متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-03-2007, 11:12 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان

    أزمة الهوية في شمال السودان
    متاهة قوم سود... ذوو ثقافة بيضاء

    ما وددت أن أكون غير ذلك الرجل الذي يرقد تحت جلدي
    والذي لابد أن أعرفه

    بقلم د. الباقر العفيف
    ترجمة الخاتم عدلان


    خلفية الدراسة :
    تشتعل في السودان حرب هي الأطول عمراً في أفريقيا، وربما في العالم كله. استمرت هذه الحرب ثلاثين عاماً، قتل فيها 1،9 مليوناً وشرد 5 ملايين. وقد قتل منذ أن استولت هذه الحكومة على الحكم عام 1989م، بسبب الحرب والمجاعة الناتجة عنها، عدد أكبر مما قتل في الحروب البوسنية والرواندية والصومالية مجتمعة . وفي محاولاتهم لفهم جذور الحرب، اتبع المؤرخون والمحللون السياسيون السودانيون، منهجين. الجيل الأول من هؤلاء ركز بصورة أساسية علي القوى الاستعمارية، ومخططاتها المحسوبة لفصل الجنوب عن الشمال ببذر بذور الكراهية في الجنوب. و لكن وبعد أكثر من أربعة عقود من الحكم الوطني ما تزال الحرب قائمة فحسب، بل تفاقمت, واتخذت سيماؤها الدينية الكامنة, شكلها الواضح والمكتمل. وقد دفع هذا الواقع أجيالاً جديدة من السودانيين للتفكير في الأمر بصورة مختلفة. وهنا برز المنهج الثاني، لينقل مركز الاهتمام من العدو "الخارجي" إلى العدو "الداخلي" عندما يحاول الوصول إلى جذور الحرب، باعتبارها نزاعاً بين الهويتين الرئيسيتين في البلاد: الشمال والجنوب. وهناك الآن اتفاق واسع بين السودانيين، شماليين وجنوبيين علي حد سواء، أن بلادهم تعاني أزمة الهوية الوطنية. وأصبحت الحرب بالنسبة لهم وبصورة جوهرية، حرباً للرؤى، كما عبر عن ذلك تعيراً بليغاً، فرانسيس دينق ، الشخصية السودانية الجنوبية البارزة . وقد سعى الشمال الذي يشعر بأنه عربي ومسلم، إلى تعريف البلاد كلها على هذا الأساس. وهو لم يكتف فقط بمقاومة كل محاولات القطاع غير العربي لتوصيف السودان باعتباره جزءً من أفريقيا السوداء . بل بذل جهداً خارقاً لاستيعاب الجنوب من خلال سياسات التعريب والأسلمة، وسعى إلى تحويل الهوية الجنوبية إلى انعكاس مشوه للذات الشمالية. ولكن الجنوب، الذي نظر إلى المشروع كنوع من الاستنساخ الثقافي، قاوم هذه الاتجاهات دون هوادة. ولكن هذه الدراسة تذهب خطوة أبعد، وتبحث، على مستوي اعمق، عن جذور هذه الحرب.أنها تسلط الأضواء على النزاع داخل الهوية الشمالية التي تقود إلى النزاع الأكبر بين الهويتين الجنوبية والشمالية.أنها تحاول الكشف عن العلاقة بين الانشطارات التي سببتها النخبة الشمالية الحاكمة علي مستوى البلاد، وتصدعات النفس الشمالية ذاتها، وتحديد ما إذا كانت الأولى، هي في نفس الوقت ، عرضاً للثانية وعلامة عليها. وهكذا فإن هذه الدراسة تحاول إنجاز تحول أخر، بنقل الانتباه من الازدواجية الخارجية التي تميز الانقسام الشمالي/ الجنوبي، إلى الازدواجية الداخلية التي تعاني منها الذات الشمالية.
                  

11-03-2007, 11:14 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)



    تعريف الهوية:-
    يعرف قاموس وبستر الجديد، للغة الإنجليزية، الهوية باعتبارها "تماثل الخصائص الجينية الأساسية في عدة أمثلة أو حالات أو تماثل كل ما يحدد الواقع الموضوعي للشيء المعين: تماثل الذات، الواحدية ، تماثل تلك الأشياء التي لا يمكن التمييز بين آحادها إلا بخصائص عرضية أو ثانوية. الإدراك الناتج عن التجربة المشتركة، هو أحد حالات هذا التماثل. أو وحدة الشخصية واستمرارها: وحدة وشمولية الحياة أو الشخصية أو حالة التوحد مع شئ موصوف، مزعوم أو مؤكد أو حيازة شخصية مدعاة" .
    إذا شئنا تحديد هوية الشخص، فربما نحتاج لمعرفة اسمه أو اسمها، لونه، خلفيته الاثنية أو الثقافية، والموقع الذي يحتله وسط الجماعة. هناك، إذن ، وجهان للهوية، أحدهما أصلي، بدائي، ومعطى، والأخر مصنوع ومختار . فالهوية في نفس الوقت ذاتية وموضوعية، شخصية واجتماعية، ومن هنا طبيعتها، المتفلتة ، العصية على التحديد. ويملك الأفراد تشكيلة واسعة من الهويات الممكنة. إذ يمكن أن تكون لهم هويات عرقية أو اثنية، قومية أو دينية، أو حتى هويات خاصة بالمدن التي يقيمون فيها . ويرتبط الحديث حول الهويات الشخصية، ارتباطا وثيقاً، بمجال الخطاب الجينوي. ومع إن الخصائص البيولوجية هي خصائص موضوعية، إلا أن الهويات الفردية تعني شيئاً أكثر من ذلك. فهي تشتمل على دلالة ذاتية لوجود مستمر وذاكرة منسجمة ومترابطة منطقياً .
    الدلالة الذاتية للهوية هي الإحساس بالوحدانية والاستمرارية الشخصية ، الإحساس بالانتماء إلي منظومة راسخة من القيم التي تكون الاتجاه العقلي والأخلاقي للمرء، وتعطى الأفراد خصائصهم المتفردة. إنها تمكن الفرد من تحقيق حياة ممتلئة وكثيفة. في مثل هذه اللحظات يمكن أن يقال أن الشخص حقق ذاته أو ذاتها. وصار "متصالحاً مع جسده أو جسدها". وعلى وئام مع بيئته أو بيئتها ومع نظامه أو نظامها الرمزي. ولكن الذي يقوم هذه الدلالة الذاتية، هو الخصائص الموضوعية، والتي يمكن التعرف عليها من قبل الآخرين.
    الهوية دينامية أيضاً ومستجيبة للظروف المتغيرة. وهي قابلة للتحول مع التقنيات والنظم الثقافية والسياسية المتغيرة . وهي استراتيجية. فالناس يتبنون هويات معينة لأسباب استراتيجية مثل "التمكين" وقبل كل هذه العوامل وبعدها، هناك الإرث التاريخي لأجدادنا الذي "يحط بثقله في تحديد من نحن وماذا يمكن أن نكون . الهوية إذن إدعاء للعضوية يستند إلى كل أنواع النمطيات مثل العرق، الجنس ، النوع، الطبقة ، الطائفة، الدين، الثقافة ... الخ . إنها الطريقة التي يعرّف بها الناس أنفسهم، ويعرفهم بها الآخرون، على أساس من الأنماط السابقة .
                  

11-03-2007, 11:17 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    تعريف التماهي :-Identification
    قاموس العلوم الاجتماعية يعرف التماهي باعتباره "الميل للتقليد،و/ أو عملية تقليد سلوك شئ ما. وربما يدل كذلك على عملية التمازج العاطفي، أو حالة هذا التمازج الناجزة، مع هذا الشيء ذاته." . وقد استخدم س. فرويد، هذا المصطلح في علم النفس، لأول مرة عام 1899. إذ قال أن "التماهي هو التعبير المبكر عن الرابطة العاطفية مع شخص أخر". يتماهي الفرد مع شخص أخر "كمثال للذات " بوصفه شخصاً يريد أن يكونه، أكثر مما يريد أن يمتلكه. وهذا ما يجعله مهماً في سلوك المجموعات. وهو يفسر حاجة الفرد ومقدرته علي الارتباط، وقوة الروابط العاطفية. المشار إليها، كخصائص جوهرية للبشر. وهو يذكر في نفس الوقت" الأصل الطفو لي لعملية التماهي، ويفترض أن هذا الأصل الطفولي هو الذي يفسر بقاءها على مستوي اللاوعي، وقوتها كعامل تحفيزي، وتظاهراتها اللاعقلانية والنكوصية في بعض الأحيان. ولكن التماهي بالنسبة إليه ليس مجرد محاكاة، بل هو بالأحرى تمثل يستند إلى سلسلة سببية متشابهة .
    ن. سانفورد يعارض مقولات فرويد ويقول أن التماهي، علي عكس ما يقول فرويد ، هو عملية واعية ، وأن المحاكاة هي اللا واعية، ويعرف ج. ب سيوارد، التماهي بأنه "استعداد عام لمحاكاة سلوك أحد النماذج" ويتحدث فرويد عن ثلاثة مستويات للتماهي. وتقول فرضيته أن التماهي يتخذ أولاً شكل الارتباط العاطفي بشيء ما. ثم يصبح بديلاً عن الرابطة الجنسية، وكأنما يتخذ شكل امتصاص أو تشرب أو تمثل الشيء في الذات. ثم يؤدي في النهاية إلى بروز إحساس جديد بخاصية مشتركة مع شص أخر ، أو مجموعة أخري. ويميز شيلر بين نوعين من أنواع التماهي، هما الايديوباثي أي الذاتي؛ والهتروباثي، أي الغيري. يحدث التماهي الايديوباثي من خلال "اضمحلال الذات الأخرى وامتصاصها من قبل الذات المتماهية"، بينما في التماهي الهتروباثي "تتضاءل الذات المتماهية أمام هيمنة وجيشان النموذج" .
                  

11-03-2007, 11:26 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    تكوين الذات:
    المفهوم الكلاسيكي يقول أن الذوات الاجتماعية تمثل معطيات أصلية، أو بدئية، موروثة مثل الخصائص البيولوجية. ولكن هذا المفهوم يخلي الساحة الآن لمفهوم أخر هو أن الهويات تتكون وتصنع اختيارياً ، وهي في حالة مستمرة من التكوين . ولكن اختيارات الناس لهوياتهم محكومة ومحدودة بالعوامل المعطاة مثل ملامحهم، أسرهم ، جماعاتهم، تواريخهم، ثقافاتهم...الخ, تكوين الشخصية ، بالنسبة لاريكسون ، عملية يستطيع الفرد من خلالها :
    "أن يحكم على نفسه على ضوء الطريقة التي يعتقد أن الآخرين يحكمون عليه من خلالها، مقارنين اياه بأنفسهم، وينمط حيوي بالنسبة لهم، ولكنه في نفس الوقت يحكم على الطريقة التي يتصورنه بها على ضوء تصوره هو لذاته بالقياس إليهم،وبالقياس إلى الأنماط التي أصبحت هامة بالنسبة إليه" .
    "يقول خبراء علم النفس الاجتماعي، إن تماهي الفرد مع أية مجموعة، مثلاً، الطبقة الاجتماعية، أو الجماعة العرقية أو الاثنية،هو في الغالب الأكثر شمولاً من كل العمليات النفسية المرتبطة مباشرة بالسلوك الاجتماعي .التماهي مع المجموعة المهيمنة مثلاً يحدث عندما "يستبطن (الفرد) منظومة الأدوار الخاصة بالمجموعة، ويعتبر نفسه أحد أفرادها" وهذا يحدث من خلال التمثل الثقافي. ويعبر ديفيد ليتين عن ذلك بقوله:
    "التمثل الثقافي شبيه باعتناق الدين، وكما توضح أدبيات التحولات الدينية بصورة قاطعة، فإن ما يعتبر مسلكاً برغماتياً بالنسبة لهذا الجيل،يعتبره الجيل الذي يليه أمراً طبيعياً. ولذلك فإن الأطفال الذين ينشئون في ظل الجماعات الدينية، سيلجأون، مدفوعين بضغوط السلطات الدينية، إلى توبيخ آبائهم على ما يعتبرونه مسلكهم المنافق" .
    وهذا الرأي يشابه مفهوم دي فواه عن الهويات المصنوعة" كهويات منحرفة". فهي تدل بالنسبة إليه "على نفعية بلغت مبلغ الشطط" وتمثل علامة على "الاختلال الداخلي" ، الذي يحدث في شروط اجتماعية محدده تمارس تأثيراً هائلاً على الإدراك الذاتي للهوية الشخصية . فرغم طبيعتها المصنوعة، فإن "مكونات الفرد تستطيع إدراج الفرد في سياقها بل حتى استعماره" .
    في ثنايا تكوين الهويات الاجتماعية، هناك دائماً مجموعة داخلية، تمثل الهوية الاجتماعية المبتغاة، ومجموعة هامشية، تحتاج إلى الموازنة حتى تتماهى مع النموذج. وفي مثل هذه الحالات، فإن الأولى تمثل اللب، وتحتل مركز الصدارة من تلك الهوية الاجتماعية، بينما تمثل الثانية الدائرة الخارجية وتحتل الهامش. الأولى مستحوذة على الامتيازات، والثانية تبحث عن ذلك. الأولى تملك صلاحيات إضفاء الشرعية على الثانية أو حرمانها منها. ويلجأ شارلس تيلور إلى استخدام مصطلحي "التعرّف، والغيرية". ويقول أن هويات البشر "تتكون جزئياً بالتعرف أو غيابه، أي بالانتباه إلى غيرية الآخرين" .
    وعلى سبيل المثال، بينما تمثل الطبقات الوسطي والعليا، مركز الهوية الأمريكية، فإن السود واليابانيين ...الخ الأمريكيين يمثلون تخوم هذه الهوية. ويحتكر المركز الحق في الاعتراف أو عدمه، بهذه المجموعات. ويمكن للتوتر بين المركز والتخوم أو الهوامش أن يظل مكتوماً، أو فاعلاً علي مستويات أدنى في الأوقات العادية والسلمية. وتبدو عباءة الهوية وكأنما هي قادرة على نشر أجنحتها ومد ظلالها على كل المجموعات التي تكون الأمة. ولكن المركز يلجأ في لحظات التوتر إلي استغلال صلاحيات الاعتراف أو إساءة استخدامها. ويمكن حينها أن يسحب المظلة عن أية مجموعة هامشية إذا رأى أن الضرورة تستدعى ذلك. وقد حدث هذا بالفعل في الحرب العالمية الثانية، حينما تم احتجاز اليابانيين الأمريكيين في معسكرات الاعتقال، لأن ولاءهم لأمريكا صار موضع شك من قبل مركز الهوية الأمريكية، ويمكن الاستدلال على الأسلوب الانتقائي للمركز في استخدام صلاحيات الاعتراف وسحب الاعتراف، بأن الأمريكيين الألمان لم يتم اعتقالهم، بالرغم من أن ألمانيا كانت هي القوة الرئيسية في دول المحور الأوربية. ولذلك قرر المركز أن يسحب الاعتراف عن الأمريكيين اليابانيين أثناء الحرب، وإعادته إليهم بعدها. ويمكن أن تقول نفس الشي عن بريطانيا، حيث تمثل الهوية الإنجليزية مركز الهوية البريطانية. فمن الملاحظ أن مصطلح "إنجليزي" يستخدم كثيراً من قبل المجتمع الإعلامي ندما يكون المقصود "بريطاني"، وهو ما يسبب الضيق للوطنيين باسكوتلاندة وويلز.
    وتلاحظ الجماعات السوداء البريطانية أيضاً أن وسائل الإعلام البريطانية المركزية تطلق على الرياضيين الأفرو كاريبيين صفة "بريطانيين" عندما يكسبون الميداليات لبريطانيا، وصفة "كاريبيين" عندما يخسرون.هذه الأمثلة توضح التوترات بين المركز والهامش داخل كل هوية، كما تشير إلى ديناميات وعمليات الاعتراف وسحب الاعتراف التي تشتغل بين المركز والهامش.
                  

11-03-2007, 11:42 PM

محمد على النقرو
<aمحمد على النقرو
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 1070

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    up
                  

11-03-2007, 11:49 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: محمد على النقرو)


    تغيير الهوية:-
    مستنداً على نموذج ابتدعه توماس شيللنج، يحاول ليتين تفسير تحولات الهوية عن طريق "منظومات" السلوك وما يترتب عليها من "ميول". وتحدث منظومات السلوك عندما يتكون سلوك الناس أو أفعالهم مستندة إلى، ومدفوعة بتوقعاتهم لما يمكن أن يفعله الآخرون. وعندما تفكر أعداد كبيرة من الناس في المجموعة، أن أعضاءها الآخرين سيفكرون بطريقة معينة، وسيتصرفون وفق ذلك التفكير، فإن المجموعة"تميل" أو "تنتقل" فجأة من نظامها المعتاد قبل نمط السلوك الجديد، إلى نظام آخر جديد. ولتوضيح كيفية "ميل" المجموعات واستوائها يورد ليتين المثال التالي:" خذ حالة واحد أو اثنين من الأفرو –أمريكيين يشتريان منزلين بضاحية "بيضاء" مستقرة. فجأة تفكر العائلات البيضاء، وقد اندفعت كل منها بالخوف من أن تكون آخر أسرة بيضاء بالضاحية، في بيع منازلها. ولكن الأفرو أمريكيين هم وحدهم الراغبون في الشراء. وبسرعة خاطفة "تتحول" أو "تميل" الضاحية من بيضاء إلى أفرو- أمريكيين" .
    تتحول الهوية بنفس الطريقة، أي تستوي وتنتظم في سياق متخيل . ويعطينا ديفيد ليتين، في دراسته الميدانية للجالية الروسية بأستونا، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتقلص حدوده، مثالاً واضحاً على تحول الهوية. وقد قام بشرح الجهود التي بذلها الأفراد الروس، وقد وجدوا أنفسهم غرباء وسط مجتمعات كانوا يهيمنون عليها في يوم من الأيام، للتأقلم مع الواقع الجديد. وقد اجتهد الروس باستونيا للحصول على الجنسية الأستونية. فبدأوا يدرسون اللغة الأستونية التي لم يشعروا بضرورة دراستها قبل انهيار الاتحاد، إذ كان الأستونيون هم المجبرون على دراسة اللغة الروسية. ويستنتج ليتين أن رغبة هؤلاء الناس في الحفاظ على سلامة عائلاتهم، وفي تفادي الإبعاد، أعطتهم حافزاً لتحويل الهوية. وهذا بدوره يضع الأساس لصنع هوية أستونية لأحفادهم، وهذا يعني إنهم كمجموعة، يتحركون نحو "انقلاب" هويتهم .
    تعيش المجتمعات عادة في توازن. وفي هذه الحالات تشعر الجماعات أن العالم ثابت ثباتاً مطلقاً. حينها تكون الهويات بمأمن من الشكوك، ولا تكون هناك حوافز للتغيير، ويشترك الجميع في تصور ضمني لمن يكونون. وتضطلع النخب الثقافية والسياسية، لكل مجموعة،بإصباغ المعني على هذا التوازن، بإنتاج المعتقدات، والمحاذير، والمبادئ ، والأساطير والنظم الرمزية. في هذه المرحلة يمكن وصف المجموعة بأنها حققت ذاتها، أي إنها تعيش في انسجام مع بيئتها، وتري العالم بأم عينها. ولكن الحوادث والاضطرابات يمكن أن تزلزل التوازن، وتشيع عدم الاستقرار وسط الجماعة، وتقود إلى أزمة هوية، وتدفع بعض الناس إلى استكشاف هويات جديدة. في هذه الحالة غالباً ما تنقسم النخبة الثقافية والسياسية إلى أولئك الذين يحاولون الدفاع عن الوضع القائم، وأولئك الذين يحاولون خلق منظومة جديدة، تحقق توازناً جديداً .
                  

11-04-2007, 00:37 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    أبعاد الهوية :-
    ليس بمقدور أية نظرية منفردة، من النظريات التي تم تلخيصها فيما سبق، أن تفسر تعقيدات الهوية السودانية الشمالية، ولذلك تنشأ الضرورة لصياغة تركيبة منها جميعاً لتحقيق هذه الغاية. واستناداً إلى ما سبق، يمكن للمرء أن يضع اليد علي ثلاثة عوامل، تستطيع إذا ما تفاعلت مع بعضها البعض، أن تفسر كل هوية اجتماعية. العامل الأول هو تصور المجموعة لنفسها. العامل الثاني هو تصور الآخرين للمجموعة. العامل الثالث هو الاعتراف أو عدمه من قبل مركز الهوية بهذه المجموعة. إذا تفاعلت هذه العوامل الثلاثة بصورة منسجمة، أي إذا كان تعريف الناس لها مقبولاً و واقعياً.
    وإذا كان مركز تلك الهوية يمحضها اعترافه، حينها يقال أن تلك المجموعة تعيش في توازن. وهنا تتقدم النخبة الثقافية والسياسية لإعطاء هذا التوازن معناه، مزودا إياه بمنظومة من المعتقدات، والقيود، والمبادئ ، الأساطير والنظام الرمزي. ويحاول النظام الرمزي إشاعة الانسجام في كل العالم المحيط بهذه المجموعة أو بمعني آخر، يحاول جعل العالم كله يبدو وكأنما ينبثق من الذات الجماعية للمجموعة، أو كأنما هو بعد واحد من أبعاد هويتهم. في هذه المرحلة يمكن وصف المجموعة بأنها صارت ذاتها، وأنها ترى العالم بعيونها أصالةً. أحد الأمثلة على الكيفية التي يشتغل بها النظام الرمزي، هو الكيفية التي أعادت بها الثقافات الغربية رسم صورة المسيح لجعله شبيهاً بالانجلو –ساكسون. وقد حدث هذا رغم حقيقة أنه يهودي، ولم يكن له بأي حال ما الأحوال شعر أشقر ولا عيون زرقاء. ومع ذلك كانت إعادة التركيب والصياغة هذه ضرورية من أجل تحقيق الانسجام في هوية البيض، لأن الناس يدركون العالم بصورة افضل، عندما يعبدون آلهاً يشبههم، وليش آلهاً غريباً عنهم.
    ومن الجانب الآخر، إذا تفاعلت العوامل الثلاثة بصورة متناقضة، إي إذا كانت تصورات الناس لأنفسهم لا تنسجم مع الطريقة التي يعرفهم بها الآخرون؛ أو، وهذا أخطر الأمور؛ إذا كانت القوى المالكة لصلاحيات إضفاء الشرعية، لم تقبل تعريف الجماعة لنفسها، فإن هذه الجماعة توصف بأنها تعيش تناقضاً، وعدم انسجام. في هذه الحالة لا ينبثق النظام الرمزي من الذات الجماعية للجماعة، بل يكون مستعاراً في العادة من مركز الهوية التي تهفو إليها تلك الجماعة، وترغب أن "تكونها".
    هذه الشروط تعد المسرح لبروز تناقضات الهوية، ولزحف عدم الاستقرار إلى خلايا المجتمع، ولتفاقم أزمة الهوية حتى تسد عليه الأفق.
                  

