هنا فداسي

من الرموز
2- تندل

الكلام دخل الحوش، فشخصيتنا اليوم هي " عطمنو " ، عمتنا تندل رحمها الله وما أدراك ماتندل. تلكم المرأة الحديدية ذات الشخصية الرجولية، ثاني التجار من النساء في قريتنا الحبيبة بعد خالتنا السارة بت أحمد ود يوسف إن لم أكن مخطئاً ، فلم يكن مستغرباً أن تكون تلك الشخصية الفذة تاجرةً لأنها نشأت وترعرعت في بيئة عرف عن أهلها العمل بالتجارة وورثوا التجارة كابر عن كابر: عمنا خضر الزين كبير التجار بمدينة شركيلة هو ورفيق دربه وتوأم روحه الوجيه عمنا عبيد ود النويري، وعمنا دفع الزين سر تجار مدينة أم روابة صاحب الطلمبة " طلمبة شل" ، وأعمامنا محمد ود الزين وأخيه موسى كبار التجار بمدينتي نيالا والفاشر .

لم تكن تندل كسائر النساء تلبس الثوب وتخضب يديها بالحناء وتمشط شعرها بالجورسيه ، ولم تكن تتخذ من مجالس النساء مكاناً، بل كانت تتخذ من أشهر مواقع تجمع الرجال مجلساً (خور عمر) حيث لعب الطاولة والضمنه والسيجة والطاب، ولم ترضى إلا بمزاملة الخضر ود اللمين وحاج الخضر ود العاقب وخوجلي ود فع الله يرحمهم الله ،الذين يعدون من أشهر وأحرف لاعبي الضمنه بالقرية ، ولم تكن تندل تتحرج من الجلوس مع الرجال واللعب والمزاح معهم مما جعلها علماً مميزاً، فالمجتمعات إن لم يكن فيها مثل هذه الشخصيات الشاذة ،تكون ناقصةً وغير مكتملة لأن الحياة في مجملها جمع بين المتناقضات ، ولأن قوام النسيج الاجتماعي لا يخلو من مثل هذه الصور الشاذة ، وحتى في عالم الحيوان توجد مثل هذه الأمثلة، ومايثير الإستغراب في شخصية"تندل" أنها كانت تعيش في وسط عرف بالتقوى والعلم، فكيف شذت عن هذا الوسط ؟ ولما قرأت رواية موسم الهجرة إلى الشمال لأديبنا الرائع الطيب صالح، كانت شخصية" تندل" ماثلةً أمامي وهي تلعب الضمنه في خور عمر مجسدةً لي شخصية بت "مجدوب" إحدى أبطال الرواية ، مما يدلل على وجود مثل هذه الشخصيات في واقع حياة الناس المعاشة وخاصةً في بيئآتنا الريفية .