هنا فداسي

الأخ محمد حسن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دائماً تتحفننا أخي محمد بمواضيع مميزة فيها الفائدة، وهل غيرك أخي محمد من يأبه أو ينتبه للأموات ويوفيهم حقهم بالتوثيق: تسجيل تاريخ وفاتهم وذكر أسباب الوفاة والتزويد بمعلومات مكتملة عن أهلهم وأقاربهم ومن يستحقون العزاء فيهم. إنه مجهود مقدر أشكركم عليه وأشجعكم على الاستمرار فيه لأن فيه عظيم فائدة للأحياء والأموات.

صدقني أخي محمد هذه بادرة لك فيها قصب السبق وسيستفيد منها كثير من الناس وقد يقلدكم فيها غيركم. وصدق أخونا عوض نورا لدين عندما قال لك "قالوا عملت ليك مقابر في الكمبيوتر".

نعم إنها مقابر بقبورها وشواهدها، بل تتفوق على المقابر الحقيقية في أنها نجد فيها من المعلومات مالا نجده على شواهد القبور. ثم إن فيها الدعاء والترحم والاستغفار والعزاء لأهل المتوفى، فهل من فائدة للأموات يرجونها من الأحياء أعظم من ذكرهم والتضرع إلى الله بالدعاء لهم . إنها أخي محمد لسنة حسنة لك أجرها إن شاء الله.

وإضافة لما زودتنا به من معلومات عن بعض موتانا وأن هادم اللذات قريب قريب وأقرب إلينا من حبل الوريد، أذكر أن عمنا صالح ود نوالدين رحمه الله أصر يوم وفاته على أبنائه أن يقوموا بدهان جدران ديوانه، فقالوا له سنفعل ذلك، إلا أنه أقسم عليهم بأن يقوموا بفعل ذلك اليوم وألا يؤخروه ليوم غد قائلاً لهم " بعدين بجوكم الناس وبتندموا". كان هذا الكلام في الصباح، وما إن انتهى الدهان من عمله عند الغروب ، فإذا بصاحب الأمانة وقد أخذ أمانته وفاضت روح العم صالح إلى بارئها. ولله في خلقه شئون كما ذكرت أخي محمد.

لن أنس ما حييت يوم الجمعة الموافق 14/4/1978 الذي جاءنا فيه زائرين د. بابكر الأمين الدرديري وأستاذ عمر إبراهيم مصطفى، وقد كنا نحن أربعة طلاب من أبناء فداسي في داخلية الجامعة الإسلامية بالحارة العاشرة بأمدرمان، وكان اليوم الذي يليه(السبت) يوافق أول إمتحان لنا بالجامعة مما جعلني أستبشر بزيارتهما خيرا وأن هذه الزيارة للإطمئنان علينا وللوقوف على استعدادنا للإمتحانات ، وماكنت أعلم أنهما يحملان إلي خبر وفاة والدتي رحمها الله . صدمني الخبر لأنني كنت أتوقع بعد المقدمة التي تسبق خبر الوفاة ،أن مصيبة الموت قد أصابت والدي الذي كان مريضاً، ففوجئت بخبر وفاة والدتي التي كانت في كامل صحتها ولم تك تشكو سقما، وقد قامت قبل وفاتها بيوم بأداء واجب العزاء في متوفيين بالقرية هما البشير ود حمد وعمدة الحاج مقبول . فما أسرع الموت ويا لغفلة الإنسان المسكين. اللهم أرحم أمواتنا وأموات المسلمين واجعلنا اللهم من الذاكرين للموت في كل حين واختم لنا جميعا بحسن الختام يا كريم. آمين