إبنة عمى تحب القصص ، وكلما أحضر تطلب أن اقص لها قصة . وتميل جدا الى قصص الحيوانات . فحاولت ان أنهى موضوع القصص هذه بواحدة تجعلها لم تقم لها قائمة فى الطلب مرة ثانية . ولكن ليتنى لم أفعل . لقد أخذ منى التفسير لكل كلمة مأخذا.وندمت على ذلك ايما ندم . ووجدت من من سمع من كبار البنات والأولاد الحاضرين من لا يعملون ابسط الأشياء عن ما سردت من قصة . وفى نهاية القصة قالت البنات (يخربنا مانا فاهمين حاجة ) والأولاد ( والله ما فاهمين غير الحمار .... فقلت لهم برضوا تقدم ملحوظ . وكانت القصة كالتالى :
السنة الفاتت جبت السرج والبطان واللبد وشديت الحمار وشيلت القرب ومشيت اللقد مع الشلة . ولما شافونا الرواعية قالوا الورادة جو و الرى وصل وسالمناهم ونزلوا معانا الرى وكل واحد كان عندو سعن وقالوا لى عطشانين أسقنا وما فى طريقة ان شاء الله جقمة جقمة فى سعانا ديل بلة ريق . وبعدين عبرت ليهم كل واحد بأمخريس قدركباية كباية . وسقت الحمار ودقيت البرمندى وربطتو. بعدين شلت الريكة والتقدى و الطبق ومشيت على الجرن. لقيت التقة الفار بحتا ومافى طريقة لدق العيش الا بعد ترقيع التقة تانى من جديد . اها شديت حمارى صاد مع المغارب الحمار شاف ليهو برتقاية وقام جفل وفنجط كشحنى ليك فى النقعة ظلط راسى كلو. لما ناس الفريق شافونى قالوا الدهمة الجاية علينا دى شنو .. وانا السرج واللبد والكراتيب والسلبة كلهن فى راسى . والخرج نسيتو فى اللقداية .
فى منتصف القصة قالت إبنة عمى : يا زول اقيف هنا انتا الليلة راسك دا كويس كدا ؟ ما شارب اى حاجة ؟ بتقول فى شنو؟ أضطررت الى شرح القصة الناقصة المكتوبة باللغة الدارجة خالص ( بلدية خالص) كما قالت الأخت أطال الله عمرها . المفردات : السنة الفاتت : السنة الماضية ، البطان ( الباء مضمومة و النون ساكنة هو بمثابة الحزام ويستخدم لتثبيت السرج على ظهر الدابة وهو يماثل الحزام فى تثيبت البنطال ، اللبد : مفردها لبدة ( لام مسكورة وباء ساكنة ودال مفتوحة ) وفى الجمع ( اللبد) وأحيانا يقولون اللباد : لام مضمومة وباء مشددة ودال ساكنة ) لُبّاد. شديت الحمار : أى وضعت السرج على ظهر الحمار مع تثبيت السرج بالبطان ومعروف ان اللبد توضع على الظهر أولا ثم يعقب ذلك السرج بأعلى اللبد ثم يأتى البطان وهناك أيضا التفر الفاء مشددة هو مشابه للبطان من حيث المهمة وهى المساعدة على ثبات السرج على ظهر الحمار لكن التفر يربط تجاه ذيل الحمار حتى لا ينزلق السرج للإمام حالة تدجرج الحمار فجأة الى الأمام . وشيلت القرب اى وضعتها على فوق السرج . والقرب هى مصنوعة من الجلد تستخدم لحمل الماء الى الأماكن البعيدة نسبيا و اليوم تستخدم ما يطلق عليه الباقات او الجركانات . اللقد مفردها لقداية هى قطعة ارض زراعية محاطة بالشوك وهى اشبه بالحواشة فى المشروعات الزراعية . الرواعية جمع راعى وهى مقابل رعاة . الورادة جمع وارد وهو الشخص الذى يذهب الى (المشرع – الميم مضمومة ) وهو مكان تجمع