هنا فداسي

لا. لن تصارعين طواحين الهواء، وسيكون معك نفر عزيز ما لانت له عزيمة ولا عريكة أو خارت له قوة،وسيدفع معكم عجلة الحياة الحقيقة بقوة إلى الأمام، إلا أن أيام الكفاح دائماً ذات نقع وغبار، وكلما تذكر كلمة سيدنا أبي بكر الصديق، وعلى مبعدة وقد شد نظره رجلٌ يدافع بسالة منقطعة النظير عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أحد وقد اطبق عليه الأعداء من كل حدب وصوب، وعلا النقع والغيار والسيوف فيه تلتمع، وكان رجلاً كأنه كتبية بحالها تموج من حوله الصفوف وترسب فإذا هو ثابت صنديد، واقترب الصديق شيئاً يتبين الرجل وقد امتلأ قلبه إعجاباً ببسالة الرجل ، وفي مخيلته رجل واحدٌ من يبلي مثل هذا البلاء العظيم، ولشد ما تمني أن يكون هو الذي في مخيلته، فهتف بينه وبين نفسه: كن طلحة، كن طلحة، ... فكان الرجل فعلاً طلحة بن عبيد الله، فلما خرّ بن عبيد الله على الأرض ما خلا جسمه من موضع إلا هو مكان جرح أو رمح أو ترس.. لكما الله يا طلحة ويا أبا بكر!! رجال أشداء عرفوا البطولات وعرفواأنفسهم وقلوبهم في ساحات الوغى وتمنوا أن يتعرف عليهم الأحباء في مثلها، فطوبى لهما، وإن للبطولة من أناس!!
ولكم تمنيت ترديد كلمة أبي بكر: " كن طلحة" كلما أطربتني أفعال وخصال في أناس أحمل لهم كل المودة والتقدير، فلتكن فداسي كلها طلحة بن عبيد الله . وما أروع كلماتك أختي سناء، وما أحسن الانتخاب وطلاوة المعنى وموسيقاه الداخلية، وعندي أنه تولد من وحي دربة ونتاج اجتهاد ومراس طويلين، فبعض الكلمات من سحرها وجمالها تبكي، وليست مقالة اوسكار وايلد في شأن هذا ببعيدة عن الأذهان. أهنئك – أختي السناء- مرة أخرى على كلمتك الإنكليزية الرائعة وليتنا نذهب بها للنشاط مرة إثر مرة، ونتفيؤ واحتها ظليلاً ظليلاً، وحيناً بعد حين، وليت العدوى تسري حتى يجيئنا الدكتور دفع الله علي بذائقته الإنجليزية الرصينة، ويسوق بهاالعبارة الجزلة الممتع، وفي ثنايا كلماته روح امتاع وبهجةوهو يضاحك بها الجموع ويلهب بها المشاعر، وأيام الكورس التأهيلي الصيفي للطلاب والطالبات على الأعوام ( 1978- 1982م ) بفداسي كانت خير شاهد، وقد استمتع الطلاب والطالبات – آنذاك – بعمدة الأدب الشيخ العلامة البروفيسور حسن الزين وهو يقرأ عليهم سفر أوسكار وايلد الذي كان مقرراً للصف الثالث الثانوي، وكنت أحضر مع طلابي حصة حسن الزين، مع أني كنت أدرسهم حزءاً من مادة الرياضيات، وكان الطيب البشير ممن يحضر تلك الحصص ويومها كان فني تطعيم في هيئة الصحة العالمية بمكتب فداسي، وله ولنا مع تلك الذكريات وقفات حبيبة للنفس. يجيء كل هذا الاستطراد يا سناء لأنك أحسنت القول بكلمة معتبرة، ولا نثني عليك إكباراً لشأنك، بل نثني عليك لأنك وافتنينا بكلمة تستحق منا ومن الجميع التقدير. ودعيني قبل أن أختتم كلمتي أن أذكر بالدكتور إدريس علي إبراهيم، رجل يعشق الإنجليزية ويمتع مستمعيه من معينها بدفق عذب لا حد له إلى جانب كونه موسوعي ومن طراز فريد، ولا يضير دفع الله أن كان إدريس أخاه، وفي الاجتماع إليهما متعة لا تقدر، ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟ أحدهما متخصص في العلوم البيطرية، وآخر في علوم النبات، والحجة أن كتب الأدب الإنجليزي لا تفارق ساحتهم :
"كونوا إدريس "
"كونوا دفع الله "
"كونوا أبا الزين"
وليتهم كانوا.....................................
ثم لك هذه الهدية، وأظن أن فيها ثّم رابط ومعنى، وقد أهداها لي اليوم صديق عزيز: