هنا فداسي

حامل الهوى تعب يستخفه الطرب .. والخل يفسده العسل ( والصحيح العسل يفسده الخل، لكنا طلبنا الزعيم في المنتدى ِخلاً وَخلاً لا عسلاً فلا يفتنن ولا يبعدن)، فاعذرني أخي الزعيم أن أنشر كلمتك كما جاءت، ويكفينا الطرب. محمد حسن ... الرياض 25/3/2007م
وإلى كلمة الزعيم لأخيه بن البشرى،،

(أنانيون) معك.. ولك العتبى حتى ترضى

يُروى أن لقمان بن عباد استسقى امرأة في خيمة، فدلته على أقداح ماء ولبن لينال منها ما يشاء؛ بينما تغافلت عن شقيقها الذي ظل يستجديها (شربةً) يُبلِّل بها حلقه بعد أن هدَّه الظمأ وقد امتلأت عيناه (مسكنة)، وصحل صوتُه من الصراخ، وهي تمنعه غير آبهة لحاله، فقال: (رب أخ لك لم تلده أمك) فأرسلها مثلاً..
وهكذا حالنا مع (ابن البشرى).. فالأخوةُ نبضٌ وإحساس، والأوطان انتماءٌ وخدمةٌ وتفانٍ.. ونبضُ تعبيرات (ابن البشرى) لا ينفك يتسارع متجاوبًا مع أخبار أهل فداسي ـ أفراحًا وأتراحًا ـ وتتداعى مشاعره، وما فتئ يسبق حتى (ثلة) هذا المنتدى في الإعراب عن هذه المشاعر.. وظلَّ محفزًا للهمم ومحركًا للعزائم، ومبادئًا بطرح الأفكار والرؤى التي تعلو ـ حال تطبيقها ـ بمستوى هذا (المنتدى) الوليد؛ وذلك بينما يحبس آخرون ما لديهم من مخزونهم المعرفي؛ إمَّا إعراضًا وإما غفلة وإما تعاليًا.. ولا غرو فهو من أمهر الخبَّازين، وأكثرهم إبداعًا في تنويع ونوعية خُبزِه.. ويعلم الله أني وجدتُّه أكثر حرصًا وغيرة منِّي على (فداسي)؛ وأغيَرُ من بعض أهلها، وليس هذا شططًا ولا مبالغة؛ إذ يتجسَّد هذا الحرص في التفاعل، وفي طرح أفكار ومقترحات جديدة لتطوير هذا الرابط التقني؛ بل (الرَّحمي)، وما أحسست يومًا أنه (دخيل) أوغريب على السِّرب يحلِّق معه حيث يتَّجه؛ بل تقدَّم إلى موقع الريادة (حاديًا) مستخدمًا (بوصلته) في ضبط (ممرات) السير (كلمة بوصلة هذه مقتبسة من قاموس الابن هيثم)، وكذلك ليس غريبًا عن نفوسنا وطموحاتنا، وكثيرًا ما نحسُّ بأنه خارج من رحم تراث أهلنا وذوينا، أو كأنه من فريق المسيد أو الحدبة أو زقلونا أو الطاحونة أو من أحد الحيشان.. وكم كنت أكرر أن (ابن البشرى) دقيقٌ ومنهجىٌّ في طرحه، وترمي مقترحاته إلى ترقية (هنا فداسي) وتطويرها، وهذا عين الإبداع.. ولعله يذكر أنني قلت في تلك الجلسة التي ضمتنا في بيت العقيد الرشيد ـ حفظه الله وأهله وذريته ـ بحضور عدد من أبناء فداسي، وهي الوحيدة التي تيسَّر لنا فيها الالتقاء: (يكفي "هنا فداسي" أنها عرفتنا على أسماء ما كان في حسباننا أنها تتعامل مع التقنية بهذه البراعة.. وهذه نفسها محمدة كبيرة).
ويا (ابن البشرى) لك في النفس منزلة، وفي القلب موقعًا.. وما زالت كتاباتك تأسرني بجديتها وعلميتها، ويأخذني (منهجك التعليمي) أو التدريسي الذي ينقل المعلومة بسلاسة كبيرة وكأنك (مدرس سابق)، ومن خلال نافذتك تعرَّفتُ على (فلذات أكباد) عبد المنعم الجاك المبدعات.. وأيقنت أنك تؤسس ـ أو على الأقل تدعم ـ مدرسة التحليل والقراءات المتعمقة واستنباط الدلالات التي قد تلُّفها ملاءة الأسطر فتغمُض ولا تكاد تَبِين.. آثرتَ فداسي على قنواتك الأخرى فاستأثرتَ بحبنا، وابتعدتَّ عن نوافذ مشرعة أمامك وقيدت خطوك نحوها حينًا إيثارًا لقريتنا.. فكيف يراودك إحساسٌ بأنك (غريب) إثر كلمة (زلقة) وقعتْ عليها عيناك.
الإثارة في العرف الصحفي مطلوبة ويُنصح بها (مع اعتماد الصدق أو المصداقية قيمة أساسية)، وحين (ينهشك) قلمُ أي صحفي أو يستفزك فعليك أن تتملأ في مفرداته لتدرك مقاصده ومراميه حتى لاتكون أسيرًا لاستدراجاته، وإثارة ـ ولا أقول إغضاب ـ أصحاب الأقلام تُنتج أفكارًا وتولِّد إبداعًا، ويُعدُّ الغضب أحد نوافذ استكشاف السرائر والاطلاع على مكنوناتها (ما صرح الحوض يومًا عن قرارته من راسب الطين إلا وهو مضطرب.. وأظن هذا البيت للشاعر القروي).. فإن حمَّلتُ مفرداتك ما لم يخطر لك على بال؛ فعليك أن تضع (مهنيتي) في ذهنك، وحاشاك (سوء الظن)، وإن لم تنكره أنت أنكرناه نحن، وما نحسب قلمَك إلا متئدًا متبصِّرًا ولا يمكن أن يتخبَّط كالمُدلج، ولذا نأمل أن تستخدم (استيكة أو محاية بلغة مدارس الخليج) لمحو هذا السطر: "قلت إنني كتبت ما كتبت متسرعاً، عجلاً، مستنداً إلى فهم لا أنكر فيه سوء الظن".