الآبار – ليجلب الماء. السعن : جمعها سعان ( سين مفتوحة عين مشددة ونون ساكنة ) هو أشبة بالقربة لكنه اصغر حجما. جقمة : يقصد بها ملئ الفم بالماء مرة واحدة لا مرتين . وعبرت : أى كلت من كال يكيل كيلا. أم خريس كوب مصنوع من الحديد وله مقبض جانبى وهى اشبة . اشبه بما يطلق عليه الكوب الصينى . البرمندى هو عبارة عن مسمار من الحديد فى طول 40 سنتمتر يغرز فى الأرض ليربط فيه الحمار. الريكة هى عبارة عن إناء مصنوع من السعف لحمل سنابل الذرة وكذلك الطبق ولكنه اصغر حجما ، أما التقدى فهى عبارة عن اداة مصنوعة من الحديد ومقبضها من الخشب وهى اشبه بالسكين وتستخدم لقطع سنابل الذرة ومهمتها كالمنجل . الجرن ( جيم وراء مضمومتان ثم نون ساكنة ، مكان تجمع فيه سنابل الذرة . والتقة مكان تدق فيه سنابل الذرة لفصل الذرة عن السنابل ( وما تبقى يطلق عليه البتاب ) باء مضمومة والتاء و الباء سكانتين. بحتا : يقصد به ان الفار احدث فيها ثقوبا . والثقب المقصود به الجحر. البرتقاية هى الشجرة الصغيرة . جفل بمعنى أرجف وخاف ثم فر هاربا . فنجط بمعنى رفع رجليه الأماميتين ثم الخلفيتين بالتتابع مع الإسراع فى الهرب . كشحنى فى النقعة اى رمانى فى ارض صلبة. ظلط راسى كلو : بمعنى أحدث خدوشا وجروحا فيه. الفريق هى مكان تجمع ليس كالقرية لان القرية تبنى بالقطاطى جمع قطية اما الفريق فيتم بناءه بالرواكيب جمع راكوبة . وأحيانا من خيام الصوف او ما يطلق عليه ( الكدان) كاف مكسورة) ، الدهمة يقصد به شى غير معروف فى الظلام ( an object ) . الكراتيب يقصد به القربة الجافة اى بعد ان يجف منها الماء ومفردها كرتوب. والسلبة هى الحبل الذى يربط به الحمار و الخرج هو جوال مفتوح من النصف مخاط بجانبيه ويوضع على ظهر السرج ويستخدم لحمل الأشياء وهناك ايضا المخلاية ولكنها لها جانب واحد.
هكذا هو جيل جديد لا يعرف مثل هذه المسميات ولا ذنب لهم فى ذلك ، جيل يأكل البطيخ ولا يعرف كيف وأين يزرع .... وقال لى قصى إبن عمى ذو الاربع سنوات ذات مرة عندما رأى فى شمال كردفان كميات البطيخ المزروع وتناثُر البطيخ على طول مرأى العين قال : أُهووووووووووووووووو ... إنتا البطيخ دا بتاع الله ولا شنو؟ حتى هو أدرك عظمة الخالق وربط الأشياء الكثيرة والكبيرة به .... ولكن غابت عن قصى أشياء كثيرة .
وتبقى هى الدارجة التى فى طريقها الى الإندثار ... وأن اختلفت التسميات فى بقاع السودان الأخرى ولكنها الدارجة التى تدخل النشوة الى النفس .... وتعيد الإنسان باسما من جو الرتابة ودنيا الملل الى أفق واسع كبير كبر سماوات البادية و البداوة ،،، وبيئة سهلة التعامل كسقوط الشعرة على القطن وهكذا حياة البادية وهذا هو الجيل الجديد الذى قدر له ان لا يعرف ما يجرى هناك كما قال ابناء أخت الإستاذة سملى الشيخ سلامة ( الأبيض دى وين؟).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الرشيد البصيلى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست