مواضيع توثقية متميزة

عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 01:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-23-2005, 00:04 AM

elfaki

تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 128

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد

    المسألة التي يعرضها أسامة في بوسته (في القراءة الخاطئة : يمنى العيد مثالا)
    مسألة تقع في جزء منها فيما يُطْلَقُ عليها : ( الإجراء المعجمي الخاطئ ) .
    يقع الخطأ في المعجمية من جهتين : جهة إجراء الدال : في التوارد الصوتي للكلمة . و جهة استقراء المدلول في توارد معاني الكلمة . ففي الجهة
    الأولى قد يقرأ الباحث ( دال المفردة ) و هو الجانب الخاص
    بأصوات الكلمة فيقع في نوع من تحريف أو تصحيف يؤدي إلى سوء
    فهم في إجراء المفردة . فعلى سبيل المثال في هذه الجهة
    أجرى الدكتور لويس عوض كلمة ( الصلتان ) في شعر المعري غلطاً
    في كلمة (الصلبان ) . و الصلتان نوع من الحشائش معروف في عصر
    المعري . و على هذا الإجراء الخاطئ في مستوى الدال بنى الدكتور
    لويس عوض كل كلامه عن التسامح الديني بين الاسلام و المسيحية .

    فهنا إجراءآن : إجراء المفردة إجراءً خاطئاً ، و إجراء القصيدة بناءً
    على الإجراء المعجمي الخاطئ (أي : الصلتان هي الصلبان) . لهذا الوضوح
    بين الإجراءين لا نستطيع أن نقول أن الباحث قد أغلقنا عليه قراءته
    فعليه أن يقول ما يشاء و كما يرى . فللذين ردوا على أسامة يخافون
    حجر أسامة على توسعة التأويل ، و أن عنوان " القراءة الخاطئة " هو
    عنوان في أساسه خاطيء ، أستأذنهم و صاحبِ [البوست]
    و أقول لهم و لهن : ليس المقصود هنا القراءة كقراءةٍ
    في التأويل و إنما المقصود هنا ذلك الإجراء الذي يقود إلى
    مثل نوع هذا البناء كما عند لويس عوض.

    أتناول الآن الجهة الثانية : و هي جهة الخطأ في استقراء
    المدلول المعجمي . و هو الخطأ الأكثر سيادة من الأول . ففي
    المدلول هناك جانبان يزلقان الباحث نحو الغلط هما أن يعتمد
    الباحث اعتماداً تاماً على أن يكون مدلول مفردة في نص يدرسه هو
    نفسه مدلول تلك المفردة في لغته اليومية التي يتحدثها . و آخذ
    في هذه الحال مثالاً هو الدكتور إحسان عباس . فهو فهم عبارة
    ( العشق جنون إلهي ) فهماً يجعل النسبة في (إلهي) إلى كلمة (إله)
    في معناها الأول في اللغة . يقول (و أسوأ من ذلك صنيع إخوان الصفا ،
    فأوردوا قول من قال إن العشق جنون إلهي ) أ.هـ . فعبارته
    (و أسوأ من ذلك ) تشير إلى هذا التوهم من جانب المدلول
    عند الدكتور إحسان عباس . لكننا نفهم العبارة في حدود قاموس
    المنطق و الفلسفة القديمة و ليس في حدود اللغة كما فعل إحسان عباس .
    فكلمة (إلهي) في التراث العربي لهذا القاموس تعني (طبيعي)
    في مقابل كلمة (صناعي) : فعندهم (الإلهيات و الصناعيات) .
    فالإلهي هو الطبيعي و الصناعي هو المكتسب . لذلك
    فالحب ليس شيئاً مكتسباً بل هو (إلهي) . و الجنون يعني أن
    العشق لا يمكن تدبيره بعقل . فالعشق جنون طبيعي ( جنون ليس
    عضوياً إذا ما قورن بالجنون العضوي) . و فيه لا تجري أمور
    العاشق [رجلاً أم امرأة] على ما يوجب صلاح البدن لأن العاشق
    يصبح عيوفاً . فاعتمد الدكتور إحسان عباس اعتماداً تاماً
    على لغتنا اليومية المعاصرة فوقع في التوهم .