ثم ماذا نستشف من هذه العبارات؟ وماذا نستوحي منها؟: "... وأطمئنكم أن الذي بيننا من ودٍّ لن تشوبه شائبة بإذن الله. وجعلكم الله دائمًا دعاةَ إصلاح. ما قلتُ كان الزبد، فليذهب وليبق ما ينفع الناس، فامضوا إلى ما كنتم بدأتم، والله يعينكم ويحفظكم ويكلل مساعيكم بالنجاح، فاغفروا لي واستغفروا لي...". أخشى أن يقودني تأويل هذا الكلمات إلى ما لا أرضاه، قد ويزعج الآخرين.. ففي أدبيات مجالس الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ حرص على إعمال العقول في فهم المُتنزَّل وتأويله مع الاعتماد أولاً على (المرجعية) المثلى وصاحب القول الفصل صلوات الله وسلامه عليه. فقد رُويَ أن عبد الله بن عباس حبر الأمة الذي أُوتيَ التأويل لما تنزلت: "إذا جاء نصر الله والفتح" فَهِمَ منها ما غاب عن أفهام بعض كبار الصحابة بما فيهم عمر رضي الله عنه ـ فقد حاولوا جميعًا تفسيرها، واجتهد كل منهم في ذلك، غير أنه ذهب إلى أنها إخبارٌ بقربِ انتقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، فقال مستحضرًا قدرته على الاستنباط: "أراه حضور أجل النبي".. فكان كما تأوَّل. سُقت ذلك بعد أن لسعني إحساس خفيٌّ بأن (ابن البشرى) يريد أن يلوِّح لنا بيده مودِّعًا، أن ينأى عن (هنا فداسي) بعد أن تيقَّن إمكانية نضجها، ورآها زَهَت وأينعت أو كادت.. وأضرعُ إلى الله أن يكون هذا التأويل ضربًا من الحدس والتخمين ليس إلا.. فإدباره (مرفوض)، وكما قال (المكرب) مبتسمًا: "هو على كيفه؟".
فيا (ابن البشرى).. من أبحر مع صحبة لطيفة ومسامرات صافية لا يُضايقه لطمُ بعض الأمواج (الضالة) وسيبقى ثابتًا في موقعه يشارك في إدارة الدفة بكفاءة ومهارة عالية، ولا تضيره محاولات الرشق بالماء مزاحًا كانت أو مغلَّفة بشيء منه، والرواسي لا تتأثر بنطح الوعول.. ولا أريد تصنيف نفسي ضمن قائمة (الوعول) حتى لا أدفعك إلى الاعتذار إليَّ وتقول: أربأ بك أن تكون كذلك.. عمومًا لن نتركك ولن نتخلَّى عنك وإن شط بك المكان، أو استهواك الرجوع إلى ملاذاتك ومنتدياك القديمة أو الخاصة حيث تجد نفسك، وينفحك محبوك بعطاءاتهم ويتبادلون معك المعلومة والفكرة والرؤية.. و رُبَّ أخ لك لم يخرج من ذات الرحم التي أخرجتك.. وغمرك الله بفيض من نعمه وآلائه، وصرف عنك هموم الدنيا وحماك من طول الأمل فيها، وبارك لك فيما أعطاك وكفاك به مؤونة، وأغناك عن غيره طلبًا..
وها هي إحدى (فلتات) فداسي سليلة بيت علم وتربية وثقافة سناء بنت خالد بن محمد على الجعلي ترميك بعبارة ماسية:
"الأخ العزيز أبي..ابن فداسي البار.. محظوظون نحن بك..يا أبو قلب ذهب.."، فقد (عجنتك) الابنة العزيزة سناء وخرجت بهذا التقويم الصادق.. وقالت: (ابن فداسي) وهذا شرفٌ لنا لا لك..

الزعيم

الأخ (المكرب)
هذه رسالة فيها الكثير من الخصوصية، فليقرأها ابن البشرى ثم لكما إيداعها (سلة المهملات)، وأرجو ألا تزعج بها أبناءنا وبناتنا في (منتداكم) لأنها قد تكون خارجة عن العمومية.. وهي في جوهرها تجسيد لتقدير حقيقي لمعلم كبير، وصاحب مبادرة لم يضنَّّ علينا لحظة بزاد، ولم يُحكم غطاء قلمه متأثرًا بردة فعل.. وأحس حين يتعلق الأمر بـ (ود البشرى) أني لا أكتب وإنما يُملَى عليَّ تمامًا مثل الشاعر المتشرِّد رامبو... ولك ودي.

(عدل بواسطة محمد حسن خضر on 03-25-2007, 01:58 PM)
(عدل بواسطة محمد حسن خضر on 03-25-2007, 02:36 PM)