اعتدالاً، بينما لا يقل كفاءة عنه.. تميزه الابتسامة العذبة التي لا تفارق شفته التي تدخل الثقة في جنوده، وربما يكون ويفل wayvel، قائد جيش النيل، هو أقرب الشخصيات لنوبير بين قادة ذلك القرن.
    كان على رأس حملته على ثيودور أربعة وأربعون فيلاً مدرباً من الهند لحمل المدافع الثقيلة، واستؤجرت البغال والحمير لنقليات الحملة وأقيم عبر السهل الساحلي خط حديدي يبلغ طوله نحو عشرين ميلاً وجلبت له القطارات البخارية بكامل معداتها، كما أقيمت المرافئ الكبيرة والفنارات والمخازن وأجهزة تقطير الماء المالح إلى ماء عذب، وتم تمديد خط تلغرافي لعدة مئات من الأميال وثلاث سفن كمستشفيات وتجهيزها بماكينات صنع الثلج، وتم تجميع العملة المتداولة في إثيوبيا (ريال ماري تريزا) من كل أنحاء العالم. وضمت الحملة المستشكفين والكهنة والمبشرين.. كل ذلك لدعم حملة قوامها 32 ألف جندي و55 ألف دابة، فهي معركة ضد الطبيعة أكثر منها معركة ضد عدو مرتقب يقوده رجل مثير للجدل..
    عندما علم ثيودور بمقدم الجيش البريطاني في أوائل 1867 حدث خاصته عن أسطورة قديمة تقول إن ملكاً عظيماً من إثيوبيا وملكاً أوروبياً عظيماً سيلتقيان يوما ما بإثيوبيا وسيتقرر على يديهما مصير هذا البلد. أستغرب لحديث القادة والزعماء في المواقف المفصلية عن أساطير ورؤى غيبية، مثلما جاء في أسطورة ثيودور المزعومة، أو رؤيا الخليفة عبد الله التي ألهمته بأنه سينتصر على (الكفر) بالقرب من بقعة المهدي، ولا أدري من الذي أوحى له توقيت الهجوم بعد انبلاج الصبح مخالفاً بذلك علوم التكتيك الذي ألهمت الإمام المهدي أن يحارب ليلاً فاستطاع أن يكسب معاركه بسهولة بعد التحييد التام للسلاح الناري وحرمان عدوه ميزة (التنشين)، وكان الليل للمهدي عنصراً قتالياً فريداً يدخل الرعب في أعدائه.
    عندما (دخل الكلام الحوش) وأيقن ثيودور بأنه مغلوب مغلوب مغلوب، قرر أن يصمد في مجدلا معولاً على مدفع هاون يزن سبعين رطلاً صنعه له عماله الألمان. في الليلة التي سبقت المعركة اعترته لحظات جنونية فقام بقتل أكثر من مائة وسبعين من الأسرى ورميهم من أعلى الصخرة إلى أسفل الوادي، وحاول قتل ابنه ألمايو حتى لا يؤخذ أسيراً ولكن الفتى تفادى الطلق الناري ووضع الإمبراطور الغدارة في فمه ليموت بيده، ولكن لسوء حظه ضغط على نفس الزناد الذي أطلقه قبل قليل على ألمايو.
    عندما اقتحم البريطانيون حصن مجدلا قاد المقاومة بنفسه واستمر يطلق الرصاص وبواباته تسقط الواحدة تلو الأخرى، وأخيراً تقهقهر متخطياً آخر البوابات وأشار لمن تبقى معه بأن ينجو بعد أن انهارت المقاومة.. ووضع ثيودور فوهة غدارته التي كانت هدية من الملكة فكتوريا.. وأطلق النار.
    دفن ثيودور في اليوم التالي في كنيسة مجدلا وتم وداعه كبطل قومي..
    هكذا قضى ومضى ثيودور، الطفل الفقير ابن بائعة الكاسو، الذي ادعى أنه من السلالة الملكية ذات الدماء السليمانية المقدسة.. وفي الواقع لم يكن شيئاً من هذا القبيل، ولكنه بفضل كاريزماه وشجاعته وطموحه صار من صغار زعماء الأقاليم إلى أن صار ملكاً باسطاً سيطرته على جميع ممالك الهضبة بجبروته الذي أخضع الجميع..
    نصب نفسه بنفسه ملكاً ورحل دون أن يخلفه أحد من ذريته إلى الحكم، وبقي في ذاكرة الأمة عند البعض ملهماً وباعثاً للمد القومي، ولدى بعضهم رمزاً لجبروت الحكام عندما يكون حكمهم مطلقاً.
                  

11-26-2006, 04:48 AM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    صديقي عاطف .... تحياتى
    بعد اقتراحك الوجيه.. جمعت الاوراق الاثيوبيه وجدتها حتى الآن أكثر من خمسين صفحهa4
    اعتبرتها دراف علما بأنها لم تكتمل بعد... حأشتغل فيها زياده وتضمين بعض الصور وانشاء الله ترى النور متى ماشاء الكريم
    الحقيقه كانت هذه رغبة عدد من الاصدقاء ... ( ولكن رغبتك اوامر يا أب احمد )
    شكرا للاهتمام وتحيتى للاسره والاصدقاء
                  

12-02-2006, 06:59 AM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوراق اثيوبية (Re: أحمد طه)

    أعتذر للاخوه أصدقاء الاوراق الاثيوبيه عن عدم ادراج الحلةه الثانيه عشرلاسباب فنيه تتعلق بعدم نشرها عذا الاسبوع..والى الاسبوع القادم انشاء الله .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de