    أرجع الآن إلى الجانب الثاني في استقراء المدلول استقراءً
    خاطئاً و هو إصرار الباحث على اللغة العربية الفصحى المشتركة
    الآن بين اللهجات المعاصرة و ترك سوسيولوجية المدلول في اللهجة
    التي ينطلق منها كاتب النص . و أضرب مثالاً قد يكون غريباً و قد
    حيرني فعلاً هو مثال طة حسين الذي قرأ ابن خلدون في مفردة
    " العرب " على أنها تعني القوم و ليس الأعراب البدو .
    و ذلك من خلال عناوين ابن خلدون و ليس من متن المقدمة .
    ففي مقدمة ابن خلدون أعرض عنواناً واحداً على سبيل المثال
    و هو " فصل في أن العرب أبعد الناس عن الصنائع " ففي متن
    المقدمة يتحدث ابن خلدون عن البدو . و يصر طه حسين أن يجعل
    مدلوله هو القوم و ليس الأعراب أي : البدو .

    يقول الدكتور علي عبد الواحد وافي محقق المقدمة
    في طبعته 1958 م (و قد رتَّب بعض هؤلاء على فهمهم الخاطيء
    لمدلول كلمة " العرب " في عبارات ابن خلدون نتائج غريبة.
    فمن ذلك ما ذهب بعضهم من أن ابن خلدون يدين بالمذهب الشعوبي
    المعادي للعرب و أنه من الكافرين بالعروبة . و من ذلك أيضاً
    ما زعمه بعضهم من أن في تحامل ابن خلدون على العرب دليلا على
    أنه من أصل غير عربي ، و أنه على الرغم من ادعائه العروبة فإن
    طبيعة دمه تغلب عليه في تفكيره و مفاضلته بين الشعوب ) أ. هـ.

    فالتخصيص الدلالي المعجمي في لهجة المغرب العربي عصر ابن خلدون يطلق " العرب " على البدو . و هو التخصيص الذي غلب على ابن خلدون نفسه
    فأورده في كل العناوين التي تتحدث عن البدو في مقدمته .
    و هو التخصيص نفسه الذي يجري عندنا الآن في السودان.
    و المهدي في رسائله يطلق عبارة " العربان " .
    و هي عبارة تقلصت الآن و حلت محلها صريح العبارة : ( عربي ) في اللهجة .

    لذلك ليس وارداً أن يصيغ البعض هذه العبارة حجة في التناقض عند
    الكلام عن الهوية العربية في السودان . و ذلك اعتماداً على المدلول
    العام للفصحى متناسياً المدلول المخصص للعامية . يقول الدكتور
    فرانسيس دينق في كتابه حرب الرؤى المترجم بصراع الرؤى
    ( السودانيون الشماليون من سكان المدن يشيرون في بعض
    الاحيان لسكان الارياف من بني جلدتهم على أنهم " عرب " ،
    و هي اشارة تحقيرية للبدو غير المتحضرين ، و يشكل ذلك
    موقفاً مناقضاً من الهوية العربية )(ص11 ) . فالتناقض في
    رأي فريسيس دينق أنَّ ( غالبية المجموعات الشمالية التي
    تدعي ارتباطات وراثية مع السلف العربي تعتقد بأنها تنتمي
    عرقياً و ثقافياً للعرب )(ص11نفسه) . بالجملة ، فالتناقض عنده
    هو أن هذه المجموعة تعتز بكلمة (عربي) في الانتماء و تحتقر
    في نفس الوقت الكلمة نفسها . الآن دعونا أن نرى ما الحاصل؟.
    فالمجموعة التي يشير إليها دينق حين تدِّعي كلمة (عربي) انتماءً
    فهي تشير إلى القوم ، و حين تستعملها في لغتها اليومية تشير
    إلى (البدوي) الذي لا يحذق صناعة و غير متحضر . فالأولى
    هي الدلالة العامة المعروفة في الفصحى ، و الثانية
    هي الدلالة الخاصة المستعملة في اللهجة اليومية الآن
    و المغربية عصر ابن خلدون . و في كلتيهما تعني (البدو) .
    مما يرفع حد التناقض الذي يقرُّه دينق . ففرانسيس دينق
    مثل طه حسين من قبل . إذ كلاهما يصران على المدلول العام
    الفصيح و يتناسيان الحصر الدلالي الخاص في اللهجتين السودانية و المغربية .

