بحري طراوة... ويا ناس بحري .. قالوا بتحبوا يلا حبونا..

Quote: الهادي آدم .. الشاعر الساخر كثيرا ما ربطت النشاطات الأدبية الشاعر بصيغة ما بحيث تحصره في هذه الصيغة فلا يجد منها مهربا فلا تعرف اتجاهات الشاعر إلا إذا وجدت نفسك وجها لوجه مع الشاعر في ديوان شعري أو مجموعة شعرية ..ولكن هذا الوجه الثاني يختفي تماما في المنتديات الأدبية ،وبخاصة إذاكان المنتدى متعلقا بموضوع ما بحيث يقدم كل المشاركين قصائدهم من خلال ذلك المنظور المعين .. بل لربما وجد الشاعر نفسه بحكم السن أن هناك مواضيع لا تناسبه فيصرف النظر عن إلقائها في المنتديات واللقاءات مع أنها عنده بمكان .. وهذا ماأود أن أتناوله في هذه العجالة عن الشاعر السوداني الهادي آدم ..الشاعر الذي تمر الآن ذكرى وفاته الثالثة فقد توفي في الثاني من فبراير عام 2006عن 79 عاما في دنيا الأدب العالي كان نتاجها ديواني شعر جُمعا في مجموعة شعرية واحدة ومسرحية شعرية باسم (سعاد).. والشاعر في ديوانه الأول (كوخ الأشواق) تحدث عن بعض الأطروحات الأدبية فيما كان يسمى الأدب الواقعي أو الاشتراكي إبان تفكيره فيما يحتفظ بنسبته إليه وما يلقي به في سلة المهملات .. يقول : مررت بتجربة من الدراسات جعلتني أغير رأيي في كثير مما قلت من شعر فكنت أكثر الناس قسوة على نفسي عندما نشطت حركة النقد الأدبي في مصر في شيء من المبالغة عند قيام الثورة المصرية وكنت طالبا بدار العلوم ومرت الأيام وراجعت النظر فيما ثقفت من آراء فانتصرشعري على رأيي ..ولك أن تفهمني كما شئت ويكفي أنني مزقت قصائد ما كنت لأمزقها الآن لو كانت بين يديّ! للشاعر في ديوانه ( كوخ الأشواق ) قصيدة باسم (عروس) ..تفاجأ فيها بالروح المرحة والنقاش الجاد بن الشاعر وصاحبه الذي يطلب منه الاشتراك في اختيار زوج له فقد قرر وبغير رجعة ان يتزوج ويترك دنيا العزوبية: أتاني صاحبي يبغي عروسا وكان يشيــــرُني في كل أمر فقمت مهنئا وطفِقت أتلــــــُو عليه كل عالقـــَة ٍ بفكري وقلت له سعادُ فقال إنـــِّي وهبت لحبها روحي وعمري سهرت الليل من شوق إليها وطال لنجمه عدِّي وحصري ولكن يا لحظي ! قيل لــمّّا ذهبت أريدُها خُطبـــت لغيري (وهذا في لغة السودانيين الشباب يسمى (شاكوشا) أي أن الفتا ة ذهبت زوجة ً مع آخر) ولكن الشاعر يسمِّي أخرى ..فالنساء غيرها كثيرات ! فقلت إذن هدى فأجاب : خلقٌ وتهذيبٌ وتربيــــة لعمري ولكن ما لَها في الحسن حظٌّ وهل ثمرٌ يطيب بغير خمر؟ لا يهم .. فالحسن شرط أساسي في الزواج وما كل الرجال يرضون بالخلق والتربية من غير جمال ولو كانت صاحبته هي مريم العذراء.. فليبحث عن ثالثة : وقلت إذن فزينب ذات حسن يقلب عاشقيها فوق جمر وقال ما يفيد الحسن إن لم تُزنْه خلائقٌ كالماء يجري؟ وصحت أراك يا خلِّي عنيدًا وما خيرٌ يكون بغير شرِّ فقال أراك أعلمَ بالغواني كأنَّــــك درةٌ في كلِّ نحـــْر فيجدها الشاعر فرصة لتقديم اسم جديد للزوجة القادمة .. فقلت أرى لزهـــــراء التفـــاتاً كظبـــية بانةٍ لاحــت بقـفر وأخلاقًا من الأنسام أحْلى ومن نغـــمٍ على الأوتـــَار يجري فقال : نعم ولكنْ بيـــتُ سوء وبيتُ الســُّوء بالحسناء يُزري ألم تسمـــعْ حديثَ الناس عنه وعن ماضـــيه من قبر لقبر ؟ فقلت : وما حديث الناس ؟ إني رأيت الحب لا يرضى بأسر فثار معاتبًا فسكـــــَتُّ لمَّا رأيت بوجـــْهه آيات زجــــــْري فما الحل للشاعر غير أن يبحث عن فتاة أخرى ليست سمعتها بالسيئة .. الفتيات كثيرات و(لا بدّ من صنعاء وإن طال السفر ): وقلت: إذن حليمة ! قال قبحًا لرأيك ! أشتــري جهلا بمهر؟ وما ذهبت إلى الكتّاب يومًا وما قــــَرأت ولوْ مـــِقدارَ سطـــْر وضقتُ بقوله ذرعًا فأغضــــى وعِيلَ لما يُعيد علـــيه صبري وهنا تتسارع أسماء الفتيات على لسان الشاعر ..يريد أن يتخلص من هذا العبء الذي ألقاه صاحبه عليه : وقلت : حياة قال : بها شلوخ وسلوى قال تلك بغير شعر فقلتُ اختر إذاً عشرًا حِساناً وخُــذ من كل واحِــدة بقدر وصُغ منهنَّ واحدةً وخذهـــا إليك قرينةً ما دمت تدري! وبرغم قدم القصيدة تاريخيا ، فقد كتبها منذ أكثر من خمسين عاما ، حيث لم يكن التعليم متاحا بصورة واسعة ، فكأنها كتبت قبل زمن قريب وهنا تبدو عبقرية الشعر.. وإن تكن كلمة تحتاج لشرح فهي كلمة (الكتّاب) التي تعني المرحلة الابتدائية حالا ، أي بعد ما يسمى التعليم ما قبل الابتدائي و(الروضة) في بلاد أخرى .. إن رحلة البحث عن فتاة لتكون زوجا لشاب ما هي رحلة متجددة والاختيار برغم كل الدأب والحرص لا يكون ناجحا وموفقا ،وما على الشاب إلا أن يبحث ويجدّ في البحث فالزواج هو الحل الذي لابد منه .. فالزواج هو السنة النبوية التي من تركها فقد رغب عن سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام .. ولا ننسى قولة الفيلسوف أرسطو الذي قال : يا بنيَّ تزوجْ .. فإما أن تكون سعيدا أو تكون فيلسوفا مثلي ( وكان تعيسا في زواجه من امرأة جاهلة) شاعرنا الهادي آدم الذي كتبت عنه سابقا لم يدع الشعر الهزلي لكل من هب ودبّ .. بل انتحى فيه منحىً جيدا بطرح قضية جادة في شكل محاورته الذكية مع صاحبه الذي لم يفصح عن مصيره في الزواج : هل ترك الزواج بالكلية؟ هل وجد صاحبته التي تحوي صفاتها الجمال والأدب والخلق والأسرة الطيبة ؟ هل نسيت ذكر أن الهادي آدم هو شاعر قصيدة (أغدا ألقاك؟) التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم بعد زيارتها للسودان عقب ما سمي (نكسة يونيو)؟ تلك القصيدة التي أقلقت شهرتها صاحبها وكأنه لم يكتب غيرها على مدى عمره الطويل نسبة ىالشعراء غيره عبد السلام كامل عبد السلام تلفزيون السودان الرمز البريدي 1441 ص ب 1094 أم در مان السودان هاتف: 0129092503 0155315247