عبد الرحمن البومة : نموذج سافر لإنحطاط كتاب الإنقاذ المأجورين

Quote: الوزيرة الفرنسية رحمة الله والحلم الفرنسي وبلاد السودان [email protected] ثروت قاسم * الوزيرة رحمة الله الوزيرة الفرنسية رحمة الله ياد , وزيرة الدولة للشئون الخارجية وشئون حقوق الانسان , اصغر وزيرة سنا في مجلس الوزراء الفرنسي , وهي الوزيرة السوداء الوحيدة وقد اختارها رئيس الجمهورية ساركوزي بنفسه لهذا المنصب الرفيع رغم صغر سنها , ودينها الاسلامي واصولها الافريقية السوداء وجندرها النسائي وفقرها المالي. ولكن قدراتها العقلية والفكرية والتنظيمية خصوصا ابان عملها في الحزب الديجولي الذي كان يرأسه السيد ساركوزي وهو بعد وزيرا للداخلية وقبل انتخابه رئيسا للجمهورية , هذه القدرات المتمكنة والمتنوعة هي التي اوصلتها الى الكرسي الوزاري الرفيع. * الحلم الفرنسي رأت البنت رحمة الله النور في وطنها الاصلي , السنغال , في 1976 ووصلت الى فرنسا وعمرها 9 سنوات . وفي خلال العشرين سنة الماضية التي امضتها البنت رحمة الله في فرنسا , تمكنت من القفز بعمود ذري من كرسي المدرسة الابتدائية وعمرها تسعة سنوات الى كرسي الوزارة وعمرها ثلاثون سنة. فكيف تم ذلك؟ وكيف تمكنت هذه البنت الصغيرة وهي مكبلة بأغلال وجنازير لونها الاسود ودينها الاسلامي وجندرها النسائي وفقرها المالي وسنها الصغيرة وقلة تجربتها الحياتية والسياسية والمهنية ...... كيف تمكنت من تحقيق الحلم الفرنسي وبأمتياز؟ وفي بلد استعماري عنصري استعمر معظم بلاد غرب افريقيا بما في ذلك السنغال موطن رحمة الله الاصلي؟ بلد لم نعرف عنه غير القسوة واضطهاد وقتل مستعمريه ودونك بلاد المليون شهيد الذين راحوا ضحية الاستعمار الفرنسي الغاشم. بلد السيد لوبن العنصري الذي هزم المرشح الاشتراكي القوي في انتخابات الرئاسة الفرنسية ونافس المرشح الديجولي على الرئاسة مما يبرهن على عنصرية جزء مقدر من المجتمع الفرنسي والناخبين الفرنسيين. * النجم الثاقب حقا انها لمعجزة ان تستطيع هذه البنت الصغيرة , ولوحدها ودون مساعدة من عائلة او قبيلة او طائفة او بلد , ان تحطم الاغلال وتكسر الجنازير الفرنسية الثقيلة , وتتحرر وتنطلق وتصعد كالنجم الثاقب من اوحال وبؤر العنصرية والاضطهاد الديني والتمييز الجنسي الى مراقي واعالي كراسي مجلس الوزراء الفرنسي. حقا انها معجزة جديرة بالدراسة والاستقصاء والتحليل . فلم نعرف عن فرنسا انها بلد الاحلام مثل امريكا بلد الهجرات والفرص؟ ولكن فرنسا القرن الحادي والعشرين اصبحت تحاكي امريكا فرئيس جمهوريتها الحالي السيد ساركوزي من اصل مجري ولكن بفضل قدراته العقلية والتنظيمية استطاع ان يكون اول رئيس جمهورية من اصل غير فرنسي محققا بذلك الحلم الفرنسي الذي حققته ايضا البنت رحمة الله. * حكايات ......... حكايات البنت رحمة الله كشكول من الابداعات والتجليات. ومنذ ان تولت الوزارة الفرنسية قبل خمسة اشهر , كانت صادقة مع نفسها وضميرها وخالقها وبلدها فرنسا الذي تكن له كل الاخلاص والمحبة . وتجدها دوما مرفوعة الرأس لا تخشى في الحق لومة لائم . وتعترف هي بأنها في كثير من الاحيان تجد نفسها مندفعة ومنفعلة ربما اكثر من اللازم ولكن دوما امام ما لا تراه صحيحا ومنسجما مع قناعاتها. وتعترف ايضا بأنه من اللازم عليها ان تضع اعصابها في ثلاجة وليس في اياديها. ولكنها تؤكد بأنها اسد هصور امام الاقوياء من البيض وكذلك الاقوياء من السود عندما يتعلق الامر بقناعاتها وثوابتها وعندما لا تمشي الامور