11-04-2007, 00:51 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    أزمة الهوية:-
    يمكن لأزمة الهوية أن تحدث علي المستويين، الشخصي والاجتماعي. على المستوي الشخصي، تنشأ الأزمة عندما تحين لحظة إحداث التوافق بين التماهيات الطفولية وبين تعريف جديد وعاجل للذات، وأدوار مختارة لا يمكن النكوص عنها . يضاف إلى ذلك أن الهوية الشخصية تقوم علي جهد يستمر كل الحياة، كما يقول اريكسون، والفشل في تحقيقها يسبب أزمة ربما تكون لها نتائج مدمرة على الأفراد . أما على المستوى الاجتماعي، فتنشأ الأزمة عندما يفشل الناس، وهم يصنعون هوياتهم ، في العثور على نموذج يناسبهم تماماً، أو عندما " لا يحبون الهوية التي اختاروها أو اجبروا على تبنيها" ولأن الهويات الاجتماعية يتم تكوينها عادة " من التشكيلة المتاحة من التصنيفات الاجتماعية، فإن ظهور الخلعاء يكون حتمياً" . كذلك يمكن أن تحدث الأزمة عندما يسود الغموض نظرة الناس إلى هويتهم، أو يفتقرون إلى هوية واضحة . وفى حالة أخرى يمكن أن تنشأ أزمة الهوية عندما يكون هناك تناقض بين هوية الشخص ونظرة الآخرين إلى الهوية ذاتها. وأخيراً يمكن أن توجد أزمة الهوية إذا كان مركز الهوية، أي الجهة التي تملك صلاحيات إصباغ الشرعية، لا تعترف بادعاءات الهامش.
                  

11-04-2007, 01:28 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    عوامل الأزمة في شمال السودان:-
    من ضمن العوامل التي تسبب أزمة الهوية في أية جماعة، يمكن وضع اليد علي ثلاثة عوامل، تنطبق على السوداني الشمالي. أولاً هناك تناقض بين تصور الشماليين لذواتهم، وتصورا ت الآخرين لهم. فالشماليون يفكرون في أنفسهم كعرب، ولكن العرب الآخرين لهم رأي أخر، فتجربة الشماليين في العالم العربي، وخاصة في الخليج، أثبتت لهم بما لا يدع مجالاً للشك، أن العرب لا يعتبرونهم عرباً حقاً، بل يعتبرونهم عبيداً. وقد تعرض كل شمالي تقريباً للتجربة المريرة بمخاطبته كعبد. يمثل عرب الشرق الأوسط، وخاصة عرب الجزيرة العربية، والهلال الخصيب، لباب الهوية العربية التي تهفو أفئدة الشماليين إليها، وتطمح للانتماء إليها. فهؤلاء "العرب الأصلاء الأقحاح" يحتلون مركز هذه الهوية، ويتمتعون بصلاحيات إضفاء الشرعية أو سحبها من ادعاءات الهامش. ويمثل الشماليون، من الجانب الأخر، الدائرة الخارجية من الهوية العربية، ويحتلون الهامش ويتطلعون إلى إدنائهم للمركز، كعلامة من علامات الاعتراف. سحب الاعتراف عن أية مجموعة من قبل الأخريات، وخاصة إذا كانت هذه الأخريات يمثلن مركز الهوية، يمكن أن يلحق أثراً مؤذياً بهذه المجموعة . وكما قال شارلس تيلور: "يمكن أن يلحق بالشخص أو المجموعة من الناس، أذى حقيقي، وتشويه حقيقي، إذا عكس لهم المجتمع الذي حولهم، صورة عن أنفسهم، تنطوي على الحصر والحط من الكرامة والاحتقار . وقد كان المركز أبعد ما يكون عن الاعتراف بالشماليين عندما سماهم "عبيداً" ، وأبقاهم بالتالي،إذا استخدمنا مصطلح تيلور، "على مستوى أدنى من الوجود" .
    العامل الثاني في أزمة الهوية بشمال السودان، يتعلق "بالغموض" حول الهوية. وقد وقف الشماليون وجهاً لوجه أمام هذه الظاهرة، خاصة في أوروبا وأمريكا ، حيث يصنف الناس حسب انتماءاتهم الاثنية والاجتماعية. ففي عام 1990 ، عقدت مجموعة من الشماليين اجتماعاً بمدينة بيرمنجهام لمناقشة كيفية تعبئة استمارة المجلس، وخاصة السؤال حول الانتماء الاثني. فقد شعروا أن أياً من التصنيفات الموجودة ومن بينها "ابيض ، أفرو- كاريبي ، أسيوي، أفريقي أسود، وآخرون " لا تلائمهم.الذي كان واضحاً بالنسبة لهم إنهم ينتمون إلى "آخرون" ولكن الذي لم يكن واضحاً هو هل يحددون أصلهم "كسودانيين، أو كسودانيين عرباً ، أو فقط كعرب؟ ".و عندما أثار أحدهم السؤال : لماذا لا نؤشر على فئة "أفريقي-أسود" ؟ كانت الإجابة المباشرة هي: "ولكننا لسنا سوداً" وعندما ثار سؤال أخر لماذا لا نضيف "سوداني وكفى؟ كان الجواب هو:" "سوداني" تشمل الشماليين والجنوبيين، ولذلك لا تعطي تصنيفاً دقيقاً لوصفنا" ولوحظت ظاهرة الغموض حول الهوية كذلك في الشعور بالإحباط والخيبة الذي يشعر به الشماليون، عندما يكتشفون لأول مرة، أنهم يعتبرون سوداً في أوروبا وأمريكا. وتلاحظ كذلك في مسلكهم تجاه المجموعات السوداء هناك. إطلاق كلمة اسود على الفرد الشمالي، المتوسط ، كانت تجربة تنطوي على الصدمة. ولكن الجنوبيين يرونها مناسبة للمزاح، فيقولون لأصدقائهم الشماليين : "الحمد لله، هنا أصبحنا كلنا سوداً " أو "الحمد لله، هنا أصبحنا كلنا عبيداً" . مسلك الشماليين تجاه المجموعات السوداء بهذه البلدان، شبيه لمسلكهم إزاء الجنوبيين. وغالباً يطلقون عليهم كلمة "عبد" وقد أشار واحد ممن استطلعت أراءهم، إلى الافرو –كاريبيين كجنوبيين .
    العامل الثالث من عوامل الأزمة يتعلق،" بخلعاء" الهوية، أو أولئك الذين لا يجدون موضعاً ملائماً داخلها. فالشماليون يعيشون في عالم منشطر، فمع إنهم يؤمنون انهم ينحدرون من " أ ب عربي" و" أم أفريقية" فإنهم يحسون بالانتماء إلى الأب الذي لا يظهر كثيراً في ملامحهم، ويحتقرون الأم، الظاهرة ظهوراً واضحاً في تلك الملامح. هناك انشطار داخلي في الذات الشمالية بين الصورة والتصور؛ بين الجسد والعقل، بين لون البشرة والثقافة، و بكلمة واحدة بين " الأم والأب". فالثقافة العربية تجعل اللون الأبيض هو الأساس والمقياس، وتحتقر اللون الأسود. وعندما يستخدم الشماليون النظام الدلالي للغة العربية والنظام القيمي والرمزي للثقافة العربية، فأنهم لا يجدون أنفسهم، بل يجدون دلالات وقيماً تشير إلى المركز. فالذات الشمالية كذات غائبة عن هذا النظام، ولا تُرى إلا كموضوع، من خلال عيون المركز، ومن هنا جاء " الخلعاء".
                  

11-04-2007, 01:38 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    آثار الهوية الهامشية على النفسية الشمالية:-
    لا شك إن هذا الموقع الدون، كانت له آثاره على نفسية الفرد الشمالي، فعندما أفاق هذا الفرد، على إن الخصائص المعيارية، المثالية، لهذه الهوية، هي البشرة البيضاء، والشعر الناعم المرسل، والأنف الاقني المستقيم، وجد أنه يفتقر إلى بعض هذه الخصائص والصفات، واستشعر الحاجة للحصول عليها أو التعويض عنها، فصار مفهوماً أن اللون كلما مال إلى البياض، كلما صار الشخص أقرب إلي المركز، وكلما صار ادعاؤه بالانتماء العربي أكثر مشروعية. وعندما تتعثر الاستجابة لشرط اللون، كما هو بالنسبة لأغلب الشماليين، يحاول الفرد أن يجد ملاذاً أو مخرجاً في الشَعْر، للبرهان على أصله العربي؛ فكلما كان الشَعْر ناعماً، كلما كان الشخص أقرب إلى المركز . وعندما يفشل المرء في امتحان الشَعْر هو الأخر، يحاول أن يجد ملاذه الأخير في شكل الأنف، وكلما كانت قريبة من المعايير العربية للأنف، كلما كان ذلك أفضل، إذ إنها، على الأقل ستكون شاهداً على أصل غير زنجي.
                  

11-04-2007, 01:50 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    إحساس باللون مصحوب بالحرج:-
    عندما يجد الفرد نفسه مفتقراً إلى ما يعتبره القسمات المعيارية، فإنه عادة ما يحاول التعويض عنها أو إكمالها. ولأن الزواج يعطي الأفراد فرصاً للتعويض والإكمال، فإن الفرد الشمالي المتوسط، يتطلع ويبحث عن الارتباط بآخر يكون قريباً من المثال في اللون والقسمات . فمثل هذا الاتحاد يعطي الفرد، رجلاً أو امرأة، فرصة للتعويض عن سواده )أو سوادها(، كما يعطيهما فرصة لتخليص أطفالهما منه. وفي دراستها الممتازة لقرية شمالية أطلقت عليها الاسم الوهمي "حفريات" توصلت جانيس بودي ،إلى مدى حدة وعي القرويين باللون. فقد عرفت منهم أن هناك تراتبية لونية،حسب الأفضلية "تتدرج من الأصفر، أي الفاتح،وتمر بدرجات أكثر دكنة تسمى "الأحمر" ، "الأخضر" ، و"الأزرق"" ثم تستطرد فتقول أن كلمة )أسود(" تستخدم دائماً للجنوبيين والأفارقة" .و مع إن هذا المقتطف من "بودي" يبرهن على أفضلية الألوان الفاتحة وسط الشماليين، إلا أن ترجمتها الحرفية للاصطلاحات اللونية الشمالية، مثل أصفر ، أسمر ، أخضر، وازرق ، ربما تسبب بعض التشويش، إذا لم تشرح. ومن أجل شرحها، سأعيد صياغة عبارات "بودي" على النحو التالي: اللون الأول من حيث الأفضلية هو الأصفر ، وهذا هو معناه الحرفي، ولكنه يستخدم مع الأحمر للإشارة إلى البياض. اللون الثاني من حيث الأفضلية هو" الأسمر" وهذا يعني حرفياً الميل إلى الحمرة، ولكنه يستخدم لوصف تشكيلة لونية تتراوح من الفاتح إلى الأسمر الغامض. وهذه التشكيلة تشمل في العادة تقسيمات مثل "الذهبي" ، "القمحي" ، و"الخمري". اللون الثالث هو "الأخضر" ، ويستخدم كبديل مهذب عن كلمة "اسود" عندما يستخدم في وصف الشمالي الداكن اللون .وأخيرا،ً وآخراً "الأزرق" ولكنه يستخدم بالتبادل مع "الأسود" أي لون "العبيد".
    إن الشمالي المتوسط ينظر إلي اللون الأسود كمشكلة تستوجب الحل. ومع أن الإناث يتعاملن معها مباشرة باستخدام الأصباغ، إلا أن الرجال يتعاملون معها بطريقة غير مباشرة أي الارتباط بأنثي فاتحة اللون . ولكن وبصرف النظر عن الشعور بالرضى الذي يوفره هذا الإجراء التعويضي والاستكمالي للفرد، إلا أنه يظل باقياً. ما يزال قدر كبير من القلق يفرزه الشعور الملازم للفرد بأنه يحمل معه أينما ذهب ذلك اللون الخطأ. ومن أجل مقاومة هذا القلق يجب توظيف ميكانزمات دفاعية ملائمة. وهنا يصبح اللون الأسمر هو المعيار، ويعطي اللون الأسود اسماً أخر. ولتفادي وصف الذات بأنها "سوداء"، ابتدع الوعي الجماعي الشمالي لفظة" أخضر" والتي كانت تستخدم أصلاً في وصف اللون الداكن للأرض. وبناء على ذلك، بينما يكون الشمالي الداكن اللون "أخضراً" ، فإن الجنوبي الداكن اللون بنفس القدر يسمي "أسوداً".
    وفي نقاشه لمفهوم اللون لدى الشمالي، يكتب فرانسيس دينق ما يلي:
    "يركز الكبرياء اللوني الشمالي على اللون الأسمر الفاتح للبشرة، ويعتبره المثال والمعيار بالنسبة للشمال، وبالتالي للسودان. إذا صار اللون "فاتحاً" أكثر من اللازم بالنسبة للسوداني، فإنه يصبح مهدداً باعتباره"خواجا" أو "أوروبي"، أو عربي من الشرق الأوسط، أو ، وهذا أسوأ الاحتمالات، اعتباره "حلبياً"، وهو اللفظ المستخدم لفئة الغجر، المعتبرة الأدنى قدراً من جميع الفئات ذات البشرة البيضاء. الوجه الأخر من العملة، هو بالطبع، النظر إلى الجنس الأسود كجنس أدنى، وهي حالة تلطفت العناية الرحيمة بإنقاذ المرء من براثنه. ومن هنا فإن العنصرية السودانية الشمالية، والشوفينية الثقافية، تنزل لعنتها في نفس الوقت بشديدي السواد وشديدي البياض .
    ومع أن ملاحظة دينق صحيحة بصورة عامة، إلا أنها تحتاج إلى كثير من الضبط.فأنا أعتقد إن "أحمر" أي "أبيض" هو المعيار اللوني النهائي للشمالي المتوسط، فهو يعتبر اللون المثالي للمجموعة الداخلية، أي مركز الهوية العربية. في حين لا يكون اللون الأسمر معياراً إلا على مستوي أدني، وإلا كآلية دفاعية، مجبرة على تبنيه كواقع لا مهرب منه. وعلى عكس الأبيض، فإن الأسمر ليس جيداً لمزاياه الخاصة، بل فقط كبديل للأبيض الغائب. ومع أن الأغاني الشعبية غالباً ما تتغنى بالنظرات الساحرة للحبيب الأسمر "أسمر يا ساحر المنظر" ، إلا أن النظام الدلالي المهيمن للثقافة العربية الإسلامية، يجعل اللون الأبيض هو المعيار والمثال،كما سنوضح أدناه. ولو كان الشماليون قد استطاعوا تطوير نظام دلالي شامل ومنسجم، يجعل الأسمر معياراً، لاستطاعوا حل الجزء الأكبر من أزمة هويتهم.
    ومع أن الشماليين يستقبحون اللون الفاتح جدا)أي الأحمر( ،واللون الموغل في السواد، إلا أنهما لا يستقبحان بنفس الدرجة. فالوصمة الاجتماعية اللاحقة باللون "الأسود" ترجع إلى إنه لون "العبيد". أما وصمة اللون "الأحمر" فتتعلق بكونه لون الحَلَب أو الغجر، فالحَلَب ، الذين ينظر إليهم كفئة منحلة أخلاقياً ومنحطة سلوكياً، يعتبرون فئة "منبوذة اجتماعياً" الصيغ الثقافية التي تزدري اللون الأسود شائعة بصورة مزعجة، وعميقة الجذور في الثقافة والأدب العربيين، عكس تلك التي تزدري اللون الأحمر، والتي هي شحيحة ولم تظهر إلا مؤخراً مع الغزو التركي للسودان. وقد جاءت هذه المقولات الثقافية الأخيرة نتيجة للبشاعات التي ألحقها الترك بالمواطنين، والتي جعلت الشماليين ينظرون إلى الأتراك كصور مجسمة للفساد، والشراهة والجبن. وجاءت الثورة المهدية ضد الأتراك، وانتصارها الساحق عليهم، لتكثف وتعمق من احتقارهم في عيون الشماليين. وهذه هي الفترة التي ظهرت فيها عبارة "الحمرة الأباها المهدي" ولذلك فإن اللعنة التي حلت باللون الأحمر، آخذين بالاعتبار هذه الحدود وهذا السياق، لم تكن مطلقة. والواقع أن الأحمر يعتبر بصورة جوهرية، سواء بالنسبة للثقافة العربية أو الثقافة السودانية المحلية، تجسيداً للجمال. ففي" قاموس اللهجة العامية في السودان" قال عون الشريف قاسم ما يلي حول اللون الأبيض:
    "إنهم )أي العرب (يسمون الفرد ذا اللون الأبيض "أحمر". فعائشة زوجة النبي كانت تسمى "الحميراء" (وهي تصغير أحمر) لأن لونها كان أبيضاً. وكان العرب يسمون الفرس والروم ، أيضاً حُمراً (جمع أحمر)، لأن ألوانهم بيضاء. ويقصدون اللون الأبيض حينما يقولون "الحسن أحمر" .
    وتوضح جانيس بودي كيف كانت نساء قرية "حفريات" ذوات وعي باللون. فبالنسبة لهن "اللون الأبيض نظيف، جميل وعلامة على قداسة كامنة"وقد أخبرنها مراراً وتكراراً أنها كامرأة بيضاء، تملك فرصاً أفضل منهن بمراحل، لدخول الجنة، إذا اعتنقت الإسلام. وأضفن أن فرصها أفضل من جميع السودانيين في دخول الجنة. وكانت الأسباب التي ذكرنها هي : "وذلك لأن النبي محمداً ابيض، وكل البيض من البشر أعلى شأناً لأنهم ينتمون إلى قبيلته البيضاء" .
    يضاف إلى ذلك ، أن احتقار الأحمر (أي الأبيض) يبقى فقط علي مستوى التنظير، ولا ينعكس في المسلك الاجتماعي للسوداني الشمالي. فعلى سبيل المثال أبدى الشماليون استعداداً للتزاوج مع البيض، سواء كانوا أوروبيين أو عرباً، ولكنهم عبروا عن تثاقل وصد في التزاوج مع السود، سواء كانوا جنوبيين أو أفارقة عموماً . وبصورة أكثر تحديداً، بينما لا يجد الشماليون حرجاً في تزويج بناتهم للفئة الأولى، إلا انهم لا يتصورون مجرد تصور تزويجهن من الفئة الثانية .
                  

11-04-2007, 02:37 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    الوعي المحرج بالهامشية:-
    يمكننا أن نلاحظ مظهراً أخر من مظاهر تأثير الهوية الهامشية على النفسية الشمالية في المسلك السياسي للطبقة الحاكمة الشمالية. فأول القرارات التي اتخذتها الطبقة الحاكمة الشمالية بعد الاستقرار هو الانضمام للجامعة العربية.
    ويخبرنا محمد أحمد محجوب: "سارعنا بالانضمام إلى الجامعة العربية مباشرة بعد إعلان الاستقلال" . ولأنها كانت واعية بموقعها علي هامش العالم العربي، رضيت هذه الحكومة بدور متواضع، ولم تتخذ موقفاً منحازاً في الصراعات العربية الداخلية، سواء مع الراديكاليين أو المحافظين . ومثله مثل أي كيان هامشي، يكاد السودان أن يُنسى تماماً في أوقات الهدوء والانسجام. ويعلمنا التاريخ انه فقط في أوقات الاضطرابات المصاحبة للحروب والانتفاضات، والتي تهز بعنف وتمزق النسيج الاجتماعي، يمكن للنساء والعبيد، كفئات مهمشة، أن ينعموا باعتراف المركز. ,على ذات النسق، فقط عندما كان العرب في قمة الشعور بالمهانة والإحباط ، نتيجة للهزيمة الساحقة التي ألحقتها بهم إسرائيل عام 1967، تذكروا السودان، وأدنوه من المركز، وسمحوا له أن يلعب دوراً حيوياً داخل الجامعة العربية. فحياد السودان، أو قل دور المتفرج الذي كان يلعبه، هو الذي أهله لاستضافة مؤتمر القمة العربية عام 1967. ويخبرنا المحجوب: "كانت الخرطوم هي الموقع الوحيد المقبول سياسياً لعقد المؤتمر، بالنسبة للمحافظين والمتطرفين من القادة العرب" ولكن ما لم يخبرنا به هو أن الهامش صار مكاناً ملائماً بالنسبة للمركز ليلعق جراحه في جنباته.
                  

11-04-2007, 03:37 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    منهج حمل المتاع:-
    المظهر الأخر لتأثير الهوية الهامشية هي ما يمكن أن نسميه منهج" حمل المتاع". فالهوية الهامشية ترنو دائماً إلى المركز كمصدر للإلهام الثقافي، والديني والسياسي، وكمجال للسياحة الفكرية. إنها ميالة لاستعارة المنتجات الفكرية للمركز، وليس متوقعاً منها أن تنتج أو تُعير. يقول شون أوفاهي:"السودان النهري الشمالي تفاعل دوماً مع مصر، أم تطلع عبر البحر الأحمر إلى الجزيرة العربية" فالرابطة الثقافية بين الشماليين والعالم العربي، كانت على وجه العموم طريقاً ذا اتجاه واحد، تنتقل فيه المنتجات الثقافية، من خارج الحدود الشمالية، عكس مجرى النيل، أو من الشرق عبر البحر الأحمر. ومن المثير للدهشة أن كل حزب في العالم العربي، تقريباً، له فرع في شمال السودان، فهناك حزب البعث العربي الاشتراكي، بجناحيه السوري والعراقي، وهناك الحزب الناصري، ومؤتمرات القذافي الشعبية، والحركة الوهابية السعودية، وحركة الأخوان المسلمين المصرية. كل هذه الحركات والأحزاب لها فروعها في السودان. وكانت ثورة 1924، والحركات الاتحادية مؤخراً، في الأربعينيات، والتي عملت كلها تحت الرعاية المصري، تهدف إلى تحقيق الوحدة السياسية مع مصر وبالنسبة للمركز، ليس الهامش سوى خواء ثقافي وسياسي، إن لم يكن سلة للنفايات، ينبغي ملؤها. وهذا هو السبب الذي يجعل مختلف فئات المركز تتسابق لملئه.
                  

11-04-2007, 04:54 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    التواؤم مع المركز:-
    علامة أخرى على تأثير الهوية الهامشية، على نفسية الفرد الشمالي، تتمثل فيما يمكن أن اسميه:"الميل للتواؤم". فمن الملاحظ أن أغلبية الشماليين الذين يعملون في أقطار عربية مختلفة يتبنون لهجات البلدان التي يجدون أنفسهم فيها. وحتى عندما يعودون إلى السودان، يكون الاحتمال كبيراً، أن تصبح هذه اللهجات، أو على الأقل بعض كلماتها وعباراتها، جزء من الذخيرة ا للغوية للشخص المعين. ومن الملاحظ أيضاً أن القلة من العرب الذين يجيئون إلى السودان لا يغيرون لهجاتهم حتى إذا مكثوا وسط السودانيين لعدة سنوات. بل إن الشماليين الذين يختلطون بهؤلاء العرب، في السودان، غالباً ما يعدلون لغتهم ولهجتهم حتى تتوافق مع لسان العرب الذين يعيشون وسطهم .
                  

11-04-2007, 07:01 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    الوعي بخفاء الهامش:-
    نسبة لأن الهامش يشعر بحالة من الخفاء، إزاء المركز، فهو محتاج دائما للإعلان عن نفسه. ولذلك فإن علامة أخري من علامات الهوية الهامشية للشماليين، هي تركيزهم المفرط علي الأصل العربي، فالشماليون، وخاصة نخبتهم، يرددون دائما أنهم عرب. فعبارات مثل : "أنا عربي ولدي شجرة نسب" ، أو "أنا عربي شئت ذلك أم أبيت" أو "نحن عرب العرب" أو "أنا عربي، قوميا وثقافيا" تتكرر دائما في خطاب النخبة السياسية والثقافية. وعلي عكس النخبة في العالم العربي، التي لا تحتاج لإثبات أمر واضح بذاته، يشعر الشماليون بالحاجة للتعويض عن عياب القسمات العربية بالكلمات العربية. وينظر المرء لهذه الظاهرة باعتبارها استمراراً للظاهرة القديمة التي كانت سائدة وسط الشماليين لكتابة شجرة النسب. فالظاهرتان تعكسان الشكوك العالقة بادعاءات الشماليين للعروبة.
    وتمثل كل هذه العلامات، شواهد علي أن الشماليين يعانون كل أعراض "عدم الاعتراف"، التي ناقشها شارلس تيلور في كتاب "سياسات الاعتراف"، وخاصة استبطان الدونية، "الحط من قيمة الذات"، و"الكراهية الخانقة للذات".
                  

11-05-2007, 01:56 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    تكوين الهوية العربية الإسلامية في الشمال :
    السودان الشمالي الحالي هو موطن الثقافة النوبية التي ازدهرت لعدة آلاف من السنين قبل مولد المسيح، وهو موطن الممالك النوبية العظمى. وتقف الأهرامات حتى الآن في أرض النوبة، شاهدة علي عظمة الأمة النوبية. وفي القرن الثامن قبل الميلاد قامت المملكة النوبية باحتلال كل أرض مصر وفرضت سلطانها علي وادي النيل . وكانت مملكة النوبة لاعباً أساسيا في المسرح العالمي في العالم القديم، و أقامت الصلات مع عدة حضارات. وكما أوضح لويدس بنغاي "للسودان الشمالي حضارة قديمة مزدهرة، سابقة لحضارة مصر الفرعونية ولمجيء الإسلام. وكانت النوبة ذات علاقة مع كل حضارة ظهرت في مصر .. الإغريق .. الرومان .. العرب .. الأتراك والبريطانيين" .
    دخلت المسيحية إلي النوبة في القرن السادس، وحولتها إلى مملكة مسيحية، استمرت ألف عام. ومباشرة بعد ظهور الإسلام في القرن السابع، فتح المسلمون مصر، وطرقوا أبواب دنقلا عاصمة النوبة. ومع أن مقاومة النوبيين قد نجحت في إيقاف الزحف الإسلامي، إلا أنها لم تفلح في طرد العرب من الأراضي النوبية . وقد أدت حالة التوازن التي قامت بين الطرفين إلي الوصول إلي تسوية سياسية. وقد أبرمت معاهدة بين النوبيين والعرب عام 651 – 652 ميلادية، وتفسر هذه الاتفاقية تفسيرات مختلفة من قبل الكتاب المعاصرين. وبينما يراها بعض هؤلاء الكتاب في صالح العرب ، فإن آخرين يعتبرونها نصرا للنوبة . ولكن الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن مملكة النوبة حققت ما لم تحققه مملكة أخرى في الزمان القديم، وهو إيقاف الزحف الإسلامي الذي كان لا يقاوم. كان المسلمون يقسمون العالم إلي دار الإسلام ودار الحرب. ولما بقيت النوبة وحافظت علي سلامة أراضيها كان علي المسلمين أن يخلقوا فئة ثالثة، لا هي دار إسلام ولا دار حرب، فأطلقوا عليها دار العهد. ومع أن الاتفاقية ضمنت سيادة النوبة لمدة ألف سنة تقريبا، إلا أنها فتحت المجال للعرب ليدخلوا بحرية من أجل التجارة، مما دشن عملية الأسلمة والتعريب، التي قادت في نهاية المطاف إلي انهيار المملكة.
    ومع أن الهوية العربية الإسلامية يمكن إرجاعها إلي دخول العرب السودان، إلا أنها ظاهرة حديثة نسبيا. فالقرنان الرابع عشر والخامس عشر، يعتبران فترة تغيير في السودان النيلي. فالحركات الاجتماعية وخاصة تلك الخاصة بالعرب والفونج، مصحوبة بالتطورات الاقتصادية والثقافية الوافدة من الأقطار المجاورة ، وفرت ظروفا مواتية لعمليات الأسلمة والانتماء إلي العرب. فالرحالة الذين جاءوا إلي مملكة الفونج في الربع الأول من القرن السادس عشر، وصفوا تكوينات أثنية شبيهة بتلك التي نجدها في سودان اليوم. فقد وصفت قبائل الشايقية والجعليين والرباطاب باعتبارهم برابرة، أي نوبيين شماليين، من قبل غيليود الذي زار مملكة الفونج عام 1523 . وقد وجد غيليود أن سكان المملكة ينقسمون إلي ست فئات أثنية وكانت هذه الفئات من الوضوح والتمايز بحيث لم يكن هناك فرد واحد لا يعرف إلي أي منها ينتمي . خمس من هذه الفئات صنفت حسب لون البشرة، بشكل أساسي. كان لون الفونج هو "الأزرق". "كان لونهم لو النحاس". حسب غيليود .. وكان العبدلاب قريبين في ألوانها وملامحهم من الفونج، إذا أستثنينا شعورهم الملتفة، وكان لونهم أخضر، (أي نحاسي غامق إلي أسود). أما البرارة، أي الجعليين والرباطاب والشايقية والدناقلة، فوصفوا بأنهم "خاطف – لونين"، أي خلطة من لونين. يقول غيليود "أفراد هذه الفئة نصف صٌفر ونصف خٌضر .. وفصيلة الدم التي نغلب عليهم هي تلك التي نجدها عند الأثيوبيين" أما لون العرب فوصف بأنه "أصفر" أي "أبيض" وقد قال عنهم مايلي :
    "هؤلاء هم الأقل اختلاطا من حيث الألوان، أنهم ينتمون إلي العرب البدو الرحل. شعورهم مرسلة. ولا يختلطون مع الفئات الأخرى إلا فيما ندر. ويسهل التعرف عليهم، ليس فقط من ملامح وجوههم، بل من نقاء الطريقة التي ما زالوا يتحدثون بها اللغة العربية".
    والمدهش أنه تحدث كذلك عن "العبيد" الذين جلبوا إلي سنار من الجنوب والغرب "أي جبال النوبة" . هذا هو علي وجه التقريب التصنيف اللوني الموجود حاليا.ومن المحتمل أن الفارق الوحيد أن الجعليين والرباطاب والشايقية، كانوا ما يزالون في القرن السادس عشر، يتحدثون لغاتهم النوبية. وقد استمروا يتحدثونها حتى أوائل القرن التاسع عشر .
    هذه الظروف هي التي غرست مكونات الهوية الشمالية في تربة الشمال. هذه المكونات هي اللغة العربية، مزاعم الأصول العربية، الإسلام، وتراث الرق. فسكان هذا الجزء من السودان أظهروا تعلقا خاصا بالعرب. وتدل الشواهد علي أنهم انتهزوا كل فرصة عابرة، سواء كانت هذه رابطة بعيدة، متخيلة، أو حتى ملفقة، للتماهي مع العرب وتبني لغتهم. الفونج يزودوننا بمثال واضح لانقلاب الهوية، الذي ربما يلقي لنا الضوء علي عملية التماهي مع العرب. ففي بداية مملكتهم، كان الفونج وثنيين، من الناحية الدينية، وكانوا يتحدثون لغتهم الخاصة، والتي كانت هي اللغة لرسمية للمملكة حتى القرن الثامن عشر. وكانوا يسيرون العدالة في محاكمهم وفق تقاليدهم الخاصة. وقد اعتنق ملكهم الأول، عماره دنقس، الإسلام اسميا، من أجل أهداف سياسية . وبعد ثلاثة قر ون من ذلك التاريخ، أي خلال القرن الثامن عشر، أقيمت العدالة علي أساس الشرع الإسلامي، وصارت الوثائق الرسمية تحرر باللغة العربية، والتي أصبحت هي اللنغوافرانكا للدولة . ليس ذلك فحسب، بل أعلن بادي الثالث، ملك الفونج، رسميا في خطاب إلى رعيته، أنه وقومه "ينحدرون من العرب، ومن الأمويين علي وجه التحديد" وقد أ صدر ذلك المنشور ردا علي حملة من الإشاعات، صاحبت تمردا في الأقاليم الشمالية، يدمغهم بأنهم "وثنيين من النيل الأبيض". وقد أختتم المنشور، الذي أٌرسل إلي دنقلا، بالعبارة التالية :" وما دمتم قد رأيتم الحقائق فلتخرس الألسنة، وعسي أن يتوخى العبد عزيز فضيلة الحذر في أحاديثه المؤذية" . وكجزء من هذه الأحاديث المؤذية هي "اتهامه" للملك بأنه ليس من أصل عربي فمع زيادة قوة التجار العرب، وانتشار الطرق الصوفية، وتعاظم نفوذ العلماء، سعي الملوك إلي الإبقاء علي نفوذهم القضائي المتداعي بدراسة الشريعة الإسلامية، ليتحولوا إلي "علماء" لهم مكانتهم المستقلة. ويقول سبولدنج أن الطبقة الحاكمة الفونجية "انضمت إلي العائلات الأرثوذكسية للتجار في نشر مزاعم الأصول العربية " بل أنهم" اكتشفوا حقيقة كانت مجهولة حتى ذلك الوقت وهي أنهم أمويون" وهكذا فإن انقلاب الهوية الذي حدث في القرن السادس عشر لخدمة أهداف سياسية، قد أكتمل في القرن التاسع عشر. وكما قال ديفيد ليتين : "ما يعتبره هذا الجيل مسألة عملية محضة، يعتبره الجيل الذي يليه أمرا طبيعيا."
    وإذا كان ملوك الفونج قد صاروا عربا بأمر ملكي، فإن قبائل الشمال النيلي قد ضمنت هذا الأصل المرغوب، لأنفسها، بطرق أخري. فقد كان هؤلاء قادرين علي كتابة أشجار نسبهم الخاصة والتي "كان من المعروف عنها أنه يتم تقفيها، مع القفزات والفجوات، حتى الجزيرة العربية، وفي الحالات التي يكون فيها الأصل السوداني بارزا سياسيا أو دينيا، فأنما تنسب الأصول إلي النبي محمد، وقبيلته قريش؛ وذوي قرباه، وأصحابه الأقربين".
    ومن الواضح أنه بالنسبة للنوبيين، وللفونج بعدهم، لم يعد العالم مستقرا. فالهويات القديمة حامت حولها الشكوك، والناس لم يعد بإمكانهم أن يكونوا أنفسهم .الحوافز لإجراء انقلاب في الهوية كانت قوية وكثيرة. والشروط قد اكتملت. وكانت نتيجة ذلك أن نوعيْ التماهي اللذين تحدث عنهما شيلر قد حدثا في نفس الوقت، ونقصد بهما الايديوباثي و الهيتروباثي.ويمكن ملاحظة حدوث التماهي الأيديوباثي في المناطق التي تلاشت فيها اللغات المحلية، وتم تبني العربية بدلا عنها. كما يمكن ملاحظة التماهي الهتروباثي في المناطق التي صمدت فيها اللغات المحلية.
                  

11-05-2007, 03:46 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)



    الخواص الأكثر وضوحا للثقافة العربية الإسلامية :
    في الفصل الماضي حاولت الإجابة علي ذلك الجزء من السؤال الذي يقول : لماذا تماهى الشماليون مع العرب؟ أو بمعني آخر، ما هي دوافع انقلاب الهوية الذي حدث لهم؟ وأحاول في هذا الفصل أن أجيب علي الكيفية التي تم بها ذلك. أي بمعنى آخر، ما ا لذي يسّر للشماليين، بل لشعوب عديدة عبر العالم الإسلامي، أن تتعلق بالأصل العربي؟ اعتقد أن هناك ثلاث خواص بارزة للثقافة العربية الإسلامية جعلت من الميسور تماما، للأفراد والجماعات، إدعاء الأصول العربية دون أن تواجه بتحدٍ جدي ومعلن من قبل مركز الهوية العربية.
    الخاصية الأولي هي التركيبة الأبوية للقبائل العربية. في هذا النظام ينسب الأطفال لإبائهم، ولا تلعب المرأة دورا يذكر في النسب، وذلك لأنها "حرث" الرجل و"ماعونه". ويترتب علي هذا المفهوم الذي يجعل الزوجة مزرعة لزوجها، أنها وإن حملت بذوره، إلا أن الحصاد حصاده هو، وليس حصادها. وهكذا فإن أي اختلاط للدم العربي، بخط النسب النوبي، يضع حدا لكل الأنساب النوبية قبل هذا الاختلاط، ولا فرق إذا كان هذا الاختلاط حقيقيا، أو متخيلا أو مفتعلا. وهكذا، وبناء علي الاعتقاد الشعبي الشائع في الشمال، كان الجد الذي تحدرت منه المجموعات الجعلية الكبرى في الشمال : أي الشايقية، الرباطاب والجعليين أنفسهم، هو إبراهيم جعل. عن هذا الجد المشترك، تحولت أنساب هذه المجموعات النوبية إلي الجزيرة العربية (إلي قريش) وارتبطت بالعباس عم النبي. ولكن هذا الإدعاء، وبناء علي بحوث مؤرخ كبير ينتمي إلي نفس هذه المجموعة "يصعب إثباته" .
    الخاصية الأخرى للمجتمع العربي الأبوي، هي أن القبائل القوية تكون لها دائما مجموعات تابعة، مثل الحلفاء والمستجيرين والعبيد، وغيرها من أنواع الارتباط. النظام التراتبي للقبيلة يستوعب كل هذه المجموعات في فئات اجتماعية مصنفة تصنيفا دقيقا، ويسمح لها بالانتساب إلى القبيلة رغم أنها تعرف مكانها جيدا. ويمكن للفرد الذي ينتمي إلي هذه الفئات الدنيا، أن يصعد إلي مرتبة أعلي بناء علي فضائله، أو اعترافا بأبوته، أو كليهما، كما يوضح مثال عنترة. هذه الخاصية جعلت من السهل علي العرب قبول الانتساب الشمالي، مع وضع الشماليين في فئة أدني من نظامهم التراتبي.
    الخاصية الثانية هي مفهوم النقاء، أو الطهارة في الإسلام. فالطهارة مفهوم مركزي للإيمان، ومع أنه يمكن تحقيقه من خلال عملية محددة للتطهير ، إلا أنه أيضا هبة من الله للرسول وآل بيته. يقول القرآن : "أنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" . وهكذا، كلما كان المرء قريبا إلي قبيلة النبي كلما كان ذلك أفضل، والأفضل من كل ما عداه هو انحدار المرء مباشرة من فاطمة بنت النبي. ولكن مع ذلك فإن قطرة من الدم العربي تكفي لتطهيرك وذريتك. ويلاحظ المرء أن الثقافة الغربية تقوم علي مفهوم نقيض تماما في هذا الشأن، حيث تكفي قطرة دم واحدة من السود أن تلوثك وتجعلك أسودا، حتى ولو كان لونك غالب البياض.
    الخاصية الثالثة هي العلاقة بين الإسلام واللغة العربية. فحقيقة أن الإسلام نزل علي نبي عربي، وأن الذين نشروه هم العرب، وأن اللغة العربية هي لغة القرآن، كل هذه الحقائق جعلت العرب أفضل الأمم في عيون الشماليين، وجعلت اللغة العربية، ليس فقط أفضل اللغات، بل جعلتها لغة مقدسة. ومع أن غياب العربية لم يمنع غير المتحدثين بها في العالم العربي، مثل تركيا وإيران والباكستان وحتى في السودان، من ادعاء الأصول العربية، إلا أن تحدث العربية كلغة للأم قد ثبّت أسطورة الأصل العربي لدي بعض الشماليين، وأمدهم ببرهان يسمي "لسانُ عربيُ مبين."
                  

11-05-2007, 04:57 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    عملية مستمرة :
    ومع ذلك فإن تشكيل هوية عربية إسلامية في الشمال هو عملية مستمرة. فالأتراك دفعها إلي الأمام عملية التعريب، وجاءوا بالإسلام التقليدي المدرسي، وسيروا، مع العرب والأوربيين والشماليين، حملات الاسترقاق، في أراضي القبائل التي لم تستعرب، وخاصة في الجنوب وجبال النوبة. وجاءت الدولة المهدية، وحلت محل الدولة التركية المنهارة، عام 1885، ودفعت بدورها عمليات التعريب والأسلمة. ولم تكن الدولة المهدية مختلفة عن الأتراك فيما يتعلق بحملات الاسترقاق. وعندما أستعمر البريطانيون السودان عام 1898، وضعوا القبائل المستعربة فوق القبائل الأفريقية السوداء. وقد وصف عالم الأجناس ك. سيلجمان، الذي دعمته حكومة الخرطوم الاستعمارية لدراسة الجماعات السكانية بالسودان، وصف القبائل الجنوبية بأنها "متوحشة" وقد تعامل البريطانيون باحترام شديد مع مجموعات الشمال المستعربة، كما عبروا عن احترام عظيم لهويتهم العربية-الإسلامية، وشجعوها. وقد ركزت السياسات التعليمية، بصورة أساسية، علي المجموعات المسلمة، التي تتحدث العربية، من الشمال الأوسط النيلي وقد كان المستفيدون من هذه السياسات التعليمية، من بين هذه الجماعات، أبناء الأسر البارزة : أسرة المهدي، والخليفة، وأسر أمراء المهدية، والأسر العربية "الراقية" . وفي السنوات الأولي من القرن العشرين، بدأت النزعات الوطنية تنشأ وتزدهر وسط الأجيال الشابة المتعلمة لهذه الأسر. "وقد صاروا يفتشون عن "السودانوية" في القصائد العربية، والمقالات، والأشكال الأدبية الأخرى، وصاروا يمجدون اللغة العربية؛ والتراث العربي، والدين الإسلامي، باعتبارها القيم الجوهرية لهذه الوطنية." .
    ونسبة لوعيهم بالتاريخ الطويل لمصطلح "سوداني"، والمعاني السلبية العالقة به، فقد أعطوه معني مزدوجا. فعلي أحد المستويين بقي لفظ سوداني كما كان دائما، أي مرادفا لـ"عبد". وعلي مستوى آخر أستخدم اللفظ "كمجال للانتماء الوطني" أي أنهم تعاملوا معه كإطار خاوٍ، حاولوا أن يملئوه بصورتهم الذاتية. وهكذا أصبح مصطلح "سوداني"، علي هذا المستوى، "علامة علي الهوية الوطنية التي تخصص قيمة عظيمة للثقافة العربية الإسلامية." ولذلك ومن وجهة نظر الجماعات الاثنية الأخرى، أن تكون سودانيا علي هذا المستوي يعنى أن تكون شماليا. يعنى "محاكاة أسلوب" أكثر عروبة "للحياة" واعتناق "أسلوب للحياة ظهر تاريخيا علي ضفاف النيل" وقد اتضح فيما بعد أن هذا التعريف كان محدودا جدا، وضيق الأفق وينطوي علي كثير من المشكلات. فهو استبعادي من جهة، واستيعابي من جهة أخري. فأولئك الذين لا ينطبق عليهم التعريف الجديد للفظ "سوداني"، أما أن يبعدوا من المجال السياسي، ماديا (بالانفصال)، أو سياسيا (بالتهميش)، أو تتم إعادة صياغتهم ليلائموا اللفظ (أي يصيروا شماليين). وكما لاحظت هيذر شاركي عن حق "إذ فشل في الاعتراف بالمساهمات الثقافية للسكان غير العرب وغير المسلمين، فإن برنامجهم الوطني نفر مجموعات كثيرة، بدلا من جذبها وإغرائها، وخاصة في الجنوب. أن الحرب الأهلية، التي ظلت تشتعل علي فترات منذ 1955، هي الثمرة المرة لهذا النوع من الوطنية." والثمرة الأكثر مرارة لهذا التعريف هي الجبهة الإسلامية القومية، التي استولت علي السلطة عام 1989، وشرعت في إزاحة "الخلعاء" عن طريق القوة الغاشمة.
                  