    أشير أخيراً إلى أن " الإجراء المعجمي الخاطئ " في إجراء الدال
    أو استقراء المدلول كما وضح في الأمثلة أعلاه يقود إلى ما يُطلق
    عليه في نظرية النص المعاصرة مصطلح (استخدام النص) في مقابل
    (تفسير النص) من جهة و (تأويل النص) من جهة أخرى . يمكننا الآن
    أن نقول أن لويس عوض و إحسان عباس و طه حسين و فرنسيس دينق
    قد استخدموا النص(المكتوب / المحكي) فكانوا يرمون بعيداً عن
    دائرتي تفسير و تأويل النص . و حين يقول سياسي مثل الحاج مضوي
    ( نحن لا يمين و لا يسار نحن حزب الوسط . يقول الله تعالى "و كذلك
    جعلناكم أمة وسطا " ) ، يبقى الحاج مضوي مستخدماً النص في
    استخدامه لكلمة (وسطا) ليبرر أن حزبه هو حزب الوسط بالمعنى السياسي
    المؤكد من القرآن . و يستخدم كذلك دون وعي منه أن يحتكر كلمة
    (أمة) خروجاً من المدلول الديني و دخولاً بها في المدلول السياسي
    المعاصر التي تعني في هذه الحال أمة حزبه .

    أما الاختلاف الإجرائي بين النص في (استخدامه) و ( تفسيره )
    و ( تأويله ) فهو أمر لا يسع نكته هذا المقام . لأن بيان
    الفرق بين الإجراء (استخدام / تفسير / تأويل) يختلف من
    القراءة (قراءة تفكيك / قراءة نفسية / قراءة علامية / قراءة فلسفية ...الخ) .
    و هي الجهة التي تسامح فيها أسامة الخواض من عنوانه : ( في القراءة الخاطئة)
    بدلاً من (في الإجراء الخاطيء) . و هي نفسها التي قادت
    إلى أن يشفق قراؤه من حجر القراءة الواسعة كما بينت أعلاه .
    فالقراءة و الإجراء أمران يختلفان لا يمكن أن نجازي بعضهما
    ببعض ؛ بدلاً من الأخرى .. فمثلاً حين يقول دريدا
    (كيف أُخلِّص هوسرل من قراءة هيدجر ) أو يقول ايكو
    (كيف أُخلِّص بيرس من قراءة دريدا ) ، فإن الإثنين يعلمان
    جيدا أن الإجراء كان إجراءً صحيحاً بل الإشكال في القراءة .

    يرى أسامة أن الناقدة اللبنانية يمنى العيد أجرت الدلالة
    المعجمية لعبارة (البلد) في رواية موسم الهجرة قياساً على
    الفصحى المعاصرة معيارياً ( المقصود بالفصحى هنا القياس
    المعاصر المشترك لجميع اللهجات المعاصرة الآن و ليس المقصود
    الفصحى اللغوية في اللغة التراثية الكلاسيكية ) . و هي
    الدلالة المعجمية التي تتراوح بين مدلول الوطن و مدلول
    المدينة و بصورة اقل القرية . و هذه الأخيرة تتداولها كثيراً
    عبارة (البلدة). هذا على مستوى معجمية الفصحى المشتركة المعاصرة .
    و ذلك في قولهم الرسمي (البلاد العربية ) في مقابل
    القول الآيديولوجي (الوطن العربي ) بدلاً من (العالم العربي)
    أو السؤال (من أي بلد أنت ؟ ). فصادف هذا الأسلوب المشترك
    المعاصر في الفصحى بعض تخصيصات الدلالة المعجمية عند غالبية
    لهجات عربية معاصرة . فتتراوح كلمة (البلد) بين الوطن
    و المدينة في معظم اللهجات المعاصرة الآن . يقولون وسط
    البلد كما في القاهرة ، أو يقولون أنا وِلْـدِ بلاد كما في
    طرابلس . و في كلا القولين المقصود على التوالي وسط المدينة و أنا ود مدن .

    و لها في اللهجة عندنا أيضا هذا التخصيص ــ أعني مدلول الوطن ــ
    في المستوى الثقافي مثل (خطاب مسجل للبلد، و ملعون أبوكي بلد،
    و كذلك بلادي بلادي فداك دمي). أما ود بلد في فانتازيا الهوية
    مثلما في أغنية عبدالله محمد : [ نحن أولاد بلد نقعد نقوم على
    كيفنا ] أو الهتاف الدارج لحزب الأمة :[ البلد بلدنا و نحن أسيادها]
    فالغالب في مدلولها ليس (الوطن) بمفهومه الحديث .
    و إنما يأخذ المدلول ظلالاً أخرى تشير إلى (الأصل و الفصل)
    الأصل من جهة النسب و الفصل من جهة اللسان . و هو الإحساس
    الذي وصل أبي الراوي و الراوي عن مصطفى سعيد في أن البلد
    بلدهما و هو الغريب (أي غريب النسب و اللسان) .