كما ينبغي وتعترف بأنها قطة وديعة امام الضعفاء من البيض والسود حتى وان مشت الامور كما لا تحب لها ان تمشي . فهي ضعيفة اما االضعفاء والمهمشين ولا تستطيع مواجهتهم ولكنها مصادمة ومهاجمة امام الاقوياء بيضا كانوا ام سودا . وتعترف البنت رحمة الله بأنها تتعلم يوميا تماما كما طلب منها رسولها الكريم ان تفعل من المهد الى اللحد. ومنذ توليها الوزارة في يونيو الماضي مرت الوزيرة رحمة الله بعدة مواقف مثيرة للجدل نوجزها في عشرة حكايات , تغني عن شرح طويل. الحكاية الاولى يوم الاحد الموافق الحادي عشر من نوفمبر الجاري اعلنت البنت رحمة الله رغبتها في الترشح في مارس القادم لانتخابات المجالس البلدية عن دائرة كولمب البلدة التي عاشت فيها منذ قدومها الى فرنسا من السنغال قبل حوالي 20 سنة والتي تسكن فيها باستمرار والدتها واختها. وسوف تترشح لتكون عضوة بسيطة في المجلس البلدي وليس عمدة او نائب عمدة للبلدة كما توقع لها كثيرون بحسب موقعها السياسي الرفيع كوزيرة في مجلس الوزراء الفرنسي. ورغم انها بدأت مسيرة حياتها السياسية في فرنسا من رأس الهرم وكان يمكن لها ان تنوم على عسل موقعها الرفيع, الا انها رأت ان تبدأ جهادها السياسي باسنانها ومن اسفل الهرم مع الاحتفاظ بموقعها الوزاري وسوف نراها في القريب العاجل وهي , الوزيرة , تطوف على اسواق وحواري كولمب توزع دعايتها الانتخابية وتشرح برنامجها الانتخابي وتطلب الدعم من ناخبيها لمقعد في المجلس البلدي ..... اسفل الهرم السياسي الانتخابي في فرنسا بل في كل بلاد العالم. فمن يتصور وزيرا اتحاديا في الخرطوم يكابد للحصول على مقعد بالانتخاب في محلية امبدة؟ منتهى التواضع ....... منتهى التلاحم مع الجماهير ....... منتهى العظمة. * الحكاية الثانية في الثلاثين من اكتوبر الماضي وقفت البنت رحمة الله في الجمعية الوطنية الفرنسية "البرلمان" وامام عدسات التلفزيون الفرنسي والعالمي وامام النواب الفرنسين وكلهم من البيض الذين قضى معظمهم عمر البنت رحمة الله في دهاليز السياسة وحبك مؤامراتها. نعم وقفت البنت رحمة الله تدافع عن موقف الحكومة الفرنسية وعن موقفها كوزيرة مسؤولة وتشرح تداعيات وابعاد مشكلة المنظمة الفرنسية الطوعية "سفينة زوى" واعمالها غير القانونية في ترحيل اطفال دارفور وتشاد الى فرنسا. وكيف حاولت البنت رحمة الله من موقعها كوزيرة ان تحبط اعمال هذه المنظمة , ولكن اكاذيب وادعاءات المسؤولين عن المنظمة انطلت على المسؤولين الفرنسيين خصوصا في السفارة الفرنسية في تشاد. كانت تتكلم في هدوء وثقة ورأبطة جأش , مركزة التفكير , واضحة الكلمات , تركز على المهم وتتجاوز الترهات مما اكسبها اعجاب وتقدير الجميع وبينهم اعضاء في المعارضة الفرنسية كان يسعدهم , بالحق وبالباطل , تسويد صفحة الحكومة الفرنسية من خلال تسويد صفحة اعمال الوزيرة رحمة الله لكي يرمي بها ساركوزي في مزبلة التاريخ . ولكن صفق لها حتى هؤلاء الاعداء الالداء مما يؤكد , بما لا يدع مجالا للشك , مقدرة البنت رحمة الله امام هذه الوحوش البيضاء الضارية. * الحكاية الثالثة وفي نفس يوم 30 اكتوبر وامام دهاقنة السياسة الفرنسية في معقلهم في الجمعية الوطنية , شرحت البنت رحمة الله الوضع الجديد لعلاقة فرنسا مع الدول الافريقية الفرانكوفونية . قالت لهم وبالفم المليان : " افريقيا ..... بابا ..... قد انتهت" اي ان الزمن الذي كان بوكاسا امبراطور افريقيا الوسطى يخاطب الجنرال ديجول ب "بابا" ..... هذا الزمن قد انتهى . الزمن