عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 01:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-01-2007, 10:37 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل



    آخر يوم للتصويت هو مساء غد الثلاثاء 2- أكتوبر

    زميلنا عضو المنبر الشاعر محمد جميل..
    يمثل السودان ويمثل أسرة سودانيز عبر مسابقة (شاعر العرب).ويحتاج لوقفة قوية منا جميعا نحن أعضاء و قراء وزوار سودانيزأونلاين.



    وللذين لا يعرفون محمد جميل فهو شاعر فذ وأديب حاذق , نفخر حقيقة بتمثيله لنا..
    كما أن طريقة إختياره لم تكن محض صدفة, بل تم عبر تدقيق وتمحيص من بين 1262 شاعر
    حتي وصل إلي هذه المرحلة المتقدمة في السباق..ويكفي ذلك

    وفي هذه المسابقة للذين لم يطلعوا علي تفاصيلها فهناك طريقتان لكي يواصل الشاعر في المنافسة وهما:

    • يقوم الجمهور بالتصويت عبر رسائل ال sms وهذا دورنا(سوف نتطرق لهذا الأمر بعد قليل بالتفصيل وكيفية المشاركة ),
    • رأي لجنة التحكيم.


    الرجاء إرسال رسائل ال SMS والتصويت لزميلنا الشـاعر محمد جميل وهو يشارك بإسمنا ويناضل لرفع إسم السودان عاليا عبر هذا المحفل.



    التوصيت عبر الSMS يكون بكتابة رسالة قصيرة بالرقم 6 (الرقم 6 الخاص بالأخ محمد جميل) تسبقها كلمة رشح أكرر كلمة رشح (راء شين حاء) لتصبح الرسالة كالتالي:- رشح 6 من دون القوسين أو كلمة Vote 6.
    تقوم بإرسال الرسالة القصيرة للرقم المعني في البلد الذي تقيم فيه حسب التالي :-



    السعودية " STC"

    84408



    السعودية " Mobily"

    6346

    مصر " Vodafon , Mobinil '

    91144


    اليمن " Sabafon "

    3562


    اليمن "MTN "

    8027

    السودان

    3024

    البحرين" MTC "

    77257

    سوريا

    SYR 1572
    ASIR 1680



    لبنان "Alfa & MTC "

    1084

    الإمارات " Etisalat "

    6673

    سلطنة عمان " OmanTel "

    90215


    سلطنة عمان "Nawras "

    90666

    الكويت " MTC "

    98846

    الكويت " Wattanya "

    1659

    الأردن " FastLink"

    95588

    الأردن " Mobilecom"

    91293

    الأردن " Xpress"

    91926

    الأردن "Umniah"

    98107

    العراق " Asia Cell"

    1680



    أرقام التصويت عبر الهاتف

    IVR

    السعودية " STC"

    70005575

    10 SR


    فلسطين " jawal & Paltel "
    1412

    3 NiS

    الجزائر " Djezzy "

    1449

    55 DZD

    البحرين " MTC & PAT "
    PAT 95079
    MTC 77257



    الإمارات " Etisalat "

    6673

    4.80 AED

    الكويت " MTC "

    98872

    500 Fils

    الكويت " Wattanya "

    1659

    500 Fils

    الأردن " Fastlink , Mobilecom , Xpress , Umniah &JT Land Line "

    O90099706

    0.70 JD

    من كل أنحاء العالم OO88216900417
    OO88216900417

    أرقام هواتف قناة المستقلة
    00442089615059
    00442088381120
    فاكس
    00442088382997

    رقم موبايل للشارع محمد جميل هو 966559613439 +

    ومعا لرفع إسم السودان عــاليا في كل المحافل..



                  

10-01-2007, 10:38 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    ...............
                  

10-01-2007, 10:58 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    نسيج الأماسي
    محمد جميل أحمد 15 أبريل 2006

    يا ويح أيامي التي خفقتْ على
    صدر المسافات انتظارا

    تهدر هذه الفوضى بليل الوقت
    تنسحب المرايا في فناء الضوء
    ضيعني الصدى في جرف هاويتي
    وعلقني بقايا

    تروي دموع العاشقين مصارع
    الكلمات حين تفارق الأرواح شهوتها
    وتنتحب الخطايا

    وأنا هنا
    جسد يشف الليل … يا علق الصدى
    أين المسافاتُ الخديعة ُ خِـفـّة ُ الأشياء
    تحملني ، وبابُ الريح ِ
    والظلماتُ تنفي زنبقات ِ الضوء عن بصري .
    تكذبني النوارس، مرة اخرى ،
    وتكتبني الحكايا

    وأنا هنا
    أرق ٌ يشف الملح في الكلمات منتحبا ً
    على صدر الملاحم هذه الأيام شهوتنا
    تـّـزين بالكلام مناحة الشعراء
    والمعنى
    أرنَّ مسامع (الكندي) منفجرا ً
    وضيعني شظايا

    أواه أيتها النوارس في خيوط الأمسيات
    لغتي مجاز العابرين مراكب الأيام
    تبقيني صدى ، من بعض روحي ،
    حين يبقى الصمت مملكتي وتنسحب المنايا

    يا ليلي المنزوف تعبرني وتهرب كي
    تجب طفولة الأشياء في صدري
    سرابا أسودا
    كالطيف تخذلني مع الصحراء
    منكشفا على
    لهب المرايا

    (2)

    تـَمرُ على بابي الريحُ مخمورة ً
    والدروب شوتني على نارها
    و فمي وهج ٌ
    كلما ضجّت النار أرسلني للبروقْ
    أنا ديدبان الشروق
    تعـتـقـني صحوة الطين بيني
    وظل الرماد أسى أوحشته
    الأماسي
    أنا أرق الضوء
    حين تفر الظلال
    وتأتي العشيات مثقلة ً
    بالمآسي
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ينبع البحر أيار 2002
                  

10-01-2007, 11:47 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    ........
                  

10-01-2007, 11:54 AM

tmbis
<atmbis
تاريخ التسجيل: 10-19-2002
مجموع المشاركات: 24862

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    مواقفك المشهودة هنا وما ما رسته ضد بنت من بنات السودان .. وما فعلت مثله في العديد من البوستات التي لا تمت للسودان بصله .. كل هذا
    لا يؤهلك .. أن تقحم نفسك في ما يتعلق بمشاركة الستاذ محمد جميل ..
    احملك نتيجة أي أخفاق ( لاسمح ) الله للاستاذ محمد جميل
    لانه وبكل صراحة ما أن يتابع أحد هنا ما تكتبه عن محمد جميل .. إلا ويتذكر ما قمت به من افاعيل .. ايام منافسة أميرة الشعراء التي اللتف حولها جميع السودانيين ..
    ارفع يدك عن الأمور السودانية .. فأنا لا اتشرف أن أكون معك في امر يهمني كسوداني ..
    ارفع يدك حالا ..
                  

10-01-2007, 12:03 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: tmbis)

    up
                  

10-01-2007, 12:05 PM

ombadda
<aombadda
تاريخ التسجيل: 10-10-2002
مجموع المشاركات: 6736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    رمضان كريم
    بثمن الرسالة القصيرة يمكن أن نشترى قطعة خبز لفقير
    وبثمن ألف رسالة يمكن أن نشترى ألف رغيفة لألف جائع


    لا عليك ..فقط خطرفات صائم
                  

10-01-2007, 12:11 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: ombadda)

    أمبدة ..سلامات


    نتمني يجي قريب اليوم
    وما نحتاج نحسب فيهو بالطريقة دي..

    لكن الشاعر محمد جميل يستحق هذه الوقفة


    ـــــــــــــــــــــــــــ

    يا صاحبي شكلك نمت بدون سحور.
                  

10-01-2007, 12:18 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    تناص بين الوجه والقناع


    قال : (أمنكم الحوفزان بن شريك قاتل الملوك ، وسالبها أنعمها ؟
    قالوا : لا ... قال :ـ فلستم من ذهل الأكبر)
    كتاب : " سبائك الذهب"
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ياحوفزان *:
    هاهم بنو شيبان قد شربوا
    صقيعَ الصمت إذ رفعوا شعاراتِ المسيحْ
    الليل أوصد كوّةَ الشفقِ الشحيحْ
    وهناك خلف نهارك الأبديِّ
    زحفُ هياكلَ الموتى على الوطن الكسيحْ
    كيف ارتحالك في حِمى الرومان حين
    تكون أقنعة المنايا السودِ
    خلفك كالرّديفْ
    وعلى المضارب خيمةُ الوطنِ المسجّى
    في المدى .... تتناوحُ " النَّخوات "
    " يا ذهلا " وترجع كالثرى
    الصادي إلى المطر العنيفْ.
    هذي يمينك يا أبا الفرسان ...
    صائلةٌ ودونك من دمِ " الشُّذاذ "
    محجمةٌ تقطّع تحت جسر الموتِ
    أوردةَ النـّزيفْ
    كيف التفاتُك من رجيم الغيب للوطنِ
    المسجّل في المطارات البعيدةْ
    جسدٌ تعجُّ قبائل الدنيا بساحته
    وخيمته طريدةْ
    أو كلما وليتَ رحْلكَ شطَّ ماء الرومِ
    غرّبَ وجهك الصيفيُّ يلهثُ في السرابْ
    وتظلُ في الدنيا تغادرُ سيفكَ
    المكسورِ من بابٍ لبابْ
    ترنو إلى الحًُلمِ الذي أكلت
    حشاشته بنو يعقوب كاللحّم
    المذابْ
    " سالومي " ترقص فرحة الموتى
    على الشرفات من فرط الشرابْ
    وهناك في شرخ الشبابْ
    وطنٌ يمدُّ الموتَ أشرعةً تعانقُ
    سكةَ الأبدِ الطليقْ
    خنقت نسائمه رياحُ الصَّيفِ
    حين تلوّن الأفقُ الصّفيقْ
    * * *
    يا حوفزان
    ها أنتَ تُسْرِجُ حافراتِ الرّيحِ
    في جسدِ الغيابْ
    تهتز في الصَّهواتِ بين مضارب
    الدنيا وأقْبية السّحابْ
    ترجو المواعيدَ التي صدأت
    وخلّف رعدُها المأمولُ
    رقْرقةَ السرابْ
    أو كلما فجعت شُهودكَ
    دمْدَماتُ الرّعبِ تجْهَلُ
    ما تريدْ ؟
    ترنو إلى الشهداء خلفَ نوافذ
    الموتى وتقبعُ في شبابيك العبيدْ
    نفقت خطاوي السلم تحت
    سنابك الصَّلفِ العنيدْ
    وبقيت وحدك في الصَّقيعْ
    خلفَ التماثيلَ التي شربت كؤوسَ
    حليبك الصَّافي وأهْرقَتِ النَّجِيعْ
    كيف التجاؤك ...
    حين تفرُّ خيمةُ " هانئ "** المغدور
    في المنفى على الوطنِ الصَّريعْ
    كيف احتلابُك ثأرَ من قُتِلوا
    بأبقارِ الرَّبيعْ

    * * *
    ياحوفزان
    يا سيِّدي يا سيد الفرسانْ
    تقطَّعتْ يداي دونَ سيفك الكسيرْ
    ونابَ عن قتاليَ اللِّسانْ
    ها هم بنو شيبان يحلبون من
    شياهنا المغُيرْ
    ويرقصون في الدِّمقسَ والحريرْ
    ترَّهلَ الطُغْيانُ في خيامهمْ
    والليلُ في المصيرْ
    والثأرُ في أشعارهمْ
    أنشودةٌ للحالمِ الغَريرْ
    ...................................... ينبع البحر 2001
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    عن صحيفة الحياة اللندنية 20/6/2001
    * الحوفزان = من أبطال معركة ذي قار في الجاهلية
    ** هاني بن قبيصة الشيباني الذي كان السبب في ثبات بني شيبان يوم ذي
    قار أمام الفرس حين نصب خيمته في قلب المعركة وقال قوله الشهيرة: (والله لا أفر حتى تفر الخيمة)
                  

10-01-2007, 12:21 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    لمحمد جميل رواية صدرت مطلع هذا العام عن دار الحصاد بسوريا الرواية بعنوان (بر العحم)
    وكانت قد فازت بالجائزة الثانية لمسابقة الطيب صالح للإبداع الروائي 2005
                  

10-01-2007, 12:27 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    نتمنى لك كل التوفيق ايها الابن العزيز
    ودائما فى المقدمة باذن الله

    سلمي الشيخ سلامة
                  

10-01-2007, 12:34 PM

فيصل نوبي
<aفيصل نوبي
تاريخ التسجيل: 09-16-2005
مجموع المشاركات: 14194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    Quote: مواقفك المشهودة هنا وما ما رسته ضد بنت من بنات السودان .. وما فعلت مثله في العديد من البوستات التي لا تمت للسودان بصله .. كل هذا
    لا يؤهلك .. أن تقحم نفسك في ما يتعلق بمشاركة الستاذ محمد جميل ..
    احملك نتيجة أي أخفاق ( لاسمح ) الله للاستاذ محمد جميل
    لانه وبكل صراحة ما أن يتابع أحد هنا ما تكتبه عن محمد جميل .. إلا ويتذكر ما قمت به من افاعيل .. ايام منافسة أميرة الشعراء التي اللتف حولها جميع السودانيين ..
    ارفع يدك عن الأمور السودانية .. فأنا لا اتشرف أن أكون معك في امر يهمني كسوداني ..
    ارفع يدك حالا ..

    صدقت يا علاء

    و للاسف قد يكون مظلموا محمد جميل ... لانني لن أصوت بسبب الحرامي عصام ولا خالد ولا ..
                  