    فهل في رواية موسم الهجرة تسير عبارة بلد في هذا التخصيص
    الموجود في اللهجة بصورة عامة أم تسير في التخصيص الدلالي في
    لهجة منطقة ود حامد بصورة خاصة ؟ و كما هو معروف لاتعني
    عبارة بلد في تلك المنطقة الوطن . فهي تتراوح بين (البلد و الصعيد) .
    فهم في الصعيد يقولون : (أنا نازل البلد) ، و هم في البلد يقولون : (أنا شايل الصعيد) .

    في رواية موسم الهجرة حين عاد الراوي إلى قريته ، وجد رجلاً
    غريباً هو مصطفى سعيد . فسأل الراوي أبيه عنه فقال له أبوه :
    ( إن مصطفى سعيد ليس من أهل البلد ، لكنه غريب جاء منذ خمسة أعوام ،
    اشترى مزرعة و بنى بيتاً و تزوج بنت محمود . رجل في حاله ) .

    في ضوء الشرح أعلاه ماذا تعني عبارة (البلد) في كلام أبي الراوي ؟
    هل تعني (الوطن) أم تعني ( الأصل و الفصل ) ؟ لِنُنَصِّصَ الاقتباس أعلاه
    بالمفهومين. و هو اقتباس نأخذه من يمنى العيد و ليس من الرواية لأنه
    يشكِّل بالنسبة إلى الناقدة ما أطلقت عليه [ مدخل إلى الرواية ] .
    فهذا الاقتباس هو مدخلها في بناء نقدها للرواية.

    أولاً (1) [ إن مصطفى سعيد ليس من أهل < الوطن > لكنه غريب جاء
    منذ خمسة أعوام ، اشترى مزرعة و بنى بيتاً و تزوج بنت محمود رجل في حاله ]

    ثانياً (2) [ إن مصطفى سعيد ليس من أهل < الأصل و الفصل > لكنه
    غريب جاء منذ خمسة أعوام ، اشترى مزرعة و بنى بيتاً و تزوج
    بنت محمود رجل في حاله ]

    إن المعنى في (1) و هو الوطن يقود كلمة (غريب) الموصوف به
    مصطفى سعيد إلى أنَّ الأزمة هي أزمة فقدان الوطن الذي هو السودان .
    و بالتالي تحمل الصفات الشعورية لكلمة غريب نفس الصفات الشعورية لكلمة أجنبي المحدثة .

    و المعنى (2) الذي هو الأصل و الفصل يقود كلمة (غريب)
    الموصوف بها مصطفى سعيد إلى أن الأزمة هي أزمة انتماء للقرية /المكان
    (نقول تماشيا : ود حامد) . و بالتالي تحمل الصفات الشعورية لكلمة
    غريب نفس الصفات الشعورية لكلمة المواطن الوافد لمكان إثنولوجي عصية علاقات استيعابه .

    هنا تعقيد آخر في الدلالة اللغوية لكلمة [ غريب ] .
    فقولنا في (1) : الصفات الشعورية لكلمة غريب نفس الصفات
    الشعورية لكلمة أجنبي ، نجد لها عبارة هي عبارة غريب بدلاً من
    كلمة أجنبي . كما في الحماسية التي يتغنى بها العطبراوي
    (ياغريب يلا لي بلدك) التي تعني (أنت لست بذي أصل و فصل
    هنا فاذهب لأصلك و فصلك) . و ذلك دون أن نرجح أن
    الحماسية تريد (يا أجنبي يلا لي وطنك) لبُـعْـد إنتاج مثل هذا
    النوع من الدلالة . لأننا رأينا في أدبيات النهضة السودانية في
    العشرينات و الثلاثينات أن العبارة المستعملة هي (النازحين) و
    ليست (الأجانب) المحدثة . و هو الزمن القريب لزمن كلام أبي الراوي :
    (مصطفى سعيد ليس من أهل البلد لكنه غريب) . و في قولنا في (2)
    : الصفات الشعورية لكلمة غريب نفس الصفات الشعورية لكلمة
    المواطن الوافد لمكان إثنولوجي ، نجد لها عبارة في اللغة
    المستعملة هي عبارة غريب . و هي العبارة التي يستعملها
    أهل توتي كمكان إثنولوجي . يقولون : (الليلة البلد
    دخلها غريب) . لاحظ كلمة (بلد) التي تعني الأصل و الفصل
    و الغريب هو غريب لأنه ليس من أهل البلد في أصله [حصراً
    على توتي و ليس حصراً على عرقه] . و كذلك في فصله
    [ لأن لسانه لا يجري مجرى لهجة توتي ] .

