بحري طراوة... ويا ناس بحري .. قالوا بتحبوا يلا حبونا..

Quote: ولد الشيخ حمد في العام 1055هجرية بجزيرة توتي ،وأسمه حمد بن محمد بن علي المشيخي ،وأشتهر عند الناس بولد أم مريوم ، ولد في بيت علم ودين فجدته لأمه من قبيلة المحس ومن بنات الولي القدال ،وجده من أمه مسلّمي من أسرة كشيب ، من أولياء أبو نجيلة ( الخرطوم بحري الآن ) ، والشيخ حمد والشيخ خوجلي أبو الجاز الذي تنسب له المقابر المشهورة ببحري الآن أبناء خالات ،وإسم حمد كان شائعاً في سودان وادي النيل (السودان الشمالي ) وقد عددتُ أكثر من خمسة عشر عالماً يحمل هذا الاسم ينتشرون من مدينة الكاملين في ولاية الجزيرة إلي دنقلا موئل الإسلام الأول،ولم يذكر صحب الطبقات من هو حمد الأول الذي تيمن به الناس ! حفظ القران علي يد الشيخ أرباب بن عون ،المشهور بأرباب الخشن حيث خشن جلده من كثرة الوضوء ،ويلقب بأرباب العقائد وقد درس حمد عنده التوحيد والعقيدة ولأرباب مؤلف في العقيدة أسماها (الجواهر) ودرس عنده –أيضاً – التصوف وعلم السلوك عن طريق الحكم العطائية (حكم ابن عطاء الله السكندري) ،وأرباب هذا هو بحق أول من أشعل في طريق الإصلاح شمعة حيث زامل الشيخ حمد في مدرسة أرباب نخبة انتهت إليه مشيخة الإسلام في السودان منهم الشيخ خوجلي أبو الجاز و الشيخ حمد حتيك ،وهارون أبو عصي والشيخ فرح ود تكتوك ،وهذه النخبة تميزت بالتزامن منهج علمي فيه التزام للسنة الشريفة ،وبهذا المنهج خالفوا المعروف السائد حتى أطلق بعض أهل ذاك الزمان علي الشيخ حمد لقب ( حمد المشاقق) ! ودرس الشيخ حمد الفقه المالكي بدراسة الكتب التي اشتهرت في السودان كشرخ خليل للموطأ ورسالة أبن أبي زيد القيرواني ،ومشايخه في الفقه هم عبد الرحمن ولد حمدتو الذي شرح على خطبة خليل وثلاث حواشي على كتاب الميراث فيه , قال صاحب الطبقات عنهن (وهن في غاية الإفادة وانتفعت بها المبتدئون والمنتهون)[3] وبعد أن أكمل الشيخ حمد تكوينه العلمي وقع خلاف بينه وشيخه أرباب العقائد كانت نتيجة هجرة حمد عن مدرسة أرباب العقائد (مسجد فاروق الآن) إلي داخل جزيرة توتي ،وهي رحلة على مرارتها فقد كانت هجرة لله فأخلف الله له مزيد علم ورفع ذكر ،ومدرسة علمية متميزة. معالم منهج ولد مريوم العمل قرين العلم مُنى المسلمون زمناً بانفصال العلم عن العمل أو تأخره عنه حتى يكاد ألا يأتي أبداً وإن أتى أتى خداجاً ،حتى أختلط حال الفقهاء بحال عامة الناس حتى أن صاحب الفراسة يعجز عن التفريق بين الفقيه والسفيه ،إذ كلهم في المعصية و أفعال الجهالة سواء ،إلا قليلا ممن رحم الله ،وبرز حمد بين فقهاء عصره باستمساكه بالهدي النبوي ودعوته لإتباع القول العمل ،وكانت دعوته هذه سبباً لخلاف بينه والشيخ أرباب العقائد ثم رحيله إلى توتي ويحكي حمد ولد أم مريوم قصة ذلك الشقاق فيقول : } كنت خادمه- أي أرباب- وملازمه ،وذات يوم قلت له يا سيدي :هذا العلم الذي قرأناه أنحن مأمورون بامتثاله أم لا ؟ قال :مأمورون .فقلت :أما قال الشيخ خليل (وكره صلاة فاضل على بدعي أو مظهر كبيرة)؟ . قال أرباب : نعم .قلت له: أما قال في تارك الصلاة (وصلى عليه غير فاضل )؟ قال :نعم .قلت لم تصلي عليهم؟) يقول الشيخ حمد فترك الشيخ الصلاة عليهم وقتاً ومازال الناس بأرباب ليثنوه عن فعله ويقولون له : ( هولاء حيرانك وأقربائك تسمع كلام حمد المشاقق)، فعاد كما كان ،فرحلت منه ودخلت توتي.ويشق على نفس الصديق مفارقة الصديق فكيف بالشيخ الصفي؟{. وأما حمد في ذات نفسه فقد كان يلزمها السنة والجادة وإن كرهت ،وكان زاهداً في دنيا الناس حتى كأنه ليس من الناس في خصلة من خصاله بل هو طينة وحده فقد لبس الشيخ الجبة والمرقعات ونسج العناقريب وتقوت الخريم وقال (لأجل علل ثلاث:هضم للنفس وقلة الحلال في زماننا هذا وإتباع السلف الصالح)[الطبقات ص67] وكان يأكل من عمل يده واتخذ الزراعة حرفة يدفع نصف إنتاجه للسلطنة وبلغ من ورعه أنه بنى جداراً يفصل بين مزرعته ومزرعة جاره كي لا يقع زرع جاره في أرضه .وقد أعتق رحمه الله كثيراً من الرقيق وكان يوجه أتباعه ببيع زكاة المواشي من أجل عتق الرقيق.