11-05-2007, 04:32 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    الثقافة العربية واللون الأسود :
    يقول عبده بدوي في كتابه "الشعراء السود وخصائصهم في الشعر العربي" ما يلي:
    "العرب يكرهون اللون الأسود، ويحبون اللون الأبيض. ويصفون كل شئ حسن (ماديا كان أو معنويا) بأنه أبيض. اللون الأبيض مصدر فخر للرجل، وخاصية جمالية بالنسبة للمرأة. البياض بالنسبة لهم علامة علي الشرف. ويمدح الرجل بأنه ابن امرأة بيضاء. والواقع انهم يفخرون بامتلاكهم النساء البيض كجوار لهم. ويطلقون علي الشعراء السود أغربة العرب، في تشبيه لهم بذلك الطائر البغيض الذي يعتبر سواده عادة علامة علي الشؤم."
    كراهية اللون الأسود نشأت من تجارب العرب مع الأفارقة. فالصورة النمطية للأفريقي الأسود، في الثقافة العربية أنه كريه الرائحة. ناقص جسدا وعقلا، ومنحرف عاطفيا. المثل العربي القائل : "الزنجي إذا جاع سرق، وإذا شبع زنا" يلخص هذه الصورة تلخيصا وافيا. وتمثل عبارة "يا ابن السوداء" قمة الإساءة التي يمكن أن توجه للرجل الأسود.
                  

11-05-2007, 10:32 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    قبل الإسلام :
    قبل الإسلام، لم يكن أبناء الرجل الأبيض من أم أفريقية يقبلون كأعضاء كاملي العضوية بالقبيلة، حتى ولو كانت القبيلة تعتمد عليهم في الحروب، كما توضح قصة عنترة، ويوضح بدوي كيف كان اللون الأسود عقبة كؤود أمام هؤلاء الشعراء. فدعوة أحدهم بالغراب كانت إساءة. يقول بدوي :
    "كانت هناك حساسية عالية بالألوان وسط الشعراء السود قبل الإسلام. وذلك لأنهم كانوا فئة مضطهدة وتعيسة. وكانوا يستبعدون، بقسوة أحيانا وبلطف أحيانا أخري، من دخول النسيج الاجتماعي للقبيلة. وهكذا عاشوا علي هامش المجتمع كفئة فقيرة وبائسة. ولم يكن يتم الاعتراف بهم إلا في ظروف الضرورة القصوى، كما نعرف من حياة عنترة. فبالرغم من أن هذا الشاعر كان حامي قبيلته، وكان صوتها الشعري السامق، إلا أن الطريقة التي ظلت تعامله بها قبيلته كانت تؤلمه وتثقل علي عقله. وقد علق به اسم "ابن السوداء" حتى عندما يكون عائدا من المعركة منتصرا"
                  

11-05-2007, 11:32 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    أثناء حياة النبي :
    مع أن الإسلام دعا لوحدة ومساواة بني البشر، رغم اختلاف ألسنتهم وألوانها "إن أشرفكم عند الله أتقاكم" إلا أن موقف العرب من السود لم يتغير أبدا. وقد قال النبي "لا فضل لعربي علي أعجمي أو لأبيض علي أسود، أو لأحمر علي أصفر، إلا بالتقوى". ولكن ذلك لم يمنع أباذر الغفاري، أحد صحابة النبي البارزين، من أن يدعو أخاه بلال بن رباح الصحابي الآخر الجليل ومؤذن الرسول، "بابن السوداء". وعندما سمع النبي بذلك وبّخ اباذر توبيخا شديدا حتى شعر أبوذر أن مجرد الاعتذار لبلال لا يكفي. ولذلك انطرح أبوذر أرضا، ووضع خده علي التراب، وطلب من بلال أن يطأ خده برجله، كعلامة علي التواضع والصغار .
                  

11-07-2007, 02:24 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    القرون الوسطي :
    وإذا كان ذلك هو الوضع إبان حياة النبي، الذي كان يدعو للمساواة بين المؤمنين، فمن الطبيعي أن مسلك العرب نحو السود سيسوء بعد وفاته. ويشير برنارد لويس إلى ذلك في الفقرة التالية:
    في الوقت الذي كان فيه الدعة الدينيون ينادون بالمساواة، وإن بعبارات غامضة، كانت حقائق الحياة تحكم بغير ذلك. فالتوجهات السائدة لم يكن يحددها الوعاظ ورواة التراث، بل كان يحددها المنتصرون ومالكو العبيد، الذين يمثلون النخبة الحاكمة في المجتمع الإسلامي. والاحتقار الذي كان يشعر به هؤلاء، تجاه العناصر غير العربية عموما، وتجاه السود علي وجه الخصوص، يتم التعبير عنه بآلاف الطرق، في الوثائق، والآداب والفنون التي وصلت إلينا من القرون الوسطى. هذه الآداب، وخاصة الشعبية منها، تصور (الرجل الأسود) في صور نمطية عدوانية : كشيطان في الأساطير، وكجنس متوحش في قصص الرحلات والمغامرات، أو كعبد كسول، غبي، كريه الرائحة، أبرص، في الحالات العادية. وشهادة الآداب أكدتها الفنون. ففي الرسومات واللوحات العربية والفارسية والتركية، كثيرا ما يظهر السوء، كشخصيات أسطورية شريرة في بعض الأحيان، أو كبدائيين يقومون بأعمال حقيرة، أو كمخصيين في القصور أو البيوت."
    ابن خلدون يرى أن السود معروفون بالهزل والطيش والعاطفية الزائدة وأنهم "يتصفون بالغباء أينما وجدوا". وهو يفسر هذا الغباء وحب الملذات بإرجاعه إلى "تمدد وشيوع الروح الحيوانية".
    أسطورة العهد القديم القائلة بأن السود هم أبناء حام، تبناها ووسعها بعض الكتاب العرب مثل ابن جرير . ولكن ابن خلدون لم يقبل هذه الحكمة السائدة في زمانه، بل حاول أن يتوصل إلي تفسير "علمي" لسواد الأفارقة يقوم علي حرارة الشمس .
    وفي وصفه لسكان خط الاستواء قال الدمشقي ما يلي:
    "خط الاستواء تسكنه أقوام من السود يمكن اعتبارها من الحيوانات المتوحشة. ألوان أجسادهم وشعورهم محروقة، وهم غير طبيعيين جسديا وروحيا. إن عقولهم تكاد تغلي من حرارة الشمس."
    ويسير ابن الفقيه الهمذاني على نفس المنوال. وقد اعتمد في رأيه علي نظرية يونانية جغرافية قديمة، تقسم الأرض إلى سبعة أقاليم عرضيه، حيث يمثل الإقليم الأول والسابع الحرارة الشديدة والبرودة الشديدة علي التوالي. ويفترض أن هذين النقيضين ينتجان متوحشين، بينما في الإقليم الأوسط، حيث اعتدال المناخ، يوجد الناس المتحضرون. وبالنسبة إليه فإن أهل العراق لهم "عقول راجحة، وعواطف حميدة، وطبيعة متزنة، وإنتاج غزير في كل الفنون، مع أطراف متناسبة متناسقة، ولون أسمر رقيق، هو أنسب الألوان وأصحها." ولكن الزنج الذين يسكنون الإقليم الأول وهم "مفرطون حتى درجة الاحتراق، ولذلك يجئ الطفل منهم أسودا، معتكراً، كريه الرائحة، ومفتول الشعر، بأطراف غير منسجمة، وعقول ناقصة وعواطف منحرفة." ويلاحظ جون هنويك أن تحيز الهمذاني ضد السلاف ينحصر في ألوانهم " البرصاء"، إلا أن عداءه للزنج يتخطى اللون ليصور "أجسادهم الشائهة"، "وعقولهم الضعيفة" و"روائحهم البخرة". وكان ابن خلدون يعتقد أن الأفارقة أقرب إلى الحيوانات منهم إلى البشر، وأنهم يأكلون لحوم البشر. فهو يقول : "خصائص شخصياتهم أقرب إلى الحيوانات البكماء .. أنهم يسكنون الكهوف، ويأكلون الأعشاب، ويعيشون في عزلة وحشية، ولا يجتمعون، ويأكلون بعضهم البعض."
                  

11-07-2007, 06:54 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    استجابات السود :
    في وجه هذه العداوة الصارخة، يمكن تصور نوعين من ردود الأفعال : المقاومة واستبطان الاحتقار. ففي الوقت الذي تصدي بعض السود لمواجهة هذه الآراء المتحيزة ضدهم، استسلم آخرون لمصيرهم التعيس، وصاروا يرون أنفسهم من خلال انعكاسها العربي. ولكن المقاومة نفسها أخذت طابعين : أحدهما رفض الصورة النمطية معلنا أن اللون الأسود هو اللون الجميل، والثاني قبل المرأى السائد بأنه قبيح، واعتذر عنه، وتغنى بالخصائص الإنسانية الأخلاقية. ويخبرنا عبده بدوي بما يلي :
    "نظر الشعراء إلى أنفسهم وإلى ذويهم كقوم مضطهدين، ومع أن هذا الشعور بالاضطهاد يختلف من قرن إلى قرن، ومن شاعر، إلا أن الرجل الأسود لم يتردد في أن يكون صوت احتجاج على الحياة من حوله وعلى مأساوية أوضاعه الشخصية. وسنرى فيما بعد (الشعراء السود) وهم ينفجرون في وجوه أولئك الذين يشيرون إلى سواد الوانهم، كما يشهد علي ذلك شعر "الشعراء الثلاثة الغاضبون" وهم الحيقطان، صنيج وعاكم (أوائل القرن الثامن). فبالنسبة لهؤلاء لم يكن يكفى أن يدافعوا عن أنفسهم فحسب. بل تراهم يفخرون بسواد ألوانهم، وبتاريخ قومهم السود والبلدان التي جاءوا منها، بل كانوا يهاجمون العرب بما كان هؤلاء يفخرون به.
                  

11-08-2007, 00:26 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    استبطان الاحتقار :
    المثال على استبطان الاحتقار هو نسيب الأكبر، الشاعر ذو الأصول النوبية. إن مسلكه شبيه بمسلك "أنكل توم" في الثقافة الغربية. فقد اختار ألا يواجه المجتمع بل يتواءم معه، ويقبل تحامله. وعندما تقدم ابنه لخطبة فتاة من عائلة مالكيه السابقين، والذين كانوا مستعدين للموافقة عليه، جاء نسيب وأمر بعض عبيده السود بجر ابنه من رجليه وضربه ضربا مبرحا. وقد ضرب العبيد ابنه ضربا شديدا. ثم رأى نسيب رجلا شابا من أصل نبيل، فقال لعم الفتاة "زوّج بنت أخيك لهذا الشاب وسأقوم أنا بدفع المهر." وهكذا لم يجد ابنه أهلا للزواج من فتاة نبيلة الأصل، بل ضربه ليعرف مكانه الصحيح. وتقول حكاية أخرى، أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، طلب من نسيب أن ينضم إلى ندمائه، ولكن الشاعر اعتذر بأنه أحط من أن يستحق هذا الشرف وقال للخليفة:
    "يا أمير المؤمنين، لونى اسود، وقامتي عوجاء، ووجهي دميم، ولست أهلا لهذا المكان".
    وتقول قصة أخري انه كان يلوذ بالخفاء. كان يحب أن يخفى سواده عن مستمعيه، عندما طلب منه أن يلقى شعره على بعض النساء، حتى لا يجرح شعورهن. وقال في ذلك: "دعوني أقرأ من وراء حجاب. لماذا يردن رؤيتي. لونى أسود، وشِعري أبيض. دعوهن يستمعن لي من وراء حجاب."
    ويعطينا عنترة، الشاعر الفارس، مثالا آخر على استبطان الاحتقار. فكان يظهر كراهية لأمه الأثيوبية، زبيبة، باعتبارها المسؤولة عن سواده. وكان يراها تجسيدا للقبح. وكان يدعوها الضبعة، ويشبه رجليها بساقي النعامة، وشعرها بالفلفل الأسود .

    المقاومة (1) :
    المثال علي المقاومة، على غرار المنهج الأول، نجده في أعمال الكاتب الكلاسيكي العظيم الجاحظ، الذي عاش ببغداد في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، والذي كان هو نفسه أسود اللون. كان لا يفتأ يذكر العرب أن السود خلقهم الله، وأنه لا يمكن أن يكون صحيحا أن الله قصد تشويه خلقه، كما يعتقد العرب، قال :
    "لم يشوهنا الله بخلقنا سودا. فألواننا السوداء جاءت نتيجة أحوال البلاد (البيئة). والشاهد على ذلك أننا نجد السود بين القبائل العربية، مثل بنى سليم بن منصور الذين يعيشون بالحرّة. فكل سكان الحرّة سود، وحتى دببتها، ونعامها، وذئابها، وضباعها وبغالها ومعيزها وطيورها سوداء، بل إن هواءها نفسه أسود."
    وقد كتب الجاحظ "فخر السودان علي البيضان" وهو يمجد البشرة السوداء مشبها لها بالحجر الأسود المقدس، حجر الكعبة، فضلا عن عناصر الطبيعة الداكنة اللون والقوية، مثل التمر، الأبنوس، الأسود، النوق، المسك، الليل والظل . وبعد ثلاثة قرون أخري، سينهض كاتب بغدادي آخر، هو الجوزي، الذي عاش في نهاية القرن السادس الهجري (الثالث عشر الميلادي)، للدفاع عن السود. وقد كتب الجوزي "تنوير الغبش، في فضل السودان والحبش". وكان يمجد اللون الأسود، ويمدح فضل وأخلاق ونبل ملوك وملكات السودان وأثيوبيا، إضافة إلي صحابة النبي السود.

    المقاومة 2:
    المقاومة وفق المنهج الثاني، تقبل سلبية اللون الأسود، ولكنها تركز على الخصائص الأخلاقية والعقلية. والحجة هنا تتخذ الشكل التالي : "نعم نحن سود، ولكننا ذوو فضل. " الشاعر النوبي، سحيم عبد بنى الحساس يقول :
    " إن كنت عبداً فنفسي حرة كرماً أو أسود اللون إني أبيض الخلق

    ويقول أيضا :
    أتيت نساء الحارثيين غـــــــدوةً بوجهٍ براه الله غير جميل
    فشبهنني كلباً ولســـت بفوقــــــه ولا دونه إذ كان غير قليل

    وقال أيضاً :
    فلو كنت ورداً لونه لعشقنني ولكن ربي شانني بسواد"

    الشاعر خفاف بن ندبة، وهو شاعر أسود أيضاً، نسج على نفس المنوال. فهو يقبل حقيقة أن سواده سُبّة، ولكنه يفخر بصفاته كمحارب صعب المراس، يصفي حساباته مع من يذمونه في ميدان المعركة. يقول :
    أقول له والرمح يأطر متنه تأمل خفافـــــــاً أنني أنا ذلكــــــا
    ويقول :
    فجادت له يُمنى يديّ بطعنة كست متنه من أسود اللون حالكا
    سلك عنترة نفس الطريق. فهو يقول :
    ينادونني في السلم يابن زبيبة وعند صدام الخيل يابن الأطايب
    ويقول كذلك :
    فأنا الاسود والعبــــــد الذي يقصد الخيل إذا النقع إرتفع
    نسبتي سيفي ورمحي وهما يونساني كلما إشتدّ الـــفزع
    ويقول عن أمه :
    وأنا ابن سوداء الجبين كأنها ضبع ترعرع في رسوم المنزل
    الساق منها مثل ساق نعامـة والشعر منها مثل حب الفلفـــل
    ويتمنى لو أن عبلة تقبله علي "علاته"، أي سواده :
    لعل عبلة تضحى وهي راضية علي سوادي وتمحو سورة الغضب
    ولكن أعمال المقاومة الشحيحة هذه، لم يكن لها أثر أبعد من إثبات حقيقة الرفض. فالتحامل علي اللون الأسود صار أكثر حدة في الثقافة العربية الإسلامية، مع نمو الإمبراطورية، وانخراط العرب في اصطياد العبيد. وبمرور الزمن نشأ ارتباط بين العبودية والسودان، أي السود. وكما يكتب أكبر محمد، مع اتساع الإمبراطورية، "اختفت بشكل كامل تقريبا، وانهارت نزعات المساواة التي كانت سائدة علي عهد النبي، تحت ثقل التمدن، والتثاقف، والانقسامات الاثنية الداخلية، والمركزية العربية." وهذه النزعات تنعكس بصورة واضحة، وبأشكال لا حصر لها في الأدب العربي الكلاسيكي.
    لم يكن العرب، عادة، يخاطبون السود بأسمائهم، بل يخاطبونهم بكلمة "الأسود" أو "العبد الأسود". وعندما كان أحد الشعراء السود يلقى شعره أمام أمير أو خليفة فإن عبارة الإطراء عليه هي عادة: "أحسنت يا أسود". وكان الشعراء العرب يشعرون بالغضب والحسد عندما ينظم شاعر أسود شعرا جيدا. وكان رد فعلهم الطبيعي عندما يسمعون شعرا جيدا هو "وددت لو قلت هذا الشعر قبل هذا العبد الأسود." وكانت طريقتهم المفضلة في إغاظة زملائهم السود أن يقولوا لهم "قل غاغ"، أي قلّد صوت الغراب .
    وتعتبر قصائد المتنبي التي يسخر فيها من كافور الإخشيدي، حاكم مصر في العصور الوسطى، مثالا علي ذلك. فالمتنبي معروف بأنه أعظم الشعراء العرب موهبة علي مر العصور. وقد قصد كافور، العبد النوبي، الذي تحرر واستولى علي الحكم بمقدراته العسكرية والإدارية المتفوقة. وكان المتنبي يأمل في أن يتفضل عليه كافور بأمارة يحكمها. ونظم لهذا الغرض قصائد عديدة في مدح كافور. بل وصل إلى درجة مدح لونه الأسود وأعبره تجسيدا للجمال. ولما فشل في الحصول علي مبتغاه، كره كافورا، وفرّ هاربا من مصر، وبدأ حملة من التشنيع والهجاء ضد كافور. وقام بنظم قصائد في هجاء كافور، تعتبر من عيون الشعر من حيث خصائصها الفنية، وسماه "الأسود المخصي"، والزنجي الدميم. في كل هذه القصائد كان المتنبي يعيّر كافورا بلونه الأسود. ويقول في إحداها :
    وأسود مشفره نصفه يقال له أنت بدر الدجى
    وهو يسخر من المصريين أيضا، ويدعوهم مضحكة الأمم ، لأنهم يرضون بكافور حاكماً لهم. ويهجو كافوراً بسواده في أبياته المحفوظة عن ظهر قلب من قبل كثير من السودانيين ذوي الثقافة العربية:
    العبد ليس لحر صالح بـــــــأخ لو أنه في ثياب الحر مولود
    لا تشتر العبد إلا والعصا معــه إن العبيد لأنجاس مناكيـــــد
    إلي أن يقول :
    من علم الأسود المخصي مكرمةً أقومه البيض أم آباؤه الصيــــــــد
    أم أذنه في يد النخاس دامـــــــيةً أم قدره وهو بالفلسين مـــــــردود
    أولَى اللئام كويفير بمعـــــــــذرة في كل لؤم وبعض العذر تفنيـــــد
    وذاك أن الفحول البيض عاجزة عن الجميل فكيف الخصية السـود
    ومن المدهش أن الشماليين عندما يقرأون هذه القصائد، فانهم ينحازون إلى المتنبي وليس إلي كافور، رغم أن كافوراً كان رجلاً نوبياً، وبمعنى معاصر كان سودانياً شمالياً.
                  

11-08-2007, 11:10 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    المصادر الإسلامية ورمزية اللون :
    ذكرنا من قبل أن الثقافة العربية الإسلامية، في نظامها الرمزي، تجعل اللون الأبيض هو المقياس والمثال، وتذم اللون الأسود. وسواء في الشعر قبل الإسلامي، أو في القرآن، أو في الفقه الإسلامي الكلاسيكي، وفي الأدب القديم والمعاصر، يصور اللون الأبيض كرمز للجمال، والبراءة، والنقاء، والأمل .. بينما يمثل اللون الأسود نقائض هذه المعاني.
    ويحتوى القرآن نوعين من الخطاب، أحدهما واع باللون والآخر أعمى لونياً. أحدهما يمدح اللون الأبيض، ويذم الأسود، والآخر محايد لونياً حياداً كاملاً. الأمثلة على الخطاب الأول هو الآيات التالية:
    "يوم تبيضّ وجوهٌ و تسودّ وجوهٌ، فأما الذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون.وأما الذين ابيضّت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون." (آل عمران، آيات 106و107) ." ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسوّدة.أليس في جهنّم مثوى للمتكبرين"، (الزمر،آية 60). "وإذا بُشّر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظلّ وجهه مسودّاً وهو كظيم" ( الزخر، آية 17) .
    نماذج على الخطاب القرآني الثاني ، في هذه الآيات.التالية:
    "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم،إن في ذلك لآياتٍ للعالمين" (الروم، آية 22) . "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم.إن الله عليم خبير." (الحجرات، آية 13) . والأحاديث النبوية كذلك لها نفس الخصائص للمستويين المتوازيين للخطاب.نموذج المستوى الأدنى للخطاب مثل"أسمعوا وأطيعوا أولي الأمر منكم وان تأمّر عليكم عبد حبشي ..............".المستوى الأعلى من الأحاديث النبوية يبشّر بوحدة وتساوي الجنس البشري رغم اختلافات اللون، اللغات،والعادات. نموذج لذلك"كل الناس سواسية كأسنان المشط"، و"كلكم لآدم وآدم من تراب".
    في التعامل مع هذين النوعين من الخطاب، تبنيت فكرة محمود محمد طه، حول ثنائية الخطاب القرآني. فطه يعتقد أن القرآن يحتوي مستويين من الخطاب، أدنى وأعلي، خاص وعام، زمني وخالد. المستوى الأدنى يعكس، بدرجة ما، القيم العربية المحددة، والأيديولوجيا والثقافة الخاصة بالقرن السابع. وهو محدود تاريخياً، ولذلك، يعكس ويستوعب بعض نقائص العرب وأهوائهم. أما النوع الأعلى، فيعكس القيم الإنسانية ويرمي، بالتالي إلي رفع العرب، وكل المسلمين، إلي مستوى هذه القيم الإنسانية الشاملة. المستوى الأدنى نسخ المستوى الأعلى . ومشكلة المسلمين هي أنهم ينظرون إلي هذا النسخ كظاهرة أبدية وغير قابلة للمراجعة. ولكن طه، من الجانب الآخر، يقول أن هذا النسخ ليس أبديا ولا نهائيا، ويحث المسلمين على الارتفاع من المستوى الأدنى إلي المستوى الأعلى، بعكس عملية النسخ، وإحداث بعث جديد على هذا الأساس .
    وكما أوضحنا بالنوع الأول من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فإن اللونين الأبيض والأسود يستخدمان كرمزين للخير والشر، للحظ السعيد والحظ السيئ، للسعادة والشقاء. هذا المستوى الانتقالي للقرآن والسنة، يعكس تحيز العرب ضد السود، ويجعل اللون الأبيض هو اللون الصحيح. وعلى أساس هذه الحجج التي سقناها، يمكن للمرء أن يقول أن هناك علامات ظاهرة توضح أن الثقافة العربية الإسلامية، في مجراها الرئيسي، تنظر إلي نفسها كثقافة بيضاء.
                  