10-01-2007, 12:39 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: فيصل نوبي)





    فصل من رواية بر العجم الحائزة علي جائزة الأديب العالمي الطيب صالح :


    سنكات سنكات .. حوليه1.. حوليه.. ساخت هتافات السماسرة في زحمة الألوان.. كانت أقنعة النساء تدهن أجسادهن بالفُوَط السادة ذات الأصباغ اليتيمة. لون زينب، والدم، والأصفر المجنون، والأخضر.. رفت علي الأجساد المكتومة كفراشات ملونة حلت في سماء اللواري السفرية وباحة سوق ( ديم سواكن) . صدح الفجر مهرجاناً ضجت فيه الألوان والأناشيد. لبست حافلات الشحن الرايات الخضراء، وخفقت تحت الشمس بفسيفساء معدنية أضاءت واجهاتها كإعلانات كتبت عليها عناوين الرحيل : ( بورسودان ـ سنكات ـ طوكر ـ وبالعكس) .
    فما بين الضوء المنسرب من العتمة إلى غفلة الديوك في الضحى تنحسر الضجة في حركة السوق مع آخر اللواري المنسحبة من أطرافه وسط الزفة الواهنة ودعوات العاجزين الذين حبسهم العذر عن ضريح السيدة ، فنشطوا للوداع منذ الصباح بعد أن حفظوا ودائع الدراويش في تكية (الختمية) لقاء الدعوات وهدايا الرمل من فناء الضريح..
    كانوا يقولون إن يوم الرحيل إلى (الحولية) هو يوم الزحمة والرحمة والحركة والبركة. غير أن الزحمة في ذلك الصباح فجعت آذان العميان بهسيس المريدين من جهات المدينة الأربع. كان انشداد الجموع إلى باحة السوق بهيئاتهم المميزة وشاراتهم المعروفة أول من خيب ظن العاجزين في البحث عن أمان مطمئن علي ظهر اللواري. وهو ما حذرهم منه الدراويش الذين تحزموا للموسم بزنانيرهم الصدئة وازدحموا تحت البيارق الخضراء داخل التكية وخارجها منشدين من الحين والاخر :

    شيء لله يا حسن يا سلطان الزمن

    كان يوم الحولية عيداً تجملت فيه القبائل ، وجاشت الأعلام علي رؤوس الرعايا. تحمّل (النوراب)2 يومها أزياء الفرقة التي خنقت أجسادهم المتفلتة. كانت القمصان الضيقة والأحزمة التي بعجت بطونهم، وأربطة(الباتا)3 المجبصّة بأقدام أنفت أصابعها ذل الضيق اعظم عدو خنق أنفاسهم منذ الفجر في انتظار العمد والشيوخ . بحيث لم تكف عنهم أنـّات الحنق إلا الأنغام التي كانت تنبعث من مزامير الخوص وصفافير قصب السكر علي حركات الأصابع القلقة. بينما كانت أناشيد (بني عامر) و (الحباب) ترطن ألحانها المرققة في وسط السوق فرحين بما سطع في صدورهم الزرقاء من شارات (الختمية)4 ومن خلفهم هدرت (نوبات)(التكارين) وطبول (الفلاتة) بدوي يخرق أسماع الحاضرين كلما وزع عيسي تجاني الإشارات التي يضبط إيقاعها علي حركة عينيه نصف المغمضتين ورأسه المتمايل. كان الحفل تبريكا ينشط فيه المريدون مع العامة قبل الركوب علي لواري الشحن المتوجهة الي سنكات حيث تـنغرس شموع الحولية من كل عام علي ضريح (ستي مريم) الممدد بين شجر الأراك في دائرة (المراغنة) 5. في تلك الجموع المشتعلة بالبشارة أجهش أبو البشر (آدم أرباب) بنصفه الحي علي شطره الميت. كان يحرق دموعه في الغبار الذي تصاعد من هرج القوم ملتفا حول نفسه بالحسرة….
    آه يا آدم يهدر فيك الحنين وتكذبك الأيام.. ها هي النفوس تفيض في الزحام بعدما فاض شراب الوصل … أكلتك السنون في العشق.فانقطع المراد.. رب موصول مقطوع وأنيس مستوحد… درج السالكون في الحضرة.. وأنت هنا..

    يا رب أنت وصلتهم وقطعتني

    كانت أعناق الخيل تحجل بالأجراس في الدائرة المشتعلة لتنتشل أبا البشر من فيوضه مثخناً بالنواح…. أبصر آدم حقيقته: جسد مغمور في الدنيا منخسف في الأيام. رهنته الدروب في تكية الختمية بساحل برعوت بعدما رهنت الرمال ثلاثة من إخوانه تحت رياح (الهبباي)6 في موسم (العيتبيت) 7 دفنهم جميعا.. وأدلج في ظلام العيتبيت . كانت عتمة الرمل تـنسخ الدجي في نهاره المنطفئ بين (دولبياي) و (أوسوك) . سلخ ليالي البرد في سفر الرؤيا من دون أن يبالي بحرب الرمال في بطن الصحراء، قالوا له يومها في طوكر : أن لواري كباشي عيسي حبستها العيتبيت في الكَسْرة حلفوا له بأغلظ الأيمان أن الخروج الي الحولية في سكك (العيتبيت) موت مذكور. كان الناس في موسم الهبباي بطوكر يطفئون حياتهم في البيوت ويطبخون الرمل في طعامهم وشرابهم شهورا بين هوام الموسم الزراعي التي تندلق مع بنات البيوت والأفاعي والعقارب لتستوطن الأحذية والمشربيات المفروشة بالرمل. كانت غضبة الهبباي خبيئة الحياة عند أهالي طوكر حين تتفشي حمي الغضب الترابية عن بقايا نهر سيتيت . المتقطعة في الدلتا فيحتفل الناس بانقشاع الرياح في نفس اليوم الذي يحتفل فيه الدراويش بـ (علي كباش) قادما من برعوت بالصفير والزعيق في ساحة الموقف… عيك عيك عيك .
    علي كباش : طائر الخوف المهاجر يستقبلهم بأسنان معكورة تنحسر عنها شفتاه بشوق غريب. كان علي كباش حين يدخل في أناقته البيضاء ، يوسوس سبعين مرة وهو يفرد (الدبلان) المشطوف بالنشا.. الشر وال مكوة سيف، القميص مكوة سيف، الثوب مكوة سيف، حتي مركوبه (أبو كرفته) المخصوف من جلد الأصلة يتحسس اختياره لموسم واحد مدشنا بذلك آخر( أخبار) الموضة في (كوم السكر) كان من تماثيل طوكر الناصعة التي تختفي في موسم التراب خوفا من أفاعي الصيف وعقارب الموسم مهاجرا الي برعوت ، ليعود مرة أخرى حين تغادر الرياح. نزل علي كباش وسط الزفة يتقافز علي الرمال بعيون حذرة حتي وصل الي (صف ستة) كان لا يبدأ بالدخول الي بيته إلا بعد أن يأمر الدراويش بالهجوم علي تركة الخوف: الأحذية (أبو كرفته) و( باتا) و(أبو شدة) ، ثم يرسل عليهم بأسنانه الطالعة، دعوات أبي البشر ، نزيل برعوت ، بالموسم الوفير ويبارك لهم أسلابه بالرضا والقبول. عرف أهل طوكر ذكري أبى البشر حكايا متجددة في موسم الهبباي من كل عام.. يوم أن خرج آدم في العيتبيت قاصدا ضريح (ستي مريم) بسنكات طلعوا معه في العاصفة. كانوا يعرفون نيته حين ينشد من شدة الجذب :

    يا رب أنت وصلتهم وقطعتني فبحقهم يارب حل قيادي

    هدر صوته في (كوم السكر) ليفزع السحر في عيون المزارع الهاجعة. في تلك الساعات التي يصرخ فيها اللبانة علي السكك بين غشاء الفجر المتسلل من عتبة النهار، يغفو نشيده غفوة تقطعها حوافر الحمير المعبأة بخروج (التبش) وخراطي (العجّور) حين يفك الفجر عيونا صدئة بلون الرمل ومكاحل التراب. أشرقت الأناشيد في الناس بين الزوايا المنتشرة من خلاوي الحسناب ، إلى جامع سيدي مدني . بدا الصباح هسيساً أفعمه الصدى ، وشكت الوجوه هواءها المترب في التعاويذ الراطنة. كانت ثورة الغبار تستريح في الوجوه عند موعدها المضروب مع أهل البلاء ، ممن هجرت صدورهم العافية وأزهر فيها المرض. أتوا جميعا من (عدوبنه) و (عقيتاي) و (هوشيري) منسحبين من سراب الصحراء ، إلى أعالي الدلتا علي دروب العوذ . حتى الحمير لبست في موسم الصيف الجوارب المبللة لتستعين بها علي الحر في وادي الحصحاص الذي يفضي الي طوكر من طرف الصحراء …
    ــ ( مسكين علي كباش.. الناس تقول يا جامع عشان تلحق البركة في العيتبيت وهو خايف في برعوت) !
    رطن آدم ساخرا من علي كباش …. هو أيضا كان يمني نفسه بالخروج الي (ستي مريم) لكن الروح بصيرة والقدم قصيرة..

    يا رب أنت وصلتهم وقطعتـني

    حفظ أبو البشر شطر بيت الحرمان من شعر (سيدي البرعي اليماني) كما سمعه من شيخة (أبى الرايات) . كان يردده كلما تخنـّق في الجذب وتذكر مسير أبي الرايات من طوكر الي كسلا لزيارة ضريح (الحسن الميرغني )9 ” صاحب التاكا”ا يومها نفـد أبو الرايات من (خور الكراي) و (الشفتة)8 بسر زاد يقينه عندما تحسس اطرافه سالمة تحت جبل الختمية عندها قرر العودة بيقين الوصول سالما. كسر سيفه ودفن أد راعه بعد أن وهب حماره ( للدائرة) 10 واضعا إصبعيه علي أذنيه لمقاومة نهيقه النازف .. نذر ابو الرايات وحقق نذره يوم أن دخل طوكر حافيا في جبة صدئه واهاب متشقق تنضح أنواره باليقين، شهدنا في عينيه أشواقا مترعة وغيوما محبوسة. جاء ابو الرايات سالماً من سفر العناد، مشفوعاً بالحظوة. ضربوا له (الدلاليك) في (الدلتا). نثروا عليه عيش الريف وغبار الذرة تحت سماء الزغاريد . وبعد أن نفد شراب القوم ولغت السيوف في الذبائح..
    نفر الناس إلى وادي الحصحاص لشهود اليقين الذي خرق أيامهم. فرك آدم عينيه مستغرقا في مسافة الجسد العائد من شفير العدم. كان الشاخص أمامه أشبه بالرؤيا في قلب الليل. ابو الرايات كما هو.. لم يذهب شعره هولا ، أو تقع أسنانه، أو يلتوي فمه. غاص في كيانه المشرق بسفر العذاب، لم يجد أثرا منطفئا فيه. ابو الرايات الذي تدّرع بنشيد المجذوب في عراء الوحشة ساربا في الفناء من دون أن يعتلق الدنيا ، صبّ الشوق في صدره سيلا غرقت فيه الأشياء والهواجس أصداء ً واهنة. كانت زورة التاكا مصير في الغياب بين سكك المتاهة ومنافذ العدم.
    عددنا يومها هلاكه في شراك الريح وأفواه الحفر في (ايربا) وخيام الجن في (مامان) قبل أن يظهر في (خور الكراي) عند مشارف التاكا.
    يوم دخل ابو الرايات وادي الحصحاص. رجم القوم الغيب ودرجوا في التأويل . كان الحق سرابا يلعب في الصدور. فما بين الطالع من وادي الحصحاص عبورا بالدروب المتولجة الي التاكا في المتاهة بينهما، تستفيق الحكايا عن سيرة العدم كلما ودع أهالي طوكر فيها المجاذيب ورجعوا منهم بالظنون المدوية عن الهلاك يقينا ً بفجيعته الناصعة. لذلك ظنوا أبا الرايات حين ظهر في وادي الحصحاص قرينا من الجن خطف اهابه وصورته. لكن آدم صرخ من الذهول عندما رأي اللحم المعروق ينبض في قوائم الدرويش
    ــ انكشف الغطا يا ناس بعد سيدي أبى الرايات
    علم أبو البشر : أن الجن حين يظهر في البشر ينتعل الحافر. وذلك عنده يقين تصدق به الرؤيا. فرمح من مقامه عدوا إلى جسد أبى الرايات ثم باس التراب ، ودس بين أذنيه همساً
    ــ سرك يا مولاي؟
    ــ السر من سيدي المجذوب. .. يوم طلع في تساب11 سنة 46من الدامر، يكورك 12

    ( يا مدمدم13/ سيب النوم/ قبل ما تندم )

    الدنيا طشاش14 والناس نايمة ومن يوم داك نوي الهجرة لسيدي الحسن وقال نشيدو. لمن وصل.
    انكشف المجذوب عارياً في الضفاف تحت الكلمات التي نزلت علي لسانه بين الوعي والغياب. كان العطبراوي يشتعل سيفا في الصحراء حين صرخت مياهه بالأناشيد :

    جل ربي وجوده مظهر الكون
    وأسرار غيــبه في الكمال .

    دندن الصدى في حواف الصحراء وطارت الأناشيد في الغيوم التي عصبت رأسها بالمطر حين اتسع الغناء بين الجبال:

    الجلاميد منه إن غوّر النجم
    قــبــيلٌ مّعرسٌ فــي حِلال

    حتى حمار المجذوب أنس من الخوف بالكلمات الراطنة عندما جاز الخور مستمعا

    لا تخاف الكراي16ترقد في الخيران
    أو ترهب انقضاض الصلال

    حينها برق الوعد في قلب أبي البشر بالبشارة من أبى الرايات لدخول الضريح
    فهو الآن اشد يقينا من حمار المجذوب.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    شاعر وكاتب سوداني مقيم في السعودية [email protected]
    * الرواية الحائزة على المركز الثاني في مسابقة جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي قبل أسبوع. بالسودان .
    1الحولية زيارة سنوية يقوم بها أتباع الطريقة الختمية إلى زيارة ضريح السيدة مريم الميرغنية في مدينة (سنكات) بشرق السودان.
    2 النوراب ، والأحباب ، وبنو عامر = من قبائل شرق السودان
    3 الباتا = أحذية شعبية اشتهرت في السبعينات بالسودان
    4 الختمية = طريقة صوفية لها نفوذ ديني وسياسي بشرق السودان
    5 المراغنة = سادة الطريقة الختمية بالسودان
    6،7 العيتبيت والهبباي = موسم من الغبار يخيم على مدينة طوكر شهورا قبل المطر
    8 الشفته = قطاع الطريق في الصحراء
    9 الحسن الميرغني = صاحب الصريح المقام على سفح جبال التاكا بمدينة كسلا
    10الدائرة = نزل دائم يعيش فيه المتعبدين والصوفية والفقراء من أبناء الطريقة الختمية في السودان
    11 تساب = كلمة تعني الفيضان في العامية السودانية
    12يكورك = يصيح بصوت عال
    13 المدمدم = المغطى بالثوب
    14 طشاش = غير واضح
    15الأبيات من قصيدة (جبل الختمية)للشاعر السوداني العظيم محمد المهدي المجذوب
    16 الكراي = الذئب باللهجة البجاوية في شرق السودان
                  

10-01-2007, 12:44 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    الكاتب والاخ الصديق محمد جميل احمد
    اهنئك على فوز روايتك كما اغبطك على توغلك الجميل
    في حياة مجتمع يعرف تنوع القبائل واختلاف عادتها
    هكذا كنت دوما تنتقل من الرواية للشعر ومن الشعر
    الى عالم الحكي الجميل..
    هنيئا مرة اخرى ومزيدا من التالق والابداع

    بتول المحجوب
                  

10-01-2007, 12:52 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    سننقل الرواية كــاملة:



