بحري طراوة... ويا ناس بحري .. قالوا بتحبوا يلا حبونا..

Quote: شخصيات بحراوية محمد الحمودى حمد - حلة خوجلى أعتاد جدي رحمه الله أن يخرج صبيحة كل يوم لاختبار شدة بصره فقد همه بعد تقدمه في السن أن يتدهور بصره فلا يستطع القراءة فقد كان حريصا على الإطلاع حتى و فاته , يخرج لينظر إلى مسجد الشيخ خوجلى أبو الجاز من أمام منزله في شارع القبة على بعد ثلاثمائة متر من المسجد فإذا رأى نافذة المسجد و ميَّزها مغلقة أم مفتوحة أطمئن على نظره و كان يقوم بهذا الاختبار يوميا ففي صبيحة يوم خرج لاختباره المعتاد فلم يرى النافذة و لا المسجد على سعته و لا حتى القبة نفسها التي تعلوا شامخة في سماء الخرطوم بحري و ترى على بعد كيلومترات من كل الاتجاهات ,, فحمد الله فقد كان شديد الإيمان و رجع إلى ديوانه المشهور و إستدعانى و كنت حينها في الرابعة عشر من عمري و طلب منى أن أخصص له ساعة في اليوم لأقراء له ما يريد من مكتبته العامرة لما في ذلك من الفائدة لي و له تعجبت لهذا الطلب و استفسرته لماذا لا يقراء بنفسه و قد تعودنا عليه ممسكا كتابه بيمينه دائما أخبرني بما آل إليه بصره بعد اختباره هذا الصباح .. فأخبرته بان هناك غبار عالق في الجو هذا الصباح و مستوى الروية منخفض جدا حتى إنني لا أرى القبة كذلك فضحك رحمه الله حتى استلقى على قفاه و أنقدنى ريالا كاملا قائلا الله نجاك من الحبسة معاى . هذا هو الشيخ الفقيه محمد الحمودى حمد من أعيان حلة خوجلى و علمائها و هو حفيد الشيخ خوجلى أبو الجاز و عاش دهرا كأكبر أحفاد الشيخ خوجلى عمرا و علما و حضورا حتى توفى رحمه الله في عام 1996 م ,, كان ديوانه مشهورا بالدروس في علوم القران و الفقه و الشريعة و السيرة و اللغة و الأدب و كان قبلة السائلين و المستفتين في أمور دينهم و حتى دنياهم كان رحمة الله راجح العقل و ذلك بشهادة اقرأنه من جيله و كان السيد على الميرغني يستشيره في كثير من أمور الدين و السياسة و المجتمع و كان عند حسن الظن به دائما مع إنه لم يكن ختميا فقد كانت له فلسفته الخاصة في موضوع الأحزاب و التحزب و حتى في الطرق الصوفية كان يرى في هذا الكم الهائل من الأحزاب و الطرق الصوفية نوع من التفرق و عدم الوحدة فالدين واحد و الوطن يسع الجميع و قد أعتاد أهل الحي في تلك الفترة رؤية البروفسور عبد الله الطيب متجها صوب الديوان لمجالسة صاحبه لساعات قد تطول في الحديث عن اللغة العربية و الانجليزية و أدأبهما و من شعراء رواد صالون الحمودى الشاعر صالح عبد السيد أبو صلاح وكان هناك شخص و دود شديد اللطف تتقدمه ضحكة مميزة لم أكن أعرفه لحداثتي و كنت أسعد كثيرا لقدومه فقد كان حديثه شيقا و كان صديق شخصي للشيخ الحمودى ثم علمت أنه الموسيقار إسماعيل عبد المعين ,, جمع ديوان محمد الحمودى الشهير في حلة خوجلى طائفة من رجال العلم و السياسة و الفن و الأدب و قد وثق كل ذلك الأستاذ عبد المطلب الفحل في مجموعة حلقات سجلت بصوت محمد الحمودى في ديوانه بحلة خوجلى و بث في إذاعة امدرمان حوى الكثير من التأريخ لكثير من الأحداث و الشخصيات في تاريخ السودان المعاصر و الكثير من الذكريات و الطرائف .