11-09-2007, 11:16 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)


    الاغتراب عن الذات :
    الهوية الثقافية العربية هي انعكاس خارجي للنفس العربية. أنها تعكس تصورهم للعالم، وهو تصور لابد أن يكون مختلفا عن تصورات الآخرين للعالم، وذلك لأن الناس يفهمون العالم من خلال الثقافة وليس من خلال الطبيعة. إن اللغة العربية تعكس العالم كما تراه العيون العربية، وذلك لان هناك علاقة قوية بين الكلمة والعالم word & world))، وبين الخطاب والكون. فالكلمات هي التعبيرات اللفظية عن محتويات الكون. وفي تحليلاته النفسية للثقافات الغربية توصل لاكان إلي أن الثقافات الغربية واللغات الغربية، تتميز بالذكورة. وعندما تستخدم النساء هذه الثقافات، لا يستطعن أن يكن فاعلات كنساء. وعندما يتحدثن فإنما يتحدثن لغات مذكرة. ولا يستطعن، بالتالي، في إطار البنية القائمة لهذه اللغات، أن يحققن رغباتهن ككائنات متحدثة . ويوضح لاكان كذلك كيف يدخل الطفل إلي عالم اللغة من خلال "رمزيتها الاجتماعية" وتحدث هذه العملية بالتماهي مع الأب والاغتراب عن الأم. وككائن متكلم فإن الطفل "ينمو داخل عالم الأب ".
    يمكن إثارة نقطة مشابهة في علاقة الشماليين باللغة العربية. فعندما يدخل الطفل الشمالي عالم اللغة العربية، فهو أو هي، يدخل في عملية التماهي مع الأب العربي، والاغتراب عن الأم الأفريقية، ولكن الشماليين يشعرون بالوجود الظاهر للأم في جلودهم ووجوههم، وكما أوضح فرانسيس دينق : "ولا يحتاج الأمر إلي عالم متخصص في علم النفس الاجتماعي، لاستنتاج أن هذا الاحتقار لبعض العوامل الظاهرة في ملامح الوجه، لا بد علي مستوى ما من مستويات الوعي أن يسبب لصاحبه درجة من التوتر والتشويش" . ولكن طريقة الشماليين في التعامل مع هذا التوتر والتشويش، تعتبر متفردة نوعا ما. فبدلا من محاولة إعادة صياغة وتدجين اللغة لتناسب ملامحهم، فانهم يخترعون صورة خيالية لوجوههم لتلائم اللغة. ولذلك يتفادون استخدام كلمة "أسود" لوصف أنفسهم، ويصرون إصرارا مبالغا فيه علي أصلهم العربي". ويحدثنا أحمد الشاهي الذي درس قبيلة الشايقية قائلا : "من الوقاحة أن تصف الشايقي بأنه أزرق (أسود)، حتى ولو كان لونه كذلك، لأن هذا الوصف يساويه بالعبد."
    ومن الأمثلة الصارخة علي وجود هذا التوتر، هذا المقتطف من خطبة للشريف زين العابدين الهندي، أحد القادة السياسيين البارزين في الشمال. فقد قال :
    "أنا عربي. وأعرف أنني عربي. ولا يستطيع أحد أن يناقشني في ذلك. فأنا أملك شجرة نسب. فأنا فلان بن فلان بن محمد رسول الله. ولكن، من الجانب الآخر، يستطيع أي فرد أن يشير إلي أفريقيتي. فقد جئنا (نحن)، واختلطنا (معهم)، والنتيجة هي هذه (الخِلَقْ) القبيحة التي صرنا عليها."
    "نحن" في المقتطف تشير إلي العرب، و"هم" تشير إلي الأفارقة النوبيين، و"هذه الخلق التي صرنا عليها" تشير إلي الحاضر، إلى الشماليين الموجودين الآن. والعبارات تعبر عن التماهي مع "الأب"، والاغتراب عن الأم "هم" وكراهية الذات (هذه الخلق التي صرنا عليها). هذا هو المثال الأكثر فصاحة لمفهوم دوبوا عن الشخص الأسود الذي "يرى نفسه من خلال عيون العالم الآخر، والذي يزن روحه في ميزان يبخسها ولذلك ينظر إلى هذه العملية باستمتاع يختلط بالاحتقار والشفقة." ويعتبر تماهي الشماليين، مع المتنبي، في هجائه لكافور، النوبي، مثالا آخر علي تكوين نفسي منحرف.
    تشعر النخبة السياسية والثقافية الشمالية، بالحاجة لترداد أنها عربية. ويشعرون بالضيق من كلمة "السودان". وقد قال الطيب صالح، الروائي ذو الصيت العالمي، ما يلي :
    "تمنيت لو أن قادتنا سموا هذه البلاد سنار. ربما يكون السبب وراء عدم استقرار هذا البلد أن اسمه (السودان) لا يعنى شيئا بالنسبة لأهله. فما السودان؟ مصر هي مصر، واليمن هو اليمن، والعراق هو العراق، ولبنان هو لبنان. ولكن ما السودان؟ فالاستعماريون أطلقوا هذا الاسم علي المنطقة التي تمتد من أثيوبيا في الشرق وحتى السنغال في الغرب. الأمم الأخرى أطلقت علي أوطانها أسماء تعنى شيئا بالنسبة لها، وتركنا وحدنا نحمل هذا العبء علي أكتافنا.
    كراهية السواد تنبع من التماهي مع العرب، وتبنى منظورهم للعالم. وهذا الاقتراح بتغيير اسم البلاد ليس جديدا، فقد ظهر مباشرة بعد الاستقلال. والسبب الأساسي وراء الاقتراح هو معنى الاسم وإيحاءاته. فكلمة (سوداني) يستخدمها الشماليون كمرادف لكلمة (أسود) وكلمة (عبد). وهذه الكلمات تستخدم للدلالة علي العبودية أو الأصل العبودي، أي لأولئك الذين ينتمون لجماعات غير عربية مسلمة ، سواء من الجنوب أو جبال النوبة. بالنسبة للشمالي أن تكون سودانيا يعني أن تكون أسودا، وأن تكون أسودا يعني، بدوره، مستوي اجتماعيا أدنى، وأصلا أدنى. ويتفق أغلب الباحثين الذين درسوا السودان، مثل هيذر شاركي وأحمد شاهي، أن وصمة (السواد) متأصلة في تراث الرق، خاصة وأن كل الأسر الشمالية تقريبا، في منطقة الوسط النيلي، كانت مالكة للعبيد . ومع أن هذا صحيح، إلا أنني أعتقد أنه لا يمثل كل الحقيقة. فهناك مستوى أعمق تجد فيه وصمة (السواد) أصولها، وهو الثقافة العربية، التي تحتقر السود، كما رأينا من قبل. فالشماليين لم يدجنوا الثقافة العربية، واللغة العربية والقيم العربية، بل استبطنوها جميعا. وهذا هو السبب في كونهم يرون العالم من خلال العيون العربية، رغم المفارقات، ورغم ابتذال الذات المترتب على هذه النظرة. ومن الملاحظ بصورة عامة، أن الشمالي كلما تبحر في اللغة العربية والأدب العربي، كلما بالغ في تأكيد أصله العربي، وكلما أمعن في كراهية (السواد) وكلمة (سوداني). ويحدثنا خالد حسين أحمد عثمان أن أعضاء جمعية "أبو روف" (رفضوا بعد الاستقلال، أن يقدموا لاستخراج الجوازات، لأن الفرد منهم كان مطالبا بتسجيل أسمه كسوداني قبل أن يحصل علي الجواز) ولذلك فإن عبارة الطيب صالح تعبر عن تجديد لرغبة شمالية قديمة للتخلص من لعنة اسم (سوداني). ولو أخذناها مقروءة مع ما قاله الهندي، لوضعنا أيدينا علي الرغبة لهروب المرء من جلده، أو تبييضه، من خلال الخطاب، ليشبه جلدا عربيا. ويصيب دينق عين الحقي
                  

11-04-2007, 07:32 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10821

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    عمل مجيد
    أتمني أن يطلع عليه مثقفو الشمال
    وأتمني أكثر أن يديروا حوله حوارا
    فلعله هو قارب النجاة الأخير
                  

11-05-2007, 04:36 PM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: Nasr)


    شكرا اخي عبد الغني بريش
    و كم محظوظين رغم الوجع و المورث ان من ابناء وطننا امثال د. الباقر العفيف.
    التحيه له وهو يواصل تشيخص مكان الداء.



    اخي ناصر
    لن يفعلوا لانهم لو فعلوا لما كان هذا حالهم:
    Quote:
    عمل مجيد
    أتمني أن يطلع عليه مثقفو الشمال
    وأتمني أكثر أن يديروا حوله حوارا
    فلعله هو قارب النجاة الأخير
                  

11-27-2007, 00:46 AM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: Tragie Mustafa)

    .
                  

11-05-2007, 10:44 PM

Masoud

تاريخ التسجيل: 08-11-2005
مجموع المشاركات: 1623

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    سؤال: لماذا لا يوجد قومٌ بيض ذوو ثقافةٍ سوداء؟
    احتفظ بالاجابة اذا وجدتَها !
                  

11-07-2007, 05:45 AM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: Masoud)

    .
                  

11-07-2007, 07:23 AM

Hisham Osman
<aHisham Osman
تاريخ التسجيل: 09-29-2006
مجموع المشاركات: 1210

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: Tragie Mustafa)


    فليدم هذاالبوست عاليا
                  

11-08-2007, 11:21 PM

محمد على النقرو
<aمحمد على النقرو
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 1070

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    up
                  

11-10-2007, 09:30 AM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10821

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    up
                  

11-10-2007, 04:05 PM

Elbagir Osman
<aElbagir Osman
تاريخ التسجيل: 07-22-2003
مجموع المشاركات: 21469

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)
                  

11-10-2007, 04:15 PM

Mohamed Suleiman
<aMohamed Suleiman
تاريخ التسجيل: 11-28-2004
مجموع المشاركات: 20453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: Elbagir Osman)

    الاخ عبدالغني بريش فيوف
    لك التحية و الإحترام

    شكرا لك علي نقلك لهذا التشريح الوافي لمشكل إنسان الشمال الذي لا يزال ينكر عمق أفريقيته ...
    موضوع جدير بالإطلاع ..
                  

11-11-2007, 01:38 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: Mohamed Suleiman)

    الاعزاء
    Nasr
    Tragie Mustafa
    Masoud
    Hisham Osman
    محمد علي النغرو
    Elbagir Osman
    Mohamed Suleimam
    الدكتور الباقر عفيف قال عين الحقيقة ولو كان الباقر عفيف هذا من ابناء الهامش لكانوا وصفوه بابشع الاوصاف ابتداءا من العنصرية انتهاءا بالخيانة العظمى للعروبة والاسلام 00 لكن من حسن حظ اهل الهامش ان يكون الباقر عفيف من ابناء القبائل النيلية التي تتشبث بالعروبة رغم ان العروبة لا تشبههم لا شكلا ولا موضوعا ، لكنه نأى بنفسه أي دكتور الباقر عن الاكاذيب والتضليل وانقلاب الهوية الممارس في السودان الشمالي وقرر ان يقود اتجاها تصحيحيا للعودة بالسودان الى هويته النوبية أو السوداناوية الاصيلة ، لانه يرى ان اس المشكلة السودانية يعود الى ( انقلاب الهوية ) وسياسة " التمكين " المفروضة على كل شعوب السودان باسم العروبة التي لا نملك منها سوى هذا اللسان ، وطبعا لم نسمع يوما ما ان اللسان يعطي او يقرر هوية الانسان القومية !!!!!!!!!!!!!! 0
    الى متى يدفن اهل الشمال رؤوسهم في الرمال وينكرون هويتهم النوبية الافريقية ويدعون العروبة التي لا يملكون منها لا شعر و لا لون ولا حاجة 00 الخ ؟0
    نحن نقدر هذا العمل المتواضع للدكتور الباقر عفيف والذي يعري فيه ابناء جلدته الذين اصابهم امراض " الدونية والعقدة " ومن هنا نقول للدكتور الباقر عفيف شكرا ومزيدا من الاعمال التي تفضح وتعري الشماليين المتلبسين برداءة العروبة المزيفة الكاذبة period
                  

11-11-2007, 09:34 AM

tmbis
<atmbis
تاريخ التسجيل: 10-19-2002
مجموع المشاركات: 24862

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    Quote: الاخ عبدالغني بريش فيوف
    لك التحية و الإحترام
    شكرا لك علي نقلك لهذا التشريح الوافي لمشكل إنسان الشمال الذي لا يزال ينكر عمق أفريقيته ...
    موضوع جدير بالإطلاع ..
    ..
    يا استيف ..
    فعلا دا تشريح ممتاز جدا ..
    خلاص اكتبوا الروشتة للجــلابة ديل على النحو التالي:
    - اي شمالي عشان يحس بي عمق افريقيتو دي لازم يفتش ليهو عن اصول زغــاوية ينتمي ليها وفي الحالة دي يطلب من التسونامي استيف إنو يعمل ليهو عقد مبايعة ووثيقة انتساب من شمالي لي زغاوي .. ويكتب فيها زغــاوي بالتحول ويشار في ذلك على ضمان استيف. او على ذمة استيف.
    - اي شمالي علشان يحس بي عمق افريقتو لازم يقلب لي نوباوي وفي الحالة دي عليهو مراجعة فيوف علشان يعمل ليهو زي ما عمل استيف فيما يتعلق بالزغاوة وكدا..
    - أمثال الباقر العفيف كاتب المقال .. يمكن أن يقوموا بدور (المشرحين) الدوليين . أقصد النجوم الدوليين.

    إنتو اصلو الحاصل شنو .. وعلى كيفكم المسالة؟
    مرة جــلابة ..
    ومرة ناكرين افريقيتكم ..
    المسالة دي تشريح .. واللا حساب .. واللا كــوار ..؟

    واللا ايوووووووووا
    ما كمان إنتو بتاعين الهامش ديل قاعدين تعرفوا اي حاجة.
    تعرفوا تشرحوا، تسلخوا، تحمروا وتسلقو .. ومن ثم تعالجوا بالصدمة.
    يا دكاترة.
                  

11-12-2007, 06:12 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1998

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: tmbis)

    الباقر عفيف في حوار مع آخر لحظة
    Image and video hosting by TinyPic


    حوارات: القيادي بحركة (حق) في حوار الاعترافات(1-2) .. هذه القصة الكاملة لميلاد حركة حق ب

    يقال ما هزَّ الحزب الشيوعي وسبب له الأرق والحمى والسهر الطويل.. كالهزة التي سببها له انشقاق مجموعة نوعية ومدربه من كوادره العملاقة على الصعيدين السياسي والفكري.. وتكوينها فيما بعد لتنظيم مستقل اسموه اختصارابب(حق) لينقسم هو الآخر فيما بعد لـ(حق) الخارج ويقودها الراحل الخاتم عدلان و(حق) الداخل ومفكرها الأستاذ الحاج وراق، ولكن الدكتور الباقر العفيف يتحدث في حواره مع (آخر لحظة) عن وحدة مرتقبة توافرت لها كل العوامل والمناخات.
    ويمثل الدكتور الباقر العفيف الجمهوري القديم والقيادي الحالي في صفوف (حق) الكاريزما السياسية والفكرية للحركة التي رزأت بموت عرابها ومنظِّرها الأول الخاتم عدلان، وهي لمَّا تزل تتلمس طريقها للانغراس في التربة السودانية، وإن بدت تأتي أكلها الآن، والدليل تواجدها في انتخابات إتحاد طلاب جامعة الخرطوم التي جرت مؤخراً. والمعروف أن د. الباقر العفيف هو ناشط في حقوق الإنسان، وعمل مديراً لمنظمة العفو الدولية لمنطقة الشرق الأوسط، ومحاضراً بمعهد السلام الأمريكي، ويؤسس الآن لمركز الخاتم عدلان للثقافة والاستنارة الفكرية.

    متى وكيف كان ولوجك للعمل السياسي عبر بوابة الحزب الجمهوري؟

    ـ إلتزامي للفكرة الجمهورية في العام 1980م، وقتها كنت طالباً بالسنة الأولى بجامعة الخرطوم، بعد أن عكفت فيها لسنتين في دراسة وقراءات للفكر الجمهوري، فلفت الجمهوريون انتباهي، وفكرهم جاوب على الكثير من الأسئلة التي كانت تدور بخلدي في فترات الطفولة والمراهقة، وبعضها أسئلة حائرة عن الدين.

    وأول كتيب لفت نظرك؟

    ـ فيه وجدت إجابات لأسئلة كثيراً ما أرهقتني، ولذلك شعرت براحة كبيرة جداً.. قامت بطرد هواجسي، وعلى هذا تشكلت نظرتي للحياة، وساعدني على ذلك وكما ذكرت لك إلمامي بكل المباديء الأساسية للفكرة الجمهورية.

    وهل قابلت الأستاذ محمود محمد طه؟

    ـ نعم وكان ذلك في منزله بالثورة.. وأنا على أعتاب الجامعة.

    وما هو الانطباع الذي خرجت به عن شخصية الأستاذ وأنت تراه لأول مرة؟

    ـ البساطة والتواضع والتلقائية ينتابك إحساس كأنك تجالس والدك أو عمك أو جارك، المنزل ذاته يشبه بيوت عامة السودانيين لا تكلف ولا بهرجة ولا أبهة.. علاوة على شخصية الأستاذ التي طابقت الصورة التي تخيلتها له.. نموذج للمفكر العميق الذي تمنيت أن أكونه.. نموذج للإنسان الملتصق بالأرض والشعب دون تعالي أو غطرسة. ومن حينها إتخذته مثلاً أعلى لي وما زال.

    وهل ما زلت جمهورياً أم غيَّرت انتمائك السياسي لصالح حركة حق؟

    ـ صحيح أنا الآن ضمن كوكبة (حق) لكنني لا زلت أعتبر نفسي جمهوريا،ً شكلت الفكرة الجمهورية فكري ونظرتي للآخر وللوجود.. داخل كياني أنا جمهوري.

    ولماذا إخترت الفكرة الجمهورية للولوج للعمل السياسي؟

    ـ طبعا لمحتوى الفكرة الجمهورية الإصلاحي.. وأيضا ربما لإنتهاج الجمهوريين أساليب جديدة في العمل التوعوي غير مسبوقة، عبر أسلوبهم المتفرد للإتصال بالشعب.. حيث يتحول الجمهوريون إلى مكتبات متحركة.. وتأسيسهم لمدرسة المكتبة الموبايل التي لم يسبقهم عليها أحد في العالم كله.. وعوضاً عن المألوف حيث يسعى الناس للكتاب والمكتبة. الجمهوريون يوصلون الكتاب إليك حيثما كنت وأنت جالس في مكانك.. فغدا الكتاب كأنه (قاطع طريق) للناس.. هذا هو الأسلوب الذي اتبعناه.. نحن ذهبنا بالكتاب للناس في أي مكان، في المكاتب والبارات والمنتديات العامة وفي الشوارع.. جبنا هذا السودان مدينة مدينة وقرية قرية، جبنا الوهاد والفرقان والأصقاع النائية.. ذهبنا إليها على ظهور الدواب وبالسيارات وراجلين على أقدامنا، وقد لا أبالغ لو قلت لك إننا طرقنا مناطق لم تطرقها أية قدم لمسؤول مهما كان موقعه.

    وهل تم ذلك بتوجيه من الأستاذ محمود؟

    ـ نعم.. كنا نسمي هذه الرحلات المعتادة بـ(الوفود)، مثلاً يقولون لك.. سنبدأ غداً وفد الشمالية فيتحرك الوفد إليها وينقسمون إلى وفدين من مدينة شندي.. وفد يسلك طريق شرق البحر وآخر غربه، ويبدأ التطواف من قرية إلى قرية، نلتقي الناس ونبشر بالفكر الجمهوري إلي أن نصل للحدود المصرية.. وكذلك رحلة الجنوب والغرب وهكذا.

    وهل توزعون الكتب مجاناً؟

    ـ لا لم تكن مجاناً بل بأسعار زهيدة وفي متناول الأيدي.. لأن الكتاب نعده ونطبعه ونصنعه بأنفسنا.. وقد نبيعه بسعر تكلفة الورق فقط، مع هامش ربح قليل لنطبع بها غيره، وهناك مسألة أخرى نحن الجمهوريين أول من إبتدر وإخترع مسألة أركان النقاش في الجامعات لأول مرة في تاريخ السودان، والذي سبقنا إليها هم البريطانيون في الهايد بارك .. حيث يخطب الخطيب واقفاً، ولكننا تفوقنا على الهايد بارك بتناولنا في الأركان القضايا الجادة، هم يستغلون الخطابة كطابع هزلي أو سياحي أو لاستعراض مكانتهم لجذب الناس.

    وهل استغليتم منبر الهايد بارك الشهير وقمتم بتوصيل الفكرة الجمهورية؟

    ـ نعم.. وقدمنا أفكاراً جادة ـ نحن أسسنا أركان النقاش في السودان ـ وصارت الآن ثقافة موجودة في جامعة الخرطوم، ربما الطلاب الممارسين الآن لأركان النقاش لا يعلمون أن الجمهوريين هم أول من إبتكر هذا النوع من المنابر في السودان.

    ومن هو أول جمهوري قدم ركن نقاش في جامعة الخرطوم؟

    ـ كان الاستاذ بدر الدين السيمت لكن بعده د. الريح عبد الرحيم الريح وهو الآن يعمل إدارياً كبيراً في الخليج وأحمد المصطفي دالي وهو أشهر من قدم أركان النقاش، وعمرالقراي أيضا من النجوم وأسماء محمود محمد طه وبتول مختار، وفي الفرع كان هناك متوكل مصطفى حسين وسمية محمود محمد طه وهدى عثمان.. وتوالت كوادر الجمهوريين بعد ذلك، وأنا شخصيا عملت أركان نقاش في كلية التربية وفي كلية الفنون بجامعة السودان.. ولكن دالي والقراي هم أشهر من قدم أركان نقاش.