    الفصل الأول من رواية : بر العجم

    حينما عانقت السماء الأفق ، ثبتت عيناي تحدقان في غيوم غير مرئية . ربما كانت سنواتي الثلاث الاولى من طفولتي عند منقطع العمران ، و بين تلال الرمل هي التي صورت لي ما كنت أراه . لم يكن الأفق الضارب في فراغ لا نهائي وهو يسوق السحاب، يملأ العين ، بقدر ما كانت تشدني أسلاك الحدود الشائكة على ميل واحد من كوخنا ، كحدود الموت والحياة . وقد نشرت عليها غربان الأصيل ملاءة سوداء تخفق أطرافها عند معابثة الريح ، بالثقوب والتموجات .
    أصداء طفولة حائرة ، تلك التي أتذكر منها اليوم سلطانية الحليب محفوفة برغوة نيئة بين يدي طفل ، وصوت أمي من داخل الكــــوخ مستخفــــرا ً بالشكـــــر
    لـ " دمباي " الذي تقول أمي عنه كان معجبا بفصاحتي الراطنة ، من طفل لا يحكمه الوجود إلا بثلاث سنوات . غير أن مذاق الحليب الذي لا أتخيل طعمه اليوم ، كحلم مقطوع ، هو الذي آذن بانقطاعي عن سنتي الفطام ، ودلف بي إلى أخيلة بدائية لطفل فارق ثدي امه بأعجوبة . أفزعني الفناء خارج الكوخ ، أول مرة ، حين دلق رماله في أرض تناثرت فيها الأكواخ كنجوم في ليل هالك . في الأفق البعيد لم تكـــــن بلــدة " قرورة " بضفتيها عند شرك الحدود بين السودان واريتريا (قرورة السودانية ـ قرورة الأرترية) على شئ يخرج من طين الأرض ، أو مطر يسقط من السماء . كانت جرداء ، كفراغ فـــي هاويـــــة . فبـــين قامات شجـــــر
    " العلديب " القصير ونباتات الحلفاء ، كانت أكواخ الخشب البدائية هي كل ما يملكه أهل بلدتنا من مأوى . لذلك ما أعرفه أو أذكره اليوم من بين ثقوب الذاكرة يعجز عنه التصور . سنتان من الطفولة في كنف أم تزوجت من رجل آخر لا تكفي لإضاءة ذلك الزمن السحيق من أغوار طفولتي ، سوى ذلك اليوم الذي فزعتُ فيه من صوت المذياع في بيت أبي ، الأمر الذي أضحك أبناء عمي . وتعالى ضحكهم حين انطلقت مندفعاً لحلب شاة بمربط داخل منزل أبي ، فتلك الشاة أول ما عرفته من عالمي الذي خلفته بالبادية . ربما كانت مدينة (برعوت) بأبنيتها المتلاصقة ، وحاراتها الخشبية ، والوجوه المتطفلة ، حركت في نفسي تلك الأفعال . غير أن أبي ـ رحمه الله ـ كان فرحا ً ، فرحة ً لا توصف ، بابنه الوحيد الذي عاد من تخوم الوطن . فطالما سمع اشتباكات فصائل جبهة التحرير الأرترية على الحدود فيما عرف بمعركة " قرّ قر " التي دارت أحزانها بين ضفتي " قرورة " ، تلك الأيام ، كسباق لخيول في ميدان الرماد . تدفقت دماء الأخوة الأعداء دون أن تهرق محجمة من العدو. كسيول انحدرت في غير مصبها . لذلك لم تسعه الفرحة عندما جاء ذات ظهيرة من عمله ليراني في حجر جدتي " أم ادريس " قالت جدتي ـ يا (أبو علي) أمانتك في يدك ، وأنت عمي قبل أن تكون زوج بنتي ... والولد يتربى عندك زي عندنا مافي فرق .
    ـ الخير فيما اختاره الله يا أم ادريس .

    كانت تلك الكلمات القليلة بين أبي وجدتي كافية لتشعل شموعا في قلب أمي الثانية ، التي طالما تحرقت شوقا في الولد . بعد أن دفع أبي الذي أمامه ووراءه من أجلها،هي التي ملأت أيامه ولياليه بسعادة نشر أريجها فضاء الحي ، حتى قال عمدة حينا واصفا ما كان بينها وبين أبي من حسن العشرة :

    ـ " دا زواج آخرة مش زواج الدنيا " .

    هاهي الآن تشعر أن واجبها يتجدد في صورة أخرى وأمنيتها تتحقق . فأبي الذي طالما تمنت أن تهديه ولدا يملأ عليهما الوجود . لا يهم الآن ، المهم أن يكون ولده هو فحسب ، فتبددت غيوم حسرتها من انقطاع الولد.
    كان أبي ، الذي هو أيضا عم جدتي وابن عم أبيها، بنسب آخر، يحظى بتقدير كبير عند أخوالي ، لما يحفظه من الشعر الذي يتغنى ببطولاتهم ، وتفاصيل أيام حروبهم التي خلدتها الأشعار. مع حفظ أنسابهم وبيوتاتهم المعروفة في أقصى الشرق . فهم أيضا أخواله. وكثيرا ما طربوا لذلك التدفق الذي ينسخ بعضه بعضا من الحكايا المختلطة بالأشعار في ليال مطروبة ، عندما كان يأتي إليهم في عطلاته السنوية . البادية كانت تجدد في أبي انثيالا مسحورا ً بالرغبة في إعادة الحكايا . فمسرح الحكايا عندما يكون شاخصا يغري بالمزيد . فغير بعيد من مجالسهم كانت (شنـْـقـَيْرَه) و( تــَـقـَبْ) و( قـَحَتْ ) وغيرها من الأماكن التي شهدت معاركهم وخلدت أشعارهم . هذا التقدير كان كافيا لقبول جدتي بالعيش في كنف أبي . لم أكن أعرف الكثير عن أخوالي ، ولطالما روت لي أمي الثانية كلاما دافئا ً ، ورسمت لي عنهم ما علقـني بهم كثيرا من وراء الغيب . فهم أصحاب صلاح ، وأمانة وبأس معجون بالنجدة والكرم . حتى أمي ، روت لي عنها الكثير. عندما حملت بي . ولكونها أمية لا تقرأ أو تكتب ، فقد كانت تعد أيام نفاسها وتخطها على جدار الكوخ خوفا من أن يضيع منها يوم تعجز عن قضائه في صلاتها . بحيث تخلّط عليّ كل ذلك مع ما ترويه ليلا عن السلطان (حسن أبو الريحان) وحكاياته مع القطط في " سواكن " التي تتحول في الليل إلى بشر. ومجانينها الذين لا يؤذون أحدا باتفاق أهل سواكن ، إلا إذا تعرض لهم من يؤذيهم حتى عندما كنت أذهب معها لزيارة مقام " تاج السر أبو زينب " في أيام الجـُمَعْ من كل شهر، تنساح في أحلامي ، ليلة الزيارة ، عوالم مجهولة : قطط بأقدام بشرية ، وبشر يمشون بحوافر ، وحكايات فرج الله الذي يقطع البحر ماشيا ، مرددا عبارته الشهيرة بين أهل سواكن : " الله يعرف فرج الله ، وفرج الله يعرف الله " لم يكن يتعرض له أحد من أهل المدينة بأذى ، وتقضى حوائجه دون أن ينطق بها . ذات يوم قذفه طفل ببصلة في السوق . توقف كل من كان ماشيا ، حبس الناس أنفاسهم . جرى فرج الله من مكانه عدوا نحو الطفل ملوِّحا ً بيده من بعيد ، ثم وقف أمامه على بعد خطوات . رفع يده بسرعة وحركها في الهواء ببطء شديد نحو الطفل ليلمسه لمسة حانية . كان الناس يعرفون أن مجانين سواكن لا يؤذون أحدا . بعد ذلك نسج أهل سواكن حكاياتهم حول ضريح فرج الله ، الذي يرقد اليوم شاهدا تحت أقدام البحر، على صخرات تنقطع عندها أنفاس الموج ، و صفير الريح . البعض يقول أنه قطع البحر راجلا إلى الحجاز ، وآخرون يزعمون أن فرج الله موجود، ولا يظهر إلا في ساعات الغروب ، حين تتكسر أِشعة الشمس الهالكة على صفحة البحر . تلك الساعة التي تخرج فيها جنيات البحر إلى المكان الذي تحدرن منه ذات ليلة قديمة ، شهدت الجنس بين الجن والأنس ، على ساحل سواكن، أيام سيدنا سليمان ، يوم وطئت بر سواكن سفن من اليمن حبس فيها الجن . ومنذ مجيئهم طار عنها اسمها الأول " سواجن " .
    أسرار فرج الله التي ملأت علـّي منامي ، كانت هي أيضا سماء خيال لطفل يستظل بها منذ بداية صعوده على " البورمل " في سوق " ديم سواكن " ، مستغرقا في خياله ، حتى يستيقظ منها تحت مظلة بوابة مدينة سواكن ذات الطابع المعماري العتيق ، لمدن البحر الأحمر ، بفسيفساء باهتة ، أكلت منها الأيام ما أبقاه التاريخ . وعلى خطوات منها يرقد الباشا التركي (الشناوي) بين جدران قصره المهيب ، مرددا ً أصداء ليال تنوعت فيها أسرار الأنس بعدد أيام السنة . لذلك لا عجب عندما ردد الناس مع فنان سواكن " ادريس الأمير" :

    " الشناوي قصرو العظيم
    يبقى عظمة للناظرين
    في سواكن " .

    عظمة الشناوي المتحدرة من عروق الترك ، تنفست فيها مباهاة الملك ، بجنون الخلد . وغطست أسرارها تحت حجارة فارق بعضها بعضا كفلول مهزومة . أحيانا شعرت بأن الشناوي قبر تاريخه خلف الغرف التي سكتت حكاياتها دون أن تستهلكها . كان الناس في سواكن يتكلمون عن القصر ، والسور ، وسجادات العجم ، والمشربيات الطالعة كخوافي نورس أبيض كبير دون أن تخدش ألسنتهم أسرار الغرف ، وبهو الحريم وما يجري ليلا في حجرات بعدد أيام السنة .
    كان قلب المدينة المشدود بضريح تاج السر أبو زينب " ساكن سواكن " محفولا بزورة الغرباء من مريدي البركة في مطاف غمر فناء البنايات المجاورة للضريح وأزقته الملغومة بالمريدين ، كجراد منتشر في نهارات الجمع . الأناشيد ترتم هسيسها بتموجات تخطف معاني لثغتها عبارات راطنة خلطت الشعر بالبكاء ، وورثت في الحاضرين اهتزازات روحية من أثر "البرّاق "(1). ربما كانت زورة الجمعة في سواكن تراويح لطفل سكنت أحزانه مغارات مجهولة ، تنفست أصداؤها مع الهمهمات التي كانت تتـقطع في نفسه حزنا على حزن . لقد كانت أناشيد " البرّاق " أشبه بأغنيات موت ريفي تستوحي منه النفس نشيجها الخاص . كان ضريح تاج السر الممدد على عتبات شكلتها مشربيات الخشب المنحوت والمغطـّس تحت ملاءات خضراء سكنت متونها خطوط كوفية مطرزة ، يوحي لي دائما برهبة مأتاها غامض يوشك أن يتكشف فيها السر، دون أن تشفه خيالات طفل ترهقه الأسرار . كان إحساسي براقد الضريح مفارقا لمظاهر البكاء والدعاء والتعاويذ ، وكشف الحال من جملة المريدين . لم يكن يهزني شيء تنفعل له نفسي برغبة في البكاء ، أو تقبيل العتبات من الخشب والرمل الذي تكورت ُصرَره بأطراف ثياب النساء كفقاعات ملونة . ربما كان السبب بذلك الشعور صلة خاصة بيني وراقد الضريح ، علاقة ما مبهمة كشفتُ سرها عندما سمعت فخر أخوالي بها ، يوم أن
    جاء راقد الضريح إلى باديتنا وتزوج جدتي التي لم تحفل به في زمن غابر ، لبداوة استوحشت زواجها خارج إهاب القبيلة . بيد أن عزاءها ، بعد طلاقها منه، كان في توأميها المقبورين بمنقطع من العمران يحفله أهل البادية ، ممن أناخت نياقهم عن بلوغ راقد الضريح بسواكن . لهذا كنت أغادر الضريح معطوفا في ثوب أمي دون أن أحفل بضراعات خلط فيها الجهل نيات الدين ، وعلق فيها الناس أمنيات على القدر بستار لا تزيحه ضراعات تقطعت أصداؤها، دون أن ترجع بالمأمول .
                  

10-01-2007, 12:59 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    الفصل الثاني من رواية بر العجم





    لم تكن أشباح الزمن المهجور ، صباحات رائقة في الخريف المترب بمنعطفات سكنت فيها بقايا صور من ماض معكور . كانت أكواخ الخشب المرصوفة لمقاومة رطوبة الصيف ، التي تأكل بنايات الأسمنت، في بلدتنا الساحلية ، أعظم اختراع دبره أهل البلد حتى ذلك الحين . وكثيرا ما جاء الغرباء إلى بلدتنا تتقحم عيونهم بنايات أشبه بمدن الكرتون ، لم تكن تملأ أعينهم كبيوت الطين الغليظة على أطراف النيل وضفاف الأنهر الموسمية . كانت البلدة أشبه بكائن متمرد تواطأ عليه الكون ابتداء من أمطارها التي تنسفح في الشتاء لتزلق السابلة، خلافا لأمطار الخريف في ربوع السودان . وتناكر سحنات الوجوه والألسنة من وافدي البحر من الهنود والأقباط والإغاريق . وفي سوقها حين تتمدد رواكيب الظلال في الصيف اللاهب لتعوي من تحتها الألسنة الراطنة بفسيفساء نسجت أعراقها القبائل . فبجوار ( النوراب) المتحد رين من بقايا (المانجيل) الذين ساكنو البحر وولوّا وجوههم عكسه . كانت هناك أفواج العابرين من الغرب الأفريقي إلى سواكن ، من الفلاتة والهوسا ، والتكارين ، ممن تقطعت بهم دروب الحجيج . فطاب لهم المقام في الساحل ليغتنموا العيش مع (بني عامر ) و(الحباب) الذين قطعّت أنسابهم تخوم الوطن وتوغلت دروبهم في زحام الساحل . بحيث كانت سماء الساحل المكشوفة تنطق بأصداء متقطعة لكلمات عربية نسجت منها ألسنة العجمة شفرة خاصة للتواصل اللغوي بين تلك الأعراق . فللعربية في بلدتنا فنونا من القول سلقتها الألسنة بتخاريف محببة شكلت منها مصدرا لعناوين القبائل ، وفاكهة للأسمار الساخرة . كانت العربية الصارمة هي الناطق الرسمي لهدير الإذاعة المنبعث من أفنية الدور ، وصرير الجرائد الملتصقة بجدران الخشب ، كزينة تفتقت عنها أذواق عمال الشحن والتفريغ ، وحمالي الميناء والبحارة ، خصوصا ً في حارتنا التي مُنحت لأهلنا مخططا ً خصص لهم كعمال في الميناء ، بهيئة المواني البحرية (إبـّان الحرب بين الكوريتين) كوريا الشمالية ، وكوريا الجنوبية في منتصف القرن الماضي . بحيث حمل حيـّـنا العتيد هذا الاسم الذي أصابه صدى لعولمة مبكرة ...
    لم تكن البلدة تخلو من حساسيات الأعراق ، وزحول القبائل ، ومشاجرات العمال في الميناء البحري . الذي توزعت حمولة البضائع فيه على أكتافهم . كانت (الكًِللْ) لجماعات الحمالين في الميناء الصغير تحمل مواصفات العـِرق والرُطانة ، والألغاز والمواوييل ، فتتحول باحة الميناء إلى ساحة للحركات الراقصة ، ودندنات لأحلام صغيرة شفــّت عنها عبارات وقعتها جوقة الحمالين الذين عكست أعطافهم (دلاقين) وكثيرا ما رددوا بصوت واحد :

