مواضيع توثقية متميزة

رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 01:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-20-2005, 08:03 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية

    السادة أعضاء المنبر
    هذه رسالة طويلة سأنشرها على أجزاء، وقد نشرتها، ولا تزال تنشر بقيتها جريدة الشرق القطرية. وقد اخترت لها عنوان رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية، واحدة وثلاثون جلدة على مؤخرة رجل، ولكنها آثرت نشرها تحت العنوان الحالي. أرجو أن يتسع صدركم ويسمح وقتكم لقراءتها.
    لكم التقدير
    أمير بابكر عبدالله

    رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية
    مذكرات سجين في معتقلات الجيش الشعبي لتحرير السودان
    الحديث عن الحركة الشعبية لتحرير السودان - كما يقولون - ذو شجون، أما الكتابة عنها أو حولها فذات أشجان. وأن أكتب أنا حولها فهي الأشجان ذاتها، خاصة تحت هذا العنوان. وإذا كان العنوان ملفتاً بدرجة ما، وقد يوحي بما سيوحي به، فإن ما سيرد تحته من سرد ورؤى وأفكار ستكون له علاقة مباشرة وغير مباشرة به. أما سبب اختياري الكتابة تحت هذا العنوان فهو أنني جلدت في سجن الجيش الشعبي لتحرير السودان، وبواسطة طاقم حراسته، وعلى مؤخرتي إحدى وثلاثين جلدة، بعد أن وافقت قيادته في الجبهة الشرقية رأي المخابرات الإرترية على نقلنا واستمرار اعتقالنا في سجونها بدلاً من السجون الإرترية. أما دوافعها فهو تلك العلاقة التي تربطني بالحركة الشعبية التي سأتعرض لها في موضعها، وكذلك محاولة للمساهمة - من وجهة نظري - في تلمس وجهة المرحلة المقبِل عليها السودان، وإبداء الرأي - الذي ربما يكون مفيداً - في بعض القضايا التي قد تهم الحركة الشعبية وغيرها من القوى السياسية.

    أرجو أن يتسع صدر فخامتكم Mr. Chairman لما سأكتبه - كما عودتمونا - وإنني مليء بالثقة في أنكم ستولون القضايا المطروحة هنا جل عنايتكم واهتمامكم.


    جلدة أولى
    كان الوقت مساء، حين قذف حراس السجن بأحد مقاتلي الجيش الشعبي داخل السور الشوكي، وهو يترنح سكراً ونشوة. ورغم آثار الضرب المبرح البائنة على وجهه وجسده فإنه وقف وسط باحة السجن "الشوك" وتمطى، ثم بدأ يمارس رقصة "تور مجوك" الدينكاوية الشعبية الممتعة في هالة من ضوء القمر، وهو يترنم بصوت عذب وبلحن "مورالي" جذب انتباهنا رغم التعب:
    نحن جيش شعبي

    نحن جيش تحرير

    قائدنا د. جون قرنق قال:

    سودان قديم لازم نغيِّرو.

    ابتسمت دواخلي، ابتسامة تعلَّق بحوافها طعم حبة الكلوروكين حين يتجشأها مريض الملاريا والحمى تكاد تهرس عظامه ومفاصله، ولكنه ينتظر موعدها - بشغف ووجد - صباح الغد ليبتلعها مرة أخرى. ورغم أنه يغمض عينيه بشدة ولكنه لا يفعل ذلك خوفاً منها ولا من طعمها، ولكنه يخاف ذلك الطعم العالق بذاكرته حين يضطر لأن يتجشأ يوم غدٍ.

    وتذكرت كيف أن سعادة كبيرة غمرتني - وهي بالتأكيد غمرت الآخرين - حين أمرنا قائد ثاني مركز تدريب القوات الخاصة الإرترية - المشرف على أمر اعتقالنا- في موقعه قرب الحدود السودانية، بالاستعداد للمغادرة إلى موقع قيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان بالجبهة الشرقية في منطقة "ربدة"، على أن يتم ذلك خلال خمس دقائق نلملم فيها بقايا دفء في مفاصلنا التي اعترتها إفرازات، الرطوبة وبعض متاع تبقى لنا أثناء رحلة المعاناة والتعب. جاء ذلك الأمر بعد شهرين قضيناهما - نحن سبعة سودانيين من قيادات التحالف - رهن الاحتجاز بواسطة المخابرات الإرترية، وبأوامر مباشرة من القيادة السياسية والعسكرية للنظام الحاكم في إرتريا في ذلك المركز، وهي الفترة منذ الأول من شهر أغسطس وحتى الثلاثين من سبتمبر عام 2004م.

    منبع تلك السعادة هو مغادرتنا لذلك الموقع البائس، ونهاية الرهق النفسي الذي عانيناه طوال فترة اعتقالنا في ذلك المركز، وخلفنا مصوبة فوهات البنادق كما مجرمين عتاة بما فيها بعض بنادق تخص الجيش الشعبي لتحرير السودان استعانت بها المخابرات الإرترية لحراستنا. أما منبع السعادة الآخر فهو اقترابنا المكاني من أرض الوطن الذي يسكن وجداننا، وأن هذا الاقتراب سيجيء عبر بوابة الحركة الشعبية لتحرير السودان وذلك لإحساسي بأنني جزء لم ينفصل عنها أصلاً، لمعرفتي القديمة بها واللصيقة ببعض قياداتها، ولأنها بوابة منفتحة آفاقها على السودان الجديد مرتكزة قوائمها على احترام الآخر وخياراته (أو هكذا توهمت)، وكذلك لعلم قيادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي بالجبهة الشرقية (أو الجبهة السادسة كما يسمونها) - بصفة خاصة - بظروف اعتقال المخابرات الإرترية لنا وملابسات ذلك الاعتقال، ومعرفتهم الشخصية بكل المعتقلين ومتابعتهم الدائمة لذلك وعلاقتهم المباشرة أو غير المباشرة بانفجار الجرح المحتقن في جسد التحالف. وعلى رأس هذه القيادات المقدم بيونق والمقدم ياسر جعفر ورجل الاستخبارات الأول الرائد أوغستينو مدوت، وهي القيادات التي كانت موجودة في تلك الفترة.

    جاءت عربة لاندكروزر (بك أب) مع مغيب شمس يوم 30 سبتمبر -بعد خمس دقائق من إخطارنا- يقودها بعض عملاء المخابرات الإرترية إلى موقع اعتقالنا لتنقلنا (أنا وثلاثة آخرين هم مجدي سيد أحمد، ياسر محمد أحمد وحامد إدريس) إلى موقع الحركة الشعبية. ولكن قبل أن يستقر بنا المقام على ظهرها، همس لنا أحدهم بأن قادة الحركة رتبوا الأمر مع المخابرات الإرترية بحيث سننتقل من (هنا) إلى سجن الجيش الشعبي لتحرير السودان. حاولت تخفيف وقع الخبر على نفسي والآخرين بأن اعتقالنا سيكون سودانياً هذه المرة فلا بأس من ذلك. ثم ران صمت ظاهري، ولكن شغل حديث طويل دواخلنا قاطعاً المسافة بين الموقعين، لنجد أنفسنا أمام بوابة سجن الجيش الشعبي بمنطقة ربدة، ونخضع لتفتيش مستفِز ودقيق لمتاعنا الفقير أصلاً، قبل أن يقذف بنا - حفاة - عبر بوابة شوكية اخرى إلى داخل السجن (الشوكي) في تلك الليلة المعتمة سوى من بصيرة جعلتنا نتحسس طريقنا وسط تلك الأجساد التي تفترش الأرض وتلتحف السماء. واستلقينا - بعد مساعدة أحد زملائنا (عوض حامد عربي) وجدناه قد سبقنا - ننتظر صباح الغد، يملأنا أمل لقاء بقادة الحركة في الجبهة الشرقية.
                  

08-21-2005, 01:01 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة ثانية
    سيدي الرئيس..
    كثيرون يعتقدون - ومن بينهم أعضاء قياديون فيها - بأن تاريخ الحركة الشعبية لتحرير السودان بدأ منذ تمرد مايو 1983م عندما قررت هيئة أركان الجيش السوداني الاستمرار في سياسة نقل القوات من المنطقة الجنوبية إلى الشمال، ورسخت الحركة نفسها هذا الاعتقاد في الأذهان. ملصقة بمسيرتها - منذ ذلك التاريخ - الطابع العسكري والإقليمي الذي لم تستطع تجاوزه حتى هذه اللحظة (كما سأبين لاحقاً) مما ساعد خصومها واعدائها لحصرها في هذه الزاوية، على النقيض من ما عبرت عنه حوارات وكتابات قياداتها، "على النقيض من كل حركات التمرد في الجنوب، لم تدْعُ الحركة الشعبية لتحرير الجنوب من هيمنة الشمال، بل أكدت على رغبتها - منذ البداية - في تأسيس سودان جديد يعم فيه العدل، وينعم فيه اهل السودان جميعهم بالاستقرار". منصور خالد - أهوال الحرب وطموحات السلام - ص360.

    وأكثر ما ساهم في تشكَّل طقس هذا الفهم والتكلس داخل أطره هو تاريخ الحركات المسلحة في جنوب البلاد منذ تمرد 1955م ومن ثم حركة أنيانيا 1 و2، وكلها انطلقت نتيجة الإحساس بالغبن والظلم بسبب سياسات المركز العقيمة والمتواطئة مع مصالحه. ولكنها اكتفت بنجاحات شوهها سطوع قدراتها العسكرية وعدم قدرة الأنظمة الحاكمة على اكتساحها وشلها، في مقابل ضبابية مواقفها الفكرية والسياسية مما جعلها توافق على حدود دنيا من مطالبها، وحتى دون ضمانات كفاية لاستمرار تحققها وتمنع التغول عليها، مثلما ما حدث لاتفاقية أديس أبابا 1972م.

    ولكن هل حقيقة أن تاريخ الحركة الشعبية بدأ منذ ذلك التاريخ؟؟

    انتظمت في أواخر سبعينيات القرن الماضي، ونشطت بكثافة في بداية الثمانينيات، حركة نشطة إثر بروز ملامح انهيار ذلك الاتفاق. وإذا كانت الحركات السابقة موزعة بين انفصال الجنوب عن الشمال وقيام دولة مستقلة وبين نظام حكم فدرالي يضمن للجنوبيين حكم نفسهم بأنفسهم في ظل الدولة الواحدة، فإن تلك الحركة (ويطلق عليها اسم "نام" اختصاراً) تجاوزت بتفكيرها بنود اتفاق أديس أبابا وخلفياته ومن ثم تداعياته. حيث ارتكزت أهم ملامح بنيتها السياسية والفكرية على تجاوز التقوقع والتعامل مع واقع أن السودان بلد غني بتنوع مصادره الفكرية والسياسية والثقافية والاثنية ويمكنه أن يسع الجميع، وأن يكون دولة واحدة وقوية في ظل كل هذا التعدد والتنوع.

    ولكن اهم ما في الأمر هو أن المبادرة هذه المرة جاءت من سودانيين من الإقليم الجنوبي تحاول استقطاب مجموع شمالي، مخترقة بذلك كل الحواجز المدعاة، وهي مدَّعاة لأن مسبباتها أصلاً غير منطقية وغير متسقة مع طبيعة السودان الفطرية، وإنما تعبر عن طرائق تفكير منغلقة لسياسيين آثروا التمترس في خندق مصالحهم الحزبية والعقائدية - وربما الشخصية - آخذين سطوتهم من تمركز السلطة في يدهم من قبل خروج المستعمر. وكان للجدية التي اتسمت بها قوة الطرح الخاص بتجاوز حالة الشمال جنوب أو الجنوب شمال وتبعاتها، التي تعيشها الحركات والأحزاب السياسية رغم (الشطحات الديكورية)، إلى حالة حركة سياسية قومية تعبر عن كل السودانيين، وليس الاكتفاء بكتابة ذلك في ديباجة الدساتير واللوائح الحزبية، وانما العبور به إلى آفاق التحقق عملياً، السحر الجاذب لاستقطاب وإلتفاف الكثير من المتطلعين إلى مفاهيم جديدة للممارسة السياسية.

    كان المعبر عن تلك الأفكار والمبشر بها - إبان تلك الفترة وأنا في بداية المرحلة الثانوية في مدرسة بورتسودان الثانوية - هم الطلبة من الإقليم الجنوبي المنتشرين في كل المدارس الثانوية في الشمال. وعلى رأس هؤلاء الطلبة باقان أموم الذي بلغ مرحلة الجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية والتحق بعدها بكلية القانون جامعة الخرطوم. وقد كان مبرزاً على المستوى الأكاديمي ويمتلك نواصي القدرات القيادية على المستوى السياسي في مرحلة التلمذة، والآخر هو صديقي العزيز بيتر قرنق دي كويك (وهذا أسم الكنيسة) أما اسم القبيلة فهو كير قرنق دي كويك، وهو شخصية لمَّاحة يقرأ المستقبل بذهن رائق وينفذ إلى جوهر الأشياء دون مراوغة. وهما الآن - كما هو معروف - قياديان بارزان في الحركة الشعبية.

    وفي ظل القبضة الأمنية الباطشة لنظام نميري، خاصة بعد ان لبس عباءة الإمامة وتلفح ثوب الدين دون أن يكترث كثيراً للتطهر من رجس دواخله، حملت حركة "نام" رؤى واضحة لمقاومته - نتيجة وضوح رؤاها الفكرية والسياسية - تفاعلت داخلها الثقافات النضالية للشعب السوداني مجتمعة، وكان من أبرزها على الإطلاق الكفاح المسلح. جاء ذلك في نهاية عام 1980م وبداية عام 1981م، عندما طلب مني بيتر قرنق التوقيع على ورقة بعد الإطلاع عليها جيداً، أثناء رحلة مدرسية من بورتسودان إلى مدينة الأبيض، نظمتها جمعية التاريخ للطلاب المنضوين تحتها عن طريق السكة حديد، وكنا - هو وأنا وثلاثة طلبة آخرين - على رئاسة مكتبها التنفيذي.

    مضمون الورقة (المكتوبة بخط اليد) هو تعهد والتزام للموقِّع عليها وجاء فيها: "أنا أمير بابكر عبدالله أتعهد والتزم بالاستجابة لأي نداء يصدر لي من الحركة للانخراط في الكفاح المسلح ضد دكتاتورية نظام مايو." ولأن الثقة متبادلة بيننا بدرجة كبيرة لم أتردد في استخراج القلم للتوقيع، ولكنه استخرج موسى من جيبه وأمسك بإبهامي ونقره بمهارة فنيي التحاليل الطبية وطلب مني أن أبصم بدمي. وعندما أكملت كل تلك الطقوس، رأيت وجهه متهللاً وهو يطوي الورقة ويضعها في حقيبته ويقول لي "إنه عهد الدم". رغم إحساسي العميق بالارتياح المفعم بروح الطلبة المنفعلة بالثورة، أدركت أن ما هو مقبل أمر جلل.

    عرجنا أثناء رحلة العودة من عروس الرمال، وبعد توقفنا في العاصمة الخرطوم ليومين اثنين، بسبب انتظار القطار الذي سيقلنا مباشرة إلى بورتسودان، عرجنا إلى داخل جامعة الخرطوم للالتقاء بالرفيق باقان أموم. ولكنه لم يكن موجوداً، وكأنه "فص ملح وداب"، لم يكن له أثر حتى في كل السودان. لم أسمع باسمه بعدها إلاَّ في عام 84 عند اختطاف الطائرة العمودية التي كانت تقل بعض الأجانب العاملين في قناة جونقلي أو - ربما - في شركة شيفرون. اما صديقي بيتر قرنق فقد افترقنا بعد عام تقريباً، إذ عاد هو إلى الجنوب واستقر به المقام كمعلم في مدرسة ابتدائية هناك ليرسل لي خطاباً طويلاً تشي سطوره بشيء ما يلوح في الأفق، ويذكرني فيه بـ"عهد الدم". ولم أسمع عنه إلاَّ مؤخراً في الجبهة الشرقية بعد أن طلبت من بعض القياديين كانوا في طريقهم إلى مدينة "يـي" تسليمه نسخة من روايتي "فقاعات زمن التصحر" التي أهديتها إليه.

    كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان قد انطلقت من عقالها وأطلقت "منفستوها"، الذي لم يطلع عليه إلاَّ "ذوو الاختصاص" وقتها، ولكن ظلت جموع الشعب السوداني تنتظر الثالثة بعد الظهر من كل يوم، في حميمية لصيقة وسرية كبيرة، لتدير مؤشر الراديو إلى الموجة القصيرة حيث ينطلق صوت كفاح الشعب السوداني المسلح، بعد تلك المارشات العسكرية التي تثير في النفوس نشوة غريبة، ويبدأ المذيع في تلاوة أنباء المعارك العسكرية (وكفى)، وهل كان ذلك حباً في الحركة وإيماناً بها وبجيشها الشعبي أم نكاية في نظام مايو وبغضاً له؟!!!!!
                  

08-22-2005, 00:56 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة ثالثة
    صبيحة اليوم التالي لانتقالنا لسجن الحركة الشعبية في منطقة ربدة كانت الصورة قد بدأت تتضح ملامحها بالنسبة لي. حيث إن الضغط على السلطات الإرترية كان قد بلغ أشده من أجل إطلاق سراحنا، وبرغم أن هذه النقطة واضحة بالنسبة لكم - سيدي الرئيس - استميحكم عذراً في شرحها لمن تقع بين يديه هذه الرسالة. فبعد أن فشل مخطط الجبهة الشعبية (الحزب الحاكم في إرتريا) الذي كان يهدف إلى إنهاء وجود التحالف الوطني السوداني بقيادة عبدالعزيز خالد، وثبت لها بما لا يدع مجالاً للشك خطأ قراءتها لقدرات التحالف، وبعد ان اضطرت - تحت الضغط الدولي والإقليمي - إلى السماح لعبدالعزيز خالد بمغادرة أراضيها بعد أن ظل قيد الإقامة الجبرية في العاصمة الإرترية منذ 18 فبراير وحتى نهاية مايو 2004م، قامت المخابرات الإرترية - منفذة لأوامر عليا - بمحاصرة قوات التحالف وتجريدها من سلاحها (تسللت تلك القوات بصورة أذهلت الأرتريين إلى داخل الأراضي السودانية فيما بعد) واعتقال قيادات التحالف السياسية والعسكرية الموجودة داخل أراضيها والبالغ عددهم تسعة أشخاص في الأول من أغسطس 2004م، وقامت بإطلاق سراح بعضهم فيما استمرت البقية داخل معتقلاتها حتى نهاية سبتمبر من نفس العام، حيث تم نقل أربعة منهم (من بينهم شخصي) إلى سجن الحركة الشعبية.
    ولكن لماذا تم نقلنا إلى سجون الحركة الشعبية ومشكلتنا أصلاً مع السلطات الإرترية؟ وهل هناك تنسيق بين قيادة الحركة الشعبية العليا وبين السلطات الأرترية في هذا الشأن، أم هو مجرد تنسيق بين قيادة الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية والمخابرات الأرترية التي كانت تعتقلنا؟ ولماذا لم يتم تسليمنا إلى قيادة التجمع الوطني الديمقراطي؟ وأين هو التجمع الوطني الديمقراطي طوال هذه المدة؟ هذه وأسئلة أخرى ظلت تحلِّق حول رؤوسنا وكنا قد قررنا طلب مقابلة قيادة الحركة في الجبهة الشرقية حسب ضوابط السجن، إلى أن حل المساء وحان موعد التمام (عد الرؤوس) ليطمئن السجان إلى أن سجنه مكتمل العدد. وبعد فراغه وإعطاء الإشارة بالانتهاء تدافع الجميع إلى الباب الشوكي للدخول إلى باحة السجن، فيما أمرنا القائد المناوب (نحن الأربعة) بالبقاء فجلسنا القرفصاء في الباحة الخارجية في انتظار أوامر اخرى. وجاء السجان والجلاد يحمل سياطه ليأتينا الأمر -وسط دهشة أفراد الجيش الشعبي وضباطه السجناء- بتنفيذ حكم الجلد علينا، وتم تنفيذ الحكم. وكان إحدى وثلاثين جلدة على مؤخرة رجل، تلاشت معها كل الأسئلة الموضوعية والتي تحتاج لإجابات واضحة، لتأتينا الإجابة عبر الأيام التي قضيناها متنقلين بين سجون الحركة من وضع سييء إلى وضع أسوأ منه.

    وتدافعت إلى ذهني كل الصور، وتلك الرحلة من بورتسودان إلى الأببيض وصديقي البشوش بيتر قرنق دي كويك، والقائد باقان اموم الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الذي لا يصعد إلى مكتبه في مبنى المكتب التنفيذي قبل المرور على مكتبي وتنويري بما يجري أو باستخراج موضوع ما من الشبكة وغير ذلك، والقائد ياسر سعيد عرمان وطعم تلك الوجبة الدسمة التي دعاني ذات مرة إلى تناولها معه في المطعم الصيني، ود. برنابا بنجامين وهو يشجعني على مواصلة الكتابة ويدعم رغبتي في الكتابة عن الجانب الآخر للجيش الشعبي ويحمل خطابي بهذا المعنى إلى قيادته العليا ونسختين من الروايتين اللتين أصدرتهما في وقت سابق وهو يقول لي بأنهما سيكونان من ضمن منهج التعليم في المدارس في المناطق المحررة. ومع كل جلدة تتراءى لي صور أصدقائي ورفاقي وهم يبتسمون ابتسامات وكأنها تقول لتلك السياط القاسية كوني برداً وسلاماً.
                  

08-23-2005, 02:19 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة رابعة
    السيد رئيس الحركة الشعبية..
    السودان الجديد ليس مجرد أحلام تمضغها الأسنان وتلوكها الألسن ثم يبصقها الفم - على استحياء - خلف ظهور الناظرة، إنما هو رؤى وأفكار تتخلق لتبدأ من النطفة وإلى "وكسونا العظام لحماً"، ولكنها لا تتخلق بعيداً ولا داخل أرحام مجهولة الهوية، حيث لا جدوى لأطفال الأنابيب هنا، فلابد أن يكون الرحم طبيعياً متصلاً فيه الماء الدافق بالدم المتدفق. هذا هو - وانتم سيد العارفين - السودان الجديد إنه يتخلق داخل القديم ويتشكل بين جنباته ويتغذى من عصارته حتى ينمو ويخرج إلى الوجود سلوكاً وممارسةً ومنهاجا. وكما يقولون داخل كل حضارة قديمة تولد حضارة جديدة، فإننا ننتظر أن يولد السودان الجديد من رحم السودان القديم بأفكاره ورؤاه ومؤسساته، يحمل داخل جيناته بعضاً من إرث تنعكس كروموزوماته على سلوك وممارسات ومنهاج ما هو جديد، وربما سيثقل كاهله إلى حين من الدهر ولكنه أمر طبيعي. كما ننتظر أن يولد سودان أجدُّ من صلب ما نحلم به الآن. إنه التجدد ما يسم الأشياء أثناء مرور العمر.

    هي - سيدي - مائة وسبعة وعشرون يوماً فقط لا غير، عشتها بين ظهراني معمل تفريخ لدعاة السودان الجديد، متنقلاً بين سجن ربدة وسجن خور ملح، ورغم أنها كانت تفتقر لطعم الملح حتى، إلاَّ أن إشراقات مضيئة تخللتها وأنا أتلمس مصادر عديدة لمعرفة أكثر بالسودان زادت من حصيلتي وأكدت صِحَّة إنتمائي وتمسكي بموقفي. وكنا نفكر، عندما تقدمنا بطلبنا لإدارة السجن برغبتنا في لقاء قيادة الحركة في الجبهة الشرقية، بأنهم يفعلون مثل ما يقولون وأنهم لا يبصقون أقوالهم خلف ظهورنا. فقد التقيناهم كثيراً جداً وفي مواقف سياسية متباينة كثيرها متقاطع وآخر متواز. ولكن يبدو أن مياهاً كثيرة - أو ربما سيول - جرت تحت الجسر، وجرفت معها كثيراً من الأقوال لتبقى الأفعال شاهدة.

    سأقول لكم ما تهربت قيادتكم من الاستماع إليه ورفضها حتى الرد على طلب رغبتنا في لقائها بالسلب أو الإيجاب، وسأبدأ بطرح ذات التساؤل، وهو، لماذا وافقت الحركة الشعبية أن تكون شماعة للمخابرات الإرترية بعد أن تزايد الضغط عليها من أجل إطلاق سراحنا؟ والإجابة عندي تحتمل ثلاثة تفاسير لا رابع لها، أولها أن الحركة الشعبية متواطئة مع الجبهة الشعبية الإرترية في قضية التحالف، وثانيها أن ما حدث قد وافق هوى قديم داخلها فمضت بكل قوة تعمل على تعميقه، أما ثالثها فهو أن الحركة الشعبية رضخت للضغط الإرتري بنقلنا إلى سجونها.

    (سأجيء من التفسير الأخير) وهو أنها رضخت للضغط الإرتري وآثرت التعامل مع قضية اعتقالنا وفق تكتيكاتها التي تقضي برعاية مصالحها والمحافظة عليها ولو على جثث الآخرين، أو كما قال الروائي إميل زولا في رواية سعادة السيدات "أجل لقد كان ذلك ضريبة الدم، فكل ثورة تتطلب شهداء، ولا يسير البشر إلى الأمام إلاَّ على جثث الموتى". وكان النظام الإرتري قد رفع (الكرت الأصفر) للحركة الشعبية وبرزت بوضوح نقاط إفتراقهما بعد وضوح مسار مشروع السلام السوداني الذي يرفضه النظام الإرتري. ولكن ظهر الحركة وجيشها الشعبي مكشوف تماماً في الجبهة الشرقية سياسياً ولوجستياً إلاَّ من إرتريا التي يمكن أن تفعل أي شيء حتى ولو قطع خطوط الإمداد عن الجيش الشعبي بعدده الضخم. إذاً نحن جزء من كبش فداء (أو كله) من أجل أن تظل خطوط إمداد الحركة وجيشها هناك مفتوحة إلى حين الانتهاء من إجراءات مشروع السلام والتوقيع النهائي بينها والنظام في الخرطوم. وربما اختلف الوضع إن كان المكان غير المكان، ولاستقبلتنا ذات القيادات بالأحضان وسعت لأن نلتقي بقيادات عليا، من أجل الترويج لنفسها سياسياً، وهي المقبلة على مرحلة تستدعي انفتاحها وفتحها لكل الأبواب والنوافذ.

    أما ثاني التفاسير المتعلق بهوى الحركة الشعبية الذي وافق محاولات الجبهة الشعبية الإرترية تحطيم التحالف الوطني السوداني وقواته (كما وافق شن طبقه) يمكن مقاربته بتاريخ العلاقة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والتحالف. وهي علاقة كانت مشوبة بالتوتر الشديد في بداية عهدها، بل وصلت درجة العداء والمواجهة المسلحة في مرحلة من مراحلها (كما حدث في شمال النيل الأزرق)، بينما ظلت متذبذبة في مراحل أخرى تحكمها المواقف التكتيكية للحركة الشعبية وطموحات التحالف، إلى أن بلغت أعلى مراحل درجاتها الإيجابية بإعلان الوحدة بينهما في نهاية أبريل 2002م الذي وقعتم عليه - سيدي الرئيس - إلى جانب عبد العزيز خالد رئيس المكتب التنفيذي للتحالف.

    والمعروف أن التحالف سطع نجمه في الجبهة الشرقية إبان محاولات الحركة الشعبية استقطاب أعداد كبيرة من (الشماليين) داخل وعاء أفرزته لهم أطلقت عليه إسم "لواء السودان الجديد" "لماذا أضطرت الحركة الشعبية لإفراز هذا الوعاء أصلاً وبعد مضي أكثر من عشر سنوات من إنطلاق الكفاح المسلح؟ وهل كما قال د. منصور خالد: "ولربما كان من بين العوامل الضاغطة لإنشاء ذلك الشق العسكري للواء المبررة من بعض عناصر الجيش الشعبي: لماذا نريق وحدنا الدماء من أجل بناء السودان الجديد؟" عموماً الإجابة عن هذا التساؤل تضيء جوانب كثيرة من قضايا سابقة، ظلت عالقة لإلتفاف المعنيين حولها، وقضايا آنية ومستقبلية."

    الفكرة - في جوهرها - مرتبطة برؤى حركة "نام" السابق ذكرها، ولكنها جاءت شوهاء إذ فارقتها في صميم بنيتها الفكرية. فبينما اعتمدت "نام" على كسر الحواجز النفسية عبر طرح رؤى مكتنزة بمفاهيم واقعية ومرتكزة على احترام الآخر، قام "لواء السودان الجديد" على سياسة "التكويش" معتمداً على تلك القوة الضاربة للحركة الشعبية وسجل انتصارات جيشها خلال سنوات تجاوزت العقد من الزمان وقولبت كل الرؤى التي ظلت ترددها حول السودان الجديد وبناءه داخل ذلك الإطار وليس العكس. هذا ما جعل الفكرة تتعثر منذ بداياتها رغم محاولات ردم حوافها. ومن يحاول تعليق ذلك التعثر - سواء من الحركة أو التحالف أو غيرهما - على شماعة سطوع نجم التحالف وقدرته على استقطاب اعداد مقدرة إلى صفوفه من ذات القاعدة التي تستهدفها، مما ساهم في تعثر ذلك الوعاء، يفارق المنطق السليم للقراءة والنفاذ إلى عمق الحقائق بالرغم من أن بدايات العداء تزامنت مع هذه الفترة.

    رغم كل التوتر ومظاهر العداء التي اتسمت بها المرحلة الأولى إلاَّ أنهما، وخلال مسيرة ليست قصيرة من التواصل والعمل المشترك الذي فرضه الفضاء المكاني المشترك، وصلا إلى اتفاق (وحدة) بينهما. ولكن ما الذي اعترى هذا التوافق الذي بلغ درجات عليا من سلم التعامل الإيجابي؟! وهل (تاور الضرس) قيادات الحركة - أو بعضهم- في تحقيق رغبات قديمة بسحق التحالف ودفن حطامه في رصيف النضال الوطني؟ ومن أين تنزَّلت (السوسة) التي لامست (الضرس)؟ "جاء موضوع الوحدة مع الحركة الشعبية متوافقاً مع الآفاق السياسية للتحالف. بعد لقاء قيادات التحالف لوفد الحركة الشعبية - بقيادة القائد جيمس واني إيقا - في سبتمبر 2001م، وإن اختلف الطرفان على آليات تحقيقها، كان واضحاً رغبة الطرفين في المضي بها إلى نهاياتها. وبعد أن وقع الدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية وعبدالعزيز خالد رئيس المكتب التنفيذي للتحالف إعلان الوحدة بينهما في 28 فبراير 2002م على أسس واضحة، أسقط في يد قادة الجبهة الشعبية، وبرز تناقض واضح في موقفها تجاه هذه الخطوة الاستراتيجية، خاصة بعد أن بدأت خطوات السلام السودانية تتضح ملامحها في مشاكوس ومن ثم نيفاشا وهو ما لايرغب فيه النظام الأرتري".

    أما أول التفاسير الذي يدَّعي تواطؤ الحركة الشعبية لتحرير السودان مع الجبهة الشعبية الإرترية في قضية التحالف فهو ينسف التفسير الثالث تماماً لأنه وببساطة شديدة يعني أنهما متفقان وعبر خطة مدروسة لتحقيق هذا الهدف. وأنا لا اتفق مع هذا التفسير - رغم احتماله - لأن ما لدي من معلومات مؤكدة تذهب إلى تدخل أطراف إقليمية - لصالح قوة سياسية سودانية - بالضغط على النظام الحاكم في إرتريا (الذي يدين لها بالكثير) في تلك القضية. بينما يتماهى مع التفسير الثاني ويتسق مع بعض عناصره إذ التقت مصالح الطرفين، ولكن دون إتفاق مسبق بينهما منذ البداية، بعد أن فكرت الحركة الشعبية (أو تاور قياداتها الضرس)، بعد أن لاقت الطقس مواتياً، في الإبحار مع الجبهة الشعبية في ذات السفينة (ربما لأن الاثنتين تتصفان بالشعبية).

    عموماً كل المؤشرات ترجح كفَّة ثالث التفاسير، فالحركة ما كانت ستضطر للرضوخ للضغوط الإرترية في ظروف مختلفة عن تلك التي وجدت نفسها فيها، ولن تقدم على ما أقدمت عليه - حتى مجرد اعتبارنا (أمانات عندها) كما قال المقدم ياسر جعفر أثناء لقائنا الصدفة - لاعتبارات عديدة من بينها الكياسة والفطنة السياسية التي تحتم عليها ذلك، خاصة وأنها مقبلة على التوقيع على الإتفاق النهائي للسلام (وبهذه المناسبة صادفنا التوقيع النهائي ونحن في سجن "خور ملح". ولكنها أقدمت على وضعنا في سجونها رغم أن ذلك سيوقعها تحت طائلة عدم الفطنة السياسية (مرغم أخاك لا بطل)، وهو ما أكده قول أحد أعضائها من القيادات الوسيطة الذي التقى بنا مرة بشكل غير رسمي، حيث قال إن الحركة مضطرة للرضوخ لرغبة الإرتريين في هذا الموضوع خاصة في هذه المرحلة، وهي مضطرة لمعاملتنا بهذه الصورة نزولاً على رغبتهم أيضاً. وهي مرحلة اتسمت بعلاقة فاترة بين (الشعبيتين) لأسباب أشرت إليها من قبل.
                  

08-24-2005, 00:50 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة خامسة
    سألني الملازم طون أرياي - وهو من أبناء دينكا قوقريال- قائد منطقة "بلاسيد"، وهي من بين المناطق التي تسيطر عليها قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجبهة الشرقية، وفي ذات الوقت هو المسؤول عن إستخبارات الحركة فيها ويقع سجن "خور ملح" - الذي نقضي بين جنباته مدة لا ندري مداها - ضمن سلطاته، سألني إن كنت سأكتب عن الفترة التي قضيتها في سجون الحركة. وكانت تلك آخر أيام لنا مع سجونها، بعدها تمت إعادة تسليمنا للمخابرات الإرترية مرة أخرى. قلت له إنني سأفعل بكل تأكيد.. هذا إذا كتب لي الخروج منها.
    وها أنا أفعل الآن، حضرة الملازم ثاني طون أرياي، في خطابي الموجه لرئيس الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق. وربما تكون الآن في الخرطوم وأنت تتابع قراءة هذه الرسالة، وربما لا تقع بين يديك قط.

    للحركة الشعبية لتحرير السودان سجنان في منطقة "ربدة"، الواقعة في الحدود بين السودان وأرتريا وهي تقع شمال شرق مدينة كسلا. السجن الأول يقع تحت مسؤولية الشرطة المنوط بها الحفاظ على الأمن هناك، وتحول إليه القضايا الإدارية والمخالفات البسيطة. أما السجن الآخر - الذي سأتحدث من داخله - فهو يتبع لاستخبارات الحركة ويقوده ضابط برتبة ملازم أول - من أبناء الدينكا- يتبع لمسؤول إستخبارات الجيش الشعبي في الجبهة الشرقية (الرائد أوغستينو مدوت، من أبناء الدينكا). وإليه تحول القضايا الأمنية وقضايا الهروب وحالات الانتظار في الجرائم الكبرى خاصة القتل أو الشروع فيه، إضافة إلى وجود العديد من أسرى الحرب فيه. وهو عبارة عن أرض واسعة محاطة بسور شوكي (يطلق على هذا السجن اسم الشوك)، مقسمة إلى أربعة أجزاء. الجزء الأول ويشغل الحيز الكبر من تلك المساحة يخص حراسة السجن (يقودها الرقيب مشار من أبناء الدينكا) من سكن ومبان إدارية، الأجزاء الأخرى عبارة عن أسوار شوكية داخل السور الكبير. الأول يتحفظ داخله بأصحاب الرتب العسكرية (الضباط)، والآخر يخص الأسرى وبعض الحالات، أما الذي يضمنا فيخص الجنود وضباط الصف التابعين للجيش الشعبي، والمواطنون الذين رمت بهم الظروف في طريق الجيش الشعبي، أو قامت المخابرات الأريترية بتسليمهم للحركة كما هو حالنا.

    وهذه السجون وغيرها من السجون المنتشرة في مناطق مختلفة من الجبهة الشرقية والجبهات الخمس الأخرى يفترض فيها أنها تقوِّم المنحرفين عن مسار السودان الجديد. ولكن اول ما فوجئت به - على الأقل في سجن ربدة- هو أنهم لا يسمحون لك باصطحاب كل ما هو متعلق بالقراءة والكتابة. فمنذ اللحظة الأولى وخلال تفتيش متاعنا، رفعت الأقلام وجفت الصحف بعد أن تم جمعها وتخزينها مع بقية متاعنا، حيث لم يسمح لنا بعبور البوابة إلى داخل الموقع الخاص بنا سوى بملابسنا التي على أجسادنا. وجاءتنا عبارة قاسية من الرقيب مشار المسؤول الإداري للسجن وقد ضبطنا، نحمل بعض قصاصات لصحف قديمة، أثناء حملة تفتيشية (إن هذا سجن وليس مكاناً للتعليم) وجمع بعض الكتب التي نجح بعض السجناء في تسريبها عبر الأشواك.