    وهل صاحب هذا الإبتكار هو الأستاذ محمود نفسه؟

    ـ بكل تأكيد.. وهو ذات أسلوبه عندما يقدم محاضراته، وعندما أوقفت السلطات محاضراته، وكانت آخرها عام 1972م محاضرة بعنوان: (الدين والتنمية الاجتماعية) وبعدها ظهرت في كتاب.. لذلك إتجه الأستاذ لأركان النقاش، وكان يوجه بالتقييد الصارم بوقت الركن الذي يبدأ عند الساعة الحادية عشرة صباحا وينتهي عند الواحدة .

    وهل تقبلت القوى السياسية الأخرى هذه الفكرة المبتكرة؟

    ـ الاخوان المسلمون في البداية سخروا منها وأهملوها قبل أن يحاولوا إيقافها بالقوة والعنف.. وعندما عجزوا عن إيقافها تبنوها.. ومارسوها وبرز منهم المرحوم محمد طه محمد أحمد، فالفكر الجمهوري يجب على الآخرين دراسته والاستفادة منه لأنه تجربة حركية بها إبتكار وإبداع وأشياء غير مألوفة سابقا.

    وهل توقفت إبتكاراتكم عند حدود أركان النقاش فقط؟

    ـ أبداً.. نحن رواد أيضا في خروج المرأة الي العمل الدعوي في الشارع وتوزيعها للكتاب، وهذه شكلت إحدى القفزات الاجتماعية الكبيرة التي أحدثها الأستاذ بعبقريته وإصلاحه الاجتماعي، عندما أضاف شيئاً جديداً اسمه المرأة الإنسانة المثقفة والواعية ولها دور في المجتمع عبر التصاقها بالشارع وتتحمل الأذى من جهلاء المجتمع.. إلى أن استقرت تجربة خروج الأخوات الجمهوريات، وأصبحت من الأشياء العادية التي لا تثير الاستنكار.

    ولكن هل تبدد الحزب وتفرق أيد سبأ بعد إعدام الأستاذ محمود محمد طه؟

    ـ لا.. ولكن بلا شك إن الأحداث الدامية وتجريم الفكر الجمهوري واستشهاد قائده وسن القوانين التي تحظر وتمنع نشاط الحزب - وهي بالمناسبة سارية حتى اللحظة ـ جعل من الناحية العملية غير ممكن ممارسة العمل العام للجمهوريين.

    وكيف إذن يتسنى لكم تقديم مساهماتكم للمجتمع؟

    ـ أجابتي على هذا السؤال هي بإيجاد وسائل أخرى، فالجمهوري لا يمكن أن يلتزم ضمن صفوف الأحزاب التقليدية، مثلا لا يمكن أن أنضم لحزب الأمة أوالإتحادي ولا الحزب الشيوعي، وأساسا الفكرة الجمهورية لها آراء في الكيانات السياسية التقليدية، لابد إذن من حركة جديدة تستفيد من التراث الجمهوري، فالفكرة السياسية للجمهوريين تقوم على الجمع ما بين الاشتراكية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وعنصر الالتصاق مع القطاعات الفقيرة من الشعب، وأنت كجمهوري لابد أن تكون صوتاً لها، تمارس الانحياز للمستضعفين، وأزعم أنه لا يوجد أي حزب سياسي سوداني يدعو لنظام إشتراكي ديمقراطي في السودان.

    ولكن عن أي ديمقراطية تتحدثون؟

    ـ نحن قلنا إن الديمقراطية الليبرالية والنيابية هي خطوة للديمقراطية المباشرة.

    وما هو الكيان الذي انضممت إليه وفيه شئ من الفكر الجمهوري ؟

    ـ حركة (حق) نادت بالاشتراكية والعدالة الاجتماعية.

    ولكن الجمهوريين يعتنقون الاشتراكية؟

    ـ لكن أيضا هم لا يقصدون الاشتراكية الماركسية ـ الاشتراكية كمدرسة موجودة قبل الماركسية ـ وحركة حق جمعت بين الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان وموضوع الهوية، حيث أننا أرجعنا المشكلة السياسية السودانية لأزمة الهوية، وقلنا إن الحرب ناتجة عن انحراف هوية، ولا مناص للشماليين إلا بفهم هويتهم فهما صحيحاً، هم ليسوا عرباً ـهم سودانيون من أصول نوبية ثم استعربوا.

    لكنهم يتحدثون العربية؟

    ـ يا أخي ليس هناك لغة على الإطلاق تمنح الناطق بها جنساً، اللغة العربية لا تعطيك الجنس العربي، بل الصحيح أن تقول أنا سوداني ناطق باللغة العربية.. العربي له ملامح محددة وقد تقول الخليجيين والسوريين واللبنانيين وكذا.. نحن لا نشبههم، نحن ملامحنا تشبه سكان القرن الأفريقي ـ الصومالييين والأثيوبيين والارتريين والجيبوتيين وكذا.. نحن ننتمي لهذه المناطق، ولكن نتحدث اللغة العربية لا مشكلة، لكن مجرد الاحساس بأننا عرب فهذا أفسره تلقائيا بأننا أصحاب هوية منحرفة ـ (يعني مترفلين في ثوب عربي وعاملين فيها عرب) ـ نحن ندعي أننا عرب، والعرب أنفسهم لا يعترفون بأننا عرب.. وتصحيح ذلك في أن نعي بأننا سودانيين وننتمي لهذه القارة الأفريقية عنصرياً وجغرافياً.. هذا يجعلنا أكثر تفهماً وتعاطفاً مع الأفريقي الآخر الذي يشاطرنا هذا السودان.. ونقبلهم.. العربي القح يعتبرنا عبيداً ونحن حينما لبسنا روح العربي جعلنا من الآخر الذي يسكن معنا في هذا السودان هو من العبيد.. يجب تصحيح هذه النظرة القاصرة ومعرفة حقيقة أنفسنا.. ومنح الآخر قدره وجعله مساوياً لي في القيمة الانسانية، وله ذات الحق في هذا السودان في الفرص والتنمية، السودان له هوية وطنية متعددة الأبعاد (Marticle

    Snaralizm)، متعدد الثقافات،
    وعندها فقط نقول نحن سودانيون، فينا من يتحدث العربية ويدين بالإسلام، وفينا من يتحدث العربية ولا يدين بالإسلام، وسودانيون يتحدثون بغير العربية ويدينون بالدين الأفريقي التقليدي، وفي هذا مصدر غنى ومصدر ثراء وجميعنا له الحق في التعبير عن أنفسهم، وينعكس ذلك في كل حياتهم.
    برأيك هل حسمت نيفاشا هذه الجدلية؟

    ـ نيفاشا هي اتفاقية عظيمة لأن جوهرها يقوم على تقرير المصير، وهو اعتراف بهوية الآخر. نريد نيفاشا لكل مقومات السودان الأخرى، أهل الغرب لهم الحق في تقرير هويتهم وناس الشرق وفي كل مكان حتى في الشمال، نحن بلد له وضع غير طبيعي، خمسين عاماً من الاحتراب هذا غير طبيعي أصلاً، والنظام الحالي نظام الجبهة هو أيضاً غير طبيعي.

    لكنه ذات النظام الذي وقع نيفاشا؟

    - هناك ضغوطات مورست عليه من الحركة الشعبية ومن المجتمع الدولي وإحساسها بنتائج وخيمة قد تنزل على راسها إذا لم تستجب. لما استجابت بصراحة الحكومة لم تذهب طائعة - ذهبت لنيفاشا Crying and kicking مشوا للتوقيع مجبرين

    ولكنهم يا دكتور وقعوا وهذا جيد؟

    ـ لكنهم لا يطبقونها تطبيقاً صحيحاً يماطلون في التطبيق وعندما سئل قرنق عن الضمانات التي في جيبه في حال مماطلة المؤتمر الوطني في تطبيعها قال: لا ضمانات لدي ولكنني سأجعل لهم عدم تطبيق الإتفاقية أفدح ثمناً من تطبيقها لذلك سيطيقونها - وهذا ما يحصل حالياً..

    وماذا عن دار فور ومشكلتها ؟!

    ـ دار فور نتاح لحركات متعددة تتنافس مع بعضها البعض وتصارع بعضها البعض وتنشق كل يوم، هذا أفضل وضع لهذه الحكومة لكي تلعب بهم كما تشاء

    ولكن الحكومة وقعت مع جزء منهم أبوجا؟

    ـ أبوجا هذه ماتت وتبقى لها أن تقبر فقط بطريقة كريمة، والحكومة لو أرادت سلاماً حقيقياً لفاوضتهم بنفس سلام نيفاشا

    ومن الذي يحل المشكلة ؟

    ـ حركات دارفور والمجتمع الدولي، يجب على الحركات أن تتوحد أولاً في وفد تفاوضي موحد، الحكومة تريد مفاوضة (كيمان) ليسهل ضربهم . لو لم يتوحدوا لن يتحقق سلام .

    الحكومة تصر على عدم فتح الإتفاق من جديد؟

    - أولاً: إتفاق دارفور لا يمكن أن (يترقع) يجب فتح النقاش من جديد. جبهة الخلاص بذلت مجهوداً ضخماً لتوحيد الحركات وهنا أثمِّن عالياً الدور الذي يقوم به محمد إبراهيم دريج وشريف حرير، هم حريصون على توحيد الحركات لكنهم لم ينجحوا على الأقل حتى الآن .. إذا توحدت الحركات فستتوحد خلفهم كلمة المجتمع الدولي.

    والدور الإقليمي ؟

    لا ثقة لي في الدور الاقليمي، الكل يلعب لصالحه، هم يساهمون في الانشقاقات، وهو غير الدور الاقليمي الذي توفر لحركة وجيش تحرير السودان عندما كانت الحركة الشعبية موحدةً، والإيقاد موحدة والمجتمع الدولي موحداً خلفهم، وبهذا اكتملت شروط نجاح أي إتفاق، كل حالة دارفور لا توجد إيقاد، بل إتحاد أفريقي، وعن رأيي شخصياً أقول الإتحاد الأفريقي لا يوجد من ورائه أي خير . لانه مجموعة دول تجمعها الجغرافية فقط . لذلك هم متناقضون ولا يتفقون على شيء - مثله مثل الجامعة العربية - دائماً ينحاز للحكومة، لأنها عضو فيها، تماماً كما وصف أحد الظرفاء الجامعة العربية بأنها نقابة لرؤوساء الدول العربية. والنقابة تعمل بمبدأ: (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوما)ً، وكذلك الإتحاد الأفريقي تعاطف مع الدولة أكبر من تعاطفه مع الحركات، ولذلك تحركهم مصالحهم الخاصة مع الدولة لمسايرتها في كافة الأمور. ما أود أن أقوله إن الوسيط غير فعَّال. والحكومة تستطيع فعل أي شيء تريده، وفي وجود الإتحاد الأفريقي . هذا هو السر في التمسك به والاصرار عليه ... ماتزال الحكومة تصر على الإتحاد الأفريقي حتى ظننت أنها ستورثه.

    ولكنهم حسب منطق الحكومة ليسوا أمميين؟

    ـ وهل هم بالممقابل سودانيون. هم كلهم أجانب

    ولكن الحكومة تخشى بدخول القوات الأممية تكرر المشهد العراقي؟

    ـ هذا منطق (خم ساكت). العراق بها احتلال . الوضع في دارفور لايشبه ذلك. نحن نطالب بقوات أممية لحماية المدنيين من شعب دار فور، ولو فكرت الحكومة قليلاً لوجدت أن مجرد وجود القوات الأممية في دارفور هو اعتراف بالحكومة، ويساعد على إصباغ الشرعية على الحكومة. ثم إن للقوات الأممية مهمة محددة. هي قوات أممية وليست أمريكية . رغم أن الحكومة نفسها تؤيد باستمرار قوات حفظ سلام أممية في لبنان لحمايته من إسرائيل وفي فلسطين وغيرها. هل بمنطقها هي أنها تريد من الأمم المتحدة احتلال لبنان أو فلسطين .. بصراحة الحكومة لا تقيم وزناً لعقل الشعب .. هي تظن أنها تحكم قطيعاً من الخراف .. تقول أي شيء دون استحياء.

    أين الجمهوريون الآن، وهل لازالوا متماسكين؟

    ـ الجمهوريون موجودون ويعقدون جلسات في كل المدن. وأنا أشارك في هذه الجلسات من حين لآخر . وجلسات الإنشاد بمنزل الاستاذ عبداللطيف عمر حسب الله لا زالت عامرة، يؤمها العديد منهم والسلطات تعلمها. ولا تتعرض لها، ومنطقهم يقول طالما ألا تهديد يأتينا من هؤلاء القوم .. دعوهم .. لكن الفكرة باقية وفي انتشار، وأنا كل ما أحضر للسودان أجد الفكرة الجمهورية قد استقطبت أناس جدد. والذين يقولون إن الفكرة الجمهورية ماتت لانها توقفت عن الفعل السياسي والنشاط العام في الشوارع واصدار كتب جديدة وأركان نقاش وحملات توعية . إذن ماتت أقول هذا ليس صحيحاً.

    ولكن لماذا لا يطمحون لدخول الانتخابات ؟

    ـ الانتخابات عمرها ما كانت مطمع الجمهوريين. ونلحظ ذلك على مدى كل الانتخابات التي جرت في السودان. المرحلة هذه هي مرحلة تثقيف للجميع واصلاح للثقافة والتوعية وضرب النموذج للمثقف السوداني المستقيم الذي كل همه توعية الناس وخلق النموذج المتسامح والمتحمل للأذى، تربية الفرد التي أهملها دكتور الترابي لتلاميذه فقاموا بضربه على (قفاه) . ينشدون التربية أولاً التي غابت عن تنظيم بحاله يسمي نفسه بالاسلامي، ولكنه يعمل أعمالاً الإسلام منها براء .. ولا يهمه الشعب، وذلك كان يسميها الأستاذ محمود بتربية القامات التي تضرب بسلوكها اليومي وتواضعها وبساتطها أروع المثل، لذلك نجد الجمهوري هو أبعد الناس عن العنف والكذب ونابي الألفاظ، وهو يتمثل ثقافتنا السودانية والإرث الصوفي السوداني المتسامح الذي يستطيع التعايش مع أنماط السلوك المختلفة ولا يقمع آراء الآخرين .. ويتمثل قوله تعالى (لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) (وأدعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعضة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) هذا هو القرآن أين هذا النموذج من ممارسة النظام الذي أثرى قادته وبقية الشعب جوعان .

    كيف إلتقيت الخاتم وكيف تأسست (حق) وهل ثمة حكايا لم تنشر ؟

    ـ أول مرة عام 94 في ليدز في مؤتمر عن جنوب السودان، أنا قدمت ورقة وهو كذلك تعرفت عليه عن قرب لأول مرة .

    وهل لازال في الحزب الشيوعي وقتها؟

    ـ نعم .. ولكنني كنت أسمع عنه أنه يقود مع آخرين حملة لإصلاح الحزب الشيوعي والتخلص من الحمولة الأيدلوجية التي تكبل التحول إلى تنظيم يدعو للعدالة الاجتماعية ومنفتح على قوى التجديد .. وتغيير اسم الحزب نفسه، هذه الآراء كنا نسمعها كأنها إشاعات .

    وبعد ذلك؟

    بعد ذلك بفترة مقدرة أُعلن أن الخاتم وآخرين سيشاركون في احتفالية بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب الشيوعي، وربما أعلنوا عن أشياء جديدة .

    أنا لم أشهد تلك الاحتفالية، ولكن حدثني من حضر أن الخاتم قال سيرجع الذين حضروا خصيصاً لاحتفالنا هذا لكي يسمعوا منا أشياء قد تؤدي لانشقاق الحزب سيرجعون بخيبة أمل.

    وماذا حدث بعد ذلك ؟

    - في عام 1994م أعلن الخاتم عدلان في مؤتمر صحفي استقالته من الحزب الشيوعي، وكانوا أربعة إضافة لد. خالد الكد عمر البخيت ود. أحمد المجري، كلهم تحدثوا ولكن كلمة الخاتم كانت مكتوبة وقوية نقد فيها الماركسية ونقد الحزب، وسبَّب استقالته بأسلوب مقنع . وأنا أُعجبت بهذه الكلمة .. ودفعني هذا لافتش تلفونه وأخبرته من أنا، وقلت له أنا إتصلت بك لأهنئك بالكلمة العميقة والتي تصلح في حد ذاتها لأن تكون وثيقة مهمة . فطلب مني تلفوني وعنواني . وبعد شهرين قام بإرسال كتيب لي اسمه المنطلقات الأساسية للحركة السودانية للديمقراطية والتقدُّم.
                  

12-13-2007, 02:55 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    السلام عليكم الاخ عبد الغني وضيوفه الكرام

    نشر هذا البحث القيم أكثر من مرة إذ توالي نشره هنا بهذا المنبر منذ سنة 2003 ولكن للأسف لم تتيسر لي فرصة للمشاركة في النقاش فيه .
    وأول ما يلفت القاريء في هذا البحث رصانة الترجمة وجودتها حتى يخيل اليك ان النص كتب بالعربية أصلا ولم ينقل إليها نقلا من الانكليزية وهو علامة على تمكن المرحوم الخاتم عدلان من فن الترجمة التي هي فن قبل ان تكون ممارسة او مهنة .

    البحث متماسك منهجيا ، ولا غبار عليه من هذه الناحية ، ولكن هذا لا يعني بالضرورة ان نتفق معه في كل المنطلقات والآراء التي انتهي إليها فالتماسك المنهجي شيء والاتفاق مع النتائج التي خلص إليها توظيف هذا المنهج أو ذاك شيء آخر . فيجوز الاختلاف لمن أراد الاختلاف، مع كاتب البحث دون الطعن في منهجية البحث.
    والشكر للأخ عبد الغني بريش على إعادة نشر البحث ويا حبذا لو كان نشر هوامش البحث لأنها تساعد في الرجوع إلى المصادر التي اعتمد عليها الباحث.
    والتحية للدكتور الباقر العفيف الذي جمعتني به قبل ايام هنا بدبي جلسة ودودة مع ثلة من الأخوان والأصدقاء تطرقنا لماما في جانب منها الى البحث
                  

12-13-2007, 03:26 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    Quote: أزمة الهوية في شمال السودان
    متاهة قوم سود... ذوو ثقافة بيضاء

    لفت نظري أن عنوان البحث فيه شيء من عنوان كتاب فرانز فانون : " بشرة سوداء .. أقنعة بيضاء "
    Black Skin, White Masks
    يحلل فيه سيكلوجيا وسيسلوجيا الاستلاب الذي حدث ويحدث للشعوب السوداء من قبل المستعمر صاحب الثقافة الغربية البيضاء . ولا ادري ان كان كتاب فانون ضمن هوامش البحث ام ان ذلك حدث اتفاقا عن طريق توارد الخواطر بسبب تشابه الظاهرتين.

    ,,,,,,

    Black Skin, White Masks is a 1952 book written by Frantz Fanon originally published in French as Peau noire, masques blancs.
    In this study, Fanon uses psychoanalysis and psychoanalytical theory to explain the feelings of dependency and inadequacy that Black people experience in a White world. He speaks of the divided self-perception of the Black Subject who has lost his native cultural originality and embraced the culture of the mother country. As a result of the inferiority complex engendered in the mind of the Black Subject, he will try to appropriate and imitate the cultural code of the colonizer. The behaviour, Fanon argues, is even more evident in upwardly mobile and educated Black people who can afford to acquire the trappings of White culture. Originally formulated to combat the oppression of black people, Fanon's insights are still influential today, being utilized by various groups such as the Palestinians, the Tamils, the Irish, African Americans and others, and used in their struggle for cultural and political autonomy. Fanon presents both historical interpretation and underlying social indictment

    http://en.wikipedia.org/wiki/Black_Skin%2C_White_Masks
                  

12-13-2007, 03:44 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    Quote: متاهة قوم سود.. ذوو ثقافة بيضاء

    لفن نظري ان العنوان تقريري بمعنى انه يحتوى على حكم مسبق ومحددا سلفا ولا فكاك منه .
    فتعبير "متاهة" يجعل المشكلة تبدو وكانها وجودية /انطلوجية بلا نهاية ، وليست مجرد ازمة وقتية لها ظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية بحيث يمكن معالجتها بتوفر الظروف التي تخلق وعيا مغايرا بالذات وبالأخر .
    تعبير "متاهة" يجعل سكان شمال السودان المعنيين أصلا بهذه الورقة كانما محكوم عليهم ابدا بحكم تكوينهم الاثني الخلاسي ان يعيشوا في هذه المتاهة الابدية التي لا مفر لهم منها كابطال التراجيديا اليونانية الذين يستسلمون لقدرهم بلا امل في الخلاص .
                  

12-14-2007, 09:09 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    Quote: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان

    هل الثقافة العربية ثقافة بيضاء ؟
    سؤال قد يبدو مستغربا بل مستنكرا لاول وهلة بحكم واقع الحال ، ولكنه لدي التحقيق والحفر تتضح وجاهته .
    هنالك شواهد كثيرة في التاريخ تشير الى الاصل الاسود للعرب .
    في نقاش حول بحث الدكتور البافر العفيف لفت نظرى الاخ الجمهوري ابراهيم عبد النبي الى حديث " بعثت الى الاسود والاحمر " فسره الصحابة بان الاسود العرب والاحمر العجم . فقد كانت العرب تقول للابيض احمرا كما هو الحال في اللهجة السودانية حتى وقت قريب كنا نقول للرجل الابيض احمر وذلك قبل طوفان الاعلام والفضاء.
    وعزز الاخ ابراهبم وجهة نظره بان اشار الى كنية السيدة عائشة بالحميراء .وما هذه الكنية الا لكونها بيضاء اللون وسط غالبية من السمر .