    ( التوب الغالي قر مصيص
    التوب الغالي قر مصيص )
    كان ( القرمصيص) " الذي تلتحف به العروس بعد زفافها " يلهب أشواقهم بأمان مؤجلة حتى تكتمل مدخرات العرس من تحميل بضائع الميناء . حتى بدت تلك اللا زمة كافية لتحريك عضلاتهم لإفراغ أكبر حمولة في الرصيف .
    كان للساحل حكاياته التي نسجتها أسرار الحياة والعيش في مفارقات خلقت منها طقوس القبائل حساسية البحر الذي دلق عليهم الأغراب . كان للبحر في أوصالهم رِعدة تسربت عبر القدم ، وأنفرت أطيافهم الهائمة في عروق الجبال ومضارب الصحراء . كانت أناشيد البحر عند (البجا) أغنيات للموت والعدم المخبــّأ في زرقته المترامية . لم يجسر بجاوي واحد أن يقف في مربض البحر ، فهم يحتفلون باستدباره ، كوحش أسطوري طاول رحالهم . ويلجأوون منه للعيش على قطعانهم دون أن يجعلونه مخزنا ً للرزق أو معبرا للتجارة .
    زمان البحر في رحالهم أبدية زرقاء مهجورة تساكن الغيب ، و تستوحي فيهم الرعب والوحشة . كانت نفايات البحر ، وزوائده المطروشة على الساحل كائنات مسكونة بالجن ، تعوي منها صدورهم . لذلك قنعت القبائل بحمولات الميناء على الرصيف عند افتتاحه بالساحل علي يد الإنجليز ، بعد أن قامت أكواخ العمال الخشبية بمسافة تمنع العدوى عن بنايات الإنجليز ذات الأسقف القرميدية الحمراء بهيبتها السلطوية الصارمة .
    زحفت الحياة على الساحل بما استوطن فيه من الآبقين عن البحر ، وبقايا الأسراب المهاجرة من راكبي الطرق إلى الحجاز ومعاوني الإنجليز من صغار مستخدمي البرجوازية الناشئة من الشمال تحت اسم (الأفندية) في ذاكرة الساحل الأولى . كان الإنجليز حينها يستردون بريطانيا العظمى في أشكال البنايات ورسومات العلم الإنجليزي في واجهات الدوائر الحكومية المطلة بخجل على عراء الساحل المهجور . حتى أرضيات الحدائق العامة لم تخل من رموزهم المنحوتة ببرود إنجليزي مهذب . عرف الإنجليز كيمياء البجا ، التي جمحت عن تدابيرهم ، في حيل الحرب ومرارات القحط الحارق بين متاهات الرمل . كانت دماء البجا برحيلها الأبدي ونفورها الدائم أكبر من حالات التدجين ونتف الريش التي عجز عنها الإنجليز . كان الشعر المغوّف الوديك والصدر العاري ، و(الشر وال) ملامح لم تصدأ منها ذاكرة الحرب وصليلها الذي لم يكن قد جف بعد في (سواكن) و (ترنكتات) و (التيب) و (التماي) . غير أن برعوت التي تواصت القبائل على سكناها بفضل مقام الضريح الراقد في سيف البحر، دون أن تجرؤ على ذلك ، سخرت للناس أحلاما قديمة طالما راودت العابرين على الساحل في الدروب التي تفسحت لهم معابرها بين مسالك الرمل المندلق بمحاذاة الساحل خروجا من طوكر الوفيرة بالقطن و(العنكوليب) ، والبوادي التي ارتعت الجمال والمواشي وصولا إلى (حلايب) و(شلا تين) المتولجة في مصر. كانت الأرض المالحة عند انحسار البحر والطالعة إلى الجبال تتسرب بين البحر والجبل واديا سكنته الريح والرمل ، ومجازا للأماني ممزوجا بالرهبة والخوف . حين تنفق الثروة هباء طمعا في مساكنة الضريح . ظل الشوق الحارق طوال ايام المجاز بالساحل مكبولا بنوازع الضعف ، فالحنين الذي كان وشاحا للمشاعر الجائشة هاهو اليوم يتحقق في قرار ملأ الوحشة اُنسا ً انسابت على أرضه جيوش الحياة . دلف الناس في الساحل والقت القبائل رحالها لتعيش دورا جديدا جلبه القرار . كانت الهجرة المشفوعة بنبوءات ساكن الضريح لسواكن حرقا أو غرقا مسحت للإنجليز نتوءات الأمل المحفوف بنفرة عجزت عنها تدابير القوة لتسيير القبائل قسرا إلى سواحل برعوت .
    بدأت سنوات الحفر الأولى في جسد البحر مدماكا قاسيا شده الناس بأعمال خارقة ركبت في ظنونهم بما تأتي عليه أفعال الشياطين . وحين بدأوا النبش في القاع ندّعنهم إمكان الغور في التجاويف الزرقاء لجرجرة أرصفة الرمل على الحفر . كان الأمر مهولا حين شرع الإنجليز في انتخاب من زاده الله بسطة في الحيلة ومهارة في اقتلاع الماء من الماء .تنادى الناس من (هندوب) و(دولبياي) و(أربعات) من ذوي المهارات الفطرية في معالجة جسور الخيران والترع التي تسوقها المياه المتحدرة من ذوائب الجبال عندما حفروا الماء لوصل العيش بين البحر والقبائل كان المقام عسيرا . دلفت القبائل النافرة إلى قرار موحش شعر به (ادريساى) ذات صباح غريب . كان (ادريساى) كعادته يهيئ مناخ الإبل تحت أشجار الدوم الباسقة قبالة ساحل البحر كلما أتى من (عيتباى) ساربا إلى نواحي طوكر والعقيق .كان ذلك الصباح بعد أول ليلة من زورته الأخيرة إلى برعوت . منذ شهور شعر بحركة الناس في مجرى الساحل . كل شيء قد تغير . رأى أسقف المخازن المعروشة بسعف النخيل وبنايات الإنجليز القرميدية الحمراء
    ــ هالو ادريساى
    تلفت نحو الصوت فجأة . كان ادريساى يسكن جسدا ضخم الجثة ، شديد السمرة ، ناتئ العضلات . ووجه خرقت أساريره عينا صقر تتأرجحان في جزء من الثانية . غير أن الشعر الذي كسا جسده كان إهابا استردف الإزار والرداء الذين تقمصا جذعه. تحسس ادريساى الشوتال بخفة ملتفتا إلى صاحب الصوت الذي ندت عنه ابتسامة مباغته أشعرته بالأمن . عرف ادرديساي المعنى بلغة ملكونة نطق بها الخواجا وتمت الصفقة .
    كان مناخ ابل ادريساى هو موطئ الرأسمالية الأول في جسد الساحل قام على إثره بنك ( باركليز) بواجهاته الاستعمارية الضخمة ليحرك ماسكن من حياة الساحل في عدم الصمت وعتمة الأزل.
    ضمن ادريساى عمالة أولاده في أرصفة الميناء لقاء مناخ الإبل وكوخا في ربض الساحل قرّ فيه من تسيار الرعي بعد أن سمح له عمل أولاده بالميناء بهدنة مع الزمن .
    مصير ادريساى في الساحل كان حكاية متناسخة شابهت بعضها بعضا في مضارب البجا وأغرتهم لأول مرة بمساكنة البحر .
    كانت الرهبة المحفوفة بالهاجس ما تزال بقايا من ماض قديم يخترق حياتهم كلما وقعت حمولة من رافعات الميناء سهوا على واحد منهم . لكن عيشهم الذي ( تنعّم) بالقرار في رواكيب الخشب والعمل بالميناء الذي سهل لهم الحصول على قراريط السّكر لشرب القهوة في مساءات التعب ، رشح فيهم ليونة الحياة . رغم نظراتهم التي كانت تتقحم أجسام آليات الميناء وتتوجس من هيئاتها القاتلة . كانوا يتجنبون ظلالها في ضوء الشمس خوفا من رؤيتها تتحرك أمامهم . ويهرولون كلما اضطرهم الطريق إليها . وكثيرا ما كانوا يمزحون في ساعات الراحة بجرجرة من يعبثون معه إلى تحت الرافعة ليدب الهرج في (الكلل) ، مجموعات العتـّـالين ، التي توزعت في فناء الأرصفة حيث تتشبث يد الضحية بكل ما تمسك به بينما تتأرجح ساقاه رفسا بما أوتي من قوة ، وتندلق الشتائم من أعماقه لتتصادى مع ضحكات تستمتع بالمرح في لحظات مسروقة .
    كما تسكن الريح في يوم صائف ، سكنت سنابك الترحال في قوافل البجا بساحل
    برعوت ، ومسحت السوافي دروب الخطى بين (عيتباي) و(همشكوريب) . وبرح الإنجليز بناياتهم القرميدية الحمراء في يوم مشهود .
    قبل أن يغادر الإنجليز كان إدريساي خائفا من (الونش) و الكهرباء، ثم أصبح بعد ذلك اليوم المشهود يخاف من الحكومة .
    بينما بقي بنك (باركليز) بواجهاته الاستعمارية الضخمة شاهدا على شبق القوم . بعد أن حولوا اسمه إلى بنك (الوحدة) ، كجمجمة بغير قناع . لا يذكره الناس إلا حينما ترفرف عليه أعلام الزينة ، وأضواء النيون في مساء كل يوم يوافق 3/3/ من كل عام . كما صدر بذلك مرسوم من مجلس قيادة الثورة أعلن أن هذا اليوم هو عيد
    (ال و ح د ة )


    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    شاعر وكاتب سوداني مقيم بالسعودية
    [email protected]
                  

10-01-2007, 01:01 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    الفصل الثالث من رواية : بر العجم بقلم محمد جميل أحمد




    (3)