    و نشير الآن إلى أنَّ دلالة عبارة (بلد) قد توسَّـعت لتعني الأصل .
    ففي المطاعم حين تطلب (بلدي) يعني أنك طلبت الطعام الأصل بالنسبة
    إلى طعوم أخرى وافدة كالمحشي و الكباب و السبانخ
    و كل أنواع الطبائخ . و في فانتازيا الهوية يقولون (ود بلد)
    أي الكائن المؤصل المفصَّـل بالمعنى الذي شرحناه فوق .

    عندنا الآن معنيان : معنى عبارة (بلد) الذي يرادف (وطن) .
    و معنى عبارة (بلد) الذي يكافيء (الأصل و الفصل) في مكان
    هو (قرية إثنولوجية) .

    فأيُّ واحد من المعنيين أخذته الناقدة اللبنانية يمنى العيد ؟ .
    قبل الإجابة عن هذا السؤال نود أن ننبه أنَّ هذه المنطقة منطقة
    (زلقة) جداً إذا لم ننتصف فيها باستعانة الصبر و سماحة التأمل .
    فقد يقول قائل إن المعنيين يقودان إلى أزمة واحدة هي أزمة تملك
    الوطن التي جاءت بها الأستاذة الناقدة يمنى العيد . و لكن عند
    دقيق التأمل يختلف المعنيان و لا يقودان نحو إشكالية واحدة .
    فالمعنى الأول يقود إلى إشكالية : ( فقدان الوطن ) .
    و المعنى الثاني يقود إلى إشكالية : ( علاقات المكان الاثنولوجي )
    الذي لا يستوعب في علاقاته تلك كل وافد غريب . و ذلك من مبتدأ حجة الأصل و الفصل . بمعنى أصل العرق و فصل اللسان . يقولون فلان مؤصل
    و مفصل أي عرقه مثل عرقهم و لهجته مثل لهجتهم . و بمرور الزمن
    و الاختبار يتحول هذا الغريب إلى الحكيم الذي يُدخل أشياء جديدة في هذا المكان و يرتبه .

    تشير يمنى العيد في نقدها للرواية إلى ما أطلقت عليه ( سهم الرغبة ) .
    و هذا السهم ينطلق ــ كما تقول يمنى العيد ــ في ( اتجاه تملك الوطن الذي هو السودان ) . لذلك فالرغبة هي الرغبة في تملك الوطن . فعندها أن مصطفى
    سعيد يحمل هذه الرغبة و كذلك الراوي . و الفرق بينهما أن مصطفى سعيد
    ( يحمل هذه الرغبة و يعيش هاجس تحققها ) ، بينما الراوي
    ( اتسمت عنده بطابع مغاير حدة و توتراً و هوية انتماء ) .

    ترتبط هذه الإشارة بقولها لاحقاً في نفس الصفحة ( شخصية مصطفى سعيد
    المهيمنة و المشكك في انتمائها إلى الوطن في شروطة هذه : " إن مصطفى
    سعيد ليس من أهل البلد ، لكنه غريب جاء منذ خمسة أعوام " ) .
    و أخيراً تتساءل ( كيف يكون الإنسان في وطنه غريباً فيه ؟ ) .


    فمن الواضح أنَّ ما ترجحه يمنى العيد في فهمها هو أن مدلول
    (البلد ) يكافيء مدلول (الوطن) ؛ في الاقتباس " إن مصطفى سعيد
    ليس من أهل البلد ، لكنه غريب " . و هو الاقتباس الذي جعلته
    الناقدة شرطاً من شروط الشك في انتماء مصطفى سعيد للوطن . و ذلك
    ارتكازاً على المستوى المعياري المعاصر للعربية في عبارة (البلد)
    و هو الذي صادف التخصيص الدلالي للهجة اللبنانية . فإلى أيِّ مدى تم
    (استخدام النص) عند يمنى العيد في أن توجِّه مدلول (البلد) نحو (الوطن):
    و من ثم نحو مقولتها النقدية [تملُّك الوطن] .؟ و كيف تحولت الإشكالية
    عندها من (علاقات المكان الإثنولوجي) حيث غربة مصطفى سعيد في استثنائه
    [ أصلاً و فصلاً ] إلى إشكالية فقدان الوطن ؟ .