الذي كان رؤساء افريقيا يبوسون الايادي في باريس . هذا الزمن قد انتهى. الزمن الذي كانت فرنسا تعتبر افريقيا حديقة خلفية لها ....... هذا الزمن قد انتهى. نعم هذه الازمان قد ولت واندثرت وانتهت الى غير رجعة بعد ان نهض المارد الافريقي من سباته العميق واصبح الافارقة مرفوعي الرأس امام فرنسا . نعم لقد ذكرت البنت رحمة الله اساطين السياسة الفرنسية بأن تلك الازمان قد انتهت. نعم: "افريقيا...... بابا ....... قد انتهت" * الحكاية الرابعة كون رئيس الجمهورية ساركوزي "خلية ازمات" على مستوى عال لكي تنسق جهود الحكومة الفرنسية مع حكومة تشاد بخصوص ايجاد حل مناسب لمشكلة المنظمة الانسانية الفرنسية "سفينة زوى" في تشاد وعين الرئيس ساركوزي الوزيرة رحمة الله لقيادة هذه الخلية . وقد قامت البنت رحمة الله بواجبها على خير وجه وفي هدوء ودون جلبة او ضوضاء مما مكن الرئيس ساركوزي من السفر بنفسه الى تشاد واصطحاب سبعة من المقبوض عليهم في تشاد والرجوع بهم الى اسبانيا وفرنسا , مما زاد في شعبية الرئيس ساركوزي وسط الجماهير الفرنسية وبالتالي في تقدير الرئيس ساركوزي للبنت رحمة الله . * الحكاية الخامسة طردت السلطات الفرنسية بعض المشردين الفرنسيين البيض الذين احتلوا عنوة ودون وجه حق , بعض المباني الخالية من السكان في ابرفليير في فرنسا . ولكن البنت رحمة الله ورغم كونها وزيرة في الحكومة الفرنسية ومحكوم عليها بأن تؤيد , دون تحفظ , افعال الحكومة الفرنسية , التي هي جزء منها رغم ذلك فقدهاجمت البنت رحمة الله السلطات الفرنسية لطردها هؤلاء المهمشين الغلابة , ووقفت معهم ضد حكومتها . ولولا ثقة الرئيس ساركوزي المطلقة في البنت رحمة الله وتفانيها في خدمة الشعب الفرنسي وخصوصا مهمشيه , لكان مصيرها الطرد من الحكومة , بدلا من ترفيعها لتقلد المهام الحساسة كما في المشكلة بين فرنسا وتشاد المذكورة اعلاه. * الحكاية السادسة رفضت الوزيرة رحمة الله مقابلة الرئيس دينسي ساسو نجوسو لتنويره في بعض الامور وذلك لعدم تقديرها لسجل حكومته في مجال احترام حقوق الانسان. ولكنها وعدت بأنها في المرة القادمة سوف تقبل بان تقابله لمناقشة معمقة لحقوق الانسان في بلاده . وصرحت الوزيرة رحمة الله دون مواربة بأن الرئيس عمر بونجو رئيس جمهورية الجابون ينتمي لعصر من السياسيين يختلف تماما عن عصرها وتفكيرها , في اشارة واضحة الى انه ديناصور يعيش خارج الزمن. ولكن البنت رحمة الله قابلت واكرمت الصومالية/الهولندية ايان هرسي على الذي قفز كتابها "الكافرة" الى المرتبة السادسة في لستة جريدة النيويورك تايمز لاكثر الكتب مباعا. وايان لمن لا يعرفها من القراء الكرام, اصبحت هدفا بعد صدور فتوى لاغتيالها من بعض الجماعات الاسلامية المتطرفة في هولندا. ولكن البنت رحمة الله لا تخاف بل تسعى لمقابلة ضحايا الرأي والفكر الذين يصدر الارهابيون الفتاوي لاغتيالهم في خرق واضح لحقوقهم الانسانية والدينية. * الحكاية السابعة منذ توليها الوزارة في يونيو الماضي قامت الوزيرة رحمة الله برحلات مكوكية لخمس دول هي مولداقيا , هايتي , تايلاند , اندونيسيا , واخيرا السودان اول بلد افريقي تزوره الوزيرة رحمة الله . وقد ابلت الوزيرة بلاء حسنا في جميع هذه الزيارات الرسمية للبلاد الاربعة الاولى "بخلاف السودان" مما اكسبها رضاء وزير الخارجية كوتشنر ورئيس الجمهورية ساركوزي وقوى من موقفها الحكومي والسياسي وجعلها قريبة من آذان الرئيس ساركوزي ومن دوائر اتخاذ القرار السياسي في فرنسا. اما