    من منا لايعرف طعم الشجن . حين تـتسرب الى أشواقه أصداء من لحن شفيف ، كأن الصدى سحاب من الروح ، أو مزامير من الوعد تحدو الرحيل . أحيانا تستخف مقاطع الشجن حنينا تجيش به اغوار غامضة . ربما كان هذا بعض ما يصرع النفس حين تستمع الى ذلك النأى البدوي وهو يستعيد في لحظات مسروقة لحن (النول) ،الذي ضربت أصداؤه صحارى البجا في عروق التاريخ . فهو سفير الحزن وونديم الشجن ، ونشيد العاشقين ، كلما رنّت انغامه في الليالي . كان هذا الوتر رياح السحر التي تنفث رسيسها في عروقهم النائمة . كان (النول) كما تقول الحكايا: عزاء امرأة في الصحراء لوليدها القابع في ضمير الوحشة: (النول ... نول ... نول) .
    كلمات تجسمت للوليد كالُـلعَبْ ، فسكن لها صراخ الطفل كهمس الهزيع .
    صدح اللحن في مسمع الصحارى وسكنت اصداؤه في القرون. كان الناس لايعرفون حكاية اللحن الا نغما في الزمان أو نديما في الوحشة التي أكلت ايامهم القاسية . فهو كطلوع الشمس، وشحوب المساء، وصفير الريح في البراري الموحشة ورمالها التي سرقت الوان الذهب فصدئت فيها عروق المياه. غريب هو هذا اللحن الذي يستوقد أعماق الحزن كغناوي الزمان . ربما كان بقية من أزمنة الموتى ، أوصدى من طقوس (جزيرة الفيل) ومواسم الغناء بين يدي (علي بابا) . حين تستمع اليه يسكن كل مابك كهدأة الوليد، وتستكن أشواق الجسد ليبدأ صليل الروح في غير هدأة .
    كانت الصحراء مسرحا للشجن حين يسري اللحن بين يدي النأى ، وينسرب في الهواء كغمامات الرعشة ، من راع بين خرافه أوصبية في الخباء غنت أشواقها في خلوه .
    هكذا سمعنا اللحن يوم تفتحت أشواقنا على دندنات أهل حينّا العتيق . كانوا يسمرون على اللحن طربا معادا، وغناءً مجددا. ربما لا تسعفني خيانات الذاكرة في عدد المرات التي سكنني فيها اللحن ، إلا أن ما أعرفه جيدا هو لطمات أبي وقرصات أمي ،أحيانا ، عندما انسلخ من بيتنا في الدروب المعتمة، لشراء الفول والرغيف الحار، فيخطفني اللحن منبعثا ًمن فناء في زقاق ، ويلزمني هناك كعاهة مزمنة ، حتى يبرد الفول ويعرق الرغيف. ليندلق الضرب الساخن في وجهي وظهري ورجليَّ ، جزاء طرب وعناء أشبه بعناء الابل الضارب في هجير الصحراء . كم كنت أحس مساحات الشجن ومرارت الرحيل في الرمضاء . حين تعشق النفس حداء تصدأ فيه الوحشة ويستفيق الجمال وترا يمنح الحنايا طربا يغسل الروح.
    مثل عمي الذي كان يركب الدروب الموحشة بين الأحياء البعيدة نشيدا من ذات اللحن ، عابرا ألسنة الأسفلت المدلوقة كمداد أسود ، وقضبان الحديد التي تلوّت كأفاع في سباق . دون أن يعبأ بالقطار وصفير العربات الهاربة . كان عمي الذي عشق اللحن مدرجة ً في الطريق ، يسمع صرخات المارة في أخرات اذنيه صدى بعيدا طعن صفاء اللحن في اللحظة التي ارتج فيها رأسه بعربة القطار .. شحت صيحات السابلة في صهيل العجلات الملجومة ، بعدما أسكت القدر أصداء الأناشيد في جسد سكن بعد صمتها .
    كان عمي ، رحمه الله ، يعشق الشعر مساء ً . وربما سهر على أنغام وتر (النول) حتى يوقظ الشمس في الظلال النائمة . كانت الأوتار في حياتنا مقامات تمنح مرارات الحزن شجى يسكن السامعين في تكايا العزاء ، وصدى توارثه أهلنا من ماض رميم . كانت أوتار الحرب ، والموت ، والعشق ألحانا سفحت أشواقنا في الصحراء , فهم يرقصون الأفراس على انغام الربابة استعدادا للحرب ، ويفتح العاشقون قلوب ذوات الخباء في ليالي السمر التي تسطع الحانها خلسة لتضيء القلوب . لم يكن عزف ألألحان مشاعا الا في مناسبات ا نادرة كالموت والحرب، والنصر ، وبعض الأوتار التي يرطن سرها في عزيف موحش ، يهيج الذكرى، ويغلي بالنفوس حتى تتوهج أصداء اللحن المشحون بالموت ، والحب ، والجنون على ضربات القلوب . قالوا قديما: أن في تلك الأوتار انفاس مجنونة تسري على يد العازفين . فهي روح من الحزن ، ولهيب من الحب ، ولعنة من الشر، وأناشيد للفرح تدخل في العروق . لذلك لم تكن تنوح أوتار الأسى الا في مساءات الحزن وسواد العزاء. حين يموت شيوخنا.
    كان (دمباى) ، كما قيل، يمتنع عن عزف الربابة في العزاء ، رغم جوقة المعزين ، ولايعزف الا مضطرا في أوقات نادرة . كان كلما عزف ربابة الحزن يسكن السامعون كبقاياالنار ويسرق الدموعَ نشيج ٌ تغرق فيه الأصداء لترحل الى مدن الموت وذاكرة الحرب ، ومصارع الفرسان التي كللتها الحجارة البيضاء .
    كانت أوتار الحزن في كف ( دمباى) تستوحي زحول القبائل وتنسخ حكايات الموت في السامعين رجعا ًمعادا، تداعت فيه ألوان الصدى على مصارع الفرسان الذين سلخت الحرب أشباحهم وأبقت ذكراهم في نشيد الحياة ، لتعيدها الأوتار خيالا يبرق في تاريخ السيوف ، وحكايا المروءة ، ودندنات العذارى . كانت الحان الموت في يد دمباى بعوث حياة في الابد ومناحة في الوجود .
    هكذا كان موت (حمد نور ود جميل) الذي قتل قاتله !!؟
    كانوا يعتقدون ذلك من علامات السعادة . كيف يقتل القتيل قاتله ؟!! هل للموت رجعة في الحياة ؟ أم للُمنى جنود تطفىء الزحول ؟! . قـَتـَل (حمد نور جميل) قاتله بين مصدق ومكذب. فهو لم يكن يبالي بوقع الموت في حوافر الخيل ،عندما تخرق الرماح إهابه كغربال في وجه الشمس . لم يكن يحفل بالحياة الا في غارة أو حين يفقد رفاقه في الحرب .
    غير أن معركة ( شنقيرة) التي شهدت وقائع موته وأخذه لثأره من قاتله ، كانت أغرب ماشُغل الرواة بذكره وأسكن ألحان الموت في ربابة الحزن .
    لم يكللوا قبره بحجارة بيضاء، ولم يتركوه عاريا . فهم حين يطلبون الثأر يتركون قبر القتيل عاريا حتى يطفئوه بالدم ، ثم يكللوه بحجارة بيضاء كرايات للثأر .
    كانوا يتركون القبور عارية ً أعواما في الصحراء حتى تعود الحياة اليها بالثأر ، ولو بعد حين .
    أما وقائع موت (حمد نور جميل) في ( شنقيرة) فقد خرقت ناموس الدماء . ُ
    قـُـتـل (حمدنور جميل) ذلك الصباح واقفا ً كأبطال الأولمب ، متكئا على رماح الغدر وطعنات الأبطال .
    بيد أن دائرة في صدره ، بدت كحلقة فارغة بقطر رمح ، كانت هي الدليل الوحيد ، كوشاح في أسفل النحر، على ثأره. قال الرواة : كانت تلك الثغرة في صدره صدى للرمح الذي نزعه وقذف به ليستقر في نحر قاتله. لذلك ظن شاعر القبيلة المجنون ، أن ذلك من علامات السعادة التي تخلد الأبطال ..
    كانت أوتار الربابة التي نهلت من كف ضاربها ألحان الحرب والموت ، ذلك الصباح ، تستحـِّر ضربات ٍ محمومة ، وعزفاعنيفا، شدَه فيها عازف الموت نـَـفـَـس ٌ من أنفاس الجن سرى في تلك الألحان . ربما كان ذلك اللحن يستحر في على أيدي قلة ممن يعزفون ذلك الشجن في نفوس السامعين . منهم ( دمباى)، الذي كان آخر عازفي لحن الموت في حينا . لذلك بدأت عذابات دمباى مع ذلك اللحن .
    كان يطوي السر في صدره ، ويعرف أن ذلك الوتر هو آخر ألحان الموت التي ذهبت في طوايا القرون ، بعدما ذرفت الصحراء قبيلتنا على أرباض المدن وأحياء برعوت .
    منذ عقود كان أهل حينا يحسون السحر في كف دمباى حين تبدوفي وجهه هيئة غريبة !!؟
    كان يراهم( دون أن نراهم) يتحلقون وسط المجلس ، ويرقصون كالأشباح بين يديه ، ويرى شخوصهم التي يركب بعضها بعضا حتى سقف المجلس ، في ذروة العزف ، لتخور كفه بعد ذلك ضربات واهنة.
    أدركنا حينها أن دمباى في عالم آخر لايعرفه الا هو ، عندما يأتي الى بيته ، في الأوقات النادرة التي ينزف فيها عزفا، ليحصد الأسى .
    كان ذلك عندما عزف اللحن أول مرة ، حين رأى ، بعد العزف، طفله الصغير يموت بين يدي أمه . ثم عزف مرة اخرى شعر فيها شؤما سكن حياته . كان دمباى يعرف أن ذلك اللحن ينهل من دمائه . وربما أحس بعد العزف بمرض ينزح به الى الموت . كان ذلك بداية الخروج للصحراء التي تندلق رمالها عند منقطع العمران بعد حينا . كانوا يضربون خيامهم ليالي معدودة حين يموت كبار القبيلة ، نزولا على رغبة دمباى الذي يستريح في مضاربها عندما يعزف ذلك الوتر الحزين . ربما كانت رغبة دمباى في الصحراء تخفيفا لوطأة الفجيعة التي تتلبسه عندما يعزف في الحي . وربما كان شرطا من الجن. كانت الصحراء مرتعا للألحان التي تسري في رمالها الصافية كصدى النسيم حين يتنفس في أطواء الليل ، وينبعث في مجاري السَحر رسيسا يمنح الأجساد روحا جديدة
    لذلك أحسسنا ما خبأه القدر لدمباى يوم التكية...!!؟؟
    لاينسى أهل حينا ذلك اليوم الذي سجلوا به تاريخهم بالموت، والميلاد ، والمصائب وكل الأحداث التي أتت من بعده .
    كانت الطرقات التي أوشكت أن تخلع الباب عن كوخ دمباى ، زلزلته مرعوبا في ذلك الهزيع . شعر بالاصوات المتصادية بين النوم واليقظة ، كجمجات غامضة . بدا يتبين صيحاتها بعد أن دلف وعيه الى رأسه في لحظة . فيما طرقات الباب تزداد هلعا ً. فتح دمباى مسرعا بعدما أيقن الخبر في عيون الطارقين...... : مات ( كنتيباى) .
    قرأ ذلك في الوجوه التي صدأها الحزن وغـّور فيها .
    خرجنا للدفن جماعات . كان بعضنا يرتج من الحزن . وآخرون جمجم الأسى في عيونهم دون أن تسفح دمعا . وحين عدنا الى التكية، في طرف الحي، هرب منها المجانين والدراويش يجرجرون الأغطية في ذلك الصباح البارد . كانت نظراتهم خارج الحزن الذي لف سماءنا ذلك الصباح . شعر دمباى أن ذلك اليوم هو يوم الحزن الأكبر في حياته ، وهو يعرف أن هذا اليوم يومه الموعود الذي له مابعده . كان الناس في انتظاره بفناء التكية، استعدادا لمراسم العزف التي صدأت منها آذانهم . لتبكي ربابة الموت على كنتيباي.
    كانت لـ(كنتيباي)
    ، في هيكله الضخم ، وسواده العظيم ، مهابة يعجز عنها النظر . عينان واسعتان غائرتان ظللتهما حواجب مقرونة كثيفة ، تبدو إحداهما ، للخائف ، أصغر من الأخرى . خصوصا عندما يغضب ، فتشتد الأولى انطفاء ً، بينما تشتعل الأخرى لهيبا . كان لايغضب الا نادرا ، وربما حمل كرسّيا في لحظة غاضبة لينتبه فيما بعد ان الذي يتحطم في يديه ليس عصاه ، فيبرطم فيما يشبه الحسرة ( وش).
    كان آخر شيوخ البادية الكبار في حينا. حين يمشي نحس في مشيته تلك العظمة التي تدخل في عروقنا ، وكثيرا مالبس أناقة بيضاء ليصّفي سواده الجميل . كانت حياته ، التي يبدأ بياضها في مجلسه العامر، لا تنتهي الا في ليل الحكايات التي تفضح الظلم في مباءات الشرطة .
    كان غريبا في مروءته التي لا تعرف حدا . ذات يوم دخل مجلسه هندي شكا لعنة الغربة ، بعد ان لفظته القبائل وخنست له عن ضمير المروءة . رطن الهندي أمامه بنظرات خائفة ، راجيا معروفا بذمتّه ، فما كان الا ان كفله في ذمته حتى يقضي ما عليه .
    أليس عجيبا أن يشتعل الغضب في جوهر الحكمة وتصفيّ نيرانه طوايا النفس لتنضح بالغيب ؟!
    كان رحمه الله شارعا للعدل في دروب الظالمين . نافذ البصيرة في مآلات الظن الحسن .
    حين دخل عليه عمي وخالي ليحكم خلافا بينهما علىّ ، أمرهما بالجلوس ثم ، بعد ذلك بساعات ، أوعز لخالي بالرحيل، وحين مشيت وراءه كان ذلك قضاءً سبقت به فطرته لتسفر عن حكمه صامته .
    كانت وصيته على فراش الموت : أن يدفن في الضريح عند سيف البحر ، وأن يقام عزاؤه في التكية ، خلافا لسرادق الحكومة التي تضرب للوجهاء ، وأوصى ان يعزف عليه لحن الموت من كف دمباى الساحرة .
    ضاقت بنا تكية العزاء في ذلك اليوم ، بينما خرجت النساء يدلقن عليهن الحزن بمكاييل التراب . تعالى البكاء في الجموع وشاهدنا يومها سنابك الخيل تحجل برؤوس القبائل ، والصوفية لبسوا راياتهم الخضراء ينشدون الواحد المتجلي) . كان يومها حزن الناس كألوان القزح. شاهدنا دموع الكبار ، والشيوخ ، والمساكين . ودموع التماسيح الباردة . بدا الحصير الممدود من فناء التكية الى طرف الصحراء مهادا طمس ألوانها الباهتة مسيل الحفاة .
    كانت مجالس العزاء طبقات لونـت رسومها معالم فيها شارات النعمة ، وسترة الحال ، ورثاثة البؤس . بيد أن فقراء حينا ضاعوا في زحمة الحزن الذي انطقهم بلوعة غريبة . صرخ سعيد شيخ التكيّة
    ــ ( بيننا وبينهم الجنائز) مسددا ً نظراته الى الرؤوس التي صبت لعنات في سرها على هذا اليوم الذي حشرها مع الحوَش وعّرى عظمتها الزائفة
    ــ (الله يلعنك يادرويش)
    فجّرها مأمور المركزفي نفسه بحرقة ليفسح الضيق الذي ضغط صدره . كان يحس حرجا، في سره ، بين رجال الأدارة الاهلية ، ورؤوس الحكومة في أيام سوداء كهذه . شعر كمن يوشك ان يخرج عن إهابه ، كعجلة من اطار ، حين رأى الجموع الصاخبة تسفح حبها العاري .
    فجأة سكن الصدى وهمست ألحان الموت بين يدي (دمباى) طربا حزينا كدمعة في رماد . دخلنا جميعا في مدافن الغيب وضمير الوحشة . كان الحزن عاريا كنحيب الثكالى . شعرنا باليتم الذي كبر على ضربات الاوتار ونشيج القلوب . كان دمباى يتـلـّون في إهابه كالشفق . صرخ اللحن بضربات محمومة شعرنا حينها بدمباى خفيفا كالريشة ، كلما خفقت أنامله بالشجن .
    فجأة سكن اللحن فينا، حين تيبست كف دمباى بأوتار الربابة . كان ذلك آخر ما أخرجنا من هول الحزن الى هدأة الموت في وجه ( دمباى) الذي بهت مع اللحن .
    لم نكن ندري أن دمباى يعزف أنفاسه الأخيرة في لحن الموت حتى تسربت روحه نغما ً فاض دون أن نشعر به .
    رحل دمباى مع الربابــــــــة بسّرنا الأخـــير ملفوفا ً بجـــوار
    ( كنتيباي) في سيف البحر.
    فلم يبق لنا من حنين الصحراء إلا لحن النول الذي سرى في عروق الجبال ، ودندنلت الريح في (مامان) و(العقيق) ، وحرك أشواقنا لطينتها الأولى في مضارب الرمل وخباء الأساطير . كان لحن النول يجري في أنفاسنا بخيال (تاجوج) وغناء (المحلـَّق) ، وأراجيح الدلاء في ( ريرة) وعذابات (الفـَـلـَج) في مصهر النار ...
    يومها كنا ننسرب في الأوتار ونسكن تحت الأقمار في صفاء الليالي، لنستعذب نقاء اللحن في رنتّه الأولى .
    وحين دخلنا الى برعوت صدئ اللحن شرخا انبعث من (أوركسترا) الأذاعة كسراج أطفأه التاريخ ...
                  

10-01-2007, 01:07 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    الفصل الرابع

    سنكات... سنكات .. حوليه.. حوليه.. ساخت هتافات السماسرة في زحمة الألوان. كانت أقنعة النساء تدهن أجسادهن بالفـُوَط السادة ذات الأصباغ اليتيمة، لون زينب، والدم ، والأصفر المجنون، والأخضر، رفت علي الأجساد المكتومة كفراشات ملونة حلت في سماء اللواري السفرية وباحة سوق ديم سواكن .
    صدح الفجر مهرجاناً ضجت فيه الألوان والأناشيد. لبست حافلات الشحن الرايات الخضراء، وخفقت تحت الشمس بفسيفساء معدنية أضاءت واجهاتها كإعلانات كتبت عليها عناوين الرحيل : بورسودان، سنكات، طوكر، وبالعكس . فما بين الضوء المنسرب من العتمة إلى غفلة الديوك في الضحى تنحسر الضجة في حركة السوق مع آخر اللواري المنسحبة من أطرافه، وسط الزفة الواهنة ودعوات العاجزين الذين حبسهم العذر عن ضريح السيدة ، فنشطوا للوداع منذ الصباح بعد أن حفظوا ودائع الدراويش في تكية (الختمية) لقاء الدعوات وهدايا الرمل من فناء الضريح ..
    كانوا يقولون أن يوم الرحيل إلى الحولية هو يوم الزحمة والرحمة والحركة والبركة.غير أن الزحمة في ذلك الصباح فجعت آذان العمايا بهسيس المريدين من جهات المدينة الأربع . كان انشداد الجموع إلى باحة السوق ، بهيئاتهم المميزة وشاراتهم المعروفة ، أول من خيب ظن العاجزين في البحث عن أمان مطمئن علي ظهر اللواري ، وهو ما حذرهم منه الدراويش الذين تحزموا للموسم بزنانيرهم الصدئة ، وازدحموا تحت البيارق الخضراء داخل التكية وخارجها منشدين من الحين والآخر:

    (شيء لله يا حسن
    / يا سلطان الزمن) .