    لا أتوقع أكثر مما رأيت وعايشت في كل ما يتعلق بما هو يومي، خاصة بعد استرجاعي لأنفاسي وانجذاب العديد من الملاحظات، خلال مسيرة معرفتي بالحركة الشعبية، لمركز تقييمي الداخلي. وهي مفارِقة لكثير من مفاهيم السودان الجديد التي تبثها الحركة الشعبية هنا وهناك. ويمكن لأي متابع أو مراقب ان يعزي ذلك إلى أنها ما زالت تعيش مرحلة الكفاح المسلح وتواجه حرباً لا تحتمل تنزيل أي من تلك المفاهيم، الساطع بريقها داخل نفق الواقع المظلمة مآلاته والمستقبل الضبابي الملامح، على صعيد الممارسة اليومية. وما يزيدها سطوعاً هالة ضجيج المعارك والانتصارات العسكرية الكبيرة. ولكن تبقى هناك حقائق تقف عائقاً امام كل المحاولات لتعويم تلك المفاهيم.

    هي تفاصيل دقيقة تذوب وسط الضجيج ولا تتم ملاحظتها داخل أطر اللافتات الضخمة، التي تملأها تلك الشعارات ذات الخطوط العريضة، وإنما تتم ملاحظتها أثناء المعايشة والمتابعة اليومية. ويمكنها - حتى - أن تعبر هكذا، دون أن تثير الانتباه. وما يجعل تلك التفاصيل تذوب وسط الضجيج هو البنية التنظيمية للحركة الشعبية، وهي بنية مركبة يتداخل في طيفها ما هو سياسي بما هو عسكري بما هو مدني، ولكنها ترتدي الثوب العسكري وتسير وفقاً لإيقاع المارشات وأوامر المارشالات.

    ما هو أكيد أن السياسي هو والد العسكري وهما معاً يقودان إلى السيطرة على رقعة ما، وفي حالة الحركة الشعبية هي الأراضي التي تمكنت من تحريرها وإقامة سلطة (السودان الجديد) عليها. إن تزاوج البنية التنظيمية للحركة الشعبية بين المحاور الثلاثة هذه خلق داخلها، أو بالأحرى خلق داخل ذهن الناظر إليها، من الربكة حيث تتبدى في زي شمولي أكثر أناقة، خاصة وهو مرصع بتلك النجوم المضيئات على الأكتاف. وجعلها تتحرك في حقل مغنطيسي لا تقبل داخله، أو في مجاله، سواها أو من يأتيها طائعاً أو يطاوعها إلى حين. وهو ما ظل واقعاً في مناطق إدارة (السودان الجديد) الخمس (الاستوائية، أعالي النيل، بحر الغزال، جبال النوبة والنيل الأزرق - أما المنطقة السادسة وهي الجبهة الشرقية فحديثها مختلف) وما كشفت عنه المفاوضات بينها ونظام الإنقاذ، فلم نسمع بأن هناك قوى أخرى في هذه المناطق لها صوت (يتفق أو يختلف) غير صوت الحركة الشعبية، رغم علمنا أن الرقعة التي تسيطر عليها ليست بالصغيرة مساحةً وبشراً. مع العلم أن الحركة السياسية كان لها انتشار مقدر في تلك المناطق أثناء الهدنة ما بعد أديس أبابا وقبلها. هل كلها انخرطت في صفوف الحركة أم أن الحركة أزاحتها من الوجود (على الأقل في تلك المناطق)؟ كلنا يعلم أن للقوى السياسية - خاصة تجمع الأحزاب الجنوبية (يوساب) وغيرها من فصائل تحمل السلاح - وجود في المناطق التي لا تسيطر عليها الحركة بل يسيطر عليها نظام الإنقاذ، وحتى الانشقاقات التي حدثت داخل الحركة وقادها قياديون بارزون في الحركة لجأت إلى مناطق (الحكومة). ثم ما موقف المواطن الذي ظل يعيش في تلك المناطق، بل ما مصيره إذا كان موقفه مغايراً لسياسة الحركة ورؤاها؟ وهل يملك أن يخالف تلك الرؤى إلاَّ أن يغادر أو يصمت او يقبل بالتدجين. وطبعاً الحركة الشعبية في حالة حرب.
                  

08-25-2005, 00:25 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة سادسة
    سيدي رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ..
    هل تعرَّفت إلى مقاتل في الجيش الشعبي اسمه "كواج نيور كواج"؟! هو شاب مضطرب نفسياً ومعتقل في سجن "ربدة" باعتباره (مجنون). ولكنه واحد من الإشراقات التي التقيت بها في تلك (الزريبة الشوكية) التي لا تصلح للحياة الآدمية، إنما يمكن أن تحفظ داخلها أبقار وأغنام دون أن تثير حساسية المدافعين عن حقوق الحيوان، ولكنها تحدث خللاً أو شرخاً نفسياً في من يعتبرون متوازنين نفسياً قبل دخولها، أمثال "أبو حديد" من أبناء دارفور و"أليكو" من أبناء الزاندى وغيرهما، ناهيك في المضطربين أصلاً.

    قصة "كواج" كما يرويها - وسط حكاويه المضطربة- هي قصة الحرب في السودان، ولكنها تبرز بوضوح وجلاء آلية التعبئة التي تعتمدها الحركة الشعبية في الاستقطاب لصفوفها، وإذا كانت شهادة (المجنون) لا تعتمد لدى الدوائر القانونية، لكني أعتمدها هنا برغم صعوبة التقاط كافة خيوطها. وهي - الآلية - تعتمد بشكل أساسي على محاربة "الجلابة"، وهو مفهوم فشلت الحركة في الالتفاف حول مضامينه الإثنية برغم محاولاتها إضفاء صبغة فلسفية عليها والتنظير له. وظل هذا المفهوم (بمضامينه الإثنية) ركيزة خطابها التعبوي في محاولاتها استقطاب أعداد كبيرة جماعية (قبلية) وفردية من أبناء الجنوب.

    "كواج نيور كواج" من أبناء دينكا منطقة "أويل" وبالتحديد من قرية "مريال باي" التي كثيراً ما يتغنى بها ولها، ويطلق عقيرته بالغناء في أعلى لحظات صفائه الروحي ودائماً ما يقرنها بحب شقيقته "أتاك"، وشقيقته "أتاك" هذه، كما يستشف منه في لحظات هذيانه، متزوجة وتعيش في الخرطوم بحري بمنطقة الحاج يوسف. ولد "كواج" - إذاً - في "مريال باي" ضواحي مدينة أويل في إقليم بحر الغزال، كما تقول روايته. وله عدد من الأشقاء والشقيقات، وربما كان يرعى الأبقار في صباه ومورست عليه ومارس كل الطقوس، حتى تلك الشلوخ المخطوطة أعلى جبهته العريضة تقول أنه لم يغادر مرتع صباه إلاَّ بعد أن شب قليلاً.

    تلك المنطقة حول أويل تعشعش ملامحها في ذاكرتي وتسعفني تلك الصور الفوتوغرافية (التذكارية) التي التقطها والدي إبان فترة قضاها هناك غطت المنطقة حتى مدينة واو موظفاً في هيئة سكك حديد السودان أيام عزها، إلى أن أحاله أهل (الإنقاذ) إلى (الصالح العام) بعد أن عمل في معظم بقاع السودان، شرقه وغربه، شماله وجنوبه. وقد ساعد ذلك الوضع في تشكيل وعيي بشكل رئيسي.

    كانت هيئة السكة الحديد وقتها تضم هيئة النقل النهري وهيئة الموانئ البحرية. وقد كتبت مرة مقالات حول السكة الحديد تناولت خلالها زوايا اجتماعية جاء فيها " هي - بحق - عالم تتلاقى داخله كل الأطياف العرقية والسياسية والدينية جمعهم القطار. ولنتخيل حجم هذا الطيف البشري الذي يعمل في خدمة القطار وحجم الطيف البشري الذي يستفيد من خدمات القطار من ركاب وباعة في المحطات الكبيرة والصغيرة، وحجم الشبكة الحديدية التي هي بمثابة شرايين واوردة تربط كافة أنحاء السودان، من واو جنوباً إلى نيالا وبابنوسة إلى الرهد والأبيض إلى الدمازين والروصيرص إلى كسلا وبورسودان إلى وادي حلفا إلى مدني وسنار إلى أبوحمد وكريمة، شرايين يتدفق فيها دم سوداني حار مختلط بعرق وأنفاس لا يمكن التمييز بينها.

    أنها مثل الشرايين والأوردة، فهي خريطة لدورة دموية كبرى تغذي كل السودان تساعدها دورة دموية صغرى متمثلة بالنقل النهري عندما كان يتبع لمصلحة السكة الحديد حيث يقودنا إلى أجزاء وأطراف يصعب على الخطوط الحديدية اختراقها ورغم أنها فقدت ذلك الطعم الخاص لصافرات القطارات إلا ان طعم صافرات البواخر النيلية له خصوصيته." هل لدى الحركة الشعبية خطة فاعلة لإعادة الحياة لهذا الصرح العملاق فهو - بحق - واحد من دعامات تحقيق الوحدة في ظل كل هذا التنوع.

    لم يذكر "كواج" شيئاً عن طفولته، وربما لا يذكر شيئاً، بسبب الأحداث التي مرَّ بها منذ خروجه من بحر الغزال متجهاً شمالاً. ولأن عمره مبهم بالنسبة لي فمن الصعب تحديد تلك الفترة بدقة لقراءة مجريات أحداثها. لكن وعيه لا يزال يذكر فترة حكم النميري، وأعتقد أن هذه الذكريات مرتبطة بالنصف الأخير من عهده لأنه يلصق بها اسم الصادق المهدي رئيس وزراء (الديمقراطية الثالثة) دون المرور بفترة الحكم الانتقالي (يبدو أنها لم تترك أي أثر لديه). وهذه الفترة ارتبطت ببدايات تنصل النظام المايوي من اتفاق أديس أبابا، كما ارتبطت بتوترات منطقة التماس. فواحدة من المحطات المركزية أثناء تداعيات خواطره غير المنتظمة تطل دائماً من أحداث أقرب إلى الخيل والفر والكر، وأخرى بتلك الحادثة الشهيرة في محطة "الضعين" عندما مات العديد من أبناء "الدينكا" حرقاً داخل عربات السكة الحديد بعد أن هاجمهم رجالات الرزيقات، وقد أصدر أستاذان من جامعة الخرطوم هما (بلدو وعشري) كتاباً حول هذه الحادثة أثار ضجة كبرى وقتها وأدى إلى اتهامهما من قِبل السلطة الحاكمة اتهامات تصل عقوباتها حد الإعدام. إن سلطة المركز طوال فترة الحكم الوطني افتقرت إلى الحكمة في التعامل مع العديد من القضايا مما ادى إلى تراكمها وتراكم تبعاتها لتثقل كاهل الوطن والمواطن في خاتمة المطاف، بل إن سلطة المركز ساهمت في تأجيج ودعم الكثير من التوترات القبلية أو غضت الطرف عنها ولم تبادر إلى إطفائها، نتيجة حسابات سياسية خاطئة. وتقف دارفور الآن شاهداً على كل ذلك، بالرغم من البعد الخارجي فيها الذي لولا أنه وجد الأرض خصبة وثمارها دانية لما استطاع أن يتوغل عميقاً (على الأقل بهذه السرعة).

    عينا "كواج" تقدحان شرراً وهو يسترسل في تلك الرواية التي تتخللها موضوعات كثيرة غير مترابطة، فبعد ان يثني على "النميري" ويسبه، يلعن سلسفيل السيد "الصادق المهدي" وصهره الترابي ثم يعرج على عمر البشير يهتف من أعماقه "SPLA وييييي" ويقوم بتحيتكم التحية العسكرية، ثم يفترش لهيب الرمضاء دون أن يهتم كثيراً للعرق المتصبب من كل جسده. ينطفئ لحظتها ذلك اللهيب المتقد في عينيه ويسترخي كل جسده ليروح في إغماءة سريعة عميقة ويسيل لعابه على جنبات شفتيه.

    عاش "كواج" فترة من عمره في ضاحية الحاج يوسف بالخرطوم بحري وفي منطقة كوبر حيث وصل المرحلة المتوسطة في دراسته وعمل في ذات الوقت في أحد مصانع الصابون بمنطقة صناعات بحري. ويبدو أنها كانت مترعة بذكريات طيبة ما زالت عالقة ببقايا ذاكرته ومن بينها الكثير من أسماء سودانيين من الجنوب والشمال، أصدقاء أو معارف دراسة او في العمل. ولكن أهمها شقيقته "أتاك" وزوجها. كان عادة ما يصرخ باسمها أثناء نوبات هيجانه.

    ولكن هناك حادثة ما، متعلقة بموت أخيه أو بمرض عضال أصابه فيما يبدو، ظلت تحلق حول تخوم تلك الذكريات هي ما قاده في النهاية للعودة جنوباً بعد أن ترك جزءاً من عقله هناك (كما يزعم بعض رفاقه). وعاد إلى "مريال باي"، ومن ثم انضم إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان. وجاء إلى الجبهة الشرقية ضمن قوات الجيش الشعبي المنقولة جواً Timber 1 ومن بعدها جاءت أيضاً Timber 2 لتشكلان قوة إضافية لقوة "الجنقو" التي استقطبتها الحركة الشعبية من العمال الزراعيين في غرب أريتريا وإثيوبيا وشرق السودان. ولم تكن تنمحي مشاعر الغيرة بين القوتين رغم محاولات قيادة الجيش الشعبي ورغم النظام العسكري الصارم الذي يحكمه.

    ضحك "كواج نيور كواج" - ضحكته المميزة التي تثير عاصفة من الفرح حوله - عندما رأى سياط الجلاد تنزل علينا بلا هوادة وقال، مخاطباً نفسه أولاً والجمع المتحلق بنظراته فيما يحدث، في براءة: "كيف تجلدوا الجلابة!!".
                  

08-25-2005, 03:36 AM

nazar hussien
<anazar hussien
تاريخ التسجيل: 09-04-2002
مجموع المشاركات: 10409

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    واصل يا امير,,,وحمدالله بي سلامتك...

    فانت قد بدأت مشروع كتاب كبير بكل معاني هذه الكلمه الاخيره
                  

08-25-2005, 07:00 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nazar hussien)

    أشكرك الأخ نزار، وأرجو أن يكون فيما أكتبه بعض من فائدة.
    أمير بابكر عبدالله
                  

08-27-2005, 01:17 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    "جلدة سابعة"
    قوة (Timber 1) و(Timber 2) ألقتا بظلالهما على قوات الجيش الشعبي في الجبهة الشرقية، خاصة بعد ضعف فعالية فكرة "لواء السودان الجديد". ولهذا الإسم قصة طريفة فقد تم نقلهما بطائرات (شحن) من جنوب السودان عبر الأجواء الإرترية، ويبدو أنها عبرت أجواء دولة أخرى وعندما تمت مساءلة قائد الطائرة عن محتويات حمولته، إدعى أنها (خشب). ولكن ما هو أطرف من هذا تعليق أحد مقاتلي تلك القوات –التي لا يعرف الكثير من أفرادها سوى جنوب السودان- عندما شاهد تلك الجبال والفيافي القاحلة إلاَّ من شجيرات لا يقمن ظلاً، وهو القادم من وسط الأدغال الإستوائية بحيواناتها وأمطارها، وقف لحظتها وقد أنهكه التعب وأخذ منه العطش ماخذاً بعيداً ليقف في منتصف المسافة ويقول "والله د. جون ده جابنا بلد قديم قُدُم".
    جاءت تشكيلة القوة (1) في أغلبها من أبناء الاستوائية، تم تجميعها بعد إكتساح قوات الجيش الشعبي لمنطقة الاستوائية خاصة غربها، وكانت الحركة قد تجاوزت جرح انقساماتها التي حدثت في بداية تسعينيات القرن الماضي، واستعادت عنفوان شبابها مرة أخرى. كان على رأس قيادة تلك القوة القائد "توماس سريليو" وهو من عائلة إستوائية معروفة بعد ان نُقِل القائد "عبدالعزيز الحلو" لجبهة "جبال النوبة" بعد إستشهاد القائد "يوسف كوة". فيما جاءت تشكيلة القوة (2) من مجموعات قبلية متنوعة وغالبيتها من قبيلتي "الدينكا" و"النوير". لتضاف تلك القوة مجتمعة إلى قوة "الجنقو" التي تم استقطابها أصلاً في الجبهة الشرقية، ورغم أن الأولى تفوق الثانية عدداً فقد ظل "الجنقو" جنقو و(Timber) (Timber).
    إنعكس الخطاب التعبوي للحركة الشعبية المتعدد المستويات على مجمل بنيتها التنظيمية. فهي وإن بدأت، بعد تمرد مايو 1983م وإعلان إنطلاق الكفاح المسلح، بخطاب تعبوي إنعكست بين سطوره رؤى حركة "نام" التي إنخرطت معظم (إن لم يكن كل) عضويتها من السودانيين في جنوب السودان –وهم في معظمهم ذوو توجهات ماركسية أو كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي السوداني- في الحركة الشعبية لتحرير السودان، بل وشكلوا القاعدة السياسية لها. وهو الأمر الذي ألقى بكثيف ظلاله على "المنفستو" الذي أعلنته، وجعل من "إثيوبيا منقستو الماركسية" قاعدة صالحة لإعادة تنظيم صفوفها، وليس العكس -كما يظن البعض- بأن لجوءها لإثيوبيا هو ما دفعها لتبني الخطاب الماركسي في عهدها الأول. "الملاحظة التي أثارت فضول وإهتمام الكثيرين .. هي أن قرنق رغم أنه تلقى إهتماماً ورعاية وتعليماً من قبل أقصى اليمين الرأسمالي .. إلاَّ أنه إنطلق في عدائه وتمرده على الخرطوم من أقصى اليسار الماركسي .. وهناك من رد ذلك إلى ما هو معروف في النقد الأدبي بعبقرية المكان الذي أطلق منه غضبته على الخرطوم وهي إثيوبيا الماركسية إحدى دول محور عدن خاصة وأن نظام نميري كان يتحرك وقتها مطمئناً تحت المظلة الأمريكية وكان يحاول حسم الحركات الجنوبية المتمردة عليه بسطوة الدعم الغربي!!" ضياء الدين بلال –الشماليون داخل حركة قرنق.
    هذا الخطاب الداعي لتحرير كل السودان، والذي تجاوز الخطاب الداعي لفصل الجنوب، كان –برغم الطعم الماركسي الذي يمكن تذوقه بين ثناياه- يعبر عن أشواق أعضاء حركة "نام" من السودانيين الجنوبيين، الذين إنضووا تحت لواء الحركة، في إختراق حاجز جنوب شمال والتمدد السياسي القومي، وشجعها ذلك النجاح الذي لاقته الدعوة –وقتها- في إستقطاب أعداد مقدرة من السودانيين شمالاً وجنوباً، كما جاء ليعبر عن أشواق الحركة وعضويتها القيادية في الخروج مبكراً من خندق الإقليمية الذي يمكن أن توصم به.
    قلة مردود هذا الخطاب في استقطاب شماليين (كما هو متخيل) –ليس بسبب عدم جدواه بل لثقافة مختلفة في النضال لم يتم وضعها في الحسبان- جعل قيادة الحركة تعيد قراءة خطواتها، بعد أن بدأت خطوات تحرير الأرض. وصارت مواجهة بضرورة التعامل مع الواقع، لتلجأ إلى مد صلاتها بالزعامات القبلية في الجنوب من أجل تجييش الشباب وإستيعابهم في الجيش الشعبي، وذلك فضاء لاتجدي معه دعاوى القومية ولا الماركسية ولا تحرير السودان.
    هنا كان لابد من خطاب تعبوي مختلف تمثل في الحرب ضد "الجلابة" التي ظلت تعني بالنسبة للمنخرطين في صفوفه "الشماليين" (الذين كانوا يشترون الدجاجة منهم بقرش ويبيعونهم ريشها بخمسة قروش)، فيما ظلت إذاعة الجيش الشعبي لتحرير السودان تنقل أنباء إنتصارات قواتها على القوات الحكومية إبان حكم النظام المايوي وما تلاه من الأنظمة، داعية كل السودانيين للنهوض ضدها. وتنوع خطاب الحركة الشعبية وتحدثها بأكثر من لسان ظل صفة ملازمة لها، فلديها لكل مقام مقال من أجل بلوغ غاياتها. فهي مع نفسها بخطاب ومع جنودها بآخر ولعامة السودانيين بلسان وللعالم بعدة ألسن، حسبما يقتضي الظرف الزماني والمكاني.
    إذاً جاءت قوات (Timber 1,2) إلى الجبهة الشرقية من تلك البيئة المناهضة للجلابة، لتجد "الجلابة" بشحمهم ولحمهم يقاتلون بجانبها هذه المرة، سواء داخل الجيش الشعبي أو في الفصائل العسكرية المنضوية تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي، ولتجد أن رئيس القيادة العسكرية للتجمع هو د. جون قرنق القائد العام للجيش الشعبي والقائد باقان أموم هو منسق قوات التجمع. إلتقوا بالشايقي والزغاوي والهدندوي والجعلي والرشايدي والنوباوي والنوبي وغيرهم. وفوق جبال التناقضات التي وجدت نفسها داخلها، جاءت تضيف أخرى تحملها داخلها زرعها الخطاب التعبوي للحركة الشعبية هناك.
    اعتمدت الحركة –كما ذكرت- على الخريطة القبلية في قراءتها لوقع خطواتها المستقبلية، والتي أحدثت فيها ما أحدثته من نتائج كارثية خلال مسيرتها، مثلما حدث عند إنشقاق د. رياك مشار بقوته وقواته (القبلية) وهو من أبناء قبيلة "النوير" وقياداتها البارزين، ود. لام أكول، الذي ينتمي لقبيلة "الشلك" بقواته "الشلكاوية" وغيرها من تشظيات قبلية أصغر حجماً. وألقى الواقع القبلي بظلاله الكثيفة على الحركة في مناحي كثيرة الشيء الذي جعل فخامتكم –سيدي الرئيس- تجيبون في ضيق، مرة، على أسئلة صحفية بأن لا ذنب لكم في أنكم تنتمون إلى قبيلة "الدينكا" وأن لا ذنب لقبيلة "الدينكا" في أنها أكبر قبيلة في جنوب السودان أو في السودان. ورغم أن هذه حقيقة –لا ذنب لكم في ذلك- لكن تبقى الحقيقة الأخرى أن الحركة الشعبية فشلت في صياغة خطاب تعبوي من شأنه إزالة الإستقطاب القبلي الحاد داخلها، خلال مسيرتها النضالية الطويلة.
    أضاعت الحركة الشعبية فرصة تاريخية بتجاهلها لهذا الواقع أو عدم قدرتها على التعامل الإيجابي معه، فمعركة النضال الطويل (أكثر من عشرين عاماً) كانت كفيلة بتحقيق نتائج طيبة في كسر حدة الاستقطاب القبلي داخلها وبالتالي في كل الإقليم. فالكفاح المسلح (طويل الأمد) يشكل معملاً مناسباً وأكثر سرعة، تتفاعل داخله عناصر التقارب إذا ما أضيفت مقاديرها بالنسب الصحيحة. وهي في هذه الحالة خطاب تعبوي وبرنامج توعوي زائداً قيادة قادرة على تجاوز حالة الإستعلاء. أضاعتها لتدخل مرحلة ما بعد الحرب وهي تحمل على أكتافها وداخلها كثير من الأورام التي يمكن أن تصير إلى التقيح إن لم تتسرطن.
                  

08-28-2005, 01:01 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    "جلدة ثامنة"
    يكتب نعوم شقير في سفره الكبير جغرافية وتاريخ السودان عن النوير "وهم بين بحر سُبت وبحر الغزال وفي بلادهم يتسع النيل وتكثر السدود والمستنقعات حتى أن بعضهم يسكنون الجزر فيعيشون على الأسماك والنباتات كالطيور المائية"وبحر سُبت هو نهر السوباط المعروف الذي يجري من المرتفعات الإثيوبية ويصب في النيل الأبيض من الناحية الشرقية ومن أشهر المدن هناك هي مدينة "الناصر"، أما في بحر الغزال فيستوطنون حول المنطقة الغنية بالبترول في مدينة "بانتيو" وما حولها.
    هم قوم أقوياء يمتازون مثل كل القبائل النيلية بالقامة الفارعة ومحاربون أشداء لا يهابون مواجهة الموت، بل عرف عنهم أنهم لا يقاتلون تحت حماية السواتر وإنما يقاتلون وقوفاً تحت كل الظروف. فوق ذلك هم معروفون بالإخلاص والوفاء ونقاء السريرة وبياضها، ولكنهم متمردون بطبعهم لا يخضعون لسلطان خاصة من يريد إخضاعهم سواء بالقوة أو بالحيلة والخداع.
    ظل "النوير" يشكلون رافداً مهماً وكبيراً لقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان مثلها مثل قبائل جنوب السودان. وبرغم حالات التمرد الكبيرة التي حدثت داخل صفوفه، وأشهرها تمرد "وليم نيون" و"د. رياك مشار"، مما شكل خللاً كبيراً في تركيبته وتسبب في فقدان سيطرته على مناطق كبيرة بسبب حالات التمرد القبلية تلك فهو عندما يفقد القبيلة يفقد معها الأرض التي يسيطرون عليها، رغم ذلك ضم الجيش الشعبي بين صفوفه قطاعات من "النوير" بإستمرار، ولكنها ظلت في حالات هروب كبيرة وصغيرة وأحياناً دامية. ودعني هنا –سيدي رئيس الحركة الشعبية- أن أورد ما كتبه د. منصور خالد في كتابه الأخير، أهوال الحرب وطموحات السلام "في الجنوب أصبحت الصراعات بين المليشيات القبلية (البقارة والمسيرية ضد الدينكا) وكذلك بين الحركة والمليشيات الجنوبية التي خلقها النظام (النوير ضد الدينكا) عنصراً هاماً في الحرب، وكانت الآثار الموجعة للصراع الأخير أوضح ما تكون في منطقة بحر الغزال. تلك الصراعات اتخذت أشكالاً عديدة شملت القتل، ونهب الممتلكات، والاختطاف القسري للأطفال والنساء مما عكس العنصرية في أبشع صورها. كما سهل من إشعال الصراع القبلي في الجنوب (النوير ضد الدينكا) الطموح المشروع وغير المشروع لبعض الساسة الجنوبيين، والذين لم يكونوا يأبهون، وصولاً للسلطة، من السير فوق أجداث أهليهم."
    ولم تفارق تلك الخاصية –العداء ل"لدينكا"- "النوير" الذين جاءوا ضمن قوة (Timber 1,2) الذين ظلوا يشكلون هاجساً مقلقاً لقيادة الجيش الشعبي في الجبهة الشرقية. وأشهر حالات التمرد تلك التي حدثت في النصف الأول العام 2004م، عندما انطلقت قوة من أبناء "النوير" من منطقة "جبرت" في الحدود الشرقية وعبرت الحدود الإرترية لتلتف على موقع قيادة الجيش الشعبي في "ربدة" وتقتحم المنطقة وتحدث فيها ما تحدث وتقتحم السجن الذي أروي منه تلك الأحداث لتطلق سراح أبناء "النوير" المعتقلين داخله لأسباب عديدة أبرزها هو إتهامهم بالترتيب للهروب والتسليم للقوات الحكومية. وتنطلق تلك القوة لا تلوي على شيء في إتجاه المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية.
    وجدت العديد من أبناء "النوير" داخل سجن "ربدة" وكلهم معتقلون بسبب إتهامهم (بالتفكير) في الهروب والتسليم للقوات الحكومية. ضحك "مكير"، ذو الخمسة وعشرون ربيعاً والقامة المديدة والبنية الجسدية القوية، في ألم وهو يروي لي ذلك. ومكير هو أكبر المجموعة ويعتبر قائداً لهم، وهذه عادة من عاداتهم وأعرافهم وهي تنصيب أحدهم بإعتباره قائداً في أي مجتمعات يحلون فيها. لقد تم التحفظ عليه ومجموعته وإيداعهم السجن بعد أن إتهمهم قائدهم (حفاظاً على موقعه كما يقول "مكير") بمحاولة الهروب من صفوف الجيش الشعبي واللحاق برفاق لهم كانوا قد نفذوا عملية هروب جماعية وسلموا أنفسهم للقوات الجكومية.
    واحدة من طرق التجنيد للجيش الشعبي في المناطق التي يسيطر عليها في جبهاته الجنوبية الثلاث، هي فرض عدد محدد على كل سلطان من المنطقة الخاضعة لسلطانه القبلي، لتجميعه في وقت محدد. قال لي "غوردون" رفيق "مكير" إن والده رفض تجنيد أبناء القبيلة الآخرين واكتفى بتجنيد أبنائه وهو أصغرهم. ولابد للسلطان إن أراد البقاء في موقعه التنفيذ الفوري لتعليمات الجيش الشعبي.
    يحلم "مكير" بعد أن يعم السلام ربوع البلاد بالذهاب للخرطوم، التي يقول أنه زارها مرة واحدة وقضى فيها قرابة العام قضاها في العمل في مجال البناء أولاً ولفترة قصيرة وبعدها عمل في مزرعة في منطقة الخرطوم بحري إلى أن عاد مرة أخرى إلى منطقة "بانتيو" حيث أهله لينضم لقوات الجيش الشعبي وينتقل للعمل في الحبهة الشرقية، يحلم "مكير" بالعودة وشراء عربة (بعد أن يتعلم القيادة) بعد أن يبيع بعض الأبقار من (مراحه) الكبير. ومثله يحلم الكثيرون بأن يعم السلام ويعودون إلى موطنهم ويلتقون بأهليهم الذين فارقوهم لسنوات وسنوات.
    هل تستطيع الحركة الشعبية بمنهجها القديم السيطرة على الوضع في الجنوب في ظل الاتفاقية التي منحتها حق حكمه أو السيطرة على الأغلبية فيه؟ وهل يتواصل التشظي وتتفجر الاحتقانات التي تملأ جسدها، فالأمر لا يقتصر على "النوير" فقط، بل هناك قوى أخرى تعتقد في أن (حكم الدينكا أسوأ من حكم الجلابة) ويتوقعون –بعد أن تضع الحرب الأولى أوزارها- أن تكون معركتهم القادمة ضد هيمنة "الدينكا"؟ وهل "الدينكا" يهيمنون على كل شيء في الحركة؟ لن أكتفي بإجابتكم الضجِرة على سؤال شبيه في ذلك اللقاء الصحفي، بأن لا ذنب لكم في ذلك.
    تلك قضايا كثيرة وكبيرة تحتاج لحديث طويل.
                  

08-29-2005, 01:27 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    "جلدة تاسعة"
    السيد رئيس الحركة الشعبية ..
    لم تكن كل أيامي في سجن ربدة تحمل طعم المرارة، بل أهم ما أكدته لي وما تلمسته (وكذلك المجموعة التي رافقتها خلال تلك الفترة)، وهي قناعة ترسخت لي بسبب تربيتي وما أتاحته لي الظروف من معرفة، أن ما يتسبب فيه كثير من المتعلمين والمثقفين والقيادات سواء السياسية أو العسكرية بممارساتهم الذاتية النزعة لضمان بقائهم في مواقعهم وإستمرار خدمة مصالحهم هو أس البلاء، وأن أبناء هذا السودان ينتمون إلى بعضهم وأنهم متى ما تعايشوا -تحت أي سقف حتى السجن- سريعاً ما يكتشفون ذلك وأن كل السحابات عابرة لأن أسبابها غير منسجمة مع واقعنا ولا تعبر عنه، خاصة تلك المتعلقة بشعاب الإستعلاء وما يقابلها ما هو معلق بحبال الدونية.
    سرعان ما اكتشف أفراد حراسة السجن المناط بهم مراقبتنا، الذين نراهم ونتعامل معهم يومياً، إضافة للمسجونين من مقاتلي الجيش الشعبي سواء من الضباط أو الأفراد، إكتشفوا أننا موجودون هنا بلا سبب (لم تستطع قيادتهم إطلاعهم على حقيقة الأمر وهو أنهم ينفذون رغبة المخابرات الإرترية وأن بقاءنا هو بناء على إتفاق بين قيادتهم في الجبهة الشرقية والإرتريين). إكتشفوا ذلك وسرعان ما انعكس في تعاملهم اليومي معنا، خاصة أننا لسنا مجهولي الهوية لا على المستوى الشخصي ولا على المستوى التنظيمي في ذلك الوسط، بل معروفون وسط قطاعات كبيرة على المستوى القيادي والقاعدي لديهم. ولكن عليهم تنفيذ التعليمات حسب ما تصدر إليهم إبتداء من تفتيشنا وجلدنا وكيفية معاملتنا داخل السجن، ثم تلك الإشارات -التي تنم عن سذاجة فاضحة- المرسلة إلينا من قِبَل القيادة.
    أول تلك الإشارات التي أرسلتها لنا عبر ممثليها، الذين يمكن إدخالهم السجن بذرائع مختلفة ومختلقة، هي إختلاف القيادة على أمر إعتقالنا، وأن القائمين على ذلك هم (القيادة الشمالية) في الجبهة في إشارة للمقدم "ياسر جعفر"، ونفي أي صلة (للقيادة الجنوبية) بهذا الأمر في إشارة للمقدم "بيونق" و"أوغستينو مدوت" قائد جهاز الاستخبارات الذي تخضع له إدارة السجن. كان الغرض من تلك الإشارة هو تحقيق شيئين، ثانيهما هو (شخصنة) قضية إعتقالنا في سجن الحركة وربطها بشخص محدد وأن لا علاقة للحركة وقيادتها بهذا الأمر، وأولهما هو إحداث إرباك داخلنا بإبراز صراع وهمي وسط القيادة حول هذا الأمر. جاءت هذه الإشارات بعد أن إكتشفت قيادة الجبهة الشرقية ضعف فطنتها السياسية، وانها تورطت وورطت معها كل الحركة الشعبية بعد أن فاحت رائحة عرقنا ومعاناتنا لتصل إلى أصقاع نائية لم تكن تتوقعها، برغم أنها المدافع الأول عن حقوق الإنسان في السودان القديم وفضحها المستمر للإنتهاكات التي تمارس في ربوعه، ووعدها بوطن خالٍ من أي إنتهاكات لحقوق الإنسان في السودان الجديد.
    وثاني تلك الإشارات هي رغبة الحركة الشعبية في (ضم) عدد كبير من العناصر (الشمالية) إلى صفوفها، بعد وضوح مآلات مشروع السلام واقتراب بشائر الاتفاق عليه وتوقيع وثيقته النهائية. وكان أن عرضوا علينا الإنضمام لها بواسطة رسلهم مرة، وصراحة مرة بواسطة قائد سجن "خور ملح" الذي تم ترحيلنا إليه (ولهذا الحديث موضع آخر) وكان العرض مخزٍ جداً، وهو أن مسألة خروجنا من السجن مرتبطة بموافقتنا على الإنضمام للحركة الشعبية، وكان ترحيلنا إلى "خور ملح" نوع من الضغط علينا. وجاء في ديباجة العرض أننا من الشباب الوطني المتميز وإن إسهاماتنا في العمل المعارض تشهد على ذلك سواء على المستوى السياسي والإعلامي أو على الصعيد العملياتي العسكري، وأنه لا مناص من الإنضمام للحركة إذا كنا بصدد تحقيق رؤانا فهي حصان المرحلة المقبلة. هذا أو البقاء إلى أجل غير مسمى داخل أسوار السجن وإستمرار الإهمال الغذائي والصحي. هذا حدث رغم أننا معروفون بإنتمائنا السياسي، ومعروفة هي الأسباب التي قادتنا إلى سجن الحركة الشعبية. وكانت المخابرات الإرترية قبل تحويلنا إلى سجن الحركة الشعبية قد وضعتنا أمام عدة خيارات هي أن نبقى داخل الأراضي الأرترية كلاجئين أو الإنضمام إلى أي حزب سياسي سوداني آخر غير "التحالف" أو مغادرة أراضيها إلى السودان. وعندما رفضنا العرضين الأولين وقررنا المغادرة إلى السودان –وكنا نعلم أن الخيار الأخير مجرد كرت مراوغ- وضعونا قيد الاعتقال كما هو مخطط أصلاً. يبدو أن قادة الحركة في الجبهة الشرقية إلتقطوا هذا الخيط ليلعبوا بأسلوبهم وطريقتهم معه.
    إنه أسلوب أسواق النخاسة –سيدي الرئيس- لقد جسَّوا عضلاتنا المعرفية والفكرية، وبقي لهم أن يجسَّوا زيولنا ليطمئنوا إلى بنيتنا الجسمانية وأننا مؤهلون للذبح. وكما يقولون "ليس هكذا تورد الإبل"، فإن هذه الطريقة الإستقطابية تكشف تماماً تصور الحركة الشعبية لقدراتها وقوتها وأنها قادرة بتلك القوة على إرغام أياً من كان على السير في طريقها طالما هو تحت سيطرتها، وليس كما قال الدكتور منصور خالد في كتابه أهوال الحرب وطموحات السلام "بالتأكيد لم تبد الحركة رغبة في، كما لم تبتغ، أن يتصدر لواء السودان العمل الوطني على حساب أي قوى وطنية أخرى، أو يقفز فوق رؤوس القوى السياسية مجتمعة. ليست هي أيضاً بالغباء الذي تظن معه بأنها يمكن أن تستأثر بالساحة السياسية السودانية كلها، وهي التي لا تستأثر بالجنوب."
    إن ما حدث لنا وحده كفيل بنسف رغبة الدكتور منصور خالد في التأكيد على أن الحركة، وليس لواء السودان، (لأن مشروع لواء السودان فشل –كما ذكر الدكتور في ذات الكتاب- خاصة بين العناصر التي كان يفترض أن تنجذب طبيعياً نحوه) لا تسعى إلى تصدر العمل الوطني على حساب غيرها. وللتنظيمات السياسية التي عملت في الجبهة الشرقية، جنباً إلى جنب معها، تجارب تذكر بالكثير (والذي ساتعرض لبعضها في حينه) الذي يؤكد على نسف تلك الرغبة.
    كان لزاماً علي –وعلى الآخرين معي- التعامل مع هذا الموقف، ولنا تجربة مماثلة مع المخابرات الأرترية عندما حاولت بشتى السبل إثناءنا عن موقفنا في الذهاب إلى وطننا. وكان صمودنا وثباتنا على هذا الموقف هو مفتاح هزيمة كل محاولات كسرنا وتطويعنا، رغم ما كانت تلوح به الجهتان من إمكانية تصفيتنا الجسدية، وكان ذلك ممكناً لولا عناية إلهية وإنتشار خبرنا ليعم القرى والحضر بسبب تدخل بعض المنظمات وتدخل بعض البعثات الدبلوماسية في العاصمة الإرترية أسمرا من أجل إطلاق سراحنا وعلى رأسها البعثة الفرنسية وسفيرها شخصياً.
    رفضنا –جماعياً- الإنضمام للحركة الشعبية ليس لسبب سوى أننا لا نزال ننتمي إلى اتجاه سياسي ولا يعني أن النظام الأرتري لا يرغب في وجوده داخل أراضيه بأنه إنتهى، ثم أنه لا يمكن أن ننضم إليها ونحن داخل سجنها، الشيء الذي يعني حرماننا من أي خيار آخر طالما نحن تحت سيطرتها هذا من جانب، وقلنا لمبعوثيها إننا لا يمكن أن ننضم للحركة ونعمل تحت مظلتها لأن ذلك سيكون مجرد إنتهازية متى ما اتيحت لنا فرصة للخيار يمكن بكل بساطة أن نتركها غير آسفين هذا من الناحية الأخرى، ثم إننا أصلاً ضد سياسة "التكويش" التي تتبناها الحركة كمنهج إستقطابي.
    أجزم –سيدي الرئيس- أنك كنت ستتخذ نفس، وتطرح ذات الرؤية، ولو أدى بكم ذلك للهلاك، إذا ما قدر لك وكنت في موضعنا ذاك. ولقلت ما أكتبه أنا الآن حول أن قيادة الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية كانت من الضعف السياسي وعدم الفطنة بحيث لا تقدر على مواجهة متطلبات المرحلة الجديدة، إن ظلت تتمسك بمنهجها ورؤاها واعتبارها بأنها (الجنس الآري في السودان) والعرق السياسي الأكثر نقاء في الساحة مما يدفعها لتصفية أصدقائها ودفعهم إلى مواقع الخصومة قبل خصومها. أوليس هذا هو السودان القديم بعينه الذي ظلت تحاربه الحركة الشعبية ودفعت فيه ما دفعت من دماء وعرق ودمار.
                  

