هنا فداسي

الإخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرحب بالأخ الفاضل يحى عبدالله المحب لفداسي وأهلها، وإذ سعدنا اليوم بما كتبه بصدق مشاعر وحب دافق لفداسي وأهلها ، فنشكره الشكر الجزيل على حديثه الطيب عن بلدتنا وخاصة عما عبر عنه عن صدق محبته وعميق صداقته بالمرحوم معاذ محمد علي يرحمه الله والأخ محمد حسن خضر.

كما أحيي الأخوين العزيزين عمر مصطفى ونزار بابكر، على آمل التواصل الدائم معنا.

في رثاء أبوي الشيخ البرعي

وتقابةً توقد للصباح ناره تب ما بتنطفي

ونوبةً دفوفة تدق مـن صباحًــاً بــــدري

وحلقــة للذكــر شيخــه حـواراً صــبـي

ودرويشــاً يطـيــر لــي فــوق أبــوي

ما مات يمين أبوي الشيخ حي

شفته البارح في المنام وشـو

منور وفي جبينو ضـــــــي

سالمني وطايبني وفـــــــي

أضاني همس لـــــــــــــي

وقال لي أنا في خيراً كتيـر

ودا مـن فضـل القـرآن عــي

ونائحة تبكي وتنوح

حليل أبوي الكــان

للجيعان لقمـــــة

وللعطشان مــــــي

وللبردان دفـــــا

وللحـران فــــــي

وللمـقـطوع مــأوى

وللضـهبــان ضـــي

مالها دار أبـــوي

الليلة صبحــت صـي

حــي ووب ووب حــي

حــي ووب ووب حــي

في إجازتي التي أمضيتها في ربوع الوطن في شهر يوليو 2005م، وأثناء تجوالي في حي نمرة (2) بالخرطوم، قصدت ست شاي تحت شجرة لأشرب عندها كباية شاي منعنع عله يزيل عني صداع أفسد عليّ متعة الفسحة في نمرة (2) التي أعشقها من زمان طويل، أيام أن كانت نمرة (2) كإحدى الضواحي المحيطة بمدينة باريس من حيث الخضرة والنضرة والجمال، جمال الناس وجمال الطبيعة. سبقني إلى هذه الشجرة "درويش" شاب وسيم في زيه الأخضر المألوف وسبحة اللالوب الطويلة التي تزين عنقه المشرئب الممدود وشعره السبيبي الملتف في شكل عقد والذي يحاكي سواد الليل. بعد أن ألقيت عليه التحية سألته إن كان عنده حبة بندول، فقال لي:

" نحنا بندولنا العزيمة"، فأجبته نعم البندول بندولكم ومن ثم أسلمته رأسي فقرأ عليّ ورقى وشكرته على الرقية. أخذتنا السواليف التي إمتدت قرابة الساعتين، فذكرت له أنني من محبي الشيخ عبد الرحيم البرعي ومديحه، وقد رثيته بقصيدة، فطلب مني أن أسمعها إياه فقرأت عليه قصيدتي إلى أن وصلت إلى المقطع الذي أقول فيه ( ودرويشاً يطير ... ) فما كان من الدرويش إلاّ أن قفز صائحاً نعم يمين أبوي الشيخ ما مات والكلام ده أنا قلته في زريبة أبوي الشيخ قدام عياله وحيرانه وقلت ليهم المكضبني قوم يتبعني فقام أحد عيال الشيخ بشدي وأمرني بالجلوس. إعتبرت هذه القصة إحدى كرامات الشيخ عبد الرحيم البرعي بعد أن صادفت نفس الدرويش الذي عنيته في قصيدتي والذي يرى أن الشيخ البرعي لم يمت وإصراره والتأكيد على أن الشيخ البرعي مات إنشاء الله شهيداً لكثر مجاهداته ودعوته في سبيل الله وكثرة قصائده في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وما أحدثته من تغيير في المجتمع السوداني خاصةً عند الشباب ، فهو يعتبر هذه الأعمال التي قام بها الشيخ البرعي من القربات الصالحات ، وأن الشيخ البرعي مات مجاهداً شهيداً والشهداء لا يموتون بل هم عند ربهم أحياء يرزقون، هكذا كان تبريره لقوله أن الشيخ لم يمت.

ما أدهشني في"نزار" هذا الدرويش الشاب الذي هو أحد أحفاد الشيخ عبد الباقي الشيح حمد النيل المشهور بأزرق طيبة إجادته للغة الإنجليزية ومعرفة المصلحات الطبية بشكل ملفت للنظر، فسألته إن كان هو طبيباً أو طالب طب؟ فأجاب بأنه هو "درويش ساكت" ولا علاقة له بالطب ، فسألته من أين له هذه المعلومات التي تؤكد لسامعها أن صاحبها طبيباً أو طالب طب، فقال لي هذا فتح من رب العالمين، "نحنا الدراويش ديل" نرى شيوخنا في المنام فيودعوننا كثيراً من أسرارهم ،وكثيراً ما نرى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فيمدنا بكثير من العلوم"، فتعجبت من أمر هذا الدرويش الشاب الذي لا يتجاوز عمره العشرين عاما، وقد وعدته بكتابة موضوع عن هذا اللقاء العجيب "تحت ظل شجرة بالخرطوم(2)، لا بأمبدة ولا بمقابر حمد الشيخ حمد النيل بأمدرمان مكان تواجد الدراويش. وكتابة هذا المقال أعتبرها أيضاً كرامة لهذا الدرويش الذي نسيت أمره، فإذا بالأخ أبي عزالدين يبعث إلي بمقال رائع عن التصوف والدراويش فتذكرت صديقي الدرويش نزار وما وعدت به من كتابة عن ذلك اللقاء الجميل تحت الشجرة.