    تنتمي هذه الأسئلة ــ كما أسلفنا ــ إلى استخدام النص .
    و يأتي مبتدأ هذا الاستخدام عند يمنى العيد مما أطلقت عليه
    ولادة ( النسق الخاص بالرواية ) . فما هو هذا النسق الخاص ؟ .
    إن هذا النسق الخاص هو عند الناقدة حركة ( الغربة و الهجرة ) .
    و هي الحركة التي شملت مصطفى سعيد و الراوي كليهما . و فوق ذلك ،
    هي التي ستعيد ترتيب رؤيتيهما و تستهدف كما تقول ( تملك الوطن ) .
    و لهذه الوظيفة الأساسية للغربة و الهجرة تتأسس عند الناقدة يمنى
    العيد مجالان: مجال التقنية و مجال الرؤية . فالتقنية فيما
    أسمته (زمن القص) و هو الزمن الذي يبدأ بحضور مصطفى سعيد
    و الراوي في القرية . أما على صعيد الرؤية ؛ فالناقدة ترى
    أنها لن تنحاز إلى الرواية من رؤية جغرافية مثل الشرق/الغرب ،
    أو رؤية حضارية مثل التخلف/التقدم ، كما هو السائد في رؤية
    الرواية عند كثير من النقاد ، بل من مبدأ النظر الذي يقرُّ
    بـ ( مستوى الفعل الروائي كدينامية تنهض ببنية الرواية ) كما تقول.

    حين تضع الناقدة يمنى العيد المسألة الجغرافية ( الشرق/الغرب )
    أو الحضارية ( التخلف/التقدم ) جنباً إلى جنب مع مسألتها
    الخاصة ( دينامية بنية الرواية ) أو بتعبير خالدة سعيد
    ( حركية الابداع ) ، فإنَّ هذا الوضع يجعلها أول وهلة
    أن تتعامل مع النص في دنيا خاصة للنص امتثالاً للناقد .
    و ليس مشاركة بأي علاقات أخرى . كالعلاقات التي أجريناها
    في عبارة (بلد) سلفاً أعلاه . إنَّ مثل هذا الإجراء هو الذي
    يقود إلى مسألة استخدام النص . [ يتبع بصورة أخرى ] .





                  