08-30-2005, 00:41 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    إن الحياة خلية خاصة جداً، وكلما ازداد فكر الإنسان صغرت الأمتار المربعة التي يجدها تحت تصرفه. أما اهم ما في الموضوع فأن يعرف كيف يقيم في ذاته هذا التوازن الذي يجعل العالم واسعاً كالسماء"، هكذا يقول الروائي الإيطالي فاسكو براتوليني في روايته "أخبار شعبية" على لسان الراوي. أو هكذا كان حالي- ورفاقي- عندما قررت قيادة الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية نقلنا من سجن "ربدة" إلى سجنها في "خور ملح".

    كنا مع مضي الوقت قد اخترقنا، بفعل منظم، كل محاولات حصارنا داخل أسوار السجن الشوكية، وساعدنا في ذلك بؤس السجن وخلوه من أي مورد ماء، مما يجعل إدارته تضطر إلى السماح لنا بجلب ماء الشرب- كما تفعل مع السجناء الآخرين- من الآبار (الجمامات) القائمة على المجرى المائي الموسمي الذي يلتف حول منطقة "ربدة" ومن خلفنا بندقية الحارس مشهرة. استطعنا إقامة ذلك التوازن المطلوب وزيادة مساحة العالم حولنا بما يكفي ولكن- دون شك- ليس باتساع السماء.

    في غدونا ورواحنا ذاك كثيراً ما كنا نلتقي بمعارف لنا، سواء من الفصائل المسلحة الأخرى أو من مقاتلي الجيش الشعبي الذين لم تلق بهم الأقدار داخل السور الشوكي أو بعض من رفاقنا في التحالف الذين آثروا البقاء في منطقة "ربدة". كل اولئك كانوا يمثلون لنا دعماً معنوياً ومادياً رغم ذاك الحصار، وحتى أصبع الحارس الذي ظل يرافقنا في رحلتنا اليومية صار يبتعد قليلاً عن الزناد، إلى أن وصل مرحلة أن يسمح لواحد منا بالانطلاق للسوق الواقعة على الضفة الأخرى من المجرى النهري. تلك هي المرحلة التي ربطتنا بالعالم خارج منطقة "ربدة" وصرنا نتواصل عبر رسائل شفاهية مع قيادتنا عبر مدينة كسلا حتى وصلنا مرحلة التواصل عبر الرسائل المكتوبة، كل ذلك ومخابرات الحركة الشعبية مستغرقة في النوم على أذنيها.

    كانت تلك مساحة كافية لنحدث ربكة ما وعلينا استغلالها. ظللنا نستمع من كل الذين التقيناهم لما تطلقه قيادة الحركة في الجبهة حول أمر اعتقالنا وما تحاول أن تبثه من مبررات، مثل خطورة عودتنا للسودان ونحن نحمل كل تلك المعلومات الخطيرة عن المعارضة، هذا في الوقت الذي وصلت فيه المفاوضات بين الحركة الشعبية وحكومة الخرطوم مرحلة جرد الحساب على كافة المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية وما تبقى كان مجرد رتوش لتجميل وجه كل منهما، أو أن علينا الانضمام للحركة- أو أي تنظيم سياسي آخر في حال مخاطبتهم للقوى الأخرى- لدورنا (الكبير) الذي قمنا به خلال مرحلة النضال وأننا أصحاب (قدرات) لا يستهان بها، بل يجب الاستفادة منها .. وهل يتم هذا رغم أنفنا؟!

    طرحنا لقيادة الحركة عبر رسالة شفاهية نقلها إليهم بعض رسلهم الذين كنا نلتقيهم داخل السجن، فكرة كانت ستساعدهم في الخروج من مأزقهم وورطة ووجودنا في ظل هذا الوضع بينهم. طرحنا عليهم إطلاق سراحنا فوراً لما سيحققه من مكسب سياسي بالنسبة للحركة في مرحلتها المقبلة، بعد ملابسات اعتقال الأريتريين لنا، أو معاملتنا كمواطنين موجودين داخل منطقة يسيطرون عليها ويديرونه مثلها والجبهات الأخرى إلى حين التوقيع النهائي على اتفاق السلام، إن كانوا لا يستطيعون إطلاق سراحنا نهائياً وفتح الطريق لعودتنا لأهالينا. كانت الفكرة ورطة أكبر بالنسبة لهم، خاصة بعد أن أذعناها في تلك المساحة التي خلقناها.

    لكن يبدو انهم مع افتقارهم للحس السياسي فقدوا الحس (الثوري) بعد تلك الرحلة المضنية والطويلة من النضال، فقد كان ردهم كاشفاً لعقلية استمرأت الاستخفاف بعقول الآخرين عندما قالوا انهم لا يستطيعون ذلك؛ لأن علينا في هذه الحالة العودة إلى الأريتريين كلاجئين وأنهم لا يستطيعون التكفل بمسألة طعامنا وسكننا ولا توفير الحماية لنا.

    مسألة عودتنا كلاجئين في أريتريا نعلم ويعلمون أنها ليست مستحيلة فقط، حتى أثناء بقائنا في أريتريا لم نفكر فيها ولا في تلك الإغراءات بالهجرة من بوابتها إلى تلك "البلاد التي تموت من البرد حيتانها". فقد كان وجودنا فيها مرتبط بظروف سياسية محددة أما وقد انتفت أسباب بقائنا فيها فإن وجهتنا هي السودان، فلا نحن سنقبل ذلك ولا الجبهة الشعبية الحاكمة في إريتريا ستقبل وجودنا بعد أن واجهت تلك الضغوط من أجل إطلاق سراحنا. أما مسألة حمايتنا وأكلنا وشربنا فكان هذا العيب الأكبر، أن لا تستطيع الحركة الشعبية- بجلالة قدرها- ذلك، كان مثار استهجان أكثر منه مثار ضحك بالنسبة لنا رغم أننا ضحكنا لهذا القول. وحسبناها؛ إن استقطعت قيادة الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية من تعيينها الشهري عشرة حبات "عدس" وخمس ذرات "شكر" وعدة جرامات من "الدقيق" وقليل من "الزيت" الذي تبيعه لاستطاعت توفير معاش مائة شخص ناهيك عن أربعة أو خمسة. والغريب أننا كنا نأكل ما يمكن أن نسميه "وجبتين" داخل السور الشوكي، وكنا نستظل تحت تلك السقيفة التي أقمناها من الأغصان والكرتون ونتوسد بعض الجوالات الفارغة التي حصلنا عليها مع مرور الأيام، وكانت تحمينا تلك البنادق التي تحرسنا في ذات الوقت، والتي يحملها مقاتلون في الجيش الشعبي وليست بنادق جيش آخر. كل هذا يحدث ولكن نحن داخل السجن، إذاً المسألة ليست كما يقولون.

    وأشير هنا إلى العديد من المظاهر التي تطبعت بها القيادات في الجيش الشعبي أو "البنجات ومفردها بنج"، على الأقل في الجبهة الشرقية، وأهمها استغلال التراتبية العسكرية لخدمة مصالح شخصية تخص هذا القائد أو ذاك، وينسحب ذلك حتى على مستوى القيادات الدنيا من ضباط الصف. هذا يدعمه الغياب الكامل للضوابط القانونية- أو تغييبها- التي تحكم العلاقة بين الأفراد، فمن السهل جداً أن يقودك إلى السجن مزاج رتبة أعلى لم ترق له شخصيتك ناهيك أن تخالف تنفيذ أوامره الخادمة لمصالحه وليست تلك التي تخص العمليات العسكرية، ويمكنك أن تبقى بين أحضان السور الشوكي إلى أن (يعتدل) مزاج الرتبة الأعلى وسيكون حظك في أسوأ حالاته إن غادر القائد المعني المنطقة لأي سبب من الأسباب، وإذا طال غيابه ما عليك سوى انتظار لجنة عليا، لا يدري إلا الله متى ستنعقد، لتنظر في مشكلتك.

    إلاَّ السلاح، ممنوع بيعه أو التصرف فيه هنا في الجبهة الشرقية، أما التعيينات فتباع (على عينك يا تاجر) أو تحت مسميات وبنود إدارية تفتح المجال على أوسع نطاقه للاتهامات بالتلاعب بعائداتها،كما يروي أفراد الجيش الشعبي الذين يتوقون إلى حياة مثل تلك التي يعيشها قادتهم (على بؤسها) و"لم تكن متاعب العمل ولا مشقات الوجود، ولا آلام كل ثانية لتكبح غريزتهم" كما يقول الإسباني سبستيان جوان في روايته دروب الليل. وهذا ما يرويه لي أحد الملازمين المعتقلين داخل السور، وهو من الذين التحقوا بالجبهة الشرقية ضمن قوات (Timber)، أن سبب وجوده هنا هو بيعه سلاحاً كان قد حصل عليه في معركة خاضها ضد القوات الحكومية في منطقة "رساي" ولم يكن قد مضى على وجوده في الجبهة سوى عدة أسابيع. يقول في حسرة مقهوراً: "إننا في الجنوب نعيش من بيع السلاح الذي نحصل عليه في المعارك التي نخوضها ضد القوات الحكومية والمليشيات التابعة لها. الجيش الشعبي لا يصرف لنا مرتبات، ولكن يسمح للواحد منا ببيع كل الأسلحة الخفيفة التي يحصل عليها بعد أن يودع واحدة منها لدى مخزن السلاح الخاص بوحدته وأي أسلحة ليست من فصيلة الأسلحة الخفيفة. لقد أمضيت حوالي سنتين هنا في الجبهة الشرقية، أكثر من سنة ونصف السنة منها بين الأسوار ولا أحد يريد أن يفتي في امري.. ينتظرون اللجنة العليا التي ستأتي من الجنوب بعد انتهاء المفاوضات مع الحكومة. كل ذلك بسبب أنني بعت قطعة سلاح واحدة بعد أول عملية عسكرية خضتها ضد القوات الحكومية. ويواصل- في استهجان- لن تستطيع القيادة هنا أن تفعل لي شيئاً بل ستنتظر إلى أن يأتي قائد الجبهة "كوماندر توماس سريليو"، يقولون إنه سيحضر قريباً في رفقة وفد كبير من قيادات الحركة العليا. حتى قضيتكم هو من يستطيع أن يحسمها."

    كنا في بعض الأحايين، أثناء سعينا بين صفا منابع الماء ومروة السور الشوكي، نلتقي العديد من قيادات الحركة العليا في الجبهة الذين ظلوا يتهربون من لقائنا مباشرة، نلتقيهم ويلتقوننا دون رغبة منهم في ذلك، وكأننا العدو الأول لهم. إلى أن كان ذاك اليوم الذي التقينا (مجدي سيد أحمد وياسر وأنا) فيه المقدم "ياسر جعفر" وكان في تلك الفترة يمثل قائد الجبهة في ظل الغياب الذي امتد لفترة طويلة لقائدها المكلف "كوماندر توماس" لأسباب متعلقة بجولات التفاوض واللجان المصاحبة لها. هكذا وجدنا امام عربته التي يقودها، دون سابق إنذار (أو من حيث لا يحتسب)، وبقدر ما حاول أن يتفادى لقاءنا بقدرما كان الطريق ضيقاً جداً. لم يكن من مناص أن يوقف عربته ويترجل- وهو الذي كان يتردد على مكتبي في مقر المكتب التنفيذي للتجمع الوطني الديمقراطي بأسمرا لأنجز له بعض الأعمال التي تخص الجيش الشعبي ولكن ماذا نقول غير ما يقوله الفرنسيون Ci la vie- وها هو يسلم علينا بحرارة مفتعلة، أدهشت كل من كان على الطريق في تلك الأثناء حتى حارسنا أصابته لعنة الدهشة فلم يدر أيصوب بندقيته نحونا ونحن مغمورون في أحضان قائد الجبهة أم يقف في وضع (جنباً سلاح). وبين هذه وتلك قال له "مجدي": "نحن نعلم الوضع الذي أنتم فيه بسببنا". فرد عليه "أنتم مجرد أمانات عندنا" فقلنا معاً "لسنا أمانات بل ودائع عندكم"، ووعد بأن يلتقينا في وقت لاحق لكن لم تكن لديه الشجاعة الكافية لذلك.

    سيدي رئيس الحركة الشعبية..

    من السهل أن نرتكب الاخطاء، لكن الاعتراف بها ومعالجتها ومن ثم تجاوزها يتطلب شجاعة لا تتوفر سوى لدى الذين يدركون ان الحياة هي المعلم الأكبر. وأننا، طالما على قيد الحياة، سنظل مجرد تلاميذ فيها، أما الذين يقفون موقف المعلمين الأبديين ويقفون عند حد هذا السقف، فلن يعترفوا بأخطائهم ولن يسعوا لتجاوزها وبالتالي لن يتعلموا منها.
                  

08-31-2005, 01:39 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة حادية عشرة»

    بالرغم من أنها بثت حزم من الهالات البراقة حول محيطها منعت الاخرين من رؤيتها بوضوح، ظلت الحركة الشعبية لتحرير السودان تلتف حول نفسها وتراوغ حقيقة عدم قدرتها على الخروج من شرك ممارسات السودان القديم. وإذا كنت قد ذكرت في وقت سابق أن ما يميز جديد السودان من قديمه هو مجموع منهج وسلوك وممارسة تقود إلى تنزيل الرؤى والأفكار واقعاً مرئياً لا أن تظل مجرد شعارات تتنازعها الريح فنضطر إلى ثقب القماش الذي خطت عليه، فإن الحركة الشعبية بتبنيها المطلق لدعوة السودان الجديد وبنائه واستفار مجهوداتها وقدراتها من أجل ذلك، بل وذهابها إلى إطلاق اسم السودان الجديد على المناطق التي سيطرت عليها، منحتني- كما منحت غيري- حق رؤيتها من خلال هذا (الزوووم) ومقاربة ما تدعيه مع واقع الأمر، ومدى مفارقتها للسودان القديم منهجاً وممارسة.

    تعب السودان والسودانيون حقاً من منهج السودان القديم وممارساته، وظلوا يتطلعون إلى مَن ينتشلهم مِن وطأته، حتى أن جدتي أمد الله في أيامها "التي لا ترى في الوجود سوى صورة السيد علي بعد أن انتقل إلى بارئه" سئمت من ذلك المنهج وتلك الممارسات حتى قالت لي مرة كما أخطر محلل سياسي: "ليأتي جون قرنق ونجرب حكمه.. فقد جربنا السودانيين من كل لون ولم يتبق لنا سوى جون قرنق فربما يكون عنده الدواء لهذا الداء (الإسمو) الحكومة".

    "ليأتي قادة الحركة ويحكمون" ولكن كيف؟! هذه "الكيف" رددتها الألسن كثيراً ودبَّجت بها المقالات والدساتير والمواثيق والآن الاتفاقيات التي فرضها اختلال القوى لدى كل الأطراف وتم وزنها بقوة الضغط الدولي. ولكنها تظل مربط الفرس والدواء الذي تقول به جدتي. كما تظل الاختبار العملي الذي تكبو عنده كل الجياد. ولارتباطها الوثيق بجملة مفاهيم متعلقة بها وتركيبة معادلات لا تحتمل التهاون في نسب عناصرها، بقيت (هذه الكيف) معضلة كبرى عند ممارسة الحكم، في السودان الغني بالتنوع والتعدد، عملياً تحت ظل مفاهيم لا تستوعب ذلك التنوع والتعدد ومعادلات مختلة نسب عناصرها. وهو ما قاد إلى "اندماجنا عيانياً متزايداً في ممارسات دولة تعبر حتى أدق التفاصيل عن علاقتها مع مصالح خاصة محددة"، كما يقول نيكولاس بولانتزاس في كتابه نظرية الدولة.

    إن "الكيف" يبدأ- سيدي رئيس الحركة الشعبية- كما تعلمون، من عوامل داخلية تتعلق بالتطور الذاتي للسلطة الحاكمة وعلاقتها بجهاز الدولة وكيفية توجيهه وإدارته وتتعلق قبل ذلك بذلك الجهاز وماهية تركيبته والدستور الذي تراضى عليه الجميع ليحدد العلاقة بينهم وبينه. فهي إما دولة مقعدة تأتي سلطة ما (بأي صورة انقلابية أو ديمقراطية مع العلم أن الديمقراطية كنظام حكم لاتتسق مع الدولة المقعدة) لتوجه عجلة مقعدها عبر طرقاتها لبلوغ غايات ومصالح محددة. أو دولة فاعلة اتفق الجميع على الدستور الذي يحكمها ويحكم العلاقة بينهم وبين أجهزتها؛ وفي حالتنا دستور يستوعب السودان أرضاً والسودانيين بشراً.

    فإذا وصفنا الدولة السودانية منذ الاستقلال وصنَّفناها بأنها مقعدة، فقد أدى بها قادتها إلى ذلك. أدوا بها إلى أن تظل كسيحة حتى يسهل قيادة مقعدها، لعجزهم عن الإيفاء بالتزامات القيادة وأهمها التواضع على خدمة الجماهير والعمل على تحقيق طموحاتها، ولاختيارهم الحلول التي تخدم مصالحهم الحزبية والتي تقود إلى تحقيق مصالحهم الخاصة وإرضاء نزعاتهم الذاتية.

    إن أس الداء هو في ادعاء الديمقراطية، وأنجع دواء لحالتنا (السودانية) هو الديمقراطية، ولكن لها شروطها التي لا نقدر على الالتزام بها إلاَّ إذا ما تنازلنا عن كثير من الذاتية التي تتحكم في دواخلنا وتحكم تطلعاتنا. وستظل تلك عقدتنا الكبرى (أي الديمقراطية) طالما ارتبطت بتحقيق مصالحنا الخاصة، أو مارسناها بمفهوم (عليَّ وعلى أعدائي). ولا تزال مسألة الديمقراطية، وستظل، تمثل كبوة منظوماتنا السياسية التي وصلت إلى السلطة والتي لم تصل إليها فدائماً ما تنكفئ جيادهم على وجوهها عند أول منعطف. فهي معنية أولاً بالتربية.. نعم بالتربية التي يلعب فيها البيت دوراً كبيراً ومفتاحياً ففاقد الشيء لا يعطيه. وهي كذلك معنية بمناهجنا التعليمية من مراحل ما قبل التعليم الإلزامي وحتى مراحل التعليم العالي (ولنراجع في هذا الصدد مناهجنا التعليمية منذ الاستقلال وإلى دولة المشروع الحضاري). كلها مبنية على قيم مطلقة مثل حب الخير والتسامح ومساعدة الضعيف، ولكنها لا تقود إلى تحقيق قيم محددة مثل الاعتراف بالآخر وحقوقه ولا على قواعد الديمقراطية وكيفية ممارستها. فها هي جامعاتنا لا يكاد يمر عام أو شهر حتى ترى (سيخها) و(ملتوفها) متطاير في أركان النقاش. ليس هذا بذنبهم، فقد تربوا على ذلك (إما معي أنت، أو مع عدوي إن لم تكن عدوي).

    الحديث عن بنية منظوماتنا السياسية وعلاقتها بالممارسة الديمقراطية- برغم كل تلك الديباجات التي تسطرها في وثائقها المعلنة- يكشف مدى ورطتها حتى أخمص قدميها في ترسيخ النزعات الشمولية؛ فقيادتها بين الإيديولوجية والطائفية تنزع إلى الأبدية، وتصدر ما تصدر من الفرمانات المؤقتة (بسبب الظروف الطارئة المستمرة) ما تصدر من أجل تقنين وضعها الأبدي، وتعمل على إزاحة السلم من أمام كل من يحاول الصعود إلى أعلى بشتى السبل والحيل.

    وهي منظومات تفتقر أصلاً إلى (مواعين) واسعة تستطيع عضويتها أن تمارس حقوقها، التي تكفلها لها تلك الديباجات والوثائق، من خلالها. فالبنية التنظيمة لتلك المنظومات غير مؤهلة لاستيعاب الممارسة الديمقراطية الحقَّة. فهي بنيات جامدة لا تتفاعل مع الحراك الاجتماعي المتزايد ولا الوعي السياسي المتنامي مما يقود في النهاية إلى تلك الانشطارات باسم الديمقراطية. وكما يقولون- ما بني على خطأ حتماً يقود إلى الخطأ، فإن التضييق على الممارسة الديمقراطية الداخلية لتلك المنظومات يقود حتماً إلى تفجر الصراعات الداخلية، وربما تتبنى بعض القيادات- تحت دعاوى الديمقراطية التي تفتقر إليها أصلاً- وباسم الديمقراطية قيادة تلك الصراعات والانشطارات.

    وتبدو أبرز تجليات سوء الممارسة الديمقراطية في عدم احترام الآخر ورأيه، فما أن يخالف أحد الزعيم في الرأي حتى تنبري له أسنة بطانته وقبلها تنبري لها مقدرات الزعيم نفسه في إظهار قدراته على هزيمة من يخالفه الرأي بكافة الوسائل هذا إذا فشل في قمعها أصلاً بقدرات مؤسسته الحزبية الخاصة. ففي ظل انعدام تلك المواعين التنظيمية التي يستطيع ذلك الآخر التعبير من خلالها عن رأيه تبرز مساوئ استخدام عصا الديمقراطية، فللزعيم عصاته التي يستخدمها ولصاحب الرأي المخالف عصاته وكلاهما ذات رؤوس (نووية) متعددة، فأما الزعيم فيستخدم الديمقراطية الزائفة التي توفرها له الأغلبية المؤيدة، أما الآخر فأبسط ما يفعله هو خروجه عن المؤسسية رغم أن بنيتها غير مؤهلة لاستيعاب مثل (ترهاته تلك) ولكنه ارتضاها وربما ساهم بشكل مباشر في التأسيس لها.

    وها هي الحركة الشعبية تربي قادتها وأفرادها- وحتى سياسييها- على ذات المنهج- بإرادة منها أو دون- مما يوقعها في شرك ممارسات السودان القديم. فهي في إطار كفاحها المسلح الدؤوب ضد السلطة الحاكمة تجاهلت التزاماتها تجاه ما رفعته من شعارات خاصة فيما يتعلق بقضايا الهامش بعد أن أصبح لها هامشها الذي يدور في فلك مركزها الداخلي. كما أن بنيتها التنظيمية، التي تحدثت عنها في وقت سابق، التي رغم أنها حملت داخلها نظامها السلطوي والسياسي والعسكري، إلاَّ أن صوت البندقية كان هو الأعلى مما أدى إلى طغيانه (وطغيانه)، فهي بنية، على ما يتعلق بثوبها من خرق السودان القديم وآثاره السالبة، ليست مؤهلة أصلاً للممارسة الديمقراطية بتركيبتها المدمجة هذه. وهي تركيبة سرعان ما ستظهر تعقيداتها عند محك ممارسة العمل في مرحلة ما بعد تنفيذ اتفاقية السلام.

    وهناك العديد من تلك المظاهر التي تربط الحركة الشعبية بالسودان القديم كمنهج وسلوك والتي سترد- اضافة لما ورد- بين السطور القادمة. وإذا ما أحسنا الظن في الرؤى والأفكار والبرامج على المستوى النظري، ستظل المعضلة الكبرى في خلق الآليات وتطويرها بما يحقق قدرة مستمرة لإنجازها ما هو مطلوب، وحتى ذلك الحين سيظل التساؤل قائماً والمتمثل في (هذه الكيف؟؟؟).
                  

09-01-2005, 06:44 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    "جلدة ثانية عشرة"
    "مشار أتوير" لا يتجاوز عمره الخمسة وعشرون عاما،ً و"شارلس أنتيباس" ربما بلغ الثلاثين من عمره أو تجاوزها بقليل، وهما من الضباط الصغار في الجيش الشعبي لتحرير السودان، سيمثلان وجهاً مشرقاً للحركة الشعبية مرحلة ما بعد الحرب، مثلهما مثل العديد من الأفراد الذين يشعرون بأن هناك خطأ ما يتجول بين جنبات إطار الصورة المشرقة التي يعيشون داخلها.
    ومعظم هؤلاء التحق بمدارس في مدن شمال السودان أو عمل في الجيش السوداني وتجول -أثناء فترة خدمته- في مناطق عديدة من السودان، فساهموا أثناء ذلك في تمديد عرى الأواصر السودانية السودانية رغم كل محاولات التشكيك الذي تصاعدت نبرته في مرحلة ما. وغيرهم ممن لم تتح لهم الظروف الاحتكاك بالشمال ولكنهم استطاعوا تكوين قاعدة نفسانية من خلال معرفة استقوها من إختلاطهم بالشماليين في مناطقهم تؤهلهم لتجاوز كل تداعيات الظلامات التاريخية. فقد إنتهى عصر (شراء الدجاجة بقرش وبيع ريشها بخمسة قروش)، بعد مرحلة طويلة من النضال جنوباً وشمالاً واكتساب مزيدٍ من الوعي بالحقوق، خاصة عندما اكتشف الجميع أن تلك الظلامات تتمظهر بأشكال مختلفة في مختلف أنحاء السودان. وما العبارة الصادقة التي أطلقها أحد مقاتلي الجيش الشعبي الذي أتي لأول مرة إلى الجبهة الشرقية، وهو يرى تلك الأراضي القاحلة والحياة التي يكسوها الجفاف في شرق السودان، قائلاً :"والله د. جون ده جابنا لي بلد قديم خلاص". إلاَّ تعبير صارخ عن فداحة الظلم الذي يتعرض له السودان من أبنائه المهمِلين.
    ربطتني علاقة وطيدة مع "مشار أتوير" و"شارلس أنتيباس" وغيرهما، خاصة أثناء فترة عملي في مقر المكتب التنفيذي للتجمع الوطني الديمقراطي. فقد كان "مشار" ضمن طاقم حراسة الشخصيات المهمة في الحركة أثناء زياراتها للجبهة الشرقية وهو بالضرورة ضمن طاقم حراسة شخصكم، أما "شارلس" فكان ضمن الطاقم الخاص بالقائد باقان أموم المنسق العسكري للجبهة والأمين العام للتجمع. وبالتأكيد أنهما تميزا بصفات إيجابية أهلتهما لهذه المواقع المهمة، فغير أنهما يتمتعان بمستوى تعليمي جيد فقد كانا منضبطين إنضباطاً عالياً.
    فوجئت بوجود "مشار" ضمن المتحفظ عليهم في سجن "ربدة" فقط لأنه على خلاف مع أحد القادة من ذوي الرتب الأعلى، ليبقى في السجن فترة طويلة فقط (من أجل التشفي وليس من أجل علاج المشكلة بينهما) كما قال لي. حاول "مشار" كسر طوق العزلة الذي ضربته حولنا إدراة السجن بأوامر من جهاز الحركة الاستخباري التي منعت زيارة معارفنا لنا بطريقة رسمية. بل ذهب إلى أكثر من ذلك بتقديمه مساعدات عينية لنا تمثلت في توفير قطع من الصابون وبعض الاحتياجات التي طلبناها منه رغم انف تلك الأوامر (تلك المساعدات العينية التي كنا نتوقعها من قيادة الحركة في الجبهة وبصفة رسمية).
    وتأكدت لي أوامر الجهاز الاستخباراتي بمنع زيارتنا عندما أرسل لي "شارلس" عبر أحد السجناء من الضباط المسموح لهم بمساحة من التحرك خارج السور الشوكي، أرسل لي يعبر عن رغبته في زيارتنا وأنه قد تقدم بطلب بذلك لإدارة السجن وينتظر ردها. ويبدو أنه إنتظر (جودو) طويلاً، فلم يأت كما وعد بل التقيناه مرة خلال رحلاتنا اليومية بين البئر والسجن ليعبر لنا بصدق عن تضامنه وتضامن الكثيرين معنا وأنهم يعتقدون أن ما يحدث لنا هو ظلم كبير وأنه يأسف لأنه فشل في إقناع قادته بتغيير وضعنا على الأقل إلى وضع أفضل. "شارلس" و"مشار" يعلمان علاقتي بالحركة الشعبية وحجم المساعدات التي قدمتها للجيش الشعبي –حسب قدراتي- في تلك الفترة، لذلك كانا الأكثر إندهاشاً من موقف قيادتهما، ومن الوضع الذي نحن فيه.
    واستشرت موجة التضامن معنا بشكل واسع وسط ضباط وأفراد الجيش الشعبي في الجبهة الشرقية وهم يروننا كل يوم في رواحنا وغدونا، ويلمسون صلابة موقفنا بعد أن تكشفت الأسباب الحقيقية وراء إعتقالنا، وانعكس ذلك التضامن سلباً على موقف القيادة بعد أن خلق عنصر ضغط مؤثر داخل مجالس السمر وفي الاجتماعات الرسمية خاصة في ظل الضعف الذي اعترى القيادة في تلك الفترة والذي تجلت مظاهره في استخدام السلاح ضد الرتب الأعلى واستخدام القنابل اليدوية "القرنيت" في مباني الإدارات، وكل تلك الحالات تأتينا داخل السور الشوكي. وذلك الضعف نتيجة لأن القيادات التي وجدت نفسها في قمة الجبهة بعد الغياب الطويل للقيادة الفعلية من المنطقة، لم تكن مؤهلة كفاية للإضطلاع بتلك المسئوليات الجسام التي تواجهها، خاصة وأن الجبهة كانت تتأهب لمرحلة إعادة التنظيم لمقابلة مهام ما بعد التوقيع على اتفاق السلام، وكان الجميع في انتظار اللجنة القيادية العليا وقائد الجبهة المكلف للقيام بتلك المهمة.
    أدى هذا التضامن وتعالي صوت الاستنكار هنا وهناك، إضافة لمجالس القوى السياسية الأخرى التي كانت أصواتها تصل إلى قيادة الحركة، إضافة إلى رغبتها في ممارسة مزيد من الضغط علينا، كلها أدت إلى أن تضطر القيادة للتفكير في تغيير وضعنا أو تغيير مكان وجودنا، قادها ذلك إلى تنفيذ قرارها المؤجل بترحيلنا من سجن "ربدة" إلى سجن "خور ملح".
                  

09-03-2005, 00:52 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    ربما لا تعلمون -بحكم موقعكم في قمة القيادة- أن سجن «خور ملح» معروف بسوء السمعة. واحد من الذين مروا بأسوأ التجارب في ذلك السجن هو المقاتل «جون». شخص سوداني بسيط ينتمي إلى قبيلة الدينكا وفوق ذلك يشعر بانتمائه الأكبر والأقوى لكل السودان، وهو من العمال الزراعيين الذين رمت بهم الأقدار في طريق الكفاح المسلح، فاختار منذ اتخاذ قراره بالانخراط فيه العمل ضمن قوات التحالف السودانية ليسطر له التاريخ بأنه من اوائل الذين أسهموا في بث ذلك البريق الذي ميز نجم التحالف عند سطوعه.

    وقع «جون» ضحية للتنافس الشريف وغير الشريف بين الفصائل المسلحة في شرق السودان، والصراع المحتدم بينها في استقطاب المواطنين إلى صفوف الكفاح المسلح. فهي وإن كانت قد حددت عدوها الأساسي في ذلك الوقت وهو النظام الحاكم في الخرطوم، إلاَّ أن قصور تفكير قياداتها -الميدانية منها بصفة خاصة- وضيق أفقها، جعل الصراع بينهم يتحول إلى ما هو أشبه بالعداء، بالرغم مما تعكسه الصورة البراقة للعمل العسكري المشترك والعمل العسكري الموحد، والتي تخفي وراءها صورة أخرى مشوهة لا ينفذ إليها إلاَّ الذين عايشوها عن قرب.

    تعرض «جون» لصنوف وألوان من التعذيب في سجن «خور ملح» لكونه دينكاويا ينتمي إلى فصيل آخر غير الجيش الشعبي لتحرير السودان، رغم أن كثيرا من أبناء القبائل الأخرى بما فيها الدينكا يرون أن الحركة الشعبية وجيشها الشعبي لا يعبران عن طموحاتهم ولا عن مواقفهم ورؤاهم السياسية والاجتماعية، ويعتقدون أن من حقهم الانتماء للقوالب والأفكار السياسية التي يمكنها التعبير عنهم، ولا يرون في التخندق القبلي والجهوي القالب المناسب لهم ولا الذي يعبر عن طموحاتهم، فهم تجاوزوا برؤاهم وأحلامهم ذواتهم بعد امتلاكهم رؤية مغايرة أو فلنقل أكثر استيعاباً لواقع السودان وأقوى طموحاً لمستقبل السودان. ومثلما ترى الحركة الشعبية في ما تصدره من رؤى أنها حركة قومية وليست إقليمية وبالضرورة لا تشترط أن تكون من قبيلة معينة لتكون مؤهلاً للانضمام إليها، يرى «جون» أن كونه دينكاوياً لا يعني ذلك أن ينتمي بالضرورة للحركة ولا يعتبره صكاً للانخراط في صفوفها.

    ولكن ماذا يعني أن تعتقل قوات الجيش الشعبي -أثناء زيارة له لإخوته وأقربائه في مناطق معسكرات الجيش الشعبي في منطقة «ربدة»- بأوامر من ضابط فيها المقاتل «جون» لأنه من قبيلته وعليه أن ينخرط في صفوف الجيش الشعبي ولو بالقوة. وقد حدث أن أجبر على الانضمام للجيش الشعبي بعد أن تعرض للاعتقال والتعذيب في سجن «خور ملح» حسب روايته ورواية آخرين التقيتهم هناك، حتى رضخ للأمر.