    بعد فترة من ذلك وجدت ان الدكتور عبدالله الطيب يستند على ذلك الحديث في القول بالاصل الاسود للعرب وذلك في سياق رده على من ينكر على الجعليين عروبتهم .
    غني عن القول ان الدكتور عبد الله الطيب من انصار العروبة الصرفة ولكنه كباحث له افكار وقراءات يمكن الافادة منها كثيرا في توطين خصوصية الهوية السودانوية .
    يقول : *

    " .. ورب منكر على الجعليين وغيرهم من بني عمومتهم أهل السودن عروبتهم لسواد ألوانهم وليس هذا شيء . اذ لم يكن العرب في ماضي امرهم بيضا . ولعل سمرتهم كانت أدنى الى السواد لقوله ص انه بعث للاسود والاحمر . فقالوا الاسود عني به العرب والاحمر العجم .
    واحسب ان من اعرقت فيهم أماء الروم والنبط واختطلتت بهم أنساب البيزنطيين وغيرهم هم الذين غلب عليهم البياض ... ومن أعرقت فيهم دماء الهند والزنج والحبشة غلب عليهم السواد ...
    ويغلب على الظن ان ألوان أهل مكة ومن حولهم أيام البعثة كانت كثيرة مختلطة ، يدلل على ذلك تفسير الاحابيش فقيل ان السواد كان فيهم فاشيا (اي اهل مكة ) كالذي رايت من صفة بني جمح ، ومنهم كان أمية بن خلف من كبار الملأ وقالوا كان افصح من النضر بن الحارث .
    وكان عمر أخضر ، اذ في وصفه في اللسان انه كان أدلم أدعج . وفي الحديث : " فجاء رجل أدلم فاستاذن على النبي ص قيل هو عمر بن الخطاب . وكان سيدنا ابو بكر أبيض. وكان سيدنا على آدم . "
    والادلم والادم بمعنى واحد اي الاخضر .
    بل ان الدكتور يورد شواهد من الشعر يهجو فيها الشعراء بعض العرب لبياض الوانهم .
    يقول :
    " ... عقيل بن علقة، ابي ، مصاهرة بعض ابناء بني امية لبياضهم
    وقال :

    رددت صحيفة القرشي لما أبت أعراقه الا احمرارا

    وهجا ذو الرمة بني امريء القيس بالبياض فقال :

    تسمى امرؤ القيس بن سعد اذا اعتزت وتأب السبال الصهب والآنف الحمر

    وحين هجا شاعر ، بني جمح لسوادهم . قال حسان يمدحهم :

    أو من بني جمح الخضر الجلاعيد

    فجعل سوادهم خضرة والخضرة من ألوان العرب .
    قال الفضل بن العباس اللهبي :

    وأنا الاخضر من يعرفني أخضر الجلدة من جنس العرب
    من يساجلني يساجل ماجدا يملأ الدلوا الى عقد الكرب

    وقال ابن الرومي يفضل العلويين وكانت الخضرة اغلب على ألوانهم في %C

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 12-14-2007, 09:12 AM)
    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 12-14-2007, 09:13 AM)

                  

12-14-2007, 01:06 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: Agab Alfaya)

    غايتو منبرك دا حيرنا يا بكري ،
    المداخلة اعلاه نزلتها كاملة وتأكدت من انها نزلت كاملة
    ثم اجريت تعديلا مرة واحدة
    ولما عدت اليها وجدت ان هنالك حذفا وان علامة تعديل ثاني باسمي!!!!

    ساعيد المداخلة كاملة ادناه
                  

12-14-2007, 01:16 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    Quote: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان

    هل الثقافة العربية ثقافة بيضاء ؟
    سؤال قد يبدو مستغربا بل مستنكرا لاول وهلة بحكم واقع الحال ، ولكنه لدي التحقيق والحفر تتضح وجاهته .
    هنالك شواهد كثيرة في التاريخ تشير الى الاصل الاسود للعرب .
    في نقاش حول بحث الدكتور البافر العفيف لفت نظرى الاخ الجمهوري ابراهيم عبد النبي الى حديث " بعثت الى الاسود والاحمر " فسره الصحابة بان الاسود العرب والاحمر العجم . فقد كانت العرب تقول للابيض احمرا كما هو الحال في اللهجة السودانية حتى وقت قريب كنا نقول للرجل الابيض احمر وذلك قبل طوفان الاعلام والفضاء.
    وعزز الاخ ابراهبم وجهة نظره بان اشار الى كنية السيدة عائشة بالحميراء .وما هذه الكنية الا لكونها بيضاء اللون وسط غالبية من السمر .

    بعد فترة من ذلك وجدت ان الدكتور عبدالله الطيب يستند على ذلك الحديث في القول بالاصل الاسود للعرب وذلك في سياق رده على من ينكر على الجعليين عروبتهم .
    غني عن القول ان الدكتور عبد الله الطيب من انصار العروبة الصرفة ولكنه كباحث له افكار وقراءات يمكن الافادة منها كثيرا في توطين خصوصية الهوية السودانوية .
    يقول : *

    " .. ورب منكر على الجعليين وغيرهم من بني عمومتهم أهل السودن عروبتهم لسواد ألوانهم وليس هذا شيء . اذ لم يكن العرب في ماضي امرهم بيضا . ولعل سمرتهم كانت أدنى الى السواد لقوله ص انه بعث للاسود والاحمر . فقالوا الاسود عني به العرب والاحمر العجم .
    واحسب ان من اعرقت فيهم أماء الروم والنبط واختطلتت بهم أنساب البيزنطيين وغيرهم هم الذين غلب عليهم البياض ..
    . ومن أعرقت فيهم دماء الهند والزنج والحبشة غلب عليهم السواد ...
    ويغلب على الظن ان ألوان أهل مكة ومن حولهم أيام البعثة كانت كثيرة مختلطة ، يدلل على ذلك تفسير الاحابيش فقيل ان السواد كان فيهم فاشيا (اي اهل مكة ) كالذي رايت من صفة بني جمح ، ومنهم كان أمية بن خلف من كبار الملأ وقالوا كان افصح من النضر بن الحارث .
    وكان عمر أخضر ، اذ في وصفه في اللسان انه كان أدلم أدعج . وفي الحديث : " فجاء رجل أدلم فاستاذن على النبي ص قيل هو عمر بن الخطاب . وكان سيدنا ابو بكر أبيض. وكان سيدنا على آدم . "
    والادلم والادم بمعنى واحد اي الاخضر .
    بل ان الدكتور يورد شواهد من الشعر يهجو فيها الشعراء بعض العرب لبياض الوانهم .
    يقول :
    " ... عقيل بن علقة، ابي ، مصاهرة بعض ابناء بني امية لبياضهم وقال :

    رددت صحيفة القرشي لما أبت أعراقه الا احمرارا

    وهجا ذو الرمة بني امريء القيس بالبياض فقال :

    تسمى امرؤ القيس بن سعد اذا اعتزت وتأب السبال الصهب والآنف الحمر

    وحين هجا شاعر ، بني جمح لسوادهم . قال حسان يمدحهم :

    أو من بني جمح الخضر الجلاعيد

    فجعل سوادهم خضرة والخضرة من ألوان العرب .
    قال الفضل بن العباس اللهبي :

    وأنا الاخضر من يعرفني أخضر الجلدة من جنس العرب
    من يساجلني يساجل ماجدا يملأ الدلوا الى عقد الكرب

    وقال ابن الرومي يفضل العلوين وكانت الخضرة اغلب على ألوانهم في اواسط الدولة العباسية
    بعد ان أكثر العباسيون من بيض الاماء فابيضت لذلك ألوانهم
    :

    وعيرتموهم بالسواد ولم يزل من العرب الاماجد أخضر أدعج
    وما ذاك الا ان تزبين جلودكم بني الروم ألوان من الروم نعج

    اي بيض .
    وهذا باب يتسع فيه مجال الحديث . " انتهى حديث عبد الله الطيب .

    ويبد و ان اماء الروم والبيزنط والفرس البيض قد احدثن انقلابا في الثقافة العربية فنسى العرب اصلهم الاسمر/الاسود .

    _________

    * مقدمة الطبعة الرابعة – ديوان اغاني الاصيل – الدكتور عبدالله الطيب .
                  

12-14-2007, 04:05 PM

khalid kamtoor

تاريخ التسجيل: 06-04-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: Agab Alfaya)

    مفاكرة الجمعة
    مؤتمر الهويَّة والحرب الأهلية: لا علمية الأطروحات وعنصريتها
    الشيخ عمر الأمين

    ثانياً: ضبابية فى رؤى الدولة والهوية
    ما كنت سأشغل نفسى بأوراق مؤتمر الهوية والحرب الأهلية، إذا ما كان جهد ذلك المؤتمر مقصوداً به أن يعبر عن آراء سياسية للسادة مقدمى الأوراق أو لمركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية. إذ أنى لا انطلق من صفة سياسية بعينها، ولا يعنينى أمر تمثيل تيار سياسى يمكن تصنيفه ضمن القوى السياسية المعاصرة بطابع سياستها وايديولوجياتها التى تنطلق من مواقف التدافع والمقالعة على كيكة السلطة فى الدولة المعاصرة.
    وآفة أوراق مؤتمر الهوية أنها تقوم على تخليط ما بين رفع بيان سياسى احتجاجى لأغراض سياسية بحتة، وبين ما يتوقع أن يؤدى إليه بيان للاستنارة والتنمية البشرية من رؤى يفترض فيها أن تحتوى على قدر وفير من التنوير المعرفى أو العلمى. وقد قمت فى الحلقة قبل الماضية وفى إطار هذا الفرز ما بين السياسي والعلمى بتصنيف أوراق ذلك المؤتمر الى مجموعتين، المجموعة الأولى أوراق يتميز بيانها السياسى باللا علمية، أما المجموعة الثانية فتجمع بين اللا علمية والعنصرية كليهما معاً. وقد حصرت أوراق المجموعة الأولى فى أربع أوراق للأستاذة رشا عوض والأستاذ محمد الفاتح العتيبى ود. عمر القراى و الدكتورة ناهد محمد الحسن. أما المجموعة الثانية فأوراقها أربع هى للدكتور الباقر العفيف والباشمهندس فاروق جاتكوث والدكتور محمد جلال هاشم والدكتور أبكر آدم اسماعيل، وتتميز المجموعة الأخيرة هذه بكونها مصنفة فى ترتيب تصاعدى يبدأ بالأقل عنصرية فيتصاعد فى محموله العنصري الى أن يصل الى أكثرها وأوفرها من العنصرية فى ورقة دكتور أبكر.
    ومما هو ملاحظ فى شأن سياسيّة هذه الأوراق، أنه لا جامع لها إلا عدائها للحكم الإنقاذى وما يتمثل فيه عندها من (أيديولوجية إسلاموعربية) تضع التجربة الإنقاذية كمحور وأمثولة لها، فما تطرحه هذه المجموعة من خطاب فى الشأن والهم الوطنى لا يعدو أن يكون أكثر من نقد سياسى احتجاجى عريض، وموجه الى الإسلاموعربية دون كوابح أو محددات تفرز ما بين ما هو إسلامى وما هو عربى وما هو سياسي انقاذى. وذلك واضح في ما تراه رشا عوض عن الإيديولوجية الإسلاموعربية.
    فهى عندها فاقدة للمنهجية والتواؤم الفكرى مع واقع الحداثة، وهو ما يشير عندها الى أزمة فى الفكر الإسلامي في الراهن المعاصر يمكن تلخيصها في الآتي:
    * فشل المجتمعات المسلمة في استيعاب المنجزات الفكرية والسياسية الاقتصادية والعلمية ـ التي أنتجها مشروع الحداثة الغربي، وأقلمة (مكتوبة هكذا وأظنها خطأ إملائى غير مقصود والصحيح إقامة) هذه المنجزات في التربة الثقافية الإسلامية.
    * فشل الفكر الإسلامي في إنتاج بديل حضاري مختلف عن مشروع الحداثة الغربي في مرجعياته الفكرية يتفوق عليه أو يوازيه أو حتى يقاربه في منجزاته الحضارية، وهذا الفشل يعود إلى أن مشاريع التحديث في العالم الإسلامي في الغالب مشاريع سطحية، اقتصرت على نقل التكنولوجيا واقتباس النظم الإدارية والاقتصادية.
    وليس فى الأمر استشكال عند الأستاذة رشا عوض، أكبر من عدم فهم المسلمين لفكرة الدولة كما تفهمها هى، ذلك أن فكرة (الدولة الإسلامية ليست جزءا من العقيدة الإسلامية، فحاجة المسلمين لإقامة دولة نابعة من كونهم بشراً يحتاجون إلى مؤسسات تدير اجتماعهم البشري وتنظم مصالحهم المعاشية، وليست نابعة من كونهم مسلمين، فالدولة تجسيد لإرادة بشرية وإنجازاتها المختلفة نتاج للمعرفة والخبرة البشرية)..!!
    لذلك فالفكر الإسلامى يحتاج عندها الى حزمة من التجاوزات عددت منها اثنين هى:
    1/ (تجاوز الفهم التقليدي للشريعة الإسلامية المتمثل في الأحكام التي أجمع عليها جمهور فقهاء أهل السنة وذلك لا يتم بمساجلات فقهية في إطار المسلمات الموروثة من الفقه التقليدي نفسه، فالتجاوز يحتاج إلى طرائق تفكير جديدة ومناهج جديدة في فهم النصوص المؤسسة للشريعة الإسلامية، القرآن الكريم والسنة النبوية).
    2/ (لتجاوز فكرة الدولة الإسلامية لا بد من مشروع مراجعة نقدية للفكر الإسلامي تنطلق من بلورة رؤية جديدة للكيفية التي يمارس بها الإسلام دوره في فضاء الحياة العامة، هذه الرؤية وتلك لا ينبغي أن تكون اجترارا وتكرارا لأفكار سابقة أثبتت عدم جدواها).
    وذلك ما أوردته الأستاذة رشا عوض فى ورقتها فى ذلك المؤتمر تحت عنوان (العلاقة بين الدين والدولة وصراع الهوية فى السودان) حيث ترى فى ورقتها تناقضاً كبيراً يقوم بين تأسيس (هوية) إسلامية وبين تأسيس ديمقراطى تعتمد فيه مواطنة متساوية الحقوق كما جاءت فى مواثيق حقوق الإنسان، كقولها (إن بداية الحل لمشكلة استغلال الدين في صراع الهوية، هي إقامة الدولة المدنية الحديثة المحايدة تجاه الأديان وتأمين الحماية الدستورية والقانونية لحقوق المواطنة وحقوق الإنسان)، لذلك فقد قامت أعمدة أطروحتها على إعلاء شأن الدولة وفق مسلمات، كأنما وجود هذه الدولة فى السودان هو وجود موضوعى ومتجذر لا يقبل المفاصلة والفحص ويشكل حاكماً تاريخياً حتى على الفكر الإسلامى.
    ولما للسياسة فى أطروحة الأستاذة رشا من حضور قوى يؤدى الى احتلال موقفها السياسى جل أركان أطروحتها، حتى يبدو لنا أنها ترى أن الدولة هى الأصل والهوية من ملحقاتها. فإذا صح هذا الاستنتاج فى حقها، فلربما يشكل ذلك قصوراً علمياً ومنهجياً مريعاً، إذ تتجاهل بنداً مهماً فى البحوث يسمى الدراسات السابقة والتى لا يبدو أن الأستاذة تلقى لها هنا كثير بال، متجاهلة ما أنجزته العلوم الإنسانية فى شأن الدولة بمختلف أشكالها وعقودها المجتمعية مقروءة مع علاقتها بالمجتمع. لكن أدارت الأستاذة رشا وجهها لكل ذلك مفضلة إصدار بيان سياسى يستند الى إيديولوجيتها. وذلك مما يستشكل على أى مناقش لهذه الورقة. لذلك يصطدم المطالع لورقتها بغياب أية معالجة مصطلحية هى عادة ما تكون من أهم مداخل أى بحث جاد. فأصبحنا لا نعرف أين تبدأ الدولة عندها وأين تنتهى، وهل هى نفسها المجتمع، أم أن المجتمع له تمايزات عنها؟ وأين تقع الهوية منهما؟ فالشاهد أنها تدخل على هذه المصطلحات كيفما تشاء. وكلها تتعرض لحالة تعميم مخل، فالهوية يرتكب فى حقها الفكر الإسلامى باعتداده (بهويته الإسلامية) أفعالاً لا ديمقراطية مما لا يتوفر فيه أصلاً !!! لذلك فالإسلام خارج الحضارة المعاصرة ويحتاج لتنقيح فكرى وتجاوز وتفهيم للمسلمين أن الواقع الحديث مفارق لما عرفوه وألفوه من فكر ينبغى أن يُفعَّل فيه تنويراً وتجديداً وتجاوزاً كى لا يتم التعدى على حقوق التمظهر السياسى للهوية فى ديمقراطيّة الدولة الحديثة..!!
    ولا أدرى ما إذا كانت الأستاذة رشا ترى أم لا ترى، أننا فعلا لا نفهم ما تفهمه هى من هوّية لا تجد متنفساً ديمقراطياً حقوقياً فى النظام الإسلامى فى شكله القديم أو الجديد، كتعميم مستخرج من إشكالية الهويّة السودانية، ينبغى أن يستفيد من إشكالياته العالم الإسلامى من أقصاه الى أدناه وهو يكابد أمر التواؤم ما بين عقيدته وبين مطروحات الحضارة التى أضافتها الأستاذة رشا الى الحداثة.
    ولا نستنكف أن يتكشف لنا فى رأي الأستاذة رشا الخلاص من مفاهيم عتيقة كما تقول فى ورقتها: (تتبنى الورقة الدعوة للاستنارة الدينية، وتجاوز منهج اجترار أفكار ومفاهيم ونظم بعينها من التراث الإسلامي معزولة عن سياقها التاريخي واستخدامها في حل الإشكالات الحضارية للواقع المعاصر، وإخضاع مجمل التراث الإسلامي لدراسة تحليلية نقدية محيطة، تشمل علم الكلام والفقه والفلسفة والتاريخ السياسي والاجتماعي بهدف معرفة الكيفية، أو بالأحرى الكيفيات التي تفاعل بها المسلمون مع القرآن الكريم والسنة النبوية)، لكننا نتساءل: لماذا؟ فتصفعنا الإجابة صفعاً: لأجل (بلورة رؤية شاملة لنهضة المجتمع المسلم على ضوء معطيات الحضارة المعاصرة التي يجب التعامل معها بعقلانية وموضوعية (تتجاوز الأبلسة كما تتجاوز التأليه) وتفتح الطريق أمام الاستفادة القصوى منها)، وهذه الدعوة للاستنارة الدينية ليست لمجرد فك الاشتباك الإسلامي العلماني واحتواء صراع الهوية المترتب على الاستعلاء الديني ومن ثم تحقيق الاستقرار السياسي وازدهار الدولة المدنية، ولا لمجرد إزالة العقبات التي تحول دون الحداثة والتحديث في المجتمع ـ رغم مشروعية هذه الأهداف ووجاهتهاـ بل تهدف هذه الدعوة في الأساس لاستنهاض دور الدين في المجتمع المعاصر إيمانا بأهميته لتوازن الحياة الإنسانية وإثرائها بالقيم الروحية والخلقية، واعتقادا بأنه قوة دافعة للخير والفضيلة والعدل والرحمة والاستقامة.)أهـ.
    وبافتراض عدم وقوفنا وتجاوزنا لقول الحق ــ جل وعلا ــ(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) 139 آل عمران، اتباعاً لنهج للأستاذة رشا فى رؤيتها لعلو إسلامى مأمور به فتراه إستعلاءً. ودون النظر الى بداهة أن يحس أى متدين أياً كانت ديانته أن الدين رسالته الأساسية هو التعالى عن حيوانية المقالعة السياسية والارتفاع الى قامة سامية سامقة يراها المسلمون فى مثلهم (الأعلى) المصطفى ــ عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم ــ فإننا على الأقل نحتاج كمسلمين ترانا الأستاذة رشا فى مسلكنا استعلاءً أن توضح لنا الكيفية التى تحب أن ترانا بها فيها داخل أجواء ديمقراطيّة، وترينا كذلك أنموذجيتها الإسلامية الجديدة. ونحتاج كذلك الى أن ترينا ما تراه فى الدولة وسياستها ومشاريعها التحديثية وعلاقتها بالهوية؟ وهل ترى أن هنالك هويّة سياسية؟ وأين هو المجتمع؟ أين هى ثقافته؟ وما هى علاقتهما بالسياسة عموماً وبالسياسة المعاصرة ودولتها الحديثة خصوصاً؟ وهل يطال الاضطهاد السياسى هويّة ما إلا أن تكون تلك الدولة التى تمارس مثل هذا الإضطهاد الهويوى دولة عنصرية سافرة كما هى إسرائيل أو روديسيا الجنوبية قبل استقلالها أو جنوب أفريقيا قبل تحررها من نظام (الأبترهايد)؟ فهل تظن الأستاذة رشا أن مثل ذلك يحدث عندنا هنا فى السودان وبالتحديد من جانبنا كمسلمين؟ أم ماذا !!!؟
    ولا يختلف كثيراً فى فكره الاحتجاجى الأستاذ محمد الفاتح العتيبى فى ورقته (بناء السلام من خلال التعاونيات) فهو مع ورقة الأستاذة رشا حول براجماتية الجبهة الاسلامية التى أفرغت الحركة التعاونية بحسب ديمقراطيتها من معانيها المباشرة بغرض استغلالها لصالح الأجندة والسياسات الجبهوية. فذلك حديث لا نحفل به من فرط سياسيته. ولا أظن أن كافة التيارت السياسية تقف بمنجاة من هذه البراجماتية وفى منجاة من تفريطها فى مجتمعها. وليست هنالك من جماعة سياسية لم تشارك فى تجريد الشعب السودانى الأوسط عن ثقافته وهويته، وذلك بالطبع ما سيندمون عليه فى يوم من الأيام، أنهم كانوا عاملا مساعدا فى تكسير أوسط ما تملكه البشرية من ثقافة قامت هنا سودان حوض وادى النيل المتوسط. وهى فى واقع الأمر ملك للبشرية كلها بحكم أنموذجيتها وتعاليها عن حيوانية تدافع ومقالعة متفشية فى المشروع السياسى المعاصر ذى الأصول الديمقراطيّة المؤسسية.
    خلاصة الأمر فإن فرضيات هاتين الورقتين تحتاجان للمزيد من النظر، وبالتالي استنتاجاتهما وكيفية بناء أطروحتيهما، فمشروعية الدولة الوطنية القطرية في السودان مسألة تحتاج إلى حديث، إذ أنها نفسها أحد أقوى مسببات أزمة الهوية عنية وقصداً بحسب بناء هذه الدولة على غرابة بائنة عن الثقافة السودانية مركزية كانت أم هامشية.
    ولا استثنى من تعميم اللا علمية ورقة الدكتورة ناهد محمد الحسن الذي اتبعت منهجاً تحليلياً للحجوة السودانية تود من خلاله رؤية اشكالات هوية فى المجتمع السوداني من خلال اسقاطات اللاوعى فى الحجوة السودانية. وأظن انها قدمت جهداً طيباً يحتاج لبعض التقويم المنهجي للخروج من (قرطميز) تشخيصات علم النفس الأوروبى ذي الأصول الفرويدية، استناداً إلى ان ذلك نفسه اسقاط غربى أوروبى السمات، وذلك ما دفع به البروفيسور قاسم بدري الى أن تحليلاً نفسياً بحسب تلك الإسقاطات الفرويدية هو ما أدى الى أن يشخص طفل مريض بديدان معويّة تخرج إفرازاتها من خلال فتحة الشرج، وهو بالطبع كان خجولاً إزاء تلك الظاهرة، فتم تشخيصه بحسب علم النفس الفرويدي، انه يعانى من كبت ما سمي بالمرحلة الشرجية.
    كذلك أرجو أن أحيل الدكتورة ناهد الى الدكتورة (باتريشيا موسى) والتى كان موضوع رسالتها للدكتوراة الأحاجي السودانية التي أحسنت تحليلها وفق موديل في علوم (الاثنوفلكلور) تم فيه تصنيف وترقيم الأحاجي ومضاهاتها بالتصنيف العالمى في جهد أكاديمي مميز، فقولبت الدكتورة باتريشيا هذه الاحاجي وانزلتها في مكانها الصحيح في تمثيلها للا وعي تابوهات تجاوزتها البشرية مثل العلاقات المحرمة. وقد وصفت د. باتريشيا أن جهدها ذاك لا يمثل نطراً في الثقافة السودانية والتي يفترض أن ينظر اليها من خلال مناشط المجتمع السوداني الواعية الواضحة غير المسكوت عنها، وفى ضوء النهار، أما اسقاطات اللا وعى فذلك ما لا يتيح إلا هامشاً ضيقاً ويمثل المسكوت عنه فى الثقافة، مما يخالف تماماً ورقة د. ناهد التى تود استخراج رؤى فى الهوية السودانية من الأحاجى.
    أتوقف عند هذا الحد، على أن أبدأ الأسبوع القادم بمناقشة ما يراه د. عمر القراى فى ورقته الدين والعنصرية، وورقة د. الباقر العفيف بعنوان: من نحن هل من تفسير سايكولوجى للحرب الأهلية؟ والله من وراء القصد، وعليه التوكل إنه نعم المولى ونعم النصير.
                  