العنوان الكاتب Date
عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد elfaki03-23-05, 00:04 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد عبد الحميد البرنس03-23-05, 00:39 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد ابراهيم حموده03-23-05, 05:00 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد الجندرية03-23-05, 07:01 AM
    Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد munswor almophtah03-23-05, 12:29 PM
      Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد عبد الحميد البرنس03-24-05, 07:06 AM
        Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد تراث03-24-05, 03:41 PM
          Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد عبد الحميد البرنس03-24-05, 08:29 PM
            Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد newbie03-25-05, 02:21 AM
              Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد atbarawi03-25-05, 04:09 AM
                Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Bushra Elfadil03-26-05, 00:39 AM
                  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد عبد المنعم ابراهيم الحاج03-26-05, 02:28 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya03-26-05, 12:04 PM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya03-26-05, 06:45 PM
  Re: نص دراسة يمني العيد - رابط Agab Alfaya03-27-05, 09:03 AM
    Re: نص دراسة يمني العيد - رابط تراث03-27-05, 01:38 PM
  Re: افتراض هذ الاشكال لا مبرر له في متن الدراسة ! Agab Alfaya03-27-05, 08:37 PM
    Re: افتراض هذ الاشكال لا مبرر له في متن الدراسة ! atbarawi03-27-05, 09:55 PM
      Re: قدرة النص علي انتاج دلالاته ! Agab Alfaya03-28-05, 09:21 PM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya03-29-05, 10:54 AM
  Re: المواطنة شرط "تملك الوطن " Agab Alfaya04-02-05, 09:59 PM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد محمد أبوجودة04-03-05, 02:43 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya04-03-05, 11:40 AM
  أهم تيارات النظرية المعاصرة حول النص osama elkhawad04-04-05, 09:14 AM
  نسخة من التنبيه osama elkhawad04-05-05, 06:37 PM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Bashasha04-05-05, 07:33 PM
    Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد عبد الحميد البرنس04-05-05, 08:17 PM
      Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Bushra Elfadil04-06-05, 05:57 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Bashasha04-06-05, 10:17 AM
  Re:التشكك في الانتماء للوطن وفق الشروط السائدة ! Agab Alfaya04-06-05, 09:57 PM
    Re: Re: مراجعة النفس خير من التمادي ! Agab Alfaya04-07-05, 09:23 AM
    يتبع بصورة أخرى elfaki04-13-05, 02:09 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد osama elkhawad04-07-05, 12:50 PM
  Re: مراجعة الاخطاء ليس تحريرا لشهادة وفاة ! Agab Alfaya04-07-05, 11:36 PM
    Re: مراجعة الاخطاء ليس تحريرا لشهادة وفاة ! Bushra Elfadil04-08-05, 02:21 AM
    Re: مراجعة الاخطاء ليس تحريرا لشهادة وفاة ! Agab Alfaya04-08-05, 04:35 AM
      Re: مراجعة الاخطاء ليس تحريرا لشهادة وفاة ! عبد الحميد البرنس04-08-05, 10:45 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya04-10-05, 09:28 PM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد osama elkhawad04-10-05, 09:34 PM
  وحتى يعود لنا لطيف osama elkhawad04-11-05, 10:30 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya04-11-05, 01:01 PM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد osama elkhawad04-11-05, 01:25 PM
  اخترتما هذه النهاية المخزية osama elkhawad04-11-05, 02:23 PM
    Re: اخترتما هذه النهاية المخزية عبد الحميد البرنس04-11-05, 04:51 PM
      Re: اخترتما هذه النهاية المخزية Samau'al Abusin04-12-05, 05:33 AM
      Re: اخترتما هذه النهاية المخزية Samau'al Abusin04-12-05, 05:34 AM
        Re: اخترتما هذه النهاية المخزية عبد الحميد البرنس04-12-05, 08:02 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya04-11-05, 10:30 PM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد osama elkhawad04-11-05, 11:57 PM
    Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Bushra Elfadil04-12-05, 01:26 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد osama elkhawad04-12-05, 01:39 AM
    Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Hussein Mallasi04-12-05, 01:53 AM
    Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Bushra Elfadil04-12-05, 02:27 AM
  بشرى المتأكدم osama elkhawad04-12-05, 02:00 AM
  عزيزي ملاسي osama elkhawad04-12-05, 03:15 AM
    Re: عزيزي ملاسي Hussein Mallasi04-12-05, 03:48 AM
      Re: عزيزي ملاسي Hussein Mallasi04-12-05, 04:19 AM
        Re: عزيزي ملاسي Hussein Mallasi04-12-05, 04:35 AM
        Re: عزيزي ملاسي Bushra Elfadil04-12-05, 04:48 AM
          Re: عزيزي ملاسي عبد الحميد البرنس04-12-05, 12:05 PM
  يرحل غير مأسوف عليه osama elkhawad04-12-05, 11:43 PM
  ليوتار هو أول من أطلق مصطلح "ما بعد الحداثة"؟ osama elkhawad04-13-05, 00:46 AM
    يتبع بصورة اخري elfaki04-13-05, 02:21 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya04-13-05, 04:17 AM
  لا يستحق الاحترام osama elkhawad04-13-05, 03:29 PM
    Re: لا يستحق الاحترام Agab Alfaya04-14-05, 02:48 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد نصار04-13-05, 03:46 PM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد osama elkhawad04-14-05, 03:37 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya04-14-05, 06:11 AM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Agab Alfaya04-14-05, 07:31 AM
    Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد Hussein Mallasi04-14-05, 07:49 AM
      Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد عبد الحميد البرنس04-30-05, 10:22 AM
  في انتظار عبد اللطيف للرد على المداخلات osama elkhawad04-30-05, 02:03 PM
    Re: في انتظار عبد اللطيف للرد على المداخلات لقمان حسن همام04-30-05, 07:52 PM
  Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد بشري الطيب05-02-05, 05:45 AM
    Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد لقمان حسن همام05-02-05, 02:45 PM
      Re: عن أسامة الخواض في نقده ليمنى العيد elfaki05-03-05, 02:15 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de