    كان يوم الحولية عيداً للطوائف تجملت فيه القبائل وجاشت الأعلام علي رؤوس الرعايا.
    تحمّل (النوراب) يومها أزياء الفرقة التي خنقت أجسادهم المنفلتة. كانت القمصان الضيقة ، والأحزمة التي بعجت بطونهم، وأربطة جزم (الباتا) المجبصة
    بأقدام أنفت أصابعها ذل الضيق ،أعظم عدو خنق أنفاسهم منذ الفجر ، في انتظار العُـمَد والشيوخ ، بحيث لم تكف عنهم أنـّات الحنق إلا الأنغام التي كانت تنبعث من مزامير الخوص وصفافير قصب السكر علي حركات الأصابع القلقة. بينما كانت أناشيد بني عامر و الحباب ترطن ألحانها المرقـّــقة في وسط السوق ، فرحين بما سطع في صدورهم الزرقاء من شارات (الختمية) . ومن خلفهم هدرت (نوبات) التكارين وطبول الفلاتة بدويّ يخرق أسماع الحاضرين ، كلما وزع (عيسي فنكاسو) الإشارات التي يضبط إيقاعها علي حركة عينيه نصف المغمضتين ورأسه المتمايل. كان الحفل تبريكا ينشط فيه المريدون مع الدراويش قبل الركوب علي لواري الشحن المتجهة إلى سنكات . حيث تـنغرس شموع الحولية من كل عام علي ضريح (ستي مريم) الممدد بين شجر الأراك في دائرة المراغنة.
    في تلك الجموع المشتعلة بالبشارة أجهش أبو البشر (آدم أرباب) بنصفه الحي علي شطره الميت.
    كان يحرق دموعه في الغبار الذي تصاعد من هرج القوم ملتفا حول نفسه بالحسرة :
    .... آه يا آدم يهدر فيك الحنين وتكذبك الأيام.. ها هي النفوس تـفيض في الزحام بعدما فاض شراب الوصل ... أكلتك السنون في العشق ، فانقطع المراد....
    رب موصول مقطوع... وأنيس مستوحد... درج السالكون في الحضرة.. وأنت هنا..

    ( يا رب أنت وصلتهم وقطعتني) .

    كانت أعناق الخيل تحجل بالأجراس في الدائرة المشتعلة لتنتشل (أبا البشر) من فيوضه مثخناً بالنواح .....
    أبصر آدم حقيقته: جسد مغمورٌ في الدنيا منخسف في الأيام ، رهنته الدروب في تكية الختمية بساحل برعوت، بعدما رهنت الرمال ثلاثة من إخوانه تحت رياح الهبباي في موسم (العيتبيت) . دفنهم جميعا ً وأدلج في ظلام العيتبيت .
    كانت عتمة الرمل تـنسخ الدجي في نهاره المنطفئ بين
    (دولبياي) و (أوسوك) . سلخ ليالي البرد في سفر الرؤيا، دون أن يبالي بحرب الرمال في بطن الصحراء. قالوا له يومها في طوكر: أن لواري (كباشي عيسي) حبستها (العيتبيت) في الكَسْرة ... حلفوا له بأغلظ الأيمان : أن الخروج إلى الحولية في العيتبيت موت مذكور.
    كان الناس في موسم (الهبباي) بـ(طوكر) يطفئون حياتهم في البيوت ، ويطبخون الرمل في طعامهم وشرابهم شهورا ً، بين هوام الموسم الزراعي التي تندلق مع بنات البيوت والأفاعي والعقارب لتستوطن الأحذية والمشربيات المفروشة بالرمل .
    كانت غضبة الهبباي خبيئة الحياة عند أهالي طوكر. حين تتـفشي حُمّى الغضب الترابية عن بقايا سيتيت المتقطعة في الدلتا ، فيحتفل الناس بانقشاع الرياح ، في نفس اليوم الذي يستقبل فيه الدراويش (علي كباش) قادما من (برالعجم) بالصفير والزعيق في ساحة الموقف... عيك عيك عيك
    علي كباش، طائر الخوف المهاجر يستقبلهم بأسنان معكورة تنحسر عنها شفتاه بشوق غريب.
    كان علي كباش حين يدخل في أناقته البيضاء يوسوس سبعين مرة وهو يفرد (الدبلان) المشطوف بالنشا: الشروال مكوة سيف، القميص مكوة سيف، الثوب مكوة سيف، حتي مركوبه أبو كرفته المخصوف من جلد الأصلة يتحسس اختياره لموسم واحد مدشنا بذلك آخـــر
    ( سكناب) الموضة في كوم السكر.
    كان (علي كباش) من تماثيل طوكر الناصعة التي تختفي في موسم التراب خوفا من أفاعي الصيف وعقارب الموسم ، مهاجرا ً إلى (برعوت) في ناحيـــة (بر العجم) ، ليعود مرة أخري حين تغادر الرياح .
    نزل علي كباش وسط الزفة يتقافز علي الرمال بعيون حذرة حتى وصل إلى صف ستة . كان لا يبدأ بالدخول إلى بيته إلا بعد أن يأمرهم بالهجوم علي تركة الخوف : الأحذية أبو كرفته وجزم الباتا ، وأبو شدة ، ثم يرسل عليهم، بأسنانه الطالعة، دعوات أبي البشر، نزيل برعوت ، بالموسم الوفير ويبارك للدراويش أسلابه بالرضا والقبول.
    عرف أهل طوكر ذكري أبي البشر(آدم أرباب) حكايا متجددة في موسم الهبباي من كل عام.
    ... يوم أن خرج آدم في العيتبيت قاصدا ضريح (ستي مريم) بسنكات .... طلعوا معه في العاصفة، كانوا يعرفون نيته حين ينشد من شدة الجذب :

    (يارب أنت وصلتهم وقطعتني فبحقهم يا رب حل قيادي)
    هدر صوته في (كوم السكر) ليفزع السحر في عيون المزارع الهاجعة. في تلك الساعات التي يصرخ فيها اللبانة علي السكك بين غشاء الفجر المتسلل من عتبة النهار يغفو نشيده غفوة تقطعها حوافر الحمير المعبأة بخروج (التبش) وخراطي (العجّور) ، ليفك الفجر عيونا صدئة بلون الرمل ومكاحل التراب.
    أشرقت الأناشيد في الناس بين الزوايا المنتشرة من خلاوي الحسناب إلى جامع سيدي مدني ، بدا الصباح هسيساً أفعمه الصدي ، وشكت الوجوه هواءها المترب في التعاويذ الراطنة.
    كانت ثورة الغبار تستريح في الوجوه عند موعدها المضروب مع أهل البلاء ، ممن هجرت صدورهم العافية وأزهر فيها المرض. أتوا جميعا من الضواحي : (عدوبنة) و (عقيتاي) و (هوشيري) منسحبين من أعالي الدلتا علي دروب العَـوَذ وسراب الصحراء. حتي الحمير لبست في ذلك الموسم الجوارب المبللة لتستعين بها علي الحر في وادي الحصحاص الذي يفضي إلى طوكر من طرف الصحراء .
    ــ .... (مسكين علي كباش.. الناس تقول يا جامع عشان تلحق البركة في العيتبيت ، وهو خايف منها في برعوت)؟ رطن آدم ساخرا من علي كباش..هو أيضا كان يمـنـّي نفسه بالخروج إلى (ستي مريم) لكن الروح بصيرة والقدم قصيرة..
    (يارب أنت وصلتهم وقطعتـني) . حفظ أبو البشر بيت الحرمان من شعر (سيدي البرعي اليماني) كما سمعه من شيخة (أبي الرايات) . كان يردده كلما تخنـّق في الجذب ، وتذكر مسير شيخه أبي الرايات من طوكر إلى كسلا لزيارة ضريح (الحسن صاحب التاكا).
    يومها نفـد أبو الرايات من (خور الكراي) و (الشفتة) بسر ٍ زاد يقينه ، عندما تحسس أطرافه سالمة تحت جبل الختمية.عندها قرر العودة بيقين الوصول سالما. كسر سيفه، ودفن دروعه بعد أن وهب حماره (للدائرة) واضعا اصبعيه علي أذنيه لمقاومة نهيقه النازف ..
    نذر أبو الرايات وحقق نذره ، يوم أن دخل طوكر حافيا في جبة صدئه ، وإهاب متشقق تنضح أنواره باليقين. شهدنا في عينيه ، يومها ، أشواقا مترعة وغيوما محبوسة.
    جاء (أبو الرايات) سالماً من سفر العناد، مشفوعاً بالحظو ة ... ضربوا له (الدلاليك) في (تنكوك) ، و نثروا عليه (عيش الريف) وغبار الذرة تحت سماء الزغاريد، وبعد أن نفد شراب القوم ، ولغت السيوف في الذبائح ......
    نفر الناس إلى وادي الحصحاص لشهود اليقين الذي خرق زمانهم . فرك (آدم أرباب عينيه) مستغرقا في مسافة الجسد العائد من شفير العدم.
    كان الشاخص أمامه أشبه بالرؤيا في صدر الليل:
    (أبو الرايات) بذاته كما هو... لم يذهب شعره من الهول ، أو تقع اسنانه، أو يلتوي فمه.غاص في كيانه المشرق بسفر العذاب متأملا .
    لم يجد أثرا منطفئا في ... أبو الرايات الذي تدّرع بنشيد المجذوب في عراء الوحشة ، ساربا في الفناء من دون أن يعتلق الدنيا، صبّ الشوق في صدره مسيلا غرقت فيه الأشياء والهواجس كالأصداء الواهنة.
    كانت زورة التاكا مصير في الغياب ، بين سكك المتاهة ومنافذ العدم . عددنا ، يومها ، هلاكه في شراك الريح وأفواه الحـُفــَر في (إيربا) وخيام الجن في (مامان) ، قبل أن يظهر في خور الكراي عند مشارف التاكا.
    يوم دخل أبو الرايات وادي الحصحاص عائدا إلى (طوكر) رجم القوم الغيبَ ودرجوا في التأويل.
    كان الحق سرابا ً يلعب في الصدور. فما بين الطالع من وادي الحصحاص عبورا بالدروب المتولجة إلى التاكا، في المتاهة بينهما ، تستفيق الحكايا عن سيرة العدم . طالما ودع فيها أهالي طوكر المجاذيب ورجعوا عنهم يقينا ً بالهلاك وفجيعته الناصعة.
    لذلك ظنوا أبا الرايات ، حين ظهر في وادي الحصحاص قرينا من الجن خطف إهابه وصورته.
    لكن آدم المذهول ، عندما رأي اللحم المعروق ينبض في قوائم الدرويش ... صرخ عاليا ً :
    ـ (انكشف الغطا يا ناس بعد سيدي ابي الرايات) .
    علم (أبو البشر) أن الجن حين يظهر في الإنس ينتعل الحافر. وذلك عنده يقين تصدق به الرؤيا. فرمح من مقامه عدواً إلى أبي الرايات...و همس في أذنيه :
    ــ سرك يا مولاي أبو الرايات ؟
    ــ السر من سيدي المجذوب. يوم طلع في تساب 46من (الدامر) .. يكورك :
    ( يا مدمدم سيب النوم
    / قبــــل ما تنــدم )
    الدنيا طشاش والناس نايمة ، ومن يوم داك نوى الهجرة لسيدي الحسن ، وقال نشيدو لمـن وصل......
    انكشف المجذوب عارياً في الضفاف تحت الكلمات التي نزلت علي لسانه بين الوعي والغياب.
    كان العطبراوي يشتعل سيفا في الصحراء حين سمعت مياهه الأناشيد :

    (جل ربي وجوده مظهر الكون
    وأسرار غيــبه في الكمال) .

    دندن الصدي في حواف الصحراء ، وطارت الاناشيد في الغيوم التي عصبت رأسها بالمطر.. فاتسع الغناء بين الجبال:

    (الجلاميدُ منـه ،إن غوّر، النجمُ
    قبــيلٌ مـُـعــَرِّسٌ فــي ِحلال)

    حتي حمار المجذوب أنس من الخوف ، بالكلمات الراطنة عندما جاز الخور مستمعا :

    (لا تخاف (الكراي) ترقد في الخيران
    أو ترهب انقضاض الصلال)

    حينها برق الوعد في قلب أبي البشر، بالبشارة من أبي الرايات لدخول الضريح ؛ فهو الآن اشد يقينا ًمن حمار المجذوب.
                  

10-01-2007, 01:13 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    مبروك لموقع كسلا سبقه الصحفي في نشر هذه الرواية.
                  

10-01-2007, 01:19 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    مقالة غاية في الروعة بقلم محمد جميل عن التجاني يوسف بشير


    إذا كان الإبداع تحولاً جمالياً لا يتناهى، وسيرورة مستقلة عن الزمن والمكان، من حيث كونه جوهراً متعالياً يصدر عن الذات الإنسانية المبدعة. فإن البحث عن هذا المعنى لم يأخذ حظه كاملاً في الكتابات العربية النقدية، أي ذلك الجهد المعني باختبار القيم الجمالية والدلالية للنصوص الشعرية القديمة والحديثة. وإعادة قراءتها. ربما كان ذلك يعود في جزء منه إلى محايثة النظريات النقدية لمثالاتها في نصوص الحداثة الشعرية وبالتالي إعمال ما يشبه القطيعة مع نصوص تقدمت على ظهور النظرية - الموديل، الأمر الذي ينطوي على إهمال نصوص وتجارب شعرية مهمة تستحق القراءة الاستعادية. وبالرغم من أن ذلك الجهد الاستعادي للكتابة النقدية لا يحيل على التأويل الإنساني الذي يشتغل عليه النقد فحسب، بل يعزز الاختبار النقدي للنص والنظرية معاً، ومن مطارح ربما كانت نائية كلما كان النص موضع التأويل ينطوي على (مقاومة) جمالية للزمن، ويؤسس علاقة جدلية تستجيب لجدوى الاختبار النقدي في نفس الوقت الذي يتكشف فيه النص من تيماته ونظامه المحكم بفعل ذلك الاختبار. فإن ذلك يستصحب الكثير من التجريب الذي يفضي إلى استنتاج علاقات تماه مستترة لنصوص إبداعية من حساسيات ولغات مختلفة. وحين تتجاوز تلك الكتابات النقدية بعض التجارب الشعرية كالتي ذكرنا، بحسب تأويل يصنّف جوهر الشعر على اعتبار الشكل الفني، فهناك لا نقع على انحياز يجب وظيفة النقد فحسب، بل يفوّت الكثير من الإضاءات المتصلة بجوهر الإبداع باعتباره طاقة كامنة في تلك النصوص. ربما كان الشاعر السوداني الشاب التجاني يوسف بشير (1912 - 1937) الذي مات في الخامسة والعشرين من عمره. شاعراً أبدع تأويلاً خاصاً لقراءته. واشتغل على تجربته الشعرية بكتابة مغايرة قطّر فيها شعراً صافياً تتكشف فيه المعاني عن نسغ مركزي، كما لو كانت نصوصه نصاً واحداً. فالتجاني الذي ظل يمارس ضغطاً متواصلاً لمأزقه الوجودي في بيئة شديدة المحافظة، فجّر في الشعر تجربته بلعبة لغوية أبدعت جدلاً جمالياً (إن صح التعبير) صاغ فيه أسئلة الوجود والعدم دون أن يحيلنا إلي كد ذهني، بل انطوى على شفافية وتماسك نسخ المسافة الوهمية بينه وبين نصّه حتى قال في وقت مبكر ما يشبه الوصية، لمن يكتب عنه.

