هنا فداسي

حينما تنفلت (الحرفية) في فضاء المعرفة، عكس جاذبية المظاهر السالبة، يقودها ربان يجيد الملاحة بين الأسطر ويدرك غايته، إلى المشتري أم إلى المريخ الناري؛ يحلو لنا التلذذ بمراقبة ( التلسكوبات).
حسبت أن زيارة الزعيم ، كانت مغازلة بريئة لهذه الصفحة، فإذا به يعود يخطب ودها و يغلي مهرها. و لا أملك غير الترحيب، وأمني نفسي بزيارة الأخ بركات بله وكل المحترفين.
عزيزي الزعيم
نعم ، سمى هيثم بعض كتاباته (شخبطات)، و قد ذكر قبله (رينيه) قولا مماثلا، لا أحسن ترجمته. يرى رينيه الرسام الشهير، الذي عاش فقيرا وبيعت لوحاته من بعده بملايين الدولارات، يرى أن رسوماته التي تخلب أذهان النقاد ما هي إلا عبث تلميذ (محبط). رينيه لم يرض عن أعماله، ولو أنه كان قد أحس بالرضا يوما ، لما أبدع. قد يكون رأي هيثم فيما يكتب مثل رأي رينيه عن أعماله وفي هذا محمدة أرجوها.
قطعا إن الأدب العالمي يبدأ( بالمحلية) ومحلية هيثم لا تخفى على أحد. هيثم لا زال يجثو فوق الرمل ، يراقب عجلة الحجير أم (خترات) حمر وصفر، فإذا رجع إلى البيت أوقد اللمبة أم ملين وإذا أصبح عليه الصباح خرج لجزارة حاج أحمد ثم انصرف ليلعب في الخور و.... وفي هذا النحو وسيلة لغاية كريمة، سميتها – أنت – فلا داعي لتكرارها.
هيثم لطيف متمرد، لكنه لم يفكر بصورة جادة في مشروعه الأدبي ( المتكامل)، بل أخشى عليه من أن يظل كذلك، لا يكتب إلا (مجادعة) أو استفزازا. هيثم وهب سعة الخيال ودقة التصوير والمراقبة الدقيقة، وهذا كاف ليصنع منه عملاقا. وأمسك حتى لا أقطع عنق الرجل. ولكني أشكرك لعنايتك بشأن الكتابة وما يكتب الشباب في هذه الصفحة؛ فالقراءة وحدها لا تفيد الكاتب ، كما لا ينفعه التجريب وحده؛ إنما يظل التوجيه هو الأساس [ والزيكم ما مشحود على وليداته]، بارك الله فيكم وأبقاكم نافعين ، مجددين ومرشدين.