12-14-2007, 04:16 PM

khalid kamtoor

تاريخ التسجيل: 06-04-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في سياق الهوية (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    برغم المنهجية العلمية والسبك – الذي أشار إليه عجب الفيا في مداخلته لورقة الباقر عفيف – والتي كتبت حولها في زمان مضى مقالات عديدة – أحسبها ورقة موجهة في المقام الأول، وسياسية كذلك، لأن بصمة مركز الدراسات الاستراتيجية واضحة في حفرياتها. ولا يخفى علينا كذلك أن العنوان لهذا البحث عنوان عنصري لا يخلو من تهكم لأنه لا يعترف أصلاً بأن السودانيين الشماليين هم نتاج لاختلاط العناصر العربية بالسكان الأصليين للمنطقة الشمالية – وسمهم ما شئت سواءاً أكانوا نوبة أو من ذوي الأصول السودانية الأخرى التي كانت قاطنة على هذه الأرض. وكلمة متاهة هي عبارة منكرة في هذا المقام، والتائه هو من لا أصل له – إذا جاز الكلام على هذا السياق.

    أما الاتجاه الذي يرى أن لون العرب في الأصل هو الأسود، هو ما عبّر عنه عبد الله الطيب المجذوب، حيث قال:« والحقيقة أن بلادنا في العروبة أصل. بنو إسماعيل قبائل كثيرة متحالفة لعل معظمها هاجروا من بلادنا كما هاجرت الجيل العربية من أصولها في بلادنا إذ يذكر ملوك آشور أنهم كانوا يؤثرون الخيل الكوشية على كل الخيل" ويصل رحمه الله في موضع آخر إلى:" أن البعض ينكرون على السودانيين عروبتهم بسبب سواد ألوانهم ولم يكن العرب في ماضي أمرهم بيضاً. والبيض من العرب هم الذين أعرقت فيهم دماء الروم والنبط واختلطت بهم أنساب البيزنطيين وغيرهم». ويستشهد عبد الله الطيب بقول المفضل بن عباس:
    وأنا الأخضـر من يعـرفني
    أخضر الجلدة من لون العرب
                  

12-14-2007, 04:30 PM

khalid kamtoor

تاريخ التسجيل: 06-04-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في سياق الهوية (Re: khalid kamtoor)

    وقد ظهرت هذه الموجه التي استهدفت مفاهيم الهوية في الشمال منذ منتصف التسعينيات، حين سعى كثيرون ربما لبعضهم علائق بمركز الدراسات الاستراتيجية في الولايات المتحدة، وبعضهم الآخر يعمل فيه، سعوا لمحاولة تهديم مفهوم أن السودانيون الشماليون ليسوا سوى مجموعات إفريقية فحسب، ولا يحملون وجهاً آخر غير ذلك، وهو في رأينا قول مجازف لا يقف بدقة مع مكونات العنصر السوداني الشمالي، فمحاولة نفي وجه وإثبات آخر هي متعمدة، لأن السودانيين الشماليين هم ناتج لعنصرين، فلا هم عرب أقحاح، ولا هم أفارقة خالصين.
    ومن المخاتلة إهدار الوقت في اللت والعجن، ومحاولة تسويق بعض الأفكار التي حشا بها الباقر عفيف بحثه، لا تتحدث عن الواقع الماثلة بصورة دقيقة. وزعم الباقر وغيره أن الشماليين يدّعون النقاء العربي – كما ذهب لذلك البروفيسور فرانسيس دينق، وبنى مفاهيمه على مغالطات كبيرة، حيث وصفهم بعقدة النقص. وإلى هذا الوصف ذهب منصور خالد وآخرون.
                  

12-14-2007, 04:44 PM

khalid kamtoor

تاريخ التسجيل: 06-04-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في سياق الهوية (Re: khalid kamtoor)

    العروبة وجدلية التلاقي في الفكر الأفريقي
    الخضر عبد الباقي محمد


    جدلية قديمة جداً ولا تزال تثار في الأوساط الثقافية وبشكل ملحّ، مفادها يقوم على أنّ العروبة والأفريقانية هويتان متضادان لا يمكن أن يلتقيا، أو يجتمعا ليشكلا هوية واحدة أو موحدة، وبمعنى أكثر وضوحًا: إن مناخ العلاقات بين العربي والأفريقي مناخ الصراع والتوتر، فأي محاولة للتقريب أو للتقارب والتلاحم محكوم عليها مسبقًا بالفشل0
    تعود الجذوز التاريخية لنشأة هذا الفكر التصادمي بين العروبة والأفريقانية لعقود؛ بل لأكثر من قرن ظل يسطر على الأوساط الثقافية والفكرية، وتحديدًا على الاتجاه العام للكتابات والبحوث التى يقوم بها علماء وباحثون أفارقة من أصحاب هذا الاتجاه اليمينى المحافظ.
    وقد تحددت الهوية الأفريقية في الفكر والأدبيات الخاصة بالأفريقانية في إعلاء سمة واحدة فقط؛ هي اللون الأسود، بحجة أن القارة الأفريقية موطن الإنسان الأسود، ولذا يقاومون بشدة ويعارضون أن تكون دول شمال أفريقيا جزءًا من الأمة الأفريقانية، انطلاقا من هذا الاعتبار، كما يدّعون أنه رغم وجود حالة تنوع وتعدد كبيرفي الخريطة اللغوية بين الشعوب والأمة الأفريقية، فليست العربية من بين لغاتها الأصلية، فشأنها كغيرها من اللغات الأجنبية الأوربية على القارة وشعوبها0
    نشأة الحركة الأفريقانية

    نشأت الحركة الأفريقانية تحت ما يسمي بـ "بان أفريكانزم" (Pan Africanism) في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقلت الفكرة إلى بريطانيا وباريس، وكانت تعني بحق الرجل الأسود، وعرفت بحركة الزنوج، لأنها جاءت كرد فعل للاضطهاد والظلم الذي وقع على الأفارقة، وقد نظّر لهذه الحركة مفكرون كثيرون أمثال: ماركوس جارفي صاحب نظرية (النقاء العنصري للسود)، والتى صاغها في معارضة النظرية العنصرية للبيض، والزعيم السنغالي الشهير سنغور صاحب نظرية (الزنوجة) (Negretude) الذي أسس وروج للفكرة من خلال أعماله الأدبية والإبداعية، ودعا الى ضرورة استقلالية الرجل الزنجي وإعادة الثقة بالنفس إليه عن طريق اكتشاف الجذور الأصلية الزنجية والمجردة من تأثيرات الثقافة الوسيطة، فقد تجذرت الفكرة لدى أصحابها لدرجة أن الكنائس الأرثوذكسية الأفريقية جعل لها مسيحًا أسود وعذراء سوداء كشعار لهذه الكنيسة.

    وقد كان للظروف والبيئة التى نشأت فيها الحركة تأثير واضح وخطير في تحديد مسار الحركة وخريطة نشاطاتها وإطارها العام (وحدة أفريقيا السوداء)، بسبب نشأتها بعيدة عن أرض القارة، وبالتالي بقيت دول الشمال الأفريقي العربية مغيبة تمامًا عن قصد ووعي وتدبير وإصرار0

    فكرة التصارع وروافدها

    الفكرة المحورية لجدلية الصراع بين العروبة والأفريقانية تغذيها جهات خارجية وعوامل تاريخية وثقافية وسياسية كثيرة ، منها:
    1- الموروث الاستعماري:
    عمد الاحتلال الأوربي للقارة إلى تقسيم أفريقيا إلى قسمين رئيسين؛ أولهما: جنوب الصحراء، والذي يقطنه الأفارقة من ذوى البشرة السمراء، وثانيهما: شمال الصحراء، الذي يسكنه العرب ذوي البشرة البيضاء، وظل يحرص على تكريس هذا التصور المفروض ويعمل على تعميق هذا المفهوم التصادمي بمنع إيجاد الصلات المؤثرة بين الشمال العربي والجنوب الأفريقي حتى تكون الصحراء عازلاً بينهما0

    2- العامل الثقافي:
    تقوم الثقافة السائدة (ثقافة النخبة) بدفع الحركة الفكرية في الأوساط الأفريقية نحو الاتجاه التصادمي مع العروبة، بسبب الارتباط الشعوري والفكري بين المثقفين الأفارقة ذوي الاتجاه الأفريقاني والدول المستعمرة القديمة لأفريقيا، من خلال عامل اللغة، أوما يمكن تسميته بوجود ثقافة مشتركة بين هؤلاء المثقفين والحركة الثقافية (الأوروبية) سواء الأنغلفونية منها أو الفرنكفونية، التى لا يسرها أي تقارب من هذا النوع0



    الفكر التصادمي ومضاعفاته

    يحمل هذا الفكر العنصري مخاطر كثيرة لعرقلة التعاون والتقارب بين العرب والأفارقة، وتهدد مستقبله، إذ يشكل حجر الزاوية في المساعي والجهود الرامية لتحقيق تقارب حقيقي، ونجد أدبيات هذه الحركة غالبًا ما تلجأ إلى إبراز صورة الإنسان العربي سلبية مشوهة؛ فالإنسان العربي هو تاجرُ رقيقٍ وإنسان جشع وانتهازي لديه نزعات توسعية في أفريقيا، كما تلمِّح إلى استبعاد العرب من أفريقيا وعدم الاعتراف بهويتهم العربية الإسلامية على قدم المساواة بالفرانكفونية والأنغلفونية.
    ومن المفارقات العجيبة أنه أحيانا - نجد صمتًا متعمدًا يحمل الاعتراف بالوجود الأوربي الاستيطاني في أفريقيا، في الوقت الذي تملأ الآفاق دعوات التشكيك والارتياب في الهوية الأفريقية لعرب شمال أفريقيا!.

    في الختام

    لاشك أن لهذا الفكر وحركته تأثيره في الوسط الأفريقي، خاصة في الأوساط الثقافية التى يسيطر عليها عناصره، إلا أن هناك حقيقة يجب أن نقررها؛ وهي أنه بالإضافة إلى البعد العنصري لهذا التوجه فإن هناك عداء وكراهية مستميتة للعربية، ومما يقوي هذا الاستنباط اتجاه أصحاب الحركة المشكك في وطنية الأفارقة الذين يحملون أسماء إسلامية عربية خالصة، واستبعاد المفكرين الأفارقة ممن يحملون الثقافة العربية من قائمة المثقفين المعتبرين؛ رغم انتمائهم لبلدانهم الأفريقية بالأصالة وسمر لون بشرتهم، حسب ما تزعم وتدعيه الحركة في أدبياتها وكتاباتها المختلفة..
                  

12-14-2007, 04:44 PM

khalid kamtoor

تاريخ التسجيل: 06-04-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في سياق الهوية (Re: khalid kamtoor)

    العروبة وجدلية التلاقي في الفكر الأفريقي
    الخضر عبد الباقي محمد


    جدلية قديمة جداً ولا تزال تثار في الأوساط الثقافية وبشكل ملحّ، مفادها يقوم على أنّ العروبة والأفريقانية هويتان متضادان لا يمكن أن يلتقيا، أو يجتمعا ليشكلا هوية واحدة أو موحدة، وبمعنى أكثر وضوحًا: إن مناخ العلاقات بين العربي والأفريقي مناخ الصراع والتوتر، فأي محاولة للتقريب أو للتقارب والتلاحم محكوم عليها مسبقًا بالفشل0
    تعود الجذوز التاريخية لنشأة هذا الفكر التصادمي بين العروبة والأفريقانية لعقود؛ بل لأكثر من قرن ظل يسطر على الأوساط الثقافية والفكرية، وتحديدًا على الاتجاه العام للكتابات والبحوث التى يقوم بها علماء وباحثون أفارقة من أصحاب هذا الاتجاه اليمينى المحافظ.
    وقد تحددت الهوية الأفريقية في الفكر والأدبيات الخاصة بالأفريقانية في إعلاء سمة واحدة فقط؛ هي اللون الأسود، بحجة أن القارة الأفريقية موطن الإنسان الأسود، ولذا يقاومون بشدة ويعارضون أن تكون دول شمال أفريقيا جزءًا من الأمة الأفريقانية، انطلاقا من هذا الاعتبار، كما يدّعون أنه رغم وجود حالة تنوع وتعدد كبيرفي الخريطة اللغوية بين الشعوب والأمة الأفريقية، فليست العربية من بين لغاتها الأصلية، فشأنها كغيرها من اللغات الأجنبية الأوربية على القارة وشعوبها0
    نشأة الحركة الأفريقانية

    نشأت الحركة الأفريقانية تحت ما يسمي بـ "بان أفريكانزم" (Pan Africanism) في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقلت الفكرة إلى بريطانيا وباريس، وكانت تعني بحق الرجل الأسود، وعرفت بحركة الزنوج، لأنها جاءت كرد فعل للاضطهاد والظلم الذي وقع على الأفارقة، وقد نظّر لهذه الحركة مفكرون كثيرون أمثال: ماركوس جارفي صاحب نظرية (النقاء العنصري للسود)، والتى صاغها في معارضة النظرية العنصرية للبيض، والزعيم السنغالي الشهير سنغور صاحب نظرية (الزنوجة) (Negretude) الذي أسس وروج للفكرة من خلال أعماله الأدبية والإبداعية، ودعا الى ضرورة استقلالية الرجل الزنجي وإعادة الثقة بالنفس إليه عن طريق اكتشاف الجذور الأصلية الزنجية والمجردة من تأثيرات الثقافة الوسيطة، فقد تجذرت الفكرة لدى أصحابها لدرجة أن الكنائس الأرثوذكسية الأفريقية جعل لها مسيحًا أسود وعذراء سوداء كشعار لهذه الكنيسة.

    وقد كان للظروف والبيئة التى نشأت فيها الحركة تأثير واضح وخطير في تحديد مسار الحركة وخريطة نشاطاتها وإطارها العام (وحدة أفريقيا السوداء)، بسبب نشأتها بعيدة عن أرض القارة، وبالتالي بقيت دول الشمال الأفريقي العربية مغيبة تمامًا عن قصد ووعي وتدبير وإصرار0

    فكرة التصارع وروافدها

    الفكرة المحورية لجدلية الصراع بين العروبة والأفريقانية تغذيها جهات خارجية وعوامل تاريخية وثقافية وسياسية كثيرة ، منها:
    1- الموروث الاستعماري:
    عمد الاحتلال الأوربي للقارة إلى تقسيم أفريقيا إلى قسمين رئيسين؛ أولهما: جنوب الصحراء، والذي يقطنه الأفارقة من ذوى البشرة السمراء، وثانيهما: شمال الصحراء، الذي يسكنه العرب ذوي البشرة البيضاء، وظل يحرص على تكريس هذا التصور المفروض ويعمل على تعميق هذا المفهوم التصادمي بمنع إيجاد الصلات المؤثرة بين الشمال العربي والجنوب الأفريقي حتى تكون الصحراء عازلاً بينهما0

    2- العامل الثقافي:
    تقوم الثقافة السائدة (ثقافة النخبة) بدفع الحركة الفكرية في الأوساط الأفريقية نحو الاتجاه التصادمي مع العروبة، بسبب الارتباط الشعوري والفكري بين المثقفين الأفارقة ذوي الاتجاه الأفريقاني والدول المستعمرة القديمة لأفريقيا، من خلال عامل اللغة، أوما يمكن تسميته بوجود ثقافة مشتركة بين هؤلاء المثقفين والحركة الثقافية (الأوروبية) سواء الأنغلفونية منها أو الفرنكفونية، التى لا يسرها أي تقارب من هذا النوع0



    الفكر التصادمي ومضاعفاته

    يحمل هذا الفكر العنصري مخاطر كثيرة لعرقلة التعاون والتقارب بين العرب والأفارقة، وتهدد مستقبله، إذ يشكل حجر الزاوية في المساعي والجهود الرامية لتحقيق تقارب حقيقي، ونجد أدبيات هذه الحركة غالبًا ما تلجأ إلى إبراز صورة الإنسان العربي سلبية مشوهة؛ فالإنسان العربي هو تاجرُ رقيقٍ وإنسان جشع وانتهازي لديه نزعات توسعية في أفريقيا، كما تلمِّح إلى استبعاد العرب من أفريقيا وعدم الاعتراف بهويتهم العربية الإسلامية على قدم المساواة بالفرانكفونية والأنغلفونية.
    ومن المفارقات العجيبة أنه أحيانا - نجد صمتًا متعمدًا يحمل الاعتراف بالوجود الأوربي الاستيطاني في أفريقيا، في الوقت الذي تملأ الآفاق دعوات التشكيك والارتياب في الهوية الأفريقية لعرب شمال أفريقيا!.

    في الختام

    لاشك أن لهذا الفكر وحركته تأثيره في الوسط الأفريقي، خاصة في الأوساط الثقافية التى يسيطر عليها عناصره، إلا أن هناك حقيقة يجب أن نقررها؛ وهي أنه بالإضافة إلى البعد العنصري لهذا التوجه فإن هناك عداء وكراهية مستميتة للعربية، ومما يقوي هذا الاستنباط اتجاه أصحاب الحركة المشكك في وطنية الأفارقة الذين يحملون أسماء إسلامية عربية خالصة، واستبعاد المفكرين الأفارقة ممن يحملون الثقافة العربية من قائمة المثقفين المعتبرين؛ رغم انتمائهم لبلدانهم الأفريقية بالأصالة وسمر لون بشرتهم، حسب ما تزعم وتدعيه الحركة في أدبياتها وكتاباتها المختلفة..
                  

12-14-2007, 05:00 PM

manubia
<amanubia
تاريخ التسجيل: 04-21-2002
مجموع المشاركات: 1284

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في سياق الهوية (Re: khalid kamtoor)

    أها ............ و بعدين يا عوضين ....... الحل شنو في نظرك أيها الجونير .....والله العظيم!!!!
                  

12-14-2007, 05:03 PM

عادل طه

تاريخ التسجيل: 11-14-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
متاهة قوم سود ........ ذوى ثقافة بيضاء.... شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    الاخ عبدالغنى
    شكرا لك
    هذا عمل عظيم لا استطيع الا ان انحنى له اجلالا واحتراما
                  

12-14-2007, 05:21 PM

manubia
<amanubia
تاريخ التسجيل: 04-21-2002
مجموع المشاركات: 1284

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: عبدالغني بريش فيوف)

    يا خي ما تخلي كل زول علي رايه ........ يعني الداير و شايف انو نوبي (لا عربي لا إفريقي ) و مالو ....... و الشايف نفسه عربي ..... و مالو .... و الشايف نفسو إفريقي قح (زيكم كدة ) و مااااااالو .... يعني كل زول يحترم رغبة و هوية الزول التاني


    و بكدة ... اهو كلنا بنعيش في سودان واحد ...... وطن و ااااااحد .... لماذا ارضي للناس بما لا ارتضيه لنفسي !!!!!!!!!!!!!!!!.... ياخي انا عربي نوبي فرعوني ارفريقي ,,, هذا ما ارتضاه قومي نسبة لظروف تاريخية لا تبعد عن المنطق بوصة



    تعايشو يا اهل السودان في وئام و سلام .............. دعونا نحترم بعضنا البعض و نحترم رؤا و مسلمات بعضنا البعض .... مارسوا الدمقراطية بعد الايمان بها ..... يعني ما تكونوا (نظرين فحسب)








    كرهتونا
                  

12-14-2007, 05:36 PM

manubia
<amanubia
تاريخ التسجيل: 04-21-2002
مجموع المشاركات: 1284

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متاهة قوم سود00 ذوو ثقافة بيضاء 00شمال السودان (Re: manubia)

    يعني بصراحة كدة ........ شايف في الايام الأخيرة دي حلركة الافريقانية في السودان فوق الكفر ...... اذا انا ما إفريقي .... انا ما سوداني ......... اري ان هناك خلل ما .... في الجانب العربي /النوبي .... و الجانب الذي يطالب باريقية قحة ......



    نطالب بتجميع جميع الاحزاب ذات الاهداف المنطقية و الموضوعية بالالتفاف تحت مظلة تحمل اسم و احد ......... اسم ذو دلالة نوبية افريقية عربية ) تمثل جميع اهل السودان بكل الونهم و سحناتهم ...... و الله يكون في عون لخائن الجاني .... الذي لا تهمه احوال و ظروف اهل السودان ..... كان الله في عونهم جميعا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de