    هذه أولى الصور التي لصقت بذهني عن ذلك السجن، تليها تلك الصور المتفرقة التي التقطتها أثناء وجودي في سجن «ربدة» عبر إشارات تخويفية تبثها قيادة الحركة بواسطة مندوبيها لنا في السور الشوكي، وعبر التقصي الذي قمنا به من بعض المعتقلين والسجناء الذين لديهم فكرة عن وضع ذلك السجن. وتتالت الروايات عن "خور ملح" وما يعرفه مرافقي من القيادات الميدانية عنه، وهيأنا أنفسنا ووطناها على أسوأ الظروف التي يمكن أن تواجهنا إذا ما قررت قيادة الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية تنفيذ ما أرسلته من إشارات بترحيلنا من "ربدة" إلى "خور ملح"، وذلك بعد أن وجدت أنه لا قدرة لها على النفاذ إلى غاياتها عبر تصلب موقفنا وصلابته، وهو ما لم تكن تتوقعه. فهي بعد جلدنا ومحاولة عزلنا التي فشلت ورفضها الاستجابة لطلبنا بلقائها والمعاملة السيئة التي واجهتنا بها إدارة السجن في "ربدة" خاصة في بدايات أيامنا، عنَّ لها، من ناحية، تحقيق زيادة عزلنا، بل عزلنا نهائياً من مصادر أخبارنا وعزل مصادرنا عنا، ومن ناحية أخرى مزيد من الضغط علينا من أجل إبداء الرغبة على الأقل في الانضمام إليها. كانت بتحقيق الأخير تطمع في تحسين موقفها بعد انتشار نبأ وجودنا في سجونها في كل المحافل ومعاملتنا السيئة وظروفنا الصحية المتردية في ظل الوضع الصحي المتردي أصلاً. إن إبداء رغبتنا فقط بذلك كان سيجعل الآخرين -الذين كثفوا ضغوطهم من أجل إطلاق سراحنا- يتراجعون ويسحبون مطالبهم وتبدو الصورة بالنسبة لمشاهد محايد باهتة لا يتبين معها حقيقة تفاصيل خطوطها.

    إن اتخاذ قيادة الحركة في الجبهة قرار ترحيلنا إلى سجن "خور ملح" كان انتصاراً لموقفنا، بعد نجاحنا في تسريب الخبر إلى الجهات التي يهمها موقع تواجدنا وما يحدث لنا. نجحنا في ذلك بعد تمليكنا تلك المعلومة لمصدر لنا، وساعدنا في ذلك أفراد حرس سجن "ربدة" الذين لم يبخلوا في الفترات الأخيرة في توصيل رسائلنا شفاهة ومكتوبة إلى الجهات التي نريدها.

    وجاء صباح الثاني من ديسمبر 2004م شتوياً خالصاً، معلقة ذرات غباره في محطات الأفق القريبة، لتبدو الشمس باهتة تبعث على الشعور بالوهن والتراخي. وشتاء تلك المنطقة لا ينفصل عن طقس جبال البحر الأحمر في هذا الوقت من السنة، فالفضاء يمتليء ببخار الماء مع حلول المساء وحتى اقتراب الوقت من منتصف النهار صباح اليوم التالي. لتبدو الأرض مبللة بالماء، والمفاصل التي تتوسد الأرض وتلتحف السماء مبللة بآلام الرطوبة والروماتيزم. فيما تتوهج الشمس ويتزايد سطوعها بعد منتصف النهار لتبعث في الأطراف بعضا من دفء ونشاط. جاء ذاك الصباح قبل أن يأمرنا حكمدار السجن -تعلو وجهه ابتسامة- بالاستعداد لمغادرة سجن "ربدة"، وكأن ابتسامته تحمل في أطرافها ارتياحاً من نوع ما برحيلنا أو ربما كان ضميره مثقلا بسبب وجودنا داخل سجن تحت إدارته دون ذنب جنيناه، سوى أننا نحب وطننا وأننا طلبنا أن نغادر إليه حيث أهلنا وترابه الذي ارتوى بعرقنا ودمائنا.

    لم يقل لنا الحكمدار إلى أين سنغادر، مثلما لم يقل لنا لماذا نحن موجودون داخل السجن أصلاً، ولكننا دائماً ما نخمِّن، وتخميننا لا يخرج من قراءات سهلة لمجريات الأحداث، لذلك دائماً ما تصدق تنبؤاتنا. وسارت بنا ناقلة جنود يحرسها عدد من أفراد الاستخبارات مخترقة الجبال في اتجاه منطقة "خور ملح" شمال غرب منطقة "ربدة". وهي مسيرة تستغرق حوالي الأربع ساعات لوعورة الطريق وكثرة منحدراته وأوديته. كنت -وما لمسته أيضاً في مرافقي الثلاثة- في حالة لا مبالاة أصابتنا في ظل التذبذب الذي عشناه في الفترة السابقة. فمرة يراودنا الأمل بقرب خروجنا وعودتنا إلى أهلنا وأخرى يصيبنا اليأس من كل هذه التفاهة التي حولنا، أو كما يكتب جنفيف دورمان في روايته (المبالغة): "ما من شيء كان يفوتنا. كنا نطارد التفاهة بشدة يبررها أملنا في ألاَّ تصيبنا هذه التفاهة نفسها. كنا ننظر إلى الآخرين وكانت تلك أيضاً وسيلة لتزداد عزلتنا ولنظل في مستوى أرفع مشهِّرين من غير شفقة بكل المواقف التي يستحسن في رأينا تجنبها."

    عرجت بنا العربة إلى منطقة "بلاسيد" قبل انطلاقها إلى مقرها النهائي، وكانت الفرصة متاحة لإعلان أنفسنا واستغلال الدقائق التي قضيناها في "بلاسيد" ليعلم الجميع هناك أن (مجموعة الأربعة) تم ترحيلها إلى سجن "خور ملح". فمنطقة "بلاسيد" تمثل رئاسة لبعض الفصائل العسكرية مثل الحركة الوطنية الثورية "فتح"، وانتشار نبأ ترحيلنا على أوسع قطاع يعني تأمينا إضافيا لنا وأن على الحركة الإجابة على تساؤل الجميع عن مكان وجودنا حين يعلمون باختفائنا من سجن "ربدة" بعد أن اعتادوا على مسيرتنا اليومية ورؤيتنا من حين لآخر.

    إذن وصلت ناقلة الجنود أخيراً إلى "خور ملح" ليختلف (قائد المأمورية) مع أفراد الاستخبارات حول ضرورة أن توصلنا العربة إلى مبنى السجن. فهو يرى أن نواصل بقية المشوار سيراً على الأقدام بعد أن وصل هو (سعادة البنج) إلى مقر إقامته، فيما أكد له أفراد الاستخبارات أوامر قيادتهم التي تقضي بضرورة تأمين وصولنا إلى داخل مبنى السجن بالناقلة، تجنباً لأي تصرفات يمكن أن تحدث من جانبنا. أخيراً اقتنع (سعادته) وسمح لقائد العربة بمواصلة المسيرة التي لم تتجاوز مسافة الكيلومتر من ذلك الموقع. وها نحن امام بوابة سجن "خور ملح"، الذي يقف على جزيرة تقع بين مجريين لمياه الأمطار، في انتظار أن ندلف إلى داخله.
                  

09-04-2005, 03:27 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة رابعة عشرة»

    القبائل الاستوائية تشكل دعامة أساسية في الجيش الشعبي لتحرير السودان، وهي قبائل تتمدد في المنطقة الاستوائية كلها جنوب أعالي النيل وجنوب وجنوب غرب بحر الغزال. ولعل أبرزها قبائل الزاندي واللاتوكا والباريا والمادي والمورو والتبوسا والمورلي والجور وغيرها، ومن أبرز قادتها في الحركة الشعبية القائد "جيمس واني أيجا" والقائد "صمويل أبو جون" والقائد "توماس سريليو".

    ورغم التباين الطبيعي بين تلك القبائل في كثير من الخصائص التي تميز كل منها على حِدة، إلاَّ أنها تلتقي في الانتماء إلى كل ما هو استوائي. ويتشكل وجدانها من طينة واحدة، ذلك الوجدان الأكثر ميلاً لعشق الحرية ولطلاقة الروح وانطلاقها، ذلك الوجدان المستلهم لسحر فضاءات الاستواء وغموض أكمته المتكاثفة. وهي قبائل تنتمي بفطرتها للجمال المطلق وتتفاعل معه روحياً ومادياً، وتنطلق علاقتها بالعالم من زوايا جمالية تتداعى داخلها فسيفساء الغابة، المطر، الشمس، البرق والرعد. الغناء والرقص، على أنغام الوتريات التي تميزهم والتي لا تتفاعل أناتها إلا تحت أناملهم، سمة ملتصقة بتلك الفطرة. ذلك الغناء والرقص الحميمي المليء بالدفء الإستوائي، يمثلان وجهاً واحداً من وجوه كثيرة تكشف عشق (القبائل الاستوائية) للفنون بكل أصنافها. ومن أبرز الفنون التي تمارسها هكذا (بسليقتها)، هو فن النحت وتصوير عناصر الطبيعة الاستوائية من خلال التعامل مع المواد المحلية خاصة الأشجار.

    كل هذا الانتماء للجمال وكل تلك الروح المتوثبة نحو الحياة لم تثن الاستوائيين من حمل البندقية، حملها لأسباب مشروعة ولتأكيد حقيقة انتمائهم لهذه الأرض وليس غيرها. حملوا البندقية في التمرد الأول وفي مرحلتي الأنيانيا واحد وإثنين. وهم بالرغم من الوداعة التي تحملها جوانحهم إلاَّ أنهم وفي ساعات احتدام الوغى ليس هناك أشرس ولا أعنف ولا أبرع منهم. ورغم قدرتها على استقطاب أعداد مقدرة منهم، إلاَّ أن مرحلة ما بعد تجاوزها انقساماتها الحادة في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي وعودة الروح لقوات جيشها الشعبي الذي تمكن من السيطرة وإعادة السيطرة على أراضي واسعة في منطقة الاستوائية (شرقها وغربها)، شكلت المرحلة المهمة في انخراط أعداد كبيرة من أبناء الاستوائية بين صفوف جيشها، وكثير من أبنائهم جاءوا إلى الجبهة الشرقية -كما ذكرت سابقاً- ضمن قواتTimber 1.2 تحت قيادة القائد "توماس سريليو". يكتب د. منصور خالد في سفره الكبير "لم يكن الانقلابيون وحدهم، هم الغاضبون على مناهج الإدارة في الحركة، (يقصد د. مشار ود. لام)، فأهل الاستوائية أيضاً لم يكونوا على حماس كبير لها في البداية، بالرغم من أن أمينها العام واحد من أبرزهم (جيمس واني). وكان لفقدان الحماس هذا أسباب بعضها وهمي يردده الساسة المحترفون منهم عن هيمنة الدينكا على الجنوب، .....، مع ذلك تبدل الحال بصورة لا تتفق مع هوى الانقلابيين، إذ أخذ الاستوائيون يرون في قائد الحركة مدافعاً صلباً عن المصالح الجنوبية، فتدافعوا نحوها".

    ومع حقيقة أن قائد الحركة الشعبية ليس مدافعا صلبا عن المصالح الجنوبية فقط، بل عن مصالح جميع أهل السودان، تجاهل الدكتور منصور خالد حقيقتين أولاهما الأسباب غير الوهمية لفقدان الحماس لدى الاستوائيين وعزوفهم عن الانخراط في صفوف الحركة، وثانيتهما الأسباب الحقيقية وراء تدافعهم نحوها مؤخراً والمتمثلة في نجاح الحركة في سيطرة الجيش الشعبي على مناطق واسعة من الاستوائية واستخدام الحركة لآلياتها الاستقطابية التقليدية، مثل فرض تجنيد عناصر لجيشها على كل سلطان.

    المهم، إضافة للقدرات القيادية الفذة للقائد "توماس" ومؤهلاته الأكاديمية وخبرته العملية في حرب العصابات والحرب النظامية، جاء اختياره لقيادة هذه القوة الكبيرة لأسباب قبلية، فهو الأكثر تأهيلاً للسيطرة على تلك القوة وهي تقتحم (بهذه الكثافة) عالما غير عالمها ومنطقة غير منطقتها لأول مرة. وستنخرط في العمل مع آخرين من قبائل أخرى تختلف خصائص مكوناتها النفسية عنهم اختلافاً ربما يحدث خللاً كبيرا إن لم تحسن القيادة السيطرة عليه.

    وها هو سجن "خور ملح" الذي يقع تحت قيادة مباشرة لجهاز الاستخبارات الخاص بالحركة الشعبية (وهو جهاز يسيطر أبناء الدينكا على كل مفاصله القيادية والوسيطة - حسبما يقولون وحسبما لمست شخصياً)، ها هو سجننا الجديد تفوح منه رائحة إستوائية، برغم أن القيادة وعلى رأسها الملازم "طون أرياي" والتي تقع مكاتبها على مقربة من مبنى السجن كلها من أبناء الدينكا، فالإدارة الداخلية للسجن ابتداء من مسئوله الإداري (برتبة رقيب) تشمل العديد من أبناء الاستوائية على مستوى الأفراد. أما السجناء والمنتظرون فمعظمهم من أبناء "القبائل الاستوائية"، خاصة في سجن الأفراد وضباط الصف الذي تم إيداعنا (كأمانات) داخله، أما سجن الضباط فقد تراوحت الرتب فيه من ملازم ثان إلى نقيب أغلبهم من أبناء "قبيلة النوير".

    لم يكن ممكناً أن نستمتع بذلك الطقس الاستوائي الداخلي، في ظل أشجار الدوم المنتشرة بكثافة في منطقة "خور ملح" ولا في ذلك الطقس المتنازع بين أجواء جبال البحر الأحمر شتاء وشتاء إقليم شبه الصحراء الحار نهارها. لم يكن ممكناً أن نستمتع بذلك الطقس الاستوائي الداخلي، وقد قرر قائد السجن الملازم "طون أرياي" حشرنا في زنزانة (نحن الأربعة) لمدة خمسة عشر يوماً، لا نرى الشمس ولا نستمتع بذلك الهواء الرطب ولا الاختلاط ببقية السجناء، فقط نخرج صباحاً مبكراً ومساء متأخراً لكي نقضي حاجتنا، وأحياناً نضطر للتبول داخل زنزانتنا خاصة مع اشتداد البرد ليلاً.

    خمسة عشر يوماً كان علينا أن نقضيها في البيت الأبيض (كما يطلق عليه النزلاء)، رغم أنه مبني من "الجالوص" و"الزبالة" ومسقوف بشقائق الدوم وجريده. أهم ما يميز تلك الغرفة هو عدم اقتراب المساجين من نزلائها ولا تبادل الحديث معهم. إنها محاولة فرض عزلة مطبقة علينا وقطعنا عن كل مساقط الأخبار والمعلومات التي يمكن أن نبني عليها أي قرار يمكن أن نتخذه. ولكننا اتخذنا قراراً مهماً هذه المرة وهو مطاردة التفاهة بشدة يبررها أملنا في أن تصيبنا -هذه المرة- هذه التفاهة نفسها. إنها محاولة للعب على خيوط اللامبالاة والاسترخاء في هدوء بعيداً عن الشد النفسي والعصبي الذي كانت تريدنا قيادة الحركة في الجبهة الشرقية أن نعيشه ونستسلم له، لشل تفكيرنا وإفراغ قدرتنا وهزها في التمسك بقراراتنا والإصرار عليها. وضعنا هذه القراءة وقررنا التعامل بموجبها دون تردد.

    لم يمض نصف الشهر ذاك دون ملاحظات بالرغم من السياج الذي حوصرنا داخله، فالتواصل الإنساني يفرض سطوته ويجد منافذ يخترق من خلالها كل الحواجز. وأهم الاختراقات هو سرعة انتشار المعلومة وتفشيها بين النزلاء، معلومة الظلم الذي حاق بنا، فالمصائب يجمعن المصابينا إذ كثير من النزلاء يعتقدون أنهم مظلومون وأن تعسف قياداتهم المباشرة هو سبب بقائهم بين الأسوار. ومنهم من يعتقد أنه فعلاً أذنب ولكنه لا يستحق كل هذا العقاب فبعضهم أمضى أكثر من عامين وبعضهم قرابة الأربع سنوات نتيجة ارتكابهم مخالفات لا ترقى لمستوى تلك المدة الطويلة التي يقضونها بين الأسوار.

    وغير ذلك فقد وجدنا من ربطتهم بنا علاقات وطيدة في فترات سابقة، وهاهو وجه عمنا "إلييا" يتحين الفرص لكيما يطل علينا بصوته عبر باب الزنزانة بين لحظة وأخرى ليواسينا ويخفف من وطأة ذلك الوضع. وعمنا "إلييا" قرر الانضمام للجيش الشعبي منذ ثلاثة أعوام قضى فيها -حتى لحظة لقائنا به- عاماً كاملاً داخل أسوار سجن "خور ملح". وغير عمنا "إلييا" بأعوامه التي تجاوزت الستين، هناك العديد من مقاتلي الجيش الشعبي الذين التقى بهم بعضنا في العديد من منعطفات العمل المسلح والآن يجدوننا بينهم ليكتشفوا حجم الزيف الذي يعيشونه. ولكنهم ظلوا يؤازروننا رغم العواقب التي يمكن أن تلحق بهم جراء ذلك. وكان لوجبات ثمار "الدوم" (الشجرة الوحيدة المنتشرة في تلك الفيافي) أثرها الفاعل في مد حبال التواصل وهم يسربونها داخل الزنزانة في لحظات خروجنا لقضاء الحاجة. وتلك الطبخة الجنوبية الخالصة واسمها "الأفور" ومكونها الأول والأخير هو أوراق نوع معين من النباتات المتسلقة التي تمتطي صهوة جذوع الدوم الباسقة، يتم طحنها وإضافة قليل من الملح لها ووضعها على نار هادئة. ولكن لها طعماً مراً لاذعاً لا يكاد يبرح الذاكرة. وتبقى ثمار "الدوم" ووجبة "الأفور" دعامة غذائية حقيقية في ظل الوضع الغذائي والصحي السيئ الذي ظل يعيشه النزلاء، وحتى أفراد الحراسة.

    قبل أسبوع من أعياد الميلاد المجيد، قررت قيادة الاستخبارات إخراجنا من الزنزانة والسماح لنا بالبقاء داخل السور مع بقية النزلاء. وجد ذلك القرار ارتياحاً كبيراً في أوساطهم، وصرنا -وسط دهشتنا الكبيرة- نتلقى التهاني منهم، وسرعان ما انسحبت مكامن الدهشة إلى مواقعها عندما علمنا أننا قضينا أقل فترة على الإطلاق من بين جميع النزلاء الذين رمت بهم الظروف داخل "البيت الأبيض"، وحمدوا الله نيابة عنا أننا جئنا في عهد الملازم ثاني "طون أرياي"، وقد جاء استلامه لمهامه كقائد للاستخبارات في منطقة "بلاسيد" و"خور ملح" متزامناً مع ترحيلنا، وقد خلف واحداً من أسوأ القيادات التي مرت على السجن، وهو ما أكده لنا أحد "الكردفانيين" واسمه "محمد علي حماد" الذي قضى داخل الأسوار قرابة ثلاثة أعوام. ورمت به الظروف في سجن "خور ملح" بعد أن اعتقلته المخابرات الإرترية أثناء عمله في أحد المشاريع الزراعية غربي إرتريا، وقامت -بعد فترة من اعتقاله في سجن مدينة "تسني"- بتسليمه لمخابرات الجيش الشعبي. وما دعمه "عبدالله حجر" الذي لا تختلف ظروف وجوده هنا عن رفيقه "حماد". وما ظل يرويه النزلاء عن ممارساته، بعد اللقاء الموسع بين قيادة السجن الممثلة في الملازم ثاني "طون" وطاقمه والنزلاء، وكنا ضمن حضوره، وناقش العديد من قضاياهم المتراكمة. وهو كما يقولون شيء يحدث لأول مرة، وعزوه إلى اقتراب التوقيع على اتفاق السلام بين الحركة الشعبية وحكومة الخرطوم.
                  

09-05-2005, 01:39 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة خامسة عشرة»

    واحدة من المفاهيم الملتبسة، والمرتبطة بمفهوم "الجلابة"، التي تستصحبها الحركة الشعبية في حشدها وخطابها التعبوي العملي، لا النظري، هي مفهوم الثقافة "السلاموعربية". وعند تناول رؤى ومفاهيم تحتل مواقع مفصلية في قضية الهوية من منطلقات الفعل ورد الفعل تأتي الرؤى قاصرة. فمقابلة استعلاء المركز بثقافته الأحادية التي يحاول فرضها بالقوة عبر وسائط عديدة، بمحاولة نفي واستئصال مكون رئيسي -شئنا أما أبينا- من مكونات هويتنا السودانية (هما الإسلام واللغة العربية)، يقود -كذلك- إلى منهج استعلائي للتعامل مع قضية محورية في تشكيل الأمة السودانية.

    والحركة الشعبية في إطار حربها ضد المركز وتبنيها لقضايا الهامش، ظلت تفضح باستمرار (مثلها في ذلك مثل العديد من القوى السياسية السودانية) مخططات المركز الهادفة لهيمنة ثقافة واحدة وهي ما تعورف عليها بالثقافة "الاسلاموعربية". ورغم اتفاقي التام مع الرؤية القائلة بأن السلطة في المركز ظلت باستمرار تعمل على هيمنة الثقافة العربية والإسلامية، من أجل المحافظة على مصالحها، واستخدمت كل أدوات وأجهزة الدولة التي ظلت تحت سيطرتها منذ الاستقلال لاستمرار عملية الإزاحة الثقافية، التي شكلت ألويتها منذ (خراب) سوبا وبداية تشكل الممالك الإسلامية على أنقاض المسيحية، شرقاً وغرباً وجنوباً.

    القراءة المتأنية لتاريخ وواقع السودان تقول إنه يتشكل ويتخلق عبر مسيرة طويلة وداخل منظومة قوانين معملية، برغم ما تتيحه من مساحة لانحرافات هنا وهناك تتجلى مظاهرها في صور استغلال ذلك التشكل والتخلق لصالح مشاريع فكرية كانت أم سياسية. ومظاهر الصراع الذي يأخذ أشكالاً وصوراً متعددة سوى واحد من تلك المعامل التي تتشكل داخلها هويتنا. ولأنه لا يمكننا تحديد سقف أدنى ولا أعلى لمفهوم الهوية ولا تكبيل عناصر تفاعلها، سيظل الصراع يأخذ أشكاله وصوره باستمرار والتي تحددها مراحل تطور الهوية. لذلك تبقى الحرب -من وجهة نظري- واحدة من معامل كثيرة لتشكل الهوية، وكذا في حالة السلم للصراع أدواته المختلفة والمتعددة.

    إن التعامل بسطحية مع قضية الثقافة "الإسلاموعربية"، ومحاولة تبني مواقف إقصائية تجاهها، لن ينفي واقع كونها موجودة ومتجذرة وأنها واحدة من عناصر هويتنا الثقافية. وتتجلى حقيقة كون أن للثقافة العربية الاسلامية من عناصر القوة ما جعلها تنتشر وتطغى دون الحاجة لسلطة مركزية، وإن كانت السلطة المركزية قد لبست عباءة تلك الثقافة فهو من أجل تقوية سلطانها واستمرار سيطرتها، وليس عيباً أن تطغى ثقافة ما على أخرى إذا ما كانت تمتلك عناصر القوة التي تؤهلها لذلك، ولكن العيب في التباكي على تلك الهيمنة دون العمل الجاد على تدعيم عناصر القوة في الثقافات الأخرى من أجل خلق التوازن المنشود.

    وعناصر القوة في تلك الثقافة التي يفرض العقل التعاطي بإيجابية معها، تتجلى في التاريخ الطويل منذ دخولها السودان وتفاعلها مع العناصر الثقافية المحلية تأثراً وتأثيراً. ويبرز تطور اللغة -حاملة تلك الثقافة- وسودنتها بعيداً عن المؤسسات الرسمية عنصراً هاماً من عناصر تلك القوة. وهي لغة مكتوبة سواء على المستوى المحلي أو الرسمي مما يدعم موقفها أكثر، ويجعلها أكثر استجابة ومطاوعة للتعامل معها، لتكتسب نكهتها الخاصة في كل مناطق السودان، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وقادرة على حمل مكونات الثقافات الأخرى ونشرها.

    أمام هذا الواقع تقع مسؤوليات جسام على الداعين لبعث ثقافاتنا القديمة من عهد كوش وعلى المناضلين من أجل تثبيت دعائم الثقافات السودانية الأخرى وهي كثيرة إيجاد مكان مميز لها وسط هيمنة الثقافة التي يتبناها المركز. أول هذه المسؤوليات هي إحياء عناصر القوة في تلك الثقافات، وعلى رأسها اللغات التي تحملها. مع ملاحظة أن هناك العديد من اللغات المحلية قد بدأ ناشطون في كتابتها مثل لغة الدينكا والنوير والبجا والنوبة. وقد وقعت بين يدي بعض الكتب المترجمة وخاصة الكتاب المقدس مترجماً إلى بعض اللغات حتى "عربية جوبا" وجدت حظها من تلك الترجمات. ولكن تظل كتابة اللغات المحلية قاصرة عن أداء دورها ما لم تدخل في دورة ودائرة التعامل اليومي، وكذلك كل عناصر الثقافة الأخرى.

    وإذا كان انتزاع الاعتراف بالتنوع السياسي والديني في السودان (نظرياً) قد أخذ وقتاً طويلاً ونضالاً مريراً، فإن الاعتراف بالتنوع الثقافي منتزع رغم أنف المركز، ورغم محاولات تلبسه لبوس ثقافة واحدة وفرض سيطرتها من أجل مصالحه فهي مضطرة للتعامل معه كواقع حتى من أجل استمرار سيطرتها (والمركز هنا لا يمثل بالنسبة لي سوى السلطة الحاكمة التي استفادت من انتشار تلك الثقافة). وهو منتزع لوجوده (بياناً) على الأرض ولم ولن تفلح محاولات محوه بالقوة أياً كانت المصادر التي تعتمد عليها. ويمثل سقوط محاولات دولة المشروع الحضاري في امتحان القوة من اجل تصفية وجود الثقافات الأخرى مثالاً ساطعاً برغم امتلاكها كل أدوات ووسائط الدولة وأجهزتها.

    ما ظل يشغلني زمناً هو بالرغم من وجود ثقافات عديدة في السودان ولغات كثيرة إضافة إليها، استطاعة العربية التغلغل في النسيج الثقافي للقوميات المختلفة. وعندما رسمت خريطة لذلك وجلست في أعلى الشمال، كان المشهد أمامي يبرز نجاح العربية وقدرتها على استخدام قوانين الإزاحة فيزيائياً، فهي قد تمددت في كل أطراف السودان ناهيك عن وسطه، ومتى ما وجدت عقبة أمامها تجاوزتها ولكن بعد أن تنفث فيها بعضاً من روحها. ولكن ما هو مدهش هو قدرتها على التلون وعلى اندغامها وتماهيها مع الثقافات الأخرى لدرجة تعجز أي عربي مسلم غير سوداني عن تحديد ملامحها وسط هذا (القوس قزح الثقافي السوداني).

    عندما التفت إلى الوراء وجدت مركز تلك الثقافة يقيم خلفنا بمؤسساته وآلياته، وهو يعمل بانتظام وفق قوانينه. ولم يكتف ذلك المركز باستمرار بث الثقافة "الإسلاموعربية" جنوباً، بل اكتشفت أنه، وبعد فشله في حجب الثقافات الأخرى القادمة من أقصى الشمال عنَّا، وتلك القادمة من أدنى وأقصى الشرق والأخرى القادمة من أقصى الغرب، قرر تقديمها لنا بعد تمريرها عبر غرباله الخاص لذلك يجيء تأثيرها بطعم ولون "إسلاموعربي". وتقف الترجمات التي يقوم بها (المستغربون)، من زمن رفاعة رافع الطهطاوي والمنفلوطي ومن قبلهما ومن بعدهما وذلك الضخ المعلوماتي عبر (الفلتر العروبي)، شاهدة على ذلك فنحن لا نستقي ثقافة الآخرين إلا من خلالها، وهي لا تأتينا إلا بعد أن يضعوا بصماتهم عليها. هذه واحدة من نقاط ضعفنا الكبيرة، اعتمادنا على مجهودات الآخرين واسترخاؤنا وتهاوننا في تحمل مسؤولياتنا.

    وعندما حدقت ببصري خلف الجنوب والغرب والشرق، لم أجد مراكز مؤهلة لبث ثقافات لها من القوة ما تستطيع أن تعادل به معادلات تلك القوانين. ولكن بالنظر إلى داخلنا ألتمس بأننا سودنَّا ما صدر إلينا ولم يمح سودانيتنا (على تنوعها) بقدر ما تأقلم معها. إذاً علينا، إذا كنا قد اعترفنا بالتنوع الثقافي في السودان، دعم هذا الاعتراف بمؤسسات دولة قادرة ودستور حاكم ووسائط ثقافية وإعلامية مؤهلة لاستيعابه وإبرازه، وقبلها تأهيل قدراتنا لمقابلة احتياجات تلك الثقافات حتى تقف على أقدامها وتثبت قدرتها وأحقيتها في الوجود. فعمليات التطور الطبيعي بصراعاته لن ترحم الضعيف، بل ستقف مع الأقدر. ولن تجدي محاولات الإقصاء ولا المواقف التكتيكية المنطلقة من أبعاد سياسية.
                  

09-05-2005, 04:07 AM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    Quote: بعد أن فاحت رائحة عرقنا ومعاناتنا لتصل إلى أصقاع نائية لم تكن تتوقعها، برغم أنها المدافع الأول عن حقوق الإنسان في السودان القديم وفضحها المستمر للإنتهاكات التي تمارس في ربوعه، ووعدها بوطن خالٍ من أي إنتهاكات لحقوق الإنسان في السودان الجديد



    عشان كده اخير لينا سودانا القديم الخالي من الحركات يا امير السودان القديم ده بادي من زمن ناس كوش ولد نوح عليهما السلام عاوزين يغيروهو ناس سجون الشوك واشباح غوش ؟؟؟

    هذه ليست رسالة يا اخ امير بل كتابا ينبغي ان يتولى الاخوة في المنبر طباعته ونشره
                  

09-05-2005, 08:54 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: محمد حسن العمدة)

    الأستاذ محمد حسن العمدة
    تقديري
    هو فعلاً كتاب تحت الطبع.
    أما ناس سجن الشوك وأشباح غوش فتجري في عروقهم دماء ناس كوش مثلما تجري في دمائنا، وليتها كانت تلك القضية. القضية يا سيدي هي أننا نهوى رفع الشعارات دون أن نلتزم بقوانينها، وأولها هي الخطة الواضحة لإنزالها على أرض الواقع. والسودان الجديد والقديم من وجهة نظري ليست تصنيف لأشخاص بقدر ما هي منهج وممارسة تجاه ما التزمت به من رؤى، تجاه نفسي والآخرين.

    أمير بابكر عبدالله
                  

09-06-2005, 00:27 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة سادسة عشرة»
    السيد رئيس الحركة الشعبية..
    كتب الدكتور منصور خالد في سفره القيم السودان، أهوال الحرب، وطموحات السلام "في حادثة أخرى، اعتقلت أجهزة الأمن سيدات سودانيات، منهن أمهات مسنات من خيرة نساء المجتمع من أمام مكتب الأمم المتحدة حيث جئن للقاء مبعوث حقوق الإنسان الأممي، وبقين رهن الاعتقال أمام مكتب الأمم المتحدة حتى مغيب الشمس حيث تم جلدهن في ظلمة الليل حتى تكتمل عناصر الدراما. وبالتأكيد، لم يكن المجتمع السوداني (قبل مجيء الجبهة للحكم) يولي اعتباراً كبيراً لحقوق المرأة، فالنساء كن ضحية للتمييز في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من جانب كل أنظمة الحكم السابقة، ولكن لم يحدث أبداً أن ألحقت بهن الإساءة بالجلد، فجلد النساء الأمهات عيب في تقاليد أهل السودان".

    وهو إن كان يعيب على الجبهة الإسلامية هذا الفعل، فقد أقدمت على فعل هذا العيب الحركة الشعبية -سيدي الرئيس- ورأيته بأم عيني مرتين، واحدة في سجن "ربدة" حيث قام أفراد الحرس بجلد إمرأة أحد مقاتلي الجيش الشعبي، ورميها مثل أي جوال مليء بنشارة الخشب داخل السور الشوكي، الذي يضمنا نحن الرجال. والثانية الآن أراها أمامي في الساحة الأمامية لسجن "خور ملح" حيث يتم جلد إمرأة على مؤخرتها وأمام حشد من مقاتلي الجيش الشعبي. هذا ما رأيته أنا فقط.

    إن عقوبة الجلد الشائعة في سجون الحركة الشعبية والتي يمكن أن ينفذها فرد عادي من أفراد الحراسة في سجن ما، حتى دون محاكمة ضد أي سجين أو منتظر، واحدة من وسائل القهر التي يعتمدها الجيش الشعبي لتطويع السجناء. فهي بند ثابت في حالات الانتظار ويطلقون عليها اسم "تحية السجن"، لا يسلم منها إلا ذوو الرتب في حالات الانتظار، نسبة للتراتبية العسكرية التي لا تبيح أن يجلد فرد في الجيش الشعبي ضابطاً، ولكنهم يمكن أن يجلدوا في حالة محاكمتهم بالسجن والجلد. فقبل أن تطأ قدماك سور السجن، تنبطح أرضاً ويمارس فيك الجلاد فعل الجلد. ويحدد عدد الجلدات التي يجب أن تنالها، مَن أمر بوضعك في السجن.

    غير الآثار الجسدية التي تخلفها عقوبة الجلد، بالطريقة التي مورست بها ضدي والتي مورست بها ضد غيري، بشكل يومي وربما تصل في بعض الأحوال إلى ثلاثمائة جلدة وليس واحدة وثلاثين، التي ربما تأخذ دورة قصيرة أو طويلة نسبياً حتى تبرأ، فإنها تخلف آثاراً نفسية سيئة تدوم طويلاً. وإذا كانت الجبهة الإسلامية قد استخدمت الجلد لتحقيق ذات النتائج النفسية داعمة موقفها ذلك بنصوص دينية مقدسة، فهي لم تكن تهدف إلى تحقيق رؤى دينية استلهمتها، بقدرما كانت تستهدف مصالحها الدنيوية بإصابة الذاكرة السودانية بمزيد من الشروخ وتعميق ما هو غائر أصلاً بتلك الوسيلة ضمن العديد من الوسائل التي ظلت تستخدمها في سبيل تطويع المجتمع وقهره وإرغامه على الرضوخ لتحقيق تلك المصالح. ولكن ما بال الحركة الشعبية، الداعية لسودان جديد يستوعب كل التنوع العرقي والديني والثقافي والسياسي، تستخدم الجلد ولا يدعمها في ذلك نص ديني ولا إيديولوجيا مقدسة. إلاَّ إذا كانت قد اعتمدت إيدلوجيا الاستعلاء شريعة لها، واستنطقت نصوص القهر والطغيان لكيما تدعم بها سيطرتها على الرعية من غير أي التزامات دينية.

    وإذا كانت النساء وقعن ضحية للتمييز في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من جانب كل أنظمة الحكم السابقة، وفي الحركة الشعبية خاصة يتم جلدهن مثلما تفعل أنظمة التزمت، فهذا مدعاة لسؤال كبير عن دور المرأة في الحركة الشعبية وعلاقتها بها. فالحركة الشعبية وبحكم واقع نشأتها ورؤاها النظرية هي الأكثر تأهيلاً للتعامل الإيجابي مع قضايا المرأة، فلا هي واقعة تحت ظل سيف الجلاد الديني كما هو واقع كل التنظيمات والأحزاب السياسية (الشمالية) التي ما أن تتقدم خطوة للأمام وتشارف على الوصول إلى الخطوط الحمراء حتى تتراجع خطوتين للوراء، ولا تقاليد محيطها القبلي يسمح بوأد المرأة ولا تكبيلها بقيود العادات والتقاليد التي قُنِّنت كيما تحد من حريتها الشخصية والفكرية، وتبقى مجرد مسخ تزين به غرف النوم على قذارتها، بل تمثل المرأة في ذلك المحيط القبلي التقليدي مركز ثقل اجتماعي واقتصادي يمكن ان تتكئ على حائطه أي حركة سياسية وتنطلق إلى الأمام دون أن تضطر للالتفات للخلف. فالمرأة هناك مصدر خير للعائلة وللقبيلة فوق أنها عنصر هام من عناصر المجتمع، ولكن لا نجد لها أي أثر فاعل على المستوى القيادي في الحركة الشعبية.

    ورغم قدرتها على الفعل الإيجابي، بحكم قوتها وثقلها، كثيراً ما تتعامل الحركة الشعبية لتحرير السودان سلبياً مع تطلعات المرأة في الحرية والمساواة، خاصة في المحافل التي يمكن أن تدخل مع أطرافها في تناقضات دينية. وكأنها بذلك تقول عليكم أن تحلوا قضايا نسائكم بأنفسكم، أما نساؤنا فليست لهن قضايا لمناقشتها أو (لكم دينكم ولي دين).

