|
Re: مبادرة لحل أزمة الحكم في السودان: مذكرة مجلس التشاور (Re: Muhammad Elamin)
|
العدد رقم: 752 2007-12-18
حديث المدينة فـ(كثير اللقاء.. كان قليلا..)..!!
عثمان ميرغني كُتب في: 2007-12-18
أتفق مع الدكتور حسن الترابي.. في شروطه التي وضعها للقاء رئيس حزب المؤتمر الوطني.. فاللقاء ليس مطلوبا في ذاته.. بل بالجدوى المنظورة منه.. وطالما أن أحدا لا يملك الغيب ليرى ما يحققه من ثمار فالأولى أن يدفع مقدما (العربون) الذي يثبت هامش الجدية.
مثل هذه اللقاءات قائمة أصلا في السياق الاجتماعي.. قبل حوالى عام سألت الترابي إن كان يقابل البشير أحيانا.. فأكد لي انه يقابله في المناسبات العامة أو الاجتماعية.. فإذن التلاقي وجها لوجه ليس مقصودا في ذاته.. والمنشود هو تلاقي التسامح الذي ينقي أجواء الملعب السياسي السوداني.. لقاء التعاضد الوطني الذي يرفع من منسوب الوحدة الوطنية.. حتى لا تكون (الوحدة الوطنية) مجرد ديباجة حكومية.
حزب المؤتمر الوطني هو الذي يملك في يده 90% من أوراق اللعب السياسي.. وبقدر أسهمه الكاسحة هذه يرتفع استحقاقه في تقديم المبادرة بالفعل.. لا بالأماني السندسية.. فإذا كان المطلوب تصافيا وطنيا.. فالأولى أن تقدموا "بين يدي نجواكم صدقة".. إطلاق سراح سجناء حزب المؤتمر الشعبي في كوبر الذين مضى عليهم أكثر من أربع سنين خلف القضبان.. فقد طال العفو الرئاسي أيادي كثيرة تلطخت بدماء أبناء الوطن.. حتى الأجانب الغرباء.. لكن عز على قلة من الرجال كل ذنبهم أنهم ضحايا خلافات مريرة نجا كل من حمل حطبها.. وبقوا هم يصطلون بنارها.
الوقت يمضي والبلاد تغوص في الأوحال.. ساذج من يظن أن المخاطر استراحت من وعثاء واقعنا الوطني.. الوضع أخطر كثيرا مما يتخيل الكثيرون.. ولا مخرج الا تعاضد وطني متين لا يقوم على تصافي مجاملات (وراء البسمات كتمت دموع..) المطلوب أفعال تثبت إرادة سياسية جادة لجمع الهمة الوطنية.. لكن أن يصبح لقاء الرئيس بالترابي مجرد مناسبة لمزيد من الصور التذكارية ومانشيتات الصحف.. فإن الذي يضيع ليس وقت الشعب السوداني فحسب.. بل أمله في رشد ساسته.. الطريق سهل للخروج من عنق زجاجة واقعنا السياسي المنتحر.. ممارسة تعددية سياسية حقيقية تسمح للشعب أن يكون هو الحكم على اللعبة السياسية.. الحزب القوي يستمد عافيته من تآزر الناس حوله بلا رغبة او رهبة.. ملعب سياسي.. مثل ملعب كرة القدم.. تحرسه القوة خارج محيط الملعب.. هل رأيتم يوما الحرس في استاد الخرطوم يلعبون مع اللاعبين في وسط الميدان؟؟ القوة لتحمي الجميع.. ولتحفظ نظام وقانون اللعب.. لا لتلعب مع فريق ضد فريق.
عندها لن يحتاج السودان الى لقاءات الزعامات.. لأن الزعامات ستبحث عن لقاء الشعب.. لكن طالما أن الشعب لا يملك من وطنه غير الحسرة على نفسه.. فإن الواقع يظل واقعا (على الأرض) لا يرفعه لقاء الرئيس بالترابي ولا بنقد ولا بالصادق ولا بالميرغني.. ولا بأى زعيم وطني آخر..
وهل أجدت اللقاءات السابقة؟.. أم أن (كثير اللقاء.. كان قليلا) على قول الشاعر جورج جرداق في رائعة أم كلثوم (هذه ليلتي)؟!.
|
|
|
|
|
|
|
|
|