    أنا إن مت فالتمسني في شعري

    تجدني مدثّراً برقاعه


    فهو لم يفارق الحياة إلا حينما فارق الشعر فراقاً مأساوياً كانت النهاية فيه تأويلاً مكثفاً للحياة والموت والحقيقة برؤية شعرية كشفت عن عالم شديد الحساسية. عالم مهجوس بسؤال فلسفي نظام لروحية إبداعه الخاص، الذي ينجذب دائماً من سطح النص إلى أعماق يتأمل فيها الحياة بأسئلة حارقة وغير نهائية فالشاعر (يفتح الكون بالقصيد)، كما يقول في إحدى قصائده، وربما لجهة هذه الرؤية الشعرية للعالم عجز عن استعادة فردوس اليقين الديني. فاستعاده في الفن، (بحسب محمد عبدالحي)، بعدما أذبله الشك.


    أشكّ لا عن رضى مني ويقتلني

    شكي ويذبل من وسواسه عودي


    في نص التجاني استشراف قيامي للموت ظل يكتب عنه مونولوجا داخلياً متواصلاً قرّب إليه مسافة العدم حتى انطفأ في سديمها المطلق. لقد كانت لحظة الغياب عن هذا العالم هي لحظة احتراقه بالشعر، بل هي لحظة عبقرية بامتياز كان يقطّر فيها وجوده بالشعر جملة واحدة حتى قال عن هذا الشعر في لحظة نرجسية كاشفة عن هذا الغياب.


    هو فني - إذا اكتهلتُ - وما

    زال على ريّق الحداثة(1) فني


    أي لقد كان (التجاني) يخطو بعيداً عن زمانه بهذا الشعر الذي قطرّه في أول الصبا وانطفأ به كيانه الغض عندما انفجر عليه بالرؤى القاتلة فهو فن ينطوي اكتماله على مأساة توازي حدود الشعر بنهاية الحياة. ذلك أن حياة الشاعر القصيرة كانت تجسيداً للأنا الشعرية التي فرضت وجوداً لا واعياً على نفسه. وهي حالة يستحيل فيها الشاعر ذاتاً مركزية في هذا العالم، عندما لا يستطيع الكف عن الاحساس بدهشة الأشياء المتجددة. ولذلك لا تنفذ الأحداث في شعره إلا بقناع شفيف يحيل على الرمز والإشارة التي تحيل على تأويل مطلق. فالزمن القصير الذي عاشه التجاني كان مضطرباً بالأحداث في السودان من مقاومة الاستعمار إلى ثورة اللواء الأبيض. وكان الشاعر وفق الرؤية التي يرى بها العالم، يشفّر في شعره كل هذه الأحداث دون أي إحالة مباشرة لها، فالثورة هي حركة الذات القلقة في مواجهة العالم وليست رصداً فوتغرافياً للأحداث. فحين يتحدث عن الثورة في قصيدته التي تحمل هذا الاسم ينسج على أسلوب يتخفف قدر الإمكان من الدلالات القريبة والجمل الموسيقية الجاهزة والشعارات.


    نهلت من دمي الحوادث

    واستروى يراعي مما يدفع دنّي


    وإذا كانت غربة الشاعر في العالم هي التي تملي عليه هذا الإحساس العابر بالحياة (إلى غاية في ضمير العدم) كما يقول في قصائده، فإن هذا الإحساس هو الذي سمح لي باشتقاق الأسئلة الفلسفية من عالم مغلق حتى أن التعبير عنها يستحيل إلى دلالات عصية في امتناعها فهي لا تدل على سهولة معانيها بقدرما تشير إلى المعاناة والشك والحيرة العاجزة عن اختراق ذلك العالم. وتحيل إلى خيال خلاّق يعيد تدوير تلك الأسئلة التي خلقت مأزقه الفلسفي


    حبك القضاءُ شباكه ورمى

    للعقل منه بضيّق ضنّك

    أنا من فوادح ما تجّرُ يدي

    أبدا قنيصة ذلك الحْبك


    فبين الاحساس العميق بأسرار هذا الكون والعجز المطلق عن فهم تلك الأسرار كانت الحقيقة قناع الموت، والحيرة شراك العدم، فيما يشبه لعبة المرايا، لقد كان الموت الفيزيائي هو شط الأسئلة المستعاض عنها باكتمال الشاعرية التي أضنت ذلك القلب بحثاً عنها في مطارح الكون


    يصعّد بي خافقٌ في الفضاء

    يسوق الصبا ويقود الهرم

    جناحاه يخترقان الوجود

    وعيناه تقتنصان العدم


    إنه عالم (رامبو) حيث شرط الشعر: تقطير الحياة إلى حد العدم. والمقارنة هنا بين (التجاني) و(رامبو) تتجاوز التناص المعنوي، فنحن أمام (توارد مصائر) لا توارد خواطر، بحسب محمود درويش، فالموت المبكر لم يكن هو فقط ما يحيل إلى علاقة الشبه. بل أيضاً كيمياء الذات، والقلق الوجودي المتناهي إلى المطلق، والخروج عن نظام المجتمع إلى فوضى الشعر، فالتجاني أيضاً اتهم بالمروق والإلحاد.


    كفر ابن يوسف من شقي واعتدى

    وبغى ولست بعابئ أو آبه


    وشقاء المعرفة، وصولاً إلى تناسخ لفظي حتى في اسمي ديوانيهما: فديوان (إشراقة) الوحيد الذي تركه (التجاني يوسف بشير) لم يختلف مع عنوان ديوان (إشراقات) الذي خلّفه (رامبو) إلا في صيغة المفرد والجمع. لقد رأى كل منهما العدم في مرايا الأسئلة المطالعة من جحيم العقل ولغز الوجود. لقد كان الموت عند التجاني هو نهاية الغموض الذي يفسر ذاته بذاته في المطلق، وينطوي عليها في ذات الوقت.


    أهو الموت ذلك الأبد

    المطوّيُ في نفسه على سيمائه


    إن المعنى الذي يشد الروح إلى المطلق هو لحظات الكشف الشعري التي تخترق الوحي وتنوس حول سماء الأسئلة بين حدي الفصل والوصل في ذات الشاعر، أي ذلك البرزخ الذي يخلق (الوجود المغاير) كما يقول التجاني، لكنها لحظات خاطفة ينقطع فيها الوحي الشعري بسبب كثافة الطين الذي يعتلق الروح.


    علقتني من ظلمة الطين ما

    أقعدني عن رحابك البيضاء


    فيضيق الشعر كلما أسرف الشاعر في رؤى الوجود المغاير ورأى نهاية البوح في حدود الحياة ومثلما توقف (رامبو) عند نص «كيمياء القصيدة» توقف التجاني بعد قصيدة «الصوفي المعذب»


    رجع اللحن إلى أوتاره بعد قليل

    واختفى بين حنايا المزهر الكل العليل


    ونحن هنا لسنا في وارد تفصيل المقارنة النقدية بينهما، بالرغم من الاختبار العميق لكتابة الشعر باعتبارها تقطيراً للحياة، لا تعبيراً عنها فحسب، حيث تنزلق الحدود بين ذات الشاعر ونصّه، لدى كل منهما. فالتجاني الذي أثقلت عقله ثقافة مشرقية بحثاً عن المعاني حول حبائل الفلسفة وأقيسة المنطق، لجأ إلى التصوف الفلسفي (وحدة الوجود عند ابن عربي). يقول التجاني من قصيدة «الصوفي المعّذب»:


    أنا وحدي كنت استجلي من العالم همسه

    أسمع الخطرة في الذر واستبطن حسه

    ٭٭٭

    رُب في الاشراقة الأولى على طينة آدم

    أممٌ تذخر في الغيب وفي الطينة عالم


    هكذا اشتق التجاني رؤيته الشعرية من ثقافة صوفية مشرقية قلقة هي نفس الثقافة التي هام في أقاليمها الشاعر الفرنسي (آرتور رامبو) من قبل وعانق بعدها الفناء المفزع. بيد أن تلك الرؤية الشعرية للعالم باعتباره نصاً مغلقاً، انطوت على مجاز خطير يحيل إلى حياة على حافة العدم. فالشعر حين يفسر العالم يقف بالشاعر على حدود الموت. ذلك أن شفافية الشعر لا تعين على كثافة العالم حين تخترق مجازه الهيولي. لقد كان العالم عند التجاني (صُورٌ مُصورةٌ على أعصابه)، كما يقول في إحدى قصائده، بينما كانت قصائده (قطرات) قطّر بها حياته الخاطفة وأودع فيها إبداعاً خالداً لا يكف عن مقاومة الزمن. حين وصف قصائده مفتتحاً ديوانه بقصيدة «قطرات»


    قطراتٌ من التأمل حيرى

    مطرقات، على الدجى مبراقه

    ورهامٌ من روحي الهائمُ الو

    لهان أمكنتُ في الزمان وثاقه


    فهو أمكن وثاق شعره ضد الزمن الجاري ولهذا السبب عاش غربة موحشة في هذا العالم بكيان هش متوتر ازاء الآخرين


    فما رأيت الوجوه ضاحكة

    إلا تأولتها على سبب

    وما رأيت الثغور باسمة

    إلا حسبت الحساب للغضب


    وإذا كان بإمكاننا اليوم أن نعيد قراءة (التجاني) فسنكتشف نبوءته الصادقة عن هذا الشعر وقد تحرر من مواضعات عصره وضغط الأنساق التعبيرية التي تجاوزها بغربة شديدة في ذلك الزمن، أي قبل سبعين عاماً، وأبدع نصاً مركب الدلالات بشاعرية متجاوزة. وهذا مما يحيل عليه التأويل النقدي لظاهرة الإبداع باعتباره طاقة كامنة في النصوص العظيمة. ويسمح لنا عبر القراءة الاستعادية باكتشاف تناسخ فريد بين (التجاني يوسف بشير)، والشاعر الفرنسي الكبير (آرتور رامبو) يتجاوز بكثير تلك المقارنة التقليدية التي سادت أوساط النقد الأدبي منتصف القرن الماضي بين التجاني والشاعر التونسي الشاب أبي القاسم الشابي. وهو ما كان قد سبق إليه الشاعر والناقد السوداني الكبير المرحوم د.محمد عبدالحي في كتابه النقدي الهام عن التجاني: (الرؤيا والكلمات) عندما قارن بين التجاني والشاعر الانجليزي (وورد زورث).

    وإذا كانت (العيون نوافذ الروح) فإن (خوادع الآل) - الفلسفة - كانت تجرّ التجاني إلى متاهة العدم الذي ألهمه شعراً صافياً، بالرغم من محمولاته العميقة، حتى انجذب إليها من الوجود المغلق والمُلغز في الوقت نفسه..

    ربما كان التجاني يوسف بشير هو الشاعر السوداني الوحيد الذي يذكر السودانيون مأساته بعطف نبيل شارف الشعور القومي، بالرغم من شعره العصيّ، بعد أن عاش حياة مضيّعة لفظته إلى الهوامش السفلى في مدينة (أم درمان) ليعمل في محطات الوقود بين الفقر والحرمان حتى فارق الحياة التي نذرها للشعر، فكان هو و(محمد المهدي المجذوب) أصفى شاعرين في السودان بحسب (الطيب صالح).

    (عدل بواسطة خالد الطيب أحمد on 10-01-2007, 01:20 PM)
    (عدل بواسطة خالد الطيب أحمد on 10-01-2007, 01:29 PM)

                  

10-01-2007, 01:42 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)
                  

10-01-2007, 01:57 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    فليكن البوست عاليا حتي يصوت أكبر عدد ممكن..
    وحتي موعد نهاية التصويت
    من أجل رفع إسم السودان عاليا في كل محفل..
                  

10-01-2007, 02:03 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    ومن ضمن القصائد التي سيلقيهامحمد هي : قصيدة (دارة الأنس) وهي قصيدة كتبها عن مدينتناالمشتركة الحبيبة مدينة الثغر (بورتسودان) وسجل فيها تحية وإهداء لبورتسودان في مقدمة القصيدة... أتمنى أن تجدون فرصة لمتابعتها . والحلقة ستعاد طوال الأسبوع حوالي عشر مرات ، وفي أوقات مختلفة .
                  