    ويحضرني هنا الدور السلبي الذي لعبه التجمع الوطني الديمقراطي، وتشكل داخله الحركة الشعبية مركز ثقل كبيرا، من عقد مؤتمر المرأة رغم توافر التمويل اللازم له وتحديد مكان وزمان انعقاده أكثر من مرة. ولكن وقفت عقبات وهمية وصراعات داخلية لتعيق تحقيق حلمها بتنظيم صفوفها لمقابلة احتياجات المرحلة المقبلة. هذا غير تكسير (مجاديفها) باستمرار وهي تطالب بتمثيلها في الهيئات القيادية والتنفيذية للتجمع باعتبارها تمثل شريحة اجتماعية ربما تفوق نصف المجتمع أو هو كذلك. كل هذا يحدث للمرأة ومشاريعها الطموحة والحركة الشعبية موجودة لا تقوى أو بالأحرى لا ترغب في فعل شيء.
                  

09-07-2005, 00:46 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة سابعة عشرة»
    إن استخدام إيديولوجيا القهر ونفي الآخر لا يتبناها إلاَّ من يعجز عن استخدام أسلحة المنطق وقوة الحجة. ولا تستخدمها سلطة إلاَّ إذا ما كانت رؤاها وبرامجها قاصرة عن تحقيق مصالحها، وعاجزة عن استيعاب طموحات الجماهير. وهو ما ظلت الحركة الشعبية تناضل ضد ترسيخه على المستوى النظري، وظل يشكل واحدا من مستويات خطابها التعبوي للحشد ضد الأنظمة الحاكمة.
    لكن دائماً ما تأتي النظرية مفارقة للتطبيق، فبرغم تطلع كثير من القطاعات الجماهيرية وتفاؤلها بما تقدمه الحركة من طرح -خلال مسيرة انتصاراتها العسكرية- يوافق مزاجها العام، تبقى عقبة التطبيق وتنزيل الرؤى إلى أرض الواقع. ولأننا لا يمكن تلمس مقدرات الحركة على التعامل إيجابياً مع ما تطرحه من رؤى إلاَّ في نطاق ما هو متاح، فهي لم تمارس سلطتها إلاَّ في إطار السلطة المدنية التي أقامتها على الأراضي التي تمكنت من تحريرها، ولم نختبر ممارستها السياسية إلاَّ في إطار التحالفات التي نشطت داخلها ورمت فيها بثقلها مثل التجمع الوطني الديمقراطي، وكثيرة هي الإشارات التي تدل على أنها تفارق رؤاها عندما يتعلق الأمر بمصالحها، وأنها يمكن أن تلجأ إلى كافة الوسائل من أجل المحافظة عليها، وأنها تقدم ما هو تكتيكي على ما هو استراتيجي إذا ما وافق تلك المصالح حتى لو كان يناقض رؤاها. وبالرغم من حجمها وثقلها الكبير المستمد من قوتها العسكرية الضاربة والتي كان لها كبير الأثر في شغلها ذلك الموقع المميز، إلاَّ أن مواقفها السياسية كانت داخل تلك التحالفات تثير الجدل، وظل الآخرون يغضون عنها الطرف كثيراً ويجدون لها من المبررات لما يمثله ثقل الحركة داخلها وما يخلقه استمرار وجودها من دعم مادي ومعنوي لتلك التحالفات.

    وللتجمع الوطني الديمقراطي تجارب عديدة تكشف مدى ضعفه واعتماده في كثير من مراحله على قوة الحركة العسكرية وثقلها السياسي والدبلوماسي المستمدة منه، وتبين مدى استفادة الحركة من ذلك في استخدام هذا الكرت الضاغط للوصول إلى غاياتها. وهذا القول تدعمه مرحلة عنفوان العمل العسكري للتجمع الوطني الديمقراطي في الجبهة الشرقية، فقد كان للقوة الضاربة للجيش الشعبي التي تم تجنيدها والتي رُحِّلت إلى تلك الجبهة تأثيرها الفاعل في طاولة اجتماعات هيئة قيادة التجمع ومكتبه التنفيذي. ويتجلى ذلك أول ما يتجلى في تمثيل الحركة داخل هيئة القيادة والمكتب التنفيذي، والتي كان يمثلها موقع رئيس الحركة الشعبية بصفته رئيسا للقيادة العسكرية للتجمع ضامناً بذلك مقعده في هيئة القيادة، إضافة لممثل الحركة في هيئة القيادة وممثلها في المكتب التنفيذي زائد موقع الأمين العام للتجمع الذي آل إليها بعد خروج حزب الأمة، وهو موقع يتيح لشاغله التمثيل في المكتبين.

    وبمناسبة خروج حزب الأمة عن التجمع، أذكر كيف قامت قيامتي اولاً عقب لقاء السيد الصادق المهدي بصهره الشيخ الترابي في جنيف، وكتبت -وقتها- تعليقاً سياسياً لاذعاً لإذاعة صوت الحرية والتجديد التابعة للتحالف الوطني أثار غضب أقطاب حزب الأمة وقادتها. كما أذكر تلك الضجة وموجة الاستنكار ضد موقفي هذا من الآخرين في التجمع بمن فيهم قيادات في التحالف. ولكن أذكر أكثر كيف جلست ساخراً وأنا أرى وعلى شاشات التلفزيون كيف أن السيد مبارك الفاضل ممثلاً لحزب الأمة وقع مع ممثل الحكومة اتفاق "جيبوتي" الشهير، في الوقت الذي قامت فيه قيامة التجمع، وبشكل أشد الحركة الشعبية، ضد ما قام به حزب الأمة خلف ظهورهم، وتقف تلك الرسائل المتبادلة بين القيادات في الحركة الشعبية وحزب الأمة والتي يحاكمون فيها بعضهم البعض، وقتها، شاهدة على ذلك.

    ولكن إذا كان حزب الأمة، ومن أجل تحقيق مصالحه، خطا خطوة تعبر عن قصر نظر سياسي أخرج من العير والنفير حتى اليوم، وإذا كان قد استل خنجره وغرسه نهاراً جهاراً في ظهر التجمع الوطني الديمقراطي، فإن الحركة الشعبية، ورغم شجبها لموقف حزب الأمة، استخدمت منهجاً مغايراً وظلت تربت على ظهر التجمع الوطني الديمقراطي كما أمهر مساعد طبي أو ممرض خبير حين يكون عليه أن يغرس في عضلك إبرة لحقنة ملاريا او بنسلين ويجعلك لا تحس بها إلى أن يفرغ الدواء وتنسل الإبرة خارجة في هدوء.

    هذا ما حدث بالضبط بين الحركة الشعبية وبقية فصائل التجمع وهي تفاوض الحكومة في منبر الإيقاد، إلى أن وقعت على بروتوكول مشاكوس "وأنا أعيَّط"، وتواصلت الجولات "وأنا أعيَّط"، والتجمع تجتمع هيئة قيادته ومكتبه التنفيذي بكامل عضويتها بما فيها عضوية الحركة الشعبية، وتقرر تلك الهيئة ضرورة مشاركة التجمع في المفاوضات، وتبصم الحركة على ذلك القرار وتقول إنها ستنافح وتكافح من أجل تحقيقه. وتسافر وفود التجمع إلى نيروبي في انتظار السماح لها بالدخول في قاعات المفاوضات، وتعود بخفي حنين لتقول الحركة أن الحكومة رفضت مشاركة التجمع، وتطلق الحكومة تصريحات تفيد بأن الحركة ليست جادة في إشراك التجمع، ومرة يتفق الاثنان بأنهما يرغبان في إشراكه إلاَّ أن شركاء الإيقاد يعتقدون بأن ذلك سيعرقل سير المفاوضات لذلك يفضلون أن يأتي دور التجمع لاحقاً. كنت "أعيَّط" لأني أرى تلك الإبرة المنغرسة في عضل التجمع الوطني تخرج بهدوء دون أن يحس بها، في الوقت الذي تجري التوقيعات على البروتوكولات الستة، وتقتسم السلطة والثروة مع الحزب الحاكم، وتوافق على تحديد نسبها ونسب في السلطة وبحضور وضمان دولي وإقليمي غير مسبوق، ويتركان هامشاً قليلاً يسمح للآخرين بما فيهم التجمع ليس من أجل سواد عيونهم ولكن (كفَّاً للعين). وأيضاً تأتي الحركة وتقول للتجمع إنها تحدثت باسمه في طاولة المفاوضات وانها ستقاتل من أجل إشراكه في الحكومة الانتقالية (القومية)، ويصدق التجمع طالما هو مستكين للربت على ظهره ولا يحس بإنغراس الابرة المخدرة.

    استغلت الحركة الشعبية ضعف التجمع الوطني بدونها لتجعله يتشبث بها رغم الضربات الموجعة التي ظلت توجهها له من الفينة والأخرى. وبدا شعار وحدة التجمع والمحافظة عليها هو التعويذة التي تعمي بصيرة أعضاء التجمع من رؤية الحقيقة العارية، أو ربما هي قدرات «النَّوَرْ» على التنويم المغناطيسي. وهي قد ظلت تتحرك سياسياً في خط مواز للتجمع حيث يمكنها تحقيق أهداف سياسية في الملعب الخالي. فهي التي تحاور النظام منفردة في منبر الإيقاد بحجة أن المنبر تكون وشرع في مهامه قبل إنعقاد مؤتمر التجمع للقضايا المصيرية في 1995م في أسمرا. وهي التي توقع مع المؤتمر الشعبي مذكرة تفاهم ويأتي التجمع، وفي حلقه غصة، ليتيح للجميع مساحة للتحرك السياسي المنفرد، لتنطلق بعدها المذكرات وتنفتح قنوات الحوار هنا وهناك.

    لكني مازلت أذكر كيف واجهت الحركة الشعبية وكشرت عن أنيابها للتحالف الوطني حين فتح قنوات للحوار مع د. لام أكول الذي انشق عن الحركة الشعبية في بداية تسعينيات القرن الماضي. وكان الطرفان قد بدآ حواراً مبدئياً قبل توقيع اتفاقية الخرطوم للسلام، وكان مبرر التحالف في هذا ان لا يقع د. لام وفصيله في شرك النظام الحاكم إذا ما انفض من حوله الجميع، وأن المرحلة -في ذلك الوقت- تقتضي الحفاظ على كل البنادق موجهة ضد نظام الجبهة الإسلامية. ولكنه (كبرياء الجرح) ذلك الذي جعل الحركة الشعبية تكشر عن أنيابها وتقمع بسطوتها وسلطانها رؤية التحالف في ضرورة الاحتفاظ بكل معارض في مظلة التجمع، أما يا ترى دخل الآخرون في مناطق محرمة إلاَّ على الحركة الشعبية أم هي رؤية الحركة في الضغط على د. لام في أن يرضخ أو ينتهي إلى مصير مجهول عواقبه مع النظام الحاكم. وها هو د. لام، وقبله د. مشار، يعود إلى أحضان الحركة الشعبية.

    وكثيرة هي المواقف التي تبيِّن كيف أن مواقف الحركة الشعبية تنبني على موقع مصالحها منها وهي مواقف تكتيكية لا علاقة لها برؤاها الاستراتيجية ولا المصالح الجمعية. ويجيء موقفها من قضية التحالف الوطني قوات التحالف السودانية -والتي ساتعرض لاحقاً- كمثال ساطع لذلك.
                  

09-08-2005, 00:02 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    "جلدة ثامنة عشر"
    إنها ملامح يوم غير عادي -بالنسبة لنا وللآخرين- داخل سجن "خور ملح"، إنه يوم عيد الميلاد المجيد، حين دخل إلى السجن الملازم ثاني "طون أرياي". كان كثير من النزلاء يأملون، بل على قناعة أقرب لليقين بأن هذا اليوم سيشهد إطلاق سراح الكثيرين، وهي ربما شائعة سرت في اليومين السابقين. وربطها بعضهم بإقتراب موعد التوقيع على اتفاق السلام في نيفاشا. وكان آخر ميقات قد حدد للتوقيع هو يوم رأس السنة الميلادية الموافق 31 ديسمبر 2004م، حسبما أوردت الأنباء التي ظللنا نتابعها في صعوبة في تلك الأصقاع النائية وتحت وطأة تلك الظروف القاهرة التي نعيش تحت ظلها.
    يجدر بي الإشارة هنا إلى تلك الملاحظة قبل الولوج إلى بوابة ذلك اليوم. إن أكبر خطأ ارتكبته الجبهة الإسلامية القومية هو تحويلها إلى الحرب في السودان إلى حرب جهادية وإلباسها أبعاداً دينية، مستغلة أسهل طرق التعبئة والحشد ضد الحركة الشعبية. فغير أنها دخلت في مأزق بعد اتساع نطاق الحرب لتشمل معظم أطراف السودان، حاولت إفراغ أسباب إندلاعها الحقيقية واستمرارها من محتواها بإلقاء ظلال دينية عليها. والشاهد أنها اندلعت لأسباب سياسية و اقتصادية واجتماعية، ساهم في تأجيج نيرانها في مرحلتها الأولى القصور السياسي لدى أحزابنا السياسية والأنظمة الديكتاتورية وعدم قدرتها على التعامل الإيجابي مع تلك الأسباب، معتقدة أن القوة هي العنصر الحاسم لإخمادها. وجاءت الحركة الإسلامية، وفي غمرة تطلعها لحكم السودان واستقطاب جماهير المسلمين إلى صف إسلامها السياسي، لتصب النار على الزيت، حتى قبل أن تصل إلى سدة الحكم، بتبنيها لذلك الخطاب الجهادي.
    لم تكن منظومة الإسلام السياسي تجهل حقيقة التركيبة الثقافية والعرقية والدينية للسودان، ولكنها في سبيل الوصول إلى غاياتها الدنيوية –التي لن تتحقق إلاَّ بالسير على جسد تلك التركيبة- لم يكن أمامها إلاَّ إرتداء ذلك الثوب الديني الذي اعتقدت أنه سيستر تلك الغايات وأن قدسيته ستمنع الوقوف أمامها. ولكنها –بعد إستيلائها على السلطة لم تكن ترى أن كل يوم يمر عليها، وهي تعتلي كرسيه، يرتفع ذلك الثوب لتنكشف عورتها للناس. وساهم في ذلك الفضح استمرار الحرب ليكتشف مناصروها أن حربها لم تكن ضد (الصليبية) ولا من أجل الإسلام، بل هي لدنيا يعملون لها.
    في مقابل ذلك وجدت الحركة الشعبية نفسها في وضع أكثر راحة، وهي تواجه هذا الخطاب الجهادي الديني القصير الأجل، بخطاب تعبوي متعدد المستويات كما أشرت في موضع سابق. ساعدها على ذلك انفتاحها على كل القوى السياسية بعد إنقلاب يونيو 1989م وإلتحاقها بركب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يضم أقوى منظومتين دينيتين وقتها، هما الحزب الاتحادي الديمقراطي وطائفته الختمية وحزب الأمة بطائفته الأنصارية.
    تلك الخاطرة التي مرت على ذاكرتي الخلفية، قطعها دخول الملازم ثاني "طون أرياي" إلى معتقلنا وتلك الإبتسامة الوادعة وهو يلقي علينا بالتحية قبل أن يدعونا لمرافقته (نحن الأربعة) وسط دهشة كل النزلاء، مواصلة لمسلسل الدهشة المستمر منذ يومين عندما قررت إدارة السجن استقطاع جزء من (تعييناتهم) لشراء ذبيحة لهم بمناسبة عيد الميلاد المجيد وهم –مثلنا- الذين لم يتذوقوا طعماً للحم أو مرق منذ أمد طويل.
    ورافقناه حتى مباني رئاسة الاستخبارات حيث قال إنه يوم مفتوح بالنسبة لنا من التاسعة صباحاً وحتى الرابعة عصراً للبقاء في حضرته مؤكداً أنه تفرغ اليوم تماماً للجلوس معنا. رغم محاولة اللعب على خيوط اللامبالاة والاسترخاء طوال الفترة السابقة إلا ان الدهشة أصابتنا في موضع مؤثر، لننتبه إلى أنها المرة الأولى –منذ ترحيلنا إلى سجونها- التي نجلس فيها وجهاً لوجه وبشكل رسمي، رغم الروح الاجتماعية التي حفته، مع مسئول قيادي في الحركة الشعبية. قلت له هذه الملاحظة مستنكراً تعامل قيادات الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية معنا، التي وافق عليها دون تردد.
    تحدثنا كثيراً ذلك اليوم وعرج بنا الحديث إلى مرافئ قريبة واخرى بعيدة. ولكن كان واضحاً لنا، ومنذ تجاوزنا مرحلة الدهشة، أننا انتصرنا واخترقنا طوق العزلة وأن المسألة باتت مسألة وقت ليلطق سراحنا، أو على الأقل لنغادر سجن "خور ملح".
    تحدث الملازم "طون" طويلاً مبدياً تعاطفاً واضحاً مع قضيتنا، مؤكداً أن لا مبرر مطلقاً لوجودنا في هذا الوضع. رغم كل ذلك لم يخرج كثيراً عن منهج الحركة في الاستقطاب الذي تراوح بين محاولات تهديدنا وترغيبنا لكيما ننخرط في صفوفها. تهديدنا بالتأكيد على ربط خروجنا من السجن بإنضمامنا إلى الحركة الشعبية أو غيرها من التنظيمات السياسية في الجبهة الشرقية، سوى التحالف الذي لم يعد له وجود (لا في الجبهة الشرقية ولا في كل السودان كما ظلوا يرددون). وترغيبنا بالمواقع القيادية التي يمكن أن نتبوأها إذا ما وافقنا على الدخول في الحركة الشعبية.
    واحتفلنا مع قيادة الحركة "بخور ملح" الذين تجمعوا في تلك المناسبة في مكتب الاستخبارات بكريسماس بطعم الجنوب ورائحة وديان الشرق، إلى الرابعة مساءاً، بعدها عدنا إلى مواقعنا داخل السور لنحتفي مع بقية النزلاء بأمسية لا تشبه أمسيات الحياة في سجون الحركة الشعبية.
                  

09-08-2005, 07:18 PM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    العزيز/ امير بابكر

    لك التحايا آلاف آلاف الي يوم الوقاف.
                  

09-08-2005, 07:23 PM

zoul"ibn"zoul

تاريخ التسجيل: 04-12-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    سلام يا أمير يا أمير

    نرفع البوست علشان الناس بتاعين الحركة اللابدين
    و ما فى زول فيهم قال بغم

    و شكرا
                  

09-08-2005, 07:36 PM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: zoul"ibn"zoul)

    فوق
                  

09-09-2005, 06:52 AM

طارق الجعلى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: برير اسماعيل يوسف)

    العزيز امير
    غبتم عن زمانا كثيرا
    وافتقدكم الوطن قبل ان نفتقدكم
    نحن ولكن عزاءنا فى ظهوركم
    بالروائع




    تخريمه:نحن فى انتظار البقيه

    تخريمه عاجله:الاخ برير الرجاء المراسله على البريد الاتى عاجلا
    [email protected]

    ولك جزيل الشكر امير

    طارق
                  

09-10-2005, 01:33 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: طارق الجعلى)

    السيد رئيس الحركة الشعبية..

    المشهد القبلي للحركة الشعبية الذي ينحو إلى مزالق التقوقع، يبدو واضحاً في ردهات سجن "خور ملح" مثلما سطع بروزاً في سجن "ربدة". ويمكن أن يعزو أي مراقب -غير لصيق- ذلك إلى نفسية نزلاء السجون، وتزمرهم من الوضع الذي يعيشونه، وإحساسهم الدائم بأنهم مظلومون، وتضخيمهم لملاحظات بسيطة لتبدو قضايا كبيرة. ولكن هذا المشهد المتكرر، سيشكل عقبة كبيرة أمام الحركة الشعبية إذ لا يزال أبناء الاستوائية -في كل سجونها بالجبهة الشرقية على الأقل- ينتظرون عودة القائد "توماس سريليو" ابن الاستوائية، حيث لا يثقون في غيره من قيادات المنطقة المنتمين إلى قبيلة الدينكا.

    وإذا كان غياب القائد "توماس" قد أشعر الاستوائيين باليتم داخل صفوف الجيش الشعبي بتلك الجبهة، فإن ذلك دفع نوازع التمرد داخلهم على الهيمنة القبلية للدينكا على مفاصل الحركة إلى أعلى مستوياتها. وعندما كتبت في موضع سابق أن تكليف القائد "توماس" جاء تلبية لوضع قبلي بعد انخراط أعداد مقدرة من الاستوائيين في صفوف الجيش الشعبي بعد سيطرته على مناطق واسعة في ذلك الإقليم ومن ثم ترحيلهم للجبهة الشرقية، فإن تلك الملاحظة جاءت من كثرة ما سمعته من بعض أبناء الاستوائية حول تمرد المستقبل الذي سيقوم به الاستوائيون على هيمنة الدينكا. وقد استصحب ذلك الحديث سرداً طويلاً لصور تلك الهيمنة آخرها تصورهم لأن قبيلة الدينكا، وعبر الحركة الشعبية، تسعى للهيمنة على الإقليم الاستوائي سياسياً واقتصادياً وثقافياً. وهم ينظرون بعين الشك لأي قرار صادر من قيادة الحركة الشعبية بخصوص المنطقة الاستوائية على المستوى الإداري ويعتبرونه مؤامرة تحاك ضدهم وليس في مصلحتهم. فالاستوائيون يعتقدون بأنهم رواد الكفاح المسلح في الجنوب، فهم من احتضن الأنيانيا الأولى فيما ضم إليها الدينكا في وقت متأخر، والآن انقلب المشهد.

    وإذا وجد الاستوائيون من يلوذون به أو بانتظار قدومه لترتفع روحهم المعنوية ويحسون بأن هناك من يحس بهم حتى وهم بين أسوار السجن، فإن الكثيرين غير أبناء الدينكا يحسون بغربة ما تطفح بها وجوههم، فحتى قياداتهم الوسيطة -على قلتها- يحسون بأنها مشغولة بترسيخ أقدامها وسط الموج البشري الدينكاوي الطاغي، أما القبائل خارج نطاق الإقليم الجنوبي وبرغم الثقل المناطقي الذي يمثلونه إلاَّ أن الجبهة الشرقية كشفت تماماً عزلتهم داخل أروقة الحركة الشعبية خارج مناطقهم. فالجبهة الشرقية لا تمثل مركز ثقل داخل الحراك القبلي في الحركة الشعبية، مثل مناطق كجبال النوبة والنيل الأزرق، وجعل منها هذا الوضع مختبراً عملياً للتفاعل القبلي خاصة بعد فشل فكرة مشروع "لواء السودان الجديد"، تلك التي أريد بها العبور على جسر ذلك المأزق. وها هي منطقة "ربدة" مركز قيادة الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية تتوزع قبلياً، فأبناء دارفور، المنضوون تحت لوائها، يتخذون ركناً قصياً يضمهم، وأبناء جبال النوبة يلوذون بموقع آخر أو برئاسة الرائد "أحمد بلقا" قبل تنفيذ نقله إلى منطقة جبال النوبة. وهكذا تحولت رئاستها إلى قلاع تبرز التقوقع القبلي؛ أسهل الملاذات في فضاءات تفتقر إلى روح الطمأنينة.

    ولكن أبناء الدينكا، القبيلة المهيمنة على مفاصل القيادة على كافة مستوياتها داخل الحركة الشعبية، أيضاً هم (خشم بيوت) ودرجات في سلم الوجاهة والمنظرة داخلها؛ فدينكا بور ليسو كما دينكا قوقريال، ودينكا أويل غير دينكا أبيي، فالحساب هنا حساب كم من أفراد (خشم البيت) هذا أكثر من ذاك ومدى قربه من (خشم بيت) القيادات العليا من القبيلة.

    إذا كانت البنية العسكرية للحركة الشعبية هي القادرة على ضبط إيقاع الواقع القبلي داخلها والتحكم فيه، فإنها ه ي بنفسها -البنية العسكرية- التي ستقود في خاتمة المطاف إلى إبراز الأزمة إلى السطح وبصورة أكثر دموية. فالتعقيدات التي يستصحبها ذلك المشهد أقوى تأثيراً من محاولات تجاوزها بمفردات ورؤى لا تخاطب خصائصه، وتنفذ إلى معادلات تداعياته على حركة من أول مهامها السياسية هي بناء السودان وتحقيق وحدته على أسس جديدة.

    وأول ما ستفرزه المرحلة القادمة بعد التوقيع والبدء في إنفاذ اتفاق السلام، والذي سيمنح الحركة الشعبية ثقلاً كبيراً، أو بالأحرى كاملاً، من السلطة في الجنوب إضافة إلى اقتسامها بنسب أقل في الشمال، هو نظرة القبائل الأخرى الداخلة في تركيبة الحركة ونصيبها في تلك السلطة والثروة، إضافة إلى توقعات بحلول سريعة لمشكلات مستعصية. ولن ترضى عنها "اليهود ولا النصارى" وهي التي صعدت إلى سدة الحكم باسمهم وبأنهر من دمائهم.
                  

09-10-2005, 07:27 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    برير، زول، طارق
    لكم الشكر على المرور
                  

09-10-2005, 07:37 AM

zoul"ibn"zoul

تاريخ التسجيل: 04-12-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)


    سلام

    قلنا نرفع البوست دة لحدى ما أجىء راجع بى رواقة
    و شكرا
                  

09-10-2005, 09:50 AM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    ***
                  

09-11-2005, 00:51 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: برير اسماعيل يوسف)

    «جلدة عشرون»
    الحراك داخل السجن في "خور ملح" أخذ بعداً مختلفاً بعد التاسع من يناير يوم توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية. وما بين الترقب والانتظار التي شهدتها الأيام التي سبقته، عاش النزلاء آمالاً عريضة بأن يتم إطلاق سراحهم بين ليلة وضحاها. وما أن تأفل شمس يوم من تلك الأيام، حتى يرتفع ترمومتر الإحباط وترى الوجوم متربعاً على وجه الظلام.
    حتى الذين ارتكبوا جرائم قتل أو المتهمين بارتكابها ظل يراودهم الأمل بالإفراج عنهم بعد توقيع السلام. وفعلاً أطلق سراح عدد قليل من النزلاء تلك الأيام، ورغم أنهم يدركون أن ذاك لا علاقة له بذلك، إلاَّ أن بعض المتفائلين تتهلل وجوههم ويكاد الواحد منهم يلملم أطراف أمتعته قبل نفسه تهيأً لمناداته من قِبَل إدارة السجن ومن ثم الإفراج عنه.

    وكانت تسري شائعات وسط النزلاء بأن لجنة مختصة، تضم قيادات عليا، قادمة من رمبيك وصلت إلى رئاسة الحركة الشعبية في منطقة "ربدة" لتتولى عملية إعادة التنظيم لقوات الجيش الشعبي بناء على ما وقعته مع الحكومة السودانية في برتوكول الترتيبات العسكرية والأمنية. ومن ضمن مهام هذه اللجنة النظر في أمر السجناء والمعتقلين (بمن فيهم أسرى الحرب الذين تحتفظ بهم الحركة) في مختلف سجون الحركة بالجبهات المختلفة. وتواصل الشائعات، بعد التصريحات التي ترد في نشرات الأنباء وينقلها أفراد الحرس، بأن السجناء في الجبهات الأخرى قد أطلق سراحهم بالفعل، وحتى الأسرى سيصلون في غضون أسبوع إلى الخرطوم.

    جاء يوم السادس من يناير -سيدي الرئيس- يحمل أملاً ما للنزلاء، ولكنه قطع شكَّاً داخلنا ظللنا (نحن الأربعة) نتجادل حوله إمعاناً في استغراقنا في التفاهة. فقد حضرت لجنة مكونة من بعض قيادات الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية وفي إطار إعادة تنظيم القوات، لحصر السجناء والمعتقلين في سجن (المناضلين) كما يحلو للملازم ثان "طون أرياي" أن يطلق عليه تمييزاً له عن سجن الأسرى الذي يقع على مسافة اثنين كيلومتر منه. وكنا نحن ضمن مجموعة (المناضلين). جاءت اللجنة وعلى رأسها ضابط برتبة مقدم وتضم النقيب "داؤود" قائد ثان جهاز استخبارات الحركة في الجبهة الشرقية إضافة للملازم ثان "طون". ليبدأ مشوار طويل من الانتظار وما يمكن أن تسفر عنه أعمال اللجنة التي باشرتها فور وصولها.

    ولكن لا شيء جديد بالنسبة للنزلاء، المسألة ليست سوى حصر لهم ولأسلحتهم. ولكن بالنسبة لنا كشفت عن حقيقة وجودنا في سجون الحركة الشعبية، لتعيدنا بذلك الاكتشاف إلى الفصل الأول من حديثنا. فقد كان أمام اللجنة (استمارة) لتملأها ببيانات محددة عن كل نزيل أو معتقل في سجونها لرفعها لقيادتها العليا، وتشتمل البيانات إضافة للاسم على العمر وتاريخ دخول السجن والرتبة العسكرية ولكنها تحتوي على أهم ثلاثة مواضيع حيرت اللجنة في التعامل معها عندما جاء دورنا للمثول أمامها، وهي التهمة التي بسببها دخل السجن والجهة الآمرة بدخول السجن إضافة للمدة المحكوم بها.

    تمت إعادتنا إلى داخل سور السجن مرة أخرى، بعد الحيرة التي وقعت فيها اللجنة، لننتظر حتى الانتهاء من مثول جميع النزلاء. بعدها تم استدعاؤنا واحداً بعد الآخر لملء البيانات، لنكتشف أننا داخل سجون الحركة الشعبية بأمر من المخابرات الأريترية، وأن مدة انتظارنا غير محددة وأننا موجودون داخل السجن بلا أسباب محددة. اندهش المقدم رئيس اللجنة (ويبدو أنه لا يعلم بوجودنا أصلاً في السجن أو أنه تعمد أن يوحي إلينا بذلك) وهو يستمع إلى إفاداتنا وإفادات رجال الاستخبارات بتلك الحقائق. ورغم أنها تمثل إدانة للحركة الشعبية إذا ما وقعت تلك الاستمارات في يد إحدى منظمات حقوق الإنسان إلاَّ أنهم -وللحق- بكامل تفاصيلها. ولكنها يمكن أن تحرق أو يتم إتلافها.

    بدت الأيام مثقلة بالبرد والانتظار إلى أن جاء التاسع من يناير 2005م، اليوم المشهود في تاريخ السودان، حيث تم التوقيع على الاتفاق. سمح لي في ذلك اليوم بمقابلة طبيب بسبب ارتفاع ضغط الدم الذي أعاني منه، وانقطاع الدواء عني منذ اعتقالي من قبل المخابرات الأرترية في الأول من أبريل 2004م، وكنت على علاقة معه أثناء وجوده في العاصمة الأرترية أسمرا، حيث يعمل في إحدى المنظمات الدولية العاملة في الجبهة الشرقية، وهي منظمة الغوث الدولية «IRC» وتعمل بشكل رئيسي في المجال الصحي إضافة لمجالات أخرى مثل توفير المياه واحياناً توفير الأغذية لسكان شرق السودان في المناطق التي يسيطر عليها (التجمع الوطني الديمقراطي). كان مركز عملياتهم الرئيسي في منطقة "خور ملح".

    لم يتعرف عليَّ الدكتور "علي خيراوي" بادئ الأمر، فقد تغيرت هيأتي في تلك الأشهر الثمانية نتيجة ظروف السجن، ولكنه احتضنني في مودة كبيرة وهو مأخوذ بالدهشة والحيرة التي اكتشفت سببها. فقد أشاعت المخابرات الأرترية بعد إعتقالي بأنني غادرت إلى السودان. قال لي "خيراوي" كنت أعتقد أنك في السودان وبين أهلك"!! رددت عليه بابتسامة ضعيفة، بأنني هنا في "خور ملح" وفي حلقي معلق "فص ملح". كان ذلك أول ارتباط لي وللآخرين بالعالم الخارجي، انتهزت فيه الفرصة للحصول على أكبر قدر من المعلومات التي أريدها. ولكنه كعادته لم يكن له اهتمام كبير بما يدور سوى مهنته، وواضح من دهشته التي استقبلني بها أنه اكتفى بالشائعة التي أفادت بمغادرتي للسودان، رغم قرب محيط تحركه من مناطق وجودنا وانتشار خبرنا. ولكن كان مهماً بالنسبة لي أن أملكه كل المعلومات عن وضعنا والظروف التي نعيشها، وأسماء المعتقلين معي ومعلومات تفصيلية عنهم تحسباً لأي ظرف طارئ.

    المعلومات التي انتزعتها انتزاعاً من الدكتور "خيراوي"، قلبت موازين وجودنا ولكن ليس رأساً على عقب. فهي برغم شحها وعمومياتها وعدم أهميتها بفعل التقادم، إلاَّ أنها منحتنا بعض الحيوية في اتفاقها مع كثير من استنتاجاتنا وقراءاتنا لما يدور وراء الأسوار في الحقل السياسي من ناحية، وكشفت لنا ارتفاع حدة التوتر بين الحركة الشعبية والنظام الأرتري مع اقتراب موعد التوقيع على اتفاق نيفاشا. كما دفعت دفقات جديدة في شرايين مركز تفكيرنا ونشطت من روح قراءة ما وراء الخبر فينا، وقطعنا بها وقتاً كان يمكن أن يكون مملاً وقاتلاً، ونحن نرى (فيما يرى النائم) أن محطتنا القادمة هي مباني المخابرات الأرترية. ولكن ماذا يحدث فيها وما سيأتي بعدها بدا ضبابياً.
                  

09-12-2005, 00:37 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة واحدة وعشرون»
    السيد رئيس الحركة الشعبية..
    لم يحدثني أحد من مقاتلي الجيش الشعبي عن رغبته في انفصال الجنوب عن الشمال، ولم ألمح في وجه أحد منهم سيماء رغبة الانفصال. وبالرغم من أنني قرأت كثيراً تصريحات لمثقفين وسياسيين في الحركة الشعبية وسواها عن وجود تيار قوى ينزع للانفصال ويعمل جاهداً له ويسمونه "تيار الجنوبيين الوطنيين" أو الـ «Southerners»، لكنها لا تنعكس على رغبات قاعدة الجيش الشعبي أفراداً وضباطاً، إذا كان من حقي اعتماد من التقيتهم عشوائياً أو من تعرفت إليهم وهم كثر، كعينات استبيان. فهم يميلون إلى تمديد صلاتهم شمالاً ويعتقدون أنه مجالهم الطبيعي. فغير أن الكثيرين منهم له صلات سابقة بالشمال أو ما زالت، نجد ظاهرة النزوح شمالاً طوال فترة الحرب تنفي عملياً وجود مثل هذه النزعة أو تجعلها ملتبسة.

    وإذا كانت " محبة الأوطان ليست مما تميل النفس إليه ساعة ثم تنفر ساعة، إنما الوطنية شعور ينمو في النفس ويزداد لهيبه في القلب ويرسخ في الفؤاد كلما كبرت هموم الوطن وعظمت مصائبه واشتدت"كما قال الزعيم مصطفى كامل، فإن ذلك النزوع إلى الوحدة والشعور بالانتماء إلى وطن ما إنما صقله وكشف قيَّم معدنه تلك المصائب والتي استمرت طويلاً، وبرغم إلتقاء خطاب الحركة في أحد مستوياته مع من يتبنون خطاب الانفصال داخلها أو خارجها لموازنات داخلية (جنوبية) تخصها، وبرغم أن ذلك يجعلها تبدو متنازعة بين الخطاب الوطني الـ «Southerners» باعتبار انه خطاب للهوية (الجنوبية)، والخطاب القومي (وهو مستوى آخر من مستويات خطابها) الذي هو خطاب الوحدة على أسس جديدة. فإنه يبرز التناقض البنيوي بين واقعها السياسي - التنظيمي وتطوره عملياً وفقاً لخطابها السياسي في أحد مستوياته من جانب، وتطلعها الفكري والسياسي النظري في مستوى مختلف من جانب آخر.

    إذاً تقرير المصير كحق أكدت عليه المنظمة الدولية "الأمم المتحدة"، يُبقى الانفصال واحداً من خيارات تفضي إليه ممارسة ذلك الحق، الذي اتفق السودانيون عليه مرغمين أو راغبين، ولكنه يظل ممارسة منفتحة على آفاق متعددة أخرى، الوحدة بأشكالها (مركزية، فدرالية وكونفدرالية). وقد ظلت الحركة الشعبية تفاوض نظام الخرطوم في منبر الإيقاد للوصول إلى أحد ثلاثة خيارات هي الوحدة الفدرالية (على أسس جديدة)، الكونفدرالية أو الانفصال. فيما جاءتنا فكرة جديدة من مركز الأبحاث الاستراتيجية والدراسات الدولية «CSIS» في الولايات المتحدة الأمريكية، هي أقرب للبنية الكونفيدرالية وهي فكرة (نظامين في دولة واحدة) تلك التي بنيت عليها اتفاقية السلام الشامل، التي تم التوقيع عليها بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في نيفاشا الكينية.

    ولكن هل الانفصال هو دعوة أصيلة في خطاب الحركة الشعبية، سيدي الرئيس؟!!