زيارة الوزيرة رحمة الله لبلاد السودان والتي انتهت في 23 اكتوبر الماضي فقد اثارت سخط بعض الاوساط الحكومية من بعض تصرفات الوزيرة رحمة الله التي لم تكن دبلوماسية كما تقتضي الاعراف الدبلوماسية بين الدول والحكومات. وقد قامت بعض الصحف بمهاجمة الوزيرة رحمة الله على هكذا تصرفات بدرت منها ولم تراع فيها كرامة حكومة السودان التي اصبحت ملطشة لكل من هب ودب. ونلخص في الحكايات الثلاثة ادناه غزوات البنت رحمة الله المسلمة السوداء في بلاد المشروع الحضاري والانقاذي. * الحكاية الثامنة نظمت ولاية شمال دارفور زيارة للوزيرة لمعسكر ابو شوك خارج مدينة الفاشر وجهزت لها واعضاء وفدها عربات حكومية رباعية الدفع مجهزة بالاضواء الزرقاء الدوارة وحرس مسلح حتى النخاع . ولكن الوزيرة طلبت عربات مدنية بسيطة حتى لا تسبب الذعر في المعسكر . ولم يستجب لطلبها. فأخذت واعضاء وفدها عربات تكسي محلي للمعسكر حيث وصلت فماذا رأت؟ رأت قوما تحسبهم ايقاظا وهم رقود وتقلبهم ذات اليمين وذات الشمال , ولو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا. وقابلت الوزيرة هذه الاشباح البشرية في هدوء ودون جلبة وضوضاء. واستمعت الى شكواهم وتلمست مشاكلهم وغادرت مودعة بالتصفيق دون اي مشاركة من حكومة الولاية او الحكومة الاتحادية التي ضربت اخماسا باسداس وقالت هذا يوم عصيب. *الحكاية التاسعة نظمت حكومة الخرطوم زيارة رسمية للوزيرة لأم ضوا بان شمال الخرطوم لتزور المتأثرين بأمطار يوليو الماضي. ووجدت الوزيرة استقبالا منظما من قبل الحكومة بالاغاني والرقصات والدلاليك, والتم تم ووجدت الحكومة قد جهزت لها غداء فخما على ظهر سفينة تم احضارها خصيصا من الخرطوم. فسألت الوزيرة : اين المشردين؟ اريد ان ازور المشردين ولم احضر لمشاهدة الرقص والغناء والغداء على ظهر سفينة في النيل. وركبت عربتها ورجعت تاركة اعضاء لجنة الاستقبال الحكومية يعضون اصابعهم من الغضب . وفي طريق عودتها وقفت الوزيرة وتحدثت مع عائلة شردتها الامطار في خيمة على الطريق. ولكن ماذا حدث للجنة الاستقبال الحكومية بعد ان هربت منهم الوزيرة الفرنسية هروب السليم من الجربان؟ لا شيء يا صاح. فقد هرعوا وهم يلهثون الى السفينة المرابطة على النيل حيث قضوا على فاخر الطعام بينما مشردو الامطار لا يجدون ما يسد رمقهم في بلد المشروع الحضاري. * الحكاية العاشرة في يوم وصولها رأست الوزيرة الفرنسية مع وزير الدولة للخارجية السوداني اجتماع مشترك في وزارة الخارجية في الخرطوم واكد الوزير السوداني في نهاية الاجتماع ان الاوضاع في السودان مستقرة وبشر بعودة السلام الشامل ولكن الوزيرة الفرنسية ذكرت الجميع بجرائم الحرب التي تم ارتكابها في دارفور حيث مات اكثر من ربع مليون دارفوري وتشرد اكثر من ثلاثة مليون وطالبت حكومة السودان بتسليم المجرمين المطلوبين للعدالة الدولية لمحكمة الجزاء الدولية ورفضت رفضا باتا مقابلة زميلها السوداني وزير الدولة للشؤون الانسانية المطلوب بواسطة الانتر بول لمحكمة الجزاء الدولية ووجم الحاضرون عند سماع طلقات الوزيرة النارية وكأن على رأسهم الطير ولم يفتح الله عليهم بكلمة: وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الاصفاد. سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار. ليجزي الله كل نفس ما كسبت ان الله سريع الحساب. هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا ان محكمة الجزاء الدولية آتية لا ريب فيها وليذكر اولو الالباب.………