10-01-2007, 02:11 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    up
                  

10-01-2007, 02:17 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

                  

10-01-2007, 02:25 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    عالم الجنوب *

    هناك في زرائب القرى .
    حيث تحبل الحياة ُ بالرّعُودْ
    حَشدُ صبية ٍ على مسافة ِ الخرابْ
    تـدورُ في عيونهم أسئلة ُ العذاب .
    هناك حيث دهشة ُ الحياة في ابتدائها
    مدائن تمردت على الزمان .
    كل دارة ٍ على شفيرها عويلْ
    والعطش الليليّ في الرَوايا
    والحزن في التكايا .
    تقوضت على الخيام .
    آنياتُ الموت لم تزل أوانئ الحياة .
    لو أن في القرى بقية ٌ من السلال
    لو أن في الحقول زهرة ٌ
    وفي صحارى الشمس نبعة ٌ من الظِلالْ
    لو أن (..........) ... أ ُمنيات .
    بعضها يموت في الطريقْ
    والبعض ما يزال
    هناك في متاهة الجنوب ْ
    ملاءة ُ السواد رقـّـة ٌ تـُخَبئ ُ العذارى
    على الرصيف في انتظار من يؤوبْ
    وأعين ٌ معروقة ٌ تسّرح ُ الآفاقْ
    مهاجرَ الطيور في البحار .... شَهقة ُ المُنى ، أين يا طيور ؟
    معابر الدروب في الشمال ِ
    عن مسافل الجنوب ؟
    حيث رعشة الهوى على حقول الموت تقتل الحياة
    وتفرش النجوم في دروبها الحَسَكْ
    مَن مرّ من طريقها هلكْ
    أواه كم نأت حدائقُ الشمال في الطريقْ
    والصّدفُ الليليّ
    يشع ُ في أسوارها
    يشع كالبريقْ

    ****
    هناك في متاهة الجَنوبْ
    هناك حيث حانة الحياة لعبة من الفخارْ
    فوضى من المكان كل حارة ٍ
    والناس في مضيق
    الحرب في الطريق
    والموت في الطريق
    ومأتم ٌ يفيض في مآتم الديارْ
    هناك حيث أغنيات الموت تفضح النهارْ
    وكلما تنفست حرائق القـُرى
    تفحمـّت زرائب ُ الديارْ
    ذ ُ بالة ً يحترقُ الضـِّعاف ُ في لهيبها
    كاللـّحم المشويّ في موائد الكبار ْ
    وحينما تنبجس الدروب
    عن خيمة السماء في القِفارْ
    عن امتهان القتل في ملاعب الصِغارْ
    عن الأسى ، والفقر ، والدمار ْ
    والسحر ، والطقوس ، والأوزار ْ

    * * *
    وحينما تـُـعلـّـق الحياة
    أقنعة ً كالثلج في المَصِيفْ
    تذوب قطرة ً فقطرهْ
    في عالم مُخيفْ
    كالليل تصرخ الذئاب في مداره ِ
    ويهرب الأطفالُ مِن ظلامه العنيفْ
    الموت للإنسان
    الموت للمهرج الجبانْ
    مَن يُقايض الحياة بالطغيانْ
    هناك في متاهة الجنوب
    ملاءة السواد رقـّـة ٌ تخبئ العذارى
    على الرصيف في انتظار من يؤوب
    محّملا ً بالحُبِ والثمارْ
    ومَن يتيه ساربا ً كالضوء
    في مدائن النهارْ
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الحياة اللندنية 4/4/2001
                  

10-01-2007, 02:39 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    الطرائد*

    شَجرُ الليل ِ نحنُ ، نطلعُ من عتـَبات الصدى.
    الغيومُ نساءٌ توشـّحْنَ بين الطرائد ، فرساننا يندبونَ
    على قـَمر ٍ خاسر ٍ ، والقبائلُ مغلولة ٌ،
    أولُ الدهر/آخره في الرمال .
    كان الصَّدى ما تقولُ به الريحُ ،
    كان المدى صَهوة ً للطـِّرادْ
    والبـِيدُ صّـفتْ سرائـرَنا ، لا تشُـكُّ الرؤى عالقا ً
    في الصحارى ، ولا تقدحُ الشمسُ أحدا قــَنا.
    نحن صيدُ المقادير، أسلافـُنا عَسَسٌ يرقبون القيامة َ
    بين السماء القريبة والوقت ، كـُنـّـا نرى صورة َ الأرض/
    مهجورة ً ، والتواريخُ تغفو على تاجـِها . والطيورُ الخفيفة ُ/
    فوق الردى شَهقة ٌ من جُـناح ٍ على سِدْرة ٍ
    فترى زُغبُها صيدَ قابيلَ : تلك الطرائدُ، تلك النساءُ
    اللواتي تدلينَ في حانة الروح ، تلك الغزالة ُ أختُ
    الورود التي أذبلتها البراري.
    حِجازية ٌ بنت (فاران)........ يا جبل الروح أين الدماءْ ؟
    وحولك حــدَّ الثرى (شهرزادْ) ؟
    بنت المناحة / واللـّهو... تنسى الطيالسُ
    في صدرها قـهوة َ الـّدمْ
    ينسى الطـِّرادُ الطـِّرادْ

    2 شَبَح

    ودّعتُ أحلامي ... فأيــنَ لقــائي
    أنا صْـيدُ أيـّامي ... وطعمُ فـــنائي
    أمسكتُ من روحي هــــباء ًعاثراً
    وحـَللتُ من ذاتي علــــى أسمـائــي
    ونزفتُ لـذ ّاتي بآخــــر دمــــــعةٍ
    سكنت عيون الليل في أشـلائــي
    قدَري على حَسَكِ الحياة منــاحــة ٌ
    تبكي على أطلالها أصدائي

    3 وطن

    هو الطينُ تعويذة ٌ مُزْمِنهْ
    المّدى صوْلـَة ٌ
    والردى أحصنه
    فاهرب من الطين هذا أوانك في المّحو
    لا يعرفُ الطينُ صورته
    والهياكلُ أ قنعة ٌ
    والغريبُ المُعــلـّق بيني وبينك
    أرجوحة ٌ مُحْزِنهْ
    ............................. ينبع البحر ــ 14 آذار 2003
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الخرطوم 2003
                  

10-01-2007, 03:13 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    نحن ظـّـلان في سراب الأماسي* ـ قصيدة عمودية


    والتقـــينا... فــباحت الأسرارُ
    أنا ضــوءٌ ، ومُقــلتاكِ المنارُ
    كلما رفَّ من جبــينك نــورٌ
    أورقَ العُشبُ واستفاق النهار ُ
    فاغمري الروحَ بالجمالِ وشِـفـّي
    أيُّ حُسن ٍ تـَحِـــدُه الأســوارُ
    فاض منّي الذي يكتــَّمه الشوقُ
    وللشـــوقِ ِ في هـواكِ انهــمارُ
    لهــفة الحُب ما تـَعيـــدُ الحكـايا
    في العشــــيّاتِ ، والهـــوى تِذكـَارُ
    نحن ظلانِ في سراب الأماسي
    حولنا في السّــــديمِ منها مـدارُ
    نـتعــــّرى بعشقـِنا كالـــــندامى ،
    ليس للصَّحــو في الغياب انتظارُ
    صَهــَـرتنا الطـِّـباع ُ حتى كـّـأنا
    شــفَّ للروح عن هوانـا إزار ُ
    في انعـــطافٍ مُـرَنـَّح ٍ لِـمـَــتاهٍ
    يسرقُ العُــمرَ ، والليالي قِــصارُ
    كلما شفَّ من ربيعك طَـــــلٌ
    غسلتــني بالنشـَّـــوة الأمــطارُ
    أنتِ معـــنى تـَشُـفـَّـه فــي فؤادي
    وشوشاتٌ تخـُطـَّـــها الأشعــارُ
    بين عينـيك أستبــيحُ المـــعاني
    ربَّ لـَحـظ ٍ ترَجــَّه الأســـرارُ
    أنـا إن عشـــتُ فالهوى أُ غـنيـاتٌ
    وصـــدى اللــيل حــولنا قـــيثـارُ
    واللـُّـحون العِذابُ رجع الأماني
    كرحــــيق ٍ تنــّــثـــه الأوتـارُ
    أقبلـــي فالمــساءُ طيفٌ طروبٌ ،
    والهــوى ، والســـقــاةُ ، والسـُّمــــارُ

    وانشريني بقــَّيـــة ً مــــن ربيــــع ٍ
    نـَفـَــسَ الروضَ ظِـلـُـهُ المِعــــْـطـارُ
    وامطري في يد يَّ عـِشقــا ً فأني
    طـــالما شـّـفـَني الهوى والمَــزارُ

    كنتُ أسقي الدموعَ من شجن ِ
    الليلِ و أبكـــي إذا تــــغـَّنى الكنـــــارُ
    ربَّ رجـع ٍ يـرّنُ في مَسْمَعْيــنا
    ومــدى البيـــــــن للسَّمــــاع قِـــفــارُ
    وسوى البـِيدِ عن ديارك ِ بــــيــدٌ
    وســوى البــحر ِ عن ثــراك بـِحـارُ
    * * *
    لستُ أدري أكان عمري شـُعاعا ً
    ضــاع َ في الليل ِ .. أم هواك ِالفـنارُ
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الجزيرة السعودية
                  

10-01-2007, 03:40 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    بلد من غبار شعر محمد جميل أحمد

    إلى صاحب : (العودة إلى سِنار)
    ـــــــــــــــــــــــــــــ

    كانطفاءِ المصابيح ِ في ليلةٍ
    ضلَّ عنها النهارْ
    تستريح ُ الهموم ُ على جسدٍ
    أطفأته الرياحْ
    غارقا ً في التــّجـلي
    كما الروح ِ حين يشـفُّ الحجابْ
    لم يكن جسدا ً كالتماثيل ِ
    أو هيكلا ً في بقايا إهابْ
    كان محضا ً من الروح .. طيفا ً سرى
    ومضة ً في سماء الغيوبْ
    لمحة ً من سراب ْ.
    لم يكن خيط َ فجرٍ تــّوهنَ
    في آخر ِ الليل
    أو غسقـا ً في الدروبْ
    كان شمسا ً .... نهارْ
    ورهاما ً تـنـّـزلَ في غابة ِ الروح ِ
    زخاتِ عشق ٍ ترش ُ على جسدِ
    الأرض ما تشتهيه الثمارْ
    المنى ، والهوى ، والصباباتُ ،... بعضٌ من العشق ِ
    أغنية ٌ للفصول
    والمدى هـيْـنـَمات ٌ تردد أصداءَها في الدجى
    حمحماتُ الخيولْ
    وعلى غبش الفجر تصغي لـ " سِنـّار "
    و(سنار) تصغي إليكْ
    لعل الصوى باقيات ٌ على سكة ِ العابرينْ
    إلى تاج سنار
    و" سنار" بوابة العاشقين.
    إلى بلد ٍ حافلا ً يلتـقيك بنزف
    الطبول
    والصدى أغنياتْ
    راقصات ٌ على هيكل " الـِّـزنـج " أو النأي
    مما تغنى " الرعاة "
    طالعا من ظلام الظنون ِ
    إلى زِينة ٍ في النهار

    ***

    هو الآن يا ابن " السمندل "
    بعدك بين الصُّوى
    بلد من غبار

    ينبع البحر 2001
    ــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الخرطوم 2001
                  

10-01-2007, 03:51 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    لا تكن ـ إن شئت ـ شاعرا

    (الشعراء أقدامهم تلاقي الهاوية)
    هولدرلن
    ـــــــــــــــــــــــــــــ

    أعمار البهجة

    في الظلال الصغيرة
    ترى ما يشبه عابرا
    فيما الذي يعبرك إلى الفراغ
    لا يشد أسلاك الروح
    ثمة رحيق يتعـفـَّن في القوالب الخربة
    وأصداء لا تعود
    البدايات عصافير رخوة لكوابيس الوقت
    ... حين تجس الهباء تذوب أعمار البهجة

    صحوة الأشباح

    في الطريق إلى الموتى
    تسير وحيدا بين الذكريات
    في نهاية اللذات
    التي لا يعرف بدايتها أحد
    ولا يصبر على نهايتها أحد
    تعبرهم إلى عبورك
    باتجاه واحد .

    غروب هولدرلن

    عزيزي (هولدرلن)
    يا عشبة البراءة الضائعة
    غادرتَ أسراركَ بعين مفتوحة
    على غروب آخر
    حيث تنـفتح أسرارٌ لا يعرفها أحد
    فيما ظل القناع مرمرا
    في عقول العابرين


    عنفوان الرحمة

    في بياض المسَّرات
    غمرتني السماء
    بأعشاب نورانية
    أطفأتـها روحي
    في أرض سبخة !
    أيتها السماء
    ضيَّعتُ أسراري

    صلاة الغيوم

    في الأعالي
    رِهام ٌ1 يشع خيوطا من الماء
    ومرايا مصقولة بالسراب
    يا زهرة الغيوم
    أمطري شهوة الحواس
    ليخضَّر ملكوت الجسد
    ........... إلى حين

    نوَّاحة الأبد

    (رُبَّ يوم ٍ بكيت فيه فلــَّـما
    صرت في غيره بكيت عليه)

    نفسي النائحة
    سمعتُ هسيسَها القديم
    في توابيت الفراعنة
    وزهرة الآباد
    آه .... ليت روحي مرمر
    لا يثـقبه هذا النواح

    خان الزنج

    أمشي بـ(خان الزنج) منتبها إلى أصوات أسلافي
    كانوا يغنون بلسان
    ويصلون بلسان
    ويرقصون بجسد واحد
    ثم ينطفئون

    ........................ ينبع البحر 22ـ تموز/ يوليو 2007

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1ـ الرِّهام = المطر الخفيف
                  

10-01-2007, 04:00 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    حتي المساء
                  

10-01-2007, 05:25 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    الجسد المهجور

    1

    ر بيعـُك موسمُ الدِيدان في المدن التـُرابية ْ
    نديمُـك ضّلت الدنيا حكايته ،
    ينازع ُ في تراب الموت ، موطنه خيامُ الدهر ِ
    والأيّام عاصفة ٌ نُحاسية ْ
    عناقيدٌ تـُعطـِّـنُ خمرها جسدا ً
    يسوق السائسُ المخمورُ في يدها
    خيولَ الموت للأبـدِ
    قناع ٌ د ونما رُؤيا
    كليــلِـك يا غـُبار الروح متربـة ً تشـدُّ الطين َ من حمأٍ
    يُخـثــّره رمادُ العـُمر ِ كالـّـزبد
    عنيفٌ حينما يغدو سجينـُك يا خريف َ الـلـّـذة الحمراء ِ
    مصلوبا ً على الجـّـسدِ

    2

    تهـّجيتُ كينونتي في السراب الذي أسرجته ا لحكا يا .
    فيا جسدا هجرته القناديلُ في متـْربات ا لد جى ،
    أين مرساك في ا للـُجّ ، والموج رش المدى ... والمرايا،
    شركٌ للوجوهِ التي لونتها التماثيلُ ... واللوحة المعدنية ْ
    تـُفتــّــح للضوء ما عتــّمته الزوايا
    وظـِلـّي أديمٌ تحجّر في مرقد الوهم ِ يرنو إلى صورة الموت حول المكان الذي جفّ منه الضياء ْ
    حمأ ٌ أذبلته الحنادسُ تحت الرياحْ
    تائهاً يسرق العمرَ في زفـّة الـبـِيدِ والرمل
    يهجو المسافات حتى انفلاق الصباحْ
    عارياً خفَّ عنه الكساءْ
    والنعل أثـقلَ الخطو بين المتاريس
    يمشي على فِــتــَن ٍ كالجراحْ

    3

    شركٌ رفرفاتُ الخطى في الأثير إلى مخدع ٍ
    صّورته الأماني
    حظك اليوم نحسٌ كرجع الصدى حين تـقرع ُ آنيــة ً من نحاس الأساطير ِ
    تمسك فـُـقــّاعة َ الـّرغو ِ .... ماء السراب الذي أهـرقته القناني
    عتيقٌ كدالية الكرم عطنــّها سكر العاشقين
    في مهرجان الــِّدنان

    4

    دلفتَ العالمَ المنخورَ، بين مدائن الموتى ،
    يــدُ الديدان تشتعلُ
    وحيدا ً تنهب الأيام ُ وحشته ،
    تدور سنابكُ ا لظلمات لا ريــث ٌ على غدهِ
    ولا عجَــلُ
    وحيداً في الثرى الصادي
    يطارد في تراب الوهم تحت سمائه العطشى
    سراباً رقّ في قاع المدى شركا ً
    يمــدُ لــه يــدَ ا لسـُّــقيا ،
    فلا يصلُ

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الحياة اللندنية 15 /5/ 2002
                  

10-01-2007, 07:47 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    <<
                  

10-02-2007, 07:47 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    <<
                  

10-02-2007, 10:14 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عــاجل: 1000 SMS لزميلنا الأديب محمد جميل (Re: خالد الطيب أحمد)

    >>
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de