    لا يمكن الإجابة مباشرة على سؤال مطروح بهذه الصيغة دون القفز فوق العديد من المعطيات. وإذا كنت أرى أن للحركة الشعبية خطاباً متعدد المستويات، فإن الانفصال يمثل دعوة أصيلة في مستوى من مستوياته. في مقابل ذلك، وعلى مستويات أخرى، أجده لا يمثل سوى كرت ضغط يحقق مساحة سياسية أكبر لها، تكسبها قدراً من المناورة لبلوغ أهدافها.

    أول تلك المعطيات هو الاسم الذي اتخذته الحركة (الحركة الشعبية لتحرير السودان)، وهو يوحي بأن الحركة تجاوزت ومنذ البداية الرؤى الانفصالية منفتحة على رؤى أشمل تسع ويسعها كل السودان. "في ذات الخطاب أكد زعيم الحركة أن الحركة لا تنظر لنفسها كحركة جنوبية تسعى لحل مشكلة الجنوب، وإنما هي حركة وطنية تهمها قضايا الوطن كله، وستعمل على أن تلعب دوراً طليعياً بهدف توحيد السودان على أسس جديدة، وعلى حل المشكلة الجنوبية في إطار سودان موحد تحت نظام اشتراكي عبر نضال طويل الأمد". د. منصور خالد، السودان، أهوال الحرب.. وطموحات السلام.

    ثاني تلك المعطيات، دخول الحركة الشعبية في التجمع الوطني الديمقراطي. مع ملاحظة أن الحزبين الكبيرين (الاتحادي والأمة) إضافة للمؤسسة العسكرية (القيادة الشرعية) وهي أطراف رئيسية في ذلك التجمع، كانت في مرحلة من المراحل على رأس سلطة تحارب الحركة الشعبية. مما يعني أنها قادرة على قراءة مصالحها السياسية جيداً، فحربها التي تخوضها ليست ضد الشمال وإنما ضد الأنظمة الحاكمة في الشمال.

    ثم إن الحركة الشعبية سعت -دائماً- للتمدد شمالاً، وشمالاً هنا ليس بالمعنى الجغرافي فقط، بل بمدلولها الإثني. ففي الشمال لديها ما يكفي من أبناء الجنوب الذين جاءوا قبل الحرب أو نزحوا أثناءها. ويجيء قرار إنشائها للواء السودان الجديد كماعون لاستيعاب الشماليين كواحد من مظاهر محاولات ذلك التمدد بعد فشل مواعينها الطبيعية في ذلك.

    ولكن في مقابل ذلك هناك معطيات أخرى تتجاوز رغبات الحركة ورؤيتها للسودان الموحد على أسس جديدة، فالفضاء الذي تحركت ومازالت تتحرك فيه بشكل رئيسي هو الجنوب. والبيئة التي نشأت داخلها كانت لها تجاربها في الكفاح المسلح وحركاتها المسلحة التي تنزع رؤاها نحو الانفصال. فالكثير من مقاتلي وقادة حركة الأنيانيا انخرطوا في الحركة الشعبية، يحملون رؤاهم تلك.

    إضافة لذلك، الواقع القبلي الذي فرض نفسه على تركيبة الحركة الشعبية وبنيتها التنظيمية، وهو واقع كان يستدعي مخاطبته بمستوى تتمظهر فيه بوادر الرغبة في الانفصال. والدعوة لمحاربة "الجلابة"، كمستوى من مستويات خطابها، تحمل من ملامح الخطاب الإثني ما يدفعني للقول بأنه يمكن أن يؤسس لقاعدة إنفصالية وسط القبائل في جنوب السودان شاءت الحركة أم أبت.

    تأسيساً على ذلك (البعض) من المعطيات الوارد ذكرها، فإن الحركة الشعبية ظلت تتمسك بكافة الخيارات مما جعلها غير متماسكة في أطروحاتها وفرض عليها تقديم ما هو تكتيكي على ما هو استراتيجي. فهي من جانب تقدم أوراق الوحدة على طاولة المفاوضات بيد، وباليد الأخرى تبرز كروت الانفصال. وفي سبيل تحقيق مكاسبها يمكن لقادتها الإدعاء بأن 95% من أعضائها يرغبون في الإنفصال، ولكنهم يرجعون ليؤكدوا أن هذه النزعات يمكن السيطرة عليها. وهي تضع الوحدة على أسس جديدة كهدف أعلى إذا تعذر تحققه ستقبل بالفيدرالية وإذا فشلت في بلوغه ستتجه إلى الانفصال وإنشاء دولة مستقلة في الجنوب. وذلك يبرز ما أشرت إليه سابقاً بأن ذلك يبرز التناقض البنيوي بين واقعها السياسي-التنظيمي وتطوره عملياً وفقاً لخطابها السياسي في أحد مستوياته من جانب، وتطلعها الفكري والسياسي النظري في مستوى مختلف من جانب آخر.
                  

09-13-2005, 02:45 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة ثانية وعشرون»
    السيد رئيس الحركة الشعبية..
    لم أكُ أرى الأسرى إلاَّ لماماً، ونحن نخرج -تحت حراسة مشددة- لإحضار فضلات الحمير «الزبالة» وتحضيرها ليقوم المتخصصون بـ «تزبيل» حيطان المباني المنشأة من الطوب اللبن، هذا هو العمل الرئيسي الذي كنا نقوم به، إلى جانب عمل خفيف في مجال الانشاءات داخل أسوار السجن. هذا بعد أن خرجنا من زنزانة الحبس الرباعي. وتعتبر منطقة "خور ملح" الموقع الرئيسي لتجميع الأسرى في الجبهة الشرقية والذين يتجاوز عددهم الثلاثمائة حسب ما ورد إليَّ من معلومات. وسجن الأسرى كما ذكرت سابقاً يقع على بعد حوالي الكيلومترين من موقع سجن «المناضلين». ولم يكُ يسمح لنا بالتحدث إليهم، ولا بالاقتراب منهم، على عكس ما يحدث في سجن الحركة بمنطقة "ربدة".

    في سجن "ربدة" كان يجمعنا بالأسرى السور الكبير ويفصلنا عنهم تلك الأسوار الداخلية، إذ كان ذلك السجن محاطاً بسور شوكي كبير. ويضم داخله، إضافة لمساكن الحرس وموقع للطبخ، ثلاثة مواقع منفصلة ومسوَّرة بالشوك كلاً على حِدة. الموقع الأول يضم السجناء والمعتقلين من الضباط ذوي الرتب، والثاني يضم ضباط الصف والجنود إضافة لنا وللمدنيين الذين يتم التحفظ عليهم لأية أسباب، أما الموقع الثالث فيضم بعض الأسرى بشكل رئيسي إضافة لبعض حالات الحجز المؤقت لأفراد الجيش الشعبي وشخص رئيسي هو المساعد "بيول" المعادل الثاني لـ"كواج نيور كواج" المتحفظ عليه داخل موقعنا.

    أول مرة ألتقي فيها أسرى الحرب من الجيش السوداني كانت إبان فترة اعتقالي الأولى بواسطة المخابرات الأرترية في سجن "أدر سار". وكانت محض صدفة؛ إذ أمرت في أحد الأيام بالتوجه مع مجموعة معتقلين من العسكريين الأرتريين لتشييد بعض البنايات في معسكر حرس الحدود، بدلاً من برنامجنا اليومي المتمثل في تكسير ونقل الصخور من جبل يبعد نحو كيلومترين عن موقع ذاك السجن.

    وجدت أسرى الجيش السوداني يعملون في تشييد تلك المباني، الخاصة بمعسكر حرس الحدود الأرتري وتحت حراسة مقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان. وهم يعتبرون وضعهم مميزاً لقربهم من مواقع تتيح لهم التحرك في نطاق أوسع. كانت تلك -حينها- مفاجأة بالنسبة لي، حيث طرأ سؤال داخلي وهو، لماذا يستخدم حرس الحدود الأرتري أسرى الجيش السوداني لدى الحركة الشعبية في تشييد مبانيه؟ وكان من الممكن أن ترسل الحركة الشعبية فصيلة كاملة من قواتها لأداء تلك المهمة، إذا كانت راغبة في تقديم العون لحرس الحدود الأرتري. من الطبيعي أن يوجد أسرى في ظل الحرب، ومن الطبيعي أن يعملوا كسجناء حرب في مختلف المواقع التي تخص من قام بأسرهم، وفقاً لقوانين أسرى الحرب التي تتبناها المواثيق الدولية. ولكن استخدامهم بواسطة طرف ثالث أثار في نفسي العديد من التساؤلات.

    ولكن الأسرى الموجودين في سجن "ربدة" وضعهم مختلف عن غيرهم. فهم يقومون بأداء بعض المهام الخفيفة في الإدارات الرئيسية المتعددة للجيش الشعبي في رئاسته العامة بالمنطقة. ويقضون معظم وقتهم خارج الأسوار إلى ما قبل غروب الشمس. ورغم الغبن الذي يطفح من وجوههم، فإنهم يعيشون حياة طبيعية وسط أفراد الجيش الشعبي. بل بعضهم يتحرك بحرية أكبر مما يمكن تخيله في ظل هذا الوضع، بل يعملون في سوق المنطقة الصغير في بعض المحال التي تديرها الحركة أو أفرادها.

    واحدة من المفارقات المبكِمضحكة، هي لقاء رفيقي في رحلة الاعتقال "حامد إدريس" بالأسير "الهادي"، وكان الأول هو القائد الذي حقق معه عقب أسره في إحدى عمليات قطاع مدينة كسلا. ها هما يجلسان بجوار بعضهما، في تمام الصباح والمساء، داخل السور الكبير قبل أن يتوجه كل منهما إلى سوره الشوكي الخاص، بعد أن يتجاذبا أطراف الحديث ويحمَّله الهادي ببضعة قطع من "الخبز" «تسنِدنا بقية الليل البارد». لكن ما ظل يقدمه لنا الأسرى من عون ومساعدات وعن رحابة صدر، يفوق ما كنا نتوقعه خاصة في تلك الفترة التي صادفت شهر رمضان. فهم يتحركون بحرية كبيرة، وكسروا كثيراً من الحواجز بينهم وبين مقاتلي الجيش الشعبي على المستوى الحياتي اليومي «وليبقى ما في النفوس في النفوس».

    أما المفارقة الثانية فهي وجود عدد من أبناء الدينكا وغيرهم من أبناء القبائل السودانية في الجنوب، ضمن أسرى الجيش السوداني لدى الحركة الشعبية، وأبناء الدينكا هم الأسوأ حظاً من بين أبناء القبائل السودانية الأخرى. كانوا يعاملون معاملة سيئة، والنظرة إليهم حتى بين السجناء من أبناء قبيلتهم، كانت نظرة فيها كثير من الاحتقار، لدرجة أن عبر أحدهم عن ذلك قائلاً "لو كنت ضمن القوة التي أسرت ذلك الدينكاوي لقتلته في مكانه". وجمت وانا أسمع ذلك القول.

    القى جوُّ السلام العام والإرهاصات باقتراب التوقيع على الاتفاق بظلاله على الآخرين، ولكنه انعكس على الأسرى بشكل أكبر. ولمع بريق من أمل في نفوسهم بقرب استنشاق نسمات الحرية، وصار الواحد منهم يسير محلقاً يكاد يقفز على عتبات الزمن ليدفع بعجلته بقوة إلى الأمام. واستيقظت أحلام، كانت قد وئدت بعد طول سنين.

    وها هي الأنباء تحمل لهم تصريحات قيادات الحركة والحكومة من نيفاشا باقتراب خروجهم من غيابت الجب إلى هواء الحرية بطعم الشمس الحارقة. فتركنا الذين في سجون "خور ملح" يتطلعون لكل شاحنة قادمة من ذلك الأفق الذي تكسر خطه نتوءات الجبال وانفتاح الوديان؛ ليتها تحمل علامة الصليب. الصليب الأحمر الدولي، تلك المنظمة الدولية التي كثيراً ما ساعدتهم وعملت على فتح قنوات اتصال بينهم وأسرهم في السودان، كان لها من الأثر الإيجابي ما جعلهم يتشبثون بالحياة أكثر. وها هم الذين منهم، موزعون حول منطقة "ربدة"، يتم تجميعهم في سجنها، لتتدافع آمالهم باقتراب الموعد.


                  

09-14-2005, 00:39 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    جلدة ثالثة وعشرون»
    السادسة من صباح الثلاثاء الثامن عشر من شهر يناير 2005م، وقف على رأسي حكمدار سجن "خور ملح" الرقيب أول "دينق مرتاح" يأمرني، والآخرين، بترتيب أمتعتنا وتجهيزها استعداداً لمغادرة السجن. كان سعيداً جداً وهو يحمل إلينا هذا النبأ، ويضيف في كبرياء العالم ببواطن الأمور: "ستتحقق رغبتكم ومن هنا إلى أهلكم مباشرة - وتغمره السعادة أكثر- لن يستغرق الأمر سوى ساعات. ولكننا سنلحق بكم قريباً فالسلام خلاص.. ونحن جاهزون". وقد كان "دينق مرتاح" حقيقة مرتاح، وقد اقترن هذا الاسم به لأنه يحب الراحة. ولكنه من الشخصيات التي يحبها الإنسان حتى وإن كان «سجَّانك». فله من القدرات ما يزيل بها كل عناءك وانت تقف أمامه أو إن هو وقف أمامك، ويجعلك "ترتاح".
    وكأنه عرس، عرس خروجنا من كرش الفيل.. وقف الجميع «أفراد الحرس والنزلاء» يتسابقون في إلقاء التحية علينا وتهنئتنا بهذا الحدث، ووجوه النزلاء تحمل أملاً كبيراً وابتسامات متفائلة، مع بعض من حزن لفراقنا. ورافقنا الرقيب أول "دينق مرتاح" إلى خارج السجن حتى مباني رئاسة الاستخبارات القريبة منه، لتطأها أقدامنا للمرة الثانية خلال أقل من شهر. وكان في استقبالنا الملازم ثاني "طون أرياي" ووجهه يوحي بخيبة أمل كبيرة وهو يأمر بخروجنا هكذا دون أن يحقق رغبة الحركة الشعبية في انضمامنا إليها.

    دار بيننا حوار متقطع قبيل مغادرتنا لمنطقة "خور ملح"، أكد فيه ما قاله لنا في لقائه السابق بنا، وعبر فيه عن استيائه عموماً من وجودنا في ذلك الموقف، وقال إن الوضع تغير كثيراً الآن «بالنسبة لنا» إذا يتوقع ان نغادر مواقع الحركة إلى السودان قريباً، فقط هناك إجراءات ستتم في منطقة "ربدة" حيث رئاسة استخبارات الحركة في الجبهة الشرقية. وأكد لنا أننا سنبقى في مباني إدارة الاستخبارات، وليس في السجن، إلى أن تكتمل إجراءات مغادرتنا.

    علمتني التجربة ألاَّ أثق كثيراً في أي حديث في مثل هذه الظروف، فسيان الأمر لدي، البقاء في السجن أو في مباني رئاسة الاستخبارات طالما أنا مرغم على البقاء وليست لي خيارات أخرى. ولكن ظل هاجس احتمال عودتنا للمخابرات الأرترية «باعتبارنا أصلاً موجودين هنا بسبب أوامر أرترية» يؤرقني مثلما يؤرق بقية رفاقي. وقد بدأنا في وضع تقدير موقف منذ السادس من يناير، عندما تأكد لنا وبالوثائق وشهادة اللجنة بأن الآمر بوضعنا رهن الاعتقال هي المخابرات الأرترية أو كما يكتبونها في السجلات الرسمية «Friends»، وأن احتمالات إعادتنا لهم واردة.

    إذاً ترحيلنا مرة أخرى إلى منطقة "ربدة" هو إعادتنا إلى حيث بدأنا مشوار الاعتقال، ولكن لماذا تريدنا المخابرات الأرترية بعد أن جعلت من الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية الشماعة التي ستعلق عليها مسؤوليتنا. فالجميع يشهد بأننا قد تم ترحيلنا من سجن المخابرات الأرترية إلى سجون الحركة الشعبية، ومسؤولو فصائل التجمع الوطني الديمقراطي الموجودين بالمنطقة يعلمون بوجودنا في سجن "ربدة" التابع للحركة، كما يعلمون بترحيلنا إلى "خور ملح" الأكثر عمقاً داخل الأراضي السودانية. أهي مرحلة الإفراج عنَّا، أم شيءٌ آخر تدبره؟! بلغ بنا الاستياء ذروته من احتمال عودتنا إلى تلكم الجهة، برغم علمنا أن وضعنا صار أكثر أمناً، بعد لقائنا يوم عيد الكريسماس الملازم ثاني "طون أرياي".

    عبر لنا "طون" مرة أخرى -قبل أن يودعنا ونحن نمتطي صهوة العربة التي ستقلنا إلى "ربدة"- عبر لنا عن رغبة الحركة الشعبية في أن نعمل ضمن هياكلها السياسية والعسكرية. ولكننا كنا نؤكد له عن احتمال ذلك في غير هذه الظروف. فنحن نؤمن بمشروع السودان الجديد الذي تتبناه الحركة الشعبية، ونؤمن بدورها الكبير والمؤثر في الساحة السياسية السودانية رغم كل ما تحمله داخلها من جينات السودان القديم، ولكن دعنا نقرر من موقع كوننا أحراراً في إرادتنا وليس تحت ظل السيف.

    وتأكدنا من مغادرة منطقة "خور ملح"، بعد أن تجاوزت بنا العربة ذلك المنحدر الحاد والوعر الذي يفصلها عن تلك الأرض المنبسطة جنوبها. وها نحن نسير في اتجاه منطقة "ربدة". الجبال حولنا ذات الجبال، وأشجار المناخ شبه الصحراوي المتناثرة هنا وهناك والمتكاثفة عند حواف مجاري مياه الأمطار الموسمية، هي ذات الأشجار والغبار العالق خلف العربة هو ذات التراب، لا شيء جديداً سوى أننا غفلنا راجعين من دهاليز كابوس لنستيقظ على وقائع كابوس آخر تنتظرنا أحداثه.

    وتلوح ملامح ربدة في الأفق، بعد رحلة طويلة وشاقة، لنجد أنه بعد دقائق معدودات أن العربة اجتازت بنا المجرى المائي العريض لتقف داخل سور مبنى رئاسة استخبارات الحركة الشعبية. ولا أحد ينتظرنا ليوضح لنا ما هي الإجراءات التي يجب علينا اتباعها. ولكن جاء بعد حوالي الساعة والنصف من يأمرنا بالتحرك، ألم أقل إنني لا أثق في أي حديث في مثل هذه الظروف، فها نحن الأربعة داخل السور الشوكي -الذي لم يتغير فيه شيء- مرة أخرى، ليستقبلنا الحرس -قبل النزلاء- هذه المرة استقبال الفاتحين، ويحتضنوننا بدفء يعادل وزنه طقس يناير البارد.

    لم يكن لكل ذلك ما يبرره سوى مجرد عاطفة تجتاح الأنفس أو هي محاولة إراحة ضمير مثقل، ويعود كل شيء إلى وضعه الطبيعي. وهو ما حدث بالفعل، إذا حشرنا إلى حيث موقعنا السابق وأخلى لنا النزلاء في أريحية وود، تلك السقيفة الكرتونية التي شيدناها قبيل ترحيلنا إلى خور ملح.

    ولكن السجن خال عدا النزيلين الدائمين "أليكو" و"أبو حديد" اللذين يرزحان تحت وطأة ثقل تهمتيهما «القتل»، وبعض مقاتلي الجيش الشعبي. أما صديقنا "كواج نيور كواج" لم نجد له أثراً طوال يوم عودتنا الأول، مما جعلنا نتساءل عن سبب غيابه. فيما ظل وضع الأسرى كما هو تتآكلهم حالة الانتظار وينهب وجدانهم لهيب الأمل في حياة بين أهلهم بعد طول غياب.
                  

09-14-2005, 10:24 AM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    انه لأمر محزن ... ان يصمت دعاة/دعيات الحرية عن الكلام المباح ... حتي و ان كان >لك الكلام من باب التحقيق في مدي صحة مضمون الرسالة المعنوة الي رئيس الحركة الشعبية... و في المقفلة/المفتحة... السلام عليكم/ن يا ساكني /ات السودان الجديد .
                  

09-14-2005, 09:38 PM

zoul"ibn"zoul

تاريخ التسجيل: 04-12-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    Quote: انه لأمر محزن ... ان يصمت دعاة/دعيات الحرية عن الكلام المباح ... حتي و ان كان >لك الكلام من باب التحقيق في مدي صحة مضمون الرسالة المعنوة الي رئيس الحركة الشعبية... و في المقفلة/المفتحة... السلام عليكم/ن يا ساكني /ات السودان الجديد .




    NO for the silence and UP for the post
                  

09-15-2005, 00:24 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: zoul"ibn"zoul)

    «جلدة رابعة وعشرون»
    بعد يومين من عودتنا «المظفرة» إلى سجن "ربدة"، انفتحت علينا نافذة زيارات داخل السجن من بعض معارفنا في الفصائل المعارضة الموجودة في المنطقة. ولكنها زيارات حملت بين أحنائها طابعاً اجتماعياً ومؤازرة كبيرة، ساعد على اتساعها تلك المساحة من التساهل التي منحتها إدارة السجن لنفسها تجاه التعامل معنا.
    ولكن جاءت زيارة الأستاذ أحمد عبدالرحمن المسؤول القيادي في فصيل "مجد" «اختصار لمقاتلي الجبهة الديمقراطية»، وهو فصيل طابعه الدعم المعنوي للعمل المسلح أكثر من كونه فصيلاً قتالياً مؤثراً، ويقف وراءه الحزب الشيوعي السوداني، جاءت زيارة "أحمد عبدالرحمن" لتعيدنا إلى مركز المعلومات. وهي زيارة رأينا داخلها اشارتين، أولاهما أنها زيارة رسمية، للحزب الشيوعي، الغرض منها التأكد من المعلومات المتداولة في الخارج عن وضعنا، والثانية هي التأكيد على دور الحزب الشيوعي السوداني في تبنيه لقضايا المعتقلين. لم تكُ تلك الإشارات تهمنا كثيراً، بالرغم من أنني سأظل ممتناً للحزب الشيوعي لتلك الزيارة كما ظللت ممتناً دائما له بتجربة ثرِّة أكتسبتها بفضله، بقدر ما يهمنا ما سنتلقاه من معلومات منه ونحن البعيدون عن مصادرها منذ فترة.

    أولى تلك المعلومات هي محاولاته المستمرة لزيارتنا وفشله نتيجة منع الزيارات الرسمية، وأنه قرر التعامل -بعد عودتنا من "خور ملح"- بطريقة غير رسمية لاختراق ذلك الحاجز، وهاهو أمامنا، كما قال. وثانيها غياب أي دور للتجمع الوطني الديمقراطي كمؤسسة ننتمي إليها سياسياً، للمساهمة في الضغط من أجل إطلاق سراحنا.

    كان هذا الموقف -وسيظل- مثار دهشة في نفسي، أنا بالذات، وذلك لأنني كنت أعمل بشكل يومي في إحدى مؤسسات التجمع وهي المقر الرئيسي لمكتبه التنفيذي. وكنت لصيقاً جداً بقيادة المكتب التنفيذي، خاصة أمينه العام القائد باقان أموم الذي ربما انشغل بمفاوضات الحركة الشعبية مع حكومة الخرطوم فلم يعد مهتماً بمكتبه، وكذلك بمسؤول التنظيم فيه والأمين العام بالإنابة، الدكتور شريف حرير، الذي لا أجد له عذراً منذ اعتقالي الأول وإلى تلك اللحظة التي كان يتحدث فيها الأستاذ "أحمد عبدالرحمن". فقد كنا نعلم أن الدكتور شريف يأتي بعربة التجمع الوطني الديمقراطي من فترة لأخرى لزيارة المنطقة أثناء وجودنا في يد المخابرات الأرترية وبعد ترحيلنا لسجن الحركة الشعبية. إضافة للأستاذ إسماعيل سليمان الذي كان السبب في وجودي بمقر المكتب التنفيذي أصلاً، ثم الأستاذ حاتم السر أمين الإعلام والناطق الرسمي باسم التجمع، الذي اختارني أن أعمل ضمن لجنة الإعلام التي يرأسها.

    بالرغم من حزمة الدهشة المرتكزة على عناصر وهمية داخلى، لكني لا استغرب موقف التجمع كمؤسسة، فهو إن ظل غائباً عن العديد من القضايا المهمة، ومقصياً عن مراكز الأحداث بسبب ضعف فيه، فما الذي كنا نتوقع منه ان يفعل تجاه قضية اعتقالنا واستمراره كل هذه المدة، وهي قضية لا تعادل في قيمتها ذرة من حجم القضية السودانية.

    لم أستغرب موقف التجمع الذي قابل قضية اعتقالنا في صمت، خاصة بعد ترحيلنا إلى سجون الحركة الشعبية. فرئيس الحركة الشعبية هو رئيس القيادة العسكرية للتجمع الوطني الديمقراطي والأمين العام للتجمع، عضو بارز في الهيئة القيادية للحركة الشعبية. وإذا كانت قضية اعتقالنا لها علاقة بقيادة الحركة، فمن يجرؤ على الحديث معها ناهيك عن الفعل الإيجابي. ورغم الزيارة العرضية التي شرفنا بها عضو المكتب التفيذي للتجمع، السيد "معتز الفحل" أثناء وجودنا في قبضة المخابرات الأرترية، فإنها ستظل عرضية بسبب الظروف المحيطة بها، فهو لم يقم بزيارتنا بصفته «التجمعية» بل بصفته «الشخصية». في الوقت الذي لم يستطع أحد من قيادات التجمع السياسية أو الميدانية إختراق ستار الحركة التي ضربته حولنا، سوى تلك الزيارة التي نجح في تحقيقها الأستاذ "أحمد عبدالرحمن" من خلف ظهر قياداتها.

    ما صار واضحاً بالنسبة لنا من الحديث الطويل للأستاذ "احمد عبدالرحمن"، أن هناك -فعلياً- حملة تقوم بها بعض الجهات «سودانية وغير سودانية» من أجل إطلاق سراحنا، وهي تمتلك كافة المعلومات عن حالتنا بما فيها ترحيلنا وإعادتنا من سجن "خور ملح". ولكن يبدو أنه، لا المخابرات الأرترية ولا قيادة الحركة الشعبية في الجبهة الشرقية كان يعجبها الاستجابة لتلك الضغوط التي واجهتها قياداتها، فآثرت أن تبقينا في ذلك الوضع حتى آخر لحظة. وهي طريقة تفكير تتسق ومنهج العمل الذي يتبعانه كما تبين لنا خلال الفترة التي قضيتها في «ضيافتهما».

    وصارت أيام السجن تتوالى وهي أكثر ميوعة، فلا هي شدة السجن التي ألِفناها ولا هي تحمل طعم الحرية، بل هي إلى طقس الشتاء في تلك الأصقاع أقرب، حيث الفضاء يكسوه ذلك التراب العالق لتبدو الأشياء باهتة. وجاء، في ظل تلك الأيام المتعب بسبب انحراف الشمس، جاء القائد "بيتر سريلو" المسؤول المكلف عن الجبهة الشرقية، تسبقه عربات قيادة الحركة في الجبهة. ونستمع في صباح اليوم الذي تلاه إلى صوت المايكرفون يحمل صوته -ونحن خلف الأسوار- يخاطب قادة أفراد جيشه الشعبي وقادته، يحمل إليهم بشريات السلام القادم.
                  

09-15-2005, 00:46 AM

سفيان بشير نابرى
<aسفيان بشير نابرى
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 9574

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    الاخ الصديق/

    أمير بابكر...

    تحية طيبة...


    اتابع معك هذا الجهد فى محاولتك لتفكيك وتوضيح مفهوم السودان الجديد ، ليس كطرح
    شعاراتى مرحلى فقط ، لكن حتى يكون النظرية والممارسة منتهجات ذات الاسلوب فى ترسيخ
    المشروع، نعم اراء جهدك من داخل كتابتك الشخصية والحكى عن تجربتك التى حدثت لك ولبعض اخوتك، واظن ان مثل هذه التجارب مفيدة كل الفائدة لانها تخلق يقين حقيقى بضرورة
    ترسيخ مفاهيم السودان الجديد بصورة تتخذ من الواقع السودانى (( الحقيقى)) ارضية لها
    وتبعد نفسها عن التهويمات الهلامية وعن المثالية فى طرح المشاريع.
    اخى امير انت كتبت:-
    Quote: وصارت أيام السجن تتوالى وهي أكثر ميوعة، فلا هي شدة السجن التي ألِفناها ولا هي تحمل طعم الحرية، بل هي إلى طقس الشتاء في تلك الأصقاع أقرب، حيث الفضاء يكسوه ذلك التراب العالق لتبدو الأشياء باهتة. وجاء، في ظل تلك الأيام المتعب بسبب انحراف الشمس، جاء القائد "بيتر سريلو" المسؤول المكلف عن الجبهة الشرقية، تسبقه عربات قيادة الحركة في الجبهة. ونستمع في صباح اليوم الذي تلاه إلى صوت المايكرفون يحمل صوته -ونحن خلف الأسوار- يخاطب قادة أفراد جيشه الشعبي وقادته، يحمل إليهم بشريات السلام القادم.


    اعتقد ان الاسم الحقيقى هو:- توماس سريلو

    لك السلام والتحية.
                  

09-15-2005, 05:02 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: سفيان بشير نابرى)

    الأخ سفيان
    تحية
    صحيح المقصود هو القائد "توماس سريليو". شكراً للتصحيح وإن كان هو إبن السيد "بيتر سريليو"
    أمير بابكر
                  

09-17-2005, 00:20 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    «جلدة خامسة وعشرون»
    هل كل ما حدث بالنسبة لنا، وتلك المعاملة السيئة التي وجدناها من قيادة الحركة الشعبية بالجبهة الشرقية هو بسبب خلافات الحركة والتحالف حول طريقة استكمال الوحدة الموقعة بينهما؟ وهل هناك خلاف أصلاً، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟؟! هذا التساؤل ظل يراوح مكانه، في دواليب ذهني الخلفية طوال فترة وجودي بين الأسوار، وأنا استرجع ذلك الشريط.
    رئيسا الحركة الشعبية والتحالف الوطني وقعا على اتفاق الوحدة بينهما، كما هو معلوم، في28 فبراير 2002م. ولكن أهم الملاحظات حول هذه الخطوة أنها كانت محورية بالنسبة للتحالف وأولوية في قمة السلم، تليها بقية الاهتمامات والأولويات، ولكن في أول السلم، أما بقيته فدرجات خالية. فيما مثلت للحركة الشعبية مجرد محطة سيعبرها قطارها شديد السرعة، في إطار تنافس أولوياتها التي تتسابق على درجات السلم لتحظى ببلوغ أعلاه.

    ولأنه اتفاق «بالمقلوب» جاءت مراحله الإجرائية بعد التوقيع عليه، فقد بدأ في التراجع منذ مراحله الأولى. اتفق الطرفان، كما هو وارد في صلب الاتفاق، على تكوين لجان «سياسية، عسكرية وإدارية» لوضع تصوراتها لمرحلة تنفيذ الاتفاق. واتفق الجانبان أول ما اتفقا على تكوين لجنة مشتركة «سبعة أعضاء من كل طرف». ولأنه صار همه الأول، فقد شرع التحالف في التحضير اليومي، ورفع حالة الاستعداد داخله درجة مائة في المائة. ونجح بعد التشاور مع قطاع كبير من قاعدته على المستوى الميداني ومكاتبه الخارجية والداخل في تسمية السبعة أعضاء من طرفه للمشاركة في اللجنة المشتركة.

    ووضع الأعضاء السبعة تصورهم لموقف التحالف لتنفيذ الوحدة على المستوى السياسي والعسكري، في مرحلة مبكرة بعد التوقيع على الاتفاق، فيما لم تسم الحركة الشعبية من جانبها أعضاءها في اللجنة حتى هذه اللحظة. لتدخل مرحلة مفاوضات الحركة مع الحكومة وينشغل قادتها بالسلطة والثروة المقبلة، وتتراجع مسألة وحدتها مع التحالف إلى ذيل قائمة أولوياتها. ولكنها عملت على عدم انقطاع أمل التحالف في إيجاد مساحة زمنية تسرقها من بين زحمة جدول أعمالها الممتلئ.

    نسبة لوجود كل أعضاء اللجنة من جانب التحالف في العاصمة الأرترية أسمرا، صارت الحركة تنتهز كل سانحة لحضور رئيسها لها إما للقاء القيادة الإرترية أو لحضور اجتماعات هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي، لتمنح التحالف ووحدته معها فتات زمنها. ويأتي رئيس الحركة الشعبية، وفي معيته واحد أو اثنان من قياداتها، ليلتقي أعضاء اللجنة من جانب التحالف. ويطول الحديث من جانب التحالف وتصدر بيانات تتصدر قائمة أخبار الصحف باقتراب إنجاز الوحدة بينهما.

    وما أحدثته خطوة التوقيع على اتفاق الوحدة من خلافات داخل التحالف، منذ فبراير2002 وما أفرزته من خلافات نتيجة عدم حسمها هو ذلك الشرخ الكبير بين صفوفه. خاصة وأن فريقاً كان يرى الإسراع بذوبان التحالف داخل الحركة حتى لا يفوتهم حمص المولد القادم، وفريق يرى التدرج في إنجازها إلى حين إكمال اللجنة المشتركة «التي لم تنعقد أصلاً» أعمالها، وتحقيق الوحدة على أسس سياسية وتنظيمية واضحة.

    لعبت الحركة على هذين الحبلين المتوازيين داخل التحالف، ولم تقص فريقاً لصالح فريق على المستوى الرسمي، فقيادتها تلتقي الطرفين وتؤكد أنها مع الوحدة مع التحالف وفق منهجها. ويمضي الزمن ويتعمق الجرح، وتقف قيادة الحركة متفرجة على كلا الفريقين وربما تزيد بطريقتها حطب الوقود، وليبقى من يبقى وليفنى من يفنى، لم يكُ ذلك مهماً بالنسبة لها.

    ما أكدته بعض قيادات الحركة لي أن موقف أحد الفريقين يوافق هواها، فيما أكد لي البعض الآخر أنهم لا ينحازون لأي الطرفين إلى حين فراغهما ووضوح الرؤية بالنسبة لهم. وهناك الكثير من الممكن قوله حول موقف الحركة من تلك القضية فالفترة منذ فبراير 2002 حتى فبراير 2004، جرت مياه كثيرة تحت الجسر، يحسب بعضها لها والبعض الآخر عليها. ولكن أين موقع وجودنا في سجون الحركة الشعبية بالجبهة الشرقية من تلك المياه؟
                  

09-18-2005, 00:22 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    «ست جلدات سراع»
    بالطبع، سيكون هناك من يطالبون بالصمت المطلق والطاعة العمياء. ونحن نتوقع ذلك من اليمين المتطرِّف؛ وأي إنسان آخر على دراية بسيطة بالتاريخ، سيتوقع ذلك من مثقفي اليسار أيضاً، ربما حتى بشكل أكثر حدَّة من اليمين. ولكن من المهم ألا نخاف من الجعجعة الفارغة الهيستيريِّة ومن الكذب، وأن نقترب ما استطعنا من مسار الحقيقة والشرف والاهتمام والقلق على النتائج الإنسانية التي تصدر من أفعالنا التي نجحنا فيها أو التي فشلنا في إتمامها. «إنها كلها بديهيات، لكنها تستحق أن تبقى في ذاكرتنا وأذهاننا. وفي ما وراء البديهيات، علينا التوجُّه نحو المسائل المحددة للبحث فيها، والتقصي ومن ثم القيام بالفعل اللازم». نعوم تشومسكي، في لقاء صحفي عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر..
    ويكتب فرانسيس مدينق: "الأشياء التي لا تقال هي ما يفرق الناس". ويكتب الشاعر والناقد فضيلي جماع في قصيدته، كون الرصاصة وردة:

    "وأن التخفي..

    وراء الحروف الرموز..

    بعصر الوضوحِ جريمةْ!"

    السيد رئيس الحركة الشعبية..

    في منتصف نهار الثالث من فبراير 2005، تسلمتنا المخابرات الأرترية في قيادة حرس الحدود الأرتري بخطاب من استخبارات الحركة الشعبية (خطاب تسليم وتسلم)، ورحلتنا إلى داخل العمق الأرتري. ولم يستغرق الأمر بضع دقائق ثم تنقلنا بواسطة عربة إلى إحدى النقاط الحدودية التابعة لها في منطقة "أديبرة". لنبقى في الانتظار حتى السابعة من مساء نفس اليوم، وتقذف بنا بعد ذلك، على بعد ثلاثة كيلومترات من الحدود السودانية.

    في غضون أقل من ساعة وجدنا أنفسنا وقد تجاوزنا الحدود إلى داخل الأراضي السودانية، وسط بلدة عوَّاض التي استقبلنا أهلها كما يليق بأخلاق السودانيين، وعلى رأس مستقبلينا ذلك الرجل الشهم، صاحب مطعم الفول الذي قدمه لنا على طريقة (البوش) الشهية، الأمين محمد عثمان، واعضاء اللجنة الأمنية بـ"عواض" الذين استضافونا في دارهم بدلاً من الزنازين، وأذكر منهم إبراهيم موسى أوشيك وحسين. لنبدأ رحلة أخرى في ضيافة الاستخبارات العسكرية من مدينة كسلا حيث رئاسة اللواء السادس، التي التقينا فيها بالسادة (لا أعرف رتبهم العسكرية) محمد صالح، ذلك الحلنقي الدمث الأخلاق أو هكذا بدا لي، وحسن إدريس وعادل ضوالبيت وآخرين. أناس لا يشبهون ما نعرفه وما نسمعه عن الاستخبارات العسكرية. سألت السيد محمد صالح مباشرة عن هذا الأمر، فقال لي إن هذا مرده إلى تصرفات فردية لا علاقة لها بمنهج العمل. قلت له: ليته كذلك. ثم انتقلنا بعدها إلى مدينة القربة حيث قيادة استخبارات الفرقة التي استضافتنا وعلى رأسهم الرائد محمد الأمين وعمر وأيمن، واحاطنا أهل القرية وعلى رأسهم عبدالله أحمد عبدالله وبابكر أحمد الطيب وميسرة الأبوابي ود. طارق الخير. وتم ترحيلنا إلى قيادة المنطقة الشرقية بالفاو، ومن ثم إلى القيادة العامة بمكاتب الاستخبارات التي استقبلنا فيها السيد سيف والتجاني وعمر غرفة وغيرهما. لتستقبلنا الخرطوم أخيراً، ونحن نردد مع الشاعر محمد عبدالحي "الليلة يستقبلني أهلي ..."

    التفت ورائي -وأنا أتلمس خطاي في شوارع الخرطوم- لأجد الحركة الشعبية، وقد أنجزت مشروع السلام بتوقيعها على إتفاق نيفاشا بينها وبين الحكومة السودانية، لا يزال ينتظرها الكثير، بل ينتظرها مشوار طويل ستبدأه من نمولي وحتى حلفا ومن الجنينة حتى كسلا إن شاءت، أو أنها ستبقى على إنغلاقها من نمولي حتى حدود 1956م، إن هي آثرت ذلك. فهي، وقد وقعت ذلك الاتفاق المنفتح على كل الخيارات، أرجأت تحديد مسارها -المرتبط بمصير الوطن الواحد او ستصير قصة بلدين- إلى نهاية الفترة الانتقالية.

    إذاً الطريق مفتوح على مصراعيه أمامها، وعليها أن تعمل من أجل أي واحد من الخيارين بكل جدية واجتهاد. وإن كانت لا تزال تتبنى أطروحات مشروع السودان الجديد، فبناؤه ليس بالأمنيات ولكن بالعمل والسهر والسير في طريق مضنٍ .. طريق لا يشبه طرقات الغابة بتعرجاتها والتواءاتها وكثير موانعها، طريق منبسط .. ولكنه زلِق. فطرقات الغابة ترغمك على السير فيها وعلى جنباتها بحذر، وتحسب خطواتك حتى لا تقع في الشراك الملغمة المنصوبة على امتدادها، ولا تفاجئك الكمائن. على عكس الطرق المنبسطة التي تغريك بالسير بأقصى سرعة ولكن عليك أن تحسن القيادة حتى لا يفلت منك المقود فتجد نفسك منقلباً رأساً على عقِب في أحسن الأحوال.

    إن الشعب السوداني بقطاعاته المختلفة الذي ظل يتطلع إلى الحركة الشعبية، حتى قبل أن يختبرها ولا أن يقترب من محيط قدرتها على الممارسة السياسية التي يتطلع إليها، ينتظر منها مشهداً سياسياً مغايراً تلعب دورها فيه باقتدار. وهذا يتطلب منها -إن هي أرادت أن تبقى صورتها في ذاكرة الشعب كما يعتقدها- أن تبدأ في تفعيل ميكانيزماتها للإسراع بتحقيق التحول الداخلي لها لمواكبة متطلبات المرحلة المقبلة.

    أول المطلوبات هو فك الإرتباط التنظيمي بين هياكلها المدمجة. فبعد ان وقعت الاتفاق صارت مطالبة بخطوات تنظيمية إجرائية من النوع الثقيل، وهي أولوية قصوى لمقابلة التزاماتها. فالحركة الشعبية ستعمل في ثلاث جبهات رئيسية عليها توزيع كوادرها وقاداتها ومناصريها بعناية لشغلها بكفاءة. الجبهة الأولى هي جبهة السُّلطة، وتتفرع إلى عدة جبهات أولاها السلطة التنفيذية الاتحادية، والسلطة التشريعية الاتحادية وفي الولايات الشمالية، فحسب الاتفاق يفترض أن تشغل الحركة أكثر من 20% من السلطة. حكومة الجنوب وولاياته، بسلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية وعليها تغطية أكثر من 50% منها من جانب الحركة. إذاً هناك حكومتان مركزيتان، الحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب إضافة لحكومات 26 ولاية، يماثلها سلطة تشريعية بذات العدد.

    الجبهة الثانية هي العسكرية، فهي إضافة لجيشها الشعبي الذي سيظل مرابطاً حتى نهاية الفترة الانتقالية في ظل قيادة منفصلة، يتعين عليها تكليف قيادات في القوات المشتركة مع الحكومة حسب التوزيعات المشار إليها في بروتوكول الترتيبات العسكرية والأمنية. ويبدو المشهد أنها ستضطر إلى تصعيد الكثير من الكوادر الوسيطة لسد الثغرات الناشئة من جراء ترتيبات السلطة. وهي ما قبل التوقيع على اتفاق السلام ظل اهتمامها وتركيزها الأول على تدعيم قدراتها العسكرية، حيث ظل خيرة قادتها يباشرون العمل العسكري بشكل أو آخر. وهذا الفراغ الذي سيخلقونه بمغادرتهم لتلك المواقع لشغل مواقع لا علاقة لها بالعمل العسكري سيضعف من أداء الجيش الشعبي لفترة قد تطول وقد تقصر. هذا إضافة لمشاركتها في الأجهزة الأمنية الأخرى.

    أما الجبهة الثالثة والأهم فهي جبهة الحركة الشعبية السياسية. وهي الأهم لأنها سترتبط مباشرة بالجماهير والممارسة السياسية اليومية، مما سيكشف كثيرا من العورات إن هي لم تجوِّد الأداء، وتقصد إلى فعل سياسي مغاير، وتبتعد عن الغرق في مستنقع الممارسة السياسية التي عرفتها الجماهير طوال خمسين عاماً، وكانت السبب في هذا الدمار الذي تشهده البلاد ومات من مات بسببه من العباد.

    من خلال هذا الموجز، واضح أن الحركة الشعبية في موقف عصيب يضعها مباشرة أمام اختبار سياسي، الإجابات على أسئلته من الصعوبة بمكان، وتتطلب قراءة جيدة لقدراتها وخريطة واضحة المعالم لتحالفاتها. فالكراسي الشاغرة -على صعيد الجبهات الثلاث- أكبر من قدرات الحركة الشعبية لملئها إذا كانت تريد الجودة في أدائها خلال الفترة الانتقالية. وهي مرحلة لا تحتمل مناورات الغابة ولا سياسة رزق اليوم للوصول إلى مكاسب سياسية آنية.

    على صعيد السلطة فالحركة الشعبية شريك أساسي مع المؤتمر الوطني في الحكومة المقبلة، وبالتأكيد الحديث عن برنامج الحكومة بعيد عن هذه الحقيقة يبقى ضرباً من الوهم. فهو برنامج ستلقي عليه المرحلة السابقة بظلالها وسيلقي عليه الشريك الأساسي والحفاظ على ما تبقى له من مصالح بظلاله، كما ستلقى عليه الحركة الشعبية ومصالحها بظلالها. ثم إنه محكوم، في عمومياته، ببنود اتفاقية نيفاشا التي وقع عليها الطرفان، ولكن تظل تفاصيله تحتمل الحد الأدنى الذي يلبي مصالح الطرفين بشكل أساسي.

    ولكن الحركة الشعبية مطالبة بالإعلان عن برنامج سياسي يهدف إلى وضع اللبنات الأولى لمشروع السودان الجديد. وهو برنامج مزدوج يستهدف المواطن والسودان وخدمته من جانب، ويستهدف الإنسان السوداني في الجنوب والجنوب كإقليم من الجانب الآخر.

    إذا كانت مرحلة ما قبل السلام قد فرضت على الحركة الشعبية إقامة سلطتها المدنية منفردة في الأراضي التي سيطرت عليها، فهي مسؤلة الآن عن تحقيق التحول الديمقراطي في الجنوب، وهي التي لها اليد الطولى في السلطة فيه بموجب الاتفاق. وهي إن كانت مضطرة للتعامل وفق الواقع -الذي فرضه الاتفاق- على المستوى الاتحادي، ففي الجنوب سيتجلى مدى التزامها بما كانت تطرحه على المستوى النظري. وبالرغم من أنها استبسلت طويلاً على طاولة مفاوضات الإيقاد للوصول إلى تقنين شرعية سيطرتها على الحكم في الجنوب ومشاركتها في الحكم الاتحادي، إلاَّ إنه عليها إبداء مرونة كبيرة في تعاملها مع الآخرين وتمليكهم حقوقهم السياسية المشروعة التي ساهمت هي بشكل رئيسي في انتزاعها، وأن لا تطل شرعية نضالها الطويل وتضحياتها التي قدمتها طوال سنوات بوجهها وتلقي بظلالها وهي تحاول إبداء تلك المرونة. وتلك آفة (التشبث بالسلطة) لازمت كثير من الحركات الثورية والتهمت أطروحاتها ورؤاها وأفرغتها من محتوياتها الإيجابية.

    وهي لذلك مطالبة هنا -?في حكومة الجنوب- بوضع برنامج واضحة معالمه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منطلق من رؤاها وأفكارها حول السودان الجديد وكيفية بناءه. إن نجاحها -هنا في موطنها- في إنزال شعاراتها إلى أرض الواقع سيعزز كثيراً ويشكل دعماً قوياً لها وللمنادين ببناء السودان الجديد في كل السودان، ويؤكد قدرتها على الخروج من مآزق الشرعية الثورية إلى آفاق الشرعية الدستورية. وهي آفاق لها مسارات مختلفة عن مسارات الغابة، ولكنها مليئة بالعقبات.

    كما وأن مسؤولية كبرى تقع على عاتقها في دعم وتقوية النزعات الوحدوية داخل تلك البرامج، فلا أحد مسؤول غيرها هنا -في الجنوب- أثناء الفترة الانتقالية عن ذلك. فمن خلال تلك البرامج يمكنها الدفع بمكونات ومقومات الوحدة إلى الأمام، إن هي أرادت لنفسها التمدد سياسياً من حلفا إلى نمولي. ففضاء النزعات الانفصالية، الذي ساهمت هي فيه بشكل أو آخر أثناء حرب التحرير الطويلة الأمد، هو الجنوب وليس الشمال. ويمكن لها أن تلعب دوراً سلبياً في ذلك إن هي قررت الاكتفاء بحكم الجنوب، وذلك بتقوية النزعات الانفصالية عبر برامج سياسية حكومية وحزبية تهدف إلى تقويض أركان الوحدة داخل ذهنية المواطن السوداني في الجنوب، دون أن يكون الشمال طرفاً فيها. إن الوحدة التي يسمونها جاذبة مسؤولية الحركة الشعبية أكثر من غيرها فهي الشريك الأصيل في الحكومة الاتحادية، وهي صاحبة الغنيمة الأكبر في حكم الجنوب. كما وأن الاتفاقية واضحة المعالم، وإن كانت بها عيوب لكنها ستظل تمتلك القدرة على صنع وحدة خلاقة في إطار التنوع السوداني وستبقى الحركة الشعبية هي حجر الزاوية في تحقيق ذلك.

    غير هذا فإن الدور الكبير المناط بها لعبه في الحكومة الاتحادية سيعزز من كفاءة أداء حكومتها في الجنوب. فهي غير أنها ستكون أكبر شريك في السلطة لحزب المؤتمر الوطني، فإن هيئة الرئاسة (أو مجلسها) لا تكتمل بدونها، هذا على مستوى كل القرارات ذات الشأن والتي تتطلب موافقة ممثلها في تلك الهيئة. وذلك سيسهل عليها فتح قنوات شمالية جنوبية تؤسس فعلاً لوحدة على نحو جديد، وحدة قائمة على التراضي .. قائمة على العدل والمساواة في الحقوق والواجبات.

    ومثل مطلوباتها جنوبياً، فإن لتعاملها في الحكومة الاتحادية، التي هي جزء منها الآن، ولدورها الذي ستلعبه داخل المسرح السياسي في الشمال، التي هي جزء منه، شروطه. فهي بعد فرضها لواقع جديد بتوقيعها على اتفاق السلام، وضعت حصانها أمام عربة الممارسة السياسية والتحول الديمقراطي والحفاظ على حقوق الإنسان. وهي إن واجهتها عقبات أثناء مرحلة الكفاح المسلح، كما يمكن أن تبرر هي أو تجد من سيبرر لها، فعليها الآن إحداث التحول الديمقراطي داخلها أولاً، بعقد مؤتمر تنظيمها السياسي المفروض فيه إجازة هيكلها التنظيمي وبرنامجها السياسي وكافة برامجها ومتعلقاتها الحزبية التي تحقق تلك الخطوة الهامة في مسيرتها.

    وطالما أن الساحة أمامها مفتوحة على مصراعيها الآن، وأن الجماهير صارت تتطلع إليها كبديل سياسي قوي، بعد أن كانت تتطلع إليها كقوة عسكرية ضاربة، فإن عليها الترسيخ لممارسة سياسية مغايرة وجادة بدلاً من الممارسات السياسية (المصلحية)، التي ظلت متبعة منذ عقود ومعتمدة على مناهج غير سوية مثل المؤامرات والدسائس والكيدية، والتي وقعت في حبائلها مثل غيرها، وانغمست فيها أثناء فترة كفاحها المسلح. فالحركة الشعبية ما عادت تلك النجمة البعيدة المضيئة بالنسبة لجماهير الشعب السوداني التي ظلت تنتظر بيانات انتصاراتها العسكرية عبر الراديو والفضائيات وخطبها النارية ضد الأنظمة الحاكمة، بل هي الآن قلب السلطة الحاكمة وجسد سياسي يتحرك وسطها، وفكر وبرامج وممارسة عليها أن تلامس الواقع حتى تتفاعل معها تلك الجماهير وتحاكمها على اليومي منها والاستراتيجي.

    السيد رئيس الحركة الشعبية..

    أعلم أنني أثقل عليكم بتلك الرسالة المطولة، وأن وقتكم ليس فيه من المجال ما يسمح لكم بقراءتها فالمهام التي أنتم مطلعون بها جسام. ولكني أثق في أنكم متى ما وجدتم الوقت اللازم لقراءتها ستولونها عنايتكم. لذلك دعني أتقدم باعتذار متأخر عن تكبدكم مشقة قراءتها.

    سيدي الرئيس..

    إنني وإن قررت مخاطبتكم مباشرة عبر هذه الرسالة المطولة، فإنني آثرت تمليكها للكافة. فهي تجربة لم تعد تخصني او تخص الحركة الشعبية فقط، بل هي ملك للعامة طالما ارتبطت بالممارسة السياسية ومنهج الإدارة الحزبية، وطالما "انتهى عصر التخفي وراء الحروف الرموز." وأهدف من وراء نشرها إلى عرض وجهة نظري الخاصة فيما حدث من جانب، وفي تلمسي لجوانب اعتقدت أنها مهمة في ممارسة ومسيرة الحركة الشعبية من جانب آخر. إضافة إلى بعض الرؤى التي قد تبدو وجيهة وتتفق مع رؤاكم لمجمل الممارسة السياسية في السودان.

    كما أهدف من وراء نشرها إلى إنصافي من الظلم الذي وقع عليَّ من قيادتكم في الجبهة الشرقية، ولست أسعى من وراء ذلك إلى إنصاف مادي، بل ستنصفونني بكل حيادية إذا ما ارتقت الحركة الشعبية بالممارسة السياسية السودانية إلى آفاق الشفافية وترسيخ مفاهيم الممارسة الديمقراطية الحزبية أولاً وعلى مستوى الدولة والمجتمع ثانياً. كما ستنصفونني بتعزيز أركان مشروع السودان الجديد عبر برامج واضحة تهدف إلى إزالة الفساد وقطع دابره، وإلى تنمية حقيقية تنهض بالسودان جميعه. وإلى قطع الطريق أمام التجاوزات لحقوق الإنسان. وذلك لن يتم إلاَّ بقدرات كبيرة وعبر آليات عمل ضخمة ومن خلال حشد أوسع للطاقات. هذه الحركة الشعبية التي ظل الكثيرون يتطلعون إليها، وهي قادرة على تحقيق ذلك إن شاءت، كما وأنها قادرة على إزالة كل التشوهات الملتصقة بجسدها وتلك الأورام قبل أن "تتسرطن"، إن هي تجاوزت تلك العقلية الاستعلائية المقابلة لإستعلاء (المركز) أو كما يقول الفيزيائيون "المساوية له في المقدار.. المضادة له في الاتجاه".

    السيد رئيس الحركة الشعبية..

    اسمح لي وعبر هذه الرسالة الموجهة لكم أن أتقدم بالشكر إلى العديد من الأطراف والأشخاص الذين لا يسعني إلاَّ أن أفعل ذلك تجاههم. وأبدأ أولاً بكل من وقف إلى جانبنا مؤازراً ومنتصراً لقضيتنا، وإلى كل من قدم لنا مساعدة من أي نوع ونحن داخل أسوار السجن، ولكل من طالب بإطلاق سراحنا أو عمل عليه بأي درجة.

    وأخص بالشكر الكاتب الكبير الأستاذ محمد محمد خير، الذي حيَّر الأرتريين بكتاباته النافذة وعباراته الرشيقة التي ناصرتني وشدت من عضدي وأنا أرزح تحت وطأة القهر المخابراتي الأرتري، والتي قرأتها بشغف وفخر بعد خروجي.

    وللصديق (الفذ) عادل عبدالعاطي الذي لم يأل جهداً ولم يترك منبراً إلاَّ وطرقه من أجل التبصير بأمر إعتقالنا ونشره، ووقوفه بصرامة وقوة مطالباً بإطلاق سراحنا، سواء من المعتقلات الإرترية أو سجون الحركة الشعبية، إنطلاقاً من مبدأ ثابت وعقيدة راسخة بحق الإنسان في الحرية. له الشكر الذي يستحقه، وكذلك الصديق معتز عثمان عبدالرحمن (الفحل) القيادي في الحركة الوطنية الثورية وعضو المكتب التنفيذي للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي كانت لزيارته لنا، إبان وجودنا في المعتقلات الأرترية، فعل السحر وكبير الدعم المعنوي، وكان لدعمه العيني الذي سربه إلينا رغم أنف الحراسة الإرترية كبير الأثر في نفوسنا، والشكر أيضاً للأستاذ أحمد عبدالرحمن، القيادي في تنظيم مجد، الذي كان لزيارته ولذلك التنوير الضافي الذي قدمه لنا كبير الأثر في تجاوزنا لتلك الفترة العصيبة، أيضاً إلى بعض أفراد سرية الجيش الشعبي التي كانت ترابط قرب موقع اعتقالنا لدى المخابرات الإرترية وتؤدي مهام إدارية هناك. وأفراد قوة الحركة الثورية الذين لم يبخلوا علينا بتقديم العون. ولأولئك الصامدين من قوات التحالف السودانية الذين اخترقوا كل حواجز العزلة المضروبة حولنا وهم يسربون إلينا الأخبار الشفاهية والأوراق التي تحمل الكثير مما جعلنا نواكب الأحداث دون انقطاع ونقيم موقفنا بشكل أقرب إلى الصحيح من ناحية، وتكفلهم بمدنا بكل ما نطلبه عينياً في حدود قدراتهم.

    ولن يفوتني في هذه السانحة التقدم بالشكر لأفراد بعينهم في الجيش الشعبي، وعلى رأس هؤلاء أفراد سجن "ربدة" (مشار) رقيب السجن، أنقوي، مديت، دينق ذلك الدينكاوي القصير الذي قدم لنا الكثير من العون من حُرِّ ماله كما يقال، جستنياك أو "مكاناموتو"). وللذين رافقونا رحلة السجن وعلى رأسهم من الضباط (مشار أتوير، ماكوير، ديفيد، ستيفن) ومن الأفراد (مجوك، أبو حديد، أليكو، مشار، وغيرهم) ومن الأسرى (الهادي وعبدالباقي وغيرهما).

    وفي سجن "خور ملح" من الإدارة (الملازم طون، مجاك، دينق مرتاح، بيتر) ومن النزلاء (عيدي، أكوت أكوت، جمال، محمد علي حماد، عبدالله حجر، عمنا إلييا، وكثيرين آخرين)، كل هؤلاء وغيرهم من الذين قدموا لنا العون بشكل أو بآخر، كان لهم الدور الأساسي في تجاوزي تلك المرحلة بقساوتها وجفافها، وخففوا علينا وطأة السجن ومحاولات القهر التي حاول السادة الكبار ممارستها ضدنا. فلهم جميعاً كل تقدير.
                  

09-18-2005, 05:51 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    الأخوة/ات
    أرجو أن أنوه إلى أن "ست جلدات سراع" هي خاتمة الحلقات التي نشرتها جريدة الشرق القطرية. أرجو أن تكون قد حملت بين طياتها ما يفيد، وأن لا أكون قد أثقلت عليكم بقراءة رسالة طويلة.
    مع تقديري
    أمير بابكر عبدالله
                  

09-18-2005, 01:03 PM

عبدالرحمن عثمان

تاريخ التسجيل: 03-27-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    الأخ أمير بابكر
    موضوع رائع وسرد ادبى اروع
    ما نتوقعه منك ان ترسل رساله مطوله للانتهازى تيسير محمد احمد الذى باعكم بارخص الاثمان وانا مستعد لمدكم بمعلوماتى حول هذا الرجل الحقير
                  

09-18-2005, 03:49 PM

zoul"ibn"zoul

تاريخ التسجيل: 04-12-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    Quote: موضوع رائع وسرد ادبى اروع



    Couldn't add more. UP UP UP
                  

09-19-2005, 01:10 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: zoul"ibn"zoul)

    الأخ عبدالرحمن عثمان
    أشكرك أولاً . ولكن هل تعتقد أن تيسير محمد أحمد يستحق رسالة مطولة، أنا شخصيا لا أعتقد فهو لن يستفيد منها ولن تغير من واقع وصفك له. أما بخصوص المعلومات التي ذكرت بأنك سترسلها إضافة لما أعرفه أنا وغيري فأعتقد أن من حق شعبنا أن يعرفها ليس من باب التشفي، فالضرب على الميت حرام، ولكن من باب أن يعلم كيف يظلمه أبناؤه الذين يحاولون التصدي للعمل العام من منطلقات ذاتية.
    لك التقدير مرة أخرى

    الأخ Zoul
    لك التقدير على التثنية

    أمير بابكر عبدالله
                  

09-22-2005, 06:23 PM

zoul"ibn"zoul

تاريخ التسجيل: 04-12-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    سلام

    قلنا نرفع البوست لى مزيد من التعليقات

    و شكرا
    زول بن زول
                  

09-23-2005, 10:01 PM

Abubaker Kameir

تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: zoul"ibn"zoul)

    الاخ العزيز امير


    بعد التحية و الاحترام


    حمد للة علي السلامة ... الرجاء مدي بتلفونك علي الاميل:


    [email protected]


    ابوبكر كمير
                  

09-24-2005, 09:09 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: Abubaker Kameir)

    الأخ زول بن زول
    لك التحية مرة أخرى

    الأخ أبو بكر
    لك التقدير
    وسعيد أن أسمع منك بعد طول غياب
    أمير بابكر
                  

10-01-2005, 01:41 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    عشيةهذا اليوم أي في الثلاثين من سبتمبر من العام الماضي تم ترحيلنا من سجن الاستخبابرات الأرترية إلى سجن الحركة الشعبية في منطقة ربدة بالجبهة الشرقية. وفي مثل هذا اليوم مساءاً تم جلدنا بواسطة طاقم حراسة السجن من أفراد الجيش الشعبي
                  

10-01-2005, 06:59 AM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    ***
                  

10-02-2005, 12:44 PM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: برير اسماعيل يوسف)

    العزيز امير بابكر

    سلام و تحايا

    هل هنالك رد علي تلك الرسالة المطولة من قبل رئيس الحركة الشعبية ام ان الحكاية اسكت خليها ساكت؟

    (عدل بواسطة برير اسماعيل يوسف on 10-04-2005, 06:19 PM)

                  

10-02-2005, 11:51 PM

Dr.Ibrahim Kursany

تاريخ التسجيل: 07-22-2003
مجموع المشاركات: 49

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: برير اسماعيل يوسف)

    الأخ الفاضل أمير
    انه بحق توثيق مهم لحقبة تاريخية فى غاية الأهمية, ولحسن حظنا, لا يزال شهودها أحياء حيث أصبح انكار الحقائق التاريخية منهجا للبعض, أفرادا كانوا أو مؤسسات. وفوق هذا وذاك, فهو مساهمة فكرية هامة تم عرضها بلغة عربية رصينة وفصيحةوبأسلوب أدبى غاية فى الرقى. و الأهم من ذلك فقد كتبت بقدر عال من الموضوعية تطلب حضورها توفر الكثير من الصرامة المنهجية التى تمكن صاحبها من تجاوز المرارات الشخصية مهما بلغ عمق جراحها!! أعتقد أن الكتاب المرتقب سيكون اضافة نوعية فى الأدب السياسى يضاف الى المكتبة السودانية, التى آمل أن يرفدها أمير وأمثاله من النابهين بما يثريها كما ونوعا. وألف حمد الله على السلامة.
    ابراهيم الكرسنى
                  

10-03-2005, 01:44 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: Dr.Ibrahim Kursany)

    الدكتور إبراهيم الكرسني
    لك التقدير على تكبدك عناء القراءة وعلى رأيك الإيجابي، وهي شهادة أعتز بها تضاف إلى بقية الآراء الواردة من جميع الأخوة هنا. ورغم ذلك أوصت لجنة المصنفات الفنية والأدبية بعدم نشر هذا الكتاب. سأنشر تقرير اللجنة في موضع منفصل.
    تقديري مرة أخر
    أمير بابكر
                  

10-03-2005, 07:47 AM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    ***
                  

10-03-2005, 09:14 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: برير اسماعيل يوسف)

    الأخ أمير
    أولا حمدا لله على سلامتكم
    ثانيا استمتعت جدا وما زلت، بقراءة هذا الكتاب من جانبه الابداعي وأتطلع بشغف لقاءة روايتيك
    ثالثا على مستوى التوثيق، يبقى هذا الكتاب في تقديري وثيقة في غاية الأهمية، على أن صورتها لا تكتمل إلا بتوضيحات من طرف الحركة الشعبية حول هذه الوقائع بنفيها أو تأكيدها مع اعتذار واضح وشفاف عن هذه الممارسات
    رابعا على مستوى مراجعاتك الفكرية لمواقف وطروحات الحركة الشعبية، أعتقد أنك أثرت أسئلة جوهرية خصوصا وأنك عايشت عن قرب كوادر قيادية ووسطى وقواعد في الحركة الشعبية، ولا شك أن ذلك يفجر جدلا حاميا حول الرؤى والتطبيق، والمرئيات والقناعات والجانب العملي، وليت الوقت يتوفر لنا جميعا للاسهام نقدا وتجريحا وتقريظا لهذا الكتاب لتعم فائدته بهدف اصلاح منظوماتنا السياسية كلها
    مع وافر محبتي
                  

10-03-2005, 10:42 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: خالد عويس)

    أشكر الأخوين برير وزول بن زول على اهتمامهما برفع هذا البوست دائماً.

    الأستاذ خالد عويس
    لك التحية والتقدير
    أشكرك على تحمل قراءة هذه الرسالة ورأئك الإيجابي حولها، وأشكر لها أن وجدت بين ثناياها بعض من متعة. بخصوص المسائل الفكرية فهي تحتمل الاتفاق والاختلاف إن اتسعت الصدور وإن كنا نسعى لفائدة عامة.
    بكل أسف ليست لدي نسخ من الروايتين وإلا كان من دواعي سروري أن أبعث لك بهما، إن كنت تحتمل قراءتهما عبر البريد الإلكتروني سأرسلها لك عبره فقط أرجو ان ترسله له.
    لك التقدير مرة أخرى
    أمير بابكر عبدالله
                  

10-03-2005, 10:42 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: خالد عويس)

    أشكر الأخوين برير وزول بن زول على اهتمامهما برفع هذا البوست دائماً.

    الأستاذ خالد عويس
    لك التحية والتقدير
    أشكرك على تحمل قراءة هذه الرسالة ورأئك الإيجابي حولها، وأشكر لها أن وجدت بين ثناياها بعض من متعة. بخصوص المسائل الفكرية فهي تحتمل الاتفاق والاختلاف إن اتسعت الصدور وإن كنا نسعى لفائدة عامة.
    بكل أسف ليست لدي نسخ من الروايتين وإلا كان من دواعي سروري أن أبعث لك بهما، إن كنت تحتمل قراءتهما عبر البريد الإلكتروني سأرسلها لك عبره فقط أرجو ان ترسله له.
    لك التقدير مرة أخرى
    أمير بابكر عبدالله
                  

10-03-2005, 10:56 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)
                  

10-03-2005, 11:42 AM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: خالد عويس)

    Quote: الأخوة/ات
    أرجو أن أنوه إلى أن "ست جلدات سراع" هي خاتمة الحلقات التي نشرتها جريدة الشرق القطرية. أرجو أن تكون قد حملت بين طياتها ما يفيد، وأن لا أكون قد أثقلت عليكم بقراءة رسالة طويلة.مع تقديري
    أمير بابكر عبدالله


    معقول يا امير ؟؟؟؟؟؟

    انت فتحت عيونا عن حقائق اراد لها الكثيرون هنا بالمنبر ممن ينتهجون الكيبورد نضالا لاخفاء الحقائق ولا ادري لماذا فاي ثمن سيبقضونه مقابل ستر ماسي الحركة الشعبية وانتهاكاتها لانسان السودان مثلها مثل شريكتها الحركة الاسلاموية .. يكفي انك امدتنا بالحقائق التي عجز هؤلاء الاخوة من الدخول وتفنيدها وعجزت كذلك ترسانة الحركة الشعبية الاعلامية المدعومة الان من اعلام النظام ...

    يا ليت ياتي واحدا منهم لينفي ما اتيت به .. ولكن لا يجرون على ذلك

    انها الحقائق المؤلمة
    لكثرت ما عانى شعب السودان من جور ابنائه

    لكم الله
                  

10-03-2005, 06:37 PM

zoul"ibn"zoul

تاريخ التسجيل: 04-12-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    Quote: معقول يا امير ؟؟؟؟؟؟

    انت فتحت عيونا عن حقائق اراد لها الكثيرون هنا بالمنبر ممن ينتهجون
    الكيبورد نضالا لاخفاء الحقائق ولا ادري لماذا



    Ya Umdah ramadan mubarak

    I thought you are in the honey moon. Did you already finish
    it and became bored and came back to the board. Ya man you
    are coming to this posting very late. But it is better to come
    than never come. UP UP for the post and my profile picture is
    a gift for all children rights advocates
    Thank you
                  

10-03-2005, 07:46 PM

صباح حسين

تاريخ التسجيل: 11-28-2004
مجموع المشاركات: 402

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: zoul"ibn"zoul)

    حمدا لله الرداك سليم ومعافي لأمك وبتجربتك تحكي لينا عن مأساة بلد بتباع من جوة وبرة وأول من يخسر فيه الصادقين أمثالك..قليلي الكلام وعظيمين العطاء ...كم مننا من عاني مثلك , فانت احسن مننا كلنا ولله...والحق يتقال عادل عبدالعاطي الراجل الأصيل دافع عنك دفاع الأبطال فالتحية ليه من بعدك.


    صبوحة
                  

10-04-2005, 01:36 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: صباح حسين)

    الأستاذة صباح
    لك التحية وأمي بتسلم عليك
    والتحية للأخ عادل من هنا أيضاً
    كثيرون عانوا أضعاف ما عانيت وفي مواقع كثيرة، ولكننا علينا تحويل معاناتنا تلك إلى فعل إيجابي. هذا ما حاولت أن أفعله وليتني أنجح ولو بنسبة متواضعة.

    أمير بابكر
                  

10-04-2005, 09:15 AM

صباح حسين

تاريخ التسجيل: 11-28-2004
مجموع المشاركات: 402

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    شكرا أخ أمير وتسلم أمك وأمنا جميعاّ، لكن لي سؤلان :

    هل تري أي أمل في إصلاح الخاصل بعد أن تخلت المقاومة عن سلاحها وصالحت أو بالأحري إستسلمت فيه المعارضة للنظام، هذا النظام الذي باع حتي منظره وكل من دخل معه من قبل ويعمل بقانون القوي ياكل الضعيف
    هل لا زالت مجموعتكم قوية متماسكة وماهو الحل وقد ذهب أبوخالد للخرطوم ولم يسمع لكم حس للمعارضة من بعدها...افتني بربك
                  

10-04-2005, 06:27 PM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: صباح حسين)

    ***
                  

10-04-2005, 10:13 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: برير اسماعيل يوسف)

    المناضل بحق امير بابكر


    هذه الرسالة تدخل فى عداد تاريخ السودان المخزى...

    وصفحاته الاكثر قذارة.

    وهى تعبير راقى وصادق يتلمس القارئ بين سطوره نوع وحجم ماساة هذا الوطن المنكوب.

    ومالم نواجه هذه الحقائق ومثلها من كل حدب وصوب..

    ونتصدى لها بصدق ورغبة اكيدة فى الخروج بالسودان من هذا المأزق التاريخى...

    فسوف نظل ندور فى هذه الدائرة اللعينة..

    خاصة وان الحركة الشعبية بتوقيعها مع نظام الجبهة امدت فى عمر مأساتنا..

    وامدت فى عمر هذا النظام...

    واربكت المعارضة كثيرا..

    واقدم اعتذارى الشديد قى التقصير فى الدخول طوال هذه الفترة والبركة فى محمد حسن

    العمدة الذى لفت نظرى الى البوست..



    خالص الاحترام والتقدير

    وانحناءة كبيرة لك ولكل بطل/ة سودانى نظيف...
                  

10-05-2005, 02:05 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nour tawir)

    نور تاور
    تحية وتقدير
    اتفق معك في أن كشف الحقيقة لأنفسنا ومواجهتها هو مفتاح الباب الذي يقود إلى طريق المعالجات.
    أمير بابكر
                  

10-05-2005, 01:57 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: صباح حسين)

    الأستاذة صباح
    تحية
    لو لم يكن هناك أمل لما تكبدت مشقة التفكير في طرح هذين السؤالين.
    وقصة المعارضة المسلحة طويلة وتحتاج لجهد جماعي لكشف جوانبها من مختلف الزوايا، ففي تلك الزوايا تكمن توضيحات يمكن أن تقود لإجابة عن سؤال مثل هل تخلت (المقاومة) عن سلاحها، وهل هي وجهته ضد النظام فقط، أم كان في إحدى اتجاهاته موجه ضد بعضها البعض وبصورة أكثر شراسة. ولكن يبقى سؤال أساسي وهو لماذا رفعته أصلاً وكيف رفعته؟
    أما (مجموعتنا) فهي مثلها مثل كل المجموعات صغيرها وكبيرها تعاني ما تعاني من ضعف بعضه موضوعي وأغلبه ذاتي، في الوقت الذي يبدو الطرف الآخر في السلطة قوياً ومتماسكاً، ولكنه (يبدو) لما تتوفر لديه من قدرات وإمكانيات دولة عرف كيف يستغلها لصالحه، ولكنه بعيداً عن ذلك سنلمح فيه كثير من تلك المظاهر التي تعتري (المقاومة) ومن حقك أن تنزعجي لها.. فقط أن لا يصيبك اليأس .. فدائماً هناك أمل.
    تقديري
    أمير بابكر عبدالله
                  

10-05-2005, 03:46 AM

محمد ابراهيم قرض

تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1871

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    Quote: كما أهدف من وراء نشرها إلى إنصافي من الظلم الذي وقع عليَّ من قيادتكم في الجبهة الشرقية، ولست أسعى من وراء ذلك إلى إنصاف مادي، بل ستنصفونني بكل حيادية إذا ما ارتقت الحركة الشعبية بالممارسة السياسية السودانية إلى آفاق الشفافية وترسيخ مفاهيم الممارسة الديمقراطية الحزبية أولاً وعلى مستوى الدولة والمجتمع ثانياً. كما ستنصفونني بتعزيز أركان مشروع السودان الجديد عبر برامج واضحة تهدف إلى إزالة الفساد وقطع دابره، وإلى تنمية حقيقية تنهض بالسودان جميعه. وإلى قطع الطريق أمام التجاوزات لحقوق الإنسان. وذلك لن يتم إلاَّ بقدرات كبيرة وعبر آليات عمل ضخمة ومن خلال حشد أوسع للطاقات. هذه الحركة الشعبية التي ظل الكثيرون يتطلعون إليها، وهي قادرة على تحقيق ذلك إن شاءت، كما وأنها قادرة على إزالة كل التشوهات الملتصقة بجسدها وتلك الأورام قبل أن "تتسرطن"، إن هي تجاوزت تلك العقلية الاستعلائية المقابلة لإستعلاء (المركز) أو كما يقول الفيزيائيون "المساوية له في المقدار.. المضادة له في الاتجاه".


    لله درك أخي أمير و أنت تتسامى فوق كافة الجراحات
    الشخصية و لقد سطر قلمكم من الترويع النفسي و الجسدي
    ما يكفي للكفر بكافة شعارات النخاسة السياسية ، لنراك
    لم تزل عاضا بالنواجز على تلكم القيم النبيلة التي ناضلتم
    بالغالي و النفيس من أجلها ...

    ما أعظمك أخي أمير و كل هذه الأهوال لم تمنعك من إسداء النصح
    لجلاديك ، و دافعكم حلم سرمدي برؤية الوطن مغعما و مترعا
    بتلكم المبادئ النبيلة التي تحملتم الكثير من أجل رؤيتها
    واقعامعاشا يمشي بين الناس ... فهل يتواصل مسلسل الخيانة
    و الخزلان ؟؟؟؟؟؟ القومة ليكم يا أمير ..

    (عدل بواسطة محمد ابراهيم قرض on 10-05-2005, 03:51 AM)

                  

10-05-2005, 12:35 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: محمد ابراهيم قرض)

    امير بابكر



    (لم يتعرف عليَّ الدكتور "علي خيراوي" بادئ الأمر، فقد تغيرت هيأتي في تلك الأشهر الثمانية نتيجة ظروف السجن، ولكنه احتضنني في مودة كبيرة وهو مأخوذ بالدهشة والحيرة التي اكتشفت سببها. فقد أشاعت المخابرات الأرترية بعد إعتقالي بأنني غادرت إلى السودان. قال لي "خيراوي" كنت أعتقد أنك في السودان وبين أهلك"!! رددت عليه بابتسامة ضعيفة، بأنني هنا في "خور ملح" وفي حلقي معلق "فص ملح". كان ذلك أول ارتباط لي وللآخرين بالعالم الخارجي، انتهزت فيه الفرصة للحصول على أكبر قدر من المعلومات التي أريدها. ولكنه كعادته لم يكن له اهتمام كبير بما يدور سوى مهنته، وواضح من دهشته التي استقبلني بها أنه اكتفى بالشائعة التي أفادت بمغادرتي للسودان، رغم قرب محيط تحركه من مناطق وجودنا وانتشار خبرنا. ولكن كان مهماً بالنسبة لي أن أملكه كل المعلومات عن وضعنا والظروف التي نعيشها، وأسماء المعتقلين معي ومعلومات تفصيلية عنهم تحسباً لأي ظرف طارئ)...


    يا اخ امير بابكر

    هكذا الحركة الشعبية(ست الاسم)

    فهى سوف لن تعقب بكلمة واحدة!

    لؤم مركز(مع تشديد وفتح الراء)...



    ...............
    الوحش يقتل ثائرا

    والارض تنبت الف ثائر

    يا كبرياء النفس

    قسما

    لو متنا

    لحاربت المقابر...
                  

10-06-2005, 06:56 AM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    ***
                  

10-06-2005, 12:29 PM

صباح حسين

تاريخ التسجيل: 11-28-2004
مجموع المشاركات: 402

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: برير اسماعيل يوسف)

    شكرا أخ أمير ونحن في إنتظار سنوات قادمة تتضح فيها الأشياء أكثر وأصحاب القضايا من تجار الكلام والسلطة....وسيتضح فيها من سيختار السلطة ومن سيختار الشعب ومن هو صابر علي القضية ومن هو منتطر لأول اشارة أو وزارة أو أو


    دمتم



    صبوحة
                  

10-08-2005, 08:12 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: صباح حسين)

    وإلى متى ننتظر أستاذة صباح من يختار السلطة ومن يختار الشعب، لماذا لا نعمل على أن يختار الشعب سلطته بملء إرادته، بعيداً عن كل التشوهات والمضللات. لننتظر هذا اليوم على الأقل، يوم أن يختار الشعب سلطته.
                  

10-08-2005, 02:55 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    امير بابكر


    سلام

    هذا البورد يؤكد كلما جاء فى رسالتك تجاه الحركة او شريكتها الانقاذ(بنات ابليس)..

    والحركة فى مثل هذا البوست سوف لن ينعم الله سبحانه وتعالى عليها بكلمة واحدة...

    ظنا منها ان المظلوم سوف يتعب وينسى الامر...


    وكما ورد فى رسالتك التاريخية:

    سأقول لكم ما تهربت قيادتكم من الاستماع إليه ورفضها حتى الرد على طلب رغبتنا في لقائها بالسلب أو الإيجاب، وسأبدأ بطرح ذات التساؤل، وهو، لماذا وافقت الحركة الشعبية أن تكون شماعة للمخابرات الإرترية بعد أن تزايد الضغط عليها من أجل إطلاق سراحنا؟ والإجابة عندي تحتمل ثلاثة تفاسير لا رابع لها، أولها أن الحركة الشعبية متواطئة مع الجبهة الشعبية الإرترية في قضية التحالف، وثانيها أن ما حدث قد وافق هوى قديم داخلها فمضت بكل قوة تعمل على تعميقه، أما ثالثها فهو أن الحركة الشعبية رضخت للضغط الإرتري بنقلنا إلى سجونها.).....انتهى

    واقول:

    هناك (ابطال) للحركة فى هذا البورد..

    وارزقية..يعنى مدفوعين الاجر..

    و يوجد ايضا مشجعين, يعنى (fans)..

    مثل مشجعين فرق الكورة,

    ما أن تأتى بسيرة الحركة حتى تخرج لك انواع من الذئاب يسيل لعابها وتتطاير عيونها

    شررا. ( وفى الفاضى. اجبن منهم ما شفت).

    ثم يبدأون فى تفريغ قاموس لغوى مقتبس من عموم مكتبات مدارس ابليس...

    يتبعهم بعد ذلك طابور المشجعين الذى ذكرت..

    ال fans...

    الذى تخصص فى( فرش الملاية الاسكندرانى)!

    .................


    ولكن فى حالتك هذة...

    وبما أنك لست شاهد عيان فقط , ولكن مكتوى بنيران الحركة وتأمراتها,

    فسوف (لن يهوب احدهم ناحيتك)..

    الجبنا...

    منذ متى يعمل هذا البوست؟

    هل مر احدهم/ن من هنا؟!

    اهم ديل ابطال السودان الجديد يا امير...

    اللى اول حاجة عملوها انهم يتنكروا للحرروهم من قبضة الانقاذ

    اللى هم النوبة واخرين من مناطق السودان المختلفة.

    نتفق فى الاول يا امير فى ان من تتحدث عنهم فى هذه المذكرة او من يمت اليها بصلة,

    بشرا!

    واعذرنى على هذا الدخول المتكرر

    لاننى حينما اتذكر انتهاكات الحركة

    والاستهبال البيعملوه على شعب السودان باسم الوحدة

    والولوله بتاعة كتلونا وضربونا وهم ابشع من عموم الحكومات السودانية الوطنية

    وأنظمته الاستعمارية,

    بجينى وجع قلب...
                  

10-09-2005, 02:49 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nour tawir)

    نور تاور

    سلام

    لا عذر لك أن لم يتواصل دخولك طالما الهم بحجم وطن.

    (نتفق فى الاول يا امير فى ان من تتحدث عنهم فى هذه المذكرة او من يمت اليها بصلة,

    بشرا!)

    هم حقيقة بشر ولذلك لن نملّ الحديث معهم وعنهم وإليهم، ولنجعل هادينا ما نراه مصلحة عامة وهو ما يجعل حجتنا قوية وقلوبنا أقوى، لأن أرضيات المصالح الخاصة جبانة وهي قابلة للإزاحة أو التجريف، ولكنها ستظل متواجدة وتعبر عن نفسها في أشكال الهتيفة ومن قلت عنهم أرزقية وحتى الFans
    لك التقدير
    أمير بابكر
                  

10-08-2005, 10:11 PM

zoul"ibn"zoul

تاريخ التسجيل: 04-12-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    Quote: فسوف (لن يهوب احدهم ناحيتك)..

    الجبنا...

    منذ متى يعمل هذا البوست؟

    هل مر احدهم/ن من هنا؟!

    اهم ديل ابطال السودان الجديد يا امير...



    Nour
    Ramadan Kareem

    The term cowards that is
    الجبنا
    is rather a nice diplomatic gesture
    I suggest a much stronger term, that
    really fits the deed
    Thank you
                  

10-09-2005, 10:34 AM

صباح حسين

تاريخ التسجيل: 11-28-2004
مجموع المشاركات: 402

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: zoul"ibn"zoul)




    نعمل بياتو تنظيم وياتو أمل...ما هو داخلها بقي خارجها وخارجها بقي داخلها...الحركة الشعبية اصبح كلامها وعنوانها هو كلام وعنوان الحكومة مع بعض البهارات
    ورغم إنه ناسها في المنبر بيظهرو لسع كأنهم في معارضة الحكومة ، إلا إنه ناسهم في الحكومة موقفهم بقي أهزل من الترابي...الميرغني موقفه ما واضح ، نقد وكدودة آخر ود ومحنة مع المؤتمر الشعبي ، التجمع حيدخل البرلمان ، الحكومة فلحت في تفتيت الحركات في الغرب والشرق ، أبوخالد والبعث والمسقلين وناس الليبرالي لا أثر ظاهر لهم، الصادق بدأ يحن من جديد لنسيبه وكأنوا الإنصاري بيلدغ من نفس الجحر حداشر مرة..
    وبعد دا يا أمير تقول لي نتنظم
    مع منو؟ ولي شنو؟



    صبوحة
                  

10-09-2005, 11:18 AM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: صباح حسين)

    ***
                  

10-09-2005, 03:58 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: برير اسماعيل يوسف)

    الاخت المحترمة صباح حسين


    رمضان كريم


    الصورة التى رسمتيها للاسف صحيحة.

    ومن المؤكد هو ان تحالف الحركة مع الانقاذ هز ميزان المعارضة وشلها كثيرا..

    والحديث عن اى نوع من التغيير الان قد يؤخذ باستهزاء من المنتمين الى كافة الاجسام

    السرطانية المنتفعة فى السودان..

    ولكن..التاريخ لا يقف عند حد..

    وكل ما يحدث فى السودان اليوم له اهمية ايضا رغم سلبياته

    لانه وحتى يستقيم هذا البلد يجب ان تخرج كافة هذه الطفيليات والطحالب والسرطانات الى

    السطح ويتعلم الشعب السودانى الدروس الاكثر قسوة من قصص الخيانات والجرائم والنافع

    الشخصية وبيع البلد وشرائها.

    كل ذلك يجب ان يخرج الى السطح

    حتى يبدأ السودان من جديد

    ولكن بشكل صحيح...

    والسؤال الذي يتردد الان وسط السودانيين الوطنيين هو:

    ما العمل؟

    واين نبدأ؟

    سلام...
                  

10-09-2005, 04:10 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nour tawir)

    (وتدافعت إلى ذهني كل الصور، وتلك الرحلة من بورتسودان إلى الأببيض وصديقي البشوش بيتر قرنق دي كويك، والقائد باقان اموم الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الذي لا يصعد إلى مكتبه في مبنى المكتب التنفيذي قبل المرور على مكتبي وتنويري بما يجري أو باستخراج موضوع ما من الشبكة وغير ذلك، والقائد ياسر سعيد عرمان وطعم تلك الوجبة الدسمة التي دعاني ذات مرة إلى تناولها معه في المطعم الصيني، ود. برنابا بنجامين وهو يشجعني على مواصلة الكتابة ويدعم رغبتي في الكتابة عن الجانب الآخر للجيش الشعبي ويحمل خطابي بهذا المعنى إلى قيادته العليا ونسختين من الروايتين اللتين أصدرتهما في وقت سابق وهو يقول لي بأنهما سيكونان من ضمن منهج التعليم في المدارس في المناطق المحررة. ومع كل جلدة تتراءى لي صور أصدقائي ورفاقي وهم يبتسمون ابتسامات وكأنها تقول لتلك السياط القاسية كوني برداً وسلاماً).



    أزمة السياسة الحقيقية فى السودان هى

    الكذب والضحك على الشعب

    الاستهتار بكل مكونات أدميته

    استغلاله ابشع الاستغلال

    و بشتى الوسائل كلما وجدوا الى ذلك سبيلا

    وعدم احترام السياسيين السودانيين لانفسهم

    تماما مثل اى اسم ورد هنا...
                  

10-10-2005, 00:20 AM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nour tawir)

    ***
                  

10-10-2005, 07:42 PM

برير اسماعيل يوسف
<aبرير اسماعيل يوسف
تاريخ التسجيل: 06-03-2004
مجموع المشاركات: 4445

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: صباح حسين)

    ***
                  

10-12-2005, 03:13 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: برير اسماعيل يوسف)

    ****
                  

10-13-2005, 04:17 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5761

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    up
                  

10-13-2005, 11:58 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: الطيب بشير)

    سنظل نرفع راية استقلالنا.........

    ويسجل التاريخ عزة شعبنا.......
                  

10-14-2005, 09:31 AM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5761

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    ***
                  

10-14-2005, 10:17 AM

معتز تروتسكى
<aمعتز تروتسكى
تاريخ التسجيل: 01-14-2004
مجموع المشاركات: 9839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: الطيب بشير)

    خالص التحايا
    عزيزى امير
    مررت من هنا كثير ولكن الى الان ما انفكت عقدت قلمى فى ان اكتب شى
    او حتى محاولة رفع البوست وجده اكبر من اضعافا..
    عزيزى لعلك بخير اتذكر بانه من المفترض ان تقابل ..
    من اخر مه تقابلنا فيها عبر الماسنجر مع سفيان وكثير مانسله عنكم ولعلكم بخير
    ورمضان كريم
    وقيل بعافية..
    ساجتهد ان اكون حاضرا كاسر حاجز هذا البوست الرهيب وفظيع..
                  

10-14-2005, 04:31 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: معتز تروتسكى)

    اعتمدت الحركة –كما ذكرت- على الخريطة القبلية في قراءتها لوقع خطواتها المستقبلية، والتي أحدثت فيها ما أحدثته من نتائج كارثية خلال مسيرتها، مثلما حدث عند إنشقاق د. رياك مشار بقوته وقواته (القبلية) وهو من أبناء قبيلة "النوير" وقياداتها البارزين، ود. لام أكول، الذي ينتمي لقبيلة "الشلك" بقواته "الشلكاوية" وغيرها من تشظيات قبلية أصغر حجماً. وألقى الواقع القبلي بظلاله الكثيفة على الحركة في مناحي كثيرة الشيء الذي جعل فخامتكم –سيدي الرئيس- تجيبون في ضيق، مرة، على أسئلة صحفية بأن لا ذنب لكم في أنكم تنتمون إلى قبيلة "الدينكا" وأن لا ذنب لقبيلة "الدينكا" في أنها أكبر قبيلة في جنوب السودان أو في السودان. ورغم أن هذه حقيقة –لا ذنب لكم في ذلك- لكن تبقى الحقيقة الأخرى أن الحركة الشعبية فشلت في صياغة خطاب تعبوي من شأنه إزالة الإستقطاب القبلي الحاد داخلها، خلال مسيرتها النضالية الطويلة.



    اين (ناس)الحركة الشعبية فى هذا المنبر؟

    ولما هذا الموقف الغريب من هذا البوست؟

    ولماذا تصمت الحركة عادة عندما تواجه بجرائمها؟

    هل هذه المواقف امتدادأ لنظرية تأمر الصمت التى تتميز بها الحركة؟

    ام خجل من افعالهم؟

    اتمنى ان يكون خجلا..

    على الاقل نتلمس احساسا بالخطأ...

    مع خالص احتقارى لكل من شارك فى هذه الجرائم ضد الانسانية

    وفى كل سجون السودان...
                  

10-15-2005, 10:00 AM

عبدالكريم الامين احمد
<aعبدالكريم الامين احمد
تاريخ التسجيل: 10-06-2005
مجموع المشاركات: 32520

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nour tawir)

    يا نور تاور مع احترامي لكي ...
    الا تري ان تحالف مناضلي النوبة مع الحركة هو فقط
    من اعاد لتلك الجبال شموخها.....مش الكلام والفلهمة
                  

10-16-2005, 02:30 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: عبدالكريم الامين احمد)

    الأستاذة صباح
    لولا أن هناك أمل ما لما كان إصرارك على الكتابة، ولكنت قد تقوقعت وصرت كما بطل لجنة الروائي العبقري صنع الله إبراهيم وقد حكمت على نفسك بأن تأكليها.

    نور تاور
    اتفق معك تماماً في أن كل ما يحدث فى السودان اليوم له اهمية ايضا رغم سلبيا، وعندما سطت الجبهة بليل على السلطة لم يكن كل الأمر سيئاً، على الأقل كنت أراها كل يوم تتعرى أمام الجميع، منتسبيها، ومعهارضيهاإلى أن بدت ورقة شجرة التوت واضحة للعيان. وحتى هذه بدات تتآكل، وما عليها الان إلا أن تنظر في المرآة لترى عورتها كاملة. كان الكثيرون يحتاجون لذلك، يحتاجون لمعرفة أنها أرضية وليست سماوية حتى ينزعوا عنها صفة القدسية. وكان على الزمن أن يأخذ دورته، وأيضاً على الزمن أن يأخذ دورته الآن؟

    الأخ معتز تروتسكي
    ليتها تنفك عقدة قلمك، فكثيرة هي الموضوعات التي تحتاج لإضاءات.

    الأخ عبدالكريم الأمين أحمد
    تقديري
    ليس صحيحاً أن تحالف مناضلي النوبة مع الحركة هو (فقط) ما أعاد لتلك الجبال شموخها، بل نضال أبناء الجبال أنفسهم، وانخراط أعداد كبيرة منهم في الحركة الشعبية، لدرجة أن الحركة استخدمتهم في مناطق الاستوائية لأنها تثق في ولائهم لها أكثر من أبناء المنطقة أنفسهم. ولكن تبقى هناك حقيقة أن ينفرط ما أسميته بالتحالف بينهما، في ظل العقلية السائدة ولفترة قريبة في الحركة، وهي عقلية التخلي عن حلفائها من أجل خدمة تكتيكاتها. فهي تعتبر جبال النوبة واحدة من مناطق نفوذها ودافعت بشدة عن وضعها الخاص لدرجة أن اكتسبت برتوكولاً خاصا بها مع النيل الآزرق في نيفاشا. ولكن ماأن تجد الحركة نفسها في خانة اليك، واتهامها بأنها حركة إقليمية حتى ترفع أصابعها العشرة بأن الناس لا يفهمون وأنهم لا يعتبرون جبال النوبة والنيل الآزرق من شمال السودان. هنا وبين ثنايا تلك التكتيكات يمكن للحركة أن تبيع كل شيء حتى جبال النوبة.
                  

10-16-2005, 09:48 AM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: عبدالكريم الامين احمد)

    عبدالكريم الامين احمد
    يا نور تاور مع احترامي لكي ...
    الا تري ان تحالف مناضلي النوبة مع الحركة هو فقط
    من اعاد لتلك الجبال شموخها.....مش الكلام والفلهمة



    يا عبدالكريم الامين محمد

    اولا وضح اذا كنت ممن حملوا السلاح ام لا, حتى نستطيع ان نقييم ردك او نفهمه على الاقل.

    برضو مهم نعرف اذا كنت من جبال النوبة ولا لا عشان الكلامبرضو يكون واضح...

    ثانيا قل لى بالتحديد كيف اعادت الحركة (لتلك الجبال شموخها)؟!

    (وبعدين(مش الكلام والفلهمة).. دى مافهمتها..

    تحتاج توضيح..

    وبعدين انت موضوع البوست الاساسى ليه ما قلت فيه رايك؟

    ليه ماقلت رايك فى الحاصل فى سجون الحركة ولمساجين الحركة؟

    جريت لى كلام نور تاور...

    وانا كلامى قلته من زمان وبكرره ومصره عليه.

    لانه مافى زول من ناس الحركة اثبت لى العكس...


    وفى الانتظار...
                  

10-16-2005, 01:43 PM

عبدالكريم الامين احمد
<aعبدالكريم الامين احمد
تاريخ التسجيل: 10-06-2005
مجموع المشاركات: 32520

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nour tawir)

    الاخت نور تحياتي

    اعتقد ليس من الضروري ان اكون قد حملت سلاح..
    او اكون من جبال النوبة المهم عندي هو السودان...
    المهم ان نستاصل هذه النظرة الجهوية الضيقة...
    ونتوحد حول فكرة الوطن الواحد

    ثانيا الحركة قدمت لنا انبل الشهداء الاستاذ يوسف كوة...
    رمزا للنضال المشترك لابناء الوطن الواحد حول قضايا التهميش والاستلاب الثقافي...

    اما الكلام عن عدم فهمك للفلهمة فتخيل لي قاموس العامية السودانية واضح
                  

10-16-2005, 08:57 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: عبدالكريم الامين احمد)

    عبدالكريم الامين احمد

    (الا تري ان تحالف مناضلي النوبة مع الحركة هو فقط
    من اعاد لتلك الجبال شموخها.....مش الكلام والفلهمة...)


    ..............


    من الخطأ بمكان ان تنظر الى مشاركة ابناء جبال النوبة فى الحرب مع الحركة على اساس

    انها تحالف..

    فهى ليست كذلك لاننا لم ندخل الحرب مع الحركة بأتفاقية مبادئ او تحالف...

    الاسلوب الذى دخلنا به الحرب مع الحركة الشعبية هو ما جعل جبال النوبة طعما صائغا فى

    يد الحركة تفاوضت بها لتعزيز موقفها فقط...

    هذا الخطأ الذى حدث بحسن نية نتيجة ثقة يوسف فى د.جون سوف تدفع اجيالا كاملة من

    ابناء النوبة ثمنه, وهو لعلمك ثمن باهظ...

    اما اذا كنت تشير الى تفويض دكتور جون قرنق فى كاودا.. فهو تكليف بالحصول على حقوق

    معينة فى نيفاشا ينتهى التفويض مع انتهاء نيفاشا...

    ولذلك يا عبدالكريم الامين ان الشموخ الذى اعادته الحركة الشعبية لجبال النوبة كالاتى

    ومن وجهة نظركم كما هو واضح:

    1.دخلنا الحرب مع الجنوب واسمنا جبال النوبة, ثم خرجنا منها واسمنا جنوب كردفان...

    وهذا هو سبب سؤالى لك لو كنت من جبال النوبة ام لا , اذا لعرفت مامعنى هذا الاسم

    بالنسبة الينا.

    المسألة مش جهوية وعنصرية وكل القاموس الذى يستخدمه السودانيون كلما عجزوا عن مواجهة

    الحوار..

    سؤالى لك لو كنت حملت السلاح ام لا مازال قائما..

    والاجابة عليه مهمة, لان الذين حملوا السلاح من النوبة وعاشوا ظروف الحرب هم فقط الذين

    يعرفون ماحل بجبال النوبة وابنائها على يد الحركة الشعبية..

    ثانيا دخلنا الحرب مع الحركة ضد الظلم ومن اجل الحرية والكرامة والارض الخ....

    على ان يتم كل ذلك من خلال حق تقرير المصير...

    ثم خرجنا من الحرب بدون حق تقرير المصير رغم اننا نستوفى كل الشروط

    مثل جنوب السودان..

    ورغم ان حق تقرير المصير قد كان مطلبا اساسيا عند دخولنا الحرب...

    وفى رأس المواضيع التى كلف دكتور جون بالحصول عليها فى نيفاشا..

    الا اننا بالمقابل منحنا الاستفتاء الشعبى الذى لا يضمن احد نتائجة نسبة لتلاعب حكومة

    الجبهة والتعبئة التى تقوم بها لهذا اليوم..

    ثالثا دخلنا الحرب وابيى جزءا من جبال النوبة ثم ثم خرجنا منها وقد تحولت ابيى الى

    بؤرة صراع بين الحركة والحكومة وابناء المنطقة...

    رابعا دخلنا الحرب وعاصمتنا كادقلى, ثم خرجنا من الحرب وقد اصبحت لنا عاصمة فعلية هى

    رجل الفولة وعاصمة فى المظهر هى كادقلى..

    فهل هذا هو شموخ جبال النوبة الذى اعادته لنا الحركة فى نظرك؟

    ثم انك لم تجب على سؤالى الذى ما يزال قائما:

    كيف اعادت الحركة(فقط) الشموخ لجبال النوبة؟

    اما مسألة وضوح اللغة العربية السودانية اود ان اعرف تحديدا اين الفلهمة هنا؟

    وما معنى الفلهمة والمسألة نقاش فى قضية عامة...

    ام انك احد كوادر الحركة الذين لا يستطيعون التعبير عن ارائهم الا من خلال السب والشتم؟

    ثم سؤال أخر: ما هو رأيك فى خطاب صاحب البوست الذة وجهه لرئيس الحركة الشعبية؟

    وموضوع البوست الذى يكشف عن بعض جوانب الحركة فى انتهاكاتها للجنود؟

    اراك ايضا تجنبت الاجابة على هذا السؤال...

    مازلت فى الانتظار...
                  

10-16-2005, 09:58 PM

saif massad ali
<asaif massad ali
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 19127

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nour tawir)

    نور تاور

    منو بجاوب منو

    الزميلة صباح حسين بتحكي عن فر عون عادل عبد العاطي العريان
                  

10-17-2005, 09:25 AM

عبدالكريم الامين احمد
<aعبدالكريم الامين احمد
تاريخ التسجيل: 10-06-2005
مجموع المشاركات: 32520

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: saif massad ali)

    الاخت...نور...

    اولا استاذن الاخ بابكر في هذا الحوار من الداخل...وافتكر...ان ما اتناوله مع نور تاور
    ليس ببعيد عن موضوع البوست

    اولا يا نور اري انك اعتمتدي علي البروفايل فقط...في ادارة حوار ينم عن حقد دفين..تجاه اعظم حركات التحرر الوطني في افريقيا في قروننا هذه
    وتلخليص نضالات يوسف كوة في حسن نية وطيبة

    اما الحديث عن جنوب كردفان والفولة وابيى...راي انه ليس بالضرورة الي اين تتبع الجبال بل المهم انسان تلك الفيافي تنميته تعليمه صحته تراثه لغته انصهاره مع النسيج السوداني....

    اما الحديث عن الجهوية فيبدو انها متعمقة في دواخلك حتي انك ترفضين االانتماء الي كردفان الام....فكيف تتهايين للانصهار مع الناس البعاد في الشمالية والشرق في اطار السودان الذى قاتلنا من اجل(عليكي الله لاحظي قاتلنا دي)

    واخيرا اتمني ان اري اطروحاتك تجاه السودان بعيدا عن التمترس في البكاء خلف قطار الحركة الذي وصل الي اهم المحطات ....التي تحتاج ان نواصل دعمها بدمائنا وليس هناك مانع من النقد الايجابي
    والمكاشفة دون البصق علي التاريخ النضالي..........

    حاجة ثاني

    ان كنا ان حملنا السلاح ام لا فلا نمن علي قضايا شعبنا بهذا...ولكي السلام

    (عدل بواسطة عبدالكريم الامين احمد on 10-17-2005, 12:56 PM)

                  

10-17-2005, 03:06 PM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: عبدالكريم الامين احمد)

    عبدالكريم الامين احمد

    اما الحديث عن الجهوية فيبدو انها متعمقة في دواخلك حتي انك ترفضين االانتماء الي كردفان الام....فكيف تتهايين للانصهار مع الناس البعاد في الشمالية والشرق في اطار السودان الذى قاتلنا من اجل(عليكي الله لاحظي قاتلنا دي..

    خرجنا عن (الفلهمة) ودخلنا( فى الجهوية والحقد الدفين...) الخ الاسكوانة المشروخة

    ثم رفضى للانتماء الى كردفان حتة واحدة..

    والبتهاوى للانصهار مع الناس البعاد..

    ماهذا الهراء يا هذا؟

    وما هذا التهريج يا هذا؟

    يبدو انك شخص تكتب اولا ثم (لا) تحاول فهم ما كتبته...

    ثم انك خرجت ايضا عن موضوع البوست وتحاول ن تصرف القارئ عنه,

    كما هى عادة كوادر الحركة فى هذا البورد.

    الموضوع معروف ومكشوف...

    ثم لماذا يزعجك نقد الحركة الى هذا الحد وانت شريكها فى السلطة والثروة والهروب من

    المحاسبة فيما ارتكبتموهو فى حق الشعب؟

    ثم انك حتى هذه اللحظة لم ترد على سؤالى حول كيفية اعادة الحركة للجبال كبريائها..

    وطالما انك لا تستطيع المواجهة, لماذا تقحم نفسك فى امور لا تدرى عنها شيئا؟

    1. سؤال:كيف اعادت الحركة كبرياء جبال النوبة؟!
    2.كيف ترى موضوع البوست الذى دخلت فيه بسبب التخريب وليس المناقشة؟!

    ..................

    الاخ المحترم امير بابكر

    اعتذر عن تحويل مسار البوست وسوف احاول جاهدة اعادته الى موضوعه الاصلى...

    كل ما هنالك ان احد كوادر الحركة يحاول ممارسة لعبتهم المفضلبه هنا...
                  

10-17-2005, 03:24 PM

عبدالكريم الامين احمد
<aعبدالكريم الامين احمد
تاريخ التسجيل: 10-06-2005
مجموع المشاركات: 32520

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nour tawir)

    نور تاور

    اولا ارجو ان تهدي من روعك شويه وخليك عندك نفس للحوار مهما كان

    اولا موضوع البوست ليس بالخطورة التي تستدعي التخريب...امير له الحق في ان يقول ما يشاء في اي منبر ولنا انا وانت ان نحميه..

    ثابيا ...انا اناقش افكارك التي تنادين بها في هذا المنبر ..منذ زمن طويل ....والرجا اصدار بوست عشان ما نتحجج بتخريب هذا البوست وانا راجيك

    (عدل بواسطة عبدالكريم الامين احمد on 10-17-2005, 03:41 PM)

                  

10-27-2005, 02:33 AM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: عبدالكريم الامين احمد)

    فوق حتى لا ننسى الواقع الذى لم يدخل فى عداد التاريخ بعد..

    لاحظت ان السودانيين ينسون بسرعة...
                  

10-29-2005, 08:13 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: nour tawir)

    أن ننسى يمكن أن يذكرنا أحدهم، ولكن أن نتناسى هي الكارثة، وفي الحالتين يعنى أننا لن نتعلم.
    لفت انتباهي أن جريدة الأضواء لا زالت تنشر هذه الجلدات على حلقات كل يوم سبت ووصلت حتى الآن إلى الجلدة 16 ، ولا أدري كيف توصي لجنة المصنفات بعد نشر المخطوطة ككتاب في الوقت الذي يمكن لصحيفة أن تنشره على حلقات. ما فهمتها دي.
    أمير بابكر
                  

11-01-2005, 00:11 AM

nour tawir
<anour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    هي - سيدي - مائة وسبعة وعشرون يوماً فقط لا غير، عشتها بين ظهراني معمل تفريخ لدعاة السودان الجديد، متنقلاً بين سجن ربدة وسجن خور ملح، ورغم أنها كانت تفتقر لطعم الملح حتى، إلاَّ أن إشراقات مضيئة تخللتها وأنا أتلمس مصادر عديدة لمعرفة أكثر بالسودان زادت من حصيلتي وأكدت صِحَّة إنتمائي وتمسكي بموقفي. وكنا نفكر، عندما تقدمنا بطلبنا لإدارة السجن برغبتنا في لقاء قيادة الحركة في الجبهة الشرقية، بأنهم يفعلون مثل ما يقولون وأنهم لا يبصقون أقوالهم خلف ظهورنا. فقد التقيناهم كثيراً جداً وفي مواقف سياسية متباينة كثيرها متقاطع وآخر متواز. ولكن يبدو أن مياهاً كثيرة - أو ربما سيول - جرت تحت الجسر، وجرفت معها كثيراً من الأقوال لتبقى الأفعال شاهدة.



    نعم سيدى العزيز


    هناك مياها كثيرة , بل سيول غامرة تجرى تحت الجسر دائما حينما يتعلق الامر بقضية

    السودان...

    وهى سيول تجرف معها كل العهود والوعود البراقة والمواثيق...

    وتبقى اعمالهم شاهدة...

    لانه لم ولن يكون لسياسيينا كلمة او مصادقية..


    و ليس هناك من شاهد اقوى من صاحبة الجلالة نيفاشا!



    والله عليك يا بلد...
                  

11-19-2005, 09:56 AM

مريم عزالدين صديق
<aمريم عزالدين صديق
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة مطولة إلى رئيس الحركة الشعبية (Re: أمير بابكر)

    نشرت صحيفة (الرأي العام) الصادرة في يوم الخميس 14 نوفمبر 2005م الخبر الأتي حول أحداث مدينة يامبيو

    اسفرت عن 11 قتيل وعشرات الجرحي
    الحركة ترسل تعزيزات عسكرية لمحاصرة أحداث يامبيو
    الخرطوم : سناء عباس
    شهدت الخرطوم أمس اجتماعات مكثفة بين أبناء غرب الاستوائية بالخرطوم وعدد من قيادات الحركة الشعبية لجهة محاصرة الأحداث التي شهدتها منطقة يامبيو خلال اليومين الماضيين في وقت ارسل فيه رئيس حكومة الجنوب القائد سلفاكير ميارديت من مقره في ياي التي وصلها عشية أمس الأول بتعزيزات عسكرية لمدينة يامبيو، فيما توجه وفد من المجلس التشريعي للولايات الجنوبية إلى منطقتي يامبيو وموندري لتقصي الحقائق واعداد تقرير للمجلس عن الأحداث التي سقط فيها ما لايقل عن 11 شخصاً وجرح العشرات.وترأس وزير النقل كوال ميانق أمس بمكتبه اجتماعاً موسعاً حضره عدد من أبناء غرب الاستوائية قبائل «الزاندي والمورو» بجانب ممثلين للمؤتمر الوطني والحركة الشعبية وأحزاباً أخرى وكلف الاجتماع حسب عضو المجلس الوطني انجلو بيدا وزراء العمل والنقل السون مناني مقايا وكواي ميانق باجراء اتصالات سريعة مع حكومة الجنوب وابلاغهم بحزمة الأفكار والمقترحات التي خرج بها اجتماعهم لجهة المحافظة على الأمن والاستقرار بولاية غرب الاستوائية. وذكر بيدا في تصريح لـ «الرأى العام» عقب الاجتماع أمس، ان الاجتماع بحث باستفاضة الأحداث التي تمت بالولاية والتي أكد ان جملة القتلى في اليومين الأولين لها بلغ «11» قتيلاً.
    وأعلن عن أفكار توصل لها القادة الجنوبيون ستنقل إلى المسؤولين بحكومة الجنوب ومطالبتهم بضرورة اتخاذ ترتيبات تضمن عدم تكرار مثل هذه الأحداث في أي جزء من الجنوب مستقبلاً باعتبار أن اتفاقية السلام نصت على وقف اطلاق النار.
    واشار إلى ان الاجتماع حض على الاستعجال في اعداد برنامج لجمع السلاح باعتباره خطوة مهمة مثلها مثل عمليات نزع الالغام وأهمية قيادة حملة لاعادة النازحين في المنطقة كل إلى منطقته عدا افراد الجيش الذين يجب عليهم الخضوع للقوانين الحاكمة له مع المطالبة بتحويل السلطة بالمنطقة من الجيش إلى الشرطة باعتبار ان حملة الجيش الآن قد انتهت بوقف الحرب على ضوء اتفاقية السلام والمضي في تطورات استيعابهم في مشاريع للتنمية والتدريب العسكري حتى يستأنفوا حياتهم الطبيعية.
    وأمن الاجتماع حسب بيدا على أهمية التدريب للشرطة والسجون لجهة حفظ السلام وأشار إلى ان المجلس التشريعي للجنوب قام بارسال وفد إلى منطقتي موندري ويامبيو أمس لاعداد تقرير حول اسباب الأحداث هناك ورفعه للمجلس في غضون أيام. وتمنى انجلو بيدا لحكومة الجنوب الحالية ان تتمكن من التصدي لمثل هذه المشاكل والمضي في عمليات استتباب الأمن بهدف التفرغ للتنمية واعمار المناطق بالجنوب.
    إلى ذلك أعربت الأمم المتحدة عن أسفها للأحداث الأخيرة في منطقة يامبيو التي قررت بعدها سحب موظفيها من المنطقة عقب إندلاع اشتباكات مسلحة بين قبيلتي الزاندي والدينكا تم خلالها حرق مكاتب منظمة الصحة العالمية ومقتل أحد موظفي المنظمات العاملة هناك.
    وقالت عاشوري انه تم انسحاب 55 موظفاً تابعين لوكالاتها و44 شخصاً من منظمات غير حكومية العاملة في منطقة طمبرة وأكدت عاشوري عودة المنظمات فوراً بعد إنجلاء الأحداث
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de